التعليقات علي شرح اللمعه الدمشقيه [شهيد اول]

اشارة

سرشناسه:آقا جمال خوانساري، محمدبن حسين، - ق 1125

عنوان و نام پديدآور:التعليقات علي شرح اللمعه الدمشقيه [شهيد اول]/ الاغا جمال الدين محمدبن حسين الخوانساري

مشخصات نشر:قم: زاهدي.

المدرسه الرضويه: 1369.

مشخصات ظاهري:[495] ص

شابك:بها:2500ريال

يادداشت:اين كتاب شرحي است بر روضه البهيه شهيد ثاني كه خود شرحي است بر اللمعه الدمشقيه شهيد اول

عنوان ديگر:اللمعه الدمشقيه. شرح

عنوان ديگر:الروضه البهيه. شرح

موضوع:شهيد اول، محمدبن مكي، 786 - 734ق.، اللمعه الدمشقيه -- نقد و تفسير

موضوع:شهيد ثاني، زين الدين بن علي، 966 - 911ق.، الروضه البهيه -- نقد و تفسير

موضوع:فقه جعفري

شناسه افزوده:شهيد اول، محمدبن مكي، 786 - 734ق.، اللمعه الدمشقيه. شرح

شناسه افزوده:شهيد ثاني، زين الدين بن علي، 966 - 911ق.، الروضه البهيه. شرح

رده بندي كنگره:BP182/3/ش 9ل 802114 1369

رده بندي ديويي:297/342

شماره كتابشناسي ملي:م 69-2898

ص: 1

كلمة في ترجمة المؤلّف (ره)

نقلا من كتاب روضات الجنّات ج 2 ص 214:

الآغا جمال الدين بن الفاضل المحقق الآغا حسين بن جمال الدين محمد الخوانساري الأصل الأصفهاني المسكن و المنشأ و المدفن و الخاتمة كان فاضلا مليّا و عالما محليّا و مجتهدا اصوليّا و متكلّما حكميا، و مدقّقا مستقيما ولد في حجر العلم و ربي في كنفه و جواره، و أوتي من زهره و أنواره، و جلس في صدر مجلسه كالبدر في كبد السماء، و اقتبس من ضوء مدرسه كلّ مقتبس من الاصوليّين و الحكماء. إليه انتهت رئاسة التدريس في زمانه الأسعد بأصفهان، و من بركات أنفاسه المسعودة استسعدت جملة فضلائها الأعيان، و نبلاء ذلك الزمان، و كان- رحمة اللّه تعالى عليه- في غاية ظرافة الطبع، و شرافة النبع، و ملاحة الوضع، و لطافة الصنع، و صباحة الوجه، و جلالة القدر، و فساحة الصدر، و متانة الرأى، و عظمة المنزلة و الفضل و الشأن، و كان هو و أخوه الآغا رضي الدين محمّد التالي تلوه أيضا في جملة من الفضائل و الفواضل ابني اخت سمينا العلّامة السبزواري المتقدّم ذكره بل المتلمّذين عنده و عند والدهما المحقّق الخوانساري الآتي ترجمته إن شاء اللّه.

و لهما الرواية أيضا عنه و عن غيره من فضلاء ذلك الوقت، و لم يزد صاحب «الأمل» في وصفه بعد ترجمة له في باب الجيم إلى أن قال: المولى الجليل جمال الدين بن الحسين بن جمال الدين محمّد الخوانساري عالم فاضل حكيم محقّق مدقّق معاصر له مؤلّفات. انتهى.

و قال صاحب «جامع الرواة» المعاصر له أيضا: جمال الدين الحسين بن جمال الدين الخوانساري جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن ثقة ثبت عين صدوق عارف بالأخبار و الفقه و الأصول و الحكمة له تأليفات منها «شرح مفتاح الفلاح» و حاشية على «شرح مختصر الأصول» و على حاشية الفاضل المولى ميرزا جان عليه، و حاشية على الحاشية الفاضل الذكي الخفري، و له تعليقات على «تهذيب الحديث» و «من لا يحضره الفقيه» و «شرح اللمعة» «و الشرائع» و «الشفاء» و «شرح الإشارات» و غيرها- مدّ اللّه تعالى ظلّه العالي و صانه و أبقاه-.

أقول: و حاشية شرح مختصره المذكور كبير جدّا في عدّة مجلّدات مشحونة بما لا مزيد عليه من التدقيقات و التحقيقات الاصوليّة بل الفقهيّة و الكلاميّة منه و من غيره، و كذلك تعليقاته اللطيفة على «شرح اللمعة» فإنّه أيضا كتاب كبير مدوّن في الفقه الاستدلالي ينيف على سبعين ألف بيت، و مجلّدة طهارته في نحو من عشرين ألف بيت مع تمام استدلال، و له أيضا شرح فارسي مبسوط في مجلّدتين على «الغرر و الدرر» كتبه بإشارة سلطان عصره «و رسالة في شرح حديث البساط، و أخرى في النيّة، و رسالة جليلة في صلاة الجمعة كما أشير إليه في ترجمة جدّنا السيّد أبي القاسم جعفر بن حسين الموسوي الخوانساري إلى غير ذلك من الحواشي و الرسائل و أجوبة المسائل.

و يروى من لطائف طبعه المقدّس أيضا شي ء كثير بالنسبة إلى الخواص و العوام بحيث لا يتحمّلها أمثال هذه العجالة. فليراجع المحاول إيّاها إلى كتب التواريخ الفارسيّة الّتي كتبت في ذلك الزمان.

و كان بينه و بين سمينا المجلسي قليل كلام كما هو دأب أغلب المتعاصرين، و كذلك بينه و بين المدقّق الشرواني صاحب حاشية «المعالم» كما أفيد.

و توفّي في السادس و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة خمس و عشرين و مائة بعد الألف بعد وفاة والده المبرور بخمس و عشرين سنة تخمينا، و دفن أيضا في مزار تخت فولاد دار السلطنة أصفهان تحت قبّة والده التى بناها السلطان شاه سليمان، و سيجي ء زيادة بيان لحقيقة أحواله الشريفة في ترجمة والده المعظّم إليه إن شاء اللّه.

[مختصات النسخة الحاضرة]

الكتاب: التعليقات على شرح اللمعة الدمشقيّة

المؤلّف: جمال الدين محمّد الخوانسارى (ره)

الناشر: المدرسة الرضويّة- قم

الطبعة: الثانية

المطبعة: مطبعة أمير- قم

عدد النسخ: 1000 نسخة

سنة الطبع: 1364 ه- ش.

عدد الصفحات: 496 صفحة

[المدخل]

هذا شرح لطيف للمحقق المدقق الأستاذ الكل في الكل آغا جمال الخوانساري رحمه الله في شرح اللمعة الدمشقية و الروضة سقى الله ثراهم و جعل الجنة مثواهم سائل من الله مزيدة في صحائف الحسنات ذخيرة يوم العرصات و هو حسبي و نعم الوكيل

[في توضيح خطبة شرح اللمعة الدمشقيّة]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و به نستعين الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة على خير خلقه محمّد و آله الطيّبين الطّاهرين

قوله في الحاشية ما كان متعلّقه عامّا اى من الأفعال العامّة التى لا يخلو عنها فعل نحو كائن و حاصل

قوله فيها واجب الحذف كالواقع خبرا اه فان المشهور بينهم ان متعلق الظّرف في هذه المواضع اذا كان عاما وجب الحذف لقيام القرينة على تعيّنه و سدّ الظرف مسدّه فلا يقال مثلا زيد كائن في الدّار و نقل عن ابن جنّي انه قال بجوازه و حكم نجم الائمّة رض بانه لا شاهد له و امّا قوله تعالى فَلَمّٰا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ فمعناه ساكنا غير متحرّك و ليس بمعنى كائنا و امّا ما وقع في بعض خطب امير المؤمنين صلوات اللّه عليه في وصفه تعالى من قوله لم يحلّ في الاشياء فيق هو فيها كائن فكان الكائن فيه من الكون في الاشياء بمعنى الحلول فليس من الامور العامّة حتى يجب حذفه و امّا اذا كان المتعلق في هذه المواضع امرا خاصّا كما في قولنا زيد في الدّار اذا اريد انه اكل في الدار فلا يجوز حذفه الا مع قيام دليل عليه و كذا في غير المواضع الاربعة لا يتعلق الظرف الّا بملفوظ موجود كما صرّح به نجم الأئمة رض

قوله فيها سمّى بذلك لاستقرار الضمير فيه اعلم انهم اختلفوا في انه اذا حذف العامل الذى هو متعلق الظرف فهل حذف هو مع ضميره او حذف هو وحده و انتقل ضميره الى الظرف و استتر فيه فذهب السّيرافى الى الاول و ابو على و من تابعه الى الثانى و هو المختار عندهم و هذا الوجه مبنى عليه هذا و الاظهر ان يوجه التسمية أيضا بانه لمّا كان الظرف فيه دالا على المتعلق و المتعلق مفهوما منه بلا حاجة الى قرينة فكان العامل مستقر في الظرف و الظرف مستقر فيه فحذف فيه تخفيفا كما ذكره الشارح بخلاف ظرف اللغو اذ لا يفهم العامل منه اللّهم الّا بقرينة خارجة فكأنّه لغو و ملغى عنه فتأمّل

قوله فيها او لتعلّقه بالاستقرار العام فمعنى كونه مستقرّا انّ له تعلّقا بالاستقرار كالشّمس

قوله فيها سواء ذكر او حذف يفهم منه ان نزاعهم في استقرار الضمير انما هو فيما اذا كان المتعلق عامّا واجب الحذف و اما اذا كان خاصا فلا ضمير على القولين و ان حذف المتعلق و كان وجهه ان في صورة كونه خاصّا لا يفهم المتعلق من الظرف و لا يجوز حذفه الا مع قيام دليل عليه فهو في حكم المذكور و ضميره فيه لم ينتقل منه الى الظرف بخلاف ما اذا كان عامّا واجب الحذف فان المتعلق لما كان يفهم من الظرف فكانه لم يذكر على حدة اصلا فارتكبوا انتقال ضميره الى الظرف لوجوه دعتهم الى ذلك فافهم

قوله فيها كذا ذكره جمع من النحاة و ظهر من كلام نجم الائمة رض انه لم يعتبر في الظرف المستقر الّا تعلقه بمحذوف و من كلام صاحب اللباب اعتبار كون متعلّقه الاستقرار او الحصول و كونه مقدرا غير مذكور لكنه لم يعتبر وجوب الحذف و الظاهر كما حققه السّيد الشريف قدّس سرّه في حواشى الكشاف ان الظرف المستقر عندهم ما لم يذكر متعلقه و فهم منه فكأنّ المتعلق مستقرّ فيه كما ذكرنا في وجه تسميته فان لم يفهم منه سوى الافعال العامة كان المقدر منها و ان فهم معها شي ء من خصوص الافعال كان المقدر بحسب المعنى فعلا خاصّا كما اذا قلت زيد على الفرس او من العلماء او في البصرة كان المقدر راكب و معدود و مقيم و ذلك لا يخرجها عن كونها ظرفا مستقرّا لان معنى ذلك الفعل الخاص استقر فيها ايضا و جاز تقدير الفعل العام لتوجيه الاعراب فقط و لما كان تقدير الافعال العامّة مطردا ضابطا اعتبره النحاة و فسّروا المستقر بما متعلقه محذوف عام هكذا افاده س فامّا وجوب حذفه فالظاهر انه لم يعتبر في مفهوم الظرف المستقر و من اعتبر ذلك فيه فبناؤه على ان مذهبه ان كل ما كان المتعلق من الامور العامة و غير مذكور فكان واجب الحذف ان غير المواضع الاربعة لا يجوز حذفه و فيها يجب الحذف عند تحققهم فوجوب الحذف و كونه مقدرا من الامور العامة عندهم متلازمان

ص: 2

فلذا اعتبروا وجوب الحذف و امّا من لم ير وجوب الحذف في المواضع الاربعة فاكتفى في الظرف المستقر بكونه من الامور العامة و مقدرا فتدبّر

قوله فيها لان متعلق الاول عام اه لا يخفى ان الظرف في باء الاستعانة في نحو كتبت بالقلم لا يكون الا لغوا لان متعلقه اما الفعل المذكور و الباء لإفادة معنى الاستعانة اى كتبت باستعانة القلم او يقدّر مستعينا في الكلام و الباء متعلق به و على التقديرين فالظرف لغو امّا على الاوّل فظاهر و امّا على الثانى فلان الاستعانة ليست من الافعال العامة و امّا باء الملابسة و هى التى بمعنى مع نحو دخلت عليه بثياب السّفر فان جعل متعلقها متلبسا المقدّر فالظرف مستقر لكونه حالا من الامور العامة الواجبة الحذف و اما تعيّن الحمل عليه و انه لا يمكن جعل متعلقه الفعل المذكور كما يفهم من كلام الشارح فوجهه غير ظاهر اذ يمكن ان يجعل المتعلق هو دخلت و يقال ان الباء لإفادة معنى التلبس و المقارنة نظير كتبت بالقلم على الوجه الاول و لعله لهذا ترى نجم الائمة رض انه بعد ما ذكر ان الباء يكون بمعنى مع و هى التى يقال لها باء المصاحبة نحو دخلوا بالكفر و اشترى الدار بآلاتها نقل انه قيل و لا يكون بمعنى مع الا مستقرا اى كائنين بالكفر و كائنة بآلاتها ثمّ قال و الظاهر انه لا منع من كونها لغوا انتهى فتأمل

قوله و الأول ادخل في التعظيم

اذ التلبس باسمه تعالى تيمّنا و تبركا ادخل في التعظيم و الأدب من جعله آلة لتبعيّة الآلة و ابتذالها

قوله فلا يدل على اتحادهما

كما نقل من ترّهات الأشاعرة

قوله و ليس كذلك

عدم جواز استعمال الرّحمن في غيره تعالى بحسب الوضع اللغوى غير ظاهر اذ الظاهر انّ معناه لغة ليس الا المتصف بالرحمة البالغة مع زيادة مبالغة فيه ليست في الرحيم لدلالة زيادة الاسم على زيادة المسمّى و امّا كون معناه ما ذكره الشارح اى المنعم الحقيقى البالغ في الرحمة غايتها فلا يظهر من اللغة بل الظاهر انه صار بهذا المعنى بحسب العرف كما صرّح به بعض المحققين و لعل مراد الشارح رحمه الله ان اختصاصه به تعالى ليس لانه من الصّفات الغالبة التى لم يتعارف استعمالها في غيره تعالى لانّه يقتضى جواز استعماله في غيره تعالى مع انه لا يجوز ذلك اتفاقا بل لان معناه هو ما ذكره فلا يصح استعماله في غيره تعالى بحسب هذا المعنى و امّا ان ذلك معناه بحسب اصل اللغة او نقل اليه ثانيا لغة او عرفا فلا يهمّه فتأمل

قوله البالغ في الرحمة غايتها

اى الى مرتبة لا ينتهى اليها غيره فظاهر انّ افادة اصول النعم و جلائلها يكفى لذلك و لا يلزمه افادة الجميع فلذا اردفه بالرّحيم اشارة الى ما ذكره الشارح فافهم

قوله في كلّ امر ذى بال

فانّه قد ورد في كل من التسمية و التحميد و لا يخفى انه و ان امكن الاكتفاء بكل منهما اذا اشتمل على الآخر لامتثال الحديثين لكنهم جمعوا بينهما رعاية للاحوط و اقتفاء للكتاب و اقتداء باولى الالباب هذا و البال هاهنا كانه بمعنى الحال اى كل امر ذى حال و شان يعتدّ به او بمعنى القلب و الخاطر فانه اذا كان الامر ذا شان فكانه يملك بال صاحبه لاشتغاله به و قيل شبه الامر بذى بال على الاستعارة المكنية و يمكن ان يكون المراد كل امر ذى حال او يخطر بالبال جليلا او حقيرا و يكون الوصف للتعميم نحو يطير بجناحيه و الابتر بمعنى مقطوع الذّنب او مطلق الاخر و كثيرا ما يجعل كناية عن الناقص مطلقا و لعله المراد في الحديث و قيل ان جعل الترك المذكور في الابتداء موجبا لنقص الآخر مبالغة في سريان النقصان من اوّله الى آخره و للمناقشة فيه مجال فتأمل

قوله لانّ فيه امتثالا للحديث

و كانّهم انما راعوا ذلك في التسمية دون التحميد بل اكتفوا فيه بمطلق الحمد من دون ذكر ما يدل على الابتداء به بل و لا ما يدلّ على التبرّك او الاستعانة كما يفهم من الباء في التسمية اقتداء بالكتاب و امّا التزام ذكر الاسم في التسمية فلعله ايضا اما للاقتداء بالكتاب او رعاية الامتثال لفظا و معنى فافهم

قوله و نحوه

كالكتبيّ

قوله و قدم ما هو الاهم

لا يخفى انما ذكره سابقا من رعاية مناسبة مرتّبة في الوجود العيني يكفى توجيها له و حمله على انه لبيان وجه آخر غير السابق لا يلائم السّياق فلعله رحمه الله رام اوّلا بيان النكتة للابتداء بلفظة الجلالة اى الاتيان بعبارة وقعت اوّلها من غير نظر الى خصوص العبارة المذكورة فذكر انّها رعاية المناسبة المذكورة ثمّ تصدّى لانها في هذه العبارة وقعت معمولة و كان من حقها التأخير فلا يناسب تقديمها فوجّهه بانه للتنبيه على افادة الحصر و كانه لا يحسن فيه الاكتفاء بما ذكره سابقا اذا الرعاية المذكورة لا يوجب الاتيان بمثل تلك العبارة بل كان يمكن الاتيان بعبارة اخرى روعى فيها ذلك و كانت سالمة عن الخدشة المذكورة فلذا وجهتها بالتنبيه المذكور اذ حينئذ لا يبقى خدشة اصلا ثمّ لا يخفى ان في قوله ما هو الاهمّ ايضا اشارة الى وجه آخر للتقديم المذكور لكنه ايضا مثل الوجه السابق يفيد حسن تقديمه في الجملة الّا في مثل تلك العبارة التى من حقه التأخير فيها فلذا جعل الوجه الاصل هو التنبيه المذكور و لا يخفى انه لو جعل النكتة الاشعار بالرعاية المذكورة اوّلا او بالاهمية لا اصل الرّعاية او الأهمية لامكن الاكتفاء بكل منهما اذ الاشعار لا يحصل بلا ارتكاب خلاف ظاهر فافهم

قوله و لهذا يحمل عليه و لا يحمل على شي ء منها

و اما قوله تعالى إِلىٰ صِرٰاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللّٰهِ الَّذِي لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ فالخبر في الجلالة كما هو القراءة المشهورة على انها عطف بيان للعزيز فافهم

قوله و نسبة الحمد الى الذات

هذا من تتمة سابقه و المراد انّ باقى اسمائه تعالى صفات و نسبة الحمد الى الذات باعتبار الوصف تشعر بعليّته فللاحتراز عن هذا الاشعار و التنبيه على استحقاقه تعالى الحمد لذاته لا لصفة دون صفة بسبب الحمد اليه تعالى بالاسم لا بالصّفات

قوله انشائية معنى

فليس المراد الاخبار عن حمد اخر بل هى بنفسها حمد و ذلك لان حمده تعالى ليس الا الثناء تعالى عليه بصفات كماله و نعوت جلاله و ما ذكر فرد من افراده فان اطلاق لفظ اللّه الدال على استجماع جميع صفات الكمال و البراءة عن كل نقص و زوال و كذا نسبة الحمد اليه تعالى الدال على كمال المحمود و اختياره فرد من الثناء عليه فيكون حمدا بنفسه من غير حاجة الى حمد اخر فلا يرد انه لم يبتدئ بالحمد بل بالاخبار عنه و هو لا يكفى في الامتثال فتدبّر

قوله مختارا

هذا اشارة الى وجه اختيار الحمد على المدح و قوله مستحقا للحمد على الاطلاق اى لا لخصوص ما يكون بازاء النعمة اشارة الى وجه اختيار الحمد على الشكر

قوله و المراد به هنا الشكر

اى اطلق الحمد و اراد به ما يكون شكرا ايضا لان الحمد رأس الشكر و اظهر افراده كما ورد في الخبر و اذا كان شكرا فيصح جعل الاستتمام غاية له على ما وجّهه الشارح رحمه الله فافهم

ص: 3

قوله و هو

اى الشكر مستلزم للزيادة و ذلك اى استلزامه للزيادة بل العلم به باعث على رجاء المزيد عند الاتيان بالشكر و هو معنى قلب التمام فيصح جعل الشكر سببا للاستتمام من غايات الحمد و الاظهر ان يجعل المفعول له هاهنا سببا لا غاية كما في قعدت عن الحرب جبنا اى اللّه احمد لانى اطلب تمام النّعمة و الشكر سبب لحصول مطلوبى فلا تغفل

قوله و هى موجبة للشكر

كان غرضه الإشارة الى انّ في لفظة النعمة التى هى موجبة للشكر اشارة الى ما ذكره من ان المراد بالحمد هنا هو الشكر و هو مستلزم للمزيد فيصح جعل الشكر سببا لاستتمام النّعمة الذى هو رجاء المزيد على ما ذكره فافهم

قوله و فيها يتصوّر

فالمراد هاهنا ايضا ذلك اى طلب تمام النّعمة التى استعدّ لها في الجملة و اما طلب تمام جميع نعمائه المستفاد من الكلام لو لم يوحّدها فلا ينبغى ان يصدر عن عاقل فافهم

قوله و اللّام في الحمد يجوز كونه للعهد الذكرى

كان بنائه على اصطلاح بعض النحاة كصاحب المغنى حيث قسّم لام التعريف اولا الى قسمين عهدية و جنسيّة ثمّ قسم العهدية الى ثلاثة اقسام الأوّل ما يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كَمٰا أَرْسَلْنٰا إِلىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ الثّانى ما يكون معهودا حضوريّا كقولك لشاتم رجل بحضرتك لا تشتم الرّجل و كقوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ و الثالث ما يكون معهودا ذهنيا نحو إِذْ هُمٰا فِي الْغٰارِ و إِذْ يُبٰايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ هذا و ما يتوهم من ان احتمال الاشارة الى الصادر عن جميع الحامدين مناف للوحدة المعتبرة في العهد الذهنى التى بها يفارق عن الاستغراق فمدفوع بمنع اعتبار الوحدة في العهد الذهنى بهذا الاصطلاح و المفارقة عن الاستغراق باعتبار الملاحظة المعهودية و عدمها فلو اشير الى جميع الافراد باعتبار انّه معهود في الذهن معلوم عنده فهو داخل في العهد الذهنى و ان لم يكن بهذا الاعتبار فهو الاستغراق ثمّ الظاهر ان العهدية الواقعة مقسما لهذا التقسيم هو العهد الخارجى على اصطلاح ارباب المعانى فبقى في المقام احتمال العهد الذهنى على اصطلاحهم لكن لما لم يكن له وقع في المقام لم يتعرض له مع احتمال شمول الجنسية على هذا الاصطلاح له فتدبر

قوله و هو المحمود به لو لا

اى الحمد الذى حمده تعالى به و لا يخفى انه حينئذ في دلالة الكلام على العجز عن القيام بحق النعمة على ما ذكره اوّلا تامّل اذ يحتمل ان لا يكون حمده ثانيا من فضله الا ان يتمسّك بعد ذلك بظهور عدم الفرق بين حمده اوّلا و حمده بعد ذلك و كذا الكلام على تقدير حمله على مطلق الصّادر عنه او عن جميع الحامدين لو حمل على الصّادر بالفعل لا ما يعمّ ما يمكن ان يصدر و مثله القول على تقدير الحمل على الاستغراق فافهم

قوله لانتهائه مطلقا اليه بواسطة او بدونها

الظاهر ان المراد بانتهاء الحمد مطلقا اليه تعالى كون جميع المحامد له تعالى بان يكون المحمود في الجميع هو تعالى امّا بلا واسطة كما فيما حمد به هو تعالى او بواسطة كما فيما حمد به غيره تعالى لرجوعه بالواسطة اليه تعالى و ظ انّ هذا المعنى لا يناسب المقام اذ ليس الكلام هاهنا في المحموديّة بل في فعل الحمد انه من فضله تعالى و يمكن حمل كلام الشارح على ما يوافق ذلك بان يكون المراد بانتهائه مطلقا اليه تعالى انتهاء هذا المعنى و يكون قوله بواسطة اشارة الى مذهب المعتزلة من ان افعال العباد مستندة اليهم و بدونها الى زعم الاشاعرة من استنادها الى اللّه تعالى او يكون الاول اشارة الى ما فعله العباد و الثانى الى ما فعله تعالى في القرآن العزيز و غيره لكن الظاهر كما يشهد به الذوق لا سيّما بعد ملاحظة وقوع الغفلة المذكورة منه في الحاشية كما سنشير اليه هو الاول فتأمل قوله في الحاشية و قد تقدم في كلامه ما يدل الى آخره فيه تامّل لان ما تقدّم من كلامه بعد ما ذكر من الضميمة انّما يفيد انحصار المحمودية فيه تعالى و الكلام هاهنا في الحامدية فلو فرض انّ بعض افرادها لم يكن من فضله تعالى و وجد الجنس معه ايضا لم يلزم ما ينافى ما تقدم اصلا و هو ظاهر و لو قيل انه لو كان فرد من افراد الحمد من فضل غيره تعالى لاستحق ذلك الغير الحمد و هو ينافى اختصاص المحمودية المذكور سابقا فمع قطع النظر عن عدم تعرّض الشارح له يرد عليه ان عدم كون الافراد من فضله تعالى لا يستلزم كونه من فضل غيره لجواز ان يكون من فعل الحامد من غير ان يكون من فضل غيره عليه الا ان يدّعى انه حينئذ ايضا يستحق ذلك الحامد الحمد عليه من غيره فينافى الاختصاص المذكور هذا ثمّ بعد هذا كله لا يخفى ان ما ذكره الشارح سواء وقع منه الاشتباه المذكور ام لا ممّا لا وقع له جدّا اذ لا دخل لقوله و الحمد فضله بعد حمله على الجنس في افادة الاستغراق المذكور اصلا بل لو كان فرد ما من افراد الحمد من فضله تعالى لكان الحكم بان الجنس من فضله صحيحا او اما ان الجميع من فضله تعالى فلو دل عليه الحكم السابق لكان دليلا مستقلا عليه و لا مدخل للحكم المذكور هاهنا فيه اصلا فالحكم بانّ الجنس هاهنا يرجع الى الاستغراق و يفيده ممّا لا يرجع الى محصّل نعم الحكم السابق و بما كان دليلا على ان المراد هاهنا هو الاستغراق و اما الحمد على الجنس و الحكم برجوعه الى الاستغراق بمعونة ما ذكره فلا وجه له كما يشهد به التأمّل و الظاهر انه قد كان في خياله رحمه الله ما ذكره صاحب الكشاف ان اللام في الحمد للّه للجنس و قد حكموا برجوعه الى الاستغراق و افادته فائدته فقد مشى على اثرهم و تخيل ان ما ذكروه يتمشّى في هذا الكلام ايضا و ليس كذلك اذ افادة الجنس هناك للاستغراق باعتبار حمل اللام في للّه على الاختصاص فظاهر ان اختصاص جنس الحمد للّه تعالى يستلزم اختصاص جميع افراده به تعالى و امّا فيما نحن فيه فلا وجه لذلك و قد يقال ايضا ان المعرّف بلام الجنس لا سيّما في المقامات الخطابيّة يفيد قصر مدخوله على الخبر نحو التوكل على اللّه و التفويض الى امر اللّه و الكرم في العرب و الامام من قريش فالحمد للّه ايضا من هذا القبيل فلو تمسّك الشارح رحمه الله ايضا بذلك لكان له وجه فتأمّل

قوله مع انه لامح له اوّلا

باعتبار ان مراده بالحمد هو الشكر بقرينة ما ذكره من التعليل كما اشار اليه الشارح رحمه الله

قوله و لمح تمام الآية

فان ما سيذكره من التعليل له ناظر الى تتمّة الآية الكريمة كما سيشير اليه الشارح رحمه الله

قوله يستعدّ بكمال الشكر لمعرفة المشكور

اى لكمال معرفته و الا فاصل المعرفة متقدم على الشكر البتّة و الاظهر هاهنا ايضا ان يجعل الانقياد سببا للشكر لا غاية له فتدبّر

قوله بين رتبى الخوف و الرّجاء

لكن على توجيه الشارح يكون الغرض تحصيلهما و على ما ذكرنا

ص: 4

يكونان حاصلين بالفعل و لعل حمل الكلام على الثانى احسن فتفطن

قوله مثلها في لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ

فان الغرض منه نفى المثل فالكاف زائدة و يمكن ان لا يحمل زائدة و يقال ان زيادتها ليفيد نفى المثل بطريق الكناية التى هى ابلغ من التصريح و ذلك لان المفهوم من هذا الكلام عرفا وجوده و نفى مثل مثل مثله و لا يكون ذلك الا بنفى المثل اذ لو كان له مثل فكان هو مثل مثله فلا يصحّ نفيه و يمكن ايضا جعل الكاف حرف تشبيه و يكون الغرض نفى ما يشبه ان يكون مثلا له فضلا عن مثله بالحقيقة فافهم

قوله و التقدير

اى محصّل الكلام

قوله مع منافرة تنكيرهما لجعل الموصول إلى آخره

ظاهره انه تزييف للتوجيه المذكور و مناقشة فيه و قد يجعل من تتمة التوجيه و المقصود انه اذا جعل ما موصولة يجب تقدير في الكلام هكذا حمدا و شكرا اكثر الحمد و الشكر الذى هو اهله لمنافرة تنكير حمد او شكر المذكورين لجعل الموصول صفة لهما فيكون قوله مع منافرة متعلقا بقوله و التقدير اى و التقدير هكذا مع ملاحظة المنافرة المذكورة و الّا فلا حاجة الى التقدير هذا و لا يخفى بعده ثمّ انه على هذا التقدير يكون قوله الحمد و الشكر المقدر امّا منصوبا بدلا عن المذكور او مرفوعا على ان يكون خبر مبتدإ محذوف كانّ سائلا يسأل اى حمد و شكر فيقول هو الحمد و الشكر الذى هو اهله كما قيل في قوله تعالى يُسَبِّحُ لَهُ فِيهٰا بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ رِجٰالٌ على قراءة المجهول اى المسبّح رجال و لك ان تجعل الموصول بدلا لا صفة ليسلم عن المنافرة المذكورة و لا يحتاج الى تقدير هذا و هذا كلام آخر و هو انه قد صرّح نجم الائمة رض بانه لا يقع من الموصولات وصفا الّا ما في اوّله اللام نحو الّذى و الّتى و اللّاتى و بابها المشابهة لفظا للصفة المشبّهة في كونه على ثلاثة فصاعدا بخلاف من و ما و على ما ذكره فلا مجال لاحتمال الوصفية اصلا

قوله في الحاشية انما قال مع منافرة كانه اختار ما نقل عن الاخفش من جواز وصف النكرة الموصوفة بالمعرفة حيث قال الاوليان صفة لآخران يقومان مقامهما قال نجم الائمة و الاولى انه بدل او خبر مبتدإ محذوف فتدبّر

قوله لئلا يلزم التكرار

كانه متعلق بقوله بدلا اى يلزم جعله بدلا لا صفة لئلا يلزم التكرار و ذلك لانه اذا جعل نكرة موصوفة يصير الكلام حمدا و شكرا كثيرا شيئا هو اهله و شيئا فيه بقرينة المقام عبارة عن الحمد و الشكر فذكره بعدهما و وصفهما به تكرار لا طائل تحته بل ينبغى ان يقال حمدا و شكرا هو اهله و امّا اذا جعل بدلا فالتكرار و ان كان بحاله لكنه لا باس به اذا التكرار في البدل من فوائده بل هو لازم لبدل الكل بل للاشتمال و البعض ايضا بوجه ما و يمكن ان يكون متعلقا بقوله او نكرة موصوفة اى او يجعل هكذا لئلا يلزم التكرار كما لزم في الوجه الاول فيكون الغرض الاشارة الى ترجيح هذا الوجه على الوجه الاول و هذا بناء على ان يحمل الوجه الاول على ما ذكر في الوجه الاخير من ارتكاب التقدير حتى يلزم فيه التكرار فافهم

قوله انت كما اثنيت على نفسك

ظاهره كما حمله الشارح انّه ابتداء جملة و يمكن ان يكون انت تاكيدا لضمير عليك نحو مررت بك انت و حينئذ فلا يفيد ما ذكره الشارح بل انما يفيد انه ص ع لا يحصى ثناء عليه تعالى مثل ما اثنى هو تعالى على نفسه فافهم

قوله و في التشبيه حينئذ سؤال إلى آخره

و الا فلا يناسب منه مدح حمده و ان فرض كونه كذلك و اما اذا لم يحمل على التشبيه فلا يناسب حمله على سؤال الالحاق ايضا لعدم قدرة العبد عليه اصلا و امتناعه منه رأسا فيصير من قبيل طلب الممتنع هذا ان حمل الكلام على سؤال الالحاق بمعنى ان يجعل حمده من هذا القبيل في نفس الامر بان يعطيه بلطفه و تفضّله القدرة عليه و اما اذا حمل على ان يلحقه به في الاجر و الثواب و يعدّه في عداده تفضّلا منه تعالى و ان لم يكن من هذا القبيل في الواقع فيمكن ان يقال ايضا ان في عدم سؤال الالحاق بذلك الفرد اشارة الى قصور رتبته عن مثل هذا السؤال و ان قصارى ما يليق من العبد سؤاله الحاق حمده بالفرد الشبيه بما هو اهله لا بما هو اهله و لك ان تجعل الفرد الكامل في كلام الشهيد رحمه الله اشارة الى ما هو اهله لا ما هو شبيه به فيكون المراد سؤال ان يلحقه بذلك الفرد الكامل و يعدّه في عداده تفضّلا منه تعالى فيصير شبيها به بذلك الاعتبار فذكر الكاف للاشارة الى هذا و على هذا فلا اشكال فتفطن

قوله مثله في قولهم حمدا و شكرا ملأ السموات و الارض

اى نرجو منك ان تجعله بلطفك كذلك او تعدّه بفضلك من عداده كما اشرنا اليه فافهم

قوله منطبقة على جميع مراتبه

كانه اراد بمراتب التوحيد نفى استحقاق اله آخر للعبادة و نفى وجوده و نفى امكانه فانه يستفاد منها الجميع بعد دفع ما سيورده الشارح من الاشكال بما ذكره من الوجهين على زعمه او بما سنذكره و اما جعل مراتب التوحيد توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الافعال على ما يقوله الصوفية فهو على تقدير صحّته كانه لا يمكن تطبيقها عليه فتأمل

قوله و يضعف بانه لا ينفى

يمكن ان يقال لعل نفى وجود اله غيره تعالى مرتبة من التوحيد يناط بها الاسلام يكتفى بها من اكثر العوام و ان لم يعلموا نفى امكانه سيما مع الغفلة عنه و عدم الشعور به فلا يضرّ عدم دلالتها عليه و يمكن ان يقال ايضا ان نفى الوجود يستلزم نفى الامكان اذ لو اتصف فرد آخر بوجوب الوجود لوجد ضرورة فاذا لم يوجد علم عدم اتّصافه به و ما لم يتّصف بوجوب الوجود لم يمكن ان يتّصف به لاستحالة الانقلاب بالضرورة

قوله و فيه انه لا يقتضى وجوده بالفعل

قد ظهر بما قررنا سابقا ان امكان اتصاف شي ء بوجوب الوجود يستلزم اتصافه به بالفعل و هو مستلزم لوجوده بالفعل بالضرورة فاذا استفيد منها امكانه تعالى يستفاد وجوده ايضا اذ كل ما لم يوجد يستحيل ان يكون واجب الوجود فافهم

قوله و فيه انه لا يدل على نفى التعدد مطلقا

اى لا بالامكان و لا بالفعل لجواز وجود اله غيره تعالى لا يستحق العبادة على انه يمكن ان يقال ايضا ان المراد امّا نفى اله مستحق للعبادة غيره تعالى بالفعل او بالامكان فعلى الاول لا ينفى امكان اله مستحق للعبادة ايضا غيره تعالى و على الثانى لا يدل على استحقاقه تعالى للعبادة بالفعل و لا على وجوده تعالى بالفعل هذا و انت خبير بان وجوب الوجود مبدأ جميع الكمالات و لذا فرع المحقق الطوسى قدّس سرّه العزيز القدّوسى في التجريد كثيرا منها عليه و على هذا فلا ريب انه يوجب استحقاق التعظيم و التبجيل و لا معنى لاستحقاق العبادة الا ذلك فاذا لم يستحق غيره تعالى للعبادة فلم يوجد واجب وجود غيره تعالى و الا لاستحق العبادة قطعا و اذا لم يوجد لم يمكن ممكنا ايضا على ما اشرنا اليه فعلم ان نفى

ص: 5

كل من الامكان و الوجود و استحقاق العبادة من الاله يستلزم نفى الآخرين و اثباته يستلزم اثباتهما فلك حملها على أيّ منهما شئت لكن يشكل انّ هذه الاستلزامات لا يخلو من خفاء لاحتياجها الى بيان و برهان و علم اكثر من تلفظ بها بذلك غير ظاهر لا سيما في صدر الاسلام فلو اعتبر في التوحيد الاعتراف بوجود الواجب تعالى و امتناع اله غيره فبمجرّد اعتراف احد منهم بهذه الكلمة الطيبة الحكم باسلامه مشكل جدّا فالظاهر ما ذكرنا اولا من الاكتفاء في التوحيد بالنسبة الى كثير من الناس خصوصا في اوّل الامر بالاعتراف بوجوده تعالى و نفى وجود اله غيره كما هو ظاهر الكلمة الطيّبة و ان لم يظهر منهم الاعتراف بنفى امكان اله غيره خصوصا اذا كان ما اعترفوا به مستلزما لذلك ايضا و ان لم يشعروا به فكانهم قد اعترفوا به في ضمنه و بالجملة فكأنّ لهم العلم الاجماليّ بما هو الحق من الدّين و ان غفلوا من تفاصيله و لا استبعاد في كفاية ذلك بالنسبة اليهم فتأمل

قوله و معناه اللّه اله إلى آخره

لا يخفى ان حمل التركيب على هذا الوجه كما ذكره المحققون و ان كان ليس ببعيد بل المستفاد من امثال هذا التركيب ليس الّا هذا و ما يرجع اليه اذ المفهوم من قولنا لا كاتب الّا زيد ليس الا حصر الكاتب في زيد بمعنى عدم اتصاف احد بالكاتب الا زيد او ملخّصه كما ذكروه ان زيدا كاتب لا غيره و ليس مفهومه انه لا كاتب موجود او ممكن او ما اشبه هذا الا زيد و ان كان بعضها لازما لذلك لكنّه لا يجدى في دفع الاشكال الذى اورده فانه ان اريد بالاله المعبود بالحقّ كما هو ظاهر كلام الشارح فلا ينفى تعدّد الواجب اصلا و ان اريد به واجب الوجود فان اريد حمله على انه دون غيره فلا يدلّ الا على الوهيّته تعالى و نفى وجود اله غيره تعالى بالفعل و لا يدل على نفى امكانه و ان اريد حمله بالامكان عليه تعالى دون غيره فلا يدل على وجوده تعالى بالفعل فالتعويل في رفع الاشكال على هذا ايضا على ما قرّرنا فتذكّر

قوله او انها نقلت شرعا

هذا مع بعده يتوجّه عليه انه على هذا بمجرّد الاتيان به لا يمكن الحكم بالاسلام ما لم يعلم ارادة المعنى الشرعى و ظاهر انهم كانوا يحكمون باسلام الكفار اذا اتوا بها من غير تفتيش عما قصدوه بها مع بعد اطلاعهم على الاصطلاح الشرعى و قصدهم له الا ان يقال ان نفى وجود اله غيره تعالى كما هو ظاهرها لغة يكفى في الاسلام كما اشرنا اليه سابقا ثمّ نقل شرعا الى هذا المعنى ليقصده بها الموحّدون الكاملون و يترتب عليها لهم المرتبة العليا من الاجر و الثواب فتأمل

قوله لموت ابيه قبلها

تعليل لوقوع التسمية او السؤال من الجدّ لا من الاب كما هو الغالب

قوله لان النبيّ مرفوع الرتبة

الاولى ان يقول رفيع الرتبة لان الرفعة التى هى معنى النبوّة لازم لا متعدّ قال في القاموس رفع رفعة بالكسر شرف و علا قدره فهو رفيع

قوله و ان لم يؤمر بتبليغه

هذا لا يلائم كون النبي ء بالهمز بمعنى المخبر الا ان يكون التسمية باعتبار اكثر الافراد

قوله و جمعه ليشمل ما تحته من الاجناس

فان المفرد المعرف ايضا و ان افاد العموم عند عدم العهد بل ربما كان عمومه اشمل من الجمع كما ذهب اليه بعضهم لكن لما كان فيه مجال احتمال العهد او حمله هاهنا على بعض اجناسه الظاهرة و حمل اللام على انه لإفادة العموم في افراده جمعه ليضعف هذه التوهمات فافهم

قوله في الحاشية في عدل عن التعريف المشهور يمكن حمل المشهور على انه بيان للمراد بالصّلاة اذا نسبت الى اللّه تعالى و ان كان معنى مجازيا فلا ايراد عليه فافهم

قوله فيها و من الملائكة الاستغفار لا يخفى ان التفرقة بين صلاة الملائكة و المؤمنين و الحكم بانها من الملائكة خصوص الاستغفار و من المؤمنين الدّعاء الذى يعمّه و غيره مما لا يظهر له شاهد فتأمّل

قوله فيها لان التصريح بالحقيقة اى بما يدل حقيقة على المعنى المجازىّ المراد

قوله فيها مع ان العطف لا يدل فيه اشارة الى ما اشار اليه اوّلا من سهولة الامر في هذا الاشكال و انه يمكن دفعه عن الجميع و ان كان على ما ذكره اسهل فتأمّل قوله فيها ليليني امر الغائب من الولى بمعنى القرب اى ليقربنى في الصّلاة ذوا العقول فان الأحلام جمع الحلم بالكسر بمعنى العقل و النّهى جمع نهيه بالضم فيهما بمعناه ايضا

قوله ما لا يؤثر فيه صلاة إلى آخره

على انه لا استبعاد في التأثير ايضا فان مراتب القرب اليه تعالى و الزلفى لديه غير متناهية فيجوز ان يوجب كل صلاة عليه صه ترقيه من مرتبة الى مرتبة فوقها فتبصر

قوله و يطلق تغليبا

في كون ذلك على سبيل التغليب تامّل فتأمّل

قوله و نبّه على اختصاصهم إلى آخره

فانّ غيرهم صلوات اللّه عليهم لم يتّصفوا بما وصفهم به بالاتفاق

قوله ثمّ نبّه على ما اوجب إلى آخره

اى على مزيد تاكيد لذلك و الّا ففيما ذكره اوّلا ايضا تنبيه عليه و أيّ تنبيه فتنبّه

قوله لانّهم المنتفعون بالعبر

كانه حمل العقول على العقول الكاملة و المراد انّ جعلهم قدوة و التكليف بالاقتداء بهم لا يصلح الّا لذوى العقول لانّهم المنتفعون بالتكاليف دون غيرهم فافهم

قوله نصّ عليه الجوهرى

و في القاموس الحقب بالضم و بضمتين ثمانون سنة او اكثر و الدّهر و السّنة و السّنون جمع احقاق و احقب و قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً او اسير زمانا طويلا و الحقب ثمانون سنة و ظاهره ان الاصل في معنى الحقب هو ثمانون سنة ثمّ استعمل في الزمان الطويل و هذا لا يوافق ما ذكره الجوهرى او المراد تفسير الحقب بضمتين على ما هو القراءة المشهورة بالزمان الطويل و قوله و الحقب اى بالسكون على ما وقع في بعض القراءات و على هذا ينطبق ما ذكره لكنه في تفسير قوله تعالى أَحْقٰاباً قال حقبا بعد حقب كلما مضى حقب تبعه آخر ثمّ قال و قيل الحقب ثمانون سنة و هو يشعر بتفسيره واحد الاحقاب بالزمان الطويل ثمّ نسبته تفسيره بثمانين سنة الى القيل و هو لا يلائم شيئا من الاحتمالين المذكورين و كيف ما كان فلا ريب في عدم موافقته لكلام الجوهرى و قال القاضى في الآية الاولى الحقب الدّهر و قيل ثمانون سنة و قيل سبعون و قال في الثانية احقابا دهورا متتابعة و ليس فيه ما يدل على خروجهم منها اذ لو صحّ ان الحقب ثمانون سنة او سبعون الف سنة فليس فيه ما يقتضى تناهى تلك الاحقاب الى آخر ما ذكره و انت خبير بان كلامه في الموضعين لا يوافق ما ذكره الجوهرى ثمّ قال لا يخفى ما في الاختلاف بين كلاميه في المعنى الثالث حيث جعله اولا سبعين سنة و آخر لسبعين الف سنة و لا يبعد ان يكون كل منهما كان قولا لأحد فافهم

قوله فلزمها لصوق الاسم

يعنى ان المبتدأ يلزمه الاسمية و لما تخلف تلك عن القائم مقامه فالتزموا لصوق اسم به ابقاء للازمه بقدر الامكان

قوله و صنف له هذا الكتاب

ظاهره ان الضمير راجع الى السلطان على ابن مؤيّد

ص: 6

كسابقه فلعلّ ملتمس بعض الدّيانين على ما ذكره اوّلا كان ان يصنف كتابا و يرسله الى السّلطان في مقابلة تلطفاته لا لنفسه كما هو ظاهره و يمكن ان يكون حكاية السلطان قد تم عند قوله و اعتذر اليه و يكون قوله و صنّف له من تتمة ما حكاه اوّلا من التماس شمس الدين محمّد الآويّ و يكون الضمير راجعا اليه و لعل هذا اوفق بقوله و اخذ شمس الدين محمد الآوي نسخة الاصل الى آخره و على هذا فلا اشكال فافهم

قوله و هى في يد الرّسول

اى الرّسول كان يأخذها بيده و ينسخها الكاتب و لم يعطها الكاتب لينسخها و لم يصنعها من يده تعظيما لها او المراد انه استعجل بعض الطلبة و نسخها في الزّمان الذى كانت فيه عند الرّسول مع ضيقه تعظيما لها و لكمال عظمها عنده و الاول اظهر بحسب العبارة فافهم

قوله اى مقول في حقه

هذا ما يوجبه المبتدأ ليرتبط به الجملة الانشائية فيصير التقدير و هو مقول في حقه نعم المعين فيكون من عطف الخبرية على الخبرية

قوله او بتقدير المعطوف عليها انشائية

بان يحمل على الدعاء فيكون بمعنى اللّهم احسبنا او على انشاء المدح

قوله فيكون عطف مفرد متعلقه إلى آخره

فان تقديره كما ذكر سابقا و مقول في حقه نعم المعين فقد عطف المفرد الذى متعلقه جملة انشائية و هو مقول على مفرد و هو الخبر السّابق اعنى حسبنا فلا يرد انه حينئذ و ان لم يلزم عطف الانشاء على الخبر لكن يلزم عطف المفرد على الجملة و هو ليس اولى بالجواز من الاول فتأمّل

قوله او يقال ان الجملة التى لها محل من الاعراب لا جرح في عطفها كذلك

اى على المفرد و كذا في عطف الانشائية منها على الخبرية و بالعكس على ما حققه السّيد الشريف قدّس سرّه في حواشى شرح التلخيص و نقله عن صاحب الكشاف و فصل القول فيه و حينئذ فاذا عطف الجملة الثانية على خبر المعطوف عليها كان لها محل من الاعراب فلا جرح في عطفها على المفرد و لا حاجة في تصحيح العطف الى تقدير المفرد المذكور و ان احتيج اليه في تصحيح خبريتها على ما هو المشهور او يؤوّل خبر المعطوف عليها الى معنى الفعل اى يحسبنا و يكفينا فيكون من عطف الجملة على الجملة و لا يضرّ الاختلاف في الخبرية و الانشائية اذا كان لهما محل من الاعراب و قصد بالعطف تشريكهما في حكم ذلك الاعراب نعم في تصحيح خبريتها يحتاج الى تاويل على ما هو المشهور هذا غاية توجيه كلامه و لا يبعد ان يظنّ انه كان في خياله انهم ذكروا هذا الوجه لدفع الاشكال عن قوله تعالى قٰالُوا حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ بناء على ان الواو من الحكاية لا من المحكى فاجراه هاهنا ايضا و غفل من ان اجراه هاهنا انما هو على تقدير جعلها عطفا على خبر المعطوف عليها و قد جعل ذلك وجها على حدة فليس في هذا الوجه زيادة فائدة بخلاف ذلك في الآية الكريمة فتأمّل

قوله في الحاشية وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا في سورة البقرة فان سابقه فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّٰارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكٰافِرِينَ و كان وجه الاستدلال جعله عطفا على أُعِدَّتْ لِلْكٰافِرِينَ و هى خبرية و المعطوفة انشائية و الجواب كما اشار اليه في الكشاف انه ليس الغرض عطف خصوص الامر حتى يطلب له مشاكل بل قصد الى عطف كلام فيه ثواب المؤمنين على كلام فيه ثواب الكافرين و شرطه المناسبة بين الغرضين لا بين اجزاء الكلامين بل يكفى فيهما تضمّنهما ما يصلح للعطف كقولك زيد يعاقب بالقيد و بشر فلانا بالاطلاق و مآل الكلام هاهنا و الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّٰاتٍ فبشّرهم بذلك و جوز ايضا عطفه على فَاتَّقُوا و فيه ان عطف على الامر لمخاطب آخر من غير تصريح بالنّداء مما منعه النحاة و ليس اولى بالجواز من عطف الخبر على الانشاء و اورد عليه ايضا انه لا يصح ان يكون جوابا للشرط اذ ليس الامر بالتبشير مشروطا بعجز الكافرين عن الاتيان بمثل القرآن و دفع تارة بانه قد علم ان الكافرين غير المؤمنين فكأنّه قيل فان لم يفعلوا فبشّر غيرهم بالجنّات و معنى هذا فبشّر هؤلاء المعاندين بانّه لا حظّ لهم في الجنّة و تعليقه على الشرط باعتبار انه اذا عجزوا و لم يؤمنوا مع ذلك ظهر تعصّبهم و عنادهم و لجاجهم في الكفر بلا عذر فحينئذ استحقوا الحرمان من الجنان فلذا علق الامر ببشارة غيرهم المتضمّن لحرمانهم على الشرط المذكور كما في امرهم بالاتقاء فان تعليقه ايضا ليس الا باعتبار ما ذكرنا و تارة بانهم اذا لم يأتوا بما يعارضه بعد التحدى ظهر اعجازه و اذا ظهر ذلك فمن كفر به استوجب العقاب و من آمن به استحق الثواب و ذلك يستدعى ان يخوف هؤلاء و يبشر هؤلاء فافهم و ذكر الدّمامينى في شرح المغنى ان بناء الاستدلال بهذه الآية على ان الانشاء لا يقبل التعليق ما دام باقيا على الانشائية فاذا وقع مطلقا احتيج الى تاويله بما يكون خبرا في المعنى فكان التقدير في الآية فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّٰارَ المطلوبة منكم قال الآمر الى كون الجملة الشرطية في المعنى خبرا و قد عطفت الثانية عليه و هى انشائية لفظا و معنى فجاء ما قالوه انتهى و كان هذا بناء على ما ذهب اليه المنطقيّون من ان الارتباط في القضيّة الشرطية انما هو بين المقدم و التّالى و لا حكم في شي ء من الطرفين بالفعل و هما المحكوم عليه و به في الشرطيّات و مال الشرطية الى ان هذا ملزوم لذلك اذ الظاهر انه حينئذ لا بدّ من تاويل الانشاء الى الاخبار ليمكن الارتباط بينهما و امّا على ما ذهب اليه اهل العربيّة من رجوع الشرطية الى الحمليّة و ان الخبر و القضية هو التّالى و الشرط قيد له بمنزلة الحال او الظرف فلا يتم ما ذكره اذ كما يمكن تقييد الحكم الخبرىّ بشرط كذلك يمكن تقييد الحكم الانشائى به فقولك ان جاءك زيد فاضربه بمعنى اضرب زيدا في وقت مجيئه هذا و يمكن ان يقال ان اضرب زيدا في وقت مجيئه انما يصح بلا تاويل يجعل الظرف ظرفا للضرب المستفاد من اضرب لا لاضرب فيصير الامر مطلقا بالضرب المقيد و الامر المشروط ليس كذلك بل مفاده اشتراط الامر بشي ء و حينئذ فلا بدّ من تاويله الى الخبريّة كما ذكره و فيه على تقدير تسليمه انّ التاويل فيه بارجاعه الى الامر بالمقيّد ليس بابعد من التاويل بارجاعه الى الخبريّة فلا يصح الاستدلال به على العطف المذكور فتدبّر ثمّ بناء ما ذكره على ان المعطوفة لا يمكن دخول الشرط عليه فهي انشائية لفظا و معنى و بما ذكرنا من الوجهين في دفع الايراد عن الجواب الثانى ظهر لك فساده فما نقلنا من الجوابين يتاتى على هذا الوجه ايضا لا يقال أنه اذا بنى الكلام على ان الشرط لا يمكن ادخاله على المعطوفة فتهدم بنيان الدليل اذ لا يمكن العطف حينئذ على الجزاء ضرورة انه مع العطف لا بدّ ان يدخل على المعطوف ما دخل على المعطوف عليه لانا نقول انه لم يجعل العطف على الجزاء بل على مجموع الشرط و الجزاء كما ينادى به آخر كلامه فلا يلزم ما ذكرت و حينئذ فاثبات خبرية الجزاء انما هو لاثبات خبرية

ص: 7

المجموع حتى يثبت عطف الانشاء على الخبر اذ لو جعل الجزاء انشائية فالمجموع ايضا انشائى فتفطن

قوله فيها وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ في سورة الصّف بعد قوله تعالى ذٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَ أُخْرىٰ تُحِبُّونَهٰا نَصْرٌ مِنَ اللّٰهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ و اجيب بانه عطف على تُؤْمِنُونَ قبل ذلك لانه بمعنى آمَنُوا او على يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قبل ذلك بتقدير قل قبله او على امر محذوف تقديره فابشر و بشّر و تفصيل القول فيه في المغنى

قوله فيها و نقله عن ابن عصفور قال في المغنى عطف الخبر على الانشاء و بالعكس منعه البيانيّون و ابن مالك في شرح باب المفعول معه من كتاب التسهيل و ابن عصفور في شرح الايضاح و نقله عن الاكثرين و اجازه الصّفار و جماعة مستدلين بقوله تعالى وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا و في سورة البقرة وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ في سورة الصّف و لا يخفى ان نقل ابن هشام عن ابن عصفور الاستدلال على الجواز بالآيتين كما ذكره الشارح لا يظهر من كلام المغنى فافهم

قوله فيها على ان يكون العاقلان خبر المحذوف دون ان يكون صفة لزيد و عمر و هكذا نقله ابو حيان و ذكر في المغنى انه غلط في النقل عن سيبويه و توضيح ما ذكره انّ سيبويه انما قال و اعلم انه لا يجوز من عبد اللّه و هذا زيد الرجلين الصّالحين رفعت او نصبت لانك لا تثنى الا على من اثبته و علّمه و لا يجوز ان تخلط من تعلم و من لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة و قال الصّفار لما منعها سيبويه من جهة النّعت علم ان زوال النّعت يصحّحها فتصرف ابو حيان في كلام الصّفار فوهم فيه و حمّل النعت على النعت الاصطلاحى و ما استنبطه من كلام سيبويه نسبه اليه صريحا فنسب الى سيبويه انه لم يجوز ذلك اذا جعل العاقلان صفة و اجازه اذا جعل خبر المحذوف و هو سهو فان مراد سيبويه عدم صحة السؤال مع الاتيان بالوصف المقطوع سواء كان ذلك على سبيل النعت الاصطلاحى ام غيره كان يجعل خبر المحذوف فالصّواب ان يحمل كلام الصّفار على ان سيبويه لما منع ذلك من جهة النّعت فعلم انه اذا لم يأت بالنعت اصلا كان يقول من زيد و هذا عمر و كان جائزا عنده و هو يكفى حجة في المقام و الجواب حينئذ انه لا حجة في ذلك اذ قد يكون للشي ء مانعان و يقتصر على ذكر احدهما لانه الذى اقتضاه المقام فتأمّل

قوله فيها و يؤيده قوله و ان شفائى اه هذا البيت من معلقة امرء القيس و العبرة بفتح العين المهملة و سكون الموحّدة الدمع و مهراقة مراقة بزيادة الهاء على غير قياس و الرّسم الاثر و الدارس المنمحى و المعوّل مصدر ميمى او اسم مكان من عوّل الرّجل اذا بكى رافعا صوته او اسم مفعول محذوف الصّلة من عوّلت على فلان اعتمدت عليه كذا ذكره الشّمنتى و اجاب عن التمسّك به في المغنى بانّ هل فيه نافية مثلها في فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفٰاسِقُونَ و حينئذ فالمعطوفة ايضا خبرية

قوله فيها و قوله تناغى غزالا الخ قال في الصّحاح المرء تناغى الصّبى اى تكلمه بما يعجبه و يسرّه و المأقى جمع مؤق و هو طرف العين مما يلى الانف و اللحاظ طرفها ممّا يلى الاذن و يجمع ايضا على آماق و امئاق مثل آبار و ابئار و الاثمد حجر الكحل المعروف و ذكر في المغنى ان الاستدلال به يتوقف على النظر فيما قبله من الابيات و عدم وجود ما يصلح للعطف فيها فربما كان فيها ما صلح لذلك و قد يكون معطوفا على امر مقدر يدل عليه المعنى اى و افعل كذا و كحلّ كما قيل في و اهجرنى مليّا ان التقدير و احذرني و اهجرنى

قوله فيها و قائلة خولان الخ اى ربّ قائلة و خولان اسم قبيلة و اجاب في المغنى بان هذه خولان بمعنى تنبّه لخولان و الفاء فيه ليس للعطف بل لمجرّد السّببية كما وقع في جواب الشرط و تمام البيت و اكرومة الحيّين خلو كما هيا الأكرومة من الكرم كالاعجوبة من العجب خلو اى بعد خالية عن الزوج عذراء كما كانت جعل هذه القبيلة لشرفها و حسن نسائها موجبة لنكاح فتياتهم و زاد ترغيب المخاطب فانّ كريمة الطرفين من هذه القبيلة بعد على حالها فالموجب كله موجود و يحتمل ان يكون الغرض ذكر المانع بانّ كريمة الحيين من قبيلته و هى لم تتزوّج اولى بان يتزوجها من الاجانب

قوله فيها و اوضح من ذلك دلالة الخ وجه الاوضحيّة انه لا يجرى فيه ما نقلنا من الجواب الاول عن المغنى فالجواب فيه هو الجواب الثانى

قوله فيها و ناهيك بقوله تعالى ان اراد انه ناهيك به في تجويز ذلك العطف مطلقا كما هو ظاهر السياق ففيه ان جميع ما ذكره في الاصل في توجيه العطف المذكور يجرى في الآية الكريمة فكيف تكفى الآية شاهدا لتجويز ذلك مطلقا و ان اراد انّه يكفيك ذلك شاهدا لصحة ما ذكر من التركيب و ذبّ الاعتراض عنه فمع بعده عن السياق يتوجّه عليه ان في الآية الكريمة يمكن ان يكون الواو من الحكاية لا من المحكى و حينئذ فيدخل قالوا على كل من الجملتين و لا نزاع في صحة العطف حينئذ على ما نقلنا عن السّيد فالآية الكريمة لا تكفى ظاهرا شاهدا لصحّة تركيب المتن ما لم يبين انه يمكن مثله في هذا التركيب ايضا يجعله عطفا على خبر المعطوف عليها كما هو احد الاحتمالات التى ذكرها في الاصل و في مثل هذا المقام لا يقال انه يكفيك ذلك شاهدا الا ان يقال المراد انه يكفيك ذلك شاهدا لصحّة التركيب المذكور و لو بعد التأمل فان كل ما يقال في توجيهه يمكن اجراءه فيه ايضا بعد التأمّل فتأمّل

قوله فيها و باب التاويل من الجانبين اى في كل من طرفى المعطوفة و المعطوف عليها في الامثلة المذكورة و نظائرها بان يأول تارة المعطوفة الى ما يوافق ظاهر المعطوف عليها و تارة بالعكس او المراد التاويل في الشواهد المذكورة من جانب المانعين و التاويل في كلام من حكم بالمنع من جانب المجوزين بحمل كلامهم على عدم حسنه ما لم ينضمّ اليه اعتبار لطيف و انما احتيج الى هذا التاويل لان كلام ائمّتهم في هذه الابواب حجة و في شرح التلخيص لبهاء الدين السّبيكى ان اهل هذا الفنّ يعنى اهل البيان متفقون على منعه و ظاهر كلام كثير من النحاة جوازه و لا خلاف بين الفريقين لانه عند من جوزه يجوز لغة و لا يجوز بلاغة انتهى و لعلّ لمتكلّف حمل كلام الشارح على هذا اى يمكن التاويل في كلام كل من الفريقين لرفع الاختلاف بينهما لكن استشهاد المجوزين بالآيات القرآنيّة و اشعار البلغاء يأبى عن هذا التوجيه الا ان لا يكون الاستشهاد من ائمتهم بل من غيرهم من جانبهم غفلة و عن حقيقة الامر هذا و لا يخفى ان ما ذكره هذا المحقق لا يكفيك مئونة توجيه اكثر الشواهد المذكورة مع بلاغتها نعم لو قيّد عدم جوازه بلاغة بما اشرنا اليه من عدم انضمام اعتبار لطيف اليه فيمكن التزام كون العطف فيها من هذا القبيل اذا بين ما روعى فيه من الاعتبار و لعل ما نقلنا من الكشاف في توجيه آية البقرة يرجع الى هذا فتفطن

قوله او ما هو اعم من الترتيب

بناء على اعتبار وضع كل شي ء موضعه في الترتيب دون البناء

قوله و الكتاب ايضا

اى كما انه سمّى به المكتوب المخصوص فيستعمل ايضا مصدرا لانه مصدر مزيد

ص: 8

مشتق من المجرد لموافقته له في حروفة الاصول و معناه و هو معنى الاشتقاق و ما عرفوه به فافهم

[كتاب الطهارة]

[تعريف الطهارة]

قوله و الاسم الطّهر بالضمّ

ضابط المصدر و اسمه على ما ذكره ابن هشام في التوضيح لألفية بن مالك ان الاسم الدال على مجرد الحدث ان كان علما كفجار و حماد علمين للفجرة و المحمدة بفتح الميم الاولى و كسر الثّانية او كان مبدوّا بميم زائدة لغير المفاعلة كمضرب و مقتل بفتح اوّلهما و ثالثهما او كان متجاوزا فعله الثلاثة و هو بزنة اسم حدث الثلاثى كغسل و وضوء بضمّ اولهما في قولك اغتسل غسلا و أتوضّأ وضوءا فانّهما بزنة القرب و الدخول في قولك قرب قربا و دخل دخولا فهو اسم مصدر و الّا فهو مصدر و ذكر في شرح الشذوذ ان المبدوّ بميم زائدة لغير المفاعلة مصدر و يسمى المصدر الميميّ و انما سمّوه احيانا اسم مصدر تجوزا و قال الازهرى في التصريح شرح التوضيح ان الفرق بين المصدر و اسمه ان المصدر يدل على الحدث بنفسه و اسم المصدر يدل على الحدث بواسطة المصدر فمدلول المصدر معنى و مدلول اسم المصدر لفظ المصدر انتهى و هو بعيد و قد يقال ان المصدر يدل على الحدث و اسمه على الهيئة الحاصلة بسببه كما يقال في الفارسيّة رفتن و رفتار و ربما يقال ان اسم المصدر ما ليس على اوزان مصدر فعله و لكن بمعناه نظير ما هو الظاهر من المذاهب في اسماء الافعال من انها بمعنى الافعال و لكن ليس على اوزانها و التفاوت بينهما يظهر في احكام لفظية كما لعمل على ما فصّل في كتب النّحو و الاظهر عندى ان المصدر موضوع لفعل الامر او الانفعال به و اسم المصدر موضوع لأصل ذلك الامر فالاغتسال مثلا عبارة عن ايجاد امور مخصوصة هى افعال تدريجيّة مخصوصة و الغسل عبارة عن نفس تلك الامور ثمّ قد يتسامح و يطلق اسم المصدر على الهيئة العارضة بسبب ذلك الامر و على غيرها مما هو معلول له كما يظهر بالتتبع هذا ثمّ كون الطهر اسم مصدر لا يوافق ما نقلنا من الضابط عن ابن هشام لعدم دخوله فيما عده من الاقسام الا ان يلتزم دخوله في القسم الاول و هو بعيد و لو جعل الضابط في المصدر و اسم المصدر و هو ما ذكرنا اخيرا في بيان الفرق بينهما لم يبعد و يتّجه حينئذ دخول الطهر في اسم المصدر بان يكون الطهر بمعنى پاكى و الطهارة بمعنى پاك بودن اى الاتّصاف بپاكى فيكون الثانى مصدرا و الاول اسمه فتأمّل و بعد ما كتبت الحاشية رايت انه ذكر بعض المحققين ان الفرق بين المصدر و اسم المصدر ان المصدر موضوع للحدث من حيث اعتبار تعلّقه بالمنسوب اليه على وجه الابهام و لذا يقتضى الفاعل و المفعول و يحتاج الى تعيينهما في استعماله و اسم المصدر موضوع لنفس الحدث من حيث هو بلا اعتبار تعلقه بالمنسوب اليه و ان كان له تعلّق في الواقع و لذا لا يقتضى الفاعل و المفعول و تعيينهما و امّا الفرق بين الفعل و اسم الفعل فهو ان الفعل موضوع لحدث و لمن يقوم به ذلك الحدث على وجه الابهام في زمان معيّن و نسبته تامّة بينهما على وجه كونها مرآة لملاحظتهما و كل من هذه الامور جزء من مفهوم الفعل ملحوظ فيه على وجه التفصيل و اسم الفعل موضوع لهذه الامور ملحوظة على وجه الاجمال و تعلق الحدث بالمنسوب اليه على وجه الابهام معتبر في مفهومه ايضا و لذا يقتضى الفاعل و المفعول و تعيّنهما و لك ان تفرق بين المصدر و اسم المصدر بهذا الفرق و قال بعض المقاربة ان الفرق بين المصدر و اسم المصدر هو ان المعنى الذى يعتبر عنه بالفعل الحقيقى و مبدأ الفعل الصّناعى ان اعتبر فيه تلبس الفاعل به و صدوره منه و تجدده فاللّفظ الموضوع بازائه مقيدا بهذا القيد يسمى مصدرا و ان لم يعتبر فيه ذلك فاللفظ الموضوع بازائه مطلقا عن هذا القيد المذكور هو اسم المصدر كذا ذكره شهاب الدين الطّبيبى في حواشى الكشاف انتهى و انت خبير بان ما ذكره في الفرق اولا هو ما نقله عن بعض المقاربة و هو قريب من الوجه الاظهر الذى ذكرنا و امّا ما احتمله آخرا من الفرق باعتبار الملاحظة اجمالا و تفصيلا ففيه تامّل اذ المشهور بينهم انّ اللفظ المفرد لا يستفاد منه التفصيل و قيل الفرق بين المصدر و اسم المصدر هو ان المصدر له معنى مفعول نسبىّ لا يكون الخارج ظرفا لوجوده و اسم المصدر له معنى حاصل فيمن قام به المصدر ليس بامر نسبىّ يكون الخارج ظرفا لوجوده يقال له الحاصل بالمصدر كذا في بعض حواشى الكشاف في سورة الزلزال و فيه تامّل فانّ الظاهر ان المصدر عبارة عن الفعل او الانفعال و

هما عندهم مقولتان من العرض و قد اعتبر فيه الوجود الخارجى و ايضا لا ريب ان الحاصل بالمصدر قد لا يكون موجودا خارجيّا فتدبّر

قوله بناء على ثبوت الحقائق الشرعيّة

يمكن ان يكون المراد بقوله شرعا هو بيان معنى الشرعى سواء كان حقيقة شرعيّة او مجازا شايعا او المعنى الحقيقى عند المتشرعة و لا ريب في ثبوته فلا يلزم جعل بنائه على ثبوت الحقائق الشرعيّة فتدبّر

قوله كالاكول

كانّ التمثيل باعتبار اختلاف الوضع و الاستعمال في الاكول ايضا لكن على عكس الطّهور فان الطهور بحسب الوضع لازم فانه بمعنى البالغ في الطهارة و جعل بحسب الاستعمال بمعنى المطهّر لغيره فصار متعدّيا و الاكول بحسب الوضع متعدّ لتعدية الاكل لكن صار بحسب الاستعمال لازما فانه يستعمل بمعنى كثير الاكل من غير ملاحظة المفعول و هو الماكول و رايت في كتاب من بعض الاسماعيليّة انه نقل فيه التشاجر بين العلماء في انّ الطهور صيغة مبالغة كالأكول و الضروب او اسم آلة كالقطوع و السّحور و اطال الكلام فيه و في ادلّة الطرفين و على هذا فلا يبعد ان يحمل التمثيل في كلام الشارح ايضا على مجرّد ان الطهور صيغة مبالغة كالاكول فتأمل

قوله ان اريد بالطهور مطلق الماء و الارض

و ان اريد به مفهومه الاشتقاقى اى ما هو سبب للطهارة و اريد بها الشرعية فيندفع جميع ما سيورده عليه و كذا ما سنورده لكن يصير التعريف دوريّا

قوله كما هو الظاهر

بقرينة ما يذكره من التفسير و لئلا يلزم الدّور

قوله و حينئذ ففيه اختيار ان المراد منها

اى الطهارة المعرفة و يرد ايضا حينئذ انتقاض طرده بالمضمضة و الاستنشاق و الشرب من زمزم و رمى الجمار و استلام الحجر و السجود على الارض و الاستشفاء بالتربة المباركة و يمكن دفع ما سوى الأوّل باعتبار حيثية الطّهورية في التعريف لكن لا بمعناها الشرعى حتى يلزم الدّور بل بمعناها اللغوى اى استعمال الطهور باعتبار الطهارة و النّظافة و ظاهر انّ استعمال الطّهور في النقوض المذكورة ليس من حيث النظافة فتأمّل

قوله او ينتقض في طرده

ان اختير ان الطهارة المعرفة هى الطهارة المبيحة للصّلاة لا ما هو اعمّ و الحاصل انه قد ظهر صدقا الحدّ على جميع ضروب الطهارات و حينئذ فاما ان يجعل المحدود ايضا المعنى الاعمّ فلا انتقاض لكن يلزم مخالفة اصطلاح الاكثرين و منهم المصنف في غير الكتاب او يجعل المحدود الطّهارة المبيحة و حينئذ فينتقض في طرده بما ذكره

قوله و الوضوء غير الرافع منه

اى من جملة الوضوء كوضوء الحائض للذكر

ص: 9

و الجنب للنوم و المحتلم للجماع

قوله و التيمّم بدلا منهما ان قيل به

اى بجواز التيمّم بدلا عن الغسل المندوب و الوضوء غير الرافع بناء على القول ببدليّة التيمم عن الوضوء و الغسل مطلقا و امّا القول بعدم جواز التيمّم بدلا عن الغسل المندوب امّا مطلقا او على القول بعدم كونه رافعا و كذا عدم جواز التيمم بدلا عن الوضوء غير الرافع فلا انتقاض به و هو ظ

قوله و ينتقض في طرده ايضا

هذا الانتقاض وارد على كلا التقديرين و ينتقض عطف على قوله ففيه اختيار و قوله ايضا اشارة الى انّه كان احد الامرين لازم على التعريف كذلك يلزم هذا الانتقاض او الى انه كما يلزم الانتقاض المذكور على احد التقديرين كذلك يلزم هذا الانتقاض لكنه على كلا التقديرين او الى انه كما ان الانتقاض المذكور في طرده كذلك هذا الانتقاض ايضا و لك ان تجعل قوله مطلقا اشارة الى ما ذكرنا اى ان هذا الانتقاض يرد مطلقا على كلا التقديرين لكنه بعيد و الظاهر انه متعلّق بالثّلاثة و تعميم فيها بالنّسبة الى المبيحة و غيرها هذا و يمكن دفع هذا النقض بانّ الظاهر من المشروطية بالنّية هو اشتراطه بنيّته متعلقة به اصالة و الابعاض لست كذلك اذ لا نيّة و لا اشتراط فيها حقيقة بل انها يشترط النيّة في الكلّ و تعلّقت تلك النيّة بالابعاض فتدبّر

قوله و بما لو نذر تطهير الثوب

يمكن ان يقال ان المتبادر من الاشتراط هو الاشتراط بحسب اصل الشرع لا ما يشمل ما هو بفعل المكلف فافهم

قوله و هو دليل طهورية الماء

هذا الاستدلال مبنى على كون الطهور بالمعنى الذى ذكره بحسب اللغة او الشرع و قد ادعوا ثبوت ذلك لغة قال الشيخ في التهذيب و الطهور هو المطهر في لغة العرب و ليس لأحد ان يقول ان الطهور لا يفيد في كلام العرب كونه مطهّرا لان هذا خلاف على اهل اللغة لانهم لا يفرّقون بين قول القائل هذا ماء طهور و هذا ماء مطهّر انتهى و اذا ثبت ذلك فلا عبرة بانكار ابى حنيفة ذلك و دعوى كونه بمعنى الطاهر فقط محتجا بان المبالغة في صيغة فعول انما هى زيادة المعنى المصدرىّ و شدّته فيه كاكول و ضروب و كون الماء مطهّرا لغيره امر خارج عن اصل الطّهارة التى هى المعنى المصدرى فلا يعتبر فيه و ذلك لان كونه مطهّر انما ينشأ من زيادة الطّهارة و شدّتها فلا بعد في اعتبار ذلك في صيغة المبالغة منها بعد ما ثبت ذلك لغة لكن التحقيق ان استعمال الطهور بمعنى المطهّر على انه صيغة مبالغة لا يظهر من كتب اللغة المتداولة نعم قد صرّحوا بانه بمعنى ما يطهّر به و هو يستلزم ان يكون مطهرا لكن حينئذ يكون اسم آلة لا صيغة مبالغة قال في الجمهرة الطهور بفتح الطاء الماء الذى يتطهر به كالوضوء و الوضوء و السّحور و قال الجوهرى الطهور ما يتطهّر به كالفطور و السحور و الوقود قال اللّه تعالى وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً و قال في القاموس الطهور المصدر و اسم ما يتطهر به و لا يخفى ان كلماتهم متطابقة فيما ذكرنا و اما مجيئه صيغة مبالغة بمعنى الطّهر او الزائد في الطهارة فلا يظهر من كتب اللغة و القياس يقتضى الثانى الا ان يظهر بالتتبع خلافه كما ادعاه الشّيخ و بعد ذلك يشكل ان الطهارة لغة ليست بمعنى الشرعى بل بمعنى النظافة و النزاهة فعلى تقدير كون الطّهور بمعنى المطهّر لغة لا يفيد الا كونه موجبا لنظافة الغير و نزاهته لا كونه مطهّرا بالمعنى الشرعى و هو المراد هاهنا الا ان يثبت كون الطهور بمعنى المطهّر لغة ثمّ يثبت كون الطهارة حقيقة شرعيّة في المعنى المصطلح ليلزم منهما كون الطّهور حقيقة شرعيّة في المطهر بالمعنى المصطلح فتدبّر و اما ما ذكره الشّيخ من عدم الخلاف بين اهل النحو في انّ اسم فعول للمبالغة و تكرر الصّفة و كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر و يتزايد فينبغى ان يعتبر في اطلاق الطهور غير ذلك و ليس الا انه مطهّر فلا يخفى ضعفه اذ يمكن اعتبار زيادة الطّهارة باعتبار عدم النّجاسة بملاقاة النجاسة و نحوه و لو سلم فهذا انما يسلم في المعنى المصطلح و اما الطهارة اللغوية فلا شك في قبولها الزيادة و حينئذ لا يثبت كون الطهور بمعنى المطهر لغة و لو اريد انه بعد نقل الطهارة الى المعنى الشرعى ينبغى ان يكون الطهور بمعنى المطهّر اذ لا يمكن حمله على معناه اللغوى و هو الزائد في الطهارة لامتناعه فتقول بعد نقل الطهارة اذا امتنع حمل الطهور على المعنى الزائد الذى هو مقتضى الصّيغة فلا يتعيّن ان يكون بمعنى المطهّر اذ ربما بقي على معناه اللغوى و لم يستعمل في معنى آخر و لا يضرّ كون استعماله فيه بعد النّقل مجازا اذ استعماله بمعنى المطهّر ايضا اذا لم يكن مقتضى القياس يكون مجازا و لو جوز وضع خصوص صيغة المبالغة هاهنا لذلك فليجوز وضعه ايضا حينئذ لمعناه اللغوى و ايضا ربما استعمل و لو مجازا بمعنى الطاهر بدون قيد الزّائد و ذكر صاحب المدارك ان الطهور يرد في العربية على وجهين صفة كقولك ماء طهور اى طاهر و اسم غير صفة و معناه ما يتطهّر به كالوضوء الوقود و ارادة المعنى الثانى اى في الآية الكريمة اولى لان الآية مسوقة في معرض الانعام فحمل الوصف فيها على الفرد الاكمل اولى و انسب و لا يخفى ان الحكم بانه صفة بمعنى الطاهر بعد ما نقلناه عن الشيخ من انه في لغة العرب بمعنى المطهر لا يخلو عن اشكال و ما ذكره من اولوية حمل الآية على الثانى يتجه بعد ما اثبتت مطهرية الماء بدليل خارج كالاجماع او آية وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ و امّا في مقام الاستدلال عليه بهذه الآية فلا اذ الحمل على الفرد الاكمل في معرض الامتنان انما يكون اولى اذا علم وقوع الأنعام بالفرد الاكمل ايضا و الكلام بعد فيه فتأمّل ثمّ هذه الآية الكريمة و كذا الآية الأخرى التى اشرنا اليها لا تدلان الا على انزال ماء طهور من السماء لا على طهورية كل ماء و يدفع هذا بانّه تعالى في معرض الامتنان و اظهار الانعام فيجب طهورية كل ماء

و كون اصله من السماء اذ لو وجد ماء غير طهور فلا امتنان بانزال ماء طهور ما لم نعلم بذلك و يبين لنا و لم يفعل ذلك فتأمّل

قوله و المراد بالسماء هنا جهة العلوّ

فان كل ما علا يطلق عليه السماء لغة و لذلك يسمّون سقف البيت سماء و يمكن الحمل على الفلك ايضا اذ لا اعتداد بقواعد الطبيعيين و قد يقال ان المراد بانزاله من السماء انه حصل باسباب سماويّة تصعد اجزاء رطبة من اعماق الارض الى الجوّ فينعقد سحابا ماطرا فتدبّر

قوله النبي صلى الله عليه و آله «جعلت لى الارض مسجدا»

و كان ساير الانبياء ص لا يجوز لهم الصّلاة الا في محاريبهم

قوله و هو دليل طهورية التراب

و استدل بعض المحققين بهذا الخبر على كون الطهور بمعنى المطهر اذ لو حمل على الطّاهر فلا مزيّة و كذا بقوله و قد سئل عن الوضوء بماء البحر هو الطهور ماءه الحل ميّته و لو لم يرد كونه مطهّرا لم يستقم الجواب و بما رواه العامة من قوله ص «طهور اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا» و معلوم ان المراد المطهّر و لا يخفى انه يمكن حمل الطهور فيها كلها على اسم الآلة فلا يمكن الاستدلال بها على انها اذا كانت صيغة مبالغة ايضا بمعنى المطهر و ما لم يثبت ذلك لا يمكن الاستدلال على مطهرية شي ء باطلاق الطهور عليه شرعا لاحتمال ان يكون

ص: 10

فيه صيغة مبالغة فتدبّر

[في مطهرية الماء بقول مطلق و كيفية تطهيره]

قوله فالماء بقول مطلق

اى الماء المطلق و فيما ذكره اشارة الى تعريفه و هو انه ما يقال عليه الماء مطلقا بلا تقييد و ان قيّد ايضا في بعض الاحيان كما يقال ماء النهر و ماء البئر و نحوه بخلاف المضاف فانه لا يقال عليه الماء بالاطلاق اصلا و امّا حمل الماء على الاعم و جعل قوله بقول مطلق بمعنى في الجملة اى بعض افراده و هو المطلق اى على المطلق و حمل في الجملة على بعض افراده كالنجس او حمل الماء على المطلق و جعل قوله بقول مطلق على انه لبيان كلية الحكم اى جميع افراده بمعنى صلاحية كل فرد لذلك في نفسه لم يطرأ عليه ما يخرجه عنها فلا يخفى بعد الجميع

قوله المانع من الصلاة

احتراز عن مثل الخفّة او الحرارة او البرودة و نحوها من الآثار العارضة له عند عروض احد الأسباب المذكورة لكن لا ربط لها بالمنع من الصّلاة و قوله المتوقف رفعه على النيّة احتراز عن النجاسة الخبيثة الحاصلة له عند عروض احد الاسباب المذكورة فانها لا تسمّى حدثا

قوله بالتغيّر بالنجاسة في احد اوصافه الثلاثة

اى كسبه بالملاقات بالنجاسة احد اوصافها سواء كان له قبل الملاقات وصف مخالف لذلك ام لم يكن كما اذا لم يكن للماء رائحة اصلا ثمّ حصل له بملاقاة النجاسة رائحتها و انما اشترطنا ان يكون التغير بالملاقات احترازا عمّا اذا تغيّر في احد اوصافه الثلاثة بالمجاورة و مرور الرائحة على الماء كما اذا القى جيفة على الشّط فتغيّر بها الماء فانّه لا ينجس بذلك

قوله فانه لا ينجس بذلك

اى لا ينجس به الماء مطلقا كما في الصّورة الاولى و هذا لا ينافى تنجّس بعض افراده به و هو غير الكثير و الجارى على المشهور و غير الكثير على قول العلامة فافهم

قوله و هو النابع من الارض مطلقا

اى سواء اجرى على وجه الارض ام لا و اطلاق الجارى عليه امّا حقيقة شرعية او عرفيّة او تغليب لبعض افراده على الجميع كما صرّح به الشارح رحمه الله في شرح الارشاد و انما لم يعتبروا الجريان كما هو ظاهره لان حكمهم بانفصاله عن المياه الاخرى و عدم انفعاله بالملاقات لم يجر عليه في الاخبار معلّقا على هذا الوصف حتى يعتبر ذلك بل مستند حكمهم فيه العمومات الدّالة على طهارة كل ماء ما لم يتغير خرج منه القليل الواقف بالدليل فيبقى الباقى و صحيحة محمّد بن اسماعيل عن الرّضا عليه السّلام ماء البئر واسع لا يفسده شي ء الا ان يتغيّر ريحه او طعمه فينزح حتى يذهب الريح و يطيب طعمه لان له مادّة حيث جعل العلّة في عدم فساده بدون التغير او في طهارته بزواله وجود المادّة و العلة المنصوصة حجة فتجرى في الجارى لوجود المادّة فيه ايضا و لا يخفى انّ مناط الحكم في الوجهين هو النّبع لا الجريان فلذا لم يعتبروه و اعتبروا النّابع مطلقا غير البئر لاختصاص البئر بما ورد فيها فتدبّر

قوله على المشهور

متعلّق بما اطلق من الحكم لا بالتعريف اى يطهر بزواله ان كان الماء جاريا مطلقا على المشهور و مقابل المشهور ما نقله من المصنف من اعتبار دوام النبع فيه في هذا الحكم و ما نقله من العلّامة من جعله كغيره و يحتمل ان يجعل ما نقله من المصنف تقييد التعريف الجارى و على هذا يكون قوله على المشهور متعلّقا بالتعريف اى هذا التعريف على المشهور و زاد فيه المصنف قيدا آخر و يمكن على هذا ان يجعل قوله مطلقا

اشارة الى هذا التعميم اى سواء دام نبعه ام لا و اما نقل قول العلامة فهو اشارة الى الخلاف في اصل الحكم و لا تعلق له بالتعريف كما يرشد اليه سياق كلامه ايضا فتفطّن

قوله و اعتبر المصنف في الدروس فيه

دوام نبعه قال في المدارك و كلامه يحتمل امرين احدهما و هو الظاهر ان يريد بدوام النّبع استمراره حال ملاقاته للنجاسة و مرجعه الى حصول المادة حينئذ و هو لا يزيد على اعتبار اصل التتبع و الثانى ان يريد به عدم انقطاعه في اثناء الزمان ككثير من المياه التى تخرج في زمن الشّتاء و تجفّ في الصّيف و قد حمل جل من تاخّر عنه كلامه على هذا المعنى و هو مما يقطع بفساده لانه مخالف للنص و الاجماع فيجب تنزيه كلام مثل هذا المحقق عنه انتهى و الظاهر ان مراده بدوام النّبع هو ان لا يكون على سبيل الرشح من عروق الارض شيئا فشيئا في آن بعد آن كما يرى في بعض العيون الضعيفة بل يكون متّصلا في زمان يعتدّ به و لعله انما اعتبر ذلك بناء على انه جعل مناط الحكم في الجارى وجود المادّة له من مثل تلك العيون الضّعيفة لا ظهور لوجود مادّة لها تعتدّ بها هذا و يمكن ايضا ان يكون ذلك احترازا عمّا ينبع في بعض الوهاد القريب القعر من وجه الارض بحيث لا يطلق عليها البئر و لكن لا يتعدّى الماء عنها الى وجه الأرض بل ينبع الى ان يصل الى مرتبة لا يمكنه ان يتجاوزها و يعلو عليها ثمّ يقف الى ان يؤخذ منه شي ء فاذا اخذ ذلك ينبع بقدر ما اخذ فاحترز بدوام النبع عنها لكن فيه انه لا يظهر وجه للاحتراز عنها اذا كان نبعه قويا و ليس على سبيل الرشح على ما ذكرنا في الوجه الاول اذا عدم تعدّيه الى وجه الارض حينئذ لا يدل الا على عدم علوّ مادّته لا على عدمها بل قوّة نبعه يدل على وجود مادّة له و حينئذ فلا وجه للاحتراز عنه فتأمّل

قوله و ان كان اطلاق العبارة قد يتناول إلى آخره

يعنى ان اطلاق العبارة يدل على انه يطهر بزوال التغيّر بشرط ان يكون جاريا او لاقى كرّا مطلقا و هو اعمّ من ان يكون زواله قبل الملاقات او معها او بعدها و ليس كذلك اذ من صور ما يكون زوالها بعد الملاقات ان يتغيّر بعض الكر ايضا ثمّ يزول التغيّر بالاختلاط بالاجزاء الباقية او بنفسه اى بسبب من خارج كصفيق الرّياح مثلا و ظاهر انه لا يطهر في هذه الصور لخروج المطهّر بتغيير بعضه عن المطهّرية فلا بدّ ان يشترط ملاقاته للكرّ بعد زوال التغيّر او معه هكذا فهمه سلطان العلماء رحمه الله على ما يظهر من بعض قيوده و لا يخفى انّ في صورة المعيّة ايضا يمكن ان يتغيّر بعض الكر او لا يعد في ان يزول عنه التغيّر بالملاقات و ان تغيّر بعض الكرّ بها و حينئذ ايضا لا يطهر الماء فالظاهر ان يشترط في الملاقات عدم تغيّر الكرّ و حينئذ يكفى زوال التغير عنه مع الملاقات و ان كان زواله بعد الملاقات نعم يمكن فرض آخر لعدم التطهر بزوال التغيّر بعد الملاقات و ان لم يتغيّر الكرّ بان يفرض ان الماء المتغير لاقى الكرّ بان دخل بين اجزائه و فصّل بعض اجزائه عن بعض بحيث لا يبقى اتصال بينها اصلا ثمّ زال التغير بعد ذلك فلا يطهر بذلك مع صدق زوال التغيّر و الملاقات للكرّ و عند اشتراط زوال التغير قبل الملاقات او معها لا يرد ذلك و يرد على الوجهين ان هذا التقييد و ان صح الحكم بالطّهارة معه لكن يتوجّه انه لا يصح الحكم بانه لا بد في طهره من ملاقاته كرّا طاهرا بعد زوال التغيّر او معه كما حكم به الشارح اذ كثيرا ما يطهر و ان زال التغيّر بعده كما اذا لم يتغيّر الكر و بقي اتّصاله بين اجزائه و الظاهر ان مراد الشّارح بالمعيّة ليس حصول الزوال اول الملاقات كما هو مبنى التوجيه المذكور بل حصوله في زمان الملاقات قبل زوالها و احترز به عما اذا زال التغير بعد زوال الملاقات كما اذا اتّصل بكرّ و لم يزل تغيّره به ثمّ فصل بينهما بوضع حائل بينهما ثمّ زال التغير بعد ذلك بنفسه او بعلاج غير مطهر اذ يصدق حينئذ زوال التغير و انه لاقى كرّا مع انه لا يطهر بذلك فلا بد من اشتراط كون زواله

ص: 11

قبل الملاقات او معها اى في زمانها قبل زوالها ليندفع ذلك لكن لا بدّ من حمل الملاقات للكرّ على ملاقاته مع بقاء اتّصال بين اجزائه كما هو ظاهره لئلّا يرد ما اوردناه في الفرض الثانى فافهم

قوله و كذا الجارى على القول الآخر

و هو قول العلامة من اعتبار الكريّة فيه في عدم نجاسته بالملاقات فانه اذا تغيّر ما هو اقلّ من الكرّ منه لم يطهر الا بملاقاته للكرّ و لا يطهر بزواله بنفسه و ان كان باتّصاله بالمادّة و فيضان الماء عنها عليه اذا كان الفائض اقل من الكرّ و امّا اذا كان الماء المتغير من الجارى بقدر الكر او اكثر فهل يطهر بزوال تغيره بفيضان الماء الغير المتغير من المادّة و ان لم يكن بقدر الكرّ او لا بد من فيضان ما يكون بقدر الكرّ او ملاقات كرّ من خارج وجهان و لعلّ الثانى انسب بمذهبه لانه اذا لم يكتف بالاتّصال بالمادّة و الفيضان منها عليه اذا كان الفائض اقلّ من الكر في عدم نجاسته بالملاقات فلان لا يكتفى بذلك في تطهيره اولى و يحتمل الاول بناء على انّ بلوغه الكرّية يدل على قوّة مادّته فيمكن ان يكتفى بالاتصاف بها بخلاف ما اذا لم يبلغ الكر فانه يدل على ضعف المادّة فيحتمل ان يكون عدم الاكتفاء بالاتّصال فيه لذلك و لا يخفى ما في الحكم بكل منهما كليا هذا و امّا على مذهب المصنف فحكم الجارى مع عدم دوام النّبع ايضا حكم غيره في انه يعتبر الملاقات بالكرّ في زوال التغيّر و اما مع دوام النّبع فيكفى فيه زوال التغيّر مطلقا فافهم

قوله لصيرورتهما بالملاقات ماء واحدا

فلا بدّ من اتحاد حكمهما فامّا ان يحكم بنجاسته الطّاهر و هو باطل للاتفاق على عدم نجاسة الكر بملاقاة النجاسة او بطهارة النجس و هو المطلوب و فيه انه ان اراد بصيرورتهما ماء واحدا انّهما يصيران بالملاقات متّصلا واحدا فممنوع لكن لا يلزم من ذلك اتحاد حكمهما اذ كثيرا ما يختلف حكم اجزاء المتّصل الواحد كالماء المتغير المتصل بالكر او الجارى الغير المتغير فلم لا يجوز ان يكون هاهنا ايضا كذلك و ان اريد انهما يصيران ماء واحدا لا يمتاز احدهما عن الآخر فيجب اتّحاد حكمهما ففيه ان بمجرد الملاقات لا يصيران كذلك ما لم يتحقق بينهما الامتزاج التامّ و ما ذكروه من الدّفعة يستلزم حصوله فلعلّهم اعتبروها لذلك نعم يرد حينئذ انه اذا كان نظرهم الى ذلك فلا ينبغى اعتبار الدّفعة البتّة اذ يمكن حصول الامتزاج بدونها بل ينبغى اعتبار الممازجة سواء حصل بالدفعة او بغيرها و كيف ما كان فالحكم بمطلق الملاقات على ما رجّحه الشارح فيه ما فيه و اعلم انه لا دليل من النصوص على طريق تطهير المياه النجسة سواء ما ورد في خصوص بعض الموارد بل في بعض الاخبار انّ الماء يطهّر و لا يطهّر و ظاهره عدم امكان تطهير الماء و ان امكن حمله على انه لا يطهر بغيره و العمومات الدالة على مطهّرية الماء لا يدل الا على مطهّريته في الجملة لا لكل شي ء و كيف اتفق و على هذا فلا بد في الحكم بتطهيره من طريق قاطع يقطع ما ثبت من نجاسته الآخر اذا ثبت ذلك و ليس ذلك الا ما ثبت الاجماع طهارته به كما في القاء الكرّ عليه دفعة كما ادّعوه او الممازجة التامّة ان ثبت الاجماع فيه ايضا و امّا بدون ذلك فالحكم لا يخلو عن اشكال فتأمّل

قوله لتعذر الحقيقيّة إلى آخره

كانه اراد ابطال كل منهما بدليل على حدة و الّا فالثانى جار فيهما و المراد انّه لو لم يمتنع الحقيقيّة لكان لاعتبارها وجه كما قيل انه اذا لم تعتبر الدفعة فوصول اول جزء من النجس اليه يقتضى تنجّسه و نقصان الباقى عن الكر فلا يطهّر و ظاهر ان هذا التوهم انما يندفع باعتبار الدفعة الحقيقيّة اذ مع الدفعة العرفيّة هذا الوجه باق بحاله و لما امتنع الحقيقيّة ظهر سقوطه هذا الوجه و لم يرد نصّ على اعتبار الدفعة حتى يحمل بعد امتناع الحقيقيّة على العرفية فلا وجه لاعتبارها اصلا و فيه انه و ان لم يكن لنا نصّ على اعتبار الدفعة يكون ماخذ الحكم به لكن تحقق الاجماع على التطهير بالالقاء دفعة كما ادّعوه و عدم تحققه في مطلق الملاقات يكفى لنا في الحكم باعتبارها غاية الامر انّه لما ظهر لنا امتناع الحقيقية فلتحمل على العرفيّة فافهم

قوله و كذا لا تعتبر ممازجته

لا يخفى انّ في صورة القاء الكرّ عليه دفعة يتحقق الممازجة فالخلاف في اشتراط الممازجة و عدمه انما هو فيما لم يلق عليه دفعة و هو ظ

قوله لان ممازجة جميع الأجزاء لا تتفق

بل لا يمكن لاستحالة التداخل الا ان يعتبر الاجزاء العرفيّة و حينئذ فدعوى عدم الاتفاق ايضا ممنوعة و كذا لا يلزم الحكم فينبغى النّظر في دليلهم على اعتبار الممازجة و يمكن ان يكون نظرهم الى ما اشرنا اليه من عدم حصول الاتحاد بدونها و حينئذ ما يندفع ما يقال ايضا انه اذا اكتفى بملاقاة بعضها فلم يكن المطهّر للبعض الآخر وصول الماء اليه بل مجرد اتصاله بما وصل الى الماء و لا يخفى انّ عند مجرد اتصاله بالكثير ايضا هذا المعنى حاصل لان بعضه متصل بالكثير و البعض الآخر متّصل بذلك البعض فيجب ان يكون كافيا في التطهير و وجه الدفع انه لا يلزم من الحكم بالتطهير مع الممازجة العرفية الحكم به بدونها ايضا و ان اشتركا في كون طهارة البعض بمجرد الاتصال لوجود الفارق بينهما و هو حصول الاتحاد الذى هو مناط الحكم بالتطهير في الاول دون الثانى على انه يمكن ان يكون لهم مستند على اعتبار الممازجة العرفيّة لامتناع الحقيقيّة كالاجماع و حينئذ لا يمكن الإلزام عليهم بهذا الوجه اذ لعلّ الشّارح جعل مناط التطهير الاتصال بالكثير او بما وصل اليه مع الممازجة العرفية لا مطلقا و اما نحن فيكفى لنا دليلا على اعتبارها ذهاب جمع من الاصحاب الى اعتبارها و عدم دليل لنا على التطهير بدونها فتأمل

قوله و الاتحاد مع الملاقات حاصل

قد اشرنا الى ما فيه من الكلام و سيشير هو رحمه الله ايضا الى نوع تردّد فيه

قوله بل يعتبر الدفعة إلى آخره

اى انما يكتف بالاطلاق في باقى كتبه بل اعتبر في كل منها شيئا مما ذكر لا انه اعتبر في كلّ منها جميع ما ذكره فانه في الذكرى لم يعتبر الدفعة بل اكتفى بالقاء كرّ عليه متّصل نعم في الدروس حيث اعتبر القاء الكرّ عليه دفعة كانه اعتبر الجميع اذ القاء الكرّ عليه كذلك يستلزم الممازجة و علو المطهر فافهم

قوله الا مع عدم صدق الوحدة عرفا

اشارة الى ان الحكم بطهارة النجس بعد الملاقات ليس الا باعتبار اتحاده مع الكر الطاهر عرفا لعدم ورود نصّ في هذا الباب فلو قيل بحصول الاتحاد بدون الدفعة او الممازجة فلا كلام في عدم اعتبارهما و لو قيل بعدم حصوله الا بعد امتزاج بينهما فلا بد من الامتزاج الموجب لذلك و كذا في الدفعة اذا قيل انه مع التدريج اذا طال زمانه جدا لا يحكم في العرف ببقاء الكرّ و اتحاده مع النجس بل يحكم باستهلاكه و اضمحلاله فيجب الحكم باشتراط قدر من الدّفعة لا يحكم معها بذلك و ان حكم بذلك مع اتصال الملاقات و عدم انقطاعها و ان طال زمانها فلا وجه لاعتبار الدفعة فافهم

قوله ثمّ لا يخفى انه اذا كان مناط التطهير على ما استفيد من كلامه هو صدق الاتحاد و عدمه و ظاهر ان صدق الاتحاد لا يختلف بعلوّ المطهر او النجس فالحكم بطهور اعتبار علوّ المطهّر او المساواة لا يخلو عن شي ء

ص: 12

اذ مع علوّ المطهّر ان صدق الاتّحاد فليصدق مع علوّ النّجس ايضا و ان لم يصدق فلا يكفى علوّ المطهّر فكانه لم يرد مجرّد الاتحاد كافيا بل يعتبر مع ذلك ان لا يكون من قبيل ورود النجاسة على الماء لضعف المطهر حينئذ و الحق ان الاتحاد عرفا ليس بظاهر الا مع الامتزاج التام فالحكم بالتطهير بدونه مشكل و مع حصوله فلا فرق بين ان يتساوى سطحاهما اوّلا ثمّ وقع الامتزاج بينهما او كان احدهما فوق الآخر ففتح بينهما طريق فدخل من كلّ منهما في الآخر و وقع بينهما الامتزاج التّام و امّا اذا لم يقع بينهما الامتزاج كذلك بل مجرّد الاتصال فالحكم بالتطهير مشكل سواء تساوى سطحاهما او كان احدهما اعلى خصوصا اذا كان الاعلى هو النجس نعم اذا ورد عليه الماء من المطهّر بقدر الكرّ بقوّة و فوران يمنع الماء النجس عن تقطيع بعض اجزائه عن الباقى بالكلية فالظاهر انه يكفى في التطهير و ان كان المطهّر اعلى او ينبع من تحت النجس اذ الحكم بنجاسة الماء الوارد لا بدّ له من دليل و لا دليل لنا هنا على النجاسة مع اتصاله بالباقى و عدم انقطاعه و اذا لم يحكم بنجاسته الى ان يبلغ الكر فيطهر ما خالطه حينئذ لحصول الاتحاد بينهما و بهذا يمكن ان يتمسّك لمن لم يشترط الدفعة في القاء الكر و اكتفى بالاتّصال على ما نقلنا من الذكرى لكن كان ينبغى عليه ان يشترط فيه ما ذكرنا فتأمّل

قوله و هو ما دون الكرّ

اى من غير الجارى و البئر كما هو مصطلح الفقهاء في الدليل فلا يرد ان هذا الاطلاق انما يصح على مذهب العلامة لا المشهور كما هو مختار المصنف فافهم

قوله و هو مجمع ماء نابع من الارض

تذكير الضمير مع تانيث البئر كما يرشد اليه قوله مسمّاها باعتبار التاويل بالمذكور او باعتبار تذكير الخبر

قوله و لا يخرج عن مسمّاها

لا يقال لما جعل المناط اطلاق البئر عرفا فأيّ حاجة الى قوله مجمع ماء نابع الى آخره اذ ربما يكون للتوضيح و بيان انّ ما يطلق عليه البئر عرفا من أيّ جنس هو و ايضا كانه لا يجعل المناط الاطلاق في العرف مطلقا بل يعد تحقق الصفة المذكورة لإطلاق البئر عرفا على آبار القناة مع انها ليست البئر التى الكلام فيها هاهنا فلا بدّ مما ذكره اولا لاخراجها و اما عدم الاكتفاء به و اشتراط عدم الخروج عن مسمّاها عرفا فكانه لاخراج ما لو تعدى بعض الآبار في وقت بحيث لا يطلق عليه البئر في ذلك الوقت مع عدم التعدى غالبا و انما لم يشترط عدم التعدى اصلا حتى يستغنى عن القيد الاخير ليدخل تلك البئر في حال عدم التعدى و اطلاق البئر عليها و ايضا ربما لا يخرجها التعدى في بعض الاوقات قليلا عن اسم البئر و حكمه و يمكن ايضا ان يكون الاشتراط المذكور لاخراج بعض المياه النابعة التى لا يتعدى غالبا و لا يطلق عليه اسم البئر عرفا باعتبار قربه من وجه الارض مثلا سواء لم يتعد اصلا و تعدى في بعض الاوقات و حينئذ فالمراد بعدم الخروج عن مسمّاها هو الدخول فيه و منه يظهر وجه آخر لعدم الاكتفاء باشتراط عدم التعدى اصلا فافهم هذا و يبقى الاشكال فيما يطلق عليه البئر و كان متعدّيا غالبا و منع الاطلاق مشكل لا سيّما حال عدم التعدى الّا ان يقال العبرة بعرف زمان النّبى ص و اطلاق البئر على مثل ذلك في زمانه ص غير معلوم فالاصل عدم دخوله في البئر بخلاف ما لم يتعدّ غالبا و لم يخرج عن مسمّاها عرفا فان اطلاق البئر عليه في عرفهم معلوم و لعل للمنع مجالا اذا لم يتعدّ غالبا و يطلق عليه اسم البئر في حال تعديه فان اطلاق البئر عليه في هذا الحال في عرفهم غير معلوم الا ان يمنع تحقق ذلك الفرض و ان اضمحلّ حينئذ ما ذكرنا ثانيا في وجه عدم اشتراط عدم التعدى اصلا و الامر فيه هيّن فتأمّل

قوله و كذا يطهر بملاقاة الجارى

من دون اعتبار امتزاج على رأى الشارح و معه على ما ذكرنا

قوله مساويا له او عاليا عليه

فلا يطهر اذا كان النجس عاليا عليه كما ذكره سابقا في غير الجارى و الظاهر على ما ذكرنا من اعتبار الامتزاج عدم الفرق بين ما اذا كان الجارى مساويا او اعلى او ينبع من تحت و يخالطه بحيث يرفع الامتياز بينهما عرفا اذ الجارى لا ينجس بالملاقات فاذا رفع الامتياز بينهما فيكون حكم الكل واحد على قياس ما ذكرنا سابقا و لا يشترط حينئذ كون ما يخالطه من الجارى بقدر الكر بناء على عدم اشتراط الكرية في الجارى بخلاف ذلك فيما سبق كما اشرنا اليه فتدبّر

قوله و يطهر البئر

اى من نجاسته بالملاقات بمطهر غيره منها مطلقا بقرينة ان الكلام هاهنا كان في نجاسة القليل و البئر بالملاقات و ذكر مطهّر القليل اولا ثمّ تصدّى لبيان مطهر البئر و امّا نجاسته بالتغير فسيجي ء حكمه على حدّة و سبق ايضا في ضمن قوله و يطهر بزواله ان كان جاريا او لاقى كرّا و على هذا فلا يرد انّ زوال التغيّر و لو بنفسه مطهّر في الجارى و ليس بمطهر في البئر على القول بنجاسته فلا يصح ما ذكره كليّا ثمّ هذا الحكم قد ذكره جماعة منهم المصنف رحمه الله في البيان و ظاهر كلام المعتبر انحصار طريق تطهيره في النزح و قال المصنف في الذكرى امتزاجه بالجارى و كذا بالكثير اما لو وردا من فوق عليها فالاقوى انه لا يكفى لعدمه الاتحاد في المسمّى و مثله في الدروس

قوله و هو من الابل بمنزلة الانسان إلى آخره

قال في النّهاية البعير يطلق على الذّكر و الانثى من الابل و ظاهره كما ذكره الشارح عدم تخصيص فيه لكن قال في الصّحاح البعير من الابل بمنزلة الانسان من الناس يقال للجمل بعير و للناقة بعير و انما يقال اذا اجذع و قال في القاموس البعير الجمل البازل او الجذع و قد يكون للانثى و انت خبير بان مع وجود هذا الاختلاف بينهم في تفسيره جزم الشارح بما فسّره مشكل جدا فالاولى الاقتصار في الحكم على ما علم دخوله تحته و ان كان العمل بما ذكره من التعميم احوط

قوله و الاولى اعتبار اطلاق اسمه

اشارة الى ما يقال انه في العرف لا يطلق على مطلق ذكر البقر بل على الكبير منه و قد ايّد ذلك بقول بعض اهل اللّغة ان الثور سمّى به لإثارته الارض و لعل الشارح هاهنا و كذا في البعير رجح المعنى العرفى حيث ثبت عنده ان البعير في العرف عامّ و الثور مخصوص و لعلّ هذا في البعير و ان كان لا يخلو عن وجه حيث ان المعنى العرفى مطابق لما ذكره بعض اهل اللغة و التخصيصات التى ذكرها بعضهم لم يثبت فالأصل عدمها و امّا في الثور فلا لانّه اذا كان المعروف بين اهل اللغة تعميمه فتخصيصه نظرا الى عرفنا مشكل جدّا اذ العبرة بعرف زمان الائمة عليهم السّلام و التمسّك باصالة عدم التغيّر معارض باصالة عدم التغيّر في عرفهم ع عن معناه اللغوى و كانه اقوى عند الاعتبار و ما ذكر من وجه التسمية لا يصلح شاهدا على اختصاصه بالكبير لغة اذ يكفى في وجه التسمية تحقق المعنى فيه في الجملة فتأمّل

قوله و هو بعيد

اذ لو سلم نجاسة العصير فلا دليل على الحاقه بالفقاع في هذا الحكم نعم لا بد في ايجاب الجميع فيه على القول بالنجاسة باعتبار انه ممّا لا نصّ فيه لو قيل بوجوب الجميع فيه و ليس الكلام فيه بل في عدّه في جملة المنصوص بالخصوص باعتبار الحاقه بالفقاع الملحق بالخمر باعتبار اطلاق الخمر عليه في الاخبار فتدبّر

قوله و المشهور فيه ذلك

و قيل انّه ممّا

ص: 13

لا نصّ فيه لعدم ورود النصّ فيه و يحتمل الاكتفاء فيه بسبع دلاء لورودها في الاخبار لدخول الجنب او وقوعه او نزوله او اغتساله مع انّ الغالب عدم خلوّ بدنه عنه و يحتمل على هذا اختصاص الحكم بمنىّ الانسان و عدّ غيره ممّا لا نصّ فيه و اللّه تعالى يعلم

قوله و ايجاب الجميع لما لا نصّ فيه يشملهما

الا ان يناقش في كون المنيّ ممّا لا نصّ فيه باعتبار ما ذكرناه من الاحتمال في الحاشية السّابقة لكن في ادخال مطلق دم الحدث ايضا فيما لا نصّ فيه تامّل فان قطرات الدّم في صحيحة محمّد بن اسماعيل بن بزيع قال كتبت الى رجل أسأله ان يسأل ابا الحسن الرّضا عليه السّلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات بول او دم او يسقط فيها شي ء من عذرة كالبعرة او نحوها ما الذى يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصّلاة فوقع عليه السلام في كتابى بخطه ينزح منها دلاء باطلاقها يشمل دم الحدث ايضا بل يمكن بهذا نفى القول بالجميع في كثيره ايضا لعدم القول بالفصل الا ان يناقش في شمول مثل هذه الاطلاقات للافراد الغير الشائعة المتعارفة لكن منصوصيّة المنى ايضا بالوجه الّذى ذكر ليست باقوى من هذا فتأمّل

قوله و المنصوص منها إلى آخره

اشارة الى ما رواه الشيخ في التهذيب عن عمرو بن سعيد بن هلال قال سألت ابا جعفر عليه السّلام عما يقع في البئر ما بين الفارة و السّنور الى الشاة فقال كل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار و الجمل فقال كرّ من ماء و رواه الشيخ في التهذيب مرّة ثانية ايضا و في بعض نسخه حينئذ اضافة البغل ايضا و نقلها المحقق ايضا في المعتبر باضافة البغل و فيه مع ضعف السّند مخالفته لعمل الاصحاب في السنّور و الشّاة و الجمل مع ما في البغل من الشّك فتأمّل

قوله فيبقى الحاق الدابّة و البقرة بما لا نصّ فيه اولى

قد ورد في الدّابة صحيحة زرارة و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية عن ابى عبد اللّه و ابى جعفر ع في البئر يقع فيها الدّابة و الفارة و الكلب و الطّير فيموت قال يخرج ثمّ ينزح من البئر دلاء ثمّ اشرب و توضّأ و مثلها رواية ابى العباس الفضل البقباق عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و لا ريب في دخول الفرس في الدّابة و يمكن ادخال البقرة ايضا فيها بل الحمار و البغل ايضا بل دخولهما فيها اظهر من دخول البقرة اذا كان بمعنى ما يركب على ما في الصحاح و يمكن الحاق البقرة بالثور في وجوب نزح الجميع لصحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام على ما في التهذيب قال و ان مات فيها ثور و نحوه او صبّ فيها خمر ينزح الماء كله لدخولها في نحوه بل يمكن ادخال الحمار و البغل بل الفرس ايضا فيه لكن ليس في الاستبصار او نحوه و هو ربما يورث الشّك فيه و في صحيحة محمّد بن مسلم نزح عشرين للميتة ان كان لها ريح فبدونه يكفى العشرون بطريق اولى و في رواية زرارة ايضا نزح عشرين للميّت بعمومها فيمكن ادخال الدّابة و البقرة بل الحمار و البغل ايضا فيها و بالجملة مع وجود هذه الروايات الحكم باولويّة ادخال الدابة و البقرة فيما لا نصّ فيه لا يخلو عن غرابة فتأمّل

قوله معتادة على تلك البئر

ظاهره اعتبار اعتياد اهل تلك البئر و يحتمل اعتبار الاعتياد لتلك البئر بحسب المتعارف و قال صاحب المدارك عند قول مصنّفه و الدلو التى ينزح بها ما جرت العادة باستعمالها ينبغى ان يكون المرجع في الدلو الى العرف العام فانه الحكم فيما لم يثبت فيه وضع من الشارع و لا عبرة بما جرت العادة باستعماله في تلك البئر اذا كان مخالفا له و لا يخفى ان العرف يختلف بالنسبة الى الآبار فلعل مراده رحمه الله ما ذكرنا و اللّه تعالى يعلم و لو كان المعتاد عليها غير الدلو كالجرة مثلا فيحتمل الاكتفاء به لقيامه مقام الدّلو و عدمه لعدم تسميته دلوا حينئذ فيكون حكمه حكم ما لم يكن لها معتاد اصلا و سنشير اليه و قيل المراد بالدلو و هو الهجريّة و وزنها ثلثون رطلا و قيل اربعون و على هذا فيجب رعاية هذا القدر مطلقا

قوله فان اختلفت فالاغلب

فان تساوت بالاصغر مجتز و الاكبر افضل و لو لم يكن لها دلو معتاد قيل اجزاء اقل ما يعتاده الانسان كذا في شرح الارشاد للشارح رحمه الله و قال في شرح الشرائع فان لم يكن لتلك البئر و لو معتادة رجع الى المعتاد في بلده و مع التعدّد كما مرّ و لو لم يكن في بلده دلو اعتبر اقرب البلدان اليه فالاقرب

قوله ان لم نوجب الجميع لما لا نصّ فيه

هذا اذا لم نقل بتضاعف النزح مع تعدد النجاسة اصلا كما هو مذهب العلامة رحمه الله ظاهر و امّا لو قلنا بتضاعفه مع تخالف انواعها كما هو رأى بعضهم او مطلقا كما هو رأى المصنف رحمه الله و كذا الشارح في شرح الشرائع فلا لان الحكم في الكافر ايضا بوجوب السّبعين لنجاسة موته لا ينافى وجوب الثلثين او الاربعين لنجاسة كفره ايضا ثمّ ان المشهور شمول الحكم للمسلم و الكافر و قد ذكروا ان بنائه على شمول الانسان الوارد في النصّ لهما و حينئذ لا يبنى الحكم على مسئلة ما لا نصّ فيه و ابن ادريس خصّ الحكم بالمسلم و اختاره الشارح و لعله اظهر بناء على ان الظاهر من وجوب السبعين لموت الانسان في البئر وجوبه لنجاسته المستندة الى موته لا مطلقا و حينئذ فنجاسة الكفر خارجة عن المنصوص و على هذا فيبتنى هذه المسألة على مسئلة ما لا نصّ فيه و تفصيل القول يقتضى مقاما آخر فتدبّر

قوله و الا اختصّ بالمسلم

اذ حينئذ يجب نزح الجميع في الكافر باعتبار كفره فلا يمكن الحكم بنزح السّبعين فيه لا متفرد او هو ظاهر و لا مع نزح الجميع اذ لا تضاعف مع نزح الجميع و ان قيل به في غيره فافهم ثمّ ان مورد النصّ هو وقوع الانسان في البئر و موته فيها لكن الحقوا به وقوعه ميتا اذا كان قبل التطهير و هل يفرق حينئذ بين المسلم و الكافر فيه ايضا الوجهان و في شرح الشرائع مع قوله بالفرق هناك حكم بعدم الفرق هاهنا و كان بنائه على ما ذكره بعضهم من منع بقاء نجاسة الكفر بعد الموت لزوال الاعتقاد الذى هو سبب النجاسة و العجب انه في شرح الارشاد منع ذلك المنع لانّ احكام الكفر باقية بعد الموت و من ثمّ لا يغسّل و لا يدفن في مقابر المسلمين و مع ذلك حكم بانّ كلام ابن ادريس اوجه نعم لو وقع في الماء ميتا اتّجه ما قالوه مع ظهور انّ الفرق بين المسألتين لا وجه له بعد ابطال المنع المذكور فتدبّر

قوله الكثير في نفسه عادة

و نقل عن القطب الرّاوندى انه قال الاعتبار في ذلك بماء البئر في الغزارة و النّزارة فربما كان دم الطير كثيرا في بئر يسيرا في اخرى و هذا انما يتّجه لو ورد الدم الكثير و القليل في النصّ و ليس كذلك بل في صحيحة علىّ بن جعفر عليه السّلام الفرق بين شاة ذبحت فاضطربت فوقعت في بئر ماء و اوداجها تشخب دما و دجاجة او حمامة ذبحت فوقعت في بئر و كذا رجل يستقى من بئر فرعف فيها حيث حكم في الاول بنزح ما بين الثلثين الى الاربعين دلوا و في الآخرين دلاء يسيرة و على هذا فلا وجه لاعتبار القلّة و الكثرة بالنسبة الى البئر كما لا يخفى بل يجب ان يعتبر ذلك في نفسه و يرجع في تحديدهما الى ما يستفاد من الخبر المذكور كما فعله الشارح هذا و لقد احسن الصّدوق رحمه الله حيث تبع الصحيحة المذكورة و قال بوجوب الثلثين الى اربعين في الكثير و بوجوب دلاء يسيرة في القليل و مال

ص: 14

اليه في المعتبر و حسّنه المصنف في الذكرى و امّا ما هو المشهور و اختاره المصنف هاهنا من وجوب الخمسين في الكثير و العشرة في القليل ففيه ما فيه و تفصيل القول في هذه المباحث في شرح الدّروس لوالدى طاب ثراه

قوله في الحاشية و فيه منع كل من الحكمين الظاهر انه اراد بالحكمين الحكمين اللّذين يستفاد من قوله فاذا استثنى الى آخره و هما استثناء الدّماء الثلاثة هنا من مطلق الدم و وجوب استثناء دم نجس العين ايضا على تقدير استثنائها و وجه منع الأول ان الدّم في النصّ الوارد بخمسين دلوا للدّم مطلق و اخراج الدّماء الثلاثة عنه في محل النّظر حيث لا نصّ و قوله ايضا يعنى به انه كما انّ اخراج دم نجس العين في محلّ النظر كذلك الدماء الثلاثة فكيف يجعل هذا امرا ثابتا و يقاس عليه ذلك و وجه منع الثانى انه لو سلم اخراج الدماء الثّلاثة فإلحاق غيرها بها قياس ممنوع و يحتمل ان يراد بالحكمين كون دم نجس العين ملحقا بالدماء الثلاثة في الصّلاة و وجوب استثناء دم نجس العين هنا بناء على استثناء الدّماء الثلاثة امّا منع الاوّل فلان الدم في النصّ الوارد بعفو قليله مطلق و اخراج الدماء الثلاثة عنه للنص او دليل آخر و امّا دم نجس العين فلا دليل فيه فالظاهر دخوله في الاطلاق و امّا منع الثانى فلوجهين احدهما ان اخراج الدماء الثلاثة ايضا هنا في محلّ النظر حيث لا نصّ فكيف يسلم ذلك و يقاس عليه غيره فلو سلّم فإلحاق غيرها بها قياس ممنوع و انت خبير بان ايراد الممنوع على هذا الوجه متوجّه جدّا لكن الظاهر من العبارة هو الوجه الاول و هاهنا احتمال آخر و هو ان يجعل الحكمان هما ما ذكرنا في الوجه الثانى و يجعل قوله فان الدّم في النص مطلق الى قوله و ايضا جاريا في كلّ من المسألتين امّا في مسئلة نزح الخمسين فقد استفيد بيانه مما ذكرنا و امّا في مسئلة عفو القليل فلاطلاق النصوص فيها و اخراج الدماء الثلاثة ايضا في محلّ النظر حيث لا نصّ اذ لم يظهر فيه نصّ سوى ما روى ضعيفا في خصوص الحيض عن ابى بصير موقوفا عليه و ليس قوله حجة فيصح القول بعدم النص فيها و لو سلّم فإلحاق غيرها بها ممنوع و هو ظاهر لكن لا يخفى ان الحكم باستثناء دم الحيض كانه مقطوع به في كلام الاصحاب و ان كان النص الوارد فيه على ما ذكرنا فيشكل القول بكونه محلّ النّظر الا ان يكون النّظر باعتبار الآخرين فانظر ثمّ هاهنا كلام آخر و هو انّه فيما راينا لم يوجد في الدم الكثير نصّ على وجوب الخمسين لا مطلقا و لا مقيّدا و انما الموجود صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام في رجل ذبح شاة فوقعت في بئر و اوداجها تشخب دما قال ينزح منها ما بين ثلثين الى اربعين ثمّ يتوضأ منها و هى كما ترى لا توافق الخمسين و مع ذلك مخصوصة بالشاة و الحاق نجس العين بها مشكل جدّا بل يمكن الاستشكال في غير الشّاة مطلقا فالظاهر الحاق دم نجس العين بغير المنصوص و كذا الكلام في دم الحدث و عند هذا يظهر لك ما في كلام الشارح رحمه الله فتأمّل نعم قطرات الدم الواقعة في صحيحة محمّد بن اسماعيل التى نقلناها سابقا تشمل باطلاقها دم الحدث كما اشرنا اليه هناك مع ما فيه من المناقشة و كذا دم نجس العين ايضا و قد عرفت انه بعد نفى القول بالجميع في القليل يمكن نفيه في الكثير ايضا بعدم القول بالفصل و جعل بناء كلام الشارح رحمه الله هاهنا عليه بعيد فتدبّر

قوله فيها و لو سلم فإلحاق غيرها بها ممنوع انت خبير بان من يقول بالحاق دم نجس العين بها هنا يقول بوجوب نزح الجميع له البتة اذ لو جعله ممّا لا نصّ فيه و قال بالثلثين او الاربعين فيه فيلزم من اخراجه من الحكم بالخمسين كون النزح له اقلّ من سائر الدماء و هو ظاهر الفساد كما يظهر مما ذكره من وجه التّخريج و حينئذ فقول الشارح و ايضا فانهم لم يلحقوه بها في نزح الجميع مع وجود العلّة فالاولى ان لا يلحق هنا ممّا لا وجه له اصلا نعم لو علم انهم لم يقولوا بنزح الجميع فيه فعليه ان يحكم بفساد الالحاق بناء على ذلك لا ان يقال انهم لم يلحقوه بها هناك مع وجود العلة فالاولى ان لا يلحق هنا كما ذكره الا ان يقال المراد انهم لم يذكروا دم نجس العين هناك و لم يحكموا بالحاقه بالدماء الثلاثة فالظاهر انّهم لم يلحقوه بها هنا ايضا و الّا لكان عليهم ان يذكروه هناك و فيه بعد جدّا او يقال المراد ان الظّاهر ان الحكم بوجوب الجميع في الدّماء الثلاثة هناك لكونها منصوصة بخصوصها لا لكونها ممّا لا نصّ فيه و حينئذ نقول انهم لم يلحقوا دم نجس العين بها هناك مع وجود العلة فالاولى ان لا يلحق هنا اى لا يقال بالحاقه بالدماء الثلاثة في الخروج عن الحكم بالخمسين و وجوب نزح الجميع و ان لم يكن باعتبار انّه منصوص بخصوصه بل لكونه ممّا لا نصّ فيه و فيه ايضا بعد او يقال المراد بما ذكره في الشرح من الالحاق الحاقه بها في الاستثناء من هذا الحكم باعتبار وجوب الخمسين لمطلقه بلا تفرقة بين قليله و كثيره كما في الصّلاة و فيه ايضا بعد لكن يتوجّه حينئذ ما ذكره في الحاشية هذا و قوله شك في شكّ مقول قول المصنف في الذكرى و سيجي ء عن قريب كلام متعلق بهذا المقام فانتظر

قوله و هو يقتضى التخيير

هذا اذا كان الترديد من الامام عليه السّلام و يحتمل ان يكون من الراوى و حينئذ يحتمل القول بوجوب الاكثر تحصيلا ليقين البراءة و الاكتفاء بالاقل اقتصارا على ما هو المتيقّن

قوله احوط او افضل

كانّ احتمال احوطية الاكثر لرعاية الخروج عن خلاف من اوجبه اذ على تقدير كون الترديد من الامام كما هو مقتضى كلامه كما اشرنا اليه حمله على احوطية الاكثر بعيد جدّا لندور مثل ذلك في كلامهم ع بل الظّاهر هو احتمال الافضلية فافهم

قوله و المراد من نجاسته

بالموت كان المراد بنزح الاربعين للمذكورات نزحه اذا مات فيها احدها باعتبار موته مع قطع النظر عن نجاسة خارجة و الّا فلا نجاسة في بعضها فلا نزح و ما نجس منها كالكلب و الخنزير فانما يجب فيه الاربعون اذا مات فيها و امّا اذا خرج حيّا فسيجي ء حكمه و امّا اذا كان مع احدهما نجاسة خارجة فلها حكمها و يتداخل الاقل في الاكثر على القول به و يتضاعف على القول الآخر لانّ الاربعين لمجرّد نجاسة موته حتى انّ ما نجس منها يجب مع الاربعين مقدار نجاسته ايضا اذا كان منصوصا كالكلب لورود النصّ بسبع بخروجه حيّا و مقدار ما لا نصّ فيه اذا لم يكن منصوصا كالخنزير على القول بالتضاعف و اكثر الأمرين من الاربعين و مقدّرة او مقدّر ما لا نصّ فيه على القول بالتداخل كما ذكره المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد لظهور ضعفه فان ظاهر النصوص ما اذا وقع احد هذه في البئر ثمّ مات فيها لانه المتعارف و لو لم تكن ظاهرة فيه فلا ريب في شمولها له و لا ريب ان الاربعين حينئذ انما يجب فيها باعتبار نجاسته و نجاسة الموت جميعا و لا معنى للقول باكثر الامرين او التضاعف حينئذ نعم لو كان الاربعون في وقوعه ميتا لاحتمل ما ذكره فيما اذا وقع فيها حيّا ثمّ مات بناء على جواز ان لا يبقى نجاسته الاصلية بعد الموت فتدبّر

قوله و المستند ضعيف

كانه اشارة الى ما نقله في شرح الارشاد من رواية علىّ بن ابى حمزة عن الصادق ع

ص: 15

قال سألته عن السّنور فقال اربعون دلو او الكلب و شبهه و هذه الرّواية رواها المحقق في المعتبر عن كتاب الحسين بن سعيد عن القسم عن على عنه عليه السّلام و لم اجدها في كتب الاخبار المشهورة على هذا الوجه بل رواها في التهذيب و الاستبصار بهذا السّند بعينه هكذا قال سألت ابا عبد اللّه عن الفارة تقع في البئر قال سبع دلاء و السّنور عشرون او ثلثون او اربعون دلو او الكلب و شبهه و روى ايضا فيهما في الموثق عن سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و ان كانت سنورا او اكبر نزحت منها ثلثين دلوا او اربعين دلوا او المشهور بينهم الاستدلال بهاتين الروايتين كما فعله الشيخ و غيره و لا يخفى عدم دلالتهما على تعيين الاربعين مع ورود روايات صحيحة بخلافهما بعضها بنزح دلاء و بعضها خمس دلاء و بعضها بنزحها الظاهر في نزح كلها و اعتذر الشيخ في التهذيب عن ذلك بما حاصله ان القول بالاربعين لرعاية الاحتياط فتأمّل

قوله و اطلاق الرجل يشمل المسلم و الكافر

و يحتمل اختصاص الحكم بالمسلم اذا الظاهر من الرواية ان هذا للبول نفسه فلو ضمّ اليه نجاسة اخرى لا يلزم منه جواز الاقتصار عليه كما سبق في مبحث موت الكافر في البئر لكن اكثر القائلين بالفرق هناك لم يفرقوا هاهنا و انما احتمله هاهنا بعض المتاخرين و لعل وجهه ان تحقق زيادة نجاسته في بول الكافر غير معلوم لعدم العلم بوصوله الى ظاهر بدنه و بتنجيس باطنه لبوله زيادة عن نجاسته في نفسه غير معلوم و لو سلم فهو متنجس و حكم المتنجس اذا وقع في البئر مما لم يظهر لى منقحا في كلام الاصحاب و مثله القول في عذرته و الشارح رحمه الله في شرح الارشاد مع حكمه في البول بعدم الفرق بين بول المسلم و الكافر لشمول الرجل لهما احتمل في العذرة اختصاص الحكم بالمسلم لزيادة النجاسة في الكافر بمجاورته و منه يظهر انّه يمكن اخراج دم نجس العين من حكم مطلق الدّم و ان لم تلحق بالدّماء الثلاثة في وجوب نزح الجميع بان توجب فيه زيادة على مقدار الدم مقدر نجاسته ان كان لها مقدّر او الثلاثون او الاربعون لو كانت ممّا لا نصّ فيه و هذا ما وعدناك هناك فتدبّر

قوله فيلحق بولهما ممّا لا نصّ

فيه قد تقدم صحيحة محمّد بن اسماعيل المتضمنة لنزح دلاء لقطرات البول و هى مطلقة و صحيحة معاوية بن عمار ايضا مطلقة في وجوب نزح الجميع لصبّ البول فيها و رواية كردويه مطلقة في وجوب نزح الثلثين لوقوع قطرة بول فيها و مع وجود هذه الروايات ادخال بولهما و كذا بول الصّبية فيما لا نصّ فيه كما ترى و منه يظهر ان حكمهم في بول الرّجل ايضا بالاربعين مع عدم صحة رواياتها و صحة المطلقتين لا يخلو عن غرابة و كانّه كان معهم قرائن اوجبت لهم ترجيح ذلك الخبر عليهما او حاولوا بما ذكروه الجمع بين الاخبار فحملوا الدلاء على الاربعين و الجميع على الاستحباب و يمكن تخصيصه بغير بول الرجل فتدبّر

قوله اكثر الامرين منه و من بول الرّجل

اى و من مقدر بول الرّجل و لا يخفى ان مثل هذه العبارة انما يحسن فيما يحتمل في كل منهما ان يصير اكثر من الآخر كما يقال لو تغيّر البئر بما له مقدر وجب اكثر الامرين من مزيل التغير و المقدر و امّا هاهنا فمعلوم ان مقدر بول الرجل امّا مساو لمقدر ما لا نصّ فيه او ازيد منه على المذهبين فكان ينبغى ان يقال وجب في بول الخنثى الاربعون مع احتمال الاجتزاء بالثلثين على الاول ثمّ ان الحكم بالاكثر بناء على احتمال كون الخنثى رجلا فيجب ما يجب لبوله و كونه امرأة او قسما ثالثا ان جوزناه فيكون مما لا نصّ فيه فيجب ما يجب فيه فيجب الاكثر ليقين البراءة و احتمال الاجتزاء بالاقل لانه المتيقّن و الاصل عدم وجوب الزائد ثمّ لا يخفى ان الاحتمالين جار في الخنثى على القول بنزح الجميع فيما لا نصّ فيه ايضا اذ يحتمل القول بوجوب نزح الجميع تحصيلا ليقين البراءة و يحتمل الاكتفاء بالاربعين لانه المتيقن و الاصل عدم وجوب الزائد فتخصيص الاحتمالين بالقولين مما لا وجه له و جعل قوله مع احتمال الاجتزاء بالأقلّ متعلقا بالسابق ايضا اى على جميع المذاهب بعيد جدّا فالأجود في العبارة ما ذكره في شرح الشرائع حيث قال و لا يلحق به بول المرء بل هو ممّا لا نصّ فيه و الاجود في بول الخنثى وجوب اكثر الامرين من الاربعين و موجب ما لا نصّ فيه لسلامته عما اوردنا من الخدشتين فتأمل

قوله و الجميع للبعض إلى آخره

كان تقرير الاشكال على هذا الوجه انما هو على الاصحاب حيث حكموا بوجوب الثلثين لذلك مع حكمهم بوجوب الخمسين لبعض افراد احدهما و هو العذرة الرطبة او الذائبة او الاربعين لبعض افراد اخرى كبول الرّجل و الجميع لبعض آخر كبول المرأة بناء على انه ممّا لا نصّ فيه عندهم و كذا الاخير و هو خرء الكلب و امّا على الرواية فلا يتوجه الاشكال على هذا الوجه لان الحكم بنزح الجميع لما لا نصّ فيه انما هو منا لعدم العلم بالمقدر و امّا الامام فهو عالم بالاحكام فلعلّه عليه السّلام علم ان مقدر بعض ما لا نصّ فيه من الابوال و خرء الكلاب لا يزيد عن الثلثين فالصواب في تقرير الاشكال على الرواية ان يقال ان ترك الاستفصال يدل على ان الحكم في جميع افراد هذه النجاسات كذلك مع وجوب الخمسين في بعض افراد العذرة و الاربعين في بعض افراد البول فكيف يكتفى بالثلثين في الجميع فتأمّل

قوله فجاز اضعاف ماء المطر إلى آخره

لا يخفى ان التمسّك بجواز اضعاف ماء المطر لحكمه يكفى لدفع الاشكال و لا حاجة فيه الى التمسك بكون مبنى حكم البئر على ما ذكره نعم ربما امكن ايضا دفع الاشكال به من غير حاجة الى الجواز المذكور بان يقال مبنى حكم البئر على جميع المختلف و تفريق المتفق و لا سبيل للعقل الى درك مبنى الاحكام التى وردت فيه فيجوز ان يكون لكل واحد منهما منفردا مقدر و مجتمعا مخالطا للماء مقدرا آخر اقل منه و ان لم يظهر لنا سره بل ربما يمكن ان يقال انه يجوز فيها ان يكون لكل واحد منهما منفردا حكم و مجتمعا حكم آخر فيجوز ان يكون مقدره منفردا ازيد منه مجتمعا و لعلّ ما نقله الشارح من غير المصنف انه اطلق ان الحكم معلّق بالجميع فيجب لغيره مقدّره او الجميع مبنى على هذا و مؤيّده ايضا ما اورده العلامة على ابن ادريس حيث جعل خروج الكلب حيّا مما لا نصّ فيه على طريقته و مع ذلك حكم بانه يكفى فيه نزح اربعين دلوا لثبوته عنده مع الموت فمع الحياة بطريق اولى و هو ان الحكم بالاولوية في البئر ممنوع و لهذا وجب في الفارة مع تفسخها و تقطع اجزائها و انفصالها بالكلية نزح سبع دلاء و اوجب نزح الجميع في البعرة منها لعدم ورود النص هنا و ثبوته هناك مع ان الاولية ثابتة هناك لاشتمال الفارة على البعرة مع زيادة لكن هذا الاحتمال مستبعد جدّا بل لا يبعد ان يقال كما ادّعاه والدى رحمه الله في شرح الدروس ان عدم نقصان قدر انتزح بسبب حصول نجاسة اخرى مما وقع الاجماع عليه بل كاد ان يكون من الضروريات و ما ذكره العلامة من مثال الفارة و مثلها الكلب و نحوها ففيه ان التفسّخ لا يستلزم وقوع البعرة فيها لجواز ان لا يكون في جوفها بعرة و مجرّد الظنّ لا يكفى في الحكم على ان البعرة قبل خروجها يمكن ان

ص: 16

لا ينجس الماء و ان فرض وصول الماء اليها و اتصالها بماء البئر و بعد تفسخ الحيوان و اضمحلاله لعلها انقلبت و استحالت الى غيرها فلا يمكن الحكم بوجوب مقدرها بمجرّد العلم بوجودها في الحيوان الذى وقع فيها بخلاف ما اذا وقعت فيها منفردة هذا و يمكن توجيه كلام الشارح بان نظره الى ان احتمال الاضعاف المذكور مع ملاحظة ان مبنى حكم البئر على ما ذكره يصير اظهر جدّا و يرتفع عنه الاستبعاد بالكلية بخلاف ما اذا لم يلاحظ ذلك فانه ليس بذلك الظهور فتدبّر

قوله و ان لم تذهب اعيان هذه الاشياء

اشارة الى ردّ ما ذكر المحقق الشيخ على رحمه الله في دفع الاشكال من تنزيل الرّواية على ماء المطر المخالط لهذه النجاسات مع استهلاك اعيانها اذ لا بعد حينئذ في ان يكون ماء النجاسة اخفّ منها و وجه الردّ انه لا حاجة الى التقييد باستهلاك اعيانها الصّحة احتمال اضعاف ماء المطر بدون ذلك ايضا و ان كان مع الاستهلاك اظهر و يرتفع عنه الاستبعاد بالكليّة لكن يشكل تقييد الرواية بمجرد ذلك بل الظاهر من الرواية بقاء اعيان النجاسات و اورد ايضا عليه في شرح الارشاد انه لو كان الحكم في ماء المطر المتنجّس بهذه الاشياء من غير ان تكون اعيانها موجودة لم يبق فرق بين ماء المطر و غيره و فيه تامّل اذ لا نسلم عدم الفرق بين ماء المطر و غيره على تقدير الاستهلاك و لو سلم فالتقييد في كلام الراوى و لعل البئر التى تعلّق غرضه بالسؤال عنها كانت كذلك فلا ضير لو لم يختلف الحكم باعتبار بعض القيود و هو ظاهر الا ان يكون نظره الى الرواية بل الى كلام الاصحاب اى انهم يفرقون في هذا الحكم بين ماء المطر و غيره فلا يمكن تنزيل فتوهم على ما ذكره فتأمّل

قوله كفت الثلاثون

نظرا الى القياس بالطريق الاولى

قوله ان لم يكن له مقدر

اراد بالمقدر ما يشمل المقدّر فيما لا نصّ فيه ايضا على القول بالاربعين او الثلثين فما لم يكن له مقدّر هو مما لا نصّ فيه كجزء الكلب و بول الخنثى و المرأة على القول بالجميع فيه و ما كان له مقدّر و كان المقدر اكثر كالعذرة الرطبة و بول الرّجل و كذا بول الخنثى و المرأة و الجزء على القول بالاربعين فيما لا نص فيه و كان له مقدر مساو اذا كان ممّا لا نصّ فيه على القول بالثلثين فيه و ما كان مقدره اقل كبول الصّبى و الرضيع و العذرة اليابسة

قوله ان حكم بعضها كالكل

و لا وجه له فيما كان مقدره اقل فينبغى اخراج ذلك كما فعله الشارح

قوله في الحاشية القول بان العشرة اكثر ما يضاف الى هذا الجمع اه كانّه حمل قوله يضاف الى هذا الجمع على انه يراد بهذا الجمع و الظاهر ان مراد الشيخ رحمه الله انه اكثر عدد يصير هذا الجمع مميّزا له و مضافا اليه له فان ما فوق العشرة مميّزة مفرد و حينئذ لا يرد الايراد الاول كذا افاده سلطان العلماء رحمه الله و لا يخفى ان قول الشيخ هذا الجمع باقحام هذا لا يلائم الحمل على ما حمله س على انه يرد عليه حينئذ ان هذا انما هو مع وجوده الاضافة و امّا اذا جرّد عنها فلم يقل احد ان حاله كذا فانه لا يعلم من قوله عندى دراهم ان ما اخبر به لم يزد على عشرة و لا اذا قال اعطه دراهم لم يعلم انّ المامور به لا يزيد عليها كما صرّحوا به

قوله فيها خصوصا مع وصفه باليسيرة فانه يؤيد الحمل على الاقل ان يجعل وصفا بيانيّا و هو بعيد و اعلم ان الشيخ و العلامة انما ذكرا ما نقل عنهما في الاحتجاج بصحيحة محمّد بن اسماعيل المتقدمة المتضمّنة لنزح دلاء في قطرات الدّم لا صحيحة علىّ بن جعفر المتضمنة لنزح دلاء يسيرة لذبح الدّجاجة و الحمامة و الرّعاف و هى التى اشار اليها الشارح رحمه الله هاهنا و توجيه كلام الشارح ان حمل الرواية الاولى على أيّ وجه من الوجهين يستلزم حمل الرواية الثانية ايضا عليه فما ذكراه في الرّواية الاولى كانه ذكراه في الرّواية الثانية ايضا و يتجه حينئذ ان الوصف باليسيرة انما يلائم الحمل على الاقل لا الاكثر فتدبّر

قوله فيها و قد تنبه في المختلف اه قال في المختلف بعد رده ما نقله عن الشيخ و يمكن ان يحتج من وجه آخر و هو ان يقال هذا جمع كثرة و اقلّه ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه عملا بالبراءة الاصلية و يمكن ان يحمل كلامه على انه يمكن ان يحتج بهذا الخبر على وجوب احد عشر لا العشر كما ذكره الشيخ و فيه تكلف لكن حمله على ما ذكره الشارح ايضا مع ظهور فساده لا يخلو عن تكلف فان الظاهر على ما حمله عليها يدلّ عليه فافهم

قوله و هو الحمامة فما فوقها

اراد بالحمامة ما يعمّ ما شابها في الجثّة اذ الفرض من التخصيص بالحمامة فما فوقها اخراج العصفور الذى يجب له دلو واحد كما سيجي ء و سيفسّره بما دون الحمامة فالمراد بالحمامة هاهنا ما يشمل جميع ما في جثّتها و ان لم يكن مأكول اللحم فافهم

قوله اعتبار تفسخها

اى تفرق اجزائها و في بعض نسخ بعض الاخبار التسلّخ بدل التفسّخ و اعلم ان الرّوايات الواردة بالسّبع في الفارة كثيرة بعضها صحيح و قد ورد ايضا اطلاق نزح الثلث فيها كصحيحة معاوية بن عمار و صحيحة بن سنان و قد جمع بينهما في المشهور بحمل السّبع على الانتفاخ او التفسخ و الثلث على ما اذا لم يحصل ذلك و استشهدوا لهذا الجمع ببعض الروايات الدالة على اعتبار التفسّخ في وجوب السّبع و كانها تصلح شاهدا للجمع و ان ضعف سندها كما اشار اليه الشارح و امّا صحيحة الفضلاء و صحيحة علىّ بن يقطين و رواية بقباق المتضمنة لنزح دلاء في الفارة فامرها سهل اذ يحمل الدلاء على الثلاثة و يقيد بعدم التفسّخ او على السّبعة و تقيّد به او يجعل شاملة لكل منهما و يمكن ايضا الجمع بينهما بالقول بالاكتفاء بالثلث و حمل السّبع على الاستحباب مع التغيّر او مطلقا مع زيادة تاكيد معه لكن ما ذكروه احوط

قوله و هو الذكر الذى زاد سنّه إلى آخره

هذا تفسير للصّبى الذى حكم بالسّبع له في المشهور حيث جعلوه مقابلا للرضيع و حكموا في بول الرضيع بدلو واحد و الا فالصّبي لغة اعمّ من الرضيع و ينبغى حمله في كلام المصنف هاهنا حيث لم يفرد الرضيع على المعنى اللغوى و هو الذكر الغير البالغ مطلقا و مستند الحكم بالسّبع صحيحة منصور عن عدّة من اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال ينزح سبع دلاء اذا بال فيها الصّبى او وقعت فيها فارة او نحوها و هى مع ارسالها معارضة بصحيحة معاوية بن عمار المتضمنة لنزح الجميع لبول الصّبى لكن لم يظهر قائل بها من الاصحاب و اما استثناء الرضيع و الحكم بدلو واحد في بوله فلا شاهد له كما سيشير اليه الشارح لكن في رواية على بن ابى حمزة نزح دلو واحد لبول الصّبى الفطيم فلعلهم حملوه على الرضيع و لا يخفى ما فيه مع التصريح بالفطيم اذ استدلوا بفحواه و يشكل بانه انما يتجه مع صحة المنطوق و هاهنا ليس كذلك عندهم الا ان يحمل الفطيم على المشرف على الفطم ثمّ ان الرضيع كما يفهم من كلام الشيخ الذى لم يأكل الطعام و قيده بعضهم بكونه غالبا على اللبن او مساويا له و فسّره ابن ادريس بمن كان له دون حولين سواء اكل ام لا و سواء فطم ام لا و فسّره الشارح بما فسّره و انما جعل الغالب اكله او المساوى في حكم الصبى لا من افراده حقيقة بناء على ما اشرنا اليه من انّ مرادهم بالصّبى هاهنا مقابل الرضيع و من كان رضيعا في الحولين فهو رضيع لغة و شرعا لكن اذا كان

ص: 17

اكله غالبا او مساويا فهو في حكم الصبى هاهنا على هذا القول و يبقى قسم آخر اهمل ذكره و هو ما فطم في الحولين و الظاهر انه داخل في الصّبى عنده و يمكن حمل الرضيع في كلامه على مطلق من كان في الحولين الذى هو سنّ الرضاع شرعا و يحمل الغلبة على ما يشمل الذى انتفى فيه الرضاع بالكلية و حينئذ فلا اهمال لكن لا يخفى ما فيه من التكلف و اذ قد عرفت عدم ورود نصّ في الرّضيع فلا حاجة بنا الى تحقيق القول في ذلك و ترجيح احد التفسيرات فتدبّر

قوله و غسل الجنب

و قال ابن ادريس لارتماس الجنب و ظاهره مطلق الارتماس و ان لم يكن للغسل و قيل لوقوع الجنب فيها و اكثر الاخبار يوافق الثالث و بعضها الاول و اما الثانى فلا شاهد له منها و لكن ابن ادريس ادّعى الاجماع عليه

قوله الخالى بدنه من نجاسة عينية

و امّا مع النجاسة فلكل نجاسة حكمها و احتمل العلامة رحمه الله كون الحكم باعتبار المنيّ لعدم انفكاك الجنب عنه غالبا و مال اليه المحقق ولد الشارح رحمه الله و على هذا فيجب ان يقيد بوجود نجاسة المنى و يحمل اطلاق الاخبار على خروجها على الغالب

قوله و مقتضى النص نجاسة الماء بذلك

ليس في النصوص الا الامر بنزح سبع دلاء لوقوع الجنب فيها او دخوله او نزوله او اغتساله على اختلاف الاخبار و اما ان ذلك لنجاسة الماء و لمجرد سلب الطهورية من دون نجاسة فلا يظهر منها بل كل منهما محتمل الا ان يقال ان الحكم بالنّزح و عدم التعرض لان ذلك لسلب الطهورية فقط مما يرشد الى انه للنّجاسة كما في ساير ما ورد فيه الامر بالنزح للنجاسة هذا ثمّ ان النجاسة بناء على الاحتمال الذى نقلنا عن العلامة ظاهر و اما على ما هو المشهور من اشتراط الخلوّ فلعلها بسبب ما يحدث فيه من النجاسة الحكمية باعتبار الاغتسال على القول بالتقييد به او بمباشرة بدن الجنب له عند الوقوع و النزول او لم يقيد بالاغتسال و لا الامتناع في ان يصير النجاسة الحكمية في بعض الموارد سببا للنجاسة العينية و لا عبرة باستبعاده كما لا عبرة باستبعاد ان يكون ماء البئر أسوأ حالا من القليل بل من المضاف ايضا لو لم يقيد الحكم بالاغتسال و اما احتمال سلب الطهورية فكان بناء على التقييد بالاغتسال و انه يوجب سلب الطهوريّة اذ لو لم يقيد بذلك فلا يظهر للتخصيص بسلب الطهورية وجه ثمّ هاهنا احتمال ثالث يلوح من كلام جماعة و هو ان يكون النزح تعبّدا محضا و كانه اظهر الاحتمالات و اظهر منه ان يقال انه لمجرّد التّنظيف من ثوران الحمأة بسبب نزوله و زوال النّفرة الحاصلة للطباع بدخوله او الاغتسال فيه فتأمّل

قوله و على هذا فان اغتسل مرتمسا

تفريع على الحكم بنجاسة الماء بسبب غسل الجنب فيه قال في المدارك اعلم انه قد ذكر جماعة من الاصحاب تفريعا على القول بالنجاسة ان الجنب اذا اغتسل مرتمسا طهر بدنه من الحدث و نجس بالخبث و ان اغتسل مرتبا أجزأه غسل ما غسله قبل وصول الماء الى البئر خاصة و النظر فيه مجال لتعلق الحكم عندهم على الاغتسال و هو لا يتحقق الا بالاكمال انتهى و كانهم نظروا الى تحقق الغسل في الجملة عند تحقق بعضه خصوصا ان الرواية التى هى مستند تخصيصهم الحكم بالاغتسال و هى رواية ابى بصير هكذا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يدخل البئر فيغتسل فيها قال ينزح منها سبع دلاء و يقال في العرف في اثناء الفعل انه يفعل كذا كما يقال في اثناء الصّلاة انه يصلّي لكن الحكم بمجرّد هذا لا يخلو عن اشكال و لذا اقتصر الشارح على ذكر الاحتمالين و لا يخفى جريان الاحتمالين في الغسل الارتماسى ايضا اذا كان خارجا عن الماء اذ الدفعة فيه عرفية لا حقيقية فعند ارتماس بعض الاعضاء يحتمل الحكم بنجاسة الماء لتحقق الغسل في الجملة و لانه يقال عرفا انه يغتسل نعم لو كان جميع البدن في الماء و نوى الغسل هناك و قلنا بصحّة هذا الغسل اتجه الجزم بما ذكروه و الظاهر على تقدير القول بنجاسة الماء بذلك و انها بسبب الغسل ما اختار صاحب المدارك من تعلق الحكم بالاكمال و الاحتمال المذكور في المرتب بعيد و في الارتماسى كانه ابعد و الاستصحاب يقتضى الحكم ببقاء الطهارة الى ان يثبت خلافها و لا يثبت ذلك بمجرّد الاحتمال سيّما مع بعده و اللّه يعلم

قوله مع اتصاله به او وصوله الماء اليه

اى اتصال الجزء الاول بالماء او بالعكس او وصول الماء اى ماء الغسل اليه اى الى ماء البئر لو كان العضو خارجا عنه و يحتمل بعيدا ان يحكم بنجاسة الماء بمجرد وصول الماء الى الجزء الاول و ان لم يتّصل بماء البئر و لم يصل اليه ماء الغسل اى اذا قام في البئر بان اتّصل بعض اعضائه بالماء و شرع في الغسل يحكم بنجاسة الماء بمحض وصول الماء الى الجزء الاول و لو كان خارجا عن الماء و لم يرجع اليه غسالته لتحقق الغسل فيه في الجملة فتأمل

قوله بل بما لا نصّ فيه

هذا على القول بالثلثين او الاربعين فيما لا نصّ فيه متّجه و امّا على القول بنزح الجميع فيشكل بانه اذا حكم بالاربعين لموت الخنزير فيه و هو مستلزم لدخوله حيّا فكيف يحكم بالجميع مع خروجه حيّا لظهور انّ موته فيه لا يخفف نجاسته و اخراجه حيّا لا يزيدها فالظاهر الاقتصار فيه ايضا على الاربعين نعم لو لم يقل احد بوجوب الخمسين في موته و لم يدخله في شبه الكلب او اكبر من السّنور على ما ورد في الروايتين هناك بل داخلا في نحو الثور و قال بنزح الجميع لصحيحة عبد اللّه بن سنان الواردة بنزح الجميع في الثور او نحوه على ما في التهذيب و ان لم يكن او نحوه في الاستبصار لامكن هاهنا الحاقه بغير المنصوص و في موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال و سئل عن بئر يقع فيها كلبا و فارة او خنزير قال ينزف كلها فيمكن العمل بهذه الرواية في الخنزير و جعلها شاملة لموته و حياته معا او تخصيصها بالموت و يجعل خروجه حيّا من غير المنصوص على ما ذكره الشارح لكن المشهور بين الاصحاب هو ما سبق و لم اقف على القول بوجوب نزح الجميع في موته من احد منهم فتأمّل

قوله فيجب تقييده بالجلّال إلى آخره

يعنى لو كان نصّ على وجوب الخمس فيه لاتّبعناه من غير حاجة الى التّقيد امّا تعبدا و ان كان خلاف ظاهر عبارة المصنف فان ظاهرها ان النزح في جميع المذكورات لتطهير البئر او بناء على احتمال ان يكون مطلقه منجسا في البئر و ان لم يكن منجسا في غيرها كما في غسل الجنب على بعض الاقوال على ما سبق او لانا حكمنا حينئذ بنجاسة ذرقه مطلقا مستند الى ذلك النصّ و اما اذا لم يظهر نصّ فاحداث القول بوجوب النزح له يتوقّف على الحكم بنجاسته فيجب تقييده بالجلّال ليكون نجسا لكن الكلام حينئذ في تقديره فيحتمل ما ذكره من الوجوه فتدبّر

قوله ليكون نجسا

اى عند المصنف رحمه الله فانه خص النجاسة بذرق الجلال و امّا غيره فقد ذهب بعضهم كالشيخ في غير كتابى الاخبار الى نجاسة ذرق الدّجاج مطلقا فحينئذ لا يلزم عليهم التقييد و المفيد رحمه الله مع انه نقل عنه القول بالنجاسة مطلقا خصّ هاهنا بالجلّال فتدبّر

قوله و عشر ادخالا له في العذرة

هذا الاحتمال ذكره المحقق رحمه الله في المعتبر و صرّح بان العشرة حينئذ في غير الذائب فان ذاب فاربعون او خمسون و يمكن تاييده بانّ نجاسة الجلّال باعتبار اكله العذرة فالظاهر

ص: 18

ان لا يزيد نجاسة عليها و رده في شرح الارشاد و غيره بان العذرة مخصوصة بفضلة الانسان و قد سبق من الشارح تفسيرها في هذا الكتاب ايضا لكن لم يثبت ذلك عندى ممّا رايناه في كتب اللغة و ان لم يثبت خلافه ايضا و هو يكفى وجها لما فعله في هذا الكتاب من التفسير اقتصارا في الحكم على المتيقن و امّا ردّ ما ذكره المحقق من الاحتمال فلا و يدل على عدم اختصاصها بفضلة الانسان ما سبق من مكاتبة محمد بن اسماعيل المتضمنة لنزح دلاء لسقوط شي ء فيها من عذرة كالبعرة و نحوها و منه يظهر احتمال الاكتفاء فيه بالدلاء مستندا الى هذه الصحيحة الا ان ثبت الاجماع على عدم جواز النقصان عن الخمس فحينئذ نقول بالخمس و يتمسّك في نفى الزائد بهذه الصّحيحة و يدل ايضا على عدم اختصاصها بفضلة الانسان ما في صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي و في ثوبه عذرة من انسان او سنّور او كلب الحديث ثمّ لا يخفى انه على ما ذكر من الاحتمالين لا اختصاص للحكم بذرق الدجاج بل يجرى في كل جلّال بل في مطلق و جميع ما لا يؤكل لحمه فالتخصيص به بناء على الخمس لان الاصحاب انما ذكروا الخمس فيه فتدبّر

قوله للاجماع على عدم الزائد ان تمّ

و كذا على عدم الناقص ان تم او يتمسّك في الناقص بعدم تيقن البراءة به ثمّ لا يخفى انه يشكل دعوى الاجماع على عدم الزائد بما نقل عن ابى الصّلاح انّه قال جزء ما لا يؤكل لحمه يوجب نزح الماء و ان كان بعد ثبوت الاجماع لا اعتداد بمخالفته او يحمل كلامه على ما لا يؤكل لحمه اصالة فتأمّل

قوله و الماخذ فيها ضعيف

كانه اراد به ما نقله بعده من التعليل و زيّفه و لا يخفى حينئذ استدراك هذا الكلام و يمكن ان يكون اشارة الى مأخذ آخر غير ذلك كاحتجاج العلّامة بموثقة عمار المتضمنة لان ما يقع في بئر الماء فيموت فيه اكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا و اقلّه العصفور ينزح منها دلو واحد و ما سوى ذلك فيما بين هذين وجه الاستدلال ان الحيّة يجب فيها اكثر من العصفور و الّا لم يختص القلّة بالعصفور و انما اوجب الثلث لمساواتها الفارة في قدر الجسم تقريبا او برواية اسحاق بن عمار المتضمّنة لان الدّجاجة و مثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان و ثلاثة وجه الاستدلال ان الحيّة لا تزيد على قدر الدّجاجة في الجسم و لا يخفى ضعف الماخذين مع ابتنائهما ايضا على ما ذكره من التعليل اذ لو لم يكن لهما نفس فلا توجب نزحا لما ورد انه لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة و ان كلما ليس له دم فلا باس به و استدل في المعتبر بصحيحة الحلبى قال اذا سقط في البئر حيوان صغير فمات فيها فانزح منها دلاء فينزّل على الثلث لانه اقلّ محتملاته و فيه مع بنائه ايضا على ثبوت النفس انّها مطلقة فيجب تقييدها بصحيحة ابن سنان المتضمنة لنزح سبع دلاء ان سقط في البئر دابّة صغيرة الا ان يمنع وجوب حمل المطلق على المقيّد و يقال انه ليس باولى من حمل المقيد على الاستحباب فتأمّل

قوله عدم استلزامه للمدّعى

و هى الثلث الا ان يتمسّك بانحصار القول فيها على تقدير النجاسة ان تم و يشكل ذلك بما نقله العلامة في المختلف عن علىّ بن بابويه في رسالته انّه قال اذا وقعت فيها حيّة او عقرب او خنافس او بنات وردان فاستق منها للحيّة سبع دلاء و ليس عليك فيما سواها شي ء و نقل المحقق في المعتبر عبارة الرّسالة و فيها موضع سبع دلاء دلوا واحدا و على الوجهين فيشكل دعوى الانحصار المذكور و ان كان على الثانى يمكن حملها على ما اذا خرجت حيّة لكن ذكر صاحب المعالم ان فيما عندنا من نسخة الرّسالة القديمة التى عليها آثار الصحة دلاء بدون السّبع و حينئذ ينطبق على الثلث فتأمّل

قوله و لا شاهد له كما اعترف به المصنف رحمه الله إلى آخره

هذا من الشارح رحمه الله غريب جدّا فان الشيخ ره قد روى في التهذيب و الاستبصار في الصّحيح عن معاوية بن عمّار قال سألت ابا عبد اللّه ع عن الفارة و الوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء و في الصحيح ايضا عن ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام مثله و مع وجودها بين الرّوايتين كيف يحكم بانه لا شاهد له و اعجب منه نسبة الاعتراف بذلك الى المصنّف في غير البيان مع انه قال في الذكرى و ثلث للوزغة عند الصّدوق و الشيخين و اتباعهما لقول الصّادق عليه السّلام و قال في الدروس و ثلث للوزغة و العقرب و قيل يستحب لهما و كانه وقع سهو في الكتابة و كان من قصده ان يكتب ذلك في العقرب فسها و كتب في الوزغة و ذلك لان المصنف رحمه الله قال في الذكرى بعد ما نقلنا و للعقرب عند الشيخ و اتباعه و لا نصّ صريحا فيه و قيل فيهما بالاستحباب لعدم النجاسة و جواز ان يكون لضرر السّم انتهى فقد اعترف في الذكرى في العقرب بما نقل لكن يبقى انه رحمه الله في الدروس لم يعترف بذلك في العقرب ايضا بل عبارته هى ما نقلنا

قوله و ربما قيل بالاستحباب

انّما في الوزغة و العقرب لعدم النجاسة لعدم النفس و لعلّه اى الاستحباب لدفع و هم السّم

قوله و هو ما دون الحمامة

لا يخفى انّ هذه ليس معنى العصفور لغة و لا عرفا اذ ذكر بعضهم انه نوع من الطير و ذكر جماعة انه الاهلىّ الذى يسكن الدور فلعلّه تفسير لمرادهم بالعصفور هاهنا فانهم اراد و العصفور و شبهه كما صرّح به اكثرهم لكن فيه ان النصّ مخصوص بالعصفور و التعدى منه الى ما يشبهه في القدر و الجثّة لا بدّ له من دليل و الشهرة بمجرّدها لا تكفى دليلا فلا يبعد ان يقال باختصاص الحكم بالعصفور و ادخال ما شابهه في الطير او في الشي ء الصغير و قد ورد في كل منهما نزح الدلاء و قد ورد ايضا في الطير تحديدها بالسّبع و الخمس ثمّ على تقدير التعدى الى ما شابهه في الجثّة بحسب النوع لا باعتبار صغره و نقل عن الشيخ نظام الدّين الضميرى شارح النهاية التعدى الى صغير كل طائر اذا كان بقدر جثة العصفور

قوله و قيده في البيان بابن المسلم

و الا فلا يكفى الواحدة لنجاسة كفره و مبناه على ما ذكرنا من الاحتمال في بول الرّجل فتذكّر

قوله فان اللازم من اطراحه كونه ممّا لا نصّ فيه

هذا على تقدير اطراح جميع ما ورد في بعضها لكن في الباب ربما ورد مقدّر آخر يكون العمل به ارجح مما عليه المشهور فينبغى النظر في ذلك و التأمّل فتأمّل

قوله كل اثنين منها يستريحان الآخرين

بان ينزح اثنان في وقت بان يكون احدهما فوق البئر و الآخر في البئر و يملأ الدلو و ينزح الآخر ثمّ يستريحان فيقوم الآخران مقامهما هكذا ذكره بعض الاصحاب و ذكر والدى طاب ثراه في شرح س انه لا دليل على لزوم كون احدهما فوق البئر و الآخر فيها و لا يبعد ان يتحقق بكونهما فوق البئر يتشاركان في النزح سواء تشاركا في اخراج الدّلو او يخرج احدهما دلو و يتناولها الآخر للافراغ

قوله من اول النهار الى الليل

اى يوم الصوم من طلوع الفجر الى غروب الشمس كما صرح به المصنف في الذكرى مستندا بانه المفهوم من اليوم مع تحديده بالليل و في المعتبر جعل ذلك احوط قال صاحب المعالم و ما ذكره المحقق من الاحوطية حسن و امّا كلام الشّهيد ففى موضع النظر لان الحمل على يوم الصوم يقتضى عدم الاجتزاء

ص: 19

باليوم الذى يفوت من اوّله جزء و ان قلّ و عباراتهم لا يدلّ عليه بل ظاهرها ما هو اوسع من ذلك و لفظ الرواية محتمل ايضا لصدق اسم اليوم و ان فات منه بعض الاجزاء اذا كانت قليلة و بالجملة هذا التدقيق اللازم من جعله يوم صوم مستبعد و قد تبعه على ذلك المتاخرون فاوجبوا تفريعا على القول بالوجوب ادخال جزء من الليل اوّلا و آخرا من باب مقدّمة الواجب و جعله في الذكرى اولى لتحقق حفظ النهار و ربما اوجب بعضهم تقديم التأهّب بتهيّة الآلات قبل الجزء المجعول مقدمة و هذه الفروع كلها غير واضحة كالاصل انتهى و هو احسن

قوله و لا يجزى مقدار اليوم إلى آخره

بخروجها من النصّ و عدم العبرة بالقياس

قوله و يجزى ما زاد على الاربعة

قال في الذكرى الظاهر اجزاء ما فوق الاربعة لانه من باب مفهوم الموافقة ما لم يتصوّر بطء بالكثرة انتهى و انت خبير بانّه لا حاجة الى التمسّك بالمفهوم اذ ليس حديث الأربعة في الرّواية التى هى مستند الحكم بل فيها هكذا فان غلب عليها الماء فلينزف يوما الى الليل ثمّ يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما الى الليل و قد طهرت و استنباطها من اثنين اثنين كما ترى هذا اذا حمل الكلام على ما هو الظاهر من الزيادة على الاربعة مع تراوحهم اثنين اثنين و يمكن حمله على الزيادة على الاربعة بمعنى الزيادة على الاثنين في كل نوبة او في بعض النّوبات و حينئذ يتجه ما ذكره من التمسّك بمفهوم الموافقة لانه اذا كفى الاثنان فالزائد عليهما بطريق اولى هذا و اما ما ذكره من التقييد بعدم تصور بطء فكانه لا يخلو عن وجه اذا كان زائدا زيادة يعتد بها و احتمال تصوّر البطؤ بالكثرة على الوجه الاول باعتبار ان قطع كل اثنين منه و ذهابهما و و اشتغال آخرين بدلهما يستلزم فصلا يخلو عن النزح فاذا تكرر هذا التبديل باعتبار كثرة الجماعة كثر الفصل المذكور و زاد البطؤ و على الوجه الثانى باعتبار ان كثرة المباشرين قد يمنعهم عن العمل و توجب البطؤ فتأمّل

قوله دون ما نقص

هذا هو الوجه عملا بظاهر الرواية و في شرح س و استقرب في التذكرة الاجتزاء بالاثنين القويين اللّذين ينهضان بعمل الاربعة و فيه اشكال و كان كلام المصنف في الذكرى ايضا ناظر اليه حيث قال و اما الاثنان الدائبان فالاولى المنع للمخالفة حيث قيد الاثنين بالدائبين انتهى و كانه رحمه الله حمل الدائبين على اثنين يقومان بعمل الاربعة بلا تعب فجعله ناظرا الى جواز الاكتفاء بالاثنين اذا نهضا بعمل الاربعة بلا تعب و الظاهر انه اراد بالدائبين المجدين اللذين اعتادا بالتعب و مزاولة الاعمال فينهضان بعمل الاربعة من غير تعب و حينئذ فليس فيه نظرا الى ما في التذكرة نعم لم يحكم بذلك الا على سبيل الاولويّة فتأمّل

قوله و يجوز لهم الصّلاة جماعة

فان الفضيلة الخاصة لا تحصل الا بها و اما الصّلاة جميعا فلا وجه لتجويزها فياتى كل منهما بها في وقت راحته و منع بعضهم من الاوّل ايضا و هو احوط

قوله و لا الاكل كذلك

و في الذكرى جوز ذلك ايضا و علله باقتضاء العرف له و فيه اشكال اللّهم الا على ما ذكره صاحب المعالم من التّوسعة في باب التقدير لليوم فتأمّل

قوله و هو حسن عملا بمفهوم القوم إلى آخره

الظاهر انه تحسين لما صرّح به المصنف في غير الكتاب من اعتبار الرجال اى اشتراط الذكورة و البلوغ جميعا و التمسّك بمفهوم القوم اى مدلوله في كل منهما اذ قالوا انه لا يتبادر منه في العرف الا الرجال و لنصّ جماعة من اهل اللغة على ذلك قال في الصحاح القوم الرّجال دون النساء و ربما دخل النساء فيه على سبيل التبع و قال في يه القوم في الاصل مصدر قام فوصف به ثمّ غلب على الرّجال دون النساء و لذلك قابلهنّ به يعنى في قوله تعالى لٰا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ وَ لٰا نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ و قد قابلهنّ الشاعر ايضا في قوله

ا قوم آل حصن ام نساء

و قال المحقق في المعتبر ان علمنا بالخبر المتضمّن لتراوح القوم اجزاء النساء و الصّبيان و كانه اعتقد اطلاق القوم على النساء و الصبيان ايضا اما الاول فلاختلاف اهل اللغة في ذلك قال في القاموس القوم الجماعة من الرّجال و النساء معا او الرجال خاصّة او يدخله النساء على التّبعية و اما الثانى فلانه و ان لم يظهر من اهل اللغة تصريح بذلك لكن ما ذكروه لا يأبى عنه ايضا اذ يمكن ان يكون مرادهم بالرجال هو الذكور بقرينة المقابلة بالنساء فلعلّه ظهر له ما دلّ على دخول الصبيان ايضا و الاحوط اعتبار الرّجال و اجتزاء بعض الاصحاب بالنساء مع عدم قصور نزحهنّ عن نزح الرّجال و كذا الصّبيان و الخناثى و كانّه نظر الى اشتراك العلّة و فيه اشكال

قوله و لو تغيّر ماء البئر إلى آخره

في المسألة اقوال منتشرة جدّا و التفصيل في شرح الدروس لوالدى طاب ثراه

قوله جمع بين المقدّر و زوال التغيّر

ظاهره الاتيان بكل منهما على حدة بان ينزح حتّى يزول التغيّر ثمّ ينزح المقدّر كما هو احد الاقوال في المسألة لكن الشارح رحمه الله كانّه رأى القول بوجوب اكثر الامرين اقوى فحمله عليه و ربما يؤيد ذلك تقديم المقدر في العبارة على زوال التغيير اذ لو كان المراد الجمع بينهما على ظاهره لكان الانسب تقديم زوال التغيّر اشارة الى طريق الجمع فافهم

قوله ففى الاكتفاء بمزيل التغير إلى آخره

هذا القول اختاره صاحب المعالم و صاحب المدارك و والدى طاب ثراهم نظرا الى صحيحة محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السّلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شي ء الا ان يتغير ريحه او طعمه فينزح منه حتى يذهب الريح و يطيب طعمه لانّ له مادّة و صحيحة ابى اسامة و فيها و ان تغيّر الماء فخذ منه حتى يذهب الريح و موثقة سماعة و فيها و ان انتن حتّى يوجد الريح النّتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن في الماء و رواية زرارة و فيها فان غلب الرّيح نزحت حتى تطيب وجه الاستدلال ان ظاهر هذه الاخبار طهارتها بعد زوال التغير مطلقا لكن فيما له مقدّر اذا دلّ الدليل على وجوب نزح المقدر بمجرد الملاقات فيدل على وجوب نزحه مع التغير ايضا بطريق اولى فيحكم بالجمع بينهما بمعنى اكثر الامرين فان حصل المقدّر و بقي التغير ينزح ايضا حتى يزول التغيير بالكليّة و ان زال التغير و لم يتم المقدر نزح ما بقي من المقدّر فيخصّص عموم تلك الاخبار فيما له مقدّر بما عدا هذه الصّورة و امّا فيما لا مقدر له فيبقى عموم تلك الاخبار فيما له مقدر بما عدا هذه الصّورة و اما فيما لا مقدر له فيبقى عموم تلك الأخبار سالما عن المعارض فيحكم بطهارتها بزوال التغير بها و الظاهر ان مرادهم بالمقدر ما يشمل نزح الجميع ايضا فيما قدّر له ذلك كالخمر ففيه ايضا لا يكتفى بزوال التغيّر بل يجب نزح الجميع و ان زال التغير قبله و ذلك بجريان ما ذكر في ما له مقدّر فيه ايضا فانه اذا وجب فيه نزح الجميع بمجرد الملاقات فمع التغير بطريق اولى ممّا لا مقدر له هو ما لا نصّ فيه على القول بوجوب نزح الجميع له فان ذلك عندهم ليس مستندا الى تقدير شرعى حتى يجرى فيه ايضا ما ذكر من الدليل بل باعتبار العلم بنجاسة البئر على القول بها و عدم العلم بمطهرها فينزح الجميع ليحصل اليقين و على هذا فمع التغير لما وجد الدليل الشرعى على طهارتها بالنزح الموجب لزوال التغير و هو ظاهر الاخبار المذكورة فيعمل به و لا حاجة الى نزح الجميع

ص: 20

لتحصيل اليقين لكنه يلزم حينئذ كون امر التغيّر اهون من الملاقات في هذه الصّورة اذ مع التغيّر ربما زال التغيّر بنزح دلاء و مع الملاقات لا بدّ من نزح الجميع البتّة فيكون امر الملاقات اشكل لكن كانه لا محذور فيه اذ الحكم بوجوب نزح الجميع مع الملاقات ليس حكما شرعيّا اصليّا حتى يستبعد من زيادته على حكم التغير بل انما نشاء من عدم علمنا بالمطهّر فلا ضير في زيادته على ما علم شرعا من حكمه مع التغيّر اذ عدم العلم كثيرا ما يوجب صعوبة الامر نعم يتجه ان يقال انّ في صورة الملاقات بنجاسة اذا قدر تغيّرها بها و نزحت حتى يعلم زوال التغيّر به على تقدير وجوده فحينئذ ينبغى ان يحكم بالطهارة بذلك و عدم الاحتياج الى نزح جميع الماء بناء على انه اذا كان هذا مطهّرا على تقدير التغيّر فبدونه بطريق اولى و كانهم لا يتحاشون عنه لو فرض حصول هذا العلم هذا و ظنّى ان الروايات المذكورة سوى رواية محمد بن اسماعيل لا ظهور لها في حصول الطهارة بعد زوال التغير مطلقا بل لا يبعد حملها على انه مع التغير لا بد من النزح حتى يزول التغير و لا يكفى حصول ما ذكر من النزح المقدّر و الحاصل انه لا بدّ باعتبار التغيّر من النزح حتى يزول التغير من النزح مطلقا و هذا لا ينافى وجوب شي ء آخر ايضا بعده كما اذا اراد مقدّره على ما يوجب زوال التغيّر فحينئذ فتبقى الاخبار المذكورة على عمومها في الجميع و لا يستفاد منها فيما لا نصّ فيه بعد النزح المزيل للتغير الا حصول ما وجب بسبب التغير لا طهارة البئر مطلقا فيتوقف الحكم بالطهارة على حصول ما هو مقتضى احد الاقوال فيما لا نصّ فيه و اما رواية محمد بن اسماعيل فهي و ان كان ظاهرها دفع الفساد و حصول الطهارة بعد زوال التغير لكن ذلك باعتبار دلالة صدر الخبر على عدم نجاسة الا بالتغير و الكلام هاهنا على القول بنجاسة البئر بالملاقات و حينئذ فيجب تاويل تلك الرّواية و بعد تاويلها كانه لا يبقى ظهورها فيما ذكرنا و بما قررنا ظهر ان القول الثانى هاهنا كما اختاره الشارح على تقدير القول بوجوب نزح الجميع فيما لا نصّ فيه لا يخلو عن وجه فتأمل

قوله و لو اوجبنا فيه ثلاثين او اربعين الى آخره

و ذلك لان القول باحداهما لا بدّ ان يكون عن مستند شرعىّ اذ عدم العلم بالمطهر لا يوجب الحكم بتعيين الثلثين او الاربعين و حينئذ فحكمه حكم ما له مقدر شرعا فيعتبر في التطهير اكثر الامرين و حينئذ فيختصّ عموم الاخبار المذكورة في الجميع بما اذا زال التغير بعد حصول المقدر او معه و لا يخلو عن بعد و الاظهر حملها على ما ذكرنا من توقف حصول الطهارة بعد التغير على زوال التغير لاكتفائه ذلك في حصولها حتى لا يحتاج الى هذا التخصيص فتأمل

[مسائل]

[المسألة الأولى المضاف ما لا يصدق عليه اسم الماء بإطلاقه]

قوله مع صدقه عليه مع القيد

يستفاد هذا من مفهوم عبارة المصنف بناء على ما هو المشهور من ان نفى المقيد يرجع الى القيد و يفيد اثبات الاصل فلا يتوهم فساد تعريفه بدون القيد لصدقه على كلّ ما لا يصدق عليه الماء اصلا و لا حاجة الى الاعتذار بان التعريف لفظىّ و لا يضرّ فيه كون المعرف اعم كما ذكره المحقق الشيخ على رحمه الله و لا الى جعل ما عبارة عن الماء بقرينة ان الكلام في المياه و يراد به ما يصدق عليه الماء في الجملة لما فيه من التكلّف

قوله اختيارا و اضطرار

و يلوح من كلام ابن ابى عقيل جواز استعماله في رفع الحدث و الخبث مع الاضطرار

قوله برفعه مطلقا

اى مطلق المضاف لا خصوص ماء الورد الذى ذكره الصّدوق

قوله مع اتّصاله بالكثير المطلق

اى على الوجه السّابق في تطهير المياه مع زيادة هى امتزاجه بحيث يصل الماء الى جميع اجزائه عرفا لتوقف صيرورته ماء مطلقا عليه كما سيشير اليه الشارح في دفع القولين فافهم

قوله و مقابله طهره باغلبيته الكثير المطلق الى آخره

قال المصنف رحمه الله في الذكرى و طهره في المبسوط باغلبية الكثير المطلق عليه و زوال اوصافه لزوال التسمية التى هى متعلق النجاسة و العلامة رحمه الله تارة بزوال الاسم و ان بقي الوصف لانه تغيّر بجسم طاهر بالاصالة و تارة بمجرد الاتصال و ان بقي الاسم لانه لا سبيل الى نجاسة الكثير لو تغير بغير النجاسة و قد حصل و الثانى اشبه انتهى و قال العلامة رحمه الله في المختلف قال الشيخ المضاف اذا وقعت فيه نجاسة نجس قليلا كان او كثيرا على ما قدمناه و لا يطهر الا بان يختلط بما زاد عن الكر من المطلق ثمّ ينظر فان سلبه اطلاق اسم الماء لم يجز استعماله بحال و ان لم يسلبه اطلاق اسم الماء و غيّر احد اوصافه اما لونه او طعمه او ريحه لم يجز ايضا استعماله و الحق عندى خلاف ذلك في موضعين احدهما انّا لا نشترط امتزاجه بما زاد عن الكر بل لو مزج بالكر و بقي اطلاقه جاز استعماله الثانى ان تغير احد اوصاف المطلق مع بقاء الاسم باحد اوصاف المضاف لا يخرج المطلق عن الطهوريّة لان المضاف انما نجس بالمجاورة لا بالاصالة فهو في اصله طاهر و تغيّر المطلق باوصاف المضاف ليس تغيّرا بالنجاسة و ان كان تغيّرا بالنجس و احدهما غير الآخر و المقتضى لرفع الطهارة انما هو الاول لا الثانى انتهى و لا يذهب عليك ان في مذهب الشيخ رحمه الله على ما صرّح به يشترط ان لا يسلب اطلاق اسم الماء عن الكثير الوارد و كذا عدم تغير شي ء من اوصافه و اما المضاف فيمكن ان يكتفى باختلاطه بكثير كذلك في الجملة و ان بقي اسمه و وصفه او انه يعتبر فيه ايضا ما اعتبر في الكثير و يكون مراده من الاختلاط هو الاختلاط على وجه لا يبقى الامتياز بينهما هذا هو الظاهر اذا عرفت هذا علمت ان ما نقله الشارح من القول الاول لا يحتمل مذهبا من المذاهب المنقولة سوى هذا المذهب و لا ينطبق عليه ايضا امّا على الوجه الثانى الذى هو الظاهر فلانه و ان امكن حمل ما نقل عليه بان يحمل قوله و زوال اوصافه على زوال اوصاف المضاف و يدعى انّ زوال اوصافه يستلزم زوال التّسمية ايضا و ان زوالهما عن المضاف يستلزم عدم اتّصاف المطلق بهما بالطريق الاولى او بناء على ان المراد الاختلاط بينهما بحيث لا يبقى الامتياز بينهما لكن حينئذ لا يتوجّه عليه ما اورده اصلا بل شرائط هذا المذهب حينئذ اكثر من شرائط مذهب المصنف كما لا يخفى و امّا على الوجه الاول فلانه بعد التكلّف في حمل المنقول على ذلك بان يحمل قوله و زوال اوصافه على زوال اوصاف المضاف عن المطلق اى عدم اتّصافه بها و يدعى انّ ذلك يستلزم عدم سلب الاسم عنه يتوجّه عليه ايضا انه حينئذ لا يتوجّه ما اورده عليه من اصالة بقاء النجاسة اذ على هذا بين شرائط مذهب المصنف و مذهب الشيخ عموم و خصوص من وجه كما لا يخفى و لا يمكن لأحد منهما ان يتمسّك باصالة بقاء النجاسة الا ان يتكلّف و يقال مراده الردّ على الشيخ في صورة بقاء المضاف على حاله و اما ان في صورة صيرورته مطلقا و تغيّر المطلق باحد اوصافه يلزم على مذهب المصنف الحكم بالطهارة و على مذهب الشيخ عدمه و الاصل معه فلعلّه تمسّك في ردّ مذهب الشيخ حينئذ و الخروج عن الاصل بشي ء آخر و ليس كلامه هنا فيه بل في المطلب الاوّل و هو بعيد جدّا و الظاهر انّ مراده بزوال اوصافه هو اوصاف المضاف و ظنّى ان هذا المذهب هو انه يكفى اغلبيته الكثير المطلق و زوال

ص: 21

اوصاف المضاف و ان بقي الاسم بناء على ان زوال الاوصاف لا يستلزم زوال الاسم و الاظهر حينئذ ان يكون قوله و ان بقي الاسم متعلّقا بكلا المذهبين و كانه ظن ايضا ان زوال الاسم يستلزم زوال الاوصاف و على هذا فما اورده متوجه عليه لكن يرد عليه ان هذا المذهب لا ينطبق على شي ء من المذاهب المنقولة في هذه المسألة كما لا يخفى هذا و يمكن توجيه كلام المبسوط بوجه ينطبق على مذهب المصنف و هو ان يحمل الاختلاط فيه على ما ذكرنا من الاختلاط الرافع للامتياز بينهما و يحمل تغيّر احد اوصافه على تغيّر المضاف بما فيه من النجاسة احد اوصاف المطلق و الحاصل انه يشترط عدم سلب اسم الماء عن هذا المختلط و عدم تغيّر احد اوصافه بما في المضاف من النجاسة اذ مع تغيره كذلك لا ريب في نجاسته و يمكن ان يقرأ سلبه و يسلبه و غيّر على المجهول فيكون المعنى ثمّ ينظر بعد الاختلاط في المضاف فان سلب عنه بعد ذلك ايضا اسم الماء او تغيّر احد اوصافه بما وقع فيه من النجاسة لم يجز استعماله و ان لم يتغير احد اوصافه به و لا سلب عنه اسم الماء جاز استعماله و حينئذ فينطبق على مذهب المصنف الظاهر ان المصنف رحمه الله و غيره ممن لا يشترط عدم تغيّره كذلك احاله على الطهور و حينئذ يندفع عنه ما اورده العلّامة من الوجه الثانى و يمكن ان يجاب عنه ايضا بانه انما يتوجه لو حمل الاختلاط على الاختلاط الرافع للامتياز و اما لو حمل على الاختلاط الغير الرافع و جعل ضمير استعماله راجعا الى المضاف لا الى المطلق فلا اتجاه له كما لا يخفى و اما ما اورده اولا فالامر فيه هيّن اذ اعتبار الزيادة يمكن ان يكون لرعاية الاحتياط و انه ما لم يزد على الكر لا يحصل اليقين بكرّيته غالبا فتدبّر ثمّ انّ في تطبيق ما نقله المصنف رحمه الله ايضا في الذكرى عن الشيخ على ما ذكره اشكالا و كانّه حمل كلام الشيخ على الوجه الثانى الذى ذكرنا و مراده انه طهّره باغلبيّة الكثير المطلق عليه و زوال اوصافه اى اوصاف المضاف لنزول تسميته التى هى متعلّق النجاسة فقد اشترط زوال الاسم و الوصف معا لكن اشار الى ان ضابط زوال اللام هو زوال الاوصاف و بناء الكلام على ما اشرنا اليه من ان زوالهما عن المضاف يستلزم عدم اتّصاف المطلق بهما بالطريق الاول او ان المراد الاختلاط بينهما بحيث لا يبقى الامتياز بينهما و هو اظهر و حينئذ فينطبق على ما ذكرنا في الوجه الثانى لكن فيه ان جعل مناط زوال الاسم هو زوال الاوصاف مما لم يذكره الشيخ و ليس بمسلم ايضا بل الظّاهر انه يمكن زوال الاسم بدون زوال بعض الاوصاف كما يستفاد من كلامه ايضا فلا وجه لجعل بناء كلام الشيخ عليه و لو قيل انّه توجيه لاشتراط زوال الاوصاف بقدر الامكان اذ ليس له وجه آخر ففيه انه ليس كذلك بل الشيخ استدل على ذلك الاشتراط بوجه آخر كما يظهر بالمراجعة فتأمل هذا و في تطبيق ما نقله عن العلّامة ايضا على ما ذكره اشكال و الاظهر في توجيهه ايضا ما اشرنا اليه من جعل بناء الكلام على ان المراد الاختلاط بينهما بحيث لا يبقى الامتياز بينهما و حينئذ فالمراد انه طهّره بزوال اسم المضاف عن هذا الماء المختلط و ان بقي الوصف ثمّ فيما استدل به على ما نقله عن العلامة ثانيا ايضا تامّل فان غاية ما يدلّ عليه عدم تنجس الكثير و اما طهارة المضاف المتصل به فلا و كان هذا المذهب من العلامة رحمه الله كما يظهر من كتب التى اختاره فيها كالمنتهى و القواعد هو اشتراط اختلاطه بالكثير بحيث لا يبقى الامتياز بينهما و ان بقي الوصف و الاسم اى اتّصف هذا الماء المختلط بهما و حينئذ فلعلّ لما استدل به عليه وجها و لك ان تحمل عبارة الذكرى ايضا على هذا بان تحمل الاتصال على الاختلاط و الامتزاج كما رجح في عبارة المنتهى و القواعد فتأمّل و اعلم انه على المذهب الثانى للعلامة لا يحصل الّا طهارة المضاف لا طهوريّته كما صرح به العلّامة و امّا على القولين الآخرين فيصير مطهّرا ايضا و هو ظاهر و ايضا ذكر المحقق الشيخ على رحمه الله انه على المذهب الثانى انما يحصل الطهارة اذا لقى المضاف النجس في الكرّ لا بالعكس لنجاسة مكانه من الاناء و نحوه بالمضاف النجس و منع المضاف من وصول الماء اليه فكيف يطهر المضاف مع نجاسة مكانه لكن ظاهر كلام العلامة رحمه الله في هى صريح في خلافه فانه قال

و طريق تطهيره حينئذ القاء كرّ فما زاد عليه من الماء المطلق الى آخر ما ذكره فلعلّه حكم بطهارة المكان ايضا تبعا فتدبّر

قوله شرطه وصول الماء الى كل جزء من النجس

اى من الاجزاء التى يمكن فرضها فيه عرفا و اما وصوله الى كل جزء يمكن فرضه فيه بحسب نفس الامر فلا يتصور لاستحالة التداخل فافهم

قوله و هو الماء القليل الذى باشره الى آخره

كانه ليس المراد ان هذا معنى السؤر لغة بل انه المراد بالسؤر هاهنا اذ السّؤر في اللغة بمعنى البقيّة كما في القاموس و النهاية و ما ذكره في المعالم من ان السؤر في اللغة ما يبقى بعد الشرب قاله الجوهرى كانه توهّم منه قال في الصّحاح سؤر الفارة و غيرها و الجمع الاسآر و قد اسار و يقال اذا اشربت فاسار اى يقال شيئا من اشراب في قعر الاناء و لا يخفى ان هذا الكلام منه لا يدل على تخصيص السّؤر لغة ببقية الشراب هذا ثمّ في تخصيص اراد هاهنا بالماء ايضا تامل بل لا يبعد تعميمه بحيث يشمل المضاف ايضا و المراد بالقليل ما يقابل الكرّ و الجارى و البئر كما هو مصطلح الفقهاء لا ما يقابل الاول فقط نعم على مذهب العلامة ليس الجارى قسما على حدة فتأمّل

قوله الّذى باشره جسم حيوان

و في المعالم بعد ما ذكر المعنى اللغوى قال و المبحوث عنه هنا ما يكون من الماء القليل مع مباشرة فم الحيوان له و كان هذا هو الشائع المتعارف و قد يكون بحثهم عامّا شاملا لما باشره جسم الحيوان مطلقا و نظر الشّارح انما هو اليه فافهم

قوله في الطهارة و النجاسة

و المراد بهما ظاهر و الكراهة بمعنى انه اذا كان الحيوان يكره لحمه فسؤره مكروه اى يكره استعمال في الطّهارة و الاكل و الشرب و هذا الاطلاق ذكره جماعة من الأصحاب و خصّ بعضهم كراهة السؤر بالبغال و الحمير مما يكره لحمه و الحق بعضهم الخيل ايضا قال في المعالم و علّل على التقديرين بان فضلات الفم التى لا ينفك عنهما تابعة للّحم و لم يقل في ذلك حديث انتهى و لا يخفى انه لو تمّ دليلهم افاد العموم و اختصّ بالسّؤر بمعنى ما لاقاه فمه على ما ذكره في المعالم لا ما لاقاه بجسمه مطلقا على ما ذكره الشارح و في الذكرى خص التبعيّة بالطّهارة و النجاسة ثمّ عدّ في مكروه السّؤر سؤر الدّجاج و الدّواب و البغال و الخير لكراهة لحمها و التعليل يفيد التبعيّة في الكراهة ايضا مطلقا لكن لا يظهر له مستند صالح نعم يمكن الاستدلال لمن خصّها بالبغال و الحمير و الخيل برواية سماعة قال سألته هل يشرب سؤر شي ء من الدّواب و يتوضّأ منه قال اما الابل و البقر فلا باس كذا في التهذيب و في الكافى زاد الغنم ايضا بعد البقر فتدبر

قوله و يكره سور الجلّال

و حكم جماعة من الاصحاب بتحريمه مع انّ بعضا منهم حكم بعدم حرمة لحمه و المشهور كراهة السّؤر و حرمة اللّحم

قوله او سمى في العرف جلّالا

هذا هو الظاهر اذ التعويل فيما لا تقدير فيه شرعا على العرف و امّا ما ذكره اوّلا فلا دليل عليه الا ان يجعل بناء ايضا على العرف فافهم

قوله مع الخلوّ

متعلّق بالجلّال و اكل الجيف جميعا

قوله و سؤر الحائض المتّهمة

ص: 22

و اطلق جماعة من الاصحاب كراهة سؤر الحائض من غير تقييد و الاخبار لا تدلّ الا على كراهة التوضّؤ من فضلها اما مطلقا كما في اكثرها او اذا لم تكن مأمونة كما في بعضها لا على كراهة سؤرها مطلقا و منه يظهر ان من قيدها كان الأولى ان يقيّدها بغير المأمونة كما في الخبر ليشمل مجهولة الحال ايضا الا ان تحمل المتهمة ايضا على ما يشملهما فافهم

قوله و هو حسن

استظهار او احتياطا و فيه تامّل بل المناسب للشريعة الحنيفيّة السّمحة السّهلة خلافه و في الفقيه و سئل على ا يتوضّأ من فضل وضوء جماعة المسلمين احبّ اليك او يتوضّأ من ركو ابيض مخمر فقال لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فانّ احبّ دينكم الى اللّه الحنيفيّة السمحة السّهلة و اللّه يعلم

قوله لتأكّد الكراهة فيهما

اى لتاكد كراهة لحمها فيترتب عليها تاكد كراهة السّؤر ايضا او تاكد كراهة سؤرهما باعتبار ما يدل على كراهة سؤرهما مع قطع النظر عن الكلية المذكورة و قد عرفت حال الكلية المذكورة فيمكن ان يكون المصنف هاهنا لم يذهب اليها و يكون غرضه بالتبعيّة هو التّبعية في الطّهارة و النّجاسة كما هو ظاهرها و صرّح به في الذكرى و حينئذ فلا حاجة الى اعتذار فتدبّر

قوله و سؤر الفارة

الحكم بكراهة سؤر الفارة هو المشهور و ظاهر المعتبر عدم كراهته و قال الشيخ في موضع من النهاية و اذا وقعت الفارة و الحيّة في الآنية و شربتا منها ثمّ خرجتا منهما لم يكن به باس و الافضل ترك استعماله على كل حال و قال في موضع آخر و اذا اصاب ثوب الانسان كلب او خنزير او ثعلب او ارنب او فارة او وزغة و كان رطبا وجب غسل الموضع الذى اصابه فان لم يتعيّن الموضع وجب غسل الثوب كله و ان كان يابسا وجب ان يرشّ الموضع بعينه و ان لم يتعيّن رشّ الثوب كلّه و كذلك ان مسّ الانسان بيده احد ما ذكرناه

قوله و كلّ ما لا يؤكل لحمه

و ذهب الشيخ في المبسوط الى عدم جواز استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الانسيّ سوى ما لا يمكن التحرّز عنه كالفارة و الحيّة و الهرّة و غير ذلك و جواز استعمال سؤر الطاهر من الحيوان الوحشيّ و سؤر الطير مطلقا

قوله و ولد الزّنا قبل بلوغه

يفهم منه نجاسة سؤره بعد بلوغه اذا لم يظهر الاسلام سواء اظهر الكفر ام لا فكانه يحكم بكفره ما لم يظهر الاسلام و ذهب السّيد المرتضى و ابن ادريس الى كفر ولد الزنا مطلقا و ادّعى ابن ادريس عليه الاجماع و يتبعه نجاسة سؤره ايضا كذلك و ظاهر كلام الصّدوق ايضا نجاسة سؤره مطلقا

[المسألة الثانية يستحب التباعد بين البئر و البالوعة]

قوله التى يرمى فيها ماء النزح

الاولى ما في شرح الشرائع ان المراد بالبالوعة ما يرمى فيها ماء النزح او غيره من النجاسات المائعة و اما التخصيص بماء النزح كما فعله هاهنا فوجهه غير ظاهر كما اشار اليه سلطان العلماء رحمه الله

قوله او تحتية قرار البالوعة

بان يكون البالوعة اعمق منها كذا في الكافى و رواية ابن رباط عن ابى عبد اللّه عليه السّلام التى هى مستند الحكم هكذا قال سألته البالوعة يكون فوق البئر قال اذا كانت اسفل من البئر فخمسة اذرع و ان كانت فوق البئر فسبعة اذرع من كل ناحية و ذلك كثير و انت خبير بان الفوقيّة و التحتية ظاهر انهما ليستا باعتبار رأس البئر و البالوعة على وجه الارض لعدم مدخلية ذلك في الحكم فامّا باعتبار القعر او باعتبار سطح الماء او باعتبار مجموع ما يستقر فيه الماء بان كان جميع ما استقر فيه الماء من احدهما فوق سطح الماء من الآخر و لا ريب في اعتبار الفوقيّة بمعنى الاخير لكن حمل الرواية عليه بعيد بل الظّاهر منها احد الاوّلين و لعلّ الحمل على الثانى اولى لان ما كان سطح الماء فيه فوق سطح الماء في الآخر فهو مسلّط على الآخر و الظّاهر انّه لو دخل شي ء فانما يدخل فيه الى الآخر لا من الآخر اليه و امّا فوقيّة القعر بالنسبة الى القعر فلا يظهر لها اثر بيّن في الحكم و كان لفظ القرار في كلام الاصحاب يحتمل الوجوه المذكورة و ما ذكرنا عن المدارك محتمل للوجهين الاولين فتأمل

قوله و البالوعة مساوية للبئر قرارا

لا يخفى ان حكم صورة المساوات لا يظهر من الرواية المذكورة لتعارض المفهومين فيه لكن المشهور اعتبار السّبع فيها و كلام العلامة رحمه الله في الارشاد يدل على اعتبار الخمس فيها و الاوّل احوط و يمكن ان يستدل ايضا بان مرسلة قدامة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته كم ادنى ما يكون بين البئر و البالوعة فقال ان كان سهلا فسبعة ازرع و ان كان جبلا فخمسة ازرع تدل على اعتبار السّبع في السّهل مطلقا لكن خصّ منها صورة تحتية البالوعة برواية ابن رباط فتبقى في الباقى على حالها فتأمل

قوله و ان استوى القراران

فيه اشارة الى انه لا يكفى للاكتفاء بالخمس فوقية البئر بحسب الجهة مع فوقية البالوعة حسّا و الّا لكان هو اولى بالتّنبيه عليه لكن ذلك يحتمل ان يكون باعتبار ترجيح الفوقيّة الحسيّة على الحكمية لكونها اقوى و ان يكون باعتبار تعارضهما و تساقطهما فيرجع الى تساوى القرارين فعلى الاول يحكم بالخمس في عكس الفرض المذكور بان يكون البالوعة فوق البئر بحسب الجهة و البئر فوقها حسّا مع رخاوة الارض ترجيحا للفوقية الجهة و على الثانى يحكم بالسّبع لانه اذا تعارض الفوقيتان و صارت بمنزلة التساوى فيعتبر السّبع لرخاوة الارض قال والدى طاب ثراه في شرح س و اعلم انه على اعتبار فوقية الجهة يتحصّل في المسألة اربع و عشرون صورة باعتبار وقوع البئر مع البالوعة في الشمال او الجنوب او المشرق او المغرب و صلابة الارض و رخاوتها و تساوى القرارين و علوّ احدهما و عليك بالتامّل في استخراج الجميع و استنباط احكامها و في كلام جمع من الاصحاب هاهنا تامّل ظاهر اذ ذكروا انّ التباعد بسبع في سبع و بخمس في الباقى و الاعتبار يقتضى ان يكون التباعد بسبع في ثمان او ستّ لان فوقية القرار اما ان يعارض فوقية الجهة فيصير بمنزلة التساوى او لا فعلى الاوّل الاول و على الثانى الثانى و اما اعتبار الجهة في البئر دون البالوعة فتحكم انتهى و توضيحه ان جمعا من الاصحاب منهم المحقق الثانى رحمه الله في شرح القواعد حكموا بانّ في سبع عشرة منها يكفى الخمس و هى كل صورة يوجد فيها صلابة الارض او فوقية البئر باحد الاعتبارين و السّبع في الباقى و هى كل صورة ينتفى فيها الامران و حاصل ايراد والدى طاب ثراه ان مع الفوقية بحسب الجهة و الفوقية الحسّية امّا ان يحكم بتساقطهما و الرجوع الى المساوات و حينئذ فالخمس مع صلابة الارض او فوقية البئر باحد الاعتبارين اذا لم يتعارضهما فوقية البالوعة بالاعتبار الآخر فصورها ست عشرة صورة اثنى عشر صور الصّلابة و مع الرخاوة فيما اذا وقعت في الشمال مع علوّها حسّا او مساواتها و كذا اذا وقعت في المشرق مع العلوّ او المغرب كذلك و في الباقى و هى ثمان سبع و ان لم يعتبر المعارضة بل يحكم بالخمس مع علوّ البئر باحد الاعتبارين و ان عارضه علوّ البالوعة بالاعتبار الآخر فحينئذ صور الخمس ثمان عشرة باضافة صورة اخرى من صور الوقوع في الشمال و هى علوّ البالوعة حسّا لثبوت الخمس حينئذ في صور الوقوع في الشّمال مطلقا و اضافة صورة ايضا من صور الوقوع في الجنوب و هى علوّ البئر حسّا اذ الفرض عدم معارضة علوّ البالوعة بحسب الجهة له فيبقى صور السّبع ستّا و امّا اعتبار الجهة في البئر

ص: 23

دون البالوعة فتحكم و ذلك بان يقال يحكم بالخمس مع علوّ البئر بحسب الجهة مطلقا و عدم قوّة فوقية قرار البالوعة لمعارضتها و لم يحكم بعلوّ البالوعة مطلقا باعتبار علوّها بحسب الجهة بل يحكم مع علوّ البئر حسّا بالتساقط و حينئذ يزيد في صور الخمس صورة اخرى و يستقيم ما ذكروه او يقال يحكم بمعارضة علوّ البئر جهة لعلوّ قرار البالوعة و التساقط بينهما حتى يثبت السّبع و لم يحكم بمعارضة علوّ البالوعة جهة لعلوّ قرار البئر بل يحكم بعدم اعتبار علوّ البالوعة حينئذ اصلا و انّ الاعتبار بعلوّ قرار البئر فيثبت الخمس و تزيد صورة على صور الخمس و هى ما اذا وقعت البئر في الجنوب مع علوّ قرارها فان فيها الخمس ايضا لعدم قوة علوّ البالوعة جهة لمعارضة علوّها قرار او كان بناء كلام هذا الجمع من الاصحاب على الاحتمال الاول الذى ذكرنا و هو ترجيح الفوقية الحسّية و ان الفوقيّة بحسب الجهة في حكمها فيؤثر اثرها اذا لم يعارضها فلا حكم لها و حينئذ يستقيم ما ذكروه اذ يحكم بالخمس في جميع صور الصّلابة و هى اثنا عشر و مع الرخاوة فيما اذا وقعت البئر في الشمال مع تساوى القرارين او فوقية قرار البئر او وقعت في الجنوب مع فوقية قرارها او وقعت في المشرق كذلك او في المغرب كذلك فهذه سبع عشرة صورة يحكم بالسّبع من صور الرّخاوة فيما اذا وقعت البئر في الشمال مع فوقية قرار البالوعة بناء على ترجيح الفوقية الحسّية او وقعت في الجنوب مع فوقية قرار البالوعة او تساوى القرارين او في المشرق كذلك او في المغرب كذلك فهذه سبع صور و مما يؤيد حمل كلامهم على ما ذكرنا ان المحقق الثانى بعد نقل حديث الفوقية بحسب الجهة ذكر انه انما يظهر اثر ذلك مع التّساوى في القرار و ظاهره ما ذكرنا من ان اعتبار الفوقية بحسب الجهة انما هو فيما اذا لم يعارضها الفوقية حسّا و الا فهي اقوى اذ حينئذ لا يظهر اثر اعتبار الفوقية بحسب الجهة الا مع التساوى بحسب القرار اذ مع فوقية حسّا ايضا تكفى تلك الفوقية و مع فوقية الآخر حسّا لا اعتبار لتلك الفوقية فانحصر فائدة اعتبارها في صورة تساويهما في القرار و لعلّ والدى رحمه الله حمله على انه اشارة الى التعارض و التساقط بين الفوقيتين مع تعارضهما فلا يظهر فائدة اعتبارها الّا مع التساوى في القرار فحصول ايراده انه ان اعتبر التعارض و التساقط كما ذكرته اولا فصور السّبع ثمان و ان قطعنا النظر عنه و اعتبرنا في الخمس احد العلوين مطلقا فالصور ستّ و حاصل ما ذكرنا انه يعتبر شيئا منهما بل اعتبار الفوقيّة بحسب الجهة فيما لم يعارضها الفوقية الحسّية و الا فهي اقوى فالمعتبر في الخمس امّا الصّلابة او فوقية البئر حسّا او فوقيتها جهة مع عدم فوقية البالوعة حسّا و حينئذ يستقيم ما ذكروه و لا يخفى انه لو اعتبر الفوقية بحسب الجهة و رجّحت على الفوقية الحسّية مع تعارضهما فيستقيم ايضا ما ذكروه من السّبع لثبوت الخمس حينئذ في اثنى عشر صور الصّلابة و في صور وقوع البئر في الشمال مطلقا و هى ثلث و فيما اذا وقعت في المشرق مع العلو او المغرب فهي سبع عشرة و في الباقى لا بد من السّبع و هى سبع فصح ما ذكروه لكن ترجيح الفوقية بحسب الجهة لا يخلو عن اشكال و ايضا ما نقلنا عن المحقق الثانى يأبى عنه و بما قررنا يظهر ان ما ذكره والدى طاب ثراه من ان اعتبار الجهة في البئر دون البالوعة تحكم محل مناقشة امّا على الوجه الاوّل فلان من اعتبر الجهة في البئر مطلقا و ان عارضها فوقيّة قرار البالوعة فيحتاج في تصحيح حكمتهم بالسّبع في السّبع الى ان يقول مع فوقية قرار البالوعة بالتعارض بين الفوقيتين ليحكم بالسّبع حتى يلزم عليه التحكم بل له ان يقول في صورة فوقية البالوعة ايضا بحسب الجهة باعتبار الجهة و عدم معارضة فوقية قرار البئر لها فيحكم بالسّبع لذلك و حينئذ فلا تحكم و امّا على الوجه الثانى فلان من اعتبر علوّ قرار البئر بمعارضة علوّ جهة البالوعة له لا يحتاج في تصحيح الحكم بالسّبع الى ان يقول بمعارضة علو قرار البالوعة بمعارضة علو جهة البالوعة لا يحتاج في تصحيح الحكم بالسبع الا ان يقول فما صورة علو قرار البالوعة في صورة علو قرار البالوعة بمعارضة البئر له حتى يثبت السّبع بل لو لم يعارضه ايضا و حكم باعتبار علوّ قرار البالوعة فيلزم السّبع و يستقيم حكمهم في السّبع به هذا و لعلّ نظر والدى رحمه الله حيث لم يبين كلامهم على ما ذكرنا من

ترجيح احد الفوقيتين الى ان ترجيح كل منهما مع ضعف سند كل منهما لا يخلو عن تحكم بل الذى يشهد به الاعتبار لو عمل بهما الآن اذ يحكم اما بسقوطهما مع التعارض او يحكم بكفاية كل منهما في الحكم بالخمس كما انه يكفى فيه الصّلابة ايضا على الوجهين فلا يستقيم ما ذكروه من السّبع في السّبع فتأمّل

قوله اى اتّصال ما بها

اى الذى في البالوعة و يمكن ان يقرأ مائها بالمد و على التقديرين قوله من النجس بيان له

[المسألة الثالثة النجاسة عشرة]

قوله اى جنسها

و اما اشخاصها و اصنافها فاكثر من ان يحصى و مرادهم بالجنس في هذا المواضع ما يشمل النوع لا مصطلح المنطق و يمكن ان يكون غرض الشارح مع الاشارة الى ما ذكرنا الاشارة ايضا الى ان حقيقة النجاسة لا يحمل عليه المتعدّد كالعشرة بل المتعدد انما هو افراده فلا بدّ من الحمل على الافراد و قد اشار الى هذا في شرح الالفيّة حيث قال عند قول مصنفها ثمّ واجب الوضوء اثنى عشر اى جنس الواجب ليصحّ تعدده فتدبر

قوله البريّان

و امّا المائي منهما فذهب اكثر الاصحاب الى طهارته و عربى في التذكرة الى ابن ادريس المخالفة في ذلك و الظاهر ما هو المشهور اذ المتبادر من الكلب و الخنزير الواردين في الرّوايات هو البرى منهما و الاجماع ايضا ليس الا عليه فيبقى مائيّتهما على اصالة الطّهارة و التّفصيل في شرح س

قوله و ان لم تحلها الحياة

هذا هو المشهور بين الاصحاب و ذهب السّيد المرتضى رحمه الله الى طهارة ما لا تحله الحياة منهما

قوله و ما تولد منهما و ان باينهما في الاسم

هذا على فرض وجوده الحكم بنجاسته لا يخلو عن اشكال لعدم دليل صالح عليه و ما استدلوا به عليه من انه بعض منهما فيه ما فيه اذ لا اثر للبعضيّة بعد فقد و انقلاب الاسم أ ليس كل حيوان طاهر من المنيّ النّجس و قال العلامة في النّهاية المتولد منهما يعنى الكلب و الخنزير نجس لانه بعضهما و ان لم يقع عليه اسم احدهما على اشكال منشؤه الاصالة السّالمة عن معارضة النّص و قال في التذكرة الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقا و اعتبار اسم احدهما قال صاحب المعالم و لا يخفى قوة وجه الاشكال و التوقف في محلّه غير ان الخطب سهل اذ البحث فيه بمجرد الفرض انتهى و بما قررنا ظهر ضعف الاشكال و ان التوقف ليس في محلّه

قوله و لو لغيرهما

اى و لو كان اسما ثابتا لغيرهما و انما يتبع الاسم اذا كان اطلاقه عليه باعتبار تماثله لمسمّاه لغة و دخوله تحت افراده فلا عبرة باطلاق اسم عليه اقتراحا و اليه اشار بقوله فان انتفى المماثل اى مماثل صح اطلاق اسمه عليه فافهم

قوله من انكر الالهيّة

اراد بالانكار عدم الاقرار ليشمل الشّاك و خالى الذهن

قوله او بعض ما علم بثبوته من الدّين

اى صدقه و حقيّته فيشمل من كان كفره باعتبار اثبات ما علم من الدين ضرورة نفيه كركعة زائدة في احد الصّلوات ثمّ بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورة انما يكون انكاره كفر اذا لم يكن ذلك بشبهة كان يكون مثلا قريب العهد بالدين و لم ينشأ بين اهله فلو كان لشبهة لا يحكم بكفره و ذلك لان الحكم بكفر منكر الضرورى كالصّلاة انما هو باعتبار ان كل من نشاء بين المسلمين و عاشرهم

ص: 24

يعلم بديهية وجوب الصّلاة في شرعنا و اخبار نبيّنا به فإنكاره لا يحتمل ان يكون باعتبار انكار اتيان النّبى صلّى اللّه عليه و آله به بل ليس منشؤه الا عدم الايمان بالنبىّ و التصديق به و ان كان يظهر الايمان و يقول بحسب الظاهر انّ النّبى لم يحكم بوجوبه فان ذلك منه لتقية او نحوها و امّا في الباطن فلم يؤمن و ليس منشأ الانكار الا ذلك و ظاهر ان هذا انما يتمشى مع عدم الشبهة كما ذكرنا اذ من كان قريب العهد و الصحبة بالاسلام و المسلمين و نشأ في بلاد الكفر بلا اطلاع منه على عقائد المسلمين فربما خفى عليه بعض ضروريات الاسلام و اخبار النبيّ به فلو انكره لم يعلم من انكاره انكار النبيّ فتفطّن

قوله و الاصل فيه ان يتخذ من ماء الشعير

اى الغالب الشائع فيه ان يتخذ من ماء الشعير او ان ابتداء حدوثه كان كذلك مع احتمال ان يكون معناه لغة اعم منه لانه حقيقة فيه لغة و الا لم يستقم بعد ذلك حكمه بثبوت الحكم لما اطلق عليه اسمه اى في عرفنا كما هو الظاهر لتقدم الحقيقة اللغوية على عرفنا و ان حمل على ما ثبت اطلاقه عليه في عرف الائمة عليهم السّلام لم يبعد ترجيح العرف على اللغة لكن حمل الكلام عليه بعيد جدّا كما لا يخفى على المتامّل و نقل السّيد المرتضى رض عن ضميرة انه قال الغبيراء التى نهى النّبى عنها هى الفقّاع قال و عن ابى هاشم الواسطى ان الفقّاع نبيذ الشعير فاذا نشّ فهو خمر و قال و عن زيد بن اسلم الغبيراء هى الاسكركة و عن ابى موسى انّه قال الاسكركة خمر الحبشة و ظاهر ما نقله عن ابى هاشم ان الفقاع حقيقة في المتخذ من الشعير و ظاهر كلام السّيد في الانتصار تصديقه له في ذلك و كذا لما نقله عن ضميره ان الغبيراء هى الفقاع لكن في النهاية الغبيراء ضرب من الشراب يتّخذه الجنس من الذرة و تسمى السّكركة و قال تغلب هى خمر تعمل من الغبيراء هذا التمر المعروف انتهى و بالجملة فحقيقة الفقاع لم يظهرن

قوله مع حصول خاصيته

و هو النشيش و الغليان على ما نقلوه او اشتباه حاله و اما اذا علم عدم ثبوت خاصّيته فيعلم انه ليس بالفقاع الذى ورد الاحكام فيه فلا عبرة باطلاق الفقاع عليه عرفا و لا يذهب عليك انّ مع الاشتباه ايضا ثبوت الحكم بمجرد الاطلاق عرفا لا يخلو عن اشكال للعلم بتغير العرف فيه و عدم اطلاع اهله في زماننا حقيقة و معناه فكما اصطلحوا على اطلاق الفقاع على شي ء كان ذلك اصطلاحا جديدا لا عبرة به و ليس مما يصح ان يقال فيه ان الاصل عدم تغير العرف ليكون حجة فافهم

قوله لعدم وقوفه على دليل يقتضى نجاسته

يمكن الاستدلال عليه على وفق ما فعلوه في الفقاع باطلاق الخمر عليه في موثقة معاوية بن عمار و صحيحة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل من اهل المعرفة بالحق يأتينى بالبختج و يقول قد طبخ على الثلث و انا اعرفه انه يشربه على النصف فقال خمر لا تشربه الحديث و يؤيده ايضا رواية عمر بن يزيد قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الرّجل يهدى الى البختج من غير اصحاب فقال ان كان مما يستحلّ المسكر فلا تشربه و ان كان مما لا يستحلّ فاشربه فانه يستفاد منهما ان حكمه حكم المسكر فتدبّر

قوله و ان دخل في حكمه حيث يذكر

اى و ان كان من يذكر العصير يذكره على انه في حكم المسكر لانه مورد الحكم اصالة اذ لا يعلم منه دخوله في المسكر في كلام من اطلق و لم يذكره اذ لعلّه لا يقول هو بكونه في حكمه او المراد و ان دخل في حكمه حيث يذكر في حكمه كان يقال المسكر و ما في حكمه فان دخوله حينئذ لا يدل على دخوله مع الاطلاق بدون هذا التعميم ايضا و يمكن ان يقال ان ما سياتى عنه قرينة على انه جعله هاهنا في حكم المسكر كما فعله في بعض كتبه فهو العذر في تركه

قوله لأجل الصّلاة

و كذا الطّواف و دخول المساجد مع التعدى او مطلقا على ما فصّل في موضعه ثمّ المراد بالوجوب في الثلاثة الاخيرة هو الوجوب الشرعى و فيما ذكر قبلها هو الوجوب الشّرطى او ما يعمه اذ لا بدّ في تصحيح الوجوب الشّرعى فيه من اضافة من تقييد ان لم يشر اليها الا ان يحمل على انه احالها على الظهور فافهم

قوله و عن الاوانى

و كذا الماكولات المتنجّسة القابلة للتطهر و كذا كل ما يتوقف استعماله على التّطهير

قوله و الضّرائح

جمع ضريح و هو القبر

قوله و عن دون الدّرهم البغلى

فيجب ازالة ما كان بقدر الدرهم فما فوقه كما هو المشهور و قال السّيد المرتضى و سلّار بالعفو عن قدر الدّرهم ايضا و اختصاص الزائد بوجوب الازالة

قوله و قضيّة الاصل يقتضى دخوله في العموم

الا ان يتمسّك بما اشرنا اليه سابقا من ان ما يدل على استثناء هذا القدر لا يدل الا على استثنائه من حيث النجاسة الدّمويّة لا مطلقا و لذا لم يعف عن هذا القدر اذا خالطه نجاسة اخرى كالبول مثلا فنجاسة نجس العين اذا تنجّس الدم بها نجاسة اخرى و للتامّل فيه مجال و بالجملة فاستثناء دم نجس العين ليس باضعف من استثناء الدماء الثلاثة لعدم النصّ فيها ايضا كما اشرنا اليه سابقا سوى موقوفة ابى بصير في خصوص الحيض و

قوله ليس بحجة و ليس فيها دليل آخر ايضا يمكن التمسّك به لكن استثناء دم الحيض مشهور بين الاصحاب مقطوع به في كلامهم و الحق به الشيخ و جمع ممن تبعه الدّمين الآخرين و امّا استثناء دم نجس العين فليس بذلك الشهرة و ان ذكره جمع ايضا كالراوندى و ابن حمزة و العلّامة فتدبّر

قوله و العفو عن هذا المقدار مع اجتماعه الى آخره

لا يخفى على من نظر في كلام الاصحاب ان العفو عن هذا المقدار اى ما دون الدرهم موضع وفاق سواء كان مجتمعا او متفرقا و انما الخلاف في قدر الدرهم كما اشرنا اليه و ايضا فيما اذا تفرّق الدّم و كان كل واحد دون الدرهم على القول او لا يزيد عليه على القول الآخر و زاد مجموعه على القدر المعفوّ فقال بعضهم بالعفو مطلقا و بعضهم بعدمه مطلقا و بعضهم بالعفو الا مع التفاحش و قدّره بعضهم بقدر شبر و بعضهم بربع الثوب و بعضهم بما يفحش بى القلب و بعضهم جعل المرجع فيه الى العرف و بما قررنا يظهر ما في كلام الشارح رحمه الله اذ لو حمل قوله و مع تفرقه على تفرق المقدار المخصوص كما هو ظاهره ففيه انه لا اقوال فيه بل لا خلاف في عفوه و ان حمل على تفرق الدم مطلقا من غير تقييد بالقدر المخصوص فحينئذ صح ان فيه اقوالا اجودها الحاقه بالمجتمع بمعنى انه يقدر مجتمعا فان زاد على القدر المعفوّ لم يكن معفوّا و الا كان معفوّا و قيل بعفوه مطلقا بالشرط المذكور و قيل بعفوه كذلك الا مع التفاحش على ما ذكرنا لكن حينئذ يخيل نظم الكلام كما لا يخفى على من له روية باساليبه فتأمّل

قوله اجودهما الاول

لأصالة البراءة من وجوب ازالته و لان المتنجّس بشي ء لا يزيد حكمه عنه بل غايته ان يساويه اذا الفرع لا يزيد على اصله و استقرب العلامة رحمه الله في المنتهى وجوب ازالته لانه ليس بدم فوجب ازالته بالأصل السّالم عن المعارض و لان الاعتبار بالمشقة المستندة الى كثرة الوقوع و ذلك غير موجود في صورة النزاع لندوره و ضعف الوجهين ظاهر كذا في المدارك و لا يخفى انه لو وجد دليل دل على وجوب ازالة كل نجس فالاظهر ما ذكره في المنتهى و المعفو عن الاصل لا يستلزم العفو عن الفرع لجواز ان يكون عفو الاصل باعتبار المشقة في الاحتراز عنه و هى موجود في الاصل كما ذكره العلامة في الوجه الثانى و ان

ص: 25

لم يوجد ما يدل على ذلك فالاظهر ما اختاره في المدارك و لم يحضر لى الآن ما يدل على هذا العموم فتبصر

قوله نعم يعتبر التقدير بهما

فان بلغ مجموعهما قدر الدرهم او زاد عليه على القولين وجب ازالته و الا فلا

قوله و لا ثوبه الذى هو شرط في الصّلاة

لا يخفى ما فيه من التمحّل لان عدم تعلّقه ببدن المصلّى و ثوبه الذى هو شرط في الصلاة لا يوجب اهمال حكمه مع انه حكم بوجوب ازالتها عن الثوب و البدن و الثوب شامل لما لا يتم فيه الصّلاة ايضا من الملابس لانه لغة بمعنى اللباس فلا بد من استثناء ما يستثنى منه لكن يظهر من كلام جمع منهم كصاحب المدارك انهم تمسّكوا في جواز الصّلاة فيما لا يتم فيه الصّلاة مع النجاسة بعدم دخوله في الثوب عرفا و غاية ما يستفاد من الاخبار اشتراط طهارة الثوب و البدن بل جعل في المدارك الاصل في الاستدلال ذلك و ايّده بالاخبار الواردة فيه لعدم صحة سندها فيمكن ان يكون نظر الشّارح رحمه الله هاهنا على هذا اى ان المصنف حكم بوجوب ازالته عن البدن و الثوب و المتبادر من الثوب عرفا هو الذى هو شرط في الصّلاة اى ما يمكن به ستر العورة كما قالوه في الاخبار فلا حاجة الى استثناء ما لا يتم عنه لكن مع بعد حمل العبارة عليه فيه ما فيه فالاظهر الاكتفاء في الاعتذار برعاية الاختصار التى هى الوجه في ترك كثير من الاحكام في هذه الرّسالة و لعلّه كان له رحمه الله باعث عليه كالاستعجال و ضيق المجال على ما نقل سابقا و اللّه تعالى يعلم

قوله و كذا يعتبر العصر بعدهما و لا وجه لتركه

اعلم انه ليس في الروايات على ما راينا حديث العصر سوى ما في رواية الحسين بن ابى العلا في بول الصّبى انه يصبّ عليه الماء قليلا ثمّ تعصره و الظاهر حمل الصّبى فيها على الرضيع بقرينة الاكتفاء بصبّ الماء القليل فيه اذ من اعتبر من الاصحاب المرتين في البول كما تضمّنه صدر الخبر لم يكتف بالمرّة الواحدة الا في بول الرضيع و لا عصر فيه عندهم الا ان يحمل على استحباب و حينئذ فلا دلالة فيه على وجوب العصر في غيره نعم لا يبعد القول بالاستحباب في غيره ايضا بناء على القياس بطريق الاولى و انما استند الاصحاب في الحكم بوجوب العصر تارة بادّعاء انه معتبر في مفهوم الغسل و بدونه يكون صبّا لا غسلا و تارة بان النجاسة ترسخ في الثوب فلا تزول الا بالعصر يعنى ان العصر يحتاج اليه لاخراج اجزاء عين النجاسة التى رسخت في المحلّ و تارة بان الماء ينجس بملاقاة الثوب فيجب ازالته بقدر الامكان و في كلام الشهيد هاهنا اشعار بهذا و لا يخفى ما في الوجوه و على تقدير العمل بها فلعل مقتضاها لا يخلو عن اختلاف اذ الاوّل يقتضى اعتباره في كل ما يجب غسله في كل مرّة و الثانى يقتضى الافتقار اليه فيما علم دخول شي ء من اجزاء النجاسة و توقف اخراجه على العصر و الاكتفاء به في الغسلة الاولى خاصة اذا علم خروجها به و الثالث تقتضى الاكتفاء بعصر واحد بعد الغسلتين لحصول الغرض به و عدم الفائدة في فعله قبل الغسلة الثّانية لبقاء النجاسة مع العصر و بدونه كذا في المدارك و فيه تامّل اذ يمكن ان يقال ان على القول باعتبار الغسل مرّتين يحصل باعتبار الغسلة الاولى تخفيف في نجاسة المحل و باعتبار الغسلة الثانية تزول نجاسته بالكلية و حينئذ فعلى تقدير القول بنجاسة الماء بملاقاة النجاسة لا يحصل التخفيف في نجاسة المحلّ ما دام الماء فيه ساريا فيه لتنجّسه بمثل تلك النجاسة فاذا ازيل الماء بالعصر يحصل التخفيف المذكور و ينجس الماء ثانيا بما بقي فيه من النجاسة و لا بد من ازالته ايضا حتى يطهر المحلّ بالكليّة و على هذا فلا يحصل الغرض بالعصر بعد المرتين فالظاهر على الوجه الثالث ان يقال باعتباره في كل مرّة على القول بنجاسة الغسالة في المرّة الثانية ايضا و الاكتفاء بالعصر بعد الاولى على القول بطهارتها اذا عرفت هذا علمت أن حكم المصنف بعصر واحد بينهما يمكن ان يكون مذهبا منه كما نقله عنه في المدارك بناء على ان اعتماده على ظاهر الوجه الثانى او على الثالث مع عدم قوله هنا بنجاسة الغسالة في المرة الثانية اذ لا يظهر اجماع في المسألة حتى لا يمكن فيه الخلاف و لذا ترى الصّدوقين جعلا العصر بعدهما و جعل صاحب المدارك بناء على الوجه الثالث على ما ذكروه و على هذا فلا ايراد على المصنف في تركه العصر بعدهما و قال المصنف رحمه الله في الذكرى و لا يجب العصر في غير القليل من الماء و فيه يجب لوجوب اخراج النجاسة و الاولى الشرطية لظنّ انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف المجرّد انتهى و انت خبير بانه يمكن حمل ما ذكره من التعليل على ما نقلنا من الوجه الثانى و فسرناه اى مع العصر يصير خروج اجزاء النجاسة مع الماء مظنونا او معلوما مجمل الظنّ في كلامه على العلم بخلاف ذلك في الغسل و الجفاف المجرّد و يمكن ان يحمل على وجه آخر غير الوجوه المذكورة من نفسه او بحمل ما نقلنا من الوجه الثانى عليه و هو ان يكون بناءه على التخييل اى يخيّل لنا ان النجاسة اى معناها و اثرها تخرج مع الماء بخلاف الجفاف المجرد و لعل هذا اقرب بعبارته لكن لا يخفى سخافته نعم بعد ما دل دليل على اعتبار العصر يمكن ان يجعل هذا سيرا لاعتباره و لعلّ مراده رحمه الله ايضا لو حمل كلامه عليه هو هذا و الّا فهو رحمه الله اجلّ من ان يبنى الحكم على مثل هذا و اللّه تعالى يعلم ثمّ على تقدير البناء عليه يمكن ان يقال بكفاية العصر في المرّة الاولى لحصول التخيّل المذكور به و يمكن ان يقال باعتباره في كل مرة بناء على ان الغسلة الثانية ايضا لإزالة بقية النجاسة فلا بدّ فيها ايضا من تخييل خروج تلك البقيّة و ليس ذلك الا بالعصر فتدبّر

قوله بل هى اما مساوية او اضعف حكما

هذا في مقام السند فيكفيه الاحتمال و لا يلزمه البيان و ما ذكره من حكم الدّم مؤيّدا للاحتمال الثانى في خصوص الدّم و هو يكفى لتقوية السّند لكن يمكن التمسّك في دفع المنع و السّند بما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه ذكر المنى فشدّده و جعله اشدّ من البول فان قيل الغرض منع الاشدية في غير البول مطلقا كما ادّعاه المصنف و يكفى فيه احتمال المساواة و الاضعفية في بعض افراد فلا يضرّ اشدية بعضها كالمنى نقول انه لا يلزم على المصنف دعوى اشدية غيره مطلقا بل يكفى له اشدية بعض افراده كالمنى و حينئذ يثبت الحكم فيه بمفهوم الموافقة و يتمسّك في الباقى بعدم القول بالفصل و لا يتوهمّن انه يمكن اجراء مثل هذا الوجه من قبل الشارح لانه اذا بطل الحكم في بعضها كالدّم بطل في الباقى لعدم القول بالفصل اما اولا فلانه يمكن الاستدلال باشدية النجاسة على اعتبار المرتين في مظهره اذا اعتبرنا في الاخف لمفهوم الموافقة و لا يمكن الاستدلال بالاخفيّة على عدم اعتبار ذلك لجواز اشتراك الأخف و الاشدّ في حكم ا و لا ترى ان المصنف يعتبر المرتين في غير البول باعتبار الاشدية فلو لم يجز تساوى الاشدّ و الاضعف في الحكم لما ساغ له ذلك بل كان عليه ان يعتبر في غيره اكثر من المرّتين و هو ظاهر و امّا ثانيا فلان ما ذكره من حكم الدم لا يدل على اخفيّة نجاسته اذ ربما كان العفو عن قليله باعتبار عسر التجنب عنه عادة و لزوم الحرج فيه بخلاف غيره و ان تساويا في النجاسة

ص: 26

او كان الدّم اشدّ نجاسة و ما ورد في المنيّ صريح في اشدّيته و فيه ان الرواية ايضا لا تدل على اشديّة نجاسته بل ربما كان اشديته باعتبار احتياج ازالته الى عمل لا يحتاج اليه في البول و ان كان اضعف نجاسة منه و لو سلّم دلالتها على انه اشدّ نجاسة فنقول كونه اشدّ نجاسة لا يدل الا على التشديد في وجوب ازالته و بطلان الصّلاة مثلا مع الاخلال به لا في كيفية غسله فتأمّل

قوله و يستثنى من ذلك بول الرضيع

لا يظهر فيه مخالف و يدل عليه حسنة الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الصّبى قال يصبّ عليه الماء فان كان قد اكل فاغسله غسلا و الظاهر ان المراد باكل الطعام الاكل المستند الى شهوته و ارادته كما ذكره في المنتهى لا مطلق الاكل فلا عبرة بلعقه دواء او غذاء في الندرة كما صرح به في المعتبر و ينبغى ان يحمل الرضيع في كلام الاصحاب ايضا على هذا اى الرضيع الذى لم يغتذ الاكل لا مطلقا و لا من كان رضيعا في الحولين اذ لم يتعلق الحكم في الرّواية على الرضيع و قيّد جماعة من المتاخرين منهم المحقق الثانى في شرح القواعد الرضيع بالذى لم يغتذ بغير اللبن كثيرا بحيث يزيد على اللبن او يساويه و لم يتجاوز سنّ الرّضاعة و فيه تامل فان الظاهر صدق الرضيع على كل من كان في سنّ الرّضاعة و لم يفطم عنها و ان ساوى اكله او رضاعه او زاد عليه لكن قد عرفت ان الحكم في النصّ لم يعلق على الرضيع بل عدم الاكل و الظاهر منه ما ذكرنا لا زيادة رضاعه على اكله فتدبّر ثمّ المشهور اختصاص الحكم بالرضيع فلا يشمل الرّضيعة و نقل عن علىّ بن بابويه انه ساوى بين بول الصّبى و الصّبية في ذلك و هو ظاهر قوله عليه السّلام في الحسنة التى نقلناها و الغلام و الجارية شرع سواء الا ان يحمل ذلك على التسوية بينهما بعد الاكل و لا يخلو عن بعد فتأمّل

قوله و لا تعدّد غسله

(2) اى تعدد صبّ الماء عليه اذ الغسل هو الصبّ مع العصر على ما سبق و قد نفى العصر فيه اولا فالمراد نفى تعدد الصّب و ذكر العلّامة في الفرق بين الغسل و الصّبّ بانه لا بدّ في الغسل من جريان الماء على المغسول بخلاف الصّب اذ يكفى فيه غلبة الماء على النجاسة و اما اصابة الماء بدون الغلبة ايضا فهو النزح و على هذا ايضا فليس فيه تعدّد الغسل و لا الغسل بل يكفى صبّ الماء عليه مرّة كما استفيد من حسنة الحلبى المنقولة آنفا فتأمّل

قوله و هما ثابتان في غيره

ابتداء كلام اورده ليرتبط به كلام المصنف بكلامه مع الاشارة الى ان الاستثناء من التعدد و العصر جميعا ثمّ استثناء الكثير و الجارى هو المشهور بين المتاخرين و ظاهر كلام المصنف في المنتهى اعتبار التعدد في الكثير و الجارى ايضا الا انه اكتفى في تحقق المرّتين في الجارى بتعاقب الجريتين عليه و في الكثير الراكد بالخضخضة و التحريك بحيث يمر عليه اجزاء غير الاجزاء التى كانت ملاقية له اوّلا و نقل عن الشيخ نجيب الدين في الجامع اعتبار التعدّد في الراكد دون الجارى و عبارة الصدوق رحمه الله في القضية ايضا تدل عليه و حكم المصنف رحمه الله في الذكرى بانه لا ريب في عدم اعتبار العدد في الجارى و الكثير في غير الولوغ و حمل الراكد في كلام الصدوق على الناقص عن الكرّ او النّدب و في صحيحة محمد بن مسلم في الثوب اذا اصابه البول اغسله في المركن مرّتين فان غسلته في ماء جار فمرّة واحدة تصريح بسقوط التعدّد في الجارى و امّا في الراكد الكثير ففيه مفهومان متعارضان و اما سقوط العصر فيهما فكانه على القول بان العصر لاخراج الماء النجس كما هو ظاهر كلام الشارح هاهنا كما اشرنا اليه سابقا اذ الماء المغسول به في الكثير و الجارى لا ينجس فلا حاجة الى اخراجه و امّا على القولين الاولين فالظاهر ثبوته فيهما ايضا الّا ان يقال على القول الثانى ان العصر معتبر في مفهوم الغسل اذا كان بالماء القليل لا مطلقا كما يشوبه و بدونه يكون صبتان غسلا

قوله بناء على عدم اعتبار كثرته

و امّا على القول باعتبار كثرته فحكم الجارى مع القلة حكم ساير المياه القليلة فيعتبر فيه ايضا ما يعتبر فيها

قوله ممّا تنفصل عنه الغسالة بسهولة

و ان لا ينفصل عنه الغسالة بسهولة كالعجين و الطّين فلا يكفى الصّب فيه لعدم انفصال الغسالة عنه الا بالعصر كالثّياب فلا بد من صبّ الماء عليه حتى علم وصوله الى جميع اجزائه عرفا ثمّ العصر ان امكن و ان لم يكن فلا يطهر بالقليل بل يتوقف طهارته على غسله في الكثير و هذا من فروع القول بوجوب العصر لاخراج الغسالة فتأمّل

قوله و كذا الاناء

اى يصبّ عليه مرتين في غير الكثير و الجارى بناء على القول بالمرّتين في البول و غيره كما اختاره المصنف لكن في تعدى الحكم الى الاناء اشكال لاختصاص الصحيحة من الاخبار الدالة على المرتين في البول بالثوب و ورد بعض الاخبار غير الصحيحة في البدن ايضا فقياس الاناء عليهما لا يخلو عن اشكال و قد ورد في الاناء اطلاق رواية عمار بالاكتفاء بالمرّة الواحدة و اختاره المحقق و العلامة و رواية اخرى ايضا عنه باطلاق الغسل ثلاث مرّات و اختاره الشيخ في المختلف

قوله و لو بآلة لا تعود اليه الى آخره

جعل صاحب المعالم هذا الاشتراط مبنيّا على نجاسة الغسالة و كان مراده انه على القول بنجاسة الغسالة و هى الماء المنفصل عن المحل يحكم بنجاسة الماء بعد افراغه من الاناء قبلهما كنجاسة الاناء قبلها فينجس الآلة ايضا كذلك فلا ينبغى ان يعاد الى الاناء الذى قد غسل مرّة و حصل تخفيف في نجاسة و الّا لتنجّس بالآلة كما كان اولا و امّا ما بقي من الماء في الاناء فليس كذلك لعدم نجاسته عندهم ما لم ينفصل بقرينة ان ما بقي منه بعد الأفراغ في الاناء و العصر في الثوب يحكم بطهارته و يحتمل بعيدا حمل الكلام على عدم عود الآلة اليه في الغسلة الثانية الا بعد غسلها ما اصابها من ماء الغسلة الاولى و حينئذ فوجهه بعد بنائه على نجاسة الغسالة ظاهر فتدبّر

قوله سواء في ذلك المثبت و غيره

و اشترط بعضهم في جواز التطهير على هذا الوجه كونه مثبتا بحيث يشق فعله و حكم صاحب المعالم بانه لا وجه له

قوله بان شرب مما فيه بلسانه

هذا معنى الولوغ لغة كما نصّ عليه الجوهرى و غيره و قال بعضهم انه ادخال لسانه فيه و تحريكه له و هو اعم و الاولى اعتباره

قوله قدم عليهما

هذا هو المطابق لصحيحة ابى العبّاس عن الصّادق عليه السّلام و ذهب الشيخ المفيد الى توسيط التعفير بينهما و مستنده غير ظاهر

قوله مسحه بالتراب الطّاهر

ظاهره عدم اشتراط مزجه بالماء و ان جاز ذلك بشرط ان لا يخرج التراب بذلك عن اسمه كما صرح به الشارح في شرح الشرائع و ظاهر كلام العلامة في القواعد اطلاق المنع عن المزج و نقل عن الراوندى و ابن ادريس اشتراط المزج و مال اليه العلّامة رحمه الله في هى و اما اشتراط الطهارة في التراب فمما ذكره جمع من الاصحاب منهم العلّامة رحمه الله في هى معللا بان المطلوب منه التطهير و هو غير مناسب بالنجس و احتمل في النّهاية اجزاء النجس ايضا لان المقصود من التراب الاستعانة به على القلع و هو يحصل بالنجس ايضا و لا يخفى ضعف الوجهين و الحق ان الاشتراط يحتاج الى دليل فمتى لم يقم دليل عليه فالظاهر عدم الاشتراط الا باطلاق النص و دعوى ان المتبادر الى الفهم عند الاطلاق هو الطاهر على ما قيل لا يخلو عن اشكال فتأمّل

قوله و ان تعذر او خيف فساد المحل

فعلى التقديرين يبقى المحلّ على النجاسة الا ان يرضى بالفساد على الثانى و ذهب الشيخ الى انه لو لم يوجد التراب و وجد ما يشبهه كالأشنان و الصّابون و الجصّ و نظائرها اجزأ و منهم من الحق بفقد التراب خوف فساد المحلّ به و ربما حكم بعضهم باجزاء الاشنان و نحوه بطريق اولى لانه ابلغ في الابقاء فلا يشترط

ص: 27

في اجزائه فقد التراب او خوف فساد المحدّ به و حكم الشيخ و جماعة من الاصحاب بانه لو تعذر التّراب سقط اعتباره و اقتصر على الماء اى على المرّتين او باضافة مرّة اخرى بدلا عن التراب و الاقوى ما ذكره الشارح رحمه الله

قوله و الحق بالولوغ لطعه الإناء

في شرح الشرائع جزم بهذا الالحاق و انه بطريق اولى و في شرح عد حكم بظهوره لذلك و لا ريب انه احوط و لا يلحق به وقوع لعابه فيه بل هو كسائر النجاسات على المشهور و قال العلامة في النهاية لو حصل اللعاب بغير الولوغ فالاقوى الحاقه به اذ المقصود قلع اللعاب من غير اعتبار السبب و الحق المفيد و من تبعه مطلق المباشرة بالولوغ

قوله و لو غسله في الكثير

و كذا الجارى على المشهور كفت المرة بعد التّعفير و الشيخ رحمه الله في ف و المبسوط اعتبر التعدد في الكثير ايضا و به قطع المحقق في المعتبر و اكتفى في تحقق التعدد في الجارى يتعاقب الجريتين عليه

قوله خروجا من خلاف من اوجبها

و هو ابن الجنيد فانه نقل عنه انه حكم في ولوغ الكلب بانه يغسل سبعا احداهنّ بالتّراب

قوله في الفارة و الخنزير

اى موت الفارة و ولوغ الخنزير و كانه رحمه الله سامح في العبارة اعتمادا على ما هو المشهور في كتب القوم و في الكلام مسامحة اخرى و هو انّ السّبع في الفارة و الخنزير بالماء بدون التراب و السّبع المستحبّ في الولوغ ينبغى ان يحمل على ان احدهما بالتراب لما ظهر مما نقلنا من الموجب و هو ابن الجنيد و لانه لا دليل على الطهارة بالسّبع بالماء و لا على السّبعين بدون التراب مع ورود الامر بالتراب ايضا فضلا عن ان يحكم باستحبابه مع ان ظاهر العبارة يوهم كون السبع فيهما على نهج واحد و يؤكّد هذا الإيهام اضافة

قوله بالماء هناك فانه يوهم ان السّبع كلها بالماء بدون تراب كما في قوله و الاقوى في ولوغ الخنزير وجوب السبع بالماء فليحمل كلامه هناك على ان الزائد على الثلث المذكورة بالماء حتى لا يتوهم كون الزائد على السّبع هو المسح بالتراب فتأمّل

قوله للامر بها في بعض الاخبار

اشارة الى ما رواه عمّار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اغسل الإناء الذى تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرّات و عدم انتهاضه حجّة على الوجوب لعدم صحة سنده باشتماله على جماعة من الفطحيّة و امّا الرواية التى وردت في الخنزير فهي صحيحة كما سيشير اليه فانه رحمه الله اجمل في الكلام اولا ليوهم كون الامر في كليهما كذلك ليصلح وجها لعدم القول بالوجوب فيهما ثمّ حقق الامر و اشار الى ان الامر في الفارة على ما ذكر و امّا رواية الخنزير فهي صحيحة تصلح حجة للوجوب و لا يخفى ما فيه من الحزازة ثمّ لا يخفى ان مورد الرواية هو الجرذ و هو بضم الجيم و فتح الرّاء و الذال المعجمة كبيرة الفارة فينبغى قصر الحكم على موردها كما اشار اليه المحقق رحمه الله الّا ان جمعا من الاصحاب اطلقوا الحكم في الفارة كما هنا و قال المحقق الثانى رحمه الله في شرح عد الظاهر عدم التفاوت نظرا الى اطلاق اسم الفارة على الجميع و هذا منه رحمه الله غريب جدا و ان اشتراك الجميع في اطلاق اسم الفارة عليها لا يقتضى اشتراكها في الحكم لجواز اختلافها بالنوع و اختلاف الحكم بسببه و لو سلم اتحادها نوعا فاختلافها صنفا و بالعوارض يكفى لجواز اختلاف الحكم نعم لو علق الحكم على الفارة فاطلاق الفارة على الجميع يقتضى اشتراك الجميع في الحكم و ليس كذلك بل علق على الجرذ فتدبّر

قوله و مقتضى اطلاق العبارة الى آخره

و هذا هو الظاهر فانّه اذا لم يثبت لهما حكم خاص فيكون حكمهما حكم ساير النجاسات في وجوب المرتين على رأى المصنف و من وافقه و المرة على رأى غيرهم و ذهب بعضهم الى وجوب الثلث في الفارة و لا يظهر له وجه الا ان يقال بوجوبها في سائر النجاسات كما سننقله من الشيخ و ذهب الشيخ الى ان ولوغ الخنزير حكمه حكم ولوغ الكلب تمسّكا بانّ الخنزير يسمى كلبا في اللغة و بان الاناء يغسل ثلث مرّات من سائر النجاسات و الخنزير من جملتها و اجيب عن الاول بمنع اطلاق اسم الكلب على الخنزير حقيقة و عن الثانى بمنع وجوب الثلث في السّائر على انه على مقتضى الوجه الثانى يجب الاكتفاء بالثّلث بالماء و على الوجه الاوّل يجب اعتبار التراب فيها كالكلب فبينهما تناف فتأمّل

قوله لصحّة روايته

و هى صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام قال سألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرّات و لا يبعد حملها على الاستحباب كما فعله المصنف لعدم ظهور قائل بمضمونها من متقدمى الاصحاب مع انه ليس بلفظ الامر و الحكم بالوجوب بمثل هذه الاخبار بناء على انها بمعنى الامر لا يخلو عن اشكال فتأمل

قوله و هذا يتم فيما يغسل مرتين الى آخره

كان المراد هذا انما يتم فيما يغسل مرتين مثلا لا لخصوصيته في النجاسة و اما اذا كان غسله متعدّد الخصوصية في النجاسة لا لتلك النجاسة نفسها كالولوغ فلا اذ لا ريب ان النجاسة فيه ليست الا نجاسة الكلب او الخنزير مع انه لا يجب السبع فيها اذا لم تصبه بطريق الولوغ فعلم ان وجوب السّبع في الولوغ كما هو المشهور بين المتاخرين في الخنزير و نقلناه عن ابن الجنيد في الكلب انما هو لخصوصية فيه و ان لم تكن معلومة لنا فحينئذ الحكم بوجوب السبع في غسالته مشكل اذ غاية الامر ان يسلّم نجاستها بنجاسة الكلب او الخنزير فيجب فيها ما يجب في اصابة نجاستهما و امّا كون حكمهما حكم الولوغ فلا اذا الغسالة لا تسمى ولوغا و السّبع انما ورد فيه و على هذا فلا يرد ان يقال ان الامر في الغسالة مطلقا كذلك و لا اختصاص له بالولوغ اذ غسالة الدم ايضا مثلا لا يسمّى دما و ذلك لان كلام الشارح بناء على تسليم ان الغسّالة ايضا نجسة بنجاسته ما كانت الغسالة غسالة لكن يقول انه اذا اعتبرت فيه خصوصية زائدة على اصل النجاسة و علق عليها حكم فلا وجه للحكم بتعدى الحكم الى الغسالة لعدم وجود الخصوصيّة فيها هذا و ليس بناء الكلام على خصوص مذهب المصنف فان الحكم في الغسالة بما ذكره لا اختصاص له بمذهب المصنف فلا يرد ان على مذهبه لا يتحقق ما يغسل متعدد الخصوصية النجاسة لوجوب الغسل عنده في الجميع حتى الولوغ مرتين نعم في الولوغ اضيف لخصوص النجاسة مسح بالتراب ايضا و ذلك لانه اذا لم يبيّن الكلام على خصوص مذهب المصنف فلا ريب ان الولوغ يغسل عنه متعدد الخصوص النجاسة على بعض المذاهب على انه لو بنى الكلام على مذهب المصنف ايضا يمكن ان يقال انه عدّ المسح بالتراب ايضا غسلا فجعل الغسل فيه ثلثا كما هو المشهور بينهم انه يغسل في الولوغ ثلث احدهما بالتراب و حينئذ فالمراد ان في غسالة الولوغ لا يمكن الحكم بوجوب الغسل بالتراب لانه لخصوص الولوغ و غسالة الولوغ ليست ولوغا او يقال المراد انه لا يمكن الحكم باستحباب السّبع في غسالة الولوغ لاختصاصها بالولوغ فتدبّر و اعلم ان هذا التحقيق ليست من متفردات الشارح رحمه الله بل مأخوذ مما ذكره جمع من الاصحاب كالشيخ رحمه الله في الخلاف و المحقق في المعتبر و العلّامة في المنتهى فانهم حكموا بعدم تعدى حكم الولوغ الى غسالته لاختصاص النص بالولوغ فحمله على الولوغ قياس لا نقول به و حكموا القول بالتعدى عن بعض العامة و انت خبير باتجاه ما ذكروه على ما اشرنا الى سرّه و ان مناقشة المحقق الثانى معهم و حكمه بان الظاهر اعتبار ما يعتبر في الولوغ في غسالته لانها نجاسة الولوغ و كذا ما استقربه العلامة في النهاية من الحاقها بالولوغ لوجود الرطوبية اللعابية فيها ليس بشي ء و لك ان تحمل كلام الشارح

ص: 28

على ان هذا التفصيل و الفرق بين الغسالة الأولى و الثانية على ما ذكر انما يتم على مذهب المصنف فيما يغسل مرتين لا لخصوص النجاسة بل لوجوب المرّتين عنده في جميع النجاسات اذ حينئذ يتّجه القول بوجوب المرّتين في المرّة الاولى لوجوبهما عنده في كل نجاسة و الاكتفاء بالمرة في الثانية لحكم العقل بعدم زيادة نجاسة الفرع على الاصل امّا المخصوص الذى يجب فيه الزائد على المرتين كالولوغ فلا فان غسالة الولوغ لا يسمّى ولوغا فاذا ورد في خصوص الولوغ ما زاد على المرتين لا يمكن الحكم بوجوب ذلك في غسالته ايضا و في هذا الكلام اشارة ايضا الى انه على مذهب من خصّ المرّتين ببعض النجاسات و اكتفى في الباقى بالمرة لا يمكن اجراء هذا الحكم اصلا بل ينبغى عنده الاكتفاء بالمرّة في الغسالة مطلقا فتأمّل

قوله ما لم تتغير بالنجاسة الى آخره

اى ما لم يتحقق شي ء من جزئى هذه المنفصلة فاذا تحقق واحد منهما فليست بطاهرة

[المسألة الرابعة المطهرات عشرة]

قوله من سائر النجاسات التي يقبل التطهير

مراده ان الماء مطهر من جميع النجاسات التى ذكرها في الجملة و ان احتاج في بعضها الى شي ء آخر فلا يرد النقض بالولوغ لاحتياجه الى التراب و فيه بعد ان بدن الكافر يقبل التطهير بالاسلام مع انّ الماء غير مطهر له كما ذكره سلطان العلماء رحمه الله و كذا الكلب و الخنزير و ساير الاعيان النجسة فانها تطهر بالاستحالة رمادا على المشهور بل ادعى الشيخ في ف الاجماع عليه و كذا بالاستحالة ملحا كما هو الاظهر و ذهب اليه المصنف و الشارح و جمع من محققى الاصحاب مع ان الماء غير مطهّر لها و لو قيل لدفع ما اوردنا ان الماء مطهر لكل ما يقبل التطهير مع بقائه بحقيقته بالانتقال كما ذكر في الدروس و غيره مع ان الماء غير مطهّر له كذلك و كذا العصير بالانتقاض على القول بنجاسته كما هو ظاهر المصنف هنا و في الدروس الا ان يمنع بقاء الحقيقة في الحالين اما في الاول فلأنهم جعلوا الطهارة بالانتقال باعتبار الاستحالة قال في الذّكرى يطهر الدّم بانتقاله الى البعوضة و البرغوث لسرعة استحالته الى دمهما و امّا في الثانى فلان الدبس كانه حقيقة اخرى غير العصير و يمكن ان يقال ايضا المراد انّ الماء مطهر لكل ما يقبل التطهير مع بقائه بحاله و ان لم يبق بحاله بعد التطهير بالماء و فيه بعد و الاظهر دفع الجميع بان المراد ان الماء مطهر لكل ما يقبل التطهير مع بقائه على اسمه الذى كان عليه في حالة النجاسة و ظاهر ان الكافر و كذا ساير ما اوردنا لا يبقى اسمه بعد التطهير امّا في غير الدم فظاهر و امّا فيه فلانه و ان بقي فيه اسم الدّم و لكن كان اوّلا دم انسان مثلا و صار بعد التطهير دم بقّ او برغوث مثلا و هو يكفى لعدم بقاء الاسم فتأمّل و قد يقال المراد انّ الماء مطهّر مطلقا للاشياء من سائر النجاسات لا لأعيان النجاسات و حينئذ فلا يضر عدم تطهيره لبدن الكفار و نحوه فانه عين النجاسة و اما قوله التى تقبل التطهير فهو احتراز عما اذا لم تقبل التطهير كالمائعات النجسة التى لا تقبل التطهير الا اذا صار ماء فالمراد قبولها التطهير باعتبار المحلّ اى لم تكن في المائعات و اراد بكونه مطهّرا من سائر النجاسات كونه مطهّرا منها مع بقاء المحل على حقيقة فاحتيج الى التقيّد المذكور و لا يخفى بعده فتأمّل

قوله مع زوال عين النجاسة عنهما بها بمشى الى آخره

ظاهره انه اذا كان للنجاسة عين يجب زوالها بالارض بمشى و دلك و نحوهما الا ان يجفّ رطوبته بمجرّد الوضع عليها او مع السّكون عليها ساعة و لو لم يكن لها جرم و لا رطوبة كفى مسمّى الا مساس و الظاهر ان مع وجود العين ايضا لا تجب ازالتها بالارض بل لو ازيلت بغير الارض كفى الامساس بها بعدها و في بعض النسخ عنهما بمشى بهما و دلك و غيرهما و حينئذ يمكن ان يحمل غيرهما على ما يشمل الازالة بغير الارض فافهم

قوله ما لم يخرج عن اسم الارض

نقل في شرح الارشاد عن مصنّفه العلّامة انه اكتفى بالوحل ما لم يصدق عليها اسم الوحل و استحسنه فكان خروجه عن اسم الارض يتحقق عنده باطلاق اسم الوحل عليه فافهم

قوله و اطلاق النص و الفتوى الى آخره

صرح المصنف في الذكرى باشتراط طهارتها و ظاهر ابن الجنيد باشتراط طهارتها و يبوستها و نفى عنه في المدارك البأس فالمراد باطلاق الفتوى هو اطلاق فتوى الاكثر فتدبّر

قوله و خشبة الاقطع كالنّعل

في الحكم اشكال الا ان تثبت تسميتها نعلا بالنسبة اليه و هو غير ظاهر بل عبادته تشعر بخلافها و اضعف منه الحاقها باعتبار دخولها في الرّجل هذا و لا يلحق به اسفل العصا و رأس الرمح و ما شاكل ذلك كما صرح به في شرح الشرائع لطهور عدم اطلاق النعل عليها حقيقة و لا مجازا

قوله و نقص البئر

اراد به ما يشمل نزح الجميع لانه نقص بالنسبة الى ما يتجدد بعده ايضا فافهم

قوله و تطهّر العين الى آخره

الظاهر انه على صيغة التفعيل و باطنها مفعوله بكون العين و اخواتها ايضا احدى المطهرات و لا يخفى ما في جعلها مطهّرا لبواطنها من التمحّل بل الاولى ان يجعل المطهّر فيها زوال العين و يمكن ان يقرأ على صيغة المجرّد و يكون باطنها بدلا من الفاعل و يجعل المطهّر زوال العين كما ذكرنا او يقال انه ليس الغرض منه بيان مطهر آخر بل بيان الحكم فيها من غير اعتبار مطهّر فيها ثمّ لا يخفى انه ان اعتبر مطهريتها فالمطهّرات على ما عدّها اثنى عشر و ان لم يعتبر فاحد عشر و على التقديرين فلا ينطبق على العشرة التى ذكرها اولا الا ان لا يجعل التراب في الولوغ مطهّرا على حدة بل داخلا في الأرض و يحتمل ذلك في النار ايضا بان يجعل المطهّر مطلق الاستحالة الشاملة لما كان بسبب النار و يمكن جعل الانقلاب ايضا داخلا في الاستحالة و مما يؤيد هذا ان المصنف رحمه الله في البيان جعل الاستحالة شاملا لهما فانّه قال عند حصر المطهّرات و الاستحالة بالنار بحيث يصير رمادا او بصيرورة الخمر خلّا و بالانتقال الى الحيوان الذى لا نفس له كدم البراغيث و البق و من هذا يظهر وجه عدم ذكره الانتقال هاهنا لكن حمل عبارة المصنف هنا عليه لا يخلو عن بعد و يمكن ايضا ان يجعل احد المطهرات النقص مطلقا بحيث يشمل نقص البئر و ذهاب ثلثى العصير و يحمل عدهما اثنين على انه للتفصيل و الا فالمطهر الذى عدّ من العشرة ما يشملهما و يؤيّد هذا ان في بعض النسخ ليس علامة المتن على لفظ الذهاب فيكون المتن هكذا و نقص البئر و ثلثى العصير فتأمّل

قوله بالمضمضة مرتين

هذا مع العلم بوصول الماء بالمضمضة الى ما وصل اليه النجاسة كان يطرأ الدم على الفم بعد دخول شي ء في الاسنان و امّا اذا دخل شي ء نجس فيها فلا يطهر بمجرّد المضمضة مرّة او مرتين ما لم يعلم وصول الماء اليه بتمامه و بعد ذلك ايضا كانه انما يكفى ذلك فيما يقبل التطهير كالجامدات و اما فيما لا يقبل الا بالاستحالة ماء كالمائعات النجسة فيعتبر فيه ايضا ذلك و كذا اذا لم يحتج الى العصر فلو احتاج اليه كالخرق فالظاهر عدم طهره بدون ذلك و اللّه تعالى يعلم

[فهنا فصول]

[الفصل الأول في الوضوء]

اشارة

قوله و اصله من الوضاءة

اى التوضّؤ و الوضوء بمعنى الشرعى مأخوذ من الوضاءة التى هى في اللغة بمعنى النّظافة و النّضارة

قوله و السّبب اعم منهما مطلقا

فان المراد بالسّبب ما له دخل في وجود مسبّبه سواء كان سببا تامّا ام لا و المراد بالموجب هو السّبب التام فالحدث في غير وقت وجوب مشروطه سبب بهذا المعنى و ليس بموجب و منه يظهر اعميته من الموجب و اما اعميته من الناقص فكانه باعتبار ان المراد بمدخلية السّبب هاهنا صلاحيته لها و ان لم يكن له مدخل بالفعل و حينئذ فالحدث بعد الحدث سبب و ليس بناقض بناء على حمل التناقض بالفعل لا ما يصلح لذلك و يمكن ان يقال ايضا

ص: 29

انه ليس المراد بمدخلية الاسباب هاهنا هو التأثير على ما هو مصطلح ارباب العقول بل ما يتناول كون الشي ء معرفا و علامة و حينئذ فالحدث بعد الحدث سبب و ان اعتبر المدخلية بالفعل و لم يكتف بالصّلاحية على ما ذكرنا اولا و من هاهنا جوّز في علل الشرع تواردها على معلول واحد و يرد على الوجهين مع ما في التفرقة بين الناقض و السّبب و اعتبار الصّلاحية او المعرفيّة في احدهما دون الآخر من التعسّف ان هذا انما يفيد اعميّة السّبب من الناقض بوجه و امّا اعميته منه مطلقا فلا يثبت بذلك ما لم يثبت كون كل ناقض سببا و لا دليل عليه بل لو كان الكلام في السبب و الناقض مطلقا او في خصوص الوضوء فدعوى تلك الكلية ظاهرة الفساد اذ الجنابة ناقضة للوضوء و ليست بسبب له و كذا وجود الماء بالنّسبة الى التيمّم نعم لو اعتبر السّبب و الناقض بالنسبة الى الطهارة لم يتوجه النقضان و كانت الكليّة ظاهرة لكن الكلام هاهنا في موجب الوضوء لا الطهارة فاعتبارهما بالنسبة اليها لا يخلو عن بعد و يمكن ان يقال ان غرضه اعتبار النسبة بين الثلاثة بالنسبة الى الوضوء باعتبار هذه الاسباب السّتة لا مطلقا فلا يرد النقضان فتأمّل

قوله كما ان بينهما عموما من وجه

و ذلك لاجتماعهما في الحدث الواقع بعد الطهارة في وقت وجوب المشروط و وجود الناقض بدون الموجب في ذلك الحدث قبل الوقت و كذا الجنابة العارضة للمطهّر بالنسبة الى الوضوء لكن ليس نظر الشارح اليها و الا لما حكم باعمية السّبب مطلقا من الناقض كما اشرنا اليه و وجود الموجب بدون الناقض في الحدث الواقع بعد الحدث في الوقت بناء على ان المراد بالموجب ما يصلح ان يكون موجبا و ان علّل الشرع علامات و معرّفات فكل منهما موجب بالفعل على قياس ما ذكرنا من الوجهين في السّبب و يمكن ايضا ان يجعل الموجب بدون الناقض دخول وقت المشروط و نحوه كالبلوغ بالسّن لكن يخدش ذلك عدّهم امثال ذلك من الموجبات فتأمّل

قوله فكان التعبير بالسّبب اولى

اذ لا مناقشة في كون هذه الامور اسبابا للوضوء على الاطلاق بخلاف كونها موجبات له اذ لا بدّ من التقيّد بكون عروضها في وقت وجوب مشروطه و اشار بقوله اولى الى انه لا ضير في اطلاق الموجب عليها باعتبار ايجابها في بعض الاوقات اذ يكفى ذلك في وجه التسمية و لا يلزم في صحة التّسمية ثبوته لكل فرد منها فتأمّل

قوله على وجه يأتى تفصيله

لما كان المراد هاهنا حصر ما يوجب الوضوء خاصّة لا ما يوجبه و ان كان مع الغسل و لهذا لم يذكر الحيض و النفاس و ظاهر ان مطلق الاستحاضة ليس مما يوجب الوضوء خاصة فلذا قيّده الشّارح بالوجه الذى يأتى اشارة الى القليلة او ما يشمل الآخرين ايضا بالنسبة الى وقت لا يوجبان فيه الا الوضوء كما عدّ الصّبح في المتوسّطة و العصر و العشاء في الكثيرة فتدبّر

قوله المعتبر شرعا و هو اوّل جزء الى آخره

كان غرضه دفع ما يتوهم على عبارة المصنف انها تقتضى صحّة النّيّة المقارنة لابتداء غسل الوجه مطلقا و ان كان الابتداء من اسفل الوجه و ليس كذلك بناء على ما هو المشهور و مختار المصنف في ساير كتبه من وجوب الابتداء بالاعلى فدفع ذلك بان المراد يغسل الوجه الذى وجب مقارنته النية له هو الذى ابتدأ به من اول جزء من اعلاه امّا بناء على حمل الغسل على حمل الغسل الشرعى و الغسل الشرعى للوجه هو ذلك او بناء على ظهور ان النيّة لا بد من مقارنتها لاوّل افعال الوضوء و غسل الوجه لا على ذلك الوجه ليس من افعال الوضوء و لا يخفى سخافة التّوهّم و عدم الحاجة الى دفعه في مثل هذا الكتاب اذ ظاهر ان المراد بغسل الوجه هنا ما كان مجزيا شرعا فبنى على المجرى منه و امّا الايراد على المصنف بانه لم يتعرض هاهنا لوجوب الابتداء بالاعلى مع ان مذهبه ذلك كما يشهد به ساير كتبه فيندفع بانه اكتفى عنه بذكر او في تحديد الوجه كما اكتفى بمن و الى في اليدين كما سيشير اليه الشارح فافهم

قوله لانه خارج عن الفرض

بالفاء اى عما هو المفروض من عدّ الواجبات اذ لا بدّ فيه من تخصيص الوضوء بالواجب فلا يتصور فيه الندب و يمكن ان يجعل الفرض بمعنى الواجب و ان يكون بالغين المعجمة و مآل الجميع واحد فافهم

قوله او موافقة لطاعته

او لكونه تعالى اهلا للعبادة او لان العبادة شكر النعمة

قوله او طلبا للرّفعة عنده

و نيلا لما لديه من الثواب و في حكمه فعله خوفا من عقابه على تركه و نقل المصنف رحمه الله في قواعده بطلان العبادة بهاتين الغايتين اى طلب الثواب و الخوف من العقاب و به قطع السّيد رضى الدّين بن طاوس ايضا محتجا بان قاصد ذلك انما قصد الرشوة و البرطيل و لم يقصد وجه الربّ الجليل و هو دالّ على ان عمله سقيم و انه عبد لئيم و الظاهر كما اختاره المصنف في القواعد و كرى صحّة العبادة على هذا الوجه ايضا لدلالة الآى و الاخبار عليه و اشعار ترغيب الكتاب و السّنة به و ان كان فعلها لامتثال امره و موافقة رضاه اولى و اعلى رتبته و التفصيل في شرح الدروس لوالدى طاب ثراه

قوله تشبيها بالقرب المكانى

كانه جعل القرب حقيقة في المكان فاشار الى ان اطلاق التقرّب بالقصد المذكور على احد الوجوه باعتبار تشبيه ما يترتّب عليه من القرب المعنوى بالقرب المكانى و يمكن ان يجعل ذلك متعلقا بالاخير فقط كما هو ظاهر عبارة كرى بناء على جعل الرفعة حقيقة فيما يكون بالقرب المكانى فاطلاقها هاهنا باعتبار التشبيه فافهم

قوله او مجرّدا عن ذلك فانه تعالى غاية كل مقصد

اى يقصد فعله للّه يجعل الغاية ذات اللّه تعالى مجرّدا عن قصد ما ذكر من امتثال امره و غيره بناء على انه تعالى غاية كل مقصد و انت خبير بان قول الحكماء انه تعالى غاية الغايات و غاية كل مقصد باعتبار ان مرادهم بالغاية ما يكون سببا لفاعلية الفاعل و ظاهر ان سببيته فاعليّة كل فاعل تنتهى اليه تعالى كسببية وجوده و ظاهر ان الغاية التى يعتبر قصدها في العبادات لا يكفى فيها مجرّد ذلك فالصّواب انه لا بد من قصد فعله للّه تعالى على احد الوجوه التى ذكرها اولا فتأمل

قوله و الاستباحة مطلقا

اى في جميع افراد الوضوء و ذلك اما لان الكلام في الوضوء الواجب اى بحسب اصل الشرع و كل وضوء كذلك فهو مبيح و انما قيدنا بالواجب بحسب اصل الشرع لئلا ينتقض بنحو وضوء الحائض للذكر وقت الصّلاة اذا وجب بالنذر مثلا و اما لان الكلام في الوضوء الذى هو من اقسام الطهارة و الاباحة تعتبر في الطّهارة على اصطلاح المصنف و المشهور و المراد الاباحة في الجملة اعم من التامة و النّاقصة ليشمل وضوء الحائض مثلا للصّلاة لانه له دخلا في الاباحة فتأمّل

قوله او الرفع حيث يمكن

كما في غير دائم الحدث من المستحاضة و المبطون و السّلس و اعلم انهم قالوا ان المراد بالحدث هو الحالة التى لا تباح معها الدخول في الصّلاة و نحوها مما يتوقف على الطهارة فان اريد انه يباح معها الدخول فيها اصلا فالحدث في دائم الحدث يرتفع بالطهارة لاستباحة الدخول في الصّلاة له بها فحينئذ استباحة الصّلاة تستلزم رفع الحدث ايضا و ان اريد انه لا يباح معها الدخول فيها الا لضرورة و نوع رخصة فيمكن ان يقال في دائم الحدث و كذا المتيمّم انه لا يرفع عنه و ان استباح الصّلاة لوجود حالة فيه لا يمكنه معها

ص: 30

الدخول في الصّلاة الا باعتبار عذره من كونه دائم الحدث او انه لا يجد الماء فرخص في التيمّم معه و على هذا فاستباحة الصّلاة لا تستلزم رفع الحدث و كلام الشارح رحمه الله مبنى على هذا الوجه و كذا ما حكم به المصنف رحمه الله في الدروس من ان المبطون و المستحاضة و السّلس ينوون الاستباحة او رفع ما مضى من و تجويزه منه رفع ما مضى كانه باعتبار ان الحدث الماضى يرتفع عنه بالطهارة بعده بالكليّة بحيث لو لم يكن الحدث الحالى و لم يكن فيه مانع من الصّلاة اصلا و اما الحدث الحال فلم يرتفع عنه بالكليّة و انما ابيح له الدخول في الصّلاة معه للضرورة فلا يجوز له نيّة دفعه بل مدخلية الطّهارة السّابقة في رفع الحدث اللاحق غير ظاهر اصلا لجواز اغتفاره من غير مدخليّة لها في تخفيفه و رفعه في الجملة و انما المعلوم دخلها في رفع السّابق فلا يمكن نيّة الرفع الا بالنسبة اليه هذا و لما كان القول بوجوب التعرض في النيّة ترفع الحدث بل الاستباحة ايضا ضعيفا ليس عليه دليل صالح فلا حاجة الى تفصيل الكلام في هذه المباحث فتأمّل

قوله و المراد رفع حكم الحدث

كانه رحمه الله حمل الحدث على ما صدر عنه من موجبات الطهارة فحكم بانه بعد وقوعه لا يرتفع فيجب ان يحمل على رفع حكمه و قد عرفت ان مرادهم به هو الحالة المذكورة و حينئذ فرفعه محمول على ظاهره لا بمعنى دفع ما تحقق منه في الزمان السّابق ليتوجه ايضا لانه اذا وقع لا يرتفع بل بمعنى انه تزول تلك الحالة بعد الطّهارة و ينقطع استمرارها فتدبّر

قوله حيث يكون الفعل مشتركا

اى حاذر وقوعه منه في ذلك الوقت في الواقع على وجهين كمن عليه صلاتا ظهر اداء و قضاء فعليه تعيين ان ما يفعله هو الأداء و القضاء و امّا اذا لم يكن عليه الا اداء و قضاء فيكفى قصد صلاة ظهر من دون تعرّض الى الأداء و القضاء و حينئذ فلما لم يكن في الوضوء اشتراك حتى في الوجوب او الندب على ما ذكره الشارح فيكفى فيه قصد الوضوء قربة الى اللّه و لا حاجة الى تعيين انه واجب او ندب و ما ذكره سلطان العلماء رحمه الله من التأمّل فيه و ان الظاهر لزوم التعيين في نظر المكلف في حال النيّة فيه تامّل اذ لا دليل على لزوم تعيين المكلف تلك الخصوصيّات اذا لم يكن اشتراك في الواقع لانه اذا قصد ذلك الفعل قربة الى اللّه تعالى و لم يقع الا على وجه واحد فقد نوى ذلك الفعل و لا دليل على وجوب ان يعين و يلاحظه انه اداء او قضاء واجب او ندب كما لا دليل على تعيين سائر الخصوصيات الاخرى مما يتّصف به الفعل سلّمنا عدم كفاية التعيين في نفس الامر و لزوم التعيين في نظر المكلّف لكن نقول ان ذلك انما هو مع عدم علمه بالتعيين و تجويزه الاشتراك كمن احتمل كون الغد من رمضان و عدمه و ان كان من رمضان مثلا في الواقع فحينئذ سلمنا لزوم التعيين عليه و اما اذا لم يكن عنده ايضا اشتباه و احتمال اشتراك كما في الوضوء لمن علم ما ذكره الشارح من عدم الاشتراك فيه فأيّ دليل على عدم كفاية قصد ذلك الفعل مطلقا و لزوم قصد انه اداء او قضاء واجب او ندب فتأمّل

قوله حتّى في الوجوب و الندب

لما كان عدم الاشتراك في الوضوء بين الافراد المختلفة في الكميّة او الكيفية او هما معا امرا ظاهرا بخلاف غيره من العبادات كالصّلاة و انما الاشتراك الذى يتوهم في الوضوء هو اشتراكه بين الواجب و الندب جعل ذلك فردا خفيّا و استدل على نفيه بما ذكره

قوله لانّه في وقت العبادة الواجبة الى آخره

و كذا مع وجوب بنذر او شبهه و قال سلطان العلماء رحمه الله فيه نظر لانا لا نسلم ان في وقت العبادة الواجبة لا يكون الا الوضوء الواجب لان الوضوء في كل وقت مستحبّ و لا يخفى ما فيه لانه اذا وجب عليه الوضوء لوجوب الصّلاة مثلا فكيف يكون مستحبّا و لعلّ مراده ان الوضوء في كل وقت غاية يستحبّ الوضوء لها كالكون على الطّهارة مثلا فحينئذ يجوز للمكلّف الاتيان بالوضوء المندوب لها و ان وجب ايضا عليه لغاية اخرى و حينئذ فقصد الندب فيه ليس بمعنى كونه مندوبا في نفسه مطلقا حتى يكون فاسدا باعتبار كونه واجبا بل بمعنى كونه مندوبا لتلك الغاية و الحاصل انه يقصد الوضوء ندبا للكون على الطّهارة مثلا لكون الوضوء مندوبا له من غير قصد الى كونه واجبا عليه من جهة اخرى و لا دليل على عدم جواز الوضوء على هذا الوجه و حينئذ يحصل الاشتراك في الوضوء ايضا و اعلم ان القول بان الوضوء لا يكون في حال واحد واجبا و ندبا معا بل مع اشتغال الذمّة بمشروط به واجب و بدونه ندب متن بين الاصحاب و ظاهرهم ان مرادهم انه لا يجوز الوضوء بقصد الندب مع اشتغال الذمة بمشروط به و يتوجه عليه ما اشرنا اليه الا ان يقال ان بناء كلامهم على اشتراط قصد الوجوب و الندب في النيّة بمعنى وجوب قصد حال الفعل في نفسه مطلقا من غير نظر الى خصوص غاية غاية اذ حينئذ لا شكّ في وجوب الوضوء عليه عند اشتغال ذمته بمشروط به فاذا وجب عليه قصد ذلك فلو لم يقصد ذلك و قصد النّدب باعتبار خصوص بعض الغايات لم يصح وضوءه لكن اثبات اشتراط قصد الوجوب او النّدب على هذا الوجه دونه خرط القتاد و كيف ما كان فكلام الشارح رحمه الله هاهنا ليس مبنيّا عليه اذ غرضه عدم اشتراط قصد الوجوب و الندب في النيّة و انه لا يشترط فيها الا القربة و التميّز حيث يقع فيه الاشتراك لكن لا يتصور الاشتراك في الوضوء حتى بين الواجب و النّدب فيتوجّه عليه ما ذكرنا من انه يتصور الاشتراك فيه ايضا بان ينوى النّدب بقصد غاية يندب لها الوضوء و لا دليل على عدم جواز الوضوء ندبا على هذا الوجه فاثبات عدم الجواز بناء على اشتراط قصد الوجوب و الندب في النيّة مما لا يفيد في توجيه كلامه هذا و قد تصدّى والدى طاب ثراه لابداء وجوه من الاستدلال على عدم جواز الوضوء المندوب مع وجوبه بسبب من الاسباب و زيّف كلّا منها ثمّ حكم بانّ هذا الحكم مما يشكل اثباته فالظاهر جواز الوضوء ندبا حال اشتغال الذمة بموجب الوضوء فان جوّزنا التّداخل كما هو الظاهر يكون كافيا عن الواجب ايضا و الّا فلا بدّ من وضوء آخر للواجب فمن اراد الاطلاع على الوجوه المذكورة و ما اورد عليها فليرجع الى شرح س و امّا ما ذكره سلطان العلماء في الحاشية الاخرى ان الظاهر ان بناء ما يقول الشارح على مذهب من يقول ان في وقت العبادة الواجبة لا يصح الاتيان بالمستحب منها ففيه ان هذا التحقيق ذكره الشارح و غيره في خصوص الوضوء و لو جعل بناءه على ما ذكره فلا اختصاص له بالوضوء و هو ظاهر

قوله و بدونه ينتفى

اورد عليه سلطان العلماء رحمه الله منع انه في غير وقت الوجوب لا يكون واجب الجواز تحقق الوجوب بالنذر و شبهه ليس ان يقال الوجوب بالنذر و شبهه ايضا داخل في الشق الاوّل اى وقته يكون وقت العبادة الواجبة ففيه ان الشق الاول ليس وقت العبادة الواجبة مطلقا او وقت العبادة الواجبة المشروطة به و في صورة النّذر و شبهه ليس عبادة واجبة مشروطة به الا ان يحمل كلامه رحمه الله ايضا على ما ذكرنا من ان حكمه ايضا حكم ما لا يصلح حينئذ ايضا الوضوء المندوب فتأمّل

قوله بان ينتقل كل جزء من الماء الى آخره

اى يصلح كل جزء من الماء لان ينتقل من محله الى غيره بنفسه او بمعين اذ في الغسل كذلك و امّا في المسح فما في كل جزء من الرطوبة

ص: 31

لا يصلح لان ينتقل الى جزء آخر و قال سلطان العلماء رحمه الله لا يخفى عدم حسن العبارة فان الواجب جريان الماء على كل جزء من المغسول لا اجراء كل جزء من الماء و مراده ان انتقال كل جزء من الماء انما يعتبر اذا قصد اجزاء كل جزء من الماء و ليس ذلك بواجب بل الواجب هو جريان الماء على كلّ جزء من المغسول و ظاهر انه لا يلزم فيه انتقال الماء من كل جزء الى آخر و هذا بناء على انه حمل الانتقال على الانتقال بالفعل و اما اذا حمل على الانتقال بالامكان كما اشرنا اليه فيندفع ذلك كما لا يخفى

قوله على ما دار عليه الإبهام و الوسطى

اى احاطاه و وقع بينهما حين تفريجهما و اعلم ان مستند الحكم صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام انه قال الوجه الذى قال اللّه عز و جلّ و امر اللّه عزّ و جلّ بغسله الذى لا ينبغى لأحد ان يريد عليه و لا ينتقص منه ان زاد عليه لم يوجر و ان نقص منه اثم ما دارت عليه الابهام و الوسطى من قصاص شعر الراس الى الذقن و ما جرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه و ما سوى ذلك فليس من الوجه فقال له الصّدغ من الوجه قال لا و معنى الرواية على ما فهمه الاصحاب و يستفاد من تحديدهم للوجه ان قوله عليه السّلام ما دارت عليه الابهام و الوسطى بيان العرض الوجه و قوله من قصاص شعر الراس الى الذقن لطوله و قوله عليه السّلام و ما جرت عليه الاصبعان الى آخره كانه تاكيد لبيان العرض و قد دقق المحقق البهائى رحمه الله فيه و حمله على وجه آخر و هو ان كلا من طول الوجه و عرضه ما اشتمل عليه الابهام و الوسطى بمعنى ان تخط الواصل من القصاص الى طرف الذقن و هو مقدار ما بين الاصبعين غالبا اذا فرض ثبات وسطه و ادير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذى يجب غسله قال في الحبل المتين و ذلك لان الجار و المجرور في قوله عليه السّلام من قصاص شعر الرأس اما متعلّق بقوله دارت او صفة مصدر محذوف و المعنى ان الدور ان يبتدئ من القصاص منتهيا الى الذقن و امّا حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه و هو لفظة ما ان جوّزنا الحال عن الخبر و المعنى ان الوجه هو القدر الّذى دارت عليه الاصبعان حال كونه من القصاص الى الذقن فاذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية و طرف الابهام على آخر الذقن ثمّ اثبت وسط انفراجها و دار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر الى اسفل دار طرف الابهام على الجانب الايمن الى فوق و تمت الدائرة المستفادة من قوله عليه السّلام مستديرا و تحقق ما نطق به قوله عليه السّلام و ما جرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه انتهى و انت خبير بان هذا المعنى و ان كان اوفق بلفظى دارت و مستديرا لكن مع ذلك كان حمل الرواية عليه بعيد جدّا و امّا ما استدل به على عدم صحة توجيه القوم للرواية من انه يقتضى خروج بعض الاجزاء عن حدّ الوجه مع دخوله في التحديد الذى عيّنه عليه السّلام فيها و دخول البعض فيه مع خروجه عن التحديد المذكور و كيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن الامام عليه السّلام فتفصيل القول فيه و فيما فيه في شرح الدروس لوالدى طاب ثراه

قوله مواضع التحذيف

سمّيت بذلك لحذف النساء و المترفين عنها ما ينبت عليها من الشعر الخفيف

قوله و العذار

فالعارض العذار على ما ذكره المصنف رحمه الله في الدروس ما حاذى الاذن بين الصّدغ و العارض و الصّدغ هو المنخفض الذى ما بين اعلى الأذن و طرف الحاجب و العارض على ما فسّره ايضا في الدروس هو الشعر المنحطّ عن القدر المحاذى للاذن الى الذّقن و المراد هاهنا محله ثمّ في دخول العذار و العارض في الوجه و وجوب غسلهما خلاف بين الاصحاب و تفصيل القول فيه في شرح س

قوله و المراد بتخليله الى آخره

اى النزاع بين الاصحاب حيث حكم بعضهم بوجوب التّخليل في الخفيف و بعضهم نفى وجوبه مطلقا انما هو في غسل البشرة المستورة بالخفيف امّا الظاهرة خلافه فلا بدّ من غسلها بلا خلاف فيه و لا يخفى انه على هذا يصير النزاع قليل الجدوى لانه اذا وجب غسل الظاهرة في الخفيف و لا شك ان عند ايصال الماء اليها يصل الى البشرة المستورة ايضا غالبا و يعتذر ان لا يصل اليها فحصول العلم او الظنّ بالوصول الى الظاهرة فلما ينفكّ عادة عن حصول العلم او الظنّ بالوصول الى المستورة و الذى يظهر بالتامّل في كلام الاصحاب ان النزاع في وجوب ايصال الماء الى البشرة الظاهرة خلال الشعر في الخفيف و اما المستور تحت الشعر فالظاهر انه لا نزاع لأحد في عدم وجوب غسله و ان كان في الخفيف و التفصيل في شرح س فليرجع اليه

قوله و هو مجمع عظمى الذراع الى آخره

اى الموضع الذى يجتمع فيه عظما الذراع و العضد فيتداخل كل منهما في الآخر اى مجموع العظمين و الظاهر من كلام جمع من الاصحاب انه نفس المفصل حيث حكموا بانه ان قطعت اليد من دون المرفق وجب غسل ما بقي و ان قطعت من المرفق او من فوقه سقط غسلها لفوات المحلّ لكن المصنف رحمه الله في الذكرى صرح بانه مجموع العظمين فانّه قال و لو قطعت من مفصل المرفق فالاقرب وجوب غسل الباقى لان المرفق مجموع عظم العضد و عظم الذّراع فاذا فقد بعضه غسل الباقى و تبعه على ذلك الشارح رحمه الله في شرح د فانه حكم بانه ان جعل المرفق داخلا في الحدود اصالة فاذا قطعت من المرفق لم يسقط غسل موضع القطع لان المرفق هو العظمان المتداخلان فاذا ذهب احدهما وجب غسل الآخر و العلامة رحمه الله ايضا في التذكرة كما فعل هنا حيث فسّره بالجمع و اراد به المجموع فانه قال و ان قطعت من المرفق فقد بقي من محل الفرض بقيّة و هو طرف عظم العضد لانه من جملة المرفق فان المرفق مجمع عظم العضد و عظم الذّراع ثمّ المراد بمجموع العظمين امّا المسمّى من رأس كلّ منهما او مجموع ما تلاقى من كل منهما من الآخر و لعلّه اقرب بعبارة شرح الارشاد و كذا حمل المجمع عليه كانه اقرب من حمله على المجموع بالمعنى الاول هذا و المعروف بين اللغويين انه الموصل فانه فسّره في المغرب بموصل العضد بالسّاعد و في الصّحاح بموصل الذراع في العضد و في القاموس بموصل العضد في الذّراع و لا يخفى انه لا دلالة لكلامهم على انه المجموع اذ الموصل يحتمل المفصل احتمالا ظاهرا لو لم يكن حمله عليه اقرب لكن وقوع الخلاف بين العلماء في دخول المرفق في الغسل و عدم دخوله ربّما يؤكد كونه بمعنى المجموع لانه اذا كان هو الحدّ المشترك و كان داخلا فيلزم ان يكون فوقه حدّ آخر يكون هو حدّ مشتركا خارجا عن الطرفين فيلزم تتالى الحدّين الا ان يكون بناء كلامهم على القول بالجزء الذى لا يتجزى كما هو المشهور بينهم او يقال انما يلزم تتالى الحدّين لو وجب الابتداء بغسل الحدّ و لم يجز غسل ما فوقه و امّا اذا جاز ذلك بل وجب من باب المقدمة فلا يلزم ذلك لجواز الابتداء بغسل جزء فوقه فيكون بين الحدّين فاصلة و لا يلزم تتاليهما غاية الامر ان يكون غسل جزء من العضد مقدمة عقليّة لغسل اليد الى المرفق لا مقدمة عادية فقط كما يتوهّم نعم يمكن ان يقال ان الخدّ بمعنى الخط لا يصلح للغسل الّا بالعرض بمعنى غسل السّطحين المحيطين به فكونه داخلا في المحدود يرجع الى لزوم غسل المجموع لكن هذا انما يتوجّه اذا اريد بالمجموع مجموع المسمّى من رأس كلّ

ص: 32

منهما لا مجموع العظمين المتداخلين اذ يكفى في غسل الخطّ غسل المسمّى من طرفيه فلا يلزم غسل مجموع القدر المتلاقى اللّهم الّا اذا كان لازما لغسل المسمّى عادة و كذا ما ذكرنا من الوجه الاوّل فان التتالى يرتفع بادخال جزء من العضد فلا يلزم ادخال كل القدر الملاقى الا ان يفرض اللزوم المذكور فتفطّن

قوله و ان كان يدا

و حكم في المختلف بوجوب غسل اليد الزائدة مطلقا تمسّكا بصدق اليد عليها و هو ضعيف اذ المتبادر منها هو الاصلية

قوله من باب المقدمة

هذا اذا علم كون احداهما اصليّة و الاخرى زائدة و وقع الاشتباه بينهما كما هو الظاهر و فرضه الشّارح و لو احتمل كونهما اصليين فالامر اظهر لصدق اليد عليهما فيشمل الأمر بغسل الايدي لهما

قوله لا يخرج بمدّه عن حدّه

و مع الخروج لا يجزى على القدر الخارج اما اصله الذى لا يخرج بالمدّ فحكمه حكم الغير الخارج

قوله و لو بجزء من اصبع

هذا هو الاظهر و ظاهر جمع من الاصحاب منهم المصنف رحمه الله في الدروس بل في الذكرى ايضا عدم الاجتزاء باقلّ من اصبع

قوله نعم يكره في الاستيعاب

اى استيعاب جميع الراس كما يفعله العامة اذ المشهور كراهته بل نقل عن ابن حمزة حرمته لا استيعاب المقدّم اذ لم يعدّوه مكروها الا ان يعتقد شرعيّته اى وجوبه او استحبابه فيحرم فعله بهذه النيّة لحرمة كل عبادة لم تكن متلقاة من الشارع او يحرم ذلك الاعتقاد و فيهما تامّل امّا في الثانى فلان الاعتقاد لا بدّ ان يكون ناشيا من اجتهاد او تقليد و اذا كان كذلك فلا وجه لحرمته غاية الامر ان يكون خطأ و لا اثم على الخطأ عندهم الا ان يجعل هذا الحكم من قبيل الضّروريّات و فيه مع انه ليس كذلك انه يلزم حينئذ الحكم بكفر معتقده لا بتأثيمه فقط مع انّ الظّاهر انه لا يقول به احد و امّا في الاوّل فلعدم ظهور حرمة العبادة الغير المتلقّاة مع اعتقاد شرعيتها باجتهاد او تقليد و ان فسد الاعتقاد الا ان يعلم خلافه ضرورة من الدّين و الا لأشكل الحكم في كثير من الاجتهاديّات و يمكن ان يقال ان اعتقاد شرعيته امثال هذه الامور ان كان بناءه على فساد اصل الدين و الابتناء على الطريقة الفاسدة فيه كما اذا اعتقدها العامة فكما يحرم عليه ما اعتقده من اصل الدّين لظهور تقصيره فيه فيجوز حرمة اعتقاد ما يتفرع عليه من الفروع و فعله ايضا لتقصيره في الاصل و ان كان مع صحة اصل الدّين كما اذا اعتقدها الامامى فهي من ظهور الفساد على طريقته بحيث لا يعتقدها الّا من قصّر حق التقصير في التأمّل و الاجتهاد و اذا كان كذلك فلا بدّ من الحكم بحرمة اعتقادها و فعلها عبادة و حكمهم بعدم الاثم على الخطأ انما هو اذا لم يكن بهذه المرتبة من الفساد و هذا تجويز لحكمهم بالحرمة و دفع للاشكال عنهم و امّا مستندهم فيه فيمكن ان يكون ما ورد من الاخبار في باب البدع و انّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النّار اذ الظاهر شمول البدعة لاعتقاد شرعيّة مثل هذه الامور و كذا فعلها عبادة سواء كان مع فساد اصل الدّين او بدونه فتأمّل ثمّ مع الاستيعاب مع اعتقاد شرعيّة هل يجزى يحتمل ذلك لاشتماله على الواجب و لا ينافى حرمة الزائد و يحتمل عدم الاجزاء لانه فعل المجموع بنيّة واحدة امتثالا للامر و قد حرم ذلك فبلغوا ما فعله و يحتاج الى اعادة المسح و اللّه تعالى يعلم

قوله و ان كان الفضل في مقدار ثلاث اصابع

بل ظاهر كلام الصدوق في الفقيه و الشيخ في النهاية وجوب ذلك و نسب ذلك الى السّيد المرتضى ايضا و اعلم انّ والدى رحمه الله في شرح الدروس جعل النزاع بين الاصحاب في تحديد المسح على ما اشرنا اليه بالنسبة الى عرض مقدم الراس قال و امّا بالنسبة الى طوله فالظاهر فيه الاكتفاء بامرار اليد في الجملة بما يسمّى مسحا نعم لا يكفى وضع الأصبع من دون امرار لعدم صدق المسح عليه كما اشار اليه الشّارح رحمه الله ايضا هاهنا و لعلّ هذا ظاهر عبارات الاكثر لكن الشارح رحمه الله في شرح الشرائع قال عند قول مصنّفه مقدار ثلث اصابع عرضا من حال الاصابع و المراد مرور الماسح على الراس بهذا المقدار و ان كان باصبع لا كون آلة المسح ثلث اصابع مع مرورها اقلّ من مقدار ثلث و معنى استحباب مسحه هذا المقدار كونه افضل الفردين الواجبين ان اوقعه دفعة و ان كان ذلك نادرا و لو كان على التدريج كما هو الغالب فالظاهر ان الزائد على المسمّى موصوف بالاستحباب انتهى و يفهم منه انه جعل استحباب ثلث اصابع بالنسبة الى طول الراس و لهذا قال المراد مرور الماسح على الراس بهذا المقدار اى ان يمسح مقدم الراس طولا قدر ثلث اصابع و ان كان باصبع لا كون آلة المسح ثلث اصابع مع مرورها اقل من مقدار ثلث و امّا على ما هو الظاهر من كلام الاكثر فينبغى ان يكون آلة المسح ثلث اصابع او قدرها من اصبع واحدة لو قيل بكفاية المقدار و على التقديرين فيكفى مسمّى المرور هذا و قال رحمه الله في شرح النفلية بعد ما عد المصنف من المستحبّات المسح بثلث اصابع مضمومة عرضا اى في عرض الراس خروجا من خلاف من اوجبها و ظاهر الخبر ان المعتبر في الثلث كونها في طول الراس بان يمرّ منه على مقدار ثلث اصابع و ان كان باصبع انتهى و ما وجدنا من الروايات في هذا الباب روايتان احدهما رواية زرارة قال قال ابو جعفر عليه السّلام المرأة يجزيها من مسح الرّأس ان تمسح مقدّمه قدر ثلث اصابع و لا تلقى عنها خمارها و الثانية رواية معمر بن عمر عن ابى جعفر عليه السّلام قال يجزى من المسح على الرّأس موضع ثلث اصابع و كذلك الرجل و انت خبير بان الظاهر منهما و ان كان كفاية المقدار لكن كون ذلك في طول الراس مما لا ظهور له اصلا بل يحتمل الطول و العرض جميعا بل الظاهر من الرواية الثانية هو العرض بقرينة التشبيه بالرجل فافهم و اما احتمال كون ذلك دفعة فلعلّه بان يضع ثلث اصابع على الراس بان يقع عرض اصابعه على طول الراس و طولها على عرضه و تحقق المسرور و في الجملة فانه حينئذ يقع مسح ثلاث اصابع من الراس دفعة فان في كل ان يفرض من زمان المرور وقع مسح ثلث اصابع جميعا و لا تقدم لاحدهما على الاخرى و كذا اذا وقع طول الاصابع او الاصبع على الراس بقدر ثلث اصابع عرضا و امرها في الجملة فانه حينئذ يتحقق في كلّ ان مسح ثلث اصابع جميعا و وقوعه على التدريج بان يضع من الاصابع او الاصبع ما لا يبلغ عرض ثلث اصابع على طول الرّأس سواء وقع عرض الاصابع على عرض الراس و طولها على طوله كما هو المتعارف او بالعكس و امرّها حتى مسح بقدر ثلث اصابع من طول الراس اذ لا شك انّ حصوله حينئذ على سبيل التدريج و لعلّه حكمه بكون الاول نادرا و الثانى غالبا بناء على ان المتعارف في مسح الراس انما هو الطريق الثانى ثمّ ما رجحه من كون الزائد عن المسمى مستحبّا لا يخلو عن اشكال فان المسمى لا حدّ له فكلّ ما فرض واجبا تحقق المسمّى باقلّ منه الا ان يبنى الكلام على القول بالجزء الذى لا يتجزى و هو كما ترى نعم هذا الاحتمال انما يتوجّه فيما لو تميز الزائد عن المزيد عليه كما في مواضع التخيّر بين القصر و الاتمام و تكرار التسبيحات الاربع في الركعتين الاخيرتين على القول بكفاية المرّة و كذا تكرار التسبيح في الركوع و السّجود و اما هاهنا الحكم فالظاهر الحكم بكون الجميع فردا من الواجب المخير فهو مخير بين ايقاع المسح بقدر اصبع مثلا او ازيد فكل ما فعله

ص: 33

فهو فرد من الواجب المخيّر نعم لعلّ له في الاثناء ان يجدّد نيّة الندب و لو قيل بهذا الوجه في ساير المواضع المذكورة فلا يخلو عن وجه و يمكن ان يقال ايضا فيها انه ان قصد الامتثال بالاقل و لم يقصد شيئا و قلنا بكفاية الاتيان بالمامور به في الامتثال و ان لم يقصد انه امتثال لذلك الامر فالواجب هو الاقلّ و الزائد مستحبّ و الّا فالواجب هو المجموع ثمّ انّ المصنف رحمه الله قال في الذكرى لو مسح بثلث اصابع فالاقرب ان الزائد موصوف بالاستحباب لجواز تركه و يمكن الوجوب لانه احد الجزئيات الكلّى هذا اذا اوقعه دفعة و لو اوقعه تدريجا فالزائد مستحبّ قطعا و الظاهر ان بناء كلامه على ما هو الظاهر من كون الكلام في عرض الراس و حينئذ احتمال الدفعة ظاهر و امّا التدريج فهو بان يمسح باصبع ثمّ باخرى ثمّ ان بناء كلامه كانه على ما اختاره من وجوب الاصبع فلا يتوجّه على ما اختاره من استحباب الزائد في الصّورتين ما اوردنا على الشارح رحمه الله هاهنا كما لا يخفى لكن فيه انّ ما جعله اقرب في صورة الدّفعة محل كلام بل الاقرب خلافه لان الامتثال انما يتحقق بهذا المجموع فيكون من افراد الواجب و جواز تركه مع الاتيان بفرد آخر لا يقدح في كونه من افراد الواجب المخيّر و امّا حكمه بالقطع باستحباب الزائد في صورة التدريج فقد ظهر امكان المناقشة فيه مطلقا و يتوجه ايضا فيما نحن فيه ان الحكم باستحباب الزائد حينئذ لا يخلو عن اشكال للزوم التكرار في المسح و الحكم باستثناء ذلك عنه بالامر الوارد بالمسح بثلث اصابع مشكل جدّا لان ظاهره المسح دفعة فالظاهر انه حينئذ لا رجحان في الزائد اصلا فتأمّل

قوله ثمّ مسح بشرة ظهر الى آخره

قال في شرح الشرائع عند قول مصنّفه و يجب المسح على بشرة القدم بعلم من قوله بشرة القدم مع قوله في الراس مسح الشعر او البشرة عدم اجزاء المسح على الشعر المختص بالقدم اذا قطع الخط الذى يحصل به مسمّى المسح و هذا هو الحق و الفارق النّص لا يشترط في خط المسح المتّصل الاستقامة فلو حصل مع المسح على الشعر اتّصال و لو بالاعوجاج كفى انتهى و ذكر في شرح الارشاد ايضا انه يستفاد من قوله بشرة الرّجلين مع قوله في الراس كذلك او بشعره المختصّ انه لا يجزى المسح على الشعر في الرجلين بل يتحتم البشرة و الامر فيه كذلك انتهى و لم اقف في كلام غيره رحمه الله على تصريح بذلك و الظاهر صدق الامتثال بالمسح على الشعر ايضا لصدق المسح بالرجل بذلك عرفا الا اذا كان طويلا جمّا خارجا عن المعتاد لا سيما و ليس فيه الباء الدّالة على الالصاق كذا في شرح الدروس و لعل بناءه على قراءة النّصب لوجوب تقديرها في قراءة الجرّ و المقدر في حكم المذكور و كان نظره طاب ثراه الى ان الظاهر من قراءة النّصب صدق الامتثال بالمسح على الارجل مطلقا و ان لم يكن بإلصاق و لا يلزم حمله على ما كان بإلصاق ليطابق قراءة الجرّ اذ يجوز كفاية المطلق على ما هو مقتضى النّصب و يكون على قراءة الجرّ بيانا لأحد فردى الواجب و ربما كان افضل و هو ان لم يكن اولى من التقييد على قراءة النّصب فليس القيد باولى منه فتأمّل و يؤيّد ذلك ايضا عدم التعرض لذلك في الاخبار مع ان الرّجل قلما ينفك عن الشعر و لا ريب حينئذ انّ الظنّ كفاية المسح على الشعر حين اطلاق الامر بالمسح على الرجل مجالا واسعا فعدم تعرضهم ع لكفاية ذلك مما يؤيّد كفايته و لا يتوهّمن ان الاستيعاب العرضى غير لازم فيقع القدر المفروض من المسح على البشرة عاليا فلهذا لم يتعرّضوا له لان الاستيعاب الطولى لازم و وقوع خط طولى غالبا على البشرة معلوم الانتفاء بل انما يتحقق ذلك مع الملاحظة و الالتفات التامّ كذا في شرح الدروس لا يقال هذا انما يتجه لو وضع المسمى او ما في حكمه و امّا اذا وضع الكفّ او القدر المعتدّ به منه فكان وصول المسمّى الى البشرة في كل الطّول مما لا يحتاج الى ملاحظة و التفات سيّما اذا لم يعتبر فيه الاستقامة و اكتفى بحصول الخطّ الطّولى و لو بالاعوجاج كما نقلنا عن شرح الشرائع و حينئذ فكانه لا تأييد في عدم التعرض لذلك في الاخبار اذ اكتفائهم بوضع المسمّى و ما في حكمه غير ظاهر لانا نقول لما كان ظاهر اوامرهم ع كفاية مسمّى المسح الى الكعبين و الرّجل لا ينفكّ غالبا عن الشّعر فالظاهر منه كفاية المسمّى و لو على الشعر و لا اقل من احتمال ذلك احتمالا مساويا فلو لم يكفّ المسح على الشعر لكان عليهم ع ان يتعرضوا لذلك و يقولوا انه يجب مسمّى المسح على البشرة فلما لم يتعرضوا لذلك علم كفاية ذلك اللهمّ الّا اذا كان مسمى المسح على أيّ وجه كان مستلزما لحصول المسمى على البشرة و قد علم انه ليس كذلك فاستلزام وضع الكفّ او القدر المعتدّ به منه لذلك لا يدفع ما ذكره من التاييد نعم لو كان التاييد باعتباراتهم ع كانوا يمسحون على الرجل مع وجود الشّعر عليه بحكم الغالب و لم ينقل منهم رعاية وصول المسح على البشرة و ازالة الشعر فدلّ ذلك على كفاية المسح على الشعر لتوجّه ما ذكر اذ لعلّ مسحهم كان بوضع الكفّ او ما يقرب منه و هو مستلزم لحصول المسمّى على البشرة فلا حاجة الى الملاحظة و الالتفات هذا كله على تقدير كفاية مسمّى المسح عرضا كما هو المشهور و لو قيل بوجوب اصبع او ثلث اصابع فالامر اظهر لظهور ان حصول ذلك مع عدم خلوّ الرّجل عن الشعر يحتاج الى ملاحظة و التفات تامّ لا سيّما على الثانى و لو قيل بوجوب المسح بالكفّ كما يدل عليه صحيحة البزنطى فلا يخفى ما في القول بعدم كفاية المسح على الشعر معه من العسر و الحرج لكن يمكن ان يقال ان الامر في صحيحة البزنطى ربما كان بوضع الكفّ كله لتضمنه وصول المسمّى على البشرة يقينا لا لوجوب المسح بكل الكفّ في نفسه و به يمكن الجمع بينهما و بين الاخبار الدّالة على كفاية مسمّى المسح عرضا و حينئذ يضعف ما ذكرنا من التأييد بعدم التعرّض في الأخبار اذا الصّحيحة المذكورة تكفى تعرضا لكنه بعيد و الظّاهر حمل الصحيحة على الاستحباب و اللّه تعالى يعلم هذا و امّا اقحام لفظ

البشرة في كلام جمع من الاصحاب فلا ظهور له فيما ذكره بل يمكن ان يكون للاحتراز عن المسح على الخفّ و نحوه ردّا على العامة كما يشهد به استثنائهم بعده صورة التقية و امّا التعرّض في الراس للشعر المختصّ دون الرجلين فيمكن ان يكون باعتبار وجود القسمين في الراس غالبا بخلاف الرّجل فاشاروا بالتقييد بالمختص الى عدم جواز المسح على غير المختص من الشّعر و امّا الرّجل فلما لم يوجد عادة فيه شعر غير مختصّ و الشعر المختصّ اذا كان حكمه حكم البشرة كما ذكروه في الراس فلا حاجة الى التعرض له و امّا ما اشار اليه في شرح الشرائع من النصّ الفارق فلم اقف عليه بل الظاهر ان مبنى تجويزهم المسح على الشعر المختص في الراس ايضا ليس الا صدق المسح بالراس بذلك و ايضا العلم بالضرورة بان النّبى و الائمة صلّى اللّه عليهم كان على رءوسهم الشعر و يمسحون عليه و لم ينقل رعايتهم ايصال المسح الى البشرة مع ما فيه من العسر و الحرج المنفيّين فيعلم منه كفاية المسح على الشعر المختص ايضا و لم يجوّزوا ذلك في غير المختصّ لعدم جريان ما ذكر فيه و اما النص الوارد بجواز المسح على الشعر في الراس دون الرجلين او بدون ذلك حتى يتمسّك لعدم الجواز في الرجلين بعدم وروده فلم اطلع عليه و اللّه تعالى يعلم

قوله الى الكعبين

قد تبع فيه الآية الشريفة حيث ثنّى فيها الكعب باعتبار الرّجلين في كل مكلف و ان وقع فيها الارجل باعتبار المكلفين و الا ففى كل رجل ليس الا كعب واحد عندنا نعم على

ص: 34

مذهب العامة و هو ان الكعبين هما العظمان الثّابتان عند مفصل السّاق و القدم عن الجنبين اللّذان يقال لهما المنجمان و الرّهرهتان في كلّ رجل كعبان فالأولى هنا الافراد او ذكر التحديد بعد ذكر اليسرى ايضا

قوله و هما قبّتا القدمين على الاصحّ

هذا هو المشهور و القول الآخر للعلّامة رحمه الله و تفصيل القول فيه بما لا مزيد عليه في شرح الدروس لوالدى طاب ثراه

قوله بمسمّاه في جانب العرض

متعلّق بكل من الرجلين و الاكتفاء فيهما بالمسمّى عرضا هو المشهور بين الاصحاب قال المحقق في المعتبر و لا يجب استيعاب الرجلين بل يكفى المسح من رءوس الاصابع الى الكعبين و لو باصبع واحدة و هو اجماع فقهاء اهل البيت عليهم السّلام و كذا قال العلامة رحمه الله في التذكرة لكن قال بعيد ذلك باسطر و يستحب ان يكون بثلاث اصابع مضمومة و قال بعض علمائنا يجب و هو بظاهره مناف لسابقه الّا ان يقال ان الاجماع الذى ادّعاه انما هو على مجرّد عدم وجوب الاستيعاب لا على كفاية اصبع واحدة و لا يخفى ما في كلامهما من الاشعار بان اقل ما يتحقّق به الواجب هو الاصبع و يمكن ان يحمل على انه من قبيل التمثيل بالفرد الشائع في صحيحة البزنطى قال سألت ابا الحسن عليه السّلام عن المسح على القدمين كيف هو فوضع بكفّه على الاصابع ثمّ مسحهما الى الكعبين فقلت له لو انّ رجلا قال باصبعين من اصابعه هكذا الى الكعبين قال لا الا بكفيه كلّه و ظاهره وجوب المسح بكل الكفّ و لم ينقل القول به و يمكن حمله على الاستحباب و امر الاحتياط واضح

قوله ببقيّة البلل الكائن على اعضاء الوضوء

ذكر جمع من الاصحاب انه يمسح ببقية بلل اليد فان لم يكن في يده بلل فليأخذ من اللحية و الحاجب و الاشفار و ذكر الشارح رحمه الله في شرح الشرائع و الارشاد انه لا اختصاص لجواز الاخذ بهذه المواضع بل يجوز منها و من غيرها من اعضاء الوضوء مطلقا و التخصيص بها لكونها مظنة الرّطوبة غالبا و كذا لا اختصاص لذلك بصورة جفاف اليد بل مع بلّة اليد ايضا يجوز الاخذ من بلّة غيرها و المسح بها لاشتراك الجميع في كونها من بلّة الوضوء و استدل ايضا في شرح الارشاد على الثانى برواية مالك بن اعين عن الصّادق عليه السّلام من نسى مسح رأسه ثمّ ذكر انّه لم يمسح رأسه فان كان في لحيته بلل فليأخذ منه و ليمسح به فجوّز ع الاخذ من اللّحية من غير تقييد بجفاف اليد و في كلامه رحمه الله هاهنا ايضا اشارة الى ما ذكر من التعميمين و فيما ذكره من التعميم الثانى اشكال فانه رحمه الله قد استدل في وجوب كون المسح بالبقية بوصف وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و فيه ثمّ مسح ببقية ما بقي في يديه راسه و رجليه و علّل بطلان الوضوء مع الاستيناف بعدم مماثلته للوضوء المحكوم عليه بانه لا تقبل الّا به و لا يخفى ان الاخبار الواردة في الوضوء البيانى وردت بالمسح ببلّة اليد فكما يستدلّ بها على عدم جواز الاستيناف يمكن ان يستدل بها على عدم جواز الاخذ من غيرها الا ما اخرجه الدليل و هو الاخذ حال جفاف اليد فاشتراك الجميع في كونها من بلّة الوضوء ممّا لا يجدى بعد دلالة تلك الاخبار على وجوب كونه ببلّة اليد و عدم دليل صالح على كفاية المسح ببلّة الوضوء مطلقا و ما ذكره من اطلاق رواية مالك لا يخفى ضعفه اذ الظاهر منها جفاف اليد لان النسيان مظنة جفاف اليد غالبا كيف و ظاهر السياق ليس مجرد التجويز بل الامر به فلا بدّ من الحمل على صورة جفاف اليد و امّا ما اورده والدى طاب ثراه من معارضة بما رواه في الفقيه مرسلا عن الصّادق عليه السّلام ان نسيت مسح رأسك فامسح عليه و على رجليك من بلّة وضوئك فان لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوءك شي ء فخذ ما بقي منه في لحيتك و امسح به رأسك و رجليك و ان لم يكن لحية فخذ من حاجبيك و عينيك و امسح به رأسك و رجليك و ان لم يبق من بلّة وضوئك شي ء اعدت الوضوء فيمكن ان يقال ان قوله ع فان لم يكن بقي الى آخره و ان كان يلوح منه اشتراط جواز الاخذ من اللحية بعدم بقاء شي ء من النّداوة في يده لكن قوله عليه السّلام اولا فامسح عليه و على رجليك من بلّة وضوئك يدل على كفاية المسح ببلّة الوضوء مطلقا فالاشتراط المذكور كانه باعتبار عدم الحاجة الى اخذ ما بقي في اللحية مع عدم جفاف اليد لا لعدم جوازه بدونه هذا و بما قرّرنا ظهر ان المرسلة المذكورة يمكن ان يجعل حجة لما ذكر من الاكتفاء بالمسح ببلّة الوضوء مطلقا لكنها لارسالها لا يمكن الاستناد اليها مع الاعتقاد بتمامية ما نقلنا عنه من التمسّك بالوضوء البيانى نعم لو لم يقل احد بتماميّة الدليل المذكور بناء على اطلاق الامر بالمسح في الآية الشريفة و ان مسحهم ع بالتقية يجوز ان يكون باعتبار انه احد افراد الواجب المخيّر مع كونه اخفّ مئونة فلا يدل على عدم جواز غيره و استند في عدم جواز الاستيناف بالاجماع او الشهرة العظيمة لتوجّه منه هذا التعميم هنا لانتفاء الاجماع او الشهرة هنا مع اطلاق الامر و حينئذ تصلح المرسلة المذكورة ايضا للتأييد فتأمّل ثمّ ان المعروف بين الاصحاب انه ان لم يبق نداوة يمكن المسح بها فان كان ذلك لأمر حدث في ذلك الوضوء اعاد الوضوء و لا يجوز استيناف ماء جديد و ان كان ذلك لفرط الحرّ و شبهه بحيث كلّما توضّأ جفّ فجوّز جمع منهم استيناف الماء الجديد دفعا للحرج و فيه تامّل لاحتمال الانتقال الى التيمّم و دفع الحرج به و ذكر العلّامة في التذكرة انه لو جفّ ماء الوضوء للحرّ او الهواء المفرطين استأنف الوضوء و لو تعذر ابقى جزءا من يده اليسرى ثمّ اخذ كفّا غسله به و عجّل المسح على الراس و الرجلين و لم يذكر استيناف الماء الجديد عند عدم امكان ذلك المعنى و تبعه المصنف رحمه الله ايضا في الذكرى و الاحوط مع عدم امكان ذلك استيناف الماء الجديد و ضمّ التيمّم ايضا و لو كان رجاء ان ينكسر سورة الحرّ مثلا الى آخر الوقت فالاحوط

ان يؤخر الوضوء اليه ليمكنه المسح بنداوة الوضوء

قوله من مائه

فلو ابتلّ بعض منها بماء خارج و بقي تلك البلّة فلا يجوز المسح بها

قوله اى في المسحين

اى مسح الراس و الرجلين ليظهر جريان الحكم في الراس ايضا و لولاه لامكن ارجاعه الى الرجلين ايضا و امكن حينئذ جعله ايضا متعلقا بكلّ من الحكمين اى بمسمّاه و ببقية البلد ليظهر من العبارة كفاية المسمّى في كل من الرّجلين و ان كان بدونه ايضا يمكن جعله متعلّقا بكل منهما كما اشرنا اليه سابقا و بما قررنا يظهر انه لو اسقط المصنف قوله بمسمّاه في الراس لكفى يجعل قوله فيهما على ما حمله الشارح متعلقا بكل من الحكمين و ان كان ما فعله اظهر في البيان لكن عند رعاية ذلك كان الاولى التصريح بمرجع الضمير ليندفع ما ذكرنا من احتمال ارجاعه الى الرجلين فافهم

قوله للدلالة عليه بمن و الى

يعنى ان من و الى في الغسل دون المسح يدل على ان مذهبه وجوب الترتيب في الغسل لظهورهما في ذلك اذا لم يدل دليل على خلافه و ليس ذلك في عبارة المصنف فلا يرد وجود الى في الآية الشريفة في الرجل مع اختياره عدم وجوب الترتيب في شي ء من المسحين و ذلك لوجود ما يعارضه من الاخبار فيحمل الى فيها على انه لتحديد الممسوح لا المسح و لم يجر عادة المصنّفين بايراد كلام مأوّل اعتمادا على الاخبار بخلاف ذلك في الآيات و الروايات فافهم

قوله و هو كذلك فيهما

اى في المسحين على اصح القولين و القول الآخر الفرق بين الرّأس و الرجلين و هو ايضا يتشعّب الى قولين كما نقله و مع ذلك لو قال على اصحّ الاقوال لكان اظهر اذ الظاهر وجود القول بمنع التكسّر فيهما ايضا و هو صريح المرتضى

ص: 35

في الرّأس و ظاهره في الرّجلين و يحتمل ان يكون المراد ان الحكم كما ذكر في الغسل و المسح منعا و جوازا و لا ريب انّ الاولى حينئذ تبديل القولين بالأقوال لتشعّب الاقوال فيه جدّا

قوله و في الدروس رجّح منع النكس الى آخره

فيه ان ترجيحه فيه منع النكس في الراس غير ظاهر فانه قال في الراس و لا يجوز استقبال الشعر فيه على المشهور فمع نسبة الحكم الى المشهور الحكم بترجيحه له غير ظاهر و قال في الرجلين و لا يجزى النكس على الاولى فان حمل الأولوية على الاحوطية و الافضلية و الامر كما نسبه اليه الشارح و ان حملت على انه اقوى و اظهر فيدل على ترجيحه المنع فيهما و ربما كان فتواه في الكتابين مؤيّدا للثانى كما ان ظاهره في هذا الكتاب مؤيّدا للأول فتأمل

قوله مرتبا

تاكيد لما دل عليه سابقا بلفظه ثمّ لظهوره في الترتيب

قوله بحيث لا يجفّ السابق من الاعضاء

لا خلاف بين الاصحاب في اشتراط الموالاة في الوضوء و انما الخلاف في معناها فذهب جماعة منهم المصنف رحمه الله الى انها مراعات الجفاف ثمّ اختلفوا فظاهر اكثرهم اعتبار عدم جفاف السابق من الاعضاء على العضو الذى هو فيه بتمامه فيكفى رطوبة البعض و نقل عن ابن الجنيد انه اعتبر عدم جفاف شي ء من الاعضاء السّابقة فيجب رطوبة الكل و ذهب المرتضى و ابن ادريس الى اعتبار رطوبة العضو السّابق على ما هو فيه بلا فصل فلا اعتبار بجفاف ما سبق عليه و لا رطوبته و لا يخفى ان عبارة الكتاب بدون قوله مطلقا ينطبق على كل من المذاهب المذكورة و امّا قوله مطلقا فيمكن حمله على معنى جميعها و تمامها فيصير صريحا في القول المشهور و يحتمل حمله على التعميم في السابق اى لا يجفّ شي ء من الاعضاء السّابقة اصلا و حينئذ ينطبق على مذهب ابن الجنيد و لا يصح الحكم عليه بالاشهريّة و يمكن ان يحمل على التعميم في صورة العذر و عدمه اى يعتبر عدم جفاف السّابق و يبطل الوضوء معه سواء كان لعذر ام لا و حينئذ فالعبارة السّابقة يحتمل كلا من المذاهب و يجب حملها على القول المشهور بقرينة ما ذكره من الاشهريّة و ذهب جماعة الى ان الموالاة هى ان يتابع بين الاعضاء و لا يفرّق بينها ثمّ اختلفوا فظاهر كلام الشيخ في المبسوط ان مجرّد الاخلال بهذا المعنى مبطل للوضوء و ان لم يجف حال الاختيار مع الاضطرار راعى الجفاف و ذهب المحقق و العلّامة الى ان الاخلال بالموالاة بهذا المعنى لا يبطل الوضوء و ان كان حراما مع الاختيار ما لم يجفّ الاعضاء ثمّ مع رعاية الموالاة بالمعنى الثانى هل يبطل الوضوء ان حصل الجفاف ظاهر كلام علىّ بن بابويه عدمه و انه الماء يبطل مع الجفاف اذا لم يوال بهذا المعنى سواء كان لضرورة ام لا و الظاهر موافقته ابنه ايضا له حيث نقل كلام ابيه في الفقيه و لم ينكره و ذهب المصنف رحمه الله في الذكرى و الدروس الى بطلان الوضوء مع الجفاف و ان حصل الموالاة بمعنى المتابعة الا مع افراط الحرّ و شبهه و الظاهر انّ مع رعاية المتابعة لا يتفق جفاف الجميع الا مع افراط الحرّ و نحوه و معه لا نزاع بينهم و الظّاهر عدم وجوب المتابعة و لا اشتراطها لكن مع حصولها لا يضرّ الجفاف على أيّ وجه كان و امّا بدونها فالمعتبر الجفاف على القول الاشهر فلا يبطل الوضوء الا بجفاف جميع الاجزاء السّابقة و مع جفاف جميعها يبطل سواء كان لعذر ام لا و تفصيل القول فيه في شرح الدروس لوالدى طاب ثراه

قوله و المعتبر في الجفاف الحسّى لا التقديرى

فلو كان الهواء رطبا جدّا بحيث لو اعتدل لجفّ البلل لم يضرّ لوجود البلل حسّا و في كلام جمع من الاصحاب انّ مراعاة الجفاف انما هو بالقياس الى الهواء المعتدل و ظاهره ان تأخير الجفاف في الهواء الرطب جدّا لا ينفع كما ان تعجيله في الهواء الحارّ جدّا لا يضر لكن المصنف رحمه الله في الذكرى حكم بانّ وجود البلل حسّا يكفى و لم يضرّ الجفاف على تقدير اعتدال الهواء و حمل كلامهم على ان مرادهم من التقدير اخراج طرف الافراط في الحرارة و صرّح ايضا بانه لو اسبغ الماء بحيث لو اعتدل لجفّ لم يضرّ و كانّ ما افاده متجه فيهما و اللّه تعالى يعلم

قوله و سننه السّواك

بالكسر هو المسواك و هو ما تدلّك به الانسان من العيدان كذا في النهاية و غيرها و على هذا فتفسير الشارح له بالدّلك تفسير لما هو المراد بالسّواك هاهنا و امّا تعميمه لغير العود ايضا مما ذكره فكأنّه استفاده من الاخبار كما روى في التهذيب عن السّكونى عن الصّادق عليه السّلام انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال التّوسّك بالابهام و المسبحة عند الوضوء سواك و ما روى في الكافي مرسلا ادنى السّواك ان تدلّك باصبعك و الأولى عدم الاكتفاء بغير العود الا للضرورة و في رواية علىّ بن جعفر عن اخيه عليه السّلام في الرّجل يستاك بيده اذا قام الى الصّلاة و هو يقدر على السّواك قال اذا خاف الصّبح فلا باس به

قوله و افضله الغصن الاخضر

لم اقف فيما راينا على ما يدل على افضليّة الخضرة لا في الرّوايات و لا في كلام الأصحاب نعم ذكروا استحباب كونه بقضبان الاشجار كما قال في الذكرى لكن بقضبان الاشجار على الافضل و يدلّ عليه ما رواه في الفقيه ان الكعبة شكت الى اللّه تعالى ما تلقى من انفاس النّاس فاوحى اللّه تعالى اليها قوىّ كعبته فانّى مبدّلك بهم قوما يتنظّفون بقضبان الشّجر فلمّا بعث اللّه نبيّه نزل عليه الرّوح الأمين بالسّواك و الظاهر انه لا دلالة فيه على اعتبار الخضرة و امّا اكمليّة الاراك فعلّلها في الذكرى بفعل السّلف

قوله و محلّه قبل غسل الوضوء الواجب و النّدب كالمضمضة

اى قبل الغسلات الواجبة و المندوبة للوضوء و المضمضة تمثيل للغسل المندوب و على هذا فالظاهر تقديمه على غسل اليدين ايضا قال في كرى و الظاهر انه يقدم على غسل اليدين لرواية المعلّى بن خنيس عن الصّادق ع الاستياك قبل ان يتوضّأ و لو فعله عند المضمضة جاز و كذا لو تداركه بعد الوضوء لقول الصّادق عليه السّلام في تأسيه قبل الوضوء يستاك ثمّ يتمضمض ثلثا انتهى و لا يخفى انه اذا كان قبل الوضوء اى افعاله الواجبة و المندوبة كما هو الظاهر من الرّواية و فهمه المصنف فينبغى تقديمه على التسمية ايضا لانها من افعاله و بما قررنا ظهر انه لو حكم بتقدّمه على سائر افعال الوضوء كما يفهم من المتن لكان اولى و بعد ما حكم بتقدّمه على الغسلات فلو مثل الغسل المندوب بغسل اليدين لكان اولى لانه قبل المضمضة الا ان يقال ان التمثيل بالمضمضة لتاكّده عندها كما يلوح مما نقلناه من كرى ايضا و يحتمل القول بتقديم غسل اليدين على سائر الافعال حتى السّواك بناء على انه لرفع النجاسة الوهميّة كما يفهم من الرّواية على ما سيجي ء فالاولى البدءة به لئلا تسرى النجاسة المذكورة فتدبّر

قوله و صورتها بسم اللّه و باللّه

ظاهره افضلية ادخال خصوص و باللّه عند التسمية اما مطلقا او خصوص ما نحن فيه و لم اقف على ما يدل على شي ء منهما و قد ورد هاهنا روايتان تضمّن كل منهما و باللّه لكن مع شي ء آخر احدهما صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال اذا وضعت يدك في الماء فقل بسم اللّه و باللّه اللّهمّ اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهّرين و اذا فرغت فقل الحمد للّه ربّ العالمين و الثانية ما روى عن امير المؤمنين عليه السّلام انه كان يقول بسم اللّه و باللّه

ص: 36

و خير الأسماء للّه و اكبر الاسماء للّه و قاهر لمن في السّماء و قاهر لمن في الارض الحمد للّه الّذى جعل من الماء كلّ شي ء حيّ و احيى قلبى بالأيمان اللّهمّ تب عليّ و طهّرنى و اقض لى بالحسنى و ارني كلّ الّذى احبّ و افتح لى بالخيرات من عندك يا سميع الدّعاء فكانه رحمه الله لما راه داخلا في كلّ من العبادتين الواردين بها فجعله داخلا في صورة التّسمية هنا و هو ترى فتأمّل

قوله و لو اقتصر على بسم اللّه أجزأ

لإطلاق التسمية في روايات اخرى و الظاهر تادّيها بمجرّد ذلك

قوله و لو نسيها ابتداء تداركها الى آخره

قال في الذكرى و لو نسيها في الابتداء فالاقرب التدارك في الأثناء اذ لا يسقط الميسور بالمعسور كما في الاكل و لو تعمّد تركها فالاقرب انه كذلك لما فيه من القرب الى الشروع انتهى و لا يخفى ضعف الوجوه التى ذكرها نعم ذكر اللّه حسن على كلّ حال امّا لو اريد ازيد من ذلك كما هو ظاهر كلامهم ففيه ما فيه فتأمّل

قوله من الزندين

هذا مع عدم تحديد اليد في الرّوايات على ما سيجي ء للاقتصار على المتيقن كما اشار اليه في الذكرى

قوله على المشهور

الظاهر ان المراد ان التقييد بما ذكر من الاحداث الثلاثة هو المشهور و ان وقع بعض عباراتهم كعبارة المتن مطلقة و امّا التّصريح بتعميم الحكم فلم اقف عليه في كلام احد و ليس المراد ما يوهمه العبارة ان الغسل مرتين على ما ذكر هو المشهور ليكون مقابل المشهور ما ينقله من القولين اذ لا شهرة في الغسل مرتين في الثلاثة بل المشهور كما نقله عن النفلية ما نقله من التفصيل الذى قطع به في الذكرى بل قال في المعتبر انه مذهب فقهائنا و اكثر اهل العلم فلا تغفل

قوله و هو الاقوى

اى ما نسبه في النفلية من التّفصيل الى المشهور هو الاقوى امّا في البول و الغائط فلصحيحة الحلبى في التّهذيب و حسنته بابراهيم بن هاشم في في قال سألته عن الوضوء كم يفرغ الرّجل على يده اليمنى قبل ان يدخلها في الاناء قال واحدة من حدث البول و اثنتان من الغائط و ثلث من الجنابة و امّا في النوم فلما رواه الكلينى في الكافى عن عبد الكريم بن عتبة قال سألت الشّيخ عن الرّجل يستيقظ من النّوم و لم يبل ا يدخل يده في الإناء قبل ان يغسلها قال لا لانه لا يدرى اين كانت يده فليغسلها فان ظاهرها كفاية مطلق الغسل فيحصل بالمرّة و هذه الرّواية في التهذيب ايضا في الموثق عن عبد الكريم هكذا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يبول و لم يمسّ يده اليمنى شي ء ا يدخلها في وضوئه قبل ان يغسلها قال لا حتى يغسلها قلت فانه استيقظ من نومه و لم يبل ا يدخل يده في وضوئه قبل ان يغسلها قال لا لانّه لا يدرى حيث باتت يده فليغسلها و لا يخفى انها لا تدل على كفاية مطلق الغسل في البول ايضا و يدل على حكم النّوم ايضا ما رواه في التهذيب عن الحريز عن ابى جعفر عليه السّلام قال يغسل الرّجل يده من النوم مرّة و من الغائط و البول مرتين و من الجنابة ثلثا لكنّها تدل على المرتين في البول ايضا و يمكن الجمع بين الاخبار بحمل المرتين في البول ايضا على الاستحباب في الجملة و المرّة على تاكّد الاستحباب هذا و امّا القولان الآخران فلم اقف لهما على مأخذ و كانّ المصنف فاس النجاسة الوهميّة على العينيّة فتارة اكتفى فيها بالمرّة مطلقا و تارة اعتبر المرّتين مطلقا كما اختلف فتواه في العينيّة و لا يخفى ضعفه فتأمّل

قوله و ليكن الغسل قبل ادخالهما الاناء الى آخره

هذا الكلام يحتمل وجهين احدهما ان يكون اشارة الى تخصيص الحكم بما اذا توضّأ من اناء يمكنه الاغتراف منه فلو توضّأ من نهر او مصنع او اناء لا يمكنه الاغتراف منه لم يستحبّ كما ذكره جماعة من الاصحاب و وجهه الاقتصار على مورد الرّواية الاولى و الثانية على ما في الكافى و الّا فالرواية الثانية على ما في التهذيب و كذا الرّواية الثالثة لا اختصاص لهما بما ذكر و كون علة الغسل توهم التنجيس لو سلّم باعتبار الرواية الثانية فلا دليل على انحصار العلة في تنجيس الماء بل يحتمل ان تكون هى توهم تنجيس الاعضاء فيستحب الغسل لذلك و ان كان من الكثير و الجارى الا ان يفرض انه اذا توضّأ بهما غمس يده فيهما للاغتراف الى الزند لئلا يبقى ذلك التوهّم و لا يحتاج الى غسل آخر ثمّ بعد تسليم هذا كلّه ينبغى التخصيص بالقليل الذى يمكن الاغتراف منه سواء كان في الاناء او غيره دون الجارى و الكثير و ان كان في الإناء و لا وجه للتخصيص بما في الاناء و ثانيهما ان لا يكون الفرض التخصيص بما ذكر بل المراد انه اذا كان وضوئه مما يمكن الاغتراف منه فينبغى ان يكون غسل اليدين قبل ادخالهما فيه و يكون ذكر الإناء على سبيل التمثيل و على هذا لا ايراد عليه

قوله و لا يعتبر كون الماء قليلا

لو حمل سابقه على الاحتمال الاول الذى ذكرنا فالمراد بهذا انه يختص الحكم بما اذا توضّأ من الإناء الّذى يمكن الاغتراف منه لانه مورد الخبرين كما ذكرنا لكن لا يعتبر كون الماء الذى في الاناء قليلا فلو كان كثير ايضا استحبّ الغسل لإطلاق النصّ خلافا للعلّامة حيث اعتبره لان المتعارف في الاناء ان لا يسع الكرّ و الظاهر حمل الالفاظ على الأفراد المتعارفة لمدلولاتها و لو حمل على الوجه الثانى فالمراد ان في استحباب الغسل لا يعتبر كون الماء قليلا بل يستحبّ في الكثير ايضا لإطلاق النصّ خلافا للعلّامة رحمه الله امّا لظاهر مورد الخبرين او بناء على جعل العلة هى توهم تنجيس الماء و لا يجرى في الكثير فتأمّل

قوله بعد تمام الغسلة الأولى

فلو صبّ على عضو غرفتين ثمّ غسله بهما او صبّ غرفة و غسل بعضه ثمّ صبّ غرفة اخرى لتتميم غسله فليس ذلك من التثنية امّا لو غسل نصفه مرتين ثمّ غسل الآخر كذلك فلا يبعد ان يكون من التثنية فتأمّل

قوله و الموجود في النصوص

و هو ما رواه في الكافى و التهذيب عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام قال فرض اللّه على النّساء في الوضوء ان يبدأن بباطن ازرعهن و في الرّجال بظاهر الذراع و روى مثله في الفقيه ايضا مرسلا عنه ع

قوله من غير فرق فيهما بين الغسلتين

ظاهره استحباب بداة الرّجل بالظهر و المرأة بالبطن في كلّ من الغسلتين و به صرّح في شرح الارشاد حيث قال و ليس في الرّواية تفصيل الغسلتين بل هى شاملة للغسلتين و فيه تامّل فان الرواية لا تدل الا على رجحان بداته بالظاهر و بداتها بالباطن و عند الابتداء بهما كذلك في الغسلة الأولى يتحقق هذا المعنى فالحكم برجحان ذلك في الغسلة الثانية ايضا لا بدّ له من دليل آخر اذ لا دلالة لهما على رجحان ذلك في كل غسلة نعم لا يبعد ان يقال باولوية الابتداء في كل غسلة كذلك بمجرّد احتمال العموم في الرواية و اللّه تعالى يعلم

قوله و مع ذلك لا يعتد بما وقع من الافعال بدونها

فالشّك في النّية يرجع الى انه شرع في الوضوء ام لا و بهذا صدق الشّك اى الشك المذكور و هو الشّك فيه في اثنائه امّا لو لم يحمل الشك فيه على الشّك في النية بل على ظاهره مما اشار اليه الشارح من المعنيين فلا يتصوّر وقوعه في الأثناء كما ذكره

قوله و الشّاك فيه بالمعنى المذكور

فيه اشارة الى وجوب حمل هذا الكلام ايضا على الشك في النية اذ لو حمل على الشك في انه هل توضّأ او هل شرع فيه فمع قطع النظر عن عدم امكانه مع فرض انه بعد الفراغ و العلم به كما هو ظاهر العبارة كما اشار اليه الشارح في الاثناء لا يصح الحكم بعدم الالتفات اذ من شك انه هل توضّأ ام لا او شرع في الوضوء ام لا

ص: 37

فالاصل عدمه و يجب عليه ابتداء الوضوء فافهم

قوله كما لو شكّ في غيرها من الافعال

فيه اشارة الى انه لا وجه لتخصيص الشّكّ في النيّة بالذّكر بل حكمها حكم الشك في سائر افعاله من انه في اثناء الوضوء يأتى به و بما بعده و بعد الفراغ لا يلتفت اليه كما يذكره بعد ذلك لكن النيّة لما كانت اوّل الأفعال فالاتيان بها و بما بعدها في صورة الشّك في الاثناء هو استيناف الوضوء بخلاف سائر الافعال فيتوهم فرق بينهما و لا فرق في الحقيقة فتدبّر

قوله يأتى به

و كذا بما بعده لئلّا يفوت الترتيب و كان عليه ان يذكره او ان لا يتعرض لما ذكر من حكم الجفاف ايضا اعتمادا على ما ذكره سابقا من وجوب الترتيب و الموالاة فتفطّن

قوله بعد انتقاله عنه و فراغه منه

ظاهره انه يعتبر للانتقال عنه بمجرّد الفراغ منه فلا يعتبر فيه شي ء آخر و يؤيده الحكم في الشّكّ في النّية بعدم الالتفات بعده اذ الظاهر صدق البعديّة بمجرّد الفراغ لكن كلامه في الدروس و كرى يدل على اعتبار امر زائد على الفراغ حيث قال في الدروس لو شك في فعل او في النّية و هو بحاله اتى به و لو انتقل عن محله و لو تقديرا لم يلتفت و قال في الذكرى لو شكّ في الوضوء و هو على حاله تلافى المشكوك فيه مراعيا للترتيب و الولاء لأصالة عدم فعله و لرواية زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام اذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر ا غسلت ذراعك ام لا فاعد عليها و على جميع ما شككت فيه فاذا قمت من الوضوء و فرغت منه و صرت الى حالة اخرى في الصّلاة او غيرها و شككت في شي ء مما سمّى اللّه عليك وضوئه فلا شي ء عليك و هذه كما تدل على المطلوب تدل على عدم اعتبار الشّك بعد الانصراف و ذكر القيام و القعود يبيّن الحال نعم لو طال القعود فالظاهر التحاقه بالقيام لمفهوم قوله و فرغت منه و صرت الى حالة اخرى انتهى و يمكن الاحتجاج للاكتفاء بمجرّد الفراغ ببعض الروايات كموثقة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو و رواية بكير بن اعين قال قلت له الرّجل يشكّ بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضّأ اذكر منه حين يشكّ و رواية زرارة و ان كانت صحيحة و هاتان الروايتان لا تصلحان لمعارضتها من حيث السند لكنّها لا يخلو عن احتمال ان يكون القيام و الفراغ و الصيرورة الى حالة اخرى كلّ منها مفسّرا للآخر و يكون المراد التعبير عن الفراغ بعبارات مختلفة و اللّه تعالى يعلم

قوله و الحكم

اى اصل حكم الشّك في الاثناء و بعده منصوص متفق عليه و ان كان في معنى البعد ما اشرنا اليه من الكلام و حكم في المدارك بان عدم الالتفات الى الشك في شي ء من افعال الوضوء بعد الانصراف من افعاله و ان لم ينتقل عن محله اجماعيّ و يدل عليه روايات منها صحيحة زرارة و صحيحة اخيه بكر و حكم بان صحيحة بكير اوضح دلالة فانها صريحة في عدم الالتفات الى الشكّ بعد اكمال الوضوء و ان لم يحصل الانتقال الى حالة اخرى و لعلّ ما نقلناه عن المصنف في الدروس و كرى يخدشه و اللّه تعالى يعلم

قوله و الشّاك في الطّهارة

فيه تنبيه على عدم اختصاص الحكم بالوضوء و جريانه في مطلق الطهارة ثمّ الظاهر من كلامهم ان حكم الظن في المسألتين حكم الشّك فظانّ الطّهارة مع تيقن الحدث محدث و بالعكس و قد اورد على هذا المقام اشكال و هو ان الشّك باحد النّقيضين بها في اليقين بالنقيض الآخر فكيف يمكن اجتماع الشّك في الطهارة مع تيقّن الحدث و بالعكس و الجواب كما افاده والدى طاب ثراه في شرح الدروس ان المراد بيقين الحدث اليقين في الحال بوقوع حدث في زمان سابق كالغداة و بالشك في الطهارة الشك في الحال ايضا بحدوث طهارة بعد ذلك الزمان و كذا في العكس و لا ريب ان اجتماع اليقين و الشّك بهذا المعنى مما لا شكّ في امكانه لعدم تناقض متعلقيهما لاختلاف الزمان و قال المصنف رحمه الله في الذكرى قولنا اليقين لا يرفعه الشّك لا نعنى به اجتماع اليقين و الشّكّ في الزّمان الواحد لامتناع ذلك ضرورة ان الشك في احد النقيضين يرفع يقين الاخر بل المعنى به ان اليقين الذى كان في الزمان الاول لا يخرج عن حكمه بالشّك في الزمان الثانى لأصالة بقاء ما كان فيئول الى اجتماع الظن و الشك في الزمان الواحد فيرجّح الظّن عليه كما هو مطرد في العبارات انتهى و لا يخفى ما فيه فان الشّك باحد النقيضين كما ينافى اليقين بالنقيض الآخر كذلك ينافى الظن به ايضا فكيف يمكن اجتماع الظنّ و الشّك في زمان واحد و لعلّ مراده بالشّك الوهم و غرضه ان اليقين في زمان و الشّكّ بعده و بهذا يندفع الاشكال لكن مع ذلك اشار الى وجه ترجيح حكم اليقين السابق على الشكّ اللاحق و هو ان الاصل بقاء ما كان ففى الحال مقتضى اليقين السّابق مظنون و مقتضى الشكّ اللاحق موهوم فيرجح الظن على الوهم و فيه انه اذا وقع الشّك بالنقيض الآخر في الزمان اللاحق بمعنى احتمال وقوعه و عدم وقوعه على السّواء فبعد ذلك لا يبقى لنا ظنّ في الحال ببقاء النقيض الاول الذى هو متعلّق اليقين في الزمان الاول بل يصير بقاءه و عدم بقاءه مشكوكا متساوى الطرفين فترجح اليقين على الشّك ليس باعتبار انه يستقر الامر بعدهما على الظن و الوهم بل باعتبار الاخبار كقوله عليه السّلام في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشّك و لكن تنقضه بيقين آخر و يظهر ما ذكرنا كل الطّهور اذا اجرى الكلام في مسئلة اليقين باحدهما مع الظنّ بالآخر فان حكمها عندهم حكم اليقين و الشّك كما اشرنا اليه هذا و قال صاحب المدارك رحمه الله في دفع الاشكال المذكور ان المراد بالحدث هاهنا ما يترتب عليه الطّهارة اعنى نفس السّبب لا الاثر الحاصل من ذلك و تيقّن حصوله بهذا المعنى لا ينافى الشك في وقوع الطهارة بعده و ان اتّحد وقتهما انتهى و فيه تامّل لانه اما ان يجعل وقت الحدث و الطّهارة واحدا كما جعل وقت اليقين و وقت الشكّ واحدا فلا يمكن اجتماع اليقين و الشكّ البتّة سواء جعل الحدث و الطّهارة عبارة عن الفعلين او الأثرين و ان لم يجعل وقتهما واحدا فهو الجواب على ما ذكرنا سواء جعلا عبارة عن الفعلين او الاثرين فالاتّكال في الجواب على ان المراد بالحدث السّبب لا الاثر لا اثر له فتأمل

قوله لتكافؤ الاحتمالين

و مع تكافؤهما لا يقين بالطهارة فلا يجوز له الدخول في الصّلاة و لا غيرها مما هو مشروط بالطّهارة اذ مع الاشتراط لا بدّ في الدخول في المشروط من العلم بحصول الشرط و لذلك ترى من خالف في هذه المسألة و حكم بالبناء على الحالة السّابقة او ضدّها يثبت كونهما متطهرا في كلّ صورة لم يحكم فيها بالحدث و لم يجوز احد منهم الاكتفاء باحتمال الطهارة فالمراد بالحكم بكونه محدثا ان حكمه حكم المحدث في عدم جواز دخوله في المشروط بالطهارة او توسّع في اطلاق الحدث على تلك الحالة التى فيه المانعة شرعا له من الدخول في الصّلاة و نحوها فتأمّل

قوله ان لم يستفد من الاتّحاد و التعاقب الى آخره

يعنى ما ذكرنا من الحكم بكونه محدثا لتكافؤ الاحتمالين انما هو اذا لم يستفد من القرائن الخارجة كالاتحاد و التعاقب مع العلم بالحالة السابقة حكما آخر و الا فيتبع ما يستفيده و لكنّه يخرج عن مثله الشّكّ الّا بحسب ابتدائه و اراد بالاتحاد استوائهما في العدد و اتحادهما فيه كحدث و طهارة او حدثين

ص: 38

و طهارتين و بالتعاقب كون الطّهارة عقيب الحدث رافعا له لا مجدّدا و الحدث عقيب الطّهارة ناقضا لها لا حدثا بعد حدث اذ لا شكّ انّ مع العلم بهما مع العلم بالحالة السّابقة يحصل له اليقين بمثل الحالة السّابقة من الطهارة او الحدث

قوله و لا فرق بين ان يعلم حاله

اى في موضع النزاع و هو ما اذا لم يستفد من الاتحاد و التعاقب حكما آخر و امّا معه فلا ريب في الفرق بين الصّور الثّلث

قوله و ان كان محدثا فقد علم انتقاله عنه الى آخره

اورد عليه انه يمكن اجراء مثله في الصّورة الاولى ايضا فيلزم ان يحكم فيها ايضا بالطّهارة و ذلك بان يقال ان الطّهارة المفروضة رافعة للاحداث السّابقة على الطهارة و الحدث المفروضين قطعا بمعنى ان ارتفاعها بعدها معلوم قطعا لانّها امّا تجديديّة او رافعة و على التقديرين لا يبقى لتلك الاحداث اثر بعدها و شكّ في انتقاضها بالحدث لجواز تعاقب الاحداث فيلزم الحكم بالطهارة و كذا يمكن اجراء مثله في صورة عدم العلم بالحالة السّابقة ايضا فيلزم الحكم بالطهارة فيها ايضا بعين ما ذكرنا فتأمّل

قوله امّا اللاحق المتيقن وقوعه فلا

لا يقال ان اللاحق و ان كان وقوعه متيقّنا لكن تاثيره غير متيقّن لجواز ان يكون عقيب الحدث و الحدث بدون تيقّن التّأثير لا اثر له و لا يحتاج الى رافع يقينا لانا نقول الحدث المذكور ان كان مؤثرا فلا كلام و ان لم يكن مؤثرا فذلك بان يكون عقيب الحدث و حينئذ فالحدث السّابق مؤثر و على التقديرين فحصول اثر الحدث عند صدور الحدث الثانى متيقّن فلا بدّ له من رافع يقينا و ليس اذ الطهارة المفروضة يجوز توسّطها بين الحدثين الا ان لا يعتبروا مثل هذا اليقين المتعلّق بالأمر المردّد فيه بل انما اعتبروا تعلّق اليقين بامر مشخّص كالحدث في الصّورة الأولى و الطّهارة في الصورة الثانية لكن التفرقة لا يخلو عن اشكال فان صحّت يتمّ الدليل و يندفع جميع ما اورد عليه هذا و قد اورد نظير هذا الأشكال على الشق الأول ايضا فان الطهارة السّابقة و ان انتقضت بالحدث المفروض الا ان الطهارة المفروضة مع الحدث متيقّنة الوقوع فلا بدّ من العلم بناقضها و هو غير معلوم لجواز تقدم الحدث عليها و لعلّ الشارح رحمه الله لم يتعرض لهذا الايراد لان المدّعى في الشقّ الاول حقّ على مختاره و لا يهمّه بيان فساد دليله و امّا لانه يمكن تتميم ما ذكره في الشّقّ الاوّل بما ذكره الشارح رحمه الله من الدليل على مختاره بان يقال ان الطهارة المفروضة و ان كانت متيقن الوقوع لكن الحدث ايضا متيقن الوقوع فيرجع الى تكافؤ الاحتمالين و معه لا يصحّ الحكم بالطّهارة كما ذكرنا و ظاهر انه لا يجرى مثل هذا في الشّق الثانى فتأمل

قوله و لو كان المتحقق طهارة رافعة

اى علم ان الواقع منه طهارة رافعة اى من شانها الرّفع و لذا اضاف اليه القول بان المجدّد لا يرفع اى ان الطهارة الواقعة بقصد التجديد لا يرفع اذا ظهر كونه محدثا قبلها بناء على اعتبار قصد الوجوب و عدم كفاية قصد القربة و اما اذا علم انها كانت رافعة للحدث بالفعل فلا حاجة الى ضمّ القول المذكور اذ يعلم منه وقوعها بعد الحدث و انما لم يفرض العلم بكونها رافعة بالفعل لئلا يحتاج الى ضمّ القول المذكور ليظهر فرق بينه و بين ما ذكره بعده بقوله او قطع بعدمه اى عدم كونه مجدّدا اذ لا تفاوت بين القطع بكونها رافعة للحدث بالفعل او عدم كونها مجدّدة الا بالعبادة و هذا بيان لما اشار اليه اولا بقوله ان لم يستفد من الاتحاد و التعاقب حكما آخر فان في الفرضين يعلم التعاقب و لا بدّ من ضم العلم بالاتحاد ايضا فيلزم منهما مع العلم بكون الحالة السابقة الطهارة كونه متطهّرا و انما لم يشترط العلم بالاتّحاد اعتمادا على ما ذكره سابقا او لانه فرض المسألة هاهنا في العلم بطهارة واحدة و حدث واحد كما هو ظاهرها فلا حاجة الى فرض الاتحاد ايضا فتأمّل

قوله و قلنا بان المجدّد لا يرفع

هذا اذا كان الشّكّ منّا و امّا اذا كان من غيرنا فيعتبر قوله و مذهبه لا قولنا فتفطّن

قوله و بهذا يظهر ضعف القول باستصحاب الحالة السّابقة

متمسّكا بان الطهارة و الحدث المعلومين قد تعارضا و تساقطا فرجع الى الحالة السّابقة اذا كانت معلومة و وجه ضعفه بل بطلانه انه قد تبيّن بما نقله عن القائل بالقول الثانى حصول العلم بانتقاله عن الحالة السّابقة قطعا فلا معنى للحكم باستصحابها و هذا القول اختاره العلّامة في التذكرة و القواعد و المختلف لكن فرض العلم بالاتحاد و التعاقب و معه يتمّ ما ذكره لكن في حكمه بالاستصحاب مسامحة و المراد انه يحكم عليه بمثل الحالة السّابقة و امّا ما اورد عليه من انه على ما فرضه لا يبقى الشّكّ بل يئول الى اليقين فامره سهل اذ يكفى في ايراده في مسئلة الشكّ وقوع الشكّ ابتداء كما اشار اليه الشارح رحمه الله و ان كان بعد التّأمّل يحصل اليقين كما يوردون في مسئلة الشّك في مبدإ السّعى فرض علم الزّوجية او الفرديّة و هو على الصّفا او المروة مع عدم بقاء الشكّ هناك ايضا بعد التأمل فتأمل

[مسائل]

قوله بمقاديم بدنه

اذ الظّاهر من الاستقبال و الاستدبار الواقع في الروايات هو ذلك و ربما حمله بعضهم على الاستقبال بالعورة فيزول المنع بتحريفهما و ليس بشي ء و عبارة المصنف رحمه الله في الالفيّة ايضا توهّم ذلك حيث قال و يجب على المتخلّى ستر العورة و انحرافه عن القبلة بها و قد تصدى الشّارحون لتوجيهها و تصحيحها فمن اراد الاطلاع عليه فليرجع الى شرح الشارح رحمه الله

قوله مع التعدّى للمخرج

اى عنه و اعلم انه ليس في اخبارنا الواردة بجواز الاستنجاء بالاحجار ما يدل على التقيّد بعدم التعدّى لكن العلّامة رحمه الله في التذكرة ادعى ان مع التعدى عن المخرج لا بدّ من الماء اجماعا و كذا المحقق في المعتبر و استدل عليه ايضا بما رواه الجمهور عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انكم كنتم تبعرون بعرا و انتم اليوم تثلطون ثلطا فاتّبعوا الماء الاحجار ثلط البعير اذا القى بعره رقيقا كذا في الصّحاح و بقوله صلّى اللّه عليه و آله تكفى احدكم ثلاثة احجار اذا لم يتجاوز محلّ العادة قال صاحب المدارك ينبغى ان يراد بالتعدّى وصول النجاسة الى محل لا يعتاد وصولها اليه و لا يصدق على ازالتها اسم الاستنجاء و ذكر جماعة من الاصحاب ان المراد به تجاوز النجاسة عن المخرج و ان لم يتفاحش و هو بعيد انتهى و لا يخفى انه لما كان مستند الحكم هو الاجماع فلا يبعد حمل التعدى على ما ذكره صاحب المدارك اذ تحقق الاجماع في غيره غير معلوم و يؤيّده الرواية الثانية من الجمهور ايضا و اما الرواية الاولى فحملها على التعدى بهذا المعنى بعيد لكنّه ليس فيها الامر بالماء اليوم بل بالجميع فلا بد من حملها على الاستحباب و معه فعلى أيّ معنى حملت لا حجّة فيها في هذه المسألة هذا و امّا ما ذكره الشارح في تفسير التعدّى فيمكن حمله على ما ذكره صاحب المدارك بان يحمل التجاوز عن الحواشى على التجاوز عنها بما لا يعتاد و يمكن ان يحمل على واسطة بين ما ذكره صاحب المدارك و ما نقله عن الجماعة بان يحمل كلامهم على التجاوز عن نفس المخرج في الجملة و لو الى الحواشى و يمكن حمل كلامهم ايضا على التجاوز

ص: 39

عن حواشى المخرج فينطبق على الواسطة المذكورة فتأمّل

قوله القالعة للنّجاسة

فلا يجزى ما لا يقلعها كالصّقيل و الرّخو و كالفحم

قوله ابكار

لا حاجة الى ذكره بعد قوله طاهرة لكن قوله كانّه اضافة عن الشارح فليس في المتن الا اهماله اشتراط الطهارة و على تقدير ان يكون طاهرة من المتن كما رسم عليه في بعض النسخ فلعلّ ذكر الابكار بعده لوروده في النص بخصوصه و اما الطاهرة فلم يرد بها نصّ و لكنّهم ادّعوا الاجماع على اعتبار الطّهارة

قوله او بعد طهارتها

اى اذا استعملها غير الاوّل او هو مرّة اخرى و امّا لو حمل على العموم فينافى ما يذكره من اعتبار العدد في ظاهر النّص الّا ان يحمل على مذهب من لم يعتبر العدد و يكتفى بذى الجهات الثّلث فتدبّر

قوله و لو لم تنجس كالمكملة للعدد

و على هذا فيعد نقاء المحلّ بواحدة يكفى تكرار الثانية ان لم نقل باعتبار العدد و الا فتجب ثالثة و لو مثلها من مكملة للعدد لغيره او له في وقت آخر و قوله من غير اعتبار الطّهر اى التطهير و الّا فهي طاهرة فافهم

قوله ان لم ينق المحلّ بها

ظاهره كما فعله في شرح الالفية انه بيان للشرط المحذوف المستفاد من قوله فصاعدا حيث قال اى فاصعد عن الثلث صاعدا اى لم يحصل النّقاء بها فانتصابه بالمصدريّة لفعل محذوف و الفاء هى الداخلة على جواب الشرط مثلها في قولهم فقط انتهى و يمكن ان يحمل قوله فثلاثة احجار فصاعدا على الاطلاق اى و ان شئت فاصعد او امسح ساعدا عنها او انه اذا بلغ الثلاثة فيصعد او يمسح صاعدا عنها اى يجوز ذلك و يكون قوله ان لم ينق المحلّ بها اشارة الى وجوب التّصاعد على التقدير المذكور و قال في النّهاية و فيه لا صلاة لمن لم يقرأ بامّ الكتاب فصاعدا اى فما زاد عليها كقولهم اشتريته بدرهم فصاعدا و هو منصوب على الحال تقديره فزاد الثمن صاعدا و ظاهره انه لا حاجة الى تقدير شرط لكن كان تقدير الشرط في اكثر الموارد اظهر و اولى منه الحديث الذى نقله اى و ان شاء فيصعد صاعدا ثمّ لا يخفى انه على أيّ تقدير جعل نصبه على الحالية كما فعل في النهاية اظهر من المصدرية التقدير فيه فذهب لك اى زائدا على الدّراهم او التقدير فيه على وفق ما نقلنا عن شرح الالفية فان لم يكن بدرهم فيذهب صاعدا اى يكون زائدا عليه و لا يحتمل النقيصة التى ذكرها الشارح هذا ثمّ بعد استعمال الثلاثة و عدم النّقاء بها لا يعتبر عدد بل ما يحصل به النقاء كما صرّح به في شرح الالفيّة

قوله غير المحترمة

كالمطعومات و كذا العظم و الروث للنهى عنه عن الاستنجاء بهما معلّلا بانهما زاد اخوانكم من الجنّ و الاستثناء باعتبار حرمة الاستنجاء بها و ان افاد التطهير فيما يتصوّر فيه قلع النجاسة كما اختاره في شرح الارشاد و الألفية اذ لا منافاة بينهما و ذهب جمع من الاصحاب الى انه لا يفيد التطهير و من المحترم ما يوجب استعماله عمدا فيه الكفر و الارتداد كجميع ما كتب عليه شي ء من اسماء اللّه تعالى و الانبياء او الائمة او شي ء من القرآن و الحديث و نحوه و كذا التربة الحسينيّة على مشرفها السّلام فما كان هذا من القسم فظاهر ان استعماله لا يفيد التطهير كيف و هو موجب للكفر و التنجيس الا اذا وقع جهلا باصله و صرح جماعة بافادته التطهير حينئذ و اختاره الشارح في شرح الإرشاد و الالفيّة و اطلق بعضهم عدم طهر المستجمر بها و بعضهم أجزأها و في شرح الالفية حكم بعدم جودة شي ء منهما و يمكن توجيه الاطلاق الثانى بان افادتها التطهير من هذه النجاسة لا ينافى تنجيسها بنجاسة الكفر فتأمّل

قوله و يستحبّ التباعد

هذا اذا كان في الصحراء و امّا في البنيان فالظاهر انه يكفى دخوله في بناء لا يرى فيه كما صرح به في الذكرى و يمكن حمل التباعد على ما يعم التباعد عن النظر و يمكن جعل قول الشارح بحيث لا يرى ايضا اشارة اليه فافهم

قوله مقدّما للاحجار

لما فيه من الاحتراز عن مباشرة اليد للنجاسة و للتصريح به في الرّواية التى هى مستند الجمع و هى مرفوعة احمد بن محمّد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال جرت السّنة في الاستنجاء بثلاثة احجار ابكار و يتبع بالماء

قوله مبالغة في التّنزيه

اى تنزيه المحلّ اذ التنزيه مع المطهّرين ابلغ من احدهما و يمكن ان يجعل المبالغة في التنزيه باعتبار رعاية تنزيه اليد عن مباشرة النجاسة لكن هذا يحصل باستعمال الاحجار فقط ايضا كما انّ ما ذكره ثانيا من ازالة العين و الاثر يحصل بالماء وحده ايضا فهو في الحقيقة تعليل للابتداء بالحجر و عدم الاكتفاء بالماء كما ان الثانى تعليل للابتداء بالماء و عدم الاكتفاء بالحجر فيما يجزى فيه ذلك و هو غير المتعدى فعلى هذا لك ان تجعل العلّة مجموع الامرين لتسلم عن المناقشة و التمسّك بمثل هذه التعليلات من غير تعرض للاخبار مع وجودها ممّا لا يعجبنى لكن الشارح رحمه الله كثيرا ما يفعل ذلك و هو اعلم

قوله و لإزالة العين و الاثر

اشارة الى ما ذكروه من انه يكفى في الاستجمار ازالة العين و ان بقي الاثر و مع التعدّى لا بدّ من الغسل المزيل للعين و الاثر و المراد بالعين ظاهر و امّا الاثر فقد اختلف كلامهم في تفسيره فقال بعضهم المراد منه ما يتخلّف على المحل بعد مسح النجاسة و تنشيفها و ذكروا انه غير الرّطوبة لانها من العين و هذا المعنى لا وضوح له و على تقدير تحققه لا دليل على الحكم بوجوب ازالته الا ان لا يصدق النقاء و الذهاب و الغسل الوارد في الرّوايات قبل زواله و حينئذ يشكل الحكم بالاكتفاء بزوال العين في الاستجمار لوجوب النقاء و الذهاب الّا ان يقال ان النقاء و الذهاب في العرف مختلف بالنسبة الى المسح و الغسل ففى المسح يطلق النّقاء و الذهاب بما لا يطلق به في الغسل و بعضهم فسّر الاثر باللّون و تمسّك في وجوب ازالته بانه عرض لا يقوم بنفسه فلا بد له من محل جوهرى يقوم به و الانتقال على الاعراض مجال فوجوده دليل على وجود العين فيجب ازالته و فيه اولا النقض بالرائحة لجريان الدليل فيها مع انه لا يجب ازالتها عندهم الا ان يقال انها خرجت بدليل خارج من الاجماع و الاخبار و لا يلزم منه خروج ما لا دليل فيه كاللّون و ثانيا ان امتناع انتقال الاعراض لا يدلّ على وجود العين مع وجود اللون لجواز ان لا يكون هذا اللون هو اللون القائم بالعين بل يكون لونا آخر مثله حدث بالمجاورة بل الظاهر ذلك لبعد ان يبقى في الحنّاء مثلا بعد غسله مرادا كثيرة و المبالغة في ازالة عينه ما احاط بجميع سطح اليد مثلا احاطة اللّون و ثالث ان الظاهر من الانقاء و الذهاب الوارد في الروايات هو الانقاء و الذهاب عرفا و ظاهر انّ الانقاء و الذهاب عرفا قد يتحقق مع بقاء اللون فيكفى ذلك و لا يضرّ وجود الدليل على بقاء العين حينئذ اذ المعتبر زوال العين عرفا لا زوال كل ما قام الدليل على وجوده منها و رابعا انه لو وجب ازالة اللون لكونه دليلا على بقاء العين فوجب ازالته في صورتى التمسّح ايضا الا ان يتمسّك بما ذكرنا من الفرق عرفا في الازالة في المسح و الغسل و قال المصنف رحمه الله في الذكرى في بحث الاستنجاء بالاحجار و لا عبرة بالاثر كالرائحة بخلاف الرطوبة و هو يوهم ان الرائحة من الاثر مع ان كلامه في الدروس صريح في خلافه حيث ذكر انه يجب غسل مخرج الغائط مع التعدى حتى يزول العين و الاثر و انّه لو لم يتعدّ أجزأ ثلث مسحات بجسم

ص: 40

طاهر مزيل للعين لا الاثر ثمّ قال و لا اعتبار بالريح فيهما فالظاهر انّ مراده في الذكرى انه لا عبرة بالاثر كما لا عبرة بالرائحة و ما ذكره الشّارح رحمه الله في شرح الدروس و الارشاد من بعد هذا التوجيه لما عرفت من عدم اشتراط زوال الرائحة بما هو اقوى من الاحجار مما لا يظهر له توجيه و كان مراده ان بعده ما عرفت عدم اعتبار الرائحة في الماء الذى هو اقوى فلا حاجة الى ذكر عدم اعتبارها في الاحجار التى هى اضعف فيبعد حمل الكلام عليه و لا يخفى ان الامر فيه سهل سيّما ان عدم اعتبار الرائحة في الماء انما ذكر في الذكرى بعد هذه العبارة على انه يمكن ان يقال ان في نفس العبارة باعتبار التشبيه اشارة الى اظهرية عدم اعتبار الرائحة فيها و ذلك لما ذكر من عدم اعتبارها في الماء الذى هو اقوى و مع هذا فلا استبعاد في ذكره و ايضا لا يجب حمل الكلام على انه لا عبرة بالاثر في الاحجار كما لا عبرة بالرائحة فيهما على ما حمله حتّى يستبعد بما ذكره بل يمكن حمله على انه لا عبرة بالاثر في الاحجار كما لا عبرة بالرائحة اصلا اى لا فيها و لا في الماء و حينئذ لا استبعاد اصلا فتأمّل

قوله و يمكن تأدّيه بدونه

اى بما يحصل به ازالة العين و ان لم يبلغ الثلاثة لحصول الفرض و هو ما ذكر من التّنزيه و ازالة العين و الاثر و لا يخفى ان ما يستفاد من عبارة المصنف اوفق بما نقلنا من الرواية حيث يستفاد منها الاتباع بالماء بعد ثلاثة احجار التى هى المطهّر غالبا نعم اذا لم ينق المحل بها ففى دلالة الرّواية على استحباب القدر المطهّر مع الاتباع بالماء مناقشة لكن في هذه الصّورة كانه لا مناقشة للشارح مع المصنف رحمهما اللّه تعالى و هل المستحب الاتباع بالماء مطلقا و بما يزول به الاثر بعد زوال العين بالحجر او بما يكفى لإزالة العين و الاثر جميعا و ان لم يضمّ معه الحجر الرواية لا تدل الّا على الاول و على ما ذكره الشارح من الغرض لا بدّ من الثانى و ظاهر عبارة المصنف هو الثّالث فتأمّل

قوله و ترك استقبال جرم النيّرين

خصّ الحكم بالاستقبال لاختصاص النصوص به و صرح العلامة في النهاية بعدم كراهة الاستدبار و قال الشّارح في شرح الإرشاد لا يكره استدبار هما مع احتماله لمساواتهما في الاحترام انتهى و في الفقيه نقل خبرا مرسلا في المنع عن استقبال الهلال و استدباره

قوله الشمس و القمر بالفرج

فلا كراهة مع تحريف الفرج و ان استقبلهما بوجهه و مقاديم بدنه بخلاف ذلك في القبلة على ما سبق و لا يبعد اختصاص الكراهة بما اذا لم يكن حائل من سحاب او ستر و نحوه

قوله لإطلاق الخبر

و هو مرفوعة عبد الحميد بن ابى العلا او غيره قال سئل الحسن بن على عليه السّلام ما حدّ الغائط فقال لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الرّيح و لا تستدبرها و ظاهر انه لا اطلاق فيها بل صريح موردها الغائط نعم يمكن ان يقال بشمول الحكم للبول ايضا بناء على ان المفسدة فيه اشدّ و يحمل الخبر على انه من باب الاكتفاء الا ان يحمل الغائط على معناه اللغوى اى المكان المنخفض و يراد به ما يرتاده المحدث و حينئذ ما ذكره الشارح من الاطلاق متجه و كيف ما كان فتخصيص جماعة من الاصحاب منهم الشيخ و المحقق و العلامة الحكم بالبول نظرا الى اختصاص العلّة و هى خوف الرّدية مع عدم ذكر العلّة في الرواية و استنباطها بمجرّد المناسبة و الاعتبار غريب جدّا و كذا تخصيصهم الكراهة بالاستقبال نظرا الى العلّة مع ورود الاستدبار ايضا في الرواية و المصنف رحمه الله هنا و ان اطلق الحكم بالنسبة الى البول و الغائط لكنّه خصّ بالاستقبال كما في النيّرين فاضاف الشّارح الاستدبار ردّا عليه

قوله و ان قيّد في غيره

هذا التقييد في كلام جماعة من الاصحاب كما اشرنا اليه و كذا في كلام المصنف في البيان و اما في الذكرى و الدروس فاطلق كما هنا و اضاف الاستدبار ايضا

قوله حذرا من وصول الرائحة الخبيثة الى دماغه

هذا و انما علل الشيخ في التهذيب بما اشار اليه الشارح من انه خلاف ما يشاهد من النّاس فانّهم يكشفون الرّأس في الرّوائح المنتنة ثمّ لو صح التعليل فينبغى ان يحمل على انه بيان لبعض علل الحكم بعد العلم به من خارج و الا فالحكم بالاستحباب الشرعى بمجرّد هذا التعليل كما ترى على ان الحذر المذكور لا يتوقّف على خصوص التغطية بل يحصل بسدّ الفم و الانف باللثام و نحوه بوجه اقوى و قال المفيد رحمه الله في المقنعة و ليغطّ رأسه ان كان مكشوفا ليأمن بذلك من عمل الشّيطان و من وصول الرائحة الخبيثة الى دماغه و هو سنّة من سنن النّبى صلّى اللّه عليه و آله و فيه اظهار الحياء من اللّه تعالى لكثرة نعمه على العبد و قلّة الشّكر منه انتهى و فيه تصريح بكونه سنة من سنن النّبى و حينئذ لا تضرّ المناقشة في بعض ما ذكره من العلل و ما ذكره من الامر بذلك من عمل الشّيطان كانه مضمون حديث و الّا فليس له وجه استنباط عقلى و هذا ظاهر كلام الشيخ رحمه الله في التهذيب انه حمل تغطية الراس على التقنّع حيث قال بعد ما نقلنا من عبارة المقنعة فامّا ما ذكره من تغطية الراس فاخبرنى الشيخ رحمه الله و اورد الاسناد الى على بن اسباط عمن رواه عن ابى عبد اللّه انه كان يعمله اذا دخل الكنيف يقنّع رأسه و يقول في نفسه بسم اللّه و باللّه الحديث و قد تبعه في ذلك استدلال جماعة من الاصحاب ايضا و على هذا فلا يبعد ان يراد بالتقنّع القاء ثوب كالقناع على الرّأس و الوجه على وجه يترتب عليه ما ذكره من الحذر من وصول الرائحة و لا يكون خلاف متعارف النّاس و لعلّ ما ذكره ايضا من اظهار الحياء فيه حينئذ اتمّ منه في مجرّد التغطية لكن الشارح رحمه الله جعل التقنع غير التغطية حيث قال هاهنا و روى التقنّع معها و قال في شرح الارشاد بعد ما ذكر استحباب تغطية الراس عند التخلّى اذا كان مكشوفا و روى التقنع فوق العمامة ايضا و هو الظاهر من كلام الصدوق رحمه الله ايضا في الفقيه حيث ذكر اوّلا انه كان الصّادق عليه السّلام اذا دخل الخلاء يقنّع رأسه و يقول في نفسه بسم اللّه الى آخره ثمّ ذكر بعده بلا فصل و ينبغى للرّجل اذا دخل الخلاء ان يغطّى رأسه اقرارا بانه غير متبرّئ نفسه من العيوب لكن لا يخفى ان ما ذكره من التعليل للتغطية لو جعله علّة للتقنّع لكان اتم كما اشرنا اليه في عبارة المفيد فهذا ربما يؤيد حمل التغطية في كلامه ايضا على التقنّع و تاكيد ما سبق كما احتمله بعضهم و ربما حمل بعضهم التقنّع على مطلق التغطية و هو بعيد فتأمل

قوله ان كان بيتا و الا جعله الى آخره

حمل الدخول على الدخول في بيت الخلاء كما هو الظاهر فاضاف ما ذكره و يمكن ان يحمل على الدخول في موضع يجلس فيه للحدث و حينئذ فلا حاجة الى ما ذكر كما قال في المقنعة فاذا انتهى الى المكان الذى يتخلى فيه قدم رجله اليسرى قبل اليمنى لكن لا يخفى انه على هذا لا يفهم استحباب تقديم اليسرى في الدخول في البيت كما انّه على الاول لا يفهم استحباب تقديمها في اصل الوضع اذا تخلّى في بيت و الامر فيه بيّن اذ لا نصّ فيه يجب اتباعه للفرق بينه و بين دخول المسجد فانّ المسجد لما ان كان من المواضع الشريفة استحب ان يوضع فيها اولا بالعضو الشريف و هو الرجل اليمنى و الخلاء بضدّ ذلك فاختير لها ادخال الرّجل اليسرى و اذا كانت العلّة ما ذكر فيمكن اعتبارها في البيت و في اصل الموضع فتأمّل

قوله و عند الفعل

يدل عليه ما في الفقيه من انّه ص اذا تزحّر قال اللّهمّ كما اطعمتنيه طيبا في عافية فاخرجه منى خبيثا في عافية فانّ الزّحير هو استطلاق البطن على ما في الصحاح لكن في القاموس انه استطلاق البطن

ص: 41

بشدّة و على هذا فكانه اخصّ من المدّعى

قوله و رؤية الماء

انمّا هذا مما ذكره المصنف رحمه الله في النفليّة حيث قال و عند رؤية الماء الحمد للّه الذى جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا ذكر في مبحث الوضوء ايضا الدّعاء عند رؤية الماء بما تقدم و جعله الشارح في شرحه اشارة الى هذا الدعاء و مستند هذا الدعاء على ما وقفنا عليه ليس الّا رواية عبد الرحمن بن كثير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال بينا امير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم جالس مع ابن الحنيفة اذ قال له يا محمّد ائتني باناء من ماء اتوضّأ للصّلاة فاتاه محمّد فأكفأه بيده اليسرى على يده اليمنى ثمّ قال بسم اللّه و الحمد للّه الذى جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا قال ثمّ استنجى فقال اللّهمّ حصّن فرجى و اعفّه و استر عورتى و حرّمنى على النّار قال ثمّ تمضمض الحديث قوله فأكفأه بيده اليسرى على يده اليمنى كذا في اكثر نسخ التهذيب اى اماله بيده اليسرى ليصبّ الماء منه على يده اليمنى و في الفقيه و بعض نسخ التهذيب بالعكس و كذا في الكافى و فيه يدل فأكفأه فصبّه و انت خبير بانه يمكن ان يكون المراد انه عليه السلام أكفأ الإناء باحدى يديه و صبّ الماء على الاخرى ثمّ غسل بين اليدين جميعا فكأنّه عليه السّلام بال اولا و لم يذكره الراوى ثمّ غسل يديه قبل ادخالهما الاناء و كان هذا هو الغسل المستحبّ قبل الوضوء و لعله لا يضرّه تخلل الاستنجاء بينه و بين الوضوء و لذا استنجى عليه السّلام بعده ثمّ شرع في افعال الوضوء و لم يعد غسل اليد و ذلك لان الغرض من ذلك تنظيف اليد من النجاسة الوهميّة لئلا تسرى الى الماء و قد حصل ذلك بالغسل بعد البول فلا حاجة الى غسل آخر اذ لا يحصل من الاستنجاء توهّم نجاسة و لو كان الغسل تعبّد ايضا فربما حصل التعبّد بالغسل قبل الاستنجاء و لا حاجة الى غسل آخر بعده و ربما كان غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء للاستنجاء مستحبّا و للوضوء مستحبا آخر و لم ينقل الرّاوى الثانى او تركه عليه السّلام لعدم وجوبه و ربما كان مصلحته ايضا في تركه في ذلك الوقت و يمكن ان يكون الأكفاء لأخذ الماء للاستنجاء و ترك ذكر الغسل المستحبّ للوضوء على ما ذكرنا من الوجهين و اخذه بهذا الوجه دون ان يدخل يده في الإناء و يأخذه ربما كان لعدم امكان ادخال اليد فيه لكن الظّاهر حينئذ تقديم اليمنى على اليسرى كما في الكافي و الفقيه لاستحباب الاستنجاء باليسرى اذا عرفت هذا فمفاد هذه الرواية انما هو استحباب هذا الدعاء عند اخذ الماء لغسل اليد على احد الوجهين او للاستنجاء لا عند رؤية الماء كما ذكره المصنف ايضا لا دلالة فيه على استحبابه عند كل من الاستنجاء و الوضوء على ما ذكره و الشيخ المفيد رحمه الله ذكر استحباب ما ذكره في ابتداء الوضوء حين ينظر الى الماء قبل ادخال يده فيه و لا يخفى ان حمد اللّه عند رؤية كلّ نعمة عليها حسن مطلقا فمع ذلك ورود هذا الحمد منه عليه السّلام في الجملة كانه يصلح سندا للحكم باستحبابه في الحالين على انه ربما كان مستند آخر لم يصل الينا فتأمّل

قوله و عند مسح بطنه اذا قام من موضعه الى آخره

ظاهره ان هذا قبل الخروج و لم اقف له على مستند من الاخبار سوى ما ذكره في الفقيه بقوله و كان عليه السّلام اى امير المؤمنين صلوات اللّه عليه بقرينة ان في سابقة نقل فعله عليه السّلام اذا اراد الحاجة اذا دخل الخلاء يقول الحمد للّه الحافظ المؤذى فاذا خرج مسح بطنه و قال الحمد للّه الذى اخرج عنّى اذاه و ابقى فىّ قوّته فيا لها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها و لا يخفى انه صريح في انه بعد الخروج و حينئذ فيحصل به دعاء الخروج ايضا و ان ورد في الخروج دعاء آخر ايضا كما سننقله لكن عبارة المفيد في المقنعة توافق ما هنا حيث قال و اذا فرغ من الاستنجاء فليقم و ليمسح بيده اليمنى بطنه و ليقل الحمد للّه الذى اماط عنّى الأذى و هنّأني معيشة طعامى و عافانى من البلوى الحمد للّه الّذى رزقنى ما اغتذيت به و عرّفنى لذّته و ابقى في جسدى قوّته و اخرج عنى اذاه يا لها نعمة يا لها نعمة يا لها نعمة لا يقدر القادرون قدرها كذا فيما عندنا من نسخ المقنعة و لا يخفى ان قول المفيد يكفى سندا لما ذكره الشارح لكن لم اقف على مستند ما ذكره الشيخ المفيد من الاخبار و الشيخ رحمه الله في التهذيب ذكر عبارة المفيد الى قوله و ليقل ثمّ قال و ذكر الدّعاءين اولهما قد تقدم الخبر فيه و الثانى اخبرني به الشيخ و اورد السّند الى عبد اللّه بن ميمون القداح عن ابى عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام انه كان اذا خرج من الخلاء قال الحمد للّه الذى رزقنى لذته و ابقى قوّته في جسدى و اخرج عنّى اذاه يا لها نعمة ثلثا و الخبر الاول كانّه اشارة الى ما رواه سابقا عن معاوية بن عمار قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول اذا دخلت المخرج فقل بسم اللّه اللّهمّ انّى اعوذ بك من الخبيث المخبث الرّجس النّجس الشّيطان الرّجيم و اذا خرجت فقل بسم اللّه و الحمد للّه الذى عافانى من الخبيث المخبث و اماط عنّى الأذى الحديث اذ لم يسبق خبر آخر يصلح ان يكون اشارة اليه اقرب من هذا الى المقصود و لا يخفى ما فيه فلا حاجة له الى بيان فتأمّل

قوله و الاعتماد على الرّجل اليسرى

علّله في الذكرى بالخبر عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله و قال في النهاية لانه عليه السّلام علّم اصحابه الاتّكاء على اليسرى و كانه اشارة الى ما رواه الجمهور عن سراقة بن مالك انه قال علّمنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذا اتينا الخلاء ان تتوكّأ على اليسرى و ننصب اليمنى اذ لم اقف في اخبارنا على ما يدلّ على ذلك

قوله و الاستبراء

استحباب الاستبراء هو الظاهر المشهور بين الاصحاب و ظاهر الشيخ في الاستبصار وجوبه و قد اختلف كلام الاصحاب في كيفيته اختلافا كثيرا و ما ذكره هاهنا من نتره ثلث الظاهر ان المراد به نثر القضيب و النتر هو الجذب بجفوة و شدّة فهو قريب مما ذكره في الدروس من انه يمسح من المقعدة الى اصل القضيب ثمّ الى رأسه ثمّ عصر الحشفة ثلثا و هو موافق لما ذكره العلامة في المنتهى و كره و ية و ما ذكره في الذكرى من انه و ليكن بالتتبّع المشهورة لعلّه ايضا اشارة الى هذا و ما وجدنا من الرّوايات في هذا الباب ثلث روايات احدها صحيحة حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يبول قال ينثره ثلثا ثمّ ان سال حتى يبلغ السّاق فلا يبالى و ثانيها حسنة محمّد بن مسلم بإبراهيم بن هاشم قال قلت لابى جعفر عليه السّلام رجل بال و لم يكن معه ماء قال يعصر اصل ذكره الى ذكره ثلث عصرات او ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شي ء فليس من البول و لكنه من الحبائل كذا في التهذيب و في الكافي بدل الى ذكره الى طرفه و هو اظهر و الثالثة رواية عبد الملك بن عمرو عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يبول ثمّ يستنجى ثمّ يجد بعد ذلك بللا قال اذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرّات و غمّز ما بينهما ثمّ استنجى فان سال حتى يبلغ السوق فلا يبالى و الظاهر ان المراد بالنّتر في الرواية الاولى هو نتر اصل القضيب الى طرفه و يمكن حمله على النّتر من اصل المقعدة الى طرفه فعلى الثانى يكون قريبا مما هنا و التفاوت بينهما في اعتبار النّتر الدّال على شدّة الجذب في الرواية و الاكتفاء بمطلق المسح هنا و يمكن حمل المسح هنا على ما كان بشدّة ليوافق الرواية و ايضا قد اعتبر هنا تقطيعه بان يمسح اولا من اصل المقعدة الى اصل القضيب ثلثا ثمّ من اصل القضيب الى رأسه ثلثا و لم يعتبر ذلك في الرواية بل ظاهرها كفاية النّتر من اصل المقعدة الى طرف القضيب

ص: 42

ثلثا بان يكون كل منها منه اليه من غير تقطيع و ايضا ان حمل رأسه هنا على الحشفة فيشمل ما هنا على تقطيع آخر بخلاف الرّواية و ان حمل على منتهى الذّكر فما ذكر هنا من عصر الحشفة ثلثا امر زائد على ما في الرواية اذ حينئذ يمسح الحشفة ثلثا في ضمن المسح الثانى ثمّ يعصرها ثلثا بخلاف ما في الرواية اذ ليس فيها عصرها ثلثا ثانيا و على الاول فليس في الرواية المسح ثلثا الاول اصلا بل النتر من اصل القضيب الى طرفه ثلثا و هاهنا اعتبر ذلك مع تقطيع في الثانى لم يعتبر في الرواية او مع زيادة عصر الحشفة ايضا ثلثا على الاحتمالين و الامر في الفرق بين النّتر و المسح على ما ذكر في الاحتمال السّابق و كلام المرتضى رحمه الله موافق لظاهر هذه الرواية حيث قال و يستحب عند البول نتر الذكر من اصله الى طرفه ثلث مرّات و امّا الرواية الثانية فان حمل العصر من اصل الذكر الى الذكر او الى الطرف فيها على العصر من المقعدة الى منتهى الذكر او الى الحشفة فيوافق ما هنا الا في اعتبار ما ذكر من التقطيع الأول هنا دون الرّواية و لعلّ العلامة رحمه الله حملها على هذا المعنى حيث استدل بها على مختاره و ان حمل العصر من ابتداء القضيب كما هو الظاهر الى آخره او الى الحشفة فليس فيها الثلث الاول المذكور هنا و اما في الباقى فيتوافقان اذ نتر الطرف هو عصر الحشفة المذكور هنا هذا ان حمل نتر الطرف ايضا على الثلاث بقرينة سابقة و ان حمل على الاطلاق فبينهما الفرق من هذا الوجه ايضا و امّا الرّواية الثالثة فصريحة في الثلث الاول المذكور هنا و امّا غمز ما بينهما المذكور فيها فان حمل الى غمز ما بين المقعدة و الانثيين ايضا بعد خرطه كما هو ظاهرها امّا ثلثا او مطلقا فهو شي ء لم يذكر هنا و لم يذكر ما ذكر هنا من الثلثين الاخيرين فيها اصلا و ان حمل على غمز ما بين طرفى الذّكر اكتفاء بقرينة المقام او استهجانا بذكره فيوافق ما هنا الا في اعتبار التقطيع الثانى و عدمه او في اعتبار مسح الحشفة ثلثا هنا ثانيا بخلاف ذلك في الرّواية على ما ذكرنا من الاحتمالين سابقا فيما ذكر هنا هذا و الظاهر ان الغرض من الاستبراء الاستظهار لاخراج بقية البول و على هذا فيمكن الجمع بالقول بحصوله بكل ممّا ورد في الروايات لكن ينبغى في العمل حمل كل منها على الاحتمال الذى هو ابلغ في ذلك من الاحتمالات التى ذكرنا فيها و الوجه الذى ذكر هاهنا كانه جامع لما في الروايات سوى غمز ما بينهما المذكور في الرواية الثالثة على الاحتمال الاوّل الّذى ذكرنا فيه و هو و ان كان ظاهر اللفظ لكن اعتباره بدون اعتبار مسح القضيب اصلا كما هو مقتضى هذا الاحتمال بعيد جدّا عن الاعتبار و يمكن حمل النّتر المذكور هنا على نتر ما بين المقعدة و اصل القضيب ثلثا بعد مسحه و حينئذ فيطابق الرواية الثالثة على الاحتمال الاوّل المذكور فيها مع زيادة هى اعتبار عصر الحشفة ثلثا هنا بخلاف الرّواية و هى ماخوذة من نتر الطرف المذكور في الرواية الثانية لكن عدم اعتبار مسح اصل القضيب اصلا ايضا بعيد عن الاعتبار و اللّه تعالى يعلم بقي الكلام في وجه السّؤال الوارد في الرّواية الثانية فانّه لا يخلو عن خفاء فنقول قد تعرض والدى طاب ثراه في شرح الدروس لتوجيهه فقال كان مراد السائل انه اذا بال و لم يكن الماء كيف يصنع لقطعه ليمكنه الوضوء و لم ينتقض بخروجه و ليس مراده السّؤال عن تطهير المحلّ فاجابه عليه السّلام بانه يستبرى فاذا خرج بعد الاستبراء شي ء فليس من البول و لا ينتقض الوضوء لا انه طاهر فان قلت أيّ خصوصيّة لهذا السّؤال بعدم الماء اذ مع وجود الماء ايضا يجرى السؤال قلت كان السّائل كان عالما بان مع وجود الماء اذ استبرئ و غسل المحلّ فلا باس بما يخرج بعده و لكن لا يعلم الحال في حال العدم او يكون بناء على ما يقال ان الماء يقطع البول كما ذكره العلّامة في المنتهى اذ على هذا وجه الاختصاص ظاهر انتهى و يمكن ان يقال انّ السّائل لم يعرف حكم الاستبراء و كان زعمه انه اذا وجد رطوبة بعد البول و الغسل يجب غسلها فسئله عليه السّلام عن رجل بال و لم يكن معه ماء اى بقدر ان يفى بالغسل كلّما وجد رطوبة فكيف يصنع فاجابه عليه السّلام بتعليم حكم الاستبراء ليعلم ان ما وجد بعدها و بعد الغسل فهو طاهر و لا حاجة الى

غسله فتأمّل

قوله لانها موضوعة للادنى

ورد هذا في روايات العامة كما نقله العلّامة في المنتهى

قوله لانّه من الجفاء

كذا في الخبر و الجفاء ممدودا خلاف البرّ كذا في النّهاية و الصّحاح

قوله حذرا من تخيل الشّيطان

كذا في الخبر و خبّله الحزن خبّته و افسد عقله او عضوه كذا في القاموس

قوله و مطمّحا به في الهواء للنّهى عنه

ففى رواية مسمع عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكره للرّجل او نهى الرّجل ان يطمّح ببوله من السّطح في الهواء و في رواية السّكونى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال نهى النّبى ان يطمّح الرّجل ببوله من السّطح او من الشي ء المرتفع في الهواء و في الفقيه و نهى رسول اللّه ان يطمّح الرجل ببوله في الهواء من السطح او من الشي ء المرتفع و ذكر والدى طاب ثراه في شرح الدروس ان التطميح بالبول يحتمل وجهين الاوّل البول الى فوق و هو مناسب لما ذكره اهل اللغة في الصحاح طمّح بصره الى الشي ء ارتفع و طمّح ببوله اذا رماه في الهواء و يناسبه ايضا التعليل الذى ذكره مه في النهاية و المحقق الثانى في شرح عد من خوف الرّد لكنه لا يناسب ما ورد من التطميح من السّطح او من الشي ء المرتفع لان هذا المعنى لا دخل فيه لكونه من السّطح او من الشي ء المرتفع كما هو الظاهر و الثانى الرمى به في الهواء من موضع مرتفع و هذا و ان لم يكن مناسبا لكلام اهل اللغة و التعليل المذكور لكنه اظهر نظرا الى الروايات ثمّ على الوجه الثانى يتراءى التّنافى بينه و بين ما ورد من استحباب او يتاد موضع مرتفع للبول و انّ رسول اللّه اذا اراد البول عمدا الى مكان مرتفع من الارض و يمكن دفعه يحمل المستحب على ارتفاع يسير يؤمن معه من النضح و التّرشش و المكروه على ما زاد عليه من الارتفاع الفاحش ثمّ على الاحتمال الثانى هل البول في البلاليع العميقة من التطميح في الهواء و قال طاب ثراه لا يبعد القول بعدمه لعدم الظن بدخوله عرفا في التطميح من الشي ء المرتفع و اللّه تعالى يعلم

قوله و في الماء جاريا و راكدا

امّا الراكد فلصحيحة الفضيل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا بأس بان يبول الرّجل في الماء الجارى و كره ان يبول في الماء الراكد و ما ذكر في الفقيه انه قد روى ان البول في الماء الراكد يورث النسيان و امّا الجارى فلرواية مسمع عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام انه نهى ان يبول الرّجل في الماء الجارى الا من ضرورة و قال ان للماء اهلا و في رواية مرسلة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فقلت يبول الرّجل في الماء فقال نعم و لكن يتخوّف عليه من الشّيطان و هى تشمل الراكد و الجارى و على هذا يحمل نفى البأس في الجارى كما في الرواية الاولى و في عدة روايات اخر على خفّة الكراهة فيه او على عدم التنجس فيه مطلقا بخلاف الراكد و الرّوايات مختصّة بالبول فلا يتعدى

ص: 43

الى الغائط و لهذا قدر الشارح رحمه الله الحدث بعد هذا اشارة الى تعميم الحكم فيه و اختصاص ما سبقه بالبول لكن بعض الاصحاب كالمصنف في الذكرى عمّم الحكم في الغائط بطريق الاولى و فيه ضعف نعم ربما يمكن التمسّك فيه بالتعليل الوارد في خبر مسمع فتأمّل

قوله و هو الطريق المسلوك

فسره في الصحاح بالطريق الاعظم و هو اخص مما ذكره الشارح رحمه الله لكن لم اقف فيه هذا الباب على نصّ ورد بلفظ الشارع بل انما ورد بلفظ الطرق النافذة و هو صحيحة عاصم بن حميد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال رجل لعلّى بن الحسين صلوات اللّه عليهما اين يتوضّأ الغرباء قال يتقى شطوط الأنهار و الطرق النافذة و تحت الاشجار المثمرة و مواضع اللعن قيل له و اين مواضع اللّعن قال ابواب الدّور فلعلّه لهذا فسّره الشارح هاهنا بالطريق المسلوك ليوافق الرواية و في بعض الاخبار على ما في الفقيه لعن اللّه المتغوّط في ظل النّزال و المانع الماء المنتاب و السّاد الطّريق المسلوك و يمكن ان يحمل سادّ الطريق على ما يعم المتغوّط فيه فربما كان تفسير الشارح بناء عليه هذا ثمّ ان المراد بالطريق النّافذ او المسلوك امّا الطريق العام الذى يسلكه كل احد كما قال في الاساس طريق نافذ عامّ يسلكه كل احدا او مقابل المهجور و المتروك كما هو الظّاهر من المسلوك فعلى الاول التقييد بالنّافذة كانّه للاحتراز عن الطرق المختصة بواحد او جماعة لكونها ملكا لأربابها فيحرم الحدث فيها بدون اذنهم و على الثانى كانه لعدم الكراهة في المتروكة باعتبار ان علة الكراهة هى اذى المتردّدين فلا كراهة مع التّرك و الهجر فتأمّل

قوله و هو طريق الماء للواردة

اى المواضع التى يأتيها الواردون لأخذ الماء من شطوط الانهار و رءوس الآبار و قد ذكر الاتقاء من شطوط الانهار في الرواية السابقة و سيجي ء ايضا في مرفوعة علىّ بن ابراهيم و في رواية السكونى نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان يتغوّط على شفير بئر ماء يستعذب منها او نهر يستعذب او تحت شجرة فيها ثمرتها و علل الحكم في شرح الشرائع و د بما فيه من اذى الواردين

قوله و هو ما امتدّ من جوانب الدار

كذا في الصّحاح و في القاموس و النهاية هو المتّسع امام الدار و على الاول فلم اقف على ما يدل على الكراهة في فناء الدّار مطلقا بل انما ورد الاجتناب عن افنية المساجد في مرفوعة علىّ بن ابراهيم عن ابى الحسن موسى عليه السّلام اذ فيها اجتنب افنية المساجد و شطوط الأنهار و مساقط الثمار و منازل النزال و على الثانى فهو قريب من ابواب الدّور التى فسّر بها مواضع اللعن في الرّواية السّابقة و تفسير الشارح بحريمها خارج المملوك منها كانه باعتبار ان المملوك منها يحرم الحدث فيه بدون اذن صاحبه فالكراهة انما هى في الخارج عنه فتدبّر

قوله و هو مجمع النّاس الى آخره

الظاهر تفسيره بالاخير كما ورد في الرواية المتقدّمة او التعميم لكل ما يوجب الحدث فيه اللعن عادة بحمل التفسير في الرواية المذكورة على التمثيل و تعليل الحكم بالكراهة مطلقا بما يوجبه من اللعن و الذّم و اما التخصيص باحد الثّلاثة الأول فلا وجه له على انه لا يحسن تفسيره بالثانى مع ما سيذكره من في ء النّزال و لا بالثالث مع ما ذكره من الشارع فانّه قال في النهاية فيه نهى عن الصّلاة على قارعة الطريق و هى وسطه و قيل اعلاه و المراد به هاهنا نفس الطريق و وجهه انتهى اللّهمّ الّا على ما نقله عن القيل فافهم

قوله و تحت الشجرة المثمرة

يدل عليه الروايات المتقدّمة

و قوله و هى ما من شانها ان تكون مثمرة

ظاهره كفاية ان يكون من شانها الاثمار و ان لم يثمر في الحال و لا في الماضى و فيه تامّل فان اطلاق المشتق على ما قام به المبدا في المستقبل مجاز اتّفاقا على ما تقرّر في الاصول و لا قرينة هاهنا على ارادته و اما شموله لما اثمر في الماضى و ان لم يثمر في الحال فهو مبنى على كون اطلاق المشتق على من قام به المبدا في الماضى حقيقة و فيه خلاف بينهم و على تقدير تسليم القول به يمكن ان يقال هاهنا ان الظاهر حملها على المثمرة في الحال بقرينة ما تقدّم من رواية السّكونى حيث قيد بشجرة فيها ثمرتها و كذا ما رواه في الفقيه مرسلا عن ابى جعفر عليه السّلام و انما نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان يضرب احد من المسلمين خلاءه تحت شجرة او نخلة قد اثمرت لمكان الملئكة الموكّلين بها الا ان يقال ان هذا لا يدل على تخصيص الحكم بحال الإثمار اذ يجوز ان يكون رعاية الملئكة الموكلين بها حال الأثمار صار سببا لكراهة ذلك فيما بعد الاثمار ايضا ما دام الشجر باقيا و ايضا يحتمل ان يكون الملئكة موكّلة بالشجرة او النّخلة التى قد اثمرت لا بثمرتها و حينئذ فيجوز ان تكون موكّلة بها دائما فلا دلالة فيها على التّخصيص لكن قال في الفقيه بعد ذلك قال و لذلك تكون الشجرة و النخلة انسا اذا كان فيه حمله لان الملئكة تحضره و فيه دلالة على ان حضور الملئكة يختصّ بوقت الحمل فيندفع المناقشة الاخيرة هذا و ايضا لا يلزم حمل المطلق على المقيّد لجواز ان يكون التقييد في رواية السّكونى لاجل شدة الكراهة في حال فيها ثمرتها فلا ينافى الكراهة مطلقا على ما هو مقتضى صحيحة عاصم بن حميد المتقدمة مع صحّتها و ضعف المقيّدة لكن لما يثبت القول بكونه حقيقة في الماضى و الروايتان تصلحان قرينة في الجملة للتقييد و الاصل العدم حتى يثبت فالاولى الاقتصار في الحكم بالكراهة على القدر المتيقن هذا و قال في القاموس ثمر الشجر و اثمر صار فيه الثمر و الثامر ما خرج ثمره و المثمر ما بلغ ان يجنى انتهى و على ما ذكره فمقتضى رواية عاصم بن حميد تخصيص الكراهة بما بلغ ان يجنى ثمرها و مقتضى مرسلة الفقيه الكراهة في كل ما خرج ثمرها و اما مساقط الثمار الواقعة في المرفوعة المتقدمة فظاهرها عرفا كل ما يكون مسقطا لما عسى ان يسقط من الثمار و ان لم يتحقق السقوط عليه بالفعل لكن الظاهر انه لا بد من وجود الثمرة التى امكن سقوطها عليه بالفعل و ان لم يدرك لعدم اعتبار الادراك في مفهوم الثمرة و امّا انه هل يعتبر كونه مسقطا كذلك في الحال او يكفى صدقه عليه في الماضى فمبتنى على القولين في المشتق فما قيل من دلالة هذه الرواية ايضا على التقييد بحال وجود الثمرة فيه ما فيه فتأمل

قوله و هو موضع الظلّ المعدّ لنزولهم

يدل عليه ما في الخبر الذى نقلناه عن الفقيه لعن اللّه المتغوّط في ظلّ النزال و يمكن ان يحمل الخبر ايضا على منازلهم مطلقا كما احتمل في عبارة المصنف و يكون التعبير عنها بالظّل بناء على الغالب و يمكن توجيه كلام المصنف ايضا على تقدير الحمل على الأعمّ بهذا الوجه ايضا و يؤيد التعميم ما سبق في مرفوعة علىّ بن ابراهيم و منازل النزال فتدبّر

قوله يرجعون اليه و ينزلون به

كان فيه اشارة الى ان المراد بالرجوع اليه هاهنا هو النزول به و الالتجاء اليه لا الرجوع اليه بعد النزول به ابتداء كما هو ظاهر لفظ الرّجوع و يمكن الحمل عليه ايضا و التّنزيل على الغالب و قوله من فاء يفي ء اذا رجع اشارة الى ان اطلاق لفظ الفي ء على المعنى الثانى انما هو باعتبار معنى الرجوع من غير ملاحظة الظل بخلاف الاول لانه باعتبار معنى الظّل و ان كان اطلاق الفي ء على الظّلّ ايضا باعتبار

ص: 44

ملاحظة معنى الرّجوع كما سيشير اليه في بحث وقت النّوافل فتفطّن

قوله و الحجرة

مستنده على ما ذكره العلّامة في المنتهى ما ورد في الرّوايات العاميّة انّ النّبى صلّى اللّه عليه و آله نهى ان يبال في الحجر و انه لا يؤمن ان يخرج حيوان يلسعه فقد حكى ان سعد بن عبادة بال في حجر بالشام فاستلقى ميتا فسمعت الجنّ ينوح عليه بالمدينة و تقول نحن قتلنا سيّد الخزرج سعد بن عبادة و رميناه بسهمين فلم تحط فؤاده و لا يخفى ان الرواية مع ما عرفت من حالها مخصوصة بالبول و لا يشمل الغائط كما هو مقتضى كلامهم و الاستناد بالوجه الثانى في الحكم الشرعى لا يخلو عن اشكال و حال ما نقل من الحكاية معروفة فتأمّل

قوله و الكلام الّا بذكر اللّه تعالى الى آخره

الاولى تاخيره عن الاكل و الشّرب ليتّصل بما يرتبط به مما ذكره بعد ذلك من جواز حكاية الاذان الى آخره و استدلّ على كراهة الكلام برواية صفوان عن ابى الحسن الرّضا انّه قال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان يجيب الرّجل آخر و هو على غائط او يكلّمه حتّى يفرغ و فيه انّه انما يدل على كراهة الكلام مع الغير لا مطلقا و قال في الفقيه و لا يجوز الكلام على الخلاء لنهى النبيّ عن ذلك و روى انه من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته و استدل ايضا في شرح الدروس بما سيجي ء في استثناء آية الكرسى من رواية عمر بن يزيد لم يرخص في الكنيف الى آخره و هو انما يتم لو حمل على انه لم يرخص في الكلام مطلقا سوى ما ذكره و امّا لو حمل على انه لم يرخّص فيما سأله السّائل من التسبيح و قراءة القرآن الا فيما ذكره فلا دلالة فيه على المنع من الكلام مطلقا فتأمّل

قوله و للخبر

و هو ما رواه في الفقيه انه دخل ابو جعفر الباقر عليه السّلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فاخذها و غسلها و دفعها الى مملوك كان معه فقال تكون معك لآكلها اذا خرجت فلما خرج عليه السّلام قال للملوك اين اللقمة قال اكلتها يا ابن رسول اللّه فقال انّها ما استقرّت في جوف احد الّا وجبت له الجنّة فاذهب فانت حرّ فانى اكره ان استخدم رجل و ذلك لان تاخيره عليه السّلام لأكل تلك اللقمة مع ما فيه من الثواب العظيم و تعليقه على الخروج يدل على مرجوحية اكلها في تلك الحال ففى غيرها بطريق اولى و اليه اشار المصنف في الذكرى حيث قال بفحوى رواية اللقمة عن الباقر عليه السّلام و يمكن المناقشة في دلالتها على كراهة الاكل و الشّرب مطلقا لاحتمال اختصاصها بالخبز لما فيه من الحرمة بل بمثل هذا الخبز الذى في اكله ما ذكر من الشرف فلا يدل على الحكم في الشّرب و لا في الاكل مطلقا فتأمّل

قوله و ذكر اللّه لا يشمله اجمع

يعنى الحكم بكراهة الكلام في الخلاء عامّ يشمل الاذان و لم يرد ما يدلّ على استثنائه الا ما ورد من استثناء ذكر اللّه و انه حسن على كل حال و هو لا يشمله اجمع لخروج الحيّعلات عنه و لذلك لم يحكم المصنف في الذكرى باستثنائه و نسبه الى القيل و استدل في المدارك على استثناء الأذان بما رواه ابن بابويه في كتاب علل الشرائع في الصّحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام انّه قال يا ابن مسلم لا تدعنّ ذكر اللّه عزّ و جلّ على كلّ حال و لو سمعت المنادى ينادى بالأذان و انت على الخلاء فاذكر اللّه عزّ و جلّ و قل كما يقول ثمّ قال و من هنا يظهر ان ما ذكره جدّه في شرح د حيث قال و استثنى المصنف ايضا حكاية الاذان و هو حسن في فصل ذكر فيه دون الحيّعلات لعدم النصّ عليه على الخصوص الّا ان تبدّل بالحولقة كما ذكر في حكايته في الصّلاة ليس بجيّد و لا يخفى انّ هذه الرواية رواها في الفقيه ايضا عن محمد بن مسلم و سنده اليه صحيح لكن يمكن المناقشة في دلالتها فان قوله عليه السّلام و قل كما يقول و ان كان مطلقا في الفصول لكن قوله عليه السّلام اوّلا لا تدعنّ ذكر اللّه عزّ و جلّ على كل حال و كذا قوله عليه السّلام فاذكر اللّه عزّ و جلّ كانه قرينة على تخصيصه بما هو ذكر و يمكن ان يقال انه لا دلالة فيه على تخصيصه بالذكر بل فيه اشعار بدخول تمام الأذان في الذكر و جواز حكايته على الخلاء و روى ايضا في كتاب العلل عن ابى بصير قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام ان سمعت الأذان و انت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذن و لا تدع ذكر اللّه عزّ و جلّ في تلك الحال لان ذكر اللّه حسن على كل حال ثمّ قال عليه السّلام لما ناجى اللّه عزّ و جلّ موسى بن عمران عليه السّلام قال موسى يا ربّ ا بعيد انت منى فاناديك ام قريب فاناجيك فاوحى اللّه عزّ و جلّ اليه يا موسى انا جليس من ذكر في فقال موسى يا ربّ انّى اجلّك ان اذكرك فيها قال يا موسى اذكرني على كلّ حال و قد ذكر مضمون هذه الرّواية بتمامها في الفقيه ايضا في باب ارتياد المكان للحدث لكن لم ينسبه الى الرواية و الكلام في دلالتها ايضا كالكلام في الرّواية السّابقة و روى ايضا في كتاب العلل في الصّحيح عن زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السّلام ما اقول اذا سمعت الأذان قال اذكر اللّه مع كلّ ذاكر و الكلام في دلالتها ايضا كما في الروايتين السّابقتين و روى ايضا عن سليمان بن مقبل المدينى قال قلت لابى الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام لاىّ علة يستحبّ للانسان اذا سمع الاذان ان يقول كما يقول المؤذن و ان كان على البول و الغائط قال ان ذلك يزيد في الرزق و لا يخفى ظهور دلالته على حكاية كل الاذان و عدم قرينة فيه على التخصيص بل هو قرينة على عدم التخصيص في الروايات السّابقة ايضا و اللّه تعالى يعلم

قوله و قراءة آية الكرسى

يدل عليه صحيحة الفقيه عن عمر بن يزيد انه سئل ابا عبد اللّه عليه السّلام عن التسبيح في المخرج و قراءة القرآن فقال لم يرخص في الكنيف اكثر من آية الكرسى و يحمد اللّه او آية الحمد للّه ربّ العالمين و هذه الرّواية في التهذيب ايضا من دون الحمد للّه ربّ العالمين و حينئذ يمكن الحكم باستثناء كلّ آية و على هذا فتخصيص آية الكرسى او لا يمكن ان يكون باعتبار الاهتمام بقراءتها في كلّ حال لكن يشكل ذلك مع وجود الزيادة في الفقيه و امّا ما رواه في التهذيب في الصّحيح عن عبد اللّه بن على الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته أ تقرأ النفساء و الحائض و الجنب و الرّجل يتغوّط القرآن فقال يقرءون ما شاءوا فيحمل بقرينة رواية عمر بن يزيد على نفى الحرمة و يمكن على رواية التهذيب حمل رواية عمر بن يزيد على الرّخصة في آية الكرسى و كلّ آية لا بقيد الوحدة بل بان يكون المراد انه لم يرخّص في الكلام مطلقا لا فيما سأله السّائل غير آية الكرسى و حمد اللّه و المراد به ما يشمل الذكر مطلقا و كلّ آية فيشمل جميع القرآن و حينئذ فلا حاجة الى تاويل في رواية الحلبى فتأمّل

قوله و كذا مطلق حمد اللّه

تاكيدا لما ذكره سابقا بقوله الا بذكر اللّه تعالى و تفصيل له و يدل عليه الرّوايات السابقة و غيرها

قوله و للضرورة

لما في الامتناع معها من الضّرر و الحرج المنفيّين

قوله كالتكلم لحاجة الى آخره

و ينبغى ان يقيّد بان لا تقتضى بغير الكلام من التصفيق باليد و نحوه

قوله و يستثنى ايضا الصّلاة على النّبى

نظرا الى عموم ما يدل على وجوبها عند سماع ذكره صلّى اللّه عليه و آله مع دخولها في مطلق الذكر ايضا

قوله و ربما قيل باستحباب التّسميت منه ايضا

اى كما يستحبّ الحمد له و التّسمية بالسّين و الشّين

ص: 45

هو الدّعاء للعاطس كان يقال له يرحمك اللّه و نظر القائل الى دخوله في مطلق الذكر و قد منع بعضهم ذلك و كلام الشارح ايضا يشعر بتوقف فيه فافهم

قوله و ما في معناه

اى في معنى الحكاية بتاويل المذكور و هو قراءة آية الكرسى و ساير ما ذكر بعدها في الشرح و امّا ما للضرورة فربما كان بعضه مباحا و بعضه راجحا واجبا او مندوبا و عليك باستخراج التفصيل فتأمل

قوله معناه الاعم

اى ما لا يمتنع شرعا الشامل لما عدا الحرام لا معناه الاخص اعنى المباح الذى هو متساوى الطرفين لانه مستحبّ بل بعضه واجب كما اشرنا اليه في ما للضرورة و كالصّلاة و ردّ السّلام فلا يجوز حمل الجواز هاهنا على المعنى الاخصّ بل يجب ان يحمل على المعنى الاعم و يكون تحققه فيما كان مستحبّا في ضمن الاستحباب و فيما كان واجبا في ضمن الوجوب و فيه تامّل فانّ الغرض من الحكم بالجواز فيها عدم كراهتها و اذا حمل على المعنى الاعمّ فلا يدل على ذلك فالظاهر ان يقال انه تسامح فيه و اطلقه على مقابل المرجوح و ان لم يكن من معانيه لغة و اصطلاحا فتأمّل

قوله لانه عبادة لا تقع الا راجحة و ان وقعت مكروهة

فمعنى الكراهة فيها هو قلّة ثوابها كما صرّح به جمع من المحققين و سيجي ء من كلام الشارح ايضا في بحث القران في الطواف و فيه تامّل سنشير اليه هناك انشاء اللّه و تفصيل القول في معنى الكراهة في العبادات و تحقيقه فيما علقناه على شرح مختصر الاصول فليرجع اليه

قوله فكيف اذا انتفت الكراهة

كما في المذكورات اذ لا ريب انّهم لا يقولون بكراهتها و العبادة ان لم تكن مكروهة فلا ريب في رجحانها فلا يمكن حمل الجواز فيها على تساوى الطرفين فيجب ان يحمل على معناه الاعم على ما ذكره او على مقابل المرجوح توسّعا على ما ذكرنا فتأمّل

[الفصل الثاني في الغسل]

[موجبات الغسل]
اشارة

قوله و مس الميّت النجس

هذا هو المشهور و الاقوى و ذهب السّيد المرتضى رحمه الله الى استحباب غسل المسّ و الاخبار المتظافرة دالة على الوجوب و لا يشترط فيه الرّطوبة بل يجب الغسل بالمسّ مع اليبوسة ايضا لعموم الرّوايات و قد صرّح به في هى و غيره و في حكم مسّ الميّت عندهم مسّ قطعة فيها عظم سواء ابينت من الميّت قبل غسله او من الحى كما سيجي ء تفصيله و كذا العظم المجرّد على ما رجحه المصنف في الذكرى كما سيجي ء و المراد مسّ الميّت النجس في الجملة و ان لم يكن الممسوس نجسا فيشمل ما لو مسّ عظمه المجرّد اذا اوضح و طهّر في حال حياته ثمّ مات فان الظاهر عدم نجاسة حينئذ لكونه ممّا لا تحلّه الحياة و وجوب الغسل بمسّه كما سيجي ء تفصيل القول فيه انشاء اللّه تعالى

قوله فخرج الشهيد و المعصوم

استثناء الشّهيد من الحكم بوجوب الغسل بمسّه بما ذكره جمع من الاصحاب منهم المحقق رحمه الله في المعتبر و العلّامة في المنتهى و صاحب المدارك معلّلا بان ظاهر للروايات انّ الغسل بالمسّ انما يجب في الصورة التى يجب فيها تغسيل الميّت اذا وقع قبل الغسل و لا غسل في الشهيد و امّا استثناء المعصوم فلم ار في كلام غيره التصريح به و لا يجرى فيه الوجه المذكور مع ما فيه من الكلام كما سنشير اليه في بيان حكم مسّ الكافر لكن تقييدهم وجوب غسل مس الميّت بما اذا كان قبل تطهيره يشعر بعدم وجوب الغسل فيه لعدم التطهير فيه كما يدل عليه الرّواية الآتية في النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله الا ان يحمل التطهير على التغسيل و في رواية الحسين بن عبيد قال كتبت الى الصّادق عليه السّلام هل اغتسل امير المؤمنين حين غسّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند موته قال كان رسول اللّه طاهرا مطهّرا و لكن فعل امير المؤمنين عليه السّلام ذلك و جرت به السّنة و مثله مكاتبة القاسم الصّيقل ايضا و ظاهرهما وجوب غسل المسّ في المعصوم ايضا و المسألة قليلة الجدوى و اللّه تعالى يعلم

قوله و من تمّ غسله الصّحيح

فيه اشارة الى انه لا بدّ في سقوط غسل المسّ من كونه بعد تمام غسل الجميع و لا يكفى وقوعه بعد تمام غسل ما مسّه كما اختاره المصنف على ما سيجي ء و اراد بالصحيح ما يعم الصحيح اختيارا و اضطرارا كفائت الخليطين او احدهما فيكفى اتمام الاغسال بدونهما فافهم

قوله كمن قدمه ليقتل

و هذا فيمن وجب عليه الرجم و القود فانه يؤمر بالاغتسال و التّحنيط ثمّ يقام عليه الحدّ فلا يغسل بعد ذلك و يعتبر في غسله مواجب غسل الميّت قال في الذكرى و الظاهر الحاق كل من وجب عليه القتل بهم للمشاركة في السّبب

قوله فقتل بالسّبب الذى اغتسل له

فلو مات حتف الفه او قتل بسبب آخر فلا يكفى غسله السّابق و يجب تغسيله ثانيا و يجب الغسل بمسّه كغيره سواء سقط حكم الاول ام لا كما صرّح به المصنف في الذكرى قال و لو عفى عنه ثمّ اريد قتله بسبب شرعى آخر فالظاهر التّجديد ايضا و خرج ايضا بقيد النجس مسّه قبل البرد فلا يجب الغسل به لعدم نجاسة قبل البرد كما اختاره المصنف في الذكرى مدعيا عدم القطع بالموت قبل البرد و على هذا فيمكن خروجه بالميّت ايضا و قيل بنجاسة قبل البرد ايضا و اختاره الشارح مع عدم وجوب الغسل بمسّه حينئذ و على هذا فلا يفيد قيد النجس لاخراجه الا ان يحمل النجس على المشرف على النجاسة او يقال انه اجمل الكلام هذا اعتمادا على ما سيجي ء حيث قطع هناك بعدم الغسل قبل البرد مع نقله الخلاف في نجاسته و ترجيحه القول بالنجاسة فتدبّر

قوله قيل و يجب غسل ما مسّها و ان لم يكن برطوبة

هذا هو المقابل للاصح ذهب اليه العلّامة رحمه الله في اكثر كتبه و اعلم ان نجاسة الملاقى للميتة برطوبة نجاسة عينيّة يتعدى منه الى الملاقى برطوبة و هكذا و لا يتعدى منه الى ما يلاقيه بيبوسته كسائر النجاسات العينيّة و اما الملاقى لها بيبوسته على القول بنجاسته فلا ريب ايضا انه لا يتعدى منه الى غيره مما لا يلاقيه بيبوسته و اما اذا لاقى غيره برطوبة فهل نجاسة عينيّة تتعدّى منه اليه او حكمية لا يتعدى وجهان قال في المنتهى الاقرب الثانى فلو لامس رطبا قبل غسل يده لم يحكم بنجاسة على اشكال انتهى و مثله القول في الملاقى الميّت من الانسان فانه اذا كان برطوبة فالمعروف بين الاصحاب انه ينجس بنجاسة عينيّة يتعدى منه الى غيره مما يلاقيه برطوبة لا بيبوسة و اما اذا كان بيبوسة فقيل انه لا ينجس بذلك و قيل انه ينجس و على القول بنجاسة لا شكّ انه لا يتعدى منه الى ما يلاقيه بيبوسة و في التعدى الى ما يلاقيه برطوبة وجهان اختار الشارح في شرح الارشاد الاول و العلامة رحمه الله في هى الثانى فانه قال الوجه ان النجاسة حكمية فلو لاقى ببدنه بعد ملاقاته للميّت رطبا لم يؤثر في تنجيسه لعدم دليل التنجيس و ثبوت الاصل الدّال على الطهارة و لا يخفى ان عبارته بان ترجيحه لكونها حكمية هنا اظهر منه في غير الانسان و كانه لا وجه له و ظاهر كلام ابن ادريس ان ما يلاقى بجسد الميّت و ان كان برطوبة لا يحكم بنجاسة و انما يجب غسله تعبّدا و هو متروك هذا في النجاسة المخصوصة بالعضو الملاقى و اما النجاسة السارية في كل البدن باعتبار ملاقات عضو منه للميّت رطبا او يابسا فهي نجاسة حكميّة موجبة للغسل و ليست نجاسة عينيّة فلو لاقى غير العضو

ص: 46

اللّامس شيئا بيبوسة او رطوبة فلا ينجس بذلك هكذا حقق المقام

قوله و من بحكمه

كأطفال المسلمين و الكفار ايضا اذا كانوا في يد المسلم على رأى

قوله غير الشهيد

و امّا المعصوم فيجب غسله

[غسل الجنابة]

قوله كقدرها من مقطوعها

قال في الذكرى و لو قطع بعض الحشفة كفى الباقى الا ان يذهب المعظم فيغيب بقدرها

قوله و ابعاضها حتى البسملة

ظاهره انه حمل قراءة العزائم في المتن على قراءة كلها فاضاف الابعاض ايضا اشارة الى اتحادهما في الحكم و يمكن حمل المتن على ما يعم قراءتها كلا او بعضا فلا حاجة الى تيمّم فلو قال الشارح بدل قوله و ابعاضها كلا او بعضا لكان اولى فافهم

قوله اذا قصدها

اى البسملة و بعضها لا مطلق ابعاضها اذ لا يشترط القصد في مطلق الابعاض و انما اشترط في المشترك بين اجدها و غيرها كالبسملة و ابعاضها

قوله و هو كلماته و حروفه الى آخره

فلا عبرة بالاعراب لانه ليس جزءا من القرآن و لذا لم يكتب في المصاحف القديمة

قوله بجزء من بدنه

و لا اختصاص له بخصوص باطن الكفّ على ما احتمله في التذكرة لعدم اختصاص المسّ الذى هو مورد الحكم به لا لغة و لا عرفا و امّا التخصيص بما تحلّه الحياة فقد علّله في شرح د بان الحدث من توابع الحياة و من ثمة يسقط بالموت فلا يتعلق بما لا يكون محلا لها و كذا لا يجب الغسل بمسّ الميت به و ان نجس كما لا يجب بمسّه من الميّت و التعليل ضعيف لانّه اذا صدق المسّ على المسّ بذلك الجزء فالظاهر دخوله تحت التحريم و عدم حلول الحياة مما لا اثر له لان الحدث ليس مما يتعلق بجزء جزء من البدن بل هو معنى قائم بالشّخص بمجموعه نعم يترتب الحكم عليه متوقف على حيوة محلّه فبعد موته يسقط حكمه و مما يؤيد هذا وجوب غسل الظفر في الوضوء و الغسل و ان لم يصدق المسّ عرفا بمسّ ذلك فهو يكفى وجها للتخصيص و لا حاجة الى التمسك بما ذكره و كذا الحكم فيما ذكره من الفرعين الآخرين فتأمّل

قوله او اسم اللّه تعالى مطلقا

و ان لم يكن مقصودا بالكتابة لعدم الاشتراك فيه بخلاف اسماء المعصومين عليهم السّلام و هذا انما يتم في الاسماء المختصّة به تعالى و امّا سائر الاوصاف المشتركة كالكريم و الرّحيم و نحوهما فالظاهر ان حكمها حكم اسماء المعصومين عليهم السّلام من اعتبار القصد فيها ايضا و المراد بالنّبى الجنس فيشمل جميع الأنبياء عليهم السّلام

قوله في المشهور

متعلق بما على النّقدين اشارة الى تردد فيه باعتبار اطلاق ما ورد من نفى الباس بمس الجنب و الحائض بايديهما الدراهم البيض مع شيوع كتابة اسم اللّه و اسم النّبى عليها و خصوص رواية ابى الرّبيع عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الجنب بمسّ الدراهم و فيها اسم اللّه و اسم رسوله قال لا باس ربّما فعلت ذلك و لا يخفى انه و ان امكن الجواب عنهما بحمل الأول على الدراهم البيض التى لم يكتب عليها شي ء من ذلك او على مسّ غير موضع الكتابة و كذا لا خير على الاخير لكنه لا يخلو عن بعد سيّما الأخير و لذا نقل في شرح الارشاد تلك الرواية و قال انها انما تدل على جواز مسّ الدراهم المكتوب عليها ذلك خاصة فلا يتعدى الى غيرها و جاز اختصاصها بالحكم لعموم البلوى و دفع الحرج و يمكن ان يكون متعلّقا باسماء الانبياء و الائمّة عليهم السّلام مطلقا لعدم ورود نصّ فيها لكن الحكم مشهور بين الاصحاب قال المحقق في المعتبر قاله الشيخان و لا اعرف المستند و لعلّ الوجه دفع اسمائهم عليه السّلام عن ملاقات ما ليس بطاهر و ليس حجة موجبة للتحريم و القول بالكراهة انسب و يحتمل تعلّقه باسم اللّه تعالى ايضا اذ ليس مستندهم فيه ايضا الا التعظيم لشعائر اللّه تعالى و موثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا يمسّ الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه تعالى و لا يخفى انه يمكن المناقشة في كل من الدليلين سيّما بعد ما اشرنا اليه من المعارض فتأمّل

قوله فان اكل قبل ذلك خيف عليه البرص

لم اقف في الروايات على ما يدل عليه رواية السّكونى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و لا يذوق اى الجنب شيئا حتى يغسل يديه و يتمضمض فانه يخاف منه الوضح فان كان نظره الى هذه الرواية فكان عليه اضافة الشرب ايضا في الشرط الشمول قوله عليه السّلام و لا يذوق المشرب ايضا الا ان يقال اكتفى بالاكل عنه بقرينة ذكره في المتن و ايضا كان عليه اضافة غسل اليدين في الغاية لذكره في الرواية و ترك الاستنشاق لعدمه الا ان يقال ان ما ذكره تبعا للمشهور بناء على احتمال ان يكون المراد بالمضمضة هى مع الاستنشاق كما هو الشائع بناء على انه كثيرا ما يكتفى في ذكر امرين يتعارف اقترانهما باحدهما فقط و امّا الحكم ببدلية الوضوء عنهما فلعلّه لم يستند فيه الى هذه الرواية بل الى رواية اخرى مثل صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها قلت ا يأكل الجنب قبل ان يتوضّأ قال انا لنكسل و لكن ليغسل يده و الوضوء افضل اذ لو بقي الخوف المذكور مع الوضوء لما كان ينبغى منه عليه السلام الاكتفاء به مع الحكم بكونه فضل من غير تعليم ما يوجب دفع الخوف المذكور ايضا و يؤيّده ما رواه في الفقيه ايضا عن ابى جعفر عن ابيه عليهم السلام انه قال اذا كان الرّجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتى يتوضّأ و يمكن ان يكون نظره الى ما ذكره في الفقيه ان الرجل اذا اراد ان يأكل او يشرب قبل الغسل لم يجز له الا ان يغسل يديه و يتمضمض و يستنشق فانه ان اكل او شرب قبل ان يفعل ذلك خيف عليه البرص فان ظاهره انه مضمون خبر وصل اليه لكن حينئذ ايضا يتوجّه على كلامه ما ذكرنا كلّه سوى حديث ترك الاستنشاق لذكره في عبارة الفقيه ايضا فتأمّل

قوله و روى انه يورث الفقر

كانه اشارة الى ما ذكره في الفقيه انه روى ان الاكل على الجنابة يورث الفقر و روى ايضا في باب ذكر جمل من مناهى رسول اللّه عن امير المؤمنين عليهما السّلام قال نهى رسول اللّه صلّى الله عليه و آله عن الاكل على الجنابة و قال انه يورث الفقر و لا يخفى انه ليس في الخبرين بيان ما يمنع الايراث المذكور فكلام الشارح لا يخلو عن شي ء فافهم

قوله و يتعدّد بتعدّد الاكل و الشرب

و يحتمل الاكتفاء بالمرّة الواحدة مطلقا او اذا لم يتخلل فصل كثير عرفا فلا يضرّ تعدّده عرفا و عدم اتصالهما ما لم يبلغ الفصل الى ذلك الحدّ من الكثرة و يحتمل في الوضوء الاكتفاء بالمرّة الواحدة ما لم يتخلّل الحدث و لعلّ الاحتمال الأول اظهر و ان كان ما ذكره الشارح احوط و احوط منه رعاية عدم تخلل الحدث ايضا في الوضوء مع ما ذكره من عدد التعدّد عرفا و لو راعى مع ذلك عدم وقوع تراخ كثير بين الاكل و الشّرب و مزيل الكراهة بحيث لا يبقى بينهما ارتباط عادة لكان احوط فافهم

قوله و غايته هنا ايقاع النّوم على الوجه الكامل

كانه مراده انه يجوز الوضوء لهذه الغاية من دون قصد غاية اخرى فيقصد حينئذ انه يتوضّأ لإيقاع النّوم على الوجه الكامل لعدم توقف جوازه عليه فالموقوف عليه ليس الا فضله و كماله و فيه اشارة الى ردّ ما ذكره المصنف رحمه الله في الذكرى و هو انه لا يلزم من استحباب النّوم

ص: 47

على الطّهارة صحة الطّهارة للنّوم اذ يجوز ان يكون المراد انّه يستحبّ وقوعه بعد الطّهارة اى طهارة من الطّهارات الواقعة في الشّرع ممّا علم كونها رافعة للحدث او مبيحة لما هو مشروط برفعه فلينو رفع الحدث او استباحة مشروط به لا ما هو مناف له و هو النوم ثمّ قال و التحقيق ان جعل النّوم غاية مجاز اذ الغاية هى الطهارة في ان قبل النوم بحيث يقع النوم عليها فيكون من باب الكون على الطهارة و هى غاية صحيحة و قطع في المبسوط بانه ينوى استباحة ما يشترط فيه الطهارة فلا يصح الوضوء بنية غيره لانه مباح من دونه قلنا الاباحة لا كلام فيها و انما الخلاف في وقوع ذلك المنوى على الوجه الاكمل و ذلك غير حاصل من دون الطهارة و لانهم جعلوا العلّة في فضيلة تلك الافعال الطّهارة فكيف لا يحصل ذلك ان تجيب بما مرّ انتهى وجه الردّ انّ الظّاهر من الروايات الواردة في باب الوضوء للنّوم مطلقا لقول الصّادق عليه السّلام من تطهّر ثمّ اوى الى فراشه بات و فراشه كمسجده على ما في الفقيه و قوله عليه السّلام من توضّأ ثمّ اوى الى فراشه بات و فراشه كمسجده على ما في ثواب الاعمال او في خصوص نوم الجنب كصحيحة الحلبى انه سئل ابو عبد اللّه عن الرّجل ينبغى له ان ينام و هو جنب قال يكره ذلك حتى يتوضأ و موثقة سماعة قال سألته عن الجنب ثمّ يريد النّوم قال ان احبّ ان يتوضأ فليفعل الحديث جواز الوضوء بقصد انه للنوم بل ربما يقال بوجوب هذا القصد في النيّة كما استدل بقوله تعالى إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا على وجوب نيّة الاستباحة في وضوء الصّلاة بناء على ان المفهوم منه عرفا ان الوضوء لاجل الصّلاة كما في قولهم اذا لقيت الأمير فخذ اهبتك و اذا لقيت العدوّ فخذ سلاحك ان اخذ الاهبة و السّلاح لاجل لقاء الأمير و العدوّ و لا معنى لكون الوضوء للصّلاة الا انه لاستباحتها و هذا و ان كان محلّ تامّل لان كون هذا المعنى مفهوما من الآية و الرّوايات بحسب العرف مسلم الا ان كون الوضوء لاجل الصّلاة او لغيرها لا يستلزم ان يقصد في الوضوء انه لاجلها او لاجله أ لا يرى انه في المثالين المذكورين لا يلزم في امتثالهما ان يقصد حين اخذ الاهبة و السّلاح انه لاجل الامير و العدوّ لكن لا ريب في انه يفهم منه جواز فعل الطهارة او الوضوء بهذا القصد من دون قصد غاية اخرى كما في المثالين المذكورين و ليس غرضنا الا ذلك فتأمل

قوله اما لان غايته الحدث

لا يوجب ان لا يكون مبيحا اذ ليس معنى كونه غايته معنى يجامع النّوم حتى يقال انه ليس رفع الحدث بل شي ء آخر اذ رفع الحدث لا تجامع النوم بل معناه كما اشار اليه المحقق في المعتبر ان غايته وقوع النوم على الوجه الاكمل اى وقوعه بعد الطهارة و على هذا فلا مانع من كونه رافعا للحدث مبيحا لما هو مشروط برفعه و لو قيل انّه و ان جاز ان يكون رافعا للحدث لكن لا دليل على ذلك اذ يجوز ان يكون الحاصل به معنى غير رفع الحدث يتوقف عليه فضل النوم و كماله و حينئذ فلا يكون مبيحا لما هو مشروط برفع الحدث ففيه ان هذا انما يتوجه اذا لم يعتبر في الطهارة رفع الحدث و امّا اذا اعتبر ذلك كما هو المشهور فلا لانّه اذا دلّت الرّواية على ما نقلنا عن الفقيه على جواز الطهارة للنوم فهو طهارة على مقتضى الرواية فيكون رافعا للحدث مبيحا لما هو مشروط برفعه على ان هذا الاحتمال يجرى في الغايات الاخرى ايضا غير الحدث كدخول المسجد اذ يجوز ان يكون الغاية فيه ايضا معنى آخر غير رفع الحدث يتوقف عليه فضل دخول المسجد مع انهم لم يذكروا هذا الاحتمال فيها و جزموا بكون الوضوء لها رافعا مبيحا فكانهم يدّعون ان الامر بالوضوء او الطّهارة لما يتوقف صحّته و جوازه عليها و كذا لما يتوقف فضيلته و كماله عليها انما هو لاجل ان يرتفع الحدث ليمكن وقوع الغايات صحيحا او كاملا الا فيما لا يمكن ارتفاع ذلك المعنى فيه كنوم الجنب و جماع المحتلم و على هذا فينبغى ان يحكم بذلك فيما كان غايته الحدث ايضا كالنوم في غير الجنب فالظاهر على طريقتهم ان يقال انه ان لم يشترط قصد الاستباحة في النّية فالوضوء لجميع الغايات التى ذكروها رافع مبيح سوى ما يجامع الحدث كوضوء الحائض و نوم الجنب و جماع المحتلم و ان كان غايته الحدث كالوضوء للنوم في غير الجنب و ان اشترط الاستباحة فان التفتنا فيها بقصد ما يتوقف جوازه او فضله على النيّة فالحكم ايضا كما في السّابق و ان اشترط قصد استباحة ما يتوقف اباحته على الطّهارة فحينئذ يجب ان يحكم بعدم اباحة كل طهارة لا يكون كذلك سواء كان غايته الحدث ام غيره فتأمّل

قوله و الخضاب بحنّاء الى آخره

مستند الحكمين اخبار لا تنهض حجة الا على الكراهة لضعفها مع معارضتها لاخبار اخرى مع صحة بعضها و قد علّل الشيخ المفيد رحمه الله كراهة الخضاب بمنعه من وصول الماء الى ظاهر الجوارح التى عليها الخضاب و لما كان هذا بظاهر تقتضى الحرمة لا الكراهة و جهة المحقق في المعتبر بانّ اللون عرض لا ينتقل فيلزم حصول اجزاء من الخضاب في محلّ اللون فيكون وجود اللّون بوجودها لكنها خفيفة لا تمنع الماء منعا تامّا فكرهت لذلك و لا يخفى ضعف التمسّك بمثل هذه الوجوه في الاحكام الشرعية الا ان يجعل ذلك سرّا بعد ورود الرّوايات لكن من الروايات ما ظاهره ينافى ذلك و هو رواية ابى سعيد قال قلت لابى ابراهيم عليه السّلام أ يختضب الرّجل و هو جنب قال لا قلت فيجنب و هو مختضب قال لا ثمّ سكت قليلا ثمّ قال يا ابا سعيد أ لا ادلّك على شي ء تفعله قلت بلى قال اذا اختضب بالحناء و اخذ الحناء مأخذه و بلغ فحينئذ فجامع فانه لو كان الوجه ما ذكره لم يتفاوت الحال بين ان يأخذ الحناء ماخذه ام لم يبلغ و ايضا قد حكم المفيد بعدم كراهته ان يجنب بعده و ما ذكره من الوجه جاز فيه ايضا مع ورود الروايات ايضا في كل منهما و يمكن ان يقال انه بعد ما اخذ الحناء ماخذه لعله تصير الاجزاء الحفيفة الملتصقة بالبدن التى لا تزول بالغسل في حكم البشرة يكفى وصول الماء اليها فلا يضر توهم عدم وصوله الى البشرة بخلاف ما اذا اجنب قبل ذلك فان عليه حينئذ ايصال الماء الى البشرة و الحناء بعده و ربما يمنع من ذلك فكره لذلك و امّا حكمه بعدم كراهة ان يجنب بعد الخضاب فلعله ايضا محمول على هذا اى بعد ان يبلغ الخضاب ماخذه و حينئذ فلا ايراد عليه فتأمل

قوله في جميع اوقات جنابته

يعنى ان المكروه قراءة ما زاد على السّبع في جميع اوقات جنابة واحدة و ان كان متفرقا و لا يختص الكراهة بما اذا كان متواليا فلا يكون الزائد مع التفريق و لا يبعد عندى هذا الاحتمال للاصل و لورود اطلاق الاذن في القراءة في روايات كثيرة بل في بعضها التصريح بما شاء كصحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته أ تقرأ النفساء و الحائض و الرّجل يتغوّط القرآن فقال يقرءون ما شاءوا و ليس بازائها الا موثقة سماعة قال سألته عن الجنب هل يقرأ القرآن

ص: 48

قال ما بينه و بين سبع آيات و في رواية زرعة عن سماعة سبعين آية و لا يخفى ان بمجرّد هذه الرواية يشكل الحكم بالكراهة فيما زاد مع ظهور تلك الرواية في خلافها و على تقدير الحكم فالاقتصار على ما ذكر من الاحتمال اولى ابقاء لتلك الروايات على ظاهرها بقدر الامكان هذا بالنّظر الى مقتضى الرّوايات لكن لما نقل عن سلّار تحريم القراءة مطلقا و عن ابن البرّاج تحريم ما زاد على سبع او سبعين فالعمل بما ذكره الشارح احوط فتأمّل

قوله و الجواز في المساجد الى آخره

هذا مما لم اقف فيه على نصّ و لم يذكره كثير من الاصحاب و منهم المصنف رحمه الله في الدروس و علّله في الذكرى بالتعظيم و اثبات الحكم به لا يخلو عن اشكال مع ورود روايات كثيرة بجواز الجواز في غير المسجدين من غير اشعار بالكراهة كحسنة جميل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب يجلس في المساجد قال لا و لكن يمرّ فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و حسنة محمد بن مسلم قال قال ابو جعفر عليه السّلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثّوب و يقرآن القرآن ما شاءا الّا السّجدة و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرميّين و رواية جميل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال للجنب ان يمشى في المساجد كلها و لا يجلس فيها الا المسجد الحرام و مسجد الرّسول و رواية محمد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الجنب يجلس في المسجد قال لا و لكن يمرّ فيه الا المسجد الحرام و مسجد المدينة و قد وصف في هى هذه الرواية بالصّحة و فيه تامّل فان محمّد بن حمران فيها الظّاهر انه ابن حمران بن اعين بقرينة رواية عبد الرحمن بن ابى نجران عنه و لم يوثقوه بل لم يذكروا في مدحه الا انه له كتابا فغايته ان تكون حسنة

قوله و في صدقه بالواحدة من غير مكث وجه

يعنى يحتمل دخوله في الجواز فيجوز على كراهة على ما ذكره و يحتمل ان يقال باختصاص الجواز بما يكون له بابان كما ذكره فيدخل في المكث و يحرم و يؤيد الاحتمال الاوّل رواية جميل السّابقة للجنب ان يمشى في المساجد كلّها الظهور المشى في العموم و كذا ما ورد من اطلاق جواز الاخذ منها كما سبق كصحيحة عبد اللّه بن سنان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا و ما رواه في علل الشرائع في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قالا قلنا له الحائض و الجنب يدخلان المسجد ام لا فقال الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان اللّه تعالى يقول وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة قلت له فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه قال لانّهما لا يقدران على اخذ ما فيه الا منه و يقدران على وضع ما بيدهما في غيره و لا يخفى ان التعليل المذكور ايضا مما يؤيد الوجه المذكور فتدبّر

قوله و منه الرقبة

هذا مما ذكره المفيد و جماعة و لا يظهر لهم مستند سوى ما في حسنة زرارة المضمرة في بيان كيفية الغسل ثمّ صبّ على رأسه ثلث اكفّ ثمّ صبّ على منكبه الايمن مرّتين و على منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه فانّ الصّب على المنكب بعد الراس ظاهر في ادخال الرقبة في الرّأس و مثله موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها ثمّ يصبّ على رأسه ثلاث مرّات ملأ كفّيه ثمّ يضرب بكفّ من ماء على صدره و كفّ بين كتفيه ثمّ يفيض الماء على جسده كلّه و فيه انه لو لم تكن داخلة في الرّأس لكانت داخلة في الجانبين يجب غسل نصفها مع كلّ جانب و لا ترتيب بين نفس اعضاء الغسل فحينئذ لا دلالة في الرّوايتين على ادخالها في الراس اذ لا يجب غسل كل جانب من اعلاه فيجوز الصّب على المنكب او على الصدر ثمّ غسل كل الجانب من الرقبة و غيرها و لعلّه لهذا ذكر والدى رحمه الله في شرح الدروس انه ما وجدنا في الرّوايات ما يدلّ على ضمّ الرقبة الى الرّأس سوى مضمرة زرارة و موثقة سماعة فان لهما ادنى اشعار به فمقتضى الاحتياط حينئذ ان يغسل الراس بتمامه اولا ثمّ يتبعه بغسل العنق تماما ثمّ يدخل نصفه في غسل الميامن و نصفه الآخر في غسل المياسر انتهى و لا يخفى انه لو غسل الراس اولا ثمّ الرّقبة ثمّ الجانبين بدون غسل الرقبة معهما ايضا فالظاهر الصحة اذ غاية ما يستفاد من الاخبار انما هو وجوب تقديم الراس بدلالة ثمّ في الرواية الاولى و كذا حسنة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من اغتسل من جنابة و لم يغسل رأسه ثمّ بدء له ان يغسل رأسه لم يجد بدّا من اعادة الغسل و اما الترتيب بين الجانبين فلا يستفاد منها اصلا بل ظاهر كثير منها عدم وجوبه فمستندهم في وجوب الترتيب بينهما ليس سوى الاجماع او الشّهرة و على هذا فالغسل على ما وصفناه لا خدشة فيه من حيث الاخبار و هو ظاهر و لا من حيث الاجماع او الشهرة اذ لا اجماع و لا شهرة في وجوب الترتيب بين جانب الرقبة بل الشهرة او الاجماع في خلافه فتأمل

قوله ان كان مرتّبا

الاولى ان يقرأ على صيغة اسم الفاعل ليوافق قرينه

قوله لانّهما فيه عضو واحد

قد عرفت انه لا دليل عليه من الرّوايات و في كثير من الروايات التى وقعت في بيان كيفية الغسل وقع الابتداء بالصّب على الراس و غاية ما يستفاد من الرّوايتين السّابقتين اللتين يحتمل ان تكونا مستندهم هى ادخال الرقبة في الراس و غسلها قبل الجانبين و اما الابتداء بها فلا فالاحوط الابتداء بالصّب على الراس و ان غسل بعده الرّأس و الرقبة بدون ملاحظة ترتيب بينهما اذ لا يظهر ايضا دليل على وجوب الترتيب بينهما فافهم

قوله بل بينها

قد ذكرنا انه لا يظهر من الاخبار وجوب الترتيب بين الجانبين اصلا و ان ظاهر كثير منها عدم الترتيب فمنها صحيحة احمد بن محمد قال سألت ابا الحسن عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين الى اصابعك و تبول ان قدرت على البول ثمّ تدخل يدك في الاناء ثمّ اغسل ما اصابك منه ثمّ افض على رأسك و جسدك و لا وضوء فيه و منها صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السّلام قال سألته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفّيك فتغسلهما ثمّ تغسل فرجك ثمّ تصبّ على رأسك ثلثا ثمّ تصبّ على سائر جسدك مرّتين فما جرى عليه الماء فقد طهره و منها موثقة ابى بصير قال سالت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تصبّ على يديك الماء فتغسل كفّيك ثمّ تدخل يدك فتغسل فرجك ثمّ تمضمض و استنشق و تصبّ الماء على رأسك ثلث مرات و تغسل وجهك و تفيض على جسدك الماء و منها موثقة سماعة المتقدمة الى غير ذلك من الروايات و امّا مضمرة زرارة السابقة فقد عطف فيها المنكب الايسر على الايمن بالواو و لا دلالة فيه على الترتيب لكن المشهور بين الاصحاب وجوب الترتيب بينهما ايضا و ادعى عليه الشيخ في ف و المرتضى في الانتصار الإجماع و ادعاه ابن زهرة و ابن ادريس ايضا و قال المحقق في المعتبر و اعلم ان الرّوايات دلت على وجوب تقديم الراس على الجسد امّا

ص: 49

امّا اليمين على الشمال فغير صريحة بذلك لكن فقهائنا اليوم باجمعهم يفتون بتقديم اليمين على الشمال و يجعلونه شرطا في صحّة الغسل و قد افتى بذلك الثلاثة و اتباعهم انتهى لكن الصّدوقان لم يصرّحا بالترتيب بين الجسد و لا بنفيه لكن كان ايضا انهما لا يوجبانه و الّا لا شعرا به كما صرح في الفقيه بالترتيب بين الراس و الجسد و ظاهر كلام ابن الجنيد و ابن ابى عقيل ايضا عدم الترتيب و حينئذ فلا يبقى ظنّ بالاجماع المذكور فلا يبعد القول بعدم وجوب الترتيب بين الجانبين للاصل و اطلاق الآية و ظاهر الروايات المذكورة لكن الاحتياط في متابعة الاصحاب

قوله كما وصفناه

اى من دون لزوم ترتيب في نفس الاعضاء بل يجوز الابتداء في كلّ منها باىّ جزء شاء

قوله و العورة تابعة للجانبين

فيغسل نصفها مع الجانب الأيمن و نصفها مع الايسر لشمول الجانبين لها فلا حاجة الى ذكرها على حدة و قال في الذكرى لا مفصل محسوس في الجانبين فالأول غسل الحدّ المشترك معهما و كذا العورة و لو غسلها مع احدهما فالظاهر الاجزاء لعدم الفصل المحسوس و امتناع ايجاب غسلها مرّتين انتهى و يمكن حمل عبارة الشارح ايضا على ما ذكر من الاحتمالين اى تابعة للجانبين فتغسل مع كل منهما او مع ايّهما شاء ثمّ لا يخفى ما في كلام الذكرى من تفريع اولويّة غسل الحدّ المشترك معهما على عدم المفصل المحسوس اذ لا بدّ من غسل الحدّ المشترك معهما البتّة سواء كان محسوسا ام لا اذ لا يمكن عادة في كل جانب الغسل الى الحدّ المشترك الّا بادخال شي ء من الجانب الآخر فيلزم غسل الحدّ المشترك معهما و ايضا العورة عضو محسوس فمن اين حكم باولوية غسلها معهما و ايضا ان صحّ التفريع المذكور فكيف يصح ثانيا جعل عدم المفصل المحسوس جزء من تعليل الحكم بجواز غسلها مع احدهما و ايضا ما ذكره آخرا من امتناع ايجاب غسلها مرتين يتوجّه عليه انه لا امتناع فيه لما اشرنا اليه من وجوب غسل المفصل مرّتين لا محالة و لو من باب المقدّمة الا ان يحمل كلامه عن الغسل اصالة و يجعل بناءه على القول بالجزء الذى لا يتجزى و يقرض اجزاء عرض البدن فردا فتفطّن فالظاهر ان مراده بالمفصل المحسوس مفصل يكون له عرض و مراده ان الحدّ المشترك لو كان له عرض و وجب غسل كل جانب اليه فلا يلزم غسل الحدّ المشترك امّا هاهنا فلما لم يكن كذلك و لم يعيّن غسله مع احد الجانبين فالأولى غسله معهما و كذا العورة حيث لم يعين غسلها مع احدهما و حينئذ يندفع جميع ما اوردنا سوى الايراد الاخير و يتوجه عليه ايضا في العورة ما اشرنا اليه من انها قابلة للتشطير فالظاهر غسل كل شطر منها مع جانب نعم لا يبعد ان يبنى غسل الجانبين على العرف و فيه توسعة فلا يلزم رعاية الحدّ المشترك الحقيقى بينهما بل لو ادخل ذلك في احد الجانبين بان يراد فيه على النصف الحقيقى بقدر يسير يقال عرفا انه فرّق بين الجانبين و منه يظهر انه يمكن ادخال العورة في احد الجانبين فتأمّل

قوله و يستحب الاستبراء

و ذهب جمع كثير من الاصحاب الى وجوبه و الاحوط متابعتهم و ان كان القول بالاستحباب اقوى و امّا التخصيص بالمنزل فلعدم سببه في غير المنزل كما ذكره المصنف رحمه الله في الذكرى و ذكر ان هذا مع تيقّن عدم الانزال و لو جوّزه امكن استحباب الاستبراء اخذا بالاحتياط امّا وجوب الغسل بالبلل لان اليقين لا يرفع الشّك انتهى و ربما قيل باطلاق الاستحباب نظرا الى اطلاق الرّوايات و لاحتمال خروج المنى عن محلّه و لا باس به و اما الوجوب على القول به فانما هو في المنزل ثمّ الظاهر ان الاستبراء الذى يذكرونه في بحث الغسل هو الاستبراء بالبول مع تيسّره و الّا فبالاجتهاد و امّا الاجتهاد بعد البول كما ذكره بعضهم كالمصنف في الدروس و الشارح هاهنا فلا تعلق له بالغسل و بما يتفرع به من حكم البلل المشتبه و انه هل يوجب الغسل ام لا بل هو الاستبراء المستحب بعد البول و يتفرّع عليه وجوب الوضوء و عدمه لو وجد بللا مشتبها بعده كما ذكروه في بحث الوضوء و سيجي ء في كلام الشارح ايضا فتدبّر

قوله و في استحبابه به

اى بالاجتهاد للمرأة قول لم يستبعده الشّارح بخلاف استبرائها بالبول فانه و ان قيل باستحبابه ايضا بل القائل باستحبابه اكثر من القائل باستحباب الاجتهاد فيها لكن الشارح قطع بعدمه لاختلاف المخرجين و فيه تامّل لان المخرجين و ان تغايرا لكن يؤثر خروج البول في خروج ما تخلّف في المخرج و خصوصا مع الاجتهاد كما ذكره في الذكرى و هذا كما يشاهد عند رفع الغائط انه يدفع البول ايضا و ان اجتهد في حفظه بل الحال في الرّجل ايضا كما في المرأة لان مخرج منيّه غير مخرج بوله و ان كانا فيه اشدّ تقاربا من مخرجى المرأة فتدبّر

قوله و المضمضة و الاستنشاق كما مرّ

في الوضوء تفسيرهما او ثلثا ثلثا كما صرّح به المفيد في المقنعة و المصنف في الذكرى و على هذا فيمكن جعل ثلثا في المتن قيدا للجميع و استدل المصنف في الذكرى لصحيحة زرارة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفّيك ثمّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ثمّ تمضمض و تستنشق ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك الحديث و بموثقة ابى بصير المتقدمة آنفا و لا يخفى انه ليس في شي ء منهما حديث التّثليث الا ان يقال التثليث معتبر في مفهومهما شرعا

قوله بعد غسل اليدين ثلاثا

كان هذا هو الافضل و ان استحب مطلق الغسل امّا الاول فلصحيحة الحلبى و رواية حريز المتقدمتين في بحث الوضوء و امّا الثانى فلاطلاق الروايات المتقدمة آنفا في بيان كيفيّة الغسل

قوله و كلاهما مؤد للسّنة

فقد ورد الاول في صحيحة زرارة و صحيحة محمد بن مسلم و موثقة ابى بصير و الثانى في صحيحة احمد بن محمّد المتقدمة جميعا آنفا

قوله في المشهور

ظاهره وجود قول بالوجوب او عدم وضوح مستند المشهور و لم ينقل فيما رايناه من الكتب قول بالوجوب بل صرّح كثير منهم بعدم وجوب الموالاة و ظاهر الشيخ في التهذيب و العلّامة في المنتهى و المصنّف في الذكرى الاجماع على ذلك نعم لم يتعرّض لها المحقق نفيا و لا اثباتا و هو لا يدل على قوله وجوبها بل عدم تعرضه لوجوبها يكفى دليلا لعدم قوله بالوجوب و امّا مستنده فواضح و هو الاصل و اطلاق الاوامر بالغسل و خصوص بعض الاخبار كصحيحة هشام بن سالم المتضمّنة لقصّة امّ اسماعيل و حسنة ابراهيم بن عمر اليمانى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّ عليّا عليه السّلام لم ير بأسا ان يغسل الجنب رأسه غدوة و يغسل سائر جسده عند الصّلاة

قوله لانّهما مورد النّص

لم اقف على نصّ في نقض المرأة الضّفائر بل ورد النصّ بخلافه كصحيحة الحلبى عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام عن ابيه عن علىّ عليه السّلام قال لا تنقض المرأة شعرها اذا اغتسلت من الجنابة و حسنة ايضا عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام مثله و موثقة غياث بن ابراهيم عن ابى عبد اللّه عن ابيه عن علىّ عليه السّلام مثله فلعلّه اشار به الى صحيحة محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال حدّثتنى سلمى خادمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قالت كان اشعار نساء رسول اللّه قرون رءوسهنّ مقدم رءوسهن فكان يكفيهنّ من الماء شي ء قليل فامّا النساء

ص: 50

الآن فقد ينبغى لهنّ ان يبالغن في الماء و مثله حسنة جميل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عمّا تضع النساء في الشّعر و القرون فقال لم تكن هذه المشطة انما كنّ يجمعنه ثمّ وصف اربعة امكنة ثمّ قال يبالغن في الغسل قال في الذكرى بعد نقل الرواية الاولى و منه يعلم استحباب نقض المرأة الضفائر و كذا في خبر جميل يبالغن في الغسل و كان نظره الى ان المبالغة المرغب فيها في الروايتين امّا في ايصال الماء الى البشرة التى احاط به الشعر و الى الشعر ايضا بناء على استحباب غسل الشعر و على التقديرين لا تتم الا بنقض الضفائر فاستحب نقضها لتمام المبالغة المذكورة و الاحتياط فيها فتأمّل

قوله لان الواجب غسل البشرة الى آخره

كانه دليل على اصل المسألة فما بطل اولا توهم وجوبه ثمّ اثبت الرجحان و الاستحباب بانه للاستظهار و النصّ و احال وجه كون الرجل كذلك على الظهور لظهور ان المبالغة و النقض انما هو للاستظهار في ايصال الماء الى البشرة او الشعر على ما ذكرنا فالظاهر عدم اختصاصه بالمرأة و ليس تخصيص الحكم بالمرأة في الخبرين بظاهر في اختصاصه بها حتى لا يعتبر الاعتبار العقلى اذ الظاهر ان التخصيص بها باعتبار كثرة الشعر في رأسها غالبا بخلاف الرّجل على ان في الخبر الاخير انما سأل السّائل عن النساء و اجاب عليه السّلام على وفق سؤاله فلا ظهور له في الاختصاص اصلا و يحتمل ان يكون دليلا على اصل المسألة و قوله و الا فالرجل كذلك جميعا امّا اصل المسألة فعلى ما ذكرنا و اما مساواة الرّجل للمرأة فلجريان ما ذكره في الوجه الاول في الرّجل ايضا فتأمّل و امّا انّ الواجب غسل البشرة دون الشعر فهو المشهور بين الاصحاب بل ظاهر المعتبر و كرى الاجماع عليه و يدل عليه ايضا مع الاصل ان الرّوايات وردت بغسل الراس و الجسد و الشّعر لا يسمّى رأسا و لا جسدا و يؤيده ايضا ما تقدم من الرّوايات في عدم نقض المرأة شعرها و امّا صحيحة حجر بن زائدة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من ترك شعرة من الجنابة متعمّدا فهو في النّار فلا يظهر منه وجوب غسل الشعر اذ لا يبعد ان يكون المراد من الشعر ما هو بقدرها من الجسد كما ذكره والدى طاب ثراه لشيوع ذلك في المجاورات و حمله في الذكرى على توقف التخليل على غسله او على استحباب غسله و لا يخفى بعدهما و قال في موضع آخر من كرى الاقرب استحباب غسل المسترسل من الشعر لدلالة فحوى من ترك شعرة من الجنابة عليه و اعترض عليه والدى طاب ثراه بانّها لو حملت على الحقيقة فيدل على وجوب الغسل و لو حملت على المجاز فلا يدل على الاستحباب و يمكن الجواب بانه رحمه الله غافل عن المجاز الذى نقلنا عنه طاب ثراه بل حمل على الحقيقة و الوجوب لما كان مخالفا لإجماع الاصحاب كما يظهر من كلامه حمله على الاستحباب و امّا الاخبار عن النّار فقد ورد مثله في بعض المندوبات الاخرى كفرق الشّعر فما هو الجواب فيها فهو الجواب هاهنا ايضا بلا فرق فتأمّل

قوله و تثليث الغسل

قال في الذكرى قاله جماعة من الاصحاب لما فيه من الاسباغ و لدلالة الصّاع عليه و كذا ثلث الاكف و لا ينافيه ذكر المرتين لامكان ارادة المستحب غير المؤكّد في المرتين انتهى و لا يخفى ضعف الوجهين الاوّلين فان الاسباغ و استعمال الصّاع يحصل باكثار الماء في غسلة واحدة و المبالغة في ايصاله الى جميع البدن و تخليل الشعر و نحوه و لا دلالة لشى ء منهما على تكرار الغسل ثلث مرّات و هو ظاهر و امّا الوجه الثالث فهو اشارة الى ما ورد في مضمرة زرارة المتقدّمة ثمّ صبّ على رأسه ثلث اكفّ و لا يخفى ما فيه ايضا فان صبّ ثلث اكفّ لا يدلّ على غسله ثلاث مرّات مع اختصاصه بالرّاس و ذكر المرتين في المنكبين و ما اجاب رحمه الله عن هذا انما يتجه مع الدليل على استحباب الثلث فيها ايضا و لا دليل الا ان يتمسّك فيهما بالدليلين الاولين فقط فقد عرفت حالهما و الحقّ ان التّمسّك في الاحكام الشرعيّة بمثل هذه الوجود غريب جدّا و الاولى حذف لفظ الغير في غير المؤكّد بان يحمل الاقتصار على المرتين باعتبار تاكيد الاستحباب فيهما بخلاف الثالث اذ ليس التأكيد فيه بهذه المرتبة فلا ينافى الاستحباب في الجملة و امّا جعل المرتين غير مؤكد فلا وجه له و لعلّه اراد بالاستحباب المؤكّد ما بلغ غاية الفضل و على هذا فالمرتان ليس كذلك لان الثلث افضل منهما عندهم فتأمّل

قوله لا ازيد

يعنى ليس المراد ان اقلّ مراتب حصول الاستحباب هو الصّاع فلا ينافيه الزّيادة بل المستحب انما هو الغسل بصاع بدون الزيادة عليه اذ الظّاهر من الرّوايات ذلك خصوصا الرواية التى ذكرها الشارح لكن صرح جماعة منهم باستحباب الصّاع فما زاد قال المحقق في المعتبر و الغسل بصاع فما زاد لا خلاف بين علمائنا في استحبابه و قال العلّامة في المنتهى الغسل بصاع فما زاد مستحب عند علمائنا اجمع قال المصنف في الذكرى و الشيخ و جماعة ذكروا استحباب صاع فما زاد و الظاهر انه مقيّد بعدم ادائه الى السّرف المنهى عنه انتهى و لا يخفى انه بعدم ما ذكره من التقييد ايضا محلّ كلام اذ لا دليل على استحباب الزائد بل الظّاهر من الرّوايات عدم استحبابه كما اشرنا اليه الّا ان يثبت اجماع عليه على ما ادّعاه المحقق و العلّامة و كلام الشيخ في كتبه المعروفة ليس على ما نسبه اليه في الذكرى فانه في المبسوط و ف ذكر ان الاسباغ يكون بتسعة ارطال و قال في النهاية المستحبّ ان يكون الغسل بتسعة ارطال و لم يتعرّض لما زاد في شي ء هنا فظاهرها موافق لما ذكره الشارح و يقتضيه ظاهر الاخبار فتأمّل

قوله و لو وجد المجنب بالانزال

احترز به عن الجنب بالإيلاج فانه لا يجب عليه اعادة الغسل بالبلل مطلقا و ان جوّز الانزال و احتمل حركة المنى عن محله و خروجه الآن لان اليقين لا يرفع بالشك على ما نقلنا عن كرى و يشكل باطلاق الرّوايات في اعادة الجنب الغسل برؤية البلل قبل البول الا ان العدول عن الاصل و الاستصحاب بمجرّد هذا الاطلاق مع جواز تنزيله على المتعارف و هو ما كان مع الانزال مشكل جدّا فلذا لم يحكموا بالاعادة في غير المنزل لكن الاحتياط في الاعادة خصوصا مع احد الاحتمالين المذكورين فتأمّل

قوله و الصّلاة السّابقة الى آخره

و نقل عن بعض الاصحاب القول بوجوب اعادتها الصحيحة محمّد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال يغتسل و يعيد الصّلاة الا ان يكون بال قبل ان يغتسل فانه لا يعيد غسله و يمكن حملها على الاستحباب او على ما اذا صلّى بعد وجدان البلل لكن الاحتياط في الاعادة

قوله و يسقط الترتيب بالارتماس

هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن بعض الاصحاب انه يترتب حكما كذا في المبسوط بصيغة اللازم و في المعتبر يرتّب بصيغة المتعدى و حمله بعضهم على انه يعتقد الترتيب اى يجب عليه نيّة الترتيب و بعض على ان الغسل الارتماسى في حكم الترتيبى فلو وجد لغة مغفلة في الجانب الايسر كفى غسلها و في الايمن يأتى بها و بما بعدها و على الوجهين فلا حجة له و الظاهر ان هذا قسم آخر من الغسل و يسقط معه الترتيب رأسا فتدبّر

قوله و كذا ما اشبهه كالوقوف تحت المجرى و المطر الغزيرين

اى الكثيرين و مستند

ص: 51

الحكم في المطر صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام قال سألته عن الرّجل يجنب هل يجزيه عن غسل الجنابة ان يقوم في القطر حتى يغسل رأسه و جسده و هو يقدر على ماء سوى ذلك قال ان كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك و رواية محمد بن ابى حمزة عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في رجل اصابته جنابة فقام في المطر حتى سال من جسده ا يجزيه ذلك من الغسل قال نعم و ظاهر الخبر الثانى كفاية السّيلان من جسده مطلقا سواء كان دفعة ام لا و سواء راعى الترتيب و لو بالقصد ام لا و لا يبعد القول به نظرا الى اطلاق الآية و الرّوايات المطلقة و لا ينافيه الروايات الواردة بالترتيب لاختصاصها بصورة الصّب و لا روايات الدفعة لاختصاصها بصورة الارتماس فيجوز في المطر ان لا يعتبر شي ء منهما لكنها قاصرة من حيث السند و اما الرواية الاولى فان كان الضّمير في يغسل و يغسله راجعا الى القطر كما قيل انه الظاهر فظاهره موافق للرواية الاولى اذ الغسل الذى يتصور من القطر ليس الا الجريان و السّيلان و ان كان راجعا الى الرجل فلا يدل على كفاية السّيلان مطلقا بل اذا كان يغسله بالمطر كاغتساله بالماء فحينئذ اذا راعى الترتيب فلا كلام و اما اذا لم يراع الترتيب بل اكتفى بقصده او بشمول الماء لجميع بدنه دفعة عرفية فالحكم بالأجزاء نظرا الى هذه الرواية لا يخلو عن اشكال اذ ظاهرها الكفاية اذا غسله مثل اغتساله بالماء و ظاهره المماثلة من جميع الوجوه و الاغتسال بالماء الذى ثبت صحته هو الاغتسال بالماء مع الترتيب او بالارتماس دفعة فاذا لم يكن في المطر شي ء منهما فلا دلالة في الرواية على اجزائه و القول بان المتبادر من المساواة المطلقة المساوات في كل ما يمكن التّساوى فيه و اغتساله بالماء شامل للتّرتيبى و الارتماسى جميعا لعدم المخصّص و المساوات الارتماسى لا يمكن الا في الجريان و شمول البدن دفعة عرفيّة فيكفى ذلك يتجه عليه ان حمل المساوات على هذا المعنى انما يتجه اذا لم يكن فيه المساوات من جميع الوجوه اصلا و امّا اذا لم يمكن ذلك في ضمن بعض الافراد فالحكم بكفاية هذه المساوات مما لا وجه له و هاهنا يتصوّر المساوات من جميع الوجوه اذا غسله في القطر مرتبا فالحكم بكفاية ما سوى ذلك مشكل جدّا على ان في شمول مثل هذه الاحكام للافراد النادرة الغير المتعارفة تامّلا فالاحوط مع تيسّر الغسل بوجه آخر عدم الاجتزاء به خصوصا مع انكار جماعة من الاصحاب كابن ادريس و المصنف رحمه الله في الدروس صحته و تخصيصهم الحكم بالارتماس و اليه ينظر كلام المحقق رحمه الله ايضا في المعتبر ثمّ ان العلّامة رحمه الله في التذكرة طرد الحكم في ماء الميزاب و شبهه و كذا الشيخ في الاقتصار بل ظاهر المبسوط ايضا ذلك فانه و ان ذكر المجرى و المطر كما ذكره الشارح لكن الظّاهر انهما على سبيل التمثيل كما فعله الشارح و نسب في الذكرى الى بعض الاصحاب الحاق صبّ الإناء الشامل للبدن و الظاهر دخوله ايضا في شبهه في كلام من ذكرناه و الكل مشكل لاختصاص الروايتين بالمطر الا ان يستنبط من قوله عليه السّلام ان كان بغسله اغتساله بالماء أجزأه اذ المماثلة للاغتسال بالماء في الجريان و شمول البدن علة للاجزاء فيجرى في المطر و كل ما جرى مجراه لكن للكلام فيه مجال و الاولى الوقوف على المطر كما قاله والدى طاب ثراه فتأمّل

قوله بالحدث الاصغر في اثنائه

و امّا الاكبر فقيل ان الاعادة فيه اجماعى فان ثبت و الّا فوجوب الاعادة في الجنابة ظاهر و امّا في غيرها فلا خفاء ايضا في وجوب غسل كامل و اما نقض ما تقدم ففيه خفاء فيحتمل ان يكفى اتمامه في رفع حدث الجنابة و ارتفاع احكامها لكن يكون الحدث الآخر باقيا الى ان يأتى بغسل آخر لرفعه فافهم

قوله و قيل لا اثر له مطلقا

ربما يؤيد هذا القول بعض ما ورد في جواز الفصل بين اجزاء الغسل بمدة يبعد فيها عدم تخلل الحدث من غير تعرض للاعادة على تقدير التخلل او الوضوء و لا يخفى ان هذا في عدم الاعادة اظهر فتدبّر

قوله امّا غير غسل الجنابة من الاغسال الى آخره

وجه الفرق ان عمدة مستندهم في وجوب الاعادة في غسل الجنابة ان الحدث المتخلل لا بدّ له من رافع و رافعة امّا الغسل بتمامه او الوضوء و لا وضوء مع غسل الجنابة للاخبار فلا بدّ من اعادة الغسل و هذا على تقدير تمامه لا يجرى في غير غسل الجنابة من الاغسال الواجبة و المندوبة بناء على ما هو المشهور من عدم اجزائها عن الوضوء اذ الوضوء فيها يكفى لرفع الحدث المتخلّل و امّا على القول بعدم افتقارها ايضا الى الوضوء و اجزائها عنه كما ذهب اليه السّيد المرتضى رض فحكمها حكم غسل الجنابة فافهم و وجه التخريج الذى فعله بعضهم كالمصنف رحمه الله في ن تخيّل ان الرافع للحدث فيها هو مجموع الغسل و الوضوء فكل منهما علّة ناقصة في رفعه للحدث فالحدث المتخلل ايضا لا بدّ له من رافع و الوضوء منفردا او مع بعض الغسل لا يكفى في رفعه فلا بدّ من اعادة الغسل و فيه ما فيه ثمّ لا يخفى انه على هذا الوجه يلزم الحكم بالاعادة فيما اذا وقع الحدث بعد الغسل و قبل الوضوء ايضا و ربما التزمه بعضهم فتدبّر و تفصيل القول في هذه المسألة بما لا مزيد عليه في شرح الدّروس لوالدى طاب ثراه فمن اراد الاطلاع فليرجع اليه

[غسل الحيض]

قوله اى الدم الذى تراه المرأة

اى الدم المعهود المتعارف الذى تراه المرأة بين السّتين فلا يرد صدق التعريف على كلّ دم تراه بينهما و يمكن ان يجعل قوله و اقلّه ثلاثة ايام ايضا من تتمة التعريف و حينئذ يمكن ان يكون المعنى هو الجنس من الدّم الذى تراه المرأة بين السّتين و لا يمكن رؤيته في غيره فيخرج ما عدا النفاس و يخرج النفاس بقوله و اقله ثلاثة ايّام

قوله و هى المنتسبة بالاب

و احتمل في شرح الارشاد و المدارك الاكتفاء بالامّ هنا لان لها مدخلا في ذلك بسبب تقارب الامزجة و من ثمّ اعتبرت الخالات و بناتهنّ في المبتدأة كما سياتى

قوله و الا فالاصل عدم كونها منها

بناء على غلبة غيرهم و الظّن تابع للاغلب او باعتبار ان الاصل عدم سقوط العبادة ما لم يتيقن المسقط و كذا عدم وجوب العدّة و يشكل ذلك مع استقرار العادة و كون الدم بصفات الحيض و بقاء اسم الحيض عليه عرفا اذا الظنّ الحاصل بذلك ليس باضعف من الظّن الحاصل بالتبعية للاغلب و يكفى للخروج من الاصل و العمومات الدّالة على سقوط العبادة برؤية الدم كحسنة حفص بن البخترى بإبراهيم بن هاشم عن الصّادق عليه السّلام اذا كان للدم حرارة و رفع و سواد فلتدع الصّلاة مع معاضدتها باصالة البراءة و اصالة عدم وجوب العدة معارضة باصالة عدم بينونة الزوجة ما لم يتيقن الياس و باصالة عدم حصول اليأس كما رجح به المحقق الشيخ على رحمه الله القول بالستين في النّبطيّة و يمكن ان يقال ان استقرار العادة و كون الدم على صفات الحيض و بقاء الاسم عرفا انما توجب الظن بكونه حيضا و كونها هاشمية اذا قلنا انه مع الياس لا يكون الدم كذلك و هو غير معلوم بل المعلوم ان بعد الياس

ص: 52

ما تراه المرأة ليس بحيض شرعا فيجوز ان لا يكون حيضا شرعا بسبب يأسها من الحمل او غير ذلك و ان كان بصفاته كما في الحامل عند بعضهم و غيرها و على هذا فلا عبرة بالظن الحاصل بالصّفات فتأمّل فيه فالعمومات الدالة على السقوط كانها لا تقاوم العمومات الدالة على التكاليف فالحكم بالسّقوط فيما لم يتيقّن او يظهر جدّا باعتبار تلك العمومات لا يخلو عن اشكال مع عدم ظهور اكثرها في العموم كالحسنة المذكورة لان اذا للاهمال و لذا جعلها المنطقيّون سور الموجبة الجزئية فلا بعد في تنزيلها على ما كان في الخمسين هذا و اصالة البراءة لا عبرة بها بعد ثبوت التكاليف بالادلّة العامة و الحكم باصالة عدم البينونة لا يخلو عن اشكال اذ لا يبعد ان يقال ان المعتبر من الاستصحاب هو استصحاب الحكم الثابت اذا امكن ثبوته بعينه و امّا اذا علم ارتفاعه فالحكم باصالة بقاء بعض لوازمه التى تثبت عنده لا يخلو عن اشكال و ما نحن فيه كذلك اذا الثابت اولا هو الزوجية و قد ارتفعت بالطلاق فالحكم باستصحاب عدم البينونة على نحو آخر غير الوجه الذى كان زمن الزوجية و بقاء حكم الزّوجية و بعض لوازمها ممّا لا قوة له و اصالة عدم حصول الياس مما لا عبرة به اذ الاستصحاب انما يعتبر في الاحكام الشرعية لا في الامور الخارجة كوجود زيد في بيته اذا رايناه وقتا ما فيه و كانّ الحكم باصالة عدم الياس من قبيل الثانى فاندفع ما ذكر من وجوه الأشكال لكن يبقى ان اصالة عدم وجوب العدة قد سقطت بالعمومات الدالة على وجوبها كأصالة براءة الذمة في العبادات فلا يصح التمسّك بها بل يمكن ان يقال حينئذ ان اصالة عدم سقوط العبادات معارضة باصالة عدم سقوط العدة فلا يصح التمسّك بها ايضا الا ان يقال ان العمومات في وجوب العدة ليس ظهورها في العموم بمرتبة ظهور العمومات الواردة في العبادات فمع تعارضهما الاولى ترجيح جانب عمومات العبادات هذا كله مع ان مستند الحكم في القرشيّة كما سيجي ء لا يخلو عن ضعف فغاية العمل به مع العلم و امّا بمجرد الاحتمال ففى غاية الاشكال و مع ذلك لو روعى الاحتياط في العدّة في مثل هذه المرأة بان تعتد المرأة و لم يرجع الروح فيها و كذا في ساير الاحكام المتعلقة بالعدّة لكان اولى فتأمّل

قوله و اعترف المصنف بعدم وقوفه فيها على نصّ

اى نصّ وصل اليه متنا و سندا و الا فقد ذكر المفيد ذلك بعنوان الرّواية كما صرّح به في الذكرى فانه قال و امّا النّبطية فقد ذكره المفيد رواية و من تبعه و لم اجد به خبرا و في بعض النسخ بزيادة مسندا و اشار بقوله رواية الى انه نسب ذلك الى الرّواية من غير فتوى به فانه قال في المقنعة في بحث العدة و ان كانت قد استوفت خمسين سنة و ارتفع عنها الحيض و ايست منه لم يكن عليها عدة من طلاق و قد روى ان القرشيّة من النساء و النّبطية تريان الدم الى ستّين سنة فان ثبت ذلك فعليها العدة حتى تجاوز السّتين

قوله فالخمسون سنة مطلقا

اى من أيّ طائفة كانت غير الطائفتين المذكورتين و يحتمل ان يكون المراد التعميم بالنسبة الى العبادة و العدّة جميعا ردّا على ما نقله في شرح الارشاد انه يوجد في بعض القيود الحكم باليأس بالخمسين بالنسبة الى العبادة مطلقا و بالسّتين بالنسبة الى العدّة مطلقا و قال انه ليس له مرجع يجوز الاعتماد عليه و لا فقيه يقول على مثله يستند اليه و اشتماله على نوع من الاحتياط غير كاف في الذهاب اليه و ربما استلزم نقض الاحتياط في بعض موارده لكن لو كان المراد ذلك لكان ينبغى ان يشير الى هذا التعميم في السّتين ايضا و لو اكتفى بذكره في احدهما لكان الاوّل اولى كما لا يخفى ثمّ ان الفرق بين القرشيّة و غيرها على ما ذكره هو المشهور بين الاصحاب و مستندهم صحيحة ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا ان تكون امرأة من قريش و هى مرسلة لكن مراسيل ابن ابى عمير مقبولة عندهم و في دلالتها قصور فانها لا تدلّ الا على ان القرشيّة ترى الحمرة بعد الخمسين و لا تدل على ان الحمرة التى تراها حيض و قد عرفت انه يجوز ان يكون الدم بصفات الحيض و لا يكون حيضا شرعا و لا ينافى ما ورد من تحديد الياس بالخمسين مطلقا و ايضا ليس فيها تعيين الحد للقرشية لكن يمكن التمسك بعدم قول آخر فيها على تقدير الفرق فيها غير السّتين و ايضا في رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في زيارات نكاح التهذيب التحديد بالسّتين مطلقا فما ذكروه وجه الجمع بينهما و ليس فيها ما ذكرناه من قصور الدلالة اوّلا ايضا فانّها هكذا قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول ثلث يتزوّجن على كل حال التى يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت و متى يكون كذلك قال اذا بلغت ستّين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض الحديث لكن في سندها ضعف و في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال حدّ التى يئست من المحيض خمسون سنة و مثلها رواية ابن ابى نصر عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و حملهما المفصّلون على غير القرشيّة جمعا و بعضهم كالمحقق في طلاق الشرائع و الشيخ في النهاية وقف على النص الصحيح و حكم بالخمسين مطلقا و لا يخلو عن قوة لكن القول المشهور ايضا لا يخلو عن وجه و اما القول بالستين مطلقا كما اختاره المحقق في هذا المبحث من الشرائع و العلامة في المنتهى على ما نقله الشارح في شرح الارشاد فهو بحسب ظاهر النظر ضعيف جدّا لكن يمكن تقريبه بانّ القائلين به اعتمدوا على ما يدلّ وجوب ترك الصّلاة اذا كان الدم بصفات الحيض كحسنة حفص بن البخترى فحكموا بكون الدم الذى وجد بصفات الحيض حيضا مطلقا و ان كان بعد الخمسين و حملوا روايات الخمسين على انها خرجت مخرج الغالب و امّا بعد السّتين فلعلها لا يوجد الدم بتلك الصّفات كما قيل و لو فرض وجوده فهو خارج بالاجماع و على هذا فلا يخلو عن وجه و بالجملة المسألة محل اشكال و الاولى بعد الخمسين الى السّتين اذا وجد الدّم بصفات الحيض خصوصا مع استقرار العادة السّابقة رعاية الاحتياط بان تعمل عمل المستحاضة و لا تترك العبادة و تقضى الصوم و لا يقربها الزّوج و تعتد عدّة الطلاق و ينفق عليها الزوج فيها و لا يرجع و قس عليه فعلل و تفعلل فتأمّل

قوله و اقلّه ثلاثة ايّام متوالية

لا خلاف بينهم في ذلك و النصوص به متضافرة و كانه لا خلاف بينهم ايضا على ما نقل في شرح الإرشاد عن المنتهى في ان الليالى معتبرة في الايام اما لكونها داخلة في مسمّاها او تغليبا و قد صرّح بدخولها في بعض الاخبار من العامّة و المراد ان مبدأ الثلاثة من حين الشروع في الحيض الى ان يتم ثلاثة ايام و ثلث ليال و هل يعتبر وجود الدم فيها على الاتصال او يكفى وجوده في كل يوم بليلته في الجملة قال المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد لا نعرف الآن في كلام احد من المعتبرين تعيينا له و المتبادر الى الافهام من كون الدم ثلاثة ايام حصوله فيها على الاتصال بحيث متى وضعت الكرسف تلوّن به و قد يوجد في بعض

ص: 53

الحواشى الاكتفاء بحصوله فيها في الجملة و هو رجوع الى ما ليس له مرجع انتهى و قال في المدارك ظاهر الاكثر الاكتفاء فيه برؤية الدّم في كلّ يوم من الايام الثلاثة وقتا ما عملا بالعموم و قيل يشترط اتصاله في مجموع الايام الثلاثة و رجح بعض المتاخرين اعتبار حصوله في اوّل الاوّل و آخر الآخر و في أيّ جزء كان من الوسط و هو بعيد انتهى و لا يخفى ان ما نسبه المحقق الى بعض الحواشى هو الذى جعله صاحب المدارك ظاهر الاكثر و لعلّ مراده بقوله عملا بالعموم ان الرؤية ثلاثة ايّام التى تدل على اعتبارها النصوص الدّالة على ان اقل الحيض ثلاثة تعمّ الرؤية في كل منهما في الجملة و لا يظهر منها وجوب الرؤية فيها على الاتصال فيجب العمل بالعموم و كان هذا اظهر لا ما ادّعاه المحقق من تبادر الاتصال و لا يبعد الرّجوع فيه الى معتاد النساء في عادتهنّ فان كان المتعارف الرؤية في الثلاثة على الاتصال او في اكثر اوقاتها او فيها في الجملة فلا اشكال في اعتبارها اذا كانت كذلك او قريبة منه و اما اذا كان المتعارف هو الرؤية على الاتّصال او في اكثر الاوقات فمن رأتها لا على هذا الوجه بل في كل منهما في الجملة و كان بصفة الحيض فيحتمل الحكم بكونه حيضا نظرا الى حسنة حفص و نظائرها و ان اشترط الثلاثة التى يستفاد من الاخبار لا يدل الا على وجوب رؤيته فيها في الجملة و يحتمل الاقتصار في الحكم بسقوط العبادات و العدّة على موضع اليقين و هو الثلاثة التى كانت الرؤية فيها على الوجه المتعارف و الأولى حينئذ رعاية الاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله فلا يكفى كونها في جملة عشرة على الاصح

هذا مذهب الاكثر و مستندهم ان المتبادر من قولهم عليه السّلام ادنى الحيض او اقله ثلاثة انما هو التوالى و ان التكاليف اليقينية لا تسقط الا مع تيقّن سبب السّقوط و لا يقين مع انتفاء التوالى و اعترض عليه بمنع تبادر التوالى و لذا من نذر صوم ثلاثة لا يجب عليه التتالى و عموم التكاليف تسقط بالعمومات الدّالة على سقوطها مع رؤية الدم بصفة الحيض و فيه تامّل فان عدم اعتبار التتالى في مثال النّذر باعتبار انّ المتبادر من الثلاثة هو الثلاثة مطلقا و لو في تمام ايّام العمر و امّا اذا لم يكن المراد و ذلك كما فيما نحن فيه لظهور انّه لا يكفى الثلاثة مطلقا فلا ريب ان المتبادر و هو الثلاثة المتوالية اذا لم يتعين بوجه آخر كيف و حمل اطلاق الثلاثة على الثلاثة في ضمن العشرة كما هو مذهب الآخر بعيد جدّا و امّا معارضة العمومات من الجانبين فقد عرفت ان عمومات السقوط كانها لا تقاوم عمومات التكاليف فتذكر و مقابل الاصح قول الشّيخ في النهاية انّه يكفى اتمام الثلاثة في جملة العشرة فلو رأت يوما او يومين ثمّ رأت قبل انقضاء العشرة ما تتم ثلاثة فهو حيض و ان لم تر حتى تمضى عشرة فليس بحيض و احتج عليه برواية يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها او لا يكون اقل من ثلاثة ايّام فان رأت المرأة الدّم في أيام حيضها تركت الصّلاة فان استمرّ بها الدّم ثلاثة ايام فهي حائض و ان انقطع الدّم بعد ما رأته يوما او يومين اغتسلت و صلّت و انتظرت من يوم ذات الدم الى عشرة ايام فان رأت في تلك العشرة ايام من يوم رأت الدم يوما او يومين حتى يتم لها ثلاثة ايام فذلك الذى رأته في اوّل الامر مع هذا الذى رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض و ان مر بها من يوم رأت عشرة ايام و لم تر الدّم فذلك اليوم و اليومان الذى رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة الحديث و هى لضعفها و ارسالها لا تصلح حجة ثمّ انه على هذا القول هل ايام النقاء المتخلل بين ايام الحيض طهر او حيض حكم الشارح في شرح الارشاد بالاول فانه قال و على هذا القول لو رأت الاول و الخامس و العاشر فالثلاثة حيض لا غير فاذا رأت الدم يوما و انقطع فان كان يغمس القطنة وجب الغسل لانه ان كان حيضا فقد وجب الغسل للحكم بانّ ايّام النقاء طهر و ان لم يكن حيضا فهو استحاضة و الغامس منها يوجب الغسل و ان لم يغمسها وجب الوضوء خاصّة لاحتمال كونه استحاضة فان رأته مرة ثانية يوما مثلا و انقطع فكذلك فاذا رأته ثالثة في العشرة ثبت ان الاولين حيض و تبيّن بطلان ما فعلت بالوضوء اذ قد ثبت ان دم الحيض يوجب انقطاعه الغسل فلا يجزى عنه الوضوء و لو اغتسلت للاوّلين احتياطا ففى اجزائه نظر انتهى و استشكل صاحب المدارك بان الطهر لا يكون اقل من عشرة ايام اجماعا و ايضا فقد صرّح المصنف في المعتبر و العلامة في المنتهى و غيرهما من الاصحاب بانها لو رأت ثلاثة ثمّ رأت العاشر كانت الايام الاربعة و ما بينهما من ايّام النقاء حيضا و الحكم في المسألتين واحد و يمكن دفع الاول بان الاجماع لعلّه يكون في الطهر المتخلل بين الحيضتين لا بين ايام حيضة واحدة و الثانى بان قول جماعة من الاصحاب بما نقله لا ينافى قول الشيخ بخلافه كيف و اصل المسألة و هو الاكتفاء بالثلاثة في جملة العشرة ايضا كذلك فلم لا يجوز مخالفته لهم في الفرع ايضا لكن يبقى انه من اين حكم الشارح بذلك فان كلام الشيخ لا دلالة له على ما ذكره و الرّواية المنقولة ايضا كذلك فان حكمه عليه السّلام بان الذى رأته في اول الامر مع هذا الذى رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض لا يدل على ان الحيض انما هو ذلك و ايام النّقاء ليس بحيض بل يمكن ان يقال ان قوله عليه السّلام هو من الحيض بزيادة من ربما يكون مشعرا بانه من جملة الحيض باعتبار ان ايام النقاء ايضا منه و على هذا فحمل ما نقل من الاجماع على خلاف ظاهره و كذا تخصيص الاخبار الواردة بان ادنى الطهر عشرة ايام و لا يكون الطهر اقل من عشرة ايام كما وقع في هذه المرسلة و في صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام لا يكون القرء في اقلّ من عشرة ايام فما زاد اقل ما يكون عشرة ايام من

حين يطهر الى ان ترى الدّم بما ذكر من الطهر بين الحيضتين المستقلّتين بدون شاهد و دليل عليه ممّا لا وجه له ثمّ ان ظاهر الرواية انه كلما انقطع الدم اغتسلت و صلّت من دون تفضيل بالغامس و غيره على ما ذكره الشارح و لعله لا بعد فيه مع احتمال الحيض و اللّه تعالى يعلم

قوله و هو اسود او احمر

يدل على الاول ما في حسنة حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ان دم الحيض حارّ عبيط اسود له دفع و حرارة و دم الاستحاضة اصفر بارد رقيق فاذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة و العبيط هو الطرى و على الثانى ما في رواية يونس عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اذا رايت الدم البحرانى فلتدع الصّلاة فان البحرانى على ما في الصحاح و القاموس هو الخالص الحمرة و في النهاية شديد الحمرة و في المعتبر الاحمر الشّديد الحمرة و السّواد و نقل ذلك عن ابن الاعرابى

قوله قيّد بالغالب ليندرج فيه الى آخره

الاظهر ان يقال ان التقييد بالغالب لانه قد يحكم بكونه حيضا و ان لم يكن بالصّفات كما يوجد في ايّام العادة فانه حيض و ان كان اصفرا و اكدر باردا بغير دفع و اما انه لاندراج ما امكن كونه حيضا و تنبيه المصنف عليه ففيه خفاء اذ بعد اعتبار الصّفات كيف نعلم امكانه بدونها لم لا يجوز ان لا يمكن ذلك كما في الاقل من الاقل و الاكثر من الاكثر

ص: 54

الّا ان يقال انه يعلم الامكان من التقييد بالغالب اذ يفهم منه انه قد يكون حيضا بدون الاوصاف فيعلم امكانه بدونها و فيه تعسّف اذ هذا حقيقة مفهوم الغالب و الكلام في فائدة التقييد به و ظاهر ان ما ذكره المصنف ليس تنبيها على فائدته و كان المراد ان ما ذكره المصنف تنبيه عليه في الواقع لمن عرف الحكم من خارج لا ان مجرّد كلامه تنبيه عليه فتنبّه

قوله و متى امكن كونه اى الدم حيضا

قال في شرح عد هذا الحكم ذكره الاصحاب كذلك و تكرر في كلامهم و يظهر انه مما اجمعوا عليه و لولاه لكان الحكم به مشكلا من حيث ترك المعلوم بثبوته في الذّمة تعويلا على مجرّد الامكان و قد يستانس له بظاهر الاخبار الدّالة على تعلق احكام الحيض بمجرّد لون الدّم مع امكان ان لا يكون حيضا و منه اعتبار التميّز

قوله و محله كالجانب ان اعتبرناه

اشارة الى ما نقله عن ابن الجنيد انه قال دم الحيض اسود عبيط تعلوه حمرة يخرج من الجانب الايمن و تحسّ المرأة بخروجه و دم الاستحاضة بارد رقيق يخرج من الجانب الايسر و الصّدوق رحمه الله في الفقيه و الشّيخ في المبسوط و يه و من تبعه افتوا في الجانب بعكس ذلك و مستند الحكم ما رواه محمّد بن يحيى مرفوعا عن ابان قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام فتاة منّا بها قرحة في جوفها و الدّم سائل لا تدرى من دم الحيض او من دم القرحة فقال مرها فلتستلق على ظهرها ثمّ ترفع رجليها ثمّ تستدخل الاصبع الوسطى فان خرج الدّم من الجانب الايمن فهو من الحيض و ان خرج من جانب الايسر فهو من القرحة كذا في الكافى و في التهذيب على عكس ذلك و ذكر في الذكرى ان كثيرا من نسخ التهذيب ايضا موافق للكافى و نقل عن ابن طاوس انه انما وقع العكس في بعض النسخ الجديدة و انه قطع بانه قد لبس و انت خبير بان فتوى الصدوق و الشيخ على العكس قرينة كون الخبر عندهما كذلك مع ان نسخ التهذيب الآن متفقة على العكس و العجب منه رحمه الله مع ما نقلنا عنه في الذكرى عنه في البيان افتى على وفق الصّدوق و الشيخ ثمّ انّ الرواية انما تدل على الرجوع الى الجانب عند اشتباه دم الحيض بالقرحة و كثير من الاصحاب ايضا منهم الشيخ فرضوه كذلك لكن جمع آخر اعتبروا مطلقا و كانهم نظروا الى ان الجانب ان كان له مدخلا في حقيقة الحيض وجب اطّراده و الّا فلا لكن الاولى طرح الرواية مطلقا كما فعله المحقق في المعتبر لضعفها و ارسالها و اضطرابها و مخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كلا الجانبين و هو ظاهر و كذا الحيض لان دم الحيض يقذفه الرحم و قد ذكر اهل التشريح بان فم الرّحم تارة يميل الى الايسر و تارة الى الايمن و يحتمل ايضا ان يكون القرحة في جوف الرحم و حينئذ فيجب ان لا يتميّز عن الحيض و قول الشارح رحمه الله ان اعتبرناه كانّه اشارة الى ضعف اعتباره و لم يعين الجانب المعتبر ليتم على القولين فتأمّل

قوله و نحو ذلك

كمضى اقل الطّهر من الحيضة السّابقة و كونها حاملا على رأى من لم يجوز حيض الحامل و كونه في ايّام العادة مع تجاوز العشرة

قوله و انما يعتبر الامكان بعد استقراره الى آخره

فيما يتوقف الحكم على الاستقرار حمل الامكان على الاحتمال و لو في اول الامر فقيده بما ذكره و لو حمل على الامكان في نفس الامر على مقتضى القواعد الشرعيّة فلا حاجة الى ما ذكره اذ الامكان في ايام الاستظهار و كذا في اوّل رؤية الدّم مجرّد احتمال و بعد التجاوز عن العشرة او انقطاعه قبل الثلاثة يظهر انه لم يكن امكان نفس الامر و يمكن ان يقال انه ليس غرض الشّارح ان كلام المصنف يحتاج الى تقييد بل ان المعتبر ليس هو مجرد الاحتمال الذى قد يستعمل فيه الامكان بل هو بعد استقراره الذى مآله الامكان النفس الامرى فيجب حمل كلام المصنف عليه فافهم

قوله كايّام الاستظهار

ذكر الاصحاب ان المعتادة عددا و وقتا او عددا اذا انقضت ايام عادتها تستظهر وجوبا او استحبابا يومين او يوما واحدا او ثلاثة ايّام او الى تمام العشرة على اختلاف مذاهبهم تبعا لاختلاف الاخبار اى تترك العبادة طلبا لظهور الحال في كون الدم حيضا او طهرا فان انقطع على العشرة يظهر الاول و ان تجاوز يظهر الثانى و تقضى الصوم على التقديرين و لا قضاء للصّلاة على الاول و تقضيها على الثانى و منهم من حكم بعدم قضائها ايضا على التقديرين ففى ايام الاستظهار يحتمل كون الدّم حيضا لكن لا يستقرّ ذلك الا بعد تجاوز العشرة ثمّ على القول بانّ ايام الاستظهار هو جميع ما تجاوز عن العادة الى العشرة لا خدشته في التمثيل اصلا و على الاقوال الاخر التمثيل بها مع كون جميع ما تجاوز العادة الى العشرة حكمه كذلك ممّا لا يقدح في صحّة التمثيل و هو ظاهر و لا في حسنه اذ يمكن ان يكون الغرض منه مع التمثيل دفع توهم انّ الحكم بترك العبادة فيها للحكم بكونه حيضا فصرّح بانّه ليس كذلك بل بناء الحكم على مجرّد الاحتمال و انما يتبيّن الحال بعد تجاوز العشرة فتأمّل

قوله مع انقطاعه قبل الثّلاثة

الاولى حذف هذا القيد ليكون ايضا مثالا لما امكن كونه حيضا بدون استقراره و يكون الحكم موقوفا على عدم انقطاعه قبل الثّلاثة نظير المثال الاوّل و امّا مع هذا القيد فهو مثال لما امكن كونه حيضا ثمّ ظهر خلافه و حينئذ فكان الاولى في المثال الاول ايضا ان يمثل بايّام العادة مع تجاوز العشرة ليكون مثالا لذلك و يكون كلاهما نقضا على القاعدة لو حمل الامكان على الاحتمال كما فعله في شرح الارشاد فافهم

قوله و لو تجاوز الدم العشرة

لمّا ذكر انّ اكثره عشرة و انه متى امكن ان يكون حيضا فهو حيض فعلم منه حال ما لو لم يتجاوز العشرة انه حيض فبقى حكم ما لو تجاوزها فبيّنه

قوله مرّتين اخذا و انقطاعا

ذكر جماعة من الاصحاب ان العادة كما تحصل بالاخذ و الانقطاع كذا تحصل بالتميّز فلو مرّ بها شهران مع التمييز سواء ثمّ اختلف الدّم في باقى الاشهر رجعت الى عادتها في الشهرين و قال في الذكرى لو اتفقت ايام التمييز عددا و وقتا و صفة مرتين استقرت العادة للحكم بانها اقراء و لو اختلفت الصفة امكن ذلك اذا حكمنا بكونه حيضا كالاسود و الاحمر و يمكن عدم العادة هنا انتهى و الظاهر ان اعتبار الاتفاق في الوقت و العدد انما هو في جعل عادتها عادة وقتيّة و عدديّة و الا فبالاتفاق في العدد فقط تصير عادة عدديّة و في الوقت فقط وقتيّة فافهم

قوله سواء كان في وقت واحد

الظاهر من التساوى اخذا و انقطاعا في كلام الاصحاب هو ان يكون شروع الثانى في وقت شروع الاول و انقطاعه في وقت انقطاعه و هذا فيمن حاضت في كل شهر هلالىّ يحصل بمرتين مع الاتفاق فيهما في شهرين متواليين كان رأت في اوّل كل منهما مثلا و لو زادت عادتها عن الشهر او نقصت لا يحصل بالمرّتين بل انما يحصل بمرتين كذلك بعد ثالث كان يكون حيضة الثانى بعد عشرة ايّام مثلا من انقطاع الحيض الاوّل او بعد شهرين و كذا الحيض الثالث بالنسبة الى الثانى و على هذا فالتعريف لا يصدق الّا على العادة الوقتيّة و العددية معا و لا يصدق على العددية فقط و امّا الشّارح فحيث جعله شاملا للعبادة العددية ايضا فكانه حمل الاستواء اخذا و انقطاعا على ان يكون الحيض الثانى من اوّله الى آخره مساويا للاول اى على اتفاقهما في القدر و لا يخفى ما فيه من

ص: 55

التّكلّف فتأمّل

قوله فاذا تجاوز عشرة

هذا تكرار لقوله و لو تجاوز اعاده لطول الفصل بين اجزاء المتن و ليرتبط كلامه بالمتن

قوله الاتفاق على تحيّض الاولى برؤية الدّم

سنفصل القول فيه انشاء اللّه ثمّ ان هذا الفرق انما هو في ابتداء رؤية الدّم و بينهما فرق آخر و هو ان الاولى مع استمرار الدّم تتحيّض وقت عادتها و الثانية تتحيّض في وضع ايّامها حيث شاءت من ايام الدّم و سيشير اليه الشارح فانتظر

قوله فقيل انّها فيه كالمضطربة

اى الناسية للوقت و العدد جميعا او للوقت فقط و امّا النّاسية للعدد فقط فانها ايضا تتحيض برؤية الدّم و هو ظاهر

قوله و الأقوى انها كالاولى

ظاهره ان الأقوى انها كالاولى و ان لم نقل بذلك في المضطربة و لا وجه له لان انضباط العدد فقط ممّا لا تاثير له في الحكم بالتحيّض برؤية الدّم نعم امكن القول به في الجميع كما ذهب اليه الشّيخ للعمومات الدّالة على ترك العبادة برؤية الدّم امّا مطلقا او اذا كان بصفة الحيض و لعلّ مراد الشارح ايضا هو هذا كما يرشد اليه كلامه فيما سيجي ء فتأمّل

قوله لا ترجع اليه عند التجاوز

لاختلاف العدد فيهما فلا يصدق العادة على شي ء منهما لعدم عوده و في مقطوعة سماعة فاذا اتفق شهران عدة ايّام سواء فتلك ايّامها و عن الباقر عليه السّلام و قد سئل عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنظر الايام التى تحيّض فيها و حيضتها مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الايّام و في الرواية الطويلة ليونس عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فان انقطع الدّم لوقته من الشهر الأوّل حتى توالت عليه حيضتان او ثلث فقد علم ان ذلك صار لها وقتا و خلقا معروفا و لا خفاء انّ مع الاختلاف لا استواء و لا استقامة و لا انقطاع لوقته من الشهر الاول و احتمل في الذكرى بل رجح اعتبار اقلّ العددين لتكرّره و لعموم خبر الاقراء اى ما روى عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله دعى الصّلاة ايّام اقرائك و مثله رواية زرارة عن احدهما عليه السّلام المستحاضة تكفّ عن الصّلاة ايّام اقرائها و كذا ما في صحيحة محمد بن عمرو بن سعيد عن الرّضا عليه السّلام تنتظر عدّة ما كانت تحيض و صحيحة يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام تنظر عدتها التى كانت تجلس و ما في حسنة محمد بن مسلم بل صحيحة لا تصلّى حتى تنقضى ايامها و حسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام المستحاضة تنظر ايّامها فلا تصلّ ايّامها و اللّه تعالى يعلم

قوله ان لم نجز ذلك

اى التحيّض برؤية الدّم للمضطربة بل وجب عليها او على المبتدئة التعبّد ثلاثة ايام لتيقن كونه حيضا كما ذهب اليه السّيد المرتضى و ابن الجنيد و المحقق في المعتبر و اما اذا جاز ذلك للمضطربة و المبتدئة ايضا كما ذهب اليه الشيخ فليس ذلك امرا افاده لها ضبط الوقت اذ مطلق المبتدئة و كذا المضطربة على هذا القول كذلك فافهم

قوله نوعين او انواعا

و كان بعض النوعين او الانواع اقوى من بعض كما قيّده به في شرح الارشاد لجواز الاختلاف النوعى مع التّساوى بين النّوعين في القوة و الضعف و لا تمييز معه و ايضا يجوز ان يكون احد النوعين اقوى من جهة و الآخر اقوى من جهة اخرى كالاسود الرقيق او الاحمر الشيخين و لا تميز حينئذ ايضا كما سيشير اليه و كانه لم يشترط ذلك هاهنا احالة على الظهور و تعويلا على انه يستفاد من باقى كلماته في تفصيل الحكم او اراد بالنوعين النوعين باعتبار القوة و الضعف لا مطلقا لكن هذا لا يدفع الخدشة عن التعريف اذ التقييد فيه مع اطلاق اللفظ بدون اشعار اليه لا يخرجه عن القصور فتدبّر

قوله بان تجعل القوى حيضا

اى القوىّ بالنسبة الى تمام ما رأت من النوعين او الانواع ففى الانواع اذا وجد القوى و الاقوى فالمعتبر هو الاقوى كما في المعتبر و كرى

قوله بشرط عدم تجاوز حدّيه

اى حدى الحيض قلّة و كثرة فلا يقصر عن ثلاثة متوالية و لا يزيد على عشرة و هل يشترط وجود الوصف في تمام الثلاثة بحيث لا يتخلل فيها الضّعيف اصلا او يكفى وجود القوى في كلّ من الثلاثة و لو لحظة يبنى على ما سلف من تفسير التّوالى كما صرّح به في شرح الارشاد ثمّ ان ظاهره انه مع تجاوز احد حدّيه يسقط التمييز رأسا لعدم امكان كون ما بصفة الحيض حيضا مع انه يمكن مع القصور ان تجعله حيضا و تضم اليه متقدّما او متأخّرا ما يكلمه على احدى الرّوايات على تقدير الرجوع اليها و كذا على تقدير الزيادة يمكنها ان تجعل الحيض على وفق احدى الرّوايات من جملة القوى و لعلّه لو روعى ذلك كان احوط ثمّ على تقدير الانواع و اعتبار الاقوى على ما اشرنا اليه لو قصر الاقوى عن اقل الحيض فيسقط اعتباره على ما ذكره لكن الظاهر حينئذ ان يجعل الاقوى و الوسط حيضا سواء اتّصل به او تخلّل بينهما الضّعيف فالكلّ حيض اذا لم يزد المجموع عن اكثر الحيض و امّا اذا تجاوز و لم يكن الوسط ايضا بقدر اقل الحيض فلا تمييز و ان كان الوسط بقدر اقلّ الحيض فيحتمل ان يعتبر فالحيض حينئذ هو الوسط لوجود شرائط التمييز فيه في الجملة و ان يسقط اعتبار التمييز لان ما هو اقوى اقل من الحيض و ما كان بقدره ليس بشرط التمييز لان المعتبر في الانواع كونه اقوى و لو تجاوز الاقوى عن اكثر الحيض فالظاهر على ما ذكره سقوط التمييز مطلقا لكن حينئذ لو جعل الحيض على احدى الرّوايات من جملته كان احوط كما ذكرنا و لو كان الوسط حينئذ ممّا لم يتجاوز حدّيه احتمل اعتباره كما في السّابق فلم اقف في كلامهم على التعرض لهذه الفروع فتأمّل

قوله و عدم قصور الضّعيف الى آخره

قد جزم بهذه الاشتراط العلامة رحمه الله في النّهاية و هو ظاهر المعتبر و احتمل المصنف في الذكرى عدم اشتراطه لعموم قول النّبى صلّى اللّه عليه و آله دم الحيض اسود يعرف فلو رأت خمسة اسود ثمّ تسعة اصفر ثمّ عاد الاسود ثلاثة فصاعدا فعلى الاشتراط لا تمييز و على الاحتمال حيضها خمسة و ظاهر المبسوط ان الحيض العائد لانّ الصّفرة لما خرجت عن الحيض خرج ما قبلها و في رواية يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في امرأة ترى الدّم ثلاثة ايام او اربعة ثمّ الطّهر ثلاثة او اربعة ثمّ الدّم ثمّ الطهر كذلك ثمّ الدّم كذلك مكرّرا انه عليه السّلام اجاب بترك الصّلاة مع الدّم و فعلها مع الطّهر ما بينها و بين الشهر فان انقطع عنها و الا فهي بمنزلة المستحاضة و مثله في رواية يونس بن يعقوب ايضا عن ابى بصير عنه عليه السّلام و حملها الشيخ في الاستبصار على من اختلطت عادتها و تغيّرت عن اوقاتها و لم يتميّز لها دم الحيض عن غيره ففرضها حينئذ اذا رأت الدّم ان ترك الصّلاة و اذا رأت الطّهر ان تصلّى الى ان تستقر على عادة او يمضى شهرا و على مستحاضة استمر بها الدم و اشتبهت عادتها الدم ففرضها حينئذ ان تترك الصّلاة كما رأت ما يشبه دم الحيض و تصلّى كلّما رأت ما يشبه دم الاستحاضة الى شهر و تعمل بعد ذلك ما تعمله المستحاضة و حينئذ يكون الطهر عبارة عما يشبه دم الاستحاضة لان الاستحاضة بحكم الطهر و هذا صريح في عدم اشتراط بلوغ الضّعيف اقل الطهر في هذا الشّهر و كذا النقاء على الاحتمال الاول و في المبسوط افتى بمضمون الخبرين في المبتدئة التى لا تمييز لها و لكن لم يقيد بالشّهر فحكم بانّها تترك الصوم و الصّلاة اذا رأت الدم و تصوم و تصلّى اذا رأت الطّهر الى ان تستقر على عادة قال و انما

ص: 56

قلنا ذلك لما روى عنهم عليهم السّلام من قولهم كلّما رأت الطّهر صلّت و كلّما رأت الدّم تركت الصّلاة الى ان تستقرّ لها عادة فان كانت لها عادة تجعل ايّام عادتها كلّها حيضا سواء رأت دما اسود او احمر و نقاء و ما بعد ذلك يكون طهرا و ان نسيت العادة و كان لها تمييز تركت الصّلاة كلما رأت دم الحيض و اغتسلت كلما رأت دم الطّهر و تداعى بين الحيضتين للطهر عشرة ايّام و وجهه المحقق رحمه الله في المعتبر بانه لحصول الاشتباه و عدم تيقّن الحيض او الطّهر فتعمل فيه بالاحتياط و لا يكون هناك حيض بيقين لان اقل الطّهر عشرة و حمل في المختلف كلام الشيخ على من رأت اربعة اسود اوّل الشّهر ثمّ خمسة طهر انقاء و بقيّة الشهر او تتمّة العشر بصفة دم الاستحاضة فانّها تتحيض بما هو بصفة دم الحيض قال و لا يحمل ذلك على ظاهره و لا يخفى ما فيه من البعد و الاظهر تنزيله على ما ذكره المحقق فتأمّل

قوله و تعتبر القوة بثلاثة

ظاهره حصر اسباب القوّة في الثلاثة و لا وجه له فانّ من علامات الحيض الحرارة كما ذكره المصنف و غيره و وردت به الاخبار المتكثرة فإلا تعتبر بها القوّة و كذا الدّفع على ما سبق في المتن و ورد في رواية حفص بن البخترى بل هى اقوى من الرائحة اذ لم تعد الرائحة الكريهة من علامات الحيض فيما وقفت عليه من اخبارنا و ان شهد به الاعتبار و ورد في بعض الأخبار العامية فتأمّل

قوله و القوام فالثخين الى آخره

كان بناءه على الاعتبار و يؤيده ايضا اعتباره صحيحة علىّ بن يقطين عن ابى الحسن الماضى عليه السّلام في النّفساء تدع الصّلاة ما دامت ترى الدّم العبيط الى ثلثين يوما فاذا رقّ و كانت صفرة اغتسلت و صلّت و في المعتبر و قد روى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّه قال دم الحيض حارّ عبيط غليظ اسود و لم اقف عليها في كتب الاخبار و قد سبق حسنة حفص ابن البخترى بهذه العبارة بدون لفظة الغليظ

قوله و ذو الثلاث قوى ذى الاثنين

هذا اذا كان الاثنان الموجود ان فيهما في مرتبة واحدة من القوّة و الضّعف و امّا مع الاختلاف فيجوز ان يكون الاثنان في ذى الاثنين اقوى بحيث تعارض قوتهما اضافة الثّالث في الآخر بل ربما ترجح بها على الثلاثة و كذا القول في ذى الاثنين و ذى الواحد مع اشتراك الواحد بعينه و اما فيهما بدونه ففيه كلام آخر ايضا سنشير اليه

قوله و لو استوى العدد و ان كان مختلفا

اراد بالعدد ما يشمل الواحد فيشمل ما كان في كل منهما اثنان متفقان او كون واحد منهما فيهما مختلفا و ما يكون في كل منهما واحد متفقا او مختلفا و فيه مع ما اشرنا اليه سابقا ان هذا انّما يتم لو كان دلالة كل من الثّلاثة على الحيض في مرتبة واحدة و اما اذا كان بعضها اقوى دلالة كالسّواد مثلا لكثرة الاخبار بتعريف الحيض به و التصريح باعتبار التمييز به في رواية السّنن التى وردت في باب التمييز دون الآخرين فيمكن الحكم بالتمييز و الحكم بحيض ما اختصّ بالسّواد سواء كان كل منهما ذا الاثنين او ذا الواحد و منه يظهر ما اشرنا اليه من الكلام الآخر في ترجيح ذى الاثنين على ذى الواحد مطلقا و هو ان ترجيح ذى الاثنين اللّذين يكونان اضعف دلالة كغير السّواد على ذى الواحد الذى هو اقوى كالسّواد غير ظاهر فتأمّل

قوله ثابت في المبتدأة

و امّا المعتادة فالمش انّ العادة اقوى و لا اعتبار للتمييز مع معارضة العادة كان قوى في ايّام العادة الكدرة او الصّفرة و قبلها او بعدها بلا تخلّل عشرة دما اسود و تجاوز المجموع عن العشرة فانّما تعتبر حينئذ بالعادة دون التمييز للاخبار الكثيرة الدالة على اعتبار العادة مطلقا من غير تقييد بانتفاء التمييز و لخصوص رواية السّنن و حسنة محمد بن مسلم بل صحيحته قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى الصّفرة و الكدرة في ايامها قال لا تصلّى حتى تنقضى ايّامها قال ذات الصّفرة في غير ايّامها توضّأت و صلت و ذهب الشيخ في النّهاية الى تقديم التّمييز و الاعتبار به دون العادة عند تعارضهما و به قال في الخلاف و المبسوط ايضا و يمكن الاستدلال له ببعض الاخبار كحسنة حفص بن البخترى المتقدمة فاذا كان للدّم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصّلاة و غير ذلك من الاخبار المتضمّنة البيان الاوصاف لكن الاقوى ما هو المشهور و العجب انه احتج عليه في ف باجماع الفرقة و اعجب منه انه قال مع ذلك فيه و في المبسوط ايضا انه ان قلنا بالرجوع الى العادة كان قويا و اما اذا لم يكن بينهما معارضة بل امكن الجمع بينهما كما فيما فرضنا من المثالين اذا لم يتجاوز المجموع عن العشرة فالجميع حيض على ما ذكره في المعتبر و غيره لكن الظاهر انه لا دخل للتّمييز في هذا بل مع عدم تجاوز العشرة الحكم كذلك و ان لم يكن ما بعد العادة او ما قبلها بصفة دم الحيض بل كان بصفة دم الاستحاضة كما ظهر مما ذكروه ان كل ما امكن ان يكون حيضا حكم به هذا كله في العادة المستفادة من الاخذ و الانقطاع و اما المستفادة من التّمييز فحكم بعضهم بتقديم التمييز عليه لانه اصلها و الفرع لا يعارض اصله و حكم صاحب المدارك بضعفه فمذهبه تقديم العادة مطلقا فتأمّل

قوله بكسر الدال

على انه اسم فاعل اى التى ابتدأت الحيض و بفتحها على انه اسم مفعول اى التى ابتدأها الحيض

قوله اما لابتدائه

و ذلك في المرة الاولى و الثانية او بعد الابتداء مع اختلاف الدّم في المرتين او المرأة السّابقة لعدم استقرار العادة مع الاختلاف و يفهم من اعتبار الاختلاف عددا و وقتا انه مع الاختلاف عددا فقط او وقتا فقط لا رجوع الى التمييز لاستقرار العادة في الجملة مع انه حكم في المضطربة اى النّاسية باقسامها بالرّجوع الى التمييز و لا يظهر وجه فرق بينهما فان الذاكرة لاحدهما انما يرجع الى التمييز في الطّرف الآخر لا فيما ذكرته ايضا و هذا يجرى مع استقرار احدهما ايضا و ظاهر لا دليل يوجب تخصيص الحكم صورة النسيان لكن رجوع كل منهما في الطّرف الآخر الى التمييز لا يصح على اطلاقه بناء على ما هو المشهور من ترجيح العادة لان ذاكرة العدد الناسية للوقت انما ترجع في الوقت الى التمييز لو وافق تمييزها ما ذكرته من العدد و اما مع عدم موافقتهما كان يكون العدد الذاكرة له سبعة مثلا و ما استفيد من التّميز ثلاثة مثلا فلا و كذا ذاكرة الوقت النّاسية للعدد انما ترجع في العدد الى التميّز لو وافق تميّزها ما ذكرته من الوقت و اما مع اختلافهما كان اتفق تمييزها في وقت آخر فلا و مثله القول فيما ذكرنا من المستقرة عددا او وقتا بل لا يصح الحكم بالرجوع الى التمييز على الاطلاق في الناسية لهما ايضا فانه اذا نسيت كلا منهما لكن علم ان عددها كانت ازيد مما تراه من الدم القوى فلا يصح رجوعها الى التمييز و هل يجزى مثل هذا فيمن لم يستقر لها شي ء من الوقت و العدد بان تكرّر لها مع عدم استقرار العدد في كل مرّة ما زاد على ما تراه من الدم القوى يحتمله بناء على استقرار ما زاد و ان لم يعين قدره فلا يصح اقتصادها على ما تراه من الدم القوى و يحتمل عدمه بناء على عدم اعتبار مثل هذه العادة و هو اظهر فتدبّر

قوله و ربما اطلقت على ذلك الى آخره

قد عرف المحقق رحمه الله في المعتبر المبتدأة بانها التى رأت الدم اوّل مرة و المضطربة بانّها التى لم تستقر لها عادة و زاد في موضع آخر عددا و لا وقتا و حكم في كل

ص: 57

منهما بالرجوع الى التمييز و لا ريب في انه جعل القسم الثانى من المبتدئة على تفسير الشّارح مضطربة و امّا انه هل خص المضطربة به و جعل المضطربة بتفسير الشارح قسيما للمبتدئة و المضطربة كما نقله صاحب المدارك و ان كان حكمها حكمهما في الرجوع الى التمييز او انه جعل المضطربة شاملا لهما بناء على انه اراد يعدم استقرار العادة عدم استقرارها في حكمها سواء لم تستقر في الواقع ايضا ام استقر في الواقع لكن لم تكن ذاكرة له فلا يعلم من كلامه و على التقديرين لما كان حكم النّاسية باقسامها مما فصّلوه كما سيجي ء و لا اشتباه فيه في كلامهم و لم يتعلّق غرض بتحقيق دخولها في تعريفها ذكره و عدم بعد ما صح ادخالها في تعريفها و انما الغرض هو تحقيق القسم الثانى من المبتدئة و انه ادخل في هذا التعريف في المضطربة و يتفرع عليه ما ذكره من الفائدة فلذا قال الشارح و ربما اطلقت باضافة ربما و من دون ذكر فاعله اى المضطربة اى ربما اطلقت المضطربة على ذلك اى على ما ذكرنا و على من تكرّر لها الدّم مع عدم استقرار العادة فيكون المضطربة على هذا التفسير اعمّ من الاول لشمولها القسم الثّانى من المبتدئة و يمكن حمل الكلام على انه ربما اطلقت على المعنى الذى ذكرنا و على معنى آخر غيره و هو من تكرر لها الدم الى آخره و حينئذ ينطبق المعنى الآخر على ظاهر ما نقلنا من المعتبر لكن لا يخفى ما فيه من التكلّف و الركاكة ثمّ لا يخفى ايضا ان ما اعتبره الشارح من تكرر الدّم ليس في كلام المحقق و كانه رحمه الله لما رأى صدق تعريف المضطربة على ما ذكره على المبتدئة ايضا فاضاف اعتبار التكرّر امّا استنباطا من تعريفه او من قبل نفسه ليصح التعريف و يسلم عما اوردنا من النقض فتأمل و انما ارتكبنا مع احتمال ان يكون هذا الاطلاق من غيره و يكون على وفق ما نقله اذ لم نقف على اطلاق آخر في كلامهم غير ما نقلنا من المحقق او من وافقه و ايضا كلامه رحمه الله في شرح الارشاد يرشد الى ان نظره الى تعريف المحقق مع بعد عدم تعرضه لما ذكره المحقق و اشتغاله بما ربما ذكره بعض من غير المعروفين فتأمّل

قوله و تظهر فائدة الاختلاف الى آخره

لما كان هذا الاختلاف بحسب الظاهر مما لا طائل تحته اذا الرّجوع الى التمييز ثابت في كلّ من المبتدئة و المضطربة فبإدخال هذا القسم في المبتدئة و المضطربة لا يتفاوت الحكم ذكر ان فائدة الاختلاف تظهر في حكم آخر و هو انّهم حكموا برجوع المبتدئة مع عدم التّمييز الى عادة اهلها كما سياتى ثمّ بعد ذلك الى الرّوايات و حكموا في المضطربة مع عدم التمييز بالرجوع الى الروايات بدون توسّط الرجوع الى الاهل و على هذا فيظهر فائدة الخلاف المذكور لان من فسّر المبتدئة بما يشمل القسم الثانى يعلم ان مذهبه فيه بعد التمييز الرجوع الى الاهل و من فسّرها على الاصطلاح الثانى يعلم ان مذهبه فيه بعد التمييز الرجوع الى الروايات و عدم الرجوع الى الاهل و بما قررنا يندفع ما ذكره صاحب المدارك من ان الاختلاف في ذلك لفظى و ما قيل في فائدته و نقل ما ذكره الشارح ضعيف جدا لان الحكم في النصوص من الواردة بذلك ليس منوطا بالمبتدئة فيرجع الى تفسيرها و يختلف الحكم باختلافه و ذلك لان نظر الشارح ليس الى ما ذكره من ورود النص برجوع المبتدئة الى الاهل حتّى يرد عليه ما ذكره من عدم ورود نصّ بذلك بل الى ما ذكرنا من انّ باختلاف التفسيرين يظهر مذهب كل فريق في حكمهم برجوع ذات القسم الثانى الى عادة اهلها و عدم رجوعه و امّا مستند كل فريق و الباعث له على الحكم بالرّجوع او عدمه فسيظهر انشاء اللّه تعالى فانتظر

قوله تاخذ المبتدئة عادة اهلها

هذا هو المشهور بين الاصحاب و مستندهم مقطوعة سماعة قال سألته عن جارية حاضت اوّل حيضها قدام دمها ثلاثة اشهر و هى لا تعرف ايّام اقرائها قال اقرائها مثل اقراء نسائها فان كان نسائها مختلفات فاكثر جلوسها عشرة ايّامها و اقله ثلاثة و الرواية مع وجود ذرعة و سماعة الواقفيان فيها مقطوعة مضمرة لكن ادّعى الشيخ في الخلاف الاجماع على صحتها و موثقة زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال يجب للمستحاضة ان تنظر بعض نسائها فتقتدى باقرائها ثمّ تستظهر على ذلك بيوم قال المحقق رحمه الله في المعتبر و هى تتضمّن الرجوع الى بعض نسائها و هو خلاف الفتوى و لان الاقتراح في الرجوع الى واحدة من النساء مع امكان مخالفة الباقيات معارض للرّواية الاولى و قال المصنف في الذكرى انها يمكن حملها على غير المتمكّنة من معرفة عادات جميع نسائها فيكتفى بالبعض الممكن و لان تتبع جميع نسائها فيه عسر غالبا انتهى و يمكن ايضا حملها على انّه تنظر بعض نسائها اى تتامل في نسائها فمن وجدها اقرب اليها بحسب السّن و المزاج و نحو ذلك تقتدى باقرائها و يمكن ايضا ان يقره اقرائها بالنون لا بالهمز كما وقع فيما عندنا من نسخة مصحّحة جدّا من التهذيب و يكون المعنى تنظر الى طائفة من نسائها فتقتدى من بينهنّ باقرائها و على الوجهين يمكن الجمع بينها و بين الرواية الاولى بحمل الاولى على ما اذا لم تكن بين المختلفات من هى اقرب اليها على الاول او لم تكن بينها الاقران او اختلفت الاقران ايضا على الثانى لكن يؤيّد ظاهر الرّواية من الرّجوع الى بعض نسائها مطلقا رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في النفساء انّها ان كانت لا تعرف ايام نفاسها فابتليت جلست بمثل ايام امّها او اختها او خالتها و يمكن الجمع بينها و بين الرّواية الاولى حينئذ بالقول بكفاية الرجوع الى البعض اذا لم تظهر لها مخالفة البعض الآخر و اما مع ظهور المخالفة فيكون حكمها ما في الرواية الاولى فهذه وجوه يمكن بها الجمع بين الروايتين و لا يبعد الذّهاب اليها لو لم يثبت اجماع على خلافها هذا و اعتمد المحقق رحمه الله في الاستدلال على ان الحيض يعمل فيه بالعادة و بالاعادة كما يرجع الى صفة الدم و مع اتفاقهنّ يغلب انّها كإحداهنّ اذ من النّار ان تشذّ واحدة من جميع الاهل و على اتفاق الاعيان من فضلائنا على الفتوى بذلك و جعل الروايتين مؤيدة و مع ذلك اظهر ترددا فيه ثمّ لا يخفى ان الرّواية الاولى تختص بالمبتدئة على الاصطلاح الثانى و الرّواية الثانية في مطلق المستحاضة من غير تخصيص بالمبتدئة اصلا و هو ايضا خلاف الفتوى لكن الامر فيه هيّن لامكان التخصيص و الاعتبار الذى اعتمد عليه في المعتبر ايضا الظاهر انه يجرى في مطلق المستحاضة و لا اختصاص له بابتداء الحيض او بغير المستقر منه اذ الظاهر في الناسية ايضا ان يكون عادتها المنسيّة موافقة العادة اهلها لندور ان يشذ واحدة منهنّ و على هذا فمن حكم بذلك في المبتدئة بالمعنى الاعم يمكن ان يكون اعتماده على الرّواية الثانية او ذلك الاعتبار و لا يقدح فيه جريانهما في مطلق مستحاضة اذ لعلّ خروج غيرها عن الاجماع و لم يظهر لهم اجماع فيما سوى المضطربة الناسية و منه يظهر ان امر النقض على من خصّ الحكم بالمبتدئة بالمعنى الثانى لو تمسّك بهذين الوجهين اشكل و لا يقدح فيما ذكرنا ما نقل عن ابى الصّلاح

ص: 58

من حكمه برجوع المضطربة ايضا الى نسائها مقدما على التمييز لندوره و كونه معلوم النسب فلا ينافى ظهور الاجماع عندهم على خلافه هذا و في شرح الارشاد رجح التفسير الاول بان الحكمة في رجوع المبتدأة الى النساء موجودة فيمن لم تستقر لها عادة دون المضطربة النّاسية و هى ان الاولى لم تسبق لها عادة ترجع اليها بخلاف النّاسية التى قد سبق لها عادة و لا يخفى ضعفه

قوله من الطرفين او احدهما

و لا اختصاص للعصبة هنا لان الطبيعة جارية من الطرفين كذا في شرح الارشاد اخذا من كرى و يؤيّده ايضا ما نقلنا من رواية ابى بصير في النفساء و ذكر ايضا في شرح الارشاد لانه لا فرق بين الحيّة من الأهل او الميتة المعلومة عادتها و لا بين المتساوية في السّنّ للمبتدئة و المخالفة و فيه ايضا انه يتخيّر في وضع الأيام حيث شاءت من الشّهر لعدم الاولوية و ان كان وضعها في اول الشّهر اولا و هذا يدل على انه حمل الرّجوع الى الأهل على الرّجوع اليهنّ في العدد فقط لا في الوقت و لا يبعد الحمل على ما يعمّهما و ان بعد اتفاقهنّ في الوقت لبعد ذلك في العدد مع كثرتهنّ و مع قلّتهنّ فلا بعد فيهما و مع وحدة الاهل فالامر اظهر لكن آخر الرّواية انما تشعر بانّ المراد الرّجوع في العدد و كيفما كان فالرّجوع الى الاهل في الوقت ايضا مع الاتّفاق او وحدته لا ريب انه احوط فتأمّل

قوله فاقرانها

قال في المعتبر الرجوع الى الأقران في المرتبة الثالثة شي ء اختصّ به الشيخ رحمه الله ذكر ذلك في الجمل و المبسوط و نحن نطالب بدليله فانّه لم يثبت و لو قال كما يغلب في الظّن انها كنسائها مع اتفاقهن يغلب في الاقران منعنا ذلك فان ذوات القرابة بينهما و بينهنّ مشاكلة في الطباع و الجنسيّة و الاصل فقوى الظّن مع اتفاقهن بمساواتها لهنّ و لا كذا الاقران اذ لا مناسبة مقتضية لانا نرى النسب يعطى شبها و لا نرى المقارنة لها اثر فيه انتهى و لا يخفى ان اتفاق جميع الاقران مما يورث الظن بكونها مثلها لكن هذا انما هو مع كثرتهنّ و الاتفاق حينئذ ممّا يندر وقوعه و ايضا بناء الحكم على مجرّد هذا الظنّ بدون نصّ لا يخلو عن اشكال و ذكر المصنف في الذكرى ان لفظ نسائها دالّ عليه فان الاضافة تصدق بادنى ملابسة و لما لابستها في السّن و البلد صدق عليهن النساء و فيه مع بعده انه حينئذ يلزم ان لا يعتبر الترتيب بين الاهل و الاقران بل يكون المعتبر اتفاق جميعهما عند وجودهما على مقتضى الرواية الاولى و الاكتفاء ببعض من كل منهما على مقتضى الرواية الثانية و كلاهما خلاف فتوى الاصحاب على انه على تقدير الاكتفاء بادنى الملابسة يشكل اشتراط الاتحاد في السّن و البلد لتحقق الملابسة باحدهما بل بغيرهما من الملابسات غاية الامر ان يخرج ما ثبت الاجماع على عدم الرجوع فيه و لا اجماع على اعتبار الاتحاد في البلد بل الاكثر لم يعتبروه مع انه رحمه الله اعتبره و تخصيص النصّ بمجرّد ما ذكره من ان للبلدان اثرا ظاهرا في تخالف الامزجة لا يخلو عن اشكال نعم لو لم يكن بناء الحكم على النصّ بل على الاعتبار و رعاية الظنّ بالمتشاكلة اتّجه ما ذكره و كانه رحمه الله اعتبر ذلك و حمل النصّ عليه فتأمّل ثمّ لا يخفى انّ مرادهم بالاهل اعمّ من المقارن في السّن و غيره بدليل انهم حكموا مع اختلافهنّ بالرّجوع الى الاقران مع اتفاقهنّ فلو اشترط كون الاهل ايضا من الاقران كيف يتصور اختلافهن و اتفاق الاقران و لو حمل الاقران على الاقران من غير الاهل و ان امكن ذلك لكان الحكم بالظنّ بلحوقها بالاقران من غير اهلها مع ما ترى من مخالفة اقرانها من اهلها لهنّ كما ترى انت و ايضا كيف يحكم بزوال هذا الظنّ لخروج واحدة او اثنتين من اقران غير الاهل و لا يحكم بزواله لخروج جماعة من اقران الأهل و هو ظاهر و على هذا فلا يرد عليهم انه مع اختلاف الاقارب كيف حكموا ببقاء الظنّ بانه كأحد الاقران و ذلك لانه لا بعد فيه لان لاختلاف السّن اثرا بينا في ذلك فلا بعد في الحاقها بالاقران دون الاقارب مع عدم تقارب سنّها و سنّهن لكن يبقى حينئذ ان الحكم بتقديم الرّجوع الى الاهل على الأقران على هذا لو كان بناءه على الاعتبار لا يخلو عن اشكال اما لو كان بناء الحكم بالرّجوع الى الاهل على النصّ فلا اشكال اذ النصّ يتبع مطلقا و لا ينظر معه الى الاعتبار فاعتبر

قوله و هنّ من قاربها في السّن

الظاهر ان المراد بالرّجوع الى من قاربها في السّن وقت الرجوع لا الى من اخبر انّ عادتها كانت كذا حين كونها في سنّ المبتدأة المفروضة و ان كانت في ذلك الوقت اعلى سنّا بكثير على فتأمّل لاختلاف العادات باختلاف الازمنة و ايضا لو اعتبر ذلك لكان ينبغى ان يعتبر ذلك في الاهل اولا مع وجودهنّ و حينئذ فمع اختلافهنّ كيف يحكم بالرجوع الى اتفاق الاقران امّا مطلقا او من غير الاهل على قياس ما ذكرنا في الحاشية السّابقة فتأمّل

قوله و اعتبر المصنف في كتبه الثلاثة

قال في الدروس و ان فقد التمييز جعلت عادة نسائها ان اتفقن او اقرانها من بلدها حيضا و ان فقدن رجعت الى الروايات و مثله في البيان و لا يخفى ان ظاهر هذه العبارة ليس الا اعتبار البلد في الاقران كما فعله الشيخ في المبسوط نعم كلامه في الذكرى صريح في ان الظاهر اعتبار اتحاد البلد فيهما فلعل الشارح جعل ما في الذكرى قرينة على تعلق قوله من بلدها بالطائفتين جميعا و لعل التقييد بالبلد في الاقران دون الاهل على ما في المبسوط باعتبار تعذر العلم بحال جميع الاقران فقيّده بمن في البلد و لا يخفى تعذّر ذلك في كثير من البلاد ايضا اذا تيسّر استعلام حال من ليست من اهل البلد امّا بحضورها في البلد او بنحو آخر فلم لا يعتبر وفاقها و خلافها و يمكن جعل اقرائها من بلدها شاملا لكل من حضر البلد و ان لم يكن من اهل البلد و كيف ما كان فلو اجيز الاقتداء بانفاق من تيسّر لها استعلام حالها من الاقران بلا كلفة لامكن ان يكون لحكمهم اثر و الا فلا ثمرة له غالبا فتدبّر

قوله لاختلاف الامزجة باختلافه

قال في شرح الارشاد و في معارضته لعموم النصّ نظرا كذا في شرح الارشاد و لعلّ بناء ما ذكره المصنف على ما اشرنا من التعويل في الحكم على النصّ و الاعتبار جميعا

قوله و هو اجود

هذا لو كان التعويل في الحكمين على الاعتبار و اتباع الظن و مع ذلك فالحكم الكلى لا يخلو عن اشكال بل ربما كان الظن في طرف الاقل باعتبار تقارب سنّ او مزاج نحوه و امّا من اعتمد في الحكم الاول على النصّ بل في الثانى ايضا على ما نقلنا عن كرى فلا جودة لما ذكره اذ الرواية الاولى صريحة في اعتبار الجميع و الثانية بظاهرها مطلقة في النظر الى البعض و الاقتداء باقرانها فاعتبار الاكثر لا وجه له الا ان يقال كما ذكره في شرح الارشاد ان الرّواية الثانية حجة في الاغلب و خروج ما دونه بالاجماع فيكون كالعام المخصص في كونه حجة في الباقى لكن يشكل الحكم به مع مخالفته للرواية الاولى الّا ان يخصّ قوله فان اختلفن فيها بما اذا لم يكن فيهن اغلب جمعا بين الخبرين فتأمّل

قوله بموتهنّ و عدم العلم

فرض الموت باعتبار انه غالبا سبب لعدم العلم بحالهنّ و الا فالمناط هو عدم العلم فافهم

قوله و هى اخذ عشرة ايّام

الرّواية التى استدلّوا بها على ذلك هى ما تقدّم من مقطوعة

ص: 59

سماعة و موثقة عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال المرأة اذا رأت الدّم في اوّل حيضها فاستمرّ الدّم تركت الصّلاة عشرة ايّام ثمّ تصلّى عشرين يوما فان استمرّ بها الدم بعد ذلك تركت الصّلاة ثلاثة ايّام و صلّت سبعة و عشرين يوما و رواية اخرى عن عبد اللّه بن بكير بهذا المضمون من غير اسناد الى احد الائمة عليهم السّلام و لا يخفى انّ مقطوعة سماعة ليست بظاهرة فيما ذكروه بل ظاهرها التخيير من الثلاثة الى العشرة في كل شهر كما هو مذهب السّيد المرتضى و ظاهر الصّدوق و امّا رواية ابن بكير فظاهرها التحيّض بالعشرة في الشّهر الاول و بالثلاثة في باقى الشّهور كما ذكره في المختلف عن ابن الجنيد لا ما ذكروه من العشرة و من الثلاثة في كل شهرين و ايضا الرّوايتان تختصّان بالمبتدئة فالحكم في المضطربة ايضا على ما ذكروه لا وجه له الّا ان يثبت عدم القول بالفصل بينهما في ذلك الشيخ في ف ذكر هذا الطريق في المبتدئة مع رواية السّتة او السّبعة و استدل بهاتين الرّوايتين و في المضطربة اقتصر على التحيّض بالسّبعة و ظاهره الفرق بينهما و تفطّنه لما ذكرنا فتدبّر

قوله من شهر و ثلاثة من آخر

الظاهر ان مرادهم بالشهر هنا هو الهلالى كما صرّح به الشارح في شرح الارشاد و المحقق الشيخ على في شرح عد معلّلا بالرّجوع الى الجبلّة فان الغالب حصول الحيض في كل شهر مرّة و على هذا فان كان رؤية الدم اول الشهر فالامر ظاهر و ان كان في اثنائه فانما ابتدأ الشهر الثانى بعد ما مضى من اوّل الهلال الثانى بقدر ما مضى من الاول قبل الدم

قوله و هكذا و يحتمل ان يعتبر الشّهر حينئذ ثلثين يوما لا الهلالى و ظاهر رواية ابن بكير السّابقة اعتبار ثلثين يوما مطلقا و يحتمل بعيدا على اعتبار الهلال يجعل ما بعد الهلال الآخر داخلا في الشهر الثانى اذا مضى من ايّام تحيضها اقلّ الطهر فيجوز لها حينئذ ابتداء التحيض ثانيا بمجرّد ذلك و ان لم يتم شهرها الاوّل لا ثلثين يوما و لا هلاليّا فتدبّر

قوله مخيّرة في الابتداء بما شاءت منهما

و اعتبر بعضهم كالشيخ في الخلاف الابتداء بالثلاثة و بعضهم بالعشرة و هو اقوى نظر الى ما نقلنا من الرّوايتين فتدبّر

قوله او سبعة سبعة الى آخره

مستنده رواية السّنن التى رواها محمد بن عيسى عن يونس عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فان فيها ان النّبى صلّى اللّه عليه و آله قال لحمنة بنت جحش حين رأت الدم اوّل مرّة و استمرّ بها تحيّضى في كل شهر في علم اللّه ستّة ايّام او سبعة و في آخر الرّواية ما ظاهره ان الثانية التى اختلطت عليها ايّامها و زادت و نقصت حتى لا نقف منها على حدّ ايضا مع عدم التمييز بينها السّبع لان قصّتها قصّة حمنة و من التشبيه بقصة حمنة يعلم جريان السّت ايضا فيها و الترديد بين السّتة و السّبعة يمكن ان يكون للتخيير و تكون مخيّرة في التحيض سبعة سبعة او ستّة ستّة كما هو المشهور بين الاصحاب بل ربما جاز على هذا التحيض ايضا في بعض الشهور بالسّتة و في بعضها بالسّبعة و لا محذور في التخيير بين فعل الواجب و تركه كما في مواضع التخيير بين القصر و الاتمام و التسبيحات بدل الحمد و كايام الاستظهار على القول باستحبابه و يمكن ان يكون حوالة الى اجتهادها و اخذ ما هو الاليق و الاولى بها منهما كما اختاره العلامة رحمه الله في هى و في يه حذرا عما ذكرنا من المحذور في التخيير الذى اشرنا الى دفعه و ذلك امّا باختيار ما هو اوفق بمزاجها كما ذكره الشارح او باعتبار رجوعها الى اهلها و اقرانها و اخذ ما هو عادتهنّ منهما و مع الاختلاف اخذ عادة من تراه اقرب اليها منهما بحسب الجهات المؤثّرة في هذا الباب او غير ذلك من وجوه الترجيح و حينئذ فالتخصيص بهما باعتبار ان الغالب في النساء هو احدهما و احتمل في كرى الاخذ بالسّتة عند موافقة عادتهنّ او نقصان عادتهن عنها و السّبعة مع موافقتها لها او زيادة عليها عملا بالأقرب الى عادتهن في الموضعين و امّا قوله عليه السّلام في علم اللّه فمعناه اختصاص علمه باللّه اذ لا حيض لها معلوم عندها او فيما علّمك اللّه من عادات النساء فانه القدر الغالب عليهنّ في الذكرى و قال الطّيبى في حاشية المشكاة اى فيما اعلمك اللّه او في علمه الذى بيّنه للنّاس و شرعه لهم هذا و الرواية مرسلة و قد نقل ايضا الصدوق عن ابن الوليد انه لا يعمل بما تفرّد به محمّد بن عيسى عن يونس و بعد صحة الروايات قال المحقق رحمه الله في المعتبر الوجه عندى ان يتحيّض كلّ واحدة منهما ثلاثة ايام لانه اليقين في الحيض و تصلّى و تصوم بقية الشهر استظهارا و عملا بالاصل في لزوم العبادة و قال المصنف في الذكرى في خبر يونس انّ الشهرة في النقل و الافتاء بمضمونه حتى عدّ اجماعا يدفعهما اى ما ذكر من وجهى الضعيف قال و يؤيده ان حكمة البارى اجلّ من ان يدع امرا مبهما تعمّ به البلوى في كل زمان و مكان و لم يبيّنه في لسان صاحب الشرع انتهى و لا يخفى ايضا ان ضعفها بالارسال ينجبر ايضا بانه رواها عن غير واحد فيبعد عن الكذب على انّ من تامل فيها بطولها مع ما فيها من الفوائد و الاحكام يحكم جدّا ببعد وضع مثلها لكن مع ذلك الاحوط التّحيض بثلاثة على ما ذكره المحقق و الجمع في بقية السّتة او السبعة بين التكليفات و وظيفتى الحائض و المستحاضة و اللّه تعالى يعلم

قوله و ان كان الأفضل الى آخره

وجه الافضلية ان تخرج عن خلاف من اوجب الاجتهاد كما نقلنا عن النهاية و تحصيل البراءة على كلّ من احتمالي الرواية في او و هذا بناء على جعل الاجتهاد منحصرا فيما ذكره كما يظهر من شرح الارشاد حيث قال و هل اخذها باحد الاعداد الثلاثة على جهة التخيير او الاجتهاد بمعنى انه ان كان الغالب عليها الحرارة اخذت السّبعة او البرودة فالسّتة و ان كان معتدلا فالثلاثة او العشرة وجهان اختار ثانيهما المصنف في يه و امّا على ما اشرنا اليه من عدم انحصار الاجتهاد في رعاية ذلك فبمجرّد ذلك ما لم تراع الجهات الاخرى لا تخرج من الخلاف و لا يحصل اليقين بالبراءة على كل من الاحتمالين و ان كان مع ذلك افضل من العمل باطلاق التخيير كما لا يخفى

قوله و ان كان الأولى الاول

و ذلك لان الغالب في عادات النساء العود الى الحيض في وقت الاول فهذه المرأة لمّا تحيضت عند رؤية الدّم بالاوّل امّا بمجرّد رؤية الدم او بعد ثلاثة ايّام على القولين فصار الدّم الاول حيضا لها شرعا فالاول لها عند دخول الشهر الثانى اى مضى شهر هلالى او ثلثين يوما من ابتداء رؤية الدم على ما ذكرنا سابقا من الوجهين الاوّلين من الوجوه المذكورة هناك ايضا هو التحيض ايضا بالاوّل ليكون على وفق الغالب من عادات النساء فالمراد بالاول هو ما ذكرنا لا اوّل الشهر الهلالى مطلقا اذ لا يظهر وجه الاولويّة و ايضا ربما لم يتخلل بين اول الهلال الثانى و تحيضه السّابق اقل الطّهر الا ان يشترط في الاولوية تخلّل ذلك كما اشترطنا ذلك في احتمال الابتداء منه في الوجه الاخير من الوجوه المذكورة سابقا في تحقيق الشهر و يقال انه تركه اعتمادا على الطهور و قال المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد و لا شكّ في اولويّة اوّل الشهر لموافقته الغالب و لعل مراده ما ذكرنا فاراد باوّل الشّهر اوّل الشّهر الثانى الذى تتحيّض ثانيا فيه و ان اتفق في وسط الشهر الهلالى لا اوّل الشهر الهلالى اذ مع الحاجة حينئذ الى

ص: 60

ما اشرنا اليه من اشتراط تخلّل اقلّ الطّهر و ليس في كلامه كون الغالب رؤية الدّم في اوّل الشهر الهلالى غير ظاهر و على تقدير كونه غالبا فانما يعتبر الظنّ الحاصل بتلك الغلبة فيمن كان حيضه اولا ايضا اوّل الشّهر و امّا اذا كان حيضه الاول في وسط الشّهر فلا ريب انه ليس الغالب فيها تحيضها في الشهر الثّانى في اوّل الشهر فعند ما فرض انّ رؤيتها الدّم كانت اوّلا في وسط الشهر و قد تحيّضت به شرعا لا وجه لتحيضها في الشهر الثانى اوّل الشهر الهلالى بناء على الغلبة المذكورة في غيرها و العلّامة رحمه الله في هى بعد ما حكم بالتخيير قال و قيل انها تتحيض في اوّل الشهر لقوله عليه السّلام و تصلّى عشرين يوما ثمّ قال و تصلّى سبعة و عشرين و لا دلالة فيه اذ مع اعتبارها للثلاثة الاخيرة مثلا تصلّى سبعة و عشرين يوما و كذا لو اختارت الوسطى انتهى و لعلّ مراد القائل ان حكمه عليه السّلام في رواية ابن بكير السّابقة بالصّلاة عشرين يوما و سبعة و عشرين يوما بعد التحيّض يدل على تقديم التحيض في المرتين و فيه ان دلالة مجرد التقديم الذكرى على وجوب التقديم لا يخلو عن ضعف و كذا بمجرّد توافق العبارة في المرتين مع وجوب التقديم في المرّة الاولى الحكم بوجوبه في الثانية ايضا ضعيف على ان عبارة الرواية في المرتين في التهذيب ليست بالواو على ما نقله بل في الاولى يتم كما نقلنا سابقا و حينئذ يسقط الوجه الثانى رأسا و كذا الاول اذ التقديم الذكرى معارض بتغيير الاسلوب و ايراد ثمّ في الاول و الواو في الثانى هذا و امّا ما اورده العلامة رحمه الله عليه ففيه خفا و لو حمل كلامه على انّ الصّلاة سبعة و عشرين يدل على تقديم التّحيض مع عدم ظهور وجه له لكان ينبغى ان يورد عليه انه لا دلالة فيه اذ التّحيض ثلاثة يستلزم الصّلاة سبعة و عشرين و لا دلالة له على وجوب تقديم التّحيض فتعرّضه لخصوص الثلاثة الاخيرة او الوسطى لو اريد بها الحقيقة لا وجه له و لو اريد بها الاعمّ فلا وجه للتفصيل و ان حمل كلامه على ان الظاهر من السّبعة و عشرين هو المتّصلة فكان ينبغى ان يقول ان مع اختيارها الثلاثة الاخيرة ايضا تصلّى سبعة و عشرين متّصلة فلا يصحّ حينئذ قوله و كذا لو اختارت الوسطى على انّ للقائل حينئذ ان يتمسّك بعدم القائل بالفصل لانه اذا بطل التخيير مطلقا بما ذكره فانحصر القول في وجوب تقديم التحيّض فالأظهر مع ظهور سبعة و عشرين في المتّصلة فتأمّل

قوله و لا اعتراض للزوج في ذلك

علّله في شرح القواعد بان ثبوت الحيض لها باصل الشرع و التّخيير لم يثبت باصالة بل لان جهلها بالحال اقتضى تساوى جميع ايّام الشّهر بالنسبة اليها فامتنع تخصيصها بشي ء معلوم فكما لم يكن ذلك منوطا باختبارها اصالة لم يكن للزوج في ذلك اعتراض و يحتمل ان يكون كالواجبات الموسعة انتهى و لا يخفى ضعف التعليل و قوة ما ذكره من الاحتمال هذا في الابتداء و امّا بعد تحيّضها و تركها صلاة مضت وقتها فعدم جواز الاعتراض اظهر اذ بعد اختيارها كذلك يثبت الحيض في حقها شرعا فتدبّر

قوله امّا ما بعده فتأخذ ما يوافقه

لبعد اختلاف مرّات الحيض و لان ذلك قائم مقام العادة في المعتادة مع احتمال بقاء التخيير للعموم و لانّ العادة تتقدم و تتأخّر و كذا القول في التخيير في الأعداد بالنسبة الى الدّور الثانى مع بقاء شرائط الرّجوع اليها كذا في شرح الارشاد و ما ذكره من الاحتمال لا يخلو عن قوّة في الموضعين فتدبّر

قوله و هذا

اى العمل باحدى الرّوايات و التخيير في وضع العدد حيث شاءت اذا نسيت المضطربة الوقت و العدد معا و لعلّ مراده بالنسيان ما يشمل الجهل باعتبار عدم الاستقرار فان ما ذكره من احكام النّاسية باقسامها يجرى في غير المستقرّة ايضا باقسامها فافهم

قوله اخذت العدد كالروايات

اى مع التخيير في وضع العدد الذّاكرة له حيث شاءت من ايّام الدّم كتخيير الناسية لهما في وضع عدد الرّواية حيث شاءت منها و كذا سائر ما ذكر فيها من اولويّة الاول و عدم اعتراض الزّوج و حكم ما بعد الشّهر الاوّل و قد ذكر المصنف في الذكرى عدم اعتراض الزوج و اولوية اهل الشّهر هنا فقال الاولى ذكرت العدد و نسيت الوقت فتخصّص بالاجتهاد ايّامها و لا اعتراض للزوج و مع عدم الامارة تتخيّر و اوّل الشهر اولى لامكان الحيض فيه مع سبقة و لقول الصّادق عليه السّلام تترك الصلاة عشرة ايام ثمّ تصلّى عشرين يوما انتهى و لقد احسن حيث خص عدم اعتراض الزّوج بصورة الاجتهاد لكن استدلاله على اولويّة اوّل الشّهر بما نقله من الرواية كما نرى لانّها مع ورودها في ناسيتهما في ناسية الوقت خاصة الحكم فيها بما نقله انما هو في ابتداء رؤية الدم و كانه لا خلاف عندهم في الابتداء في وجوب التحيض باوّل الدّم امّا بمجرد رؤيته او بعد ثلاثة فحكمهم باولويّة انما هو بعد استمراره في المرّة الثّانية و على هذا فما نقله من الرّواية لا شاهد على ما ذكره من الاولويّة فافهم ثمّ انّ التخيير في وضع العدد حيث شاءت من ايام الدم هنا و كذا في السّابق انما هو مع نسيان الوقت مطلقا و امّا مع تذكرة في الجملة كان تذكرت انه كان حيضها في النّصف الاوّل و الثّانى من الشهر فالتخيير حينئذ في وضع العدد انما هو بالنسبة الى ذلك الوقت لا مطلقا و هو ظاهر و يتفرّع على هذا انه قد يحصل اليقين بالحيض في بعض ذلك الوقت كما اذا زاد العدد الذاكرة له عن نصف ذلك الوقت الّذى قد ضلّ فيه العدد فان الزائد و ضعفه حيض بيقين فلو كان العدد ستة و الوقت الذى ضلّ فيه العدد عشرة فالخامس و السّادس حيض بيقين و يجب اكمالها ستة متقدّما او متأخّرا و لو كان العدد سبعة فيها فالأربعة المتوسّطة حيض بيقين و وجب اضافة ثلاثة اليها و تتخيّر في تقديمها او تاخيرها و قس على ذلك سائر ما ورد عليك من فروع هذا الباب و امّا اذا كان العدد مساويا للنّصف او ناقصا عنه فلا حيض بيقين و تتخيّر في وضعه حيث شاءت من ذلك الوقت مطلقا فتأمّل

قوله و لا فرق هنا بين تيقّن يوم

اى ما ذكرنا من الفرق سابقا في الوسط الحقيقى من ان الوسط ان كان يوما وجب اخذ العدد سبعة و ان كان يومين وجب اخذه ستة لا يجرى هاهنا اذ الوسط بمعنى الأثناء مطلقا سواء كان فردا او زوجا يكون في العدد الزّوج و الفرد و لا يعلم من فرديته او زوجيته بخلاف الوسط الحقيقى و هذا لا ينافى ظهور فرق بين اليوم و اليومين من وجه آخر و هو ان الوسط بهذا المعنى اذا كان يوما يطابق جميع الرّوايات و اذا كان يومين لا يطابق رواية الثلاثة لتيقن الاربعة حينئذ و اذا كان ازيد فقد لا يطابق الستة ايضا كما اذا كان خمسة فتتعيّن رواية السّبعة لتيقّنها حينئذ كما انه اذا كان زائدا عن الخمسة لا يطابق شيئا من الروايات لتيقن الثمانية اذا كان ستة و التسعة اذا كان سبعة و العشرة اذا كان ثمانية فيجب العمل في هذه الصور بالمتيقّن فتأمّل

قوله و لو ذكرت عددا في الجملة

اى من غير ان تعلم كونه اوّلا و آخرا او وسطا و اكماله باحدى الروايات انما هو اذا كان اقل من كل منها كما اذا نقض عن السّتة و امّا اذا كان ستّة فيتعين عليه العمل برواية السّتة او السّبعة

ص: 61

و اذا كان سبعة فيتعيّن السّبعة كما انه اذا زاد عليها تعيّن ما تيقّنه هذا و اعلم ان الحكم بالرّجوع الى الرّوايات في ناسية الوقت و العدد و ناسية العدد فقط على ما ذكره الشارح هو المشهور بين الاصحاب لكن يشكل بان الروايات على ما نقلنا سابقا لا يظهر منها حكم الناسية اصلا بل روايات الثلاثة و العشرة مخصوصة بالمبتدئة و رواية السّبعة و السّتة و ان ذكر في اوّلها انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنّ في الحيض ثلث سنن بين فيها كلّ مشكل لمن سمعها و فهمها حتّى لم يدع لأحد مقالا فيه بالرّاى لكن لا يظهر مما فصل فيها على ما فهمنا حكم النّاسية و الحكم بالسّتة و السّبعة فيها كما سبق انما هو في المبتدئة و المرأة التى اختلط عليها ايّامها و زادت و نقصت حتى لا تقف منها على حدّ و ظاهرها المضطربة التى تغيّر حيضها و اضطرب و لم يبق لها عادة مستقرّة فشى ء منها لا يشمل النّاسية و ما ذكره الشّارح رحمه الله في شرح الإرشاد من انّ المراد باختلاط الأيّام نسيان العادة لانه موضح للسّنن المتقدّمة في اوّل الحديث التى من جملتها الناسية التى قد كان لها ايّام متقدّمة ثمّ اختلط عليها من طول الدّم و زادت و نقصت حتى اغفلت عددها و موضعها من الشهر ففيه ان العبادة السّابقة ايضا ليست بظاهرة في النّاسية بل ظاهرها ايضا هو ما ذكرنا و قوله عليه السّلام حتى اغفلت الظاهر انه بمعنى تركت لا بمعنى نسيت فلا تغفل و ما نقلنا من اوّل الرّواية من حصر الاحوال فيما ذكر فيها يمكن ان يحمل على حصر احوال المرأة بحسب خلقتها الّا ما يشمل حالها بحسب ما يعرض لها من النّسيان ايضا و بالجملة فالرّواية مع ما عرفت من حالها شمولها للناسية غير ظاهر بل لا يبعد عندى ان يحمل آخر الرواية على انه تكرار للنسبة الثّالثة التى في المبتدئة مع الاشعار بان ما ذكر من ان سننها السّبع انما هو مع عدم التّمييز كما ان فيما قبله وقع تكرار السّنة الثانية ايضا و حينئذ فلا يظهر منها الحكم بالسّبع في غير المبتدأة اصلا و على هذا فلا يبعد القول في المتحيّرة بما نقلنا سابقا عن المحقق رحمه الله في المعتبر في المبتدئة و المضطربة من انها تتحيّض ثلاثة ايّام و تعمل في الباقى عمل المستحاضة استظهارا و عملا بالاصل في لزوم العبادة لكن المحقق في المعتبر مع ترجيحه لذلك في المبتدأة و المضطربة على ما نقلنا لم يذهب الى ذلك في مسئلة المتحيرة بل ذهب الى ما سينقل عن الشيخ من الاحتياط و الجمع بين التكليفات لكن صاحب المدارك نسب الى المعتبر هذا القول في المتحيرة ايضا و بالجملة فهذا القول فيها لو كان به قائل لا يخلو عن قوّة لكن لو روعى مع ذلك في بقية ما يكملها باحدى الروايات اجتناب ما تجتنبه الحائض و قضاء الصوم حذرا من مخالفة المشهور لكان احوط و حينئذ تتخيّر في وضع الثّلاثة حيث شاءت من ايّام الدّم او يتعيّن الاول كالقولين في العدد المروى و امّا الناسية للعدد فلا يبعد القول فيها ايضا بما ذكره المحقق من الاقتصار على الثلاثة الا ان يستلزم ما علمته زيادة عليها فتقتصر على القدر المتيقن منها كما لو علمت وسطه و انّه يومان فتقتصر على الاربعة او ذكرت اربعة او خمسة و لم تعلم زيادته عليها و لا عدمها فتقتصر على ما علمته و الحاصل انها تقتصر على المتيقن من الثلاثة او ما زاد عليها من غير وجوب الاكمال باحدى الروايات و تعمل في الباقى عمل المستحاضة لكن لو راعت الاحتياط في البقية المكملة لإحداها على ما ذكرنا لكان اولى ثمّ لو تعين وقت الثلاثة او ما زاد مما علمته كان علمت اوّل او آخره او وسطه و انه يوم او يومان فالامر واضح و امّا اذا لم يتعيّن كما لو علمت يوما او يومين انه من جملة حيضها و لم تعلم انه اوّله او آخره او وسطه فتتحيّر في وضع المكمل للثلاثة قبله او بعده او بالتفريق و كذا القول في المكمل لاحدى الرّوايات للاحتياط و اللّه يعلم

قوله و لا احتياط لها بالجمع بين التكليفات

اشارة الى ردّ ما ذهب اليه الشيخ في المبسوط من جمع النّاسية مطلقا بين تكليف الحائض و المستحاضة و غسل الحيض في كل وقت يمكن انقطاع الحيض فيه عملا بالاحتياط فالمتحيّرة و ناسية الوقت الذاكرة للعدد يجمع بين التكليفات في جميع ايّام الدّم و تغتسل للحيض بعد ثلاثة ايام في كلّ صلاة لاحتمال انقطاع الحيض عندها و تجتنب في الجميع ما يجتنب عنه الحائض و تفعل ما تفعله المستحاضة لعدم تعيّن وقت الحيض مع انه ادّعى في الخلاف اجماع الفرقة على الاخذ بالسّبعة هذا مع نسيان الوقت بالكلية و امّا مع تذكرة في الجملة كان تضلّ العدد في زمان يقصر نصفه عن العدد فحكمه حكم القسم الآتي فان الزائد من العدد على نصف الزّمان و ضعفه حيض بيقين و تجمع في الباقى الى العشرة بين التكليفات و الأغسال فافهم و امّا الذاكرة للوقت الناسية للعدد فما تيقن لها كونه من الحيض فتقتصر فيه على تكليف الحائض و تجمع فيما زاد عليه الى العشرة بين التكليفات فاذا علمت اوّله فالثلاثة حيض بيقين و تغتسل بعدها للحيض و كذا في وقت كلّ صلاة بعدها و تجمع بين التكليفات في السبعة بعدها و كذا اذا تيقّنت آخره فالثلاثة حيض بيقين و تجمع بين الوظيفتين في السّبعة قبلها لكن لا غسل للحيض في هذه الصّورة في السّبعة لعدم احتمال الانقطاع و ان علمت حيضها في يوم او يومين لكن لم تعلم كونه اوّله او آخره او وسطه جعلت ذلك اليوم او اليومين حيضا بيقين و لا تجعل ما قبله حيضا لجواز ان يكون ذلك اول الحيض و لا ما بعده لجواز ان يكون آخره فينبغى على مذهبه ان تجمع بين التكليفات بقيّة العشرة قبله و كذا بعده و قس على ما ذكرنا سائر الفروض و عليها و على المتحيّرة قضاء الصوم عشرة ايام و على الناسية للوقت خاصة قضاء العدد و وافقه على هذا القول العلّامة رحمه الله في بعض كتبه في غير المتحيرة هذا و

قوله عندنا

اى عند المشهورين من اصحابنا الذين حكموا في النّاسية بما فصّله او اراد عند اصحابنا كما هو الظاهر منه في كلامهم اشارة الى ان الجمع مذهب العامّة و لم يبال حينئذ بموافقة الشيخ لهم لندور قوله و استلزامه للحرج و العسر و هما منفيّان بالآى و الاخبار و غير مناسبين للشريعة السّمحة السّهلة كما ذكره المصنف في الذكرى لكنّه بمجرّد ذلك الحكم بما هو المشهور ايضا مع ضعف الرّوايات و عدم ظهور و حكم النّاسية منها مشكل جدّا و اللّه تعالى يعلم

قوله و ان جاز فعله

كانّه ينافى ظاهر حكمه بعده بتحريم الصّلاة على الحائض مطلقا اى بجميع اقسامها فلا تغفل

قوله لو علمت المضطربة حصول الحيض في الشّهر مرتين و لم يعلم الوقت و لا العدد او احدهما امّا لعدم الاستقرار او للنّسيان فلا تصريح للاصحاب فيه كما ذكره في شرح القواعد و الظاهر كما ذكر فيه جلوسها مرتين في الشهر على قياس ما فصّلوه مع رعاية اقلّ الطهر بينهما لكن الاكتفاء حينئذ في كلّ من المرتين بالمتيقّن من اقل الحيض او ما زاد اذا تيقّنه اقوى جدّا من الرّجوع الى احدى الروايات مرتين اذ الرّوايات على تقدير صحتها شمولها للمضطربة و لهذه الصّورة غير ظاهر و يحتمل بعيد الاكتفاء بالعمل باحدى الرّوايات مرّة نظرا الى اطلاق كلام الاصحاب و الروايات على ما فهموه و فيما يجمع فيه بين التكليفات على القول به لا يتفاوت الحكم في هذا الفرع الا في قضاء الصوم فالظاهر حينئذ قضاء عشرين يوما فتأمّل

قوله اى على الحائض مطلقا

نبّه

ص: 62

بالاطلاق على دفع توهّم رجوع الضّمير الى المضطربة او الّتى ترجع الى الرّوايات لقربهما ثمّ الظاهر ان الحائض انما يطلق عليها حقيقة عند عدم انقطاع دمها فبعد الانقطاع لا يطلق عليها حقيقة و ان لم تغتسل فلا يرد على ما اطلقه من تحريم وطئها جوازه بعد الانقطاع قبل الغسل على مختاره و كذا جواز الطلاق حينئذ و هذا لا ينافى تعلّق بعض الاحكام المذكورة بها قبل الغسل مطلقا فتأمّل

قوله و الفارق النص لا مشقتها الى آخره

ظاهره ان الحكمين غير معلّل بل مجرّد تعبّد و به صرّح في شرح الارشاد فانّه بعد ما ادّعى الاجماع قال و في عدّة من الاخبار تصريح بعدم تعليل ذلك و انّه محض تعبّد و في بعضها انّه دليل على بطلان القياس لان الصّلاة افضل من الصوم و روى الحسين بن راشد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام حيث سأله عن الوجه في ذلك فقال ان اول من قاس ابليس و قد تمحل للفرق بعضهم باشياء مدفوعة بما اوردناه انتهى و تبعه على ذلك صاحب المدارك فقال الحكم اجماعى منصوص في عدّة اخبار و الفارق النصّ و في بعض الاخبار تصريح بعدم التعليل و بطلان القياس انتهى و انت خبير بان هذا لا يتمطّى على قاعدة الحسن و القبح العقليّين كما هو الحق على ما حققناه في الاصول و ينبّه عليه ما تظافر من الأخبار في بيان العلل للشرائع و الاحكام من غير حوالة على التعبّد و امّا ما اشار اليه الشّارح من الاخبار هاهنا فلا يحضرنى الآن مأخذها حتى تنظر فيها سوى رواية الحسين بن راشد التى نقلها فانّها مذكورة في التهذيب و هى فيه هكذا قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الحائض تقضى الصّلاة قال لا قلت تقضى الصّوم قال نعم قلت من اين جاء هذا قال ان اوّل من قاس ابليس و يمكن حملها على انّ السّائل توهّم عدم صحة الفرق بناء على القياس فردّ عليه السّلام توهّمه بعدم صحة القياس و انّ اوّل من قاس ابليس لانّ احكام الشرع منوطة بعلل خفيّة لانتهى اليها انظارنا و حكم و مصالح تعجز عقولنا عن ادراكها و بمحض تساوى شيئين في نظرنا لا يمكن الحكم بتساويهما في الحكم بل لا يمكن ذلك و ان كان احدهما اولى به في ظاهر الاعتبار كما نحن فيه باعتبار افضلية الصّلاة اذ لعلّ بينهما فرقا من جهة لا يطلع عليها الّا علّام الغيوب لا ان الحكم بمحض التّعبد و ليس بمعلّل اصلا كما فهمه الشارح حتى ينافى ما ذكرناه من القاعدة و لعلّ عدم تعرّضه عليه السّلام لبيان الحكمة فيه للسّائل لعدم اقتضاء المقام له فاكتفى معه بالحكم الكلّى و ممّا يؤيّد ما ذكرنا ما ورد في بيان علّة الحكم فيه كما رواه الصّدوق رحمه الله في كتاب علل الشرائع عن ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام ما بال الحائض تقضى الصوم و لا تقضى الصّلاة قال لانّ الصوم انما هو في السّنة شهر و الصّلاة في كلّ يوم و ليلة خمس مرّات فاوجب اللّه قضاء الصوم و لم يوجب عليها قضاء الصّلاة لذلك و هذا امّا اشارة الى ما ذكره الشارح من المشقة او الى انّ الصّوم لما اختصّ وجوبه بشهر فالمناسب الحكم بقضائه لئلا يلزم بعدم القضاء ايضا الاجحاف به بخلاف الصّلاة فانّها وجبت كل يوم و ليلة فاذا سقط قضاؤهما في بعض الايّام لا يلزم الاجحاف بها و ما رواه ايضا فيه و في عيون الاخبار عن علىّ بن محمّد بن قتيبة النّيسابورى قال الفضل بن شاذان النّيسابورى انّه ان سئل سائل فقال اخبرني هل يجوز ان يكلف الحكيم عبده فعلا من الافاعيل لغير علّة و لا معنى قيل له لا يجوز ذلك لانه حكيم غير عابث و لا جاهل ثمّ سئل عن علل كثير من الاحكام و اجاب ببيانها و فيها فان قال فلم صارت اى الحائض تقضى الصيام لا الصلاة قيل لعلل شتّى فمنها ان الصّيام لا يمنعها من خدمة نفسها و خدمة زوجها و اصلاح بينها و القيام بامورها و الاشتغال بمرمّة معيشتها و الصّلاة تمنعها من ذلك كله لان الصّلاة قد تكون في اليوم و اللّيلة مرادا فلا تقوى على ذلك و الصّوم ليس كذلك و منها ان الصّلاة فيها عناء و تعب و اشتغال للاركان و ليس في الصوم شي ء من ذلك انما هو ترك الطّعام و الشراب و ليس فيه اشتغال الاركان و منها انه ليس من وقت يجي ء الا و يحدث عليها فيه صلاة جديدة في يومها و ليلتها و ليس العموم كذلك لانّه ليس كلّما حدث عليها يوم وجب عليها الصوم و كلما حدث وقت الصّلاة وجبت عليها الصّلاة و في آخر الرّواية قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل عن هذه العلل الّتى ذكرتها عن الاستنباط و الاستخراج او هى من نتائج العقل او هى مما سمعته و رويته فقال لى ما كنت اعلم مراد اللّه مما فرض و لا مراد رسوله صلّى اللّه عليه و آله بما شرع و سنّ و لا اعلّل من ذات نفسى قد سمعتها من مولاى ابى الحسن علىّ بن موسى

الرّضا عليه السّلام مرّة بعد مرة و الشي ء بعد الشي ء فجمعتها فقلت فاحدّث بها عنك عن الرّضا عليه السّلام فقال نعم ثمّ انه لا خلاف في سقوط قضاء اليومية و امّا الموقّتة غيرها عند اسباب عروضها في وقت الحيض كالكسوفين فاحتمل الشارح في شرح الإرشاد فيها وجهين و قال اقربهما السّقوط و في شرح عد حكم بان عدم وجوب قضاء الصّلاة الموقّتة موضع وفاق بين العلماء و به تواترت الاخبار ثمّ قال و لا فرق في الموقتة بين اليوميّة و غيرها كالآيات و قد صرّح به في البيان انتهى و كلامه كما ترى و بالجملة فالظاهر سقوط الموقتة مطه و لا حاجة الى استثناء صلاة الطّواف اذا عرض الحيض قبلها كما فعله المصنف رحمه الله في عد لعدم توقيتها ففعلها بعد الحيض ليس قضاء و كذا المنذورة نذرا مطلقا و كذا الزلزلة بناء على ما هو المشهور من ان وقتها تمام العمر سواء قيل بالتوسعة كما هو ظاهر العبارة او قيل بما ذكره المصنف في الذكرى من انّهم لم يريدوا به التّوسعة فان الظاهر كون الامر هنا للفور بل على معنى انها تفعل بنيّة الاداء و ان اخلّ بالفوريّة لعذر و غيره كالحجّ و قال في شرح عد الظاهر ان الزلزلة لا يجب تداركها كغيرها لأنّها موقّتة و هذا بناء على ما هو مذهبه من انّ وقتها عند حصولها لكن اذا لم يسع وقتها لذلك جاز توسيعه بادخال شي ء ممّا بعده فيه ليسع الجميع لها حذرا من التكليف بالمحال و امّا المنذورة في وقت معيّن اتفق الحيض فيه ففى وجوب قضائها قولان فعلى القول بوجوب القضاء يجب استثنائها فتأمّل

قوله و ان لم يشترط فيه

اى في الطّواف المندوب الطهارة على ما اشار اليه الشارح و المصنف في غير الكتاب و امّا الطّواف الواجب فكانه لا خلاف في اشتراط الطّهارة فيه و حمل الكلام على الفرض و التقدير بعيد جدّا فتأمّل

قوله لتحريم دخول المسجد

اى المسجد الحرام مطلقا اى و لو بالجواز بدون اللّبث و على هذا فلو كان دخوله ناسيا او للضّرورة لا يحكم بحرمة الطّواف و متى حرم الطواف فان طافت لا تعتدّ به بلا خلاف كما ادّعاه العلامة رحمه الله في هى

قوله و يكره حمله و لو بالعلامة

قال في شرح الارشاد بعد قول مصنّفه و يكره لها حمل المصحف بغير علامة اما بها فقد نصّ المصنف بنفى الكراهة فيه عن الجنب و لا فرق لكن ظاهر النصّ و الفتوى يتناولها انتهى و ما نقله عن العلّامة من نفى الكراهة عن حمله بالعلامة كانه اشارة الى ما ذكره في هى بعد حكمه اوّلا بكراهة حمل المصحف انه يجوز حمله بغلافه و اختلفوا

ص: 63

في تفسير الغلاف فقال بعض الحنيفيّة المراد به الجلد الذى عليه و قال آخرون منهم لو مسّه بالكمّ جاز و قال آخرون منهم الغلاف شي ء غير الجلد و الكمّ كالخريطة و غيرها لأن الجلد تبع للمصحف و الكمّ تبع للحامل و الاصحّ الاول انتهى و منه يظهر انّ مرادهم بالعلامة هو الغلاف ثمّ ما ذكره من اطلاق ظاهر النصّ فلم اقف على نصّ في كراهة حمل المصحف من عرفنا نعم روى العامة عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال لا يحمل القرآن و لا يمسّه الّا طاهر و لا يبعد ان يكون النص الذى ذكره اشارة اليه بناء على انهم يكتفون في الكراهة بامثال هذه النصوص و امّا رواية عبد الحميد عن ابى الحسن عليه السّلام قال المصحف لا تمسّه على غير طهر و لا جنبا و لا تمسّ خيطه و لا تعلّقه انّ اللّه يقول لا يمسّه الّا المطهّرون فلا يدلّ الا على المنع من التعليق على غير طهر لا مطلق الحمل الا ان يقال انّ الظاهر ان الاشتهار بالآية لجميع ما ذكر لا لخصوص مسّه و على هذا فينبغى ان يكون المراد من المسّ فيها ما يتناول مسّه و لو بوسط او وسائط و حينئذ فيشمل الحمل ايضا و لعلّ للحكم بالكراهة يكفى مثل هذا الاستدلال و قوله عليه السلام و لا تمسّ خيطه لعلّ المراد به الخيط الذى خيط به اوراقه للجمع و التّجليد او ما يتعارف تعليقه على الخريطة التى هى وعائه لشدها و في بعض نسخ التهذيب خطّه و في المعتبر بدل و لا تمسّ حائض و هو اظهر و لكن لم يذكر مأخذ الرواية من كتب الاخبار حتى نرجع اليه و امّا ما رواه في الكافى في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن داود بن فرقد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض قال نعم لا باس قال و قال و تقرؤه او تكتبه و لا تصيبه يدها و رواها في التهذيب ايضا في الصحيح عن داود عن رجل عنه ع لكن فيها بدل بدل لا تصيبه يدها لا تمسّه فلا ينافى ما ذكرنا باعتبار ان التعويذ فلمّا ينفكّ عن القرآن لاحتمال ان يختلف حكم الجملة و الابعاض على انه يمكن حمل نفى البأس على عدم الحرمة و يمكن الاستدلال للعلّامة رحمه الله بحسنة منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض قال نعم اذا كان في جلد او فضّة او قصبة حديد لكن على هذا كان عليه ترجيح المعنى الاخير للغلاف لا الاول و ايضا يرد عليه ما اشرنا اليه ان تجويز التعليق على هذا الوجه في التعويذ و ان اقلّ خلوّه عن القران لا يدل على تجويزه في جملة القرآن اذ يجوز ان يكون لجملة القرآن حرمة لا تكون لبعض الآيات هذا و المحقق رحمه الله في المعتبر بعد ما حكم بكراهة قراءة ما عدا العزائم و حمل المصحف للحائض و فصّل القول في القراءة قال و اما المصحف فان كان بعلاقة فاجماع الاصحاب على الكراهة و لا يخفى ان قول العلّامة يخالف ما ادعاه من الاجماع لكن عبارته كما ترى فانّ الشرط فيه ان كان باعتبار عدم الكراهة ايضا بغير العلاقة فهو ظاهر الفساد و ان كان باعتبار حرمته بدونها فلم يقولوا بحرمة المحمل بدونها ايضا و هو مع تفصيله للاقوال في هذه المباحث لم ينقل منهم قولا بحرمة الحمل اصلا الا ان يكون الحرمة بدون العلاقة قولا لبعض منهم غير معروف لم ينقله صريحا و يستفاد من بعض عبارات المنتهى نسبة القول بحرمة مسّ المصحف و حمله الى السّيد المرتضى لكن ليس فيما نقله من عبارته الّا حرمة المسّ و في المعتبر ايضا لم ينقل منه الّا ذلك و لا يبعد وقوع سهو في العبادة و كان الصحيح فان كان بغير علاقة و حينئذ يرتفع الاشكال بمخالفة قول العلامة لما ادّعاه من الاجماع ايضا فتأمّل

قوله كالجنب

لما لم يذكر المصنف هذا الحكم سابقا في الجنب استدركه هاهنا بتشبيهها به فافهم

قوله او حكمه

اى حكم الحضور و هو قربه منها بحيث يمكنه استعلام حالها او غيبته من دون ان يعلم انتقالها من الطّهر الذى فارقها فيه الى غيره بحسب عادتها الغالبة كذا في شرح الارشاد

قوله و كونها حائلا

فلو كانت حاملا جاز طلاقها مع الحيض على القول بجواز حيض الحامل

قوله عالما عامدا

فلو جهل الحيض و التحريم او نسيهما فلا شي ء عليه لوقع حكم الخطاء و النسيان كذا في شرح الارشاد و المراد بقوله او نسيهما ما يشمل نسيان احدهما و هو ظاهر

قوله لا وجوبا على الاقوى

اى الحكم بالوجوب بناءه على الاحتياط للقول به و شهرته بين قدماء الاصحاب حتى ادّعى في ف و الانتصار الاجماع لا وجوبا يحكم به لقوة دليله لضعف روايات الكفّارة و اصالة البراءة مع دلالة روايات على عدم وجوبها كصحيحة عيض بن القاسم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قلت فان فعل عليه كفّارة قال لا اعلم فيه شيئا يستغفر اللّه هذا مع اختلاف روايات الكفارة ففى بعضها اطلاق الدّينار و في بعضها اطلاق نصفه و في بعضها انه يتصدق على مسكين بقدر شبعه و في بعضها انّه يستغفر ربّه ثمّ بعد ما قال السّائل ان الناس يقولون عليه نصف دينار او دينار قال عليه السلام فيتصدّق على عشرة مساكين و في بعضها ما هو المشهور و ذكره المصنف و هو مرسلة داود بن فرقد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في كفارة الطّمث انه يتصدق اذا كان في اوّله بدينار و في وسطه نصف دينار و في آخره ربع دينار قلت فان لم يكن عنده ما يكفّر قال فليتصدّق على مسكين واحد و الّا استغفر اللّه و لا يعود فان الاستغفار توبة و كفارة لمن لم يجد السبيل الى شي ء من الكفارة و انت خبير بانّ مثل هذا الاختلاف ظاهر في الاستحباب هذا و لو تكرّر الوطى ففى تكرر الكفّارة مطه او عدمه مطه او تكرّرها مع اختلاف الزمان او سبق التكفير لا بدونهما اقران اختار اوّلها الشارح في شرح الارشاد و المصنف في المختصرين و ذهب ابن ادريس الثانى و قوّاه الشيخ في المبسوط فانه قال و اذا تكرّر منه الوطى فلا نصّ لأصحابنا فيه و عموم الاخبار يقتضى ان عليه بكل دفعة كفارة و ان قلنا انه لا تكرّر لانه لا دليل عليه و الاصل براءة الذّمة كان قويا انتهى و كلامه كما ترى و ذهب العلامة و المصنف في الذكرى الى الثالث و لما ضعف الدليل على الوجوب في الاصل كما اشرنا اليه ففيه بطريق اولى فتأمل

قوله اى مثقال ذهب خالص مضروب

اى المثقال الشرعى الذى قيمته عشرة دراهم جياد و اشتراط الضّرب بناء على ان الظاهر منه هو المضروب و قال في المنتهى لا فرق في الاخراج بين المضروب و التّبر لتناول الاسم لهما و هو ممنوع و في جواز اخراج القيمة نظر اقربه كما ذكر في هى عدم الاجزاء لانّ الكفارة قد تختصّ ببعض انواع المال و قطع في جملة من كتبه بعدم الاجزاء كما في سائر الكفارات و استحسنه صاحب المدارك

قوله و يختلف ذلك باختلاف العادة

هذا هو المشهور و ظاهر رواية ابن فرقد التى نقلنا و نقل عن سلّار انه قال الوسط ما بين الخمسة الى السبعة و عن الراوندى انه اعتبر ذلك بالنّسبة الى اكثر الحيض اعنى العشرة فعندهما قد يخلو بعض الافراد عن الوسط و الآخر و لا يظهر لهما مستند و لو تجاوز العادة و لم يتجاوز عن العشرة فالمعتبر ثلاث المجموع فملاك الامر ثلاث ما حكم بكونه حيضا شرعا مطلقا فافهم

قوله من غير استثناء للسّبع

المستثناة في الجنب لانتفاء النصّ المقتضى للتخصيص فيها كذا في شرح الشرائع و فيه تامّل فان هذا انما يتجه لو وجد دليل عام على الكراهة فيها اذ حينئذ استثناء السّبع يحتاج الى دليل و اذا اختصّ دليل الاستثناء بالجنب فيبقى الحكم في الحائض عامّا و ليس كذلك لانتفاء ما يدلّ على الكراهة بطريق الاطلاق

ص: 64

او التعميم بالنسبة الى الحائض و رواية سماعة التى هى الاصل في كراهة ما زاد على السّبع مختصّة بالجنب فتبقى الاخبار الصّحيحة المتضمّنة لإباحة قراءة الحائض ما شاءت سالمة عن المعارض كذا اورده في المدارك و هو متجه نظرا الى الروايات لكن المحقق رحمه الله في المعتبر قال و يكره لها قراءة ما عد العزائم و ذكر انّ ذلك مذهب علمائنا لا يختلفون فيه و انت خبير بان ظاهر اطلاقه عدم استثناء السّبع فتأمّل

قوله ممّا بين السّرة و الركبة

كراهة الاستمتاع من الحائض مما بين السّرة و الركبة هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن السّيد المرتضى رحمه الله انه قال بحرمته و الأقوى ما هو المشهور و امّا كراهة الاستمتاع بغير القبل مطلقا كما يظهر من عبارة المتن فلم ينقل من احد كما اشار اليه الشارح و لا وجه له فكأنّه ليس الّا مسامحة في العبارة

قوله و يستحبّ لها الجلوس في مصلّاها

المستند من الاخبار حسنة زيد الشحّام قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول ينبغى للحائض ان تتوضّأ عند وقت كل صلاة ثمّ تستقبل القبلة فتذكر اللّه عزّ و جلّ مقدار ما كانت تصلّى و حسنة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال اذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصّلاة و عليها ان تتوضّأ وضوء الصّلاة عند وقت كل صلاة ثمّ تقعد في موضع طاهر و تذكر اللّه عزّ و جلّ و تسبّحه و تحمّده و تهلّله كمقدار صلاتها ثمّ تفرغ لحاجتها و انت تعلم ان لفظة ينبغى ظاهرة في الاستحباب و عليها في الوجوب فذهب الاكثر الى الاول و نقل عن ابن بابويه القول بالثانى و الاقوى ما هو المشهور لأصالة البراءة ما لم يثبت خلافها و ثبوت ذلك بمجرّد لفظة عليها لا يخلو عن اشكال خصوصا مع معارضتها بما ذكرنا على ان الشيخ في الخلاف حكم بالاستحباب و ادّعى عليه اجماع الفرقة و اعلم انه ليس في الخبرين تعيين مصلّاها و الموضع الطّاهر في الخبر الثانى اعمّ منه و ليس في كلام جماعة من الاصحاب ايضا و انما ذكره الشيخان و تبعهما عليه جماعة فالظاهر عدم تعينه على انه يمكن حمل كلام من عيّنه على انه بناء على الغالب الشائع لا لاستحبابه بخصوصه لكن لو راعت ذلك تبعا لظاهر كلامهم خصوصا مع ما نقلنا من ف من دعوى الاجماع مع تعيين المصلّى في كلامه فيه ايضا لكان اولى و كان على المصنف و الشارح تعيين الوقت و هو وقت كلّ صلاة كما ورد في الخبرين و اتفق عليه الاصحاب و كانّ تركه وقع غفلة و ان كان فيما ذكره الشّارح من الوجه المام به فتدبّر

قوله دون الاستباحة

فلو نوت الاستباحة لغت و يحتمل بطلان الوضوء ايضا بناء على ان لكل امرء ما نوى و انّما الأعمال بالنّيات فاذا بطل ما نوته بطل العمل ايضا فتأمل

قوله لبقاء التّمرين على العبادة

كان غرضه بيان حكمة الحكم و الّا فالتعويل فيه على الاخبار فافهم

قوله و تترك ذات العادة المستقرة الى آخره

هذا اذا كانت في ايّام العادة و امّا اذا تقدمت عليها فهي كرؤية المبتدئة و المضطربة و لو رأته متأخّرا احتمل كونه كذلك استظهارا و للاختلاف و الحاقه برؤيته في العادة لانّ تاخّره يزيده انبعاثا هكذا ذكره الشارح في شرح الشّرائع قال صاحب المدارك و هو يقتضى ثبوت الاحتياط لذات العادة في اغلب الاحوال لندرة الاتفاق في الوقت و هو مع ما فيه من الحرج مخالف لظاهر الاخبار المستفيضة كما ستقف عليه انتهى و لا يخفى ان الايراد على ما قرّره انما يتوجّه على الاحتمال الأوّل فتأمّل ثمّ نقل عن الشيخ في المبسوط انه قال اذ استقرّت العادة ثمّ تقدّمها او تاخّر عنها الدّم بيوم او يومين الى العشرة حكم بانه حيض و ان زاد على العشرة فلا قال و هو غير بعيد الّا ان في التّحديد بالعشرة نظرا انتهى و المصنف رحمه الله ايضا في الذكرى نقل كلام الشيخ رحمه الله هاهنا من غير تعرّض لردّ و لا قبول و الظّاهر انه ليس مراد الشيخ رحمه الله ما فهماه من كلامه بل انه اذا تقدّم دمها على العادة او تاخّر عنها بيوم او يومين فالجميع اى العادة و ما تقدم عليها او تاخّر عنها حيض الى العشرة اى الى ان يتم مجموع العادة و الزائد عشرة فاذا زاد على ذلك فالحيض هو العادة فقط لان الحيض لا يزيد على عشرة و حينئذ فالتحديد الى العشرة في موقعه و لا ربط لكلامه بما نحن فيه ثمّ قال و يلوح من كلام المصنف رحمه الله في كتبه الثلاثة على عدم وجوب الاحتياط لذى العادة مطلقا و انت تعلم ان كلامه في الشرائع و ان كان ظاهره ذلك حيث قال و تصبر المرأة ذات عادة بان ترى الدّم دفعة ثمّ ينقطع اقلّ الطّهر فصاعدا ثمّ تراه ثانيا بتلك العدّة و هذا يشمل العادة الوقتية و العددية معا و العددية فقط ثمّ قال مسائل الأولى ذات العادة تترك الصّلاة و الصوم برؤية الدم اجماعا و ظاهره ترك ذات العادة مطلقا برؤية الدّم مطلقا و دعوى الاجماع عليه لكن كلامه في المعتبر ليس كذلك فانه قال و تترك ذات العادة الصّلاة و الصوم برؤية الدم في اوّلها و هو مذهب اهل العلم لان المعتاد كالمتيقن و لما رواه محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ترى الصّفرة في ايامها قال لا تصلّى حتى تنقضى ايّامها و لما رواه يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا رأت المرأة الدم في ايّام حيضها ترك الصّلاة فقد خص فيه تركها للعبادة برؤية الدم في ايامها كما نقلنا عن الشارح فيجب حمل كلامه في الشرائع على وفقه كيف و دعوى الاجماع في ترك ذات العادة العددية برؤية الدم كما هو ظاهر اطلاق الشرائع مما لا يكاد يصح ثمّ قال و الاظهر ان ما تجده المعتادة في ايام العادة يحكم بكونه حيضا مطلقا لصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن المرأة ترى الصفرة في ايامها قال لا تصلى حتى تنقضى ايّامها فان رأت الصّفرة في غير ايّامها توضّأت و صلّت و كذا المتقدم و المتاخر مع كونه بصفة الحيض لعموم قوله عليه السّلام في حسنة حفص بن البخترى فاذا كان للدّم دفع و حرارة و سواد فلتدع الصّلاة و تشهد له ايضا صحيحة العيص بن القاسم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة ذهب طمثها سنين ثمّ عاد اليها قال تترك الصّلاة حتّى تطهر و موثقة سماعة قال سألته عن المرأة ترى الدّم قبل وقت حيضها قال فلتدع الصّلاة فانه ربما تعجل بها الوقت و رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في المرأة ترى الصّفرة فقال ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و ان كان بعد الحيض بيومين فهو من الحيض انتهى و لا يخفى ما في استشهاده بالرواية الاخيرة امّا اوّلا فلانها في الصّفرة و هو رحمه الله قد اشترط في كون المتقدّم و المتاخّر حيضا كونه بصفة الحيض و امّا ثانيا فلانّه ليس في الرّواية ان ما كان قبل ايّام الحيض بيومين و يمكن ان يكون المراد بالحيض الحيض التى تراه في ايّام العادة و حينئذ فالحكم بكونه حيضا انما يمكن بعد مجي ء حيضه في ايام العادة فلا يدل على جواز ترك العبادة بمجرّد رؤيته اذ لعلّها لا يجي ء حيضها في ايام العادة فلا يعلم كونه حيضا ثمّ في آخر الرواية على ما نقله سهو فان اخرها على ما في الكافى و التهذيب و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض لا فهو من الحيض كما

نقله على ما رايناه من نسخ المدارك لكن ما نقله كانه اوفق بقواعدهم و اما على ما في الكافي و التهذيب فيشكل بان المشهور بين الاصحاب على ما يفهم من كلمات الشارح رحمه الله ان المتقدم و المتاخّر كليهما و ان كان صفرة اذا لم يتجاوز مع ما تراه في ايام العادة عن العشرة حيض و مع التّجاوز لا يكون شي ء منهما حيضا فلا فرق بين المتقدم و المتاخّر و حمل الاول على عدم التجاوز و الثانى على التجاوز كما ترى لكن لو لم يثبت اجماع على ما ذكروه فلا يبعد العمل بالرّواية و الحكم بكون الصّفرة قبل الحيض حيضا لا بعده و ان لم يتجاوز العشرة بورود ذلك في روايات اخرى ايضا كرواية علىّ بن ابى حمزة قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام و انا حاضر عن المرأة ترى الصّفرة فقال ما كان قبل الحيض فهو من الحيض و ما كان بعد الحيض فليس

ص: 65

منه و رواية اسماعيل الجعفى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا رأت المرأة الصّفرة قبل انقضاء ايّام عادتها لم تصلّ و ان كانت صفرة بعد انقضاء ايّام قرئها صلّت و رواية معاوية بن حكيم قال الصّفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و بعد ايّام الحيض ليس من الحيض و في ايّام الحيض حيض و مرسلة يونس عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و قال و كلّما رأت المرأة في ايّام حيضها من صفرة او حمرة فهو من الحيض و كلّما رأته بعد ايّام حيضها فليس من الحيض و هذه الرّوايات و ان كانت ضعيفة لكن الحكم بان كل ما امكن ان يكون حيضا فهو حيض ايضا ليس عليه دليل صالح الا ان يكون اجماعا و الاجماع بل الشهرة ايضا في الصّفرة غير ظاهر هذا مع انّ ظاهر رواية محمد بن مسلم التى نقلها السّيد رحمه الله اوّلا ايضا يعاضد تلك الرّوايات في الجزء الاخير و هى ان لم تكن صحيحة على ما حكم به السّيد فلم تقصر عنها فتدبّر و يدل ايضا على ما جعله السّيد اظهر مضافا الى ما نقله من الرّوايات الاولة موثقة اسحاق بن حريز عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها قالت له انّ ايام حيضها تختلف عليها و كان يتقدم الحيض اليوم و اليومين و الثلاثة و يتاخّر مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حارّ تجد له حرقة و دم الاستحاضة دم فاسد بارد و يدلّ ايضا في خصوص التقدم صحيحة حسين بن نعيم الصحاف عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و اذا رأت الحامل الدّم قبل الوقت الذى كانت ترى فيه الدم بقليل او في الوقت من ذلك الشهر فانه من الحيضة فلتمسك عن الصّلاة الحديث لكن قيّد فيها بالقليل فالحكم في المتقدم بقليل قوىّ جدّا لصحة الرواية و صراحتها فتأمّل

قوله العبادة المشروطة بالطّهارة

و امّا سائر الاحكام كحرمة الوطى فيتعلق بها بطريق اولى و التخصيص بترك العبادة كانه باعتبار انّ الحكم بالاحتياط في الصّبر ثلاثة ايّام في غيرها انما يتوجّه في ترك العبادة اذ الاحتياط في غير العبادة تركه بمجرّد الرّواية كما هو الاقوى فافهم

قوله فهي كالمضطربة في ذلك الى آخره

هذا كلامه الذى ذكرنا سابقا انّه يرشدك الى ان مراده سابقا بقوله و الاقوى انّها كالاولى ان الاقوى ذلك باعتبار كونه اقوى في المضطربة ايضا لا ان الاقوى فيها ذلك و ان لم نحكم بذلك في المضطربة لعدم ظهور وجه له و وجه الارشاد ظاهر

قوله و الاقوى جواز تركهما ايضا برؤيته

للعمومات الدالة عليه كصحيحة منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اى ساعة رأت الدّم فهي تفطر الصّائمة اذا طمثت الحديث و موثقة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام و فيها و في المرأة ترى الدّم من اوّل النهار في شهر رمضان ا تفطر ام تصوم قال تفطر انما فطرها من الدّم و اجاب المحقق في المعتبر بان الحكم بالافطار عند الدم مطلقا غير مراد فيصرف الى المعهود و هو دم الحيض و لا يحكم بانه حيض الا اذا كان في العادة فيحمل على ذلك و امّا الاخبار التى تضمّنت ذكر الطّمث فلا يتناول موضع النزاع لانّا لا نحكم بانه طمث الا اذا كان في زمان العادة او باستمراره ثلاثة بلياليها انتهى و ما ذكره متّجه سيّما ما اورده على الاستدلال باخبار الطمث و يمكن الاستدلال ايضا في خصوص المبتدئة بما سبق من موثقة عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال المرأة اذا رأت الدّم اوّل حيضها و استمر الدم تركت الصّلاة عشرة ايّام ثمّ تصلّى عشرين يوما و لا يتوجه عليه ما اورده المحقق على الاستدلال برواية محمد بن مسلم كما لا يخفى و قال صاحب المدارك انّ موضع الخلاف ما اذا كان المرئى بصفة دم الحيض كما صرّح به العلّامة في المختلف و غيره انتهى و لم اجد في المختلف تصريحا بما ذكره نعم ربما يستنبط ذلك من انه اختار الترك بمجرّد الرّؤية كما هو مذهب الشيخ و استدل برواية معاوية بن عمّار و حفص بن البخترى الدالتين على اوصاف الحيض و وجّه الاستدلال بانه عليه السّلام وصف الحيض بما ذكر ليعلم به الحيض عن غيره و يحكم فيما اتّصف به بأنّه حيض و قد بيّنا تحريم الصّلاة و الصوم على الحائض فانّ هذا الاستدلال انما يتوجّه اذا اعتبر كون المرئى بصفة الحيض لكن المصنف رحمه الله في الذكرى ردّ عليه و قال ظاهر الخبرين في المستحاضة مع الاشتباه سلّمنا لكن الدليل اخصّ من الدّعوى فانه ان سلّم كان المصير الى الحيض اذا حصل الشرط و المدّعى اعمّ منه و لا يخفى ان هذا الكلام من المصنف صريح في خلاف ما ذكره صاحب المدارك و مع تصريح المصنف بذلك لا عبرة بما ذكر من الاستنباط لجواز الغفلة اذ يكون بناء استدلاله على عدم القول بالفصل و كلام المحقق رحمه الله في المعتبر ايضا ينادى بخلافه حيث اختار مذهب المرتضى ان المبتدأة لا تترك الصّلاة حتى يستمرّ لها ثلاثة ايّام و استدل عليه بان مقتضى الدليل لزوم العبادة حتى يتيقّن للسّقط و لا يقين قبل استمراره ثلاثة قال و لو قيل لو لزم ما ذكرته قبل ثلاثة لزم بعده لجواز ان ترى ما هو اسود و يتجاوز فيكون هو حيضا الّا الثلاثة قلت الفرق ان اليوم و اليومين ليس حيضا حتى تستكمل الثلاثة و الاصل بدم التتمّة و امّا اذ استمر ثلثا فقد كمل ما يصلح ان يكون حيضا و لا يبطل هذا الا مع التجاوز و الاصل عدمه حتى يتحقق انتهى و لا خفاء في دلالة ما اورده من السّؤال على ما ذكرنا و العجب من صاحب المدارك انه نقل هذا الكلام من المحقق و حكم بانّه جيّد الا انّ اصالة العدم لا يكفى في حصول اليقين الذى اعتبره سابقا و لم يتفطّن بمخالفته لما حقّقه هو من موضع الخلاف فافهم و بما تلونا عليك من دلائل الطّرفين ظهر انّ القول بترك العبادة بمجرّد الرؤية ممّا لا قوّة له خصوصا اذا لم يكن بصفة الحيض و القائلون به ايضا لم يصرّحوا بوجوب التّرك بل الشيخ في المبسوط حكم بانه ينبغى تركها و ظاهر كلام بعضهم كالشّارح رحمه الله هاهنا مجرّد جوازه و على هذا فالاحوط الصّبر ثلاثة ايّام هذا و قد اورد على من حكم بقوّة قول الشّيخ مع كون الصّبر احوط كما ذكر هاهنا في عد و كرى ان قوّة قول الشيخ انما يكون بقوّة الحكم بكون الدم المذكور حيضا و حينئذ يكون العبادة مظنونة الحرمة اذ لا ريب في حرمتها على الحائض و اذا كانت مظنونة الحرمة فكيف يكون فعلها احوط و يمكن دفعه بان حرمة العبادة على الحائض انما هى مع علمها بالحيض فمع الظن لا تكون العبادة مظنونة الحرمة بل انما المظنون وصف لو حصل العلم به كانت العبادة محرّمة و اين هذا من ذلك لكن الحقّ ان دلائل قول الشيخ لو تمّت لدلّت على وجوب ترك العبادة لا جوازه فالحكم بالجواز و كون الصّبر احوط ممّا لا وجه له و كان نظرهم الى انّ ظاهر الدلائل المذكورة و ان كان هو وجوب التّرك بمجرد

الرؤية لكن الجرأة على ترك العبادة بمجرّد هذا الظنّ لا يخلو عن اشكال فالصّبر احوط بناء على انّ به تحصيل البراءة من العبادات بيقين و اذا كان الغرض ذلك فكان احتمال الاتيان بعبادة محرّمة اهون من احتمال ترك الفرائض و ان كان الاوّل راجحا و الثّانى مرجوحا و اللّه تعالى يعلم

قوله و هو

اى كون الاقوى جواز تركهما مطلقا اختاره في الذكرى فانه قال و لا ريب في قوّة قول الشّيخ و ان كان الاستظهار احوط

قوله على الجواز مع ظنّه خاصّة

لكن

ص: 66

بالمضطربة و هذه عبارته في الدّروس و المبتدئة و المضطربة تمضى ثلاثة على الاقرب الّا ان تظنّ المضطربة الحيض فتعمل عليه و وجه التخصيص غير ظاهر الّا ان يكون باعتبار بعد حصول الظنّ بذلك في المبتدئة بخلاف المضطربة بناء على ان يكون مراده بالظن الزّائد على الظّن الحاصل بسبب وجود الاوصاف و الّا فلا بعد في حصول ذلك في المبتدأة ايضا فافهم

قوله خلافا للصدوق رحمه الله حيث حرّمه

قد اشتهر نقل هذا القول عن الصّدوق رحمه الله و مأخذه كما صرّح به في المعتبر انّه قال في كتابه و لا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لقوله تعالى وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰى يَطْهُرْنَ يعنى بذلك الغسل من الحيض و لا يخفى انّ مثل هذه العبارة و ان وقع في الفقيه لكن فيه بعده فان كان الرّجل شبقا و قد طهرت المرأة و اراد زوجها ان يجامعها قبل الغسل امرها ان تغسل فرجها ثمّ يجامعها انتهى و هو صريح في ان مذهبه ليس حرمة الوطى قبل الغسل مطلقا لتصريحه بالجواز مع الشّبق فيحتمل ان يكون مذهبه بعد الانقطاع و قبل الغسل التفصيل بالشّبق و عدمه او الجواز مطلقا كما هو المشهور و يكون اشتراط الشبق باعتبار انّ بدونه لا يقدم احد عليه لتنفّر الطّبع عنه مع كراهته شرعا و على الوجهين فلا بدّ من ارتكاب تخصيص في كلامه الاول فتأمّل

قوله و الآية ظاهرة في التحريم

اى على قراءة التشديد لدلالة الغاية منطوقا و الشّرط مفهوما و امّا على قراءة التخفيف فلا تدل الّا على الحرمة قبل الانقطاع لسقوط دلالة الاوّل و هو ظاهر و كذا الثّانى لانه معارض حينئذ بمفهوم الاوّل و مفهوم الغاية لو لم يكن اقوى من مفهوم الشرط كما ذكره الاصوليون فليس باضعف منه و لو قيل على الاستدلال بالآية حينئذ ان يتعارض القراءتين تسقط دلالتها نقول انّ دلالة قراءة التشديد على التحريم قبل الغسل دلالة منطوق و دلالة قراءة التخفيف على عدمه دلالة مفهوم و مع ذلك معارض بالمفهوم الآخر فلا يصلح معارضا للمنطوق على انّه يمكن الجمع بحمل الطّهر على التطهّر قال في القاموس طهرت انقطع دمها و اغتسلت من الحيض و نحوه كتطهّرت

قوله قابلة للتّأويل

امّا بحمل النهى على ما يعم الكراهة و الشّرط على الاستحباب او بحمل التطهّر في الموضعين على الطّهر لانّ التفعل قد يجي ء بمعنى الفعل كقولهم تبيّن و تبسم و تطعم بمعنى بان و بسم و طعم قيل و من هذا القبيل المتكبّر في اسماء اللّه تعالى بمعنى الكبير او على التطهّر من الدم بغسل الفرج لو قيل باشتراطه في حل الوطى كما هو ظاهر ما نقلناه عن الفقيه و كذا عبارة المفيد في المقنعة و ان كان خلاف مذهب الاكثر حيث لم يشترطوه و لا يخفى ان التاويل في قراءة التّخفيف على ما ذكرنا من جانب الصدوق و ان كان ارجح باعتبار انّه في لفظ واحد بخلاف التّأويل على قراءة التشديد اذ لا بدّ من ارتكابه في الموضعين لكن الثانى ارجح لاعتضاده باصالة البراءة و بالشهرة بين الاصحاب و بان به يمكن الجمع بين الاخبار بخلاف ذلك على الوجه الاوّل اذ حينئذ يلزم طرح اخبار الجواز مع صحة بعضها و عدم وجود الصّحيح في اخبار المنع و امّا ما ذكره الشارح في شرح الارشاد من قوّة ما ذهب اليه الصّدوق لدلالة ظاهر الآية عليه و ورود الاخبار الصحيحة به و ان عارضها ما لا يساريها فهو رحمه الله اعلم به هذا كله مع عدم ظهور قائل بالمنع مطلقا لانه انما نسب الى الصدوق و قد عرفت انه خلاف صريح كلامه في الفقيه فتأمّل

قوله تمكنت من فعلها

اى من فعلها بتمامها و هذا هو المشهور و نقل عليه في ف الاجماع و نقل عن المبسوط المرتضى و ابن بابويه و ابن الجنيد اعتبار التمكّن من فعل اكثرها و الرّوايات التى استدلّوا بها على المشهور منها حسنة ابى عبيدة بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و اذا طهرت في وقت فاخّرت الصّلاة حتّى يدخل وقت صلاة اخرى ثمّ رأت دما كان عليها قضاء تلك الصّلاة التى فرّطت فيها و موثقة فضل بن يونس عن ابى الحسن الاوّل عليه السّلام و فيها قال و اذا رأت المرأة الدّم بعد ما يمضى من زوال الشّمس اربعة اقدام فلتمسك عن الصّلاة فاذا طهرت من الدّم فلتقض الظّهر لان وقت الظهر دخل عليها و هى طاهر و خرج عنها وقت الظهر و هى طاهر فضيّعت صلاة الظّهر فوجب عليها قضاءها و هاتان الرّوايتان انما تدلّان على وجوب القضاء اذا كانت طاهرا في تمام الوقت و اخّرت لكن الوقت في الأولى مطلق و في الثّانية مفسّر باربعة اقدام و لا دلالة لهما على وجوب القضاء بمجرّد التمكّن من فعلها كما هو المشهور و ذكر العلّامة رحمه الله في هى انهما من حيث المنطوق دلّا على وجوب القضاء مع الخروج بالكلّية و من حيث المفهوم على الوجوب مع خروج وقت الامكان لان الثانى رتب الحكم فيه على الضّياع و الأول على التفريط و ذلك يتحقق في صورة النّزاع و فيه تامّل فان تحقق التفريط و الضّياع بمجرّد ترك الصّلاة في اوّل الوقت الامكان مع توسعة للوقت غير معلوم بل ظاهر الخبر انما يترتب على تركها الى ان يخرج الوقت بالكلية فافهم و منها موثقة يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال في امراة اذا دخل وقت الصّلاة و هى طاهر فاخّرت الصّلاة حتى حاضت قال تقضى اذا طهرت و رواية عبد الرّحمن بن الحجّاج قال سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشمس و لم تصلّ الظّهر هل عليها قضاء تلك الصّلاة قال نعم و هاتان الرّوايتان مطلقتان في وجوب القضاء اذا طمثت بعد ما دخل الوقت فاخّرت الصّلاة حتى حاضت من غير تقييد بالتمكّن من ادائها بتمامها مع الشّرائط كما هو المشهور لكن وجوب القضاء مع التمكن من فعلها بتمامها مع الشرائط كانّه ممّا لا خلاف فيه فيجب الحكم به و ان كان الحيض في اثناء الوقت و امّا بدونه فليس على وجوب القضاء فيه دليل صالح و مجرد اطلاق الروايتين لا يصلح دليلا مع عدم صحة سندهما لمنع ما هو المشهور و يمكن تأييده ايضا بموثقة سماعة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن امراة صلّت من الظهر ركعتين ثمّ انها طمثت و هى جالسة فقال تقوم من مسجدها و لا تقضى تلك الركعتين و امّا اعتبار الاكثر في وجوب القضاء فلا يظهر له مستند و في رواية ابى الورد عن ابى جعفر عليه السّلام ان المرأة التى تكون في صلاة الظّهر و قد صلّت ركعتين ثمّ ترى الدّم تقوم من مسجدها و لا تقضى الركعتين و ان رأت الدّم و هى في صلاة المغرب و قد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها فاذا طهرت فلتقض الركعة الّتى فاتتها من المغرب و بمضمونها افتى الصّدوق في الفقيه و ربما يمكن تنزيلها على اعتبار الاكثر و حمل قضاء الركعة على قضاء كلّ الصّلاة و الجزء الاوّل منها يوافق موثقة سماعة و يمكن تأييد المشهور به ايضا لكنّها ضعيفة بجهالة الرّاوى فتأمّل

قوله طاهرة

متعلقة بالفعلين اى تمكنت منهما طاهرة قبل مجي ء حيضها

قوله او فعل ركعة

هذا حكم من طهرت في اثناء الوقت و تخصيص الطهارة بالذكر هنا من بين الشرائط للعلم بانتفائها هنا بخلاف باق الشرائط و بخلاف المسألة السّابقة

ص: 67

فافهم هذا و انما يتحقق الركعة برفع الرأس من السّجدة الثانية كما صرّح به في التذكرة او بتمام ذكرها كما هو ظاهر كلام الشّارح في بحث الشكّ و احتمل المصنف في الذكرى الاجتزاء بالركوع لتسمية لغة و عرفا و لانه المعظم و استبعده صاحب المدارك ثمّ ان حكم المسألة على ما ذكر هو المشهور بين الاصحاب و بناءه على ان بادراك الركعة تدرك الصّلاة و لا خلاف فيه بين اهل العلم كما ادّعاه العلّامة رحمه الله في هى و يدلّ عليه الاخبار ايضا من العامّة و الخاصّة و ان كانت غير نقيّة السّند و اذا امكنها ادراك الصّلاة فلا ريب في وجوبها عليها للعمومات و كذا في وجوب القضاء اذا فاتتها للعمومات ايضا ثمّ ان على المشهور من تقسيم الاوقات الى وقت الفضيلة و الاجزاء فالمعتبر هو وقت الاجزاء قطعا و امّا على ما فعله الشّيخ و من وافقه من تقسيمها للمختارين و ذوى الاعذار و المضطرّين فالظاهر ايضا اعتبار الوقت الثانى لان الحيض ايضا من الاعذار كما صرّح به الشيخ في المبسوط فاذا طهرت في الوقت الثانى بقي الوقت لها فيجب عليها الاداء و مع فواتها القضاء و يحتمل ان يقال ان الوقت الثانى انما هو لمن كلّف بالصّلاة في الوقت الاول و كان له عذر و تعذّر او تعسر معه اقامتها فرخّص لهما التأخير الى الوقت الثانى فمن لم يكلّف بها في الوقت الاوّل اصلا حتى خرج الوقت فلا يجب عليه في الوقت الثانى ادائها و لا قضائها مع فواتها هذا و قد اختلف الاخبار في هذا الباب فمنها ما يدل على كفاية الطهر في الوقت الثانى كرواية عبيد اللّه الحلبى و سندها موثّق حسن عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و فيها و عن ابيه قال كانت المرأة من اهله تطهر من حيضها فتغتسل حين يقول القائل قد كادت الشّمس تصفر بقدر ما انّك لو رأيت انسانا يصلّى العصر تلك السّاعة قلت قد افرط فكان يأمرها ان تصلّى العصر و موثقة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا طهرت المرأة قبل غروب الشّمس فلتصلّ الظهر و العصر و ان طهرت من آخر اللّيل فلتصلّ المغرب و العشاء و رواية ابى الصّباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب و العشاء و ان طهرت قبل ان تغيب الشّمس صلّت الظهر و العصر و مثلهما روايتا داود الزّجاجى و عمر بن حنظلة و لا يخفى ان هذه الاخبار تدلّ على وجوب الصّلاتين بالطهر قبل المغرب او الفجر و ليس فيها تقييد بما ذكروه في المشهور من ادراك الركعة و ايضا تدل على امتداد وقت العشاءين الى الفجر الّا ان يقال ان القضاء لا يجب ان يكون على وفق الاداء فتدبّر و منها موثقة فضل بن يونس قال سألت ابا الحسن الاوّل عليه السّلام قلت المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصّلاة فقال اذا رأت الطّهر بعد ما يمضى من زوال الشّمس اربعة اقدام فلا تصلّى الّا العصر لانّ وقت الظهر قد دخل عليها و هى في الدّم و خرج عنها الوقت و هى في الدّم فلم يجب عليها ان تصلّى الظّهر و ما طرح اللّه عنها من الصّلاة و هى في الدّم اكثر و هذه الرّواية تدلّ على اعتبار الوقت الاول كما ذكرنا في الاحتمال الثانى على رأى الشيخ و من وافقه و منها رواية منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا طهرت الحائض قبل العصر صلّت الظّهر و العصر و ان طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر قوله عليه السّلام قبل العصر اى قبل آخر وقت العصر بقرينة مقابلة و حينئذ فيوافق ما هو المشهور او المراد قبل دخول وقت العصر اى قبل ان ينقضى اربعة اقدام و اقحام الآخر في قوله عليه السّلام في آخر وقت العصر يمكن ان يكون للاشارة الى انه يكفى طهرها و لو في آخر الوقت كما ان في التعبير عن وقت الظّهر يقبل العصر ايضا اشارة اليه و على هذا فيوافق موثقة فضل بن يونس و منها صحيحة معمر بن يحيى قال سألت ابا جعفر عليه السّلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلّى الاولى قال لا انما تصلّى الصّلاة التى تطهر عندها و ظاهرها موافق لرواية فضل بن يونس و يمكن حمل قوله عليه السّلام عند العصر على معنى عند آخر وقت العصر فيوافق المشهور و مثلها موثقة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السّلام قال قلت المرأة ترى الطّهر عند الظهر فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر قال تصلى

العصر وحدها فان ضيّعت فعليها صلاتان فان ظاهرها ايضا على وفق موثقة فضل و يمكن حمل وقت العصر على الوقت المختصّ بالعصر اى بقدر اربع ركعات فيوافق المشهور و مثلها حسنة ابى عبيدة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا رأت المرأة الطّهر و هى في وقت الصّلاة ثمّ اخّرت الغسل حتى يدخل وقت صلاة اخرى كان عليها قضاء تلك الصّلاة التى فرّطت فيها و صحيحة عبيد بن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال ايّما امرأة رأت الطهر و هى قادرة على ان تغتسل وقت صلاة ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلاة اخرى كان عليها قضاء الصّلاة التى فرّطت فيها و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب الذى اعوّل عليه في الجمع بينها ان المرأة اذا طهرت بعد زوال الشّمس الى ان يمضى منه اربعة اقدام فانه يجب عليها قضاء الظهر و العصر معا و اذا طهرت بعد ان يمضى اربعة اقدام فانه يجب عليها قضاء العصر لا غير و يستحبّ عليها قضاء الظهر اذا كان طهرها الى مغيب الشّمس و لا يخفى ان الجمع بين الاخبار بهذا الوجه لا يخلو عن وجه و امّا ما ذكره رحمه الله في المبسوط من انه ان طهرت بعد زوال الشّمس الى بعد دخول وقت العصر قضت الصّلاتين وجوبا معا و يستحبّ لها قضائهما اذا طهرت قبل مغيب الشمس مقدار ما تصلّى خمس ركعات و اذا طهرت بعد مغيب الشمس الى نصف اللّيل لزمها قضاء العشاءين و يستحبّ لها ايضا قضائهما اذا طهرت قبل الفجر بمقدار ما تصلّى خمس ركعات و مثله في ية ايضا لكن لم يقيّد فيها الاستحباب في الصورتين بادراك خمس ركعات بل اطلق في الاولى و استحباب قضائهما اذا طهرت قبل مغيب الشمس و في الثانية اذا طهرت قبل الفجر ففيه تامّل لانه ان كان بناءه على ما ذكرنا من الاحتمال الثانى على مذهبه في تقسيم الاوقات فلا تستقيم ما ذكره في العشاءين لانّ الوقت الاختيارى لهما عنده لا يمتد الى النّصف بل عنده الوقت الاختيارى للمغرب الى سقوط الشّفق و الاضطرارى الى ربع الليل و الاختيارى للعشاء الى ثلث الليل و الاضطرارى الى نصفها فلا وجه للحكم بوجوب قضائها اذا طهرت الى نصف الليل و ان كان بناؤه على الجمع بين الاخبار فاخبار اعتبار الطهر قبل الفجر فيهما لا معارض لهما صريحا حتى يجب حملهما على الاستحباب غاية الامر انه اذا ثبت فيهما ايضا وقتان كالظهرين فيستفاد من اطلاق بعض تلك الاخبار او عمومها خصوصا مع قرينة ما ورد في الظهرين انه اذا لم تطهر حتى دخل الوقت الثّانى فلا قضاء و اذا لم تتطهر الى آخر وقت الثانى فلا قضاء للاولى و اذا انتهى وقت الثانية و لم يبق منه شي ء اصلا فلا قضاء للثانية ايضا و حينئذ فيجب ان يبنى الحكم فيهما على تحقيق وقتهما و رعاية الوقت الأول او الثّانى في كل منهما و حمل القضاء بعده على الاستحباب فمن رأى امتداد الوقت الاول و الثّانى للعشاء الى نصف الليل و للمغرب الى ان يبقى

ص: 68

منه مقدار ان تصلّى اربع ركعات فليعتبر ذلك و من اعتبر الرّبع او الثّلث كما هو مذهب الشيخ فليعتبر ذلك فاعتبار النّصف على مذهبه فيهما ممّا لا وجه له لانّ وقت المغرب عنده لا يمتد الى النّصف لا اختياريّة و لا اضطراريّة فتدبّر

قوله بعده

اى بعد الحيض فاذا تمكّنت من اداء ركعة قبل الغروب وجب عليه العصر و مع اهمالها القضاء و اذا تمكّنت من اداء خمس وجب اداء الظّهرين و مع اهمالهما قضاؤهما و كذا في العشاءين قبل نصف اللّيل على مختار المصنف رحمه الله و لا يكفى فيهما التمكن من اداء اربع كما يتوهم ظاهر الانّ الوقت بقدر الاربع مخصوص بالعشاء فلا يتمكن من اداء شي ء من المغرب في وقته و امّا ما ذكره مه في هى من انه اذا طهرت قبل الغروب بمقدار خمس فقد بيّنا انه يجب الفرضان و هل الاربع للظهر او العصر فيه احتمال و تظهر الفائدة لو ادركت قبل الانتصاف مقدار اربع ركعات فان قلنا الاربعة للظهر وجب هذا الفرضان و ان قلنا للعصر وجب العشاء خاصّة و الروايات تدلّ على الثانى ففيه تامّل اذ على القول باختصاص الوقت بمقدار اربع ركعات بالاخيرة كما هو المشهور يختصّ مقدار الاربع بها الّا اذا ادرك ركعة من الظهر في وقتها اذ حينئذ على القول بكون الأربع للظهر على ما اشار اليه من الاحتمال يتّسع وقت الظّهر و يصير مقدار الثلاثة ايضا لها و يختصّ العصر بمقدار ركعة و على الآخر بكون الأربع للعصر كما كان و لكن زاحمها الظهر في قدر ثلث كما يزاحم العصر المغرب بثلث لو ادرك من وقتها مقدار ركعة و هذا ينسحب في العشاءين ايضا على تقدير ادراك ركعة من المغرب في الوقت بان بقي الى النصف مقدار خمس ركعات و امّا اذا بقي مقدار اربع ركعات فلا يبقى من وقت المغرب شي ء اصلا فيختصّ الوقت بالعشاء و لا يتغيّر وقت المغرب و لا يتوسّع على القولين و امّا على القول باشتراك تمام الوقت بين الفرضين فلا خلاف ايضا في وجوب اداء الفريضة في الآخر اذا بقي بقدرها لكن يجب على هذا القول قضاء الاولى ايضا و يستوى فيه الظّهران و العشاءان كما صرّح به العلّامة نفسه ايضا في هى و لا يتغيّر هذا الحكم ايضا بالخلاف في كون الاربع للظّهر او العصر في الصّورة المذكورة اذ الاربع وقت لهما على هذا القول مطلقا لكن اذا بقي الوقت للاولى مقدار ركعة يجب تقديم الاولى و اخراج العصر من وقته بقدر ثلث و اذا لم يبق يجب الاتيان بالعصر في وقته و قضاء الظهر و مثله الحكم في العشاءين على تقدير بقاء مقدار الخمس و امّا على تقدير بقاء الاربع فهي للعشاء بلا خلاف فتأمّل ثمّ انّه اذا ادرك ركعة من الصّلاة في الوقت فهل الصّلاة اداء و قضاء او بعضه قضاء مذاهب اشهرها الاول بل ادعى عليه في الخلاف الاجماع و لا ثمرة مهمّة للخلاف الّا في النيّة و لما كان الظاهر عدم وجوب التعرّض للأداء و القضاء في امثال هذه المواضع فلا حاجة بنا الى تحقيق القول في ذلك و امّا ما ذكره المصنف في الذكرى من انه يترتّب على الخلاف الحكم بالترتيب على الفائتة السّابقة فعلى القضاء يترتّب دون الاداء ففيه تامّل بل الظّاهر انّه لا خلاف في وجوب الاتيان بالصّلاة التى بقي من وقتها مقدار ركعة مع الشرائط في ذلك الوقت و تقديمها على غيرها من الفوائت لو كان و اللّه تعالى يعلم

[غسل الاستحاضة]

قوله فهي ما

ظاهره ان المراد تعريفها او حصر اقسامها و على الوجهين يتوجّه خروج بعض الاقسام كالنّاقص على الثلاثة و ما كان قبل التسع او بعد الحيض مع تخلّل النّقاء دون اقل الطّهر و حمله على مجرد التمثيل لا يخلو من ركاكة فتأمّل

قوله عن كون السّابق عليها

اى على التجاوز و التأنيث باعتبار المجاوزة على ان الامر في التذكير و التأنيث سهل سيّما في المصادر على ما قيل و للمتكلف جعل الضمير راجعا الى العشرة فان كل جزء سابق عليها اى على تمامها بل على نفسها و لو بالذات فتأمّل

قوله او فيها بعد ايام العادة

اى ايّام عادتها في الحيض فان مع التجاوز عن العشرة ترجع الى عادتها في الحيض لا عادتها في النفاس

قوله اذا لم يتخلّله نقاء اقلّ الطهر

قيد لبعد النفاس او للموجود بعد العشرة و قوله او يصادف عطف على يتخلل و كذا قوله او يحصل و النفى وارد على المنفصلة ذات الاجزاء الثلاثة و نفيها انما هو بنفى الجميع و المراد ان الموجود بعد النّفاس او بعد العشرة استحاضة اذا لم يحصل احد لأمور الثلاثة و امّا اذا تحقق واحد منها فهو حيض امّا اذا تخلّل عشرة فصاعدا بيض لم تر فيها دما اصلا فلمّا ذكروا ان كلّ دم يمكن ان يكون حيضا فهو حيض و هذا منه و امّا اذا صادف ايّام العادة بعد مضىّ عشرة ايّام فصاعدا من ايّام النفاس ان استمر الدم فلان ما يرى في ايّام العادة فهو حيض اذا تخلل اقل الطّهر و كذا اذا حصل فيه التميّز بشرائطه و امّا اذا لم يوجد شي ء منها فهو استحاضة و هو ظاهر و امّا ما ذكره سلطان العلماء رحمه الله في توجيه هذه العبادة حيث كتب على قوله او يصادف انه عطف على المنفى فتقدير الكلام انه او لم يصادف ايّام العادة و المراد انّ الموجود بعد العشرة باحد الشرطين استحاضة امّا بان لا يتخلل اقلّ الطهر و امّا بعدم مصادفة ايّام العادة من الحيض على تقدير التخلّل فما كان بعد تخلل اقلّ الطّهر ايضا اذا لم يصادف العادة استحاضة ايضا كما كان قبل التخلّل استحاضة فالحيض في ذات العادة بما كان بعد التخلّل و صادف العادة و غيره استحاضة انتهى فمع ما فيه من التكلّف امّا اوّلا فلان ظاهر لفظ النقاء هو ما ذكرنا و على ما ذكره يجب صرفه عن ظاهره مع انّه لا فائدة في اقحامه حينئذ لا غناء اقلّ الطّهر عنه و امّا ثانيا فلانّه على ما ذكره يكون قوله او يصادف عطفا على المنفى بتقدير او لم يصادف و قوله او يحصل لا يمكن حمله على هذا الوجه و هو ظاهر بل يجب حمله على انّه اذا لم يحصل التخلّل او لم يحصل شي ء من المصادفة و حصول التمييز فيخرج الكلام عن الانتظام او يقال انّ تقدير الكلام هكذا او لم يصادف في ذات العادة او لم يحصل في ذات التمييز فالمنفصلة حقيقة مركبة في الجزءين لكن الجزء الثانى منهما في ذات العادة امر و في ذات التمييز امر آخر و فيه بعد و امّا ثالثا فلان على ما ذكره يكون قوله بعد مضىّ عشرة ايّام فصاعدا من ايّام النّفاس ممّا لا طائل تحته بل ينبغى الاكتفاء بما قبله بخلاف ذلك على التوجيه الذى ذكرنا كما لا يخفى على المتأمّل يتوجّه عليه ان الحكم بكونه استحاضة اذا لم يصادف ايّام العادة و ان تخلّل اقلّ الطّهر مطلقا مشكل بل في صورة النقاء الظاهر على ما يستفاد من كلماتهم انه حيض الّا ان يتّصل بايّام العادة و تجاوز معها عن العشرة اذ حينئذ يحكم بان ما صادف ايّام العادة اى وقع فيها حيض و الباقى استحاضة و امّا اذا لم يتّصل بها او اتّصل و لم يتجاوز معها عن العشرة فمقتضى فتاويهم كونه حيضا و حمل الكلام على انّ مع عدم المصادفة استحاضة في الجملة و هو ما اذا كان مع الاتّصال و التجاوز بعيد جدّا و خلاف الظّاهر ايضا فتأمّل هذا ما كتبته في سالف الزّمان عند اشتغالى بقراءة هذا الكتاب على الوالد العلّامة رحمه الله مع بعض زيادات سنح لى في اثناء نقله فاضفته اليه

ص: 69

و قد عرضت ما ذكرته في توجيه العبادة عليه طاب ثراه فاستحسنه و كان مطابقا لرأيه في حلّها و الآن لى فيه تامّل فان الظاهر من فتاويهم انه لا يجب في الحكم بكون ما يوجد بعد العشرة حيضا تخلّل عشرة بيض بل يكفى انقطاع الدم ثمّ عوده مع تخلل اقلّ الطهر بناء على ما ذكروا ان كلّ ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض و لم يستثنوا منه الّا ما اذا اتّصل الدّم فانه حينئذ حكموا بان ما صادف العادة حيض و الباقى استحاضة و ان مضى اقلّ الطّهر و على هذا فالظاهر في حلّ العبادة ان يقال المراد بنقاء اقلّ الطّهر النقاء الحاصل في اقل الطّهر فصاعدا و ان لم يكن في تمام زمانه فعدم تخلّل نقاء اقل الطّهر اما بان لا يحصل النّقاء اصلا او حصل و لم يكن في جملة عشرة فصاعدا بل فيما دونها اى لا يكون زمن النقاء مع ما سبق عليه من ايّام حكم فيها على الدم بالاستحاضة بقدر اقل الطّهر اذ على الوجهين يحكم على الموجود بعده بالاستحاضة الّا ان يصادف ايّام العادة بعد مضى عشرة او يحصل تمييز بشرائطه فالمعتبر في كونه استحاضة عدم تخلل النقاء على الوجه الذى ذكرنا و كذا عدم المصادفة و عدم حصول التمييز فمتى انتفى شي ء منها يكون حيضا و حمل نقاء اقل الطّهر على هذا المعنى و ان كان لا يخلو عن تكلف لكن الظاهر انّ الكلام على مقتضى قواعدهم لا يستقيم بدونه فتأمّل

قوله بعد مضى عشرة فصاعدا الى آخره

هذا بناء على اشتراط تخلل اقل الطّهرين بين الحيض و النّفاس لحكمهم بان النفاس كالحيض و لانه حيض محتبس و قد تردّ و فيه في شرح الارشاد و احتمل عدم الاشتراط لعدم كونه حيضا حقيقيّا و عدم استلزام المشابهة اتّحاد الحقيقة و عموم الاحكام و نقل عن العلّامة رحمه الله في النّهاية انه استقرب الاشتراط ثمّ ذكر ان في الاخبار الصّحيحة دلالة على الاشتراط في الحيض المتعقب للنفاس فيحكم به و يلزم مثله في السّابق ايضا اذ لا قائل بالفرق مع ان في رواية عمّار السّاباطى ما يدلّ على الاشتراط فيه ايضا و قال الشيخ في الخلاف امّا اعتبار الطّهر بين الحيض و النفاس فلا خلاف فيه و الاخبار التى وردت بانّ اقل الطّهر عشرة ايّام يتناول هذا الموضع لانّها عامة في الطّهر عقيب الحيض و عقيب النفاس و ايضا روى عبد اللّه بن المغيرة عن ابى الحسن الاوّل عليه السّلام في امرأة نفست فتركت الصّلاة ثلثين يوما ثمّ تطهّرت ثمّ رأت الدّم بعد ذلك قال تدع الصّلاة لان ايامها ايام الطّهر قد جازت مع ايّام النّفاس ثابت كما ترى ايّام الطّهر بعد ايام النّفاس و هذا نصّ

قوله او يحصل فيه تمييز بشرائطه

بقي شرط آخر لا بدّ منه و هو ان لا يكون فرضها الأخذ باحدى الرّوايات و الا كان ما تختاره منها مستثنى ايضا و كانّه تركه احالة على ما علم سابقا من حكم من هذا شانه كذا في الحاشية في بعض النّسخ و لا يخفى انّه لا بد ايضا من اشتراط ان لا يكون فرضها الرجوع الى عادة الاهل و الاقران و الا فما تراه في ذلك الوقت ايضا مستثنى و يمكن حمل العادة في كلام الشرح على ما يشمل عادة الاهل و الاقران ايضا و حينئذ فلا حاجة الى هذا الاشتراط ثمّ لا يخفى ظهور سياق هذه الحاشية في الحلّ الذى ذكرنا لكلام الشارح دون ما ذكره سلطان العلماء رحمه الله فافهم

قوله في الوقت المذكور

اى الاوقات المذكورة في المتن التى حكم بكون الدّم فيها استحاضة و هى ما اذا زاد على العشرة الى آخره و قد ذكرنا بعض الاوقات الاخرى ايضا ففيها ايضا يحكم بالاستحاضة و ان كان بصفة الحيض لعدم امكانه

قوله امّا ان لا تغمس القطنة اجمع ظاهرا و باطنا

ظاهره ان الاعتبار بغمس تمام القطنة اى جميع باطنه و جميع ظاهره فمع الغمس كذلك بدون السّيلان متوسّطة و مع كثيرة و بدون الغمس كذلك قليلة و ان ثقب القطنة الى ظاهرها ما لم يغمس جميع الظاهر و كلامه في شرح الشرائع اظهر فيه حيث كتب على قول مصنّفه امّا ان لا يثقب الكرسف المراد بثقب الدم الكرسف غمسه له ظاهر او باطنا فمتى بقي منه شي ء من خارج و ان قل فالاستحاضة قليلة انتهى لكن الظاهر من كلام الاكثر و المستفاد من الاخبار انّ الاعتبار بالثقب بمعنى خروج الدم من الباطن الى الظاهر و ظهوره عليه و ان لم يغمس جميع الظاهر فمع الثقب كذلك متوسّطة او كثيرة و بدونه قليلة و يمكن حمل كلامه هاهنا على هذا المعنى بان يجعل قوله ظاهرا و باطنا بيانا للمراد بغمس القطنة اجمع اى المراد منه وصوله الى الظاهر و الباطن و ان لم يستوعبهما لكن حمل كلامه في شرح الشرائع عليه بعيد جدّا ثمّ انّهم لم يتعرضوا التحديد لقدر القطنة و زمان اعتبار الدّم فالظاهر الرجوع فيهما الى العرف و العادة كما ذكره صاحب المدارك رحمه الله فتأمّل

قوله تتوضّأ لكلّ صلاة

هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن ابن ابى عقيل انه قال ما لم يظهر على القطنة فلا غسل عليها و لا وضوء و عن ابن الجنيد انه ان ثقب فالاغسال الثلاثة و الّا فغسل في اليوم و الليلة و الظاهر انه لا فرق في الصّلاة بين الفريضة و النافلة لعموم صحيحة معاوية بن عمّار و ان كان الدم لا يثقب الكرسف توضّأت و دخلت المسجد و صلّت كل صلاة بوضوء و صحيحة زرارة تصلّى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم و جوز الشيخ صلاة ما شاءت من النافلة بوضوء الفريضة و كانه حمل الصّلاة على المعهودة و هى اليومية او الفريضة و لو جوّزنا لها فعل القضاء ينسحب الخلاف كما ذكره المصنف رحمه الله في الذكرى

قوله لعدم العفو عن هذا الدم مطلقا

اى و ان كان اقل من الدراهم و للكلام فيه مجال كما اشرنا اليه سابقا و مع ذلك فهي ممّا لا تتم فيه الصّلاة و ظاهرهم جواز الصّلاة في النجس منه مطلقا و ان كان بنجاسة لم يعف عنها في غيره كما صرّح به المحقق في الشرائع مع انّها ليست من الملابس و ادلة عدم جواز الصّلاة في النجس مخصوصة بها و كان نظره ليس الى نجاستها في نفسها بل الى تنجّس المحل بها باعتبار رطوبته و رطوبتها غالبا و حينئذ فلا يرد ما اوردنا بعد الكلام الاوّل هذا و الاولى التمسّك بالاجماع كما ادعاه العلّامة رحمه الله في هى و في بعض الاخبار ايضا الحكم بتغير القطنة في غير القليلة و الظاهر عدم الفرق بين القليلة و غيرها في ذلك و في حكم تغييرها تطهيرها كما سيذكره في الخرقة ثمّ انّ الشيخ رحمه الله في المبسوط و يه حكم بتغيير الخرقة في هذا القسم ايضا و كانه للاستحباب و الاحتياط دفعا لاحتمال وصول رطوبة اليها و لو كان المعتبر في المتوسّطة غمس جميع الظاهر و الباطن كما هو ظاهر كلام الشارح كما اشرنا اليه ففى القليلة ربما خرجت الدّم و تنجّست الخرقة و ان لم يسل فحكمه بتغيير الخرقة يمكن ان يحمل على الوجوب في هذه الصورة فتدبّر

قوله و غسل ما ظهر من الفرج عند الجلوس

اما مطلقا على القول بعدم العفو عن هذا الدّم مطلقا كما ذكر و امّا مع زيادته عن القدر المعفوّ على الاحتمال الذى ذكرنا من التسمية بين الدماء في العفو عما عفى عنه فتأمّل

قوله قد علم مما سبق

عن وجوب ازالة النجاسة عن الثوب و البدن و انما ذكر تغيير القطنة و الخرقة لعدم شمول الثوب لهما

قوله و ما يغمسها بغير سيل الى آخره

اثبات المتوسطة على هذا الوجه هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن ابن الجنيد و ابن ابى عقيل انهما سوّيا بينهما و بين الثالثة في وجوب ثلاثة اغسال مع ما نقل عنهما من الخلاف في الاولى ايضا كما اشرنا اليه سابقا و وافقهما في هذه التّسمية المحقق رحمه الله

ص: 70

ايضا في المعتبر فقال و الذى ظهر لى انّه ان ظهر الدّم على الكرسف وجب ثلاثة اغسال و ان لم يظهر لم يكن عليها غسل و كان عليها الوضوء لكلّ صلاة و رجّحه العلّامة رحمه الله ايضا في هى و جماعة من محقّقى المتاخّرين و ما ذهبوا اليه لا يخلو عن قوّة و الكلام حينئذ في كفاية الاغسال الثلاثة او وجوب الوضوء بعددها او لكل صلاة كالكلام في القسم الثالث على ما سيجي ء و اللّه تعالى يعلم

قوله على ما ذكر في الحالة الأولى

من تغيير القطنة و الوضوء لكلّ صلاة و الذى صرّح به اكثرهم هو الغسل للغداة و الوضوء للصّلوات الاربع و الظاهر انّ ايجاب الوضوء للغداة مبنى على الخلاف في وجوب الوضوء في الاغسال غير الجنابة فمن اوجبه كالشيخ و من تبعه اوجب هاهنا ايضا كما ذكر هاهنا و من لم يوجبه كالسّيد المرتضى رض فلا وضوء عنده الّا للصّلوات الباقية فافهم

قوله و لو كانت صائمة قدّمته على الفجر

كذا ذكره المصنف في الذكرى و الدروس و ظاهره وجوب التقديم و لذا نسب في شرح الارشاد الى المصنف انه قطع بوجوب التقديم لكن لا يظهر له مستند صالح فانّهم تمسّكوا في توقّف صحّة صوم المستحاضة بقسميها على الغسل بصحيحة على بن مهزيار قال كتبت اليه امرأة طهرت من حيضها او دم نفاسها في اوّل شهر رمضان ثمّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها و صلاتها ام لا قال تقضى صومها و لا تقضى صلاتها لانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نسائه بذلك و هذه الرواية مع عدم ذكر المكتوب اليه و مخالفتها لما عليه الاصحاب بالفرق بين الصوم و الصّلاة غاية مما يستفاد منها توقف صحة الصوم على كلّ غسل وجب عليها للصّلاة و حينئذ يكفى في صحة فعلها الأغسال للصّلوات و لا دليل على ما ذكروه من التقديم نعم بعد القول بوجوب الاحوط لها رعايته خروجا من الخلاف لكن بشرط مراعات تضيّق الوقت و امّا احتمال عدم اعتبارها كما يشعر به حكمهم بتقديمه من غير تقييد فهو ضعيف جدّا فتأمّل و في شرح الارشاد ذكر انّ اطلاقهم الحكم بتوقف الصّوم على الاغسال المعهودة يشعر بعدم تقديم غسل الفجر عليه للصوم لان المعتبر منه للصّلاة ما كان بعد الفجر فليكن للصوم كذلك لجعلهم الاخلال مبطلا للصوم و لا يبعد ذلك و ان كان دم الاستحاضة حدثا في الجملة لمغايرته لغيره من الاحداث و يحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا لانه حدث مانع من الصوم فيجب تقديم غسله عليه كالجنابة و الحيض المنقطع و لان جعل الصوم غاية لوجوب غسل الاستحاضة مع الغمس يدلّ عليه لان ما كان غايته منه الفعل يقدم عليه و لان اعتفاره في بعض الاحيان بالنسبة الى العبادة للمشقّة لا يوجب القياس انتهى و بعد ما ظهر لك مستند الحكم تعلم قوّة ما ذكره اوّلا و ضعف ما ذكره من الاحتمال و ما ذكر له من الوجوه و العلّامة رحمه الله في يه توقف في ذلك و هذه عبارته و هل يشترط في الصوم غسل للعشاءين او الظهرين او تقديم غسل الغداة على الفجر اشكال

قوله و لو تاخّر الغمس عن الصّلاة فكالأوّل

في انه لا يجب عليها للصّلوات الباقية الا الوضوء لكلّ صلاة و امّا تغيير الخرقة فلا يختلف بكون الغمس قبل الصّبح او بعده و هو ظاهر و لو كانت صائمة فهل يجب عليه الغسل حينئذ للصوم لم يحضر في الآن تصريح منهم بذلك و جعلهم الصّوم غاية لوجوب غسل الاستحاضة مع الغمس الشامل للوسطى و الكثيرة يشعر بالوجوب لكن لا يظهر له مستند فان مستند الحكم من الاخبار هو صحيحة علىّ بن مهزيار كما اشرنا اليه و هو كما ترى لا تدل الا على قضاء الصّوم بترك جميع الاغسال فيمن تغسل لكل صلاتين و مع ان الوسطى على القول المشهور ليست كذلك لا غسل عليها في الصّورة المذكورة للصّلاة فالحكم يتوقف صومها على الغسل ممّا لا وجه له فتأمّل

قوله و ما يسيل يجب له جميع ذلك الى آخره

لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الاغسال الثلاثة في هذا القسم و انما الخلاف في الوضوء فاقتصر جماعة منهم على الاغسال الثلاثة و اثبت المفيد الوضوء للظهرين و كذا العشاءين و كذا صلاة الليل و الغداة كالاغسال و اوجب ابن ادريس مع الاغسال الثلاثة الوضوء لكلّ صلاة كما ذكر هاهنا المفيد رحمه الله و تبعه عامة المتاخّرين و قد بالغ المحقق رحمه الله في المعتبر في انكار هذا القول و التشنيع على قائله فقال و ظنّ غالط من المتاخّرين انه يجب على هذه مع هذه الاغسال وضوء مع كل صلاة و لم يذهب الى ذلك احد من طائفتنا و ربما يكون غلطه لما ذكره الشيخ رحمه الله في المبسوط و ف ان المستحاضة لا تجمع بين فريضتين بوضوء فظن انسحابه على مواضعها و ليس على ما ظنّ بل ذلك مختص بالموضع الذى يقتصر فيه على الوضوء و ظاهر الاخبار هنا و كذا في المتوسّطة الاقتصار على الاغسال فالظاهر هو القول الاول الا ان يثبت وجوب الوضوء مع كل غسل سوى الجنابة كما وقع في بعض الاخبار و حينئذ فالقول قول المفيد و امّا المتاخّرون فليس لهم مستند صالح و ذكر الشارح في شرح الارشاد انّ الاخبار الصّحيحة دلّت على المشهور اى مذهب المتاخرين و هو رحمه الله اعلم بما قال و الاحوط في القسمين الاتيان بالاغسال الثلاثة مع الوضوء لكل صلاة و اللّه تعالى يعلم

قوله تغتسل ايضا للظهرين

و هذا على سبيل الرخصة فيجوز التفريق مع تعدد الغسل كما صرّح به في شرح الارشاد و قال بل ربما كان افضل و في هى جزمه باستحبابه و انه ابلغ للتطهير و تبعه شارح عد و في المدارك قطع بالجواز و حكى عن هى جزمه باستحبابه و لو لم يكن الجواز اجماعيّا امكن المناقشة فيه بناء على ظاهر الرّوايات فتدبّر

قوله و تغيير الخرقة فيهما

الظاهر انه ايضا اجماعى كتغيير القطنة و الّا فاذا كانت ممّا لا يتم فيه الصّلاة اشكل الحكم بوجوب تغييرها باعتبار نجاستها كما ذكرنا في القطنة فتذكّر

قوله و انما يجب الغسل في هذه الاحوال الى آخره

اعلم ان هاهنا مسائل لا بدّ من تحقيق القول فيها لتطهر بعد ذلك حقيقة مما ذكره الشارح رحمه الله هاهنا الأولى انه اذا انقطع دم الاستحاضة في غير وقت الصّلاة بعد ما فعلت موجبه وقت الصّلاة فما حكمه فنقول نقل المصنف في الذكرى عن الشيخ انه حكم بان انقطاع دمها بعد الوضوء يوجب الوضوء و لم يذكر البرء و قيّده بعض الاصحاب بالبرء ثمّ حقق انّ دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء وحده تارة و الغسل اخرى فاذا امتثلت فان كان حال الطهارة منقطعا و استمر الانقطاع فلا وضوء و لا غسل لانها فعلت موجبه و ان خرج بعدهما او في اثنائهما دم ثمّ انقطع امّا في الاثناء او بعده فان كان انقطاع فسّره فلا اثر له لانه بعوده كالموجود دائما و ان كان انقطاع برء فالاجود وجوب ما يوجبه كان الدم لان الشارع علّق على دم الاستحاضة الوضوء و الغسل و هذا دم الاستحاضة و الطّهارة الاولى كانت لما سلف قبلها من الدّم و لا يلزم من صحة الصّلاة مع الدم عدم تاثيره في الحدث و هذه المسألة لم نظفر فيها بنصّ من قبل اهل البيت عليهم السّلام و لكن ما افتى به الشيخ هو قول العامة بناء منهم على ان دم الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير فاذا انقطع بقي ما كان عليه و لما كان الاصحاب يوجبون فيه الغسل فليكن مستمرّا هذا

ص: 71

كلامه و فيما رجّحه تامّل اذ كون دم الاستحاضة حدثا مطلقا ممنوع لعدم الدليل على ايجابه الوضوء او الغسل مطلقا بل في الاوقات المخصوصة و الوقت الذى وجد فيه هاهنا ليس منها و بعد دخول الوقت انقطع الدم مع سقوط اعتباره شرعا بعد فعل ما اوجب عليها من الغسل او الوضوء و استباحة الصّلاة فالاصل بقاؤها و عدم ايجابه لشى ء اصلا و لو سلّم كونه حدثا فلا نم الّا وجوب الوضوء لثبوته في الاستحاضة مطلقا بخلاف الغسل اذ لم يرد الّا في مواضع مخصوصة أ لا ترى عدم وجوبه في المتوسطة لغير الصّبح و في الكثيرة للصّلاة الثانية مع الجمع و لعموم آية الوضوء يخرج بدليل كالمتطهّر غير الاستحاضة لخروجه بالاجماع فيبقى الباقى و لعدم ظهور قائل بعدم وجوبه ايجابه لشى ء اصلا على ما ذكرنا من الاحتمال الاوّل و عدم انتهاض دليل على وجوب غير الوضوء فيحكم بالوضوء حذرا من خرق الاجماع و من هاهنا ظهر انّ ما نقله عن الشيخ لا يجب ان يكون بناءه على مذهب العامة كما حكم به المصنف و استحسنه الشارح في شرح الإرشاد و حكم بانه في غاية الوضوح و ظاهر اخبار الواردة في هذا الباب وجوب وظيفة كلّ حالة عند وجودها في وقت الصّلاة الذى هو وقت الخطاب بتلك الوظيفة لا مطلقا كما يظهر بالتامّل فيها لكن صحيحة الصّحاف من بينها كما سيجي ء ربما يشعر بوجوب الغسل بالسّيلان في الجملة فيما بين الظّهرين و المغرب بعد ما صلت الظّهرين و هو باطلاقه يشمل ما اذا انقطع وقت المغرب ام لا فهي مؤيّدة لما رجّحه الثّانية انّه اذا ثبت احد الاحوال الثلاثة في وقت الصّلاة فهل يستصحب حكمها في جميع الصّلوات ما استمر الدّم و ان انتقلت من حالة الى اخرى ام لا بدّ في وقت كلّ صلاة من اعتبار الدّم فيه و لا ريب ان الظاهر اعتباره في وقت كل صلاة امّا اذا انتقلت من القلة الى الكثرة و لصدق الكثرة حينئذ فيثبت حكمها و امّا في العكس فلانّ الحالة الثابتة لها حينئذ هى الحالة اللّاحقة فيثبت لها حكمها بمقتضى الاخبار و امّا الحالة السّابقة فقد انقطعت عنها و ثبوت وظيفتها بعد الانقطاع ما استمرّ الدّم في الجملة يحتاج الى دليل و لا دليل يدلّ عليه الثّالثة انه في الصّورة الاخيرة و هى الانتقال من الكثرة الى القلة او التوسّط على المشهور هل يجب عليها بانقطاع الحالة السّابقة شي ء مضافا الى الحكم حكم الحالة اللاحقة ام لا فنقول الظاهر على وفق ما ذكروا في مسئلة الانقطاع بالكلية انه على رأى الشيخ لا يجب عليها الانقطاع الحالة السّابقة الّا الوضوء و تاتى به في ضمن الوظيفة اللاحقة فلا يجب عليها بالانقطاع سوى الوظيفة اللاحقة و امّا على رأى المصنف فالظاهر انه لا بدّ لها من غسل للدم الكثير السّابق اذا لم يقع الغسل بعده ثمّ تاتى بوظيفة القليلة اذا انتقلت الى القلّة و كذا اذا انتقلت الى التوسّط على المشهور في غير الصّبح و امّا فيه فالغسل للصبح يكفى للوظيفتين جميعا و صحيحة الصّحاف تشعر بما ذهب اليه المصنف لان مفهومها الغسل يتحقق لكثرة في الجملة فيما بين الظهرين و المغرب و هو يشمل ما اذا انتقلت وقت المغرب منها الى حالة اخرى ايضا هذا و اذ قد احطّت خبرا بهذه الفروع فنقول عبارة الشارح ربّما اوهمت ثبوت وظيفة الكثرة مطلقا مع وجود الدّم الموجب له قبل فعل الصّلاة و ان كان في غير وقتها اذا لم يكن قد اغتسلت له بعده في الوقت السّابق لكن هذا ممّا لا وجه له كما اشرنا اليه في المسألة الثانية فالصّواب حمله على ثبوت غسل واحد فقط بذلك كما ذكرنا في المسألة الثالثة لا مع الجمع بين الصّلاتين و لا مع غسل آخر لصلاتين اخريين بل يصدق عليه في الوقت الثانى انه قد اغتسلت له بعده فيخرج بما شرطه و القرينة على انّ مراده ذلك استشهاده بخبر الصّحاف فانه لا يفهم منه الا ثبوت الغسل بكثرة الدّم و ان كان قبل وقت العشاءين و لا دلالة له على ازيد من ذلك اصلا و امّا ما نقله من القول باعتبار اوقات الصّلوات و حكمه بانه لا شاهد له ففيه انّ ثبوت الحكم عند وجود الحالة وقت الحكم ظاهر الاخبار و ممّا لا خلاف فيه و امّا ثبوته مع وجودها قبل ذلك فيحتاج الى دليل و شاهد فالشاهد على الشارح لا على القائل فلا ينبغى التّعريض على هذا القائل بنفى الشاهد له بل اذا كان خبر الصّحاف شاهدا على ما ذكره ينبغى ان يجعله حجة على القائل هذا و امّا ما نقله في الحاشية عن المصنف في الدروس و

كرى فبيانه انه رحمه الله قال في الدروس و الاعتبار بكمّيته باوقات الصّلاة في ظاهر خبر الصّحاف و في الذكرى نقل انّ الصحاف روى عن الصّادق عليه السّلام فلتغتسل و تصلّ الظهرين ثمّ لتنظر فان كان الدم لا يسيل بينهما و بين المغرب فلتتوضّأ لكل صلاة ما لم تطرح الكرسف فان طرحته لوجب عليها الغسل و ان طرحته و لم يسل فلتتوضأ و لا غسل عليها و ان كان اذا امسكت الكرسف يسيل من خلفه صبيبا فعليها الغسل ثلثا ثمّ قال هذا مشعر بان الاعتبار بوقت الصّلاة فلا اثر لما قبله انتهى فحمله الشارح و قبله المحقق الثانى في شرح القواعد و بعده صاحب المدارك على انّ مراده انه لا اثر لما قبله اصلا و انه لا يثبت عليها في صورة الانتقال من الكثرة الى القلّة سوى وظيفة القليلة فاوردوا عليه ان خبر الصحاف لا يدل على ما ذكره بل على خلافه و على ما فهموه الامر كما ذكروه لكن يمكن حمل كلام المصنف على ما ذكرنا في المسألة الثانية من ان الاعتبار بوقت كل صلاة و ليس اذا ثبت احدى الاحوال في وقت صلاة فيستصحب حكمها في جميع الصّلوات ما استمرّ الدم و ان انتقلت الى حالة اخرى و حينئذ فاشعار خبر الصّحاف بما ذكره بل ظهوره كما عبّر به في الدروس ظاهر فان ظاهر قوله عليه السّلام ما لم تطرح الكرسف الى آخره ان الحكم الاول ثابت ما لم تطرح الكرسف و ان طرحت الكرسف و سال الدم بعد ذلك انتقل حكمها و وجب الغسل و انما لم يجعله صريحا لاحتمال ان يحمل على انّ الحكم ذلك ما لم تطرح الكرسف و امّا اذا طرحت الكرسف و سال الدم فوجب عليها الغسل و حينئذ فلا يدلّ على انتقال الحكم حكمه بل هو بيان لحكم كل صورة اذا وقعت بدلا عن الاخرى فتدبّر و القرينة على ان مراده رحمه الله مما ذكرنا ما نقلنا عنه في مسئلة الانقطاع حيث قال فان انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء فالأجود وجوب ما كان يوجبه الدم لانّ الشارح علّق على دم الاستحاضة الوضوء و الغسل و هذا دم استحاضة لجريانه بعينه في هذه الصّورة فالظاهر انه ليس مراده نفى الغسل لانقطاع الحالة السّابقة بل ما ذكرنا من عدم بقاء الحالة السّابقة مطلقا و الانتقال الى حكم الحالة اللاحقة و يؤيد ايضا ما ذكرنا انه قال في موضع آخر بعد مسئلة الانقطاع باسطر قيل الاعتبار في الكثرة و القلّة باوقات الصّلوات فلو سبقت القلّة و طرأت الكثرة انتقل الحكم فلو كانت الكثرة بعد الصّبح اغتسلت للظهرين الى آخر بما ذكره فالظّاهر انّ مراده هناك ايضا هو ما اشار اليه هاهنا من انتقال الحكم لا عدم الاعتبار بالدّم السّابق على الوقت اصلا فتأمّل

قوله اذا لم تكن قد اغتسلت له بعده

فلو اغتسلت له بعده انقطع عنها حكم الحالة السّابقة فلو تجدّد بعده دم فله حكمه فلو كان قليلا فلا يجب له الا الوضوء و امّا ما كتبه سلطان العلماء رحمه الله هاهنا من قوله فلو اغتسلت بعد الدّم لا يجب الغسل و ان رأت الدم بعد الغسل ففيه ما فيه حيث اطلق الدّم بل يجب تقييده بالقليل او بغير الكثير اذا كان في غير الصّبح على المشهور فتأمّل

قوله في الحاشية على عدم اعتبارها صريحا

ص: 72

دعوى الصّراحة لا يخلو عن شي ء و الاولى و دعوى الظّهور فانّ قوله عليه السّلام فان كان الدّم لا يسيل فيما بينهما و بين المغرب ظاهر فيما ذكره لانّه اعتبر عدم السّيلان ما بين الظهرين الى المغرب لا في وقت المغرب فقط و مفهومه انّه اذا سأل فيما بين الوقتين في الجملة فليس الحكم الوضوء بل الغسل و دلالة المفهوم ليست صريحة على ان النسخ في بينهما مختلفة و في بعضها بضمير التّثنية على ما نقلنا و حينئذ فالامر كما ذكرنا و في بعضها بضمير التأنيث و حينئذ فالظاهر ايضا حمله على انّ المراد ما بين المرأة و بين المغرب اى بين الوقت الذى فيه المرأة مطلقا و بين المغرب اى الصّلاة و على هذا فلا يدلّ على ما ذكره فالأولى الاكتفاء بدعوى الظهور فتدبّر ثمّ انّ رواية الصحاف هذه لما كانت من المشكلات فلا باس ان ننقلها هاهنا بتمامها و نشير الى ما نفهمه منها و ما فيها من الاشكالات و ان خرجنا بذلك عما هو دأبنا في هذه الحواشى من رعاية الاختصار و ترك الاطناب مخافة الاسباب و ملامة الاصحاب فنقول متن الرّواية هكذا قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام ان امّ ولد لى ترى الدم و هى حامل كيف تصنع بالصّلاة قال فقال اذا رأت الحامل الدّم بعد ما يمضى عشرون يوما من الوقت الذى كانت ترى فيه الدم من الشهر الذى كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرسم و لا من الطّمث فلتتوضّأ و لتحتش بكرسف و تصلّى فاذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذى كانت ترى فيه الدّم بقليل او في الوقت من ذلك الشّهر فانه من الحيضة فلتمسك عن الصّلاة عدد ايّامها التى كانت تقعد في حيضتها فان انقطع الدم عنها قبل ذلك فلتغتسل و لتصلّ و ان لم ينقطع عنها الدّم الّا بعد ان تمضى الايّام التى كانت ترى الدم فيها بيوم او يومين فلتغتسل و لتحتش و لتستثفر و تصلّى الظهر و العصر ثمّ لتنظر فان كان الدم فيما بينهما و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضّأ و لتصلّ عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف فان طرحت الكرسف عنها و سال الدم وجب عليها الغسل قال و ان طرحت الكرسف عنها و لم يسل الدّم فلتتوضّأ و لتصلّ و لا غسل عليها قال فان كان الدم اذا امسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقأ فان عليها ان تغتسل في كلّ يوم و ليلة ثلاث مرّات و تحتشى و تصلّى و تغتسل للفجر و تغتسل للظهر و العصر و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة قال و كذلك تفعل المستحاضة فانها اذا فعلت ذلك اذهب اللّه بالدّم عنها هذا تمام الرّواية و هى من الرّوايات التى تدلّ على حيض الحامل و قوله عليه السّلام ليس من الرحم و لا من الطمث و ظاهره بقرينة ما اطلق فيه من الحكم ان المراد بنفى كونه من الرحم ففى كونه استحاضة امّا بتخصيص ما من الرّحم بالاستحاضة او بتعميمه بحيث يشمل الحيض و الاستحاضة جميعا فيكون نفى الطّمث بعده نفيا للخاص بعد العام و المعنى على هذا ان هذا الدّم ليس باستحاضة و لا حيض و له حكم ثالث و هو انما تتوضّأ له و تحتشى و تصلّى مطلقا و لم يذكر هذا الدم فيما رايناه من كلام الاصحاب و الاولى ان يجعل نفى كونه من الرّحم بمنزلة التعليل لنفى كونه طمثا اشارة الى ان الطمث هو الذى من الرحم اى يقذفه الرحم بالطبع و الاستحاضة ليس كذلك بل من علّة فيكون المراد الحكم بانه ليس بحيض بل استحاضة و يكون الاكتفاء فيه بالوضوء انما هو في بعض اقسامه و لم يفصّل فيه تعويلا على ما فصّل بعد ذلك و على التقديرين فالفرق بين مضى عشرين يوما و عدمه مما لم يظهر وجهه و لا يبعد على الوجه الثانى ان يكون التأخير من العادة عشرين يوما مناطا لتبين الحمل و للحكم بعدم كونه حيضا بناء على عدم امكان حيض الحامل المستبان حملها كما ذهب اليه الشيخ هذا و الشيخ رحمه الله في يه عمل بمضمون الرّواية و كانه حملها على الوجه الثانى فانه قال و الحبلى اذا رأت الدم في الايّام التى كانت تعتاد فيها الحيض فلتعمل ما تعمل الحائض فان تاخّر عنها الدم بمقدار عشرين يوما ثمّ رأته فان ذلك ليس بدم الحيض فلتعمل ما تعمله المستحاضة انتهى و قوله عليه السّلام فلتغتسل و لتحتش الى آخره اى لتغتسل للحيض بعد مضىّ ايام العادة و لتعمل ما تعمله المستحاضة في ذلك اليوم او اليومين الذى لم ينقطع فيه

الدّم و هذا ممّا يدل على عدم وجوب الاستظهار كما هو مذهب عامة المتاخّرين فافهم ثمّ مفاد ظاهر هذه الرواية على ما افهم ان المستحاضة اذا لم يسل دمها مع الكرسف اذا تحمّلته فليس عليها الا الوضوء لكل صلاة و ليس عليها حينئذ طرح الكرسف لكن ان اتفق طرحها له فان لم يسل الدم بعد الطرح ايضا فحكمها حكم الاوّل و ان سال الدّم بعد الطرح فعليها الغسل في أيّ وقت اتفق و ان سال مع امساك الكرسف فعليها الاغسال و هذا لا ينطبق على شي ء من المذاهب المنقولة من الاصحاب في الاستحاضة فاستدلالهم بها على المذهب المشهور من تقسيم الاستحاضة الى الاقسام الثلاثة و اختلاف احكامها على ما ذكروه كما ترى الّا ان يقال ان المتوسّطة التى ذكروها و هى ما تجاوز الدّم الكرسف و لم يسل عنه يلزمها جمع الدّم مع امساك الكرسف بحيث اذا طرحت الكرسف سال و تحمل الرواية على وجوب الغسل على من كانت بهذه الحقيقة و ان لم تطرح الكرسف بالفعل و يحمل الغسل على الغسل لخصوص الصبح بناء على كون ذلك معلوما عندهم و حينئذ فينطبق على ما ذكروه و يمكن ان يحمل ايضا الغسل على الجنس و يكون المراد في هذا الشق ايضا وجوب الاغسال الثلاثة كما شق الاخير فينطبق على مذهب المحقّق رحمه الله و من وافقه من وجوب الاغسال فيما عدا القليلة و لا يخفى ما في الوجهين من التكلّف و التعسّف و مع ذلك فما يظهر منها من عدم وجوب طرح الكرسف عند كل صلاة خلاف المعروف بين الاصحاب من وجوب تغييره عند كل صلاة بل الاجماع عليه على ما نقله في هى و بالجملة فتطبيق هذا الخبر على مذاهب الاصحاب مشكل جدّا فكيف بالاستدلال به و اللّه تعالى يعلم

[غسل النفاس]

مباحث النّفاس فدم الولادة ماخوذ

من النّفس التى هى الولد لخروج الدّم عقيبه او معه او من النفس التى هى الدم او من تنفّس الرحم بالدم يقال نفست المرأة على المعلوم و المجهول بكسر الفاء فيهما و قد يطلق النفاس على الحيض و لم يستعمل حينئذ الا على المعلوم و الولد منفوس و المرأة نفساء بضم الفاء و فتح العين و الجمع نفاس ايضا بكسر النون مثل عشراء و عشار و لا ثالث لهما و يجمع ايضا على نفساءات كذا في الذكرى و شرح الارشاد و الظّاهر انه نقل الى معنى الدم في اصطلاح الفقهاء و الا فمعناه لغة على ما ذكره الهروى في الغريبين هو ولادة المرأة ثمّ ادخال الخارج معها في النّفاس هو المشهور بين الاصحاب لحصول المعنى المشتق منه فيه فيتناوله اطلاق النصوص و نقل عن السّيد المرتضى رض انه خصّه بالخارج عقيب الولادة و كذا الشيخ في الجمل و ربما يمكن الاستدلال له بموثقة عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في المرأة يصيبها الطّلق ايّاما او يوما او يومين فترى الصّفرة او دما قال تصلّى ما لم تلد و فيه انه لا يدل الا على نفى الامكان قبل الولادة لا معها ايضا أ لا ترى انّه يقال لا يتحرك المفتاح ما لم يتحرّك اليد مع ان حركته مع حركتها فافهم

قوله فان فرض العلم بكونها مبدأ نشو انسان

و زاد في الذكرى بقول اربع من القوابل و لعلّ الشارح اسقطه بناء على انه مع فرض العلم لا وجه لاعتبار كونه بقول اربع

ص: 73

من القوابل بل يكفى العلم مطلقا نعم يمكن الاعتبار و بقول اربع من القوابل ايضا و ان لم يحصل به العلم و لعل المراد بالعلم في الذكرى هو العلم الذى كان حجّة شرعا و ان لم يحصل اليقين فاشار بالتقييد الى انه انما يحصل بقول اربع من القوابل و يؤيّد ما ذكرنا انه في الدروس و تكفى المضغة لا العلقة الا ان تشهد اربع نساء عدول بانها مبدأ الولد فاعتبر شهادتهنّ من غير اعتبار العلم ثمّ انه لم يشترط اليقين في المضغة و اشترط الشارح هنا تبعا للذكرى و لعلّ بناء ما في الدروس على حصول اليقين في المضغة غالبا فلا حاجة الى اشتراط و بناء ما في الذكرى على ما ربما حصل الاشتباه فيه ايضا فيحتاج الى ذلك ثمّ مع الاشتباه اذا كفى شهادة الاربع في العلقة فلتكف في المضغة بطريق اولى فعلى ما حملنا كلا كرى من تعميم العلم في العلقة ينبغى تعميم ما اشترطه من اليقين ايضا في المضغة فافهم ثمّ ان المحقق الثانى رحمه الله في شرح القواعد توقف في هذا الحكم لانتفاء التسمية و اعترض عليه في شرح الارشاد بانه لا وجه بعد فرض العلم و فيه ان توقّفه باعتبار عدم صدق الولادة عرفا و ان علم كونه علقة و انّه مبدأ نشو آدميّ اذ لا دليل على صدق النفاس بمجرّد ذلك ما لم يصدق الولادة فالتوقف في محله بل ربما امكن التوقف في صورة كونه مضغة ايضا للتوقف في صدق الولادة معه ايضا الا ان يثبت فيه اجماع فتأمّل

قوله و لو تعدد الجزء منفصلا او الولد

المشهور بين الاصحاب ان مع تعدد الولد يكون ابتداء نفاسها من الاوّل و عدد ايامها من وضع الاخير و لو زاد المجموع عن اكثر النفاس لكن هل يكون لكل نفاس على حدة و يتداخلان فيما اتفقا فيه او المجموع نفاس واحد صرّح جمع منهم كالشارح رحمه الله بالاول و ظاهر كلام بعضهم كالعلامة رحمه الله هو الثانى و هو مبنى على الغالب من عدم تراخى الثانى عن الاوّل بما زاد عن اكثر النّفاس او العادة و الا وجب القطع بتعدد النفاس و يظهر فائدة الخلاف فيما لو تخلّل النقاء بينهما فانه على الأول يحكم بكونه طهرا مطلقا و ان لم يزد من وضع الاول الى انقطاع الدم من وضع الاخير على اكثر النّفاس و على الثّانى يحكم عليه بالنفاس فان النقاء المتخلّل بين ايام النفاس نفاس كما في الحيض و لعلّ الاوّل اظهر و تردّد المحقق رحمه الله في المعتبر في كون الدّم الخارج قبل ولادة الثانى نفاسا من حيث انّها حامل و لا حيض و لا نفاس في الحبل ثمّ رجّح كونه نفاسا لحصول مسمى النّفاس فيه فهو تنفس الرّحم به بعد الولادة فيكون لها نفاسان هذا و امّا اذا تعدّد الجزء منفصلا فقد ساوى الشارح بينه و بين تعدّد الولد و كانّ احتمال كون الجميع حينئذ نفاسا واحدا هاهنا اظهر منه هناك بل يحتمل حينئذ الحكم بكون ما زاد عن الاكثر او العادة بالنسبة الى ما يخرج مع الجزء الأوّل استحاضة و ان لم يزد عن ذلك بالنسبة الى جزء آخر و يحتمل ان يقال ان الاعتبار فيه بالجزء الذى يصدق معه الولادة عرفا دون الاجزاء الاخرى لكن يشكل فيما اذا انقطع بحيث لا يبقى جزء كذلك الا ان يعتبر حينئذ خروج الجزء الذى يصدق به الولادة عرفا بعد ملاحظة خروج الاجزاء السّابقة و ان بقي بعض الاجزاء بعد و هذه الاحتمالات و ان لم يذكر في كلام الاصحاب لكن لما كانت المسألة ممّا لم يتعرض له الاكثر و لم يظهر فيه نصّ و لا اجماع فكأنّه لا منع فيها من تجويز احتمال آخر لم يذكره من تعرّض لها و قال المصنف رحمه الله في الذكرى لو سقط عضو من الولد و تخلّف الباقى فالدّم نفاس على الاقرب و لو وضعت الباقى بعد العشرة امكن جعله نفاسا آخر كالتوأمين و على هذا لو تقطع بفترات تعدد النّفاس و لم اقف فيه على كلام سابق انتهى و ظاهره ان ما خرجت من الاعضاء المتفرقة في العشرة يجعل للجميع نفاس واحد و ما خرج بعد العشرة احتمل فيه ان يكون له نفاس آخر و قوله كالتوأمين الظاهر بقرينة ما سبق منه في مسئلة التّوأمين انه تشبيه في الحكم الثانى اى كما ان في التوأمين لكل منهما نفاس على حدة و ان كان الحكم فيهما مطلقا و ذلك لانه قال في مسئلة التّوأمين ذات التوأمين فصاعدا بتعدّد نفاسها عملا بالعلّة فلكل نفاس حكم نفسه و ان تجاوز العشرة فالباقى طهر حسب ما مرّ و قوله و ان تجاوز العشرة اى كل واحد لا المجموع اذ مع الحكم بتعدّد النفاس لا وجه للحكم بكون الباقى طهر المجرّد تجاوز المجموع و يمكن ان يحمل كلامه هاهنا على تعدّد النفاس بتعدد الجزء الخارج مطلقا و يكون قوله و لو وضعت الباقى بعد العشرة على سبيل المثال و فيه بعد لكن التشبيه بالتوأمين حينئذ يحمل على ظاهره فتأمّل

قوله عمّا يخرج قبل الولادة

و كانّه لا خلاف فيه كما يظهر من الخلاف بين الخاصّة و لا العامة ايضا و يدلّ عليه ايضا مضافا الى اصالة عدم سقوط العبادات ما تقدم من رواية عمّار فتذكّر

قوله الّا مع امكان كونه حيضا

هذا مبنى على القول بامكان حيض الحامل كما هو الاصح عند المصنف و الشّارح لكن الشيخ في الخلاف ادّعى اجماع الفرقة على ان الحامل المستبين حملها لا تحيض و انما اختلفوا في حيضها قبل ان يستبين الحمل و هذا بعد الاستبانة هذا و من شرائط امكانه حينئذ ان يتخلل بينه و بين النفاس اقل الطّهر كما هو رأى المصنف و اختاره الشارح و ادّعى في الخلاف عدم الخلاف فيه كما نقلنا منه سابقا فتذكّر

قوله فلا نفاس عندنا

و خالف فيه بعض العامة فاوجب الغسل المجرّد خروج الولد و منهم من جعله حدثا اصغر

قوله و اكثره قدر العادة في الحيض

اختلف الأصحاب في اكثر النفاس فالمشهور بينهم ان اكثره عشرة ايّام لكن منهم من اطلق كما فعله الشيخ في ف و المبسوط و ية و منهم من فصّل و حكم بانّ المعتادة ترجع الى عادتها و في غيرها اكثره عشرة كما ذكره المصنف هنا و منهم من اطلق ان اكثره ثمانية عشر يوما و منهم المرتضى و ابن الجنيد و ابو الصّلاح و الصّدوق و سلّار و ادعى المرتضى عليه الاجماع و ذكر الشيخ في التهذيب انه قال الشيخ و اكثر ايام النفاس ثمانية عشر يوما فان رأت الدم النفساء يوم التاسع عشر من وضعها الحمل فليس ذلك من النفاس و انما هو استحاضة فلتعمل بما رسمناه للمستحاضة و تصلّى و تصوم و قد جاءت الاخبار معتمدة في انّ اقصى مدّة النفاس هو عشرة ايّام و عليها اعمل لوضوحها عندى و قد وضع في النسخ علامة المتن على جميع ذلك و على هذا ففيه رجوع المفيد رحمه الله من القول بثمانية عشر الى القول بالعشرة كما نقله عنه في المدارك و يحتمل ان يكون قوله و قد جاءت الاخبار ابتداء كلام الشيخ الطوسى رحمه الله و على هذا فيكون مذهب المفيد هو الاول و هذا اظهر بحسب السّياق و يرشد اليه كلام المصنف في الذكرى حيث نقل هذه العبارة عن الشيخ في التهذيب و تبعه الشارح في شرح الارشاد و في عبارة الشيخ بعد ذلك ما يؤيّد كلّا من الاحتمالين و ما عندنا من نسخ المقنعة مختلفة ففى بعضها كما نقله الشيخ بدون قوله و قد جاءت الأخبار الى آخره و في بعضها معه و في بعضها العبارة هكذا و اكثر ايّام النفاس عشرة ايام و ان رأت النفساء الدّم يوم الحادى عشر من وضعها الحمل فليس ذلك من النفاس فتفعل ما رسمناه في المستحاضة و تصلّى و تصوم انتهى و ذهب العلامة في المختلف

ص: 74

الى انّ ذات العادة ترجع الى عادتها و المبتدئة تصبر ثمانية عشر يوما و الظاهر ان ذكره المبتدئة على سبيل المثال و حكمه في غير ذات العادة مطلقا فيشمل المضطربة ايضا و نقل عن ابن ابى عقيل انّه قال في كتابه المتمسّك ايّامها عند آل الرّسول عليه السّلام ايّام حيضها و اكثره احد و عشرون يوما فان انقطع دمها في تمام حيضها صلّت و صامت و ان لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما ثمّ استظهرت بيوم او يومين و ان كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة ايّام ثمّ اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت و لا يخفى ما في هذا الكلام من التشويش و الروايات فيها مضطربة جدّا ففى كثير منها الحكم برجوعها الى عادتها في الحيض كصحيحة زرارة عن احدهما عليهما السّلام قال النّفساء تكفّ عن الصّلاة ايّامها التى كانت تمكث فيها ثمّ تغتسل كما تغتسل المستحاضة و صحيحة زرارة ايضا قال قلت له النّفساء متى تصلّى قال تقعد قدر حيضها و تستظهر بيومين فان انقطع الدم و الا اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت فان جاز الدم الكرسف تعصّبت و اغتسلت ثمّ صلّت الغداة بغسل و الظهر و العصر بغسل و المغرب و العشاء بغسل و ان لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد قلت فالحائض قال مثل ذلك سواء الحديث و هذه الرّواية و ان كانت مضمرة في التهذيب عند نقلها اوّلا اشار بعده بقليل اليها و نسبها الى ابى جعفر عليه السّلام و صحيحة يونس بن يعقوب قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول النفساء تجلس ايام حيضها التى كانت تحيض ثمّ تستظهر و تغتسل و تصلّى و صحيحة يونس قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة ولدت فرات الدم اكثر مما كانت ترى قال فلتقعد ايّام قرئها التى كانت تجلس ثمّ تستظهر بعشرة ايام فان رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة و ان رأت صفرة فلتتوضّأ ثمّ لتصلّ قال في التهذيب قوله عليه السّلام تستظهر بعشرة ايام يعنى الى عشرة ايام لان حروف الصّفات تقوم بعضها مقام بعض انتهى او المراد تستظهر ببقيّة عشرة ايّام و حسنة فضيل بن يسار و زرارة بإبراهيم بن هاشم عن احدهما عليهما السّلام قال النّفساء تكفّ عن الصّلاة ايّام اقرائهما التى كانت تمكث فيها ثمّ تغتسل و تعمل عمل المستحاضة و رواية اخرى ايضا قريبة منها عن زرارة و فضيل عن احدهما عليه السّلام و موثقة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال تقعد النفساء ايّامها التى كانت تقعد في الحيض و تستظهر بيومين و رواية مالك بن اعين قال سألت ابا جعفر عليه السّلام عن النفساء يغشها زوجها و هى في نفاسها من الدّم قال نعم اذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر ايّام عدّة حيضها ثمّ تستظهر بيوم فلا باس بعد ان يغشاها زوجها يأمرها فتغتسل ثمّ يغشاها ان احبّ قال الشيخ و هذا الحديث يدل على ان اكثر ايّام النفاس مثل اكثر ايّام الحيض لانه لو كان زائدا على ذلك لما وسع لزوجها وطؤها لما قدمنا ان النفساء لا يجوز وطئها ايّام نفاسها و رواية عبد الرحمن بن اعين في الكافي قال قلت له انّ امرأة عبد الملك ولدت فعدّ لها ايّام حيضها ثمّ امرها فاغتسلت و احتشت و امرها ان تلبس ثوبين نظيفين و امرها بالصّلاة فقالت له لا تطيب نفسى ان ادخل المسجد فدعنى اقوم خارجا منه و اسجد فيه فقال قد امر بذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال و انقطع الدم عن المرأة و رأت الطهر و امر على عليه السّلام بهذا قبلكم فانقطع الدم عن المرأة و رأت الطّهر فما فعلت صاحبتكم قلت ما ادرى و قد اورد الشيخ في التهذيب في عداد تلك الرّوايات صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت ابا الحسن موسى عليه السّلام عن امرأة نفست و بقيت ثلثين ليلة او اكثر ثمّ طهرت و صلّت ثمّ رأت دما او صفرة فقال ان كانت صفرة فلتغتسل و لتصلّ و لا تمسّك عن الصّلاة و ان كان دما ليس بصفرة فلتمسّك عن الصّلاة ايّام اقرائها ثمّ لتغتسل و لتصلّ و كانه حمل جوابه عليه السّلام على انه جواب ببيان حال مطلق المستحاضة من اوّل الأمر من غير التّفاوت الى خصوص ما سأله السّائل و حينئذ يكون دلالته على الرجوع الى عادتها في الحيض مثل الروايات الاخرى و يمكن ان يكون حكمه عليه السّلام في خصوص ما سأله السّائل انه ان كان الدّم الذى رأته اخيرا صفرة فلا تمسّك عن الصّلاة اذ هو استحاضة مطلقا و ان كان دما ليس

بصفرة فلتمسّك عن الصّلاة اذا بلغت ايّام اقرائها و تعمل عمل المستحاضة في غيرها و حينئذ فلا دلالة له على ما هو المراد هاهنا لكن الحمل على هذا انما يتوجّه على القول بتقديم التمييز على العادة كما نقلنا سابقا عن الشيخ و امّا على ما هو المشهور من تقديم العادة فعلى تقدير كونه صفرة تمسّك عن الصّلاة في ايام العادة و تعمل عمل المستحاضة في غيرها هذا و في صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام كم تقعد النفساء حتّى تصلّى قال ثمان عشرة سبع عشرة ثمّ تغتسل و تحتشى و تصلّى و في صحيحة اخرى عن محمد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السّلام عن النّفساء كم تقعد فقال انّ اسماء بنت عميس امرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان تغتسل لثمانى عشرة و لا باس بان تستظهر بيوم او يومين و مثلها رواية اخرى ايضا بسندين موثق و حسن عن محمد بن مسلم عنه عليه السّلام و قال في الفقيه و قد روى انه صار حدّ قعود النفساء عن الصّلاة ثمانية عشر يوما لانّ اقل ايّام الحيض ثلاثة ايّام و اكثرها عشرة ايّام و اوسطها خمسة ايام فجعل اللّه عزّ و جلّ للنفساء اقل الحيض و اوسطه و اكثره و في رواية ابن سنان و حكم في الذكرى بصحّتها و كانّه لقرينة عنده على انّه عبد اللّه قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول تقعد النفساء تسع عشرة ليلة فان رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة قال الشيخ و قد روينا عن ابن سنان ما ينافى هذا الخبر و انّ ايّام نفاسها مثل ايّام الحيض فتعارض الخبران و ما نقل عن ابن سنان رواية بهذا المضمون قبله و لا بعده فلعلّ مراده انه وصل الينا عن ابن سنان رواية بهذا المضمون و لم ينقلها و لا يخلو عن بعد و الظاهر انه كانت عنده رواية عنه ما نقلها فهي و ظنّ انه نقلها و قد وردت روايات اخرى بقعودها ازيد من ذلك كصحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال تقعد النفساء اذا لم ينقطع عنها الدّم ثلثين اربعين يوما الى خمسين و صحيحة علىّ بن يقطين عن ابى الحسن الماضى عليه السّلام انها تدع الصّلاة ما دامت ترى الدّم العبيط الى ثلثين يوما فاذا رقّ و كانت صفرة اغتسلت و صلّت انشاء اللّه و رواية حفص بن غياث انها تقعد اربعين يوما و رواية محمد بن يحيى الخثعمى بالرّجوع الى عادتها فيما مضى من اولادها فان لم تلد فيما مضى فبين الاربعين و الخمسين هذا ما ورد في هذا الباب و من نظر فيها علم ان القول برجوع المعتادة الى عادتها قوى متين لتظافر اخبارها و امّا غيرها فلا يبعد القول فيها بالعشرة كما اختاره المصنف اقتصارا في ترك العبادات على ما هو المتيقن و هو العشرة لعدم الخلاف فيها و لانّ ظاهر الحكم بالرّجوع الى العادة الى ان لا يزيد النفاس على اقصى العبادات التى هى العشرة و يمكن ان يقال بقعود النفساء بقدر حيضها مطلقا سواء كان تحيّضها بالعادة او

ص: 75

بالرّجوع الى الاهل و الاقران او بالرّوايات فانّ قدر حيضها في الصّحيحة الثّانية لزرارة و كذا ايّامها و ايّام حيضها او قرئها او اقرائها في الرّوايات الاخرى لا يبعد شمولها للجميع لكن لا يظهر قائل به من الاصحاب و يحتمل القول بثمانية عشر كما اختاره في المختلف عملا باخبارها و جمعا بينها و بين الاخبار الاوّلة بحملها على غير المعتادة و امّا القول بالعشرة مطلقا و هو ضعيف لمنافاتها للاخبار المستفيضة و في التّهذيب و ان ادّعى عليه الاجماع حيث قال بعد ما نقلنا عنه من قوله لوضوحها عندى المعتمد في هذا انه قد ثبت انّ ذمّة المرأة مرتهنة بالصّلاة و الصيام قبل نفاسها بلا خلاف فاذا طرء عليها النّفاس يجب ان لا يسقط عنها ما لزمها الّا بدلالة و لا خلاف بين المسلمين انّ عشرة ايام اذا رأت المرأة الدم من النفاس و ما زاد على ذلك مختلف فيه فينبغى ان لا تصير اليه الّا بما يقطع العذر و كلّما ورد من الاخبار المتضمنة لما زاد على عشرة ايّام فهي اخبار آحاد لا تقطع العذر او خبر خرج على سبب او للتقيّة لكن قال بعد ذلك متّصلا به و يدلّ على ما ذكرناه من ان اقصى ايّام النّفاس عشرة ايّام و اورد روايات زرارة و يونس و عبد الرّحمن بن الحجاج و مالك بن اعين التى نقلناها و ظاهر انه لا دلالة فيها على الاخذ بالعشرة مطلقا لصراحتها في رجوع المعتادة الى عادتها فالظاهر ان حكمه بكون اقصاه عشرة باعتبار انّ اقصى عادة الحيض عشرة او في غير المعتادة لا انّ مع استمرار الدّم يحكم بالنّفاس عشرة مطلقا و على هذا فيجب حمل ما نقله من الاجماع ايضا على ما يوافق ما ذكره الّا ان يقال ان الاخذ بالعشرة مع ايام الاستظهار كما اشير اليها في بعض تلك الاخبار لكن الظّاهر حينئذ القول بجواز الاستظهار الى عشرة لا وجوبه كما يظهر بالتامّل فيما اوردناه من الاخبار و امّا ما اشير اليه من الاخبار المعتمدة في ان اقصى مدّة النفاس عشرة ايّام فقد عرفت ان كونه من كلام المفيد رحمه الله غير ظاهر و على تقدير كونه من كلام الشيخ فالظاهر كما يشهد به سياق كلامه انّها هى الاخبار التى نقلها و لا دلالة فيها على اطلاق القول بالعشرة و على تقدير ان يكون كلام المفيد ايضا فالظاهر انها هى الاخبار التى نقلها الشيخ لبعد عدم اطلاع الشيخ على مثلها من الاخبار المعتمدة او اطّلاعه عليها و الاعراض عن نقلها و التعرض لا يراد ما اورده من الاخبار و على تقدير وجود اخبار مطلقة في ذلك فينبغى حملها على احد ما ذكر من الوجهين في توجيه كلام الشيخ جمعا بينها و بين الاخبار المستفيضة التى نقلناها هذا و بما نقلناها ظهر حجة من اطلق القول بالثمانية عشر فانّها ما نقلنا من الرّوايات على وفقه و كذا القول بالأحد و العشرين فان متمسّكه ايضا هو روايات الثّمانية عشر مع تجويزه الاستظهار الى ثلاثة ايّام على ما فصّلنا و رواية التّسعة عشر ايضا تصلح حجة له مع الاستظهار يومين و في المعتبر بعد ما نقل كلام ابن ابى عقيل قال و قد روى ذلك البزنطى عن جميل عن زرارة و محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام ثمّ قال في آخر البحث و امّا ما ذكره ابن ابى عقيل فانه متروك و الرّواية نادرة و بما نقلنا ايضا ظهر ضعف القولين لمنافاتهما للاخبار المستفيضة نعم يمكن الجمع بين الاخبار بحمل اخبار الثمانية عشر او السّبعة عشر او التّسعة عشر على غير المعتادة مخيّرا بينها او لجواز الاستظهار بعد ايّام العادة الى الثمانية عشر او اختيها و على هذا لا يجب تاويل قوله عليه السّلام في رواية يونس ثمّ تستظهر بعشرة ايّام الى ما نقلنا عن الشيخ او ما ذكرنا بل يمكن حمله على ظاهره كما لا يخفى و قد جمع بعض المحققين بين الاخبار بحمل الأخبار الاوّلة على ما اذا كان الدم بعد العادة بصفة دم الاستحاضة و الاخبار الاخرى على ما اذا كان بصفة الحيض الى السّبعة عشر او الثمانية عشر او غيرهما ممّا ورد في الاخبار الا اذا كان بعضها مخالفا للاجماع فيطرح ذلك و يجمع بين الباقية بهذا الوجه و ايّده بما ورد في الاخبار في وصف دم الحيض و الاستحاضة فان فائدة التعريف معرفة المعرّف ليترتب عليه احكامه و بما في صحيحة علىّ بن يقطين تدع الصّلاة ما دامت ترى دما عبيطا الى ثلثين يوما الى آخره و بما في صحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج و بقيت ثلثين ليلة و بما في صحيحة محمّد بن مسلم اذا

ينقطع عنها الدم قال و يؤيّده ايضا وجود الدم فوق العشرة على ما رايناه في كلّ من رايناه من النساء بتلك الصّفة و لزوم الضيق و الحرج بتكليف عمل المستحاضة كلّ يوم الى زمان الانقطاع و لا يخفى بعده و ضعف ما ذكره من وجوه التّأبيد و امّا الاخبار الواردة بالثلثين و ما فوقه فلا يظهر قائل بها من الأصحاب فلتحمل على التقية لو وافقت مذاهب العامة كما قال في الفقيه و الاخبار التى رويت في قعودها اربعين يوما فما زاد الى ان تطهّر معلولة كلها وردت للتقيّة لا يفتى بها الّا اهل الخلاف انتهى و امّا حمل روايات الثمانية عشر و اختيها ايضا على التقية كما احتمله في التهذيب فلا يخلو عن اشكال لعدم ظهور قائل بها من العامة ايضا فانّ المعروف من اقوالهم هو القول بالأربعين كما هو مذهب ابى حنيفة و الثورى و اسحاق و احدى الرّوايتين عن احمد او السّتّين كما هو مذهب الشافعى و مالك و عطا و الشعبى و ابى ثور و داود و احدى الرّوايتين عن احمد و نقل ايضا انه قال اكثره سبعون يوما و حكى ابن المنذر عن الحسن البصرى انه قال خمسون يوما الا ان يوجّه الحمل على التقية فيها بانّهم عليه السّلام لم يحكموا بما هو الحقّ من ان اكثر عشرة تقيّة لكنهم لم يحكموا ايضا بما يوافق احد اقوالهم و انما حكموا بالثّمانية عشر لشهرة حديث اسماء بنت عميس بينهم ايضا فيمكن التمسّك به عند معارضتهم و لا يمكنهم انكاره بخلاف العشرة اذ لا يمكن الانكار بمستند له مقبول عندهم او يقال انهم عرفوا مذهب الخاصّة و قولهم بانّ اكثره عشرة فمتى سمعوا من احد ذلك حكموا برفضه بخلاف ما اذا قال ما زاد عليه فانّهم لا يحكمون حينئذ برفضه و لم يتعرّضوا له لتجويزهم ان يكون اجتهادا منه سيّما مع موافقته لخبر اسماء فتدبّر و قد اجاب ايضا في التهذيب عن التمسّك بصحيحة محمد بن مسلم المتضمّنة لحديث اسماء بانّ قوله عليه السّلام ان اسماء بنت عميس الى آخره لا يدل على انّ ايام النفاس ثمانى عشرة و انما يدل على انه امرها بعد الثمانى عشرة بالاغتسال و انما كان فيه حجة لو قال ان ايّام النفاس ثمانى عشرة يوما و ليس هذا في الخبر و ايّده بمرفوعة علىّ بن ابراهيم عن ابيه قال سألت امرأة ابا عبد اللّه عليه السّلام فقالت انى كنت اقعد في نفاسى عشرين يوما حتى افتونى بثمانى عشرة يوما فقال عليه السّلام و لم افتوك بثمانية عشرة يوما فقال رجل للحديث الذى روى عن رسول اللّه صلّى الله عليه و آله انه قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمّد بن ابى بكر فقال عليه السّلام ان اسماء سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد اتى لها ثمانية عشر يوما و قد سألته قبل ذلك لامرها ان تغتسل و تفعل كما تفعل المستحاضة و بروايتين اخريين ايضا احداهما صحيحة و الاخرى بسنده موثق و حسن تدلّان على ان سؤال اسماء انما كان حين اتت عليها ثمانى عشرة يوما و لا يخفى ان الجواب عن التمسّك بحديث اسماء بهذا الوجه متجه لكن حمل روايتى محمد بن مسلم عليه بعيد جدّا فان ذكر هذا الحديث في جواب السّائل عن قدر قعود النّفساء ظاهر في انه بيان له سيّما مع اضافة قوله عليه السّلام بعده و لا باس ان تستظهر بيوم او يومين نعم

ص: 76

بعد حمل الروايتين على التقيّة يمكن ان يقال انه عليه السّلام لم يحكم له بالقعود ثمانى عشرة بل اعرض عنه و اكتفى بما اوهم انّه جوابه مع انه ليس كذلك و قوله عليه السّلام و لا باس ان تستظهر الى آخره و لم يرد به ظاهره ظاهره من الاستظهار بعد الثمانى عشرة بل بعد ما هو حكمها في الواقع من القعود بقدر العادة كل ذلك للتّقية و اللّه تعالى يعلم

قوله على تقدير تجاوز العشرة

هكذا قيّده المصنف في الدروس و النصوص على ما نقلنا حالية عن التقييد صريحا لكن يمكن استفادته منها فان المستفاد منها كون حكم النفاس حكم الحيض كما صرّح به في الصحيحة الثانية لزرارة بقوله قلت فالحائض قال مثل ذلك سواء و في الحيض اذا لم يتجاوز العشرة يحكم بكون الجميع حيضا و ان تجاوز العادة فليكن النفاس ايضا كذلك فتدبّر

قوله في ايّام العادة و في مجموع العشرة

و كذا فيما زاد على العادة اذا لم يتجاوز العشرة فمعتادة السّبعة اذا رأت في مجموع التّسعة او في طرفيها فالجميع نفاس امّا لو رأت في التّاسع خاصّة او فيه و في يوم من الوسط فالنفاس انما هو في وقت الدم او ما بين الدّمين فافهم

قوله و حكمها كالحائض

لا يظهر فيه خلاف بين الاصحاب بل قال في المعتبر انه مذهب اهل العلم لا اعلم فيه خلافا و هو يكفى حجة

قوله و الاكثر

للخلاف في اكثره بخلاف الحيض

قوله لسبق دلالة النفساء بالحمل

اى دلالة النفاس على البلوغ مسبوق بدلالة الحمل قال في شرح الارشاد و هذا الوجه ذكره العلامة في يه و تبعه عليه في الذكرى و فيه نظر لان دلالة الحمل عليه لا تمنع من دلالة النفاس ايضا لامكان اجتماع دلالات كثيرة فان هذه الامور معرفات شرعية لا علل عقلية فلا يمتنع اجتماعها كما ان الحيض غالبا لا يوجد الا بعد سبق البلوغ بغيره انتهى و فيه تامّل اذ ليس مرادهم انه لا دلالة للنفاس على البلوغ بل انّ دلالته غير مفيدة لاستفادة البلوغ من الحمل قبله فدلالته لا تفيد اصلا بخلاف الحيض اذ قد لا يعلم البلوغ الا به و ان سبق بغيره و هو ظاهر

قوله و انقضاء العدة بالحيض دون النفاس

لان عدّة الحامل تنقضى بوضع الحمل الا بالاقراء فلا اثر للنفاس فيه و التقييد بالغالب للاشارة الى ان يكون احيانا فرض انقضائه بالنفاس ايضا كما لو طلقت الحامل من الزنا او حملت منه بعد الطلاق و رأت قرءين في زمان الحمل بناء على امكان حيض الحامل فيحسب النفاس بعدهما قرء آخر و تنقضى العدة بظهوره او انقطاعه على القولين في الاقراء فحينئذ انقضاء العدّة بالأقراء لا بوضع الحمل لانّ انقضاء العدّة بوضع الحمل انما هو اذا كان الحمل ممّن له العدة او يحتمل كونه منه كولد الملاعنة كما صرّح به في القواعد فاذا علم انتفاءه منه كان مضى من وطيه ازيد من اقصى الحمل فلا اثر لوضع الحمل في انقضاء عدّته و كذا اذا فرض انّها رأت قرءين بعد الطّلاق ثمّ حملت من زنا فيحسب النفاس حينئذ قرء آخر و تنقضى العدّة به و كذا لو كان حملها في هذه الصّورة من الشبهة لكن بشرط ان يتاخّر الدّم عن الولادة و لو بلحظة حتى يكون بعد انقضاء عدة الشبهة و امّا في الصّورة الاولى فلو كان الحمل من الشبهة فلا يحتسب القرءان في زمن الحمل من العدّة لان زمن الحمل لعدّة الشّبهة سواء كان وطؤها متقدّما على الطلاق او متأخّرا عنه و انما يجب ابتداء عدة الطّلاق او تتميمها بعدها بخلاف الزّنا فانه لا عدّة له فافهم و امّا ما ذكره سلطان العلماء رحمه الله من الوجهين للتقييد بالغالب ففيه تكلّف اذ الظاهر من انقضاء العدّة بالنّفاس نادوا الذى يفهم من التقييد بالغالب هو ان تتم العدّة به لا ان يحتسب في العدّة كما هو مقتضى ما ذكره من الوجهين فتدبّر

قوله و رجوع الحائض الى عادتها الى آخره

بخلاف النفساء فانها لا ترجع الى عادتها في النفاس و لا الى عادة نسائها فيه قال في شرح الارشاد الّا على رواية شاذّة و اشار به الى موثقة ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال النفساء اذا ابتليت بايّام كثيرة مكثت مثل ايّامها التى كانت تجلس قبل ذلك و استظهرت بمثل ثلثى ايّامها ثمّ تغتسل و تحتشى و تصنع كما تصنع المستحاضة و ان كانت لا تعرف ايّام نفاسها فابتليت جلست بمثل ايّام امّها او اختها او خالتها و استظهرت بثلثى ذلك ثمّ صنعت كما تصنع المستحاضة و كذا لا ترجع الى عادة نسائها في الحيض و تحتشى و تغتسل و لا الى الروايات على ما هو المعروف بين الاصحاب لكن قد ذكرنا سابقا احتمال الرجوع الى حيضها ان رجعت في الحيض اليهما بناء على ظاهر بعض الرّوايات فتذكر

قوله و يختص النفاس بعدم اشتراط اقلّ الطّهر بين النفاسين

و امّا بينه و بين الحيض فالمشهور اشتراطه و قيل بعدم اشتراطه كما اشرنا اليه سابقا فتذكر

قوله و يجب الوضوء مع غسلهن

اتفق الاصحاب كما نقله في التهذيب و هى على عدم وجوب الوضوء في غسل الجنابة و يدل عليه الاخبار المتظافرة ايضا و امّا سائر الاغسال الواجبة و المندوبة غير غسل الميّت لانّه سنفصّل القول فيه على حدة انشاء اللّه تعالى فالمشهور بينهم وجوبه فيها و ذهب السيّد المرتضى الى عدم وجوبه في شي ء منها و نقل ذلك عن ابن الجنيد ايضا و قوّاه جمع من محقّقى المتأخرين و كلامهم دائر بين وجوبه لتحقق غاية الغسل او وجوبه للعبادة المشروطة به كالصّلاة و الطّواف و مقتضى بعض ادلّتهم هو الثانى و المصنف رحمه الله في الذكرى احتمل الوجهين و ظاهر كلام صاحب المدارك حمله على الوجه الثانى و لا يخفى انه على الاول يجب حمل الوجوب في الاغسال المندوبة على المعنى الشرطى احتج الاولون بعموم الآية الشريفة فانه شامل لمن اغتسل و غيره خرج منه من اغتسل للجنابة بالنص و الاجماع فيبقى تحت الباقى العموم و مثله القول في الروايات المطلقة في وجوب الوضوء للصّلاة و نحوها و هذا هو الدليل الذى اشرنا الى انه يقتضى حمل كلامهم على الوجه الاخير و لا يخفى وجهه و بصحيحة ابن ابى عمير عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كل غسل قبله وضوء الّا غسل الجنابة و بصحيحة ابن ابى عمير ايضا عن حماد بن عثمان او غيره عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال في كل غسل وضوء الا الجنابة و في المختلف و كره عدّ هذه الرّواية من الحسن و لا وجه له و امّا ما اورده صاحب المدارك على المتخلف من ان الموجود في التهذيب رواية ابن ابى عمير بطريقين احدهما عن رجل و الاخرى عن حماد بن عثمان او غيره فهي بالحقيقة رواية واحدة مرسلة فلا ينبغى عدّها روايتين و لا جعل الثانى من الحسن فلا يخفى ما فيه لاختلاف المتن ايضا نعم ربما كان فيها احتمال ان تكون واحدة و يكون الاختلاف من تغيير احد الرّاويين لكن بمجرّد ذلك لا يمكن الحكم بكونهما واحدة مع ان الشيخ اوردهما روايتين فتفطن و رواية علىّ بن يقطين عن ابى الحسن الاوّل عليه السّلام قال اذا اردت ان تغتسل للجمعة فتوضأ و اغتسل و بانه قبل الغسل ممنوع عن الدّخول في الصّلاة و كذا بعده عملا بالاستصحاب و هذا ايضا مثل الدّليل الاوّل تقتضى الوجه الاخير و يمكن الجواب عن التمسّك بالآية الكريمة بمنع العموم لان كلمة اذا ليست من اداته بل للاهمال و لو سلّم فلتخصص بما سننقله من الرّوايات في حجة القول الآخر و منه يظهر الجواب عن التمسّك بالاخبار و المطلقة ايضا و امّا الرّوايتان

ص: 77

عن ابن ابى عمير فمع ما فيهما من الارسال و ان كان من ابن ابى عمير فان ما اشتهر من قبول مراسيله قد نوقش فيه في محلّه يمكن حملهما على الاستحباب لعدم ظهورهما في الوجوب على انّ الرّواية الأولى لا بدّ من حملها على الاستحباب على رأى كثير منهم ايضا للحكم فيها بقبليّة الوضوء مع انّهم جوّزوا تقديم الوضوء و تاخيره لو لم يكن ذلك اجماعا منهم كما سننقله عن ابن ادريس الّا ان يحملوها على الوجوب التخييرى و لا يخفى بعده و امّا الرواية الاخيرة فمع ضعف سندها محمولة على الاستحباب جمعا مع اختصاصها بغسل الجمعة فلا تفيد الكلية الا ان يتمسّك بعدم القول بالفصل لا يقال قد ورد الامر بالوضوء في بعض الرّوايات في غسل الجنابة ايضا كحسنة ابى بكر الخضرمى عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته قلت كيف اصنع اذا اجنبت قال اغسل كفّك و فرجك و توضّأ وضوء الصّلاة ثمّ اغتسل و حسنة محمّد بن ميسر قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل عن الجنب ينتهى الى الماء القليل في الطريق و يريد ان يغتسل و ليس معه اناء يغترف به و يداه قذرتان قال يضع يده و يتوضّأ و يغتسل هذا مما قال اللّه عزّ و جلّ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و لا اقل من حمله على الاستحباب مع انه على ما ذكرت من حمل الروايات على الاستحباب مقتضى روايتى ابن ابى عمير نفى استحباب الوضوء في غسل الجنابة فكيف تجمع بينهما لانا نقول يمكن حمل الامر بالوضوء في غسل الجنابة على التقية اذ الظاهر من بعض الروايات انهم كانوا قائلين بوجوب الوضوء في غسل الجنابة كما هو احد قولى الشافعى و روى عن احمد و داود و ابى ثور ايضا و يؤيده اشتهار القول بعدم الاستحباب بين الاصحاب فانه لم يقل به الّا الشيخ في التهذيب لمكان هاتين الروايتين و انه يجوز ان يكون للاستحباب مراتب بعضها آكد من بعض و يكون استحباب الوضوء في غير غسل الجنابة اكد منه فيه و بهذا يجمع ايضا بين هذه الرّوايات و بين ما ذكر في الكافى انه روى انه ليس في شي ء من الغسل وضوء الّا غسل يوم الجمعة فان قبله وضوء بان يقال انّ استحباب الوضوء في غسل الجمعة لعله اكد من الجميع ثمّ في سائر الاغسال غير الجنابة ثمّ في غسل الجنابة على ان الظاهر ان التوضؤ في الرّواية الاخيرة ليس بالمعنى الشرعى كما يشعر به السّياق فافهم و امّا الحجة الاخيرة فيجاب عنها بان منعه من الدخول في الصّلاة قبل الغسل امّا بالاجماع او بالآية و الروايات فان كان بالاجماع فلا نم انه اذا انعقد الاجماع على حكم في وقت مخصوص او حال خاصّ يستصحب ذلك الحكم في وقت آخر او حال آخر لم يتحقق فيه الاجماع لا بدّ له من دليل و ان كان بالآية و الرّوايات باعتبار عمومها فيرجع الى الدليل السّابق و يستدرك هذا الاستصحاب و قد ذكر الجواب عنه هذا ثمّ لو كان مرادهم هو الوجه الاوّل من الوجهين المذكورين فيرد على التمسّك بالرّوايات انّه يجوز ان يكون الوضوء فيها هو الوضوء للعبادة المشروطة بها لا لتحقق غاية الاغسال و عدم تماميّتها بدونها مع اطلاق الاوامر الكثيرة بها من دون تقييده بالوضوء و ظهور عدم دخول الوضوء في مفهوم الغسل فالظاهر صدق الامتثال بمجرّد الغسل الا ان يقال انّ الحكم بتقديمه على الغسل وجوبا او استحبابا ممّا يشعر بكونه لصحة الغسل اذ لو كان للعبادة المشروطة فلا يظهر وجه لذلك التقديم سيّما في الاغسال المندوبة و خصوصا اذا وقعت خارج الوقت و يؤيّده ايضا وروده في الاخبار في غسل الميّت على ما سيجي ء انشاء اللّه تعالى حجّة القول الآخر الاصل و صحيحة محمّد بن مسلم في التهذيب عن ابى جعفر عليه السّلام قال الغسل يجزى عن الوضوء و أيّ وضوء اطهر من الغسل و في الكافى ايضا و روى أيّ وضوء اطهر من الغسل و جعل اللّام للعهد الخارجى اشارة الى غسل الجنابة باعتبار انه اشهر الاغسال مع انه لا يخلو عن بعد يأبى عنه ما ذكر من التعليل فانه ظاهر في العموم و لا خصوصيّة لغسل الجنابة في هذا الوصف بالنسبة الى غيره من الاغسال و يؤكّد ذلك ورود هذا التّعليل في غسل الجمعة و غيره ايضا كما سننقله و ابعد منه جعله للعهد الذّهنى و جعل تحققه في ضمن غسل الجنابة لخروج الكلام عن الفائدة المعتدّ بها و قد يجاب بانّ المراد عدم الاحتياج الى الوضوء لتحقق الغسل و ان احتاج اليه لاجل الصّلاة مثلا و انت خبير باباء لفظة يجزى

عنه و كذا التّعليل فتدبّر و صحيحة حكم بن حكيم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الجنابة فقال افض و ساق الحديث الى ان النّاس يقولون يتوضّأ وضوء الصّلاة قبل الغسل فضحك و قال أيّ وضوء انفى من الغسل و ابلغ و السّؤال و ان اختصّ بغسل الجنابة لكن الجواب عام و خصوص السّؤال لا يوجب تخصيص الجواب و الكلام فيه ايضا مثل ما في سابقه و موثقة عمّار السّاباطى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل اذا اغتسل من جنابته او يوم جمعة او يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك او بعده فقال لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض او غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد أجزأها الغسل و قد يجاب عنه ايضا بالحمل على عدم الوضوء لتحقّق الغسل و لا يخفى بعده سيّما مع انضمام هذه الأغسال بغسل الجنابة و التّسوية بينهما في الحكم مع انه يجزى عن الوضوء للصّلاة اجماعا و رواية ابراهيم بن محمّد بن عبد الرحمن الهمداني كتب الى ابى الحسن الثالث عليه السّلام يسأله عن الوضوء للصّلاة في غسل يوم الجمعة فكتب لا وضوء للصّلاة و لا غيره و فيه تصريح بنفى الوضوء للصّلاة فلا يجرى فيه الجواب المذكور الا ان يحمل الوضوء للصّلاة على معنى الوضوء الشرعى و يكون الغرض من التقييد تعيين معنى الوضوء و حينئذ فيجزى فيه ايضا التأويل المذكور فيصير ابعد فتدبّر و رواية حماد بن عثمان عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يغتسل للجمعة او غير ذلك أ يجزيه عن الوضوء فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام أيّ وضوء اطهر من الغسل و قد مضى يجاب عنه ايضا بالجواب المذكور سابقا و الجواب الجواب و حمل الشيخ في التهذيب الرّوايات الثلاثة الاخيرة على ما اذا اجتمعت هذه الاغسال مع غسل الجنابة فانه يسقط الوضوء فاذا انفردت هذه الاغسال او شي ء منها عن غسل الجنابة فان الوضوء واجب قبلها و لا يخفى بعده بل فساده و يشهد لهذا القول ايضا ما روى من الاخبار المتظافرة ان غسل الجنابة و الحيض واحد و انه اذا حاضت المرأة و هى جنب أجزأها غسل واحد و ما في معناهما و ما ورد ايضا من الروايات في بيان حكم الحائض و المستحاضة و النّفساء من الامر بالغسل ثمّ الصّلاة بدون تعرض للوضوء مع وقوع الغسل مقابل الوضوء في بعضها و يؤيّده ايضا ما يدل من الرّوايات على ان غسل الحائض مثل غسل الجنب هذا ما يتعلّق بادلة الطرفين و قد ظهر به قوّة القول الثّانى و ظهوره لكن الشهرة مع القول الاول بل قال في الذكرى و يكاد يكون اجماعا فلا يترك الاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله متقدّما عليه او متأخّرا

هذا هو المشهور بين الاصحاب بل يستفاد من كلام ابن ادريس اتفاق القائلين بوجوب ضمّ الوضوء عليه حيث قال و قد توجد في بعض كتب اصحابنا في كيفيّة غسل الحائض مثل كيفيّة غسل الجنابة و يزيد بوجوب تقديم الوضوء على الغسل و هذا غير واضح من قائله بل الزّيادة على غسل الجنابة ان لا تستبيح الحائض اذا طهرت بغسل حيضها و بمجرّده الصّلاة

ص: 78

كما يستبيح الجنب سواء قدّمت الوضوء او اخّرت فان اراد يجب تقديم الوضوء على الغسل فغير صحيح بلا خلاف انتهى و ظاهر انه لا فرق في هذا المعنى بين غسل الحائض الحيض و سائر الاغسال الواجبة و المندوبة لكن ظاهر كلام الشيخ في التهذيب وجوب تقديم الوضوء لما نقلنا عنه آنفا و لقوله في موضع آخر فامّا سائر الاغسال فيجب تقديم الطّهارة عليها و قال في المبسوط في بحث الحائض و كيفية غسلها مثل غسل الجنابة سواء و يلزمها تقديم الوضوء ليسوغ لها استباحة الصّلاة على الاظهر من الرّوايات فان لم تتوضّأ قبله فلا بدّ منه بعده و في اصحابنا من قال يجزيه الغسل و الاوّل احوط و هذا يحتمل وجهين احدهما ان يكون مراده باللّزوم بقرينة ما بعده هو تاكّد الاستحباب و على هذا يمكن حمل الوجوب في كلامه في التهذيب ايضا عليه و ثانيهما ان يرى وجوب التقديم لكن يرى انّها اذا اخلّت به و اغتسلت بدون تقديم الوضوء لا بدّ من الوضوء بعده و يكفيها ذلك بلا حاجة الى اعادة الغسل مع تقديم الوضوء هذا و لا ريب في كون التّقديم افضل بل احوط امّا اوّلا فللرّواية الاولى المتقدّمة عن ابن ابى عمير و امّا ثانيا فللموثقة سليمان بن خالد عن ابى جعفر عليه السّلام قال الوضوء بعد الغسل بدعة و رواية عبد اللّه بن سليمان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول الوضوء بعد الغسل بدعة و يمكن حمل الخبرين على غسل الجنابة و يكون التخصيص بالبعد باعتبار انّ العامة القائلين بالوضوء فيه لعلّهم قالوا به بعد الغسل و الشيخ في التهذيب لما قال باستحباب الوضوء مع غسل الجنابة باعتبار ما تقدم من رواية ابى بكر الخضرمى حمل هاتين الرّوايتين اوّلا على غسل الجنابة و اوّلهما بانه اذا اعتقد انّ الغسل لا يجزيه يكون مبدعا ثمّ احتمل ان يكونا مخصوصين بما عد اغسل الجنابة و قال لانّ من المسنون في هذه الاغسال ان يكون الوضوء فيها قبلها فاذا اخّره الى بعد الغسل كان مبدعا و كانّه لم يرد بالمسنون المستحبّ بل الذى ثبت عليه سنّة النّبى صلّى اللّه عليه و آله فيكون مذهبه وجوب التقديم كما هو ظاهر ما نقلنا عنه من العبارتين او اراد بالمبدع ما يشمل الآتى بالمرجوح ثمّ لا يخفى انه على تقدير حمله على غسل الجنابة ايضا او على ما يعمّه يجرى ما ذكره من الوجه الثانى لانّ ما ورد بالوضوء فيه ايضا ورد قبله فيمكن ان يكون بعده بدعة فتدبّر و امّا مرسلة محمّد بن احمد بن يحيى انّ الوضوء قبل الغسل و بعده بدعة فيحتمل ان تخصّ بغسل الجنابة و يحمل ما ورد بالوضوء فيه على التّقية كما ذكرنا سابقا و في التهذيب انّه خبر مرسل لم يسنده الى امام و لو صحّ لكان معناه انّه اذا اعتقد انّه فرض قبل الغسل فيكون مبدعا فامّا اذا توضّأ ندبا و استحبابا فليس بمبدع و لا يخفى بعده ثمّ الاولى ترك قوله قبل الغسل او تبديله بمع اذ في الرّواية ذكر البعد ايضا و حكم بالبدعة على كل منهما فلا بدّ من التّأويل فيهما الّا ان يكون اشارة الى ما ذكرنا آنفا من انّه يمكن ابقاء الحكم بكون البعد بدعة على ظاهره و انما وجب التاويل في القبل فافهم و الاظهر ان يحمل الرّواية على غير غسل الجنابة او على ما يعمّه و يجعل قوله قبل الغسل خبر المبتدأ و بعده بدعة كلاما مستانفا فنطابق الرّوايتين السّابقتين فتأمّل و اعلم انّ القول بوجوب تقديم الوضوء على الغسل مع القول بكونه للصّلاة بعيد لانه اذا كان للصلاة و لا مدخل له في الغسل اصلا فلا وجه ظاهر الوجوب تقديمه على الغسل خصوصا في الاغسال المندوبة و فيما اذا وقع خارج الوقت و اللّه يعلم

قوله و تتخيّر فيه بين نيّة الاستباحة و الرّفع مطلقا

اى سواء قدّم او اخّر خلافا لابن ادريس حيث منع ان تنوى فيه الرفع في الحالتين و عيّن لها نيّة الاستباحة نظرا الى ان الرفع انما يتحقق برفع الحدث الاكبر فان تقدم الوضوء فهو باق و ان تاخّر فقد زال و ظهور ضعفه يغنى عن ردّه كذا في شرح القواعد و اعلم انّ على القول بوجوب الوضوء مع هذه الاغسال فهل هناك حدث واحد لا يرتفع الّا بهما او حدثان اكبر و اصغر و حينئذ فهل الوضوء ينصرف الى الاصغر و الغسل الى الاكبر او يشتركان في رفع الحدثين و لا يرتفع شي ء منهما الّا بهما احتمالات و الظّاهر على ما هو المشهور من ان الوضوء مع الغسل انما هو لفعل مشروط به كالصّلاة لا لتحقق غاية الغسل هو الاحتمال الثانى و على القول بان يكون لتحقق غاية الغسل هو احد الاحتمالين الآخرين كما يظهر بالتامّل و في شرح عد بنى الكلام على تحقق الحدثين و ذكر ما اوردنا من الاحتمالين و نقل عن كرى انّه استبعد لاحتمال الاول و رجّح التشريك و اورد عليه انه لا ريب في ضعف القول بالتّشريك و الا لكان موجب الطهارة الصغرى موجب للكبرى و هو باطل اجماعا و لم يحل الصوم و اللبث في المسجد و الوطء للحائض قبل الغسل على القول بحرمة الوطى قبله و لعلّ مراده انه اذا لم يرتفع الحدث الاصغر بالوضوء و لا بدّ في رفعه من الغسل ايضا كما هو مقتضى القول بالتشريك فيلزم ان يكون كل موجب للطهارة الصّغرى موجبا للكبرى ايضا اذ مع ايجاب الصّغرى يتحقق الحدث الاصغر و المفروض انه لا يرتفع بالصغرى فقط فلا بد في رفعه من الكبرى ايضا فيكون موجبا للكبرى ايضا و فيه انّ القول بالتشريك انما هو في الحدث الاصغر المجامع للاكبر الحاصل بحصوله على القول بتحقق الحدثين فيه و لا يلزم من القول بالتشريك فيه و عدم رفعه الّا بهما ان يكون الحدث الاصغر مطلقا كذلك حتى يلزم ما ذكره و امّا ما اورده ثانيا فكان في عبارته سهوا و الصواب بدل قوله قبل الغسل بعد الغسل اى بعد الغسل و قبل الوضوء و يرد عليه بعد الاصلاح انّ على القول بعدم تحقق غاية الغسل الّا بالوضوء و يلتزم ما ذكره من عدم حلّ الصوم و غيره للحائض قبل الوضوء نعم على القول بانّ الوضوء لفعل مشروط به لا يمكن التزام ذلك و قد عرفت ان القول بالتشريك انما يتوجه على القول الاوّل فتأمّل ثمّ على الاحتمالات فضعف ما ذكره ابن ادريس ظاهر امّا على الثانى فلانّ لكلّ حدث رافعا يمكن ان ينوى به رفع حدثه به فلا اشكال و امّا على الاول فلان كلّا منهما علّة ناقصة لرفع الحدث الواحد او الحدثين فلها في كل منهما نيّة الرفع في الجملة به لا الرفع بالكلية لعدم صحّته في شي ء منهما على الاحتمالين اللّهم الّا في المتاخّر منهما و لو نوت الاستباحة فعلى الوجوه يلزم ايضا ان تقصد بكل منهما الاستباحة في الجملة اذا الاستباحة التامّة لا تحصل الا بهما او تنوى في المتقدّم الاستباحة في الجملة و في المتاخّر الاستباحة التامة و على التقادير فتخصيص الرفع بالغسل و الاستباحة بالوضوء على ما ذكره ابن ادريس مما لا وجه له فتفطّن

قوله اذا وقع بعد الانقطاع

و امّا اذا وقع قبل الانقطاع الدم كما في المستحاضة او الحائض و النفساء اذا استمرّ بهما الدّم و حكم عليهما بالاستحاضة فلا ينوى الرفع لبقاء الحدث فيتعيّن الاستباحة و قد اشرنا سابقا الى ما هو التحقيق في هذا المقام فتذكّر

[غسل المس]
اشارة

قوله و قبل التطهير

و لو كان كافرا لا يقبل التطهير احتمل في المنتهى عدم وجوب الغسل بمسّه لان قولهم قبل تطهيره بالغسل انما يتحقق في ميّت يقبل التطهير و جعل الاقرب وجوبه لان الكافر في حياته نجس و بالموت لا يزول عنه ذلك الحكم و فيه تامّل اذ بعد تسليم بقاء نجاسته بعد الموت لا يفيد ذلك في الحكم بوجوب الغسل بمسّه بل انما يفيد غسل العضو اللّامس نعم ما جعله اقرب كما اختاره المصنف في الذكرى للاخبار العامة بوجوب

ص: 79

الغسل بمسّ الميّت بعد ما يبرد او مسّ الانسان و قد برد و قولهم قبل تطهيره لا يصلح للتّخصيص لصدق القبليّة فيما لا تطهير فيه ايضا اذ لا ريب في وجوب الغسل بمسّ الميّت المسلم و ان لم يقع بعده تطهيره فليس المراد بالقبليّة ما يستلزم وقوع التطهير بعده و على هذا فكما يمكن حمله على معنى ما اذا لم يطهّر و كان قابلا للتطهير كذلك يمكن حمله على ما اذا لم يطهر مطلقا و لو لم يكن الثانى اظهر فلا اقلّ من المساوات على انّه لا يبعد ايضا ان يكون هذا القول انما خرج فيما هو الشائع بين المسلمين من كون الميّت الممسوس مسلما فتخصيص الاخبار بمجرّد هذا القول مشكل جدّا على انّ هذا القيد انما اشتهر في كلام الاصحاب و لم اجده في الاخبار الا في مكاتبة الصّفار الصحيحة قال كتبت اليه رجل اصاب يديه او بدنه ثوب الميّت الذى يلى جلده قبل ان يغسّل هل يجب عليه غسل يديه او بدنه فوقع اذا اصاب يدك جسد الميّت قبل ان يغسّل فقد يجب عليك الغسل و انّما الموجود في غيرها انه لا باس ان يمسّه بعد الغسل و ان مسّ الميّت عند موته و بعد غسله ليس به باس و هذا لا دلالة له على خروج الكافر بوجه و ينبغى حمل الرّواية الأولى ايضا على انّ التقييد بقبل الغسل لمجرّد الاحتراز عمّا اذا وقع بعد الغسل موافقا لهاتين العبارتين ثمّ على ما اخترناه لا فرق في وجوب الغسل بمسّ الكافر بين مسّه قبل الغسل او بعده كما صرّح به في الذكرى لانّ غسله لا يفيد طهارة و الظاهر من الغسل في الاخبار هو الغسل الشرعيّ الّذى يفيد الطّهارة فتأمّل

قوله بتمام الغسل

اى تمام الاغسال الثّلاثة اذا الظاهر من بعد الغسل الوارد في الرّوايات هو ذلك لاتمام غسل الاعضاء جميعا لما سيشير اليه من بيان حكمه و بالتقييد بالغسل كانّه اشارة الى انّه لا يكفى التطهير بالتيمّم و لو عن بعض الغسلات في سقوط غسل المسّ كما صرّح به في شرح الإرشاد و المدارك لورود الغسل في الاخبار و التيمّم ليس غسلا و ان كان بدلا منه اذ البدلية لا تقتضى المساواة من جميع الوجوه و ظاهر المصنف حيث اطلق التطهير الاكتفاء به

قوله و في وجوب غسل العضو اللّامس

اى في صورة المسّ قبل البرد قولان اجودهما ذلك و استدلّ عليه في شرح الارشاد بحسنة الحلبى بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرّجل يصيب ثوبه على جسد الميّت قال يغسل ما اصاب الثوب و رواية ابراهيم بن ميمون قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يقع ثوبه على جسد الميّت قال ان كان غسل الميّت فلا تغسل ما اصاب ثوبك منه و ان كان لم يغسّل الميّت فاغسل ما اصاب ثوبك منه فانّهما يدلّان على نجاسة الميّت مطلقا من غير تقييد بالبرد و يدلّان ايضا على انّ نجاسة الميّت تتعدى مع الرّطوبة و اليبوسة للحكم بها من غير استفصال و انت خبير بانّه تعارض الرّوايتين صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال مسّ الميّت عند موته و بعد غسله و القبلة ليس به باس و حمل عند موته على قبل الموت بحمل الميّت على المشرف على الموت بعيد جدّا و كذا حمل نفى الباس على مجرّد عدم وجوب الغسل فالاظهر تقييد الروايتين بما بعد البرد و حمل هذه على ما قبله في الغسل و يمكن تأييد ذلك بمكاتبة صفّار المتقدّمة آنفا فان ظاهرها انّ وجوب غسل اليد انما هو عند وجوب الغسل لينطبق الجواب على السّؤال الّا ان يتناقش بانّ الغسل فيها يمكن ان يكون بالفتح لا بالضمّ و حينئذ يصير بعمومه دليلا آخر للشّارح فافهم و امّا الاطلاق بالنسبة الى الرطوبة و اليبوسة فمعارض بقوله عليه السّلام في موثقة عبد اللّه بن بكير كلّ يابس زكى و ارتكاب التّخصيص فيها كانه ليس باولى من حملهما على ما اذا كان مع الرطوبة بل الثانى اولى لأصالة الطّهارة و البراءة مع انّ متن الروايتين على ظاهره لا يخلو من شي ء فان الظاهر حينئذ في الرّواية الأولى ما اصاب من الثوب و في الرواية الثانية ما اصاب من ثوبك فلا بدّ من تقدير اى ما اصاب به الثوب او ثوبك حتى يدلّ على ما ذكره و كما يحتمل ذلك يحتمل ايضا ان نجعل الثوب و كذا ثوبك مفعولا لأصاب فيكون المراد غسل ما اصاب الثوب اى علّقه من اثره من رطوبة و نحوها و حينئذ فلا دلالة له على ما ذكره اذ مع اليبوسة لا يعلق الثوب شي ء منه و لو حمل على غسل ما اصاب الثوب من نجاسة فلا يجب الغسل الّا اذا علم اصابة نجاسة الثوب و لا يعلم ذلك الا مع الرّطوبة فافهم و اللّه تعالى يعلم

قوله خلافا للمصنف

فانّه حكم في الذكرى بانّ الاقرب عدم وجوبه لعدم القطع بنجاسته حينئذ و اصالة البراءة و لانّ نجاسة و وجوب الغسل متلازمان اذ الغسل لمسّ النجس و ان قلنا انّ وجوبه تعبد محض فبطريق الأولى سقوط غسل اليد قال و يلوح ذلك من كلام ابن ابى عقيل الا انه مخالف للجماعة و لدعوى الشيخ الاجماع عليه و الفاضل اوجب غسل يده بمسّه قبل البرد محتجا بان الميّت نجس و جوابه انا انما نقطع بالموت بعد البرد انتهى و لا يخفى انّ دعوى التلازم بعد النجاسة و وجوب الغسل غير ظاهرة اذ لا دليل على استلزام النجاسة لوجوب الغسل الا يجوز ان يكون وجوب الغسل بعد البرد و ان كان نجسا قبله ايضا كما انه لا دليل على استلزام وجوب الغسل للنجاسة ايضا بل ينتقض ذلك بوجوب غسل المعصوم بدون النجاسة لكن دعوى التلازم من الجانب الآخر لا يهمّه اذ يكفيه دعوى الاستلزام الاول و ايضا بعد جزمه اوّلا بالتلازم المذكور قوله و ان قلنا انّ وجوبه تعبّد محض كما ترى و لعلّ مراده انه ان كان وجوب غسل الميّت ان كان كذا لاجل نجاسة فوجوب الغسل ملزوم للنّجاسة فقبل البرد لما لم يجب الغسل فلم يكن نجسا و ان كان تعبّدا محضا فبطريق الاولى لا يحكم بوجوب غسل اليد قبل البرد اذ حينئذ لا يمكن الحكم بوجوبه بعد البرد الذى يجب فيه الغسل فضلا عن قبله و حينئذ يندفع التدافع بين الكلامين لكن لا يبقى انه يجوز ان يكون وجوب الغسل لخصوص نجاسة بعد البرد لا مطلقا او يكون بعد البرد تعبّدا محضا لا لاجل نجاسة فلا ينافى نجاسة قبله ايضا فالظاهر الاكتفاء بما ذكره قبله من التمسّك باصالة البراءة و عدم القطع بنجاسة قبل البرد مضافا الى عموم كلّ شي ء طاهر حتى تعلم انّه قذر و امّا ما ذكره آخرا من عدم القطع بالموت قبل البرد لجواز بقاء قدر من الحياة ما بقي من الحرارة ففيه انه مخالف لظاهر الاخبار الكثيرة كصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام قال قلت الرّجل يغمّض الميّت أ عليه غسل فقال اذا مسّه بحرارته فلا و لكن اذا مسّه بعد ما يبرد فليغتسل و صحيحة اسماعيل بن جابر قال دخلت على ابى عبد اللّه عليه السّلام حين مات ابنه اسماعيل الأكبر فجعل يقبّله و هو ميّت فقلت جعلت فداك ا ليس لا ينبغى ان يمسّ الميّت بعد ما يموت و من مسّه فعليه الغسل فقال امّا بحرارته فلا باس انما ذلك اذا برد و هذه الرّواية ايضا لا يخلو عن تأييد لصحيحة محمد بن مسلم المنقولة في الحاشية السّابقة و صحيحة معاوية بن عمار قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الذى يغسّل الميّت عليه غسل قال نعم قلت فاذا مسّه و هو سخن قال لا غسل عليه فاذا برد فعليه الغسل و حسنة حريز بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من غسل ميتا فليغتسل قال و ان مسّه ما دام حارا فلا غسل عليه و اذا برد ثمّ مسّه فليغتسل قلت فمن

ص: 80

ادخله القبر قال لا غسل عليه انّما يمسّ الثياب و رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال يغتسل الذى غسل الميّت و ان قبّل الميّت انسان بعد موته و هو حارّ فليس عليه غسل و لكن اذا مسّه و قبّله و قد برد فعليه الغسل و لا باس ان يمسّه بعد الغسل و يقبّله و في الذكرى و في شرح القواعد و شرح الإرشاد نقل هذه الرواية و فيها بدل و ان قبل و ان غسّل و لذا قال في شرح الارشاد و هذا الحديث كما يدل على صدق الموت قبل البرد كذلك يدل على جواز تغسيله قبله ايضا و كانه سهو فانّ في الكافي و التهذيب على ما نقلنا

قوله و كذا لا غسل بمسّه بعد الغسل

كانه لا خلاف فيه و يدل عليه الأخبار ايضا كما سبق بعضها و امّا موثقة عمار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال يغتسل الذى غسّل الميّت و كلّ من مسّ ميّتا فعليه الغسل و ان كان الميّت قد غسّل فيمكن حملها على الاستحباب كما فعله الشيخ رحمه الله و كذا مفهوم انما يمسّ الثياب في حسنة حريز السّابقة ان اعتبرناه فافهم

قوله اختار المصنف رحمه الله عدمه

قال في الذكرى و لو مسّ ما تم غسله منه فالأقرب سقوط الغسل للحكم بطهارته و لو غلبنا النجاسة الحكميّة و قلنا انّ زوالها عن جزء مشروط بزوالها عن آخر امكن الوجوب و لانه يصدق عليه انّه ميّت لم يغتسل امّا على القول بالنجاسة العينيّة كما هو ظاهر الاصحاب فلا اشكال في عدم الوجوب انتهى و كانّ في نسبة اختيار العدم الى المصنف ايماء الى ضعفه فانّ الظاهر انّ نجاسة الميّت و ان كانت عينيّة بدليل التعدّى ليست عينيّة محضة بقرينة وجوب الغسل المعصوم و لتوقف زوالها على الغسل على الترتيب في غير الارتماس بلا خلاف و بالنية على ما هو المشهور و ادّعى الشيخ في الخلاف عليه اجماع الفرقة و وجوب الغسل بمسّه ايضا ليس بمجرّد نجاسة العينيّة اذ لو كان كذلك لما وجب بمسّ المعصوم و لما تعدت النجاسة من العضو الملاقى الى غيره كما هو شان سائر النجاسات العينية و لما وجب الغسل بمسّ العظم المجرّد لانه مما لا تحلّه الحياة مع ان المصنف قائل بوجوبه كما سيجي ء عن قريب و ايضا لما وجب الغسل بالمسّ بغير رطوبة كما هو المعهود من النجاسات العينية فالظاهر انه لنجاسة الحكميّة او تعبّد محض و على هذا فلمّا وردت الاخبار بوجوب الغسل بمسّه الا اذا كان بعد الغسل و الظاهر منه الغسل بتمامه لا تمام غسل العضو الممسوس فالظاهر وجوب الغسل ما لم يتم الغسل كملا و ان تمّ غسل العضو الممسوس و طهر العضو بتمام غسله من النجاسة العينية فتأمّل

قوله و في حكم الميّت جزءه المشتمل على عظم

وجوب الغسل بمسّ قطعة فيها عظم سواء ابينت من ميّت او حيّ مما ذكره الشيخ في كتبه و استدل عليه في الخلاف باجماع الفرقة و للاحتياط و يدلّ عليه صحيحة ايّوب بن نوح على ما في التهذيب عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا قطع عن الرّجل قطعة فهي ميّتة فاذا مسّه انسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسّه الغسل فاذا لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه قال في شرح الارشاد و هذه الرّواية تدل باطلاقها على حكم المبانة من الحىّ و الميّت و ان كان الاصحاب قد ذكروها في الميّت خاصّة انتهى و لا يبعد ان يدعى ظهورها في المبانة من الحىّ و قال المحقق في المعتبر و الّذى اراه التوقف في ذلك فان الرّواية مقطوعة و العمل بها قليل و دعوى الشيخ في ف الاجماع لم يثبت على انّا بيّنا ان علم الهدى رحمه الله انكر وجوب الغسل في كتاب المصباح و الشرح و ذكر انه سنّة فكيف يدعى الاجماع في هذه فاذن الاصل عدم الوجوب و ان قلنا بالاستحباب كان تفصيا من اطراح قول الشيخ و الرّواية انتهى قوله و العمل بها قليل اى العمل بالرّواية المقطوعة او بخصوص هذه الرّواية باعتبار عدم ظهور عمل الاكثر عنده لا ظهور عملهم على خلافه لعدم ظهوره و ايضا لو كان كذلك لما حسن منه الاكتفاء في الرّد على دعوى الشيخ الاجماع بعدم الثبوت و ذكر مخالفة السّيّد و هو ظاهر ثمّ ما ذكره من التوقف و ان كان لا يخلو عن وجه لكن الاولى العمل بالخبر للاحتياط و لشهرته بين الاصحاب و دعوى الشيخ الاجماع و لا يقدح فيه خلاف المرتضى لامكان حصول العلم له بانعقاد الاجماع على خلاف مذهبه و يمكن ايضا ان يكون مراده وجوب الاجماع من القائلين بوجوب غسل المسّ فمن اوجبه في الجملة فعليه ان يوجبه في القطعة ايضا للاجماع المركّب و امّا ما ذكره المصنف في الذكرى من ان هذه القطعة نجسة قطعا لوجوب غسلها كما مرّ و هى بعض من جملة يجب الغسل بمسّها و خصوصا في الميّت فكل دليل دلّ على وجوب الغسل بمسّ الميّت فهو دالّ عليها و لان الغسل يجب بمسّها متّصلة فما الذى اخرجه عن الوجوب بانفصالها و لانه يلزم عدم الغسل لو مسّ جميع الميّت ممزّقا فلا يخفى ضعفه لان النصوص وردت بوجوب الغسل لمسّ الميّت و المتبادر منه هو الجملة و لا دليل على كون حكم ابعاضها حكمها و هذا هو الفارق بين صورة الاتّصال و الانفصال فاندفع الوجهان الاوّلان على انّهما لو تمّا لدلّا على وجوب الغسل بمسّ القطعة غير ذات العظم ايضا و لم يقولوا به و امّا الثالث فبطلان اللازم فيه ممنوع اذ لا دليل عليه سوى مجرّد استبعاد ثمّ لا يمكن اجراء الوجوه في المبانة من الحىّ الّا بزيادة تعسّف كما لا يخفى على المتامّل فتأمّل و ذكر الشّارح في شرح الارشاد ان هذه القطعة من شانها الحياة فاذا قطعت صدق اسم الميّت عليها لانّ الموت عدم الحياة عمّا من شانه ان يكون حيّا فكل ما دلّ على حكم الميّت دلّ عليها و قد ظهر ضعفه ايضا بما اشرنا اليه فان المتبادر من الميّت الوارد في النصوص هو الجملة لا كلّ ما عدم فيه الحياة و كان من شانه ان يكون حيّا على انّه ايضا لو تمّ لجرى في غير ذات العظم ايضا فتدبّر

قوله و المبان منه

اى من المشتمل على العظم و الظرف حال او صفة و قوله من الحىّ

صلة للابانة اى و كذا الجزء المشتمل على العظم المبان من الحىّ

قوله و العظم المجرّد عند المصنف

سواء كان متّصلا او منفصلا كما صرّح به في الذكرى

قوله و هو ضعيف

و يشكل مع ضعف العمل بالدّور ان كما حقق في الاصول بانّ العظم ممّا لا تحلّه الحياة فلا ينجس بالموت فلا يفيد غيره نجاسة و هذا انما يتوجّه لو قلنا انّ غسل المسّ لنجاسة الممسوس نجاسة عينيّة و امّا اذا كان لنجاسة الحكميّة او تعبّدا فلا امّا على الثانى فظاهر و امّا على الاوّل فلان المعلوم انّ ما لا تحلّه الحياة لا ينجس بالموت نجاسة عينيّة و امّا الحكمية فلا و اجاب المصنف في الذكرى بمنع طهارته قبل الغسل الشّرعى لانه ينجس بالاتّصال اى بما عليه من اللحم و الجلد نعم لو اوضح العظم في حال الحياة و ظهر ثمّ مات فمسّه يتوجّه الأشكال و لا يخفى انه اذا كانت نجاسة عرضيّة باعتبار الاتصال بما عليه من اللحم و الجلد فيمكن غسله ايضا بعد ازالة ما عليه فينبغى ان يطهر بذلك و يتوجّه حينئذ ايضا الاشكال في الحكم بوجوب الغسل بمسّه ثمّ دفع الاشكال على القول باعتبار النجاسة العينيّة بانه يمكن القول بنجاسة تبعا للميّت عينا و فيه انّ ظاهر ما نقلوا من الاتفاق على عدم نجاسة ما لا

ص: 81

تحلّه الحياة بالموت و كذا ما يدل عليه من الاخبار كصحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام لا باس بالصّلاة فيما كان من صوف الميتة انّ الصوف ليس فيه روح لدلالة التعليل على شمول الحكم لكل ما لا روح فيه و صحيحة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الانفحة تخرّج من الجدى الميّت قال لا باس به قلت اللبن يكون في ضرع الشاة و قد مات قال لا باس به قلت و الصّوف و الشعر و عظام الفيل و الجلد و البيض يخرج من الدّجاجة قال كل هذا لا باس به و من الظاهر بقرينة المقام ان المراد بالصوف و غيره ممّا تضمّنه السّؤال ما كان من الميتة الى غير ذلك من الاخبار انما هو عدم نجاسته مطلقا لا عدم نجاسته اصالة و الأمر بغسله لزوال النجاسة التّبعية على انه لا يمكن ذلك في بعضه كاللّبن فلا فائدة فيه لنفى نجاسة اصالة اصلا و ان اراد ان عدم نجاسة ما لا تحلّه الحياة في خصوص الانسان غير معلوم فيمكن القول فيه بنجاسته تبعا للميّت ففيه بعد المساعدة عليه انه اذا لم يكن شمول الادلة للانسان ظاهرا فيمكن القول بالنجاسة فيه اصالة ايضا فلا حاجة الى التمسّك بالتبعية الا ان يقال ان حديث التبعيّة باعتبار التبعية في الموت اذ الموت فيما لا تحله الحياة بالتبعيّة فالمراد انه يمكن القول بالنجاسة العينيّة في العظم في خصوص الانسان اذا عرض له الموت بتبعيّة سائر الاجزاء لعدم شمول الروايات له و كذا عدم ظهور تناول الاجماع له هذا ثمّ لا يخفى ان ما ذكروه من امكان القول بالنجاسة لو صحّ انما يصح في العظم حين الاتّصال او الانفصال اذا كان بعد الموت و امّا في العظم المجرّد المنفصل عن الحىّ بدون مصاحبته لشى ء من لحم و غيره فالحكم بنجاسته من دون عروض موت له و لو بالتّبع تعسّف جدّا ثمّ ذكر في الذكرى بعد حكم العظم امّا السّن و الضرس فالاولى القطع بعدم وجوب الغسل بمسّهما لانهما في حكم الشعر و الظفر هذا مع الانفصال و مع الاتصال يمكن المساوات لعدم نجاستهما بالموت و الوجوب لانّهما في جملة يجب الغسل بمسّها انتهى و لا يخفى ان القطع بعدم وجوب الغسل بمسّ السّنّ و الضرس حالة الانفصال و الحاقهما بالشعر و الظفر مع حكمه بدوران الغسل مع العظم و اعتباره لا يخلو عن اشكال لان الانسان ايضا من العظام كما صرّح به الشيخ الرئيس في غير موضع من القانون فيجب ان يكون حكمها حكم العظم الا ان يقال المتبادر عرفا من العظم هو ما سوى الانسان لكن مع ذلك القطع بما ذكره على مذهبه لا يخلو عن اشكال فالاولى ما في شرح الارشاد حيث قال بعد ما نقله من المصنف من حكم العظم المجرّد و حكمه بضعفه هذا في غير السّن و الضّرس امّا فيهما فالقول بالوجوب اضعف لانّهما في حكم الشعر و الظفر هذا مع الانفصال امّا مع الاتّصال فيمكن المساوات و الوجوب لانّه جزء من جملة يجب الغسل بمسّها انتهى فجعل الاشكال فيهما اضعف و لم يحكم برفع الاشكال بالكليّة و لعلّ وجه الاضعفيّة هو ما اشرنا اليه من ظهور العظم عرفا فيما سوى الاسنان و عدم ظهور شموله لها هنا و اما في صورة الاتصال فالظاهر ان يبنى الحكم على صدق مس الجملة عرفا بمسه فان لم يصدق ذلك فلا وجه للحكم بالوجوب و ان صدق فالمتجه الوجوب تمسّكا بما دلّ على وجوب الغسل بمسّ الميّت اذ قد عرفت انه لا عبرة بنجاسة الممسوس فالظاهر صدق المسّ بمسّ العظم و لا يبعد ذلك في السن و الضرس بل الظفر ايضا الا مع الطول المفرط فان فيه معه تامّل و اما الشعر فالظاهر عدم صدق السّن بمسّ شعره لانّه لا يعد عرفا من جملة اجزائه لكن قد حكموا في بحث ما لا تحلّه الحياة من نجس العين بانه من اجزائه عرفا و ان الحكم على الكلب و الخنزير بالنجاسة يشمل الشعر و قد صرّح العلامة في المنتهى بصدق مسّ الميتة بمسّ صوفه المتّصل بها او الشعر او الوبر و على هذا فلا يبعد صدق مسّ الميّت بمسّ شعره ايضا لكن عبارة كرى تشعر بالقطع بعدم الوجوب في الشعر و الظفر ايضا و فيه تامّل كما ظهر مما قررنا و قد ظهر بما فصّلنا ان ضعف ما ذكره المصنف من حكم العظم انما هو مع الانفصال و امّا مع الاتّصال فهو قوىّ جدّا لا لما ذكره من الدّوران لضعفه بل لما اشرنا اليه من شروط ان الظاهر صدق مسّ الميت بمسّ عظمه و ان كان مجرّدا فتأمّل و قال

الشارح رحمه الله في شرح الارشاد و اعلم ان كلّ ما حكم في مسّه بوجوب الغسل مشروط بمسّ ما لا تحله الحياة من اللّامس لما تحلّه الحياة من الملموس فلو انتفى احد الامرين لم يجب الغسل فان كان تخلف الحكم لانتفاء الأوّل خاصة وجب غسل اللّامس خاصّة و ان كان لانتفاء الثانى خاصّة فلا غسل و لا غسل مع اليبوسة و كذا ان كان لانتفاء الامرين معا هذا كلّه في غير العظم المجرّد كالشّعر و الظفر و نحوهما اما العظم فقد تقدم الاشكال فيه و هو في السّن اقوى و يمكن جريان الاشكال في الظفر ايضا لمساواته العظم في ذلك و لا فرق في الأشكال بين كون العظم و الظفر من اللامس او الملموس انتهى و لا يخفى انه لو لم يكن اجماع على ما ذكره فالظّاهر التعويل على ما ذكرنا من رعاية صدق مسّ الميّت و عدمه سواء كان في جزء اللامس او الملموس ثمّ قوله و لا غسل مع اليبوسة يفهم منه وجوب الغسل مع الرّطوبة و لا وجه له لانه اذا كان الجزء الملموس ممّا لا تحله الحياة كالشعر فلا يكون نجسا فلا وجه لغسل اللّامس مع الرطوبة ايضا الا ان تفرض رطوبة اتّصلت ببدن الميّت و تنجّست فحينئذ يجب غسل اللامس لذلك و امّا قوله و هو في السّن اقوى فينافى بظاهره ما نقلنا من كرى و شرح الارشاد اذ الاشكال الذى اشار اليه هو ما نقله عن كرى من الحكم بوجوب الغسل بمسّ العظم المجرّد و قد ظهر بما نقلنا انّ هذا الاشكال في السّن و الضرس اضعف مع الاتّصال لحكمه فيهما بالوجهين من غير ترجيح مع ترجيحه الوجوب في العظم و مع الانفصال لا اشكال فيهما اصلا كما نقلنا عن كرى او اضعف من الاشكال في العظم على ما نقلنا من شرح الارشاد فكيف صار الاشكال هاهنا في السّن اقوى و الجواب ان الحكم بعدم الاشكال او ضعفه هناك مع الانفصال و قوة الاشكال هاهنا مع الاتّصال فلا منافاة بينهما و لعلّ وجه قوة الاشكال مع الاتصال في الأسنان باعتبار انّ كونها مما لا تحلّه الحياة غير ظاهر فان الشيخ الرئيس صرّح في القانون في بحث امراض الأسنان بان الاسنان من جملة العظام التى لها حسّ و قال ايضا في بحث تشريح الاسنان ظاهر و في موضع آخر ليس لشى ء من العظام حسّ البتّة الا للاسنان فان جالينوس قال بل التّجربة تشهد انّ لها حسّا اعينت به بقوّة تأتيها من الدّماغ ليميّز ايضا بين الحار و البارد و على هذا فلا ريب في قوّة الاشكال فيها مع الانفصال ايضا اذ مع الانفصال لا عبرة بحلول الحياة بل الاعتبار عندهم بالعظم و لذا لم يحكموا بوجوب الغسل بمس قطعة من اللحم لم يكن فيها عظم مع حلول الحياة في اللحم قطعا و اذا كان دخول الاسنان عرفا في العظم غير ظاهر كما اشرنا اليه فالاشكال فيها باعتبار الدّوران على ما اعتبره المصنف اضعف فتدبّر

قوله كغيره من اغسال الحىّ

و قد سبق تفصيل القول فيه في بحث وجوب الوضوء مع غسل الحائض و اختيها فارجع اليه

قوله و «في» في قوله فيه للمصاحبة

الاصل في معنى الظرفيّة و ذكر نجم الائمة رض انّها اعمّ من التحقيقيّة و التقديريّة ثمّ ذكر بعض الامثلة التى يظن انها فيها بمعنى آخر كمعنى مع او على او الباء او الى او للسّببية و جعل الاولى ابقائها فيها على اصلها و تصدّى لتصحيح الظرفية فيها و انت خبير بانه يمكن تصحيح الظرفيّة

ص: 82

هاهنا ايضا بان يقال ان الوضوء لما كان من متمّمات الغسل خصوصا على رأى من جعله شرطا لتحقق غاية الغسل فكأنّه من اجزائه و مستقرّ فيه استقرار الجزء في الكلّ و كذا في الآيتين اى ادخلوا في جملة امم داخلين فيهم و خرج محاطا بزينته متمكّنا فيها و كذا لو عاد الى المسّ فان المس ظاهر لما كان سببا للغسل فهو متضمّن له تضمّن الظرف للمظروف كما في قوله عليه السّلام في النفس المؤمنة مائة من الابل اى في قتلها فالسّبب الذى هو القتل متضمّن للدّية تضمّن الظّرف للمظروف فتأمّل

[القول في أحكام الأموات]
[الأول الاحتضار]

قوله و هو السّوق

اى الشروع في نزع الرّوح على ما في القاموس

قوله و ثبّتنا بالقول الثّابت

اى بسببه و حرمته او بعوضه و في مقابله او متلبّسين به او معه او مصاحبين له و المراد به كلمة الايمان الثابت بالحجة و البرهان او المتمكن الراسخ في القلب او الثابت عند اللّه المكتوب في الحسنات و على الاخير يمكن ان يكون الضمير في لديه راجعا الى اللّه تعالى لا الى الاختصار و هو اقتباس من قوله تعالى يُثَبِّتُ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّٰابِتِ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ و لعلّ المراد و اللّه يعلم انه يثبّتهم في الحياة الدّنيا فلا يزلّون و لا يضلّون بما يعرض لهم من الفتن و في الآخرة اى في القبر عند السّؤال فلا يتلعثمون اذا سألوا عن معتقدهم و لا يدهشهم اهواله او في الجنّة او بعد الموت مطلقا فيما يحبّون و يرضون و لعلّه يمكن استنباط كل من الوجهين ممّا روى في الكافى عن امير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل فاذا دخل اى من كان للّه وليّا المذكور سابقا قبره يجرّان اشعارهما و يخدان الارض باقدامهما اصواتهما كالرّعد القاصف و ابصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربّك و ما دينك و من نبيّك فيقول اللّه ربّى و دينى الإسلام و نبيّى محمّد صلّى اللّه عليه و آله فيقولان له ثبّتك اللّه فيما تحبّ و ترضى و هو قوله سبحانه يُثَبِّتُ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّٰابِتِ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ ثمّ يفسحان له في قبره مدّ بصره ثمّ يفتحان له بابا الى الجنّة ثمّ يقولان له نم قرير العين نوم الشّاب الناعم فان اللّه عزّ و جلّ يقول أَصْحٰابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا الحديث جعلنا اللّه و سائر المؤمنين من هذا الصّنف بمنّه و فضله و لا يعاملنا بما نستحقّه في عدله انّه رؤف رحيم يغفر الذّنوب جميعا و روى في الفقيه مرسلا عن الصّادق عليه السّلام ان الشّيطان ليأتى الرّجل من اوليائنا عند موته عن يمينه و عن شماله ليضلّه عمّا هو عليه فيأبى اللّه عزّ و جلّ له ذلك و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ يُثَبِّتُ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّٰابِتِ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ و كانّ ذلك من افراد التثبيت في الآخرة و يحتمل ان يكون من افراده في الدّنيا و اللّه تعالى يعلم

قوله او اخوانه و اهله

او لاستحضاره عقله عنده كما ورد في الخبر

قوله الى القبلة في المشهور

ذكره المفيد و سلّار و جمع ممن تاخّر عنهما و استدلّوا عليه بحسنة سليمان بن خالد بإبراهيم بن هاشم قال سمعت ابى عبد اللّه عليه السّلام يقول اذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة و كذلك اذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلا بباطن قدميه و وجهه الى القبلة و رواية معاوية بن عمار قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الميّت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة و في بعض النسخ يستقبل و رواية ابراهيم الشعيرى عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في توجيه القبلة الميّت قال يستقبل بوجهه القبلة و يجعل قدميه مما يلى القبلة و انت خبير بان هذه الروايات وردت في توجيه الميّت و شمولها لحالة الاحتضار غير ظاهر نعم روى الصدوق في الفقيه مرسلا و في العلل بسند ضعيف عن امير المؤمنين عليه السّلام قال دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على رجل من ولد عبد المطّلب و هو في السّوق و قد وجّه الى غير القبلة فقال وجهوه الى القبلة فانكم اذا فعلتم ذلك اقبلت عليه الملائكة و اقبل اللّه عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتّى يقبض و هذه الرّواية رواها مرسلا في المعتبر ايضا الى قوله اقبلت عليه الملائكة و ظاهر سياقه انّها عامية و كيفما كان فهي لضعفها لا تصلح دليلا على الوجوب مع اشعار التعليل بالاستحباب و ذهب المرتضى و الشيخ في ف و ابن ادريس على استحبابه و اختاره المحقق في المعتبر لضعف سند روايات اهل البيت و هو اظهر لان الاستحباب كانه يكفى فيه رعاية الاحتياط و متابعة الاصحاب و ما نقل من الرّواية و ان كان ضعيفا او عاميّا و اعترض الشارح في شرح الارشاد على المحقق بسلامة رواية سليمان دلالة و سند او قد عرفت ما في دلالتها من القصور لكن ليس نظر المحقق اليه اذ لم يتعرّض للقدح في دلالة اخبارنا بل حكم بضعف اسنادها و لعلّه اراد بالضّعيف عدم الصّحة فرواية سليمان ايضا ليست بصحيحة لوجود ابراهيم بن هاشم و ان كانت حسنة لا تخلو عن اعتبار على ان في سليمان بن خالد ايضا كلاما فانّهم نقلوا انه خرج مع زيد و قطعت اصبعه معه و لم يخرج من اصحاب ابى جعفر عليه السّلام غيره و ان نقلوا توبته ايضا و انه رضى ابو عبد اللّه عليه السّلام عنه بعد سخطه و توجع لموته و لم يوثقه الشيخ و لا النجاشى نعم روى الكشى عن ايّوب بن نوح توثيقه فاثبات الوجوب بمثل هذه الرّواية لا يخلو عن اشكال ثمّ ان المصنف رحمه الله قال في الذكرى ظاهر الاخبار سقوط الاستقبال بموته و ان الواجب ان يموت على القبلة و في بعضها احتمال دوام الاستقبال و ينبئه عليه ذكره حال الغسل و وجوبه حال الصّلاة و الدفن و ان اختلف الهيئة عندنا انتهى و هذا منه رحمه الله غريب فان الاخبار على وقفنا عليه هى ما نقلنا و هو رحمه الله ايضا لم يذكر غيرها و ظهورها فيما ذكره كما ترى و كيفما كان فلا ريب ان الاولى دوام الاستقبال و قال ايضا في الذكرى يسقط الاستقبال مع اشتباه القبلة و لا يجب ان يستقبل به الاربع مع احتماله

قوله و لا فرق في ذلك بين الصّغير و الكبير

نعم يشترط اسلامه او كونه في حكمه و ذكر في شرح الارشاد انه ينبغى اختصاص الحكم بوجوب الاستقبال بمن يعتقد وجوبه فلا يجب توجيه المخالف الزاما له بمذهبه كما يغسل غسله و يقتصر في الصّلاة عليه على اربع تكبيرات انتهى و الظاهر اختصاصه ما ذكره بالمخالف و امّا في اصحابنا فالظّاهر ان المناط رأى الحاضر لا الميّت فتدبّر

قوله و لا يختصّ الوجوب بوليّه

و ظاهر كلام العلّامة في يه اختصاصه به فانّه قال الاقوى انّه اذا تيقن الوليّ نزول الموت بالمريض ان يوجّهه الى القبلة واجبا و استدلّ بحديث دخول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على رجل من ولد عبد المطّلب و ان الامر للوجوب و لا يخفى ان ظاهر خبر المذكور و كذا الاخبار الاخرى هو الامر العام لا لخصوص الوليّ فالظاهر ما ذكره للشارح فتدبّر

قوله للصّلاة فيه او عليه

اى على الموضع الذى كان اعده في بيته الصّلاة فيه او كنا يكثر فيه الصّلاة او الخمرة و نحوها الذى كان يكثر الصّلاة عليها و هذا التّرديد ورد في حسنة زرارة بإبراهيم فان اذا اشتدّ عليه النزع فضعه في مصلّاه الذى كان يصلى فيه او عليه و في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انما ذكر الاوّل قال اذا عسر على الميّت موته و نزعه قرّب الى مصلّاه الذى كان يصلّى فيه فالنقل اليه اولى

ص: 83

قوله كما ورد به النصّ

فانّ النصوص مقيّدة بذلك كما نقلنا بعضها و نقل بعض المحقّقين ورود رواية مطلقة ايضا و لم اقف عليها و علّل الحكم في المعتبر بانّ مواطن الصّلاة مظنّة الرّحمة و هو مقام استرحام و على هذا لا يبعد حمل ما اطلقه المصنف هنا على حاله

قوله الى قوله وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ

الروايات في ذكر كلمات الفرج لا تخلو عن اختلاف و اوضحها سندا حسنة زرارة بإبراهيم بن هاشم في التهذيب و في عن ابى جعفر عليه السّلام قال اذا ادركت الرّجل عند النزع فلقّنه كلمات الفرج لا اله الّا اللّه الحليم الكريم لا اله الّا اللّه العليّ العظيم سبحان اللّه ربّ السّماوات السّبع و ربّ الارضين السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و رب العرش العظيم و الحمد للّه ربّ العالمين كذا في التهذيب و في الكافى باضافة و ما تحتهن بعد و ما بينهن و في المعتبر وقع ما تحتهن بدلا عن ما بينهنّ و ليس في الكافى الواو في الحمد للّه ربّ العالمين و حسنة الحلبى بإبراهيم ايضا في الكافي عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل على رجل من بنى هاشم و هو يقضى فقال له رسول اللّه قل لا اله الّا اللّه الى آخر ما نقلنا عن التهذيب في الرواية السّابقة فقالها فقال رسول اللّه صلّى الله عليه و آله الحمد للّه الذى استنقذه من النّار و امّا قوله و سلام على المرسلين الذى ذكره الشارح فقد ذكره المفيد فيها و كذا الشيخ في المبسوط و كانه مستنده مرسلة الفقيه فانّه نقل فيه مضمون ما نقلنا من رواية الحلبى هكذا قال الصّادق عليه السّلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دخل على رجل من بنى هاشم و هو في النّزع فقال له قل لا اله الّا اللّه الى آخر ما نقلنا الّا ان فيه اضافة و ما تحتهنّ بعد و ما بينهنّ و سلام على المرسلين قبل و الحمد للّه ربّ العالمين ثمّ قال بعد تمام الخبر و هذه الكلمات هى كلمات الفرج

قوله للبركة و الاستدفاع

اى استدفاع العذاب او الشّياطين المضلّين المشككين او كليهما و الظاهر انّ كلّا منهما تعليل لكلّ من قراءته قبل خروج روحه و بعده و قال المحقق في المعتبر و اعلم انّ تلاوة القرآن مستحبّة قبل خروج روحه ليسهّل اللّه عليه الموت و بعد خروجه استدفاعا عنه و لم اقف على ماخذه و لكن على هذا يمكن ان يحمل التعليل الاول على انه تعليل لكلّ منهما و الثانى على انه تعليل للاخير او يجعل الاوّل للاوّل و الثانى للثانى و ظاهر كلام العلّامة ايضا في يه ان الاستدفاع انما هو بالقراءة بعده فانّه بعد ما قال انه يستحبّ ان يقرأ عنده شي ء من القرآن و نقل ما سيجي ء من الرّواية في الصّافّات قال و كما يستحبّ قراءة القرآن قبل خروج روحه فكذا بعده استدفاعا و مثل هذه العبارة في الذكرى ايضا

قوله خصوصا يس و الصّافّات

و لورود النص فيهما بالخصوص بخلاف مطلق قراءة القرآن اذ لم اقف على نصّ فيها في خصوص هذه الحال و انما استندوا فيها بما سمعت من التعليلات امّا يس فلمّا فصل في الذكرى انه روى عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله اقرءوا يس على موتاكم و في بعض النسخ عند موتاكم و في رواية ابىّ بن كعب عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله على ما في مجمع البيان و ايّما مريض ترى عنده سورة يس نزل عليه بعدد كلّ حرف منها عشرة املاك يقومون بين يديه صفوفا و يشهدون دفنه و ايّما مريض قرءها و هو في سكرات الموت او قرئت عنده جاءه رضوان خازن الجنّة بشربة من شراب الجنّة فسقاه ايّاه و هو على فراشه فيشرب فيموت ريّان و يبعث ريّان و لا يحتاج الى حوض من حياض الانبياء حتّى يدخل الجنّة و هو ريّان و امّا الصّافات فلرواية سليمان الجعفرى قال رايت ابا الحسن عليه السّلام يقول لابنه القائم قم يا بنىّ فاقرأ عند رأس اخيك و الصّافات صفّا حتّى تستتمّها فقرأ فلمّا بلغ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنٰا قضى الفتى فلما سجّى و خرجوا اقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له كنا نعهد الميّت اذا نزل به يقرأ عنده يس و القرآن الحكيم فصرت تامر بالصّافّات فقال يا بنىّ لم تقرأ عند مكروب من موت قطّ الّا عجّل اللّه راحته و هذا الخبر يصلح سند القراءة يس ايضا و بما نقلنا من الرّوايات ظهر انّ الظّاهر انّ قول الشّارح قبله لتعجيل راحته متعلّق بالصّافّات فقط و على ما نقلنا من المعتبر من ان مطلق تلاوة القرآن قبله لتسهيل الموت يمكن تعلّقه بكلّ من السّورتين و حينئذ يكون وجه التخصيص بهما ورود الخبر بقراءتهما بالخصوص فافهم

قوله و روى ضعيفا دوام الاسراج

اشارة الى ما استدلّ به الشيخ في التهذيب على ما هو المشهور و ذكره المفيد من رواية سهل بن زياد عن عثمان بن عيسى عن عدّة من اصحابنا قال لما قبض ابو جعفر عليه السّلام امر ابو عبد اللّه عليه السّلام بالسّراج في البيت الذى كان يسكنه حتى قبض ابو عبد اللّه عليه السّلام ثمّ امر ابو الحسن موسى عليه السّلام بمثل ذلك في بيت ابى عبد اللّه حتى اخرج به الى العراق ثمّ لا ادرى ما كان و فيه مع ضعف السّند بسهل و غيره و ان كان سهلا للتسامح في ادلّة السّنن ان ما دلّ عليه الخبر غير المدّعى كما اورده المحقق الشيخ على رحمه الله قال في المدارك و قد يقال ان ما تضمّنه الحديث يندرج فيه المدّعى او يقال ان استحباب ذلك يقتضى استحباب الاسراج عند الميّت بطريق اولى انتهى و في كلام الشارح ايضا اشارة الى ما ذكره اوّلا و فيه انّ اندراج المدّعى فيه كليّا ممنوع فان ما هو المشهور استحباب الاسراج عند الميّت اينما مات و ما يدلّ عليه الحديث استحباب الاسراج في البيت الذى كان يسكنه و ربما لم يمت فيه بل صريح بعض عباراتهم كعبارة المحقق في الشرائع استحباب ان يكون عنده مصباح ان مات ليلا و هو يشمل ما اذا نقل من مسكنه الى غيره و لو بعد الموت و حينئذ فاستحباب الاسراج عنده لا يندرج في الحديث نعم عبارة المفيد انه ان مات ليلا في بيت اسرج فيه مصباح الى الصّباح و هى و ان لم يتّجه عليها ما اوردنا ثانيا و لا ما ذكرنا اوّلا ايضا اذا مات في غير البيت لكن يبقى ان ظاهر الخبر البيت الذى كان يسكنه لا البيت الذى مات فيه فما ذكره ايضا لا يندرج في الخبر كليّا هذا و امّا ما ادّعاه ثانيا من الاولويّة فممنوع اذ علل الشرع لا سبيل للعقل اليها هذا كله مع احتمال اختصاص الحكم بالامام فالحكم الكلّى لا يخلو عن اشكال خصوصا على ما هو مفاد الحديث من دوام الاسراج لاحتمال الاسراف اذا لم يكن مسكونا ثمّ اشتراط الموت ليلا كما هو المشهور كانه بناء على الغالب و اشارة الى ان ذلك انما هو مع الموت ليلا اذ مع الموت نهارا فلا يؤخر تجهيزه الى الليل مبالغة في التجهيز و الّا فلا وجه لذلك الاشتراط و الظاهر انّ مراد الشارح بدوام الاسراج هو الاسراج كل ليلة دون خصوص تلك الليلة عند الميّت لا دوامه ليلا و نهارا مطلقا لبعده و ان احتمله ثمّ ذكر هذا و اكثر ما ذكر بعده في احكام الاحتضار كانه بالتبع و تطفّلا فتأمّل

قوله و لتغمّض عيناه

يدلّ عليه و كذا على شدّ اللّحيين موثقة زرارة اذ فيها انه مات ابن لجعفر فامر به ابو جعفر عليه السّلام فغمّض و شدّ لحياه و رواية ابى كهمش قال حضر موت اسماعيل و ابو عبد اللّه عليه السّلام جالس عنده فلما حضره الموت شدّ لحييه و غمّضه و غطّى عليه الملحفة و امّا ما ذكره الشارح من التعليل فكأنّ مراده به بيان ثمر للحكمين بعد ثبوتهما بالخبر و الّا ففى التمسّك بمجرّده ما ترى كما اشرنا اليه في نظائره ايضا و امّا تطبيق فيه فلم اقف على نصّ و لا يبعد ان يكون شدّ اللّحيين مغنيا عنه بل ان يكون الغرض

ص: 84

منه ذلك و لعلّه لهذا اكتفى الاكثر كالمحقق و العلّامة في بعض كتبه و المصنف بالتطبيق و لم يذكر و الشدّ و لعلّ العكس كان اولى فتأمّل

قوله و يطبق فوه كذلك

اى بعد موته معجّلا لئلا يقبح منظره

قوله لئلا تسترخى

فيفتح فوه و يقبح منظره و تمدّ يداه الى جنبيه و ساقاه قال في المعتبر ذكر ذلك الشيخان و ابن الجنيد و لم اعلم في ذلك نقلا عن اهل البيت عليهم السّلام ثمّ احتمل كون العلّة ما ذكره الشّارح

قوله ان كانا منقبضتين

و لم تمنعا من ذلك كما قيّده في المعتبر

قوله للتّأسي

لما روى من طرق الجمهور انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سجّى بحبرة و لما سبق في رواية ابى كهمش

قوله فانه من اكرامه

اشارة الى ما رواه الصّدوق مرسلا عن النّبى صلّى الله عليه و آله انه قال كرامة الميّت تعجيله و قد ورد في استحباب التّعجيل روايات اخرى ايضا و عليه اجماع اهل العلم كما نقله في المعتبر

قوله فيصبر عليه ثلاثة ايام

التحديد بها ورد في الرّوايات في المصعوق و الغريق كحسنة هشام بن الحكم بإبراهيم عن ابى الحسن عليه السّلام في المصعوق و الغريق قال ينتظر به ثلاثة ايّام الّا ان يتغيّر قبل ذلك و كانّهم حكموا به مع مطلق الاشتباه بناء على عدم الفرق و فيه تامّل و قال في المنتهى و لا ينتظر به اكثر من ذلك للعلم بانه اذا لم يحصل منه افعال الحياة من الحسّ و الحركة في هذه المدّة فانه يكون ميّتا انتهى و ليس لنا ما ادّعاه من العلم لكن يؤيده ما نقل في الذكرى عن جالينوس انه مع الاشتباه منع الدفن قبل يوم و ليلة الى ثلاثة فان ظاهره ان الثلاثة منتهى ما يمكن معه الاشتباه لكن الشيخ الرئيس قال في بحث السّكتة من القانون و قد يعرض ان يسكت الانسان فلا يفرق بينه و بين الميّت و لا يظهر منه تنفس و لا شي ء ثمّ انه يعيش و يسلم و قد راينا منهم خلقا كثيرا كانت هذه حالهم و اولئك فان النّفس لا يظهر فيهم و النّبض يسقط تمام السّقوط منهم و يشبه ان يكون الحارّ الغريزى فيهم ليس بشديد الافتقار في الترويح و نقص البخار الدّخانى عنه الى نفس كثير لما عرض له من البرد و لذلك يستحب ان يؤخر دفن المشكل من الموتى الى ان يستبرء حاله و لا اقل من اثنين و سبعين ساعة انتهى و ظاهره يشعر بخلاف ما فهم من كلام جالينوس و انّه ربما بقي الاشتباه بعد ثلاثة ايام فتأمّل

قوله كانخساف صدغيه الى آخره

هذه علامات نقل في الذكرى بقيل انه يستبرئ بها و التعويل عليها لا يخلو عن اشكال لكن اذا حصل العلم بها كما فرضه الشارح فلا كلام انما الكلام في حصول العلم بها و اللّه تعالى يعلم

قوله لتأذّى الملائكة بهما

كانه اشارة الى ما رواه الصّدوق في العلل عن ابيه مرفوعا الى الصّادق عليه السّلام قال لا تحضر الحائض و الجنب عند التلقين لان الملائكة تتاذّى بهما و قد ورد ذلك في الحائض في رواية علىّ بن حمزة ايضا قال قلت لابى الحسن عليه السّلام المرأة تقعد عند رأس المريض و هى حائض في حدّ الموت فقال لا باس ان تمرّضه و اذا خافوا عليه و قرب ذلك فلتنحّى عنه و عن قربه فان الملئكة تتاذّى بذلك و في رواية يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا تحضر الحائض الميت و لا الجنب عند التلقين و لا باس ان يليا غسله

قوله و لا شاهد له من الاخبار

و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب سمعنا ذلك مذاكرة من الشّيوخ رحمه الله و في ف ادّعى اجماع الفرقة على الكراهة و لا ريب ان القول باستحبابه كما هو رأى الجمهور تشريع كما اشار اليه العلّامة في المنتهى لعدم دليل شرعى عليه و قد علّلوه بانّه لا يؤمن من علوّ بطنه و فيه ما فيه

قوله و لا كراهة في وضع غيره للاصل

و لكن لا يستحبّ ايضا و نقل في الذكرى عن ابن الجنيد انه قال يضع على بطنه شيئا يمنع ربوه و هو شاذّ

قوله و قيل يكره ايضا

كان القائل هو العلامة رحمه الله فانه قال في المنتهى و لا يترك على بطنه حديد و لا شي ء ثقيل خلافا للجمهور و استدل بان الرّفق بالميّت مأمور به و ذلك مناف لما قالوه

[الثاني الغسل]

قوله كالطفل و المجنون

اى من بلغ مجنونا و امّا اذا طرء جنونه بعد بلوغه و اظهاره الاسلام فهو مسلم و لا يشترط في وجوب غسله تولده من مسلم و المسلم المتولد منه اعمّ من الأب و الامّ فيكفى اسلام احدهما

قوله و فيها مسلم يمكن تولّده منه

اعتبر الأمرين فلا يكفى مجرّد امكان تولده منه اذا لم يكن فيها مسلم بان احتمل مثلا حمل امّها به من مسلم في بلاد الإسلام ثمّ انتقالها اليها لبعد الاحتمال لكن بعده كليّا بخلاف ما اذا كان فيها مسلم محلّ تامّل و يمكن ان يكون غرضه مجرّد اعتبار الامكان و يكون ذكره كون المسلم فيها على سبيل التمثيل بالفرد الظاهر لتحقق الامكان و الّا فالمعتبر هو مجرّد الامكان كما وقع في عبارة بعضهم و كيف ما كان فللنّظر في اصل الحكم مجال كما اشار اليه صاحب المدارك رحمه الله اذ مستند الحكم بعموم وجوب غسل الميّت من الأخبار كرواية ابى خالد قال اغسل كل الموتى الغريق و اكيل السّبع و كل شي ء الا ما قتل بين الصّفّين فان كان به رمق غسّل و الّا فلا و موثقة سماعة غسل الميّت واجب ممّا لا يصلح مستندا للحكم بالوجوب لضعف السّند او الدلالة فالتعويل فيه على الاجماع و تحقق الاجماع فيما نحن فيه غير ظاهر و قال المصنف في الذكرى و لو وجد الميت في دار الاسلام غسّل و جهّز قضاء للظاهر و ان لم يكن فيه علامة الاسلام و لو كان في دار الحرب اعتبرت العلامة المفيدة للظنّ كالختان و مع عدمها يسقط للاصل انتهى و لا يبعد ان يحكم في اللقيط ايضا بذلك لكن كلامه في بحث الصّلاة يدل على انه اكتفى فيه بمجرّد الامكان فانه قال لقيط دار الاسلام لو مات طفلا فبحكم المسلم تغليبا للدّار و كذا لقيط دار الحرب اذا كان فيها مسلم تغليبا للاسلام و لعلّ وجه الفرق ان في الكبير اذا لم يوجد علامة الاسلام كالختان فيقوى ظن كفره بخلاف الصّغير فلا يعتبر فيه ذلك لكن اذا اعتبر غلبة الظن فينبغى ان يعتبر مطلقا فلا يحكم في اللقيط ايضا في الوجوب مع غلبة الظنّ بقوله بكونه من الكافر الا ان يفرق بين الحالين بان الاصل في المولود فطرة الاسلام للحديث المشهور فيترتب عليه احكامه الا ان يعلم خلافه كان يعلم كونه من كافرين بخلاف الكبير لأصالة عدم اسلامه و للتّامّل فيه مجال فتأمّل

قوله على القول بتبعيّته في الاسلام

و امّا على القول بتبعيّته في الطهارة فقط او بعدم تبعيّته اصلا فلا يكون من حكم المسلم في وجوب الغسل و كذا الصّلاة

قوله و ان كان المسبيّ ولد زنا

كان هذا بناء على القول بعدم كفر ولد الزّنا مطلقا و امّا على القول به فيلزم المنع من تغسيله و الصّلاة عليه كما صرّح به في المعتبر الا ان يكون القول بكفر ولد الزّنا مطلقا مخصوصا بكون الزّنا من المسلم و لم اقف على تصريح منهم بذلك

قوله و يستثنى من المسلم من حكم بكفره الى آخره

و امّا اهل الخلاف فظاهر جماعة وجوب تغسيلهم كما هو ظاهر هذا الكتاب و به صرّح في شرح الارشاد و قال المحقق في الشرائع و كل مظهر للشهادتين و ان لم يكن معتقدا للحقّ يجوز تغسيله عد الخوارج و هو لا يدل الّا على جواز تغسيلهم و قال المفيد في المقنعة و لا يجوز لأحد من اهل الايمان ان يغسّل مخالفا للحقّ في الولاية و لا يصلّى عليه الا ان يدعوه ضرورة الى ذلك من جهة التقيّة و قال ابن البراج لا يغسل المخالف

ص: 85

الّا لتقيّة و قال الشّيخ في المبسوط و يه لا ينبغى للمؤمن ان يغسّل اهل الخلاف فان اضطرّ غسّله غسلهم و مثله في الشرائع ايضا حيث عدّ في المكروه و ان يغسّل مخالفا فان اضطرّ غسله غسل اهل الخلاف و ذكر في الذكرى ان المشهور كراهته و استدل الشيخ في التهذيب على ما ذكره المفيد بان المخالف لاهل الحق كافر الا ما خرج بالدليل و الكافر لا يجوز غسله باجماع الامّة فيجب ان يكون غسل المخالف ايضا كذلك و يظهر من الشارح رحمه الله في شرح الإرشاد انه حمل الكراهة في كلام الاصحاب على ما اذا لم يتعيّن علينا غسله كان وجد منهم من يغسّله و امّا اذا لم يوجد فيجب علينا تغسيله من غير كراهة و به صرّح المحقق الشّيخ على رحمه الله ايضا و ربما يحمل الكراهة هنا ايضا على ما تحمل عليه في سائر العبادات المكروهة من قلّة الثواب و هو تعسّف و الاظهر على تقدير كون مذهبهم وجوب تغسيلهم حمل الكراهة في كلامهم على ما ذكره الشّارح ثمّ على تقدير تغسيله فالذى صرّح به جماعة منهم كما نقلنا عن بعضهم انّه يغسل غسلهم و لا نعرف لأحد تصريحا بخلافه و لعلّ مستندهم ما نقل من قولهم عليه السّلام الزموهم بما الزموا به انفسهم و ذكر الشارح في شرح الارشاد انه لو لم يعرف كيفية الغسل عندهم جاز تغسيله غسل اهل الحقّ و تردّد فيه في شرح القواعد مع فرض عدم امكان استعلامه و انت خبير بانه على القول بكفرهم فالمتجه الحرمة كما ذكره المفيد و امّا على القول باسلامهم فالمسألة لا يخلو عن اشكال و الاظهر عدم وجوب تغسيلهم لضعف التمسّك بالعمومات على ما اشرنا اليه فالحكم بالوجوب في غير موضع الاجماع مشكل و لا يظهر في المخالف اجماع حتّى من القائلين باسلامهم و حينئذ فلو لم نقل بالحرمة فلا اقلّ من الكراهة تبعا للاصحاب على انه لو عمل بالعمومات فالظاهر وجوب الغسل الشّرعى و هو غسل اهل الحق و هو خلاف ما صرّحوا به فتأمّل

قوله اذا كان له اربعة اشهر

ذكر في المعتبر ان ذلك مذهب علمائنا و استدل عليه برواية احمد بن محمّد عمّن ذكره قال اذا تم للسّقط اربعة اشهر غسل و رواية سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن السّقط اذ استوت خلقته يجب عليه الغسل و اللّحد و الكفن قال نعم كل ذلك يجب عليه اذا استوى قال و لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الاولى و ضعف سماعة في سند الثانية لانه لا معارض لهما مع قبول الاصحاب لهما انتهى و مثله في الذكرى و شرح الارشاد ايضا و في الكافى عن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال السّقط اذا تمّ له اربعة اشهر غسّل و كانهم غفلوا عنها و الا فهي الاولى بالذكر لانها و ان كانت ضعيفة لكنها اقوى من رواية احمد بن محمّد لانها مع قطعها لم يتنب الى امام ثمّ الاستدلال بالرّواية الثانية كانه بناء على استلزام استكمال اربعة اشهر لاستواء الخلقة و هو غير بيّن الا ان لا يكون غرضهم من الاستدلال بها اثبات الحكم الكلى بها بل تقوية الحكم فيما اذا تحقق الاستواء ايضا كما هو الغالب و يكون معتمدهم فيما فرض فيه الاشكال بدون الاستواء هو الرواية الاولى فقط فافهم و الظاهر من الكفن في الرواية الثانية هو الكفن على النّحو المعهود اى بالقطع الثلث و هو الظاهر من كلام المفيد ايضا و كذا الشيخ في المبسوط و اضاف التّحنيط ايضا و صرّح جماعة من المتاخرين بوجوب تكفينه بالقطع الثّلث و تحنيطه ايضا و ذهب بعض الاصحاب كالمحقق رحمه الله في الشرائع الى وجوب تغسيله و لفّه في خرقة و دفنه و الاول اظهر و احوط

قوله و لو كان دونها لفّ في خرقة الى آخره

قال في المعتبر و لو كان السّقط اقلّ من اربعة اشهر لم يغسّل و لم يكفّن و لم يصلّ عليه بل يلفّ في خرقة و يدفن ذكر ذلك الشيخان و هو مذهب العلماء خلا ابن سيرين و لا عبرة بخلافه و لان المعتبر الموجب للغسل هو الموت و هو مفقود هنا و يدلّ عليه من طريق الاصحاب رواية محمّد بن الفضيل قال كتبت الى ابى جعفر عليه السّلام سألته عن السّقط كيف يضع قال السّقط يدفن بدمه في موضعه انتهى و كان بناء دليله على توقف الحياة على استكمال اربعة اشهر و الا فلا يدلّ على الحكم الكلّى و يرشد اليه كلام الشيخ ايضا في ف بل يفهم منه التلازم بينهما فانه جعل تارة مناط وجوب الغسل الحياة و تارة اربع اشهر و اشار في الذكرى الى اخبار ايضا تدلّ على ان الاربعة مظنّتها او يشير اليه لكن نقل ايضا انّ في خبر يونس الشيبانى عن الصّادق عليه السّلام اذا مضت خمسة اشهر فقد صار فيه الحياة و ظاهرها ان ابتداء الحياة من مضى خمسة اشهر و يمكن الجمع بينها باختلاف الاجنّة في ذلك و بان يكون استكمال اربعة اشهر مظنّة الحياة و مضىّ خمسة اشهر موجبا للقطع به كما هو ظاهر خبر يونس فان ظاهره حصول القطع بالحياة بمضىّ خمسة اشهر لكن يبقى انّه اذا كان الحياة مع استكمال اربعة اشهر و كان الاستواء قبلها كما يظهر ممّا ذكره الاصحاب في بحث دية الجنين فانهم حكموا ان ديتهم مع استواء الصورة مائة دينار و بعد ولوج الرّوح دية كاملة و مذهب الاطباء ايضا تقدم التّصور على الحياة كما سننقله فيكون الاستواء قبل الاستكمال و على هذا فحكمهم كليّا بعدم الغسل قبل الاستكمال ينافى ما سبق من رواية سماعة فلا بدّ من ارتكاب تخصيص فيها بان تخصّص بما اذا استكمل اربعة اشهر ايضا نظرا الى مفهوم الرواية الاولى و لا يخفى ضعفه فالظّاهر ان بناء كلام الاصحاب ليس على تلازم الحياة و استكمال اربعة اشهر بل هو غير بيّن و ما اشار اليه في الذكرى من دلالة الروايات التى اشار اليها و اشارتها اليه لم يظهر لى سوى دلالة ما نقله من الرّواية النّبوية و الظاهر انها عامية و على هذا فيجوز كون الحياة بعد الاستكمال و لا يلزم منه الا الحكم بوجوب الغسل الشرعى في الجملة قبل الحياة و لا محذور فيه لانهم استندوا فيه الى النصّ نعم بناء كلامهم على عدم تحقق الاستواء قبل الاستكمال و تشهد له الاخبار فانّها تدل على ان استكمال اربعة اشهر حدّ المضغة فلا يتحقق الاستواء قبله هذا لكن قد صرّح الاطبّاء بتقدم الحياة على اربعة اشهر و تقدم استواء الصّورة على الحياة ايضا خصوصا في الذكر و في المولود لسبعة اشهر و لا يخفى منافاته لما ذكره الاصحاب و الظاهر ان استواء الصّورة الّتى ذكر الاطبّاء انه قبل اربعة اشهر و كذا قبل الحياة هو التصوّر بصورة الانسان في الجملة و استواء بعض اعضائه كما نقل في الشفاء عن التعليم الاوّل ان السقط بعد اربعين اذا شقّ عنه السّلا و وضع في الماء البارد ظهر شيئا صغيرا متميّز الاطراف و استواء الصورة الذى في كلام الاصحاب و الاخبار لعلّه هو الاستواء التّام الكامل للّذى تم به جميع الاعضاء و الجوارح و امتاز بعضها عن بعض و شقّ عنده السّمع و البصر و لعلّ هذا لا يكون الا مع استكمال اربعة اشهر او بعده و كذا ما ذكره الاطبّاء من حلول الحياة قبل اربعة اشهر يمكن ان يكون حياة خفيّة لا تكاد تحسّ و ما يلوح من الاخبار و كلام الاصحاب من كونها مع استكمال اربعة اشهر او بعده كون الحياة المبنيّة الظاهرة التى عليها بناء الشرع في احكام الحىّ و الميّت لكن كلام بعض الحكماء يأبى عن ذلك حتى انّ الحكيم ابا المحامد الغزنوى ادّعى في كتاب الكفاية في النّجوم انّ جميع النساء يعرفن

ص: 86

انّه اذا اتى على النّطفة ثلاثة اشهر صارت متحرّكة هذا و يمكن حمل الحياة و ولوج الرّوح في كلام الاصحاب و الاخبار على تعلّق النّفس النّاطقة و لكن يكون ذلك مع استكمال اربعة اشهر او بعده لا الحياة التى تعم افراد الحيوان و على هذا فلا ينافى كلام الاطبّاء فانه ليس في كلامهم الّا حركة الجنين قبل ذلك فتدبّر ثمّ انّ ظاهرهم وجوب اللّفّ في الخرقة و لم اقف على دليل عليه و ظاهر رواية محمّد بن فضيل كفاية دفنه بدمه مطلقا فلو لم يكن اجماعيّا فالظاهر عدم وجوبه و في المدارك نسب الى المعتبر انه اختار عدم وجوبه و لم ار ذلك في كلامنا فيما عندنا من نسخة المعتبر ما نقلنا نعم الشيخ في ف و المبسوط و ية لم يذكر ذلك قال في ف اذا ولد لدون اربعة اشهر و لا يجب غسله و يدفن بدمه و ان كان لأربعة فصاعدا غسل و قال في المبسوط و ان كان الصّبىّ سقطا و قد بلغ اربعة اشهر فصاعدا وجب غسله و تحنيطه و تكفينه و ان كان لأقلّ من ذلك دفن كما هو بدمه و مثله في النهاية فالظاهر عدم وجوبه عنده و من هنا ظهر انّ قول المعتبر ذكر ذلك الشيخان اشارة الى ما ذكره اوّلا من عدم وجوب التغسيل و الكفن و الصّلاة لا ما ذكره بعد الاضراب من اللّف في الخرقة ايضا اذا لم يذكره الشيخ في كتبه المعروفة كما نقلنا و انما ذكره منهما المفيد فلا تغفل

قوله اقلّه ما يطلق عليه اسمه

ظاهر كلامه هنا و في شرح الارشاد انه يكفى مصاحبة شي ء يطلق عليه اسم السّدر و كذا في الكافور و يدلّ عليه قوله عليه السّلام في صحيحة يعقوب بن يقطين و يجعل في الماء شي ء من سدر و شي ء من كافور و كذا في روايات اخرى بماء سدر و بماء و كافور و الاولى رعاية ما ذكره صاحب المدارك من اعتبار ان يطلق عليه في العرف ماء السّدر او ماء الكافور فلو كان السّدر او الكافور قليلا بحيث لا يطلق عرفا على الماء السّدر او الكافور لم يكف ذلك و ان صدق عليه لغة و عرفا اسم السّدر او الكافور لما ورد في روايات اخرى من الغسل بالسّدر او بماء السدر و في بعضها بماء الكافور اذ الظاهر منها هو ما ذكرنا و في رواية يونس الق فيه جنّات و في موثقة عمّار يجعل في الجرّة من الكافور و نصف جنّة يفتّ فيها فتّا و نقل عن المفيد رحمه الله تقدير السّدر برطل و نحوه عن ابن البرّاج برطل و لعلّ مرادهما بيان القدر الأفضل و ان لم اقف على نصّ عليه ايضا و قيل ان اقلّه سبع ورقات و في شرح الارشاد جعل ذلك مستحبّا و كذا في شرح القواعد و زاد فيه و لا يتعيّن و ان قدّر بذلك في بعض الاخبار و لعلّه اشار به الى رواية عبد اللّه بن عبيد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الميّت قال يطرح عليه خرقة ثمّ يغسّل فرجه و يوضّأ وضوء الصّلاة ثمّ يغسّل رأسه بالسدر و الاشنان ثمّ الماء و الكافور ثمّ بالماء القراح يطرح فيه سبع ورقات صحاح في الماء و رواية معاوية بن عمار قال امرنى ابو عبد اللّه عليه السّلام ان اعصر بطنه ثمّ اوضّئه ثمّ اغسله بالأشنان ثمّ اغسل رأسه بالسّدر و لحيته ثمّ افيض على جسده منه ثمّ ادلك به جسده ثمّ افيض عليه ثلاثا ثمّ اغسله بالماء القراح ثمّ افيض عليه الماء بالكافور و بالماء القراح و اطرح فيه سبع ورقات سدر فحمل طرح سبع ورقات فيهما على انه في الغسلة التى بالسّدر و ظاهرهما انه في الغسلة الاخيرة التى بالقراح و حينئذ فيجب حمله على الاستحباب و ينبغى على هذا ان يكون السّدر في الغسلة الأولى ازيد من ذلك هذا ثمّ انه في شرح القواعد اوجب كونه مطحونا او ممروسا بناء على ان الغرض منه التنظيف و لا يتحقق بدونه و في شرح الارشاد جعل ذلك مستحبّا و تنظر في وجوبه و هو في موقعه للشّك في الغرض و عموم الأخبار و اصالة البراءة

قوله و اكثره ما لا يخرج به الماء عن الاطلاق

كذا ذكره العلّامة رحمه الله و استدلّ عليه في شرح الإرشاد تبعا لشارح القواعد بدلالة قول الصادق عليه السّلام في خبر سليمان بن خالد يغسّل بماء و سدر ثمّ بماء و كافور ثمّ بماء عليه و بانّ المقصود التطهير و المضاف غير مطهّر و ما نقله من رواية سليمان بن خالد ورد في صحيحة ابن مسكان ايضا وجه الدلالة ان الظاهر من الغسل بماء و سدر صدق الماء عليه بالاطلاق وقت الغسل لا ما كان ما قبله و اذا صار مضافا لم يكن كذلك لكن في كثير من الاخبار وقع الامر بالغسل بالسدر مطلقا و ظاهره كفاية الغسل بالسدر مطلقا و ان خرجه ما خلطه من الماء عن الاطلاق فلا يبعد بقرينة تلك الروايات ان يحمل الماء في الروايتين السّابقتين على مطلق الماء او على الماء المطلق و ان كان في الماضى او على انه بيان لبعض افراد الواجب و امّا ما ذكره من الدليل الثانى فيرد عليه ان الغسل بماء السدر و الكافور يجوز ان يكون للتّنظيف كما في تراب الولوغ و يكون المطهّر التّام هو الغسل الأخير فلا يلزم اطلاق الماء فيهما نعم ما ذكره الشارح احوط اذ مع بقاء الماء على الاطلاق مع الخلط على الوجه الذى نقلنا عن المدارك يتحقق الامتثال على مقتضى ظاهر جميع الرّوايات و لا يشكل بما ذكره المصنف في الذكرى من ان تقدير المفيد السدر برطل او نحوه و ابن البرّاج برطل و نصف و اتفاق الاصحاب على ترغيته يوهمان الاضافة لان ما ذكراه من اضافة التقديرين ممّا لا دليل عليه و مع ذلك فقد ذكر المفيد في المقنعة في بيان كيفيّة غسل الميّت انه يغسّل رأسه و لحيته بمقدار تسعة ارطال من ماء السدر ثمّ يغسل جانبه الايمن كذلك ثمّ يغسل جانبه الايسر من ماء السدر كما غسل رأسه بنحو التسعة الارطال من ماء السدر الى اكثر من ذلك و الظاهر ان رطلا من سدر او رطلا و نصفا لا يخرج مثل هذا الماء عن الاطلاق و كذا الظاهر ان الترغية لا يخرج اصل الماء عن الاطلاق بل هو يجرى مجرى المياه المطلقة التى تعلوها الزّبد و ليس ايضا فيما راينا من كلامهم ما يدل على وقوع الغسل الأول بالرغوة حتى يقال ان الرّغوة خرجت عن اطلاق الماء بل ترغيته انما هو لغسل رأسه بالرغوة كما صرّحوا به و كانّهم لا يكتفون في غسله بذلك بل يغسل بعده بما يهيّأ له ايضا و حينئذ فلا يضرّ اضافة الرغوة و يشهد بما ذكرنا كلام المحقق في الشرائع حيث عدّ من المستحبّات غسل رأسه برغوة السدر امام الغسل و امّا ما ذكره صاحب المدارك ان المستفاد من الاخبار ان تغسيل الرّأس برغوة السدر محسوب من الغسل الواجب لا انه مستحب متقدم عليه و استشهد برواية الحلبى و الكاهلى و يونس ففيه ان رواية الحلبى و الكاهلى ليس فيهما حديث الرغوة اصلا و امّا رواية يونس فهو و ان وقع فيها حكاية الرغوة لكن ظاهرها هو ما ذكرنا الا ما ذكره كما يظهر بالتّامّل فيها فتأمّل

قوله ثمّ بماء مصاحب لشى ء من الكافور

الترتيب بين الاغسال كما يستفاد من ثمّ هو المشهور بين الاصحاب و يستفاد من الاخبار الواقعة الواردة في هذا الباب و يلوح من كلام ابن حمزة استحبابه و هو ضعيف

قوله و هو المطلق الخالص من الخليط

قد وقع في كثير من الرّوايات التقييد في الغسلة الثالثة بالماء القراح و هو على ما ذكره اهل اللغة الخالص الذى لا يشوبه شي ء فحمله بعضهم على ظاهره و حكم باعتبار عدم شوبه بشي ء اصلا حتى انه لم يجوز تغسيل الميّت بالماء المشوب بالطين كماء السّيل و نحوه و ان جاز التطهير به في غيره لانّهم اعتبروا في تطهير غير الميّت المطلق لا القراح و حكم الشارح في شرح الارشاد و المحقق

ص: 87

الشّيخ على رحمه الله بفساده لان اسم القراح في هذا الماء باعتبار قسميه حيث اعتبر فيهما المزج لا مطلقا و جعلا قوله عليه السّلام في خبر سليمان بن خالد ثمّ بماء منبّها على ذلك حيث اطلق فيه الماء و زاد الشارح هاهنا و صرّح بانّ الوصف بالقراح باعتبار عدم اعتبار الخليط فيه لا ان سلبه عنه معتبر فيجوز بالخليط ايضا و ما نقل من رواية سليمان بن خالد يصلح شاهدا لهذا ايضا و انت خبير بان حمل الأخبار على ما ذكره و ان كان ليس ببعيد جدّا لكن الحكم به لا يخلو عن اشكال فالاولى العمل بظاهرها من اعتبار الخلوص و عدم الممازجة بشي ء عرفا لاحتمال ان يكون في غسل الميّت خصوصية اعتبر لأجلها ذلك و صرف جميع تلك الاخبار المتكثرة من ظاهرها بمجرّد اطلاق رواية سليمان بن خالد لا يخلو عن اشكال اذ لا بعد في حمل المطلق على المقيّد و اشكل منه ما ذكره هنا من تجويز الخلط بالسدر و الكافور ايضا اذ على تقدير حمل القراح على مقابل الخليط الذى وقع في قسميه فالظاهر منه غير الخليط بالسّدر و الكافور لا عدم اعتبار الخليط بهما و دعوى العلم بعدم ضرر الخلط بهما في التطهير بل انه ابلغ فيه ممّا لا يسمع لجواز ان يكون في تطهير المرة الثالثة خصوصية اعتبر لاجلها عدم الخلط بهما و ايضا ربما لا يكون تلك الخصوصية متعلقة بالتطهير بل يكون عدم الخلط بهما لغرض آخر نعم يمكن تأييد ما ذكره الشارح بما سبق من روايتى عبد اللّه بن عبيد و معاوية بن عمار بناء على ما ذكرنا من ان ظاهرهما طرح سبع ورقات سدر في الماء القراح و يمكن ايضا تأييده بصحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت العبد الصّالح عن غسل الميّت ا فيه وضوء الصّلاة ام لا فقال غسل الميّت يبدأ بمرافقة فتغسل بالحرض ثمّ يغسل وجهه و رأسه بالسدر ثمّ يفاض عليه الماء ثلث مرّات و لا يغسل الا في قميص يدخل رجل يده و يصبّ عليه من فوقه و يجعل في الماء شي ء من سدر و شي ء من كافور و لا يعصر بطنه الا ان يخاف شيئا قريبا فيمسح مسحا رفيقا من غير ان يعصر ثمّ يغسل الذى غسّله يده قبل ان يكفنه الى المنكبين ثلاث مرّات ثمّ اذا كفّنه اغتسل فان ظاهره ان ما ذكر اولا من غسل الوجه و الراس بالسّدر هو شي ء استحبّ للتّنظيف و لا يكون من الغسلات الواجبة بل اشير الى الغسلات بقوله عليه السّلام ثمّ يفاض عليه الماء ثلث مرّات و قوله و يجعل في الماء ظاهرة الماء الذى يستعمل في الغسلات فيعلم منه جواز الخلط بالسّدر و الكافور معا في جميع الغسلات و حمل الكلام على ادخال شي ء من السدر في غسلة و من الكافور في غسلة اخرى و قد اجمل في الكلام اعتمادا على ما هو المعروف لا يخلو عن بعد هذا و في نهاية ابن الاثير الماء القراح بالفتح الذى لم يخالطه شي ء يتطيّب به كالعسل و التّمر و الزّبيب و على هذا فالمعتبر عدم الخلط بما يتطيّب به كالسدر و الكافور و نحوهما فلا يضرّ الخلط بغيره اذا لم يسلبه الاطلاق فتأمّل ثمّ ان القول بوجوب ثلاثة اغسال هو المشهور بين الاصحاب و قد تظافرت الاخبار الدّالة عليه و قد نقل عن سلّار انه قال بوجوب الغسل بالقراح فقط و حمل الزائد على الاستحباب تمسّكا بالاصل و برواية علىّ عن الكاظم عليه السّلام في الميّت يموت و هو جنب قال غسل واحد و مثله اخبار اخرى ايضا فغير الجنب اولى و لا يخفى ضعفه فروع الاوّل لو عدم السّدر و الكافور قيل يغسل ثلثا بالقراح و قيل يكفى الغسلة الثالثة و الاول احوط و الثانى اقوى اذ الامر بالمجموع لا يدل الا على وجوب كلّ جزء في ضمن الكل لا مطلقا لجواز تعلّق غرض بالمجموع من حيث المجموع فعند عدم امكان الاتيان باحد الجزءين لا يمكن الحكم بوجوب الاتيان بالجزء الآخر مع ان الاصل براءة الذّمة و مثله القول فيما اذا عدم احدهما فعلى الثانى يكتفى بالآخرين و على الاوّل يغسّل بما وجد من الخليط بالقراح مرتين الثانى لو وجد السّدر و الكافور و لكن لا يفى الماء الّا بغسل واحد فالظاهر وجوب الغسل بالسدر لوجوب البدأة به مع امكانه و اختار في الذكرى القراح لانها اقوى في التطهير و لعدم احتياجه الى جزء آخر و لا يخفى ضعفه بل الظاهر انّ ما مع السدر اقوى ايضا اذا لم يخرج الماء عن الاطلاق و لو وجد الماء لغسلتين فالظاهر على ما ذكرنا تقديم السّدر و الكافور و على ما

اختاره المصنف قال بتقديم السدر لوجوب البدأة به و احتمل تقديم الكافور لكثرة نفعه و على التقديرين فالثانية عنده القراح الثالث هل يجب التيمم في هذين الفرضين بدلا عن الفائت او الفائتين اختار في الذكرى عدمه لحصول مسمّى الغسل و اختار الشارح في شرح الارشاد وجوبه لاستقلال كل واحد من الثلاثة بالاسم و الحكم و لان وجوب التّعدد في البدل منه و عدم اجزاء احد اقسامه او القسمين عنه يوجب عدم اجزائهما او احدهما عن بدله و هو اختيار المصنف في البيان و الظاهر انه اذا قيل ان غسل الميّت غسل واحد تعدّد باعتبار كيفيّة فالظاهر عدم وجوب التيمم هنا لان التيمم انما هو بدل عن الغسل لا عن بعضه و هاهنا لم يتعذر الغسل بل انما تعذّر بعضه و جوّز الاتيان بالباقى فصار الباقى غسلا في حقه فلا وجه للحكم بوجوب بدله و ان قيل انه ثلاثة اغسال لصدق الغسل على كل واحد منها فان قلنا ان في كل واحد واحدة منها قصد التطهير بالماء و الخليط في الاوّلين زيادة للتّنظيف حتى انه لو تعدّد الخليط يجب ايضا تعدّد الغسل بالقراح كما هو احد المذهبين على ما ذكرنا فالظّاهر هنا وجوب التيمم بدلا عن كل فائت و ان قلنا ان المطهّر بالحقيقة هو الثالث و الاولان انما وجب اذا وجد الخليط لغرض تعلق به من التنظيف او غيره و متى تعذر ذلك لا يجب الغسل بالقراح بدله فالظاهر هنا سقوط التيمّم بدلا عن الفائت الا اذا كان الفائت هو الغسل بالقراح لان الذى ثبت هو ان التيمم بدل عن الغسل بالماء الذى وقع التطهير فيه بمجرّد الماء لا باعتبار ضمّ امر خارج و هاهنا ليس كذلك لاشتراط السدر و الكافور و تاثير التيمم اثر السدر و الكافور غير ظاهر و مع قيام الاحتمالات فالاصل براءة الذمّة فتأمّل و اعلم انهم اختلفوا في انه اذا تعذر غسل الميّت لعدم الماء او عدم امكان استعماله فهل يجب التيمّم بدله مرة واحدة او يتعدد بتعدد الاغسال فاختار المصنف في الذكرى الأوّل و العلّامة في يه و الشّارح في شرح الإرشاد الثانى و ينبغى بناءه ايضا على ما ذكرنا فالاظهر هو الأول و ان كان الثانى احوط فتدبّر الرّابع اذا تعذّر بعض الاغسال و اكتفى بالباقى مع التيمّم بدلا عن الفائت او بدونه على القولين ثمّ تيسّر ذلك قبل الدّفن فهل تجب اعادته يحتمل ذلك لانّ الاكتفاء انما هو الضرورة و قد زالت و به جزم في شرح الارشاد و يحتمل عدمها لتحقق الامتثال و الاصل عدم وجوبه مرّة اخرى الخامس اذا تعذر بعض الاغسال و اتى بالباقى و مسّه احد بعده فما حكمه فنقول انه ان قلنا بكفاية الباقى من غير حاجة الى التيمّم فالظّاهر حصول التطهير به حينئذ لحصول الغسل الشرعى ايضا فالمسّ بعده لا يوجب الغسل و يحتمل وجوبه بناء على ان الظاهر من الغسل الذى لا باس بالمسّ بعده هو الغسل التامّ و الغسل هاهنا ليس بتامّ بل اكتفى به للضرورة فلا يسقط به ما يوجبه المسّ

ص: 88

من الغسل و ان قلنا بوجوب التيمّم بدلا عن الفائت فالظاهر عدم سقوط غسل الميّت و ان كان بعد التيمّم لان الأخبار لا يدلّ الا على سقوط الغسل اذا كان المسّ بعد الغسل و الظاهر منه هو الغسل بتمامه و هاهنا لم يتحقق الغسل بتمامه بل انما تحقق بعضه و بدل بعضه الآخر و لا دليل على السقوط به و يحتمل سقوطه بناء على ان البدل حكمه حكم المبدل لكن في الحكم الكلى به تامّل فتأمّل

قوله و كلّ واحد من هذه الاغسال كالجنابة

يدلّ عليه رواية محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال غسل الميّت مثل غسل الجنب و ان كان كثير الشّعر فزد عليه و في طريقها ابراهيم بن مهزيار و لم يوثقوه بل ما زادوا في مدحه على ان له كتاب الثارات و ما في من انه ممدوح لا تعويل عليه لكن حكم العلّامة رحمه الله حكم بصحّة طريق الصّدوق الى بحر السقاء و هو فيه و في ربيع الشّيعة عدّ ابراهيم من السّفراء للصّاحب عليه السّلام و الابواب المعروفين الذين لا يختلف فيهم الاماميّة القائلين بامامة الحسن بن على عليه السّلام و قد استدل بها على ما هو المشهور من عدم الوضوء مع غسل الميّت و نقل عن ظاهر ابى الصّلاح وجوبه و الشيخ في يه جعله احوط و في المقنعة ذكر يوضّئه من غير تصريح بالوجوب او الاستحباب و ذهب جمع من الاصحاب منهم الشيخ في الاستبصار و المحقق و العلامة رحمه الله الى استحبابه و جعله المصنف في الذكرى اقرب اى من القول بالوجوب و انت خبير بان الاستدلال بهذه الرواية لا يخلو عن ضعف اذ المماثلة لا يلزم ان تكون من جميع الوجوه بل يكفى فيها المشابهة للاصل كيفيّة الغسل و امّا ما ذكره العلّامة في المختلف من منع المماثلة من كل وجه و الا لزم الاتحاد و نفى المماثلة و كل حكم يؤدّى ثبوته الى نفيه يكون محالا و اذا وجب حملها على البعض لم يتم الاستدلال لانّا نمنع تماثلهما في اسقاط الوضوء و لا يخفى ما فيه هذا و قد سبق في بحث الوضوء مع غسل الحائض و اختيها ما يصلح دليلا للجانبين و الظاهر نظر الى تلك الادلة عدم الوجوب هاهنا ايضا و ممّا يختصّ بهذا الموضع من جانب القائل بعدم الوجوب ما ورد من الاخبار المستفيضة في كيفيّة غسل الميّت و الابتداء فيها من تليين اصابعه و غسل يديه الى غسل رأسه و جسده ثمّ الانتقال بعد تمامه الى تكفينه من غير ذكر الوضوء و ربما يؤيده ايضا ما ورد من الأخبار في ان علّة غسل الميّت الجنابة و هى خروج النطفة التى خلق منها منه عند خروج الرّوح و من جانب القائلين بالوجوب الاخبار الواردة هنا بالوضوء كصحيحة حريز عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال الميّت يبدأ بفرجه ثمّ يوضّأ وضوء الصّلاة الحديث و رواية ابى خثيمة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال انّ ابى عليه السّلام امرنى ان اغسّله و ساق الحديث الى ان قال تبدأ فتغسل يديه ثمّ توضّئه وضوء الصّلاة الحديث و ما سبق في بحث تقدير السدر من روايتى عبد اللّه ابن عبيد و معاوية بن عمار و لا يبعد حملها على الاستحباب جمعا بين الادلة سيّما انّ الامر في الاوليين و امّا الثالثة فقوله عليه السّلام فيها ثمّ اوضئه ليس بظاهر في الوضوء الشرعى بل الظاهر منه تنظيفه من النجاسة بقرينة ذكره بعد عصر البطن و امر الاحتياط واضح و قال الشيخ في المبسوط و قد روى انه يوضأ الميّت قبل غسله فمن عمل بها كان جائزا غير انّ عمل الطائفة على ترك العمل بذلك لان غسل الميّت كغسل الجنابة و لا وضوء في غسل الجنابة و لعلّ مراده انه ان عمل بها اى قيل بوجوبه كان جائزا اى محتملا له وجه لكن عمل الطّائفة على ترك العمل به اى عدم وجوبه لما ذكره من الوجه و حينئذ يندفع عليه ما اورده ابن ادريس في السّرائر من انه اذا كان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك فاذن لا يجوز العمل بالرّواية لأن العامل بذلك يكون مخالفا للطائفة و فيه ما فيه انتهى ثمّ على تقدير الوضوء قالوا انه لا مضمضة فيه و لا استنشاق و استدل عليه في المعتبر بانّ ذلك لا يتيسّر الّا بقلب الميّت على وجهه ليخرج الماء من فيه و انفه و فيه اهانة لم يعتبرها الشارع و ربما وصل الى جوفه فيخرج الى اكفانه و هو اذى فاجتنابه اولى و يؤيده ايضا ما في رواية يونس و اجهد ان لا يدخل الماء منخريه و مسامعه ثمّ ان العلامة في المنتهى صرح بكراهتهما و الشيخ في ف ادّعى عدم الخلاف في انه لا يجوز المضمضة و الاستنشاق فيه فتدبّر

قوله او يغمسه في الماء دفعة واحدة

الاكتفاء في غسل الميّت بالغسل الارتماسى ذكره جماعة من المتاخرين منهم المصنف في الدروس و الذكرى لكنه في الذكرى لم يقطع به بل حكم بظهوره و مستندهم رواية محمد بن مسلم المتقدمة آنفا المتضمنة لأنّ غسل الميت مثل غسل الجنابة و هى مع عدم صحة سندها تقصر عن اثبات الحكم بها لما اشرنا اليه من ان المماثلة لا يلزم ان تكون من جميع الوجوه لا سيّما ان الشائع في زمانهم عليه السّلام كان هو الغسل الترتيبى فيمكن ان يكون المماثلة معه فالخروج بها عن مقتضى الاخبار المتظافرة الواردة في كيفيّة غسل الميّت بعنوان الترتيب مشكل جدّا و ما اشرنا اليه من الروايات في علة غسل الميّت و ان كان لا يخلو عن تأييد لها لكن مع ذلك ايضا لا تقوم حجة في مقابلة تلك الاخبار المتظافرة و العلامة في يه حكم بالاشكال و لم يرجّح و اللّه تعالى يعلم

قوله بالنّية

وجوب النيّة فيه مذهب اكثر الاصحاب و ادعى الشّيخ في ف عليه الاجماع و نقل عن السّيد المرتضى رحمه الله انه قال بعدم وجوبها لان غسل الميّت لتطهيره من نجاسة الموت فكان كغسل الثوب و تردد المحقق في المعتبر لذلك و استدل في الذكرى على وجوبها بانه مثل غسل الجنابة و تجب فيه النّية قطعا و بانه عبادة و قد عرفت ضعف الاوّل و الثانى كانه غير مسلّم عند الخصم و الظاهر ان العمومات الدّالة على وجوب النية لو دلّت لدلّت على وجوبها في جميع الاعمال الا ما خرج بالدليل و لا دليل هاهنا على اخراجه و ايضا وجوب الترتيب بين الاعضاء يشهد بكونه غسلا حقيقيّا لا مجرّد ازالة النجاسة و على قول المرتضى يتفرع الاجزاء بالماء المغصوب و في المكان المغصوب كما ذكره في الذكرى فتدبّر

قوله و ظاهر العبارة

حيث اكتفى بالنّية و لم يشر الى تعددها و ان امكن ان يقال ان قوله كالجنابة تمثيل لكل واحد من الاغسال لا المجموع كما صرح به الشارح فهو يصلح قرينة على ان يجعل قوله بالنيّة ايضا متعلّقا بكلّ واحد فتعدّد

قوله و هو الذى صرح به غيره

فانه في الرّسالة الالفية صرح باجزاء الواحدة و كذا في الذكرى في ذيل بحث المحترق و المجدور

قوله الاكتفاء بنيّة واحدة

قال في المدارك ينبغى القطع بالاكتفاء بنيّة واحدة للاغسال الثلاثة لانه في الحقيقة فعل واحد مركّب منها و لا يخفى ان كونه فعلا واحدا محل نظر لا بدّ له من دليل و لم يتعرّض له نعم التعبير عنه في اكثر الرّوايات بغسل الميّت و ما في بعضها بغسل الميّت ثلث غسلات دون ثلاثة اغسال يشعر ظاهرا بوحدته و استدلّ في شرح الألفيّة على تعدد الاغسال باختلافها اسما و معنى و من ثمّ لو تعذر بعض اغساله يمّم عنه مع انّ بعض الغسل لا يتيمّم عنه و لو كان الجميع غسلا واحدا لم يجب ايضا تغسيله لو وجد من الماء ما يغسّله مرة واحدة منها لان الغسل الواحد لا يتبعّض و الاتفاق على وجوبه و انت خبير بان اختلافها اسما و معنى لا ينافى صيرورة المجموع عبادة واحدة تكون هى غسل الميت كاختلاف اجزاء الصلاة من القراءة و الركوع و السجود و غيرها لاختلافها اسما و معنى مع صيرورة الجميع عبارة واحدة بنيّة واحدة و امّا ما ذكره من انه لو تعذر

ص: 89

بعض اقسامه يجب بدله التيمّم و لا تيمّم عن بعض الغسل فقد ظهر لك بما سبق آنفا انّ وجوب التيمّم بدله محل كلام و انه انما يتجه على القول بتعدد الاغسال لا على القول بالوحدة فاثبات التعدّد به دور على انه لو ثبت دليل على وجوب التيمّم بدل كل غسل تعذر فهو و ان كان مرجحا للتعدد في الجملة لكن يشكل الحكم به اذ يمكن مع ذلك صيرورة للمجموع فعلا واحدا و عبادة واحدة هى غسل الميّت كما يشعر به الاخبار و لانه لا استبعاد في وجوب التيمّم بدلا عن بعض الغسل اذا كان البعض غسلا تامّا و اما انه لو كان غسلا واحدا لما وجب تغسيله مرّة او مرّتين اذا لم يف الماء الا بذلك فهو و ان كان له ظهور في الجملة في التعدد لكن ليس بمرتبة يصلح لبناء الحكم عليه اذ لا استبعاد جدّا في وجوب عبادة واحدة و وجوب بعض اجزائها ايضا عند تعذر الكلّ كما في صوم شهر رمضان على القول بانه عبادة واحدة كما هو المشهور على ما سيجي ء و يمكن الاستشهاد ايضا لتعدّد بالتشبيه في النص و الفتاوى بغسل الجنابة فانه في كل غسلة فالظاهر منه كون كل غسلة غسلا مستقلا كالجنابة و هو ايضا ضعيف لما اشرنا اليه من ان التشبيه لا يلزم ان يكون في المماثلة من جميع الوجوه بل يكفى فيه ان يكون في مجرّد وجوب الترتيب و الحق ان الحكم بوحدته او تعدده لا يخلو عن اشكال فالاحوط الاتيان اولا بنيّة واحدة للكلّ ثمّ بنيّة للآخرين بل لكلّ واحدة من الغسلات مع استحضار النيّة الأولى ايضا في الأولى و امّا ما يشعر به قول الشارح الاكتفاء بنيّة واحدة و كذا قول المصنف في الالفيّة او تجزى نيّة واحدة لها من جواز تعدّدها ايضا على القول بجواز لواحدة ففيه تامّل لان جواز النيّة الواحدة انما هو على تقدير كونه عبادة واحدة و جواز تفريق النيّة على اجزاء عبادة واحدة غير ظاهر و قطع بعضهم بعدمه و المصنف رحمه الله في الذكرى في بحث الوضوء ذكر له صورا و احتمل البطلان في الجميع و رجّحه في بعضها فكيف يحكم هنا بجواز الواحدة الا ان لا يكون تجويزه الواحدة باعتبار الحكم بوحدته بل يكون بناءه على ما ذكر في شرح الارشاد انه ربما قيل بالتخيير بين الواحدة و الثلث لانه في المعنى عبادة واحدة و غسل واحد مركّب من غسلات ثلث فيجوز مراعات الوجهين و هو بعيد و كون نظر المصنف اليه ابعد فتدبّر

قوله و الاجود التعدّد بتعدّدها

لما نقلنا عنه في شرح الالفيّة و فصّلنا القول فيه

قوله و اشتركوا في الصّب

و كذا لو كان بعضهم صابّا و بعضهم موصلا لما صبّه الى ساير الاجزاء غير ما صبّ عليه اذا الغسل حينئذ بفعل الجميع

قوله و استحبّ من الآخر

كذا في شرح القواعد ايضا و لعلّ وجهه الاحتياط لصدق الغاسل عليه ايضا في الجملة او لان فعله اعانة على فعل الواجب فثياب به مع النّية فافهم

قوله و اكتفى المصنف في الذكرى بها منه

اى بالنيّة الواقعة من الآخر و الضمير الاوّل راجع الى نيّة الأخير و الثّانى الى الصب و الظرف متعلق باكتفاء اى اكتفى بنية الآخر من الصّاب اى من نيته قال في الذكرى و لو اشترك في غسله جماعة نووا و لو نوى الصّاب وحده أجزأ لانه الغاسل حقيقة و لو نوى الآخر فالأقرب الاجزاء لان الصّابّ كالآلة و لا يخفى ما فيه من التّدافع ثمّ ان كان فعل الآخر مجرد هو التغليب فالظاهر ان الغاسل هو الصّاب على ما ذكره اوّلا و يحتمل ان يكون هو المقلب لانّ وصول الماء الى اجزائه بفعله حتى انه لو جرى الماء من ميزاب و ما جرى مجراه فوضع الميّت تحته و قلّبه مرارا بحيث وصل الماء الى جميع اجزائه بالترتيب فلا يبعد صدق الغسل بذلك عرفا و ان كان فعله هو ايصال المصبوب الى الاجزاء بامرار اليد و نحوه فالظاهر انه الغاسل حقيقة فالصّاب كالآلة كما ذكره آخرا بشرط ان يزاول ذلك في غسل جميع بدنه عرفا و لا يكتفى في قطعته معتدّ بها منه بصبّ الماء عليه حتى انه لو كان الانصباب حينئذ من الميزاب و نحوه ايضا فالظاهر صدق الغسل بذلك و اللّه تعالى يعلم

قوله و الأولى بميراثه اولى باحكامه

هذا الحكم مشهور بين الاصحاب و في شرح القواعد ان الظاهر انه مجمع عليه و المراد بالأولوية على ما ذكره جمع من المتاخرين انه لا يجوز لأحد تولّيها الا باذنه فاستدلّوا عليه في البنين بعموم آية اولى الارحام و في خصوص الزّوج بما سياتى من موثقة اسحاق بن عمار و في الكلّ برواية غياث بن ابراهيم الرزامى عن جعفر عن ابيه عن علىّ قال يغسل الميّت اولى النّاس به و لا يخفى انّ عموم الآية الشّريفة في ظرف الأولوية غير ظاهر و لو سلم و لا تفيد الّا اولويته لو اراد المباشرة و امّا اذا لم يردها فالتّوقف على اذنه كانه لا يظهر منها و امّا الرّواية فهي مع ضعف سندها قاصرة على الدلالة ايضا لعدم تصريح او اشعار فيها بان ظرف الاولوية هو ما ذكروه من الميراث و ايضا يمكن ان يحمل على استحباب تغسيل الأولى او اولويته اذا اراد المباشرة فلا تدل على توقف تغسيل الغير على اذنه هذا مع اختصاصها بالغسل و قد ورد في الصّلاة ايضا حسنة ابن ابى عمير بابراهيم عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال يصلّى على الجنازة اولى النّاس بها او يأمر من يحب و ظاهرها ما ذكروه من اعتبار اذن الولى في توفّى غيره لكنها مخصوصة بالصّلاة و في هى ذكر مثل هذه الرّواية في الغسل و نسبها الى ابن بابويه انّه روى عن امير المؤمنين عليه السّلام قال يغسل الميّت اولى الناس به او من يأمره الولى بذلك لكنه لم اره في الفقيه و لعله في سائر كتبه لو لم يحسر عنه النظر فتدبّر و امّا ما ذكره بعض المحققين من منافات هذا الحكم لكونه واجبا كفائيا مع نقلهم الاجماع عليه ففيه ان الوجوب على الجميع كفاية لا ينافى توقف فعل بعض على اذن بعض فيجب على الجميع القيام به و ان كان في غير المولى بعد الاذن و يسقط بفعل البعض فتأمّل و ذكر في شرح الارشاد انه اذا امتنع الولى من الاذن او فقد سقط اعتبار اذنه فبإذن الامام ثمّ الحاكم قيل ثمّ المسلمون و لعلّ وجهه في صورة الامتناع ان ذلك اذا كان حق الولى و وجب عليه فعله بنفسه او اذنه لغيره فاذا لم يفعل احدهما فلا يجوز لأحد التصرّف في حقه الا للامام فانّ له امثال هذه التصرّفات كما في بيع مال المديون لأداء دينه مع امتناعه منه و حاكمه خاصّا او عامّا بحكمه و مع عدم حضور الامام و حاكمه و الحكم بتوقفه على اذن المسلمين على ما قيل ممّا لا يظهر له دليل صالح و لا يبعد حينئذ سقوط حقّه و جواز مباشرة كل من اراده من المؤمنين و اما مع فقد الولى فالامام وليّه و حاكمه في حكمه و مع عدم حضورهما فالامر كما في سابقه و قال في الذكرى لو لم يكن وليّ فالامام وليّه مع حضوره و مع غيبته الحاكم و مع عدمه المسلمون و لو امتنع الولى ففى اجباره نظر من الشّك في انّ الولاية هل هى نظر له او للميّت و سياتى تسليمه الى غيره و لا يبعد حمل قوله و مع عدم المسلمون على ما ذكرنا من ان لكل مسلم ان يتولّى امره من غير اذن و لعلّ مراده بما ذكره من وجه النظر هو الشك في ان الولاية هل هى نظر للوليّ و اثبات مزية له او للميّت و سياتى تسليمه الى غيره و لا يبعد حمل قوله او مع عدم المسلمون على ما ذكرنا من ان الكل مسلم ان يتولّى امره

ص: 90

باعتبار ان تولّى الولى اصلح له فعلى الأوّل لا يجب الاجبار مع امتناع الولى و اسقاط لحقه و على الثانى يجب و قوله و سياتى تسليمه الى غيره و اشار به الى ما ذكره بعد ذلك بقوله و لو سلم الأولى الى غيره جاز الا في تسليم الرّجال الى النّساء في الرّجل و بالعكس في المرأة كانّه الى ان المراد باجباره و اجباره على فعله بنفسه او تسليمه الى غيره لانه اذا جاز له تسليمه الى غيره فلا يصح اجباره على مباشرته بنفسه فحاصل كلامه انه هل يصح اجباره على احد الامرين من مباشرته بنفسه او تسليمه الى من يختاره او يسقط حقه بامتناعه و تكون الولاية حينئذ للامام او المسلمين على ما نقلنا من شرح الارشاد فتأمل

قوله بمعنى انّ الوارث اولى

قد صرح بهذا المعنى العلامة رحمه الله ايضا في هى و احتمل صاحب المدارك رحمه الله ان يكون المراد بالاولوية في الميراث كثرة النّصيب فيه او يصدق على الاكثر نصيبا انه اولى بالميراث و لا يخفى على انه ما ذكره لا بد من ارتكاب تخصيص في الحكم باعتبار تقدم الزّوج و الأب على الولد كما سيذكر و ان كانا اقلّ نصيبا منه و امّا على ما ذكره الشارح فلا حاجة الى تخصيص فافهم

قوله و ان كان قريبا

و ذلك اذا لم يكن من مرتبته او كان له حاجب عن الارث كالقتل او الكفر او الرّق اذ حينئذ يسقط اولويته و ان كان في مرتبته الوارث او اقرب منه كما صرح به في الذكرى

قوله فالذكر اولى من الانثى

الحكم مشهور بين الاصحاب و مستنده غير ظاهر الّا ان يكون اجماع او حمل الاولوية في الرّواية السّابقة على كثرة النّصيب و قد صرّح في شرح الإرشاد بانه لا فرق في ذلك بين كون الميت رجلا او امراة فلو كان امرأة لا يمكن للذكر تغسيلها اذن للمماثل فلا يصحّ فعله بدون اذنه قال و ربما قيل ان ذلك مخصوص بالرّجل و امّا النساء فالنساء اولى بغسلهنّ و لم يثبت و امتناع المباشرة لا يستلزم انتفاء الولاية انتهى و ما نقله من القيل كانه اشارة الى ما ذكره المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد حيث كتب على قول العلّامة الرّجال اولى من النساء المراد بالرّجل و ظاهر كلام الشيخ في المبسوط ايضا ذلك فانه ذكر في تفصيل حكم الاولى بالميّت انه ان كان الميّت امرأة و اجتمع رجال و نساء من القربات فالنساء اولى من الرجال لانهنّ اعرف و اوسع في باب النظر اليهنّ و لم يشترط الاستيذان فظاهره اولوية النساء من غير اعتبار استيذان بل ظاهر كلامه اعتبار الأولوية مع جواز مباشرته لا بدونها حيث حكم بان الاجتناب ايضا اولى بغسل المرأة ممن له الولاية و لم يتعرض لاشتراط الاستيذان اصلا و كذا في الرّجل حكم بانه منى كان هناك رجال اباعد و نساء اقارب ليس فيهنّ رحم محرم فالرجال اولى بتولّى غسله و لم يشترط الاستيذان و انت خبير بان ما ذكره لا يخلو عن وجه فان رواية غياث السّابقة التى هى الاصل لهم في هذا الباب لا يدلّ الا على اولوية الاولى في تولى الغسل فاذا لم يجز له التّولى يسقط حكمها و قد ادّعوا الاجماع على الوجوب الكفائى فلكل من جاز له توليه مباشرته و اشتراط استيذانه من الولى يحتاج الى دليل و ليس عليه دليل صالح فتأمّل

قوله و المكلّف من غيره

لا يظهر فيه خلاف بينهم و كان وجهه عدم الوجوب على غير المكلّف فيجب تقديم من وجب عليه او انه لا ولاية للصّبى في نفسه ففى غيره اولى كما ذكره في هى في الصّلاة و للمناقشة في الوجهين مجال و صرّح في المدارك في بحث الصّلاة بان غير المكلف بمنزلة المعدوم و انه ينتقل الولاية الى غيره من الورثة و على هذا فلو تولّى الأجنبى اعتبر اذن الوارث الغير البالغ فقط و لو انحصر الوارث في غير البالغ فهل هو بمنزلة من لا وارث له من الاقارب او ينتقل الولاية الى وليّ الوارث او الى من هو اقرب الى الميّت و ان لم يرثه في الحال اوجه و لم اقف على كلام من الاصحاب في ذلك قوله حكم العلّامة في المنتهى بانه يجوز للصّبى المميّز تغسيل الميّت و اختار المصنف ايضا في الذكرى معلّلا بصحة طهارته و امره بالعبادة ثمّ احتمل المنع لان فعله تمرين و النّية معتبرة و تردّد فيه في المعتبر ثمّ جعل الجواز اشبه لانه يصحّ منه نية القربة كما في الطّهارة للصّلاة المندوبة فتأمّل

قوله و الأب من الولد و الجدّ

لا يخفى ان الجدّ لا يرث مع الأب فلا يدخل فيما ذكروه من القاعدة حتى يحتاج الى بيان النسبة بينه و بين الأب فلعلّه ذكره تطفلا للتصريح على منع مذهب ابن الجنيد حيث حكم بتقديم الجدّ لصلاحيّته لولاية الاب و لتقديمه في النكاح هذا مع امكان ادخاله في الوارث توسّعا باعتبار ما يستحب له من الطعمة بل ذهب ابن الجنيد الى ارثه في بعض الموارد فانه نقل عنه انه جعل الفاضل عن سهام البنت و الابوين للجدّين او الجدّتين هذا و بما قررنا ظهر حجة المشهور فانه مبنى على ما اسسوه من القاعدة مع قولهم بعدم ارثه و بعده فلا عبرة بما ذكره ابن الجنيد من الوجهين و مع ذلك فقد عارضه في الذكرى بقرب الاب و بتقدمه في الحضانة هذا و امّا تقدم الاب على الولد فقد ذكره الشيخ في الصّلاة و تبعه من تبعه و عللوه كما في هى بان الأب احنى على الولد و اشفق و دعائه له اقرب الى الاجابة و شفاعته اقرب الى القبول فكان اولى بالصّلاة و اثبات الحكم بمثل هذه الوجوه لا يخلو عن اشكال كذا اجراء هذا الوجه في الغسل ليحكم بتقديمه فيه كما ذكر هاهنا فتدبّر ثمّ على تقدير تعدّد الورثة بغير اولوية و تشاحهم اقرع بينهم على ما صرّح به في هى

قوله و الزّوج اولى بزوجته مطلقا

اى حتى من اقاربها الوارثين و الحكم كما ذكره في المعتبر متفق عليه و يؤيده ايضا موثقة اسحاق بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال الزوج احق بالمرأة حتى يضعها في قبرها و رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له المرأة تموت من احق النّاس بالصّلاة عليها قال زوجها قلت الزّوج احق من الاب و الاخ و الولد فقال و يغسلها لكن في صحيحة حفص بن البخترى تقديم الاخ على الزّوج في الصّلاة و كذا في رواية عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه عنه صلّى الله عليه و آله و حملها الشيخ على التقية لموافقتهما لمذاهب العامة و هو متجه و لا عبرة بكونهما اوضح سندا من الأوّلين لما اشرنا اليه من الاتفاق و لا فرق بين الدّائم و المنقطع لشمول الزّوج و الزّوجة للقسمين كما في قوله تعالى إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ و الا لحرمه بقوله فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ و للتامّل فيه مجال اذ المتبادر منه عرفا هو الدائم و يحمل عليه في كثير من الموارد كما في المواريث و غيرها فالحكم بشموله هاهنا للمنقطع محلّ مناقشة فتأمّل

قوله لئلّا يخرج تغسيل كلّ الى آخره

اراد انه لو لم يقيّد بالرجوليّة بل اطلق الذكوريّة او اطلق المساوات و كان الظّاهر منها المساوات بينهما في الذكورية و الانوثيّة فيخرج تغسيل كل من الرجل و المرأة ابن ثلث سنين و بنته فلذا قيّده بها و اراد بالمساوات فيهما عدم الاختلاف فيهما اى انه لا يجوز ان يكون احدهما رجلا و الآخر انثى و حينئذ لا يخرج تغسيل المرأة ابن ثلث سنين لانتفاء الرّجوليّة فيه لكن يبقى خروج غسل الرّجل بنت ثلث سنين و قول الشارح و مع ذلك لا يخلو عن القصور اشارة اليه و امّا ما كتبه سلطان العلماء رحمه الله في وجه القصور من انه لا ينتفى الأنوثية عن المغسلة الصغيرة فيلزم

ص: 91

ان يكون تغسيل الرّجل لها منافيا للحكم بوجوب المساواة و كذا غسل الانثى للصّغير فيفهم من قوله و كذا غسل الانثى للصغير انه حمل المساوات بعد التقييد على انه ان كان احدهما رجلا فيجب ان يكون الآخر ايضا كذلك اذ حينئذ يلزم خروج الانثى الصّغير ايضا و لا يخفى انه حينئذ لا يظهر توجيه لكلام الشارح لانه اذا كان بعد التقييد ايضا يخرج كلّ منهما فما فائدة التقييد اصلا و يبقى القصور بحاله مع ان كلام الشارح صريح في ان له فائدة لكن معه ايضا لا يخلو عن قصور بل نقول التقييد على ما ذكره يزيد القصور اذ يفهم منه عدم جواز تغسيل الرّجل الذكر الغير البالغ ايضا فالصواب حمل الكلام بعد التقييد على ما ذكرنا لتظهر له فائدة في الجملة و ان بقي معه بعض القصور و بما قررنا ظهر وجه آخر للقصور الذى اشار اليه الشارح و هو انه بعد التقييد يمكن ان يحمل على ما فهمه سلطان العلماء و حينئذ لا يفيد التقييد اصلا بل يزيد الضرر هذا و يمكن ايضا ان يوجه القصور بانه بعد التقييد يفهم منه جواز غسل المرأة و الذكر غير الرجل مطلقا و ان زاد على ثلث سنين لكن الامر فيه سهل اذ لا يلزم من الحكم بعدم الجواز مع المخالفة فيهما الجواز بدونها مطلقا خصوصا بعد ما استدركه بقوله و يجوز تغسيل الرّجل ابنة ثلاث سنين و كذا المرأة حيث يفهم منه عدم الجواز فيهما فيما زاد و الظاهر انه ليس غرض المصنف ما ذكره الشارح بل اراد بالرّجولية الذكورية امّا توسّعا بقرينة مقابلته بالانوثيّة او بدون التوسّع كما احتمل في القاموس و لا يضرّ خروج تغسيل كل من الرّجل و المرأة ابن ثلاث سنين و بنته لانه استدركه آخرا فقوله فيجوز تغسيل الى آخره بمنزلة الاستثناء من هذا الحكم و حينئذ فلا قصور فتأمّل

قوله فيجوز لكل منهما تغسيل صاحبه اختيارا

هذا هو المشهور بين متأخري الاصحاب و هو قول ابن الجنيد و الجعفى صاحب الفاخر و المرتضى و ظاهر الشيخ في ف و في كتاب الاخبار و ظاهر النهاية خصّ ذلك بحالة الاضطرار و عدم المماثل و امّا مع الاختيار فلا يجوز غسل احدهما صاحبه و نقل ذلك عن ابن زهرة ايضا و ظاهر كلام المبسوط في الزوج موافق المشهور انه يجوز له تغسيل زوجته مع الاختيار و في الزوجة ما في كتابى الاخبار انه لا تغسل زوجها الّا مع الاضطرار و قال في الذكرى و يظهر من كلام اكثر الأصحاب انّهما كالمحارم و هم الذين يحرم التّناكح بينهم نسبا او رضاعا او مصاهرة انتهى و سيذكر حكمهم حجة المشهور اطلاق روايات كصحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يغسل امراته قال نعم من وراء الثوب و رواية محمد بن مسلم عن غير الامام بعيد و حسنة محمد بن مسلم ايضا بإبراهيم قال سألته عن الرّجل يغسل امراته قال نعم انما يمنعها اهلها تعصّبا و حسنة الحلبى بل صحيحة على ما في شرح القواعد و المدارك و شرح الإرشاد المحقّق الاردبيلى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن الرّجل يغسل امراته قال نعم من وراء الثوب لا ينظر الى شعرها و لا الى شي ء منها و المرأة تغسل زوجها لانه اذا مات كانت في عدّة منه و اذا ماتت هى فقد انقضت عدّتها و عن المرأة تموت في سفر و ليس معها ذو محرم و لا نساء قال تدفن كما هى بثيابها و عن الرّجل يموت و ليس معه ذو محرم و لا رجال قال يدفن كما في ثيابه و موثقة سماعة قال سألته عن المرأة اذا ماتت فقال يدخل زوجها يده تحت قميصها الى المرافق فيغسلها و ما يمكن ان يحتج به للشيخ حسنة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اذا مات الرّجل مع النساء غسلته امرأته فان لم تكن امراته مع غسلته اولاهنّ به و تلفّ على يدها خرقة وجه الدلالة تقييد تغسيل امراته له بموته مع النساء فلا يجوز مع وجود الرّجال و يمكن الجواب بانّ المعلّق على الشرط لعلّه وجوب تغسيل امراته له لا جوازه و يمكن ان يكون الشرط بناء على الغالب من تغسيل الرّجال للرّجل مع وجودهم و عدم مباشرة النساء له فالمراد انه اذا مات الرجل مع النساء غسلته امراته و لا تظنن عدم جوازه على انه يمكن حمله على استحباب عدم مباشرتنا بدون الشرط و رواية ابو بصير قال ابو عبد اللّه عليه السّلام يغسل الزوج امراته في السّفر و المرأة زوجها في السّفر اذا لم يكن معهم رجل وجه الدلالة التقييد بالسّفر في كل من الزوجين لانه مظنة الضرورة و لو لا ذلك لم يظهر للتقييد وجه و يؤكده ايضا في المرأة مفهوم قوله صلّى الله عليه و آله اذا لم يكن معهم رجل و قد ظهر جوابه مما سبق و رواية ابى حمزة عن ابى جعفر عليه السّلام قال لا يغسّل الرّجل المرأة الا ان لا توجد امراة و الرّجل فيها عام يشمل الزوج ايضا و الجواب انه لا بعد في التخصيص بغير الزوج بعد معارضته اطلاق الاخبار السّابقة و لعلّه اظهر من تقييد تلك الاخبار بحال الضرورة خصوصا مع ضعف سندها و يمكن حملها ايضا على التقية كما سيظهر و هاهنا روايات اخرى و بعد التقييد بالضرورة فيها في كلام الراوى دون الامام عليه السّلام لا باس ان تنقلها و نتكلم عليها لصحيحة عبد اللّه بن سنان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل ا يصلح له ان ينظر الى امراته حين تموت او يغسلها ان لم تكن عندها من تغسلها و عن امرأة هل تنظر الى مثل ذلك من زوجها حين يموت فقال لا باس بذلك انما يفعل ذلك اهل المرأة كراهة ان ينظر زوجها الى شي ء يكرهونه و انت خبير بانّ التقييد و ان وجد في السؤال لكن ظاهر سياق الجواب عدم التقييد حيث نفى الباس و ذكر انه لا مانع منه الا كراهة اهل المرأة ان ينظر زوجها الى شي ء يكرهونه و لو كان جوازه مقيّدا بالضرورة لكان الظاهر ان يقال لا باس بذلك مع الضرورة و حمل الكلام على انه لا باس بذلك مع الضرورة و انما يفعل المنع معها اهل المرأة للكراهة المذكورة كانه بعيد جدّا و صحيحة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يموت و ليس معه الّا نساء قال تغسله امراته لانّها منه في عدّة و اذا ماتت لم يغسّلها لانه ليس منها في عدّة و هذه الرّواية ايضا و

ان وجد التقييد في كلام الراوى لكن الظاهر حمل قوله عليه السّلام تغسله امراته على ما يعمّ حال الاختيار ايضا بقرينة المنع من العكس اذ لا يظهر خلاف بين الاصحاب في جواز العكس ايضا مع الاضطرار لكن يبقى تخصيص الجواز فيها بتغسيلها له و المنع من تغسيله لها و هو مع منافاته للاخبار السّابقة لا يظهر قائل به و يمكن حمله على الكراهة او على التقيّة فان عند ابى حنيفة و ابى يوسف و محمّد و الثورى و الاوزاعى و في رواية عن احمد انه لا يجوز للرّجل ان يغسّل امراته مع اطباقهم على تجويز العكس الا في رواية عن احمد فان احدى الروايتين عنه عدم الجواز فيهما و الاخرى الجواز فيهما و في التهذيب حمل منع العكس على المنع من تغسيلها مجرّدة عن الثياب و ظاهره القول بجواز تغسيلها له مجرّدا دون تغسيله اذ على القول بالمنع مجرّدا فيهما حمل الجواز فيها على الجواز مع الثياب و المنع فيه على المنع مجرّدا بعيد جدّا و مناف لما ذكر من التعليل لكن لم ينقل القول بالتفضيل و حسنة الحلبى بابراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن الرّجل يموت و ليس عنده من يغسله الّا النساء قال تغسله امرأته او ذو قرابة ان كانت له و تصبّ النساء عليه الماء صبّا و في المرأة اذا ماتت يدخل زوجها يده تحت

ص: 92

قميصها فيغسلها و هذه الرّواية و ان لم يظهر منها جواز تغسيلها له في غير الضّرورة للتقييد في السؤال و بقرينة قوله عليه السّلام او ذو قرابة على القول بانّ جواز تغسيل ذات القرابة له انما هو في حال الضرورة لكن الحكم الاخير ظاهره الاطلاق لعدم تقييد فيه و حمله فيه ايضا على التقييد بعدم النّساء بقرينة تقييد السّائل في عكسه بعكسه بعيد و اذا ظهر منها جواز تغسيل الزّوج بدون الضّرورة فيمكن ان يثبت في الزّوجة بطريق الأولى بقرينة ما ذكر من الفرق و التعليل في صحيحة زرارة و حسنة الحلبى و كصحيحة ابى الصباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال في الرّجل يموته في السّفر في ارض ليس معه الا النساء قال يدفن و لا يغسل و المرأة يكون مع الرّجال بتلك المنزلة تدفن و لا تغسّل الّا ان يكون زوجها معها فان كان زوجها معها غسّلها من فوق الدّرع و يسكب الماء عليها سكبا و لا ينظر الى عورتها و تغسله امرأته ان مات و المرأة ليست بمنزلة الرّجال المرأة اسوأ منظرا اذا ماتت و رواية داود بن سرحان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام مثلها و انت خبير بانه يمكن حمل الجواز فيهما في هذه الرواية على الاطلاق لعدم تقييد في كلامه عليه السّلام فيهما و على التقييد بقرينة الفرض السّابق و الفرق بين الزّوج و الزّوجة فيها ظاهره انه في الحاجة الى الدرع في تغسيله لها دون العكس بعلّة ما ذكر من ان من المرأة بعد الموت اسوأ منظر او صحيحة منصور قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يخرج في السفر و معه امراته يغسّلها قال نعم و امّه و اخته و نحو هذا يلقى على عورتها خرقة و لا يفهم منها الّا الجواز في حال الضّرورة بقرينة تقييد السّائل بالسفر الذى هو مظنتها و بقرينة اختها على القول بان جواز غسلها مقيد بالضرورة و رواية الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في المرأة اذا ماتت و ليس معها امرأة تغسلها قال يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها الى المرافق و لا يظهر منها الا الجواز في حال الضّرورة و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد الله عليه السّلام قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يموت و ليس عنده من يغسله الّا النساء هل تغسله النساء فقال تغسله امراته او ذات محرمة و تصبّ عليه النساء الماء صبّا من فوق الثياب و لا يظهر منها الا الجواز في حال الضرورة للتقييد في السّؤال و بقرينة اضافة ذات المحرم على القول بالتقييد فيها و رواية زيد الشحّام قال سألته عن امرأة ماتت و هى في موضع و ليس معهم امراة غيرها قال ان لم يكن فيهم لها زوج و لا ذو رحم دفنوها بثيابها و لا يغسلونها و ان كان معهم زوجها او ذو رحم لها فليغسلها من غير ان ينظر الى عورتها قال و سألته عن رجل مات في السّفر مع نساء ليس معهنّ رجل فقال ان لم يكن له فيهنّ امراة فليدفن في ثيابه و لا يغسل و ان كان له فيهنّ امراة فليغسل في قميص من غير ان تنظر الى عورته و هذه الرواية ايضا لا تدلّ الّا على الجواز فيهما في حال للتقييد في السّؤال مع اضافة ذى رحم في المرأة و هاهنا رواية اخرى عن مفضل بن عمر قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك من غسل فاطمة عليها السّلام قال ذاك امير المؤمنين عليه السّلام قال فكانى استعظمت ذلك من قوله قال فكأنك ضقت بما اخبرتك به قلت قد كان ذلك جعلت فداك قال لا تضيقن فانّها صدّيقة لم يكن يغسّلها الّا صدّيق اما علمت ان مريم لم يغسّلها الّا عيسى عليه السّلام و انت خبير بان عد السائل ذلك عظيما و تقريره عليه السّلام و العذر بانها صدّيقة لم يكن يغسّلها الا صدّيق يدل على ان تغسيل الرّجل للمرأة لا يخلو عن شي ء و كون ذلك بمجرّد انه يعاب عرفا لا يخلو عن بعد و ان كان ما في الكافي من استفظعت بدل استعظمت على ما في التهذيب ربما يشعر به و يمكن ان يكون استعظام السّائل باعتبار ما سمعه من العامة من عدم جوازه و تقريره عليه السّلام للتّقية هذا مع ضعف سند الرّواية و اللّه تعالى يعلم

قوله و الزوجة معها

اى مع الولاية بان تكون وارثة لا حاجب لها عن الارث من رقّ و نحوه و لا يكون بين الورثة من قدّم عليها من وارث ذكر بناء على ما سبق من تقديم الذكر على الانثى او باذن الوليّ مع فقد احد الشرطين اذا قلنا باشتراك الولاية بين جميع الورثة كما اعتبره الشارح و لو قلنا باختصاص الولاية بمن هو اكثر نصيبا الّا فيما استثنى على ما نقلنا سابقا عن صاحب المدارك فتسقط ولايتها بوجود من هو اكثر نصيبا ايضا فيحتاج حينئذ ايضا الى الاذن و يحتمل ان يكون الترديد باعتبار التّردد في ولايتها و عدمه باعتبار التّردد في حمل الأولى على مطلق الوارث فيثبت لها الولاية او على الوارث النّسبى باعتبار تبادره فيخرج الزوجية و يحتاج الى الاذن و حينئذ يكون ولاية الزّوج باعتبار النّص الخاصّ به و ان لم يدخل في الأولى الوارد في الخبر على انه لا يبعد ايضا ادخال الزوج في الاولى دون الزوجة و المصنف في الذكرى حكم بان الظاهر ان الزّوجة تقدم كما يقدم الزوج قال و لم يذكرها الشيخ مع دلالة خبر زرارة المتقدم على قوة جانب الزوجة على الزّوج و تقديمها على تقدير التجريد ظاهر و اما على عدمه كما هو ظاهر مذهبه فيحتمل للتمكن التام مع التجريد فيكون اولى من الغسل لا معه انتهى و كان مراده ان تقديم الزّوج و الزّوجة على تقدير جواز تغسيل كلّ منهما الآخر مجرّدا ظاهر لما ورد من اولوية الزّوج فاذا جاز له المباشرة مجرّدا كغيره فهو اولى بالمباشرة ايضا ثمّ يقاس عليه الزوجة بطريق اولى و امّا على تقدير عدم جوازه فيحتمل ايضا لإطلاق ما ورد في اولويته و يحتمل عدم التمكن التام مع التجريد لا بدونه فالاولى تقديم من يجوز له التجريد دون الزّوج و الزوجة هذا على تقدير كون تقديمهما بضمير التثنية على ما في بعض النسخ و في بعضها بضمير التّأنيث الرّاجع الى الزّوجة و حينئذ يكون المعنى ان تقديم الزّوجة على تقدير جواز تغسيلها مجرّدا ظاهر للرّواية المذكورة و امّا على تقدير عدم جوازه فيحتمل ايضا لظاهر الرّواية و يحتمل عدمه لما ذكر من التمكن فالأولى تقديم من يجوز له التجريد دون الزّوجة و فيه انّه اذا ثبت قوة جانب الزّوجة فلا يضرّ عدم جواز التّجريد على القول به لاشتراكه بينها و بين الزّوج مع ثبوت التقديم فيه فالظاهر هو النسخة الاولى ثمّ لا يخفى ان ظاهر كلامه كما يستفاد من التشبيه بالزوج تقديم الزوجة مطلقا حتى على باقى الورثة و فيه تامّل لان تقديم الزّوج كذلك انما هو بالنصّ الوارد على اولويته كما سبق و لم يرد نص في الزوجة و قوة جانبها في جواز مباشرتها الغسل بالنسبة الى الزوج لا تفيد اولويتها بالنسبة الى غير الورثة كما ذكرنا و امّا بالنسبة الى باقى الورثة فلا وجه له فتأمّل

قوله و المشهور انه من وراء الثّياب

قال به كل من منع من مباشرتها حال الاختيار و جمع ممّن جوزه ايضا كابن ادريس في السرائر و المصنف في الدروس و الشيخ في المبسوط في كل من الزوج و الزوجة لكن مع ذلك بلوغه الى حد الشهرة غير ظاهر و قال في الذكرى و المشهور في الاخبار انه من وراء الثياب و في شرح الإرشاد صرح بالشهرة في الاخبار و الفتوى جميعا و سيظهر لك ان الشهرة الاخبار فيه ايضا انما هو في تغسيل الزوج لزوجته و اما في العكس فبالعكس و كيف ما كان فذهب كثير من الاصحاب كابن الجنيد و الجعفى و المرتضى و المحقق و العلّامة و ظاهر الخلاف جواز

ص: 93

مجرّدا و قد ظهر بما سبق من الرّوايات حجّة القولين امّا القول بالاشتراط فيدلّ عليه في الزّوج لزوجته صحيحة محمد بن مسلم و حسنة الحلبى و موثقة سماعة و حسنة الحلبى الثانية و صحيحة ابى الصّباح الكنانى و رواية الحلبى في الزوجة لزوجه رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عليه السّلام في وجه و رواية زيد الشحّام و امّا على القول بعدم الاشتراط فيدلّ عليه في الزّوج لزوجته اطلاق حسنة عبد اللّه بن سنان و اطلاق حسنة الحلبى بل ظهورها نظرا الى ظاهر التعليل و حسنة الحلبى الثانية بل ظهورها في عدم التقييد بقرينة المقابلة و صحيحة ابى الصباح بل ظهورها ايضا في عدم التقييد للمقابلة و التّعليل و صحيحة منصور بل هى كالصريح في عدم التقييد حيث اكتفى فيها بالقاء الخرقة على عورتها غاية الامر انه ان كان متعلّقا بالجميع فعلى الزوج ايضا و ذلك ان جاز له النظر اليها حال الحياة و ان كان مخصوصا بغير الزوجة من المحارم كما احتمله العبادة فليس على الزوج ذلك ايضا و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه في وجه و يدل على عدم الاشتراط فيهما جميعا اطلاق رواية ابى بصير و يمكن الجمع بين الروايات امّا بحمل المطلق على المقيد او بحمل المقيد على الاستحباب و لعل الثانى اولى لأصالة عدم الاشتراط و لندور ما يدل على الاشتراط في جانب الزّوجة و ظهور كثير من الروايات في عدم الاشتراط فيها كما اشرنا اليه و اذا ثبت عدم الاشتراط فيها فلا قائل بالفصل فليحمل ما يدل على الاشتراط على الاستحباب و لما في الاخبار المقيدة من الاختلاف حيث انّ في بعضها من وراء الثوب مع زيادة عدم النّظر الى شعرها و لا الى شي ء منها و في بعضها تحت قميصها و في بعضها من فوق الدرع و عدم النظر الى عورتها فظاهر الاخيرين عدم وجوب ستر الكل بل بقدر ما يستره الدّرع و القميص و ظاهر الثانية وجوب ستر الكلّ و الاولى لا يخلو عن اجمال و مثل هذه الاختلاف ظاهره الاستحباب و ايضا المنع من النظر الى شعرها و الى شي ء منها على ما في الرواية الثانية معارض بما في صحيحة عبد اللّه بن سنان فان ظاهرها نفى الباس عن جميع ما ذكر في السّؤال و منه النظر و ايضا في صحيحة ابى الصّباح خصّ المنع بالنظر الى عورتها و كذا في رواية زيد الشّحام و حينئذ فينبغى ان يحمل المنع عن النظر مطلقا في الرّواية الثانية على الكراهة و هو مرجّح لحمل الحكم بكونه من وراء الثوب ايضا على ذلك و يؤكد ذلك ايضا ما ورد من الاخبار الدّالة على تغسيله في القميص او عدم تغسيله الّا فيه مطلقا من غير تخصيص بالزوج و الزّوجة كما سنذكره انشاء اللّه تعالى

قوله و ان جاز النظر

اشارة الى ان ما في صحيحة عبد اللّه بن سنان من اطلاق نفى الباس عن النّظر لا ينافى اشتراط كون الغسل من وراء الثياب لجواز ان لا يكون ذلك باعتبار حرمة النظر بل لحكمة اخرى كما يرشد اليه صحيحة ابى الصباح و رواية الشحّام حيث حكم الأولى تغسيلها من فوق الدّرع مع تخصيص المنع بالنّظر الى عورتها و في الثانية بتغسيله في قميص مع تخصيص المنع بالنظر الى عورته و منه يعلم انه حمل المنع عن النّظر في حسنة الحلبى على الكراهة و قد عرفت ان الاظهر حينئذ حمل كونه من وراء الثياب على الاستحباب فتذكّر

قوله في الخرقة السّاترة للعورة مطلقا

اى و ان تماثل الغاسل و المغسول اذ لا بدّ من ستر العورة في المتماثلين ايضا و يغتفر العصر في ساترها نعم على القول بعدم وجوب تغسيل الزوجين من وراء الثّياب احتمل عدم وجوب ستر العورة ايضا لمكان الزوجية كما اشرنا اليه و في الذكرى حكم بانه ان جوّزنا تغسيلهما مجرّدا لا يجب فيهما ستر العورة ايضا لإباحة النظر و فيه نظر يظهر من بعض الاخبار السّابقة فانظر

قوله و لا يقدح انقضاء العدّة

اى بعد الموت في جواز التغسيل بل يكفى كونها زوجة في العدّة الرّجعية حين الموت و ان خرجت عنها عند التغسيل و قوله عندنا اشارة الى خلاف بعض العامة حيث منع من تغسيلها له بعد انقضاء عدّتها و لو بعد الموت و يؤيد ما ذكره بعض الاصحاب مضافا الى اجماعهم ان الظاهر من الزوجة في الاخبار الواردة بجواز تغسيل الزوجة هو الزّوجة حين الموت لان من كانت زوجة حينه يطلق عليها انّها زوجته و ان خرجت من العدّة بعده و مضت ما مضت لكن ما سبق في صحيحة زرارة و حسنة الحلبى من انه تغسله امراته لانّها منه في عدّة ظاهره اعتبار العدّة فلو لم يثبت الاجماع فللتّوقف في الحكم مجال و يمكن حمل الخبرين على التقيّة كما اشرنا اليه سابقا فتذكّر

قوله و ان بعد الفرض

قيّده في الذكرى بقوله عندنا و وجهه ان عدّة الحامل و غيرها عندنا ابعد الاجلين ففرض عدم تغسيل الزّوج الى ان ينقضى اربعة اشهر و عشرا التى هى اقلّ عدّة الوفاة عندنا ثمّ تزويج امراته و تغسيلها له بعد ذلك فرض نادر جدّا و امّا على مذاهب العامة فيكفى وضع الحمل في انقضاء عدّتها و حينئذ فيمكن وضع حملها قريبا من موت زوجها ثمّ تزوجها ثمّ تغسيلها لزوجها الميّت و لا بعد فيه كثيرا فرع هل يجوز لأحد الزوجين لمس الاخر عند تغسيله قال الشّارح في شرح الارشاد و يختص اللمس بما جاز له نظره من الاعضاء سواء جوز التجريد ام لا انتهى و على هذا فالظاهر جواز اللّمس من الزّوجة لغير العورة اذ لم يرد فيما راينا منع نظرها الا الى العورة في رواية زيد الشّحام و امّا الزوج فقد سبق في حسنة الحلبى المنع من نظره الى شي ء منها و في صحيحة الكنانى المنع من النظر الى عورتها و كذا في رواية زيد الشّحام و على الوجهين فيكون اللمس ايضا كذلك و الظاهر حمل الأولى على الكراهة و لا يبعد حمل الاخيرتين ايضا عليها و كذا في الزوجة الاخيرة استصحابا للجواز الثابت حال الحياة هذا و قال المصنف في الذكرى و الظاهر جواز اللمس للزوجين لجواز النظر و لو قلنا بالتجريد زال الاشكال انتهى و القطع بجواز النظر و تعليل جواز اللّمس به كما ترى لورود المنع عن النظر و لو لم يعتدّ به و حمله على الكراهة تمسّكا بالاستصحاب و اصالة الجواز فالاولى ان يتمسّك بهما ابتداء في اللمس لعدم ورود منع فيه فكأنّه اراد جواز النظر الى غير العورة و تمسّك فيه بمفهوم صحيحة الكنانى و رواية الشحام فجعل المسّ تابعا له و قوله و لو قلنا بالتجريد زال الاشكال كان زوال الاشكال عدم الشبهة على هذا القول في جواز النظر و انما الاشكال على القول بعدمه حيث ان المراد بالتغسيل من وراء الثوب يحتمل ان يكون لحرمة النظر فيتبعه اللمس و يحتمل ان يكون تعبّدا فيجوز كلاهما و ان كان الثانى راجحا عند كما يستفاد من حكمه الاول فتأمّل و اعلم ان في الحكم بتبعيّة اللمس في الميّت للنظر نظرا اذ يمكن ان يكون المنع عن النظر بعد الموت باعتبار سوء كما يشعر به صحيحة الكنانى المتقدّمة في تغسيل المرأة او الاطلاع على بعض العيوب لا يكون ذلك في اللمس فالظاهر جواز لمس ما جاز لمسه في حال الحياة و ان منع من النظر اليه بعد الموت و يؤيده ما في حسنة الحلبى و رواية المتقدمين من انه يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها من غير امر بلفّ خرقة على يده و امّا قوله عليه السّلام في حسنة عبد اللّه بن سنان المتقدمة و تلفّ على يدها خرقة فالظاهر

ص: 94

تعلّقه بالأولى فقط لا بالأولى ايضا و لفّ الأولى كانّه للاحتراز عن لمس العورة و على تقدير تعلّقه بهما فلا ظهور له في الوجوب فيمكن حمله على الاستحباب و يؤيده ما في صحيحة ابن مسكان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اذ فيها بعد نقل كيفيّة غسل الميّت قال احبّ لمن غسّل الميّت ان يلفّ على يده الخرقة حتى يغسله فتدبر و يمكن حمل جواز النظر في كلام المصنف على جواز النظر في حال الحياة يعنى يجوز النظر لكل من الزوجين الى الآخر في حال الحياة فيجوز اللمس ايضا بعد الموت اشارة الى رواية ابى سعيد قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول المرأة اذا ماتت مع قوم ليس لها فيهم محرم يصبّون الماء عليها صبّا و رجلا مات مع نسوة ليس فيهنّ له محرم قال ابو حنيفة يصببن الماء عليه صبّا فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام بل يحلّ لهنّ ان يمسن منه ما كان يحلّ لهنّ ان ينظرن منه اليه و هو حيّ فاذا بلغن الموضع الذى لا يحل لهنّ النظر اليه و لا مسّه فهو حيّ صببنا الماء عليه صبّا و على هذا فيندفع عنه ما اوردنا عليه و يمكن حمل كلام شرح الإرشاد ايضا على هذا المعنى بان يحمل على انه حكم مطلق لا يختص بالزّوجين و ان كان كلامه فيهما ثمّ ان هذه الرّواية تدل على ما ذهب اليه جمع من الاصحاب كالشيخ من تخصيص المنع من النظر الى الاجنبى و الاجنبيّة بما عدا الوجه و الكفّين اذ على القول بالمنع مطلقا لا يبقى ما كان يحل لهنّ ان ينظرن منه اليه و هو حيّ كما لا يخفى لكن يبقى في الرواية اشكال من حيث انه صلّى الله عليه و آله اطلق الحكم في المرأة اذا ماتت مع عدم المحرم يصبّ الماء عليها في الرجل فعلى هذا التفصيل و لا يظهر للتفصيل وجه الا ان يكون ذلك وجوبا او استحبابا لرعاية زيادة الاحتياط في المرأة بعد موتها و يحتمل ان يكون الحكم في الأول ايضا هو التفصيل لكنه عليه السّلام لم يتعرّض له اعتمادا على ما يذكره آخرا او اظهار الجهل ابو حنيفة فلما سمع ابو حنيفة منه عليه السّلام الحكم و افتى به في الشّق الآخر ايضا مع اعتقاده اطلاق الحكم بيّن عليه السّلام ان الحكم المذكور ليس مطلقا بل فيما لا يحلّ النظر اليه حال الحياة و اللّه تعالى يعلم

قوله و كذا يجوز للرّجل تغسيل مملوكته

هذا مقطوع به في كلامهم لا يظهر فيه مخالف و علّله في شرح الارشاد بانها في معنى الزّوجة و بعد ما ذكرنا فلا يجدى المناقشة في التعليل و لا شكّ في شمول المحرم او ذى محرم الوارد في الرّوايات له و انما المناقشة فيما اذا ثبت له و للزوج مزية لم يكن لمطلق المحرم فافهم

قوله و ان كانت امّ ولد

ظاهره على وفق عبارته في شرح الإرشاد انّه فرد خفيّ للمملوكة التى يجوز تغسيلها ذلك لتشبّثها بالحرّية الموهم لعدم جواز تغسيل المولى لها و يمكن حمل كلامه هاهنا على انه قيد للمنفى و فرد خفيّ للزوجة التى لا يجوز تغسيلها اى لا يجوز تغسيل الزّوجة و ان كانت امّ ولد لمولاها و لها زيادة علاقة به فافهم

قوله دون المكاتبة و ان كانت مشروطة

لتحريمهما عليه بعقد الكتابة مطلقا

قوله دون العكس لزوال ملكه عنها

و احتمل في الذكرى الجواز فيه ايضا استصحابا لحكم الملك و لانّها في معنى الزوجة في اباحة اللمس و النظر و قطع به العلّامة و في المعتبر استقرب ما هنا و الاقرب ادخالها في المحرم و التوقف فيما زاد هذا اذا لم تكن متزوّجة او معتدة او مكاتبة او معتقا بعضها و الّا فلا يجوز كما صرّحوا به

قوله نعم لو كانت امّ ولد

وجه الحكم بالجواز في خصوصها على ما في الذكرى و شرح الارشاد بقاء علاقة الملك فيها من وجوب الكفن و الموتة و العدّة و رواية اسحاق بن عمار ان علىّ بن الحسين عليهما السّلام اوصى ان تغسله امّ ولد له اذا مات فغسلته و الاول لا يخلو عن ضعف و الرّواية مع عدم صحّتها معارضة بما ورد من الأخبار في ان المعصوم لا يغسله الا المعصوم نعم يمكن ان يكون اصل الوصيّة لمصلحة كان يقع تغسيله عليه السّلام خفيّة و لا يحضره العامة لكن مجرّد الوصية ايضا يصلح شاهدا للجواز اذ و لو صحّت الرّواية يمكن حملها على انه اوصى ان تجعل دخيلا في ذلك كإعداد الماء و نحوه و كان المباشر له هو الباقر عليه السّلام لئلا تنافى تلك الاخبار و حينئذ فلا شاهد فيها و امّا ما نقل عن السيد المرتضى من وجوب تاويل تلك الاخبار بالحمل على الاغلب الاكثر او بالتقييد بحال الامكان و القدرة لما شاهدنا ما جرى على خلاف ذلك لموسى بن جعفر بمدينة السّلام و كون علىّ بن موسى الرّضا عليه السّلام يومئذ بالمدينة و كذا موت الرضا عليه السّلام بطوس و ابنه الجواد عليه السّلام حينئذ بالمدينة و ردّه لما قيل في الجواب انه لا امتناع في ان ينقل اللّه تعالى الاجسام من المكان النّائى في اقرب الاوقات و يطوى له البعيد فيجوز ان ينتقل من المدينة الى بغداد و طوس في الوقت بانا لا نمنع من اظهار المعجزات و خرق العادة للائمة عليه السّلام الا انّ الخرق انما هو في ايجاد المقدور دون المستحيل و الجسم لا يجوز ان يكون منتقلا الى الاماكن البعيدة الا في ازمنة مخصوصة فاما ان ينتقل الى البعيد من غير زمان فمحال و ما بين المدينة و بغداد او طوس من المسافة ما لا يقطعها الجسم الا في زمان لا يمكن معه ان يتولى من هو بالمدينة غسل من هو ببغداد او طوس و طول الكلام ذلك ثمّ اكّد ما ادّعاه بان الامام لو انتقل من المدينة ببغداد و طوس لغسل المتوفى و الصّلاة عليه لشوهد في موضع الغسل و الصّلاة لانّه جسم و الجسم لا بدّ ان يراه صحيح العين و لو شهد لهم لنقل حاله و لم يخف على الحاضرين و كيف يجوز و قد نقل في التواريخ من تولّى غسل هذين الإمامين عليهما السّلام و سمّى و عيّن فلا يخفى ضعف ما ذكره كله لان المحال هو حركة الجسم لا في زمان و امّا الزمان المخصوص لكلّ حركة فانما هو في مجرّد العادة فمع خرقها على سبيل المعجزة لاستحالة وقوع كل حركة في اقصر زمان يراد كما يشهد به حكاية عرش بلقيس و ما ذكره من ان الجسم لا بدّ ان يراه صحيح العيون انما هو بحسب العادة و امّا مع خرقها فلا اذ لا دليل على الوجوب و دعوى البداهة ممنوعة على ان غسل الامام و صلاته بعد حضوره عليه السّلام ربما وقع خفية ثمّ غسّل و صلّى عليه علانية على ما نقل في واقعة الرّضا عليه السّلام و حينئذ فلا حجة في عدم مشاهدته عليه السّلام حين الغسل و الصّلاة و لا فيما نقل من تعيين الغاسل و المصلّى و تسميته و قد روى ايضا في واقعة الكاظم عليه السّلام حضور الرّضا عليه السّلام و انه باشر التغسيل و التحنيط و التكفين على وجه لم ينتبهوا به نحو له و هو يظهر المعاونة لهم و هم لا يعرفونه و امّا الصّلاة فامرها اسهل لانه اذا جاز حضوره عليه السّلام على وجه لم يعرفونه فيكفى صلاته في جملة الحاضرين و ان صلّى عليه غيره ايضا و قد روى ايضا انّه عليه السّلام امر الرّضا عليه السّلام بتغسيله و تكفينه و الصّلاة عليه و هو حيّ بالمدينة قبل الخروج فربما يكفى فيهم عليه السّلام ذلك و اللّه تعالى يعلم و بما قررنا ظهر ان الفرق بين امّ الولد و غيره لا يخلو عن ضعف فالاظهر ادخال المملوكة مطلقا مع الشّرائط في المحرم و التوقف فيما زاد و صاحب المدارك رحمه الله جعل الاظهر عدم جواز العكس مطلقا تمسّكا بانتقالها الى غيره فيحرم عليه النّظر اليه ثمّ نقل القول بالفرق بين امّ الولد و غيرها تمسكا بالرّواية المذكورة و حكم بان في الطريق ضعفا فتأمّل

قوله و مع التعذر للمساوى في الذّكورة و الانوثة

اى فيما يجب فيه المساوات و هو غير الزّوجين اذ الكلام كان فيه و على هذا فلا حاجة

ص: 95

الى تعذّر اشتراط تعذّر الزّوج و الزّوجة ايضا هنا و لا فيما يذكر بعده من الكافر ثمّ ان اشتراط تعذر المساوى في جواز تغسيل المحرّم هو المشهور بين الاصحاب و ذهب جماعة منهم العلامة في المنتهى و ابن ادريس في السرائر الى عدم اشتراط تعذر المماثل في تغسيل المحرم بل يجوز ذلك مع الاختيار و وجود المماثل ايضا من وراء الثياب كما ذكره المصنف و قوى في المدارك عدم اشتراط الثياب ايضا تمسّكا بالاصل و صحيحة منصور السّابقة قال و العجب انّ العلّامة في المنتهى استدلّ بهذا الخبر على جواز الغسل من فوق الثياب مع صراحته في جواز التغسيل مجرّدا مع ستر العورة و انت خبير بان هذه الرّواية و ان دلّت على الجواز مجرّدا مع ستر العورة كما ذكره لكن دلالتها على الجواز في حال الاختيار على ما ذكره هو و كذا العلّامة غيره ظاهرة لتقييد السّائل بالسّفر الذى هو مظنة الضّرورة فشمول الجواب لغير ما فرضه غير ظاهر و يمكن ايضا تأييد الجواز مجرّدا باطلاق حسنة عبد اللّه ابن سنان و كذا حسنة الحلبى الثانية و كذا رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عليه السّلام المتقدمة على احتمال في الاخيرة لكنّها ايضا لا تدل الّا على الجواز في حال الضرورة و امّا رواية زيد الشحّام فظاهرها الاطلاق في تغسيلها و التقييد في تغسيله الا ان يقال انه اكتفى عن التقييد فيها اعتمادا على انها اولى بالسّتر هذا ان حمل المرأة فيها على ما يعم الزّوجة و ذات المحرم بقرينة التعميم في الشق السّابق و ان حمل على الزوجة كما هو ظاهرها فالتقييد فيها مختصّ بتغسيل الزوجة لزوجة لكن لا يظهر جواز تغسيل المحرم للرّجل بل ظاهرها خلافه و كيفما كان فلا دلالة لها ايضا على الجواز الا في حال الضّرورة و استدلّ المصنف في الذكرى على اشتراط كونه من وراء ثوب بانه للمحافظة على العورة و مثله في شرح الارشاد و المحقق في المعتبر بانه يحرم النظر الى العورة فقد اجيز مع الضرورة الغسل من وراء الثياب جمعا بين التطهير و السّتر يفهم من كلامها انّ مرادهم بالثوب و الثياب ما يشمل الخرقة السّاترة للعورة و حينئذ فلا شبهة في اعتباره و يندفع ايضا اعتبار صاحب المدارك عن العلامة لكن كلام الاكثر كانه يأبى عن الحمل عليه كيف و لا محال للنزاع فيه و لا اختصاص له بالمحرم بل يعتبر ذلك في المماثل ايضا و يمكن حمل كلامهما على ان ذلك للاستظهار من وقوع النظر الى العورة اذ الخرقة ربما تتقدم او تتاخّر فتبدوا العورة فاعتبر الثوب للامن من ذلك و لعلّ في لفظه المحافظة في عبارة الذكرى اشعارا بذلك لكن الحكم بالوجوب بذلك كما ترى غايته الاستحباب ثمّ ايّد في المعتبر مذهبه بحسنة عبد اللّه بن سنان و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه المتقدمتين و لا يخفى انه ليس في الحسنة الّا لفّ الخرقة على يدها و لا تأييد فيه لاعتبار كون الغسل من وراء الثّياب و امّا رواية عبد الرحمن فتأييدها انما هو اذا كان قوله عليه السّلام من فوق الثياب متعلّقا بتمام ما سبقه و امّا اذا كان متعلقا بما اذا اتّصل به من صبّ النساء فقط و يكون المراد ان النساء الأجنبيّات اذا اردن معاونة الزّوجة او المحرم تغسيله عند فقدهما فانما يصببن الماء من فوق الثياب و لا يجوز لهنّ النظر و اللمس فلا تأييد فيه لما ذكره و جعل التأييد بمجرّد الاحتمال اذا لم يكن ظهور في الجملة لا يخلو عن شي ء و يمكن ان يكون غرضه تأييد اصل الحكم و هو تغسيل المحرم الذى هو محل النزاع بيننا و بين الجمهور لا خصوص كونه من وراء الثياب و حينئذ لا خدشة في التأييد بل في الدلالة فالحكم بالتّأييد كانه باعتبار عدم صحّة الرّوايتين و الاولى الاستدلال على اعتبار الثّياب بموثقة سماعة قال سألت ابا عبد اللّه عن رجل مات و ليس عنده الا النساء قال تغسله امرأة ذات محرم منه و تصبّ النساء عليها الماء و لا تخلع ثوبه و ان كانت امرأة و لا محرم لها فلتدفن كما هى في ثيابها و ان كان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثيابها و ما سيجي ء عن قريب من موثقة عمار و يمكن حملها على الاستحباب جمعا بينها و بين صحيحة منصور ما يؤيّدها و يؤيّده استحباب ذلك في المماثل ايضا على ما سيجي ء هذا و يمكن الاحتجاج لما هو المشهور من تخصيص الحكم بتعذر المساوى بحسنة عبد اللّه بن سنان المذكورة بتقريب ما سبق و يمكن الجواب ايضا بمثل ما سبق و كذا برواية ابى حمزة المتقدمة

بتقريب ما سبق ايضا و الجواب هاهنا بتخصيص الرّجل بغير المحارم ضعيف لعدم معارض صالح يوجب ذلك التخصيص نعم يبقى ضعف السّند و امكان الحمل على التقية و على هذا فيمكن القول بالجواز اختيارا تمسّكا بعمومات الامر بغسل الميت و اصالة عدم اشتراط التساوى هاهنا و يمكن القول ايضا بالمنع بدون التعذّر بناء على ما نقلوا من الاتفاق على اشتراط المماثلة الا فيما استثنى و اذا لم يثبت الاستثناء هنا فيحكم بمقتضى الاتفاق و للتامّل فيه مجال فتأمّل

قوله الذى يزيد سنّه عن ثلاث سنين

و امّا مع عدم الزيادة فيجوز تغسيله المحرم و كذا للاجنبى من غير اعتبار تعذر الماثل و لا الثوب كما سيذكره

قوله بتعليم المسلم على المشهور

و مستندهم موثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن الرجل المسلم يموت في السفر و ليس معه رجل مسلم و معه رجال نصارى و معه عمّته و خالته مسلمات كيف يصنع في غسله قال تغسله عمّته و خالته في قميصه و لا يقربه النصارى و عن المرأة تموت في سفر و ليس معها امراة مسلمة و معهم نساء نصارى و عمها و خالها معها مسلمون قال يغسلونها و لا تقربها النّصرانية كما كانت تغسلها غير انه يكون عليها درع فيصبّ الماء من فوق الدّرع قلت فان مات رجل مسلم و ليس معه رجل مسلم و لا امراة مسلمة من ذوى قرابته و معه رجال نصارى و نساء مسلمات ليس بينه و بينهنّ قرابة قال تغتسل النّصارى ثمّ يغسلونه فقد اضطرّ و عن المرأة المسلمة تموت و ليس معها امراة مسلمة و لا رجل مسلم من ذوى قرابتها و معها نصرانيّة و رجال مسلمون قال تغتسل النّصرانيّة ثمّ تغسلها و رواية عمرو بن خالد عن زيد بن علىّ عن آبائه عن علىّ عليه السّلام قال اتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نفر فقالوا ان امرأة توفّيت معنا و ليس معها ذو محرم فقال كيف صنعتم فقالوا صببنا الماء عليها صبّا فقال ا ما وجدتم امراة من اهل الكتاب تغسلها قالوا لا قال ا فلا يمّمتموها و لا يخفى انه بعد العمل بالرّوايتين ينبغى تخصيص الحكم باهل الكتاب كما فعله الشيخ في النهاية لكن الاكثر اطلقوا الكافر و ظاهره التعميم الى غير اهل الكتاب ايضا و فيه ما فيه و ينبغى التعرّض لاغتسال الكافر كما وقع في الرواية الاولى و قد تعرض له المفيد و جماعة و تركه بعض كالمصنف هنا و في البيان و الدروس و يمكن ان يكون نظر الى الرواية الثانية و هل يشترط كون ذلك من الكافر بامر المسلم و تعليمه كما وقع في عبارة الشيخين او تعليمه كما وقع في هذا الكتاب او يكفى وقوعه منه اذا علمه بدون امر المسلم و تعليمه الظاهر الثانى للاصل و لخلوّ الرّواية عما توهّم من الشرط فالظاهر ان غرضهم من ذلك تحصيل هذا الفعل لا اشتراطه و احتمل في الذكرى الاشتراط بناء على انّ ذلك يجعل فعل الكافر صادرا عن المسلم لانّه آلة له و يكون المسلم بمثابة الفاعل فيجب النّية منه فتأمّل

قوله و يمكن اعتبار نيّة الكافر

و هذا اذا كان مقرّا باللّه تعالى كاهل الكتاب و يشكل مع ذلك بانهم لا يقولون بشرعيّة الغسل على نهج الاسلام فكيف يتصوّر منهم نيّة القربة فيه بخلاف العتق فالاظهر ما ذكره

ص: 96

اوّلا

قوله و نفاه المحقّق في المعتبر

اى نفى اصل الحكم و جعل الاقرب دفنهما من غير غسل معلّلا بانّ غسل الميّت عبادة فيفتقر الى النيّة و الكافر لا تصحّ منه نيّة القربة و طرحا للروايتين باعتبار انّ رجال الاولى فطحيّة و الثانية زيديّة

قوله و كونه ليس بغسل حقيقى

عبارة المحقق ما نقلنا و لم يحسن من الشارح تغييرها الى ما ذكره لانه يستنبط حينئذ ما ذكره من العذر من كلام المحقق نفسه فافهم

قوله و عذره واضح

اى العذر ممّا جعله مانعا من الحكم المذكور واضح امّا الضّعف فلانجباره بما اشار اليه الشارح من الشهرة بين الاصحاب و انت خبير بان جعل الشهرة هاهنا جابرة للضعف لا يخلو عن تامّل فانه و ان لم يظهر مخالف للحكم غير المحقق كما نقله المصنف في الذكرى لكن ذكر ايضا ان جمعا من الاصحاب لم يتعرّض له اصلا كابن ابى عقيل و الجعفى و ابن البرّاج في كتابه و ابن زهرة و ابن ادريس و الشيخ في ف و مجرّد قول جماعة من الاصحاب به ممّا لا تعويل عليه و امّا حديث النّية فلما ذكره ايضا من احتمال ان يكتفى في هذه الصّورة بصورة الغسل و لم تعتبر فيها النّية على ان المحقق تردّد في اصل وجوب النّية في غسل الميّت كما نقلنا عنه سابقا فكيف جعله هاهنا مسلما و ايضا يمكن ان يجعل الصّابّ المسلم الغير المماثل اذ الظاهر عدم اعتبار المماثلة في الصّابّ كما يظهر من بعض الاخبار المتقدّمة و يكتفى حينئذ بنيّة على ما سبق من جواز الاكتفاء بنيّة الصّابّ و انه الغاسل حقيقة لكن ينبغى حينئذ ان يجعل وصول الماء الى جميع البدن بالصّب و يكون فعل الكتابى و الكتابية ازالة النجاسة عن بدنه و قلبه و نحو هذا مما يتوقف عليه وصول الماء الى جميع بدنه بالصبّ فتدبّر ثمّ ان المصنف في الذكرى بعد ما اجاب عما ذكره المحقق بما ذكره الشارح قال و التوقف فيه مجال لنجاسة الكافر في المشهور و كيف يقيّد غيره الطّهارة انتهى و يمكن دفعه ايضا بمثل ما ذكره و هو الاكتفاء في هذه الصّورة بصورة الغسل و لو مع النجاسة اذ لا بعد في التعبّد بها و ايضا فربما كانت النجاسة الحكميّة التى في الميّت اقوى من النجاسة الخبثية التى في اهل الكتاب على القول بنجاستهم فعند تغسيلهم في صورة الضّرورة ترتفع تلك النجاسة الحكميّة القويّة و ان بقيت النجاسة الخبيثة الضعيفة و بالجملة لو صحّت الرّوايتان فالأشكال باعتبار النيّة و كذا الطّهارة بين و امّا مع ضعفهما فكل منهما مرجّح لطرحهما قال في المدارك و الحق انه متى ثبت نجاسة الذّمى او توقّف الغسل على النيّة تعيّن المصير الى ما قاله في المعتبر و ان نوزع فيهما امكن اثبات هذا الحكم بالعمومات لا بخصوص هذين الخبرين انتهى و ينبغى ان يفرض مع ثبوت النجاسة ثبوت اطلاق عدم صحة هذا الغسل مع النجاسة ايضا و الا امكن صحته باعتبار العفو عن النجاسة في هذه الصّورة كما ذكرنا و قد ظهر بهذا انه يمكن التمسّك في الحكم بالعمومات اذ على تقدير تسليم النجاسة فلا ريب انه لم يثبت الاطلاق المذكور و لا اطلاق توقف هذا الغسل على النيّة لا يقال العمومات لا تدل الا على تكليف الكفار ايضا بالتغسيل و لا كلام فيه و امّا على صحّته منهم فلا و على هذا فهب انه لو اراد الكافر تغسيله فليس لنا منعه منه لعدم العلم بعدم صحته منه و امّا انه يجب على المسلم الحاضر الذى لا يمكنه المباشرة امره بتغسيله فلا بدّ له من دليل و العمومات لا تدلّ على ذلك لانا نقول انه اذا ثبت بالعمومات تكليف الكافر فالاصل صحته ما لا يعلم خلافها و اذا لم يثبت المقدّمات المذكورة فلا يعلم خلافها و لما كان التغسيل واجبا كفائيا و لم يمكن لمن حضر من المسلمين مباشرته لعدم التماثل فيجب عليه امر الكافر المماثل لأصالة صحته و عدم العلم بخلافها كما يجب عليه امر من علم صحته منه نعم الامر باغتساله كما ورد في الرّواية كانه لا بدّ له من دليل خاصّ فتأمّل فروع الاوّل لو وجد له من يجوز تغسيله من المسلمين قبل الدّفن فهل يجب اعادته قولان و قد مرّ نظيره فيما اذا تعذّر بعض الاغسال و اكتفى بالباقى مع التيمّم بدلا عن الفائت او بدونه على القولين ثمّ تيسّر ذلك و ذكر فيه الوجهان و لو قيل بالإعادة هناك فههنا اولى لعدم تحقق الامتثال هاهنا حقيقة اذا الكافر مكلّف بالفروع عندنا فيجب عليه الاتيان بالغسل على الوجه الشرعى بان يسلم ثمّ يغسله و لم يفعل باختياره غاية الامر انه رخّص حينئذ للمسلم دفنه بما فعله الكافر من صورة الغسل و الظاهر ان الامتثال المسقط للاعادة هو الامتثال الموجب لسقوط التكليف في ذلك الوقت بالكلية و هاهنا لم يتحقق ذلك لبقاء تكليف الكافر نعم لو لم يقل احد بنجاسة الذّمى و لم يشترط النيّة و جعل هذا الغسل غسلا حقيقيا فلا اعادة الثانى لو مسّه بعد احد هذا الغسل و قد مر نظيره ايضا فيما اذا تعذر بعض الاغسال و اتى بالباقى ثمّ مسّه احد و قد

ذكر هناك انه ان قلنا بكفاية الباقى من غير حاجة الى التيمم فالظاهر سقوط غسل المسّ لحصول الغسل الشرعى في حقه و هاهنا الظاهر عدم السّقوط بتقريب ما ذكر آنفا لعدم تحقق الغسل الشرعى في حقه و انما جوز للمسلم دفنه بعد صورة الغسل للضرورة فالحكم بسقوط غسل المسّ بذلك مشكل جدّا الا اذا جعل ذلك غسلا شرعيّا كما اشرنا اليه في الفرع السّابق فتأمّل الثالث اذا مات الميّت مع الاجنبى بلا محرم و لا مماثل حتى من الكفار فالمشهور انه يدفن بغير غسل و لا تيمم و في التذكرة نسب ذلك الى علمائنا المشعر بالاجماع و نقل عن المفيد انه اوجب تغسيل الاجنبى له من وراء الثياب و ذكر ذلك في المقنعة في الصّبى و الصّبية مع زيادة سنهما على ثلث سنين و لا يبعد ان يكون البالغ ايضا عنده كذلك على ما نقل و نقل ابن زهرة انه شرط تغميض العينين و ذكر في الذكرى انه يظهر من العلامة القول بالتيمم و لعل هذا في بعض كتبه و الا ففى كثير منها موافق للمشهور حجة المشهور الأصل و حسنة الحلبى و صحيحة الكنانى و رواية داود بن سرحان و رواية زيد الشحام و موثقة سماعة المتقدمة و صحيحة عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه البصرى قال سألت عن امراة ماتت مع رجال قال تلفّ و تدفن و لا تغسّل و رواية ابن ابى يعفور قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الرّجل يموت في السّفر مع النساء ليس معهنّ رجل كيف يصنعن به قال يلففنه لفّا في ثيابه و يدفنه و لا يغسلنه و في المدارك عدها صحيحة و فيه تامّل لاشتراك محمّد بن مروان في سنده فلعله ظهر له قرينة على انه الثقة حجة ما نقل عن المفيد حسنة عبد اللّه بن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السّلام يقول المرأة اذا ماتت مع الرّجال فلم يجدوا امراة تغسلها غسّلها بعض الرجال من وراء الثوب و يستحبّ ان يلفّ على يديه خرقة و يمكن الجواب بتخصيصها جمعا بين الاخبار بما اذا كان ذلك البعض هو الزوج او احد من ذوى ارحامها كما فعله الشيخ في التهذيب و رواية جابر عن ابى جعفر عليه السّلام في رجل مات و معه نسوة و ليس معهنّ رجل قال يصبّون الماء من خلف الثوب و يلففنه في اكفانه من تحت السّتر و يصلين صفّا و يدخلنه قبره و المرأة تموت مع الرجال ليس معهم امراة قال يصبّون الماء من خلف الثوب و يلفّونها في اكفانها و يصلّون و يدفنون و رواية عمرو بن خالد عن زيد بن على عن آبائه عن علىّ عليه السّلام قال اذا مات الرّجل في السفر مع النساء ليس فيهنّ امراة و لا ذو محرم من نسائه قال

ص: 97

يؤذونه الى الركبتين و يصببن عليه الماء صبّا و يمسسن جسده و لا يمسسن فرجه و حملها الشيخ في موضع من التهذيب على الاستحباب مع انه قال في المبسوط فيما فرضه من موت المرأة كذلك المذهب انه لا يجوز لأحد ان يغسلها و لا يؤمها و يدفن بثيابها و في موضع آخر اوجب العمل بهما فيما اذا كان عليه شي ء من الثياب و حمل الاخبار الاولة على ما اذا كان عريانا و الاولى طرحهما بضعف سندهما جدّا فلا تصلحان لمعارضة الاخبار المتقدمة مع انه ادّعى في ف الاجماع عليها و رواية ابى سعيد المتقدمة في ذيل حاشيه و ان بعد الفرض و هى ايضا بضعف سندها كالرّوايتين السّابقتين و يمكن الاحتجاج ايضا في اصل الغسل بالعمومات الواردة المتقدّمة في الغسل و في اعتبار الثّوب بحرمة النظر و اللّمس من الاجنبى و الجواب ان ما اوردناه من الاخبار المعتبرة تصلح لتخصيص العمومات و امّا ما نقل عن ابن زهرة فلا يظهر له حجة و كانه موافق للمفيد و ما ذكره شرط زائد لرعاية الاحتياط و ما نقل عن العلامة من التيمّم لعل مستنده قوله عليه السّلام فلا يمّمتموها في رواية الزيدية المتقدمة في بحث تغسيل الكافر و الا انها ضعيفة جدا مع موافقتها لمذاهب اكثر العامة و قد اعترض عليهم في المعتبر و غيره بان النظر الاجنبى محرم فالمانع من الغسل مانع من التيمّم ايضا و ان كان الاطلاع مع التيمم اقل لكن النظر محرم قليله و كثيره و هذا انما يتوجّه على القول بحرمة النظر من الاجنبى مطلقا و امّا على القول بجوازه الى الوجه و الكفّين كما ذهب اليه الشيخ فلا لكن او قيل بجواز اللّمس ايضا فيهما و لم ار تصريحا منهم بذلك او امر بلفّ خرقة تمنع من اللمس لكنّه يرد بعد انّه يمكن الغسل ايضا بدون النظر و اللمس فلا وجه للتيمّم فتدبّر و هاهنا روايات اخرى منها صحيحة داود بن فرقد قال مضى صاحب لنا يسأل ابا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم هل يغسّلونها و عليها ثيابها فقال اذن يدخل ذلك عليهم و لكن يغسلون كفّيها و رواية مفضّل بن عمر عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه قال في المرأة يكون في السفر مع الرجال ليس فيهم ذو محرم لها و لا معهم امرأة فتموت يغسل منها ما اوجب اللّه عليه التيمّم و لا تمس و لا يكشف لها شي ء من محاسنها التى امر اللّه بسترها فقلت كيف يضع بها قال يغسل بطن كفيها ثمّ يغسل وجهها ثمّ يغسل ظهر كفّيها و رواية ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن امراة ماتت في سفر و ليس معها نساء و لا ذو محرم فقال يغسل منها موضع الوضوء و يصلى عليها و تدفن و رواية جابر عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن المرأة تموت و ليس معها محرم قال يغسل كفّيها و هذه الروايات ضعيفة الاسناد سوى الرواية الاولى و الظّاهر فيها ايضا ان ما نقله داود من قول ابى عبد اللّه عليه السّلام هو الذى اخبره به صاحبه الذى مضى من غير ان سمعه داود منه عليه السّلام او حصل له العلم به و عند هذا فيرتفع الثقة لجهالة الصّاحب و كيفما كان فهذه الاخبار لا تصلح لمعارضة الاخبار الاولة مع ما فيها من الاختلاف و لو اريد الجمع بين الاخبار فيمكن حمل هذه الاخبار على الجواز كما فعله في التهذيب و يه مع تخصيصه الحكم بموت المرأة كما هو مورد الاخبار بل يمكن الحمل على الاستحباب ايضا و حينئذ يحمل اختلاف تلك الاخبار على جواز كل طريق من الطرق المذكورة او استحبابه لكن يشكل الحكم بهما لما اشرنا اليه من حال الاسناد و اللّه تعالى يعلم

قوله و يجوز تغسيل الرّجل ابنة ثلاث سنين

التحديد بثلاث سنين فيهما مذهب جماعة من الاصحاب لكن بعضهم جعل الثّلث داخلا في زمان الجواز كالمصنف و ابن ادريس و بعضهم كالشيخ في المبسوط جعله خارجا و خصّ الجواز فيهما مذهب جماعة من الاصحاب لكن بعضهم جعل الثلث داخلا في زمان الجواز كالمصنف و ابن ادريس و بعضهم كالشيخ في المبسوط جعله خارجا و خصّ الجواز فيهما بما اذا كان سنّه دون ثلث سنين و حكم بالتحريم في الثّلث و ما زاد عليه و المفيد في المقنعة خصّ التحديد بالثلث بالصّبية و في الصّبى اعتبر خمس سنين لكن حكم بالجواز منهما في اقل من ثلث و خمس و حكم فيما زاد على ثلث او خمس في الغسل من وراء الثوب و بقي حكم الثلاث و الخمس مهملا في كلامه و منع المحقق في المعتبر من تغسيل الرجل الصّبية مطلقا و جوّز للمرأة تغسيل ابن الثلاث اختيارا و اضطرارا و ظاهر اطلاق الاكثر عدم اشتراط تعذر المماثل كما ذكره الشارح و الشيخ في النهاية لم يذكر الصّبية و جوّز في الصّبى تغسيل النساء ابن ثلث سنين او اقل عند عدم الرّجال مجرّدا عن ثيابه هكذا في النسخة التى عندنا و ذكر في كرى انه شرط في يه في الموضعين عدم المماثل و في الوسيلة لابن حمزة خصّ الحكم في الموضعين بصورة عدم المماثل و مع ذلك جوز في الصّبى ابن ثلث سنين تغسيل النساء له مجردا و حكم في بنت ثلث سنين بتغسيل الأجنبى لها من فوق ثيابها و ما وجدنا من الروايات في هذا الباب رواية ابن اليمن على ما في الكافى و ابى النمير على ما في الفقيه و التهذيب قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام حدثنى عن الصّبى الى كم تغسله النساء فقال الى ثلث سنين و مرسلة محمّد بن احمد بن يحيى قال روى في الجارية تموت مع الرّجال فقال اذا كانت بنت اقل من خمس سنين او ستّ دفنت و لم تغسل كذا في التهذيب و نقل في الذكرى عن ابن طاوس انه قال ما في التهذيب من لفظة اقل سهو و نقل في الفقيه عن جامع شيخه محمد بن الحسن في الجارية تموت مع الرّجال في السّفر قال اذا كانت بنت اكثر من خمس او من ستّ دفنت و لم تغسل و ان كانت بنت اقل من خمس غسلت و ذكر عن الحلبى حديثا في معناه عن الصّادق عليه السّلام و لا يخفى ان الرّواية الاولى مع ضعفها مختصّة بالصّبى و ظاهرها الغسل فيما دون الثلث عملا بمفهوم الغاية هو المشهور من الاصوليّين و لو لم نقل بحجيّته فيكون الثلث مسكوتا و اما الحكم بدخوله في الجواز فلا وجه له و على هذا فالظاهر ما في المبسوط من اعتبار دون الثلث لا ما ذكره المصنف من اعتبار الثلث و امّا الرّواية الثانية فالسّهو فيها على ما في التهذيب ظاهر و على ما نقل عن الجامع مطابق لما ذكره المفيد في اهمال الخمس و مخالف له في انّه اعتبر فيها الخمس في الصّبية و المفيد اعتبره في الصّبى و بالجملة فبهاتين الرّوايتين لا يمكن الذهاب الى شي ء من الاقوال المذكورة و تمسّك في المعتبر في الفرق بين الصّبى و الصّبية بانّ الشرع اذن في اطلاع النساء عن الصّبى لافتقاره اليهن في التّربية و ليس كذلك الصّبية و الاصل حرمة النظر و فيه تامّل و اعلم ان شمول ما ورد من المنع عن تغسيل الرّجال للنساء و بالعكس للصّبى و الصّبية غير ظاهر و كذا حرمة النظر و اللّمس فيهما و على تقدير تسليمهما فالغسل لا يستلزم النظر و لا اللمس و على تقدير الغسل مع النّذر ايضا لا يلزم بطلان الغسل بل حرمة ما يصحبه لانه ليس داخلا في حقيقة و لا يلازم لها نعم على تقدير حرمة اللمس اذا وقع ايصال الماء الى بعض الاعضاء باللمس فلا يبعد القول بالبطلان فيه و عمومات وجوب الغسل متناولة لهما في الحكم بالمنع فيما لا اجماع فيه مشكل و على هذا فلا يبعد القول باعتبار الخمس فيهما لعدم الاجماع فيه على المنع و امّا فيما دون الثّلث في الصّبى فلا خلاف في الجواز بل ادعى العلامة في يه و كرة اتفاق جميع علمائنا في الصّبية اذا كانت بنت ثلث سنين مجردة و ان كانت اجنبيّة لانها ليست محل الشهوة لكن يخدشه ما نقلناه عن المحقق رحمه الله ايضا الظاهر التحديد بما دون الثلث لما نقلنا من المبسوط و على ما قررنا فالقول بالجواز الى الثّلث في الصّبية ايضا قوى متين و اللّه تعالى يعلم

ص: 98

قوله ابن ثلاث سنين مجرّدا

و كما يجوز التّجريد فيهما لا يجب ستر العورة لانتفاء الشّهوة في مثل ذلك و لان بدن البنت عورة في اصله فلو لا جواز كشف العورة الخاصّة لم يجز تجريدها و قد جاز بالاجماع كذا في شرح الارشاد و ذكر ملخّصه في شرح القواعد ايضا و الوجه الثانى كما ترى لجواز اختلاف العورتين في الحكم و قال في المعتبر و في وجوب ستر عورة الصّبى تردّد اقومه انه لا يجب و حدّه ما يجوز النساء تغسيله مجرّدا لانّ جواز نظر المرأة يدل على جواز نظر الرّجل انتهى و هو انما يتجه لو كان مرادهم بالتجرّد ما يشمل العورة ايضا و هو غير ظاهر بل يمكن ان يكون المراد تجرد ما سوى العورة كما قالوا التجرّد في المماثل فتأمّل

قوله فلا يرد ما قيل انه يعتبر نقصانها

القائل هو شارح القواعد و ما اورده الشارح عليه متجه اذ المتبادر من ابن كذا هو اعتبار مدّة حياته لا ما بعد الموت ايضا فاعتبر مثله في الصّلاة ايضا

قوله في معركة قتال

فلو جرح بها و خرج او اخرج و به رمق ثمّ مات خارجها لا يلحق به الاحكام و ذكر في شرح الارشاد ان ظاهر الرّوايات ان ادرك المسلمين له و به رمق كاف في عدم لحوق الاحكام و نقل في المدارك حسنة ابان بن تغلب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام الذى يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه و لا يغسل الا ان يدركه المسلمون و به رمق ثمّ يموت بعد فانّه يغسّل و يكفّن و يحنّط و ذكر ان ظاهرها ان وجوب التغسيل في الشهيد منوط بادراك المسلمين اياه و به رمق و ان لم يدرك كذلك يسقط تغسيله و ان لم يمت في المعركة و هو خلاف ما ذكره الاصحاب من اناطة الفرق بالموت في المعركة و عدمه فالظاهر ان فيما ذكره ايرادين على الاصحاب احدهما ان ظاهر الرواية اناطة الحكم بادراك المسلمين اياه و به رمق فلو ادرك و به رمق يسقط الاحكام و ان مات في المعركة و هو خلاف ما ذكره الاصحاب و هذا هو الذى اشار اليه في شرح الارشاد و ثانيهما ان ظاهرها انه ان لم يدرك كذلك يسقط تغسيله و ان لم يمت في المعركة و هو خلاف ما ذكره الأصحاب من اعتبار الموت في المعركة و انت خبير بان الظّاهر بادراك المسلمين له و به رمق امّا ادراكهم له بعد تمام الحرب او ادراكهم له باخراجه الى معسكرهم لا ادراك بعض المسلمين له في المعركة في اثنائها القتال و مراد الاصحاب بالموت في المعركة اى موضع القتال موته فيها ما دام معركة و موضع قتال و على هذا فاندفاع الايراد الاول و ايضا الظاهر من الذى قتل في سبيل اللّه هو الذى قتل في معركة الجهاد و شموله لمن جرح بها و مات في خارجها غير ظاهر فلذا اقتصروا في الحكم على ما هو المتيقن و هو الّذى مات في المعركة لا من مات في خارجها بجرح اصابه فيها و ان لم يدركه المسلمون و يؤيّد ايضا ما فهموه رواية ابى خالد قال اغسل كلّ الموتى الغريق و اكيل السّبع و كلّ شي ء الّا ما قتل بين الصّفين فان كان به رمق غسل و الّا فلا فتأمّل

قوله و هو في حزبهما بسببه

اى بسبب القتال و الاوّل احتراز عن المسلم الباغى المقتول في المعركة من الجانب الآخر و الثانى عمن مات في المعركة لا بالقتال بل حتف انفه

قوله في جهاد مأمور به حال الغيبة

لا وجه للتخصيص بحال الغيبة اذ لو اضطر الى مثل هذا الجهاد زمان الحضور ايضا بدون الامام او نائبه فحكمه حكمه و لذا لم يقيد بذلك في شرح الارشاد و يمكن حمل كلامه هنا على جهاد وقع الامر به اى بجنسه و حال الغيبة على ما يشمل هذا القسم ايضا اذا الظاهر ان جواز هذا القسم حال الحضور بدون الإمام او نائبه انما هو مع الاضطرار و بعد الامام منهم بحيث لا يمكن الاستيذان و حينئذ فيصدق الغيبة بالنسبة اليهم و فيه تكلّف هذا و لعلّه اراد بالجهاد هاهنا و فيه ما يكون لحماية الدين لا للمدافعة عن نفس او مال او حريم فلا يرد صدق هذا القسم على المقتول دون نفسه و ماله لصدق الجهاد على فعله ايضا كما سيجي ء في بحث الجهاد من عدّه في اقسام مع عدم شمول الاحكام كما يصرّح به في شرح الآتي فانهم ارادوا بالجهاد هناك المعنى الاعمّ مما اريد به هاهنا و يمكن ان يجعل قوله كما لو دهم من تتمة تعريف هذا القسم او يقال انما يذكره في الشرح الآتي بمنزلة الاستثناء مما ذكر هاهنا فتأمّل

قوله على خلاف في هذا القسم

فانّ الشيخين و من تبعهما خصّوا الحكم بالشّهيد بين يدى الإمام او نائبه و حكم جماعة كالمحقق و المصنف بشموله لهذا القسم ايضا و لعلّ نظرهم الى عموم سبيل اللّه و شموله للقسمين و نظر الاولين الى ان المتبادر منه هو الجهاد مع الإمام او نائبه و لو لم يكن ظاهرا فيه فلا اقل من احتماله له احتمالا مساويا لحمله على المعنى الاعم فيقتصر في تخصيص العمومات و سقوط الاحكام على ما هو المتيقن و هو احوط

قوله لا يغسّل و لا يكفّن

هذا اذا لم يجرّدوه و اما لو جرد فيكفن كما فعل النّبى صلّى اللّه عليه و آله بحمزة لما جرّده

قوله و ينزع عنه الفرو و الجلود

اذ الوارد في الاخبار هو الدفن بثيابه و هى لا تشمل الجلود عرفا اذ المفهوم منها في العرف هى المنسوجة فيضرب الاطلاق اليها كذا في المعتبر و لما روى عن النّبيّ صلّى الله عليه و آله انه امر بقتلى احد ان ينزع عنهم الجلود و الحديد و قال الشيخ في ط يدفن معه جميع ما عليه الّا الخفّين

قوله و ان اصابهما الدّم

يمكن عود الضمير الى الخفّين و حينئذ فيظهر منه انه ينزع الخفّان مطلقا و ان اصابهما الدم و امّا الفرو و الجلود فانما ينزعان ان لم يصبهما الدّم و بهذا صرّح المفيد رحمه الله و هو ظاهر النهاية و يمكن عوده الى الفرو و الجلود و ان اصابهما الدم كالخفّين و حينئذ فالحكم بالنزع مطلق في الجميع كما ذهب اليه المحقق في المعتبر و هاهنا مذهب آخر و هو ان الخفّين ايضا اذا اصابهما الدم دفنا معه ذهب اليه ابن ادريس و نسبه في النهاية الى رواية اشارة الى رواية ضعيفة رواتها من الزّيديّة

قوله من قطّاع الطريق و غيرهم

اى و غير قطاع الطريق لعموم الاخبار في ان من قتل دون مظلمة اى اهله و ماله فهو شهيد من غير تخصيص بكونه من قطّاع الطريق فذكرهم بالخصوص امّا لو ورد نصّ خاص بهم ايضا او بناء على الغالب الشائع او المراد و غير هؤلاء ممن اطلق عليه الشهيد في الاخبار كمن مات غريبا او يوم الجمعة و لا خلاف في عدم الحاق هؤلاء بالشّهيد في الاحكام و ان ساووه او قربوا منه في الاجر و الفضل

قوله و يجب ازالة النجاسة العرضية الى آخره

ذكر في هى انه لا خلاف فيه و استدلّ عليه ايضا في المدارك بالرّوايات الواردة بالابتداء بغسل الفرج كرواية الكاهلى ابدأ بفرجه بماء السّدر و الحرض فاغسله ثلاث غسلات و رواية يونس و اغسل فرجه و انفه ثمّ اغسل رأسه بالرّغوة و فيه تامّل فان تلك الروايات لم تقيد بما اذا كان الفرج نجسا فالظاهر منها استحباب الابتداء بغسل الفرج و تنظيفه و ان لم تكن فيه نجاسة ثمّ الشروع في الغسل فلا دلالة لها على وجوب الابتداء بغسل النجاسة العرضية اولا و لذا ترى العلامة رحمه الله في هى بعد ما ذكر وجوب الابتداء بازالة النجاسة عن بدنه ان كان عليه نجاسة قال ثمّ يبدأ بفرجه فيغسله بماء السدر و الحرض ثلث مرّات و اكثر من ذلك على جهة الاستحباب لانّهما محل الاخباث و استشهد برواية الكاهلى و استدل في المعتبر بان المراد تطهيره و اذا وجب ازالة الحكمية عنه فوجوب ازالة العينية اولى و لئلّا

ص: 99

ينجس ماء الغسل بملاقاته و لما روى يونس و يمسح بطنه مسحا رقيقا فان خرج منه شي ء فأنقه و لا يخفى ما في دعوى الاولوية من المنع ثمّ عدم دلالتها على وجوب التقديم و انه لا بدّ في تتميم الوجه الثانى من الدلالة على اشتراط الطهارة في ماء هذا الغسل فلعل دليله الاجماع ثمّ بعد ذلك فغايته وجوب تقديم تطهير كل غسلة لا وجوب تقديم الازالة على الشروع في الغسل كما هو مقتضى كلامهم و ليس في رواية يونس ايضا الّا الامر بالإنقاء من النجاسة اذا خرجت و لا يستفاد منها وجوب ازالة تقديم الخبث على الشروع في الغسل و في شرح الارشاد بعد ما علل الحكم بما نقلنا عن المعتبر من الوجوه قال كذا علّلوا فالاولى الاستناد الى النّص و جعله تعبّدا ان حكمنا بنجاسة بدن الميّت كما هو المشهور و الا لزم طهارة المحل الواحد من نجاسته دون نجاسة و امّا على قول السّيد المرتضى فلا اشكال لانه ذهب الى كون بدن الميّت ليس بخبث بل الموت عنده من قبيل الاحداث فحينئذ يجب ازالة النجاسة الملاقية لبدن الميّت كما اذا لاقت بدن الجنب انتهى و لعلّ مراده ان الاولى الاستناد في اثبات وجوب هذا التقديم الى النص و هو ما ذكر من رواية يونس في الاجماع على ما ادّعوه لا الى ما ذكر اوّلا من الوجهين ثمّ بعد اثباته جعله محض التعبّد لا معلّلا بما يظهر من الوجهين الأوّلين و الّا لزم ما ذكره من الاشكال و لا يخفى سخافة الاشكال اذ لا استبعاد في طهارة المحلّ الواحد من نجاسة دون الآخر مع اختلاف حقيقتها و اختلاف مطهّر بهما و تقديم استعمال مطهر احداهما على مطهر الاخرى كما اذا فرضنا ان تطهير نجاسة شرعا بالماء و اخرى بالتراب فاذا اجتمعتا في محلّ ثمّ طهّر بالماء و التّراب فالحكم بزوال ما استعمل مطهّره و بقاء الآخر مما لا غضاضة فيه و هاهنا كذلك فانّ احدى النجاستين خبثية حدثيّة محضة رفعها بالغسل و الاخرى خبيثة مع حدثيّة رفعها بالغسل فلا بعد في ان ترتفع الاولى بالغسل و تبقى الثانية الى ان يؤتى بالغسل فليس في ذلك من الاشكال ما يلجئ الى القول بانّه محض تعبّد و في المدارك بعد ما نقلنا عنه من الاستدلال بالاجماع و الاخبار قال و قد يناقش في هذا الحكم بانّ اللازم منه طهارة المحلّ الواحد من نجاسة دون اخرى و هو غير معقول و يجاب بعدم الالتفات الى هذا الاستبعاد بعد ثبوت الحكم بالنّص و الاجماع او يقال ان هذه الاسباب من قبيل المعرفات و لا بعد في رفع نجاسة الموت بالغسل و توقف غيرها على ما يطهّر به سائر النجاسات فيجب ازالتها اوّلا لتطهير الميّت بالغسل و هذا اولى مما ذكره في المعتبر من ان تقديم الازالة لئلا ينجس ماء الغسل بملاقاتها او لانه اذا اوجب ازالة الحكمية فالعينيّة اولى انتهى و ما ذكره من الجواب اوّلا كانه هو ما نقلنا من جدّه من الاستناد الى التعبّد و ما ذكره ثانيا كان تحقيقه ما ذكرنا لكن التمسّك بما ذكره من ان هذه الاسباب من قبيل المعرفات ممّا لا حاجة اليه و لا دخل له في دفع الاشكال و ما ذكره من اولويّة هذا مما ذكره في المعتبر كما ترى فانه لا ربط لما ذكره المحقق بما ذكره فان ما ذكره المحقق دليل على وجوب تقديم ازالة الخبث على الغسل و لا ربط له بدفع الاشكال بل الاشكال انما يتوجّه بعد اثبات الحكم و ما ذكره جواب للاشكال الوارد على الحكم بعد اثباته فاين احدهما من الآخر حتى تصحّ النسبة بالاولويّة بينهما ثمّ نقل عن جده ما نقلنا عنه من انتفاء الاشكال على قول السّيد المرتضى و اورد عليه ان مقتضاه انه لا يجب تقديم الازالة على الشروع في الغسل بل يكفى طهارة كل جزء من البدن قبل غسله و هو خلاف ما صرّحوا به هنا مع ان في تحقق الخلاف في نجاسة بدن الميّت نظرا فانّ المنقول عن المرتضى رحمه الله عدم وجوب غسل المسّ لا عدم نجاسة الميّت بل حكى المصنف في المعتبر عنه في شرح الرسالة التصريح بنجاسته و عن الشيخ في ف انه نقل على ذلك اجماع الفرقة انتهى و لا يخفى انّ ايراده الاول انما يتوجّه على جدّه لو كان مراده انه على قول السّيد يمكن اثبات وجوب التقديم مع قطع النظر عن النص بوجوب تقديم ازالة الخبث على الحدث كما في الجنابة و لا اشكال عليه و اما اذا حمل كلامه على انه على قول السّيد بعد اثبات الحكم لا حاجة الى جعل الحكم محض التعبد اذ لا يتوجه

حينئذ ما ذكر من الاشكال فلا يتوجّه عليه ما ذكره و هو ظاهر نعم ما اورده ثانيا كانّه متّجه فتأمّل

قوله من الوارث او من يأذن له

لعدم جواز مثل هذا التصرّف في مال الغير بدون اذنه لانه مظنّة النجاسة فاذا نزغ من تحته لا يتلطّخ اعالى بدنه و ايضا نزعه على هذا الوجه اسهل على الميّت و قال في المعتبر الاقرب ان نزعه كذلك اذا اريد ستر عورته به في حال الغسل ثمّ ينزع بعد الغسل من اسفله و استشهد بعد بما في صحيحة عبد اللّه بن سنان ثمّ يخرق القميص اذا غسّل و ينزع من رجليه

قوله و يجوز غسله فيه

بل هو افضل عند الاكثر كون هذا مذهب الاكثر غير ظاهر بل القائل به من غير جمع من المتاخّرين نادر و لا اعلمه سوى ما نقل عن ابن ابى عقيل انه قال السّنة تغسيله في قميصه لتواتر الاخبار بفعل علىّ عليه السّلام في النّبى صلّى الله عليه و آله و انما المعروف من الاصحاب الحكم بنزعه امّا بتمامه و القاء خرقة على العورة او باخراج اليدين منه و نزعه الى سرته و جمعه على عورته و تركه كذلك الى ان يفرغ من غسله ليكون ساتر العورة او بالتخيير بين الامرين فالاول ظاهر الشيخ في يه و المبسوط من غير تصريح بالوجوب او الاستحباب قال في المبسوط ثمّ ينزع قميصه يفتق جيبه و ينزع من تحته و يترك على عورته ما يسترها و مثله في يه و كذا ابن ادريس فانه قال في السرائر و يجب ان يستر عورته بثوب يضعه عليها او بقميصه بعد نزعه منه و هو صريح المحقق و العلّامة مع تصريحهما بالاستحباب و كذا المصنف في الدروس مع تصريحه بالاستحباب قال و ان لم يكن له قميص سترت العورة و الثانى قول الصدوق و كانه ظاهر المفيد ايضا من غير تصريح منهما بالوجوب او الاستحباب و الثالث قول الشيخ في ف فانه قال يستحب تغسيل الميّت عريانا مستور العورة بان يترك قميصه على عورته او ينزع القميص و يترك على عورته خرقة ثمّ ادّعى اجماع الفرقة على التخيير بين الامرين كذا فيما عندنا من نسخة الخلاف و في المعتبر نقل عبارة الخلاف هكذا يستحبّ غسله عريانا مستور العورة امّا بقميصه او ينزع القميص و يترك على عورته خرقة قال و معنى قوله رحمه الله امّا بقميصه ان يخرج يديه من القميص و يجذبه منحدر الى سترته و يجمعه فوق عورته و يجرّد ساقيه فيصير كالعارى عدا العورة و ابن حمزة في الوسيلة عدّ من الواجبات غسله مجرّدا من ثيابه غير عورته الا لعذر و على ما نقلنا فالظاهر ان مراد الشارح من غسله فيه بعد نزعه الى السّرة و الّا فلا يصح نسبة افضليته الى الاكثر قطعا و بعد ذلك ايضا فكونه مذهب الاكثر غير ظاهر بل الظاهر ان القائل بترجيح نزع القميص بتمامه و القاء شي ء على العورة سواء كان هو القميص او غيره اكثر نعم لا يبعد القول بافضلية الغسل في القميص لما نقلنا من حديث غسل النّبى صلّى اللّه عليه و آله و لما نقلنا من صحيحة ابن سنان و لما استدل به في المدارك من صحيحة يعقوب بن يقطين و فيها و لا يغسلن الا في قميص يدخل رجل يده و يصبّ عليه من فوقه و صحيحة ابن مسكان و فيها قلت يكون

ص: 100

عليه ثوب اذا غسّل قال ان استطعت ان يكون عليه قميص تغسله من تحته و حسنة سليمان بن خالد و فيها قلت فما يكون عليه حين يغسّله قال ان استطعت ان يكون عليه قميص فيغسّل من تحت القميص و في عدّها حسنة تامّل فان الشيخ رواها في التهذيب عن النّضر بن سويد و رجالها المذكورة رجال الصحيح على المشهور و ان كان في سليمان بن خالد كلام قد سبق الاشارة اليه لكن طريقه الى النّضر غير معلوم فلعلّه ظهر له حسن طريقه اليه ثمّ في دلالة الرّوايتين الاخيرتين تامّل اذ يمكن ان يكون المراد فيهما استحباب ان يلقى عليه قميص لا ان يغسل في القميص بل حمل عليه فيهما عليه اظهر و يؤيّده ايضا حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا اردت غسل الميّت فاجعل بينك و بينه ثوبا يستر عنك عورته امّا قميصا و امّا غيره فان ظاهرها ايضا ما ذكرنا و يدلّ عليه ايضا ما في رواية امّ انس بن مالك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاذا اردت غسلها فابدئى بسفليها فألقى على عورتها ثوبا يستر و يمكن الجمع بين الرّوايات بالقول بالتخيير بين الوجهين لكن بقي رواية يونس عنهم عليهم السّلام و فيها فان كان عليه قميص فاخرج يده من القميص و اجمع قميصه على عورته و اجمعه من رجليه الى فوق الركبة و ان لم يكن عليه قميص فالق على عورته خرقة و هى حجة الصّدوق لكنها لا تصلح لمعارضة الرّوايات السّابقة من حيث السّند الا انه يمكن حمل الغسل في القميص فيها على هذا الوجه و يقال بالتخيير بينه و بين نزعه و القاء القميص عليه او ثوب آخر يستر ليجمع به بين جميع الاخبار و اللّه تعالى يعلم و استدل في هى على ما اختاره من استحباب تجريده و ان ترك على عورته خرقة يسترها بها بانه ابلغ في التطهير فكان اولى و بان الحىّ لو غسل تجرّد فالميّت اولى و بموثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن غسل الميّت فقال ابتدأ فتطرح على سوءته خرقة و رواية عبد اللّه بن عبيد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الميّت قال تطرح عليه خرقة ثمّ تغسل فرجه و انت خبير بان ما ذكر من الاعتبارين لا يصلح لمعارضة الرواية الصّحيحة و كذا الرّوايتان على انه يمكن حملهما على بيان اقل القدر الواجب و استدل ايضا في المعتبر على افضلية التجريد و القاء الخرقة بانه امكن للتّطهير و بان الثّوب قد ينجس بما يخرج من الميّت و لا يطهر بصبّ الماء فينجس الميّت و الغاسل و اجاب عن حكاية غسل النّبى صلّى الله عليه و آله في القميص بانّه يمكن ان يكون ذلك للأمن في طرفه من تلطخ الثوب و تعذّر ذلك في غيره و اعترض عليه المصنف في الذكرى بان عند المحقق نجاسة الميّت تتعدّى الى الملاقى فهي حاصلة و ان لم يخرج منه شي ء و عدم طهارة القميص هنا بالصّب ممنوع لإطلاق الرّواية و جاز ان يجرى مجرى ما لا يمكن عصره انتهى و كان مراد المحقق انه لو غسل في الثوب فربما خرج منه شي ء لا يطهر لصبّ الماء امّا لظهور بقاء عينه تحت الثوب بعد التغسيل او لعدم الدليل على الطّهارة من هذه النجاسة الخارجة بالصّب بخلاف نجاسة الموت فانّها لما كانت من ضروريّات الميّت فاذا ثبت بالأخبار جواز تغسيله في الثوب على ما ذكره فيظهر منه طهارة الثوب ايضا بذلك و انّه يجرى مجرى ما لا يمكن عصره و امّا النجاسة الخارجة فيشكل الحكم بالطّهارة منها ايضا بمجرّد الصّب لانها ليست من لوازم الميّت فلعلّ جواز غسله في الثوب و طهارة الثّوب بالصّب كان مخصوصا بما اذا لم يخرج نجاسة او لم يظهر ذلك بناء على اصالة عدمه و امّا اذا ظهر ذلك فلا يجوز الا مع تجريده و عصر الثوب فالأولى في الابتداء تغسيله مجرّدا حذرا من ذلك و على هذا فيندفع ما ذكره المصنف من الايرادين لكن التمسّك بمثل هذه الوجوه مع ورود النصوص لا يخلو عن اشكال فالأولى العمل بمقتضاها

قوله و هو

اى ستر العورة امكن للغسل لعسر الاحتراز عن النظر اليها بدونه

قوله فيستصحب استظهارا

ليأمن من النظر غلطا او سهوا و لا يخفى انه قد ورد الامر بستر العورة في روايات كحسنة الحلبى و رواية يونس و موثقة عمار و رواية عبد اللّه بن عبيد المتقدّمة آنفا و على هذا فيمكن القول بوجوبه مطلقا نظرا الى اطلاقها و هل يختص ذلك بغير الزّوجين على تقدير القول بجواز غسلهما مجرّدين او يشملهما ايضا قد نقلنا سابقا عن الذكرى الحكم بالاوّل لجواز النّظر و ذكرنا انه محلّ نظر لما ورد من منع الزوج عن النظر الى عورتها و يؤيده ايضا اطلاق هذه الرّوايات و جواز النظر حال الحياة لا ينافى حرمته بعد الموت قال في الذكرى و كذا لو كان طفلا يباح غسله للنّساء لانّه لا شهوة فيه و من ثمّ جاز للنّساء غسله و الظاهر انّ الصّبية ايضا عنده كذلك و انما ذكر الصّبى على سبيل المثال لجريان الدليل فيهما كما نقلنا سابقا عن شرحى الارشاد و القواعد و فيه ايضا تامّل لإطلاق تلك الرّوايات و ما ذكر من الدّليل لا يدل الا على جواز النظر حال الحياة لا بعد الموت ايضا اذ علّة المنع بعد الموت يمكن ان يكون شيئا لا تعلّق له بالشّهوة الّا ان يقال ان الظاهر من الاخبار هو غسل ما لا يجوز لغير المماثل غسله لكونه اظهر الافراد فيبقى غيره على اصالة الجواز فتأمّل

قوله او على غيرها ممّا يؤدّى فائدتها

فليس المستحب خصوص تلك الخشبة بل يكفى اللوح من كل خشب بل غير الخشب ايضا مما يوجب حفظ الجسد من التّلطّخ لان حكمهم باستحبابه انما هو لرعاية ذلك فيحصل بكلّ ما يفيد ذلك

قوله و مكان الرّجلين منحدرا

لئلّا يجتمع الماء تحته

قوله مستقبل القبلة

كوضعه حالة الاحتضار لرواية الكاهلى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل الميّت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة و يدلّ عليه ايضا ما تقدم من الاخبار في بحث الاستقبال حالة الاحتضار و في رواية يونس عنهم عليهم السّلام اذا اردت غسل الميّت على المغتسل مستقبل القبلة و ليس فيها بيان كيفيّة الغسل لكن تكفى الرّوايات الاخرى للتفسير و قوله في الدروس يجب الاستقبال به في الدروس حكم بوجوب الاستقبال على الاقرب و في البيان بعدمه على الاصحّ فما في البيان اقرب الى الحكم ممّا في الدروس و عبارة الشارح تشعر بالعكس هذا و منشأ الخلاف ورود الامر به في الرّوايات المتقدمة و صحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت ابا الحسن الرّضا عليه السّلام عن الميّت كيف يوضع على المغتسل موجّها وجهه نحو القبلة او يوضع على يمينه و وجهه نحو القبلة قال يوضع كيف تيسر فاذا طهر وضع كما يوضع في قبره و ظاهرها جواز الوضع كيف يتيسّر المطلق لا من خصوص الطّريقين المذكورين و يحتمل ذلك ايضا و كيفما كان فيدل على عدم وجوب الاستقبال بالوجه المفسّر في الرّوايات السّابقة و اجاب المحقق الشيخ على في شرح القواعد بعدم منافاتها للوجوب لانّ ما تعسّر لا يجب و فيه انّ ظاهر الخبر التخيير و جواز وضعه كيفما اتّفق مع امكان الجهات لا ما ذكره من وضعه كيف تيسّر اذا لم يكن غيره و هذه الرّواية و ان كان في صحّتها خدشة باعتبار محمد بن عيسى اليقطينى لكن مع ذلك لاعتضادها بالاصل تصلح حجة للقول لعدم الوجوب و حمل الاخبار السّابقة على الاستحباب مع قصورها من حيث السند او الدلالة عن اثبات الوجوب و اللّه تعالى يعلم

قوله و تثليث الغسلات

نقل في الذكرى عليه الاجماع و يدلّ عليه ايضا روايتا

ص: 101

الكاهلى و يونس

قوله و غسل يديه

مع كلّ غسلة في ابتدائها كما في غسل الجنابة يدلّ عليه رواية الكاهلى

قوله و كذا يستحبّ غسل الغاسل

لم اقف على ما يدل عليه من الاخبار و لا على من ذكره من الاصحاب غيره و رواية يونس يدل على غسل الغاسل يديه الى المرفقين بما قراح بعد كل من الغسلتين الأوليين و كذا غسل الاجانة ليصبّ فيها ماء آخر للغسلة المستانفة كما ذكره العلّامة رحمه الله في هى و كانه اشتبه على الشّارح فحملها على ما ذكره او سها على التقييد بالاخيرتين و قد ذكر ابن حمزة في الوسيلة غسل يد الغاسل الى المرفقين كلّما فرغ من غسلة و هو موافق لما في الرواية

قوله و مسح بطنه

يدلّ عليه رواية الكاهلى فيهما و رواية اليونس في الغسلة الثانية و لكن المسح مسحا رقيقا كما قيّد به في الرّوايتين و للنّهى عن غمز بطنه في الرواية الاولى و عن غمزه مطلقا في رواية عثمان النورى و المراد به مقابل الرقيق كما هو ظاهر و ان كان قد يطلق على الاعم منه و لذا قيّد بالرقيق في رواية ابى العبّاس عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اقعده و اغمز بطنه غمزا رفيقا ثمّ طهره من غمز البطن و لما في صحيحة يعقوب بن يقطين عن العبد الصّالح عليه السّلام و لا تعصر بطنه الّا ان يخاف شيئا قريبا فيمسح مسحا رقيقا من غير ان تعصر و في حسنة حمران بن اعين عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و اذا غسلتم الميّت منكم فارفقوا به و لا تعصروه و لا تغمزوا له مفصّلا و امّا ما في رواية معاوية ابن عمّار امرنى ابو عبد اللّه عليه السّلام ان اعصر بطنه ثمّ اوضّئه ثمّ اغسله بالاشنان فلعل العصر فيه محمول على ما ذكره من المسح الرقيق ثمّ انّ العلّامة رحمه الله في الارشاد استحبّ غمز بطنه في الاوليين و فسّره الشارح بالمسح و علّله بما ذكر هاهنا من التّحفظ و نقل عن الشيخ دعوى الاجماع عليه و عن ابن ادريس انه انكره لمساواة الميّت للحيّ في الحرمة و الظاهر ان ما نسبه الى ابن ادريس ماخوذ من السّرائر اذ لم ينقلوا منه كتابا آخر و كلامه في السّرائر لا يوافق ما نقله فانه قال فيه و يمسح الغاسل يده على بطنه في الغسلتين الاوليين و لا يمسح في الغسلة الثالثة و قال في موضع آخر بعده و لا يقعده و لا يغمزه و الظاهر ان مراده بالغمز هو المسح بحفوة كما هو ظاهر فكلامه موافق لما هو المشهور فبعد تفسير الشارح الغمز في كلام الارشاد بالمسح لا وجه لنسبة انكاره الى ابن ادريس و لا يستقيم ايضا ما نقله من التعليل اذ ليس في مطلق المسح انتهاك حرمة على ان ذلك ليس في كلام ابن ادريس في هذا الموضع بل انما ذكره حيث نقل عن بعض الاصحاب حشو القطن في دبر الميّت و حكم بانّ الاظهر ان يحشو القطن على حلقة الدّبر لا في دبره و علّله بانّا نجنّب الميّت كلما نجنّبه الاحياء و ما نقله عن الشيخ من دعوى الاجماع ايضا محل تامّل كما يظهر بالتّامّل في عبارة الخلاف و كان منشأ غلط الشّارح عدم التأمّل في كلام الذكرى فانه قال فيه العاشرة مسح بطنه في الاوليين قبلهما ليرد عليه الماء و الفرض به التحفّظ من الخارج بعدها لغسل لعدم قوة الماسكة و من ثمّة انّه يحشو المخرج عند خوف الخروج كما دلّ عليه الخبر و نقل الشيخ فيه الاجماع و انكره ابن ادريس بعد ان جوّزه في اوّل الباب لما ثبت من مساواة الميّت للحيّ في الحرمة قلنا الحشو بلغ في الحرمة انتهى فقول المصنف كما دلّ عليه الخبر متعلّق بالحشو لوروده في خبر يونس اذ فيه و احش القطن في دبره لئلّا يخرج منه شي ء و نقل الشيخ فيه الاجماع حيث قال في ف يستحب ان يدخل في سفل الميّت شي ء من القطن لئلّا يخرج منه شي ء و به قال المزنى و قال اصحاب الشّافعى ذلك غلط و انما يجعل بين الييه دليلنا اجماع الفرقة و عملهم انتهى و ما نقله من انكار ابن ادريس اشارة الى ما نقلنا عنه و من تجويزه في اوّل الباب اشارة الى ما ذكره في اوائل الباب انّه يحصّل شي ء من السّدر للغسلة الأولى و قليل من الكافور للغسلة الثانية و شي ء من القطن يحشى به دبره و المواضع التى يخاف خروج شي ء منها و مراده بقوله قلنا الحشو بلغ في الحرمة انّ فيه رعاية لحرمة الميت لا انتهاكا لها اذ الغرض منه التحفّظ لخروج النجاسة و تلويثه و تفظيعه فظنّ الشارح ان نقل الاجماع و انكار ابن ادريس متعلق باصل المسألة فنقل ما نقل و ليت شعرى انه حينئذ على ما حمل قوله قلنا الحشو بلغ في الحرمة و كانه غفل عنه او جعله حشوا من الكلام هذا و يمكن دفع ما اشار اليه المصنف من المنافاة بين كلامى ابن ادريس بحمل ما ذكره اولا ايضا على ما ذكره ثانيا و حمل الخبر ايضا كما على ذلك كما هو ظاهر خبر الكاهلى ايضا اذ فيه ثمّ اذفره بالخرقة و يكون تحته القطن تذفره به اذ فارا قطنا كثيرا ثمّ تشدّ فخذيه على القطن بالخرقة شدّا شديدا حتى لا تخاف ان يظهر شي ء على انه لا اعتداد عنده باخبار الآحاد و ما

ذكره المصنف من انّ الحشو ابلغ في الحرمة ايضا محلّ تامّل اذ الظّاهر حصول الغرض بما ذكره ابن ادريس من غير توهّم انتهاك حرمة فيه و بالجملة لو لم يكن الحكم اجماعيّا كما نقله في ف فللتّأمّل فيه مجال خصوصا على اصل ابن ادريس و عبارة المفيد في المقنعة توافق ما ذكره ابن ادريس حيث قال و يأخذ شيئا من القطن فيضع عليه شيئا من الذّريرة و يجعله على مخرج النحو و يضع شيئا من القطن عليه الذريرة على قبله و يشدّ الخرقة التى ذكرناها شدّا وثيقا الى وركيه لئلا يخرج منه شي ء و في حسنة حمران بن اعين عن ابى عبد اللّه تؤخذ خرقة فيشدّ بها سفله و يضمّ فخذيه بها ليضمّ ما هناك و ما يضع من القطن افضل و مثله في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ايضا و هو يحتمل الوجهين الا ان يثبت كون العمل على ما ذكره الشيخ في زمانه عليه السّلام ايضا و في موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و تدخل في مقعدته من القطن ما دخل ثمّ فيها بعد ذلك ثمّ تكفّنه و تجعل على مقعدته ايضا شي ء من القطن دبره و تضمّ فخذيه ضمّا شديدا ثمّ فيها و تحتاج المرأة من القطن لقبلها قدر نصف منّ و لا يخفى ظهورها جدّا فيما هو المشهور لكن يقدح فيها مع عدم صحة اشتمالها على الامر بتحمير ثيابه بثلاثة اعواد و هو خلاف المشهور بين الاصحاب فتأمّل و العلامة رحمه الله في هى ذكر انّه اذا اراد تكفينه اخذ قطنا و ترك عليه شيئا من الذّريرة المعروفة بالقمحة و وضعه على فرجيه قبله و دبره و يحشو القطن في دبره لئلّا يخرج منه شي ء وقت تحريكه عند حمله و لا نعلم خلافا في استحباب ذلك و ايّده برواية يونس ثمّ ذكر بعده انه انما يستحبّ وضع القطن بين الاليين فامّا الحشو في الدّبر فانما يستحبّ عند خوف خروج شي ء منه و انكره المزنى و استدلّ بان في حشو القطن مصلحة لا تحصل بدونه فكان مشروعا و يؤيده رواية يونس و نقل احتجاج المزنى بانّ فيه تناولا لحرمة الميّت و اجاب بان في تركه تناولا لحرمة ايضا لجواز ظهور حادثة به و ما ذكرناه اولى لخفائه عن اكثر النّاس انتهى و الظاهر ان ما ذكره من الخوف بعد وضع قطن كثير بين الاليين و شدّه بالخرقة شدّا محكما نادر جدّا و اللّه تعالى يعلم

قوله في الغسلتين الاوليين

لا الثالثة نقل في الذكرى الاجماع على عدم استحبابه فيها و يؤيده عدم ذكره فيها في الخبرين السّابقين و حكم جماعة منهم الشيخ في ف بكراهيته في الثالثة و قال في المنتهى لا يمسح الغاسل بطنه في هذه الغسلة بخلاف الاوليين لان المسح هناك يستعقب الغسل فاذا خرج منه شي ء ازالة الماء الغسلة المستعقبة بخلاف الاخرى انتهى و فيه تامّل اذ المسح لو كان في الثالثة ايضا لكان قبل الغسلة كما في الأوليين فكان ماء الغسلة مستعقبا له

ص: 102

على انه لو خرج شي ء ينقى قبل الغسلة كما ورد في خبر يونس فلا حاجة في ازالته الى ماء الغسلة الا ان يكون غرضه ازالة النجاسة الحكمية لا الخبيثيّة هذا و في موثقة عمار بعد الغسلة الثانية ثمّ تمر يدك على بطنه فتعصره شيئا حتى يخرج عن مخرجه ما خرج و يكون على يديك خرقة تنقى بها دبره و هو يفيد استحبابه في الثالثة ايضا لكن اذا ثبت ما نقله المصنف من الاجماع فليطرح او يحمل على التقيّة لموافقته لمذهب الشافعيّة حيث استحبّوه في الثّلث

قوله حذرا من خروج شي ء بعد الغسل

و لا يجب اعادة الغسل بخروج شي ء بعده او في اثنائه و انما يجب غسل النجاسة كما هو المشهور بين الاصحاب لتحقق الامتثال و عدم الدّليل على الاعادة و الشّيخ في ف خصّ المسألة بما اذا خرج بعد الغسلة الثالثة و حكم بما ذكرناه و ادعى عليه اجماع الفرقة و يدلّ عليه ايضا رواية في هذه الصّورة رواية الكاهلى و الحسين بن مختار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قالا سألناه عن الميّت يخرج منه الشي ء بعد ما يفرغ من غسله قال يغسل ذلك و لا يعاد عليه الغسل و مثله رواية روح بن عبد الرّحيم عنه عليه السّلام و نقل عن ابن ابى عقيل انّه قال ان انتقض منه شي ء استقبل به الغسل استقبالا محتجا بان الحدث ناقض للغسل فوجب اعادته و الجواب منع كل من المقدّمتين فان النقض بعد الموت لا دليل عليه و لو سلّم فلا دليل في الميّت على وجوب الاعادة بعد النقض لكن المنع الاخير انما يتوجّه فيما اذا كان خروجه بعد الغسل و ربما خرج بعضهم من التشبيه بغسل الجنابة في رواية محمّد بن مسلم المتقدمة جريان الخلاف فيه ايضا فيما اذا وقع الحدث في الأثناء و لا يخفى ضعفه لما اشرنا اليه من ان المماثلة لا تقتضى المشاركة في جميع الاحكام فتأمّل

قوله الّا الحامل التى مات ولدها

يدلّ عليه رواية امّ انس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال اذا توفيّت المرأة فارادوا ان يغسلوها فليبدءوا ببطنها فليمسح مسحا رقيقا اذ لم تكن حبلى فان كانت حبلى فلا تحرّكيها

قوله حذرا من الاجهاض

قال في البيان و لو اجهضت بذلك فعليه عشر دية امّه

قوله و تنشيفه بثوب

قال في المنتهى لا نعلم فيه خلافا و يدلّ عليه ما في حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام حتى اذا فرغت من ثلاث غسلات جعلته في ثوب نظيف ثمّ جففته و في رواية يونس بعد تمام الغسل ثمّ تنشفه بثوب طاهر و في موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ثمّ تجفّفه بثوب نظيف

قوله صونا للكفن من البلل

فانه موجب لسرعة الفساد اليه كما اشرنا اليه في هى و التعويل على ما اوردناه من النصوص و ارسال الماء في غير الكنيف يدل عليه صحيحة محمّد بن الحسن الصّفار قال كتبت الى ابى محمّد عليه السّلام هل يغسل الميّت و ماءه الذى يصبّ عليه يدخل في بئر كنيف فوقع عليه السّلام يكون ذلك في بلاليع و افضليّة الحفرة الخاصّة لحسنة سليمان بن خالد المتقدمة في بحث الاستقبال حالة الاحتضار

قوله و ترك ركوبه

هذه مكروهات عندهم ورد النّهى عنها جعلت تركها مستحبّا و قد يفعلون ذلك امّا مسامحة او على اصطلاح آخر غير المشهور

قوله بان يجعله الغاسل بين رجليه

لقوله عليه السّلام في رواية عمار و لا يجعله بين رجليه في غسله بل يقف من جانبه و العلّامة في يه و الارشاد استحبّ وقوف الغاسل من جانبه الايمن و استدلّ في النّهاية بهذه الرّواية و هى اعمّ مما ذكره و في رواية العلان بن سيابة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام لا باس ان تجعل الميّت بين رجليك و ان تقوم من فوقه فتغسله اذا قلّبته يمينا و شمالا تضبطه برجليك كى لا يسقط لوجهه و حمله الشّيخ على الجواز و رفع الخطر

قوله و اقعاده

و استدلّ الشيخ في ف على ذلك باجماع الفرقة و عملهم و يدل عليه ما في رواية الكاهلى و ايّاك ان تقعده او تغمز بطنه و ما ورد من الامر به كرواية ابى العبّاس السّابقة محمول على التقيّة كما ذكره الشيخ رحمه الله

قوله و قلم اظفاره و ترجيل شعره

قال الشيخ في ف لا يجوز تقليم اظافير الميّت و لا تنظيفها من الوسخ بالخلال ثمّ ادعى عليه الاجماع و ظاهره الحرمة ثمّ بعد ذلك باسطر عدّ تقليم الأظفار مكروها و استدل ايضا باجماع الفرقة و في هى ذكر اوّلا انه قال علماؤنا لا يجوز قصّ شي ء من شعر الميّت و لا مسّ ظفره و لا يسرح رأسه و لا لحيته و متى سقط منه شي ء جعل في اكفانه و ظاهره ايضا الحرمة لكن قال بعد ذلك لا فرق بين ان يكون الاظفار طويلة او قصيرة و بين ان يكون تحتها وسخ او لا يكون في كراهية القص و قال في النهاية يكره قصّ اظفاره و ترجيل شعره عند جميع علمائنا انتهى و بالجملة فالمشهور الكراهة فيهما كما ذكره في شرح الارشاد و ظاهر بعضهم القول بالحرمة و يدل على الحكمين حرمة او كراهة حسنة ابن ابى عمير عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا يمس من الميّت شعر و لا ظفر و ان سقط منه شي ء فاجعله في كفنه و كذا رواية عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الميّت يكون عليه الشعر فيحلق عنه او يقلم قال لا يمسّ منه شي ء اغسله و ادفنه لعموم قوله عليه السّلام لا يمسّ منه شي ء و يدل ايضا على الأول رواية ابى الجارود عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألت عن ابا جعفر عن رجل يتوفّى يقلم اظافيره او ينظف ابطاه او يحلق عانته ان كان به المرض فقال لا و يدل ايضا على كراهة الأول رواية الغياث عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كره امير المؤمنين عليه السّلام ان يحلق عانة الميّت اذا غسل او يقلم له ظفرا او يجزّ له شعر و رواية طلحة بن زيد عنه عليه السّلام كره ان يقص من الميّت ظفرا و يقصّ له شعرا و يحلق له عانة او يغمز له مفصل بقي الكلام فيما نقلنا عن الشيخ من المنع عن تنظيفها عن الوسخ بالخلال فنقول يمكن الحكم به لما ادعاه الشيخ من الاجماع و لعموم الرّوايتين الأوليين و خصوص ما في رواية الكاهلى و لا تخلّل اظفاره و قال العلامة في يه فينبغى اخراج الوسخ بين اظفاره بعود ليّن و ان شدّ عليه قطنا و يتبعها به كان اولى و قال الشّارح في شرح الارشاد امّا الوسخ تحت اظفاره فلا بدّ من اخراجه اظفاره و كان ذلك لئلا يصير مانعا من وصول الماء تحته كما ذكروا ذلك في وضوء الحىّ و غسله لكن رواية الكاهلى مع عدم التعرّض في سائر الاخبار للتخليل لا في الحىّ و لا للميّت مع كمال شفقتهم عليه السّلام بالمؤمنين و اهتمامهم ببيان جزئيات احكامهم حتّى ما يندر وقوع احتياجهم اليها مع عدم خلوّ الاظافير عن الوسخ غالبا في اكثر الناس يدلّ على عدم وجوب التخليل امّا الكفاية وصول رطوبة الى ما تحته و ان قلّت و عدم منع الوسخ عنه الا اذا خرج عن المعتاد جدّا بحيث يندر وقوعه او لإلحاق ذلك بالبواطن و عدم وجوب غسله على انّ في التكليف به كلفة و مشقة في الاكثر لا تناسب الشريعة السمحة السّهلة لكن مع ذلك امر الاحتياط في الحىّ واضح و امّا الميت ففيه اشكال و العلّامة في المنتهى في بحث الوضوء تعرّض للوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء الى ما تحته و انه هل تجب ازالته و حكم بانّ فيه اشكالا ثمّ حكم بانّ الأقرب الوجوب و اللّه تعالى يعلم

قوله و لو فعل ذلك دفن ما ينفصل الى آخره

يدلّ عليه مرسلة ابن ابى عمير المتقدّمة لكن الحكم بالوجوب بمجرّدها لا يخلو عن اشكال خصوصا مع حمل النّهى فيها على الكراهة فلا يبعد الاستحباب و استدل في هى بانه جزء منه فكان له حكم الكل لاستوائهما في صفة الموت و ايّده بحديث عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عليه السّلام السّابق و فيه تامّل اذا الحكم تعلّق بالجملة و هو يستلزم تعلّقه بكلّ جزء منه حالة الاتّصال امّا

ص: 103

تعلّقه بكلّ جزء حالة الانفصال فلا بدّ له من دليل سيّما تلك الاجزاء التى لا تحلّها الحياة و لا الموت و منه يظهر ما في قوله لاستوائهما في صفة الموت و تأييد حديث عبد الرحمن كانه بناء على جعل الضمير في قوله اغسله و ادفنه راجعا الى ما حلق او قلّم و هو غير ظاهر لجواز رجوعه الى الميّت بل هو اوفق بقوله لا يمسّ منه شي ء على ان يكون نهيا عن الحلق و التقليم و نحوهما كما في مرسلة ابن ابى عمير و لعلّه لم يحمله على ذلك بل على انّ ما حلق عنه او قلّم لا يمسّ منه شي ء و لا يجوز استعماله و لا اهماله بل يغسل و يدفن و كانه لا يخلو عن بعد على انه حينئذ لا يحسن الامر بغسله مطلقا بل يجب تقييده بما اذا كان الحلق او التقليم قبل الغسل لكن كان لفظة اغسله دون غسّله لا يخلو عن تأييد له و الامر فيه سهل على ان على مقتضى دليله يجب تغسيل تلك الاجزاء ايضا اذا كان الحلق و التقليم قبل الغسل لاستوائهما مع الكل في الموت و تعلق الحكم و ان كان لم يتعرض له في الفتوى بل اقتصر على جعله معه في اكفانه و على هذا فيسقط ما اشرنا اليه من التأييد رأسا لانه اذا كان الحلق او التقليم قبل الغسل فالمناسب في الاجزاء ايضا التغسيل و ان كان بعده فلا وجه للامر بالغسل ايضا فتفطّن

قوله معه

اى في كفنه كما وقع في المرسلة السّابقة و فيما نقلنا من عبارة هى

[الثالث الكفن]

قوله و الواجب منه ثلاثة اثواب

قال في المعتبر هذا مذهب فقهائنا اجمع خلا سلّار فانه اقتصر على واحد و ما زاد مستحبّ و هو قول الجمهور كافة على ما نقله في هى حجة المشهور روايات منها صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر العمامة للميّت من الكفن هى قال لا انما الكفن المفروض ثلاثة اثواب تامّ لا اقلّ منه يوارى فيه جسده كله فما زاد فهي سنّة الى ان تبلغ خمسة فما زاد فمبتدع و العمّامة سنّة كذا في عامّة نسخ التهذيب و نقله كذلك المحقق في المعتبر و العلّامة في جملة من كتبه و الظاهر انّ المراد منها تامّ اى يجب ان يكون واحد منها لا اقل منه تامّا يوارى فيه جسده كلّه و يحتمل ان يكون تامّا مبتدأ مخصّصا بقوله لا اقلّ منه و قوله يوارى فيه جسده خبره و في بعض نسخه و ثوب تامّ الى آخره و هو الموافق للكافى فانّ فيه هذه الرّواية بسند حسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا قلنا لابى جعفر عليه السّلام على وفق ما نقلنا من التهذيب بزيادة و ثوب و على هذا ايضا فالظاهر ان المراد هو ما ذكرنا اى و ثوب تامّ لا اقلّ منه من جملتها يوارى فيه جسده كلّه و يحتمل ان يكون التّام هو الرّابع بعد الخرقة المستحبّة من الثلاثة المفروضة تاكيدا فيها فيكون المراد انّ المفروض ثلاثة اثواب لا يجب ان يكون تامّة و واحد لا بدّ ان يكون تامّا يوارى فيه جسده كلّه و يمكن ان يكون الاوّل اشارة الى حالة عدم الاعواز و الثّانى الى حاله اى المفروض ثلاثة اثواب مع عدم اعوازها و ثوب تامّ لا اقلّ منه مع عدم تيسّرها و جعله في الذكرى على هذه النسخة حجة سلّار و كانه حمله على ان الكفن المفروض ثوب تامّ لا اقلّ منه و على هذا فقوله اوّلا ثلاثة اثواب محمول على تاكّد الاستحباب فيكون مفاد الخبر ان المفروض ثلاثة اثواب و هو على تاكد الاستحباب و ثوب تام لا اقل منه و هو اقل الواجب و قوله فما زاد اى على ذلك الواحد فهو سنة الى ان تبلغ خمسة ففيه ايضا اشارة الى ان كون ثلثه مفروضة محمول على تاكد الاستحباب لم يكن بقميص و اضافه و يرد بجمع فهي الكفن و منها رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه نعم او فما زاد على الثّلاثة فهو سنّة الى الخمسة و لكن لا تاكّد فيه مثل ما في الثلاثة و لا يخفى بعده او حمله على ان المفروض ثلاثة اثواب و ان لم تكن تامّة و ثوب واحد ان كان تامّا او ثلاثة اثواب ان لم يوجد التامّ و ثوب واحد تامّ ان وجد و على هذين الوجهين يمكن حمل الواو على معنى او و في بعض نسخ التهذيب ايضا بلفظة او و هذا التخيير او التّرديد يمكن ان يكون مذهبا لسلّار و ان لم ينقل عنه و اجاب في الذكرى بحمله على التقيّة او على عطف الخاص على العام و لعلّ الثانى يرجع الى ما ذكرنا اوّلا في توجيه هذه النسخة فتأمّل و منها موثقة سماعة قال سألته عمّا يكفن به الميّت قال ثلاثة اثواب و انما كفّن رسول اللّه صلّى الله عليه و آله في ثلاثة اثواب ثوبين صحاريّين و ثوب حبرة و الصّحارية تكون باليمامة و كفّن ابو جعفر عليه السّلام في ثلاثة اثواب و ذكر في الذكرى ان الصّحاريّين منسوبان الى صحار بضم الصّاد المهملة و هى قرية عمان ممّا يلى الجبل و منها ما في موثقة عمار ثمّ تبدأ فتبسط اللّفافة طولا ثمّ تذر عليها من الذّريرة ثمّ الازار طولا حتى يغطّى الصّدر و الرجلين ثمّ الخرقة عرضها قدر شبر و نصف ثمّ القميص تشدّ الخرقة على القميص بحيال العذرة و الفرج حتى لا يظهر منه شي ء و منها ما في حسنة حمران بن اعين عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال الميّت يكفّن في ثلاثة سوى العمامة و الخرقة تشدّ بها وركيه لكيلا يبدو منه شي ء و الخرقة و العمامة لا بدّ منهما و ليستا من الكفن و منها رواية معاوية بن وهب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال يكفّن الميّت في خمسة اثواب قميص لا يزر عليه و ازار و خرقة يعصب بها وسطه و برد يلفّ فيه و عمامة يعتمّ بها و يلقى فضلها على وجهه و منها رواية يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السّلام او ابى جعفر عليه السّلام قال الكفن فريضة للرجال ثلاثة اثواب و العمامة و الخرقة سنّة و امّا النساء ففريضة خمسة اثواب و

منها ما في رواية يونس عنهم عليهم السّلام ابسط الحبرة بسطا ثمّ ابسط عليها الازار ثمّ ابسط القميص عليه و ترد بعد القميص عليه و في بعض النسخ بدل ترد بردا و على هذا فتصير اربعة و يحمل الرابع على الاستحباب و انت خبير بان هذه الروايات مع الشهرة العظيمة بين الاصحاب كانها تصلح سندا للحكم بوجوب الثلاثة و ما يصلح ان يكون حجة لسلّار الاصل و ما نقلنا عن كرى و صحيحة عبد اللّه بن سنان قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام كيف اصنع بالكفن قال تؤخذ خرقة فتشدّ على مقعدته و رجليه قلت فالإزار قال انّها لا تعدّ شيئا انّما تصنع ليضمّ ما هناك لئلّا يخرج منه شي ء و ما يصنع من القطن افضل منها ثمّ يخرق القميص اذا غسّل و ينزع من رجليه قال ثمّ الكفن قميص غير مزرور و لا مكفوف و عمامة يعصب بها رأسه و يرد فضلها على رجليه وجه الدلالة انه اكتفى فيها بقميص سوى الخرقة و العمامة اللّتين ليستا من الكفن المفروض و يمكن الجواب بانّه يمكن ان لا يكون الغرض عدّ اثواب الكفن بل ذكر طريق اليأس بعضها مما فيه اللبس و بيان شرائط ما يحتاج منها الى البيان فبيّن ذلك في الخرقة و القميص و العمامة و امّا غيرها فلعلّها لا تحتاج الى بيان فلم يتعرض له و يؤيد هذا انّ الراوى بعد ما سمع حديث الخرقة قال فالازار و الظاهر ان المراد فهل يجب الازار المعمول معها او فما الحاجة الى الازار معها مع ستر العورة بها فاجاب عليه السّلام بانّ الخرقة لا تعد شيئا اى ان الخرقة ليست من اجزاء الكفن بل انّما تزاد لما ذكر من المصلحة و الازار من جملة الكفن فلا تغنى الخرقة عنه و على هذا ففى الخبر اشعار بالازار ايضا و انما لم يذكر اللّفافة و لعلّ الوجه فيه ما ذكرنا فتأمّل

قوله مئزر

المئزر و الازار في اللغة هو الملحفة و خصّ الازار في العرف بما هو المعروف الذى لا يشتمل جميع البدن و الظاهر ان المئزر ايضا مثله و قد ذكر الشيخ و من تبعه الكفن المفروض ثلاثة مئزرا و قميصا و ازارا كما ذكر هنا لكن ليس في كلام الشيخ تعيين المئزر بل ذكر ان الكفن المفروض ثلاثة اثواب لا يجوز اقل مع القدرة مئزر و قميص و ازار و الفضل في خمسة اثواب و الزيادة عليها سرف لا يجوز و هى

ص: 104

لفافتان احداهما حبرة عبريّة غير مطرفة بالذّهب او بشي ء من الحرير المحض و قميص و ازار و خرقة فهذه الخمسة جملة الكفن و يضاف اليها العمامة و ليس من جملة الكفن لكنها سنّة مؤكّدة لا ينبغى تركها هذا اذا كان رجلا فان كان امرأة زيدت لفافتين فيكمل لها سبعة اثواب و لا يزدن على ذلك و الاقتصار على مثل ما الرجل جائز ثمّ قال فاذا حصلت الاكفان فرشت الحبرة على موضع نظيف و ينشر عليها شي ء من الذّريرة المعروفة بالقمحة و يفرش فوقها الازار و ينشر عليه شي ء من الذريرة و يفرش فوق الازار و قميص ثمّ ذكر في بيان تكفين الميّت انّه يأخذ الخرقة و يكون طولها ثلاثة ازرع و نصفا في عرض شبرا و اقلّ او اكثر فيشدّها في حقويه و يضمّ فخذيه ضمّا شديدا و يلفّها في فخذيه ثمّ يخرج رأسها من تحت رجله الى الجانب الايمن و يغمزها في الموضع الذى لفّ فيه الخرقة و يلفّ فخذيه من حقويه الى ركبتيه لفّا شديدا ثمّ يأخذ الازار فيؤزره به و يكون عريضا يبلغ من صدره الى الرجلين بان نقص عنه لم يكن به باس ثمّ يردّ القميص عليه ثمّ يعمّه ثمّ يلقنه باللّفافة فيطوى جانبه الايسر على جانبه الايمن و جانبه الايمن على جانبه الأيسر ثمّ يضع بالحبرة أيضا مثل ذلك و يقعد طرفيها مما يلى رأسه و رجليه و المفيد رحمه الله لم يعيّن المفروض بل ذكر ان الكفن قميص و مئزر و خرقة يشدّ بها سفله الى وركيه و لفّافة و حبرة و عِمامة و صرح بان المئزر خرقة يلقها عليه من سرته الى حيث تبلغ من ساقيه كما يأزر الحىّ فوق الخرقة التى ذكرها اولا و على هذا فالمئزر هو الازار المعروف و لذا لم يذكر الازار على حدة و الصدوق رحمه الله في الفقيه ذكر انّ غاسل الميّت قبل ان يلبسه القميص يأخذ شيئا من القطن و ينشر عليه ذريرة و يجعل شيئا من القطن على قبله و يضمّ على رجليه و يشدّ على فخذيه الى وركيه بالمئزر شدّا جيّدا لئلّا يخرج منه شي ء و مقتضاه ان المئزر هو الخرقة التى يشدّ بها الفخذ ان لكنّه لم يجعل المئزر من الكفن المفروض فانه قال بعد ذلك و الكفن المفروض ثلاثة قميص و ازار و لفافة سوى الغمامة و الخرقة فلا تعدّان من الكفن و على هذا فالمئزر في كلام الشيخ ان حمل على ما ذكره المفيد فيكون هو الازار المعروف و الازار أيضا ظاهره ذلك فيفهم منه وجوب تعدّد الازار المعروف و عدم وجوب الثّوب الشّامل لجميع البدن مع انه لا بدّ من وجوبه كما كذلك سبق في صحيحه زرارة و ان حمل على ما ذكره الصدوق فيبعد جعله من الكفن المفروض مع ما ورد من انّه ليس من الكفن و يلزم أيضا ما لزم في سابقه من خلق الكفن عن الثوب التامّ فالظاهر ان يحمل واحد من المئزر و الازار على الازار المتعارف و هو غير الشّامل و الآخر على الثواب الشامل لجميع البدن نظرا الى المعنى اللغوى الى ما نقلنا كما فعله الشّارح لكنّه فسّر المئزر بغير الشّامل ليكون على ترتيب ما يلبس الميّت فانه يلبس اوّلا الازار الغير الشّامل ثمّ القميص ثمّ الثوب الشامل هذا و امّا الاخبار فلم اقف في شي ء منها على ذكر المئزر و انما ذكر الازار في موثقة عمار و رواية معاوية بن وهب و رواية يونس المتقدّمة و حيث حملنا المئزر على الازار فهي مستند الحكم فيه و قد عرفت ان في صحيحة عبد اللّه بن سنان ايضا اشعارا به و صحيحة زرارة المتقدمة أيضا لا يخلو عن تأييد لذلك حيث يظهر منه جواز كون ما سوى الواحد غير تام و الظاهر انّ مراد الاصحاب من تعيين الازار هو بيان اقلّ الواجب فلو كان بدل الازار أيضا ثوب شامل لأجزأ بل ربما كان افضل كما يظهر من صحيحة زرارة المتقدمة و امّا القميص و الازار بمعنى الثوب الشامل فقد مرّ بعض ما يدلّ عليهما من الاخبار و سيجيئني في قميص كذا بعض آخر فانتظر

قوله يستر ما بين السّرة و الركبة

بناء هذا التحديد كما اشار اليه في شرح الإرشاد على العرف الشائع في الازار و احتمل فيه الاكتفاء بما يستر العورة لانه وضع ابتداء لسترها و لا يخلو عن ضعف و قد سبق في موثقة غمار تحديده بما يغطّى الصدر في الرّجلين و لعلّه نظرا اليها حكم هنا و في شرح الارشاد باستحباب ان يكون بحيث يستر ما بين صدره و قدميه لكن مفاده خروج الصدر و مفاد الرّواية دخوله فالعمل بها اولى

قوله يصل الى نصف السّاق

لم اقف في الروايات على ما يدل على تحديد القميص فالظاهر بناؤه على العرف و هو يعطى ما ذكره اوّلا و امّا افضليّة وصوله الى القدم فلا يظهر لها وجه الا ان يستنبط من صحيحة زرارة باعتبار ما فهم منها من افضليّة التمام فيما زاد على الواحد أيضا او يكون باعتبار شيوع القميص على هذا الوجه في بلاد العرب فته

قوله و يجزى مكانه ثوب ساتر الى آخره

هذا مذهب ابن الجنيد و اختاره المحقق في المعتبر و ذهب الشيخان و المرتضى و الصدوق الى تعيّن القميص حجة القول الثانى ما تقدّم من موثقة عمار و حسنة حمران و رواية معاوية بن وهب و رواية يونس و صحيحة عبد اللّه بن سنان و أيضا حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كتب انى في وصيّته ان اكفّنه في ثلاث اثواب احدها رداء له حبرة كان يصلّى فيه يوم الجمعة و ثوب آخر و قميص فقلت لابى لم تكتب هذا فقال اخاف ان يغلبك الناس فان قالوا كفّنه في اربعة او خمسة فلا تفعل قال و عمّه بعد بعمامة و ليس تعدّ العمامة من الكفن انما يعدّ ما يلفّ به الجسد و حسنة جميل بن دراج قال قال انّ الجريدة قدر شبر توضع من عند التّرقوة الى ما بلغت من فوق القميص حجة القول الاول اطلاق روايات اخرى كصحيحة زرارة و غيرها مما تقدّم و كما يمكن الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد كذلك يمكن بحمل المقيّد على الاستحباب و الثّانى اولى للاصل و لرواية محمد بن سهل عن ابيه قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الثياب التى يصلّى الرّجل فيها و يصوم أ يكفّن فيها قال احبّ ذلك الكفن يعنى قميصا قلت يدرج في ثلاثة اثواب قال لا باس به و القميص احب اليّ و هذا القول لا يخلو عن قوّة لكن لا ينبغى ترك الاحتياط خصوصا مع شهرة القول الاول و امّا ما ذكره المصنف في الذكرى من انه يمكن حمل القميص في رواية محمّد بن سهل على المعهود و هو ما كان يصلّى فيه و لقول الباقر عليه السلام ان استطعت ان يكون كفنه ثوبا كان يصلّى فيه فجاز ان يكون في الثلاثة الاثواب قميص غيره فلا يخفى بعده فانّ الظاهر من الخبر انه بعد ما سئل عن جوازه لتكفين في الثّياب التى صلّى فيها و اجاب عليه ع بقوله احبّ على صيغة المتكلّم ذلك الكفن اى الذى كان بما صلّى فيه و قوله يعنى قميصا بيان لانّ ذلك الثوب الذى صلّى فيه الذى احبّ التكفين فيه ينبغى ان يكون قميصا سئل سؤالا اخر لا تعلق له بحديث الثوب الذى صلّى فيه و هو انّه هل يجوز إدراجه في ثلاثة اثواب مطه ام لا بدّ من القميص فاجاب بانه لا باس و لكن القميص احبّ اليّ و اما على ما ذكره المصنف فينبغى حمل السّؤال على انه هل يجوز اذراجه في ثلاثة اثواب من غير ان يكون ثوب صلى فيه او قميص صلّى فيه فاجاب ع بانه لا باس به و لكنّ القميص الذى صلّى فيه أحب إلي و هذا لا ينافى انّ يعتبر القميص في الثلاثة الاثواب مطلقا و لا يخف مما فيه من كمال التكلّف و روى أيضا في الفقيه انه سئل موسى ابن جعفر عليه السّلام عن الرّجل يموت أ يكفّن في ثلاثة اثواب بغير قميص قال لا باس بذلك و القميص احب اليّ و ذكر المصنف في الذكرى انّها هى الرواية

ص: 105

الأولى بعينها و لكن حذف صدرها و هو أيضا بعيد لما فيها من الزّيادات و التغيير و اذا كانت رواية مستقلّة فظاهر انه لا يمكن تاويلها بما ذكره المصنّف فتأمل

قوله و إزار

و المشهور بين الاصحاب في ترتيب إلباسها الميّت انه على الترتيب المذكور من تقديم المئزر على القميص و القميص على الازار كما اشرنا اليه سابقا امّا تاخير الثالث فلا كلام فيه و قد ورد في موثقة عمّار و رواية يونس و امّا تقديم الاوّل على الثانى فلم اقف على ما يدلّ عليه سوى اعتبار وضع المئزر فانه الستر العورة كما نقلنا على شرح الارشاد و لا يخفى ضعفه و في الرواية الاولى قدّم القميص على الازار و هو ظاهر الثانية أيضا و نقل ذلك عن ابن ابى عقيل

قوله و يستحبّ زيادته على ذلك طولا

و ظن كلامه في شرح الارشاد و كذا في شرح القواعد وجوب ما ذكر من الزّيادة الطّوليّة و لم اقف في الاخبار على ما يدلّ عليه اصلا و في المبسوط ذكر عقد طرفى اللّفافة و كذا الحبرة مما يلى رأسه و رجليه من غير تصريح بالوجوب و الاستحباب لكن ذكره بعد امور هى مستحبّة فظاهره استحبابه أيضا

قوله عرضا بحيث يمكن جعل الآخر

ادّعى في شرح الارشاد و شرح القواعد شهادة الاخبار به و زاد في شرح القواعد انه يشعر به كونه لفافة و فوق الجميع و اذا لم اقف على ما اشار اليه من الاخبار و ما ذكر من الاشعار اين أيضا غير ظاهر نعم كونها لفافة يشعر بشمولها للجميع و يكفى فيه الشمول و لم بضمّ طرفها بخياطة و نحوها الا ان يقال ان الشائع في اللّفافة خصوصا اذا لفّ فيها اشياء ان تفضّلى بحيث يمكن جعل احد طرفيها على الآخر و المعروف بين الاصحاب و ادّعى عليه في ف اجماع الفرقة انه يبدئ فيطوى الجانب الايسر من اللّفافة و كذا الحبرة على الجانب الايمن من الميت ثمّ يطوى الجانب الايمن منها على الجانب الايسر منه و مقتضاه استحباب زيادة كل جانب بحيث يطوى على الآخر قال في المدارك لم اقف في هذا الحكم على اثر و لعلّه وجهه التيمّن باليمين انتهى و كانّه طوى الكشح عن تعليل اصل الحكم و تصدى لخصوصيّة النحو المذكور و ان وجّهه التيمّن باليمين حيث يقع فيه الابتداء بالطّى على ايمن الميّت و ايضا يصير فيه الجانب الذى يلى الميّت ما على يمينه و الجانب الذى يقع على الجانب الآخر و يتوسّط ذلك بينه و بين الميّت ما على يساره بخلاف ما لو عكس اذ يصير الامر بالعكس في الوجهين و لا يخفى مثل هذه التعليلات على انه لو عكس ايضا يمكن توجيهه أيضا بانه للتيمّن باليمين حيث يقع فيه الابتداء بطى جانب اليمين و أيضا يقع فيه مفتح الكفن على اليمين بخلاف العكس اذ الامر فيه بالعكس في الوجهتين فتفطّن

قوله و يراعى في جنسها القصد

و ذلك لعدم ورود تحديد في الشرع لذلك و ما كان كذلك فالاعتبار فيه بالعرف و العرف يحكم بذلك فالولىّ مرخّص من الشّارع في ذلك فلا عبرة بمماكسة الوارث او كونه غير مكلّف و هل يجب على الوليّ رعاية القصد او يجوز له الاقتصار على الأدون يحتمل الاوّل بناء على انه المفهوم من الاوامر عرفا و محتمل الثانى بناء على انه لا يفهم في العرف الّا جواز القصد لا وجوبه و عدم جواز الاقتصار على الادون بل ظاهر الاوامر جواز الاقتصار على ما يصدق عليه ما امر به مطلقا و ظاهر عبارة الشارح هو الثانى و مثله المحقق الثانى في شرح القواعد و لعلّه اظهر و على هذا فلو كان المباشر هو الوليّ فما ذكراه من جواز رعاية القصد و عدم العبرة بمماكسته باقى الورثة او كون غير المكلّف فيهم لا يخلو عن وجه لما ذكرنا من اذن الشارع له و امّا اذا كان المباشر هو الذى اذن له الوليّ فالظاهر انه لا يجوز له التجاوز عما اذن له لانه اذا جاز له الاقتصار على الادون فيجوز له ذلك سواء باشارة بنفسه او بمن نصبه لذلك و دعوى ان كلّ احدكما انه يجب عليه المباشرة وجوبا كفائيّا كذلك ماذون في رعاية القصد نعم مباشرة بعضهم موقوف على اذن الوليّ فاذا اذن له فيها جاز له المباشرة على الوجه المأذون فيه شرعا في غاية الاشكال و الظاهر انه لما جعل الوليّ اولى باحكامه فلا يجوز التجاوز عن اذنه ما لم يخالف الشرع بل الحكم في الوليّ ايضا محلّ تامّل لانه اذا جاز له الاقتصار على الأدون فيمكن ان يقال انّ الاصل عدم جواز تصرّفه بدون اذن باق الورثة او وليّه الّا فيما خرج بيقين و لا يقين فيما زاد على الأدون خصوصا اذا لزم الاجحاف بهم و الضرر الكثير عليهم نعم الظاهر انه يكفى رعايته الأدون عرفا و لا يجب تتبّع ما لا دون منه عادة للزوم الجرح و المشقة فتأمّل

قوله و يعتبر في كلّ واحد منها ان يسّر البدن

قال في شرح القواعد و هل يشترط ان يكون كل واحد من هذه الاثواب بحيث يستر العورة في الصّلاة ام يكفى حصول السّتر بالمجموع الظاهر الأوّل لانّه المتبادر من الاثواب و لانه احوط و الى الآن لم اظفر في كلام الاصحاب بشي ء نفيا و لا اثباتا و قال الشارح في شرح الارشاد المفهوم من خبر زرارة المتقدم الاكتفاء بموارات البدن بالثّلاثة فلو كان بعضها رقيقا بحيث لا يسرّ العورة و يحكى البدن لم يضرّ مع حصول السّتر بالمجموع و الاجود اعتبار السّتر في كل ثوب لانه المتبادر و ليس في كلامهم ما يدلّ عليه نفيا و لا اثباتا انتهى و لا يخفى ما في كلامهما امّا الاول فلانّه ان حمل على ظاهره و هو التردّد في اشتراط أن يكون كل واحد منها مما يتمّ به وحده ستر العورة او كفاية حصول سترها بالمجموع و ترجيح الاول بالتبادر بناء على ما ذكر بعضهم انّ المتبادر من الثوب عرفا ما يتمّ به ستر العورة كما نقلنا سابقا فهو ظاهر الفساد لانّ ما عيّنوه من المئزر و القميص و الازار او ثوب شامل للبدن بدل القميص على ما ذكره الشارح و كذا بدل المئزر على ما ذكرنا كلّ منها ساتر للعورة وحده بتّة و لا مجال للتردّد فيها فيما ذكره و ان حمل على التردّد في اشتراط ان يكون كل منها غليظا قدر ما يستر البدن او كفاية كون المجموع اسيرا للبدن و ان كان كل واحد رقيقا يحكي ما تحته فكان عليه حينئذ ان يعتبر ستر البدن كما ذكره الشارح رحمه الله هاهنا و تخصيص العورة ممّا لا وجه له و كذا حديث الصّلاة و امّا الثّانى فلانّه و ان كان صريحا في المعنى الثانى و لا اشتباه فيه لكن تخصيص العورة فيه ايضا في قوله بحيث لا يستر العورة كما ترى فلعلّ المراد الاشارة الى انّ المعتبرة من السّتر هاهنا هو القدر الذى اعتبر في ستر العورة في الصّلاة بان لا يحكى اللّون عما هو المشهور من عدم العبرة بالحجم فلو حصل بالمجموع كفى و ان كان بعضها رقيقا بحيث لا يستر العورة سترا معتبرا في الصّلاة بان يحكى لون ما تحته و الحق ان يحمل كلام شرح القواعد ايضا على هذا المعنى و قوله في الصّلاة للاشارة الى ما ذكرنا و ما ادّعياه من البشار بناء على ان الثوب في اللّغة هو اللّباس و الظاهر من اللباس كونه ساترا لما تحته بحيث لا يحكى لونه هذا و امّا ما ذكره الشارح من المفهوم من خبر زرارة ففيه تامّل اذ المفهوم من خبر زرارة موارات البدن بالتّام لا بالثلاثة اذ الظاهر انّ ضمير يوارى فيه راجع الى التام لا الى الثلاثة و الّا لوجب تانيثه و ارجاعه الى الكفن المفروض الذى هو الثلاثة بعيد الّا ان يقال انّ المواراة في التام اعم من ان يكون باعتبار ستره بانفراده او مع ما تحته و الاظهر

ص: 106

عدم اعتبار ستر كلّ واحد للاصل و ضعف دلالة الثوب لإطلاقه عرفا على الجميع بل لغة أيضا بل يمكن المناقشة في الوجوب ستر الجميع أيضا و كان عدم تعرّض الاصحاب له دليل على عدم وجوبه عندهم فتأمّل

قوله و كونه من جنس ما يصلّى فيه الرّجل

كذا ذكره جماعة من الاصحاب قاطعين به و لم يظهر لهم مستند نعم ادّعوا الاجماع على عدم جواز الكفن بالحرير المحض للرّجل و المرأة على ما في المعتبر و الذكرى مع انّه قال العلّامة في يه يحتمل عندى كراهة ذلك لإباحته لها في الحياة و استدلوا عليه أيضا بان احدا من الصّحابة و التّابعين لم يفعله و لو كان سائغا لفعلوه لانّهم كانوا يفتخرون بجودة الاكفان و قد استحبّ الشارح تجويدها و برواية الحسن بن راشد قال سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليمانى من قزّ و قطن هل تصلح ان يكفّن فيها الموتى قال اذا كان القطن اكثر من القزّ فلا باس و العصب بالعين و الصاد المهملتين على ما في الذكرى ضرب من برود اليمن سمّى به [بذلك] لانّه يضع بالعصب و هو نبت باليمن كذا في المعتبر و في نهاية ابن الاثير العصب برد يمينة يعصب غزلها اى يجمع و يشدّ ثمّ يصبّغ و ينسج بها وجه الدلالة انه ع شرط في رفع الباس ان يكون القطن اكثر فعلم انّه لو كان القزّ صرفا لم يجز كذا قالوا و فيه نظر فانّ مفهوم الرواية هو البأس مع عدم اكثريّة القطن مع ان المشهور بينهم جوازه مع عدم صرافة الحرير أو غلبة غلبة يستهلك فيه القطن و على هذا فلا بدّ ان يحمل البائس على ما يغم الكراهة و حينئذ فيمكن ان يحمل على الكراهة مطه فالاستدلال به على الحرمة مشكل هذا مع ضعف الرّواية و اضمارها و في الفقيه ارسلها عن ابى الحسن الثالث ع و بما ورد من الاخبار من في منع التكفين بكسوة الكعبة مع التّصريح في بعضها بجواز بيعها و هبتها و الاستنفاع بها و طلب بركتها فالظاهر ان المنع عن التكفين باعتبار كونها حريرا فيه انه يمكن ان يكون لاحترامها و يمكن الاستدلال أيضا بموثقة عمّار بن موسى عن ابى عبد اللّه ع قال الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فاجعله كله قطنا فان لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابريا و يتوجّه عليه أيضا انه لا بدّ من حمل الامر فيه على الاستحباب لعدم وجوب كون كلّه قطنا عندهم و بعد حمله على الاستحباب لا دلالة فيه على حرمة غيره و امّا غير الحرير فالجلد أيضا سيذكر انه لا يجوز الكفن فيه مطه لكن يبقى المنسوج من شعر او وبر ما لا يؤكل لحمه العدم جواز الصّلاة فيه فلا يجوز الكفن أيضا على مقتضى قاعدتهم مع انّهم لا يظهر دليل عليه اصلا و نقل عن ابن الجنيد عدم تجويز الكفن في المنسوج من الشعر او الوبر مطه و لو من الماكول و لم ينقلوا له سندا و الاستدلال بموثقة عمّار يأتي في الجميع لكن فيه ما اشرنا اليه فتدبّر

قوله و افضله القطن الأبيض

ذكر في المعتبر انّه مذهب كافّة العلماء و يدلّ أيضا على استحباب القطن ما سبق آنفا من موثقة عمار و رواية ابى خديجة عن ابى عبد الله عليه السّلام قال الكنان كان لبنى اسرائيل يكفّنون به و القطن لامّة محمّد صلّى الله عليه و آله و في رواية يعقوب بن يزيد عن ابى عبد الله ع المنع على التكفين في الكنان و المشهور بين الاصحاب كراهة و ظاهر كلام الصدوق عدم جوازه و الاول اظهر لإطلاق الاخبار و ضعف سند المخصّص و يدلّ على استحباب البياض رواية جابر عن ابى جعفر عليه السّلام قال قال رسول اللّه ليس من لباسكم شي ء احسن من البياض فالبسوه و كفّنوا فيه موتاكم و في رواية الحسين بن المختار عن ابى عبد اللّه ع المنع على التكفين في السّواد و في الثوب الاسود و في الذكرى حكم بالكراهة في السّواد و في كل صبغ و عليه حمل الرّواية و نقل عن ابن البرّاج المنع عن المصبوغ هذا في غير الحبرة و الّا فيستحبّ الحمراء منها على ما سيجي ء

قوله لعدم فهمه من اطلاق الثوب

بناء على انّ المتبادر منه المنسوج و فيه تامّل لعدم ظهور التبادر المذكور و يؤيّده تجويزهم له في الكفّارة و امّا الحكم بنزعه عن الشهيد رحمه الله فلا يدل على عدم جواز الكفن به اذ ربما كان ذلك تخفيفا فيما حكم بتضييعه فلا يدلّ على عدم اجرائه في الكفن نعم لو ورد الحكم بنزعه في الشهيد مع انحصار ثيابه فيه و الحكم بتكفينه لدلّ على ذلك و لم اقف على مثل ذلك فتأمل

قوله يجزى كلّ مباح

اراد به مقابل المغضوب لعدم جواز التكفين بالمغصوب اجماعا كما نقله في الذكرى و للنهي عن اتلاف مال الغير ثمّ ان المصنف في الذكرى ذكر مع الاضطرار ثلاثة اوجه المنع من التكفين بها لإطلاق النهى و الجواز لئلا يدفن عاريا مع وجوب ستره و لو بالحجر و وجوب ستر العورة لا غير حالة الصّلاة ثمّ ينزع بعد ثمّ فرّع رعاية الترتيب على الاحتمالين الاخيرين و لا يخفى قوّة الوجه الاوّل فيما ثبت فيه المنع لإطلاق المنع و عدم الدليل على وجوب التكفين حينئذ حتى يقيّد المنع بحالة الاختيار بل المانع الشرعى كالعقلى فيدفن عاريا و ما ذكره في الوجه الثانى من وجوب ستره و لو بالحجر ففيه انّا لا نم حينئذ وجوب ستره بمعنى تكفينه بل انما يجب ستر عورته عن نظر المحرّم فلا يلزم الا وجوب ستر العورة بها عند عدم غيرها حال الصّلاة كما ذكره في الاحتمال الاخير لكن ينبغى ان يقيّد يتعذّر غيرها مطلقا حتى الحشيش و الحجر و نحوهما اذ لا دليل على وجوب السّتر بالثوب فاذا امكن سرّه بما لم يرد عنه نهى من غيره يقدم ذلك و مع تعذّره يستر باحدها على حدّ ما ذكر من وجوب الترتيب هذا على مقتضى ما ذكروه من وجوب الترتيب و لى فيه تأمّل لاختصاص المنع عنها بالتكفين و امّا ستر العورة بها فلم يرد منع عنه فالاصل جوازه في الميّت بكل منها من غير ترتيب بينها و بين غيرها و احتمل في شرح القواعد جواز وضعه حينئذ في القبر على وجه لا يرى عورته ثمّ يصلّى عليه من دون حاجة الى ستر فتأمّل

قوله لكن يقدّم الجلد على الحرير الى آخره

كان تقديم الجلد على الحرير لعدم نصّ في المنع عنه بخلاف الحرير و تقديم الحرير على غير الماكول لجواز الصّلاة في الحرير في الجملة كما للنّساء دون غير الماكول و تقديم غير الماكول على النّجس كانّه باعتبار ما اشرنا اليه من عدم نصّ على المنع من التكفين به مع كمال المبالغة في تطهير الميّت و احتمال تقديم النجس على الحرير و ما بعده لعروض المانع فيه دونها فانّه ذاتى فيها و امّا احتمال تقديم النجس على غير الماكول خاصّة فتقديمه عليه لما ذكرنا من الذّاتيّة و العرضيّة و امّا تقديم الحرير على النّجس مع جريان الوجه فيهما فلما ذكرنا مع عدم المنع عن الصّلاة في الحرير مطه لجوازها في النساء بخلاف النجس هذا و لا يبعد تقديم غير الماكول على الحرير خصوصا في الرّجال لحرمة لبس الحرير على الرّجال دون غير الماكول و لعدم ظهور نصّ و لا اجماع فيه بخلاف الحرير و لا يخفى ضعف اكثر هذه الوجوه فتأمّل و اعترض في شرح القواعد على تقديم الجلد بانّ الامر بنزعه عن الشّهيد يدلّ على المنع بمفهوم الموافقة و هو اقوى من التّصريح و جعل و بر غير الماكول ابعد من الجميع قال و امّا النّجس فيدل على جوازه مع الضّرورة عدم وجوب نزعه عن الميّت لو استوعبته النجاسة و تعذّر غسلها و قرضه و انّه آئل الى النجاسة من قريب فامره اخفّ و فيه ان يكون مفهوم الموافقة اقوى من التصريح لو سلّم فانّما هو مع القطع بعلّة الحكم و ثبوتها فيما يجرى منه الحكم بطريق اولى و انّى ذلك فيما نحن فيه بل لا ظنّ أيضا كما اشرنا اليه و امّا جعل وبر غير

ص: 107

الماكول بعد فتأخّره عن النجس ظاهر على ما ذكره و كذا من الحرير لما ذكرنا من جواز الصّلاة في الحرير في الجملة دونه و امّا تاخير عن الجلد مع ما ذكره من كون الدلالة بالمفهوم اقوى فغير ظاهر مع انا قد اشرنا الى ضعف سند المنع عن التكفين في وبر غير الماكول لعدم ظهور النصّ و لا اجماع فيه فالحكم بكونه ابعد من الجميع لا وجه له و ما استدلّ به على الجواز في النجس مع الضرورة لا يخلو عن ضعف كاكثر ما ذكر من وجوه التّرجيح في هذا الباب فتأمّل

قوله و المنع عن غير الجلد الماكول مطلقا

اى يحتمل المنع عن غير الجلد الماكول مطه حتى في حال الضرورة لإطلاق المنع فيدفن عاريا و هذا هو الاحتمال الاوّل الذى فقلنا عن الذكرى لكن خصّ الحكم بغير الجلد الماكول و كانّه لما اشرنا اليه من عدم نصّ عليه بالمنع و انّ المانع عنه هو انّ المتبادر من الثوب لا يشمله و انّه ينزع عن الشّهيد و قد اشرنا الى ما فيهما فيقتصر في المنع عنه على حال الاختيار نعم من قطع بعدم شمول الثوب له فالظاهر على مذهبه المنع فيه أيضا اذ لا وجه للتكفين به مع عدم كونه من افراد التكفين المامور به شرعا امّا لو اريد ستر العورة فلا وجه للمنع عن الجلد اصلا و الظاهر جواره بباقى المذكورات أيضا غير النجس مع التعدى و في شرح القواعد جعل الاظهر هذا الاحتمال اى المنع عن التكفين بها مطلقا لكن استثنى عوض الجلد الماكول النجس بناء على ما نقلنا عنه من عدم المنع عن النجس حالة الاضطرار فتأمل

قوله بكسر الحاء و فتح الباء

من التحبير و هو التّحسين و التزيين ثمّ انهم استدلوا على استحباب زيادتها بموثقة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال كفّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثة اثواب ثوبين صحاريّين و ثوب يمنة عبرىّ او اظفار قال الشيخ و الصحيح عندى ظفار و هما بلدان و في بعض النسخ من ظفار بزيادة من و كانّه اظهر و ذكر في الذكرى انّ اليمنة بضمّ الياء البردة من برود اليمن و صحيحة ابى مريم الانصارى عن ابى جعفر عليه السلام كفّن رسول اللّه في ثلاثة اثواب برد احمر حبرة و ثوبين ابيضين صحاريّين و برواية ابى مريم أيضا عن ابى جعفر ع انّ الحسن بن على عليهما السّلام كفّن اسامة بن زيد ببرد أحمر حبرة و انّ عليّا عليه السّلام كفّن سهل بن حنيف برد احمر حبرة و حسنة الحلبى المتقدّمة في بحث القميص و انت خبير بانه ليس في هذه الرّوايات زيادة الحبرة على الثّلاثة بل في اكثرها تصريح بانّها من جملتها و حسنة الحلبى السّابقة و بما تدلّ على عدم استحباب الزّيادة بل كراهتها نعم يمكن الاستدلال على استحباب زيادة البرد برواية يونس بن يعقوب عن ابى الحسن الأوّل ع انا كفّنت ابى في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قميصه و في عمامة كانت لعلىّ بن الحسين عليهما السلام و في برد اشتريته باربعين دينار لو كان اليوم يساوى أربعمائة دينار قال في الذكرى الشّطويّ بفتح الشين المعجمة و فتح الطاء المهملة منسوب الى الشّتا قرية بمصر قاله الجوهرى لكن يشكل بمنافاتها للحسنة السّابقة حيث دلّت على المنع من الزّيادة على الثلاثة و يمكن رفعها بتخصيص المنع بتكفينه ع لخصوص فضليّة كانت فيه او بالقول بما ذهب اليه بعض الاصحاب انّ البرد لا يلفّ و لكن يطرح عليه طرحا فاذا دخل القبر وضع تحت خدّه و تحت جنبه متمسّكا بصحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه ع قال البرد لا يلفّ و لكن يطرح عليه طرحا و اذا دخل القبر وضع تحت خدّه و تحت جنبه اذ على هذا يمكن ان لا يعد ذلك من الكفن و يقال ان الكفن هو ما يلف به الجسد كما ورد في تلك الحسنة فاذا كان زيادة البرد في تكفينه ع على هذا الوجه لم يناف المنع عن الزّيادة عليها اذ يحتمل على المنع عن الزّيادة في الكفن لكن يبقى المنافاة بين تلك الصحيحة و ما نقلنا من الاصحاب هاهنا اذ ظاهرها جعل البرد من الثلاثة و التكفين به و يمكن رفعها بالقول بالتخيير بين الوجهين كما ذهب اليه الصّدوق في الفقيه حيث قال و انشاء لم يجعل الحبرة معه حتى يدخله قبره فيلقيه عليه و حينئذ يحمل قوله في الصحيحة لا يلفّ على انه لا يجب لفّه و يمكن ان يقال أيضا انّه اذا جعل الحبرة او البرد من احدى الثلاثة فيكون حكمها اللّف و ان كان زائدا على الثلاثة فلا يلفّ بل يطرح و على هذا فلمّا كان البرد في تكفين الصّادق ع زائدا على الثلاثة فربما طرح و لم يلفّ به فلا ينافى المنع عن الزيادة في الكفن هذا و بما نقلنا عن الاخبار ظهر انّ الأولى جعل الحبرة من احدى الثلاثة كما وقع في عبارة بن ابى عقيل على ما نقل عنه حيث قال السّنة في اللّفافة ان تكون حبرة يمانيّة فان اعوذهم فثوب بياض و ان لا يزاد الكفن على الثلاثة و ان زيد فعلى وجه الطرح لكن المشهور بين الاصحاب استحباب ان يراد الحبرة فيكون مع الخرقة خمسة و ذكر الشيخ في به ان هذا نهايته في الرجال و الصدوق في الفقيه لما ذكر الثلث الواجبة و حكم بانّ العمامة و الخرقة لا يعدان من الكفن قال من احبّ ان يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة اثواب فلا باس و صرّح ابن البرّاج في الكامل باستحباب لفافتين زيادة على الثلاثة المفروضة احداهما حبرة يمنيّة و ان كانت الميّت امراة كانت احدى اللّفافتين نمطا قال فهذه الخمس هى الكفن و لا يجوز الزّيادة عليها و يتّبع ذلك و ان لم يكن من الكفن خرقة و عِمامة و للمرأة خرقة للثديين و ظاهر كلام ابى الصّلاح أيضا استحباب الخمسة فانه قال تكفينه في درع و مئزر و لفافة و نمط و تعميمه قال و الافضل ان يكون الملّاف ثلثا احداهنّ حبرة يمينية و تجزئ واحدة فان ظاهر ما ذكره من افضليّة الثّلاثة زيادة لفّافة على ما ذكره اوّلا من اللفافة و النّمط فقوله و يجزى واحدة اشارة الى عدم وجوب اللفافة و النّمط بل تكفى واحدة كلّ ذلك مع

الدّرع و المئزر الذى ذكرهما اوّلا و كانه اراد بالدّرع القميص و بالمئزر الازار و جمل المشرب على الخرقة التى لا تعدّ من الكفن فيصير الافضل عنده ثلث لفائف مع القميص و تجزى واحدة مع القميص و صاحب المدارك نقل عنه قوله و الافضل الخ بدون سابقة فحكم بانه قريب من عبارة ابن ابى عقيل في الدلالة على ان الحبرة احدى الثلاثة بدون زيادة عليها و يمكن الاحتجاج لاستحباب الخمسة بما سبق من صحيحة زرارة المشتملة على حديث الثّوب التّام لقوله ع فما زاد فهو سنّة الى ان تبلغ خمسة لكن فيه انه يمكن ان يكون الاثنان المستحب هما العمامة التى ذكرها اخيرا و الخرقة لئلا ينافى الظاهر وصيّة ابى جعفر ع و يمكن أيضا حملها على الخرقة و زيادة لفّافة على الثلث كما هو المش فيكون ما ذكر من العمامة سادسا مستحبّا و نقل عن الجعفى انه بعد ما ذكر الخمسة لفافتين و قميصا و عمامة و مئزرا كما هو المشهور قال قد روى سبع مئزر و عمامة و قميصان و لفّافتان و يمنة و ليس يعدى الخرقة التى على فرجه من الكفن قال و روى ليس العمامة من الكفن المفروض و لم اقف على ما اشار اليه من الرواية و اللّه تعالى يعلم

قوله و لو تعذّرت الاوصاف الى آخره

كذا في الذكرى و الظاهر انه اذا تعذّرت الحمراء و العبرية فسقوطهما و الاكتفاء بمطلق الحبرة لا يخلو عن وجه لإطلاق الحبرة في بعض الاخبار السّابقة بدون تقييد بهما و امّا مع تعذر الحبرة مطه فزيادة لفافة بدلها على الثلاثة ممّا لا وجه له اذ قد عرفت

ص: 108

انّ الاخبار السّابقة لا تدلّ على زيادة الخبرة على الثّلاثة فضلا عن لفّافة اخرى بدلها الّا ان يتمسّك بصحيحة زرارة الدالة على استحباب الخمسة و فيه مع ما اخرنا اليه من المناقشة انه لا وجه حينئذ لخصوص الرّابعة بل ينبغى ضمّ الخامسة أيضا فتأمل

قوله و العمامة للرّجل

بل لمطلق الذكر لإطلاق اكثر رواياتها خرجت عنها المرأة فيبقى الباقى و استحبابها متفق عليه بين الاصحاب كما ذكره في المعتبر و قد مرّ من الرّوايات الدّالة على استحبابها في بحث الأثواب الثلاثة صحيحة زرارة و فيها بعد ما نقلنا من قوله و العمامة سنة قال امر النبي صلّى اللّه عليه و آله و عمم النبي صلّى اللّه عليه و آله و بعثنا ابو عبد اللّه ع و نحن بالمدينة و مات ابو عبيدة الحذاء و بعث معنا بدينار فامرنا ان نشترى حنوطا و عمامة ففعلناه و رواية عبد الله بن سنان و رواية معاوية بن وهب و رواية يونس و صحيحة عبد اللّه بن سنان و في بحث القميص حسنة الحلبى و فيها كفاية فلا حاجة بنا الى استقصاء الاخبار

قوله ما يؤدى هيئتها المطلوبة شرعا

لما ورد في كثير من الاخبار استحباب العمامة مطه فلا يبعد ان يجعل مطلقها سنّة و يعتبر فيها اطلاق الاسم عرفا و يجعل الهيئة سنّة براسها فافهم

قوله بان يشتمل على حنك الى آخره

استحباب التحنّك عليه الاصحاب على ما ذكره في المعتبر و يدلّ عليه أيضا رواية ابن ابى عمير عن بعض اصحاب بنا عن ابى عبد الله ع في العمامة للميّت قال حنّكه و امّا ما ذكره من باقى الهيئة فيدلّ عليه ما في مرسلة يونس عنهم ع ثمّ يعتم يؤخذ وسط العمامة فيثنّى على رأسه بالتدوير ثمّ يلقى فضل الايمن على الايسر و الايسر على الايمن و تمدّ على صدق و قد ورد في ذلك هيئة اخرى منها ما سبق في رواية معاوية بن وهب و عمامة يعتمّ بها و يلقى فضلها على وجهه و في موثقة عمار ثمّ عمّمه و ألق على وجهه ذريرة و لكن طرف العمامة متدلّيا على جانبه الايسر قدر شبر ترمى بها على وجهه و فيها أيضا ثمّ العمامة و تطرح فضل العمامة على وجهه و منها ما سبق في صحيحة عبد اللّه بن سنان و عمامة يعصب بها رأسه و يردّ فضلها على رجليه و منها ما في رواية عثمان النّوى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و اذا عمّمته فلا تعمّه عمّة الاعرابى قلت كيف يصنع قال خذ العمامة من وسطها و انشرها على رأسه ثمّ ردّها على خلفه و اطرح طرفيها على صدره و قال المفيد في المقنعة و يعمّمه كما يعمم الحىّ و يحتكه بها و يطرح طرفيها جميعا على صدره و لا يعمّمه عمّه الاعرابى بلا حنك و هى مأخوذة من هذه الرواية و رواية يونس و يفهم منها انّ عمّه الاعرابى هى ما لا حنك له و يبعد القول باستحباب كل من هذه الهيئات و ربما كان العمل بالصحيحة اولى لكن لم اقف في كلام الاصحاب على ما يوافقها و حكى في الذكرى ان المشهور بين الاصحاب هو مضمون رواية يونس فتأمّل

قوله و الخامسة و هى خرقة الى آخره

استحباب الخرقة مقطوع به في كلام الاصحاب و يدل عليه ما سبق من رواية الكاهلى في بحث مسح البطن في حكاية القطن و رواية يونس المتقدمة هناك ايضا اذ فيها بعد ما نقلنا من حكاية حشوا القطن و خذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدّها من حقويه و ضمّ فخذيه ضمّا شديدا و لفّها في فخذيه ثمّ اخرج رأسها من تحت رجليه الى الجانب الايمن و اغمرها في الموضع الذى لفّفت فيه الخرقة و تكون الخرقة طويلة تلفّ فخذيه من حقويه الى ركبتيه لفّا شديدا و ما سبق في بحث الاثواب الثلاثة في موثقة عمار و رواية عبد اللّه بن سنان و رواية معاوية بن وهب و رواية يونس و ما ذكره الشارح من تجديد الطّول ماخوذ من موثقة غمار فانّ فيها و يجعل طول الخرقة ثلاثة ازرع و نصفا و عرضها شبر و نصف و امّا العرض فقد وقع تحديده كما نقلنا في رواية يونس بشبر و في موثقة عمار بشبر و نصف و قول الشارح نصف ذراع قريب من الاوّل و قوله الى ذراع يزيد عن الثانى و لم اقف على خبر آخر يطابقه و لم اجد ما ذكره في كلام الاصحاب أيضا بل منهم من اطلق و منهم من قال في عرض شبر تقريبا و في المبسوط في عرض شبر او اقلّ او اكثر و منهم من قال في عرض شبر الى شبر و نصّف جامعا بين الخبرين بذلك و ما ذكره الشارح أيضا و ان كان لا باس به لكن الكلام في تحديده بخصوصه فتأمّل

قوله يثفر بها الميّت الى آخره

الثفّر بالتحريك السّير في مؤخر الشرج و قد يسكن و اثفره عمل له ثفرا او شدّه به و الاستثفار ان يدخل ازاره بين فخذيه ملويّا و ادخال الكلب ذنبه بين فخذيه حتّى يلصقه ببطنه كذا في القاموس و ذكر العلّامة في يه في كيفيّة استثفار المستحاضة انّها تشدّ خرقه على وسطها كالتّكة و تاخذ خرقة اخرى مشقوقة الرّأسين و يجعل احدهما من قدّامها و الآخر من ورائها و يشدّهما بتلك الخرقة و كان شقّ رأسيها ليسهل شدّهما بتلك الخرقة و لا يشق ذلك و الّا فالمعتبر ان تشدّ رأسها بالخرقة الاولى من قدّام و تدخلها بين فخذيها و تمدّها الى ان تشدّ رأسها الآخر من خلفها بالاولى و يمكن هذا مع طول الخرقة بعقد رأسها من كلّ جانب بالآخر بدون شقّ كما لا يخفى و لا يخفى أيضا ان فرض الخرقتين للسّهولة و الا تكفى خرقة واحدة طويلة تشدّ بعضها على وسطها كالتّكه و تعقد رأسها من احد الجانبين الى ما وصل اليه منها من الجانب الآخر ثمّ تجعل ما فصل منها بعد العقد بمنزلة الخرقة الثّانية و تشدّه على الموضع و تخرج رأسه الآخر من خلفها و تشدّه هناك و قال الشارح في شرح الارشاد هاهنا اعلم انّا لم نظفر بخبر شاف و لا فتوى معتمد عليها في كيفيّة شدّها على التفصيل امّا الاخبار و فقد تقدّم في حديث عبد اللّه الكاهلى انه يذفر بها اذفارا قال في الذكرى هكذا وجد في الرّواية و المعروف تثفر به اثفارا من اثفرت الدابّة ثمّ تشدّ فخذيه بالخرقة شدّا شديدا و في خبر يونس خذ خرقة طويلة الى آخر ما نقلنا آنفا و عبارات الاصحاب اكثرها مشتملة على انه يلفّ بها فخذاه من غير تفصيل و الذى يمكن استفادته من الرّواية الاولى ان كان المراد من الاذفار هو الاثفار كما ذكره الشهيدان يربط احد طرفى الخرقة على وسطه امّا بشقّ رأسها او بان يجعل فيها خيط و نحوه لشدّها ثمّ يدخل الخرقة بين فخذيه و يضمّ بها عورته ضمّا شديدا و يخرجها من الجانب الآخر و يدخلها تحت الشّداد الذى على وسطه و هذا هو المراد من الاثفار كما تقدم في المستحاضة ثمّ يلفّ حقويه و فخذيه بما بقي منها لفّا شديدا فاذا انتهت ادخل طرفها تحت الجزء الذى انتهى عنده منها و هذا هو الّذى ينبغى العمل عليه و ان كان ظاهر خبر يونس ينافى بعضه و هو قوله بعد لفّ فخذيه ثمّ اخرج رأسها من تحت رجليه الى الجانب الايمن الى آخره و يمكن الجمع بينهما بنوع تكلّف و لو شدّ بها فخذيه على غير هذا الوجه باىّ وجه اتفق امكن الاجزاء كما في خبر معاوية بن وهب تعصب بها وسطه و لظاهر الفتوى انتهى و قد عرفت ان الاستثفار على ما ذكره يمكن بدون ما ذكره من شق الراس او الخيط بما ذكرنا من العقد و التكلّف في رواية يونس كانه يحمل قوله ع من تحت رجليه على من بين فخذيه الى الجانب الايمن من الخلف و التخصيص ربما كان لاستحبابه على هذا الوجه ثمّ يغمرها في الموضع الذى لفّ فيه الخرقة اى في موضع الشّداد ثمّ يلفّ بما بقي من الخرقة بعد الاخراج من موضع الشّداد من حقويه الى

ص: 109

ركبتيه لفّا شديدا و حينئذ فينطبق على ما ذكره او بحمله على اخراج رأسها عند الانتهاء من تحت الرّجلين اى من تحت ما يلى منها الأرض الى الجانب الايمن و غمر ظرفها في ذلك الجانب في الموضع الذى لفّ فيه الخرقة الذى انتهى عنده منها كما ذكره الشارح و حينئذ يكون قوله تلفّ فخذيه من حقويه الخ اشارة الى تمام ما يفعله من الابتداء الى الانتهاء لا الى لفّ ما بقي على ما ذكرنا في الوجه الأول و لعل هذا اظهر فتدبّر

قوله سمّيت خامسة نظرا الى انّها الى آخره

كان هذا بناء على ما في حسنة الحلبى المتقدمة في بحث القميص من قوله ع و ليس تعدّ العمامة من الكفن انما يعدّ ما يلفّ به الحسد لكن يخدشه ما سبق في صحيحة عبد اللّه بن سنان المنقولة في بحث الاثواب الثلاثة من عدّ العمامة من الكفن دون الخرقة و كذا ما ذكر في الرواية الاخرى من عبد اللّه بن سنان المتقدمة هناك من ان الخرقة و العمامة ليستا من الكفن الظن في انّ شيئا منهما ليس من الكفن و قد سبق نقل ذلك عن الصدوق ايضا و كذا ما في رواية معاوية بن وهب المتقدمة هناك من عدّ الخرقة و العمامة كليتهما من الكفن و كذا ذكره المصنف في الذكرى حيث جمع بين هذين الخبرين بحمل الاوّل على الكفن الواجب و الثانى على ما يشمل المندوب و يمكن حمل كلام الشارح على ان اصطلاح الفقهاء على ذلك اى عدّ الخرقة من الكفن دون العمامة و اطلاق الخامسة بهذا الاعتبار و هذا لا ينافى وقوع خلافه في الرّوايات و الاولى ان يقال ان عدّها خامسة باعتبار انّها على المشهور خامسة الكفن المشترك بين الرّجل و المرأة و ان زيد في الرّجل العمامة و في المرأة القناع و النمط او باعتبار انّها خامسة ما تجتمع عندها من قطع الكفن و الكفن في الوجهين ما يعمّ الكفن حقيقة او على سبيل التوسّع فلا يخدشهما عدم كونهما من الكفن في الرّوايتين فتفطّن

قوله و للمرأة القناع

يدلّ عليه صحيحة محمد بن مسلم الآتية و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام في كم تكفّن المرأة قال تكفّن في خمسة اثواب احدها الخمار

قوله و يزاد عنه النمط

ضرب من البسط معروف و بمعنى الطريقة أيضا و ما فسّره به الشّارح و مثله في المعتبر الا انه ليس فيه التقييد بكونه من صوف ماخوذ من الثانى لما فيه من الانماط اى الطرائق و المشهور انّه غير الحبرة و نسب ابن ادريس في السّرائر زيادة نمط للمرأة الى رواية و انكرها مستندا بان النمط هو الحبرة و قد زيدت في الرّجل و المرأة قال لان الحبرة مشتقة من التزيين و التحسين و كذلك النمط هو الطريقة و حقيقة الاكسية و الفرش ذات الطرائق و منه سوق الانماط بالكوفة انتهى و ما نقله من الرواية لم اطلع عليه و المشهور الاستدلال على استحبابه بصحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال يكفّن الرّجل في ثلاثة اثواب و المرأة اذا كانت عظيمة في خمسة درع و منطق و خمار و لفافتين و لا يخفى انه ليس فيه حديث النّمط اصلا و الظاهر ان المراد بالدرع هو القميص كما ذكره في الذكرى و المنطق بكسر الميم و فتح الطاء ما يشد به الوسط و كان المراد هنا المئزر كما ذكره في الذكرى او خرقة الثّديين كما ذكره في المدارك و اللّفافتان على الأوّل هما اللّفافة المفروضة في جملة الثلاثة و لفافة اخرى حبرة او نمط او غيرهما و قد قالوا باستحباب الحبرة بل مطلق لفافة اخرى كما سبق من الشارح في الرّجل أيضا فيمكن ان يكون تخصيص المرأة بها في هذه الرّواية باعتبار تاكد استحبابها فيها و يمكن ان يقال باختصاص استحباب الزيادة في الرّجل بالحبرة مع وجودها بخلاف المرأة لاستحباب زيادة لفّافة اخرى فيها مطلقا و على ما ذكرنا سابقا من عدم دلالة الاخبار على زيادة الحبرة على الثلاثة بل انها من جملتها فالامر اظهر لاختصاص المرأة حينئذ بزيادة لفافة على الثلاثة و امّا على الثانى فالظاهر ان اللفافتين هما الثوبان المفروضان في الرّجل و المرأة بقية الثلاثة سوى الدّرع اذ قد عرفت ان الظاهر عدم وجوب خصوص المئزر و انه يجوز بدله لفافة اخرى شاملة بل ربما كانت افضل فالثوبان الزائدان في المرأة حينئذ هما المنطق و الخمار و قد ظهر من الاخبار السّابقة استحباب العامة في الرجل بدل الخمار فلعل المستفاد من هذه الرواية ان التأكيد في خمار المرأة اكثر من عمامة الرّجل ثمّ قد قيد الخمسة فيها بما اذا كانت عظيمة و الظاهر ان المراد بها كونها جسيمة و يمكن الحمل على عظم القدر و المرتبة و لم ار التّعرض هذا القيد في كلام الاصحاب و اللّه تعالى يعلم

قوله فوق الجميع

قال في شرح الارشاد و مع عدمه تجعل له لفافة اخرى كما يجعل بدل الحبرة عند جماعة فيكون للمرأة ثلث لفائف و في كلام جماعة من الاصحاب استحباب النمط للرّجل أيضا انتهى و قد عرفت عدم ظهور المستند للاصل فكيف بالفرع

قوله و رواية سهل بن زياد

رواه عن بعض اصحابنا رفعه قال سألته كيف تكفّن المرأة قال كما يكفّن الرّجل غير انّها تشدى على ثدييها خرقة تضم الثدى الى الصدر و تشدّ الى ظهرها و يضع لها القطن اكثر مما يضع للرّجل و يحشى القبل و الدّبر بالقطن و الحنوط ثمّ يشدّ عليها الخرقة شدّا شديدا او لا يخفى ان ضعف السند لا يمنع من الحكم بالاستحباب عندهم الا ان يقال ان ذلك مع الاسناد الى احد الائمة ع لا مطلقا و هاهنا ليس كذلك او يقال ان مراده ان عدم اهتمام المصنف بذكره لمكانه من الضعف لكن فيه على الوجهين انه لا ترجيح لما ذكره من النّمط عليه بل كان ينبغى طيّه على غرّه بالطريق الاولى لما ظهر من عدم ظهور مستند له اصلا و التمسّك بالشهرة العظيمة بين الاصحاب آت فيهما فتأمل ثمّ انّ هذا الخبر ربما كان مرجّحا الحمل المنطق في الصحيحة السّابقة على ما ذكره صاحب المدارك ليكون كفن المرأة مثل الرّجل في غير تلك الخرقة كما هو مفاد هذا الخبر فتدبّر

قوله و يجب امساس مساجد السبعة الى آخره

نقل عليه في شرح الارشاد و غيره الاجماع و زاد المفيد في المقنعة طرف انه الذى كان يرغم به في السّجود و نقل ذلك عن ابن ابى عقيل ايضا و قال الصدوق و يجعل الكافور على بصره و انفه و في مسامعه و فيه و يديه و ركبتيه و في مفاصله كلّها و على اثر السجود منه و ان بقي منه شي ء جعل على صدره و قال في ف يوضع الكافور على مساجد الميّت و لا يترك على انفه و لا اذنيه و لا عينيه و لا فيه شي ء من ذلك و قال الشافعى يوضع على هذه المواضع كلها شي ء من القطن مع الحنوط و الكافور و دليلنا اجماع الفرقة و عملهم انتهى و قد اختلف الاخبار أيضا ففى حسنة عبد اللّه بن سنان او صحيحة على ما في المدارك و شرح الارشاد للمحقّق الاردبيلى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام كيف اصنع بالحنوط قال تضع في فمه و مسامعه و آثار السّجود من وجهه و يديه و ركبتيه و في حسنة الحلبى بابراهيم عن ابى عبد الله ع قال اذا اردت ان تحنط الميّت فاعمل الى الكافور فامسح به آثار السّجود منه و مفاصله كلّها و رأسه و لحيته و على صدره من الحنوط و قال الحنوط للرّجل و المرأة سواء في موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه ع اذا كفّنت الميّت فذرّ على كل

ص: 110

ثوب شيئا من ذريرة و كافور و تجعل شيئا من الحنوط على مسامعه و مساجده شيئا على ظهر الكفن و في رواية يونس عنهم ع ثمّ اعمد الى كافور مسحوق فضعفه على جهته موضع سجوده و امسح بالكافور على جميع مساجده من اليدين و الرجلين و من وسط راحتيه كذا في التهذيب و في الكافي و امسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه الى قدمه و في رأسه و في عنقه و منكبه و مرافقه و في كل مفصل من مفاصله من اليدين و الرّجلين و من وسط راحته و في بعض النسخ في بدل من الاخيرة و فيها أيضا في الكافي و التهذيب جميعا و لا تجعل في منخريه و لا في بصره و مسامعه و لا على وجهه قطنا و لا كافورا و في موثقة عمار و اجعل الكافور و من في مسامعه و اثر سجوده منه و فيه و اقل من الكافور و في بعض نسخ التهذيب بدل و فيه وقية و هى بالضمّ و فتح المنثنّاة التّحتانيّة مثاقيل و اربعون و درهما كما في القاموس و في رواية الكاهلى و الحسين بن المختار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال يوضع الكافور من الميّت على موضع المساجد و على اللّبة و باطن القدمين و موضع الشّراك من القدمين و على الركبتين و الرّاحتين و الجبهة و اللبة و البتة على في ما الصحاح هو النحر و هو موضع القلادة و ذكرها مكرّرا امّا تاكيدا و زيادة من احد الرّواة و في رواية زرارة عن ابى جعفر و ابى عبد اللّه عليهما السّلام قال اذا جففت الميّت عمدت الى الكافور فسحت به آثار السّجود و مفاصله كلها و اجعل في فيه و مسامعه و رأسه و لحيته من الحنوط و على صدره و فرجه و قال حنوط الرّجل و المرأة سواء و في رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال لا تجعل في مسامع الميّت حنوطا كذا في اكثر نسخ التهذيب و الاستبصار و لذا عدّها في الذكرى مقطوعة و في بعض نسخ التهذيب باضافة عن ابى عبد اللّه ع و في المدارك حكم بصحّة الرّواية و قطعها و في الاوّل تامل فان الشيخ رواها عن فضالة عن ابان عن عبد الرحمن و طريق الشيخ الى فضالة غير معلوم و ابان فيه اشتراك و الظاهر انه ابان بن عثمان و قد قيل انه فاووسىّ و ان كان ممّن اجمعت العصابة و في رواية عثمان النّوى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و لا تمسّ مسامعه بكافور كذا في الكافي و في التهذيب و لا تقربن شيئا من مسامعه بكافور و في حسنة حمران بن اعين و لا تقربوا اذنيه شيأ من الكافور و لا يخفى ما في هذه الاخبار من الاختلاف و التنافى في حكم المسامع حيث امرء في طرف منها بالوضع فيها و نهى عنه في شطر منها و الشيخ تعرض للجمع بين روايتى عبد الله بن سنان و عبد الرّحمن فقال الوجه ان تحمل قوله ع في فيه في الرواية الاولى على انه ليس من السنة ان يجعل الحنوط في الفم و مراده انه اذا حمل في فيه على معنى فيكون التقدير فيما بعده و على مسامعه و على هذا فلا ينافى ما في الاخيرة من جعله في مسامعه و لا يخفى ان ظاهر ما نقلنا من روايتى عثمان و حمران النّهى عن وضعه على مسامعه أيضا فالاولى الجمع بين الروايات بحمل الامر فيها على التقيّة هذا و امّا غير المسامع فيحمل الامر في المساجد على الوجوب لما نقلنا من الاجماع و في غيرهما مما اشتمل عليه بعض الرّوايات على الندب لعدم انتهاضه دليلا على الوجوب خصوصا مع شهرة عدم الوجوب بين الاصحاب في بعض منها و اتفاقهم عليه في بعض آخر على ما هو الظاهر و لو لم يكن الاجماع في المساجد لكان الحمل في الجميع على الاستحباب اظهر فتدبّر

قوله و اقله مسمّاه على مسمّاها

لإطلاق الرّوايات السابقة و صدق الامتثال بذلك

قوله و يستحبّ كونه ثلاثة عشر درهما و ثلثا

مستنده مرفوعة علىّ بن ابراهيم قال السّنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما و ثلث اكثره و قال انّ جبرئيل نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحنوط و كان وزنه اربعين درهما فقسّمها رسول اللّه ثلاثة اجزاء جزء له و جزء لعلّى عليه السلام و جزء لفاطمة عليها السّلام

قوله و دونه في الفضل اربعة دراهم

كذا ذكره المفيد حيث جعل اوسط اقداره اربعة دراهم و لعلّه كان له خبر لم يصل الينا و في خبر الكاهلى و الحسين بن المختار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال القصد في الكافور اربعة مثاقيل و عمل به الشيخ فجعل اوسطه اربعة مثاقيل و قال ابن ادريس و المراد بها الدرهم هاهنا و تبعه العلّامة رحمه الله في هى ففسّر المثقال في الرّوايات الواردة في هذا البحث بالدرهم و لم يظهر لهما مستند و قال في الدروس و هذا التفسير تحكم و نقل في الذكرى عن ابن طاوس انه طالب ابن ادريس بالمستند

قوله دونه مثقال و ثلث

لم اقف على خبر يدلّ عليه نعم نقل في الذكرى عن الجعفى انّ اقله مثقال و ثلث فلعلّ نظر الشّارح الى الخروج من خلافة و في رواية عبد الرحمن بن ابى نجران عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه ع اقل ما يجزى من الكافور للميت مثقال نصف فكان ينبغى ان يذكر في المراتب

قوله و دونه مثقال

و في المقنعة جعل ذلك اقلّه الّا ان يتعذّر ذلك و ظاهره وجوبه مع عدم التعرض و هو ظاهر ما نقل عن ابن الجنيد أيضا و يدلّ عليه رواية ابن ابى نجران عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اقل ما يجزى من الكافور للميّت مثقال و هى لضعفها و ارسالها لا تنهض حجة للوجوب فما ذكره الشارح و غيره من المحققين من الحمل على اقلّ مراتب الاستحباب حسن و في المبسوط بعد ما جعل اوسطه اربعة مثاقيل قال فان لم يجدها فمقدار درهم و لم يظهر له مستند على الخصوص الا ان يكون المراد بالمثقال الدرهم على ما هاهنا نقلنا عن ابن ادريس و العلّامة رحمه الله قال في الذكرى و لا يشارك الغسل في هذه المقادير قطع به الاكثر و قال في المنتهى اختلف اصحابنا في الكافور الذى يجعل في الماء للغسلة الثانية هل هو من هذا المقدار ام لا الأقرب انه غيره

قوله و وضع الفاضل منه

على صدره هذا هو المشهور بين الاصحاب و استدلّ عليه في ف باجماع الفرقة و عملهم و قد يستدلّ عليه بحسنة الحلبى المتقدّمة آنفا المتضمّنة لقوله ع و على صدره من الحنوط و لا يخفى انها انما تدل على وضع شي ء من الكافور على الصدر لا تخصيص الحكم بصورة الفضل و لا على اختصاص بتمام الفاضل على ما ذكره و قد يقال أيضا ان الظاهر ان المراد باللّه في الرواية المتقدمة هو هذا و هو أيضا كسابقه و امّا ما ذكره الشارح من التّعليل و هو انّه مسجد في بعض الاحوال كما في سجدة الشكر ففيه انه ان جعله داخلا في آثار السّجود الواردة في الرّوايات فيجب الحكم بوجوب مسحه و الا فالحكم باستحباب وضع الفاضل عليه بمجرّد هذه المناسبة مشكل جدّا على انه يتوجّه عليه انه يقتضى حصول الاستحباب بجعل الفاضل على البطن او صفحة الوجه لانهما أيضا مسجدان في سجدة الشكر و كانهم لا يقولون به فتدبّر

قوله و اسماء الائمة عليهم السلام

اى بعنوان انه يشهد بانّهم ائمّته كما صرّح به الشيخ لا مجرّد كتابة اسمائهم ع كما هو ظاهر العبارة

قوله بالتّربة الحسينيّة

لم يذكر في الخبر المكتوب به كما سيشير اليه الشارح و في المعتبر و يكتب ذلك بالطين و الماء و قال الشيخان بتربة الحسين عليه السّلام فان تعذّر فبالإصبع و ذكر هنا التراب الابيض و الوجه فيما ذكروه انهم يكرهون الكتابة على الكفن بالسّواد و ان لم يذكروا له دليلا صالحا فالمحقق في المعتبر نسبه الى الشيخ و قال و هو حسن

ص: 111

لأنّ في ذلك نوع استبشاع و لان وظائف الميّت متلقّاة توقيفا فيتوقف على الدلالة و لا يخفى ما في الوجهين من الضّعف ثمّ بعد ذلك فلا ريب في افضليّة التّربة المباركة فان تعذر فالظاهر ان الكتابة بالطين خصوصا الابيض اولى من الكتابة بالإصبع لان الظاهر من الكتابة في المكتوب عليه يبقى بعدها ثمّ ما نسبه في المعتبر الى الشيخين موافق لما ذكره الشيخ قال في المبسوط و يكتب ذلك بتربة الحسين ع فان لم يوجد كتب بالاصبع و لا يكتب ذلك بالشوار و امّا المفيد فعبارته في المقنعة هكذا و يستحب ان يكتب على قميصه و حبرته او اللّفافة التى تقوّم مقامها و الجريدتين باصبعه فلان يشهد ان لا اله الّا اللّه و ان كتب ذلك بتربة الحسين عليه السلام كان فيه فضل كثير و لا يكتبه بسواد و لا بصبغ من الاصباغ انتهى و هو ليست بصريحة فيما ذكره بل يحتمل ان يكون الاصبع مكان القلم و يكون مراده ان الكتابة بالتربة المباركة فيه فضل كثير و ان لم يوجد فيما لا يكون فيه سواد و لا صبغ من الاصباغ و في الرسالة القرية منه بالتّربة او غيرها من الطين فتدبّر

قوله و الجريدتين المعمولتين من سعف النخل

الجريدة واحدة الجريد و هى غصن النخلة اذا جرد عنه الخصوص اى الورق و ما دام عليه الخوص فهو السّعف بالتّحريك او السّعف مطلق و منهم من فشر الجريدة بالسعفة و السّعفة بعض النخل فتكونان مطلقتين و استحباب الجريدتين من متفرّدات اصحابنا و اخبارهم به متظافرة و قد وردت به روايات العامة أيضا لكنهم انكروها و منه قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ما حكاه عنه ابو جعفر ع في رواية يحيى بن عبادة المكى خضروا صاحبكم فما اقلّ المخضّرين يوم القيمة

قوله او من السّدر

قد عرفت انّ التجريد لغة مخصوصة بالنّخل فالاخبار الواردة بها تختصّ به لكن ذهب الشيخ في المبسوط و ية و من تابعه الى انّه ان لم يوجد النخل فتؤخذ من السّدر و ان لم يوجد فمن الخلاف فان لم يوجد فمن غيره من شجر رطب و المفيد قدم الخلاف على السدر و لم يتعرّضوا للزمان و قال المصنف في الدروس و يستحب جريدتان من النخل فالسدر فالخلاف فالرّمان فالرّطب فاضاف الزمان أيضا لكن كلامه دائر بين ان يكون كل لاحق مع تعذر سابقه او يكون الترتيب بينها في الفضيلة و كلام الشّارح هاهنا ظاهر في الثانى و قال الشيخ في ف و يستحب ان يوضع مع الميّت جريدتان خضر او ان من النّخل او غيرها من الاشجار و نحوه قال ابن ادريس و ظاهره التخيير بين النخل و غيره مع الجزم بافضليّة النخل و قال المصنف في كرمى و الاجود انه مع التعذر اى تعذر النخل شجر رطب و هو اختيار بابويه و الجعفى و الشيخ في الخلاف و قد عرفت ان ظاهر الخلاف خلاف ما ذكره من التقييد بالتعذّر و امّا الروايات التى وقفنا عليه في هذا الباب فرواية الفقيه عن علىّ بن بلال و سنده اليه على ما ذكره العلّامة رحمه الله في الخلاصة حسن قال كتب علىّ بن بلال الى ابى الحسن الثالث عليه السلام الرّجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شي ء من الشجر غير النخل فانه قد جاء عن آبائكم عليهم السلام انه تتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين و انهما تنفع المؤمن و الكافر فاجاب ع يجوز من شجر آخر رطب و روى في الكافي عن سهل بن زياد عن غير واحد من اصحابنا قالوا قلنا له جعلنا فداك ان لم فقد و على الجريدة فقال عود السدر قيل فان لم نقدر على السّدر فقال عود الخلاف و روى أيضا عن على بن بلال انه كتب اليه يسأله عن الجريدة اذا لم نجد نجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن فيه النخل فكتب يجوز اذا اعوزت الجريدة و الجريدة افضل و به جاءت الرواية قال و روى على بن ابراهيم في رواية اخرى قال يجعل بدلها عود الرّمان و لا يخفى ان حسنة الفقيه تصلح حجة لآخذها مع تعذر النخل من شجر رطب مطلقا كما ذكره في الذكرى لا مع وجود النخل كما هو ظاهر الخلاف و لا باس ايضا بالعمل بما ذكره الشيخ و من تابعه من تقديم السّدر ثمّ الخلاف للرواية الاولى من في فان فيه عملا بالرّوايتين لكن الحكم بوجوب الترتيب بينها على ما ذكروه مشكل جدّ الضعف رواية في و قطعها و امّا الحكم بالترتيب بينها في الافضليّة على ما ذكره الشارح فيمكن ان يكون مستنده في جواز الجميع مع تعذر النّخل هو الحسنة المذكورة و الرّواية الدّالة على الترتيب قد عرفت انها لا تصلح حجة لوجوب رعايته و في ترتيب الافضلية هو تلك الرواية لانها ربما تصلح حجة له لكن يشكل حكمه بجواز الغير مع وجود النخل أيضا فانّ الحسنة المذكورة لا تدل عليه و كذا الروايات الضعيفة لما في الجميع من التقييد بتعذر و النخل الا ان يقال انه حمل قوله ع في الرواية الثانية من الكافى و الجريدة افضل على جواز غيرها مطلقا مع وجود الجريدة أيضا و ان كانت الجريدة افضل فحكم بالترتيب بينها في الفضل على ما ذكره لكن فيه تامّل فان ظاهر قوله ع فيها اوّلا يجوز اذا اعوزت الجريدة هو تخصيص جواز التغيّر بصورة اعواز الجريدة و قوله ع و الجريدة افضل لا يأبى عن الحمل عليه اى الجريدة اذا وجدت افضل و انفع من غيرها اذا لم توجد هذا مع ضعف الرّواية و قطعها و مخالفتها لما في الفقيه و امّا تقديم الخلاف على السدرة على ما ذكره المفيد فلم اقف على ماخذه و لعله وصل اليه رواية تدل عليه تصلّ الينا بل لم تصل الى الشيخ ايضا حيث اقتصر في شرح كلامه في التهذيب على نقل ما نقلنا من الرّوايات عن في و لم يزد عليها ما يدل على تقديم الخلاف بقي الكلام في الرمان فنقول مستند الحكم فيه هو الرّواية الثالثة من في و هى لارسالها و قطعها لا تصلح حجة لاشتراط الترتيب بينه و بين غيره لكنها ربما تصلح حجة الافضلية تقديمه على غيره كما ذكرناه في السدر و الخلاف لكن فيما جعل له من الترتيب مماثل اذ ظاهر بدلية عود الزمان من الجريدة بدليّته بلا واسطة فظاهرها ان يكون مع السّدر في مرتبة واحدة و لا اقلّ من ان يكون مع الخلاف و

يمكن ان يكون نظرا الى ان الترتيب بين الثلاثة الاول على ما ذكروه ممّا لا اشتباه فيه بخلاف الرّمان لعدم ذكر صدر الرّواية فربما كان فيه ما يدلّ على تاخيره عن الثلاثة و يؤيده انه ع في الرّواية الاولى ذكر بعد تعذر السّدر عود الخلاف فلو كان عود الرّمان في مرتبته لكان اولى بالذكر فالأولى جعله بعد الثلاثة لما فيه من الاشتباه و تقديمه على مطلق الشجر الرطب لورود النص فيه بخصوصه فتأمل و المحقّق رحمه الله في المعتبر نسب القول باخذها من السّدر مع تعذّر النخل و مع تعذرهما من الخلاف الى القيل ثمّ نقل عن المفيد تقديم الخلاف ثمّ نقل الرّواية الاولى من في و حكم بسقوطها بضعف سهل و جهالة المقول له ثمّ نقل الرواية الثانية و قدح فيها أيضا بجهالة القائل ثمّ قال و في رواية عود رمان و في اخرى عود رطب و كل ذلك لم يثبت و لهذا اسند الفتوى الى قول الذاهب اليها لعدم العلم بالمستند انتهى و الظاهر ان ما نقله من الرواية الاخيرة هى غير حسنة الفقيه و هو رحمه الله نقل عنها و الّا فهي رواية معتبرة الأسناد ليس من دابّة رحمه الله طرح مثلها و قد غفل عنها المحقق الاردبيلى رحمه الله أيضا في شرح د حيث تمسّك في اشتراط الرطب بما في بعض الروايات من الخضراء و للعلّة المذكورة فيها من ان الميّت لا يعذّب ما داما رطبين و لم يتعرض للحسنة المذكورة ثمّ

ص: 112

احتمل جواز اليابس أيضا للاطلاق و ان كان الرّطب اولى ثمّ نقل عن هى انّه ذكر رواية تدل على عدم جواز اليابس و هى ما نقله عن الشيخ انّه روى عن محمّد بن علىّ بن عيسى قال سألت ابا الحسن ع عن السّعفة اليابسة اذا قطعها بيده هل يجوز للميّت يوضع معه في حضرته قال لا يجوز اليابس و هى في زيادات التهذيب اوائل باب تلقين المحتضرين و اللّه تعالى يعلم

قوله تجعل احداهما من جانب الايمن الى آخره

استحباب تثنية الجريدة و وضع احداهما من اليمين و الاخرى من اليسار هو المعروف بين الاصحاب و نقل عن ابن ابى عقيل انه قال واحدة تحت ابطه الايمن و يدل على المشهور روايات كحسنة جميل بن درّاج قال قال انّ الجريدة قدر شبر توضع واحدة من عند الترقوة الى ما بلغت مما يلى الجلد و الاخرى في الايسر من عند التّرقوة الى ما بلغت من فوق القميص و حسنة الحسن بن زياد الصيقل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال توضع للميّت جريدتان واحدة في اليمين و الاخرى في الأيسر قال و قال الجريدة تنفع المؤمن و الكافر و رواية الفضيل بن يسار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال توضع للميّت جريدتان واحدة في الايمن و الاخرى في الايسر و امّا قول ابن ابى عقيل فلا يظهر له شاهد نعم في حسنة اخرى عن جميل قال سألته عن الجريدة توضع من دون الثياب او من فوقها قال فوق القميص و دون الخاصرة فسألته من الجانب الايمن و هى تدلّ على وحدة الجريدة من دون الخاصرة ان جمل على انه من تحت الخاصرة كما هو ظاهره فوضعها لا يوافق ما ذكره و ان حمل على انه من فوقها او من ورائها و امامها لان دون تجي ء بكل هذه المعانى فظاهره أيضا لا يوافق ما ذكره و يمكن حمله على وضعها بتمامها فوقها او ورائها او بحيث تنتهى الى امامها فخ وضعها على ما ذكره يوافق ذلك او يقاربه لكن لا دلالة فيه على تقييد و لا يبعد القول باستحباب وضع الواحدة او باىّ وضع من الاوضاع الواردة في الروايات او مطلقا و ان كانت الاثنتان و على الاوضاع المخصوصة خصوصا ما هو المشهور افضل فتأمل

قوله فوق الترقوة

قلت الظاهر انّ المراد انّه يوضع فوق الترقوة اى اعلى منها و لم يوجد ذلك في كلام الاصحاب بل المشهور بينهم على ما ورد في حسنة جميل بن درّاج ان كلا منهما توضع من عند الترقوة لكن اليمنى من تحت القميص ممّا يلى الجلد و اليسرى من فوق القميص و فيه اقوال اخرى لم يعتبر ذلك في شي ء منها و حمل قوله فوق الترقوة على الوضع عليها لكن فوق القميص الذى هو فوقها اى عليها بعيد جدّا و مع ذلك ففيه ما فيه فتأمّل و امّا الأقوال الاخرى فقول الصدوقين يجعل اليمنى مع ترقوته ملصقة بجلده و اليسرى عند وركه بين القميص و الازار و لا يظهر له شاهد و قول الجعفى احداهما تحت ابطه الايمن و الاخرى نصف مما يلى السّاق و نصف مما يلى الفخذ كما ورد في رواية يونس عنهم ع و قول ابن ابى عقيل و هو الاكتفاء بالواحدة تحت ابطه الايمن كما نقلنا في الحاشية السّابقة فهو يوافق الجعفى فيها لكنّه لم يذكر الثانية بخلاف الجعفى في رواية يحيى بن عبادة عن ابى جعفر ع توضع من اصل اليدين الى الترقوة و في رواية اخرى عنه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام تؤخذ جريدة رطبة قد و زراع فتوضع و اشار بيده من عند ترقونه الى يده تلف مع ثيابه و قد عرفت وجه الجمع بين الاخبار و قال المحقق في المعتبر و مع اختلاف الرّوايات و الاقوال يجب الجرم بالقدر المشترك بينها و هو استحباب وضعها مع الميّت في كفنه او في قبره باىّ هذه الصّور شئت و قد نقله عنه جماعة كالمص في الذكرى و صاحب المدارك ساكتين عليه و ظنّى انه لا يخلو عن تشويش فتأمّل

قوله طول عظم ذراع الميت

المشهور الذى ذكره الشيخان و من تبعها انّ ما طول كل واحدة عنهما قدر عظم الذراع و الظاهر منه الذراع المستوى لا خصوص ذراع الميّت كما ذكره الشارح و قوله ثمّ قدر شبر ليس من جملة المشهور لعدم شهرته و انّما ذكره بعضهم كالصّدوق ثمّ اربع اصابع بعد ذلك أيضا ليس بمشهور بل انّما نقل عن ابن ابى عقيل انه قال مقدار كل واحدة اربع اصابع الى ما فوقها فلعلّ الشارح اختار ان الافضل ما هو المشهور ثمّ مقدار بشر ثمّ اربع اصابع جمعا بين الاقوال و اعلم انّ التحديد بالشّبر ورد في مقطوعة جميل المتقدمة و امّا عظم الذراع و اربع اصابع فلم اقف على ما يعضدهما و قد ورد التحديد بالذراع في رواية يونس و كذا في احدى روايتى يحيى بن عبادة فلو جعل الذراع اوّل المراتب لكان الدّست له و لا يبعد ان يقال ان في المشهور حملوا الذّراع على عظم الذراع ليقارب الشبر الوارد في رواية جميل و كانه لا حاجة اليه اذ الفضليّة و الافضليّة محمل فتدبّر ثمّ انهم ذكروا انه يجعل على الجريدتين قطنا و كانّه لحفظ رطوبتهما مع ما فيه من احترام بدن الميّت كاحترام الحىّ و اللّه تعالى يعلم

قوله و لانّه خير محض مع ثبوت اصل الشرعيّة

ربما يناقش فيه بان مثل هدّه الاحكام لا بدّ من تلقيها من الشارع و لا يمكن التعدّى مما ثبت شرعيته لاختلاف الحكم و المصالح و عدم سبيل للعقل اليها كما في صوم شهر رمضان و العيد و غيره من الموارد و لهذا توقّف المصنف في الذكرى و احتمل الجواز قضيّة للاصل و المنع لانّه تصرّف لم يعلم اباحة الشرع له

قوله و على ما ذكر

اى من تعليل الحكم بالتبرّك

قوله بل جميع اقطاع الكفن في ذلك سواء

و يمكن ان يقال أيضا ان الاولى الكتابة على جميع اقطاع الكفن ليحصل النّاسى بما فعله الصّادق عليه السّلام بيقين اذ في الرواية المذكورة و هى رواية ابى كهمس لم يتعين القطعة المكتوب عليها لكن روى في كتاب الاحتجاج عن محمد بن عبد اللّه الحميرى انه سئل صاحب الزّمان صلوات اللّه عليه فقال روى لنا عن الصّادق عليه السّلام انه كتب على ازار اسماعيل اسماعيل يشهد ان لا اله الّا اللّه فهل يجوز لنا ان نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره فاجاب ع يجوز ذلك و هى تشهد بانّ المكتوب عليه كان هو الازار هذا و يمكن ان يقال ان تخصيص المصنف بما ذكره بناء على ان كلام في الرّجل و احال حال المرأة على المقايسة و لم يبق من اقطاع كفن الرجل التى ذكرها و لم يعدّها هاهنا سوى المئزر و الخرقة و هما في اسافل البدن فالاولى التّحرز عن كتابة فيهما لما فيها من سوء الأدب فتدبّر

قوله و يكره الاكمام المبتدأة للقميص

يدلّ عليه رواية محمّد بن سنان عمّن اخبره عن ابى عبد اللّه ع قال قلت الرّجل يكون له القميص أ يكفّن فيه فقال اقطع ازراره قلت و كمة قال لا انّما ذلك اذا قطع له و هو جديد لم يجعل له كما فامّا اذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه الّا الأوزار

قوله و احترز به عمّا لو كفن في قميصه

بل عمّا اذا لم يقطع له جديدا مطلقا سواء كان قميصه أو قميص غيره لانّ قوله ع في الرواية السّابقة انما ذلك اذا قطع له و هو جديد يدلّ على اختصاص الحكم بذلك نعم اعتبر في رفع الكراهة سواء كان منه او من غيره كونه ملبوسا أيضا بقرينة مفهوم آخر الرّواية لكان اولى يؤيّده أيضا ما ذكرنا من عدم التخصيص بقميصه صحيحة محمّد بن اسماعيل بن بزيع قال سألت ابا جعفر عليه السّلام ان يأمر لى بقميص اعدّه لكفنى فبعث به اليّ فقلت كيف اصنع فقال انزع ازراره

قوله خلافا للصدوق رحمه الله حيث استحبه

قد نقلنا سابقا عبارة الصّدوق في الغيبة ظاهرها وجوب جعله في بصره و مسامعه و سائر ما ذكره لا استحبابه كما ذكره الشارح بقرينة انضمامها مع اثر السجود الذى لا خلاف فيه بينهم

ص: 113

في الوجوب فيه و قد ظهر بما فصّلنا هناك ان ما يصلح مستندا له روايات كثيرة لا رواية واحدة كما يفهم من كلام الشارح لكن يعارضها روايات اخرى أيضا و قد ظهر أيضا ان المعارضات ليست باصح منها كما ادعاه الشارح بل فيها رواية صحيحة على ما حكم به جماعة من العدول المحقّقين و ليس ببعيد ايضا عن التحقيق ليس مثلها في المعارضات لكن شهرة خلافها بين الاصحاب بل الاجماع عليه على ما نقلنا من الخلاف و امكان حمل المعارضات على التقية دونها ممّا يرجح العمل بالمعارضات و يؤيّدها أيضا الاخبار التى فصّل فيها مصارف الكافور و لم يذكر ذلك فيها فانّها تؤيد عدم الوجوب بل ربما تؤيد عدم الاستحباب أيضا فتأمّل

قوله و يستحبّ اغتسال الغاسل الى آخره

هذا هو المشهور بين الاصحاب ذكره الشيخ في المبسوط و تبعه و لم اظفر برواية تدلّ على ذلك لا في الغسل و لا في الوضوء و استدل المحقّق في المعتبر بان الاغتسال و الوضوء على من غسّل ميّتا واجب او مستحبّ و كيفما كان فان الامر به على الفوز فيكون التّعجيل به افضل و فيه ان ظاهر كلامه انّه بنى الكلام على ان الأمر للفور و حينئذ يتوجه عليه ان اللازم حينئذ على ما هو المعروف من وجوب الغسل وجوب تقديمه و كذا الوضوء على القول بوجوبه كما هو رأى الاكثر مع اتفاق كلمتهم هنا في استحباب التقديم فالظاهر ان لا يبنى الكلام على ذلك بل يتمسّك بما يدل على افضليّة المسابقة الى المغفرة و استباق الخيرات و كيفما كان يتوجّه ان اللازم حينئذ الحكم بتقديم الغسل بتّة امّا مع الوضوء على القول بوجوبه او استحبابه معه او بدونه ان لم نقل باحدهما الاستحباب تقديم احدهما على ما ذكروه و أيضا الظاهر من كلامهم ان تقديم احدهما امر يتوقف عليه فصيلة تكفين الميّت كما صرّح به الشارح هنا و على ما ذكره من الدليل لا يلزم ذلك كما لا يخفى ثمّ بعد اللّتيا و التى ففوريّة الغسل او الوضوء تعارض بفورية تجهيز الميّت مع ما ورد فيها من المبالغة فمن اين علم هنا ترجيح رعاية الفورية الأولى فتدبّر و قال المصنف في الذكرى و ليكن ذلك اى التكفين بعد غسل الغاسل من المسّ او بعد وضوئه الذى يجامع الغسل فان خيف على الميّت فليغسل الغاسل يديه الى المنكبين كما رواه يعقوب بن يقطين عن العبد الصّالح عليه السلام و في خبر محمّد بن مسلم عن احدهما ع و قد سأله هل يغتسل الغاسل قبل تكفينه فقال ع يغسل يديه من العاتق ثمّ يلبسه كفانه ثمّ يغتسل و فيه دلالة على تاخير الغسل و يمكن حمله على الضّرورة و في خبر عمّار عن الصّادق عليه السّلام تغسل يديك الى المرافق و رجليك الى الركبتين ثمّ تكفنه انتهى و في رواية يعقوب بن يقطين التى اشار اليها و هى صحيحة بيّن اوّلا و كيفيّة تغسيل الميّت ثمّ قال ع ثمّ يغسل الذى غسله يده قبل ان يكفّنه الى المنكبين ثلث مرّات ثمّ اذا كفّنه اغتسل و انت خبير بان ظاهرها تاخير غسل المسّ عن التكفين مطلقا من غير اختصاص بحال الخوف فتخصيص ذلك بهذه الصّورة من غير استدلال على ما ذكره من تقديم الغسل او الوضوء لا يخلو عن غرابة ثمّ خبر محمد بن مسلم و هو أيضا صحيح اظهر دلالة على ما ذكرنا فان جوابه ع بعد ما نقله من السؤال صريح في افضليّة تاخير الاغتسال اما وجوبا او استحبابا و هو مطلق و ليس فيه مقيّد فحمله على الضرورة مع كمال بعده لاىّ ضرورة تحمل عليه هذا على ما نقله لكن الرّواية في الكافي و التهذيب ليست على ما نقله بل هكذا قلت فالذى يغسله يغتسل قال نعم قلت فيغسله ثمّ تلبسه اكفانه قبل ان يغتسل قال يغسله ثمّ يغسل يديه من العاتق ثمّ يلبسه اكفانه ثمّ يغتسل و لا يخفى ان الرواية على هذا الوجه ليس ظهورها في افضليّة تاخير الغسل بمرتبة ظهورها على الوجه الذى نقله في الذكرى فان الظاهر ان السؤال على أيّ وجه سؤال عن جواز ما سأله فعلى الاوّل سؤال عن جواز اغتسال الغاسل قبل تكفينه و حينئذ فمفاد الجواب المنع منه و امّا على الثانى فسؤال عن جواز التكفين قبل الاغتسال و حينئذ فلا بعد كثيرا في ان يحمل جوابه ع على جواز ذلك بعد غسل يديه من العاتق لا افضلية ذلك وجوبا او استحبابا لكن مع ذلك الوقوف على صرحى الخبر ما لم يدلّ دليل على خلافه اولى و بالجملة فالأولى العمل بهاتين الرّوايتين و غسل اليدين على ما ذكر فيهما ثمّ الغسل و رواية عمّار الموثقة أيضا مؤيدة لهما لكن بين الرّوايات اختلاف في كيفيّة غسل اليد المتقدمة ففى الاولى قيّد بالثلث دون الثانية مع موافقتهما في تحديد اليد و الثالثة مخالفة لهما في التحديد و للاولى في التقييد و اضيف أيضا فيها غسل الرجلين و ليس فيهما و يمكن الجمع بين الاوليين بحمل الثلث على الافضلية و بينهما و بين الثالثة بالقول بالتّخير بين الوجهين و ليكن العمل بالاولى فتأمل

قوله و لو اضطرّ لخوف على الميّت الى آخره

قد عرفت ان الظاهر استحباب ما ذكره من غسل اليدين مطلقا من غير تخصيص بحال الخوف و انّ ظاهر الاخبار تاخير الغسل و امّا الوضوء فليس منه هنا اثر في الاخبار اصلا فتثبت

قوله لفحوى اغتسال الغاسل او وضوئه

قلت فيه تامّل فان الغاسل باعتبار ملاقات الميّت فيه نجاسة حكمية ليست في غيره فاستحباب الغسل او الوضوء له للتكفين لا يدل على استجابه الغير اصل فكيف بالطريق الأولى الذى هو ظاهر الفحوى بل ربما دلّ بالمفهوم على عدمه نعم لو كان محدثا بحدث اقوى من المسّ كالجنابة فلا ببعد القول باستحباب كونه متطهّرا للفحوى المذكور و تخصيص كلام الشارح بذلك بعيد جدّا مع انه أيضا محلّ تامّل هذا مع ما عرفت من حال الاصل فكيف بما يفهم منه فافهم

[الرابع الصلاة عليه]

قوله و تجب الصّلاة على كل من بلغ الى آخره

هذا هو المشهور و المعتمد و نقل عن ابن الجنيد انه قال تجب على المستهلّ و عن ابن ابى عقيل انه لا تجب قبل البلوغ ثمّ المشهور استحبابها قبل السّت اذا ولد حيّا فلو ولد سقطا لم تصلّ عليه و لو ولجته الرّوح و نقل عن بعض متقدّمى الاصحاب المنع عن الصّلاة على الصّبى الى ان يعقل الصّلاة و ظاهر بعض الاخبار المعتبرة عدم الوجوب و الاستحباب قبل ذلك و أن ما دل على الوجوب و الاستحباب قبل ذلك محمول على التقية و بالجملة فالقول بوجوبه قبل ذلك ضعيف جدّا و الاستحباب لو كان فليس على وجه زيادة اهتمام و اللّه تعالى يعلم

قوله عدا الفرق المحكوم بكفرها من المسلمين

لا شبهة في عدم وجوب الصّلاة بل عدم جوازها على الكفار و كذا في وجوبها على الفرقة المحققة من المسلمين و اما المخالفون لهم من ساير الفرق ففى وجوب صلاة عليهم خلاف كما سبق في الغسل و المشهور هو الوجوب و صرّح المفيد رحمه الله بعدم جواز الصّلاة عليهم الّا لتقيّة و عدّله الشيخ في التهذيب بكفرهم كما نقل عنه سابقا في الغسل و هو مذهب ابى الصّلاح و ابن ادريس ايضا حجة المشهور عموم بعض الرّوايات كقول النبيّ ص و رواية السّكونى لا تدعوا احدا من امّتى بلا صلاة و قول الصّادق ع في رواية طلحة بن زيد صلّ على من مات من اهل القبلة و هى لضعفها لا تنهض حجة على الوجوب في غير موضع الاجماع لكن الظاهر من كلام جملة الاخبار جواز الصّلاة عليهم بدعائهم الاحوط الاتيان بها كذلك و اللّه تعالى يعلم

قوله و هل يسقط فرض الكفاية الى آخره

و الاولى ان لا يكتفى القادر بها عن العاجز لأصالة عدم السقوط الا بما هو المتيقن و هو صلاة الكامل مع ما فيه من الاحتياط

قوله و استقبال المصلّى القبلة

هذا أيضا مع القدرة و الّا سقط

ص: 114

عن العاجز و في سقوطها عن القادر أيضا ما ذكر من الوجهين و الأولى ما هو الاولى فتذكّر

قوله و تغتفر الحيلولة بمأموم مثله

اى يأتمّ بذلك الامام و امّا مع حائل يمنع مشاهدته الامام او ماموما يشاهده و لو بوسائط فلا يصح الائتمام و كان هذا في غير المرأة لما سيجي ء في بحث الجماعة انه لا باس فيها بالحائل مع علمها بافعاله التى تجب و فيها المتابعة و قد ذكروا أيضا هناك انه لا باس بالحائل أيضا مع مشاهدته المأموم مثله و ان كان الحائل غير امام فانّهم قالوا لو وقف الماموم خارج المسجد بحذاء الباب و هو مفتوح بحيث يشاهد الامام او بعض المامومين صحّت صلاته و صلاة من على يمينه و يساره و ورائه لانّهم يرون من يرى الامام مع وجود الحائل بالنّسبة الى من على جانبه فعلم اغتفار فمثل هذا الحائل أيضا و الظاهر انه لا اختصاص للجماعة في صلاة الميّت بحكم على حدة فلو قال الشارح بدل ما ذكره و مشاهدته له او لمأموم مثله لكان اولى و اخصر فتدبّر

قوله و عدم تباعده عنه

عطف على قوله جعل رأس الميّت و كان هذا اذا لم يكن تباعده بتخلّل الصّفوف و الّا فلا باس به

قوله و في اعتبار ستر عورة المصلّى الى آخره

منشأ الوجهين انها صلاة فيعتبر فيها ما يعتبر في سائر الصّلوات الا ما استثنى كرفع الحدث و ان اطلاق الصّلاة عليه مجاز و انما هو دعاء فلا تعتبر فيه شرائط الصّلاة الّا ما ثبت بدليل خارج و في الذكرى جعل الاقرب في الستر وجوبه مع الامكان الحافا لها بسائر الصلوات او بحكم التأسى و نقل عن العلّامة انّه ليس السّتر شرطا فيها لانها دعاء و اجاب بانّه لا ريب انها تسمّى صلاة و ان اشتملت على الدعاء فيدخل تحت عموم الصّلاة و عارضه بوجوب الاستقبال و القيام فيها و توقف في اشتراط الطهارة من الخبث للاصل و انها دعاء و اخفيّة المخبث بالنسبة الى الحدث و من ثمة صحت الصّلاة مع الخبث لا مع بقاء حكم الحدث و لإطلاق التسمية بالصّلاة التى يشترط فيها ذلك و الاحتياط قال و لم اقف في هذا على نصّ و لا فتوى ثمّ حكم بعد المسألتين كليّا و ان الاجود ترك ما يترك في ذات الركوع و الابطال بما تبطل به خلا ما يتعلّق بالحدث و الخبث على ما تقدم و انت خبير بان الذى هو منشأ توقفه في اشتراط الطهارة من الخبث و عدم ترجيحه للاشتراط حقيقة هو الوجه الثالث الذى ذكره و الّا فالوجهان الاولان يأتيان في سائر الشروط أيضا بل ترجيح عدم الاشتراط في الكل الا ما ثبت اشتراطه بدليل كالاستقبال و القيام حيث نقل على اشتراطهما الاجماع و ذلك لان كون اطلاق الصّلاة عليها حقيقة شرعيّة غير ظاهر بل الظاهر انّه امّا مجاز او باعتبار المعنى اللغوى اذ المتبادر منها شرعا هو ذات الركوع كما يشهد به لا صلاة الا بفاتحة الكتاب لا صلاة الا بطهور الصّلاة ثلاثة ثلاث ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود تحليل الصّلاة التسليم الى غير ذلك و في صحيحة الحلبى عن الصّادق عليه السلام لا باس بالصّلاة على الجنائز حين تغيب الشمس و حين تطلع انما هو استغفار و في موثقة يونس بن يعقوب قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنازة اصلّى عليها على غير الوضوء فقال نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبّر و تسبّح في بيتك على غير وضوء و وجوب التّأسي لو سلم انما هو فيما علم فعله لاجلها و عدم ثبوت ذلك في الشّرط لا سترة به و بما قرونا ظهر انه لو اشار الشارح الى جريان الوجهين في سائر الشروط أيضا غير ما استثنى لكان اولى فأمل

قوله مؤولا بالميّت و الجنازة

اى بان يقصد ارجاعه الى السّرير مع الميّت فيذكر او الى الجنازة فيؤنث قال في القاموس الجنازة الميّت و يفتح او بالكسر الميّت و بالفتح السّرير او عكسه او بالكسر السّرير مع الميّت و انت خبير بانه يمكن التدبير و التأنيث مع قصد الرجوع الى الجنازة أيضا باعتبار اللفظ و المعنى و انه يمكن الارجاع الى الجنازة سواء كانت بمعنى الميّت او السّرير امّا على الاوّل فظاهر و امّا على الثانى فبان يقصد به الميّت مجازا و قد وقع نظير ذلك مع رعاية الوجهين جميعا في قوله تعالى و حرام على رواية اهلكناها انّهم لا يرجعون هذا و يمكن التذكير و التأنيث أيضا باعتبار لفظى الميت و النّفس فافهم

قوله قولان للمصنف رحمه الله في الذكرى

اشار اليهما في بحث الوضوء و ان بنى الكلام هاهنا على الاعتبار فصرح بوجوب قصد الفعل على وجهه تقرّبا الى اللّه تعالى

قوله احداها تكبيرة الأحرام

كذا في شرح القواعد أيضا و المراد بها هو الاولى كما قال في شرح الارشاد و يكبّر تكبيرة الاحرام مقارنة للنيّة ثمّ يتشهّد و لعلّه الغرض من ذلك ان لا يتوهم فيها تكبيرة افتتاح خارجة عن الخمس و الاشعار به بصدق تحريمها التكبير فيها لا انها ركن لانّه سيصرح بركنية جميع الخمس و مقارنة النية لاوّل كلّ عبادة امر ظاهر سواء كان هو تكبيرة الأحرام او غيرها و لا يظهر له فائدة اخرى و امّا ما في رواية يونس عن ابى عبد اللّه عليه السلام الصلاة على الجنائز التكبيرة الاولى استفتاح الصّلاة و الثانية تشهد ان لا اله الّا اللّه و انّ محمّدا رسول اللّه و الثالثة الصّلاة على النّبى و على اهل بيته و الثناء على اللّه و الرابعة له و الخامسة يسلّم و يقف مقدار ما بين التكبيرتين و لا يبرج حتى بحمل السّرير من بين يديه فظاهره انّ الاولى المجرّد استفتاح الصّلاة و لا دعاء لها و هم لا يقولون به فتأمّل

قوله يتشهّد الشّهادتين الى آخره

لا خلاف في وجوب التكبيرات و امّا الادعية بينها فالمش وجوبها بل ذكر في الذكرى ان الاصحاب باجمعهم يذكرون ذلك في كيفية الصّلاة و لم يصرح احد منهم يندب الأذكار و المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب و ذهب المحقق في الشرائع الى عدم لزوم الدّعاء بينهنّ ثمّ على المشهور فهل يتعيّن دعاء خاصّ ام لا ذهب جماعة الى الثانى للاصل و اختلاف الاخبار في الأدعية اختلافا عظيما و لحسنة محمد بن مسلم و زرارة و معمّر بن يحيى و اسماعيل الجعفى عن ابى جعفر عليه السلام قال ليس في الصّلاة على الميّت قراءة و لا دعاء موقت تدعوا بما بدا لك و احق الموتى ان يدعى له المؤمن و ان يبدأ بالصّلاة على رسول اللّه ص كذا في و هى حسنة بإبراهيم بن هاشم و رواها في التهذيب في الصحيح عن الاوّلين بزيادة الّا ان قبل تدعو و اسقاط المؤمن مع الواو قبل ان يبدأ و رواها في موضع آخر أيضا عن في موافقا له الا انّ فيه أيضا الاسقاط المذكور و ذهب جماعة الى تعيين ما ذكره المصنف من التفصيل و ادّعى في ف عليه اجماع الفرقة و اخبارهم و ظاهرهم ان مع هذا التعيين لا يوجبون في كل منها عبارة خاصّة بل يجوّزون بكلّ عبارة دلّت على ما ذكروه و ذكر فى شرح القواعد انّ الالفاظ الّتى اشترك في تعيينها الرّوايات مثل لفظ الشهادة و الصّلاة على النّبيّ و آله متعيّنة و نقل عن ابن ابى عقيل و الجعفى انهما اورد الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة حجة المصنف و موافقيه من الاخبار حسنة محمّد بن مهاجر عن امّه امّ سلمة قالت سمعت ابا عبد اللّه ع يقول كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذا صلّى على ميّت كبّر و تشهّد ثمّ كبّر فصلّى على الانبياء و دعا ثمّ كبّر و دعا للمؤمنين ثمّ كبّر الرابعة و دعا للميّت ثمّ كبّر و انصرف فلمّا انهاه اللّه عز و جلّ عن الصّلاة

ص: 115

على المنافقين كبّر و تشهد ثمّ كبّر فصلّى على النبيين ثمّ كبّر و دعا للمؤمنين ثمّ كبّر الرابعة و انصرف و لم يدع للميّت و حسنة اسماعيل بن همام عن ابى الحسن قال قال ابو عبد اللّه ع صلّى رسول اللّه على جنازة فكبر عليه خمسا و صلّى على آخر فكبر عليه اربعا فامّا الذى كبر عليه خمسا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الأولى و دعا في الثانية للنّبى و دعا في الثّالثة للمؤمنين و المؤمنات و دعا في الرّابعة للميّت و انصرف في الخامسة و امّا الّذى كبّر عليه اربعا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الأولى و دعا لنفسه و اهل بيته في الثانية و دعا للمؤمنين و المؤمنات في الثّالثة و انصرف في الرّابعة فلم يدع له لانه كان منافقا و انت خبير بان ظ الرّواية الاولى مواظبة النبي ص على ذلك فلذا ذهب هؤلاء الى الغير و بعضهم كالمحقق في الشرائع الى انّه افضل لانّ اقلّ مراتب مواظبة النبيّ ذلك لكن مقتضاها وجوب الصّلاة على الانبياء و وجوب دعاء أيضا معها و الظاهر انه للميت بقرينة عدم ذكره في المنافق و عدم وجوب الصّلاة على الآل و ظاهرهما جواز الاقتصار على شهادة التوحيد و عدم وجوب اللّعن على المنافق و هم لم يقولوا بشي ء من ذلك الّا الاخيرتين فانّ الاوّل موافق لما فعله الشيخ في ظاهر و المفيد في المقنعة و الثانى لما رجّحه المصنف في الذكرى و الدروس كما سينقله الشارح و في الفقيه روى هذه الرواية مرسلا هكذا و كان رسول اللّه ص اذا صلى الى آخره و فيه بدل الانبياء النّبى و آله و كذا بدل النبيّين و زاد و المؤمنات بعد المؤمنين في الموضعين و حينئذ يندفع بعض ما ذكرنا لكن في الكافي و التهذيب الّذين وقع فيهما الرّواية مسندا على ما نقلنا و امّا الرّواية الثانية فتدل على الاكتفاء في التكبيرة الاولى بمطلق التحميد و التمجيد من غير اعتبار الشّهادة ير و هم لا يقولون به و ظاهرها أيضا عدم وجوب الصّلاة على الآل حيث لم يذكر في تفصيل الخمس و كذا عدم وجوب اللّعن و بالجملة فالرّوايتان مع عدم صحتهما و ضعف سند الاولى بجهالة ام سلمة لا تخلوان عن قصور في المتن أيضا على رايهم و هاهنا روايات اخرى معتبرة الاسناد تدل على عدم تعين ما ذكروه منها صحيحة ابى و لا راو حسنته المشتملة على شهادة التوحيد و الصّلاة على النّبى و آله و دعاء الميّت في كلّ تكبيرة و ظاهره الشمول للخامسة ايضا فليس فيها شهادة الرّسالة و لا دعاء المؤمنين و المؤمنات و حسنته الحلبى المشتملة على الشّهادة و الدّعاء المخصوص عقيب كلّ تكبيرة حتى يفرغ من الخمس و الدّعاء المذكور روان اشتمل الصلاة على النّبى و اهل بيته و دعاء الميت و دعاء المؤمنين ايضا لكن الظاهر من الشهادة هو شهادة التوحيد فقط و حسنته زرارة المشتملة على الصّلاة على النّبى و دعا خاص للميّت عقيب الاولى و دعاء آخر له عقيب الثّانية و دعاء لنا عقيب الثالثة و دعا اخرى له عقيب الرابعة و فيما روايات اخرى أيضا غير نقية الاسناد مختلفة و في رواية سماعة التى صدر بها الباب في الكافي ذكر دعا مشتمل على الشهادتين و الصّلاة على النبي ع و آله و دعا المؤمنين و المؤمنات و دعاء الميت عقيب كلّ تكبيرة حتى يفرغ من الخمس و هو موافق لما نقل عن ابن ابى عقيل و الجعفى فيما في المدارك من عدم وقوفه على رواية تدل عليه غفلة منه و في مقابله ما ذكره في شرح القواعد انه اشتهر في الاخبار جمع الأدعية الاربعة عقيب كلّ تكبيرة و بالجملة فظاهر الرّوايات عدم تعيّن دعاء مخصوص لكن دعاء الميت ممّا اشترك فيه الرّوايات المشتملة على الذّكر فلا ينبغى تركه مع ان الظاهر ان وضع الصّلاة له و امّا سائر ذلك فالحكم بوجوبه نظرا الى الرّوايات لا يخلو عن اشكال لكن الأولى العمل بما هو المشهور خروجا من خلافهم مع اجرائه على ما هو مقتضى الظاهر من الرّوايات أيضا و ان لم يحكم تبغيه فتأمل

قوله و يستحب ان يضيف اليها الصّلاة الى آخره

مستنده ما مرّ في رواية محمد بن مهاجر من الصّلاة على الانبياء فلعلّه حملها في غير النّبى على الاستحباب لخلوّ باقي الاخبار عنه فتأمل

قوله و هو الّذى لا يعرف الحق الى آخره

كذا عرفه المصنف في الذكرى و ربّما اخذه ممّا في حسنة فضيل بن يسار المتقدمة فان كان واقفا مستضعفا حيث فسرّه بالواقف و فسرّه المفيد في الرّسالة الغرية انّه من يعترف بالولاية و يتوقف عن البراءة و عرفه ابن ادريس في باب اشار السرائر اشار بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب و لا يبغض اهل الحق على اعتقادهم و قيل انه الّذى لا يعرف دلائل اعتقاد الحق و ان اعتقده و ردّه في شرح القواعد بانه لا خلاف بين الاصحاب في انّ من اعتقد معتقد الشيعة الامامية مؤمن يعمل ذلك من كلامهم في الزكاة و النّكاح و الكفارات و الظاهر من الاخبار المتظافرة ان المستضعف هو الّذى لا يهتدى سبيلا الى الايمان و لا يستطيع حيلة الى الكفر و انّهم الصّبيان و من كان من الرّجال و النساء على مثل عقول الصّبيان او من لا يعرف اختلافات الناس و يمكن حمل الواقف في الحسنة المذكورة أيضا على هذا و على بذا فالعاقل العارف بالمذاهب الشاك فيها ليس بمستضعف و ظاهر تفسير الشارح و الذكرى يتناوله فلا تغفل

قوله و هو اللّهم اغفر الى آخره

مستنده حسنة فضيل بن يسار بابراهيم عن ابى جعفر ع قال اذا صليت على المؤمن فادع له و اجتهد في الدعاء و ان كان واقفا مستضعفا فكبّر و قل اللّهمّ اغفر للّذين تابوا و اتبعوا سبيلك و فهم عذاب الجحيم ورد و هذا في حسنة الحلبى أيضا بابراهيم عن ابى عبد اللّه ع و كذا حسنة محمد بن مسلم بابراهيم أيضا عن احدهما ع و زيد فيها الى آخر الآيتين و ذكر فيها هذا في الصّلاة على من لا يعرف أيضا و في حسنة الحلبى المذكورة و اذا كنت لا تدرى ما حاله فقل اللّهم ان كان يحب الخيّر و اهله فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه فالظاهر التخيّر بينهما لو قرء من لا يعرف على المجهول كما هو الظاهر و ظاهر رواية سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ايضا قراءة الآية للمجهول فاعرف

قوله المتولد من مؤمنين لابويه

كان مستنده رواية زيد بن على بن آبائه عن على عليهم السّلام في الصّلاة على الطّفل انه كان يقول اللّهم اجعله لابويه و لنا سلفا و فرطا و اجرا و لا يخفى انّ مجرّدا هذه الرّواية لا تنهض سندا للوجوب خصوصا مع ضعف سندها برجال من الزّيدية ثمّ ان فيها دعاء خاصا لنا و لا بوبه فلا ينبغى الاقتصار على مطلق الدّعاء مخصوص ابويه كما ذكره في المقنعة و ان كانت الميت فقل بعد التكبيرة الرّابعة اللّهم هذا الطفل كما خلقته قادر او قبضته طاهرا فاجعله لا بويه نورا و ارزقنا اجره و لا تفتنا بعده و لم اقف على مستنده

قوله او عن مؤمن له

ظاهره الاب و يمكن جعله شاملا اللّام أيضا بتقدير الإنسان و الوالد و تغليبا و يحتمل الحوالة على المقايسة أيضا و على التّقديرين فلا يظهر له سند من الاخبار الّا ان يستنبط من الرواية السّابقة مع نوع الاعتبار

قوله و الظاهر حينئذ

اى في الصورة الاخيرة عدم وجوبه اصلا لعدم شاهد لها من الاخبار و لا استنباط منها اصلا و يمكن حمله على مطلق مسئلة الطفل لما عرفت من ضعف مستند الوجوب فيها مطلقا و لا يبعد قراءة دعاء المستضعف في الطّفل لشموله على ما يظهر من الاخبار كما اشرنا اليه فتذكر

قوله و المراد بالطفل غير البالغ

لا خصوص من لم يجب الصّلاة عليه منه كما ذكروه

ص: 116

في مسئلة ترتيب الجنائز حيث قالوا انّه يجعل الرّجل ممّا يلى الامام و المرأة من ورائه و الطّفل من ورائها و قيل بالعكس في الاخيرين فانّه صرّح في المعتبر فيها بانّ المراد بالطفل هنا من لا تجب الصّلاة عليه

قوله و هو هنا المخالف مطلقا

كان الظاهر من المنافق هو المنافق الحقيقى و هو الذى يبطن الكفر و يظهر الاسلام و هو المراد فيما نقل من صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على المنافقين و لعنهم كعبد اللّه بن ابى و اما في كلام الاصحاب هنا فالظاهر انه لا يختص بهم فحمله في شرح القواعد على الناصب و يشهد له انّه في الكافي عنون الباب بالصّلاة على الناصب و ذكر فيه رواية الحلبى في حكاية صلاة رسول اللّه على عبد اللّه بن ابىّ بن سلول و روايتى عامر بن السّمط و صفوان الجمال في حكاية صلاة الحسين بن على ع على رجل من المنافقين و فيهما كان تعليل دعائه ع عليه بانه كان يتولّى اعداءك و يعادى اولياءك و يبغض اهل بيت نبيّك و ظاهر ان هذا التعليل لا يجرى في غير الناصب و يعمّ كل ناصب ثمّ اورد حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا صلّيت على عدوّ للّه فقل و علّل فيه أيضا الدعاء عليه بالتعليل السّابق فظاهره أيضا انّه في النّاصب و قريب منه رواية احمد بن محمد بن ابى نصر أيضا لكن روى أيضا حسنة محمد بن مسلم عن احدهما ع قال ان كان جاحدا للحق فقل اللّهمّ املأ جوفه نارا و قبره نارا و سلّط عليه الحيّات و العقارب و هذا يشمل كلّ مخالف للحقّ و كان وجه تعميم الشّارح هو هذه الرواية و كذا ما ذكره في شرح الارشاد حيث اورد حسنة فضيل بن يسار السّابقة آنفا و فيها بدل ما نقلنا من قوله ع واقفا منافقا موافقها للذكرى ثمّ قال و في هذا الخبر دلالة على ان المنافق هو المخالف مطلقا لوصفه بكونه قد يكون مستضعفا فكيف يخصّ بالناصب و كان هذا سهو في نسخة المصنف من اخذ الرّواية فان في الكافي و التهذيب على ما نقلنا و في المدارك المراد بالمنافق هنا المخالف كما يدلّ عليه ذكره في مقابلة المؤمن في الاخبار و كلام الاصحاب و لم اقف على وقوعه في الرّوايات في مقابل المؤمن الا في صحيحة اسماعيل بن سعيد الاشعرى عن ابى الحسن الرّضا ع قال سألته عن الصّلاة على الميّت قال اما المؤمن فخمس تكبيرات و امّا المنافق فاربع و لا سلام فيها فالظاهر ان المراد بالمنافق فيها هو المنافقون الّذين نهى النّبى صلّى اللّه عليه و آله عن الصّلاة عليهم كما اشير اليه في رواية محمّد بن مهاجر و الظّاهر ان المراد به المنافق الحقيقى لا المخالف على انّ المقابل للمؤمن لا يلزم ان يكون مطلق مخالفة بل يصحّ مقابلته مع كل قسم منه كما وقع في مقابله في حسنة فضيل بن يسار المتقدّمة خصوص المستضعف نعم لو وقع المنافق في مقابلة المؤمن في مقام حصر الاقسام و لم يردّ به المنافق الحقيقى لدلّ ذلك على انّ المراد به مطلق المخالف لا خصوص قسم منه كالناصب و لم يحضرني الآن رواية او عبارة من الاصحاب وقع فيها كذلك هذا ثمّ ان الناصب خارج عن فرق الاسلام كما سبق فلا تجب الصّلاة عليه بل لا يجوز و لا ينافى هذا حمل المنافق على الناصب و الحكم بالصّلاة عليه لان الصّلاة و التى لا تجوز عليه هو ما اشتمل على الدّعاء له او ما لا يشتمل على الدعاء عليه و امّا اذا صلّى للدّعاء عليه فلا منع منها اذ ليس من الصّلاة حقيقة بل هو مجرّد لعن و دعاء عليه و لا منع منه بل رغّب فيه و مثله القول في صلاة النبيّ ص على ابن ابىّ و امثاله مع انه قد نهاه اللّه عزّ و جلّ عن الصّلاة عليهم بقوله تعالى وَ لٰا تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَ لٰا تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ و قد اشير الى هذا في رواية الحلبى في حكاية رسول اللّه على ابن ابى و اعتراض عمر عليه ص بقوله ا لم ينهك اللّه ان تقوم على قبره و سكوته ص ثمّ اعادته الاعتراض و قوله ص له بعد ذلك ويلك ما يدريك ما قلت انّى قلت اللهمّ احسن جوفه نارا و اصله نارا فابدى من رسول اللّه ما كان يكره اى من اظهار امر ابن ابى و كيفيّة صلاته عليه هذا و انا المخالفون غير النّاصب فقد اشرنا الى الخلاف في جواز الصّلاة عليهم فعلى القول بعدم جوازها فالقول مثل الناصب سواء و على القول بجوازها و وجوبها فلا اشكال اصلا بقي الكلام في الاكتفاء باربع تكبيرات فنقول ان الحكم به في المنافق الحقيقى مما يدلّ عليه الاخبار كروايتى محمد بن مهاجر و اسماعيل بن همام السّابقتين و صحيحه اسماعيل بن سعد الاشعرى

المتقدّمة آنفا و كذا صحيحة حماد بن عثمان و هشام بن سالم عن ابى عبد اللّه ع قال كان رسول اللّه يكبّر على قوم خمسا و على آخرين اربعا فاذا كبّر على رجل اربعا اتهم يعنى بالنفاق و امّا في خصوص الناصب او المخالف مطلقا فلم اقف على رواية تدل على الاقتصار فيه باربع تكبيرات لكن النّاصب لما لم تجب الصّلاة عليه ليست الادعاء عليه فالظاهر جواز الاقتصار فيه بأربع و ما دونها أيضا انما الكلام في جواز الخمس و عدمه و الامر فيه هيّن بعد جواز الاقتصار و امّا المخالف غير النّاصب على ما هو المشهور عن وجوب الصّلاة عليه ففيه اشكال لعدم دليل على الاقتصار فيه مع عموم الرّوايات الدالة على الخمس في غير المنافق و عدم ظهور دخوله في المنافق و قال في المدارك و انّما وجب الاقتصار في الصّلاة عليه على اربع تكبيرات ادانة له بمقتضى مذهبه و فيه ان هذا لا يجرى في مطلق المخالف لعدم ظهور اطباق الكلّ على القول بالأربع نعم المعروف بين العامة القول بذلك على ان الحكم بالوجوب بمجرّد ذلك لا يخلو عن اشكال لكن لو ثبت الجواز فالامر في الوجوب هيّن كما اشرنا اليه آنفا فتأمل

قوله و يلعنه عقيب الرّابعة

اراد باللعن مطلق الدعاء عليه و ان لم يكن بلفظ اللّعن لخلوّ اكثر الرّوايات عنه و كون ظاهره هنا الوجوب باعتبار الآيتان بلفظ المضارع الشائع استعماله بمعنى الامر و كلامه في الدروس أيضا كانّه موافق لما هنا فانّه و ان ذكر اوّلا و ينصرف عن المنافق بالرّابعة و لم يذكر اللّعن لكن بعد ما ذكر انه يدعو للمستضعف و للطفل و للمجهول بكذا و كذا و كذا قال و للمنافق الجاحد للحقّ اللّهمّ املأ جوفه الى آخر الدّعاء و هو موافق لما هنا نعم رجّح في كرى عدم وجوبه بناء على ان التكبير عليه اربع و بها يخرج عن الصّلاة و اورد عليه في المدارك انّ الدعاء للميّت او عليه لا يتعيّن وقوعه بعد الرّابعة و قد ورد الامر بالدعاء على المنافق في روايات و هو ظاهر في الوجوب و هو متّجه كيف و لو تمّ ما ذكره لزم عدم استحبابه أيضا و لو قيل انه على تقدير الاستحباب يجوز ان يأتى به في باقى التكبيرات او بعد الرابعة و ان خرج بها عن الصّلاة فنقول على القول بالوجوب أيضا كذلك لكن يمكن تأييد عدم الوجوب مضافا الى الاصل بحسنتى محمد بن مهاجر و اسماعيل بن همام المتقدّمتين بل بحسنة الفضلاء المتقدمة هناك أيضا فلا يبعد حمل الامر الوارد في الروايات على الاستحباب على ان ذلك ان على القول بالوجوب أيضا لعدم وجوب لفظ خاص عندهم مع ورود الاوامر بالفاظ مخصوصة الا ان يقال الوجوب الذى هو حقيقة الامر اعمّ من التخيّرى فته

قوله و الاركان من هذه الواجبات الى آخره

ان حمل الركن على ما يوجب تركه عمدا و سهوا و كذا زيادته البطلان على ما ذكروه في اركان الصّلاة فلم يظهر ما يدلّ على ركنيّتها بهذا المعنى و ان اكتفى فيه بالبطلان بتركه عمدا و سهوا فلا يبعد القول به لعدم تحقق الامتثال لكن الكلام حينئذ

ص: 117

في التخصيص بها فان الاذكار أيضا على القول بوجوبها كما هو المشهور ينبغى ان تكون كذلك لعدم تحقق الامتثال مع تركها و اغتفار تركها سهوا دون هذه السّبعة او الستّة او عدم بطلان الصّلاة بتركها عمدا أيضا و ان اوجب لا ثمّ دونها لا بدّ له من دليل و ليس و ذكر في الذكرى ان الشاكّ في عدد تكبيراتها يبنى على الاقل لانّه المتيقّن فلو فعله ثمّ ذكر سبعة فالاقرب الصّحّة بناء على ان التكبير ذكر حسن في نفسه و يحتمل البطلان لانه ركن زيد امّا زيادة الدّعوات فلا يضرّ قطعا و لو صلّى قاعدا ناسيا فالاولى البطلان أيضا لركينة القيام و كذا لو فعل في بعضها ناسيا ان اتى بالتكبير فيه و ذكر في موضع آخر انّه لو سبق المأموم بتكبيرة فصاعدا اثم و أجزأ و لو كان ناسيا او ظانّا فلا اثم و اعادها معه ليدرك فضيلة الجماعة و في اعادة العامد تردد من حيث المساواة لليومية في عدم اعادة العامد و لانّها اركان زيادتها كنقصانها و من انّها ذكر اللّه تعالى فلا تبطل الصّلاة بتكرّره و في موضع آخر لو زاد في التكبير متعمّدا لم تبطل لانه خرج بالخامسة من الصّلاة و كانت زيادة خارجة عن الصّلاة و لو قلنا باستحباب التسليم فكك لانه لا يعدّ جزءا منها ثمّ ان اعتقد شرعيته فهو اثم و الا فلا و لو زاد في الأثناء معتقدا شرعيته اثم أيضا و الاقرب عدم البطلان لما سبق في الماموم انتهى و قد ظهر لك مما نقلنا ان الحكم بالبطلان بزيادة التكبير سهوا بل عمدا أيضا غير ظاهر نعم في صورة النقيصة على وجه لا يمكن تداركه كان يتحقق الفصل الكثير فالظّاهر البطلان لما ذكرنا من عدم تحقق الامتثال و في شرح القواعد نقل عن الذكرى ما نقلنا من عبارته الاخيرة الى قوله لا يعدّ جزء منها ثمّ قال و يشكل كلامه بما لو كبر عند بعض الادعية تكبيرتين فان كون الزيادة خارجة عن الصّلاة هنا غير واضح غفلة عمّا ذكره بعده فان مراد المصنف انه لو زاد آخر الصّلاة متعمّدا فلا تبطل قطعا لان الصّلاة تتم بالخامسة فالزيادة خارجة عنها و لو زاد في الاثناء فالاقرب عدم البطلان لما ذكرنا في المأموم من انّها ذكر فلا تبطل الصّلاة بتكرره اى مع عدم دليل على البطلان به فلا يرد النقص بزيادة تكبيرة الاحرام في الصّلاة عندهم و على هذا فما اورده من الاشكال على كلامه غير متجه و مع قطع النظر عن كلامه الاخير أيضا يمكن ان يقال ان الزيادة في الاثناء لا يوجب الحكم بالبطلان الا إذا زادت التكبيرات على الخمس و بعد ما زادت عليها فيتوجّه ما ذكره من وقوع الزيادة خارجة عن الصّلاة غاية الأمر اذا كبّر عند بعض الأدعية تكبيرتين و اتى بدعاء واحد انه ترك دعاء واحدة منها لا زيادة التكبير فان كان ترك الدعاء موجب للبطلان كما لو كان عمدا و لو كان قيل بوجوب الدعوات لاحتمال البطلان حينئذ لما ذكرنا من عدم تحقق الامتثال فالبطلان حينئذ باعتبار ترك الدعاء لا زيادة التكبير و الا فلا بطلان اصلا و القول انّه اذا كبر عند بعض الادعية تكبيرتين فلا يحتسب التكبيرة الزائدة مكان التكبيرة التى بعدها العدم قصدها بل تقع زائدة في الاثناء و يجب الاتيان بما بعدها لا يخلو عن اشكال فان الظاهر كفاية الاتيان بالخمس من غير اعتبار قصد ان هذه تكبيرة اولى و ثانية فتأمل و اللّه تعالى يعلم

قوله سبعة او ستة

الترديد باعتبار اختلاف المنافق و غيره في التكبيرة الخامسة و سيجي ء الكلام في ركنيّة النيّة و كون زيادتها موجبة للبطلان في نيّة الصّلاة فبعد الاطلاع عليه انشاء اللّه فقس عليها هاهنا أيضا

قوله من الحدث اجماعا

و تدلّ عليه الرّوايات أيضا كصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما ع قال سألته عن الرّجل تفجؤه الجنازة و هو على غير طهر قال فليكبّر معهم و موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة في حاشية اعتبار سرّ العورة و غيرهما من الاخبار

قوله بل لا يشرع بخصوصه

قال في الذكرى اجمع الاصحاب على سقوط التسليم و ظاهرهم عدم مشروعيته فضلا عن استحبابه و قال في الخلاف ليس فيها تسليم و احتج عليه باجماع الفرقة و نقل عن العامة التسليم على اختلافهم في كونه فرضا او سنة و هو يفهم كونه عنده غير سنة و قال ابن الجنيد و لا استحب التسليم فيها فان سلم الامام فواحدة عن يمينه و هذا يدلّ على شرعيته للامام و عدم استحبابه لغيره او على جوازه للامام من غير استحباب بخلاف غيره انتهى و لا يخفى ان مراده من نفى مشروعيته بقرينة قوله فضلا عن استحبابه ما يتناول الاباحة أيضا و ان كانت الشرعيّة في كلامه آخرا بمعنى الراجح و امّا في كلام الشارح فيحتمل الوجهين لكن قوله بخصوصه يشعر بالمعنى الاخير اى لا رجحان له في خصوص هذا الموضوع و ان كان التّسليم على المؤمنين و الصّالحين امرا مرغوبا اليه في نفسه مطلقا و لم يدع الاجماع على نفى الشرعيّة لما ذكره المص في الذكرى ان الاجماع المعلوم انما هو على عدم وجوبه و قد عرفت ان كلام ابن الجنيد يدل على جوازه للامام بل يحتمل استحبابه ايضا له هذا و في بعض النسخ و لا التسليم عندنا اجماعا و قد ضرب على لفظ عندنا في نسخة الاصل التى بخطه رحمه الله و كانّه باعتبار انه يوهم ان الاجماع السّابق من العامة و الخاصة و ليس كذلك اذ الطهارة شرط فيها عند اكثر الجمهور فهي أيضا اجماع منّا فافهم و يدلّ أيضا على عدم وجوب التسليم مضافا الى الاجماع ما ورد من الروايات المتظافرة في بيان كيفيّة صلاة الجنازة و انه ينصرف بالخامسة من غير ذكر تسليم و قد وردت الاخبار بنفيه صريحا أيضا كصحيحة اسماعيل بن سعد المتقدمة و حسنة الحلبى و زرارة بإبراهيم عن ابى جعفر و ابى عبد اللّه عليهما السّلام قالا ليس في الصّلاة على الميّت تسليم و مثله رواية الحلبى عن ابى عبد اللّه ع و قد ورد التسليم في روايات أيضا كموثقة سماعة و في آخرها فاذا فرغت اى من الخمس تكبيرات سلمت عن يمينك و في بعض النّسخ على بدل عن كذا في التهذيب و هذه الرّواية في في ايضا عن سماعة بسند آخر و ليس فيها هذه الزيادة و موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه ع و في آخرها آخر الدعاء الخامسة اللّهمّ عفوك و تسلّم و موثقة عما و أيضا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام سئل عن ميّت صلّى عليه فلمّا سلم الامام فاذا الميّت مقلوب رجليه و في بعض النسخ رجلاه الى موضع رأسه قال يسوّى و تعاد الصّلاة عليه و رواية يونس عن ابى عبد اللّه عليه السلام و في آخرها و الخامسة يسلم و يقف مقدار ما بين التكبيرتين و لا يبرح حتى يحمل السّرير من بين يديه و هذه الروايات مع كونها غير نقيّة الاسناد و قطع الاولى محمولة على التقيّة و يشكل ذلك فيما تضمّن التكبيرة الخامسة الا ان يقال ان التقية فيها ليست في مرتبة التقيّة في ترك السّلام لوجود التكبيرة الخامسة في رواياتهم أيضا فانّهم قد رووا فى صحاحهم عن زيد بن ارقم انه كبّر على جنازة خمسا و قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكبّرها و لفظ كان تشعر بالمحافظة الى غير ذلك من رواياتهم و لكنّهم لم يعملوا بها و عملوا بما رووه من الاربع و ما في كلام بعض شراح مسلم انه انما ترك القول بالخمس لانه صار علما للتشيّع و يمكن ان يكون ذلك في اواخر الامر لا في عصر ورود تلك الرّوايات فلا ينافى في ما ذكرنا و يمكن حملها ايضا على الاستحباب لو لم يثبت الاجماع على نفى الاستحباب على ان الروايتين الأخيرتين تختصّان بالامام و قد عرفت احتمال كلام ابن الجنيد للاستحباب في تسليمه امّا الأولى منهما فظاهر مع ان التسليم فيها في كلام الراوى و ليس فيها الا تقرير الامام و الأمر فيه سهل و امّا الثانيّة منهما فلقوله ع و لا يبرح الى آخره فان استحباب

ص: 118

ذلك مخصوص بالإمام و لا يستحبّ لغيره كما صرّح به المصنف في الذكرى فتأمل

قوله و مشى المشيع خلفه

كان فيه اشارة الى انّه يستحب للمشيع المشى و ترك الرّكوب قال في المنتهى يستحب المشى مع الجنازة و يكره الركوب و هو قول العلماء كافة و استدلّ عليه من اخبارنا برواية ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام من مشى مع جنازة حتى يصلّى عليها ثمّ يرجع كان له قيراط و المشى حقيقة في غير الركوب و صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال مات رجل من الانصار من اصحاب رسول اللّه فخرج رسول اللّه في جنازته يمشى فقال له بعض اصحابه أ لا تركب يا رسول اللّه فقال انى لاكره ان اركب و الملئكة يمشون و بانّها طاعة و عبادة و المشى فيها اشقّ فيكون افضل لقوله ع افضل الاعتمال احمزها و لا يخفى ان ظاهر عبارته في الدّعوى هو كراهة الركوب لكن دليله الأوّل و الاخير لا يدلّان الاعلى افضليّة المشى و امّا الصّحيحة فظاهرها الكراهيّة لكن في اثبات الحكم الكلّى بها اشكال لعدم ظهور مشى الملئكة مع كل جنازة و يدل ايضا بظاهره حسنة ابن ابى عمير بإبراهيم عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال رأى رسول اللّه قوما خلف جنازة ركبانا فقال ما استحيى هؤلاء ان يتبعوا صاحبهم ركبانا و قد اسلموه على هذه الحالة و كذا رواية غياث بن ابراهيم عن ابى عبد اللّه ع عن ابيه عن علىّ عليهم السلم انه كره ان يركب الرجل مع الجنازة في بدئه الا من عذر و قال يركب اذا رجع و لا يبعد حمل الكراهة في كلامهم و كذا الرّوايات على مرجوحيّة الركوب النسبة الى المشى و ان كان راجحا على ترك التشييع بالكليّة لعموم اكثر روايات التشييع و ما ورد فيها من الاجر كحسنة جابر بإبراهيم عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا دخل المؤمن قبره نودى الا اوّل حبائك الجنّة الا و اوّل حباء من تبعك المغفرة و رواية اسحاق بن عمار عن ابى عبد اللّه ع قال اوّل ما يتحف به المؤمن يغفر لمن تبع جنازته و رواية جابر عن ابى جعفر ع قال من شيّع ميّتا حتّى يصلّى عليه كان له قيراط من الاجر و من بلغ معه الى قبره حتى يدفن كان له قيراطان من الاجر و القيراط مثل جبل احد الى غير ذلك من الاخبار و اللّه تعالى يعلم و يحتمل ان يكون اشارة الى ان استحباب ان يكون خلفه او الى احد جانبيه انما هو للماشى و امّا الراكب فقالوا انه يتاكّد عليه المضى خلفه لما روى عن النّبى ص الراكب يسير خلف الجنازة و الماشى يمشى خلفها و امّا معها و عن يميتها و يسارها قريبا منها و امّا افضلية المشى باحد الوجهين فلرواية اسحاق بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المشى خلف الجنازة افضل من المشى بين يديها و لا باس ان يمشى بين يديها كذا في التهذيب و ليس في الكافي قوله و لا باس الى آخره و رواية السّكونى عن جعفر عن عليّ عليه السلام قال سمعت النّبى يقول اتّبعوا الجنازة و لا تتبعكم خالفوا اهل الكتاب و رواية جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال مشى النبيّ ص خلف جنازة فقيل له يا رسول اللّه مالك تمشى خلفها فقال انّ الملئكة رايتهم يمشون امامها و نحن تبع لهم و رواية سدير عن ابى جعفر ع قال من احبّ ان يمشى ممشى الكرام الكاتبين فليمش جنبى السّرير و امّا ما ذكره الشارح من كراهة ان يتقدّمه فنسبه في الذكرى الى كثير من الاصحاب قال و في يه جعل تركه افضل و هو اولى و وجه الاولويّة انّ خبر اسحاق على ما في التهذيب صريح في افضليته المشى خلفها و ظاهر في عدم كراهة المشى بين يديها و رواية جابر أيضا لا تدلّ على ازيد من الافضليّة مع انها لا تدل أيضا على الحكم الكلّى بها كما اشرنا اليه في نظيرها فينبغى حمل رواية السّكونى أيضا على ذلك هذا مع ضعف سندها و معارضتها بصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما ع قال سألته عن المشى مع الجنازة فقال بين يديها و عن يمينها و عن شمالها و خلفها و رواية محمد بن مسلم أيضا عن ابى جعفر ع قال امش بين يدى الجنازة و خلفها و يمكن حمل الكراهة في كلام كثير من الاصحاب أيضا على المرجوحية بالنسبة الى المشى على احد الوجهين الاخيرين لا الكراهة بالمعنى المتعارف أيّ مرجوحيّة فعلها بالنّسبة الى تركها مطلقا و من هذا يظهر انّ ما نقله عن النّهاية أيضا لا يخلو عن شي ء فان ظاهره ان تركه

افضل من فعله مطلقا و لا يستفاد ذلك من الاخبار بل الظاهر انه ليس ذلك الا الكراهة التى ذكرها كثير من الاصحاب أيضا فالاظهر ما ذكره المصنف و عبارة النّهاية أيضا ليست كما نقله بل هكذا و افضل ما يمشى المشيع للجنازة خلفها و عن يمينها و عن شمائلها و ان تقدّمها لعارض او ضرورة لم يكن عليه حرج و ان كان لغير ضرورة يكون قد ترك الافضل انتهى و هى جيّدة و قال المحقق في المعتبر مشى المشيّع وراء الجنازة او مع جانبها افضل من تقدمها و هو مذهب فقهائنا غير انّى لا اكره المشى أمامها بل هو مباح و كانّه اراد بالإباحة نفى الحرمة و الكراهة فيتناول المندوب و ان كان مرجوحا بالنّسبة الى مندوب آخر لا الإباحة بالمعنى المعروف اى المتساوى الطرفين اذ لم يظهر ذلك من الاخبار فتأمّل هذا كله في جنازة المؤمن و امّا المخالف فيكره المشى امامه لرواية ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام كيف اصنع اذ اخرجت مع الجنازة امشى امامها او خلفها او عن يمينها او عن شمائلها قال ان كان مخالفا فلا تمش امامه فانّ ملائكة العذاب يستقبلونه بانواع العذاب و مسأله رواية السّكونى عن ابى عبد اللّه ع و هذا أيضا مما يؤيّد نفى الكراهة في غيره و يدلّ صريحا على الحكمين رواية يونس بن ظبيان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال امش امام جنازة المسلم العارف و لا تمش امام جنازة الجاحد فان امام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به الى الجنة و ان امام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به الى النّار و لا يخفى ان ظاهر هذا الحرّ فضلية المشى امام جنازة المسلم لكن يمكن حمله جمعا بين الاخبار و بقرينة المقابلة مع الشق الآخر على الجواز فافهم

قوله لغير تقيّة

فانّ المعروف بين الخفيّة منهم انّ المشى امامها افضل لما روده عن ابن عمر انّه قال رايت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ابا بكر و عمر يمشون امام الجنازة مع انّهم رووا عن علىّ عليه السّلام انّه قال فضل الماشى خلف الجنازة على الماشى امامها كفضل المكتوبة على التطوع سمعته من رسول اللّه ص و امّا الخفية فوافقونا في ذلك هذا ثمّ ان الشارح في شرح الإرشاد قيّد المشيع في مثل هذا العبادة بالماشى مع الجنازة الى موضع الدفن او الصلاة و ظاهره ان التشييع المستحبّ هو ما يكون الى احدهما و لا يحصل باقلّ منه و الظاهر صدق التشييع و التبعيّة الواردة في الاخبار بالتشييع و المتابعة في الجملة و ان لم يكن الى احدهما و الظاهر انّ الشّارح استنبطه من روايتى ابى بصير و اسحاق بن عمار المتقدمتين آنفا حيث جعل المرتبة الاولى فيهما المشى او التشييع الى الصّلاة و جعل له قيراط و لا يخفى ضعفه فانّ غاية ما يدلّان عليه عدم حصول القيراط قبل ذلك لا عدم حصول الاجر و الثواب اصلا و ما روى عن امير المؤمنين عليه السّلام انه قال من تبع جنازة كتب اللّه له اربعة قراريط قيراط بأتباعه اياها و قيراط بالصّلاة عليها و قيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنه و قيراط بالتّعزية و ان كان يشعر بانّ التبعيّة هو ما يكون الى الفراغ من الدّفن حيث جعل هذه القراريط المطلق من تبع لكن يمكن حمله على التّبعية الكاملة فتخصيص العمومات ما لمجرّد هذه الرّواية مشكل جدّا و في حسنة زرارة في حكاية حضور ابى جعفر ع جنازة رجل من قريش

ص: 119

تكليف وليّها له ع بالرّجوع ما ربما يؤيّد ما ذكرنا حيث قال ع بعد ما قال له من زرارة قد اذن لك في الرّجوع و لى حاجة اريد ان أسألك عنها امضه فليس باذنه جئنا و لا باذنه نرجع انما هو فضل و اجر طلبنا فيقدر ما يتبع الجنازة الرّجل يرجو على ذلك و قال العلامة رحمه الله في هى أدنى مراتب التشييع ان يتبعها الى المصلّى فيصلّى عليها ثمّ ينصرف و اوسطه ان يتبع الجنازة الى القبر ثمّ يقف حتى يدفن و اكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له و يسأل اللّه تعالى له الثّبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين انتهى و لعلّ مراده ادنى المراتب الكاملة التى ورد فيها اجر بالخصوص فتأمل

قوله و التربيع و هو حمله الى آخره

اعلم ان التربيع المستحبّ في حمل الجنازة يطلق على معنيين الاوّل حملها من جوانبها الاربعة باربعة رجال و فيه ردّ على الشافعيّة حيث جعلوا حملها بين العمودين افضل من حملها من الجوانب الاربعة و كان ذلك باخراج خشبتين من جهة الرّجل فيدخل الرّجل بين العمودين و يحملها و قال العلامة في كره و لا يمكن مثل ذلك في المؤخّر لانه يكون وجهه الى الميّت لا يبصر طريقه فيحمل العمودين رجلان يجعل كل واحد منهما احد العمودين على عاتقه كما يفعل في التربيع ثمّ انّ الافضل مع زيادة المشيّعين على الاربعة حملها على التناوب ليشترك الجميع في الاجر و الثانى انه يستحب لكل رجل حملها بجوانبها الاربعة كيفما انفق ثمّ افضل ذلك حملها على الترتيب المخصوص الذى ذكروه امّا استحبابه كيفما اتفق و لحسنة جابر في الكافي بابراهيم بن هاشم و في التهذيب بإبراهيم بن مهزيار عن ابى جعفر عليه السلام قال من حمل جنازة من اربع جوانبها غفر اللّه له اربعين كبيرة و مرسلة سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه ع قال من اخذ بقائمة السّرير غفر اللّه له خمسا و عشرين كبيرة فاذا ربع خرج من الذنوب و مرسلة عيسى بن راشد عن ابى عبد اللّه ع من اخذ بجوانب السّرير الاربعة غفر اللّه له اربعين كبيرة و مرسلة الفقيه عن ابى جعفر ع من حمل اخاه الميّت بجوانب السّرير الاربعة محا اللّه عنه اربعين كبيرة من الكبائر و مرسلته أيضا انّه قال ص لإسحاق بن عمّار اذا حملت جوانب السّرير الميّت خرجت من الذنوب كما ولدتك امّك و من هذه الرّوايات يظهر استحباب التربيع بالمعنى الاول ايضا و امّا افضليّة الترتيب المخصوص فلما سيجي ء

قوله و افضله ان يبدأ في الحمل الى آخره

قال الشيخ في يه و يستحبّ لمن شيّع جنازة المؤمن ان يحمله من اربع جوانبه يبدأ بمقدم السّرير الايمن ثمّ يمرّ عليه و يدور من خلفه الى الجانب الايسر ثمّ يمر عليه حتى يرجع الى المقدم كذلك دور الرّحى فقريب منه عبادته في المبسوط أيضا كما سينقله و هذا هو المشهور بين الاصحاب و قال في ف صفة التّربيع ان يبده بيسره الجنازة و يأخذ بيمينه و يتركها على عاتقه و يربّع الجنازة يمشى الى رجليها و يدور دور الرّحى الى ان يرجع الى يمنة الجنازة فياخذ ميامن الجنازة بمياسره ثمّ استدل باجماع الفرقة و عملهم و لا يخفى ما بين ظاهر الكلامين من التّعاكس و يدلّ على الاول رواية العلاء بن سيابة عن ابى عبد اللّه ع قال تبدأ في حمل السّرير من الجانب الايمن ثمّ تمرّ عليه من خلفه الى الجانب الآخر حتى ترجع الى المقدم كذلك دوران الرّحى عليه و رواية الفضل بن يونس قال سألت ابا ابراهيم ع عن تربيع الجنازة قال اذا كنت في موضع تقيّة فابدأ باليد اليمنى ثمّ بالريجل اليمنى ثمّ ارجع من مانك الى ميامن الميّت لا تمر خلف رجليه البتّة حتى يستقبل الجنازة فتأخذ يده اليسرى ثمّ رجله اليسرى ثمّ ارجع من مكانك لا تمرّ خلف الجنازة البتّة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت اوّلا و ان لم تكن تتّقى فيه فان تربيع الجنازة الّذى جرت به السّنة ان تبدأ باليد اليمنى ثمّ الرّجل اليمنى ثمّ بالرّجل اليسرى ثمّ باليد اليسرى تدور حولها و يدلّ على الثانى رواية على بن يقطين عن ابى الحسن موسى ع السّنة في حمل الجنازة ان تستقبل جانب السّرير يشقّك الايمن ثمّ تمرّ عليه الى الجانب الآخر و تدور من خلفه الى الجانب الثالث من السّرير ثمّ تمرّ فتلزم الايسر بكفك الايمن و تدور عليه الى الجانب الرابع ممّا يلى يسارك كذا في الكافي و في نسخ التهذيب فيه اختلاف و لكن مفادا لكلّ واحد و المصنف رحمه الله في الذكرى بعد ما ذكر انّ الشيخ في ف عمل على رواية علىّ بن يقطين قال و يمكن حمله على التربيع المشهور لان الشيخ ادعى على الاجماع و هو في المبسوط و ية و باقى الاصحاب على التفسير الأوّل فكيف يخالف دعواه و لانه قال في ف يدور دور الرّحى كما في الرّواية و هو لا يتصوّر الاعلى البدأة بمقدم السّرير الايمن و الختم بمقدم الايسر و الاضافة هنا قد تتعاكس و الراوندى حكى كلام ية و ف و قال معناهما لا يتغيّر انتهى و اراد بقوله لان الشيخ الى آخره ان الشيخ في الخلاف ادّعى الاجماع على ما ذكره مع انّه في المبسوط و النهاية و باقى الاصحاب على التفسير الاوّل فينبغى حمل كلامه في ف على ما يرجع الى التفسير المشهور ليستقيم دعواه و امّا ما في المدارك حيث ذكر التفسير المشهور ثمّ قال ذكر ذلك الشيخ في المبسوط و ية و ادعى عليه الاجماع ثمّ نقل قول الخلاف بلا دعوى اجماع فكانه سهو منه رحمه الله اذا الشيخ ما ادّعى الاجماع على ما ذكره في المبسوط و ية بل انما ادّعى الاجماع على ما ذكره في الكافي و ظنّى انه لم يراجع كتبا لشيخ و انما استفاد ما ذكره من عدم التّأمل فيما نقلناه من عبارة الذكرى فحمله على دعوى الشيخ الاجماع على التربيع المشهور و انّها في المبسوط و ية و هو كما ترى هذا ثمّ نقل عن المصنف ما ذكرنا من امكان الجمع بينهما و قال ما ذكره من امكان الجمع بين الكلامين مشكل جدّا و قلت فيما علّقناه عليه لا يخفى ان الظاهر ان السّرير اعتبر بمنزلة دابّة تمشى و استلقى عليها انسان بحيث وضع رأسه على رأسها و على هذا يكون ايمن السّرير على يسار الميّت و بالعكس فالشّهيد رحمه الله جعل اول المشهور المستفاد من الرّوايتين الاوليين و كتابى الشيخ هو الابتداء بيمين السّرير و القول الآخر المستفاد من الخلاف و رواية على بين يقطين هو الابتداء يسار السرير ثمّ اشار الى يمكن حمله على التربيع المشهور اى حمل عبارة الخلاف فقط أو رواية على بن يقطين أيضا امّا الاوّل فبحمد الجنازة فيها على الميت و لا بعد فيه بل هو الظاهر منها على بعض الاحتمالات على ما سبق و امّا الثّانى فبان يحمل الايسر في الرواية على ايسر الميّت لا ايسر السّرير كما هو ظاهرها فينطبقان على ما هو المشهور من الابتداء بيمين السّرير فان قلت كيف يمكن حمل رواية علىّ بن يقطين على هذا المعنى مع انّه فيها الى الجانب الرابع ممّا يلى يسارك و اذا كان الابتداء

بايمن السّرير الذى هو ايسر الميّت يكون الجانب الرابع ممّا يلى يمين الحامل لا على يساره و انما يلى الجانب الرّابع يساره اذا كان الابتداء من ايسر السّرير و ايمن الميّت و في بعض نسخ التهذيب مما يلى يساره و الامر فيه أيضا كذلك امّا عنى تقدير رجوع الضمير الى الحامل فظاهر و امّا على تقدير رجوعه الى الميّت كما هو الظاهر فلانّ الجانب الرابع انما هو يلى يسار الميّت اذا وقع الابتداء من ايسر السّرير لا من ايمنه قلت هذا اذا حمل قوله مما يلى يسارك على المعنى الجانب الرابع الذى يلى يسارك و لك ان تحمله على ان المراد من الجانب الرابع بالنسبة الى ما يلى يسارك اوّلا اى الرابع للجانب الذى ابتدأت به و كان يلى يسارك و كذا الكلام على النسخة الاخرى و حينئذ فينطبق على ما ذكر في الكتابين نعم ما ذكر في اوّل الرّواية من لزوم

ص: 120

الايسر بالكتف الايمن ظاهره ايسر السّرير فان حمله بالأيمن ايسر و امّا حمل ايمن السّرير الّذى هو ايسر الميّت بالايمن فلا يخلو عن عسر لكن ليس ممّا لا يمكن الحمل عليه خصوصا بعد اخراج الخشيتين على النحو المعهود الآن و لا يخفى انه لو حمل عبارة الخلاف على ما يوافق الكتابين يلزم ما ذكرنا من العسر في صورة الرّجوع أيضا فان حمل ميامن الميّت بمياسره عسير كالعكس مع انّه لا شاهد عليه في الرّوايات الّا ان يستنبط ذلك بالمقايسة و المقابلة و الاظهر حمل عبارة الخلاف على ظاهر الرّواية الثّالثة و حمل ما ذكر في الكتابين عليه بان يحمل الايمن فيهما على ايمن الميّت لا السّرير و حينئذ فياخذ في كل من الجانبين بما هو اخف و ايسر و يمكن حمل الروايتين أيضا على هذا بل ربما كان حمل رواية الفضل عليه اظهر حيث عبّر فيها باليد و الرّجل و أيضا ذكر في اوّل الخبر الى ميامن الميّت و العجب ان الشّهيد الثانى رحمه الله في شرح الارشاد نقل رواية العلا ثمّ قال و مثله روى فضل بن يونس عن الكاظم عليه السّلام الا انه صرّح فيه بان المبدوءة ايمن السّرير لا الميّت مع انّه لا اشعار فيها بذلك اصلا بل الظاهر منها انه الميّت على ما ذكرنا نعم رواية العلا حيث قال يبدأ في حمل السّرير من الجانب الايمن ربما توهم ظهورها في جانب السّرير لكن الامر فيه هيّن كما لا يخفى و امّا ما تمسّك به في الذكرى من حديث دور الرّحى فكانه لا يدور على ما يسمن او يغنى من جوع إذ الظاهر ان الغرض من التشبيه بها انما هو مجرّد انه لا بدّ من الدوران و عدم الرّجوع كما يفعله العامة و اشير اليه في رواية الفضل على ان الأرحي يبتدأ على ما اظنّ ما كان منها يدار باليد تتحرّك من اليمين الى الشمال و على هذا فالتشبيه بها لعلّه يؤيد حمل عبارة الخلاف على الابتداء بيسار السّرير الذى يلى يمين الميّت فانّ الرّحى اذا تحرك على ما ذكرنا فالجزء الذى توهّم على يسارها بمنزلة يدها اليسرى يتحرّك من موضعه الى موضع رجلها اليسرى ثمّ الى موضع رجلها اليمنى ثمّ الى موضع يدها اليمنى فدور ان المربّع على الوجه المذكور موافق لدورانها و امّا الجزء الذى هو بمنزلة يمينها فيتحرك من موضع يدها اليمنى الى موضع يدها اليسرى ثمّ رجلها اليسرى و هكذا فالتشبيه بالرّحى لا يناسب طريقة الكتابين و امّا غيرها من الارحاء فلا يتميّز لها يمين و لا يسار الّا بالاعتبار فاذا استقبلها احد بحيث يكون يمينه الى الموضع الذى يتحرك اليه و يساره الى الموضع الذى يتحرك منه فيمين الرّحى حينئذ يعتبر على قياس ما ذكر في السابق و يكون دورانها مثله و ان استقبلها في مقابل تلك الجهة بحيث تتحرك الرحى اولا الى يمينه فينعكس اعتبار يمين الرحى و شمالها حينئذ فيتحرك الجزء الذى على شمالها حينئذ بمنزلة يده اليسرى من موضعه الى موضع رجلها اليسرى ثمّ الى موضع رجلها اليمنى ثمّ الى موضع يدها اليمنى روح فالتشبيه بالرحى خلاف ظاهر الخلاف فاذا دار الامر فيها على ما ذكر من الاعتبار فالتشبيه بدورانها لا يصلح مؤيد الشي ء من الاحتمالين بل الظاهر في الجميع جعل يمينها و يسارها على قياس ما ترحى منها باليد و قد عرفت ان دورانها على وفق الخلاف على ما حملنا و الشهيد الثانى رحمه الله في شرح الارشاد بعد ما ذكر ان افضل هيئاته ما رواه العلا بن سيابة و الفضل بن يونس و ان في خبر علىّ بن يقطين حمل الجانب الاول بايمن الحامل قال فيتحرق من ذلك ان افضل هيئاته ان يبدأ بمقدّم السّرير الأيمن و هو الذى يلى يسار الميّت فيحمل بكتفه الايمن ثمّ ينتقل الى مؤخر السّرير الايمن فيحمله بالايمن ثمّ ينتقل الى مؤخر الايسر فيحمله بالكتف الأيسر ثمّ ينتقل الى مقدمة الأيسر فيحمله بكتفه الايسر و هذا هو المشهور و كيفية لا فتح عن اجمال في عباداتهم و اشتباه و محصّلها ما ذكرناه و ممن صرّح بهذه الهيئة المصر في هى و الشيخ في المبسوط و كثير من الجماعة انتهى و انت خبير بانّ ما هو المشهور هو الابتداء بيمين السّرير و امّا حكمه بالحمل بالكتف الايمن اوّلا ثمّ بالايسر فلم يذكر في كلام الاكثر و انما وقع في بعض العبارات كالتحرير و الدروس و قد عرفت ما فيه من العسر و لا شاهد عليه من الرّوايات الا ان يحمل رواية علىّ بن يقطين على ما يوافقه فتدلّ على الاوّل و يستفاد الثانى بالمقابلة و المقايسة كما اشرنا اليه و لعلّ نقله لخبر

على بن يقطين في المتفرع عليه للاشارة الى هذا و فيه ضعف و الاظهر على ما هو المشهور الحمل من الجانبين بما هو ايسر لا سيّما في الايسر فتدبّر و يمكن ان يقال أيضا ان المشهور عندهم هو الابتداء بيمين السّرير و امّا انّ يمين السّرير هو الذى يلى يسار الميّت فغير ظاهر من كلامهم و على هذا فلك ان تحمل كلام الذكرى على مثل ما ذكرنا من الاحتمال الاخير بان يقال إنّه اوّلا اعتبر السّرير بمنزلة انسان استلقى على ظهره كالميّت و ح فيكون بيمينه يمين الميّت و يساره يساره او يقال انه لم يعتبر السّرير يمينا و لا يسارا الّا باعتبار الميّت و على هذا فالمستفاد من الرّوايتين و كتابى الشيخ هو الابتداء بيمين السّرير و الميّت و القول ظاهر و القول الآخر المستفاد من الخلاف و رواية علىّ بن يقطين هو الابتداء بيسارهما ثمّ اشار الى انه يمكن حمل عبارة ف و كذا الرّواية الثّالثة على التربيع المشهور بان يقال انّه جعل السّرير بمنزلة دابّة على ما ذكرنا فيكون يساره على يمين الميّت فلذا عبّر عنه بالايسر فيوافق ما هو المشهور من الابتداء بيمين الميّت و امّا قوله و هو لا يتصوّر الّا على البدءة بمقدّم السّرير الايمن و الختم بمقدّم الايسر اى على الاعتبار الأول الذى عليه بناء كلامه اوّلا و هو ان يكون يمين السّرير و يساره هو يمين الميّت و يساره هذا و على هذا يظهر لما ذكره من التأييد بحديث الرّحى وجه كما ظهر مما سبق و يؤيّد هذا ان العلّامة رحمه الله في هى بعد ما ذكر انّ التربيع المستحب عندنا ان يبدأ الحامل بمقدم السّرير الايمن ثمّ يمرّ معه و يدور من خلفه الى الجانب الايسر فياخذ رجله اليسرى و يمرّ معه الى ان يرجع الى المقدم كل دور الرّحى قال و حاصل ما ذكرناه ان يبدأ فيضع قائمة السّرير التى يلى اليد اليمنى للميّت فيضعها على كتفه الايسر ثمّ ينتقل فيضع القائمة التى تلي رجله اليمنى على كتفه الايسر ثمّ ينتقل فيضع القائمة التى تلي رجله اليسرى على كتفه الايمن ثمّ ينتقل فيضع القائمة التى تلي يده اليسرى على كتفه الأيمن و هكذا انتهى و هذا تصريح منه رحمه الله بان المراد بيمين السّرير هو التي تلي اليد اليمنى للميّت على ما ذكرنا في الوجه الاخير لكن قوله فيضعها على كتفه الايسر كما ترى لما فيه من العسر و لا شاهد عليه في الرّوايات بل لو حمل رواية علىّ بن يقطين على ما يوافقه فهي تدلّ على وضعها على الايمن فالاظهر تبديل الايسر في الموضعين بالايمن و بالعكس نعم لو قيل ان تقديم اليمنى في الموضعين على اليسرى فيهما وقع سهوا و الصواب العكس امكن ان يكون هذا في موضعه اذ عند الابتداء بيمين السّرير الوضع على الكتف الايسر ثمّ عند الانتقال الى الجانب الآخر على الايمن اخفّ و ايسر على ما اشرنا اليه و ح يسقط التأييد الذى ذكرنا لكنّه رحمه الله في التحرير مع قوله بالابتداء بيمين السّرير صرخ بالوضع على الايمن اوّلا ثمّ على الايسر فالظاهر انّ السّهو في هذه العبارة لو وقع انما وقع في الايسر و الايمن لا في اليمنى و اليسرى و ح فيؤيّد ما ذكرنا و مما يؤيد أيضا وقوع السّهو في الايسر و الايمن انه نسب اختيار ما ذكره الى بعض العامة أيضا كإسحاق و سعيد بن جبير مع ان الشيخ في الكافي أيضا

ص: 121

نسب اختيار ما ذكره اليهما و فيما ذكره الوضع على الايمن و الاوّلين و على الايسر في الآخرين فيعلم منه ان السّهو في عبارة هى انما وقع في الايسر و الايمن لا في اليمنى و اليسرى و من هذا يعلم انّه ينبغى حمل عبادة الخلاف على ما ذكرنا اخيرا من الابتداء بايسر السّرير حتى يكون ما اختاره مذهب ابن جبير و اسحاق اذ لو حمل على ايسر الميّت لم يوافق مذهبهما على ما نقله في هى فافهم و قد ظهر مما تلونا عليك ان ما ذكره الشّهيد الثانى رحمه الله من انه ممّن صرّح بهذه الهيئة المصنف في هى فيه ما فيه اذ فيه غفلة عما ذكره رحمه الله في الحاصل لانه لا ينطبق عما ذكره اصلا سواء صحّت العبارة او وقع فيها سهو في الايمن و الايسر او في اليمنى و اليسرى و انما ينطبق على ما ذكره لو وقع السّهو فيهما جميعا و مع تجويز ذلك من اين يحكم به فكيف يكون كلامه صريحا فيما ذكره هذا و امّا نسبته الى الشيخ في المبسوط ففيه أيضا ما فيه بل عبارة المبسوط هكذا و يستحبّ لمن تشيع الجنازة ان يحمله من اربع جوانبه يبدأ بمقدم السرير الايمن يمرّ معه و يدور من خلفه الى الجانب الايسر فياخذ رجله اليسرى و يمرّ معه الى ان يرجع الى المقدم كل دورا الرحى انتهى و ليس فيه الا التصريح بالابتداء باليمين و امّا ان يمين السّرير ما ذا فلا يفهم من كلامه فكما احتمل ما ذكره يحتمل أيضا ما ذكرنا بل بقرينة ما ذكره في الخلاف ينبغى حمله على ما ذكرنا و لعلمه نسبته الى كثير من الجماعة أيضا خلاف ما يظهر بالتصفح و التصريح بل كلام الاكثر على ما راينا موافق لما في المبسوط من الابتداء بيمين السّرير و قد عرفت حاله او ابعد دلالة منه على ما ذكره رحمه الله مثل عبارة الدروس حيث قال و افضله التربيع فتحمل اليد اليمنى بالكتف اليمنى ثمّ الرّجل اليمنى كذلك ثمّ الرّجل اليسرى بالكتف اليسرى ثمّ اليد اليسرى كذلك حيث عبّر باليد و الرّجل اللّتين ربما يدعى ظهورهما في انهما من الميّت و اللّه تعالى يعلم انتهى ما كتبته على المدارك و قد ظهر بما فصّلنا ان الاولى الابتداء بيسار الميّت اخذا في الجانبين بما هو ايسر اذ به يسهل الجمع بين الرّوايات بحمل الاوليين على الثّلاثة سواء وافق المشهور ام لا و ما ذكره الشارح رحمه الله هاهنا موافق لما نقلنا عنه في شرح الارشاد و قد عرفت حاله و انما بسطنا الكلام القول فيه تشحيذا للأذهان و تحديدا للأفهام و الّا فالخطب سهل لان المقام مقام الاستحباب و مع ذلك كانّه ليس من المستحبات التى بها زيادة اهتمام كما يظهر ممّا رواه في الفقيه عن الحسين بن سعيد و طريقه اليه صحيح انّه كتب الى ابى الحسن الرّضا ع يسأله عن سرير الميّت يحمل أ له جانب بيدأ به في الحمل من جوانبه الاربع او ما خف على الرّجل يحمل من أي الجوانب شاء فكتب من ايّها شاء و في رواية جابر عن ابى جعفر عليه السّلام السّنة ان يحمل السّرير من جوانبه الاربع و ما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوّع و هو يحتمل وجهين الاوّل ان السّنة الاكيدة هى حمل السّرير من الجوانب الاربعة مرّة و ما كان بعد ذلك من تكرار الحمل فهو تطوّع و زيادة فضل و الثانى أن السنة الاكيدة هى حمل السرير من الجوانب الاربعة و ما كان بعد ذلك من كيفية الحمل فهو تطوّع ثمّ على هذا أيضا يحتمل وجهين الاوّل ان يكون المراد بالحمل من الجوانب الاربعة هو التربيع بأربعة رجال لا كما يفعله العامة من الحمل بين العمودين و الثاني أن يكون المراد به التربيع المستحب للحامل من الأخذ بالجوانب الأربعة كيفما اتفق هذا إذا كان يحمل السرير بالياء المثنا من تحت و لو كان بالمثنّاة من فوق فالظاهر منه بناء على المعنى الاخير هو الوجه الاخير فافهم

قوله بقوله بسم اللّه الى آخره

مستنده كما صرّح به في الذكرى موثقة عمّا و عن ابى عبد اللّه عليه السّلام لكن فيها على ما في التهذيب بسم اللّه و باللّه صلّى اللّه على محمد و آل محمّد اللّهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات

قوله هذا ما وعدنا اللّه

في الكافى و التهذيب وعدنا

قوله الحمد للّه الّذى لم يجعلنى الى آخره

هذا ليس من تتمة الدّعاء السّابق كما هو ظاهر العبارة بل هو دعاء آخر مستقلّ و قد ورد الاول في رواية عنبسة بن مصعب عن ابى عبد اللّه ع و الثانى في مرسلة الفقيه و رواية ابان على ما في الكافي و التهذيب قال لا اعلم الا ذكره عن ابى حمزة قال كان على بن الحسين ع اذا رأى جنازة قد اقبلت قال الحمد للّه الى آخره

قوله من السّواد المخترم

قال في ق السّواد الشخص و من البلدة فرآها و من النّاس عاقهم و قال فيه و اخترمته المنيّة اخذته و القوم استأصلهم فالمش رحمه الله كانه حمل السّواد على الشخص و اريد به الجنس و المخترم على الهالك امّا على غير بصيرة فانه الهلاك الحقيقى او مطلقا فيكون حمدا على الحياة و قوله اشارة الى الرّضا بالواقع

دفع لما يتوهم على الاحتمال الاخير من انه كيف يصح الحمد على الحياة مع ما ورد من فضل حبّ لقاء اللّه تعالى فاجاب انّ ذلك انما هو في وقته المقدر من جانب اللّه تعالى لا قبله بل ينبغى للمؤمن الشكر على الحياة في زمانها و على الموت عند اوانه و كذلك على الصحّة و المرض و الغنى و الفقر و سائر الاحوال و بالجملة الرّضا بما وقع من اللّه تعالى كيف كان كما يرشد اليه الاخبار و يمكن ان يقال أيضا انّ من احبّ لقاء اللّه تعالى ينبغى له طلب ما يوجب الاستعداد فالشاهد له و كلما زاد ذلك وقوع كان اولى محب الحياة و الحمل عليها اذا كان الاتيان بما يوجب ذلك الاستعداد لا

ينافى حبّ لقاء اللّه تعالى بل يؤكده فافهم و قال في الذكرى في دفع المنافاة ان حبّ لقاء اللّه تعالى غير مقيّد بوقت فيحمل على حال الاختصار و معاينة ما يحبّ كما روينا عن الصّادق عليه السّلام و رووه في الصّحاح عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال من احبّ لقاء اللّه احبّ اللّه لقائه و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقائه فقيل له انّا لنكره الموت فقال ليس ذلك و لكنّ المؤمن اذا حضره الموت بشّر برضوان اللّه و كرامته فليس شي ء احبّ اليه ممّا امامه فاحبّ لقاء اللّه و احبّ اللّه لقائه و ان الكافر اذا احضر بشّر بعذاب اللّه فليس شي ء اكره اليه ممّا امامه كره لقاء اللّه فكره اللّه لقائه و بقيّة عمر المؤمن نفيسه كما اشار اليه النبيّ في الصّحاح لا يتمنّ احدكم الموت و لا يدع به من قبل ان يأتيه انه اذا مات انقطع عمله و انه لا يزيد المؤمن عمره الأخير او قال علىّ عليه السّلام بقيّة عمر المؤمن لا تمن لها يدرك بما فات و يحيى بها ما مات انتهى و يمكن حمل المخترم على المستاصل أيضا فان الميّت على غير بصيرة كانه مستاصل لعدم رجوعه الى حظّ و نصيب بخلاف المؤمن و على الوجهين يمكن حمل السّواد على المعنى الثانى أيضا اى من القرية الهالك و المستاصل اهلها هلاكا و استيصالا ظاهرنا او حقيقيّا و كذا على المعنى الثالث اى من عامة الناس الهالكين او المستاصلين حيث لم يجوز و افضل الايمان او انّهم يموتون بغير استعداد و تهيئة يعتدّ بها للموت و على الاخير لا يبعد ان يقال باختصاص الدعاء به بمثله و اللّه يعلم

قوله و الطّهارة و لو تيمّما

لا خلاف بين الاصحاب على ما ذكره في المنتهى و شرح الارشاد في عدم اشتراط صلاة الجنازة بالطهارة و يدلّ عليه الاخبار ايضا كصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما قال سألته عن الرّجل تفجؤه الجنازة و هو على غير طهر قال فليكبر معهم و موثقة يونس بن يعقوب قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الجنازة اصلّى عليها على غير وضؤ فقال نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبّر و تسبيح في بيتك على

ص: 122

غير وضوء و غير هذا من الاخبار و امّا الاستحباب الطّهارة فكأنّه لا خلاف فيه أيضا و يدلّ عليه أيضا رواية عبد الحميد بن سعد أو سعيد على اختلاف النسخ قال قلت لابى الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها و لست على وضؤ فان ذهبت اتوضأ فاتتنى الصّلاة الى ان اصلي عليها و انا على غير وضؤ قال تكون على طهر احبّ اليّ و امّا جواز التيمّم مع خوف فوت الصّلاة و ان قدر على المائية فلحسنة الحلبى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل تدركه الجنازة و هو على غير وضؤ فان ذهب يتوضّأ فاتته الصّلاة عليها قال تيمّم و يصلّى و امّا الجواز مطلقا كما هو المشهور فلموثقة سماعة قال سألته عن رجل مرّت به جنازة و هو على غير وضوء كيف يصنع قال يضرب بيده على حائط اللّبن فيتيمّم و لما في الفقيه بعد ما نقلنا من رواية يونس بن يعقوب حيث قال و في خبر آخر انه تيمّم ان احبّ و التقييد في الحسنة في كلام الراوى فلا ينافى اطلاق الروايتين لكنهما ضعيفتان بالقطع و وقف ذرعة و سماعة في الاولى و الارسال في الثانية الّا ان يقال ينجبر ضعفهما بالشّهرة بين الاصحاب حتى انه في المنتهى و التذكرة نسبه الى علمائنا هذا مع التسامح في ادلّة السّنن و يؤيّده أيضا ما في صحيحة حريز عمّن اخبره عن ابى عبد اللّه ع الجنب تيمّم و يصلّى على الجنازة و في موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه الطّامث اذا حضرت الجنازة تيمّم و تصلّى عليها فتأمل

قوله عند وسط الرّجل و صدر المرأة

يدلّ عليه حسنة عبد اللّه بن المغيرة بإبراهيم عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام من صلّى على امراة فلا يقوم في وسطها و يكون ممّا يلى صدرها و اذا صلّى على الرجل فليقم في وسطه و رواية جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال كان رسول اللّه ص يقوم من الرجل بحيال السّرة و من النساء و في بعض النسخ المرأة ادون من ذلك قبل الصدور و ما نقله من الخلاف نقله عنه العلّامة في المختلف و تبعه فيه المحقق الثانى في شرح القواعد و الشارح هنا و نقل عنه في هى انّه يقف عند رأس المرأة و الرّجل و كلا النّقلين خلاف ما راينا فانه قال السّنة ان يقف الامام عند وسط الرجل و صدر المرأة و هو موافق للمشهور ثمّ استدلّ باجماع الفرقة و امّا ما نقله عن الاستبصار فيدلّ عليه رواية موسى بن بكر عن ابى الحسن ع قال اذا صلّيت على المرأة فقم عند رأسها و اذا صلّيت على الرجل فقم عند صدّره و حمله الشيخ في التهذيب على انه اراد بالصّدر الوسط لانه يعبّر عن الشي ء باسم ما يجاوره و كل في قوله عند رأسها لان الرأس يقرب من الصدر فجاز ان يعبّر عنه به و الاظهر في الجمع القول باستحباب كل منهما اذا الظاهر كما يظهر من هى انه لا خلاف عندنا في عدم وجوب ما ذكره من الكيفية و استحبابها لا ينافى استحباب كيفية اخرى أيضا و التخيير بينهما فتأمل

قوله و الخنثى هنا كالمرأة

قال في شرح القواعد و لا يبعد ان يقال ان الخنثى كالمرأة تباعدا من موضع الشهوة انتهى و على ما ذكره من التعليل لا يبعد ان الصّبية أيضا كالمرأة لكن الحكم بمثل هذه التعليلات المستنبطة ضعيف جدّا خصوصا على نحو ما حكم به الشارح من الجزم فالظاهر الاقتصاد فيه على مورد النص نعم الصّبية يحتمل دخولها في النساء الواردة في رواية جابر كما هو في اكثر النسخ ثمّ على مقتضى التعليل يلزم تعاكس الحكم عند كون المصلّى امرأة و كانهم لا يقولون به و ايضا التعليل المذكور لا يستقيم على القول الذى نقل من الخلاف مع ان ظاهر كلام الشارح ان الخنثى هنا كالمرأة على جميع الاقوال فتأمل

قوله و كلاهما مروى

امّا ما يدل على الاول فصحيحة عبد الرحمن الغررى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال صلّيت خلف ابى عبد اللّه ع على جنازة فكبر خمسا يرفع يده في كل تكبيرة و رواية يونس قال سألت الرّضا عليه السلام قلت جعلت فداك ان الناس يرفعون ايديهم في التكبير على الميّت في التكبيرة الاولى و لا يرفعون فيما بعد ذلك فاقتصر على التكبيرة الاولى كما يفعلون او ارفع يدىّ في كل تكبيرة فقال ارفع يديك في كل تكبيرة و رواية محمد بن عبد اللّه بن خالد انه صلّى خلف جعفر بن محمّد ع على جنازة فرآه يرفع يديه في كل تكبيرة و امّا ما يدلّ على الثانى فموثقة غياث بن ابراهيم التّبرى عن ابى عبد اللّه ع انه كان لا يرفع يده في الجنازة الا مرة واحدة يغنى في التكبير و رواية اسماعيل بن اسحاق عن جعفر عن ابيه ع قال كان امير المؤمنين ع يرفع يده في اول التكبير على الجنازة ثمّ لا يعود حتى ينصرف و هاتان الرّوايتان مع عدم صحّه الاولى و ضعف الثانية موافقتان لمذاهب العامة فيوشك ان تكونا خرجتا مخرج التقية كما ذكره الشيخ في التهذيب و أيضا يجوز ان لا يكون الاهتمام بالرفع في البوافى بمنزلة الاولى فلذا قد اقتصر فيه على الاول بخلاف ما لو قلنا بعدم استحبابه في البواقى اذ لا بدّ ح من طرح الرّوايات الاوّلة و بالجملة فقوّة ما اختاره المصنف ظاهرة و ان كان الاكثر على خلافه و ادّعى ابن ادريس ان الاقتصار في الرفع على الاولى اشهر الرّوايات و انه مذهب السيّد المرتضى و شيخنا المفيد و شيخنا ابى جعفر الطّوسى في نهايته قال و ذهب في استبصاره الى ان الافضل رفع اليدين في جميع التكبيرات الخمس و الصحيح ما قدمناه لان الاجماع عليه و كان مراده ان استحباب الرفع في الاولى اجماعى بخلاف البواقى فالصحيح الاقتصار عليه بناء على طريقته من عدم العمل باخبار الآحاد و امّا ما ادعاه من كونه اشهر الرّوايات فكانه ليس شيئا زائدا على ذهاب الاكثر الى العمل بالرواية الدالة و عليه في المختلف استشكل صحة رواية العزرمى باحتمال ان يكون ابو عبد اللّه الذى روى عنه العزرمى غير الامام بقرينة ظاهر سياق العبارة و هو بعيد خصوصا مع وجود ع في اكثر النسخ بل الظاهر ان قوله اوّلا عن ابى عبد اللّه ع خرج مخرج ما هو الغالب في الروايات من اسنادها اولا الى الامام و قوله قال صلّيت بيان كيفيّة اسناده بانه صلّى خلفه ع و رأى فعله و مثل هذا في الروايات كثيرة و لا يخفى انه يمكن التشكيك في الثانى أيضا باحتمال ان يكون عبّر المعصوم من احد الحكام خصوصا مع عدم وجود ع فيه في اكثر النسخ و لا يخفى بعده أيضا و اللّه تعالى يعلم

قوله فان المندوب قد يترك احيانا

و ظاهر كان في الروايتين و ان كان هو المحافظة عليه لا انه كان احيانا الا انه لا يأبى عن الحمل عليه فليحمل عليه جمعا بين الاخبار فافهم

قوله و لو على القبر على تقدير الى آخره

استدلوا عليه رواية خالد القلانسى عن رجل عن ابى جعفر ع قال سمعته يقول في الرجل يدرك مع الامام في الجنازة تكبيرة او تكبيرتين قال يتمّم التكبير و هو يمشى معها فاذا لم يدرك التكبير كبّر عند القبر فان كان ادركهم و قد دفن كبّر على القبر قال في الذكرى و هذا يشعر بالاشتغال بالدعاء اذ لو والى لم يبلغ الحال الى الدفن و استحسنه الشارح في شرح الارشاد قال لكن يجب تقييده بما لو كان لا يخرج عن سمت القبلة و لا يفوت به شرط الصلاة من البعد و لا تعيّن موالاة التكبير

ص: 123

انتهى و فيه تامّل لعدم ظهور اشتراط القبلة و عدم البعد و في مثل هذه الصّورة لجواز الاعتقاد في بقية الصلاة مع تغدو رعايتهما هذا و ظنّى ان حمل قوله ع فاذا لم يدرك التكبير الى آخره على ما حملوه لا يخلو عن تكلّف و تعسّف و ان الظاهر منه ان يحمل على ان سابقه حكم من ادرك من الصلاة بعض التكبيرات و هذا حكم من لم يدرك منها شيئا اصلا فحكم بانه يكبر عند القبر اى يصلّى بانفراده عند القبر فان ادركهم و قد دفن صلّى على القبر و على هذا فاخر الخبر مما يتعلق بالمسألة الآتية لكن لا يخفى ان قوله ع يتمّ التكبير و هو يمشى معها بدون الشمّة أيضا لا يخلو عن اشعار بالدعاء و اللّه لقد يعلم

قوله عملا باطلاق النص

و هو صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا ادرك الرّجل التكبيرتين من الصّلاة على الميّت فليقض ما بقي متتابعا و حملها المصنف في الذكرى على جواز التتابع لا وجوبه بقرينة ما استنبطه من خبر القلانسى كما نقلنا عنه و يؤيّده أيضا اطلاق صحيحه عيص بن القاسم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة قال يتم ما بقي و كذا رواية جابر عن ابى جعفر ع قال قلت له أ رأيت ان فاتتنى تكبيره او اكثر قال تقضى ما فاتك قلت استقبل القبلة قال بلى و انت تتبع الجنازة بل الظاهر ان هذه الرواية أيضا كخبر القلانسى لا تخلو من اشعار بالدعاء و الحكم بالاستقبال فيها يمكن ان يكون مع الامكان فلا يدل على ما نقلنا عن الشارح من التقييد بان لا يخرج عن سمت القبلة و قوله ع و انت تتّبع الجنازة أيضا لا يدل الا على التقييد لا على ما نقلنا عن الشارح من اشتراط عدم حصول البعد المفرط فافهم و كذا رواية زيد الشحام قال سألت ابا عبد اللّه عن الصّلاة على الجنائز اذا فات الرّجل منها التكبيرة او الثنتان او الثلث قال يكبّر ما فاته على ان قوله متتابعا في الحسنة المذكورة ليس بصريح فيما فهموه بل يمكن حمله على انه يقضى ما بقي متتابعا اى من غير فصل بينه و بين ما اتى به يخلّ بالتتابع بينهما عرفا و ح فلا دلالة فيه على ما ذكروه من ترك الدعاء اصلا فتأمل

قوله و قيّده بعضهم بخوف الفوت

هذا في مقابل قوله و قد اطلق المصنف رحمه الله و جماعة و امّا قوله و في الذكرى و لو دعا الى آخره فهو ليس في مقابل الاطلاق المذكور بل هو بيان لما اشار اليه من ان مرادهم من الولاء جوازه لا وجوبه و هذا اشارة الى ان بعضهم لم يطلق الولاء بل قيّده بخوف الفوت على تقدير الدّعاء و الا وجب الدّعاء و لا يخفى ان كون المراد بالولاء في كلام كل من اطلقه هو الجواز على ما يفهم من كلام الشارح غير ظاهر نعم المصنف صرّح به كما نقلنا بل ظاهر كلام جمع منهم كالعلّامة رحمه الله في الكافي وجوبه و على هذا فكان الظاهر ان يقال ان المصنف و جماعة اطلقوا الولاء و هو امّا على الجواز كما صرّح به المصنف في الذكرى او على الوجوب كما هو ظاهر بعضهم و قيده بعضهم اى الولاء جواز او وجوبا على الاحتمالين يخوف الفوت و الا وجب ما امكن من الدعاء فتأمل

قوله و هو اجود

و مال اليه المضاف في الذكرى فانه بعد ما حكم بان المراد نفى وجوب الدعاء لا نفى جوازه بقرينة رواية القلانسى قال بل يمكن وجوبه مع الاختيار لعموم ادلة الوجوب و عموم قول النّبى و ما فاتكم فاقضوا و ما نقله من الرواية و ان كان الظاهر انّها عامية لكن يعضدها ما نقلنا من صحيحة العيص و ان لم يكن بلفظ الامر فالاحوط على القول بوجوب الدّعاء كما هو المشهور في صورة عدم الخوف اتمام الصلاة باقل ما يجرى من الدعاء و مع الخوف أيضا لا يبعد ان يكون الاحوط ذلك لما عرفت من ضعف دليل التتابع و يؤيد أيضا القول بالوجوب خصوصا مع عدم الخوف انه شرع في فرض فيجب عليه اكماله كما كان ما لم يدلّ دليل على خلافه و قد عرفت ضعف الدليل على سقوط الدعاء و هاهنا رواية اخرى عن اسحاق بن عمار عن ابى عبد اللّه ع عن ابيه ع ان عليا كان يقول لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز و حملها الشيخ في التهذيب على انه لا يقضى كما كان يبتدئ به من الفصل بينها بالدعاء و انما يقضى متتابعا كما فصّل في رواية الحلبى فالمراد على ما ذكره المصنف عدم وجوب قضائها مع الدعاء و من قيّد ذلك بالخوف فليتقيّد هنا أيضا كما اشار اليه في الذكرى فافهم و يمكن أيضا حمل هذه الرواية على عدم اعادة ما سبق به من التكبير على الامام اى عدم وجوبها كما ذكره جماعة من الاصحاب حيث صرّحوا باستحباب الاعادة العامة و استشكله المحقق الشيخ على أيضا لما اشرنا اليه من الركنية و في شرح الشرائع حكم بعدم اعادتها مع العمد و انه يستمرّ متأنيا حتى يلحقه الامام فلا تغفل

قوله و يصلّى على من لم يصل عليه الى آخره

هاهنا مسائل الأولى انه اذا صلّى على ميّت فهل يجوز لمن لم يصلّ عليه ان يصلى عليه بعد الدفن فنقول ظاهر الاكثر ذلك فانهم قالوا ان من لم يدرك الصّلاة على الميّت صلّى على القبر و هو بظاهره يشمل ما اذا صلّى على الميت بل ظاهره ذلك لكن منهم من حدّد ذلك بيوم و ليلة فان زاد على ذلك لم يخبر الصّلاة عليه و هو مختار اكثرهم كالشيخين و ابن البراج و ابن ادريس و ابن حمزة و الكيدرى و حدّده سئلا و بثلاثة أيام و جعله الشيخ في ن رواية و قال ابن الجنيد يصلّى عليه ما لم يعلم منه تغيّر صورته و لم يقدر ابن عقيل و لا علىّ بن بابويه وقتا بل قالا من لم يدرك الصّلاة على الميّت صلّى على القبر و ذهب العلامة في المختلف الى المنع عن الصّلاة عليه بعد الدفن الا اذا دفن بغير صلاة حجة المشهور اطلاق صحيحه هشام بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس ان يصلّى الرّجل على الميّت بعد ما يدفن و رواية مالك مولى الجهم نحكم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا فاتتك الصّلاة على الميّت حتى يدفن فلا بأس بالصّلاة عليه و قد دفن و رواية عمرو بن جميع عن ابى عبد اللّه ع قال كان رسول اللّه اذا فاتته الصّلاة على الميّت صلّى على القبر و حكم في الفقيه بذلك فطال و كان رسول اللّه اذا فاتته الصّلاة على الميّت صلّى على قبره و هذا ظاهر فيمن صلّى عليه لبعد دفن احد في زمانه ص بلا صلاة و مثله ما نقله في الذكرى انّه روى ان النبيّ صلّى على قبر سكينة دفنت ليلا و هى عاميّة احتج في المختلف برواية محمد بن اسلم عن رجل من اهل الجزيرة قال قلت للرضا تصلّى على المدفون بعد ما يدفن قال لا لو جاز لأحد لجاز لرسول اللّه ص قال بدلا يصلى على المدفون و لا على العريان و حسنة حريز بإبراهيم بن هاشم و نوح بن شعيب محمد بن مسلم او زرارة قال الصّلاة على الميّت بعد ما يدفن انما هو الدعاء قال قلت فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّ ص فقال لا انما دعا له و لا يخفى ان هاتين الروايتين مع ضعف الاولى جدا و عدم صحة الثانية و قطعها و معارضتها لبعض الاخبار الظاهرة في صلاته ص بالمعنى المعهود لا تنهضان لمعارضة الاخبار الأولة لصحّة الاولى منها و حملها على ما يستفاد من الرواية الاخيرة من وجه جمع بينها و هو ان يحمل الصّلاة في الاخبار الاولة على الدعاء كما احتمله الشيخ في التهذيب بعيد جدّا و كذا الجمع بينها بحمل الاخبار الاوّلة

ص: 124

على من لم يضلّ عليه على ما فعله في المختلف بعيد خصوصا في غير الأولى لا سيّما في الاخيرتين كما اشرنا اليه فلعلّ جوازها بعد الدّفن اظهر خصوصا مع شهرته بين الأصحاب لكن ما نقل عنهم من التّحديدات لا يظهر لها مستند سوى ما نقلنا من الخلاف في الثلاثة و ما ذكره الشيخ في التهذيب من الجمع بين الاخبار بحمل الاخبار الاوّلة على الصّلاة في اليوم و اللّيلة و الأخبار الاخيرة على ما بعد ذلك انّما يتّجه لو وجد سند التفصيل المذكور و لم يذكره فتدبّر و هاهنا روايات اخرى لم يوردها في المختلف و هى موثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه ع في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فاذا هم برجل ميّت عريان قد لقطه البحر و هم عراة قال يحفر له و يوضع في لحده و يوضع اللّبن على عورته فيستر عورته باللّبن و بالحجر ثمّ يصلّى عليه اذا دفن فقال لا يصلّي على الميّت بعد ما يدفن و مثله رواية محمّد بن مسلم عن رجل من اهل الجزيرة عن الرّضا ع و في بعض نسخ التهذيب محمد بن اسلم و الظّاهر انّه الصّحيح و انّ ما نقل سابقا من رواية محمد بن اسلم هو من اجزاء هذه الرّواية نقله تارة بدون التّتمة ببعض التغييرات في الألفاظ و موثقة عمار عن ابى عبد اللّه ع في ميّت صلّى عليه فاذا هو مقلوب رجلاه الى موضع رأسه قال يسوى و تعاد الصّلاة عليه و ان كان قد حمل ما لم يدفن و ان كان قد دفن فقد مضت الصّلاة و لا يصلّى عليه و هو مدفون و رواية يونس بن ظبيان عن ابى عبد اللّه ع عن ابيه قال نهى رسول اللّه ص ان يصلّى على قبر او يقصد عليه او يبنى عليه و هذه الرّواية أيضا مع عدم صحتها يمكن حمل الاولى بقرينة ظاهر السؤال على انّه لا يجوز تاخير الصّلاة الى بعد الدّفن لا انّه لا يصلّى عليه بعد الدفن مطلقا و مثلها الثانية التى هى مثلها و الثّالثة على انّه بعد الدّفن كفت الصّلاة التى صلّيت عليها و لا حاجة الى اعادتها حينئذ و الرابعة على المنع من الصّلوات المكتوبة او المسنونة قائما على القبر و يمكن أيضا حمل جميع الرّوايات الواردة بالمنع على الكراهة جمعا بينهما و بين الاخبار الاولة و في رواية جعفر بن جعفر بن عيسى قال قدم ابو عبد اللّه ع مكّة فسألنى عن عبد اللّه بن اعين فقلت مات فقال مات قلت نعم قال فانطلق بنا الى قبره حتى تصلّى عليه قلت نعم فقال لا و لكن تصلّى عليه هاهنا فوقع يديه يدعوا و اجتهد في الدّعاء و ترحّم عليه و هذا يحتمل وجهين احدهما ان يكون عرضه ع اولا كان الصّلاة عليه بالمعنى المعهود على القبر ثمّ بدء له و اكتفى بالدّعاء و حينئذ فيكون دليلا على جواز الصّلاة على القبر كالاخبار الاولة و ثانيهما ان يكون مراده بالصّلاة او لا أيضا هو الدّعاء لكن اراد اولا الدعاء له عند قبره ثمّ بدله و اكتفى بالدعاء في مكانه فلا دلالة له على شي ء من الطّرفين غير انّه أيضا كحسنة حريز ممّا يؤيّده احتمال حمل الصلاة في الاخبار الاولة على الدّعاء هذا و لا يخفى ان الاحتياط في هذه الصّورة في ترك الصّلاة بعد الدفن اذ غايته ترك سنون بخلاف بخلاف الفعل لاحتمال الحرمة فيه فتأمل الثّانية الصّورة بحالها و عدم دفن الميّت بعد فهل يجوز لمن لم يدرك الصّلاة عليها ان يصلّى عليها فنقول اذا جاز الصّلاة عليها بعد الدّفن فالظاهر انّه يجوز قبله بطريق اولى الا ان يقع تاخر الدّفن لاجلها فيحرم مع الخوف و يكره بدونه لكن الشيخ في المبسوط و جماعة ممن تبعه حكموا بكراهة ان يصلّى على جنازة دفعتين قال في الذكرى و ظاهرهم اختصار الكراهة بمن صلّى على الميت لما تلوناه عنهم من جواز صلاة من فاتته على القبر او يريدون الكراهية قبل الدّفن حتى ينتظم الكلام و فيه انّ كلام ط و الاكثر في المسألة السّابقة لا يفيد الا جواز الصّلاة لمن فاتته على القبر كما عبر به المصنف نفسه أيضا هنا و الجواز لا ينافى الكراهة فيمكن حمل كلامهم على الكراهة مطلقا أيضا لكن عبارة و تشعر بما ذكره او لا من الاختصاص بمن صلى على الميت و قال ابن ادريس يكره جماعة و يجوز فرادى لتكرار الصحابة الصّلاة على النّبى ص فرارى و قال ابن ابى عقيل لا باس بالصّلاة على من صلّى عليه مرة فقد صلّى امير المؤمنين ع على سهل بن حنيف خمس مرات

و العلّامة رحمه الله في هى بعد ما ذكر مسئلة انه لو صلّى على جنازة كره له ان يصلّى عليها ثانيا قال فرع لو صلّى على جنازة فحضر قوم لم يصلّوا عليها لم يكره لهم الصّلاة عليها اشكال و قد اختلف الرّوايات هنا أيضا فما يدل على الجواز موثقة عمار السّاباطى عن ابى عبد اللّه ع قال الميّت يصلّى عليه ما لم يوار بالتّراب و ان كان قد صلى عليه و موثقة يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه ع قال سألته عن الجنازة لم ادركها حتى بلغت القبر اصلى عليها قال ان ادركتها قبل ان تدفن فان شئت فصّل عليها و هذا يدلّ بالمفهوم على المنع في المسألة السّابقة و كان هذا ظاهر مفهوم الخبر السّابق ايضا و رواية جابر عن الباقر ع انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج على جنازة امراة من بنى النّجار فصلّى عليها فوجد الحفرة لم يمكّنوا فوضعوا الجنازة فلم يحبى قوم الّا قال لهم صلّوا عليها و ما ورد من الرّوايات في تكرار الصّلاة على حمزة و سهل بن حنيف كرواية زرارة عن ابى جعفر ع انّ رسول اللّه ع صلّى على حمزة سبعين صلاة و حسنة الحلبى بابراهيم عن ابى عبد اللّه ع قال كبّر امير المؤمنين ع على سهل بن حنيف و كان بدويّا خمس تكبيرات ثمّ مشى ساعة ثمّ وضعه و كبّر عليه خمسا اخرى فضع ذلك حتى كبر عليه خمسا و عشرين تكبيرة و رواية ابى بصير عن ابى جعفر ع قال كبر رسول اللّه ص على حمزة سبعين تكبيرة و كبّر على ع عندكم على سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة قال كبر خمسا خمسا كلما ادركه الناس قالوا يا امير المؤمنين لم تدرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبّر عليه خمسا حتى انتهى الى قبره خمس مرّات و غيرها من الرّوايات و ما يدلّ على المنع رواية اسحاق بن عمار عن ابى عبد اللّه ع قال انّ رسول اللّه ص صلّى على جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا فاتتنا الصّلاة عليها فقال ع انّ الجنازة لا يصلى عليها مرتين ادعوا له و قولوا خيرا و رواية وهب بن وهب عن جعفر عن ابيه ع انّ رسول اللّه ص صلّى على جنازة فلما فرغ جاءه ناس فقالوا يا رسول اللّه لم تدرك الصّلاة عليها فقال لا يصلّى على جنازة مرّتين و لكن ادعوا لها و في سند الأولى غياث بن كلّوب و لم يذكروا له غير انّ له كتابا و اسحاق فطحى و وهب راوى الثّانية ضعيف جدّا فانهم قالوا انه كان كذابا قاضيا عاميّا له احاديث عن جعفر بن محمّد ع كلّها لا يوثق بها و له احاديث مع الرّشيد في الكذب فهما لا تنهضان لمعارضة الرّوايات الأوّلة و امّا الجمع بنيها بحمل الاولى على الجواز و الاخيرة على الكراهة ينافى حكاية حمزة و سهل نعم يمكن حمل الاوليين على الجواز و ان كان مع كراهة و الظاهر لو اريد الجمع بين الجميع ان يقال بالمنع كراهة او حرمة عن تكرار الصّلاة ممّن صلّى عليه دون غيره الا مع مزايا خاصة كما كانت لخبرة و سهل بن حنيف فلا منع حينئذ من تكرارها ممن صلّى أيضا امّا مطلقا او من الامام اذا صلى مع قوم آخر لم يدركوا الصّلاة عليه و على هذا فلا اشكال في الروايات الثلاث الاول اذ ليس فيها تكرار ممّن صلّى في الروايات الاخيرة لان التكرار او فيها باعتبار

ص: 125

ما اشرنا اليه من المزايا في حمزة و سهل كما اشير اليه في رواية عقبة عن جعفر ع اذ فيها ثمّ قال اما بلغكم انّ رجلا صلّى عليه على ع فكبّر عليه خمسا حتى صلّى عليه خمس صلوات يكبّر في كل صلاة خمس تكبيرات قال ثمّ قال انه بدرىّ عقبى احديّ و كان من النّقباء الذين اختارهم رسول اللّه ص من الاثنى عشر فكانت له خمس مناقب فصلّى عليه لكل منقبة صلاة و يرشد أيضا الى ذلك كلام امير المؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة و امّا روايتا المنع فتحملان على انّهم سئلوا رسول اللّه اعادته الصّلاة و لم يكن هناك ما يسوّغ الاعادة من المزايا اجابهم ص بان الجنازة لا يصلّى عليها مرتين اى من مضل واحد الّا بشرط خاص لم يتحقق هاهنا و امرهم بان يدعوا له اى يصلّوا عليه هم بانفسهم بدون رسول اللّه ص و يدعوا له و ان لم يكن بكيفية الصّلاة و ليس فيه الا عدم امرهم بالصّلاة عليه بانفسهم و لا ضير فيه لعدم وجوبها مع انهم ربما لم يريدوا ذلك او يشق عليهم بدون متابعته ص لعدم حسن المعرفة او غير ذلك فامرهم بمطلق الدّعاء له و امّا المزية التى لا منع معها من الاعادة فلا يظهر لها من الاخبار تحديد غير ما في حمزة و سهل و انّى في هذه الاعصار بمثلهما فالاولى لنا عدم الاعادة ممّن صلى مطلقا و اللّه تعالى يعلم و قد ظهر لكن بما تلونا عليك ان الاظهر نظر الى الاخبار استحباب الصّلاة لمن لم يدرك الصّلاة قبل الدفن و على هذا فالظاهر حمل الكراهة في كلام الاصحاب على ما نقلنا من الذكرى اوّلا من تخصيصها بمن صلّى على الميّت و امّا ما ذكره المحقّق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد من ان صلاة الجنازة واجبة كفاية فاذا فعلت سقطت من الكل بلا خلاف فلا بدّ لمشروعيتها ندبا او واجبا من دليل و ليس هاهنا دليل صالح لذلك و على تقدير الفعل لا معنى للوجوب اذ لا وجوب اجماعا و لا للندب لعدم القائل به على الظاهر اللّهمّ الا ان يقول به المجوّز و الكراهة بالمعنى الحقيقى معلوم الانتفاء فما بقي الا التحريم ثمّ أيده بروايتى اسحاق و وهب و قال لا معنى لحملهما على الكراهة بمعنى اقليّة الثواب بالنسبة الى الصلاة على الميت الذى لم يصلّ عليه اذ لا معنى لنهى النّبى ص عن عبادة و تقويتها لقلة ثوابها و كثرة ثواب غيرها و ان اريد المعنى الحقيقى الاصولى فقيل ذلك لا يكون في العبادات و يلزم التحريم باعتقاد فعلها واجبا او ندبا و بقصد الثواب مع العلم بعده مشروعا و مع ذلك لا يزيد من النفى و المنع الا هذه فنقول بها ففيه تامّل لان ما نقلنا من الاخبار مع عدم صحتها تصلح سند الاستحباب للتسامح في ادلته كما هو المشهور على انه يمكن ان يقال أيضا انّ الثابت اوّلا هو الرجحان مع الذّم على الترك في الجملة و السّاقط بفعل البعض اجماعا هو الذم المذكور فيبقى الرجحان لأصالة استصحابه الى ان يثبت خلافه و القول بان الذم على الترك فصل له و الفصل علة للجنس فبعدمه يعدم الجنس فبعد تسليم ذلك في الفصل و الجنس لا نسلّم كون الذم فصلا كم لا يجوز ان يكون الراجح فعله حقيقة محصّلة و يكون الذم على الترك عارضا ربما يعرض له فبعدمه لا يلزم عدم رجحان الفعل هذا و ما ذكره من عدم المعنى للندب لعدم القائل به على الظاهر ففيه ان من الظاهر ان مراد المجوّزين هو الجواز مع الرجحان الذى هو معنى الندب كما احتمله اذ لا يجوز العبادة بدون الرجحان على ما اعترف به هذا المحقق نفسه و امّا القائلون بالكراهة فعلى ما ذكرنا من ان الظاهر حمل حكمهم على بالكراهة كراهة التكرار من المصلّي الواحد فلا اشكال أيضا في الحكم بالنّدب في غيره و امّا على تقدير عموم الكراهة فلظهور ان من حكم بكراهة العبادة حكم أيضا بوجوبها او ندبها اذ العبادة لا بدّ ان تكون كذلك و الكراهة لا تنافى ذلك كما حققناه في الاصول كيف و لو صحّ ما ذكره لزم منه الحكم بحرمة كلّ عبادة مكروهة و لا اقل من حرمة ما لا يرجع النّهى فيه الى وصف منفكّ كصيام الايام المكروهة و ظاهر انّهم لا يقولون بها و من تامّل فيما حققناه في حواشى شرح مختصر الاصول في بحث العبادة المكروهة ظهر له وجه اندفاع كلماته على التفصيل فليتأمّل ذلك فان تفصيله هاهنا لا يناسب المقام و اللّه الموفق للمراد و المحقّق الثانى في شرح القواعد حكم بالتخيير في

العادة بين نيّة الوجوب اعتبارا باصل الفعل و الندب اعتبارا بسقوط الفرض و فيه انه لا كلام في صحّة توصيف فعل بالوجوب باعتبار اصل الفعل لكن الكلام هاهنا في الامر المصحّح لقصد القربة بالفعل انه وجوبه او ندبه و ظاهر ان وجوب اصل الفعل بعد سقوطه لا يصلح له لا بد من بقائه وقت الفعل فلعلّه رحمه الله جعل المصحّح هو رجحان الفعل و غرضه انه يقصد التقرّب بالفعل لرجحانه لكن له حينئذ ان يجعله واجبا باعتبار وجوب اصله او ندبا باعتبار ندبه في الحال فتأمّل الثّالث الصّلاة بعد الدفن على من لم يصلّ عليه اصلا فنقول ما نقلنا من الاصحاب في المسألة الاولى من ان من لم يدرك الصّلاة على الميّت صلّى على القبر بما ذكروه من التحديدات او بدون تحديد يشمل بظاهره هذه الصّورة أيضا و العلّامة رحمه الله في هى خص كلامهم بهذه الصّورة و كذا الاخبار من الطرفين و اختار هو رجحان الصّلاة عليه بدون وجوب و جمع به بين الاخبار و في المختلف لم يخص كلامهم بهذه الصّورة بل نقل اقوالهم و اختار هو التفصيل بانه لو لم يصلّ عليه اصلا يصلّى على القبر و الّا فلا و ظاهره الوجوب في الصّورة الأولى و نفى الوجوب في الثانية مع المنع من غير تصريح بالحرمة او الكراهة و ان كان ظاهره الاول و احتج على الاول بالعمومات الواردة بالامر بالصّلاة على الميّت و عدم صلوح الدفن للمانعيّة بقرينة ما ورد من الاخبار في الصّلاة بعد الدفن و على الثانى بما ورد من الاخبار بالمنع عن الصّلاة بعد الدفن فكانه جمع بين الاخبار بتخصيص ما يدل على الجواز بما اذا لم يصل عليه و حملها على الوجوب و ما لا يدلّ على المنع بما اذا صلّى عليه و حملها على الحرمة او الكراهة و كلام المحقق رحمه الله في المعتبر لا يخلو من اجمال فانه نقل عن المفيد انه اذا لم يصلّ على الميّت صلى على قبره يوما و ليلة و عن الشيخ انه يصلى عليه يوما و ليلة و اكثره ثلاثة ايّام ثمّ نقل طرفا من اقوال العامة ثمّ قال و الوجه عندى انها لا تجب و لا امنع الجواز و لم يبيّن ان الكلام فيما صلى عليه او شامل لمن لم يصل عليه او مخصوص بالاخير لكن ظاهره عدم الاختصاص بالاخير و استدل على مختاره بان المدفون خرج بدفنه عن اهل الدنيا فساوى من فنى في قبره و قد تمسّك بهذا الدليل العلامة رحمه الله أيضا في هى على عدم وجوب الصّلاة بعد الدفن كما نقلنا عنه و بانه لو جاز الصّلاة بعد دفنه لصلّى على الانبياء في قبورهم و العلماء و ان تقادم العهد ثمّ ايّده ببعض الاخبار التى يفهم منها المنع بعد الدفن ثمّ قال و ما روى من الصّلاة على القبر فحمول على احد امرين امّا الجواز و امّا الدعاء المحض لا على الصّلاة المعتادة و فيه انه صرح بعدم المنع عن الجواز مع ان دليله الثانى صريح في نفى الجواز و لا يخفى ضعف ما ذكره من الدليلين امّا الاول فظاهر لمنع الخروج بالدفن عن صلاحية الصّلاة عليه و امّا الثانى فلان عدم الصلاة على الانبياء و العلماء مع

ص: 126

تقادم العهد لعله باعتبار احد ما ذكر من التحديدات المفقودة هناك بل الظاهر ان وجوب الصّلاة و جوازها بعد الدفن انما هو بالنسبة الى من كان في وقت موته من اهل الصّلاة عليه و لم يدركها اذ لا يستفاد من الاخبار الواردة بالجواز الا ذلك و كذا التمسّك بالعمومات على ما نقلنا عن المختلف لا يجرى الّا فيه و حينئذ فلا يتجه الزام جواز الصّلاة على الانبياء و العلماء مع تقادم العهد فتأمل و اذ قد سمعت اقوالهم فتقول انك قد عرفت ان الجواز في المسألة الاولى لا يخلو عن رجحان فههنا بطريق اولى و امّا الوجوب فالحكم به لا يخلو عن اشكال اذ الاخبار الواردة بالصّلاة بعد الدفن لا تنهض حجة على الوجوب سيما مع معارضتها بالاخبار الاخرى و امّا ما تمسّك به في المختلف من العمومات الواردة بالامر بالصلاة على الميّت فلو كانت العمومات تصلح الاثبات الحكم بها لكان دليلا قويا لكن العمومات التى تمسّكوا بها هى صحيحة هشام بن سالم انه سئل ابا عبد اللّه عن شارب الخمر و الزانى و السّارق يصلى عليهم اذا ماتوا فقال نعم و رواية السّكونى عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّوا على المرجوم من امّتى و على القتال نفسه من امّتى لا تدعوا احدا من امّتى بلا صلاة و رواية طلحة بن زيد عن الصّادق ع صلّ على من مات من اهل القبلة و حسابه على اللّه و و هذه الاخبار لا يخلو عن ضعف في السّند او قصور في الدلالة و انما العمدة فيه الاجماع و ثبوت الاجماع بعد الدفن غير ظاهر نعم لو اطلع احد على موته قبل الدفن و اخر الصّلاة الى الدفن و حينئذ يمكن التمسّك للوجوب بالاستصحاب لثبوت الوجوب عليه بالعمومات و الاجماع فيستصحب الى ان يثبت خلافه و لم يثبت اذ لا دليل على كون الدفن مانعا منها و روايات المنع عنها بعد الدفن لعدم صحتها لا تصلح حجة للحكم بالسقوط مع معارضتها بما هو اقوى منها و يمكن ان يتمسّك بعد ثبوت الوجوب في هذه الصّورة للوجوب فيمن لم يطلع عليه أيضا بعدم القائل بالفصل على الظاهر هذا و بما قرّرنا ظهر ان الاحوط في هذه الصّورة الصّلاة بعد الدّفن في اليوم و الليلة لعدم ظهور قول بالمنع فيها مع القول بالوجوب و عدم خلق دليله عن قوة و اخبار المنع قد ظهر حالها و امّا بعد اليوم و اللّيلة فالاحتياط لا يخلو عن اشكال لتصريح الاكثر بالمنع بعدها مع احتمال كلامهم للشمول لهذه الصّورة بل تخصيص العلامة في المنتهى له بها لكن لعلّ الرجحان للآيتان بها خصوصا فيمن اطلع عليه قبل الدفن و اخّره و اللّه تعالى يعلم

قوله و الاولى قراءة يصلّى في الفعلين

وجه الاولوية هو المطابقة لمختار المصنف و لما هو المشهور بين الاصحاب اذ لا يظهر قول بالمنع في اليوم و الليلة و ان صلّى عليه غيره و ما نقلنا عن المحقق الاردبيلى في مطلق من صلّى غيره عليه كما ظهر مما فصّلنا ثمّ لا يخفى ان بقراءة الفعل الثانى معلوما و مجهولا يتفاوت الحكم و لا تاثير فيه لقراءة الفعل الاول معلوما او مجهولا لكن الاظهر على تقدير قراءة الثانى معلوما ان يقرأ الاول ايضا معلوما و اما على تقدير قراءة الثانى مجهولا فلك قراءة الاوّل معلوما و مجهولا من غير ترجيح فافهم

قوله المدة المذكورة او دائما

كانه اراد بالدوام عدم التحديد بمدّة خاصة بل ما بقي الميت اذ الظاهر من الروايات الواردة بالجواز ليس الا ذلك و لا دليل على الجواز بعد انعدامه بالكلية و لعلّ مراد من لم يحذر أيضا ذلك و لا يبعد حمل ما نقل عن ابن الجنيد من اعتبار عدم العلم بتغيّر صورته أيضا على هذا المعنى و الا فلا دليل على اعتباره و انما لم يذكر القول بالتحديد بثلاثة ايّام لعدم دليل على التحديد بها و عدم وجود الرّواية التى اشار اليها في الخلاف في الكتب المتداولة و التّحديد باليوم و الليلة أيضا و ان لم يوجب عليه دليل لكن لشهرته بين الاصحاب تعرض له و تردّد بينه و بين الدّوام فتدبّر

قوله اى يصلّى من اراد الصّلاة الى آخره

لا يخفى انه على قراءة المعلوم ينبغى تخصيص كلامه بما بعد الدفن او بمن صلّى عليه غيره اذ قبل الدفن فيمن لم يصلّ عليه اصلا لا وجه لاحتمال التحديد باليوم و الليلة بل الظاهر هو التخصيص الاول و على الثانى بحمل نصلّى على الندب و على الاول و هو الظاهر اذ التحديد المذكور في كلام الاكثر انما وقع في الصّلاة على القبر يحمل يصلّى على الاعم من الواجب و الندب إذ ظاهر الذكرى ان مختاره فيمن لم يصلّ عليه اصلا الوجوب و لو بعد الدفن و في غيره الندب و يمكن حمل كلامه هنا على الندب في الجميع بان يكون مذهبه عدم الوجوب بعد الدفن فيمن لم يصلّ عليه اصلا أيضا كما نقلنا عن المعتبر فتدبّر

قوله و يمكن قراءته مبنيّا للمجهول

و لا بدّ حينئذ من التخصيص بما بعد الدفن لما ذكره من التحديد كما اشرنا اليه و يحمل يصلّى حينئذ على الوجوب كما هو الظاهر موافقا للذكرى و المختلف او الندب على احتمال موافقا للمنتهى فافهم

قوله و هو قول لبعض الاصحاب

و هو العلامة في المختلف لكن لم يصرّح بما ذكره الشارح من عدم المشروعيّة بل كلامه يحتمل الكراهة و ان كان ظاهرة ذلك كما اشرنا اليه فتذكر

قوله و هو الافضل

اى من التشريك بينهما فيما بقي لا من القطع اذا المصنف لا يقول بجوازه الّا لضرورة و لهذا جعل قول العلّامة و الجماعة مقابلا لهذا القول ثمّ ينبغى تقييد ذلك أيضا بعدم الخوف على الاول و الّا فيتعين ذلك كما لا يخفى و مع الخوف عليهما الظاهر تعيّن ما هو اقلّ ضرر او مع التساوى التخيير و افضلية الاتمام و الاستيناف فمراده بعدم الخوف على الثانية الخوف عليها وحدها فافهم وجه الافضلية هو ما فيه من تعدد الصّلاة و تكرار ذكر اللّه تعالى و أيضا ما فيه من تخصيص الدعاء الذى هو ابلغ من التعميم كما ذكره في الذكرى و فيه تامّل فتأمل

قوله و ربما قيل بتعيّنه اذا كانت الثانية الى آخره

ذهب العلامة في التذكرة الى انه لو دخل في الواجبة فجائه بعض من يستحب الصلاة عليه وجب الاكمال و استحب الثانية فلو انعكس الحال جاز الاتمام و الاستيناف و مثله في النهاية أيضا الا انّ فيها في الصورة الاولى فالاقوى وجوب الاكمال و الظاهر ان بناءه على عدم تجويز قطع الصّلاة الواجبة لاستدراك المندوبة بخلاف العكس او توافقهما في الوجوب و النّدب و لعله لا يرى التشريك في الأثنا لعدم تعرّضه لاحتماله في صورة مجي ء الثانية في الاثناء اصلا و انما حكم بما نقله الشارح من التخيير بين اتمام الاولى و افراد الثانية او القطع و الاستيناف عليهما و تمسّك بصحيحة علىّ بن جعفر ع على ما فهمه و الشارح رحمه الله جعل بناءه على عدم جواز التشريك حينئذ لاختلاف الوجه و لا يخفى انّ بذلك لا يظهر الفرق بين الصّورتين لجريان ما ذكر من الوجه لعدم صحة التشريك في العكس أيضا على انه رحمه الله في التذكرة في مسئلة تشريك الجنائز المتعدّدة في الصّلاة ابتداء قال و لو كانوا مختلفين في الحكم بان يجب على احدهم الصّلاة و يستحبّ على الآخر لم يجز جمعهم بنية متّحدة الوجه و لو قيل باجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط امكن انتهى فمع تجويزه اجزاء الصّلاة المشتملة على الوجهين لا ينبغى جعل بناء كلامه هاهنا على القطع بعدم الاجزاء فالظاهر جعل بناء كلامه

ص: 127

على ما ذكرنا فتأمّل

قوله و ليس بالوجه

اذ بعد تسليم قصد الوجوب و النّدب يمكن ان يقصد لكلّ منهما ما هو وظيفته كما نقلنا عن كره و استشكله في كرى و تبعه صاحب المدارك بانه فعل واحد من مكلّف واحد فكيف يقع على الوجهين و حكم في الذكرى بانه يمكن الاكتفاء بنيّة الوجوب لزيادة الندب تاكيدا قال في المدارك و هو مشكل أيضا لان الوجوب مضادّ للنّدب فلا يكون مؤكّدا له و الحق انه ان لم يثبت الاجتزاء بالصّلاة الواحدة هنا بنص او اجماع وجب نفيه لان العبادة كيفيّة متلقاة من الشارع فيقف اثباتها على النقل و ان ثبت الاجتزاء بذلك كان الاشكال مندوفا للنصّ كما في تداخل الاغسال الواجبة و المستحبّة و على هذا فيكون المراد ان الغرض المطلوب من الطفل يتاذى بالصّلاة الواجبة على هذا الوجه كما تتادّى وظيفة غسل الجمعة بايقاع غسل الجنابة في ذلك اليوم انتهى و لا يخفى ضعف ما اورداه من الاشكال على كره لجواز اتّصاف محلّ واحد بوصفين متنافيين من جهتين و هنا كذلك لان الوجوب بالنّسبة الى احد الميّتين و الاستحباب بالنسبة الى الآخر فلا يمتنع اجتماعهما في صلاة واحدة و كذا الحكم في نظائره كالاغسال فانّ الغسل الواحد يجوز ان يكون واجبا باعتبار انه يحصل به رفع الجنابة و مستحبّا باعتبار انّه يحصّل به وظيفة الجمعة و ما اورده في المدارك على كرى متجه لكن ما ذكره هو من التحقيق أيضا ليس بشي ء لان اجتزاء الصّلاة الواحدة على الجنائز المتعددة في الجملة كانه لا خلاف فيه و وردت به النصوص أيضا مطلقة و الكلام في انه هل يجوز ذلك مع اختلاف الميّتين أيضا كما هو المشهور لإطلاق النّصوص و ظاهر خصوص بعضها أيضا و ان كان غير نفى السّند اولا يجوز ذلك لمخالفته للقواعد لما ذكروه من الاشكال فيجب ان يخصّ الاجماع و النّصوص بصورة عدم الاختلاف في الوجه و يطرح النصّ الخاصّ لو لم يمكن تاويله و على تقدير ثبوت الاجماع او النص في صورة الاختلاف أيضا فالغرض تخصيص تصحيح الحكم بحيث يوافق اصولهم و قواعدهم و على هذا فما ذكره من التفصيل و الترديد لا وقع له و امّا ما ذكره في دفع الاشكال فضعيف لانّه ان اراد يتادّى الغرض من الصلاة على الطفل بالصّلاة الواجبة على هذا الوجه تادّيه بالصّلاة الواجبة على البالغ من غير قصد الصّلاة على الطفل فهو مع بعده و غرابته مما لم يقل به الاصحاب لانهم يشترطون قصد كل من الخبائز نعم لا يبعد ما ذكره في الاغسال اذ يمكن ان يكون الغرض فيها هو التنظيف فعند الاتيان بغسل الجنابة يوم الجمعة يحصل ما هو الغرض من التنظيف فيها فتتأدى به وظيفة غسل الجمعة أيضا و امّا تادّى وظيفة الصّلاة على احد بالصّلاة على غيره بمجرّد حضوره عنده فهو غريب جدّا و ان اراد به تادّيه بالصّلاة بقصد الوجوب على الطفل أيضا فيتجه عليه انه اذا لم تكن الصّلاة عليه واجبة فكيف يمكن قصد الوجوب بالنسبة اليه و ان تمسّك بما في الذكرى من ان الوجوب تاكيد للندب فقد رده هو نفسه و ان اراد تادّيه بقصد الطفل أيضا لكن لا في الوجوب بل في اصل الصّلاة و انما الوجوب باعتبار البالغ فقط ففيه ان الكلام مبنى على ما هو المشهور بينهم من وجوب قصد الوجه في كلّ عبادة فعلى تقدير قصد الصّلاة على الطفل لا بدّ على رايهم من قصد الوجه أيضا و هو النّدب بالنسبة اليه فتأمّل

قوله و الرّواية قاصرة عن افادة المدّعى اذ ظاهرها الى آخره

كانه اشار بقوله ظاهرها الى انه يمكن حملها على ما ذكروه بتكلّف بان تحمل على انه ان شاءوا تركوا الاولى اى قطعوا الصّلاة عليها و تركوها بحالها او ابتدءوا الصّلاة عليها فلا يرفعوا الاولى و رفعوها ثمّ اتموا التكبيرة على الاخيرة اى اتوا بالتكبير اى الصّلاة عليها تماما و لا يخفى بعده و فيها احتمال آخر أيضا و هو ان تحمل على انه يتمّم الصّلاة على الاولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة أي من الصلاة عليها التى هى صلاة عليهما و إن شاءوا اتموا الصّلاة على الاولى و تستأنف للثانية كما هو الافضل و المراد انهم ان شاءوا تركوا الاولى حتى يفرغوا من التكبير على الاخيرة اى حتى يضلوا عليها أيضا و ان شاءوا رفعوا الاولى و اتمّوا التكبير على الاخيرة اى اتوا بصلاة قامة عليها و لعلّ الغرض منه الاشارة الى عدم الباس بمثل هذا التأخير مع عدم الخوف بل ربما كان افضل لتنال الاولى بركة الصّلاة على الثانية و هو أيضا بعيد لما في حمل قوله ع و اتموا التكبير على الاخيرة على ما ذكر من التكلّف بل ظاهره ما فهمه المصنف من التشريك في التكبير بعد تمام الصّلاة على الاولى بين تركها حتى يفرغوا من التكبير على الثانية ايضا و بين دفعها و اتمام تكبير الأخيرة بعده على ان الرّواية في الكافي و التهذيب هكذا و ان شاءوا رفعوا الاولى و اتموا ما بقي على الاخيرة و لا ريب في ان دلالته على التشريك حينئذ اظهر جدّا و كان الشارح و غيره ممن نقل الرّواية على ما ذكر هاهنا تبعوا العلامة حيث نقلها على هذا الوجه امّا سهوا اوفق لا بالمعنى اوّلا فهو نقلها عن الشيخ و الظاهر انه من التهذيب كسائر ما ينقله عنه و هى في التهذيب على ما نفسنا على انه على تقدير وردوها على ما ذكروه أيضا فيكفى وردوها في الكافي و التهذيب على ما نقلنا مع صحة سندها فتأمل

قوله هذا مع تحريم قطع الصّلاة الواجبة

و في الذكرى بدل الصّلاة او مطلق العبادة الواجبة هو الاجماع و ظاهر عدم ثبوته فيما نحن فيه و التقييد بالواجبة لعدم تحريم قطع العبادة المندوبة عندنا الا الحج و العمرة لوجوبهما بالشروع و في الاعتكاف ثلاثة اوج الوجوب بالشروع و الوجوب بمضى يومين و عدم الوجوب نعم يكره قطع العبادة المندوبة بالشروع فيها و تتاكد الكراهة في الصّلاة و في الصوم بعد الزوال كذا في قواعد المصنف رحمه الله

قوله ما كانوا يتعرّضون للنيّة لذلك

اى لكونها امرا قلبيّا هو القصد الى الفعل اذ لا يمكن فعل بدون القصد اليه فلا حاجة الى اشتراط النيّة فافهم

قوله ان كان على الجميع او على الاولى الى آخره

لا يخفى انه يمكن فرض وقوع الخوف على الاولى فانه اذا فرض حضور الميّت الثانى في التكبير الثانى ففى صورة القطع و الاستيناف تكون الادعية اربعا او خمسا و في صورة التشريك تكون ستّا و لو قيل انه في صورة الخوف على الأولى لا يلزم من اثقلية التشريك جواز القطع بل له ان يتم الاولى و يستانف على الثانى فلا مقتضى لجواز القطع فيه فنقول يمكن فرض ان لا يتيسّر رفع الاولى الّا بعد الفراغ من الثانية أيضا فلا ينفع اتمام الاولى و الاستيناف للثانية بل يزيد الضّرر فحينئذ يكون القطع اخفّ قطعا هذا و لا يخفى انه في صورة الخوف على الجميع أيضا يتوجّه ما ذكرنا و لا يجرى فيه القول المذكور اصلا و لا يخفى أيضا انه ما ذكرنا من جواز فرض ان لا يتيسّر رفع الاولى الا بعد الفراغ من الثانية يظهر انّ في التشريك في الصورة التى فرضناها يلزم مكث الاولى بقدر سبع ادعية و ما ذكرنا من السّبت انما هو مع تيسّر الرفع و يظهر أيضا انه يجرى فرض الخوف على الأولى في صورة حضور الميّت الثانى في التكبير الثالث أيضا فانه لا بدّ من مكث الاولى حينئذ في التشريك بقدر ستّ ادعية بخلاف القطع

ص: 128

اذ فيه اربع ادعية او خمس و كذا في التكبير الرابع مع الاتحاد في الجنس اذ في التشريك لا بدّ من المكث بمقدار خمس ادعية و في القطع اربع ادعية و في جميع هذه الصّور يجرى الخوف على الجميع أيضا فظهر بما قررنا ان حكم الشارح بالندور لا وجه له سوى ندور وقوع الخوف بمقدار الادعية و ظاهر انه لا يتوجه ما يلوح منه من التعريض على المصنف لظهور ان من فرض الخوف على الجنائز باعتبار طول الصّلاة ليس بغافل عن ندور ذلك بل غرضه بيان الحكم على ذلك الفرض النّادر نعم لو كان ما ذكره لا يجرى الّا في فرض نادر من صور الخوف فلعل للتعريض وجها فتأمل

قوله نعم يمكن فرضه نادرا الى آخره

حاصله انّه يمكن فرض الخوف على الثانية باعتبار تعدد الدعاء مع اختلاف الميّتين في الدعاء بمعنى انّه اذا اختلف الميّتان في الدعاء يتعدد الدعاء و لا بدّ من الاتيان بوظيفة كل منهما و في التشريك في الاثناء يختلفان فيه لا محالة فلا بدّ من تعدّد الدّعاء و حينئذ ربما يحصل الخوف باعتباره مثلا اذا كبر على جنازة تكبيرتين مع دعائهما ثمّ حضر جنازة اخرى فاذا شرك بينهما يكبر الثالثة فيدعو للاولى و دعاء المؤمنين و للثانية يتشهد الشهادتين ثمّ يكبر الرابعة و يدعو للاولى دعاء الميت و للثانية يصلّى على النّبى ص فيمكث الثانية بقدر ستّ ادعية و اذ استأنف الصّلاة لا يمكث الا بقدر اربع ادعية او خمس فيمكن ان يحصل الخوف بهذا الاعتبار و قوله رحمه الله بحيث يزيد ما يتكرر منه على ما مضى من الصّلاة اى بحيث ينضاف ما يتكرر من الدعاء بعينه بعد حضور الميّت الثانى الى ما مضى من الصّلاة و المراد ان الخوف على الميّت الثانى باعتبار تعدد الدّعاء انما هو في صورة اضافة تكرار ما دعى به مرتين بعد حضوره الى ما مضى من الصّلاة اى الى اعادته و ذلك لان الجنازة الثانية لا بد من مكثها بمقدار ما بقي من الصّلاة و كذا بمقدار اعادة ما مضى منها سواء قطع ام شرك و في التشريك ربما ينضاف الى ذلك تكرار ما يتكرر من الادعية الباقية بعينه بخلاف القطع اذ لا تكرار للباقية بعينها مع القطع و هذا كما اذا كان حضور الميّت الثانى قبل التكبيرة الرّابعة او عندها مع اتحاد الميّتين في الجنس و امّا اذا حضر عند الرابعة مع اختلاف الميّتين فلا يتفاوت الحال اذ لا يتكرّر الدّعاء الباقى الذى هو دعاء الميّت بعينه بل يدعو لكل منهما وظيفته فسواء قطع او شرك لا بدّ من خمس ادعية و كذا اذا حضر عند التكبيرة الخامسة مطلقا اذ لم يبق دعاء حتى يتكرر فحينئذ مع اتحاد الميتين في الجنس لا يتفاوت الحال اذ على التقديرين لا بدّ من اربع ادعية و مع الاختلاف يكون التشريك اخفّ اذ مع القطع لا بدّ من خمس ادعية و مع التشريك اربع هذا و لعل انما اضاف اضافة ما يتكرر الى ما مضى دون ما مضى و ما بقي جميعا مع اشتراك التشريك و القطع فيهما مع اضافة ما يتكرر في التشريك دون القطع باعتبار انّ نظره الى المكث الذى يكون باعتبار حضور الميّت الثانى و المكث بقدر ما بقي ليس كذلك اذ ما بقي باق سواء حضر الميّت الثانى ام لا فالمكث الحاصل باعتبار حضور الميّت الثانى في القطع انما هو بقدر تكرار ما مضى و في التشريك هو ذلك مع تكرار ما يتكرر بعينه مما بقي ايضا ففى التشريك ينضاف ما يتكرّر مما بقي الى ما مضى فربما يحصل الخوف باعتباره و يمكن ان يكون المراد باضافة ما يتكرر الى ما مضى اضافة مجموع مرتبة يعنى ان الخوف باعتبار التعدّد انما هو اذا انضاف الى ما مضى اى الى اعادته دعاء يتكرر بعينه بعد حضور الميّت الثانى و امّا اذا لم يضف اليه دعاء كذلك و ذلك بان لم يبق دعاء او بقي و لكن لا يتكرر بعينه فلا يكون التشريك اثقل بل قد يكون مثل القطع و قد يكون اخف منه كما فضلنا و على هذا فلا حاجة الى الاعتذار لإضافة ما يتكرر الى ما مضى دون ما مضى و ما بقي جميعا على ما فعلنا في الوجه الاول هذا و انما حكم بندوره لندرة حصول الخوف باعتبار هذه المدة القليلة هذا ما سنح لى في اوائل زمن التزعزع عند اشتغالى بقراءة هذا الكتاب على الوالد العلّامة طاب ثراه قبل ملاحظة ما كتبه سلطان العلماء رحمه الله في حلّ هذه العبارة و بعد ما لاحظته اتصفت من نفسى بترجيح ما أفاده على ذلك و لا باس ان ننقل ما كتبه رحمه الله بعبارته و هى على هذه حاصل كلامه انّ في صورة الخوف على الميّت الثّانى لا احتياج الى القطع و الاستيناف بل التشريك يعمل عمله في الخفّة و هذا على تقدير الاكتفاء بالتكبيرات من غير دعاء مطر و نعم قد يتخلف باعتبار تعدّد الدعاء و اختلافه بمعنى قراءة دعاءين مختلفين في التكبيرات للميّتين و ان كان الميّتان من جنس واحد و هذا في صورة يزيد ما يتكرر من الدّعاء اى ما يقرأ للميّت الثانى في حال التشريك بعد قراءته للميّت الاول بعينه على ما مضى من الصّلاة قبل الاستيناف او التشريك فانه في هذه الصّورة يكون التشريك اثقل من الاستيناف اذ تتمة الصّلاة الاولى مشتركة بينهما و كذا ما قرء للميت

الثانى في التشريك و لم يقرأ للميّت الاول بعينه كدعاء الرابعة في صورة اختلاف الميتين في الجنس لو كان مشترك بين التشريك و الاستيناف فلم يبق التزايد بينهما الا باعتبار ما يتكرر الذى اشتمل عليه التشريك و ما مضى الّذى اشتمل عليه الاستيناف فلو زاد ما يتكرر على ما مضى كان التشريك اثقل من الاستيناف بخلاف ما لو لم يزد ما يتكرر على ما مضى كما اذا حضر الميّت الثانى في حالة التكبيرة الرابعة مع اختلاف الميّت فان المتكرر بعينه حينئذ لا يكون الا ثلاثة ادعية للميت الثانى فان دعاءه في الرابعة لا يتكرر بعينه فالمتكرر حينئذ مساو لما مضى فانه أيضا هذه الثلاثة بعينها فخ يساوى التشريك للقطع فان في كل منهما خمس ادعية و حينئذ لا يكون التشريك اثقل فلا يحتاج الى القطع و كذا لو كان احضار الميّت الثانى في حالة التكبيرة الخامسة فان المتكرر حينئذ لا يكون ازيد مما مضى بل قد يكون مساويا و هو في صورة اتحاد الميّت و قد يكون اقلّ و هو في صورة اختلاف الميّت فخ ايضا لا يكون التشريك اثقل فينحصر ثقل التشريك و جواز القطع في صورة الزيادة المذكورة و ندرته باعتبار وقوع الخوف و عدمه باعتبار هذه المدة القليلة الحاصلة بهذه الزيادة و النقصان و خصوصا بالنسبة الى الميت الثانى فقط انتهى و توضيحه ان في الاستيناف لا بدّ من الاتيان بما بقي و كذا تكرار ما مضى و في التشريك لا بد مما بقي أيضا و من تكرار جميع الادعية فان زاد المتكرر على ما مضى بان يكون التشريك في التكبير الرابع او قبله فالتشريك اثقل باعتبار زيادة تكرار ما بقي أيضا و ان لم يكن زائدا بان يكون حضور الميّت الثانى بعد الاتيان بالاربع فلا يتفاوت الحال اذ في كل من التشريك و القطع لا بدّ من اربع ادعية هذا مع اتحاد الميتين في الجنس و امّا مع الاختلاف فان بقي دعاء الميّت فلا يتفاوت الحال باعتباره اذ في كل من التشريك القطع لا بدّ من الاتيان بوظيفتهما فالاعتبار بالتكبيرات السّابقة فان اتى بجميعها فلا يتفاوت الحال و ان بقي بعضها فالقطع اخف و ان اتى به أيضا فالتشريك اخف اذ مع القطع

ص: 129

لا بدّ من الاتيان بجميع ما مضى مع وظيفة الميّت الثانى و مع التشريك يكفى الاتيان بالثلاثة الاول مع وظيفته و يتلخّص مما قررنا ان الخوف على الثانية في التشريك لا يكون الا في صورة زيادة ما يتكرر بعينه على ما مضى كما افاده فافهم هذا لو كان القطع مع الاستيناف عليهما كما هو ظ كلام الذكرى و قال العلّامة و الجماعة اما لو حمل كلامه على الاعم منه و من القطع و استيناف الصّلاة على الاخيرة ثمّ على الاولى فيكون القطع في جميع الصّور اخف من التشريك بالنسبة الى الثانية الا بعد تمام الادعية للاولى و هو ظاهر و يمكن ان يتكلف و يقال أيضا انه ليس مراد المصنف ان على ما ذكره من احتمال التشريك يتجه القطع مع الخوف بل مراده ترجيح توجيهه للرواية على توجيههم باستلزام توجيههم قطع الصّلاة الواجبة بدون ضرورة لانه اذا جاز الاتمام و الاستيناف على ما ذكروه فلا وجه لجواز القطع ثمّ استدرك ذلك بانه الا ان يكون مع الخوف و ظاهر انه حينئذ يصح ما ذكره باعتبار الخوف على الثانية فقط مطلقا اذ الخوف و الاستيناف يكون اخفّ على الثانية بالنسبة الى الاتمام و الاستيناف مطلقا و لا حاجة الى ما ذكره الشّارح من التقييدات فتأمّل ثمّ في قوله في آخر الحاشية و خصوصا بالنسبة الى الميّت الثانى فقط مناقشته و هى ان وقوع الخوف باعتبار هذه المدة القليلة اذا كان نادرا مستبعدا جدّا فليس وقوعه بالنسبة الى الثانى فقط بابعد من وقوعه بالنسبة اليهما بل الامر بالعكس و يمكن توجيهه بان المراد ان وقوع الخوف المذكور نادر جدّا ثمّ وقوعه احد اقسامه و هو ما اذا كان في الفرض المذكورة على مع خصوص الميّت الثانى لا الاول و لا الجميع اندر جدّا و هو كك فتأمّل

قوله و الاول اولى

اى رعاية التذكير و التأنيث اولى من التاويل اى التاويل بالميّت لشيوعه اولى من التاويل بالجنازة

[الخامس دفنه]

قوله الخامس دفنه

اجمع العلماء كافة على وجوب الدفن لأمر النّبى ص به و كونه على الوجه المذكور مقطوع به في كلام الاصحاب و غيرهم و كان دليله الاجماع و التّأسي

قوله عن وضعه في بناء و نحوه

اذا كان على وجه الارض و اما البيوت المبنية في قعر الارض كالسّردابات المتعارفة فلا يبعدا جزاء الوضع فيها لصدق المواراة في الأرض لكن ينبغى فيها و في القبر مطه اخراجه من التابوت لكراهة دفنه بالتابوت اجماعا على ما نقله في ط

قوله مستقبل القبلة الى آخره

وجوب استقبال القبلة على ما ذكر هو المعروف بين الاصحاب و عدّ ابن حمزة في الوسيلة ذلك مستحبّا حجة المشهور التّأسي بالنّبى ص و الأئمة ع و صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كان البراء بن معرور التميمى الانصارى بالمدينة و كان رسول اللّه ص، بمكّة و انه حضره الموت و كان رسول اللّه ص و المسلمون يصلّون الى بيت المقدس فاوصى البراء اذا دفن ان يجعل وجهه الى رسول اللّه الى القبلة فجرت به السّنة و انه اوصى بثلث ماله فنزل به الكتاب و جرت به السنة و الحكم بوجوب التأسي لا يخلو عن اشكال و كذا دلالة جريان السّنة عن الوجوب كيف و في الخبر جريان السنّة في الوصيّة بالثلاث أيضا فقول ابن حمزة لو لم يكن اجماع على خلافه لا يخلو ع قوّة و في آخر رواية العلا بن سيابة و ادخلته في اللحد و وجهته للقبلة و ليس فيه الا اصل التوجيه للقبلة لا كيفيّة مع عدم ظهور الوجوب لعدم الامر فتأمّل

قوله نحو قامة معتدلة

المستند صحيحة ابن ابى عمير عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه ع قال حدّ القبر الى الترقوة و قال بعضهم الى الثدى و قال بعضهم قامة الرّجل حتى يمدّ الثوب على رأس من في القبر و اما اللحد فيقدر ما يمكن في الجلوس قال و لما حضر علىّ بن الحسين الوفاة اغمى عليه فبقى ساعة ثمّ رفع عنه الثوب ثمّ قال الحمد للّه الذى اورثنا الجنّة نتبوأ منها حيث نشاء فنعم اجر العاملين ثمّ قال احفروا لي حتى تبلغوا الرسخ قال ثمّ مدّ الثوب عليه فمات ع و في الكافي روى سهل بن زياده و قال روى اصحابنا ان حدّ القبر الى الترقوة و قال بعضهم الى الثدى الى آخر الرواية الاولى و قال صاحب المدارك ان الحكاية في الرواية الاولى من كلام ابن ابى عمير و في الثانية عن سهل بن زياد لان الامام لا يحكى قول احد و انت خبير بان حكاية الامام قول احد و ان كان غير متعارف لكن نقل حكاية وفاة زين العابدين صلوات اللّه عليه ظاهره انه من كلام الامام ع فيبعد توسيط الاجنبى بينهما فالظاهر ان يكون ذلك أيضا منه ع و يكون المراد بالبعض هو بعض آبائه ع و حكاية قول آباءهم في كلامهم ع غير عزيز و على هذا فالمراد الاشارة الى استحباب كل من الطرق و على هذا ففى الرواية الثانية أيضا من تتمة الرواية المرسلة التى رواها سهل عن اصحابنا لا من كلام سهل و يؤيده أيضا ما في الفقيه حيث قال و قال الصّادق عليه السّلام حدّ القبر الى الترقوة و قال بعضهم الى قوله يمكن الجلوس فيه لكن الاولى مع ذلك العمل بالترقوة التى وقعت في الرواية بلا شبهة و روى السكونى عن ابى عبد اللّه ع ان النّبى ص نهى ان يعمق القبر فوق ثلاثة اذرع و الظاهر ان القامة المعتدلة تزيد على ثلاثة اذرع و ان الى الترقوة يقرب منها ثمّ على تقدير كون التحديد من الامام ع يمكن ان يجعل القامة افضل المراتب ثمّ بعده الترقوة كما فعله الشارح او يجعل كلامهما فرد للمستحبّ كما فعله جماعة من الاصحاب و على الاول لا ينبغى جعل اقل الفضل الى الترقوة كما فعل المشهور بل ينبغى جعل اوسط المراتب و جعل لا اقل الى الثدى الا ان يكون مراده كونه اقل الفضل بالنسبة الى القامة لا مطه و على الثّانى لا ينبغى الاقتصار على القامة و التّرقوة كما فعله الجماعة بل ينبغى اضافة الثّدى أيضا و الظاهر من الخبر رعاية قامة من دخل القبر لا القامة المعتدلة كما ذكره المشهور نعم ظاهر التحديد بالترقوة هو ذلك كما هو في نظائره و يمكن ان يقال ان الظاهر من القامة هو المعتدلة و لا يخدشه قوله حتّى يمدّ الثوب على رأس من في القبر أيضا على المعتدل القامة فافهم و امّا ما في آخر الخبر من وصيّة زين العابدين ع من الجفر حتى يبلغوا الرسخ ففى بعض النسخ بالسين المهملة و الخاء المعجمة و لعلّ المراد التراب الثابت الذى لم يتحرك و في بعضها بالشّين المعجمة و الحاء المهملة أي التراب الندى الذى فيه رشح الماء و على التقديرين فلا يبعد ان يكون حكمه ع مختصّا بما علم ع دفنه فيه فلا يمكن اثبات الحكم الكلى به مع ما فيه من الاشتباه فتأمّل

قوله و وضع الجنازة عند قربها من القبر الخ

استحباب وضعها عند قرب القبر بذر اعين او ثلث مشترك بين الرّجل و المرأة لإطلاق الروايات كرواية محمد بن عجلان عن ابى عبد اللّه عليه السلام اذا جئت بالميّت الى قبره فلا تفدحه بقبره و لكن ضعه اسفل منه بذراعين او ثلاثة اذرع و دعه حتى يتاهّب للقبر و لا تقدحه به فاذا ادخلت القبر فليكن اولى الناس به عند رأسه و ليحسر عن خدّه و يلصق خده بالارض الحديث و مرسلة محمد بن عطية قال اذا اتيت باخيك الى القبر فلا تفدحه ضعه اسفل من القبر بذراعين او ثلاثة حتى يأخذ اهبته ثمّ ضعه في لحده و صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه ع قال ينبغى ان يوضع الميّت دون

ص: 130

القبر هنيئة ثمّ و ان و امّا استحباب وضعها عند رجليه فهو مخصوص بالرّجل لما سيذكر ان المرأة توضع تمايلى القبلة و علّل ذلك بانه ايسر لفعل ما هو المستحبّ من ارسال الرّجل سابقا براسه و المرأة عرضا و اختيار خصوص جهة القبلة فيها لشرفها فتأمّل و نقل الرجل بعد ذلك في ثلاث دفعات اى الدّفعات الثلث بعد وضعها قرب القبر كما هو ظاهر عبارات الاكثر و صريح بعضها كالمنتهى فلا يتوهم ان النقل ثلثا مع الوضع الاول ثمّ ظاهر جمع منهم اطلاق الحكم بالنسبة الى الرّجل و المرأة كما في هى و الفقيه و في المبسوط و النهاية خصّه بالرجل كما فعله هنا

قوله و السّبق براسه حالة الانزال

و مستندهم مرفوعة عبد الصمد بن هارون قال قال ابو عبد اللّه ع اذا ادخلت الميّت القبر ان كان رجلا يسلّ سلّا و المرأة تؤخذ عرضا لانه استر و رواية زيد بن خالد عن زيد بن على عن آبائه عن امير المؤمنين عليهم السلام قال يسلّ الرجل سلّا و تستقبل المرأة استقبالا و يكون اولى النّاس بالمرأة في مؤخرها و في اكثر الاخبار اطلاق سل الميت من قبل رجلى القبر من غير تفصيل لكن الشيخ في الخلاف ادعى الاجماع على ان المرأة تنزل عرضا من قدّام القبر فليتبع

قوله و الاخبار خالية عن الدفعات

بل ليس فيها الا وضعها قرب القبر ثمّ نقلها اليه كما نقلنا من صحيحة عبد اللّه بن سنان و روايتى محمد بن عجلان و محمد بن عطية لكن الصدوق رحمه الله في علل الشرائع نسبها الى الرواية حيث نقل رواية محمد بن عجلان ثمّ قال و روى في حديث آخر اذا اتيت بالميّت القبر فلا تقدح به القبر فان للقبر اهوالا عظيمة و تعوّذ من هول المطّلع و لكن ضعه قرب شفير القبر و اصبر عليه هيئته ثمّ قدمه قليلا و اصبر عليه ليأخذ اهبته ثمّ قدمه الى شفير القبر و لا يخفى ان ظاهر قوله ع ثمّ قدمه الى شفير القبر انه يقدم الى شفيره و يصبر عليه ثمّ ينزل الى القبر و الا لكان الظاهر ان يقال ثمّ ينزل الى القبر و على هذا فينطبق على ما ذكره الاصحاب من النقل ثلث دفعات بعد وضعه قرب القبر و يدل أيضا على المكث شفير القبر ظاهر رواية يونس قال حديث سمعته عن ابى الحسن عليه السلام ما ذكرته و انا في بيت الا ضاق علىّ يقول اذا اتيت بالميّت شفير قبره فأمهله ساعة فانه يأخذ اهبة للسّؤال فتأمل

قوله و نزول الاجنبى معه لا الرحم

يعنى ليس المراد استحباب نزول الاجنبى بل استحباب ان لا ينزل الا الاجنبى و كراهة نزول الرّحم و استدل في المعتبر على كراهة نزول الرحم في الرجل بان ذلك يقسى القلب و الرحمة صفة مرادة من اللّه تعالى و على استحبابه في المرأة بانها عورة و برواية السكونى عن ابى عبد اللّه ع قال قال امير المؤمنين عليه السلام مضت السّنة من رسول اللّه ص ان المرأة لا يدخل قبرها الا من كان يراها في حياتها انتهى و لا يخفى ضعف التعليل الاول و استنباط مما ورد في رواية عبيد بن زرارة من منع ابى عبد اللّه ع من طرح التراب على ذوى الارحام معللا بان ذلك يورث القسوة في القلب و من قسا قلبه بعد من ربّه مشكل جدا اذ لعل ايراث طرح التراب للقسوة كان بالخاصية فلا يمكن قياس غيره عليه مما يتوهّم فيه ذلك بل ربما صار مثل ذلك سببا لرقة القلب كيف و الايراث المذكور يتوهم في غير النزول أيضا من حضور جنازته و تولى تجهيزه و تكفينه و تلقينه و غير ذلك ممّا لم يقولوا بكراهة على انه قد ورد في رواية عبد اللّه بن محمد بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ان الوالد لا ينزل في قبر ولده و الولد ينزل في قبر والده و في رواية عبد اللّه بن العنبرى قال قلت لابى عبد اللّه ع الرجل يدفن ابنه فقال لا يدفنه في التراب قال قلت فالابن يدفن اباه قال نعم لا باس و في رواية عبد اللّه بن راشد عن ابى عبد اللّه ع قال الرجل ينزل في قبر والده و لا ينزل الوالد في قبر ولده فالظاهر تخصيص بالوالد الكراهة لا لتعميم في سائر الارحام على ما ذكروه خصوصا في الولد كما اشار اليه الشارح رحمه الله هنا مع ما ورد فيه من الاخبار بعدم المنع و امّا حمل تلك الاخبار على خفة الكراهة في الولد كما اشار اليه في شرح الشرائع فانما يتجه لو كان لهم دليل صالح على العموم و قد عرفت حال دليلهم و يؤيد أيضا عدم عموم الكراهة بما هو المشهور من نزول امير المؤمنين ص و العبّاس الى قبر النّبى ص و ما روى في اخبارنا من امر النّبى ص حين دفن ابنه امير المؤمنين ص بنزوله و الحاده ابراهيم و انه نزل فالحده في لحده و فيه انه قال النّاس عند ذلك انه لا ينبغى ان ينزل في قبر ولده اذ لم يفعل رسول اللّه فقال لهم رسول اللّه ص يا ايّها النّاس انه ليس عليكم بحرام ان تنزلوا في قبور اولادكم و لكن لست آمن اذا حل احدكم الكفن عن ولده ان يلعب به الشّيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط اجره هذا و بعد ما كتبت ما ذكرنا رايت انّ العلامة رحمه الله في هى حكم اولا باستحباب ان ينزل الى القبر الوليّ او عن يأمره الولى ان كان رجلا و ان كان امرأة لا ينزل الا زوجها او ذو رحم لها و قال انه وفاق العلماء و استدل عليه برواية الجمهور عن علىّ ع انه قال انما يلى الرجل اهله و برواية ابى داود انه لما توفى النّبى ص ألحده العبّاس و على و اسامة و بما سبق في رواية محمد بن عجلان فليكن اولى النّاس به عند رأسه و بما نقلنا من رواية السّكونى في المرأة و بانّها حاله يطلب فيها الرفق بالميّت فكان ذو الرحم اولى ثمّ ذكر بعد ورقتين تقريبا انه يكره للاب ان يهيل التراب على ولده و كذا ذو الرحم لرحمه و استدل بما نقلنا من رواية عبيد بن زرارة ثمّ قال يكره لما ذكرنا ان ينزل الى القبر أيضا للعلة و لا يخفى ان الجمع بين الكلامين لا يخلو عن اشكال و قد ظهر بما قررنا قوة كلامه الاول و ضعف الاخير فتأمل و امّا المرأة فما نقل من رواية السكونى فيها يفيد المنع عن نزول غير من يجوز له النظر من غير تخصيص بالرحمن على ما ذكره فلا باس بالمحرم بالمصاهرة او الرضاع بل مطلقا على ما هو الاقوى فيها و ينبغى أيضا تخصيص الرحم في كلامهم بالمحرم منه فيخرج نحو ابن العمّ و الخال و على هذا فالمراد بالاجنبى في قوله ثمّ اجنبي صالح ما يتناول غير المحرم من الرحم فافهم

قوله و الزوج اولى بها منه

لما سبق في بحث الغسل من موثقة اسحاق ابن عمّار الزوج احق بالمرأة حتى يضعها في قبرها فتذكره

قوله فامرأة صالحة

لعلّ التقييد بالصّالحة لاستحباب اختيارها و الّا فمقتضى رواية السّكونى تقديم غير الصّالحة أيضا على الاجنبى و في هى ذكر ان الرّجال اولى بدفن الرجال بلا خلاف بين العلماء لانه فعل يحتاج الى من يكون له بطش و قوّة و النساء ليس كذلك ثمّ ذكر ان الرّجال اولى بدفن النساء أيضا و استدلّ أيضا بالتعليل السّابق و بان النّبى ص لما ماتت ابنه امر ابا طلحة فنزل في قبرها و بعدم فعل النساء ذلك في عهد النّبى ص و لا في عهد احد من اصحابه و لا يخفى ان ظاهره تعميم الحكم من غير تخصيص بصورة وجود الرحمن الرحم من الرجال فتأمل

قوله و حلّ عقد الاكفان

المستند مع الاجماع على ما نقله في المدارك صحيحه ابى حمزة قال قلت لاحدهما يحل كفن الميّت قال نعم و يبرز وجهه و صحيحة علىّ بن الحكم عن رجل عن ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه ع عن عقد كفن الميت قال اذا ادخلته القبر فحلّه كذا في التهذيب فما في هى في الصحيح عن ابى بصير كما ترى الا ان تكون قد نقلت في موضع آخر أيضا على ما وصفه فليراجع و كما يستحب حلّ عقد الكفن يستحب أيضا للمنزل حلّ ازراره كما قال المفيد و جماعة

ص: 131

للامر به في رواية ابى بكر الحضرمى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و ما في رواية محمد بن اسماعيل بن بزيع من انه رأى ابا الحسن ع دخل القبر و لم يحل ازراره يمكن ان يحمل على انه لبيان الجواز فتأمل

قوله و وضع خدّه الايمن على التراب

يدل عليه ما سبق في رواية محمد بن عجلان و ليحسر عن حدّه و يلصق خدّه بالارض و مثله رواية اخرى أيضا عن محمد بن عجلان و ما في حسنة علىّ بن يقطين بإبراهيم عن ابى الحسن ع و ان قدر ان يحسر عن خدّه و يلصقه بالارض فليفعل و رواية محفوظ الاسكاف عن ابى عبد اللّه ع قال اذا اردت ان تدفن الميّت فليكن اعقل من ينزل في قبره عند رأسه و ليكشف عن خدّه الايمن حتى يفضى به الى الارض و امّا شق الكفن فالمش بين الاصحاب كراهة و علّله في هى بما فيه من اضاعة المال من غير نفع و قد امر بتحسين الاكفان و بتخريقها تزول جمالها و حسنها و في موثقة ابن ابى عمير لعلّى بن حسن بن فضال عن غير واحد عن ابى عبد اللّه ع قال يشق الكفن من عند رأس الميّت اذا ادخل قبره و في الحسن بإبراهيم عن ابن ابى عمير ايضا من حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه ع قال يشق الكفن اذا ادخل الميت في قبره من عند رأسه و لا يخفى ظهورهما في استحباب الشّق و ما ذكروه من التعليل مما لا يضع اليه مع معارضة الروايتين لكن لا يبعد جدا حمل الشق فيهما على الحل و الفتح ليبدو وجهه كما ذكره الاصحاب موافقا للروايات السّابقة فالاولى عدم الشق فتأمل

قوله تحت خدّه او في مطلق الكفن الى آخره

استحباب وضع التربة المباركة معه مشهور بين الاصحاب لكن اختلف كلامهم في موضعه و في المقنعة تحت خدّه و في اقتصاد الشيخ و الرّسالة الغريّة في وجهه و قيل في لحده مقابل وجهه و هذا القول أيضا مع قول الاقتصاد نقله في السّرائر عن الشيخ و قيل في كفنه و قال في المختلف الكل جائز لان التبرّك موجود في الجميع و قد صرح بذلك المص في الذكرى و من تاخر عنه من المحققين المتتبعين كالش في شرح الارشاد و المحقق الاردبيلى فيه أيضا و صاحب المدارك و الظاهر ان غرض الشارح هاهنا ايضا ذلك و التخصيص باحد الثلاثة ليوافق احد اقوال الاصحاب الذين عيّنوا لها موضعا و الا فالتبّرك يحصل بمجرّد وضعها معه كيفما اتفق و لم يتعرض لقول الاقتصاد و كانه زعم انه قول المفيد بعينه حيث نقل في شرح الارشاد عن الشّهيد انه قال الافضل جعلها تحت خده كما قاله المفيد في المقنعة و الشيخ في الاقتصاد مع انه في الذكرى جعل الاحسن جعلها تحت خده كما قاله المفيد في المقنعة ثمّ نقل قول الاقتصاد على حدة و القولين الآخرين و لا يخفى ان الحكم بوحدة القولين كما ترى و في هى علل الحكم بطلب البركة و الاحتراز من العذاب و السّتر من لعقاب ثمّ قال فقد روى انّ امراة كانت تزنى و تضع اولادها فتحرقهم بالنار خوفا من اهلها و لم يعلم به غير امّها فلمّا ماتت دفنت فانكشفت التّراب عنها و لم تقبلها الارض فنقلت عن ذلك الموضع الى غيره فجرى لها ذلك فجاء اهلها الى الصّادق ع و حكوا له القصّة فقال لأمّها ما كانت تضع هذه في حياتها من المعاصى فاخبرته بباطن امرها فقال ع ان الارض لا تقبل هذه لانها كانت تعذب خلق اللّه بعذاب اللّه اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين ع ففعل ذلك فسترها اللّه تعالى و نقل في الذكرى عن الشيخ نجيب الدّين في درسه ان هذا يصلح ان يكون متمسّكا لحكم الاصحاب قال في المدارك و فيه ما فيه و لا يخفى ان التّبرك و كذا الخبر المذكور يصلح مستند المن اطلق استحباب وضع التربة معه كما فعله الشيخ في المبسوط و جماعة ممّن تبعه و امّا من خصّه بموضع خاص فالظاهر انه كان له مستند لم يصل الينا هذا و في التهذيب رواية هى مستند من أطلق الحكم غفر عنها هؤلاء الاعلام و هى صحيحة محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميرى قال كتبت الى الفقيه اسأله عن طين قبر الحسين عليه السّلام يوضع مع الميّت في قبره هل يجوز ذلك ام لا فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت يوضع مع الميّت في قبره و يخلط بحنوطه الشارح اوردها في كتاب المراد في باب حدّ حرم الحسين ع و فضل كربلا فلا تغفل

قوله لأصالة عدمه مع ظهور طهارته الآن

هذا مع الرخصة عنهم ع على ما نقلنا من الرواية الصّحيحة

قوله و تلقينه الشهادتين

الروايات في التلقين متظافرة بل قال في الذكرى تكاد ان تبلغ التواتر و ينبغى ان يضاف أيضا الى ما ذكره الشارح ان الإسلام و فيه و القرآن كتابه لوروده في كثير منها ثمّ في بعض تلك الروايات وقع الامر مطلقا من غير تخصيص بالولى او غيره كرواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا سللت الميّت فقل بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه ع اللّهمّ الى رحمتك لا الى عذابك فاذا وضعته في اللحد فضع فمك على اذنه فقل اللّه ربّك و الإسلام دينك و محمّد نبيّك و القرآن كتابك و عليّ امامك و في بعضها توجّه الى الولى كرواية محمد بن عجلان عن ابى عبد اللّه ع فاذا وضعته في لحده فليكن اولى النّاس به مما يلى رأسه ليذكر اسم اللّه و يصلّى على النبي ص الحديث و في بعضها الى اعقل من ينزل في قبره كما سيجيئني في رواية الاسكاف فالاولى مباشرة الولى ان كان اعقل و الا فان يأذن للاعقل فتأمل

قوله قائلا له اسمع ثلاثا قبله

كان مستنده رواية محفوظ الاسكاف عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا اردت ان تدفن الميت فليكن اعقل من ينزل في قبره عند رأسه و ليكشف عن خدّه الايمن حتى يفضى به الى الارض و يدنى فمه الى سمعه و يقول اسمع افهم ثلث مرّات اللّه ربّك و محمّد نبيّك و الاسلام دينك و فلان امامك اسمع و افهم و اعدها عليه ثلاث مرّات هذا التّلقين فكان ينبغى له اضافة افهم و ذكرهما بعده أيضا واحدة و اعادتها ثلثا على ما في الرواية فافهم

قوله و الدعاء له بقوله الى آخره

الاخبار بالدعاء له كثيرة و ما ذكره الشارح رحمه الله من الدعاء قد ورد في حسنة محمّد بن مسلم بإبراهيم عن احدهما ع بتغيير ما فالاولى اعتبار [اتباع] الرواية و هى هكذا قال اذا وضع الميّت في لحده فقل بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و على ملّة رسول اللّه عبدك و ابن عبدك الى آخر ما ذكره الشارح بزيادة منه بعد لا نعلم في بعض النسخ و تتمة الرواية فاذا وضعت عليه اللبن فقل اللّهمّ صل وحدته و انس وحشته و اسكن اليه من رحمتك رحمة تغنيه عن رحمة من سواك و اذا خرجت من قبره فقل إنا للّه و انّا اليه راجعون و الحمد للّه ربّ العالمين اللّهمّ ارفع درجته في أعلى عليّين و اخلف على عقبه في الغابرين يا ربّ العالمين و ما ذكره المصنف من الدّعاء كانه يشمل جميع ما ورد في الرّواية و غيرها من الادعية له

قوله لانه باب القبر

اشارة الى ما روى عن النّبى ص انه قال انّ لكلّ بيت بابا و انّ باب القبر من قبل الرجلين و روى السّكونى أيضا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من دخل القبر فلا يخرج الا من قبل الرّجلين و ظاهر الادلة عدم الفرق بين الرجل و المرأة و هو ظاهر الاكثر و نقل عن ابن الجنيد انه قال في المرأة يخرج من عند رأسها و لعله للبعد عن العورة و الاولى ثمّ ظاهر الخبر الاول و التعليل بالاحترام

ص: 132

الذى ذكره الشّارح استحباب الدخول أيضا من قبل الرّجلين لمن اراد دخوله للتلقين و نحوه بعد وضع الميّت و لم يتعرّضوا له و في مرفوعة سهل بن زياد قال قال يدخل الرجل القبر من حيث شاء و لا يخرج الا من قبل رجليه

قوله و الإهالة

اى الصّب و الروايات باستحبابها متظافرة و ينبغى تثليثها لحسنة داود بن النعمان عن ابى الحسن عليه السّلام و رواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر ع و ان يهيل بالكفين لما نذكره من رواية محمد بن الاصبغ و لرواية محمد بن مسلم المذكورة على ما في التهذيب فان فيها فيه فحشا مما يلى رأسه ثلثا بكفّيه لكن فيما عندنا من في بكفّه فلا يدلّ عليه و ينبغى ان يقول عنده ايمانا بك و تصديقا ببعثك على ما في الكافي و في التهذيب بنبيّك هذا ما وعدنا اللّه و رسوله ففى رواية السّكونى انّ امير المؤمنين ع قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول من حثا على ميّت فقال هذا القول اعطاء اللّه بكلّ ذرّة حسنة و اما كونها بظهور الاكف على ما ذكره الاصحاب فلرواية محمد بن الاصبغ عن بعض اصحابنا قال رايت ابا الحسن ع و هو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفّيه و قد ذهل عنها صاحب المدارك فحكم بعدم وقوفه فيه على اثر نعم ما ذكروه من الاسترجاع في هذه الحالة لم اقف فيه على نصّ بالخصوص كما ذكره صاحب المدارك أيضا فكانه ماخوذ من العمومات و اللّه تعالى يعلم

قوله غير الرّحم

قد مرّ في نزول بحيث الاجنبى ما يدلّ على استثناء الرّحم من رواية عبيد بن زرارة فتذكّر

قوله مقدار اربع اصابع مفرّجات

الرّوايات في دفعه اربع اصابع كثيرة لكن في بعضها مطلقة كحسنة حماد بن عثمان بإبراهيم في حكاية وصيّة الباقر ع للصّادق ع و فيها ان يرفع قبره اربع اصابع و يرشّه بالماء و كذا رواية عبد الا على التى في اصول في الكافي تلك الحكاية بدون ذكر الرّش و رواية امان عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر ع قال يدعا للميّت حين يدخل حفيرته و يرفع القبر فوق الارض اربع اصابع و في بعضها مقيّدة بالمفرجات كرواية عبيد اللّه الحلبى و محمد بن مسلم بسند موثق حسن عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال امرنى ابى ان اجعل ارتفاع قبره اربع اصابع مفرجات و ذكر ان الرش بالماء حسن و رواية محمد بن مسلم أيضا في الصحيح او الحسن عن احدهما ع و فيها و يلزق القبر بالارض الا قدر اربع اصابع مفرجات و يربع قبره و في بعضها مقيدة مضمومة و عليها ابن ابى عقيل كموثقة سماعة عن ابى عبد اللّه ع و فيها و يرفع قبره من الارض قدر اربع اصابع مضمومة و ينضح عليه الماء و يخلى عنه و يمكن الجمع بالتخيير بين الاربع المضمومة الى المفرجة كما خيّر الشارح رحمه الله تبعا لابن زهرة بين المفرجات الى شبر جمعا بين ما نقلنا و ما روى ان قبر النّبى ص رفع شبرا من الارض كما وقع في رواية ابراهيم بن على عن جعفر عن ابيه ع في التهذيب و مثله رواية الحسين بن على الواقفى في العلل و لا يخفى ان المفرجات اقوى سند او اقرب الى الشبر فالترجيح لها و ظاهر المفيد و جماعة كراهة الزيادة على الاربع المفرجات فلعلّهم جعلوا الشبر على تقدير صحته مخصوصا بقبر النّبى فتأمل

قوله اغتفر رفعه عن اعلاها الى آخره

اى لنا رفعه بالقدر المذكور عن اعلاها و يغتفر ح زيادة رفعه عن ادناها و يتادى السّنة ايضا برفعه عن ادناها بالقدر المذكور و ان لم يرفع عن اعلاها كذلك او المراد يغتفر الرفع عن اعلاها اى يسقط استحباب ذلك و انما المسنون الرفع عن ادناها كك و الاول اولى و اظهر فتدبّر

قوله لانّه من شعار النّاصبة

اى العامة فان جلهم بل كلّهم ناصبة عند التحقيق و المراد اكثرهم و الا فالشافعيّة وافقونا في استحباب التسطيح

قوله مع اعترافهم بانه خلاف السّنة نقل في هى هذا الاعتراف عن ابن ابى هريرة منهم و كذا في الجهر بالبسملة

قوله و صبّ الماء عليه

لا خلاف في استحباب رشّ القبر بالماء بعد الفراغ منه و قد ورد به روايات منها حسنة حماد بن عثمان و رواية الحلبى و محمّد بن مسلم و موثقة سماعة المتقدمة آنفا و منها روايتا ابراهيم بن على و الحسين بن على المتقدّمتان آنفا أيضا فان في آخرهما و ان النّبى ص امر برشّ القبور و منها حسنة زرارة بإبراهيم قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام اذا فرغت من القبر فانضحه ثمّ ضع يدك عند رأسه و تغمز كفّك عليه بعد النضح و منها حسنة ابن ابى عمير أيضا بإبراهيم عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه ع في رش الماء على القبر قال يتجافى عنه العذاب ما دام النّدى في التراب الى غير ذلك من الرّوايات و لا يخفى اطلاق تلك الرّوايات و دلالتها على اجزاء النّضح كيفما اتفق و الذى يدل على استحباب ما ذكره من الكيفيّة هو رواية موسى بن اكيل النّميرى عن ابى عبد اللّه ع قال السّنة في رش الماء على القبر ان يستقبل القبلة و يبدأ من عند الراس الى عند الرّجل ثمّ يدور على القبر من الجانب الآخر ثمّ يرش على وسط القبر فكك السّنة فيه و انت تعلم ان مفادها استحباب رش الوسط مطلقا لا صبّ الفاضل ان فضل و لا صبّ تمامه كما هو ظاهر كلام الاصحاب فافهم

قوله و ليكن الصّابّ مستقبلا

يدلّ عليه الرواية السّابقة و كان المراد بالاستقبال الاستقبال في اول الصّب حتى يتم ما ذكر فيها من الدور الا ان لا يحمل على دوران الصّاب بل على ادارة الماء مع وقوف الصّابّ مستقبلا و كان هذا ظاهر كلام الاصحاب فافهم

قوله و ظاهر الاخبار ان الحكم

اى وضع اليد على الكيفية المذكورة كما يشعر به قوله فلا يستحب تاثيرها بعدها اى لا يستحب وضع اليد مؤثرة بعد هذه الحالة و امّا اصل وضع اليد فيستحب بعد هذه الحالة أيضا كلما زاده لصحيحة على بن بلال عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن الرّضا عليه السلام من الى قبره اخيه ثمّ وضع يده على القبر و قرء انّا انزلناه في ليلة القدر سبع مرّات امن من يوم الفزع الاكبر او يوم الفزع

قوله و امّا تاثير اليد في غير التراب كالرّمل فليس بسنّة مطلقا

اى لا عند الفراغ من الدفن بعده و لا بعده او اصلا لا بحسب ظاهر الرّواية و لا بحسب الاحتمال الغير الظاهر بخلاف الاول فانه و ان كان ظاهر الخبر اختصاص الاستحباب بهذه الحالة لكن يمكن على بعد الاستحباب و بعد حشو التراب و نضح الماء مطلقا في هذه الحالة و كلما زاده بخلاف ذلك في غير التراب لاختصاص صريح الخبر بالتراب فلا وجه للحكم بالاستحباب في غيره اصلا و لا يخفى انّ الصحيحة التى نقلها و ان اختص بالتراب لكن ما نقلنا آنفا من حسنة زرارة أيضا يشمل باطلاقه غير التراب أيضا فالظاهر الحكم بعموم الاستحباب و حمل التخصيص بالتراب في الصحيحة على انّه ورد مورد الغالب نعم ظاهر تلك الحسنة ايضا ما ذكره اولا من التخصيص بهذه الحالة فتأمل ثمّ لا يخفى ان ظاهر الخبرين العموم بالنسبة الى من حضر تلك الحالة و كذا الميّت و لكن حسنة زرارة بإبراهيم عن ابى جعفر ع قال كان رسول اللّه ص يضع لمن مات من بنى هاشم شيئا لا يضعه باحد من المسلمين كان اذا صلّى على الهاشمى و نضح قبره بالماء وضع رسول اللّه ع كفّه على القبر حتى ترى اصابعه في الطين و كان الغريب يقدم او المسافر من اهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه اثر كفّ رسول اللّه ص

ص: 133

فيقول من مات من آل محمّد ص و ظاهره اختصاص الحكم ببنى هاشم و يمكن الجمع بان فعله ص لعلّه كان مخصوصا بقبور بنى هاشم لمصلحة رآها فيه فلا ينافى في عموم استحباب الوضع من غيره ص لغيرهم او بان الحكم لعله كان خاصّا في زمانه ص لمصلحة فيه و عامّا بعده و لعلّ هذا اولى فان الظاهر عدم موضع غيره على قبور بنى هاشم و لا على قبور غيرهم أيضا اذ مع اختلاط آثار الأكفّ في القبور مطلقا او في قبور بنى هاشم يبعد ما نقل في الخير من معرفة الغريب او المسافر اثر كفّ رسول اللّه فالظاهر ان يقال باختصاص الحكم في زمانه ص به ص و بالنسبة الى بنى هاشم لما اشير اليه من الفائدة و بعمومة بعد ذلك كما هو ظاهر الخبرين و في رواية اسحاق بن عمّار قال قلت لابى الحسن الاوّل ع اصحابنا يضعون شيئا اذا حضروا الجنازة و دفن الميّت لم يرجعوا حتى يمسحوا ايديهم على القبر أ فسنّة ذلك ام بدعة فقال ذلك واجب على من لم يحضر الصّلاة عليه و قريب منه رواية محمد بن اسحاق قال قلت لابى الحسن الرّضا ع شي ء يصنعه الناس يضعون ايديهم على القبر اذا دفن الميّت قال انما ذلك لمن لم يدرك الصّلاة عليه فاما من ادرك الصّلاة فلا و ظاهرهما اختصاص الحكم بمن لم يدرك الصّلاة و يمكن حملهما على تاكّده بالنسبة اليه فلا ينافى عموم اصل الحكم و لعلّ في الخبر الاول اشعار اليه فافهم

قوله مترحما عليه بما شاء من الالفاظ

لعموم ما ورد في استحباب الترحم على الميّت مطلقا من غير تعيين لفظ خاص و انّما كان ما ذكره افضل لوروده بخصوصه في رواية محمد بن مسلم قال كنت مع ابى جعفر ع في جنازة رجل من اصحابنا فلما ان دفنوه قام ع الى قبره فحثا عليه ممّا يلى رأسه ثلثا بكفّه ثمّ بسط كفّه على القبر ثمّ قال اللّهمّ جاف الارض الخ

قوله و كذا يقوله كلما زاره مستقبلا

هذا ليس في الرّواية و كان الشارح ذكره بناء على عموم استحباب الدعاء للميت مطلقا و عند زيارته فبالمأثور افضل خصوصا مع تناسب المورد و الاولى ان يدعو وقت الزيارة بما في رواية محمد بن مسلم في الفقيه و طريقه اليه صحيح قال قلت لابى عبد اللّه ع الموتى نزورهم فقال نعم قلت فيعلمون بنا اذا اتيناهم فقال اى و اللّه انهم ليعلمون بكم و يفرحون بكم و يستانسون اليكم قلت فأيّ شي ء نقول اذا اتيناهم قال قل اللّهمّ جاف الارض عن جنوبهم و صاعد اليك ارواحهم و لقّهم منك رضوانا و اسكن اليهم من رحمتك ما تصل به وجدتهم و تونس به وحشتهم انّك على كل شي ء قدير و روى أيضا مرسلا عن الرضا ع انه قال ما من عبد زار قبر مؤمن فقرأ عنده إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سبع مرّات الا غفر اللّه له و لصاحب القبر و قد سبق صحيحة علىّ بن بلال أيضا في قراءة انا انزلناه سبع مرّات و في رواية عمرو بن ابى المقدام قال مررت مع ابى جعفر ع بالبقيع فمررنا بقبر رجل من اهل الكوفة من الشيعة فقلت لابى جعفر ع جعلت فداك هذا قبر رجل من الشيعة قال فوقف عليه ثمّ قال اللّهمّ ارحم غربته و صل وحدته و انس وحشته و اسكن اليه من رحمتك رحمة يستغنى بها عن رحمة من سواك و الحقه بمن كان يتولّاه ثمّ قرء انّا انزلناه في ليلة القدر سبع مرّات و امّا ما ذكره من الاستقبال فيدلّ عليه رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال سألت ابا عبد اللّه ع كيف اضع يدى على قبور المسلمين فاشار بيده الى الارض فوضعها عليها و هو مقابل القبلة و هذه الرواية أيضا تدل على عموم استحباب وضع اليد على قبور المسلمين و عدم الاختصاص ببنى هاشم فافهم

قوله و تلقين الولى او من يأمره الى آخره

لرواية جابر بن يزيد عن ابى جعفر ع قال ما على احدكم اذا دفن ميّته و سوّى عليه و انصرف عن قبر و ان يتخلّف عند قبره ثمّ يقول يا فلان بن فلان انت على العهد الذى عهدناك به من شهادة ان لا اله الّا اللّه و ان محمّدا رسول اللّه و انّ عليّا امير المؤمنين امامك و فلان و فلان حتى يأتى على آخرهم فانه اذا فعل ذلك قال احد الملكين لصاحبه قد كفينا الوصول اليه و مسئلتنا اياه فانه قد لقّن فينصر فان عنه و لا يدخلان اليه و رواية يحيى بن عبد اللّه قال سمعت ابا عبد اللّه ع يقول ما على يلقى اهل الميت منكم ان يدرءوا عن ميّتهم لقاء منكر و نكير قال قلت كيف يصنع قال اذا فرد الميّت فليتخلف عنده اولى النّاس به فيضع فمه عند رأسه ثمّ ينادى با على صورته يا فلان بن فلان او يا فلانه بنت فلان هل انت على العهد الذى فارقتنا عليه من شهادة ان لا اله الّا اللّه وحده لا شريك له و انّ محمّدا عبده و رسوله سيّد النّبيين و انّ عليّا امير المؤمنين و سيّد الوصيّين و انّ ما جاء به محمّد حقّ و انّ الموت حقّ و البعث حقّ و ان اللّه يبعث من في القبور قال فيقول منكر لنكير انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته و ما رواه الصدوق في العلل عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه ع قال و ينبغى ان يتخلف عند قبر الميت اولى الناس به بعد انصراف الناس عنه و يقبض على التراب بكفّيه و يلقنه و يرفع صوته فاذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره و لا يخفى ان الخبرين الاخيرين ظاهرهما اختصاص هذا التلقين بالولى و لا يبعد استفادته من الاول أيضا فتجويزهم لغيره ممن يأمره الولى كما ذكره هنا او لبعض المؤمنين ان لم يوجد الولى على ما في هى كانه بناء على ظهور الغرض كما يشعر به التعليل الوارد فيها فالتخصيص بالولى كانه للاشعار باولويته و انّ الامر اليه و يؤيّد ذلك ما في الرواية الجمهور عن ابى امامة الباهلى ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قال اذا مات احدكم فسوّيتم عليه التراب فليقم احدكم عند رأس قبره ثمّ ليقل الخبر ثمّ فيما عندنا من في و التهذيب و الفقيه قد ذكر في الخبر الثانى في المؤنث أيضا اسم ابيها كما نقلنا و في شرح الارشاد المحقق الاردبيلى او يا فلانه بنت فلانه ثمّ قال و فيها دلالة على ذكر المؤنث باسمها و اسم امّها لا ابيها و في رواية الجمهور انما ذكر المذكر و اضيف الى الامّ و فيها قال يا رسول اللّه فان لم يعرف امّه قال فلينسبه الى حوّاء ثمّ لا يخفى دلالة الخبر الاول و الاخير على اختصاص هذا التلقين بما بعد الدفن و امّا الخبر الثانى فيمكن تعميمه بحيث يشمل ما اذا افرد الميت و انصرف الناس بعد الفراغ من الصّلاة و ان لم يدفن ارادة نقله او نحوها الا ان يثبت عدم حضور منكر و نكير الا بعد الدفن و اللّه تعالى يعلم

قوله بصوت عال

الظاهر ان مستنده الرواية الثانية فينبغى تبديله باعلى صوته موافقا لها نعم ما ذكره موافق لرواية العلل و قال في شرح الارشاد و ليكن ذلك باعلى صوته قال الاصحاب و هو مشعر بعدم النص عليه ففيه غفلة فلا تغفل

قوله الّا مع التقية

لإنكار الجمهور هذا التلقين مع وروده في رواياتهم الّا جماعة من الشافعيّة فانهم استحبّوه و يمكن أيضا ان يكون التقية باعتبار ذكر الائمة عليهم السلام لكن ينبغى حينئذ تخصيص السرّ بذلك ان امكن

قوله و يتخير الملقن في الاستقبال و الاستدبار

و بل في كل الجهات لعدم التعيين في النصّ لكن لما اعتبر جماعة كابن ادريس و العلامة استقبال القبلة و القبر و جماعة كابن البرّاج و ابى الصّلاح استدبار القبلة خصّ التخيير بهما ردّا على القولين و يمكن ان يكون التخصيص

ص: 134

للاشارة الى اولويّة اختيار احد الجهتين ليطابق احد القولين و التخيير بينهما لعدم ترجيح لشى ء منهما فافهم

قوله باسناد الامر الى حكمة اللّه تعالى

الغرض منه بيان طريق حسن التسلية لا التخصيص بها بل يكفى في التعزية كل ما يوجب فرح المصاب و سلوه في الجملة و لو بدعاء فعن الصّادق عليه السلام انه قال في تعزية قوم جبر اللّه وهنكم و احسن عزاكم و رحم متوفاكم و عنه عليه السلام كفاك من التعزية ان يراك صاحب المصيبة

قوله و بعده عندنا

يعنى ان شرعيّة التعزية قبل الدفن مما اجمع عليه الكلّ و امّا بعده فقد نعقد عليه اجماعنا لا اجماع الكل فان العامة و ان قال اكثرهم بشرعيّته بعد الدفن أيضا لكن نقل عن الثورى منهم انكارها و نقل أيضا الرّافعى عن ابى حنيفة متع الشرعية بعد الدفن هذا و في حسنة ابن ابى عمير بإبراهيم عليه السلام بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه ع التعزية لاهل المصيبة بعد ما يدفن و في صحيحة محمد بن خالد عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام التعزية الواجبة بعد الدفن و ينبغى حملهما على افضلية التعزية بعد الدّفن و تأكّدها كما يشعر به الرواية الثانية و في حسنة هشام بن الحكم بإبراهيم مع صحيحة محمد بن اسماعيل عن الفضل أيضا فلا يقصر عن الصحيحة قال رايت موسى عليه السلام يعزّى قبل الدفن و بعده اى مرتين او في بعض المصائب قبل الدفن و في بعضها بعده

قوله فمن عزّى مصابا

رواه وهب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من عزّى مصابا كان له مثل اجره من غير ان ينتقص من اجر المصاب شيئا

قوله و من عزى ثكلى

لم اتذكّر الآن رواية ذلك نعم في الكافي عن امير المؤمنين عليه السّلام من عزّى الثكلى أظلّه اللّه في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ الّا ظلّه و قريب منه رواية ابى الجارود أيضا عن ابى جعفر عليه السلام و في رواية السّكونى من عزّى حزينا كسى في الموقف حلّة يجربها

قوله و ندبها ان كانت مندوبة

هذا في اكثرها كالكفن المستحبّ و رفع القبر و صبّ الماء عليها و نحوها و الّا فبعضها ليس بكفائى كتربيع الجنازة و وضع اليد على القبر و الدعاء للميّت و نحوها و معنى الفرض الكفائى مخاطبة الكلّ به ابتداء الى آخره اى بعنوان الوجوب و انما تركه اعتمادا على الظهور بقرينة المعرف و ما يذكره من التقريع هنا و بتعريف الكفائى بالمعنى المصدرى بما ذكره يظهر تعريف الفرض الكفائى بالمعنى الصّفتى و الندب الكفائى على الوجهين فلا حاجة الى التعرض لها فافهم

[الفصل الثالث في التيمم]

[شرائط التيمم]

قوله و شرطه عدم الماء

هذا في التيمّم الذى هو بدل من الوضوء او الغسل كما هو الغالب فلا يشترط ذلك في التيمم للنوم على طهارة و كذا الصلاة الجنازة على المشهور كما سبق و لا لخروج الجنب من احد المسجدين او المساجد على القول بعدم جواز الغسل و ان امكن و ساوى زمانه زمان التيمم و لم يستلزم تنجيس المسجد او القول بالتخيير بينهما مع وجود الشرطين امّا لو قيل بتقديم الغسل مع وجود الشرطين فلا حاجة الى الاحتراز عنه اذ يشترط فيه أيضا عدم الماء او عدم التمكّن من استعماله لان عدم التمكن في كلامهم اعم من ان يكون لمانع عقلى او شرعى هذا و منه يظهر انّ ما سيجي ء من المصنف من وجوب قصد البدلية ينبغى تخصيصه أيضا بالتيمم الذى كان كلامه فيه لا حمله على العموم كما احتمله الشارح هناك فافهم

قوله بان لا يوجد مع طلبه على الوجه المعتبر

فلا يكفى مجرد عدم وجوده عنده او في حواليه عرفا و لا يشترط عدم وجوده فيما زاد على ذلك و فيه اشارة أيضا الى انه لا يشترط عدم الماء في نفس الامر كما توهمه العبارة بل عدم وجد انه بعد الطلب على الوجه المعتبر فلو ظهر بعد ذلك وجوده لا يحكم ببطلان تيممه و ما فعله به من صلاة او طواف و التقييد بالطّلب على الوجه المعتبر انما هو مع وجوبه فلو ضاق الوقت و سقط الطّلب كما سيشير اليه يكفى عدم وجدانه عنده و الحاصل ان المعتبر عدم وجدانه بعد ما يجب عليه شرعا من الطلب و الفحص فافهم

قوله بحيث لا يدرك منه معه

اى من الوقت مع الماء او مع تحصيله مقدار ركعة و الاكتفاء بادراك الركعة بناء على ما ذهبوا اليه من ان بادراك الركعة يدرك الصّلاة و يدلّ عليه الاخبار أيضا و فيه تامّل فان ذلك لا يدل الا على ادراك الصّلاة بادراك الركعة لو اتفق ذلك و امّا على جواز تاخيرها الى هذا الوقت لتحصيل الماء او نحوه فلا و على هذا فالظاهر اعتبار ادراك كل الصّلاة في الوقت فمتى لم يمكن ذلك سقط الطلب لإطلاق المنع عن تاخير الصّلاة عن وقتها و عدم دليل صالح على جواز التأخير في هذه الصّورة مع اطلاق ما يدل على بدلية التيمّم مع فقد الماء و ظاهر العلّامة رحمه الله في النهاية اختيار ما ذكرنا فانه حكم بوجوب الطلب الى ان يتضيّق الوقت فلا يبقى الا ما يسع لتلك الصّلاة ثمّ قال و يحتمل الى ان يبقى ما يسع الركعة فتأمّل ثمّ اعلم انه اذا ضاق الوقت و كان الماء بعيدا فلا خلاف عندهم في سقوط الطّلب بخوف فوت الوقت على الحد الوجهين بطلبه و اما اذا كان قريبا منه و خاف مع ذلك فوت الوقت بتحصيله او كان حاضر او لا يتوقّف على تحصيل اصلا و مع ذلك خاف فوت الوقت باستعماله و لم يخف من التيمّم باعتبار زيادة زمان الطّهارة المائية على التيمّم فهل تجب عليه في الفرضين الطهارة المائية و ان فات الوقت او يجب الانتقال الى التيمّم ظاهر اطلاق كلام الشارح هاهنا هو الثانى في الفرض الاوّل بل في الثانى أيضا ان جعل قوله او لضيق الوقت عطفا على العجز عن الحركة كما في المعطوفات بعده و ان جعل ذلك عطفا على الكبر او مرض فلا يستفاد منه حكم الفرض الثانى و قد اختلفوا في الفرضين فقال المحقق في المعتبر من كان الماء قريبا منه و تحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت او كان عنده و باستعماله يفوت لم يجزه التيمّم و يسعى اليه لانه واجد و قال العلّامة في النهاية العجن بسبب ضيق الوقت مبيح للتيمم كما لو خاف فوات الوقت لو اشتغل بتحصيله لتعذر الماء فيوجب البدل انتهى و الاقرب ما ذكره المحقق لعمومات الطهارة المائية و عدم دليل صالح على بدليّة التيمّم في هذه الحال لوجود الماء و التمكن منه و سيجي ء في بحث وجد ان الماء بعد التيمّم ما يؤيّد هذا فانتظر و ما ذكره العلّامة من تعذر الماء فيه انه لا وجه لتعذره سوى ان الاشتغال به يوجب فوات الصّلاة و الكلام في انّ بمجرّد ذلك هل يسقط التكليف به و ينتقل الى التيمّم ام لا فالتمسّك بالتعذر مصادرة على المط و التحقيق ان الوجد ان في الآية الكريمة ان حمل على مقابل الفقدان فلا دلالة بها على جواز التيمّم حينئذ لوجود الماء و ان حمل على التمكّن مع فان اريد به التمكن عرفا الذى يحصل بوجوده و القدرة على استعماله بلا مشقة عرفا فكك لتحقق الامرين هاهنا و ان حمل على التمكن مع ادراك ما قام اليه من الصّلاة فلا تمكن حينئذ لان بالاشتغال به خوف فوات الصّلاة فيجوز التيمم و لا يخفى ان الحمل على المعنى الاخير و ان كان ليس بعيد لكن الحكم به لا يخلو عن اشكال خصوصا في الفرض الاخير الذى في المعتبر و هو ان يكون الماء حاضرا عنده و باستعماله يفوت الوقت بسبب زيادة زمان الغسل و الوضوء على زمان التيمم اذ الظاهر المتبادر من عدم التمكن منه لما قام اليه على تقدير الحمل عليه هو عدم التمكن منه في وقته باعتبار فقده فيه او عدم التمكن من الوصول اليه او من استعماله لمرض

ص: 135

و نحوه و حمله على ما يشمل عدم التمكن باعتبار فوت الوقت بالاشتغال به لا يخلو عن بعد و في هى فرض المسألة في الفرض الاوّل و هو ان يكون الماء موجودا الا انه ان اشتغل بتحصيله فاته الوقت و حكم بالتيمّم و استدلّ عليه بان الصّلاة قد تعيّن عليه فعلها و تحصيل الطّهارة المائية متعذر فجاز التيمّم القائم مقامها و هو ما اشار اليه في النهاية و تبيّن حاله و استدل أيضا بالاخبار كصحيحة حماد بن عثمان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرّجل لا يجد الماء أ تيمّم لكلّ صلاة فقال لا هو بمنزلة الماء و انما يكون بمنزلته لو ساواه في الاحكام و لا ريب انه لو وجد الماء و تمكن من استعماله وجب عليه فكذا اذا وجد ما ساواه و بصحيحة محمد بن حمران و جميل بن درّاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّ اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهور او التشبيه يقتضى المساواة في الاحكام الا ما اخرجه الدليل و لا يخفى انه يمكن التمسّك بمثل هذه الاخبار في الفرض الاخير أيضا لكن عموم المنزلة و التشبيه غير ظاهر مع انه لا ريب ان التيمّم بدل عن الطهارة المائية و مشروط بتعذر مبدله فالتشبيه و المنزلة فيه انما يعتبر بعد صحته و تحقق شرطه و هو فيما نحن فيه غير ظاهر الا ان يقال ان تلك الاخبار تفيد عموم شرعية التيمّم الا فيما ثبت خلافها و على هذا فالاصل شرعيته الا فيما ثبت عدم تحقق شرطه و عدم تحقق شرطه فيما نحن فيه غير ظ لاحتمال ان يكون شرط عدم التمكن من الماء لادراك ما قام اليه من الصّلاة باىّ وجه كان و لو بسبب فواتها بالاشتغال بتحصيله و ان كان قريبا كما في العوض الاوّل او بسبب زيادة زمان الطهارة المائية على التّرابيّة كما في الفرض الاخير فتدبّر و المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد رجّح ما اختاره العلّامة فقال و الظّاهر انّ خروج الوقت باستعمال الماء موجب للتيمّم لانه احد الظهورين و الصّلاة في الوقت مطلوب شرعا و لو لا ذلك للزم وجوب السّعى بالوصول الى الماء و ان علم خروج الوقت به فتأمّل انتهى و فيه تامّل لان التيمم احد الطهورين لكنه انما سوغ عند عدم التمكن من الآخر و هاهنا متمكن منه و الصّلاة في الوقت كما انها مطلوبة شرعا كذلك الطّهارة المائية فلا يمكن الحكم ببراءة الذمة بادائها الا نبض من الشارع و ليس الا ان يتمسّك بما ذكرنا آنفا في ذيل الا ان يقال و قوله و لو لا ذلك للزم الى آخره فيه ان وجوب الطهارة المائية مع التمكن منها بالفعل بحضور الماء او قربه و ان خاف فوت الوقت لا يوجب السّعى الى الماء مع بعده أيضا و ان خرج الوقت لما في البين من البين بل نقول ان اصل وجوب السّعى الى البعيد لا بدّ له من دليل فان ظاهر الآية الشريفة الامر بالتيمّم عند عدم وجدان الماء و الظاهر صدق ذلك عرفا بعدم حضور الماء عنده و في حواليه فالسّعى ازيد من ذلك لا بدّ له من دليل فاذا كان لهم دليل على وجوب السّعى عند العلم بوجوده مع التمكن الى ان يخاف فوت الوقت كما سيجي ء فليحكم به و امّا السّعى زائدا عليه فلا يحكم به لعدم دليل عليه بل الاجماع و ظاهر الآية دليل على خلافه الدلالة فوت الوقت على عدمه و اما عند حضور الماء او كونه في حكم الحضور عرفا فلا دليل على سقوط وجوب استعماله و فوات الوقت لا يصلح دليلا له بدون نصّ من الشارع فتأمل ثمّ لا يخفى ان الحكم بصحّة الصّلاة في التيمّم في الفرضين و ان كان لا يخلو عن اشكال كما ظهر مما فصّلنا لكن الاحتياط مع العلم بخروج كل الوقت بالاشتغال بالطهارة المائية التيمّم و الصّلاة ثمّ القضاء بالطهارة المائية خصوصا اذا كان تاخيره الى ذلك وقع لا عن عذر فان الشيخ حكم بانه لو اخلّ بالطّلب مع احتمال وجوده حتى ضاق الوقت لم يصح تيمّمه و تبعه المصنف أيضا في الدروس و البيان و صرّح بوجوب اعادة الصّلاة لو صلّى بتيمّم كذلك فعدم الصحة و وجوب الاعادة على هذا القول مع الماء عنده او في حواليه بطريق اولى و امّا اذا فرض ان الاشتغال بالطّهارة المائية يوجب خروج بعض الوقت لا كلّه و عدم خروجه بالتيمّم اصلا فامر الاحتياط مشكل و اللّه تعالى يعلم ثمّ على تقدير القول بوجوب التيمّم في الفرضين لا نقض على المصنف به لدخوله في عدم الوصلة كما اشار اليه الشارح لانه

اعم من ان يكون باعتبار المانع العقلى او الشرعى و يمكن ادخاله في الخوف من استعماله أيضا بان يجعل أيضا اعم من ان يكون لمانع عقلى او شرعى و يمكن ادخال الفرض الاول في الاول و الثانى في الثانى فتفطّن

قوله و لو بعوض

و ان كان زائدا لكن ينبغى تقييده بعدم الحاجة اليه و لو في وقت مترقّب كما ذكره في عوض الماء و كذا ما ذكره من شق الثوب ينبغى تقييده بما اذا لم يتضرّر به كما قيده في شرح د و بعد ذلك فللتّأمّل فيه أيضا مجال لما فيه من الاسراف و اضاعة المال من غير صريح رخصة و وجوب شراء الماء بالمال الكثير لا يدلّ على وجوب ذلك و لا على تجويزه و ان فرض ان ما يبذل فيه زائدا عن ثمن المثل زائدا عن ضرر الشق بكثير اذ ليس هناك اضاعة المال بخلافه هاهنا مع انهم حكموا بعدم وجوب السّعى مع الخوف على متاعه من الضّياع بسبب مطر و نحوه و ان كان ضررا قليلا كما سننقله و لا فرق ظاهرا بين ذلك و ضرر الشق فالفرق بينهما مع عدم النصّ مشكل جدّا فتأمّل و امّا الاعادة فحكم جماعة من الاصحاب بوجوب قبولها في الآلة دون قبول هبتها او هبة ثمنها و حكموا في الماء بوجوب قبوله من باذله دون قبول ثمنه و تمسّكوا في ذلك بعدم المنّة في اعادة الآلة و بذلك الماء عادة فيجب قبولها لصدق الوجدان معها عرفا بخلاف اتهابها و اتهاب ثمنها او ثمن الماء لانه مما يمتن به عادة فربما كان فيه غضاضة و امتهان عليه فلا يجب عليه و لا يخفى ان الحكم بكلّ منهما لا يخلو عن اشكال اذ ربما امتنّوا في اعادة الآلة او بذل الماء و ربما لم يكن منّة بوجه في هبة الآلة او الماء او ثمنها فلو اعتبر المنّة و عدمها فالظاهر القول بوجوب القبول مطلقا فيما لم تكن فيه غضاضة و امتهان عليه و عدم وجوبه كذلك فيما اذا كان بخلافه و احتمل في موضع من ية عدم وجوب قبول هبة الماء لانّه نوع تكسب للطهارة فلا يلزم كما لا يلزم اكتساب ثمن الماء و على تقدير وجوب القبول فهل يجب الاستيهاب ابتداء قال في المنتهى و يحتمل وجوب الاتهاب في الماء كما نقلنا عنه و حكم بوجوب اعادة الآلة او بذل الماء و ربما لم يكن منّة بوجه في هبة الآلة او الماء او ثمنها فلو اعتبر المنّة و عدمها فالظاهر القول بوجوب القبول مطه فيما لم تكن فيه غضاضة و امتهان عليه و عدم وجوبه كذلك فيما اذا كان بخلافه و احتمل في موضع من ية عدم وجوب قبول هبة الماء لانّه نوع تكسب للطهارة فلا يلزم كما يلزم اكتساب ثمن الماء و على تقدير وجوب القبول فهل يجب الاستيهاب ابتداء قال في المنتهى و يحمل وجوب الاتهاب في و الماء كما نقلنا عنه و حكم بوجوب اعادة الآلة و لم يذكر احتمال عدمه هذا فقس عليها القول فيما اذا احتاج الى معاون اى لو علم مع قوم ماء فعليه ان يطلب منهم لانهم اذا بذلوه لزمه قبوله منهم و قد يبذلونه عند طلبه فلزمه ذلك و يحتمل عدم الوجوب و كذا لا يجب ان يستوهب الماء نعم لو وهب وجب القبول و يحتمل وجوب الاستيهاب لانه شروع في التحصيل فوجب كالطّلب انتهى و ظاهره ان الطلب الذى ذكره او لا غير ما ذكره من الاستيهاب بل هو اظهار الحاجة الى الماء و طلبه على وجه مطلق و ان وجوب الطلب بهذا المعنى راجح عنده بخلاف الاستيهاب فان الراجح فيه عدم وجوبه و قال في المبسوط فان غلب على ظنه انه منى طلب من غيره بذله له من غير ان يدخل عليه في ذلك ضرر وجب عليه الطلب و يمكن حمل الطلب في كلامه أيضا على ما ذكره العلّامة او على الاستيهاب ثمّ على تقدير وجوب الطلب او الاستيهاب في الماء فالظاهر مثله في الآلة أيضا و يحتمل وجوب طلبها مطلقا من غير تصريح بالاستعارة او مع التصريح بها بل هو اولى بالوجوب لشيوعها

ص: 136

و خفّة المنّة فيها بالنّسبة الى بذل الماء و لذا احتمل في النهاية عدم وجوب الاتّهاب كما نقلنا عنه و حكم بوجوب اعادة الآلة و لم يذكر احتمال عدمه هذا و الشيخ في المبسوط حكم بوجوب قوله ثمن الماء أيضا لو وهب له لصدق التمكن من الماء معه و تبعه في هى و لا يخلو عن وجه و اذ قد عرفت هذه الفروع نفس عليها القول فيما اذ احتاج الى معاون لتحصيل الماء و لا يجد الّا متبرّعا بالاعانة فتأمل و اللّه تعالى يعلم

قوله يخاف من السّعى اليه على نفس الى آخره

اى من تلفها او من ضرر عليها كمرض او برد شديد يشق تحمله كما فصله في الخوف من استعماله و المراد بالظرف هنا مطلق العضو و المال اعم من ان يكون ماله او مال غيره كما صرّح به في شرح الارشاد و المحرمة صفة للثلاثة و لذا انتهى و احترز بها عمّا يجوز اتلافه كنفس الكافر الحربى او طرفه او ماله و الظاهر ان المراد بالنفس هنا الانسانيّة و ما يجب ادخاله من الحيوان داخل في المال لعدم صحة الحكم بالسقوط بالخوف على الحيوان المحترم على اطلاقه بل لا بدّ من تقييده بالمملوك الا ان يدخل الحيوان غير المملوك مطلقا في غير المحترم لكنّه خلاف ظاهر كلامهم كما سنذكره عن قريب او يقال انه لا خوف في غير المملوك من قتله و نحوه لجوازه شرعا بل انما يتحقق الخوف فيه بخوف ضرر عليه وجب حفظه عنه شرعا كموته جوعا او حرّا او بردا و حينئذ يسقط السّعى به فيمكن ادخال الحيوان مطلقا في النّفس و حينئذ بقيد المحترم يخرج منه أيضا ما لاحترام له كالكلب العقور و الخنزير و الفارة و الحيّة و اشباهها فتأمل

قوله او ذهاب عقل

كانه لا بدّ من التقييد فيه أيضا بالمحترم و قوله و لو بمجرّد الجبن الظاهر انه متعلّق بقوله يخاف من السّعى اى و لو كان الخوف بمجرّد الجبن كما قاله العلّامة في النهاية و لو خاف جبنا لا عن سبب موجب للخوف فالاقرب انه كالخائف لسبب و وجهه ما اشار اليه في شرح الإرشاد من اشتراكهما في الضرر بل ربما ادى الجبن الى ذهاب العقل الذى هو اقوى من كثير مما يسوغ التيمّم لأجله و منه يظهر احتمال تعلقه بما هو اقرب اليه و هو قوله او ذهاب عقل فافهم

قوله لعدم او حاجة و لو في وقت مترقب

اى يكون عجزه لعدم وجدانه العوض او لاحتياجه اليه امّا في الحال او في وقت ثان مترقب لا يتجدّد له اليه ما يدفع احتياجه عادة و فيه ردّ على ظاهر كلام الشيخ في النهاية حيث خص الحكم بعدم وجوب الشراء بما اذا كان ضارا في الحال و لعل نظره الى تحقق القدرة حينئذ و عدم العبرة بالمآل اذ ربما يتجدد له بعد ذلك ما يدفع الحاجة و من عمّم الحكم نظر الى تحقق الضرر عرفا في بذله مع علمه بالحاجة اليه في الوقت المترقّب و يمكن ان يحمل كلام الشيخ ايضا على هذا المعنى ان كان مضرا بحسب حاله و استطاعته لا الحال بمعنى الزمان الحاضر او يحمل الحال بهذا المعنى على ما يشمل الزمان القريب المترقب ايضا و اعلم ان ما نقلناه من النهاية نسبه في المعتبر الى الشيخ في كتبه كلها و قال انه فتوى فضلائنا و فتوى فقهاء الجمهور و كلامه في المبسوط و الخلاف ليس على ما نقله بل ذكر فيهما انه متى وجد الماء بالثمن وجب عليه شراءه اذا كان لا يضر به كائنا ما كان الثمن من غير تقييد بقوله في الحال نعم كلامه في النهاية مقيد به كما ذكرنا هذا و لو امكن الاقتراض لثمن الماء او الشرى نسية فالظاهر كما صرّح به جماعة من الاصحاب انه مع يساره و قدرته على الاداء في وقته يجب عليه ذلك و الّا فلا و ربما احتمل عدم وجوبه مطلقا كما ذهب اليه بعض الجمهور بناء على ان بقاء الدين في فمته ضرر لجواز تلف ماله قبل ادائه و هو ضعيف و ربما احتمل وجوبه مطلقا

لصدق الوجدان معه و هو أيضا ضعيف فتأمل

قوله و لا فرق في المال المخوف ذهابه الى آخره

اعلم انه لا خلاف في جواز التيمم و كما ذهب اليه بعض الجمهور بناء على ان بقاء الدين في ذمته ضرر لجواز تلف ماله قبل ادائه و هو ضعيف و ربما احتمل وجوبه مط سقوط وجوب طلب الماء عند الخوف من اللّصّ في الجملة لكن هل يكفى فيه الخوف على المال في الجملة قليلا كان ام كثيرا ام يعتبر فيه كونه بقدر يضر بحاله صرح العلامة في النهاية بالاوّل و تبعه الشارح هنا و في شرح الارشاد و استدلّ عليه في النهاية بقوله تعالى وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و لا يخفى قصوره عن افادة ما ذكره من التّعميم [التيمم] اذ لا جرح في فوات ما لا يضرّ به من المال القليل و في شرح الارشاد باطلاق الامر باصلاح الحال و فيه ضعف أيضا و امّا ما اشار اليه هنا من النصّ فكانه كما ذكره في المدارك رواية يعقوب بن سالم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين او نحو ذلك قال لا آمره ان يغرر بنفسه فيعرض له لصّ او سبع و رواية داود الرّقى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اكون في السّفر و تحضر الصّلاة و ليس معي ماء و يقال ان الماء قريب منّا فاطلب الماء و انا في وقت يمينا و شمالا قال لا تطلب الماء و لكن تيمّم فانى اخاف عليك التخلف عن اصحابك فتضلّ و يأكلك السّبع و لا يخفى ان الروايتين مع ضعف سندهما جدّا ليس في الثّانية حديث اللصّ و ضياع المال أصلا و امّا الأولى فالظاهر منها الخوف من اللصّ على نفسه بقرينة سابقه و لا حقه فالتمسّك باطلاقها على سقوط الطلب بالخوف على المال و ان كان قليلا مشكل جدّا و الاجماع عليه كما قيل انه يشعر به عبارة هى السّبب الثانى ان يخاف على نفسه او ماله لصّ او سبعا او عدوّا او مريقا او تتخلّف عن الرفقة و ما اشبهه فهو كالعادم لا نعرف فيه خلافا لانه غير واجد اذ المراد بالوجدان تمكن الاستعمال لاستحالة الامر بما لا يطاق ثمّ ايّده بما نقلنا من الروايتين و لا يخفى ان كلامه اولا و ان كان فيه اطلاق لكن دليله قاصر عن افادة الاطلاق كما لا يخفى فالظاهر بقرينة دليله تخصيص ما اطلقه بما فيه ضرر زائد لا اقل و كلام المصنف رحمه الله في الذكرى يشعر بتخصيصه بما انا كان الخوف من نصّ يحجف بماله كما سننقله و بالجملة فسقوط السّعى و جواز التيمم مع الخوف على المال للمتضرر بفواته كانه ظاهر و لا خلاف فيه و اما في غيره فالحكم به لا يخلو عن اشكال لعمومات الوضوء و الغسل و صدق الوجدان و عدم دليل صالح على السقوط حينئذ هذا في ماله و امّا مال غيره فان كان معه و وجب عليه حفظه فالظاهر سقوط السّعى بالخوف عليه و امّا اذا لم يكن كذلك فالحكم بسقوط السّعى بالخوف عليه لم اقف على دليله و كلام اكثر الاصحاب أيضا خال عما نقلنا من شرح الارشاد من التعميم بل في كلام بعضهم التقييد بماله كما في هى و الذكرى و الدروس و كلام في جماعة وقع المال معرفا او منكرا و لا يبعد أيضا حمله على ماله و على تقدير القول بالتعميم فالظاهر ان حكمه حكم مال نفسه فاذا قلنا فيه باعتبار كون فواته مضرا بحاله فينبغى اعتبار ذلك في مال الغير أيضا هذا و امّا اذا لم يجد الماء الا بالشراء فان كان بثمن المثل او بزيادة يسير فلا خلاف عندنا في وجوب شرائه على ما نقله العلامة في المنتهى و ان كان بزيادة كثيرة فقال الشيخ يجب عليه شراؤه مع المكنة و عدم التضرّر و هو مذهب المرتضى و الاكثر و نقل عن ابن الجنيد انه قال بعدم وجوبه و الاول اظهر امّا الوجوب مع عدم التضرّر فلصدق الوجدان معه و لصحيحة صفوان قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج الى الوضوء للصلاة و هو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم او بالف درهم و هو واجد لها يشترى و يتوضأ او يتيمّم قال لا بل يشترى و قد اصابنى مثل هذا فاشتريت و توضأت و ما يشترى بذلك مال كثير كذا في التهذيب و في الكافي و ما يسرنى اى بحفظه و ترك الوضوء و في بعض نسخه و ما يسؤنى اى ببذله في الوضوء و ما في التهذيب اظهر

ص: 137

اى ما يشترى بهذا المال ثواب عظيم يصلح لبذله له و اما عدم وجوبه مع التضرر فلنفى الضرر و الحرج و احتج لابن جنيد بنفى الضرر و زيادة الثمن ضرر و بانه لو خاف لصّا على ماله لو فارقه الى الوضوء لساغ له التيمّم فلا يجب صرفه ثمنا و الجواب عن الاول ان بذله المال في مقابله عوض ينال به الثواب العظيم ليس بضر و ما لا يتضرّر بحاله و معه لا خلاف في عدم الوجوب و الا فالثمن المساوى أيضا نوع ضرر مع الاتفاق على عدم الالتفات اليه و على الثانى بالنقض بصورة المساوى للاتفاق على وجوب بذل الثمن حينئذ مع انهم لا يوجبون مفارقة متاعه لتحصيل الماء اذا خاف عليه الضرر من اللصّ و لو بقدر قيمة الماء او اقلّ منها و امكنه بالمفارقة تحصيل الماء المباح بلا قيمة او بقيمة اقل لا يزيد مع ما يتضرّر به من اللص على الثمن المساوى للماء و ثانيا بالفرق لوجود النصّ هناك و عدمه هاهنا بل وروده على خلافه كما نقلنا و لو نوقش في دلالة النص هناك على ما اشرنا اليه فيكفى وجود النّص هاهنا و عدمه هناك مع اطلاق الامر باصلاح المال و النهى عن اضاعته و يمكن الفرق ايضا بان في تلف المال باخذ اللصّ و غيره غضاضة و مهانة على النفس ليس ذلك في بذله اختيارا فعدم وجوب تحمل ذلك لا يوجب عدم وجوب البذل الذى لا غضاضة فيه هذا مع ما في الاول من تسليط الغير على المعصية و تمكينه منها بخلاف ذلك في الثانى فلا يمكن القياس هذا كلّه بعد تسليم الحكم في الاصل على ما نقلنا من العلامة و الشارح و اما لو قيل بعدم سقوط الوجوب مع الخوف من اللصّ أيضا مع عدم الضرر بحاله كما احتملنا فيسقط كلامه رأسا و اجاب العلامة في المنتهى بالفرق بان في صورة الخوف يسوغ له التيمّم لان عوض المال هناك على اللصّ فلا يزيد عليه و في صورة الشّراء العوض فيه على اللّه تعالى فيحصل الثواب و هو زائد على المال فافترقا و هذا ما ذكره الشارح من الفرق بين الصّورتين مع قطع النظر عن النصّ و زيّفه و هو كما قال و قال في الذكرى لو وجد الثمن وجب الشراء و ان زاد عن ثمن المثل في الاشبه لانتفاء الضرر و نقل رواية صفوان ثمّ قال هذا مع عدم الضرر الحالى او المتوقع في زمان لا يتجدّد فيه مال عادة امّا معه فلا و كذا لو أجحف بماله للجرح و لسوغ التيمم عند خوف لصّ يجخف بماله كما يأتى انتهى و هذا يدلّ على عدم وجوب الشراء في صورة الاجحاف و ان لم يكن مضرا بحاله و كانه اراد به بذل مال كثير جدّا و تحديده لا يخلو عن اشكال و التمسّك بالجرح فيه ما فيه لعدم الجرح مع عدم الضرر فكانه دليل الاوّل فقط و دليل الثانى هو الثانى و هذا كلامه الذى قلنا ان فيه اشعارا بان الخوف من اللص المسوغ للتيمّم هو الخوف من لصّ يجخف بماله لكن مستنده في التقييد غير ظاهر و في حكاية الخوف من اللص الذى احال عليه لم يزد على نقل رواية يعقوب بن سالم فتأمل و اعلم ان الخوف على المال و ضياعه بالاشتغال بالسعى باىّ وجه كان حكمه حكم الخوف عليه من اللصّ فيجوز التيمم عنده كما صرّح به في شرح الارشاد فعلى ما اختاره لا فرق فيه بين القليل و الكثير مطلقا كما صرح به في شرح الارشاد معلّلا باطلاق الامر باصلاح المال و على ما احتملناه ينبغى التقييد بالمضرّ في الجميع و على ما ذكروه يشكل الفرق بين الضرر و اللازم لشق الثوب النفيس حيث حكموا بوجوب تحمله قليلا كان ام كثير او بين الضرر اللازم لضياع متاعه عند مفارقته لتحصيل الماء بسبب من الاسباب غير اللصّ كمطر و نحوه حيث لم يحكموا بوجوب تحمله قليلا كان ام كثيرا لعدم النص فيهما و لا يجرى أيضا فيه ما ذكرنا من وجهى الفرق فالظاهر الحكم بوجوب التحمل فيهما مع عدم التضرّر و عدمه معه لصدق الوجدان مع عدم التضرر او عدم الوجوب فيهما مطلقا لإطلاق النهى عن اضاعة المال و اللّه تعالى يعلم

قوله و الفارق

اى بين الصّورتين حيث يجب حفظ الاوّل مطلقا و بذل الثانى كذلك الا مع الحاجة اليه في الحال او في وقت مترقّب كما اشار اليه سابقا و غرضه من تحقيق هذا الفرق مع كونه مطلبا في نفسه الاشارة الى ردّ ما نقلنا عن جهة ابن الجنيد و ان الحق فيه التمسّك بالنص لا بما ذكره العلامة من الفرق

قوله بل قد يجتمع في الاول

و هذا اذا اخذ العوض من الغاصب و على هذا فالخوف اولى بالبذل من الشراء لو لا النصّ فافهم

قوله لمرض حاصل يخاف زيادته الى آخره

اذا كان المرض حاصلا و خاف المريض من استعمال الماء التّلف او زيادة المرض او بطئه او عسر علاجه فلا خلاف بين الاصحاب في سقوط الطهارة المائية و جواز التيمم في الاوّل و كذا فيما بعده اذ اخاف تاثيره في الزيادة او البطؤ أو العسر تاثيرا معتدّا به و امّا اذا خاف تاثيره فيها تاثيرا لا ينتهى الا الى ضرر قليل فظاهر اطلاق كلام جماعة ذلك أيضا و ربما احتمل بعض عباراتهم عدم جواز التيمّم حينئذ و اشتراطه خوف الضّرر المعتدّ به و يمكن ان يستدلّ على الاول باطلاق الآية الكريمة فانها مطلقة في التيمّم مع المرض غاية الامر وجوب تقييدها بمرض يخاف معه من استعمال الماء في الجملة للاجماع ظاهرا على عدم جواز التيمّم فيما لا خوف معه اصلا كما في الصّداع الحار و بعض اوجاع الاسنان و اما مع الخوف في الجملة فلا اجماع فليتمسّك باطلاق الآية الى ان يثبت وجوب التقييد بما زاد على ما ذكروا على الثانى بعمومات الطّهارة المائية يخرج عنها ما ثبت فيها جواز التيمّم و فيما نحن فيه لم يثبت ذلك لعدم دليل عامّ على جواز التيمّم مع مطلق المرض لاختصاص الاخبار الواردة بذلك بمثل القروح و الجروح التى الغالب فيها انه يخاف من استعمال الماء الضرر البيّن و امّا الآية الكريمة فكما يحتمل الاطلاق على ما ذكر يحتمل التقييد أيضا بان يكون قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً* قيدا للجميع بان يحمل عدم الوجدان على ما يعم عدم التمكن من استعماله مع وجوده و لا ريب انه لا بدّ في عدم التمكن عرفا من خوف ضرر معتدّ به لا اقلّ و لا يكفى فيه الضرر القليل و حمل عدم الوجدان على هذا المعنى لو سلم ان فيه تكلّفا فيعارض بان تخصيص فلم تجدوا بما سوى المرضى مع ذكر الاربعة على نسق واحد أيضا لا يخلو عن تكلّف و على تقدير حمل الآية الشريفة على الاطلاق في المرضى يلزم ذلك بخلاف ما لو حمل على التقييد في الجميع هذا مع ما في الحمل عليه من عموم الفائدة حيث يستفاد من الآية حينئذ حكم جواز التيمّم مع عدم التمكن أيضا بخلاف ذلك على التفسير الاول هذا و في الكشاف جعل فلم تجدوا متعلقا بالجميع كما ذكرنا لكن حمل عدم الوجدان على ظاهره و وجهه في المرضى بانهم اذا عدموا الماء بضعف حركتهم و عجزهم عن الوصول اليه فلهم ان يتيمّموا و على هذا أيضا يسقط التمسك باطلاق الآية الكريمة بل لا دلالة لها حينئذ على جواز التيمّم مع الضرر اصلا لكن حمل عدم الوجدان على ما ذكرنا من عدم التمكن مطلقا كما اختاره شيخنا الطبرسى في مجمع البيان كانه اولى ثمّ ان معنى الآية على ما ذكرنا و اللّه تعالى يعلم انّه ان كنتم مرضى او على سفرا و جاء احد منكم من الغائط و المراد به العذرة او ما يشمل البول أيضا اذ الغائط في الاصل المكان المنخفض و كانوا يقصدون للبول و العذرة مكانا منخفضا للسّتر عن الناظرين فكنّى عنهما به كما سمّى العذرة به لذلك و حمله على مطلق الحدث الاصغر لا يخلو عن بعد و ان كان الحكم عامّا في الجميع و التعرض لبعض الافراد مع عموم الحكم في الكتاب

ص: 138

العزيز غير عزيز او جامعتم النساء و الترديد الاخير على كل من شقّى الترديد الاول و قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا* اى لم تتمكّنوا منه متعلّق بالجميع هذا على تقدير او في او جاء على معنى الواو كما هو الظاهر هنا و اختاره في مجمع البيان و لو حمل على ظاهره فالظاهر أيضا ان يكون فلم تجدوا بمعنى فلم تتمكنوا متعلقا بالجميع لكن ذكر اوّلا المرض الذى هو مظنة عدم التمكن ثمّ السفر الذى قد يتفق فيه ذلك ثمّ عمّم الحكم في المجي ء من الغائط مطلقا في المرض و السّفر و غيرهما و كذا بعد الجماع كذلك ثمّ حكم في الجميع بانه اذا لم يتمكّنوا من الماء فتيمّموا و ربما يرجح هذا بكونه اعم فائدة فافهم و اللّه تعالى يعلم و امّا المرض التوقع باستعمال الماء فان كان مرضا شديدا فكانه لا خلاف أيضا في وجوب التيمّم و ان كان شيئا يسيرا لا يعتد به كصداع او وجع ضرس فظاهر كلام بعضهم كالمحقق في الشرائع و العلّامة في النهاية و التحرير عدم العبرة به و عدم تجويز التيمم له حيث قيّد المرض الذى يخافه باستعمال الماء بالشديد في الاوّل و الثانى و بالمخوف في الثالث و قد صرح بذلك المحقق في المعتبر و استشكله المصنف في الذكرى بالعسر و الحرج و بقول النّبى ص لا ضرر و بتجويزهم التيمّم للشين و فيه ان دعوى العسر و الحرج في مثل ذلك مشكل جدّا و كذا في شمول الضرر المنفى لمثله تامّل و الشّين الفاحش الذى جوز و التيمّم بخوفه على ما قيّده به في هى كانه ابلغ في الضرر و استلزامه العسر و الحرج خصوصا مع ما يلزمه غالبا من الشقاق و اخراج الدّم و تنجيس البدن و الثّياب فتجويز التيمم له لا يوجب تجويزه هنا و بالجملة فتجويز التيمّم هنا مما لا شاهد له سوى لزوم الحرج و الضرر و دعوى ذلك مع سهولة ضرر ما يخافه مشكل جدّا فالظاهر وجوب الطهارة المائية و قال في المدارك بعد نقل ما نقلنا من المحقق و العلامة و ربما كان الخلاف مرتفعا في المعنى فانه مع الضرورة و المشقة الشديدة يجوز التيمّم عند الجميع لانّ المرض و الحال هذه لا يكون يسيرا و مع انتفاء المشقة و سهولة المرض لا يسوغ التيمم عند الجميع أيضا انتهى و هو كما ترى و اعلم ان عبارات اكثر محقّقى الاصحاب في هذه المسألة لا تخلو عن تشويش و اضطراب فمن اراد الاطلاع عليه فليرجع اليها و ليتامّل فيها و اعلم انه لا فرق في المرض الحاصل او المتوقع بين ان يعمّ تمام البدن او اختص ببعض الاعضاء كما صرّح به جماعة من الاصحاب لكن ينبغى ان يعلم ان في كلامهم هاهنا اشتباها فان كلامهم هاهنا يقتضى التيمّم بالقرح او الجرح بل الكسر أيضا في اعضاء الغسل او الوضوء اذا تضرّر باستعمال الماء و قد صرح به بعضهم كالشيخ في المبسوط فانه قال و من كان في بعض جسده او في بعض اعضاء طهارته ما لا ضرر عليه و الباقى عليه جراح او عليه ضرر في ايصال الماء جاز له التيمم و لا يجب عليه غسل الاعضاء الصّحيحة فان غسلها و تيمم كان احوط سواء كان الاكثر صحيحا او عليلا و اذا حصل على بعض اعضاء طهارته نجاسة و لا يقدر على غسلها لا لم او قرح او جراح تيمّم و صلّى و لا اعادة عليه و في بحث الوضوء ذكروا ان الجبائر ان امكن نزعها او تكرار الماء عليها وجب و الا أجزأ المسح عليها سواء كان ما تحتها طاهرا او نجسا و مع نجاسة ظاهرها وضع عليها شيئا طاهر او مسح عليه و صرّح جماعة منهم بانه لا فرق بين ان يكون الجبيرة مختصة بعضو او شاملة للجميع و حكموا بالحاق القروح و الجروح بالجبيرة اذا كانت عليها خرقة مشدودة و حكموا في القروح و الجروح المجردة التى يتضرّر بايصال الماء اليها بغسل ما حولها و احتملوا وجوب مسحها أيضا ان لم يتضرّر به و مع تعذره احتملوا وجوب وضع شي ء عليها و المسح عليه و احتمل المصنف في الذكرى وجوب الوضع و المسح عليه و ان امكن المسح على نفس العضو لتحاذى الجبيرة و ما عليه لصوق ابتداء و على هذا فيشكل انه لا يبقى صورة للتيمّم للقرح و الجرح او الكسر الا ان يقال ان التيمّم في صورة التضرّر بالمسح أيضا مع وجوبه كما يشعر به عبارة المعتبر في الجبائر و لا يخفى بعده و قد اختلف الاخبار أيضا في هذا الباب فمنها الاخبار المتظافرة بتجويز التيمم للجنب لمكان القروح و الجروح كما

سننقلها في الحاشية الآتية ان شاء الله تعالى و منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الكسير يكون عليه الجبائر او يكون به الجراحة كيف يضع بالوضوء و عند غسل الجبابة و غسل الجمعة قال يغسل ما وصل اليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر و يدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله و لا ينزع الجبائر و يعبث بجراحته و هذه الرواية بسند آخر ايضا صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج بتغييرات لا تتخلّ بالغرض و صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن الجنب به الجرح فيتخوّف الماء ان اصابه قال فلا يغسله ان خشى على نفسه و ظاهرها الاكتفاء بغسل الباقى و ان احتمل العدول الى التيمم أيضا و حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرّجل يكون به القرحة في ذراعه او نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة و يتوضّأ و يمسح عليها اذا توضّأ فقال ان كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة و ان كان لا يؤذيه الماء فلينتزع الخرقة ثمّ ليغسلها قال و سألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله قال اغسل ما حوله و صحيحة عبد اللّه بن سنان و ان كان فيها محمد بن عيسى عن يونس عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الجرح كيف يصنع به صاحبه قال يغسل ما حوله و حسنة عبد الاعلى مولى آل سام قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام عثرت فانقطع ظفرى فجعلت على اصبعى مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا و اشباهه من كتاب اللّه عزّ و جلّ قال اللّه ما جعل عليكم في الدّين من حرج امسح عليه و حسنة كليب الاسدى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل اذا كان كسيرا كيف يضع بالصّلاة قال ان كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره و ليصلّ و حسنة حسن بن على الوشاء بل صحيحة قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الدّواء اذا كان على يدى الرّجل أ يجزيه ان يمسح على طلى الدواء فقال نعم يجزيه ان يمسح عليه و فيه اجمال اذ لا يظهر منها انّ ذلك في الوضوء و الغسل او التيمّم بل حسنة كليب أيضا كذلك و يمكن الجمع بين الاخبار و كلمات الأصحاب بانّ التيمّم انما مع التضرّر باستعمال الماء و لو في غير موضع القرح و الجرح بحيث يتغدّر او يتعسّر ايصال الماء الى ما بينها من المواضع السّليمة بدون التعدى الى بعضها و اما اذا لم يتضرّر باستعمال الماء في الاعضاء الصّحيحة و تيسّر له ذلك فالحكم ما فصّلوه في الجبائر و القروح و الجروح على ما نقلنا لكن لا يخفى انه لا يستفاد من الاخبار المسح في القروح و الجروح المجردة اصلا سوى ما في حسنة الحلبى من احتمال ذلك اذ ربما كان ظاهر قوله فيها فيعصبها بالخرقة الى آخره ان تعصيبها باعتبار الوضوء و لأجل المسح عليها لا لضرورة اليه في نفسه و حينئذ فينبغى جوابه ع على ذلك لكن سؤاله بعد ذلك عن الجرح كيف يصنع به و جوابه عليه السلام بغسل ما حوله يشعر بان تعصيب الخرقة في السؤال الاوّل للضرورة اليه مع قطع النظر عن الوضوء ليكون السؤال الثانى سؤالا عن الجرح المجرّد و الّا فبعد معرفة حكم القرح كانّه لا وجه ثانيا للسؤال عن الجرح لظهور عدم الفرق بينهما الا ان يكون هذا حكاية سؤاله في وقت آخر لا بعد السؤال الاول و حينئذ فالظاهر بقرينة السّؤال الثانى و جوابه و الاكتفاء فيه بغسل ما حوله حمل التّعصيب في الاوّل و المسح عليها على الاستحباب او على الضّرورة اليه في نفسه و على هذا فالظاهر الاكتفاء في القروح و الجروح المجرّدة بغسل ما حولها بل لا يبعد الاكتفاء بذلك في الجبائر و ما فى

ص: 139

حكمها أيضا كظ صحيحة عبد الرّحمن فيحمل المسح في الاخبار الاخرى على الاستحباب لكن لما لم يظهر خلاف بين الاصحاب فيها فليتّبع ما ذكروه و يمكن الجمع أيضا بالقول بالتخيير في الجميع بين التيمم و غسل الباقى مع المسح او بدونه على ما فصّلوه لكن ينبغى ان يخصّ ذلك بما اذا لم يكن المانع مانعا عن مسح نفس العضو في التيمّم اذ مع منعه عن ذلك و الحاجة الى المسح على الحائل في التيمّم أيضا فيشكل تجويز التيمّم مع امكان الوضوء أيضا بهذا الوجه و اللّه تعالى يعلم

قوله او برد شديد يشق تحمّله

و ان فرض علمه با من العاقبة و دليله أيضا نفى الجرح و الضرر و لا يخفى ندور الفرض فان البرد الشديد الذى يشق تحمله لا ينفكّ غالبا عن خوف التّلف و الضّرر الا لمن له علم بعواقب الامور و لا حاجة بنا الى تحقيق المسألة لهم و اعلم ان ظاهر كلامه هنا جواز التيمّم في هذه الصّورة من غير فرق بين الجنب عمدا و غيره و هو مذهب اكثر الاصحاب و ذهب المفيد في المقنعة الى ان من اجنب نفسه مختار اوجب عليه الغسل و ان خاف منه على نفسه و لم يجزه التيمم و وافقه الشيخ في الخلاف فقال من اجنب نفسه مختارا اغتسل على كلّ حال و ان خاف التّلف او الزيادة في المرض و الاول اظهر لعموم قوله تعالى و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة و قوله تعالى و لا تقتلوا انفسكم و قوله تعالى و ما جعل عليكم في الدّين من حرج و قوله تعالى يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر و عموم ما ورد في نفى الضّرر بل رفع الضرر المظنون واجب عقلا فيجب الاحتراز عنه ما لم يثبت خلافه من الشرع كالجهاد و التمكين من القصاص و الحدّ و عموم صحيحة محمّد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يكون به القرح و الجراحة يجنب قال لا باس بان لا يغتسل يتمّم كذا في الكافي و في الفقيه سئل محمد بن مسلم ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يكون به القرح و الجراحات فيجنب فقال لا باس بان يتيمم و لا يغتسل و لا يبعد دعوى ظهورها في الجنابة عمدا و صحيحة محمد بن مسلم أيضا او حسنة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الجنب يكون به القروح قال لا باس بان لا يغتسل يتمّم و صحيحة داود بن سرحان عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة و به جروح او فروح او يخاف على نفسه من البرد فقال لا يغتسل و يتمّم و صحيحة احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه السلام في الرّجل تصيبه الجنابة و به قروح او جروح او يكون يخاف على نفسه البرد قال لا يغتسل و يتيمّم و حسنة محمد بن سكين و غيره بإبراهيم ابن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قيل له انّ فلانا اصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه ألا سألوا الّا يمّموه ان شفاء العيّ السؤال قال و روى ذلك في الكسير و المبطون يتمم و لا يغتسل و موثقة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام في الرّجل يكون به القروح في جسده فتصيبه الجنابة قال يتيمّم و صحيحة محمد بن ابى عمير عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ييمّم المجدور و الكسير اذا اصابتهما الجنابة و رواية جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان النبي ص ذكر له ان رجلا اصابته جنابة على جرح كان به فامر بالغسل فاغتسل فكنّ فمات فقال رسول اللّه ص قتلوه قتلهم اللّه انما كان دواء العىّ السّؤال و صحيحة جعفر بن بشير عمّن رواه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل اصابته الجنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان اغتسل قال يتيمّم و يصلّى فاذا امن البرد اغتسل و اعاد الصّلاة و صحيحة اخرى عن جعفر بن بشير عن عبد اللّه بن سنان او غيره عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثلها و في الفقيه و سئل عبد اللّه بن سنان ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة و يخاف على نفسه التلف ان اغتسل فقال يتيمّم و يصلّى فاذا امن من البرد اغتسل و اعاد الصّلاة و طريقه الى عبد اللّه بن سنان صحيح على ما في الخلاصة و استدل أيضا في المعتبر بانّ الجماع على هذا التقدير غير محرّم اجماعا فلا يترتب على فاعله عقوبة و ارتكاب التعزير بالنفس عقوبة حجة القول الآخر اجماع الفرقة المحقّة على ما ادّعاه الشيخ في الخلاف و صحيحة سليمان بن خالد و ابى بصير و عبد اللّه بن سليمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل كان في ارض باردة فتخوف ان هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع قال يغتسل و ان اصابه قال و ذكر انه كان وجعا شديد الوجع فاصابته جنابة و هو في مكان باردة كانت ليلة شديدة الريح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلونى فقالوا انا نخاف عليك

فقلت ليس بدّ فحملونى و وضعونى على خشبات ثمّ صبّوا على الماء فغسّلونى و صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تصيبه الجنازة في ارض باردة و لا يجد الماء و عسى ان يكون الماء جامدا فقال يغتسل على ما كان حدثه رجل انه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال اغتسل على ما كان فانه لا بدّ من الغسل و ذكر ابو عبد اللّه ع انه اضطرّ اليه و هو مريض فاتوه به مسخنا فاغتسل و قال لا بدّ من الغسل و مرفوعة علىّ بن ابراهيم قال من اجنب نفسه فعليه ان يغتسل على ما كان منه و ان احتلم يتيمّم و رواية علىّ بن احمد رفعه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن مجدور اصابته جنابة قال ان كان اجنب هو فليغتسل و ان كان احتلم فليتمّم و الجواب منع الاجماع لذهاب اكثر الاصحاب الى خلافه و منهم الشيخ نفسه فانه قال في المبسوط و هى يتمّم و صلّى لم يجب عليه اعادة الصّلاة الّا من خاف البرد في غسل الجنابة او تعمدها على نفسه فانه يصلّى يتيمّم ثمّ يعيد الصّلاة و في التهذيب حكم باولويّة الغسل للمتعمد على كل حال و مع ذلك فلا تعويل على ما نقله من الاجماع و امّا الرّوايات فالصّحيحتان منها مطلقتان في العامد و غيره بل لا يبعد ان يدّعى ان ظاهر الرواية الاولى كون جنابة الامام ص من غير اختيار و الحكم بوجوب الغسل على الاطلاق ممّا لم يقل به احد و الرّوايتان المفصّلتان مرفوعتان لا تصلحان للاعتماد في مقابلة ما اوردنا من الآيات و الروايات و يمكن حملها على ما اذا خاف اى المشقة مع الامن من التلف بل من المرض الشديد أيضا او على ما لم يجعلنه ظنّ التّلف او المرض الشّديد و ان احتمله فلعله لا بدّ حينئذ في العامل من الغسل بخلاف غيره فيكفى فيه لجواز التيمم احتمال التّلف او المرض الشديد و اللّه تعالى يعلم ثمّ على المشهور من القول بالتيمّم للجنب عمدا أيضا اذا خاف التلف هل يجب عليه اعادة ما صلّاه به الاكثر على عدمه و الشيخ في المبسوط حكم بوجوبها كما نقلنا عنه آنفا و الظاهر هو الاول لتحقق الامتثال فلا وجه للاعادة الّا ان يقوم عليه دليل صالح و ليس بل ما سبق من الروايات المطلقة الواردة بالتيمّم من غير تعرّض للاعادة ظاهر في نفى وجوبها و يؤيّده أيضا اطلاق بعض الروايات الواردة بعدم الاعادة كصحيحة عيص قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يأتى الماء و هو جنب و قد صلى قال يغتسل و لا يعيد الصّلاة الا ان يقال ان قوله يأتى الماء يشعر بانّ تيمّمه كان باعتبار عدم الماء فليس مما نحن فيه و صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اجنب فيتمّم بالصّعيد و صلّى ثمّ وجد الماء فقال لا يعيد انّ ربّ الماء ربّ الصّعيد فقد فعل احد الطهورين و صحيحة ابن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول اذا لم يجد الرجل طهور او كان جنبا فليمسح من الارض و ليصلّ فاذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته التى صلّى و حسنة الحلبى بإبراهيم مثلها و يمكن ان يقال ان التأييد بها انما هو لو حمل الوجدان فيها نفيا و اثباتا على التمكن و اما اذا حمل على الاصابة فلا تأييد لكن الظاهر ان قوله عليه السلام في الرواية الاولى ان ربّ الماء ربّ الصّعيد يجرى في كل

ص: 140

ما وقع فيه التيمّم مشروعا فيجرى فيما نحن فيه على قول الاكثر فتدبّر و حجة الشيخ كانّها ما نقلنا من روايتى جعفر بن بشير بتخصيصهما بالمجنب عمدا اذا خاف التلف كما فعله في التهذيب و هما لانقطاع سندهما لا تصلحان حجة للوجوب و ما نقلنا من الفقيه أيضا يتطرق اليه الشك في صحته بعد ملاحظة ما نقل من التردّد في التهذيب فلا يمكن الحكم بالوجوب به هذا مع عدم شاهد على ما ذكر من التخصيص نعم لا يبعد القول باستحباب الاعادة مستند الى تلك الرّوايات امّا مطلقا او في خصوص ما ذكره للتسامح في ادلة الاستحباب و الخروج عن خلافه فيما ذكره فتأمّل

قوله في زمان لا يحصل فيه الماء عادة او بقرائن الاحوال

ظاهره انه قيّد للنفى فاعتبر في جواز التيمّم عند خوف العطش المتوقع ان تقضى العادة او قرائن الاحوال بعدم حصول الماء في الوقت الذى توقع حاجته الى الماء فيه فلا يجوز مع العلم بحصوله او ظنّه او الشك فيه او احتماله احتمالا مرجوحا أيضا اذا كان ممّا لا يكذّبه العادة و قرائن الاحوال و يمكن ان يجعل قيدا للمنفى اى لا يحصل فيه حصولا يكون مقتضى العادة او قرائن الاحوال و على هذا فيجوز التيمّم باحتمال عدم الحصول اذا لم تقض العادة او قرائن الاحوال بخلافه قال في المنتهى لو لم يحتج اليه في يومه لكن في عده فان ظنّ فقدانه في الغد تيمم و حفظه و ان علم وجوده في الغد توضّأ به و ان ظنّ احتمل الحاقه بالعالم و بالاول لان الاصل العدم و مثله في النهاية و اختاره في التذكرة الاحتمال الاخير فانه قال و لو كان يرجو وجوده في غده و لا يحقّقه فالوجه جواز التيمّم لان الاصل عدمه و قد لا يجد فحاجته مقدّمه على العبادة و لا يخفى ان ما ذكره الشارح على الاول لا ينطبق على ما ذكره العلامة اصلا و على الثانى يوافق ما اختاره في التذكرة مع تحقيق ان المعتبر في سقوط التيمّم هو تحقيق وجوده في الوقت المتوقع على مقتضى العادة اما مط او مع تلك القرائن لا تحقيقا قطعيّا لا يتطرق فيه احتمال الخلاف اصلا و الذى يستفاد من الاخبار و هو الامر بالتيمم مع خوف العطش و الظاهر تحقق الخوف احتمال عدم الحصول و لو احتمالا مرجوحا الا ان تقضى العادة او القرائن بخلافه فالأولى حمل الكلام على الوجه الثانى الموافق للتذكرة و امّا الأخبار فمنها صحيحة ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه قال في رجل اصابته جنابة في السفر فليس معه الّا ماء قليل يخاف ان هو اغتسل ان يعطش قال ان خاف عطشا فلا يرهق منه قطرة و ليتيمّم بالصّعيد فان الصّعيد احبّ الى و صحيحة محمد الحلبى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش يغتسل به او يتيمّم قال بل يتيمّم و كذلك اذا اراد الوضوء و موثقة سماعة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يكون معه الماء في السّفر فيخاف قلّته قال يتيمّم بالصّعيد و يستبقى الماء فان اللّه عزّ و جلّ جعلهما طهور الماء و الصّعيد

قوله لنفس محترمة و لو حيوانا

عرّف النفس المحترمة في شرح الإرشاد بالّتى لا يهدر اتلافها انسانيّة ام حيوانيّة و قال موافقا للذّكرى و لا اعتبار بغيرها كالمرتدّ عن فطرة و الحربىّ و الكلب العقور و الخنزير و كلّ ما يجوز قتله وجب كالزّانى المحصن ام لا كالحيّة و الهرّة الضّارية و قال العلّامة في النهاية و غير المحترم من الحيوان الحربى و الكلب العقور و الخنزير و الفواسق الخمس و ما في معناها انتهى و الظاهر بقرينة ما ذكروه من التمثيلات انّ مراده بما لا يهدر ان لا يهدر اتلاف جنسه كليّا و على هذا فالحيوان غير المملوك مثل الظبى و البقر الوحشيين الذين لم يملكا محترم بهذا المعنى و ان هدر اتلافه بسبب عدم مملوكيّته ثمّ ان ظاهر الأخبار كما نقلنا الامر بالتيمّم مع خوف العطش و الظاهر منه عطش المالك لكن الحاق غيره أيضا من المؤمنين به متجه لانّ حرمة اخيه المؤمن كحرمته و امّا غير المؤمن من سائر فرق المسلمين و اهل الذمة فالحاقه لا يخلو عن اشكال و ذكر في المعتبر انه لو وجد عطشانا يخاف تلفه بذل الماء له و تيمّم لان حفظ الانسان في نظر الشرع من الصّلاة بدليل انها تقطع لحفظ الانسان من الغرق و الحرق و ان ضاق وقتها خصوصا انّ الطّهارة المائية لها بدل و النفس لا استدراك لفائتها و لا يخفى انه لو ثبت ما ذكره في الانسان المحرّم كليّا امكن الحكم هنا أيضا كذلك لكن مع ذلك ينبغى تخصيص الحكم في غير المؤمن بالعطش المتلف كما فعله في المعتبر و امّا في المالك و من هو بمنزلته من المؤمنين فالظاهر انه يكفى خوف العطش الذى يشق تحمّله و ان لم يكن متلفا لإطلاق الاخبار و نفى الحرج و الضّرر هذا و امّا تعميم النفس بما يشمل الحيوان فكأنّه بناء على حرمة الرّوح مطلقا عندهم سوى ما استثنى و لذا اشتهر بينهم وجوب نفقة البهائم دون سقى الزّرع و الشجر فان الاشهر عدم وجوبه مع اشتراك الجميع في الماليّة حتى صرح الشارح في شرح الشرائع بانه يجوز غصب العلف للدّابة اذا لم يوجد غيره و لم يبذله المالك بالعوض كما فيجوز غصبه لحفظ نفس الانسان و يلزمه المثل او القيمة فان كان ذلك اجماعا منهم فذاك و ليتّبع فيما يثبت فيه من مملوكه او مملوك غيره او غير المملوك أيضا و الّا فللتأمّل فيه مجال و المحقق رحمه الله في المعتبر حكم بانه لو خشى العطش على رواية استبقى و تيمّم و علله بان الخوف على الدّوابّ خوف على المال و معه يجوز التيمّم و مثله في نهاية العلّامة أيضا و لو كان مستندهم في الحيوان ما ذكراه فينبغى ان يفصّل و يقال انه امّا ان يتيسّر له بيعه و نحوه او ذبحه و لم يكن فيه ضرر ام لا و على الثانى فامّا ان يتضرّر بذلك مع تيسّره او بموته اذا لم يتيسّر ذلك ضررا يضرّ بحاله ام لا بل ضررا يسيرا يحتمله فعلى الاوّل يجب ما يتيسّر من ذبحه او بيعه و استعمال الماء بلا اشكال و على الثانى ساغ له التيمّم بلا اشكال أيضا و على الثالث يبنى الحكم على ما سبق في مسئلة ترك الاشتغال بالسّعى بالخوف على المال فان كان المسوّغ لذلك مطلق اضاعة المال كما اختاره الشارح فالظاهر هاهنا أيضا ذلك و ان كان هو اضاعة مال يضرّ بحاله كما اخترناه فالظاهر هاهنا أيضا رعاية ذلك و يستوى على هذا خوف هلاكه او تضرّره بالعطش بحيث يؤثر فيه و في قيمته و ما اذا لم يؤثر في ذلك هذا في ملكه و امّا الحيوان المملوك للغير فلا يجزى فيه التّعليل المذكور الا اذا ثبت وجوب دفع الضّرر عن مال الغير أيضا و لم يظهر لى دليل عليه كما اشرنا اليه و لو ثبت فالظاهر ان حكمه حكم مملوك نفسه فيجرى فيه ما ذكر أيضا من التفصيل و العلّامة رحمه الله هاهنا قال في المنتهى لو خاف على حيوان الغير التّلف ففى وجوب سقيه اشكال فان اوجبناه فالاقرب رجوعه على المالك بالثمن و حكم بالاشكال المذكور في ية أيضا و امّا الحيوان غير المملوك فلا يجرى فيه التعليل المذكور اصلا و ان كان محترما بناء على ما هو الظاهر مما نقلنا عنهم في تحديد المحترم و على هذا فلا ينبغى حينئذ اطلاق العطش و لا الحيوان على ما فعله الشارح هذا و لا يخفى انه على الوجه الاول أيضا من بناء الحكم على حرقة ذى الروح و يشكل الحكم فيما اذا امكن بيعه و نحوه او ذبحه اذ حينئذ لا يجب عليه سقيه و صرف الماء فيه فلا خوف في

استعماله للطهارة الّا ان يكون فيه ضرر و حينئذ فيجرى فيه ما ذكرنا من التفصيل فتأمل

قوله و يجب طلبه مع فقده الى آخره

وجوب الطلب لمن كان عذره عدم الماء مع سعة الوقت و رجاء الإصابة و الا من مذهب فقهائنا على ما ذكره في المعتبر فلو اخلّ به لم يصح تيمّمه كما صرّح به في هى و ذكر انه مذهب علمائنا اجمع و يدل عليه ظاهر الآية

ص: 141

الكريمة أيضا فان عدم الوجدان لا يصدق عرفا الا بعد الطّلب او تيقن عدم الاصابة و انما اختلفوا في قدر الطّلب فالمش بينهم ما ذكره المصنف رحمه الله و الشيخ في ط حكم بوجوب الطلب قبل تضيّق الوقت في رحله و عن يمينه و عن يساره و ساتر جوانبه رمية سهم او سهمين اذا لم يكن هناك خوف و قال في النهاية و لا يجوز له التيمّم في آخر الوقت الّا بعد طلب الماء في رحله و عن يمينه و عن يساره مقدار رمية او رميتين اذا لم يكن هناك خوف فاسقط سائر جوانبه و لم يتعرض في شي ء منهما التفصيل الارض الى السّهلة و الحزنة و المفيد و ابو الصّلاح و ابن حمزة فصلّوا ذلك التفصيل لكن اقتصر الا و لان في الجهات على ذكر الامام و اليمين و الشمال و الثالث على ذكر اليمين و اليسار و لم يقدره السيّد المرتضى في الجمل و لا الشيخ في الخلاف و الجمل و الذى يدل على المشهور رواية السّكونى عن جعفر بن محمّد عن ابيه عن علىّ عليهم السّلام انه قال يطلب الماء في السّفر ان كانت الحزونة فغلوة و ان كانت سهولة فغلوتين لا يطلب اكثر من ذلك و لم يذكر في الكتب المتداولة ما يدل عليه غير هذه الرّواية فالعجب من ابن ادريس كيف قال في السرائر و حدّ ما وردت به الرّوايات و تواتريه لنقل في طلبه اذا كانت الارض سهلة غلوة سهمين و ان كانت حزنة فغلوة سهم واحد ثمّ هذه الرّواية مع ضعفها و قصور دلالتها لعدم ظهورها في الوجوب و لا في الطلب من جميع الجهات فيمكن ان يكون الغلوة و الغلوتان تحديد المجموع طلبه في الجهات معارضة بروايات منها حسنة زرارة بإبراهيم عن احدهما عليه السلام قال اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمّم و ليصل في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل و منها رواية علىّ بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلم قال قلت له أ تيمّم و اصلّى ثمّ اجد الماء و قد بقي على وقت فقال لا تعد الصّلاة فان ربّ الماء هو ربّ الصّعيد فقال له داود بن كثير الرّقى فاطلب الماء يمينا و شمالا فقال لا تطلب الماء يمينا و شمالا و لا في بئر ان وجدته على الطريق فتوضأ و ان لم تجد فامض و رواية داود الرّقى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اكون في السفر و تحضر الصّلاة و ليس معى ماء و يقال ان الماء قريب منّا فاطلب الماء يمينا و شمالا قال لا تطلب الماء و لكن تيمّم فانى اخاف عليك التخلّف عليه السلام اصحابك فتضلّ و يأكلك السّبع و رواية يعقوب بن سالم قال سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطّريق و يساره غلوتين او نحو ذلك قال لا آمره ان يغرّر بنفسه فيعرض له لصّ او سبع و لا يخفى ان الروايات الاخيرة أيضا ضعيفه الاسناد ان قلنا بضعف داود كما ذكره النجاشى و ابن الغضائرى و لن قلنا بتوثيقه كما فعله الشيخان و ابن بابويه فروايته صحيحه و يمكن حملها على صورة الخوف بل الاخيرتان ظاهرهما ذلك و امّا استدلال الشيخ في التهذيب بالرواية الاخيرة على وجوب الطلب مع عدم الخوف من اللصّ و السّبع قدر رمية سهمين فلا يخفى ضعفه فان غاية ما يفهم منها امره بالسّعى مع عدم الخوف فيما اذا وجد الماء و امّا في صورة احتماله فلا و المدّعى هنا هو الثانى و امّا رواية زرارة فلا باس بسندها لكن العمل باطلاقها يوجب العسر و الحرج في كثير من الموارد فلا يبعد حمل قوله عليه السلام فليطلب الى آخره على معنى فلينتظر ما وسع الوقت عسى ان يوجد الماء فغير عن الانتظار لرجاء وجدان الماء بطلبه او على ان الطلب الثابت عليه شرعا انما هو ما دام في الوقت فاذا خاف فوته فليتمّم له الطلب و يمكن أيضا تخصيصه بما اذا لم يلحقه بالطّلب فيه مشقّة عادة امّا لقصر وقته الطلب كما في الصّبح او لان يكون وقت سيره و تحقق الطّلب به او بالحمل على الطلب من وقت قيامه الى الصّلاة و فرض عدم المشقة عليه بالطلب فيه الى ان يتضيّق الوقت و يمكن أيضا تخصيصه بصورة العلم بوجود الماء على القول بالوجوب معه مطلقا كما هو ظاهر كلام الشارح و ان كان فيه أيضا ما فيه كما سنذكره و حمله على الاستحباب مط قال المحقق في

المعتبر التقدير بالغلوة و الغلوتين رواية السّكونى و هو ضعيف غير ان الجماعة عملوا بها و الوجه انه يطلب من كل جهة يرجو فيها الاصابة و لا يكلف التباعد بما يشق و رواية زرارة تدل على انه يطلب دائما ما دام في الوقت حتى يخشى الفوات و هو حسن و الرّواية به واضحة السند و المعنى انتهى و حكمه هنا بضعف السّكونى كما هو المشهور لكونه عاميّا غير موثق ينافى ما فعله في الرّسالة الغرية حيث قال انه و ان كان عاميّا فهو من ثقات الرّواية و قال شيخنا ابو جعفر ع في مواضع من كتبه ان الامامية مجتمعة على العمل بما يروى السكونى و عمار و من ماثلهما من الثقات و لم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهار الصدق و كتب جماعتنا مملوة من الفتاوى المستندة الى نقله انتهى و حمل الكلام على ضعف الرواية السّكونى فلعل ذلك باعتبار النوفلى في سندها فانّهم لم يوثقوه و نقل عن قوم من القميّين انه عنى في آخر عمره يأبى عنه ظاهر لفظه فالاولى ان يقال ان حكمه بضعفه بناء على فساد مذهبه و لا ينافى توثيقه و العمل بروايته عند عدم معارض اقوى لكنه رحمه الله في نكت النهاية في مسئلة الضمان باحداث الميازيب في الطريق قال ان الرّواية للسكونى و لا اعمل على ما ينفرد به هذا ثمّ ما استوجهه لا يخلو عن وجه لتعليق الحكم في الآية الكريمة على عدم الوجدان و الظاهر تحققه عرفا بما ذكره من الطلب و لا يبعدان يقال ان التحديد الذى في رواية السّكونى قريب من ذلك و ان التحديد فيها بذلك أيضا بناء على اعتبار العرف و امّا رواية زرارة فقد اشرنا الى حالها على ان الشيخ روى مثل هذه الرواية بطريق آخر عن زرارة عن احدهما عليه السلام و فيها بدل فليطلب فليمسك و الظاهر اتحاد الرواية و حينئذ يسقط دلالتها على المطلب رأسا و يضعف التّعويل على هذا الطريق أيضا و ان كانت اقوى منها كما سنشير اليه في بحث تضيق التيمّم فتأمّل

قوله المانع من رؤية ما خلفه

ظاهره اعتبار ذلك في الحزونة و لا شاهد له فانّ الارض الصّلبة الحجرية حزنة لغة و عرفا فان لم يكن فيها مانع من رؤية ما خلفه و حمله على مجرّد بيان الواقع في صورة الاشتمال على العلوّ و الهبوط لا يخلو عن تكلّف فافهم

قوله فلو علم عدمه مطلقا

مراد به اليقين كما غير به في المعتبر و غيره فالظن لا يوجب سقوط الطلب لاحتمال الخطاء كما صرح به في المدارك

قوله سقط الطلب مطلقا او فيه

هذا هو المعروف بين الاصحاب و علّلوه بانتفاء الفائدة فيه معه و نقل في المدارك عن بعض العامة انه قال يجب الطلب و ان تيقن عدم الماء قال و هو خطاء لانّ الطلب مع عدم الماء عبث لا يقع الامر به من الشارع انتهى و ظاهرهم عدم القول به من اصحابنا لكن المصنف رحمه الله مع موافقته للمشهور في الذكرى و الدروس ذكر في قواعده انه قد وقع التقيد المحض في مواضع لا يكاد يهتدى فيه الى العلّة و ذكر له امثله منها وجوب طلب المتمّم و ان علم عدم الماء و ظاهره حكمه به بل الاتّفاق عليه او شهرته و هو غريب و العجب من الشارح و بخله عدم اطلاعهما على ذلك او عدم الإشارة اليه هذا و الظاهر هو المعروف لا لما نقلنا من التعليل لقصور احلامنا عن البلوغ الى حكم الاحكام و استقصاء مصالحها بل لصدق عدم الوجدان عرفا مع العلم بعدمه ففرضه التيمّم بمقتضى ظاهر الآية الكريمة و الحكم بوجوب الطلب يحتاج الى دليل و ليس عليه دليل صالح في هذه الصّورة فتأمل

قوله وجب قصده مع الامكان

ظاهره وجوبه مع الامكان مطلقا

ص: 142

و ان كان بمشقة و هو ظاهر كلامه في شرح الارشاد أيضا فانه قال كما انه لو علم الماء و قيل او ظنّه في ازيد من النصاب كقرية و نحوها وجب قصده مطلقا ما لم يخرج الوقت و فيه تامّل لصدق عدم الوجدان المعتبر في الآية الكريمة بعدم وجوده عنده و فيما يقرب منه بحيث لا يكون في طلبه منه مشقة عادة فوجوب طلبه ازيد من ذلك مما ينفيه ظاهر الآية خصوصا مع ما فيها من الامتنان بعدم ارادة الحرج مع سائر نظائرها ممّا ورد بذلك و التمسّك بحسنة زرارة السابقة آنفا بتخصيصها بهذه الصّورة مع ما فيها من الاحتمالات كما اشرنا اليها مشكل جدّا فالاقرب تخصيص الحكم بما اذا لم يكن عليه في الطلب منه مشقّة كما فعله العلّامة في ية و عد فانّه قال في ية لو علم وجود الماء الزمه السّعى اليه ما دام الوقت باقيا و المكنة حاضرة سواء كان قريبا او بعيدا مع انتفاء المشقة تحصيلا للامتثال و قال في عدو لو علم قرب الماء منه وجب السّعى اليه ما لم يخف ضررا او فوت الوقت و قال شارحه المحقق المراد بالقرب ما بعد قربا عادة بحيث لا يحصل بالسّعى اليه مشقة كثيرة انتهى و بعد هذا التخصيص لم يبعد القول بوجوب الطلب مع ظنّ وجوده في الزائد كما نقله في شرح الارشاد عن القيل بناء على عدم صدق عدم الوجدان معه عرفا و العلّامة أيضا في النهاية حكم بوجوب الطّلب مع ظن قرب الماء منه و امّا ما سبق في رواية السّكونى من المنع عن الطلب ازيد من النصاب فمع ضعفها يمكن حمله على غير صورة العلم او الظنّ فتأمل ثمّ الظاهر انه لا فرق على القولين بين استلزام السّعى فوات مطلوبه و عدمه اذ ملاك الامر هو القدرة على المائية بلا مشقة او مطلقا و عدمها و قال في المعتبر من تكرّر خروجه من مصره كالحّطاب و الحشّاش لو حضرته الصّلاة و لا ماء فان امكنه العود و لما يفت مطلوبه عاد و لو تيمّم لم يجزه و ان لم يمكنه الّا بفوات مطلوبه ففى التيمّم تردّد اشبهه الجواز دفعا للضّرر انتهى و فيه تامّل اذ كون مطلق الضرر مسوّغا للانتقال الى التيمّم مع القدرة على المائية محل تامّل الآن ان يكون مضرّ بحاله كما قيّده في المدارك و بعد ذلك التقييد أيضا فللتأمّل مجال اذا كان اضراره بمجرّد فوت عمله لا بفوات مال حاصل له فانه من قبيل الاخلال بجلب نفع و تحصيل مال و في كونه مسوّغا للتيمّم تامّل فتأمل

قوله و يجوز الاستنابة فيه

فيه تامّل فان ظاهر اشتراط عدم الوجدان في الآية الكريمة يقتضى اعتبار العلم بعدمه و الحكم بكفاية الظنّ فيه مشكل و على تقدير كفايته و صدق عدم الوجدان معه عرفا فينبغى اعتبار الظن مطلقا من غير اعتبار عدالة النائب بل ربما كان الظنّ بدون الطلب و هم لا يقولون بكفايته و أيضا ظاهر رواية السّكونى التى هى مستندهم للطلب على الوجه الذى ذكروه امر المسافر نفسه بالطلب فجواز الاستنابة لا بدّ له من دليل و التمسّك في قبول قول العدل مطلقا بمفهوم قوله تعالى إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ لا يخلو عن ضعف لان عموم المفهوم غير ظاهر مع معارضته بما دلّ على المنع من اتباع الظن من الآيات و الاخبار نعم لو كان النائب جماعة حصل من قولهم العلم فالوجه جواز الاكتفاء بخبرهم من غير فرق حينئذ بين العادل و غير فتأمل

قوله بل قد تجب

في ذلك مع عدم امكان الطلب بنفسه فتجب الاستنابة مع الامكان لان عدم الوجد ان لا يتحقق عرفا بدون طلب منه او من نائبه مع الامكان

قوله و الّا فمع امكانها

فمتى لم يمكن العدل يكفى غيره لكن ينبغى حينئذ استنابه جمع يحصل بقولهم العلم ان امكن و الّا فبقدر ما تيسّر فتدبّر

قوله و يحتسب لهما على التقديرين

اى فيما صح النيابة يحتسب طلب واحد للمنوب عنه و النّائب أيضا فلا يحتاج بعد الطلب للمنوب عنه الى طلب آخر لنفسه و كذا بعد طلبه لنفسه يكفى اخباره لمن يزيد الاستنابة و لا حاجة الى طلب آخر له و المراد بالتقديرين تقدير الاستنابة الاختيارية و الاضطراريّة او عدالة النّائب و عدمها فيما صحّ فيه استنابة غير العادل و هو في الاضطرار مع عدم امكان العادل

قوله و يجب طلب التراب كذلك

المراد بالتراب مطلق ما يتيمّم به من الارض و الظاهر ان التشبيه في مجرّد وجوب الطلب و جواز الاستنابة بل وجوبها في بعض الاوقات الى آخر ما ذكر هنا لا في تحديد مقدار الطلب بالغلوة و الغلوتين لعدم دليل عليه في التراب و لا يمكن القياس فالظاهر وجوب طلب التراب بقدر الامكان و ما يتحمل عادة تحصيلا لمقدمة الواجب المطلق فانّه يجب طلبها كذلك فتدبّر

قوله و يجب التيمّم بالتراب الظاهر

كانه لا خلاف بين الاصحاب في اشتراط الطهارة فيما يتمّم به بل قال في المنتهى انه لا يعرف فيه مخالفا اى من المسلمين قال و يدلّ عليه قوله تعالى صعيدا طيبا و الطيّب هو الطاهر و فيه ان تفسير الطيّب بالطاهر و ان كان هو المشهور بين مفسرى اصحابنا قد فسر أيضا لكن بالحلال و بالمنبت دون ما لا ينبت كالسّبخة و أيد الاخير بقوله تعالى و البلد الطيّب يخرج نباته باذن ربّه فالتعويل على الاجماع

قوله لانّه من جملة الأرض اجماعا

نقله المحقق في المعتبر كما اشار اليه في الحاشية و امّا ان الصّعيد هو وجه الارض فنسبه في الحاشية الى المفسّرين و يلزم من المقدّمتين كون الحجر من الصّعيد الذى امر يتيمّمه في الآية الكريمة و الكلام انما هو في المقدّمة الثانية فان تفسير الصّعيد بوجه الارض و ان كان هو المشهور بين المفسّرين موافقا لما نقله الطبرسى في مجمع البيان عن الزجاج انه قال لا اعلم خلافا بين اهل اللغة في ان الصّعيد وجه الارض و نقل عنه أيضا انه قال الصّعيد ليس هو التراب انما هو وجه الارض ترابا كان او غيره سمّى صعيدا اليه من باطن الارض و قريب منه ما نقله الجوهرى عن تغلب و نقله في المعتبر أيضا عن الخليل و تغلب عن ابن الاعرابى لكن جماعة من اهل اللغة فسروه بالتراب كالجوهرى في الصّحاح و ابن فارس في المجمل و وافقهم الشيخ المفيد في المقنعة فقال الصّعيد هو التراب و انما سمّى صعيدا لانّه يصعد من الارض و استدل عليه في التهذيب بما ذكره ابن دريد في كتاب الجمهرة عن ابن عبيدة معمر بن المثنى ان الصّعيد هو التراب الخالص الذى لا يخالطه سبخ و لا رمل قال و قوله حجة في اللّغة و اشار في الحاشية الى ترجيح الاوّل بان المثبت للزيادة مقدم و كان وجهه على قياس ما ذكروا فيمن زاد في رواية شيئا ليس في رواية غيره ان اطلاع بعضهم على اطلاق الصّعيد على التراب و تفسيره به لا ينافى اطلاع الآخرين على اطلاقه على غيره أيضا من اجزاء الارض فلو حكم بكونه بالمعنى العام و ان اطلاقه على الخاص باعتبار انه من افراده حصل الجمع بين القولين بخلاف ما اذا حكم بانّ معناه الخاص اذ حينئذ يلزم طرح القول الآخر لكن لا يخفى ان كلام ابن دريد يأبى عن هذا التّوجيه لانه صريح في اعتبار خلوص التراب الذى يطلق عليه الصعيد من غيره من اجزاء الارض فتأمل و استدل عليه أيضا بقوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا اى ارضا ملئا يزلق عليها باستيصال نباتها و اشجارها و بقول النّبى صلّى اللّه عليه و آله يحشر الناس يوم القيمة حفاة عراة على صعيد واحد اى ارض واحدة و بما يدل على جواز التيمّم بمطلق الارض من الاخبار المستفيضة كصحيحة ابن سنان اذا لم يجد الرّجل طهور او كان جنبا فليمسح من الارض و ليصلّ و مثلها حسنة الحلبى بإبراهيم و صحيحة الحلبى ان ربّ الماء هو رب الارض فليتيمّم و مثلها حسنة الحسين بن ابى العلاء على ما في و اكثر نسخ التهذيب لكن في بعض نسخ التهذيب بدل الارض الصّعيد و صحيحة محمد بن مسلم فان فاتك الماء لم يفتك الارض و مثلها موثقة عبد اللّه بن بكير و انما يكون وجدان الارض نافعا لو جاز التيمّم بها

ص: 143

و كالاخبار الواردة في صفة التيمّم كصحيحة زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السّلام يقول و ذكر التيمّم و ما صنع عمّار فوضع ابو جعفر عليه السلام كفّيه في الارض ثمّ مسح وجهه و كفيه و لم يمسح الذراعين بشي ء و صحيحة ليث المرادى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفّيك على الارض مرتين ثمّ تنفضهما الحديث و صحيحة محمّد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض الحديث و رواية داود بن النّعمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام فقلنا له فكيف التيمم فوضع يده على الارض ثمّ رفعها فمسح وجهه و يديه فوق الكف قليلا و في معناها اخبار كثيرة و لا يخفى ان هذه الاخبار تصلح حجة للحكم بجواز التيمم بمطلق الارض و ان لم يكن الصّعيد بمعناه بل اختص بالتراب و السيّد المرتضى رحمه الله في المصباح على ما نقل عنه اختار التفسير الاول و في شرح الرّسالة اختار الثانى و استدل عليه بعد النقل عن اهل اللغة بقوله عليه السلام جعلت لى الأرض مسجد او ترابها طهور او لو كان الارض طهورا و ان لم يكن ترابا لكان ذكره لغو او بقوله عليه السلام التراب طهور المسلم و اجاب عنه في المعتبر بان التمسّك بالخبرين تمسّك بدلالة خطا بهما و هى متروكة في معرض النص اجماعا و كانه اراد بدلالة الخطاب هنا مفهوم اللقب و لا يخفى ان دلالة الخبر الثانى و ان كانت من هذا القبيل لكن التمسّك بالاول ليس بهذا الاعتبار بل بناؤه على ان النّبى عليه السلام في معرض بيان ما انعم اللّه عليه و على امّته و امتنّ به من التّسهيل و التخفيف فلو كان مطلق الارض من الحجر و نحوه طهورا لكان المناسب اجراء الحكم الثانى أيضا على مطلق الارض كسابقه و كان التخصيص بالتراب لغوا منافيا للغرض المسوق له الكلام فاقحام التراب دليل على اختصاص الطهوريّة و لا يخفى قوة هذا الدليل و ليس من التمسّك بدلالة مفهوم اللقب كيف و السيّد المرتضى رحمه الله في كتبه الاصوليّة مصرّ على عدم حجيته لكن الرّواية كانها عامية لا تصلح للتعويل خصوصا مع معارضة ما اوردناه من الاخبار المستفيضة هذا مع الاختلاف في نقلها فانها نقلت بدون لفظة ترابها أيضا كما يظهر من هى و المعتبر و صرّح به المصنف في الذكرى و حينئذ ينعكس الاحتجاج على انه يمكن ان يكون التخصيص لأولوية استعماله كما ذكره في الذكرى هذا و يمكن تأييد التفسير الثانى بصحيحة زرارة و قوله ص فيها فلمّا ان وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء اثبت بعض الغسل مسحا لانه قال بوجوهكم ثمّ وصل و ايديكم منه اى من ذلك التيمم لانه علم ان ذلك اجمع لم يجر على الوجه لانه يعلق عن ذلك الصّعيد ببعض الكف و لا يعلق ببعضها فان ظاهره ان من في قوله تعالى منه تبعيضيّة و ان وجهه عدم علوق ما يتيمم به ببعض الكف بل يعلق ببعضها و لا يعلق ببعض فلذا انى بمن التبعيضيّة و لا يخفى ان هذا انما يجرى على تقدير كون الصعيد هو التراب اذ الحجر ربما لا يعلق منه شي ء اصلا و يمكن ان يتكلف و يقال انه ليس غرضه عليه السلام حمل من على التبعيضيّة و بيان النكتة له بل حمل من على ابتداء الغاية و بيان النكتة لا يراده دون الامر بالمسح على الوجوه و الايدي و حينئذ يقال ان كلامه عليه السلام خرج على ما هو الغالب من التيمم بالتراب و غيره من الاحجار التى لا يعلق منها شي ء اصلا امره اظهر فلذا لم يتعرض له لكن ذكر في الكشّاف ان القول بان من فيها لابتداء الغاية قول متعسّف و لا يفهم احد من العرب من قول القائل مسحت برأسي من الدهن و الماء و من التراب الّا معنى التبعيض و هذا منه مع كونه حنفى المذهب و من مذهب امامه جواز التيمم بصخر لا تراب عليه كما نقله هو نفسه عنه مرجح جدا للتفسير الثانى لكن للتامّل فيه مجال و ما ذكره من عدم فهم العرب من الامثلة المذكورة الا التبعيض فمسلّم لكن لعل الى آخره لعلّ ذلك انما هو في محاوراتهم باعتبار الامور الخارجة فذلك لا يقتضى ظهور حملها على التبعيض مطلقا فتدبّر و يمكن تأييده أيضا بصحيحة جميل و محمد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان اللّه تعالى جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا و برواية معاوية بن ميسرة عن ابى عبد اللّه عليه السلام فيمن صلّى بتيمّم ثمّ اتى الماء و عليه شي ء من الوقت يمضى

على صلاته فان ربّ الماء ربّ التراب و الكلام فيهما كما في خبر التراب طهور المسلم فانه لا دلالة فيهما أيضا الا باعتبار مفهوم اللقب و لا حجة فيه و يمكن ان يكون تخصيصه بالذكر باعتبار انه الفرد الشائع الغالب و يمكن تأييده أيضا بصحيحة رفاعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا كانت الارض مبتلّة ليس فيها تراب و لا ماء فانظر اجفّ موضع تجده فتيمّم منه فان ذلك توسيع من اللّه عز و جل قال فان كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتمّم من غباره او شي ء معبّر و ان كان في حال لا يجد الا الطين فلا باس ان يتيمم منه فان امره عليه السلام بالنظر الى الجف موضع يجده اى من ثوب و لبد سرج و نحوه و التيمم بغباره عند نقد التراب دليل على اختصاص التيمم بالتراب و الا فلا بد من اشتراط فقد مطلق الارض و كذا بمرسلة علىّ بن مطر عن بعض اصحابنا قال سألت الرّضا ع عن الرجل لا يصيب الماء و لا التراب ا يتيمّم بالطين فقال نعم صعيد طيّب و ماء طهور فان اشتراط عدم اصابة التراب فقط في السؤال يشعر باختصاص التيمّم به و كذا جوابه عليه السلام ينادى بذلك اذ مع جواز التيمّم بغير التراب من الحجر و نحوه اختيارا لا يجوز التيمم بالطين عندهم بمجرد فقد التراب بل لا بد من فرض فقد الحجر و نحوه أيضا و يمكن تنزيل الروايتين على من كان في الارض الترابية كما هو الغالب جمعا بين الاخبار لكن كما امكن الجمع بذلك امكن أيضا بحمل الارض في الروايات السابقة على الفرد الغالب فيها و هو التراب و كان الاول اظهر و ان كان الثانى احوط و اللّه تعالى يعلم

قوله و لانه تراب اكتسب رطوبة الى آخره

يعنى انه باق على حقيقة الترابيّة و انما اكتسب استمساكا و لم يخرج به عن الحقيقة و هذا مما استدل به العلامة رحمه الله في هى الجواز التيمّم بالارض و في النهاية لجواز التيمّم بالحجر كما هنا و فيه تامّل لان بقاء حقيقة التراب في الحجر بعد صيرورته حجر الممنوع لما طرء عليه من صورة نوعية اخرى كالمعادن و لذا لا يسمّى ترابا بل نقول مدار الامر في الشرع على في امثاله على التسمية فلا عبرة ببقاء الحقيقة نعم لو سلّم ذلك في الارض على ما اورده في هى متجه اذا الظاهر ان الترابية منها باقية على حقيقة الترابيّة و اسمها و لم يطرأ عليها سوى كيفيّة زائدة هى الاستمساك فافهم

قوله من رخام و برام

الرّخام بالضم على ما ذكره الجوهرى حجر ابيض رخو و البرام بالكسر على ما ذكره ايضا جمع برمة و هى القدر و مثله في النهاية أيضا لكن زاد فيها و هى في الاصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز و اليمن انتهى و كان المراد هنا اصل هذا القسم من الحجر

قوله خلافا للشيخ رحمه الله حيث اشترط الى آخره

هذا مذهب الشيخ في النهاية و المفيد في المقنعة و ابن ادريس في السّرائر و الاكثر على جواز التيمّم به مع الاختيار ايضا كما اختاره الشارح و منهم الشيخ في المبسوط و في و الجمل و قد ظهر بما سبق حجة المشهور و امّا القول الاول فقال في المدارك ثمّ اقف على حجة يعتد بها له فان الحجر ان صدق عليه اسم الارض جاز التيمم به مع وجود التراب و عدمه و الا امتنع كذلك كما هو ظاهر عبارة ابن الجنيد فالتفصيل لا وجه له انتهى و ربما ظهر لهم الاجماع على جواز التيمم به مع الاضطرار و ان لم يدخل في الصّعيد او يقال انه كان الظاهر عندهم هو التفسير بالمعنى العام و تجويزهم في حالة الاضطرار بناء عليه

ص: 144

و امّا منعهم في صورة الاختيار فلرعاية الاحتياط و ربما امكن تنزيل صحيحه رفاعة التقدمة آنفا على مذهبهم بان يحمل على اختصاص التيمّم بالتراب مع تيسّره كما هو ظاهرها على ما سبق و يجعل المعنى و اللّه تعالى يعلم ان الارض اذا كانت جافّة لا ينفك غالبا عن التراب و لو يسيرا فتيمّم به و اما اذا صارت مبتّلة و لا يوجد فيها التراب فتيمّم باجف موضع تجده منها فتجويز التيمم بغير التراب من الارض مع تعذره توسيع من اللّه عز و جل فاذا ثبت أن الحجر من جملة الارض بالاجماع كما سبق فيجوز التيمم به أيضا مع تعذر التراب فيظهر به جواز التيمم بالحجر مع الاضطرار دون الاختيار و على هذا فيمكن ان يجعل هذا الخبر مؤيد التفسير الصعيد بالتراب فيكون الآية منزلة على حالة الاختيار و يظهر جواز غيره مع الاضطرار او من الخبر و يمكن ان يكون الصّعيد اعمّ لكن يكون الخبر دليلا على ان التيمم بالصّعيد مطلقا لا يجزى على اطلاقه بل يجب خصوص التراب حالة الاختيار و يجزى غيره من افراده حالة الاضطرار فتكون الآية مجملة و التفصيل موكولا الى بيانهم ع

قوله امّا المنع منه مطلقا

فلا قائل به ذكر في المدارك ان كلام ابن الجنيد ربما اشعر بالمنع من التيمم به مط فانه قال و لا يجوز بالسّبخ و لا بما احيل عن معنى الارض المخلوقة بالطبخ و التحجير خاصة و ما نقلوا من عبارة السّيد المرتضى في شرح الرّسالة أيضا يدل على المنع منه الا ان يكون في تتمة كلامه ما يدل على الجواز مع الاضطرار كما وقع في كلام المفيد و ليس عندنا نسخة حتى يظهر حقيقة الحال

قوله يستفاد جوازه بالخزف بطريق اولى

كانه زعم ان عدم خروج الحجر عن اسم الارض باعتبار كونه من جنس التراب و ان خرج عن اسمه فحكم بانه اذا لم تخرج الحجر عن الارض لذلك فعدم خروج الخرف بطريق اولى و بالجملة فلا ريب ان الحرف اقرب الى التراب من الحجر فاذا دخل الحجر في الارض باعتبار قربه من التراب و جاز السجود عليه فليدخل الخرف بطريق اولى و جاز السّجود عليه كذلك و فيه تامّل لانا لا نم ان دخول الحجر في الارض بهذا الاعتبار بل الظاهر دخوله فيها اصالة كالتّراب و انّ الارض اسم لمجموعهما فان المتبادر من الارض ما يشملهما و اما شمولها للخزف فلو سلّم ظهوره كما هو الظاهر عندى كما سنشير اليه فليس بتلك المرثية من الظهور فضلا عن ان يكون اظهر فلذا اتفقوا على دخول الحجر و اختلفوا في الخرف فتأمل

قوله مع اعترافه بجواز السجود عليه

اعترافه بذلك مع انه لم يذكره في بحث السجود مستفاد من كلامه هاهنا فانه بعد ما تردّد في التيمّم بالخزف ثمّ حكم بان الاشبه المنع و هو قول ابن الجنيد لانه خرج بالطبخ عن اسم الارض قال و لا يعارض بجواز السجود لانه قد يجوز السّجود على ما ليس بالارض كالكاغذ و حاصل اعتراض الشارح ان دائرة السجود و ان كانت اوسع لكن المحقق صرّح بالمنع عن السّجود على ما خرج بالاستحالة عن اسم الارض بل قد اتفقوا على ذلك كما سيذكره الشارح في بحث السجود فبعد حكمه بعدم جواز التيمم بالخزف باعتبار خروجه عن اسم الارض كيف يجوز السجود عليه و لا يخفى قوة الاعتراض لكن تمثيل المحقق بالكاغذ دون ما ينبت من الارض مع ظهوره ما يشعر بان غرضه القدح في كلّية المقدّمة المذكورة و التزام بعض التخصيصات فيها كما في الكاغذ لورود النصّ بجواز السجود عليه مع اشتماله على اجزاء النورة التى خرجت بالاستحالة عن اسم الارض كما سيورده الشارح في بحث السجود فربما كان الخرف أيضا كذلك و لو قيل ان خروج الكاغذ بالنص الصحيح و لا نص هنا فمن ابن حكم بجواز السجود على الخزف قلنا يمكن ان يكون حكمه به باعتبار و اطّلاعه على الاجماع عليه و يؤيده ما ذكره صاحب المدارك انه قطع الاصحاب بجواز السجود على الخرف حتى ان العلامة رحمه الله في كره استدل على عدم خروجه بالطبخ عن اسم الارض بجواز السجود عليه و على هذا فيندفع اعتراض الشارح لانه اذا كان الظاهر عنده خروج الخرف عن اسم الارض فليحكم به و او اثبت جواز السجود عليه فليحكم بتخصيص القاعدة و لا حجر فيه بعد شيوعه خصوصا بعد ما تطرّق اليها التخصيص بالكاغذ و ان كان لنا فيه كلام سيجي ء انشاء اللّه تعالى لكن حكمه بالخروج محل تامّل فان الظاهر ان بالطبخ لا يخرج عن صدق الارض عليه بمعنى ان جزء من الارض يصدق عليه الأرض عند اتصاله بباقى الاجزاء و ان لم يصدق عليه حين الانفصال و لا يضرّ ذلك لعدم صدقها كذلك قبل الطبخ أيضا بل التراب أيضا اذا اخذ من الارض و انفصل عنها لا يصدق عليه الارض عند الانفصال فالمعتبر في صدق الارض هو ما ذكرنا و خروجه بالطبخ عن ظاهر ذلك غير ظاهر مع اصالة عدمه و اللّه يعلم

قوله اوسع بالنسبة الى غيره

اى غير السّجود و هو التيمّم او بالنسبة الى ما غير خرج بالاستحالة اى جواز السجود هنا يستلزم جواز التيمم للمنع عن السجود على ما خرج بالاستحالة و ان كان دائرة السجود اوسع في غير ما خرج بالاستحالة كالنباتات فافهم

قوله لا بالمعادن

هذا هو المشهور بين الاصحاب بل قال في هى انه مذهب علمائنا اجمع لكن نقل في المعتبر عن ابى حنيفة و ابن ابى عقيل منّا انه يجوز بالارض و بكل ما كان من جنسها كالكحل و الزرنيخ و الفيروزج و العقيق و نحوها تامّل بل الظاهر صدق الارض عليها كالحجر نعم بعضها مما ليس من اجزائها بل يخرج منها و يتولد فيها كالملح و النفط و نحوهما لا يصدق عليه الارض و كذا ما هو من اجزائها لكن يفتقر في صيرورته معدنا الى علاج كالذّهب و الفضة و الحديد لا يطلق عليه الارض بعد العلاج فتخصيص المنع بالقسمين الاخيرين و تجويز التيمّم بالقسم الاول و تنزيل كلام ابن ابى عقيل عليه كما يظهر من مثاليه لا يخلو عن وجه و قال المصنف في الذكرى و لا يجوز بالمعدن لخروجه عن اسم الصّعيد خلافا لابن ابى عقيل بناء على انه ارض و ظاهره الاعتراف بصدق الارض عليه و ان بناء المنع على اعتبار الصعيد بمعنى التراب و ليس كذلك فان كثيرا من المانعين ممّن فشر الصّعيد بوجه الارض و منهم المصنف رحمه الله نفسه و نقل في المدارك من ابن ابى عقيل بناء انه قال بجواز التيمم بالارض و بكل ما كان من جنسها كالكحل و الزرنيخ لانه يخرج من الارض قال و هو ضعيف لان الجواز تعلق بما لا يسمى ارضا لا بما يخرج من الارض انتهى و لعل المراد بالخروج من الارض خروج الجزء من الكلّ اى جزء عمن الارض انفصل عنها لا ما هو ظاهره حتى يرد ما اورده و كانه قد خرج هذا عن رواية السّكونى عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليهم السلام انه سئل عن التيمم بالجصّ فقال نعم فقيل بالنّورة فقال نعم فقيل بالرماد فقال لا انه لا يخرج من الارض انما يخرج من الشجر فان ظاهرها جواز التيمم بكل ما يخرج من الارض و ينبغى حمله على ما ذكرنا لا يقال هذه الرواية لا ينافى ما ذكرت من التفصيل فان الجص و النورة و ان كانا من اجزاء الارض لكن افتقرا في صدق اسمهما عليهما الى علاج فينبغى على ما ذكر من التفصيل عدم جواز التيمم لانا نقول

ص: 145

هما لا يفتقران الى علاج زائد يصيران به نوعا لا يصدق عليه الارض بل قد صارا نوعا حين ما كانا جزء من الارض و يصدق عليهما الارض حينئذ و انما افتقرا الى مجرد طبخ لظهور آثارهما و بمجرّد الطبخ لا يخرج الشي ء عن الاسم الذى كان عليه و حقيقته و ان صدق عليه به اسم آخر أيضا كما يقولون في الطين اذا طبخ خزفا او آجرّا بخلاف نحو الذهب و الفضة فانهما أيضا يفتقر ان الى علاج زائد يصير ان به حقيقة اخرى و نوعا آخر فتدبّر

قوله و لا النورة و الجصّ

كان ذكرهما بالخصوص بعد المنع من مطلق المعادن مع انهما يعدّان منها عندهم بناء على عدم ظهور دخولهما في المعادن عرفا و لوقوع الاختلاف في خصوصهما كما سنشير اليه فافهم

قوله بعد خروجهما عن اسم الارض بالاحراق

اذا قيل بخروجهما بالإحراق عن اسم الارض فالامر كما ذكره لكن خروجهما عنه به غير ظاهر و احتمال الخروج لا يضرّ هنا بعد صدق اسم الارض عليهما اولا اذ الاصل عدم الخروج فما نقل عن السيّد المرتضى و سلّار من جواز التيمم بهما لا يخلو عن جواز وجه و يؤيّده رواية السّكونى المتقدمة آنفا و صحيحة حسن بن محبوب قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الجصّ يوقد عليه بالعملة عظام الموتى و يجصّص به المسجد أ يسجد عليه فكتب اليّ بخطه ان الماء و النّار قد طهّراه فان ظاهره جواز السجود عليه و هو انما يتم بعدم خروجه عن اسم الارض بناء على ما سبق من القاعدة المشهورة و قال في المعتبر قال علم الهدى يجوز التيمّم بالجصّ و النورة و قال الشيخان يجوز بارض الجصّ و النورة و هو حسن و منع الشافعى ذلك لنا قوله تعالى فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً* و الصّعيد وجه الارض و ما ذكره علم الهدى في المصباح و هو رواية السّكونى و نقلها ثمّ قال و هذا السّكونى ضعيف لكن روايته حسنة لانه ارض فلا يخرج باللّون و الخاصية عن اسم الارض كما لا تخرج الارض الصّفراء و الحمراء انتهى و الظاهر انّه حمل الجصّ و النّورة في كلام السيد و كذا في الرواية على ارضهما موافقا لكلام الشيخين فاستحسن كلامهم قال ما قال و لا يخفى بعده بل الظاهر من الجصّ و النورة في كلام السيّد و الرواية هو نفسهما و حمل كلام المعتبر على تحسين الحكم في نفسهما أيضا و الحكم بعدم خروجهما عن اسم الارض كما يلوح من المدارك ينافى ما نقلنا عنه في الخرف من الحكم بخروجه بالطبخ عن اسم الارض الا ان يقال ان الطبخ في الخزف يوجب الخروج عنه دونهما بناء على صدّق التراب او الحجر عليهما بعد الطبخ أيضا و هو يكفى لصدق الارض بخلاف الخزف لعدم صدق شي ء منهما عليه و عدم ظهور صدق الارض على غيرهما على عكس ما اختاره الشارح حيث حكم بشمول الارض للخزف دونهما نظرا الى ما فيهما من الاستحالة بخلاف الخزف و الاظهر عندى صدق الارض عليهما او على الخزف جميعا لكن عليك بالحائطة مهما تيسّر فتدبّر و اعلم ان كلام الشيخ في المبسوط صريح في جوار التيمم بارض الجص و النورة كما حكاه في هى و صريح أيضا في المنع عن التيمم بالنورة و امّا الجصّ ففيه اشتباه فانه قال اوّلا و لا يجوز التيمم الا بما يقع عليه اسم الارض اطلاقا سواء كان عليه تراب او كان حجرا او جصّا او غير ذلك ثمّ قال اذا اختلط التراب بالذريرة او الكحل او النورة و غير ذلك لم يجز التيمم به لانه ليس بتراب و لا ارض مطلق الّا ان يكون قدرا مستهلكا و قال في موضع آخر و الجصّ و النورة يجوز التيمّم به و انت خبير بان ظاهر الجصّ في كلامه اولا هو نفس الجصّ و حينئذ يكون مذهبه تجويز التيمم به و الفرق بينه و بين النورة و لا يبعد ذلك لان الاستحالة في النورة اظهر منها في الجصّ و يمكن حمله على الارض الجصيّة كما في كلامه الاخير و حينئذ لا يظهر فرق بينهما و في الخلاف منع من النورة و لم يتعرض للجص أصلا و في النهاية لم يتعرض لنفس الجصّ و النورة بل منع من التيمم بالمعادن كلّها و جوز التيمّم بالاحجار و بالارض الجصيّة و بارض النورة اذا لم يقدر على التراب

قوله امّا قبله فلا

لصدق اسم الارض عليهما حينئذ قطعا و ان كان قد يئولان الى المعدن لعدم تناول المعدن لهما قبله كذا في شرح الارشاد و نقل فيه عن ابن ادريس انه منع منهما حينئذ ايضا لكونهما معدنا و ضعّفه و كلامه في السّرائر هكذا امّا ما به يكون التيمم فالتراب الطّاهر و الارض الطاهرة و كل ما جرى مجراهما مما يقع عليه اسم الارض بالاطلاق و لا يتغير تغيّرا يسلبه هذا الاسم و لا يجوز التيمم بجميع المعادن و تعداد ذلك يطول و قد اجاز قوم من اصحابنا التيمم بالنورة و الصحيح الاول انتهى و هو لا يدل على ما نقل هذا و اعتبر الشيخ في النهاية في جواز التيمم بهما و بالحجر فقد التراب و اعترض عليه صاحب المدارك هاهنا أيضا بمثل ما نقلنا عنه في الحجر و لعلّ الوجه هاهنا أيضا ما ذكرنا هناك من احد الوجهين فتذكر

قوله على اشهر القولين

و نقل عن ابن الجنيد المنع من التيمم بالسّبخ لشبهه بالملح و لا يخفى ضعفه قال في الذكرى و ردّ بتيمّم النّبى ص من ارض المدينة و السّبخ غالب عليها

قوله لشبههما بارض المعدن

اثبات الاحكام الشرعية بمثل هذه الوجوه كما ترى فالتعويل هنا على ما ادعاه في المعتبر فان ذكر ان جواز التيمم بهما على كراهية فيهما مذهب فقهائنا اجمع عدا ابن الجنيد فانه منع من السبخ و احتمل في المدارك كون الوجه فيهما التّفصي من احتمال خروجهما عن الحقيقة الارضيّة او الخروج من خلاف ابن الجنيد في السّبخ و من خلاف بعض العامة في الرمل و هو أيضا لا يخلو عن ضعف سيّما الثانى في الثانى فتدبّر

قوله و هى ما ارتفع من الارض للنص

كانه اشار به الى رواية النوفلى عن غياث بن ابراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام لا وضوء من موطإ قال النوفلى يعنى ما تطأ عليه برجلك و رواية غياث بن ابراهيم أيضا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال نهى امير المؤمنين ع ان يتيمم الرّجل بتراب من اثر الطريق

قوله و هو الضرب على الارض

و ذلك للاجماع على ما نقله في شرح القواعد على وجوب الضرب او الوضع و دلالة الاخبار المتظافرة عليه و هو اوّل افعاله المفروضة فيجب مقارنة النّية له لكن كلام العلّامة رحمه الله في النهاية هنا مضطرب فتارة حكم بانّ اوّل افعاله المفروضة الضرب باليدين على الارض و مع ذلك حكم بعدم تضيق النية عنده بل يجوز تاخيرها الى اوّل المسح قال و لا يجوز تاخيرها عن اوّل فعل وجب و لا يشترط بقائها حقيقة بل حكما فلو قارنت النيّة اوّل الفعل ثمّ غربت قبل مسح شي ء من الوجه فالاقوى الصّحة و لو غربت في اثناء المسح صح قطعا و تارة حكم بانّ الواجب في التيمم نقل التراب فلو تعرّض لمهب الرّيح فسقت عليه التراب فأمرّ اليد عليه لم يصح ثمّ قال و ليس النقل جزء من التيمم بعد اخذ التراب قبل المسح لم يبطل ما فعله كما لو احدث بعد اخذ الماء في كفّه و حينئذ لو غربت النية بعد النقل قبل المسح وجب اعادتها و لا يخفى ضعف ما ذكره لان مع الحكم بوجوب الضرب او النقل و دلالة الاخبار المتظافرة على الاول بل الاجماع أيضا على ما نقلنا من اين علم خروجه من افعال التيمم مع ان ظاهر الحال أيضا ان يكون اصابة الطهور باطن الكفين أيضا مقصودا لنفسه كظهرهما و الفرق بينه و بين اخذ الماء للطهارة المائية ظاهر لعدم ما يدل على وجوبه و لانهما يغسلان على حدّة نعم لو توقف الغسل عليه فانما يجب من باب المقدّمة على القول بوجوبها و لهذا لو غمس الاعضاء في الماء اجزاء كما صرّح به في الذكرى و شرح الارشاد بخلاف الضرب

ص: 146

و من ثمّة لو تعرّض لهبّ الرّيح او وضع جهته على الارض ناويا عليه السلام لم يخبر اتفاقا على ما نقله في شرح الارشاد و امّا الفرق أيضا بما في الذكرى من انه لو احدث بعد اخذ الماء لم يضرّ بخلاف الضرب ففيه انه قد صرح العلّامة كما نقلنا عنه بان الحدث بعد الضرب أيضا غير مضرّ هذا و لو تمسّك في كون اوّل افعال التيمّم هو المسح بظاهر الآية الكريمة اذ بعد الامر بقصد الصّعيد اوجب المسح فهو اوّل افعاله بعد القصد فنقول بمعونة الاخبار يجب جعل قصد الصّعيد اشارة الى الضرب به او الوضع عليه لا مجرد القصد فته ثمّ على تقدير صحة ما ذكره ينبغى ان يوجب مقارنتها للمسح لا تجويز الامرين الا ان يكتفى باستدامتها حين اوّل الافعال ايضا فلا يضرّح تقديمها ثمّ حكم بوجوب الاعادة كما نقلنا ثانيا مناف لما نقلنا اوّلا من ان الاقوى الصّحة الا ان يحمل الاول على الغروب بالكليّة و الثانى على غروبها مع استدامتها حكما كما يرشد اليه قوله و لو غربت في اثناء المسح صح قطعا هذا و الاحتياط في تقديم النيّة على الضرب و استحضارها عند اوّل المسح أيضا و اللّه تعالى يعلم

قوله جعله

اى التعبير بكلّ منهما و الّا على ان المؤدى واحد قال المحقق الشيخ على في شرح القواعد و اختلاف الاخبار و عبارات الاصحاب في التعبير بالضرب و الوضع يدل على ان المراد بهما واحد فلا يشترط في حصول مسمّى الضرب كونه بدفع و اعتماد كما هو المتعارف و لورد عليه الشارح رحمه الله في شرح الارشاد بانّ مجرد الاختلاف لا يدلّ على كونهما واحد او انما يدل على الوحدة وجوب تقرير النصّين مهما امكن و حمل العام على الخاص و لا شكّ انّ حمل الضرب على الوضع ليس بتامّ لما بيّناه من المغايرة و انما يصحّ بضرب من التجويز بل حمل الوضع على الضرب صحيح لاستلزام الضرب الوضع و زيادة و بالجملة فالدليل النقلى لا يساعد على الاكتفاء بالوضع على اشتراط الضرب انتهى و الظاهر ان المحقق رحمه الله يعتقد انّ الضرب أيضا معناه مطلق الوضع لكن اشتهر في العرف فيما فيه دفع و اعتماد او فرده المتعارف ذلك و استفاد من اختلاف الاخبار و كلام الاصحاب ان المراد منه هاهنا هو اصل معناه لا ما اشتهر فيه او فرده المتعارف او انه متردد في معناه لغة انه مطلق الوضع او ما اشتهر فيه او تعارف من الوضع مع الاعتماد فاستفاد من الاختلاف المذكور كونه بمعنى الوضع المطلق و الشارح رحمه الله جزم بانّ معناه الوضع الخاص فاورد عليه ما اورده كلامه لا يخلو عن تشويش و كانّ حاصله انّ مجرد الاختلاف لا يدلّ على كونهما واحدا لكن اذا وجب الجمع بين النصّين و حمل العام على الخاص يظهر كون المراد بهما واحدا و هو الخاصّ و هو خلاف ما قصده و ان اراد انّه يمكن حمل الضرب على الوضع من دون تجوز بخلاف حمل العام على الخاص لانه بضرب من التجوز فالأول اولى و منه يظهر كون المراد بهما واحدا هو المعنى العام كما قصده ففيه انه لا يمكن حمل الضرب على الوضع بلا تجوز لما بينهما من المغايرة بالعموم و الخصوص بل ربما امكن ادعاء ذلك في العكس فان اطلاق العام و ارادة الخاص ربما كان على سبيل الحقيقة و ذلك اذا استعمل فيه لا بخصوصه بل باعتبار انه فرد للعام و فهم الخصوصية من الخارج كما صرّحوا به بخلاف العكس اذ في استعمال الخاص في العام لا بد من التجوز هذا و لا يخفى ان ما ذكره المحقق لا يخلو عن وجه مغايرة معنييهما لغة غير ظاهر فلا يبعد ان يستفاد من الاختلاف المذكور كونهما بمعنى واحد و يؤيد ذلك ملاحظة مرادف الضرب في اللغة الفارسيّة فانه كثيرا ما يستعمل بمعنى مطلق الوضع من غير قرينة تجوز ثمّ بعد تسليم ظهور المغايرة بينهما فيمكن ترجيح حمل الضرب على مطلق الوضع باصالة البراءة و ظاهر الآية الكريمة حيث لم يؤمر فيها الّا بتيمم الصّعيد و قصده و هو يحصل بمطلق الوضع و هذا هو مراد المصنف في الذكرى حيث علّل ما اختاره من عدم الاشتراط الاعتماد بان الفرض قصد الصعيد و هو حاصل بالوضع فاندفع عند ما اورد عليه الشارح في شرح الارشاد من منع انحصار الفرض في قصد الصعيد فانه عين المتنازع فيه و تبعه في ذلك صاحب المدارك أيضا و حكم بظهور ما ذكره المصنف لذلك و أيضا يمكن حمل الضرب فيما اشتمل عليه على الاستحباب على ان الاخبار المشتملة على إتيانهم عليه السلام بالضرب لا يحتاج الى تاويل اصلا لان الضرب على تقدير كونه بالمعنى الخاصّ فرد من افراد الوضع فالإتيان به يمكن ان يكون باعتبار انه إتيان باحد افراد الكلى الذى هو الواجب لا باعتبار وجوبه بخصوصه و انما يحتاج الى التاويل ما حكم فيه بالضرب و اكثر ما ورد من ذلك وقع بلفظ المصارع و ما كان بلفظ الامر او كان قليل فالحمل على الاستحباب ليس ببعيد على ان حمل الامر أيضا على الاستحباب في مقام الجمع كانه ليس بابعد من حمل المطلق على المقيّد بل الترجيح معه بما اشرنا اليه من موافقة الاصل و ظاهر الآية و يمكن أيضا حمل الامر بالضرب او الخبر عنه بمعناه على انه خرج على سبيل التمثيل بالفرد الشائع المتعارف و هذا و ان كان أيضا على ضرب من التجوز لكن الغرض انه أيضا وجه للجمع لا ترجيح لحمل المطلق على المقيّد عليه بل الترجيح معه لما اشرنا اليه و بالجملة فما اختاره المصنف لا يخلو عن قوة لكن امر الاحتياط واضح فتأمّل

قوله و سقط مسح اليد

اى مسح ظهر اليد السليمة و امّا اليد الاخرى في صورة عدم القطع فان امكن مسح ظهره وجب

قوله مسحها بالارض

اى مسح ظهرها بها بعد ضرب باطنها بالارض و مسح الجبهة بها

قوله كما تمسح الجبهة بها لو كانتا مقطوعتين

استدل عليه في شرح الارشاد بعدم سقوط الميسور بالمعسور كما اشار اليه هنا في اوّل كلامه لا يقال لو كان الميسور مما امر به كما في ضرب اليه السّليمة فعدم سقوطه لا يخلو عن وجه لعدم دليل على اشتراط البعض بالبعض و الاصل عدمه و امّا اذا كان شيئا آخر و لو من جنس ما امر به فالحكم بوجوبه مشكل لعدم الدليل عليه و الامر في الفرضين هاهنا كذلك اذ المامور به مسح اليد باليد و كذا الجبهة فالحكم بوجوب مسحهما بالارض مع تعذر المسح باليد لا بدّ له من دليل و ليس لانا نقول الامر في شطر من الاخبار و ان كان على ما ذكرت من مسح اليد باليد و كذا الجبهة لكن في طرف منها وقع الامر بمسح اليدين و الجبهة مطلقا و الآية الكريمة أيضا مطلقة في مسح اليدين و الجبهة بالصّعيد و حينئذ فسقوط بعضها لا يدل على سقوط الباقى و الاخبار المقيّدة لها محمد ظاهر و هو ان يكون منزّلة على ما هو الغالب من صحة الاعضاء فلا يجب حمل المطلق على المقيّد و يؤيد هذا حكم الاصحاب بوجوب الاستنابة عند الضرورة و ظاهر المدارك اتفاقهم عليه فيضرب المعين بيدى العليل ان امكن و الّا فبيد نفسه و اذ اشمل المسح الوارد في الآية و الروايات مسح النائب فشموله لمسحه بنفسه بالارض اولى الا ان لا يكون مستندهم في الاستنابة شمول الآية و الروايات بل يكون لهم مستند آخر و ان لم ينقل الينا ثمّ لا يخفى انه ينقدح من هذا احتمال آخر في الفرضين و هو الاستنابة و مسح النائب يده او جبهته بباطن كفه و مباشرته بنفسه و ان كان اولى من جهة انه مباشرة بنفسه لكن للاستنابة أيضا وجه اولويّة هو وقوع المسح بباطن الكف كما في صورة الاختيار و قد احتمل صاحب المدارك هذا في صورة تعذر المسح بباطن الكف يحكم اوّلا باجزاء المسح بالظاهر ثمّ احتمل

ص: 147

وجوب التّولية هناك فليتحمل هاهنا أيضا فتأمّل و نقل في المختلف عن الشيخ في المبسوط انه اذا كان مقطوع اليدين من الذّراعين سقط منه فرض التيمم قال و هذا على الاطلاق ليس بجيّد فانه ان اراد سقوط فرض التيمّم عن اليدين او سقوط جملة التيمم من حيث هو فهو حق و ان عنى سقوط جميع اجزائه فليس بجيّد لانه يجب عليه مسح الجبهة لانه متمكن من مسحها فيجب الوجود المقتضى و انتفاء المانع ثمّ قال و احتج الشيخ بان الدخول في الصّلاة انما يسوغ مع الطهارة المائية فان تعذرت فمع مسح الوجه و الكفّين لقوله تعالى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ و اذا كان المنع انما يزول بفعل المجموع و لم يتحقق بفعل البعض لم يزل المنع و الجواب ان التكليف بالصّلاة غير ساقط عنه هنا و الا اسقطت عنه الطهارة المائية اذا انقطع عنه احدا العضوين و ليس كذلك اجماعا و اذا كان التكليف ثابتا وجب فعل الطهارة و لا يمكن استيفاء الاعضاء و ليس البعض شرطا في الآخر فيجب الاتيان بما يمكن منه و الظاهر ان مراد الشيخ ما قصدناه انتهى و اورد عليه في شرح الارشاد ان ما حكاه عنه من الدليل ينافى التاويل و هو كذلك لكن الاحتجاج ليس في المبسوط و كانه ذكره من قبله و نسبه اليه كما هو رايه في المختلف فلا يضرّ اباءه من التاويل لعدم اباء كلام الشيخ عنه فانه قال و اذا كان مقطوع اليدين من الذراعين سقط عنه فرض التيمّم و يستحب ان يمسح ما بقي الآن ما امر اللّه سبحانه بمسحه قد عدم فوجب ان يسقط فرضه انتهى و لا يخفى انه لا يأبى عما ذكره من التاويل بل ظاهر تعليله ذلك و قوله و يستحبّ ان يمسح ما بقي اى ما بقي من الذراعين اى رأسهما او مجموع ما بقي و هذا اما قياس على الوضوء حيث ورد فيه في صحيحة علىّ بن جعفر ان مقطوع اليدين من المرفق يغسل ما بقي من عضده و في حسنة رفاعة ان الأقطع اليد او الرّجل يغسل ذلك المكان الذى قطع عنه او بناء على استحباب مسح الذراع في التيمم مطلقا بناء على حمل الروايات الواردة بذلك على الاستحباب كما سيجي ء فعند قطع محل الفرض أيضا الاستحباب بحاله و لا يخفى انه على الوجهين لا بدّ من حمل كلامه على ما ذكره العلامة من التاويل اذ مع الحكم بسقوط التيمّم رأسا الحكم باستحباب مسح الذّراع بعيد جدا الا ان يحمل هذا على تقدير حمل كلامه على ظاهره على استحباب مسح ما بقي من الاعضاء اى الجبهة فتأمل

قوله بل يمسح بهما كذلك

اى مع النجاسة و كذلك يضرب بهما كذلك كما يرشد اليه قوله بعد ذلك فان تعذر ضرب بالظهر و كانه اكتفى بالمسح عنه هنا اعتمادا على ذلك و لظهور ان المسح بما هو المضروب به و بعد احتمال حصول النجاسة الغير المتعدية بعد الضرب قبل المسح فافهم

قوله مع تعذر التطهير

و اما اذا لم يتعذّر فوجب تطهيره لما ذكره المص في الذكرى من انه يشترط طهارة موضع المسح من النجاسة لان التراب ينجس بملاقاة النجاسة فلا يكون طيبا و لمساواته اعضاء الطّهارة المائية و الظاهر ان مراده بموضع المسح اعم من ان يكون ماسحا او ممسوحا فيشمل باطن الكفين لجريان دليله فيهما و لا يخفى ان الدّليل الثانى قياس محض مع ان الكلام في الاصل مجالا اذ ذكر الشيخ في المبسوط انه اذا كان على بدنه نجاسة ازالها ثمّ اغتسل فان خالف و اغتسل اولا فقد ارتفع حدث الجنابة و عليه ان يزيل النجاسة ان كانت لم تزل بالغسل و ان زالت بالغسل فقد أجزأ عن غسلها و هو صريح صحيح في عدم اشتراط طهارة اعضاء الغسل فتدبّر و يرد على الاول بعد تسليم كون الطيّب بمعنى الطّاهر ان ظاهر الآية الكريمة اشتراط طهارة الصعيد قبل التيمم فلا يضرّ نجاسة به ثمّ لو سلم فلا يجرى الا مع تعدى النجاسة و هو ظاهر و في شرح الارشاد علّل الحكم في النجاسة المتعدية بانه ينجس التراب فلا يفيد غيره طهارة و فيه تامّل اذ لا منع في افادة النجس غيره الطّهارة من نجاسة اخرى سيما مع تباين جنسيهما و كون احدهما عينيا و الاخرى حكميا و بالجملة فلو لم يكن الحكم اجماعيّا فللتأمل فيه مجال لضعف الوجوه المذكورة و اصالة عدم الاشتراط و الاجماع غير ظاهر و ان لم يظهر الخلاف خصوصا ان المصرح بذلك قليل من الاصحاب كما ذكره صاحب المدارك لكن امر الاحتياط واضح ثمّ ان الوجوه المذكورة تجزى في صورة تعذر التطهير أيضا لكن الشارح قطع بالجواز فيها على الشرط الذى ذكره و في الذكرى جعل الجواز فيها مع الشرط المذكور اقرب لدفع الحرج و عموم شرعيته و لان الاصحاب نصّوا على جواز تيمّم الجريح مع تعذر الماء و لا يخفى ان الحرج انما يلزم لو قيل لوجوب الازالة مع التّعذر و امّا لو قيل ان حكمه حكم فاقد الطهورين لفقد التمكن من الماء فرضا و كذا من التراب للمنع عن استعماله شرعا بناء على الوجوه المذكورة فلا حرج حتى يدفع بتجويز التيمّم حينئذ و عموم الشرعيّة آت في صورة عدم التعذر أيضا فلا بدّ لتخصيصه فيها من دليل يختص بها و لا يتجه التخصيص في احد الصّورتين دون الاخرى مع اشتراك دليل التخصيص بينهما نعم ما ذكره ثالثا يصلح حجة للعدول عن مقتضى الدليل لو افاد الاجماع هذا على تقدير تمامية الادلة المذكورة و امّا على ما ذكرنا من ضعفها فحكمهم في صورة التعذر متجه لانتفاء احتمال الاجماع و عدم الاعتداد بجريان الادلة مع ضعفها فافهم هذا في اعضاء التيمّم و اما سائر الاعضاء فهل يشترط طهارتها أيضا في صحة التيمم فيه قولان احدهما نعم نقله المحقق في المعتبر عن ية و استوجهه و الثانى لا و نسبة الى الخلاف و احتج في المعتبر لما اختاره بان التيمم لا يصح قبل التضيق فلو تيمّم قبل الازالة فان شرطه و اعترض عليه في الذكرى بما حاصله انه يكفى في رعاية تضيق الوقت تاخير التيمم الى ان يبقى من الوقت ما يسع الصلاة و مقدماتها و لا يجب تقديم مقدماتها عليه و ازالة النجاسة من مقدمات الصلاة فكما لا يجب تحصيل القبلة و السّاتر قبل التيمّم فكذا هنا و لا يخفى ان كفاية ما ذكره في رعاية التضيق على القول به محلّ تامّل لكن ظ كلامه كما ذكره في شرح الارشاد انه لا خلاف في عدم وجوب تحصيل القبلة و السّاتر قبل التيمّم فان تمّ ذلك لم يكن بدّ من جواز تقديم التيمم على ازالة النجاسة لعدم الفرق بين مقدمات الصّلاة ثمّ لا يخفى انه على مقتضى هذا التعليل انما يلزم تقديم الازالة فيما يجب فيه رعاية تضيق الوقت كالتيمّم للفرائض الموقتة فلو تيمّم للقضاء او لنافلة غير موقتة على القول بجوازه لها فلا يشترط فيه تقديم الازالة الا ان يقال ان فيه أيضا يعتبر عدم الفصل بين التيمم و فعل غايته من القضاء او النّافلة لكن لم اجد تصريحا من الاصحاب بذلك ثمّ انه ذكر في الذكرى في الجمع بين كلامى الشيخ ان الذى في ية و ط وجوب تقديم الاستنجاء على التيمم و في الخلاف انه يجوز تقديم التيمّم و لعله اراد به اجزاءه لو قدمه و لهذا احتج بان الامرين واجبان فكيف وقعا تحقق الامتثال و على هذا فلا منافاة بين كلاميه لجواز وجوب تقديم الازالة بدون اشتراطه في صحة التيمّم فاللازم منه على تقدير المخالفة ثمّ لا عدم الاجزاء فاذا حمل كلامه في الخلاف على الاجزاء فلا منافاة بينهما و لا يخفى ما فيه من

التكلّف و التعسّف امّا الاول فظاهر و امّا الثانى فلان الحكم

ص: 148

بوجوب التقديم لا يظهر له وجه سوى ما ذكره المحقق من وجوب رعاية التضيق و من قال به يقول بعدم صحة التيمّم مع السّعة فعدم الجواز هاهنا يستلزم عدم الاجزاء و منه يظهر ان مراده رحمه الله في الخلاف ما هو ظاهره من الجواز لا مجرد الاجزاء و جعله ما نقله عنه من الاحتجاج شاهدا على ان مراده مجرد الاجزاء كما ترى بل ظاهره انه احتجاج على جواز تقديم كل منهما لا على مجرد الاجزاء و ان كان على القول بالتضيّق كما هو مذهبه فيه ما فيه فتأمل

قوله فيجب التجفيف

لئلا ينجس التراب فلا يكون طيّبا و فيه ما اشرنا اليه من المناقشة

قوله فان تعذر ضرب بالظهر

و مسح به أيضا و كانه اكتفى بالضرب لانه اول الافعال و لظهور ان المسح بما هو المضروب به حقيقة و احتمال كون الضرب بالظهر و المسح بالبطن بناء على ان المانع في الضرب هو تنجيس التراب و هو منتف في المسح و ان المسح يكفى بالمضروب في الجملة و انه لا باس بتنجيس باقى الاعضاء عند الاضطرار بعيد جدا ثمّ على الوجهين ففيه تامل لان المراد من ضرب اليدين الوارد في الاخبار ان كان هو الضرب بباطنهما كما فهمه الاصحاب بناء على تبادره منه فجعل الظهر بدلا اضطراريا لا بدّ له من دليل و ليس و ان كان هو الضرب باليد في الجملة فينبغى الحكم بجواز الضرب بالظهر مع الاختيار أيضا اللّهمّ الا ان يكون منعهم مع الاختيار لدليل من خارج كالاجماع فتدبّر و في المدارك حكم بانه لو تعذرت الازالة سقط اعتبارها و وجب التيمم و ان تعدّت النجاسة الى التّراب و لا يخلو عن وجه و يحتمل أيضا وجوب التولية و اللّه تعالى يعلم

قوله و الّا

اى و ان لم يخل الظّهر أيضا منها ضرب بالجملة في الاول اى النجاسة المتعدية و سقط الضرب باليد و مسحها رأسا و الاولى تبديل الضرب هنا بالمسح كما ذكره من في مقطوع اليدين اذ فريضة الجبهة هو المسح لا الضرب فافهم

قوله و باليد النجسة في الثانى

اى النجاسة الحائلة فيضرب ببطنها اذ لا تضرّ النجاسة الحائلة كما لو كان عليها جبيرة و في شرح الارشاد نقل عن الذكرى مساوات حكم الحائلة و المتعدية فيجب فيهما الضرب بالظهر ان خلا منهما و الا ما فبالجبهه و ردّه كما اشار اليه هنا بجواز المسح على الجبيرة و خصوصيّة النجاسة لا اثرها في المنع الّا اذا تعدّت و يشكل ذلك بانّ جواز المسح على الجبيرة في التيمم مما لا شاهد له من الاخبار فينبغى الاقتصار فيه على المتيقن و لا يقين في النجاسة الحائلة بها بانها في حكم الجبيرة و يمكن ان يقال ان الضرب باليد الواقع في الاخبار يصدق مع الحائل أيضا لكن في صورة امكان الازالة حكم بوجوبها بالاجماع و امّا اذا لم يمكن فيحكم بصحة التيمم بمقتضى الاخبار السالم عن المعارض و اعلم ان كلامه في الذكرى لا يدل على الاكتفاء بمسح الجبهة في صورة تعذر المسح بباطن اليد و ظاهرها لا في الحائلة و لا في المتعدية بل انما حكم بانه لو تعذرت الازالة و لم تكن النجاسة حائلة و لا متعدية فالاقرب جواز التيمم و يفهم منه عدم جواز التيمّم مع احدهما و امّا الاكتفاء بمسح الجبهة فلا بل لما حكم بجواز الاستنابة في الافعال مع الضرورة فالظاهر ان مذهبه هاهنا وجوب الاستنابة فتأمّل

قوله مرة للوضوء

الفرق بين الوضوء و الغسل و وجوب ضربة في الاول و ضربتين في الثانى هو المشهور بين الاصحاب و قال السيّد المرتضى في شرح الرّسالة الواجب ضربة واحدة في الجميع و هو مذهب ابن الجنيد و ابن ابى عقيل و المفيد في الرّسالة الغريّة و نقل في الذكرى عن المفيد في ظاهر كلامه في كتاب الاركان الضربتين فيهما و نقله أيضا المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى و المختلف عن علىّ بن بابويه لكن كلامه في الرّسالة على ما نقله في الذكرى هكذا فاذا اردت ذلك فاضرب بيديك على الارض مرّة واحدة و انقضهما و امسح بهما وجهك ثمّ اضرب بيسارك الارض فامسح بها يمينك من المرفق الى اطراف الاصابع ثمّ اضرب بيمينك الارض فامسح بها يسارك من المرفق الى اطراف الاصابع قال و قد روى ان يمسح جبينيه و حاجبيه في الذكرى و يمسح على ظهر كفّيه و لم يفرق بين الوضوء و الغسل و هو لا يوافق اعتبار الضربتين على الوجه المشهور بل فيه تفريق الضربة الثانية الى ضربتين و في المعتبر بعد ما نقل عن على بن بابويه المرتين في الجميع فقل القول بالضّربات الثلث عن قوم منّا حجة القول بالمرة في الجميع مضافا الى الاصل روايات منها صحيحة زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السّلام يقول و ذكر التيمم و ما صنع عمّار فوضع ابو جعفر عليه السلام كفّيه على الارض ثمّ مسح وجهه و كفّيه و لم يمسح الذراعين بشي ء و منها رواية زرارة في الفقيه و سنده اليه صحيح قال قال ابو جعفر عليه السلام قال رسول اللّه ص ذات يوم لعمّار في سفر له يا عمار بلغنا انك اجنبت فكيف صنعت قال تمرّ عنت يا رسول اللّه في التراب قال فقال له كذلك يتمرّغ الحمار أ فلا صنعت كذا ثمّ اهوى بيديه الى الارض فوضعهما على الصعيد ثمّ مسح جبينيه باصابعه و كفيه احدهما بالاخرى ثمّ لم يعد ذلك و منها صحيحة داود بن النعمان على ما في المختلف و المدارك قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم قال ان عمار اصابته جنابة فتمعّك كما تتمعك الدابة فقال رسول اللّه ص و هو يهزأ به يا عمّار تمعّكت كما تمعك الدّابة فقلنا له فكيف التيمم فوضع يده على الارض ثمّ رفعهما و مسح وجهه و يديه فوق الكفّ قليلا و في بعض النسخ يديه و رفعهما و يمكن ان يناقش في صحة الرواية بان على بن الحكم فيها مشترك بين الكوفى الثقة و الانبارى غير الموثق و رواية احمد بن محمد بن عيسى عنه و ان كان يرجّح الاول بناء على انهم عدوّه من الرّواة عنه لكن روايته عن داود بن النعمان يرجح كونه الانبارى فان الانبارى ابن اخت داود بن النعمان و عدّهم احمد بن محمد بن عيسى من الرواة عن الكوفى لا يدفع احتمال روايته عن الانبارى أيضا و كذا عدم ذكرهم رواية الانبارى عن داود بن النعمان لا يدل على عدم روايته عنه مع انه ابن اخته و الظاهر روايته عنه فانهم لم يحصروا من يروى الانبارى عنهم في غيره بل قالوا انه تلميذ ابن ابى عمير و لقى من اصحاب ابى عبد اللّه ع الكثير و هو مثل ابن فضال و ابن بكير فيمكن ان يكون داود بن النعمان أيضا من حملتهم و بالجملة فالحكم بالصّحة لا يخلو عن شي ء و منه يظهر امكان المناقشة في كل ما حكموا بصحته باعتبار رواية احمد بن محمد بن عيسى عنه لجريان الاحتمال و ان لم يكن المروىّ عنه داود بن النعمان فتأمل و منها صحيحة ابى ايّوب الخزّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن التيمم فقال ان عمار بن ياسر اصابته جنابة فتمعّك كما تتمعّك الدابة فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يا عمّار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلت له كيف التيمم فوضع يده على السبخ ثمّ رفعها فمسح وجهه ثمّ مسح فوق الكف قليلا و هى و ان كانت صحيحة على المشهور لكن فيها محمد بن عيسى عن يونس و فيه كلام مشهور و رواه في الخلاف بسند آخر أيضا حسن بإبراهيم بن هاشم ليسا فيه فمع السّندين لا مجال للمناقشة فيها و منها موثقة زرارة بابن بكير قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيديه الارض ثمّ رفعهما فنفضهما ثمّ مسح بهما جبهته و كفّيه مرة واحدة و في المختلف وصفها بالصحبة و كانه بناء على ان ابن بكير و ان كان فطحيّا ممن اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و منها حسنة ابن بكير بإبراهيم مع

اعتضاده بسند آخر فيه سهل

ص: 149

عن زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السّلام عن التيمم فضرب بيده الارض ثمّ رفعها فنفضها ثمّ مسح بها جبينيه و كفّيه مرة واحدة و منها حسنة عمرو ابن ابى المقدام عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه وصف التيمم فضرب بيديه الى الارض ثمّ رفعهما فنفضهما ثمّ مسح على جبينيه و كفيه مرّة واحدة و منها حسنة الكاهلى و في هى في الصحيح عن الكاهلى و لعل المراد صحته اليه و الا فالكاهلي لم يوثقوه و ان مدحوه قال سألته عن التيمم فضرب بيديه على البساط فمسح بها وجهه ثمّ مسح كفيه احدهما على ظهر الاخرى كذا في الكافي و في التهذيب بيده و منها موثقة سماعة قال سألته كيف التيمم فوضع يده على الارض فمسح بها وجهه و ذراعيه الى المرفقين و منها رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام في التيمّم قال تضرب بكفيك الارض ثمّ تنفضهما و تمسح وجهك و يديك وجه الاستدلال في الجميع هو الاكتفاء فيها بضربة واحدة مع انها وردت لبيان كيفية التيمّم فيجب ان لا يجب فيه سوى ما اعتبر فيها فيعلم منه عدم وجوب الضربة الثانية اذ لا يجوز الاخلال بها مع وجوبها في مقام البيان و عدم تعرض الرواة لها مع إتيان الامام بها بعيد جدا و ربما يظنّ صراحة قوله مرّة واحدة في موثقة زرارة و الخبرين بعدها في اكتفائه عليه السلام بضربة واحدة و فيه ان تعلّقه بالضرب غير معلوم لجواز تعلّقه بالمسح فقط و كذا قوله في رواية الفقيه ثمّ لم يعد ذلك لعدم ظهوره في عدم اعادة الضرب لجواز ان يكون المراد عدم اعادة المسح ثانيا و يجوز أيضا ان يقرأ يعد بسكون العين و ضمّ اللّام اى لم يتجاوز عما ذكر من الكفّين او الجبينين و الكفّين فالتعويل في الاستدلال في الجميع على ما ذكرنا حجة القول بالضربتين في الجميع أيضا روايات منها صحيحه اسماعيل بن همّام عن الرضا عليه السلام التيمم ضربة للوجه و ضربة للكفّين و في المختلف و هى و الذكرى عدّها في الحسن و كانه لا وجه له بعد توثيق العلامة نفسه لإسماعيل في الخلاصة و كذا النجاشى و ان لم يوثقه الشيخ و ان كان باعتبار احمد بن محمد الذى روى عنه المفيد فانه اما ابن الوليد كما هو الظاهر او ابن يحيى العطار على احتمال و ان لم يذكر الاول في كتب الرّجال لبيان حاله و ذكر الثانى مهملا ففيه انّهما من مشايخ الاجازة و لا يضرّ عدم توثيقهم كما سنذكره في ابن ابان و لذا اطبقوا على الحكم بصحة الرّوايات التى فيها احمد هذان و من ذلك انه حكم في هى و كذا في الذكرى بصحة روايتى زرارة و محمد بن مسلم اللتين استشهدوا بهما للتفصيل اذ في سندهما أيضا احمد هذا فتأمل و صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما ع قال سألته عن التيمم فقال مرتين للوجه و اليدين و ربما يناقش في صحتها باعتبار ان فيها الحسين بن الحسن بن ابان و لم يوثقه المعتمدون من مصنّفى كتب الرّجال و كان والدى طاب ثراه يقول ان عدم توثيقه لا يضرّ فانه كان من شيوخ الإجازة و كان الشيخ يروى من الكتب التى عنده ككتاب الحسين سعيد هاهنا و كان الغرض من ذكر السند الى صاحب الكتاب مجرد التيمن و التبرك فلا يضر عدم توثيق بعض شيوخ الاجازة على ان الشيخ في الاستبصار رواها عن الحسين بن سعيد بحذف الاسناد و طريقه اليه صحيح و هذا أيضا يؤيد ما ذكرنا كما لا يخفى لكن متنها لا يخلو عن قصور في الدلالة اذ لا تصريح فيها بالضرب مرتين فيجوز ان يكون المراد المسح مرتين بجعل اليدين لاتحادهما نوعا في حكم واحد و لو سلّم فظاهره الضرب مرتين لكل من الوجه و اليدين و لم يقولوا به فلا بدّ من حمل المرتين ثانيا على التأكيد اذ على التكرار باعتبار تعدد المواد او حمل احدهما على تعدد الضرب و الاخرى على تعدد المسح و لا يخفى بعد الجميع و رواية ليث المرادى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك على الارض مرتين ثمّ تنفضهما و تمسح بهما وجهك و ذراعيك و المحقق الاردبيلى في شرح الارشاد احتمل صحتها و ان كان فيه ابن مسكان المشترك لنقل عبد اللّه الثقة عن ابى بصير كثير او فيه فان ابن مسكان و ان كان الظاهر انه عبد اللّه الثقة كما ذكره لكن في السند ابن سنان أيضا على ما في التهذيب و الظاهر بقرينة رواية الحسين بن سعيد عنه و روايته عن ابن مسكان انه محمّد لا عبد الله

و هو ضعيف في المشهور و ان وثقه الشيخ المفيد في ارشاده و كانّ نظره رحمه الله الى الاستبصار حيث لم يوجد فيه ابن سنان و لا عبرة به بعد وجوده في التهذيب موافقا لما هو المعروف من رواية الحسين بن سعيد عن ابن مسكان بواسطة محمد بن سنان هذا و لا يخفى ان متنها أيضا لا يخلو من قصور فان ظاهرها تقديم الضربتين على مسح الوجه و الذراعين لا التلفيق كما هو مذهبهم هذا مع اشتماله على مسح الذراعين و هو خلاف المشهور كما سنذكره حجة القول المشهور الجمع بين الرّوايات بما ذكروه بحمل الروايات الاوّلة على ما كان بدلا للوضوء و الروايات الاخيرة على ما كان بدلا للغسل و استشهدوا لهذا الجمع بصحيحة زرارة و ان كان فيها في التهذيب الحسين بن الحسن بن ابان عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت له كيف التيمم قال هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة تضرب بك بيد بك مرتين ثمّ تنفضهما نفضة للوجه و مرة لليدين الحديث و بصحيحة محمد بن مسلم و فيها أيضا في التهذيب الحسين المذكور و في الاستبصار رواهما أيضا عن الحسين بن سعيد بحذف الاسناد اليه قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثمّ مسح بهما وجهه ثمّ ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه الى اطراف الاصابع واحدة على ظهرها و واحدة على بطنها ثمّ ضرب بيمينه الارض ثمّ صنع بشماله كما صنع بيمينه ثمّ قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل و في الوضوء الوجه و اليدين الى المرفقين و القى ما كان عليه مسح الراس و القدمين فلا يؤمّم بالصعيد قوله عليه السلام هذا التيمم على ما كان فيه الغسل اى يأتى على الحدث الذى فيه الغسل او بسبب لا حدث الذى فيه الغسل على ان يكون على تعليلية كما في قوله تعالى و لتكبّر و اللّه على ما هدنكم اى لهدايته اباكم او مع الحال الذى فيه الغسل كقولهم فلان على جلالته يقول كذا اى مع جلالته و قوله عليه السلام و في الوضوء الوجه و اليدين اى تمسح او امسح في الوضوء الوجه و اليدين و قوله و القى ما كان عليه مسح بالتنوين اعنى الراس و القدمين و يمكن ان يقرأ القى على المعلوم و يكون فاعله هو اللّه تعالى او الامام بان يكون من كلام الراوى معطوفا على قال و حينئذ فيمكن ان يكون الراس و القدمين بدلا عن ما كان فلا حاجة الى تقدير اعنى و اما قراءة مسح بالاضافة اى القى ما كان عليه مسح الراس و القدمين و هو الراس و القدمان فلا يعجبنى و ان كانت اظهر لفظا نعم يمكن على قراءة الاضافة حمل ما كان عليه على باقى ما كان عليه فيكون مسح الراس و القدمين بدلا منه او منصوبا بتقدير اعنى فتأمل و لا يخفى ان الاستشهاد بالرواية الاولى مبنى على ان يجعل قوله عليه السلام هو ضرب واحد للوضوء كلاما تامّا و الغسل من الجنابة برفع الغسل كلاما آخر مستقلا اى و في بدل الغسل من الجنابة تضرب بيديك الى آخره و لا يخفى بعده و الظاهر ان الغسل مجرور و معطوف على الوضوء و من تتمة الكلام السابق و المراد ان التيمم ضرب واحد للوضوء

ص: 150

و الغسل اى نوع واحد و على نحو واحد فيهما و لعلّ التعبير بالضرب دون الضربة مما يؤيد ذلك او المراد ان الضرب فيهما واحد اى على نهج واحد لا انه واحد بالعدد و على الوجهين قوله عليه السلام تضرب بيديك الى آخره بيان كيفية التيمم سواء كان بدلا من الوضوء او الغسل و على هذا الخبر حجة للقول بالمرتين فيهما لا للمفصّلين ثمّ على الوجوه لا يخفى ما فيه من القصور كما اشرنا اليه في رواية ليث المرادى فان ظاهره أيضا ضربهما مرتين اوّلا ثمّ نفضهما نفضة للوجه و نفضة لليدين او ضربهما مرتين ثمّ نفضهما نفضة للوجه ثمّ نفضهما مرة لليدين فيكون ثلث ضربات و لم يقولوا بشي ء منهما و على ما اعتبروه من الضربتين فيهما او في خصوص الغسل كان ينبغى بدل نفضة مرة و اما الرواية الثانية ففى الاستشهاد بها أيضا اشكال امّا اولا فلانها لا توافق ما هو المشهور في ظاهر من اعتبار الضربتين من ضربهما معانى كل ضربة بل انما يوافق ما نقلنا من علىّ بن بابويه من تفريق الضربة الثانية الى ضربتين الا ان يقال بالتخير في الضّربة الثانية بين ضربهما معا و التفريق بينهما كما يرشد اليه كلام الشيخ في الاستبصار و اما ثانيا فلاشتمالها على ما لا يقولون به الخلاف المشهور من المسح من المرفق ظاهر او باطنا و ما ذكره الشيخ في تاويله بعيد جدا كما سنشير اليه و اما ثالثا فلعدم انتظام اجزاء الكلام على ما حملوه اذ الفرق بين بدل الوضوء و الغسل على ما ذكروه هو و وحدة الضربة في الاول و تعدّدها في الثانى و على هذا فكان ينبغى ان يذكر بعد قوله و في الوضوء ما يدل على وحدة الضرب فيه ليظهر الفرق و لم يذكر ذلك و ما ذكر من الوجه و اليدين الى المرفقين مشترك بين الوضوء و الغسل و كذا القاء الراس و القدمين فالظاهر في حل الحديث ان يقال ان الضربتين على الوجه المذكور في مطلق التيمم و قوله عليه السلام هذا التيمم على ما كان فيه الغسل بفتح الغين و الواو في الوضوء كانه سهو من احد الرّواة يعنى ان هذا التيمّم على ما يجب غسله في الوضوء و على تقدير صحة الواو يمكن ان يكون المعنى و في الوضوء اى على ما كان فيه الغسل في الوضوء لا مطلقا اذ الغسل في الغسل شامل الجميع البدن و قوله الوجه و اليدين على الوجهين بدل من ما كان او منصوب بتقدير اعنى بوجه و قوله و القى ما كان عليه مسح و بما ذكرنا من الوجوه و حينئذ ينتظم الكلام غاية الانتظام و يكون ظاهر هذا الخبر أيضا تعدد الضرب في التيمّم مطلقا لا ما ذكروه من التفعيل هذا و اذ قد عرفت حال ما ذكره من الشاهدين فيبقى القول بالتفصيل بلا مستند و بمجرّد امكان الجميع بين الاخبار بهذا الوجه لا يمكن المصير اليه بلا شاهد و ما ذكره الشارح في شرح الارشاد من ان الوضوء مخفف الحكم و الغسل مثقله فيكون الضربة للوضوء لانه اخفّ بمجرده لا يصلح شاهدا لذلك على ان كلا من اخبار الطرفين ورد لبيان كيفية التيمم الشامل لما كان بدلا من الوضوء و الغسل فحمل كل منها على خصوص احد قسميه لا يخلو عن بعد سيّما الاخبار الاخيرة اذ لو حمل مطلق على بعض الافراد فالظاهر منه الفرد الغالب الذى هو هاهنا ما كان بدلا للوضوء لا بدل الغسل مع ان العمدة في الاخبار الاولة هى الاخبار الصحيحة المشتملة على كفاية تيمم عمّار و هو كان بدلا عن الغسل فحمل التيمم الوارد فيها على ما كان بدلا للوضوء بعيد جدّا بل لا مجال لهذا الاحتمال فيما نقلنا من صحيحة زرارة عن الفقيه و يدل أيضا على مساوات التيمّمين موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه ع قال سألته عن التيمم من الوضوء الجنابة و من الحيض للنساء سواء قال نعم و ظاهرها اطلاق المساوات فيجب التساوى في الضربة او الضربتين أيضا فالظاهر في الجمع بين الاخبار امّا القول بوجوب المرتين مطلقا لصراحة بعض اخبارها و عدم صراحة الاخبار الاولة في المرة و ان كانت ظاهرة فيهما على ما اشرنا اليه يقال حينئذ بالتخيير في الضربة الاخيرة بين ضرب اليدين معا او بالتفريق ليجمع به بين ما اختلف من الاخبار الاخيرة أيضا او القول بالمرة كذلك و حمل المرتين على الاستحباب كما اختاره المرتضى في شرح الرسالة و استحسنه المحقق في المعتبر و استوجهه صاحب ك او القول بالتخيير بينهما و في الذكرى نفى عنه البعد ان لم يكن فيه احداث قول و يمكن أيضا حمل

المرتين على التقية لان المشهور بين العامة الذى على الحنفيّة و الشافعيّة و الاكثرون من غيرهم هو القول بالضربتين في مطلق التيمّم و انما نقلوا القول بالضّربة الواحدة من علىّ صلوات اللّه عليه و اعمار و ابن عبّاس و جمع من التابعين و هذا أيضا مما يؤيد القول بالضّربة الواحدة مطلقا هذا لكن مع ذلك الاحوط كما ذكره صاحب المدارك ان لا يترك المرتان لا في الوضوء و لا في الغسل قال و قيل من احتمال فوات الموالاة بالضربة الثانية لو قلنا بالمرة فضعيف جدّا لان ذلك غير قادح في تحققها لو ثبت اعتبارها انتهى و لو أتى بتيمّمين احدهما بالضّربة و الآخر بضربتين حذرا من هذا الاحتمال لكان احوط و اللّه تعالى يعلم بقي هاهنا شي ء لا باس بذكره و هو ان الشيخ في التهذيب بعد ان اورد الاخبار الدّالة على المرة و المرتين و جمع بينهما بالتفصيل لئلّا يتناقض الاخبار قال مع انا قد اوردنا خبرين مفسّرين لهذه الاخبار احدهما عن حريز عن زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام و الآخر عن ابن ابى عمير عن ابن اذينة عن محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ان التيمم من الوضوء مرة واحدة و من الجنابة مرتان و انت خبير بان الروايتين اللتين اشار اليهما هما ما نقلنا شاهد المفصّلين من روايتى زرارة و محمد بن مسلم اذ لم يورد الشيخ غيرهما و قول الشيخ ان التيمم من الوضوء مرّة الى آخره هو حاصل الروايتين على ما فهمه الشيخ لا ان هذا رواية اخرى منهما او من محمد بن مسلم اذا لم يذكر الشيخ رواية بهذه العبارة و لا ذكرت فيما رايناه من كتب الاخبار لكن العلامة رحمه الله في هى اورد في جملة الاخبار الدّالة على وحدة الضربة في الوضوء صحيحة زرارة التى نقلناها للاستشهاد للتفصيل كما نقلنا و صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان التيمم من الوضوء مرة واحدة و من الجنابة مرتان ثمّ استدل بهما لما اختاره من التفصيل ثمّ في جملة الرّوايات الدّالة على المرتين مطه صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام و ذكر صحيحة التى اوردناها للاستشهاد للمفصّلين الى قوله كما صنع بيمينه و اجاب عنها بانّ من تتمتها قال و هذا التيمم على ما كان فيه الغسل و نحن نقول به و لا يخفى ان ظاهره ان الصّحيحة التى اوردها للدلالة على التفصيل غير الصحيحة التى نقلنا ثانيا عنه و انها بالعبارة التى اوردها اولا و على هذا ففيه ما اشرنا اليه من عدم وجود تلك الصحيحة و ان منشأه سوء التأمّل في كلام الشيخ و يمكن للمتكلّف حمل كلامه على اتحادهما و انه اوّلا نقلها بالمعنى على ما فهمه كما فعله الشيخ و على هذا فلا ايراد عليه فتأمل

قوله فيمسح بهما جبهته

ظاهره وجوب مسح الجبهة باليدين معا كما صرّح به في الذكرى و هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن ابن الجنيد انه اجتزأ باليد اليمنى لصدق المسح و في الذكرى عارضة بالشهرة و تمسك لما اختاره بالتبعية للوضوء البيانى و بالاقتصار على المتيقن و لا ريب ان الاقتصار على المتيقن اولى و اما الحكم بوجوبه فلا يخلو عن اشكال و التمسّك بالوضوء البيانى تامّل فان الاخبار الواردة في معرض البيان و ان دل بعضها على ذلك كموثقة زرارة و رواية ليث المرادى و صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة لكن اكثرها خال عن هذه الدلالة و مطلق في مسح الجبهة او الوجه او الجبينين على

ص: 151

اختلاف الاخبار على ما نقلناها و كما يجوز حمل المطلق على المقيّد يجوز القول بكفاية المطلق و حمل المقيد على انه احد افراد الواجب و ليس هذا تاويل بالنسبة الى الموثقة و الصحيحة اذ ليس فيهما الا انه مسح بهما لا الامر به و مع وجوب المطلق لا بدّ في الاتيان به من الاتيان باحد افراده تحمل ما اتى به عليه السلام على ذلك ممّا لا بعد فيه اصلا نعم رواية ليث المرادى حيث فيهما و تمسح بهما لا يخلو عن ظهور في وجوب كون المسح بهما لكن لا يمكن الحكم بمجرد تلك الرواية مع ضعفها فالظاهر نظر الى الاخبار كفاية المسح بهما او باحداهما و يعضده الاصل أيضا لكن الاحوط متابعة المشهور و الوقوف على ما هو المتيقن و امّا تخصيص ابن الجنيد باليد اليمنى فلا يلايمه ما ذكر من الوجه لانه يعطى الاعم و في المختلف احتج بان في الوضوء يغسل باليد اليمنى فكذا في التيمم يمسح بها و لا يخفى ضعفه فافهم ثمّ الظاهر اجزاء المسح بهما سواء كان باصل الكفين او باصابعهما الاطلاق اكثر الاخبار و ما ورد في صحيحة الفقيه من المسح بالاصابع كانه لاجزائه لا لتعيّنه و هل يجب ان يكون ببطن الكفين جعله في الذكرى اقرب لما ذكره سابقا من التبعية للوضوء البيانى و الاقتصار على المتيقن و لا يخفى انه لا دلالة للاخبار الواردة في البيان على كون المسح بالبطن لإطلاقها الا ان يقال ان المتبادر منه المسح بهما او بها الوارد في بعضها هو المسح بالبطن فتأمل

قوله بادئا بالأعلى كما اشعر به من و الى

حكم في الذكرى بوجوب ذلك كما نقلنا على ابتدائه عليه السلام بالأعلى الا ان يقال ان الاجماع على صحة البدءة بالأعلى يدل على ابتدائه عليه السلام به في التيمم البيانى اذ لو نكس لوجب حكمهم بوجوب النكس او القول به لا اقل فتأمّل فيه و امّا ثانيا فلان وجوب اتباع ما فعله ع ببعض الوجه و هو الجهة و في معروض البيان انما هو فيما علم انه مقصود بالبيان و لا نسلم ان الابتداء بالاعلى هنا كذلك اذ مسح الوجه الواقع في الآية الكريمة مما لا اجمال فيه باعتبار الابتداء حتى يحتاج الى البيان اذ ظاهره جواز الابتداء باىّ جزء منه كان و حينئذ فيجوز ان يكون ابتدائه عليه السلام بالاعلى على تقدير صحته باعتبار انه احد جزئيات الواجب الكلى لا لوجوبه بخصوصه نعم لا ريب ان الاولى الابتداء بالاعلى او انه لو نكس فالاقرب المنع امّا لمساواته الوضوء و امّا تبعا للوضوء البيانى و تبعه الشارح أيضا في شرح الارشاد لكنه حكمه ببطلان النّكس من غير ذكر الاقرب الذى يشعر بنوع تردّد فيه و لا يخفى ما في الاول لمنع المساوات بعد تسليم الحكم في الاصل مع انه لا يجرى في بدل الغسل الا ان يتمسّك بعدم القول بالفصل و كذا الثانى امّا اوّلا فلعدم دلالة الاخبار الواردة في البيان اقتصارا على المتيقن و اقتضاء بالمشهور فان ظاهر كلام المشايخ يقتضى وجوب ذلك كما حكم به العلامة في هى مقتصرا عليه فتأمل

قوله و ان احتمل غيره

بان يكون تجديدا للممسوح و لا للمسح كما حمل عليه الى المرافق في آية الوضوء

قوله و هذا القدر من الجبهة

لا يخفى ان هذا القدر هو كل الجبهة فكان من بيانية و المراد ان مسح هذا القدر الذى هو الجبهة متفق عليه و دعوى هذا الاتفاق ذكره المصنف رحمه الله في الذكرى و تبعه الشارح و هو خلاف ظاهر عبارة الصدوق في الفقيه فان ظاهره مسح الجبينين و الحاجبين فقط لكن لو ثبت ما ادعياه من الاتفاق وجب حمل كلامه على مسحها زائدا على الجبهة و فيه تكلّف فتأمل

قوله و زاد بعضهم مسح الحاجبين

نسب في الذكرى هذا القول الى الصدوق و تبعه الشارح في شرح الارشاد و كلامه في الفقيه على ما اشرنا اليه ظاهر في مسح الجبينين و الحاجبين فقط و بعد لزوم تاويله بناء على ما ادعاه المصنف من الاتفاق يفيد زيادة الجبينين و الحاجبين معا لا خصوص الحاجبين على ما نقلاه و قال في المقنع ما في النسخة التى عندنا و نقله عنه العلامة أيضا في هى و امسح بهما بين عينيك الى اسفل حاجبيك هو كما ترى لا يظهر منه المراد و يمكن ان يكون نظر الشارح هاهنا الى ما ذكره الشيخ في التهذيب فانه في بحث مسح الوضوء بعد تحقيق كون الباء للتبعيض اورد على نفسه انه على هذا ينبغى ان يكون المسح في التيمم ببعض الوجه و هو الجبهة و الحاجبان و لا يخفى ظهوره في قوله بما ذكره الشارح بل و بما يشعر باتفاق الاصحاب عليه فافهم

قوله و آخرون مسح الجبينين

اى مع الحاجبين او بدلا عنهما و على الاول هو مذهب الصدوق بعد التاويل و على الثانى لم اقف على قائله ثمّ على الاول يحمل الثانى و الاول في كلام الشارح على المسحين لا القولين فافهم و هاهنا قول آخر لم يتعرض له الشارح و هو وجوب استيعاب الوجه و قد نقوله عن على بن بابويه قال في المنتهى و هو يلوح من كلام ابن ابى عقيل فانه قال و لو مسح ببعض وجه أجزأه و كلام ابن ابى عقيل على ما نقله يعطى جواز الاستيعاب و جواز الاقتصار على مسح بعض الوجه فهما قولان لم يتعرض لهما الشارح و الاخبار التى هى تلونا عليك و انت تعلم ان ما يدل منها على مسح الجبهة هو موثقة زرارة و ما يدل على مسح الجبينين هى صحيحة زرارة في الفقيه و حسنة ابن بكير عن زرارة و حسنة عمرو بن ابى المقدام و ظاهرها الاقتصار على مسح الجبينين لكن لو ثبت الاجماع على وجوب مسح الجبهة على ما ذكره المصنف و الشارح يجب حملها على مسحهما زائدا على الجبهة و اما مسح الوجه فيدلّ عليه صحيحه زرارة و صحيحة داود بن النعمان و صحيحة ابى ايّوب و حسنة الكاهلى و موثقة سماعة و رواية زرارة و صحيحه اسماعيل بن همام و رواية صحيحة محمد بن مسلم و رواية ليث المرادى و صحيحه زرارة و صحيحة محمد بن مسلم و ظاهر اكثرها و ان كان استيعاب مسح الوجه كما نقل عن على بن بابويه لكن يمكن حملها بقرينة الروايات الاخرى على قدر ما يجب مسحه شرعا و هو الجبهة او الجبينان او هما معا و يمكن أيضا حملها على الاستحباب او على التخيير بين مسح الوجه و بعضه كما نقلنا عن ابن ابى عقيل و اختاره المحقق في المعتبر قال و لكن لا يقتصر على اقل من الجبهة و يمكن أيضا حملها على التقية اذ المعروف بين الجمهور هو وجوب الاستيعاب و انما نقل عن ابى حنيفة جواز الاخلال بربع الوجه و يؤكد أيضا وجوب التاويل في تلك الاخبار ان السيّد المرتضى رحمه الله في المسائل النّاصرية ادّعى اجماع الاصحاب على عدم وجوب الاستيعاب و كذا صحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السّلام أ لا تخبرنى من اين علمت و قلت ان المسح ببعض الراس و بعض الوجهين الرجلين فضحك فقال يا زرارة قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و نزل به الكتاب من اللّه تعالى لان اللّه تعالى يقول فاغسلوا وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغى ان يغسل ثمّ قال و ايديكم الى المرافق فوصل اليدين الى المرفقين بالوجه فعرفنا انه ينبغى ان يغسلا ثمّ فصل بين الكلامين فقال و امسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثمّ وصل الرجلين بالراس فعرفنا حين وصلهما بالراس ان المسح على بعضهما ثمّ فسّر ذلك رسول اللّه عليه السلام للناس فضيّعوه ثمّ قال فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم فلما ان وضع الوضوء عمن لم يجد الماء اثبت بعض الغسل مسحا لانه قال بوجوهكم ثمّ وصل بهما و ايديكم منه اى من ذلك التيمم لانه علم ان ذلك اجمع لم يجر

ص: 152

على الوجه لانه يعلق من ذلك الصّعيد ببعض الكف و لا يعلّق ببعضها فان هذا الحديث الشريف صريح في عدم وجوب استيعاب مسح الراس و الرجلين في الوضوء لمكان الباء فيجرى مثله في الوجوه و الايدي في التيمم لقيام العلّة و يؤكد ذلك أيضا ظاهر قوله عليه السلام اثبت بعض الغسل مسحا هذا ثمّ ان استفادة التبعيض فيه من الباء في الآية الكريمة كما فهمه المحقق باعتبار كون الباء فيما للتبعيض فانه من احد معا في مطلق الباء على ما قيل و مثل له بهذه الآية قالوا و في قوله عليه السلام كفاية في ذلك و لا عبرة معه بقول ابن جنّي ان اهل اللغة لا يعرفون هذا المعنى بل يورده هذا الفقهاء و كذا لإنكار سيبويه ذلك في سبعة عشر موضعا من كتابه على ان انكارهما مع كونه شهادة على النفى معارض باصرار الاصمعى على اثباته و هو انس بكلام العرب و استعمالاتهم و وافقه أيضا جماعة من النّحويين كلى على و ابن كيسان و ابن ملك و ابن هشام و قال ابن ادريس في السّرائر الباء عندنا للتبعيض بغير خلاف و أيضا الظاهر من كلام نجم الأئمة رض ان مجيئه بمعنى من ممّا لا انكار عليه و مثّل له بقوله تعالى يَشْرَبُ بِهٰا عِبٰادُ اللّٰهِ و على هذا يمكن ان يكون افادته التبعيض بهذا الاعتبار و يمكن ان يكون استفادة التبعيض باعتبار تغيير الاسلوب و الفصل بينه و بين غسل الوجه بزيادة الباء هنا دونه لا يدلّه من نكته و يمكن ان يكون هى الاشارة الى التبعيض و لو باستعمالها بمعنى من التبعيضيّة مجازا فان اقامة بعض حروف الجرّ مقام بعض غير عزيز كما هو المشهور بينهم و ليس الغرض الاستدلال من الآية الكريمة حتى يتوجه المناقشة بمنع كون النكتة ذلك و ابدأ نكتة اخرى لو امكن او منع كون الباء فيها للتبعيض مع مجيئها المعان اخرى بل تعويله عليه السلام على علمه من خارج بان الباء فيها للتبعيض او ان تغيير الاسلوب للاشارة الى ذلك و على ما اشار اليه من تفسير رسول اللّه ص و بيانه فالغرض بيان ماخذ الحكم و ما يشير اليه بوجه على انه على تقدير كون الباء للتبعيض او قيام قرينة صالحة للحمل عليه يتوجه الاستدلال أيضا بان يقال ان الآية الكريمة حينئذ لا تدل الاعلى وجوب مسح البعض و الاصل نفى الزائد هذا و على تقدير حمل الباء على الالصاق كما هو اصلها على ما نقل عن سيبويه يمكن ان يقال ان قوله امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ظاهره استيعاب الراس و اما بعد زيادة الباء فالباء يقيد أن الغرض انما هو الصاق المسح بالراس و يكفى فيه الصاقه ببعضه فلا يفيد الاستيعاب و قد صرح بما ذكرنا صاحب الكشاف حيث قال في تفسيره و امسحوا برؤسكم المراد الصاق المسح بالراس و ماسح بعضه و مستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح براسه و قد اخذ مالك بالاحتياط فاوجب الاستيعاب او اكثره على اختلاف الرّواية و اخذ الشافعى باليقين فاوجب اقل ما يقع عليه اسم المسح انتهى و يمكن تنزيل الرّواية على هذا أيضا و على هذا فالمراد بقوله عليه السلام فعرفنا حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الراس لمكان الباء انا عرفنا بالباء ان المسح اللازم ليس الا المسح بالبعض او عرفنا ان المراد خصوص البعض باشارة الباء و ضميمة تفسير النّبى ص فتدبّر و بما قررنا ظهر ان تشنيع المحقق البهائى رحمه الله في حواشى زبدة الاصول على العلّامة رحمه الله بانه رجّح في التهذيب عدم مجي ء الباء للتبعيض محتجا بانكار سيبويه مجيئها له و لم يلتفت الى ما نطق به كلام الامام عليه السلام في تلك الرواية الصحيحة المشهورة التى رواها مشايخنا الثلاثة في اصولهم الثلاثة المعروفة اعنى في و الفقيه و التهذيب فان كان قدّس اللّه روحه لم يطّلع عليها فعجيب و ان اطّلع و مع ذلك رجح كلامه سيبويه عليها فاعجب انتهى ليس بشي ء اذ ربما تفطن العلّامة بامكان توجيه الحديث بما ذكرنا من الوجهين من دون حمل الباء على التبعيض و جعل التبعيض من معانيها الحقيقية نعم ما رجحه في التهذيب مخالف لما حكم به في هى من ان الباء للتّبعيض و الامر فيه هيّن اذ اختلافهم في الرّأي في الكتابين بل في موضعين من كتاب واحد ليس بعزيز ثمّ بعد تاويل اخبار الوجه القول بوجوب مسح الجبهة و الجبينين جمعا بين الاخبار و عملا بما نقل من الاتفاق على وجوب مسح الجبهة و امّا الحاجبين فليس فيهما عين و لا اثر في الآثار فحكمها ما ذكره الشارح و لا باس بمسحهما كما ذكره في الذكرى بل هو احوط خروجا

من خلاف من اوجبه خصوصا مع ما اشرنا اليه من اشعار عبارة الشيخ بالاتفاق عليه و اللّه تعالى يعلم و بما قررنا ظهر وجه تقييد بعضهم كما هنا طرف الانف بالاعلى و ان مراد من اطلقه أيضا و هم الاكثرون ذلك ان لم يوجد التحديد به في الاخبار حتى يحتمل الطّرف الآخر أيضا بل بناؤه على وجوب مسح الجبهة فانه حدّ لها و ظاهر ان حدّ الجبهة هو الطرف الا على لا الاسفل و لم يرد نصّ في خصوص الأنف و روايات الوجه تشمله و غيره فلا وجه لتخصيص الانف من جملتها و منه يظهر انّ ما ذكره المصنف في الالفيّة من انّه الى الطّرف الاسفل اولى فيه ما فيه و في السّرائر بعد ما ذكر انه يمسح بها وجهه من قصاص شعر رأسه الى طرف انفه الذى يرغم به في سجوده قال و قد اشتبه على كثير من المتفقّهة الطّرف المذكور فيظن انه الطّرف الذى هو المارن لإطلاق القول في الكتب فلعلّ نظر المصنف الى الخروج من قولهم و فيه ما فيه فتأمّل

قوله ظهر يده اليمنى ببطن اليسرى

كون الممسوح انما هو ظهر الكفين هو المشهور بين الاصحاب بل كانه لا خلاف فيه بين القائلين بالمسح من الزائد و يشهد له من الرّوايات حسنة الكاهلى المتقدمة و امّا كون المسح ببطن الكفّين فهو المعروف بينهم مع الاختيار قال في الذكرى نعم لو تعذر المسح بالبطن العارض من نجاسة او غيرها فالأقرب الاجتراء بالظّهر في المسحين لصدق المسح و في المدارك حكم في صورة التعذر باجزاء المسح بالظهر مع احتمال وجوب التولية و قد سبق منافى بحث الضرب بالظّهر مع التعذر كلام في هذا المقام فتذكّر

قوله من الزّند بفتح الزاى الى آخره

هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن علىّ بن بابويه انه قال امسح يديك من المرفقين الى الاصابع و نقل في السّرائر عن قوم من اصحابنا ان المسح على اليدين من اصول الأصابع الى رءوسها و قال الصدوق في الفقيه فاذا تيمّم الرّجل للوضوء ضرب يديه على الارض مرّة واحدة ثمّ نفضهما و مسح بها جبينيه و حاجبيه و مسح على ظهر كفيه و اذا كان التيمم للجنابة ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ثمّ نقضهما و مسح بها جبينيه و حاجبيه ثمّ ضرب يديه على الارض مرة اخرى و مسح على ظهر يديه فوق الكفّ قليلا و يبدأ بمسح اليمنى قبل اليسرى و في المقنع ذكر انه تدلك احدى يديك بالأخرى فوق الكفّ قليلا من غير تفصيل و فرق بين بدل الوضوء او الغسل ثمّ نسب المسح من المرفق الى اطراف الاصابع الى رواية و الاظهر ما هو المشهور للرّوايات الدالة عليه كصحيحتى زرارة و موثقته و حسنة ابن بكير عنه و حسنة عمرو بن ابى المقدام و حسنة الكاهلى و صحيحة اسماعيل بن همّام المتقدمة و استدل أيضا في المدارك بالآية الكريمة فان الباء للتبعيض كما سبق و بان اليد هى الكفّ الى الرسغ و ما ذلك اى الزّند يدل عليه قوله تعالى وَ السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا و الاجماع منّا و من العامة منعقد على انها لا تقطع من فوق الرسغ و ما ذلك الا لعدم تناول اليد له حقيقة و فيهما تامّل امّا في الاول فلان كون الباء للتبعيض لا يدل الا على نفى وجوب المسح الى المنكب قاله الزهرى من العامة لصدق البعضيّة على تقدير وجوب المسح الى المرفق أيضا و كذا الى اصول الاصابع بل يمكن ان يجعل هذا حجّة

ص: 153

للقول الاخير اذ مقتضى الآية الكريمة اجزاء المسح بالبعض مطلقا لكن دلّ الاجماع على وجوبه الى اصول الاصابع و لا اجماع في الزائد فظاهر الآية عدم وجوبه و يعضده الاصل أيضا و أيضا يمكن ان يكون التبعيض باعتبار عدم وجوب مسح الباطن الا ان يكون مذهب ابن بابويه وجوب المسح الى المرفق ظاهر او باطنا كما هو مذهب ابى حنيفة و الشافعى و يكون الغرض الرّد عليه فلا يمكن له القول بكون التبعيض بذلك الاعتبار و امّا الثانى فلان عدم تناول اليد لما فوق الرسغ حقيقة على تقدير تسليمه لا ينفى الا على مذهب علىّ بن بابويه و لا يثبت خصوص القول المشهور لمكان القول الآخر و هو المسح الى اصول الاصابع الا ان يدعى ظهور نفى كونها حقيقة فيما دونه و ان الاشتباه انما هو فيما فوقه فلذلك تصدّى لنفيه قال في القاموس اليد الكفّ او من اطراف الاصابع الى الكتف ثمّ لا يخفى ما في الدليلين من التّنافر فانه اذا كانت اليد حقيقة الى الزّند فلا وجه للباء التبعيضية مع وجوب المسح الى الزند عندهم فالتمسّك بهما انما يناسب القول بوجوب المسح الى اصول الاصابع لا القول المشهور فتدبّر احتج لابن بابويه بقوله تعالى وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ فاحال بالايدى على ما ذكره في الغسل اذ الكلام في الجملة الواحدة فيجب التناسب فيها و لانه لما بين في الاول لم يحتج في الثانى الى بيان و فيه منع الاحالة على اليد السّابقة فان تقيّد المعطوف عليه لا يوجب تقييد المعطوف اجماعا هذا مع وجوب تقدير الباء هنا و لم يوجد هناك و قد عرفت انه دليل المخالفة بين الحكمين و انه يجب الاستيعاب هناك الى المرفقين بخلافه هاهنا و احتج أيضا بما تقدم من موثقة سماعة و رواية ليث المرادى و صحيحة محمّد بن مسلم و فيه مع عدم صحة الاوليين و اضمار انه الاول يمكن حملها على التقية لموافقتها لمذهب الحنيفيّة و لما هو المعمول عند الشافعيّة و ذهب اليه جماعة اخرى من العامة كابن عمرو الحسن و الثورى و يمكن أيضا حملها على الاستحباب جمعا بين الاخبار قال المحقق في المعتبر الحق عندى ان مسح ظاهر الكفين لازم و لو مسح الذراعين جاز أيضا عملا بالاخبار كلها لكن الكفّان على الوجوب و ما زاد على الجواز لانه اخذ بالمتيقن اى الاخذ على هذا الوجه اخذ بالمتيقن حصول البراءة منه او القول بوجوب مسح الكفين فقط و حمل ما زاد على الجواز اخذ بالمتيقن وجوبه و حمل الشيخ هذه الاخبار على ان المراد بالمسح الى المرفق الحكم لا الفعل لانه اذا مسح ظاهر الكفّ فكانه غسل ذراعيه في الوضوء فيحصل له بمسح الكفين في التيمم حكم غسل الذراعين في الوضوء و لا يخفى بعده جدّا و اورد عليه أيضا في المدارك بانه لا يجرى في صحيحة محمد بن مسلم و نحوها مما كان فيه التيمم بدلا من الغسل كما لا يخفى و فيه ان عدم الاجزاء ممنوع نعم يصير الحكم فيه ابعد فتأمل و امّا ما نقل في السّرائر عن قوم من اصحابنا فيمكن الاحتجاج له بحسنته حماد بن عيسى بإبراهيم عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه ع انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية و السّارق و السّارقة فاقطعوا ايديهما و قال اغسلوا وجوهكم و ايديكم الى المرافق و قال و امسح على كفيّك من حيث موضع القطع و قال و ما كان ربّك نسيّا قال ظاهرها ان المراد من اليد حيثما اطلق بدون تحديد يجب ان تكون هى الى حدّ واحد اذ لا يصح ثانيا ارادة تحديد مخالف للاول بدون قرينة تدل على ذلك اللّهمّ الّا لمن نسى الاطلاق الاول و ما كان ربّك نسيّا فيجب المسح من موضع القطع و القطع عند اصحابنا من اصول الاصابع فيجب المسح أيضا منها لكن لا يخفى انها لعدم صحتها و ارسالها لا تعارض الرّوايات الاوّلة و يمكن بعيدا حملها على ان ذكر الآيتين لمجرد ان لليد اطلاقات مختلفة و قوله عليه السلام و امسح على كفيّك من حيث موضع القطع اى موضع القطع عند العامة او كان ذلك تقية منه عليه السلام في موضع القطع و قوله ص و ما كان ربّك نسيّا اى لم ينس بيان احكامه و لم يدعها مبهمة بل بيّنها لرسوله ص و هو بيّنها لأهل الذكر عليه السلام فيجب الاخذ منهم و اما حملها على انه الرامى على العامة و موضع القطع عندهم الزّند على ما قبل فلا يظهر وجه لصحة الالزام فانه ان كان بناءه على انهم يجعلون اليد عند الاطلاق ظاهرة فيها الى الزند و لذا قالوا بقطعها منه فيجب

مسحها أيضا منه فليس كذلك فان المعروف بينهم على ما في كتب الاصول ان اليد عند الاطلاق ظاهرة فيها الى المنكب فتحديد القطع من الزند ليس بناء على ما ذكر من الظهور و لو سلم فانّهم تمسّكوا في تحديدها في المسح من المرافق الى نصوصهم و لا صيرفى العدول عن الظاهر بالنصّ و ان كان بناءه على انهم اذا حملوها عند الاطلاق في القطع عليها الى الزند فكيفما كان يجب حملها في المسح أيضا على ذلك ففيه منع ذلك اذا كان مستندهم النص و الّا فيرد ذلك علينا أيضا فانا حملناها في آية القطع عليها الى اصول الاصابع و في المسح عليها الى الزند فتأمّل و ما يمكن ان يحتج به على ما نقلنا عن الصدوق صحيحتا داود بن النعمان و ابى ايّوب الخزّاز المتقدمتان و ما فيهما من مسح اليدين فوق الكف قليلا و كانّه لما كان الظاهر منهما ان التيمم بيان لبدل الغسل اقتصر في الفقيه في الحكم عليه حمل و الرّوايات الاخرى التى اقتصر فيها على مسح ظهر الكف على غيره و في المقنع عمل بهما من غير تفصيل و فيه ان مسحه عليه السلام فوق الكف قليلا يمكن ان يكون من باب المقدمة و لذا لم يتعرض له في الرّوايات الاخرى فالحكم بوجوب ذلك اصالة بمجرد هاتين الروايتين لا يخلو عن اشكال و اجاب العلامة في المختلف بانه يحتمل ان يكون الراوى رأى الامام عليه السلام ما سحا من اصل الكفّ فتوهم المسح من بعض الذّراع و يحتمل ان يكون قوله فمسح وجهه و يديه فوق الكف اشارة الى انّ المسح على الكفّين و قوله قليلا يشير الى انه لا يجب ايصال الغبار الى جمع العضو و ان وجب استيعابه و لا يخفى بعد الوجهين فتدبّر

قوله ثمّ مسح ظهر اليسرى

وجوب الترتيب على ما ذكره من الابتداء بالضرب ثمّ مسح وجهه ثمّ يده اليمنى ثمّ اليسرى كانه مجمع عليه بين الاصحاب على ما نقله في الذكرى و هى و يدل ايضا تقديم الضرب كثير من الرّوايات المتقدمة و على تقديم الوجه صحيحة ابى ايّوب و حسنة الكاهلى منها و على تقديم اليمنى صحيحة محمّد بن مسلم فلاحظها

قوله مبتدئا بالزند

فلو نكس بطل كما قلنا في الوجه كذا في الذكرى و الكلام فيه أيضا كما قلنا في الوجه فتذكر

قوله و يتيمّم غير الجنب ممّن عليه حدث الخ

قال في الذكرى ظاهر الاصحاب ان الاغسال سواء في كيفية التيمم قال في المقنعة و كذلك تضع الحائض و النّفساء و المستحاضة بدلا من الغسل و ابو روز بصير قال سألته عن تيمم الجنب و الحائض سواء اذا لم يجد امّا قال نعم و عن عمار بن موسى عن الصّادق عليه السلام مثله و خرج بعض الاصحاب وجوب تيممين على غير الجنب بناء على وجوب الوضوء هنا لك و لا باس به و الخبر ان غير مانعين عنه لجواز التسوية في الكيفية لا في الكميّة انتهى و قد فصّل المحقق في المعتبر فقال من وجب عليه الوضوء و الغسل لا يجزيه واحد ان شرطنا الضّربتين في الغسل و ان اجتزأنا بالضّربة ففيه تردّد و وجه الاجتزاء ان الغسل كالوضوء في صورة التيمم كما لو بال و تغوط فانه يجتزى بالمرة و وجه الافتقار الى التيمّمين اختلاف النّية فان الاوّل يفتقر الى نيّة انّه بدل عن من الوضوء و الآخر انه بدل عن الغسل و لا يجتمع

ص: 154

النّيّتان انتهى و لا يخفى ان الحكم بعدم الاجزاء على تقدير اشتراط الضرّ تبين محلّ مناقشة اذ لو اتى بتيمّم بضربتين فلا يبعد اجزائه عن الغسل و الوضوء جميعا امّا عن الغسل فظاهر و اما عن الوضوء فلاشتماله على ما هو بدل منه و اشتماله على مزية زائدة لا يصلح مانعا الا ان يثبت ذلك بدليل كان يثبت خروجه بها عن الموالاة المعتبرة فيه شرعا و اثبات ذلك دونه خرط القتاد و اما على القول بالاجتزاء بضربة واحدة في الجميع كما هو الاظهر على ما سبق فالظاهر ما ذكره اوّلا و امّا ما ذكره في وجه عدم الاجتزاء من اختلاف النّية ففيه انه لا دليل على اشتراط قصد البدلية و على تقدير تسليمه فلم لا يجوز قصد البدلية عنهما و اى دليل على ما ذكره من عدم اجتماع النّيتين و بالجملة فالظاهر في الاعتبار اجزاء تيمّم واحد في الجميع و يؤيّده أيضا ما اشير اليه من الروايتين الموثقتين و ان اضمرت الاولى هذا كلّه مع ان الظاهر على ما سبق هو القول بعدم احتياج شي ء من الاغسال الى الوضوء كما ذهب اليه المرتضى و معه يسقط هذا الفرع رأسا لكن لا باس بالاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله ممّن عليه حدث يوجب الغسل الى آخره

لما صدق غير الجنب على المحدث بالحدث الاصغر فقط مع عدم وجوب التيمّمين عليه فقيّده الشارح بقوله ممّن عليه حدث يوجب الغسل مع قدرته على الغسل فقط او الوضوء فقط مع عدم وجوب التيمّمين على شي ء منهما كما سيشير اليه الشارح رحمه الله فقيده لدفع ذلك بقوله عند تعذر استعمال الماء مطلقا اى في كل من الغسل و الوضوء

قوله مع انه يصدق عليه

الى على كلّ منهما انه محدث غير جنب و لا ينفع أيضا ما ذكره الشارح من التقيّد الاوّل الذى ربما يستفاد من سياق كلام المصنف أيضا لصدق ذلك أيضا عليه كما اشرنا اليه فلا بد في اخراجه من قيد آخر كما فعله الشارح من التقييد بتعذر استعمال الماء مطلقا اى في كل من الوضوء و الغسل كما اشرنا اليه فتأمل

قوله و يجب في النّية قصد البدليّة

الظاهر من كلام بعضهم كالشيخ في الخلاف القول به مطلقا و جعل بعضهم كالمص في الذكرى بناء على هذا على اختلاف الهيئة في التيمّمين باعتبار الضّربة و الضّربتين فعلى القول بالضربة او الضربتين فيهما لا حاجة الى هذا القصد و منهم من نفى اعتباره مطلقا اما القول الاول فلا يظهر له وجه اصلا و اما الثانى فيستدل عليه بان مع اختلاف التيمّمين في الحقيقة لا بدّ من تمييزهما بالنّية و هذا انّما يتم فيما لو اجتمع عليه القسمان امّا من عليه احدهما خاصّة فلا نسلّم وجوب التمييز عليه لم يكفّ التمييز في الجميع المواقع و لو سلم وجوب التمييز بمجرد الاشتراك في المفهوم فنقول التمييز فيما نحن فيه لا يتوقف على قصد البدلية بل ربما يمكن بوجه آخر أيضا و هذا يتأتّى في صورة اجتماع التيمّمين أيضا و بالجملة فالقول باعتبار قصد آخر زائدا على ما يتوقف عليه التمييز مما لا وجه له و منه يظهر قوة القول النافى مطلقا و اعلم ان الشيخ في الخلاف ذكر انه اذا تيمّم الجنب بنيّة انه اذا تيمّم من الطهارة الصّغرى و كان قد نسى الجنابة قال الشافعى يجوز له الدخول به في الصّلاة و هذه المسألة لا نصّ لأصحابنا فيها على التعيين و الذى يقتضيه المذهب انه لا يجوز له ان يدخل به في الصّلاة لان التيمم لا يحتاج الى نية تيمّم انّه بدل من الوضوء او بدل من الجنابة و اذا لم يتو ذلك لم يصلح التيمّم و ينبغى ان يعيد التيمّم و أيضا فان كيفيّة التيمّم يختلف على ما قدّمناه من الضّربة و الضربتين و أيضا طريقة الاحتياط و يقتضى اعادة التيمّم لانه يصير داخلا في صلاته بيقين و ان قلنا انه متى نوى تيمّمه استباحة الصلاة عن حدث جاز له الدخول في الصّلاة كان قويّا و الاول الاحوط انتهى و انت خبير بانه على ما قررنا من عدم وجوب قصد البدليّة يندفع ما ذكره الشيخ من التعليل الاوّل لعدم الجواز و اما الثانى فانما يتمّ لو لم يتذكر الا بعد تمام التيمم و اما لو فرض انه ذكر الجنابة بعد النّية و اتى بالضربة الثانية قبل فوات محلّها فلا منع من صحة هذا التيمّم باعتبار الوجه الثانى أيضا لكن يبقى انه في الفرض الذى ذكره ليس مجرد عدم قصد البدليّة بل قصد غير ما عليه فلا يصح من هذه الجهة و فيه انه اذا قصد التيمم الواجب عليه و كان الواجب عليه بدل الغسل يقع له ذلك و لا يضرّ قصده بدلية الطهارة الصغرى بل يقع هذا القصد منه لغوا كما قيل بصحة الوضوء بنيّة القربة بدون التعرض للوجوب و الندب او قصد خلاف الواقع منهما نعم الاعادة احوط كما ذكره الشيخ و اللّه تعالى يعلم

قوله ان كان التيمّم بدلا عن احدهما

و القرينة على التخصيص ما ذكره اوّلا من اشتراط عدم الماء لانه انما يستقيم فيه كما اشار اليه سابقا فتذكر

قوله على القول باختصاص التيمم بذلك

قلت اى وجوب خصوص التيمّم لذلك و عدم مشروعية الغسل كما هو المشهور و امّا على القول الآخر و هو مشروعية الغسل اذا ساوى زمانه زمان التيمّم و لم يستلزم تبخيل تنجس المسجد فلو قيل بالتخيير بين التيمّم و الغسل حينئذ فيشكل قصد البدليّة فيه أيضا كما في نظرية اما لو قيل بتقديم الغسل عليه و ان الانتقال الى التيمم انما هو مع فقد احد الشرطين كما اختاره المصنف في الدروس و الشارح في شرح الارشاد فيتجه قصد البدلية و على هذا فجعل الشارح ما ذكره مبنيّا على القول بالاختصاص بناء على ظهور الحكم فيه دون القول الآخر لما فيه من الاحتمالين على ان الشارح ربما لم يحتمل الاحتمال الاول فانه لم يتعرض له في شرح الارشاد اصلا فيكون الامر عنده مردّدا بين القول بالاختصاص مطلقا او تقديم الغسل عليه بشرطيه نعم عبارة الذكرى لا يخلو عن اشعار بما ذكرنا من الاحتمالين و لعل الشارح لم يرتض الاوّل منهما و على هذا فوجه التخصيص بالقول بالاختصاص ظاهر و قد جعل سلطان العلماء رحمه الله ذلك اشارة الى احد المسجدين و حينئذ يكون المعنى ان ما ذكرنا من احد المسجدين انما هو بناء على القول باختصاص التيمم باحدهما و امّا على القول الآخر و هو عموم الحكم في كلّ المساجد فيه هاهنا ايضا و على هذا جعل بناء كلام الشارح على القول الأوّل من القولين الذى نقلنا او الاحتمال الاول للقول الآخر لو تفطن له و لعلّ من له دوبة باستألك الكلام يشهد بانّ مراد الشارح هو ما ذكرنا فتأمل

قوله مع احتمال بقاء العموم بجعله فيها بدلا

اختيارا قلت هذا كما ترى فانّه على القول باختصاص التيمّم بذلك لا يجوز الغسل اصلا فلا يمكن قصد البدلية الاختيارية الا ان يقال المراد بالبدل الاختيارى فيه هو ان الواجب الاصيل عليه هو الغسل الا انه مع اختياره و القدرة عليه اوجب عليه بدله و هو التيمّم لضرورة شرعية لا انه بدل اختياريّ بمعنى انه يجوز له اختيار كل منهما كما في الصّورتين الاوليين و فيه تكلف و لو جعل بدلا اضطراريّا بناء على الضرورة الشرعية لكان اظهر و كيفما كان فالحكم بوجوب قصد البدليّة فيه كانه ممّا لا وجه له اصلا بل الحكم بوجوب قصد البدلية في غيره أيضا محل كلام و لو حمل الكلام على الوجه الذى حمله سلطان العلماء رحمه الله يمكن جعل بناء كلامه على القول بالتخيّر بين التيمم و الغسل كما هو احد الاحتمالين على ما ذكرنا و حينئذ لا اشكال عليه لكن فيه بعد كما لا يخفى ان ما ذكرنا من عدم وجه لوجوب قصد البدلية فيه انما هو على القول بوجوب قصدها مطلقا اذ لا دليل لهذا القول فيما هو بدل حقيقة كما اشرنا اليه فكيف بمثل هذا البدل الذى بدليته بمجرّد

ص: 155

اصطلاح منّا و امّا على القول بان وجوب قصد البدلية بناء على اختلاف الهيئة في التيمّمين فالقصد المذكور انما هو بتميز بما يقصده كما نقلنا عن الذكرى فيمكن ان يقال ان وجوب قصد البدلية هاهنا أيضا انما هو للتميّز المذكور و ليذكر ان التيمم الذى يقصده فيه هو ما ضربتان فان الحدث الذى عليه موجب للغسل لكن لتعذّره في المسجد شرعا انتقل الى التيمّم فالتيمّم الذى عليه هو ما كان بدلا للغسل و فيه ضربتان لكن لا يخفى ان وجوب الضربتين في بدل الغسل لو ثبت فشموله لمثل هذا البدن محلّ تامّل فتأمل

قوله و يجب فيه نيّة الاستباحة

و لا يجوز نية رفع الحدث لانه غير رافع باجماع علمائنا و متى لم يرفع لم تصح نيّته شرعا كذا ذكره العلّامة رحمه الله في المنتهى و غيره و اراد و ابا لحدث ما ذكرنا سابقا من الحالة المانعة عن الدخول في الصلاة الا لضرورة او رخصة و ظاهر ان هذه الحالة لا ترفع بالتيمم او ارادوا برفع الحدث رفعه بالكليّة بحيث يتاتّى له الدخول في الصّلاة مثلا بعده الى ان يتجدد له حدث آخر و ظاهر ان التيمم لا يرفع الحدث بهذا المعنى اذ لا يجوز له الدخول في الصّلاة عند التمكن من الماء و ما ذلك الا باعتبار الحدث السابق و الا فالتمكن من الماء ليس بحدث اجماعا على ما نقله في المعتبر و لانه لو كان حدثا لزم استواء المتيمّمين عند وجود الماء في موجبه من الوضوء او الغسل و ليس كذلك بوجوب الغسل عنده على المجنب و الوضوء على الحدث بالحدث الاصغر و تامّل فيه و جوّز المصنف رحمه الله في قواعده نيّة الرفع فيه الى غاية معينة امّا الحدث او وجود الماء و هو رحمه الله اراد بالحدث الحالة المانعة في الحال او اراد برفعه رفعه في الجملة و على هذا فلا منافاة بين الكلامين اذ ظاهر ان الاجماع انما هو على ان التيمم لا يرفع الحدث بالكليّة بحيث لا يحتاج الى الطهارة بعد وجود الماء أيضا لا انه لا يرفعه اصلا بل رفعه الى غاية على ما ذكرنا ليس الاستباحة التى ذكروها و جوّز و اقصدها و ذكر في الذكرى انه لو نوى رفع المانع من الصّلاة صحّ و كان في معنى الاستباحة و ينبغى حمله أيضا على وفق ما ذكرنا اى رفع الحالة المانعة من الدخول في الصّلاة في الحال و ان بقيت حالة اخرى منعت منه عند التمكن من الماء و لك ان تحمل رفع المانع على رفع المنع فلا حاجة الى اعتبار تعدد الحالة و جوّز في الدروس ان ينوى رفع الحدث الماضى كما جوّز ذلك في دائم الحدث و قد وجهنا كلامه سابقا في دائم الحدث و امّا هنا فلا ادرى له وجها فتبصّر

قوله و ظاهر الاصحاب الاتفاق على وجوبها

العلّامة رحمه الله في المنتهى نسب القول بوجوب الموالاة الى علمائنا و استدلّ عليه بقوله تعالى فَتَيَمَّمُوا* اوجب علينا التيمم عقيب ارادة القيام الى الصّلاة بلا فصل بدلالة الفاء الموضوعة للتعقيب بلا مهلة و لا يتحقق التيمّم الا بمجموع اجزائه فيجب فعلها عقيب الارادة بقدر الامكان بان يأتى باحدها ثمّ يعقبه بالباقى من غير فصل و اورد عليه في المدارك بان من المعلوم ان المراد بالتيمم هنا المعنى اللغوى و هو القصد لا التيمم بالمعنى الشرعى و يمكن رفعه بان المراد بالتيمّم فيها و ان كان هو القصد لكن الظاهر ان المراد بقصد الصّعيد فيها اما التيمم الشرعى بجميع اجزائه و يكون ما بعده تفضيلا له في الجملة او قصده بالضرب او الوضع عليه و على الاوّل فالامر كما ذكره العلّامة و على الثانى فيجب الاتيان بمسح الوجه بعد الضرب او الوضع بلا مهلة بدلالة الفاء الثانية و كذا بمسح الايدي بحكم العطف على انه اذا ثبت الموالاة في الاولين يثبت في الباقى بعدم القول بالفصل فتأمل و استدل عليه أيضا في الذكرى بان التيمم البيانى عن النّبى و اهل بيته عليهم السلام توبع فيه فيجب للتاسّى و هذا نظير ما نقلنا عنه في بحث مسح الجبهة من الاستدلال على وجوب الابتداء بالاعلى و فيه ما فيه فتذكر قوله او يأثم خاصة وجهان البطلان وفاء لحق الواجب و الصحة و ان اثم لصدق التيمم مع عدمها كذا في الذكرى و شرح د و في شرح الارشاد حكم بضعف الثانى و هو كما ترى بل الظاهر ضعف الاوّل اذ وجوب شي ء في عبادة لا يدل على البطلان مع الاخلال به الا ان يثبت كونه من اجزاء تلك العبادة او هيئاتها التى لا تطلب بدونها و لم يثبت ذلك فيما نحن فيه فالاصل الصّحة و ان اثم بمقتضى الوجوب فتدبّر

قوله و على القول بمراعات الضيق فيه مطلقا

اى مع امكان زوال العذر و بدونه تظهر قوة الاوّل جعل العلّامة في المنتهى وجوب الموالاة على هذا القول طاهر او زاد الشارح عليه فحكم بانه قوة البطلان مع الاخلال بها و فيهما تامّل امّا في الاوّل فلان وجوب رعاية ضيق الوقت لا يستلزم وجوب الموالاة البتّة لانّهم ارادوا بها كما سيذكره الشارح وجوب تاخيره الى ان يبقى مقدار فعله مع باقى الشرائط المفقودة و الصّلاة تامّة الافعال علما او ظنّا و على هذا فلا يجب تاخيره عن باقى الشرائط و حينئذ فيجوز ان يشتغل بين اجزاء التيمّم ببعض الشرائط المفقودة فلا تحصل الموالاة مع عدم الاخلال برعاية ضيق الوقت و أيضا يمكن ان يظن اوّلا ضيق الوقت و يظهر بعد الشروع في التيمّم سعة و على هذا فيمكن له الاخلال بالموالاة بتاخير باقى التيمم الا ان يتضيّق الوقت فوجوب رعاية ضيق الوقت لا يدل على وجوب الموالاة كليّا و أيضا الظاهر انّ المعتبر ضيق الوقت بالنّسبة الى ما يريده من كيفية المشروطة طولا و قصرا و لا يجب رعاية ضيق الوقت بحيث لا يبقى الا ما يسع اقل الواجب و على هذا فيمكن ان يشرع في التيمّم لضيق الوقت بالنسبة الى ما اراده من طول الصّلاة مثلا ثمّ يبدو له فيه و يسخ له القصر فيمكن له حينئذ الاخلال بالموالاة مع رعاية ضيق الوقت فافهم و امّا الثانى فلان بناءه على استلزام رعاية الموالاة فاذا وجب الاوّل و لم يصح التيمّم بدونها كما هو صريح كلام القائلين بوجوب رعاية الضيق فلم يصح مع الاخلال بالثانى بحكم الاستلزام بينهما و يرد عليه منع الاستلزام كما ظهر مما ذكرنا من الوجوه و لو سلم فرعاية الضيق انما يستلزم رعاية الموالاة اذا روعى عدم خروج وقت فقد المشروط لا مطلقا و هو ظاهر و حينئذ فاذا شرع في التيمم مع الضيق في ترك الموالاة امّا سهوا او عمدا و ان اثم في الاخير فقد حصل رعاية الضيق بدون الموالاة فلا دليل على كون الاخلال بالموالاة على هذا الوجه مبطلا للتيمّم فتفطّن

قوله و يستحب نقض اليدين

جعله في المنتهى مذهب علمائنا و نسب خلافه الى الجمهور و هو ظاهر في عدم خلاف فيه بين الاصحاب و يدل عليه من الروايات المتقدمة في كيفية التيمّم موثقة زرارة بابن بكير و حسنة ابن بكير عن زرارة و حسنة عمرو بن ابى المقدام و رواية زرارة و رواية ليث المرادى و صحيحة زرارة ثمّ استحباب النقض في الضربة الاولى لا غبار عليه و امّا في الضربة الثانية أيضا على القول بها فمستنده من الرّوايات هو رواية ليث و صحيحه زرارة و في دلالتهما على ما فهموه خفاء كما اشرنا اليه هناك فتذكّر

قوله بنفخ ما عليهما من اثر الصعيد

قال في القاموس نفض الثوب حرّكه لينتفض و على هذا فلما كان الوارد في الاخبار و عبادات الاصحاب بلفظ النفض فالظاهر اعتبار تحريك اليد و عدم الاكتفاء بنفخ ما عليهما من الصّعيد و ان كان ظاهر الحال ان الفرض من النفض ازالة تلك الآثار و التخفيف فيها لئلّا يوجب تشويه الخلقة على ما اشار اليه المصنف في الذكرى و ربما يحصل ذلك بما ذكره من النفخ أيضا اذ لا عبرة بتلك

ص: 156

الاعتبارات المستنبطة فالأولى الوقوف على ظاهر النصّ فتأمل

قوله او مسحهما

في خصوص المستحبّ بالمسح بدون التّحريك تامّل كما اشرنا اليه في النفخ و مع أيضا لا يخلو عن شي ء اذ ربما كان المستحبّ هو النفض الذى ظاهره التحريك الذى يزول معه غالبا بعض آثار الصّعيد و يبقى بعض لا المسح الذى يزول معه اثره بالاسر او جلّه و استحب الشيخ مسح احدى اليدين بالاخرى بعد النفض و لا يظهر مستنده

قوله او ضرب احدهما بالاخرى

هذا و ان كان ضربا من النقص لكن اظهر افراده هو التحريك المجرّد فلا وجه للاضراب عنه و ايهام حصره في احد هذه الوجوه فتبصّر و عدّ في الذكرى من مستحبّات التيمّم تفريج الاصابع عند الضرب و قال نصّ عليه الاصحاب ليتمكن اليد من الصّعيد و لا يستحبّ تخليلها في المسح للاصل انتهى

قوله مع باقى شرائط الصّلاة المفقودة

ظاهره تجويز تقديم التيمّم على باقى الشرائط المفقودة كتطهير الثوب اذا كان نجسا و تحصيل مكان مباح و نحوهما و لم أر في كلام القائلين بالتضيق تصريحا بذلك و لا اشعار عليه بل حيث قالوا لا يجوز التيمّم الا في آخر وقت الصّلاة و عند تضيّقها و غلبة الظنّ بفواتها فالظاهر منه وجوب تقديم باقى الشرائط المفقودة عليه مع الامكان و اللّه تعالى يعلم

قوله و لا يؤثّر فيه ظهور الخلاف

فمتى ظنّ الضّيق و تيمّم و صلّى ثمّ ظهر الخلاف فلا اعادة لتحقق الامتثال و نقل في المعتبر ان ظاهر كلام الشيخ في كتبه الاخبارية وجوب الاعادة و لم اقف في كلام الشيخ على ما يكون صريحا او ظاهرا فيما ذكره نعم ربما امكن استنباطه من بعض تاويلاته كما سنشير اليه عن قريب و لو ظهر الخلاف قبل الصّلاة فالظاهر أيضا عدم وجوب الاعادة لما ذكرنا و على قول الشيخ فالاعادة فيه اظهر فتدبّر

قوله و الا استحبابا

كون هذا أيضا اشهر الاقوال بين المتاخرين غير ظاهر بل الاشهر عندهم الجمع بين الاخبار بحمل الدالة على المضايقة على صورة الطمع و الرجاء و الدالة على عدمها على غيرها و استحباب التأخير مع عدمه لا دخل له في الجمع و لم يتعرض له اكثرهم فربما كان مذهب بعضهم و إلا فنقل عن ابن الجنيد انه قال ان وقع اليقين بفوت الماء في آخر الوقت او غلب الظن فالتيمم في اوّل الوقت واجب اليّ و استجوده المحقق في المعتبر و العلّامة في اكثر كتبه نعم القول بالاستحباب وجه آخر للجمع بين الاخبار ذهب اليه القائلون بالتوسعة مط

قوله و الثانى و هو الذى اختاره المصنف

هذا مذهب الاكثر ذهب اليه الشيخ رحمه الله في كتبه و السيّد المرتضى و ابو الصّلاح و سلّار و بان حمزة و ابن ادريس و ابن البراج و جماعة ممّن تبعهم و هو ظاهر كلام المفيد في المقنعة و ادعى عليه المرتضى الاجماع في الانتصار و النّاصرية و امّا دعوى الاجماع عليه من الشيخ فلم او في كتبه المعروفة و هى المبسوط و في و ية و الاقتصار و الجمل و كتابا الحديث و هو مع انه في ف يتمسّك بالاجماع في اكثر المسائل لم يتعرّض له هاهنا فيبعد دعواه في موضع آخر و لم أر ايضا نسبة هذه الدعوى الى الشيخ في كلام غير الشهيد رحمه الله الا في ظاهر المختلف حيث قال احتج الشيخ و السيّد بالاجماع بعموم الاخبار و يمكن حمله على ان الاحتجاج بهما منهما و ان كان احتجاج كل منهما بواحد منهما لكن كلام الشارح هاهنا صريح في نسبة هذه الدعوى الى الشيخ أيضا و كذا في شرح الارشاد و اضاف فيه ان الاجماع المنقول بخبر الواحد مقبول فضلا عن نقل هذين الامامين و العجب منه رحمه الله انه مع قوله هذا كيف طرح في رسالة الجمعة الاجماع الذى نقله هذان الامامان مع جمّ غفير من اعاظم الاصحاب على نفى الوجوب العيني و ارض الغيبة قال ما قال مع شهرة نقل الخلاف في هذه المسألة في كتب الاصحاب بخلاف مسئلة الجمعة فانه ليس من القول بالوجوب العيني زمن الغيبة اثر اصلا الى زمان تاليف تلك الرّسالة و اللّه تعالى يعلم و قد ادّعى الإجماع هاهنا ابن ادريس أيضا في السّرائر فانّه قال التيمم عند جميع اصحابنا الا من شذّ ممن لا يعتقد بقوله لانه قد عرف باسمه و نسبه انما يجب في آخر الوقت عند خوف فوات الصّلاة و خروج وقتها و لا يجوز ان يستعمل قبل آخره و تضيّقه على وجه من الوجوه و آخر الوقت من شرطه كما ان عدم الماء بعد طلبه من شرطه انتهى

قوله و هو قول الصدوق رحمه الله

و كذا الجعفى في ظاهر كلامه على ما نقله في الذكرى و قوّاه في المنتهى و استقر به في البيان و اعلم انه شاع بينهم هذا النقل عن الصدوق من غير تعيين كتابه و ليس ذلك في كتابه المشهور الذى هو الفقيه فانّه فيه لم يتعرّض لهذه المسألة اصلا و ان كان ذلك لا يخلو عن دلالة ما على ما نسبوا اليه من التجويز و في المعتبر عيّن كتابه انه المقنع و ما عندنا من نسخته يخالف ما نقله فانّه قال فيه اعلم انه لا يتمّم الرّجل حتى يكون في آخر الوقت فاذا تيمّم أجزأه ان يصلّى بتيمّمه صلوات اللّيل و النهار ما لم يحدث او يصيب ماء

قوله و الاخبار بعضها دالّ على اعتبار الضّيق مطلقا

و هو صحيحة محمد بن مسلم قال سمعته يقول اذا لم تجد ماء و اردت التيمّم فاخّر التيمّم الى آخر الوقت فان فاتك الماء لم تفتك الارض و موثقة عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها فاذا تيمّم الرّجل فليكن ذلك في آخر الوقت فان فانه الماء فلن تفوته الارض و حسنة زرارة بإبراهيم عن احدهما عليه السلام قال اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتمّم و ليصلّ في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل و يؤيده أيضا ما رواه الجمهور عن علىّ عليه السلام في الجنب يتلوّم ما بينه و بين آخر الوقت فان وجد الماء و الّا يتيمّم و التّلوّم الانتظار و المكث و لا يخفى انّ في دلالتها على اعتبار الضيق مطلقا تامّل فان قوله عليه السلام في الرّواية الأولى فان فاتك الماء يشعر برجائه و مثله الرواية الثانية و العامية و كذا قوله عليه السلام في الرّواية الثالثة فليطلب ما دام في الوقت اذ لا معنى للطّلب مع القطع بعدمه لكن روى الشيخ مثل هذه الرّواية بسند آخر عن ابن بكير عن زرارة عن احدهما عليه السلام قال اذا لم يجد المسافر الماء فليمسّك ما دام في الوقت فاذا تخوّف ان يفوته فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل و ليس فيه ما ذكر من الاشعار فظاهره اعتبار الضّيق مطلقا لكن في سنده زائدا على ابن بكير و فطحيّة قاسم بن عروة و لم يوثقوه و ما زادوا فى مدحه على انّ له كتابا هذا مع ان الظاهر اتحاد الرواية فمع الاختلاف فيهما لا يبقى التعويل عليها خصوصا مع كون الطريق الاولى اقوى هذا و امّا الايراد بان هذه الرّوايات لا تدل الا على التأخير في صورة عدم وجدان الماء فلا يثبت بها وجوب رعاية الضيّق مطلقا فيمكن رفعه بعدم القول بالفصل على ان ظاهر موثقة ابن بكير اطلاق الحكم و لا ينافيه قوله فان فاته الماء اذ لا بعد في حمل فوات الماء على عدم التمكن من استعماله فلا يوجب تقييد ما اطلق اوّلا و لا يخفى أيضا انه لا بعد في حمل عدم الوجدان في الروايات الاخرى على عدم التمكّن حتى يثبت به عموم الحكم لكن لا يمكن ذلك في مقام الاستدلال لاحتمال المعنى الآخر فتدبّر و ربما يستدل أيضا للقول بالتضييق برواية زرارة عن احدهما عليه السلام قال قلت رجل دخل الاجمة و ليس فيها ماء و فيها طين ما يصنع قال يتيمّم فانّه الصّعيد قلت فانه راكب و لا يمكنه النزول من خوف و ليس على وضوء قال ان خاف على نفسه من سبع او غيره و خاف فوت الوقت فيتيمّم يضرب بيده على اللّبد و البرزعة و يتيمّم و يصلّى و فيه ان اشتراط خوف الوقت ربما كان لتجويز مثل ما ذكر من التيمم لا مطلقا هذا مع ضعف الرواية باحمد بن هلال فتأمل

قوله و بعضها غير مناف له

اشار به الى ما استدلّوا به من الاخبار للقول بالتوسعة و هى الاخبار المتظافرة

ص: 157

الدّالة على ان المتيمّم اذا صلّى ثمّ وجد الماء في الوقت لا تجب عليه الاعادة كصحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السّلام فان اصاب الماء و قد صلّى بتيمّم و هو في وقت قال تمت صلاته و لا اعادة عليه و موثقة يعقوب بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في رجل تيمّم و صلّى ثمّ اصاب الماء و هو في وقت قال قد مضت صلاته و ليتطهّر و موثقة ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تيمّم و صلّى ثمّ بلغ الماء قبل ان يخرج الوقت فقال ليس عليه اعادة الصّلاة و رواية معاوية بن ميسرة و السّند اليه صحيح لكن لم يوثقوه و ما زادوا فى مدحه على انّ له كتابا قال سألت ابا عبد اللّه عن الرّجل في السفر لا يجد الماء ثمّ صلّى ثمّ اتى الماء و عليه شي ء من الوقت أ يمضى على صلاته ام يتوضّأ و يعيد الصّلاة قال يمضى على صلاته فان ربّ الماء ربّ التراب و رواية علىّ بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له أ تيمّم و اصلّى ثمّ اجد الماء و قد بقي عليّ وقت فقال لا تعد الصّلاة فانّ ربّ الماء هو ربّ الصّعيد وجه الاستدلال ظ و ما ذكره الشارح من عدم منافاتها لاعتبار الضيق مطلقا كانّه امّا لامكان حمل تلك الاخبار على ما اذا ظنّ ضيق الوقت و تيمّم و صلّى ثمّ ظهر فساد ظنّه و اصاب الماء قبل خروج الوقت فلا اعادة عليه حينئذ لتحقق الامتثال لانه مكلّف برعاية الضّيق بحسب ظنّه و قد فعل او حملها على ما اذا تيمّم آخر الوقت ثمّ صلى بتيمّمه الصّلاة الاخرى قبل آخرها بناء على القول بعدم الضيق في التيمم المستدام على ما سيذكره الشارح فاصاب الماء بعد ذلك في الوقت فلا يجب عليه الاعادة لتحقق الامتثال و لا يخفى ان حمل تلك الاخبار كلها على خصوص الفرضين بعيد جدّا و امّا حملها على ما ذكره الشيخ من جعل قوله و هو في وقت متعلّقا بالصّلاة لا باصابة الماء اى انه حين صلى بتيمم هو في الوقت لا انه حين اصاب الماء كان في الوقت لانّه لو كان في وقت اصابته الماء الوقت باقيا لوجب عليه اعادة الصّلاة فهو في غاية البعد بل مما لا يحتمل خصوصا فيما سوى الاولى فيبعد ان يكون نظر الشارح اليه فالظاهر ان يكون نظره الى احد ما ذكرنا من الوجهين و لا يبعد ان يكون ما نقله المحقق منه من وجوب الاعادة مع ظهور خلاف ظنّه كما نقلنا سابقا استنبطه من هنا حيث اطلق وجوب الاعادة على تقدير اصابة الماء في الوقت و أيضا اوّل الرّوايات بهذا الوجه البعيد و لم يتعرّض لتاويلها بالوجه الاول الذى ذكرنا مع انه اظهر مما ذكره جدّا فيظهر منه وجوب الاعادة عنده في صورة وقوع التيمّم قبل الآخر مطلقا و لا يخفى ضعف الوجهين فتأمل و ذكر الشيخ أيضا في تاويل خبر يعقوب بن سالم انه يجوز ان يكون المراد انه اصاب الماء و هو في الوقت غير انه لم يفرغ من الصّلاة على تمامها و انما صلّى منها ركعة او ركعتين فقال مضت صلاته يعنى ما صلّى منها و ليتطهّر لما يستانف من صلاة اخرى و ذكر مثله في تاويل رواية معاوية بن ميسرة أيضا و يمكن اجراءه في الروايات الباقية أيضا لكنه أيضا في غاية البعد خصوصا به نسبة الى روايتى معاوية و ابى بصير و كان طرح الرّواية اولى من تاويلها بمثل هذه التاويلات بقي ان من الاخبار ما يدل على وجوب الاعادة حين اصابة الماء في الوقت فهي تعارض هذه الرّوايات و تشيّد بناء القول بالضيّق اذ لو لم يعتبر الضيق لم يتوجه الاعادة و هو صحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت ابا الحسن ع عن رجل تيمّم فصلّى فاصاب بعد صلاته ماء أ يتوضّأ و بعيد الصّلاة ام تجوز صلاته قال اذا وجد الماء قبل ان يمضى الوقت توضّأ و اعاد فان مضى الوقت فلا اعادة عليه و موثقة منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل تيمّم فصلّى ثمّ اصاب الماء فقال امّا انا فكنت فاعلا انى كنت أتوضّأ و اعيد قال الشيخ معناه انه اذا كان قد صلى معناه في و لا يخفى ان الاستشهاد بالرواية الاولى آخر اول الوقت تجب عليه الاعادة فامّا اذا كان قد صلّى في آخر الوقت فليس عليه اعادة الصّلاة و استشهد بالرّواية الاولى على اعتبار الضيّق انما يتمّ بجعل الاعادة فيها باعتبار الاخلال برعاية الضيق و ظاهر انه حينئذ تجب الاعادة

سواء وجد الماء قبل الوقت او بعده ام لم يجد اصلا مع ان ظاهر الرواية ان الاعادة باعتبار وجدان الماء في الوقت و حمل الكلام على ان فرض وجدان الماء في الوقت سبب للحكم بالاعادة بناء على انه دليل وقوع تيمّمه قبل الآخر و امّا اذا فرض وجد انه بعد مضىّ الوقت فلا يحكم عليه بالاعادة لجواز وقوع تيمّمه قبل الآخر و امّا اذا فرض وجدانه مع الضيق كانه بعيد جدّا على انه يمكن المناقشة في الحكم بالاعادة في الصّورة الاولى أيضا لانّ وجدان الماء قبل مضىّ الوقت على القول بالتضيّق لا يستلزم الاعادة مط اذ ربما راعى التضيّق بحسب ظنّه ثمّ ظهر فساده فلا يجب عليه الاعادة و هذه المناقشة و ان كان امرها هيّنا بناء على انّ ما ذكر من الفرض فيها لا يخلو عن بعد فلا بعد في حمل الاطلاق في الرّواية على ما هو الغالب لكن ما ذكرنا اوّلا لا يخلو عن قوّة و الاظهر حمل الرّواية على جواز التيمم مع السعة و حمل الاعادة في صورة بقاء الوقت على الاستحباب و مثله القول في الرّواية الثانية على تقدير تنزيلها على القول بالضيق اذ الظاهر منها ان اصابة الماء دخلا في الاعادة و على القول بالتضيّق الا دخل له فيها بل مناط وجوبها فعلها قبل آخر الوقت بدون ظنّ الضيّق و هو ليس بمذكور في الرّواية اصلا على انّ قوله عليه السلام امّا انا فكنت فاعلا يأبى عن الحمل عليه لانه عليه السلام اسند الاعادة الى نفسه و على القول بالتضيّق الحكم بها عامّ بل نقول اسناده عليه السلام الى نفسه غير معقول اذ على تقدير عدم جواز التيمّم قبل الضيّق كيف يمكن تيمّمه عليه السلام على هذا الوجه حتى يتأتّى منه الاعادة و يمكن ان يكون ماخذ ما نقله المحقق من كتابى الاخبار هو هذا الكلام من الشيخ فانه لا مضى لتيممه عليه السلام اول الوقت مع عدم جوازه فلا بدّ من حمل على انّ مراده باوّل الوقت هو قبل الآخر بظنّ الضيّق و مع هذا فقد حكم بوجوب الاعادة فيعلم انّ مذهبه وجوب الاعادة مع ظهور الخلاف و لا يخفى ضعفه اذ الغفلة من الانسان غير غريز مع انّ اسناد الظنّ الفاسد أيضا اليه عليه السلام كانّه فاسد فلا تغفل فالظاهر تنزيل هذه الرّواية أيضا على القول بالسّعة و حمل اعادته على الاستحباب امّا في صورة وجدان الماء قبل مضىّ الوقت موافقا للرّواية الاولى او مطلقا بحمل الرواية الاولى على تاكّد الاستحباب قبل مضىّ الوقت و ان استحب مطلقا و بعد حمل الخبرين على استحباب الاعادة يندفع أيضا التنافى بينهما و بين الاخبار الاولة و اما القول بوجوب الاعادة بوجدان الماء في الوقت مع القول بجواز التيمم في السّعة كما نسبه في المدارك الى ابن الجنيد و ابن ابى عقيل مستندا الى صحيحة ابن يقطين و ربما كان ذلك ظاهر عبارة الذكرى أيضا فبعيد جدّا و نسبة هذا القول اليهما أيضا يخالف بعض ما نقل عنهما كما اشرنا اليه فيما علّقناه على المدارك هذا و يمكن أيضا الجمع بين الاخبار بحمل آخر الوقت في الاخبار الاولة على آخر الوقت عرفا بحيث لا ينافى بقاء شي ء من الوقت بعد التيمّم و الصّلاة في بعض الاحيان فلا ينافى الرّوايات الاخرى فتأمل و قد استدل أيضا المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد للقول بالتوسعة بالرّوايات الدّالة على ان التيمم اذا اصاب الماء في الصّلاة ينصرف منها ما لم يركع كصحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السلام يصلّى الرّجل بتيمّم واحد صلاة

ص: 158

اللّيل و النّهار كلّها فقال نعم ما لم يحدث او يصب ماء الى ان قال قلت فان اصاب الماء و قد دخل في الصّلاة قال فلينصرف و ليتوضّأ ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمّم احد الطّهورين و رواية عبد اللّه بن عاصم باسانيد مختلفة غير نقيّة اقربها الى الصّحة الطريق الذى فيها الحسن بن الحسين اللؤلؤى لتوثيق النجاشى له لكن ضعفه ابن بابويه و شيخه ابن الوليد قال سألت ابا عبد اللّه عن الرّجل لا تجد الماء فيتيمّم و يقوم في الصّلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال ان كان لم يركع فلينصرف و ليتوضّأ و ان كان قد ركع فليمض في صلاته وجه الاستدلال ان مع ضيق الوقت لا يجرى التفصيل و الحكم بالانصراف ما لم يركع لاستلزامه فوت الوقت و فيه انا لا نم عدم جواز فوت قدر من الوقت لاستدراك الطّهارة المائية كيف و قد اجمعوا على انه اذا اصاب الماء قبل الشروع في الصّلاة يتطهّر و يصلّى و اطلاق كلامهم على ما ذكره في المدارك يقتضى انه لا فرق في ذلك بين ان يبقى من الوقت مقدار ما يسع الطّهارة و الصّلاة و عدمه فاذا جاز فوت قدر من الوقت هناك فليجز هاهنا أيضا على انه لو حمل التضيّق على التضيّق العرف لا يتاتى هذا و يمكن أيضا حمل رواية زرارة على ان الصّلاة التى شرع فيها هى بالتيمم المستدام الا المبتدأ و على هذا الاستدلال الاستدلال بصحيحة زرارة او روايته عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن رجل صلّى ركعة على تيمّم ثمّ جاء رجل و معه قربتان من ماء قال يقطع الصّلاة و يتوضّأ ثمّ يبنى على واحدة و الجواب الجواب و حملها الشيخ على انه صلّى ركعة ثمّ احدث ما ينقض الوضوء ساهيا فحينئذ يتوضّأ و يبنى كما هو مذهبه و لا يخفى بعد تسليم مذهبه بعد حمل الرواية عليه فتأمل و قد استدل أيضا بالاخبار الصحيحة في جواز صلاة اللّيل و النّهار بتيمم واحد كما في صدر صحيحة زرارة المتقدمة آنفا و كذا صحيحته عن ابى عبد اللّه عليه السلام الرّجل يتيمّم قال يجزيه ذلك الى ان يجد الماء و غيرهما من الاخبار الكثيرة وجه الدلالة انها تدل على جواز الصّلاة في اوّل وقتها بالتيمم الواقع قبله لصلاة اخرى و لو كان تاخير التيمم الى آخر الوقت واجبا لما حسن ذلك لان وجوب تاخير التيمّم الى آخر الوقت انما هو لوقوع الصّلاة في آخره كما هو الظاهر و يدل عليه الخبر الدّالّ على التأخير حيث قال فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت و اذا جاز الصّلاة اول الوقت بالتيمم السّابق لا يحصل هذا الغرض في غير الصّلاة الاولى بل لا يحصل فيها أيضا اذ يجوز للانسان ان يصلّى النافلة دائما فيجوز ان يتيمّم في اوّل الوقت بل قبل الوقت للنّافلة او لصلاة نذر او لمسّ ما لا يجوز الا بالتيمم ثمّ يدخل الوقت فيصلّى دائما متيمّما اوّل الوقت و فيه ان دلالة تلك الاخبار على جواز الصّلاة اول وقتها بالتيمّم الواقع قبله لصلاة اخرى ممنوع لم لا يجوز ان يكون المراد مجرّد جواز صلاة اللّيل و النّهار بتيمّم واحد و ان كان كلّ في آخر وقته و لو سلّم فاغراض الشارع مما لا سبيل لعقولنا الى ادراكه فربما كان في المنع من الصّلاة اوّل وقتها بالتيمّم المبتدأ مصلحة لم توجد ذلك في المنع عنها بالتيمّم المستدام فتأمّل و استدل أيضا بصحيحة داود الرّقى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام اكون في السفر و تحضر الصلاة و ليس معى ماء و يقال ان الماء قريب منّا فاطلب الماء و انا في وقت يمينا و شمالا قال لا تطلب الماء و لكن تيمّم فانى اخاف عليك التخلّف عن اصحابك فتضلّ و يأكلك السّبع و فيه انّه لا دلالة للخبر على جواز التيمم في السّعة لجواز ان يكون المراد النهى عن الطلب مع الخوف و الامر بالتيمّم في الوقت الذى يسوغ له شرعا لتيمّم فيه و هو ظاهر و استدل أيضا بان الضيّق منفىّ عقلا و نقلا و بهذا استدل المصنف على ردّ التضيّق في القضاء و تقديمه على الاداء ما لم يتضيّق و أيضا اظنّ ان الضّيق المعتبر مما يتعذّر او يتعسّر مع ان شريعتنا سمحة سهلة و أيضا جعل الاوقات بالنسبة الى التيمم شيئا و بالنسبة الى غيره شيئا آخر بعيد و لا يخفى ان دعوى الضيق و الحرج في وجوب اداء الصّلاة احيانا في آخر وقتها مشكل جدّا و هذا بخلاف ما استدل العلّامة فيه فان القول بوجوب الاشتغال بالقضاء و ترك جميع

الاشغال سوى ما لا بدّ منه حتى الصّلاة الواجبة حتى يتضيّق وقتها فيه من الضّيق و الحرج مع كثرة القضاء ما لا يخفى و امّا ما ذكره ثانيا فانّما يتجه لو بنى الامر على التحقيق و اما اذا بنى على التخمين و الظنّ فلا و لو حمل على آخر الوقت عرفا كما حملنا سابقا فالامر اوسع و امّا ما ذكره ثالثا من الاستبعاد فضعفه ظاهر

قوله فلا وجه للجمع بينها بالتفصيل

قد عرفت ان حمل الاخبار الدّالة على التوسعة على ما لا ينافى الاخبار الدالة على الضّيق مطلقا بعيد جدّا فالجمع بينهما بما ذكروه من التفصيل لا يخلو عن وجه لما عرفت من اشعار اكثر تلك الاخبار بالرّجاء و الطّمع و لظاهر الحال من عدم القائدة في التأخير بدونهما بل لا يبعد نظرا الى تلك الاخبار القول بالتوسعة مطلقا و حمل ما ينافيه من الاخبار على استحباب التأخير امّا اوّلا فلانها لإضمار الاولى و عدم صحة الباقية لا يخلو من قصور عن اثبات الوجوب بها هذا مع اشتمال الحسنة على قصور في المتن أيضا لما في العمل باطلاقها من العسر و الحرج في كثير من الموارد و لعدم ظهور قائل به من الاصحاب سوى ما يظهر عبارة من المعتبر من الدليل اليه و بعد وجوب تاويلها يسقط دلالتها على اطلاق المضايقة لا مكان وجوه من التّأويل يسقط معها الدلالة على ذلك كلّ ذلك يظهر بتذكّر ما علّقناه على هذه الرّواية في بحث مقدار الطّلب فتذكّر و امّا ثانيا فلظاهر رواية محمّد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السلام و في آخرها و اعلم انه ليس ينبغى لأحد ان يتيمّم الا في آخر الوقت لظهور لا ينبغى فيما ذكر من الاستحباب و في المدارك عدّ الرواية صحيحة و لعلّ وجهه ان الشيخ رواها في التهذيب بخلاف الاسناد عن احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى و هو ممن اجتمعت العصابة عن محمد بن سماعة عن محمد بن حمران و رواها في الاستبصار بسند صحيح الى البزنطى فلا كلام فيه الى المحمّدين و امّا هما فلم يذكر في جش و ضه محمد بن سماعة و لا محمد بن حمران الا واحد موثقا بسند صحيح لكن قد ذكر في غيرهما غيرهما أيضا مهملا و حينئذ فيشكل الحكم بالصحة للاشتراك الّا لمن له قرينة على انهما الموثقان و مجرّد شهرتهما كانه لا يكفى لذلك و في المعتبر ذكر في مسئلة وجدان المتيمّم الماء بعد الشروع في الصلاة تعارض هذه الرّواية باعتبار دلالة صدرها على المضيّ بعد الشروع مطلقا مع الرّوايات الدّالة على الرجوع ما لم يركع ثمّ ذكر ان تلك الرّوايات اصلها عبد اللّه بن عاصم فهي في التحقيق رواية واحدة و روايتنا ارجح منها لوجوه احدها ان محمد بن حمران اشهر في العدالة و العلم من عبد اللّه بن عاصم و الاعدل مقدم و لا يخفى ان هذا شهادة على تعديل محمد بن سماعة أيضا اذ لا عبرة باعدليّة محمد بن حمران مع عدم عدالة رواية خصوصا مع تعدّد رواية الراوى الآخر و لا بد ان يكون رواية هذا الراوى الواحد صالحا لمعارضة روايتهم و لا يخفى أيضا انه يستفاد من كلامهم رحمه الله تعديل عبد اللّه بن عاصم أيضا فلا تغفل منه فانه غير مذكور في كتب الرّجال و امّا ثالثا فلتأييد القول باطلاق التوسعة باطلاق الآية الكريمة الآمرة بالتيمّم عند ارادة القيام الى الصّلاة عند عدم وجدان الماء من غير تقييد بآخر الوقت و مثلها الروايات العامة في التيمّم كصحيحة ابن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول اذا لم يجد الرّجل طهورا و كان جنبا

ص: 159

فليمسح من الارض و ليصلّ فاذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته التى صلّى و صحيحة زرارة و محمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصبّ الماء و حضرت الصلاة فتيمّم و صلّى ركعتين ثمّ اصاب الماء أ يقض الركعتين او يقطعهما و يتوضّأ ثمّ يصلّى قال لا و لكنّه يمضى في صلاته و لا ينقضها لمكان انه دخلها و هو على طهور بتيمّم و لا يبعد ان يقال ان قوله و حضرت الصّلاة فتيمّم ظاهر في وقوع التيمّم اوّل الوقت فدلالة هذه الرّواية ليست من حيث العموم بل بالخصوص فافهم و صحيحة عبد اللّه بن ابى يعفور و عنبسة بن مصعب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا اتيت البرء و انت جنب فلم تجدد لو او لا شيئا تغرف به فتيمم بالصّعيد فان ربّ الماء ربّ الصعيد و صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اجنب فتيمّم بالصعيد و صلّى ثمّ وجد الماء فقال لا يعيد ان ربّ الماء ربّ الصّعيد فقد فعل احد الطهورين الى غير ذلك من الاخبار البالغة حدّ التواتر و لا يخفى أيضا ان ما وقع في الخبرين الاخيرين من قوله عليه السلام ان ربّ الماء ربّ الصّعيد فقد فعل احد الطهورين و قد ورد ذلك في روايات اخرى أيضا و كذا ما روى عنهم عليه السلام من قولهم هو بمنزلة الماء و قولهم انّ اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا و كذا عمومات اخبار الاوقات و فضل اوّل الوقت او تعيّنه مما يؤكّد اطلاق الحكم بالتوسعة و بالجملة فالقول بالتوسعة المطلقة بالنّظر الى الآية الكريمة و الاخبار قوى جدّا نعم لا يبعد استثناء صورة العلم بوجود الماء او الظنّ به و هذا أيضا وجه آخر للجمع بين الاخبار لكن يشكل بما نقلوه من الاجماع فالاحوط التأخير الى آخر الوقت مطلقا و خصوصا مع رجاء زوال العذر سيّما اذا كان العذر عدم وجدان الماء كما هو مورد الاخبار و لو تيمّم و صلّى في آخر وقت الفضيلة ثمّ اعادهما في آخر وقت الاجزاء لكان ابلغ في الاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله امّا المستدام كما لو تيمّم الى آخره

قال الشيخ في المبسوط متى تيمّم لصلاة نافلة في غير وقت فريضة او لقضاء فريضة في غير وقت صلاة جاز له ذلك و يجوز له ان يصلّى به فريضة اذا دخل وقتها لعموم الاخبار التى وردت في جواز الصّلوات الكثيرة بتيمّم واحد انتهى فهذا الكلام من الشيخ مع انّه من القائلين بالتضيّق يدلّ على انه لم يعتبر التضيق في المستدام و تردّد فيه المحقق في المعتبر لقوله عليه السلام يتلوّم ما بينه و بين آخر الوقت و لا يخفى ضعف تعليل الطريقين امّا الاول فلما اشرنا اليه سابقا انّ جواز الصلوات الكثيرة بتيمّم واحد الذى هو مقتضى الاخبار يجوز ان يكون كل في آخر وقته الا ان يتمسّك بمجرد اطلاق الاخبار و فيه ضعف اذ المفهوم من سياق تلك الاخبار ليس الا كفاية تيمّم واحد لصلوات كثيرة و عدم وجوب التيمّم لكلّ صلاة لا جواز صلوات اللّيل و النّهار بتيمّم واحد كيف شاء و امّا الثانى فلان التلوّم الوارد في الخبر العامى انما هو للتيمم لا للصّلاة فلا ينافى جواز الصّلاة به اوّل وقتها بعد ما تلوّم له الى آخر الوقت اوّلا هذه و الظاهر ما اختاره في المبسوط اذ الاخبار الدّالة على المضايقة على تقدير تسليمها لا يدل الا على وجوب تاخير التيمّم الى آخر الوقت لا على وجوب تاخير العبادة الواقعة به فمتى تيمّم في آخر الوقت فهو متطهّر و دخول وقت الصّلاة سبب لوجوبها فلا وجه للمنع عنه بلاد ليل و ليس ما يدل عليه الا ان ظاهر الحال انّ الحكمة الباعثة على تاخير التيمّم هو احتمال رفع المانع و امكان وقوع العبادة بالطهارة المائية و هذا يجرى في الصّلاة الثانية و ما بعدها أيضا و انت خبير بضعف الاعتماد على مجرد هذا الظنّ خصوصا على رأى من حكم بالتضيّق مع العلم ببقاء العذر الى آخر الوقت و امّا ما ورد في بعض اخبار المضايقة من الامر بالصّلاة في آخر الوقت فلا ظهور لها في تاخير كلّ صلاة لاحتمال ان يكون المراد الصّلاة التى ابتدأ التيمّم لها و يكون الغرض مجرد انّ التيمّم المبتدأ انما هو بعد ما ضاق الوقت بحيث تقع الصّلاة بعده آخر الوقت فتأمل

قوله و لو بنذر ركعتين في وقت الى آخره

قال في المدارك لا فائدة في النّذر الا صيرورة التيمّم واجبا و قد صرّح هو و غيره بجواز الدخول في الفريضة بتيمّم النافلة و نقل عليه في المنتهى الاجماع اللّهمّ الا ان يقال بمنع النّافلة المبتدئة بالتيمّم و صحة النذر و ان لم يكن متعلّقة مشروعا قبل النّذر او مع امكان شرعيّة في ثانى الحال و هو بعيد انتهى و وجه البعد في المنع المذكور ان التيمم احد الطهورين و انّه بمنزلة الماء و ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا فيستباح به النافلة كما يستباح الفريضة و كانه لا خلاف أيضا بينهم في ذلك فلا يبقى الّا احتمال المنع عن خصوص النافلة الغير الموقتة لاعتبار التضيّق فيه و عدم امكان اعتبار ذلك فيها و فيه ان اعتبار التضيّق لو تمّ فانما هو في التيمم الذى لعبادة موقتة العدم ظهور الاجماع في غيره و الاخبار أيضا يمكن تنزيلها على الغالب و هو التيمّم للصّلوات الموقتة او لو سلّم فيكفى في غير الموقتة تاخير التيمّم الى وقت فعلها اذ يستحب صلاة النافلة في كل جزاء اراده من الوقت و وقتها عند التحقيق خصوص ذلك الجزء فوقها متعين حقيقة فيكفى تاخير التيمّم الى ان يقارن الفراغ منه وقتها فافهم ثمّ على تقدير القول بالمنع عنه فلا يفيد النّذر في صحّته اذ متعلق النذر لا بدّ ان يكون مشروعا فمتى لم يشرع النافلة المبتدئة بالتيمم لم يشرع بالنذر أيضا الا ان يقال ان متعلق النذر لا يجب ان يكون مشروعا قبل النذر بل يكفى صيرورته مشروعا بعد النذر و هاهنا كذلك اذ النافلة المبتدئة و التيمم لها و ان لم يشرع قبل النّذر و لعدم توقيتها لكن شرح بعد النذر لصيرورتها موقتة بعد النّذر فيصح بعد تضيّق وقتها و هذا كما لو نذر احد ان لا يشتغل يوما بغير الواجب فلا يشرع اشتغاله بالنافلة فيه الا بنذرها او يقال ان شرعية النذر باعتبار امكان تيسّر الماء في ثانى الحال و ان لم تيسير في الحال فمتى امكن ذلك ينعقد النذر ثمّ ان لم تيسير ذلك فيجب فعلها بالتيمّم و لا يخفى بعد الوجهين أيضا اما الاول فظاهر و امّا الثانى فلان الظاهر انه اذا لم يشرع النّافلة المبتدئة الا مع الطهارة المائية فصحة نذرها باعتبار امكان تيسّر الماء بعد ذلك انما هى بمعنى صحته و انعقاده على تقدير حصول الشرط و هو هنا تيسّر الماء لا مطلقا فالحكم هاهنا بانعقاده مطلقا و وجوب ادائها بالتيمم بدون تيسره بعيد جدّا ثمّ على الوجه الثانى فيختصّ هذه الحيلة بصورة امكان رفع الخطر فمتى لم يكن ذلك لا يفيد ذلك الا ان يكتفى بالامكان الذاتى و لم يشترط العادى و فيه زيادة تعسّف هذا و امّا القول بان تجويز التيمم على هذا الوجه و الصّلاة به اوّل الوقت يؤدّى الى فوت ما هو لى الغرض من الحكم بتاخير التيمّم فقد اشرنا الى رفعه سابقا فتذكّر

قوله و امّا انتفاضه مطلقا

اى ظاهرا و واقعا جميعا

قوله مع احتمال انتفاضه مطلقا

اذ لا بعد في ان يكون وجود الماء و التمكن منه ظاهرا سبب الانتقاض التيمم و ان لم يقع التكليف بالطهارة المائية باعتبار عدم سعة الوقت و لنت خبير بانه لا كلام في نفى البعد المذكور لكن الحكم بالانتقاض بمجرد ذلك لا بدّ له من دليل و ليس سوى ما ذكره من كونه ظاهر الاخبار و كلام

ص: 160

الاصحاب و فيه تامّل امّا الاوّل فلان الاخبار الواردة في هذا الباب على ضربين منها ما امر فيه بالوضوء او الغسل بعد وجود الماء كصحيحة زرارة المتقدمة فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمّم و ليصلّ في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضّأ لما يستقبل و صحيحة ابن سنان المتقدمة ايضا اذا لم يجد الرّجل طهورا و كان جنبا فليمسح من الارض و ليصلّ و اذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته التى صلّى و لا يخفى انه ليس فيها الّا الامر بالوضوء او الغسل عند وجود الماء و ظاهر ان التكليف بهما منوط ببقاء التمكن فمتى ظهر عدمه يسقط التكليف فليس فيه من التردّد في شي ء و اما انتقاض التيمم فلا يظهر منه و ما يتوهم من ان بقاء التيمّم ينافى الامر بالطّهارة المائية مردود بمنع المنافاة فان التيمم لا يرفع الحدث و انما يبيح الصّلاة مع تعذر الطهارة المائية فاذا عرض القدرة عليها فلا يستباح الصّلاة بالتيمّم و ان بقي و لم ينتقض فلذا وجب عليه الطهارة فظاهر الحال نقض التيمّم و وجوب الطّهارة المائية فاذا تبيّن بعد ذلك عدم التمكن كشف ذلك عن عدم نقض التيمّم و عدم وجوبها في الواقع فلا اشكال و لو قيل انه على هذا لا يمكن الجزم بالوجوب في النّية ففيه انه يكفى في النيّة الجزم بتعلق الوجوب به ظاهر اولا حاجة الى الجزم بتعلقه واقعا و الا لم يمكن ذلك في شي ء من العبادات لاشتراط الوجوب الواقعى ببقاء الحياة لا اقلّ و انّ ثنا العلم به فتدبّر و منها الاخبار الدالة على اجزاء التيمّم الى ان يحد الماء كما وقع في صحيحة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام او انه يصلّى بتيمم واحد صلاة اللّيل و النهار ما لم يحدث او يصب ماء كما وقع في صحيحة اخرى منه أيضا عن ابى جعفر ع و لا يخفى ان دلالتها على انتقاض التيمّم بوجدان الماء او اصابته مطلقا انما هو على تقدير عموم المفهوم و هو ضعيف جدّا غاية الامر انه لا يمكن الحكم بالاجزاء او صحة صلاة اخرى بهذا التيمم بعد الوجدان او الاصابة نظرا الى تلك الاخبار و لا يضرّ ذلك لوجود ادلّة اخرى لكونه احد الطهورين و انه بمنزلة الماء و قوله تعالى لِيُطَهِّرَكُمْ* و ما جرى مجريها لاقتضائها بقاء حكمه الى ان يتيقن نقضه و امّا ما في الصّحيحة الثانية قلت فان اصاب الماء و رجاء ان يقدر على ماء آخر و ظنّ انه يقدر عليه فلما اراده تعسّر ذلك عليه قال ينقض ذلك تيمّمه و عليه ان يعيد التيمّم فظاهره استقرار تمكّنه من التطهّر بالماء الاول و تاخيره باعتبار رجاء الماء الآخر فلا يدل على الانتقاض مطلقا و مثله رواية حسين العامرى قال حدثنى من سأله عن رجل اجنب فلم يقدر على الماء و حضرت الصّلاة فتيمم بالصّعيد ثمّ مرّ بالماء و لم يغتسل و انتظر ماء آخر وراء ذلك فدخل وقت الصّلاة و لم نيته الى الماء و خاف فوت الصّلاة قال يتيمم و يصلّى فان تيمّمه الاوّل انتقض حين مرّ بالماء و لم يغتسل هذا و امّا كلام الاصحاب فلو فرض ايهام بعض عباراتهم ذلك فلا عبرة به فالظاهر ما ذكره اوّلا فتأمل

قوله فان اتفق قبل دخوله في الصّلاة انتقض

فيجب عليه استعمال الماء و لو فقده بعد التمكن اعاد التيمم و اطلاق كلامهم يقتضى انه لا فرق في ذلك بين ان يبقى من الوقت مقدار الطّهارة و الصّلاة ام لا و هذا يؤيد ما اختاره المحقق في الفرض الذى ذكرنا سابقا في اوائل بحث التيمم من انه اذا ضاق الوقت من الطهارة المائية مع التمكن من الماء باعتبار اقتضائها زمانا زائدا على ما يقتضيه الترابية لا ينتقل فرضه الى التيمم و هذا ما وعدناك هناك

قوله اجماعا

بل ادّعى في المعتبر و هى عليه اجماع اهل العلم على الوجه المذكور من الاحتمالين اى نقضه بمجرّد وجود الماء و التمكّن منه او مع مضىّ زمان يسع الفعل على هذا الوجه و على أيّ وجه و لو فقده بعد ذلك اعاد التيمم

قوله و انتقض بالنسبة الى غيرها

و هو أيضا وفاق على ما نقله في المعتبر ففيه أيضا ما ذكر من الاحتمالين

قوله و لو بعد التكبير اتمّها مطلقا

بعد ما ذكر قوله و لو بعد التكبير ينبغى ان يجعل هذا الاطلاق في مقابل التفضيل الذى يذكره في القول الاخير فقط و هو ظاهر

قوله على الاصح

و هو مختار المفيد و الشيخ في المبسوط و الخلاف و المرتضى في شرح الرسالة و علىّ بن بابويه في الرّسالة على ما نقله في المنتهى و ابن البرّاج و ابن ادريس و المحقق و العلامة

قوله عملا باشهر الروايات

و هو رواية البزنطى المتقدمة عن محمد بن سماعة عن محمد بن حمران عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل يتيمّم ثمّ دخل في الصّلاة و قد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثمّ يؤتى بالماء حين يدخل في الصّلاة قال يمضى في الصّلاة و اعلم انه الى آخر ما سبق

قوله و اعتضادا بالنهى

و باصل البراءة و الاستصحاب

قوله و لا فرق في ذلك بين الفريضة و النافلة

لإطلاق الاخبار و به جزم المصنف في البيان و قال في المدارك و يحتمل قويّا انتقاض تيمّمه بوجود الماء في النافلة لجواز قطع النافلة اختيارا فينتفى المانع عن استعماله عقلا و شرعا و على هذا فيحمل الاخبار على الفريضة فافهم

قوله على تقدير وجوبها

لتحريم قطع الصّلاة الواجبة مع الاختيار الا فيما استثنى فاذا صح اتمامها فلا مقتضى للقطع فيجب الاتمام و يحرم القطع اللّهمّ الا بدليل من خارج كما اذا جمع بين الاخبار بحمل الرجوع قبل الركوع على الاستحباب فافهم

قوله و العدول بها الى النافلة

لتدارك فضيلة الجماعة و الاذان و هذا اولى

قوله و الحمل على ناسى الاذان

و كذا مريد فضيلة الجماعة قياس و لو صحّ لجاز هنا الابطال بغير واسطة أيضا كما في الاصل و هو لا يقول به و هذه الايرادات اوردها المصنف في الذكرى و تبعه من تبعه كالشارح و صاحب المدارك و هى متجهة اذا كان بناء ما استقر به على مجرّد القياس كما هو الظاهر من كلامه و يمكن ان يكون بناءه على حمل الرّوايات الدّالة على الرّجوع قبل الركوع كما سيجي ء على الاستحباب و يكون ما ذكره من القياس مؤيّدا لذلك لكن اختار مع ذلك بدل القطع ابتداء الرّجوع الى النافلة و القطع بعده احتياطا و صيانة للفريضة عن الابطال و حينئذ فلا يتّجه عليه ما ذكروه فتدبّر

قوله الاقرب العدم لما تقدم الى آخره

هذا مختار المحقق في المعتبر و قال الشيخ في المبسوط انه ينتقض تيمّمه بالنسبة الى غيرها من الصّلاة و قوّاه العلامة رحمه الله في المنتهى و مال اليه في التذكرة لانه تمكن عقلا من استعمال الماء و المنع الشرعى لا يرفع القدرة لانها صفة حقيقة و الحكم معلّق عليها و لا يخفى ضعفه اذ الظاهر تعليق الحكم على التمكن الذى لا مانع له معه فيشمل العقلى و الشرعى لا القدرة العقلية التى ذكرها هذا مع ما في التزام بقاء الطهارة بالنسبة الى صلاة و نقضها بالنسبة الى باقى الصّلوات من التعسّف فتأمل

قوله منها الرجوع ما لم يركع

و هو مذهب الشيخ في النهاية و الصدوق و ابن ابى عقيل و الجعفى و السيّد المرتضى في المصباح و الجمل على ما نقد في المنتهى و المذهب الثانى منسوب الى سلّار و الثالث مختار ابن حمزة في الواسطة فانه قال اذا وجد الماء بعد الشروع و غلب على ظنّه انه ان قطعها و تطهر بالماء لم تفته الصّلاة وجب عليه قطعها و التطهّر بالماء و ان لم يمكنه ذلك لم يقطعها اذ اكثر و قال و قيل و قد قطع ما لم يركع و هو محمول على الاستحباب و يمكن ان يكون بناء كلامه على القول بالتضيّق كما هو

ص: 161

مذهبه على ما صرّح به في الوسيلة فحكم في الشي ء الاول بوجوب القطع بناء على عدم رعاية التضيّق و حينئذ يكون مذهبه بعينه هو مذهب المصنف و لو حمل كلامه على انه تفصيل بعد فرض رعاية ما وجب عليه من رعاية الضيّق و حينئذ فيكون الشق الاول امّا بناء على ان المعتبر هو ظن الضيق و جاز ظهور و خلافه او انّ المعتبر هو الضّيق العرفى و لا ينافيه التّوسعة في الجملة فيكون مذهبه مذهبا رابعا كما جعله الشارح و يمكن ان يكون مستنده في الشقّ الأوّل و هو ما تقدم من رواية يعقوب بن يقطين الدالة على الاعادة بعد وجدان الماء في الوقت فاستنبط منه قطعها أيضا منه بوجدان في الاثناء و امّا الشتى الثانى فمستنده ما هو مستند قول المصنف هذا و اما حمل القطع قبل الركوع على الاستحباب فقد استشكله في الذكرى مع فرض ضيق الوقت و الخطب فيه سهل بعد ورود النص الصحيح على ما سيجي ء فانتظر ثمّ الظاهر ان المراد بالرّجوع في الاقوال على ما صرّح به في المنتهى في القول الاول و هو استيناف الصّلاة بالطّهارة المائية لان الطهارة شرط و قد فاتت ببطلان التيمّم فلا تبقى الصّلاة مع فوات شرطها و نقل عن بعض الجمهور انه جوّز البناء كما لو سبقه الحدث و ظاهره عدم الخلاف فيه من اصحابنا و لولاه لامكن المناقشة فيما ذكره من التعليل فتدبّر

قوله و الاول مستند الى رواية معارضة بما هو اقوى منها

الظاهر على وفق المعتبر و الذكرى و شرح الارشاد انه اراد بها ما تقدم من رواية عبد اللّه بن عاصم بالاسانيد المختلفة كما اشرنا اليه هناك و تعارضها مع رواية محمد بن حمران التى هى اقوى منها باعتبار ما نقلنا من المعتبر من اشهرية محمد بن حمران في العدالة و العلم من عبد اللّه بن عاصم و رجّح أيضا فيه روايته بانها اخف و ايسر و اليسر مراد اللّه تعه و بان مع العمل بروايتنا يمكن العمل بروايته أيضا بان تنزلها على الاستحباب و مع العمل بروايتنا فيكون روايتنا ارجح و يمكن ان يكون نظر الشارح الى هذين الوجهين أيضا بان يكون المراد بكونها اقوى كونها اقوى باعتبار السّند و الدلالة جميعا لكن لا يخفى ضعف الوجه الاول و اما الثانى فيرّد عليه انه كما لا يمكن الجمع برواية عبد اللّه بن عاصم على الاستحباب يمكن الجمع أيضا بحمل رواية محمد بن حمران على ان إتبان الماء كان بعد الركوع حملا للمطلق على المقيد الا ان يقال يبعده باعتبار منافرة ظاهر قوله حين يدخل في الصّلاة له بخلاف حملها على الاستحباب و الامر فيه هيّن ثمّ لا يخفى ان هاهنا رواية اخرى غفل عنها المحقق و من تبعه و استدل بها العلامة في التذكرة و هى و هى ما تقدم من صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام و في آخرها قلت فان اصاب الماء و قد دخل في الصّلاة قال فلينصرف فليتوضّأ ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمّم احد الطهورين و لا يجرى فيها ما ذكروه من ترجيح روايتهم من حيث السند بل لا ريب في رجحان تلك الرواية باعتبار السّند نعم يمكن اجزاء ما نقلنا من الوجهين الآخرين فيها أيضا لكن قد عرفت حالهما و اجاب عنها في كره بان المراد بالدخول في الصّلاة الشروع في مقدماتها كالأذان و بقوله ما لم يركع ما لم يتلبّس بالصّلاة و بقوله ان كان قد ركع دخوله فيها اطلاق الاسم الجزء على الكلّ و هذا يجرى في رواية ابن عاصم أيضا كما اشار اليه في المنتهى لكنه من التكلّفات البعيدة التى لا يمكن الجرأة عليها في تاويل الاحاديث و انّها ليست باولى من طرحها و الشيخ في التهذيب حمل الاخبار الدّالة على الانصراف ما لم يركع على ما اذا كان الوقت ممتدا لانصرافه و التوضّى بالماء فيجب عليه الانصراف لانه قد دخل في الصّلاة في غير وقتها لان وقتها آخر الوقت و عند تضيّق الزمان و لا يخفى انه على هذا الوجه التفصيل بقبل الركوع و بعده و حمل الانصراف قبل الركوع على ما ذكره و عدم الانصراف بعده على ما اذا ضاق الوقت بعيد جدّا و من التأويلات التى اشرنا اليه آنفا فتدبّر و استدلّوا ايضا لهذا القول بصحيحة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل تيمّم قال يجزيه ذلك الى ان يجد الماء و مثلها من الاخبار خرج بعد الركوع بالاتفاق بقي ما قبله و بناءه على عموم المفهوم و هو ضعيف على انّه يمكن ان يكون المراد بالوجدان هو التمكن و التمكن شرعا بعد الدخول في الصّلاة ممنوع ثمّ انّ للقول الاول ايضا رواية استدلّ بها في المدارك و هى ما رواه الشيخ في الصّحيح عن زرارة و محمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصب الماء و حضرت الصّلاة فتيمّم و صلّى ركعتين ثمّ اصاب الماء أ ينقض الركعتين او يقطعها و يتوضّأ ثمّ يصلّى قال لا و لكنّه يمضى في صلاته و لا ينقضها لمكان انّه دخلها و هو على طهور بتيمّم الحديث وجه الاستدلال انّ ما ذكر من التعليل يقتضى وجوب المضيّ في الصّلاة مع الدخول فيها مطلقا و في الفقيه صرّح بروايتها عن ابى جعفر عليه السلام فلا يتجه المناقشة باعتبار الاضمار لكن فيه انه يمكن جعل التعليل تعليلا للمنفى اى لا يجعل الدخول فيها بالطهور بالتيمّم سببا للنقض باعتبار نقض التيمّم و على تقدر جعله تعليلا للنفى يمكن ان يحمل على انه دخلها و هو على الطهور بالتيمّم و حكمه ما ذكر من عدم النقض بعد ما صلّى ركعتين و حاصله ان هذا قسم من الطهور و من حكمه عدم الرّجوع في هذه الصّورة فلا يلزم منه عدم الرّجوع مطلقا و هذا كالتعليل الذى ذكر في الرّواية السّابقة حيث علّل عدم الرّجوع بعد الركوع بان التيمم احد الطهورين فالمراد فيه أيضا انه احد الطّهورين و حكم ما ذكرنا فالتعليل لمجرّد صحة عدم الرّجوع في الجملة باعتبار كونه طهورا او من شانه الاكتفاء به احيانا لانه احد الطهورين فلا يرجع كما في الطهور الآخر و

اللازم عدم الرّجوع قبل الركوع أيضا و قد يجعل التعليل فيها أيضا و قد جاريا قبل الركوع و شاهدا على حمل الرّجوع في الاول على الاستحباب و فيه تعسّف ثمّ بعد حمل الرواية على احد الوجهين فلا دلالة لها على احد الاقوال اذ الفرض وقع في كلام السّائل و حكمه عليه السلام بعدم الرّجوع فيه يمكن ان يكون باعتبار عدم الرّجوع بعد الشروع مطلقا كما هو القول الاول او بعد الركوع كما هو القول الثانى او بعد القراءة كما هو القول الثالث و نقل عن ابن الجنيد انه قال بالرجوع ما لم يركع في الثانية و يمكن ان يكون باعتبار هذه الرّواية فتأمل و بما تلونا عليك ظهر ان القول بجواز الرّجوع و رجحانه ما لم يركع لا يخلو عن رجحان لصحة رواية زرارة و تأيدّها بالرواية الاخرى و فساد ما ذكروه من التاويل و امّا الحكم بالوجوب فللتأمّل فيه مجال هذا مع سعة الوقت كذلك و امّا مع ضيقه و استلزام الرجوع لخروج بعض الصّلاة عن الوقت فجوازه ايضا محل تامّل فتأمل ثمّ هاهنا رواية اخرى لا يوافق شيئا من المذاهب و هى ما رواه الشيخ في زيارات التهذيب من صحيحة زرارة او روايته عن ابى جعفر ع قال سألته عن رجل صلّى ركعة على تيمّم ثمّ جاء رجل و معه قربتان من ماء قال يقطع الصلاة و يتوضّأ ثمّ يبنى على واحدة و ظاهر انه لا يوافق شيئا من المذاهب سوى مذهب ابن الجنيد و لا يوافقه أيضا فان الظاهر من كلام استيناف الصّلاة بوجدان الماء قبل ركوع الثانية لا البناء كما في الرواية و يمكن حملها على الاستحباب فلا تأبى عن التنزيل على سائر المذاهب غير مذهب ابن الجنيد او على التقية بناء على ما نقلنا من تجويز بعض الجمهور البناء على ان كلام ابن الجنيد

ص: 162

ايضا ليس بصريح في الاستيناف فيمكن حمله على البناء و حملها الشيخ على انه صلّى ركعة ثمّ احدث ما ينقض الوضوء ساهيا فحينئذ يتوضّأ و يبنى كما هو مذهبه و بعد تسليم مذهبه لا يخفى بعد حمل هذه الرّواية عليه و في المختلف اورد هذه الرواية في عداد ادلّة الشيخين على مذهبهما في مسئلة الحدث و اجاب بمنع صحة السّند و لعلّ وجهه ان فيه على بن السندى و فيه احتمال اشتراك و على تقدير الاتحاد فيه كلام لكن الظاهر كما اختاره في الخلاصة توثيقه و قبول روايته لتعديل النجاشى له و ما رواه الكشّى فيه مع ضعفه لا يدل على الطعن فيه فتأمل و امّا رواية الحسن الصّقيل قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام رجل تيمّم ثمّ قام يصلّى فهربه نهر و قد صلّى ركعة قال فليغتسل و ليستقبل الصّلاة فقلت انه صلى صلاته كلّها قال لا يعيد فيمكن تنزيلها على مذهب ابن الجنيد و على سائر المذاهب يمكن حملها على الاستحباب فتدبّر ثمّ هاهنا مسئلة مهمّة لم يذكر في الكتاب و هى ما لو احدث التيمّم عن الحدث الاكبر كالجنابة حدثا اصغر فهل يجب عليه اعادة التيمّم بدلا عن الاكبر او يجب عليه موجب الحدث الاصغر من الوضوء مع التمكن منه او التيمّم بدلا منه مع تعذّره فالمش بين الاصحاب هو الاول و نقل عن المرتضى رض الثانى و احتج في المختلف للمشهور بانه بعد التيمّم جنب فلا يجب عليه الوضوء امّا المقدمة الأولى فلان التيمم لا يرفع الحدث لانه اذا وجد الماء وجب عليه الغسل و لو كان حدث الجنابة قد ارتفع لما وجب عليه الغسل و امّا الثانية فظاهرة و فيه ان ظهور الثانية انما هو في ابتداء الجنابة و امّا بعد التيمّم و طريان الحدث فلا ظهور لها و احتج في شرح الارشاد بان التيمّم لا يرفع الحدث اجماعا و انما يفيد الاباحة فاذا بطل بالحدث اعاده بدلا من الغسل لبطلان التيمّم بالحدث الطارى و حدث الجنابة باق فلا حكم للحدث الاصغر و فيه تامّل فانا لا نم بطلان التيمّم بالتحدث الطّارى فان التيمم و ان لم يرفع الاكبر لكن استباح الصّلاة و زال منعه عنها و المعلوم من حال الحدث الطارى ازالة الاستباحة و اما ان ذلك باعتبار عود الحدث السّابق على حاله فيجب التيمّم بدلا عنه فغير ظاهر اذ يجوز ان يكون باعتبار تاثير جديد من الحدث اللاحق يوجب المنع عن الصّلاة و ان بقي الاستباحة بالنسبة الى الحدث الاوّل بحالها فيجب رفع موجبه بما هو مقتضاه من الوضوء او التيمم بدلا عنه و مع احتمال الامرين فالحكم بالاوّل لا بدّ له من دليل و في المدارك بعد ما اثبت انّ التيمّم لا يرفع الحدث بالاجماع و غيره احتج للمشهور بان الجنابة باقية و الاستباحة زالت بالاصغر فيجب التيمّم بدلا من الغسل و بما ذكرنا ظهر حاله أيضا بقول ابى جعفر ع في صحيحة زرارة و متى اصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا و الوضوء ان لم تكن جبنا و لعلّ وجهه ان الحضر في القسمين انما يتم على ما هو الشارح و امّا على مذهب السيّد فيمكن ان يكون عليه الوضوء مع كونه جنبا بان احدث بعد تيمّمه حدثا اصغر و وجد من الماء بقدر ما يكفى للوضوء دون الغسل و احتج في المختلف بصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام في رجل اجنب في سفر و معه ماء قدر ما يتوضأ به قال يتيمّم و لا يتوضّأ و لا يخفى ظهورها في ابتداء الجنابة فوجوب التيمم عليه حينئذ دون الوضوء لا يدلّ على ان حكمه ذلك فيما بعد أيضا و مثله القول أيضا في الاستدلال بما في صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصّلاة أ يتوضّأ بالماء او يتيمّم قال لا بل يتيمّم أ لا ترى انه جعل عليه نصف الوضوء و مثله رواية الحسين ابن ابى العلاء عن ابى عبد اللّه عليه السلام و قال السيد رض في شرح الرّسالة على ما نقل ان المجنب اذا تيمّم ثمّ احدث حدثا اصغر و وجد ما يكفيه للوضوء توضأ به لان حدثه الاول ارتفع و جاء ما يوجب الصّغرى و قد وجد من الماء ما يكفيه لها فيجب عليه استعماله فعلى هذا لو لم يجد ماء للوضوء لكان مذهبه التيمّم بدلا منه و اعترض عليه الشارح في شرح الارشاد بانه ضعيف للاجماع على عدم ارتفاع حدثه الاول و نقل عن المصنف انه قال في الذكرى يمكن ان يريد بارتفاع حدثه استباحة الصّلاة و ان الجنابة لم

يتق مانعة منها فلا ينسب الى مخالفة الاجماع و قال هذه الارادة لا تدفع الضعف لان الاستباحة اذا لم يستلزم الرفع فبطلانها بالحدث يوجب تعلق حكم الحدث الاول و انت خبير بان غرض المصنف يمكن ان يكون مجرد توجيه كلامه بحيث يندفع عنه مخالفة الاجماع لا يتمّمه بكلّ وجه فورود ما اورده الشارح عليه على توجيهه لا يقدح في غرضه الا ان لا يكون غرض الشارح الاعتراض على المصنف بل بيان حال ما ذكره السّيد بعد توجيهه و كيف ما كان فيرد على الشارح ان حكمه بان بطلان الاستباحة بالحدث يوجب تعلق الحكم الحدث الاول محل تامّل لما اشرنا اليه من ان بطلان الاستباحة يحتمل وجهين فلا يمكن الحكم باحدهما بلا دليل هذا و يمكن الاستدلال للسّيد بالآية الكريمة اذ المستفاد منها عرفا و في الكلام الحكيم على ما هو المشهور وجوب الوضوء كلّما اراد و القيام الى الصّلاة يخرج ما خرج كالمتطهر بدليل فبقى الباقى و منه ما نحن فيه فيجب الوضوء مع التمكن منه و مع تعذّره فلا ريب في ثبوت التيمّم بدلا منه و يشهد به الآية أيضا لكن هذا على تقدير ان يجعل و ان كنتم جنبا عطفا على اذا قمتم الى الصّلاة و اما اذا جعل عطفا على ان كنتم محدثين المقدر في نظم الكلام و يكون اذا قمتم داخلا على كلا الشقّين و يكون المعنى اذا قمتم الى الصّلاة فتوضّئوا و ان كنتم محدثين بالحدث الاصغر و اغتسلوا ان كنتم جنبا و ان لم تتمكنوا من الماء و كنتم محدثين امّا بالحدث الاصغر او الاكبر فتيمّموا فينعكس الامر اذ المحدث المذكور جنب كما ذكرنا فعليه الغسل و مع تعذره التيمم بدلا عنه و على هذا فترجيح المسألة ترجيح احد التفسيرين و لا يبعد ترجيح الاخير كما يشهد به المتامّل الخبير بل لا يبعد أيضا على التفسير الاول ان يقال ان المحدث المذكور كما يمكن الاستناد في وجوب الوضوء عليه و التيمم بدلا منه عند تعذّره بعموم اذا قمتم كذلك يمكن الاستناد بوجوب الغسل عليه و التيمم بدلا منه عند تعذّره بعموم و ان كنتم جنبا اذ الظاهر منه أيضا عرفا و في كلام الحكيم تعلق الحكم بهم كلّما صدق عليهم انهم جنب لا بهم جنبا في الجملة و لهذا يمكن الاستدلال بها على وجوب الغسل عند كل جنابة و على هذا فنقول التيمّم لمّا لم يرتفع حدثه و صدق عليه الجنب فمقتضى الآية وجوب الغسل عليه و التيمّم بدله مع تعذره دائما لكن خرج عنه ما لو تعذر الغسل و لم يقع حدث منه بعد تيمّمه بالاجماع على كفاية التيمّم الاوّل و عدم وجوب تواتر التيمّم عليه بلا تخلّل حدث و امّا بعد حدوث الحدث فلا اجماع فيحكم بوجوب التيمّم عليه بدلا من الغسل لتعذر الغسل و على هذا فمفاد الآية الكريمة وجوب الوضوء او التيمّم بدله عليه مع الغسل و التيمّم بدله لكن اذا كان وجوب الوضوء و التيمم بدل الغسل او التيمّمين عليه خلاف الاجماع فينبغى التأمّل في ترجيح احدهما فالآية على التفسير الاول لا يرجّح قول السيد بل يحتمل الوجهين و لا يبعد ترجيح الاكتفاء بالتيمم بدل الغسل كما في مبدله اذ مقتضى الآية على التفسير الاوّل وجوب الوضوء و الغسل معا على المجنب عند ارادة القيام الى الصّلاة و قد ظهر بالاجماع سقوط الوضوء مع

ص: 163

الغسل فالظاهر كون الحكم في بدله أيضا كل بخلاف الحكم بوجوب الوضوء او التيمّم بدل الغسل اذ لا شاهد له اصلا و قد ظهر بما ذكرنا بعض الشواهد على ترجيح التفسير الاخير فتأمل هذا ما أردنا ايراده في كتاب الطهارة طهّرها اللّه من دنس ما جنينا و كتب علينا نقير او قطميرا و وفقنا في مستقبل حالنا لاستدراك ما فاتنا فيما مضى صغير او كبير او تدارك ما يرجى به العفو و النّجاة يوما عبوسا قمطريرا و صلّى اللّه على خاتم الرّسالة الّذى ارسل بالكتاب بشير او نذير او اهل بيته الّذين اذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا الّذين من اخلد اليهم اخلد في الجنّة و من سلا عنهم صلّى سعيرا

[كتاب الصّلاة]

اشارة

كتاب الصّلاة

[الفصل الأول في أعدادها]

اشارة

بِسْمِ الهِٰ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

نحمدك يا اله العالمين و نصلّى على رسولك سيّد المرسلين و آله الطّيبين الظاهرين

[الصلوات الواجبة سبعة]

قوله و الواجب سبع صلوات اليوميّة الى آخره

المراد كون هذه السّبع واجبة في الجملة لا انّها لا تكون الا واجبة فلا يرد انّ بعضها قد يكون مندوبا أيضا كاليوميّة المعادة و صلاة الجمعة زمن الغيبة على القول باستحبابها و كذا العيدين فيه و الآيات المعادة و صلاة الطّواف المستحب و الصّلاة على الطفل الذى لم يبلغ السّت على المشهور فتدبّر

قوله نسبت الى اليوم تغليبا

امّا لانّ معظمها في اليوم او لانه لكونه مذكّر اولى بالنسبة فافهم

قوله او بتقدير حذف المضاف

و اقامة المضاف اليه مقامه و اجزاء اعرابه عليه فلا يتوهم ان تقدير حذف المضاف لا يستقيم في العيدين قال سلطان العلماء رحمه الله الظاهر كون الملتزم بصيغة المفعول و لا يخفى انه لا يناسب حذف المضاف اذ الصلاة موصوفة بكونها ملتزمة لا مضاف اليه مع ان التوصيف أيضا لا يناسبه تذكير لفظ الملتزم و ان جعل الملتزم بصيغة الفاعل يستقيم اضافة الصلاة اليه لكن لا يستقيم كونه اسما غالبا كما ذكر اوّلا فتأمل انتهى قلت عدم الاستقامة ممنوع فانه اذ اصحّ جعل الجمعة و العيدين او الاموات و اخواتها اسماء للصّلوات المخصوصة باعتبار كونها فيها او يقرب اليه فلم لا يجوز جعل الملتزم بالكسر اسماء للصّلاة باعتبار كون فاعلها ملتزما و هو ظاهر و يمكن ايضا ان يكون ترديد الشارح بناء على الاحتمالين في قراءة الملتزم و حينئذ لا اشكال و يمكن أيضا ان لا يجعل الملتزم بالفتح اسم مفعول بل مصدرا ميميّا او اسم مكان او زمان و حينئذ فيناسب حذف المضاف و على تقدير جعله اسم مفعول أيضا يمكن ان يقال انّ ما فعله الشارح من تقدير حذف المضاف فيه أيضا لا الموصوف باعتبار ما اشار اليه هذا المحقق نفسه من عدم مناسبة التذكير للتوصيف و امّا على الاضافة فيصير المعنى الصّلاة التى من جنس الملتزم و من افراده فلا تجب المطابقة فافهم

قوله و نفى الصّلاة عمّا لا فاتحة فيها الى آخره

و تخصيص تلك الروايات و ان امكن لكنه انما يتجه بعد ثبوت اطلاق الصلاة عليها حقيقة و هو غير ظ فاذا لم يثبت ذلك فظاهر تلك الاخبار عدم دخولها في الصّلاة حقيقة حتى لا يحتاج الى تخصيص و كذا ما جرى مجريها من الاخبار مثل الصّلاة ثلاثة اثلاث ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود

قوله صلاة الاحتياط و القضاء

و كذا المتحمل عن الغير باستيجار و نحوه و يمكن ادخاله في الملتزم و ادخال كل نوع في اصله فافهم

قوله فيمكن دخولهما في الملتزم

لا يخفى ان دخولهما في الملتزم لا يخلو عن بعد لا سيّما بعد تقييده بالنّذر و شبهه اذا المتبادر من شبه النذر في عرفهم هو العهد و اليمين او ما يشمل التحمل عن الغير أيضا و حمله على ما يشمل الشّك و تقويت الاداء أيضا بعيد جدّا فالاظهر ادخالهما في اليومية فتدبّر

قوله لان الاول مكمل لما يحتمل فواته منها

فهو امّا جزء منها او من توابعها و روادفها فلا بعد في ادخاله فيها

قوله و له وجه وجيه

و هو ظهور دخول الثانى في اليومية بخلاف الاول فالاولى جعله داخلا في الملتزم و انت خبير ابن دخول القضاء في اليومية و ان كان اظهر من دخول الاحتياط فيها لكن دخول الاحتياط أيضا فيها اظهر من دخوله في الملتزم كما اشرنا اليه فالاوجه ادخالهما في اليومية كما ذكرنا

[الصلوات المندوبة كثيرة]

قوله و للعصر ثمان قبلها

هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن ابن الجنيد انه جعل ستّا من الثمان بعد الظهر أيضا نافلة الظهر و ركعتين منها نافلة العصر و كانه لا ثمرة مهمّة لتحقيق ذلك بعد ثبوت استحباب الثمان لعدم لزوم قصد ذلك في النّية و عدم ظهور فائدة اخرى و ما قيل من ظهور فائدة

ص: 164

الخلاف في اعتبار ايقاع السّت قبل القدمين او المثل ان جعلناها للظهر و فيما اذا نذر نافلة العصر فان الواجب الثمان على المشهور و ركعتان على قول ابن الجنيد ففيه تامّل اما في الاول فلانه ليس في الروايات تخصيص نافلة بالظهر و اخرى بالعصر و تعيين وقت لهما و انما المستفاد منها استحباب ثمان ركعات قبل الظهر و ثمان بعدها من غير اضافة الى الظهر و العصر و ايقاع الثمان التى قبل الظهر قبل القدمين او المثل و الثمان التى بعدها قبل الاربعة او المثلين و على هذا فلا يتفاوت الحكم سواء جعلنا السّت للظهر او العصر و اما في الثانى فلان النذر تابع لقصد الناذر فان قصد الثمانى او الركعتين وجب عليه ذلك و ان فرض ثبوت كون نافلة العصر على خلاف ما قصده اللهمّ الا ان يفرض قصد ما هو نافلة العصر شرعا مجملا و لا يخفى ندور الفرض و عند هذا يمكن التوقف في انعقاده رأسا لما قلنا من عدم ظهور الاختصاص من الاخبار اصلا الا ان يثبت الاجماع على اختصاص الركعتين بالعصر فبنى السّت على الخلاف كما ذكره فتدبر

قوله و لو قال راتبتها كان الاقصر الى آخره

لا يخفى لطفه و لا يبعدان يكون غرض المص الاشارة الى ما يظهر من بعض الاخبار ان العلة لسقوط النافلة هو العلة لقصر الفريضة و انه لو صلحت النافلة في السفر لتمّت الفريضة و لا يخفى انه لو قال فيسقط راتبتها بالفاء و الضمير لكان اظهر في الدلالة على ذلك و اقصر كما ذكره الشارح فافهم

قوله لانه خاص و معلّل

و يمكن تأييده أيضا بما ذكره في الفقيه و الظاهر انه مضمون الخبر ان الوتيرة بدل من الوتر لمن فاته و ان من ادرك آخر الليل و صلّى الوتر لم يعدّ الركعتين بعد العشاء شيئا فتفطّن

قوله في تتمّاته

التتمات اسم كتاب للسيّد باعتبار انه يذكر فيه التتمات لمصباح الشيخ فيمكن ارجاع الضمير فيه الى السيّد و الى المصباح

[الفصل الثاني في شروطها]

[الأول الوقت]

اشارة

قوله غير الاموات في الجملة

اى بوجه ما لان الوقت أيضا بوجه الاطلاق شرط لمطلق الصّلاة و السّبعة في الجملة شرط لمطلق الصلوات غير الاموات هذا هو الظاهر كما افاده سلطان العلماء رحمه الله و يمكن أيضا ان يكون متعلّقا بقوله شروط فان السّبعة شروط لمطلق الصّلاة في الجملة لا دائما و في جميع الاحوال لسقوط بعضها في بعض الاحوال كالسّتر حال عدمه

قوله عود ضمير شروطها الى المطلق

و لا يضرّ عدم اشتراط بعضها في بعض كما اشار اليه باستثناء الاموات لندوره بالنسبة الى البواقي فكانه غلبها عليه

قوله و ما بعد ذكره مجملا

حال من ذكر ضمير و من التفصيل بيان لما

قوله بقول مطلق

اى اذا اخذ كل من الشرائط مطلقا فان الوقت مثلا انما اشترط السّبع بمطلقه لا بخصوص الاوقات التى ذكرها المصنف هاهنا او في الجملة لا دائما كما ذكره ثانيا في تفسير قوله في الجملة و ربما قيل اى بقول مطلق لا خلاف فيه و هو بعيد

قوله الّا بتكلّف و تجوّز

كما يقال وقت الصّلاة الطواف عند تمامه و صلاة الاموات عند الفراغ من التغسيل و التكفين و الملتزم بحسب ما التزمه ثمّ ما ذكره سابقا من كون السّبعة شروطا لمطلق الصّلاة فيجوز عود ضمير شروطها الى المطلق مبنىّ على هذا التكلّف و هو يكفى للحكم بالجواز و الغرض هاهنا ترجيح العود الى اليوميّة بعدم الحاجة الى التكلف فلا منافاة بين الكلامين نعم يرد عليه انه اذا احتاج جعلها شروطا لمطلق الصّلاة الى تكلف و يكون هو المرجح لعود الضّمير الى اليومية فلا وجه لجعل اشتراك الجميع في الشرائط بقول مطلق وجها لعدم حسن العود الى اليومية كما ذكره سابقا الا ان يقال ان ما ذكره سابقا وجه واحد لعدم الحسن لا وجهان و حاصله انه لا يحسن لعدم المميّز مع اشتراك الجميع فيها في الجملة و امّا لو لم يكن ذلك الاشتراك و لم يكن جعلها شروطا للجميع بوجه فهو قرينة للعود الى اليومية و مميّز لها و لا يخفى بعده

قوله و عدم اشتراط الطهارة من الحدث و الخبت الى آخره

هذا أيضا مرجح آخر للعود الى اليومية و لا ينافى جواز عوده الى الجميع كما ذكره سابقا مع تصريحه باستثناء الاموات لان بناءه على حمل الكلام على التجوز و التغليب كما اشرنا اليه فافهم

قوله و هى

اى الطهارة من الحدث و الخبث احد الشروط السّبعة

قوله مع انضمام قرائن لفظيّة بعد ذلك

كتخصيص تفصيل الاوقات باليوميّة

[وقت صلاة الظهر]

قوله و ذلك في الظلّ المبسوط

احترز به عن الظلّ المنكوس و هو الحادث عن المقاييس الموازية الافق فان زيادته في اوّل النّهار و تنتفى عند انتقاء نقض المبسوط مخالفا ليل الشمس في المقدار و كذا اذا كان مخالفا له في الجهة كما اشرنا اليه بقوله عند ميلها بقدره و موافقة له في الجهة فافهم

قوله تقريبا في مدينة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله

و ذلك لانّ غرضها خمسة و عشرون درجة و هى ان زادت على الميل الاعظم لانه على اختلاف الارصاد لا يصل الى اربعة و عشرين بل قريب منه لكن الزيادة لقلّتها لا تؤثر اثرا بيّنا للحسّ فيعدم الظّل فيها تقريبا و لا يظهر للحسّ و ان لم ينعدم بالكلية حقيقة و ذلك في اطول ايّام السّنة و هو عند كون الشمس في اول السّرطان

قوله و في مكّة

و ذلك لان عرض مكّة احد و عشرون درجة و اربعون دقيقة فيعدم الظل فيها عند كون الشمس في درجة يكون ميلها فيها بهذا القدر و هى الثامنة من الجوزاء و الثّالثة و العشرون من السّرطان و اطول النّهار عند كون الشمس في اوّل السّرطان و بينه و بين يتنسك الدرجتين اثنتان و عشرون درجة و لما كان قطع الشمس لكل درجة من تلك الدرجات في ازيد من يوم لقربها من الاوج يقع قطعها في قريب من ستة و عشرين يوما كما ذكره الشارح

قوله فلا يعدم ظله من ذى العرض

اى ذى العرض اى ذى العرض الشمالى مطلقا سواء كان بقدر الميل او انقص او ازيد من كون ذلك اى حدوث الظلّ بعد عدمه

قوله فانه من اقبح الفساد

اما في مكة فلما ظهر ممّا ذكرنا و امّا في صنعاء فلان عرضها اربع عشرة درجة و اربعون دقيقة فيكون انعدام الظل فيها عند مسامتة الشمس لرءوس اهلها في درجة يكون ميلها بهذا القدر و هى تاسعة الثور و نظيرتها من الاسد هو تاسعة الثّور ينعدم الظّل الشمالى ثمّ يحدث ظلّ جنوبىّ و يتزايد بتصاعدها حتى تنتهى الصّعود في اطول ايام السنة في اول السّرطان فيكون لها حينئذ ظلّ جنوبىّ مستطيل ثمّ يأخذ في النقصان و يتزايد في التناقص الى ان ينقص الميل بحيث يساوى عرض البلد و ذلك في الثانية و العشرين من الاسد فيعدم الظل فيها أيضا ثمّ يحدث ظلّ شمالى و يتزايد الى تاسعة الثور فيكون بين اطول ايام السّنة و انعدام الظل من الجانبين قريب من ثلاثة و خمسين يوما فتوهم كون انعدام الظل فيها في اطول ايام السّنة خطاء فاحش

[وقت صلاة العصر]

قوله و للعصر الفراغ منها

بشرط وقوعها في زمان يحكم بصحّتها فيه شرعا فلا يكفى الفراغ منها اذا فعلت قبل الوقت الا اذا وقع خطاء بظنّ دخول الوقت و دخل عليه الوقت قبل تمامها فيكفى الفراغ منها حينئذ فافهم

قوله بمضى مقدار فعله

تامّة الافعال و الشروط باقلّ واجباتها كما صرح به في شرح الارشاد

قوله بحسب حاله من قصروا تمام

حتى لو فرض كونه في حال شدة الخوف فوقت الاختصاص بالنسبة اليه مقدار صلاة ركعتين عوض كل ركعة اربع تسبيحات مع الشرائط

قوله و خفّة و بطوء

في القراءة بحسب

ص: 165

طبعه و لو تيّسر له الوجهان فيكفى ما يفى بالاخفّ كما يرشد اليه لنقلنا منه شرح الارشاد فتدبّر

قوله و حصول الشرائط و فقدها

فلو كانت الشرائط حاصلة له فيكفى مضى قدر ما يمكن فيه اداء نفس الصّلاة و مع فقدها بان كان محدثا او عاريا او نجس التوب او المكان فلا بد من مضى زمان يمكنه فيه تحصيل ما فقده من الشرائط و اداء اصل الصّلاة و هذا هو المشهور بين الاصحاب و ذهب ابنا بابويه الى اشتراك الوقت من اوّله الى آخره بين الفريضتين الا ان هذه قبل هذه و نقله المرتضى في جواب المسائل النّاصرية عن اصحابنا الظاهر في العموم او الاكثر لكن حقق بعد ذلك الموضع و فسّره بما هو المشهور و على قوله يزول الخلاف لكن في الاخبار الصحيحة ما يدل على ظاهر هذا القول فلا بعد في ذهاب جماعة من الاصحاب الى ظاهره و ذهب بعض الاصحاب الى اختصاص آخر الوقت أيضا بالظهر بمقدار ادائها قبل الوقت المختصّ بالعصر متّصلا به و فرّع عليه انه لو صلّى العصر في هذا الوقت قبل الظهر ناسيا لم يصحّ بل يعيدها الآن و يقتضى الظهر لخروج وقتها و على الاشتراك صحّ العصر و يصلّى الظهر الا اذن اداء و على المشهور صح العصر و يقضى الظهر لخروج وقتها و لعل الاشتراك اوسطها كما ان الاول اضعفها و اللّه تعالى يعلم

قوله و تاخيرها اى العصر الى مصير الظّل الحادث الى آخره

لا خلاف في ان اول وقت العصر هو الفراغ عن الظّهر و انه يجوز فعلها بعده بلا فصل و يدل عليه كثير من الاخبار أيضا لكن ذهب جماعة من الاصحاب الى استحباب تاخيرها عن الوقت الاول للظهر الذى هو وقت الفضيلة على المشهور و وقت الاختيار على رأى الشيخ و هو صيرورة الظل الحادث من الشي ء مثله على ما ذكره الشيخ في النهاية و الاقوى عدم تحديد للتاخير بل انما له التأخير بقدر النافلة على ما شاء من الطول و القصر اذا لم يوجب تاخير الفريضة الى الوقت الثانى و بعد الفراغ منها فلا يستحب تاخير الصّلاة لقا الآيات الواردة بالامر بالاستباق الى الخيرات و المسارعة الى المغفرة و الرّوايات المتضافرة الدّالة على افضلية اول الوقت كصحيحة محمد بن مسلم قال سمعت ابا عبد اللّه ع يقول اذ ادخل وقت صلاة فتحت ابواب السماء لصعود الاعمال فما احبّ ان يصعد عمل اوّل من عملى و لا يكتب في لصحيفة احد اوّل منى و صحيحة سعد بن ابى خلف عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال الصّلوات المفروضات في اوّل وقتها اذا اقيم حدوده اما اطيب ريحا من قضيب الاس حين يؤخذ من شجرة في طيبه و ريحه و طراءته فعليكم بالوقت الاول و صحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السلام اصلحك اللّه وقت كلّ صلاة اول الوقت افضل او وسطه او آخره فقال اوّله قال رسول اللّه ص انّ اللّه يحب من الخير ما يعجل و رواية زرارة قال قال ابو جعفر عليه السلام ان اول الوقت ابدا افضل فتجعل الخير ما استطعت و احبّ الاعمال الى اللّه عزّ و جلّ ما دام العبد عليه و ان قل رواية زرارة قال قال ابو جعفر عليه السلام احبّ الوقت الى اللّه عزّ و جل اوّله حين يدخل وقت الصّلاة فصّل الفريضة فان لم تفعل فانك في وقت منهما حتى تغيب الشمس و رواية ابى بصير قال ذكر ابو عبد اللّه عليه السلام اول الوقت و فضله فقلت كيف اصنع بالثمانى ركعات قال خفّف ما استطعت و في المدارك حكم باستفاضة الروايات الدالة على افضلية اول الوقت و انما اورد منها صحيحة قتيبة الاعشى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان افضل الوقت الاول على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا الاولى و في الحكم بصحتها تامّل فان في سندها على ما في الكافي و التهذيب سلمة بن الخطاب و لم يوثقوه و ضعفه النجاشى و ابن الغضائرى و العلامة و دلالتها أيضا لا يخلو عن قصور فان ظاهرها فضل الوقت الاول على الثانى لا اول الوقت مطلقا و لو اورد بدل تلك الرواية صحيحة بكر بن محمّد قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام لفضل الوقت الاول على الاخير خير للمؤمن من ولده و ماله او صحيحة معاوية بن عمار و ابن وهب قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام لكل صلاة وقتان و اول الوقت افضله او صحيحة عبد اللّه بن سنان ان كان فيها محمد بن عيسى عن يونس قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول لكل صلاة وقتان فاول الوقت افضله و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا في عذر من غير علّة لا تدفع المناقشة من حيث السند لكن يبقى المناقشة في الدلالة فالاولى ايراد احدى ما ذكرنا من الروايات الصحيحة اوّلا و لنا أيضا صحيحة سعد بن سعد قال قال الرّضا عليه السلام يا فلان اذ ادخل الوقت عليك فصلهما فانك لا تدرى ما يكون و صحيحة محمد بن احمد بن يحيى قال كتب بعض اصحابنا الى ابى الحسن عليه السلام روى عن آبائك القدوم القدمين و الاربع و القامة و القامتين و ظلّ مثلك و الذراع و الذراعين فكتب عليه السلام لا القدم و لا القدمين اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصّلاتين و بين يديها سبحة و هى ثمان ركعات فان شئت طولت و ان شئت قصرت ثمّ صلّ الظهر فاذا فرغت كان بين الظهر و العصر سبحة و هى ثمان ركعات ان شئت طولت و ان شئت قصّرت ثمّ صل العصر و حسنة الكافى بإبراهيم بن هاشم عن ذريح المحاربى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام متى أصلّي الظهر فقال صلّ الزوال ثمانية ثمّ صلّ الظهر ثمّ صل سبحتك طالت او قصرت ثمّ صلّ العصر و صحيحة زرارة او حسنة قال قلت لابى جعفر عليه السلام بين الظهر و العصر حدّ معروف فقال لا و موثقة سماعة بن مهران قال قال ابو عبد اللّه ع اذا زالت الشمس فصل ثمانى ركعات ثمّ صلّ الفريضة اربعا فاذا فرغت من

سبحتك قصرت او طولت فصل العصر و موثقة ذريح المحاربى عن ابى عبد اللّه ع قال سئل ابا عبد اللّه عليه السلام اناس و انا حاضر فقال اذا زالت الشمس فهو وقت لا يحسبك منها الا سبحتك تطيلها او تقصرها فقال بعض القوم انّا نصلى الاولى اذا كانت على قدمين و العصر على اربعة اقدام فقال ابو عبد اللّه عليه السلام النصف من ذلك احب انى و موثقة يعقوب بن شعيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن صلاة الظهر فقال اذا كان الفي ء ذراعا قلت ذراعا من أيّ شي ء قال ذراعا من فيئك قلت فالعصر قال الشّطر من ذلك قلت هذا شبر قال أ و ليس شبر كثيرا و موثقة ذريح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اتى جبرئيل عليه السلام رسول اللّه ص فاعلمه مواقيت الصّلاة فقال صلّ الفجر حين ينشق الفجر و صلّ الاولى اذا زالت الشمس و صلّ العصر بعيدها و صل المغرب اذا سقط القرص و صلّ الغتمة اذا غاب الشفق ثمّ اتاه من الغد فقال اسفر بالفجر فاسفر ثمّ اخّر الظهر حتى كان الوقت الذى صلّى فيه العصر و صلّ العصر بعيدها و صلّى المغرب قبل سقوط الشفق و صلّى العتمة حين ذهب ثلث الليل ثمّ قال ما بين هذين الوقتين وقت و افضل الوقت اوّله ثمّ قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لو لا انى اكره ان اشق على امتى لأخّرتها الى نصف اللّيل الحديث و لعلّ المراد بقوله ع ما بين هذين الوقتين وقت انّ ما بينها وقت للفضيلة تدارك الفضيلة بفعلها من الوقت الاول الى الآخر فان كان الوقت الثانى في بعضها كالظهر افضل لمن يصلّى النوافل و قوله عليه السلام و اول الوقت افضله اى الصّلاة في هذا الوقت الاول الممتدّ من الوقت الاول الى الثانى المذكورين افضل من فعلها بعده الى آخر وقت الاجزاء لكل صلاة لا انّ فعلها في اوّل هذين الوقتين افضل من الثانى اللّهمّ الا ان يخصّ بمن لم يصلّ النوافل اذ لا ريب في افضليّة الثانى للظهر ان يصلّيها و قوله عليه السلام لو لا انى اكره ان اشق الى آخره كانه بمنزلة الاستثناء مما قبله اذ المستفاد منه ان الافضل في العشاء تاخيرها الى نصف الليل

ص: 166

فليس اوّل الوقت فيها افضل و يشكل هذا بمنافاته لما ورد في اخبار اخرى من ان آخر وقت العشاء ثلث الليل كرواية زرارة و مثلها رواية يزيد بن خليفة و رواية الحلبى ان العتمة الى ثلث الليل او الى نصف الليل و ذلك التضييع و كذا رواية ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه ص لو لا انى اخاف ان اشقّ على امّتى لأخّرت العتمة الى ثلث الليل و انت في رخصة الى نصف الليل و هو غسق الليل و لذلك فقل عن المحقق الاردبيلى رحمه الله انه كتب هاهنا ثلث الليل بدلا ظاهر النصف الليل و كتب حاشية نقل فيها رواية ابى بصير و حكم بانها تدلّ على ان نصف اللّيل هاهنا غلط قال بل صدر الخبر ايضا و كذا غيره انتهى و يمكن ان يقال ان مفهوم هذه الرّواية انما هو افضليّة التأخير الى النصف لو لا ملاحظة المشقة على الامة و اما بعد ملاحظتها فربما صار التأخير اليه مرجوحا فصار تضييعا فتدفع المنافاة الاولى و منه يظهر انه لا يلزم جعله بمنزلة الاستثناء مما قبله على ما ذكرنا اوّلا لا يقال ان الاخبار عن فضيلة التأخير على تقدير غير واقع مع عدم بقاء فضيلة في نفس الامر مما لا فائدة فيه فلا يصح حمل كلام الحكيم عليه فلا بد من حمله على ظاهره من فضيلة التأخير و عدم فعله عليه السلام لئلا يتخذه الامة واجبا و يشق الامر عليهم لانا نقول لا نسلم انحصار الفائدة مما ذكر بل يجوز ان تكون بيان بناء الدّين على السّهولة و رفع بعض التكاليف منه مع ما فيه من الفضيلة لمجرّد رفع المشقة و الكلفة فافهم و امّا منافاتها لرواية ابى بصير حيث وقع فيها الى ثلث الليل فامرها سهل لورود مثل ذلك في الاخبار كثير او لا ضير لعدم التناقض اذ افضليّة التأخير الى الثلث على التقدير المذكور لا ينافى افضلية الى النصف و كذا العكس غاية الامر ان التحديد الى الثلث يوهم يفنها الى الزائد و لا عبرة به بعد القيام المعارض اذ ربما كان لمصلحة اخرى كشدّة الاهتمام به او غير ذلك على انه يمكن ان يكون المقصود في رواية ابى بصير فضلية التأخير الى الثلث في نفس الامر و عدم فعله عليه السلام لئلا يشقّ على الامّة بناء على حمله على الوجوب او لكمال اهتمامهم بالاقتداء به و ان لم يكن على سبيل الوجوب و في الرّواية الاولى ليس الامر كذلك على ما ذكرنا بل مجرّد الفضيلة على التقدير و على هذا فالاختلاف في التحديد يمكن ان يكون لذلك و امّا تبديل النصف بالثلث على ما كتبه المحقق المذكورة ففيه ان قوله عليه السلام و صلّى العتمة حين ذهب ثلث الليل يأبى عنه الا ان يحمل قوله عليه السلام لأخّرتها على معنى لأمرت بتاخيرها و اوجبت ذلك و لا يخفى ما فيه من التكلّف فتأمل و لنا أيضا رواية صفوان الجمّال بسند كانه موثق عن ابى عبد اللّه ع قال قلت العصر متى اصلّيها اذا كنت في غير سفر قال على قدر ثلثى قدم بعد الظهر و رواية الكافى عن مسمع بن عبد الملك قال اذا صلّيت الظهر فقد دخل وقت العصر الا ان بين يديها سبحة فذلك اليك ان شئت طولت و ان شئت قصرت حجة القول باستحباب التأخير الى المثل رواية يزيد بن خليفه قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام انّ عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت فقال ابو عبد اللّه عليه السلام اذا لا يكذب علينا قلت ذكر انك قلت ان اول صلاة افترضها اللّه عز و جلّ على نبيّه ص الظّهر و هو قول اللّه عز و جلّ اقم الصّلاة لدلوك الشّمس فاذا زالت الشمس لم يمنعك الّا سبحتك ثمّ لا تزال في وقت الا ان يصير الظلّ قامة و هو آخر الوقت فاذا صار الظلّ قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين و ذلك المساء قال صدق و في سندها محمد بن عيسى عن يونس و فيه كلام مش و يزيد بن خليفة واقفى غير موثق و يمكن حمل قوله عليه السلام فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر اى الوقت المختصّ بالعصر الذى لا ينبغى تاخير الظهر اليه لا ان الافضل تاخير العصر الى القامة كما ذكروه و حينئذ فلا تفيد الّا تحديد وقت فضيلة الظّهر الى قامة و فضيلة العصر الى قامتين و رواية محمّد بن حكيم قال سمعت العبد الصّالح و هو يقول ان اوّل وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و اول وقت

العصر قامة و آخر وقتها قامتان قلت في الشتاء و لضيف سواء قال نعم و في سندها حسن بن محمد بن سماعة و هو واقفى و حماد مطلق و لا يخلو عن اشتراك و محمد بن حكيم و لم يوثقوه و يمكن حملها أيضا على ما حملنا الرواية الاولى اى اوّل وقت العصر المختص به قامة لا ان الافضل تاخيره اليها و رواية معاوية بن وهب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اتى جبرئيل رسول اللّه ص بمواقيت الصّلاة فاتاه حين زالت الشمس فامره فصلّى الظهر ثمّ اتاه حين زاد الظلّ قامة فامره فصلّى العصر ثمّ اتاه حين غربت الشمس فامره فصلّى المغرب ثمّ اتاه حين سقط الشفق فامره فصلّى العشاء ثمّ اتاه حين طلع الفجر فامره فصلّى الصّبح ثمّ اتاه من الغد حين زاد في الظلّ قامة فامره فصلى الظهر ثمّ اتاه حين زاد من الظلّ قامتها فامره فصلّى العصر ثمّ اتاه حين غربت الشمس فامره فصلّى المغرب ثمّ اتاه حين ذهب ثلث الليل فامره فصلّى العشاء ثمّ اتاه حين نور الصبح فامره فصلّى الصبح ثمّ قال ما بينهما وقت وجه الاستدلال ان الظاهر ان مجي ء جبرئيل عليه السلام لكل صلاة مرتين انما هو لتحديد اوّل وقتها و آخره فيكون اول وقت العصر عند زيد الظلّ قامة و آخره عند زيده قامتين و ليحمل ذلك على وقت الفضيلة جمعا بين الاخبار و فيه ان في سندها الحسن بن محمد بن سماعة و قد وقفت آنفا انه واقفى و محمد بن ابى حمزة و معاوية بن وهب و بما لا يخلو ان عن اشتراك بين الموثق و غيره و كيفما كان فلا تزيد الخبر عن الموثق و يمكن ان يكون التحديد لوقت فضيلة العصر المختص به لا لاقل وقت فضيلته مطلقا و يكون الغرض من ذلك التسهيل في اول الامر على كون القامة وقت فضيلة العصر لا باس بتاخيره اليها بالاشتغال بالنّوافل و التعقيب او بدون ذلك أيضا و ان كان الافضل عند عدم الاشتغال فعله قبل ذلك على ما ظهر من الاخبار التى استدللنا بها على ان الشيخ روى عن معاوية بن ميسرة عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثلها الا انه قال بدل القامة و القامتين ذراع و ذراعين و عن مفضل بن عمر عن ابى عبد اللّه ع مثلها الا انه ذكر بدل القامة و القامتين قدمين و اربعة اقدام و لا يخفى انه على ما في الرّوايتين يمكن ان يكون تاخير العصر الى الذّراع و القدمين باعتبار افضلية الاشتغال بالنوافل و التعقيب اليه و هذا لا ينافى ان يكون الافضل لمن لم يشتغل بهما تقديمه فرواية معاوية بن وهب لو حملت على ظاهرها فمعارضة بهاتين الرّوايتين فتضعف بذلك و ان حملت القامة و القامتان فيها على الذراع و الذراعين كما حمله الشيخ في التهذيب و استشهد له بروايات فيجرى فيها أيضا ما ذكرنا في توجيهها على انه على تقدير الحمل على ظاهرها أيضا ربما امكن اجراء ما ذكرنا فيها بان يقال ان التأخير الى القامة باعتبار افضلية الاشتغال بالنوافل و التعقيبات اليها لا لأفضلية مطلقا هذا كله مع معارضتها بما نقلنا من رواية ذريح و هى اقوى سندا منها اذ ليس فيها ما يخدش فيها الا اشتماله على الحسن بن محمد بن سماعة و هو مشترك بين الجميع مع اختصاص كل منها بزيادة امّا رواية ابن وهب فلما اشرنا اليه من الاشتراكين و اما رواية ابن ميسرة فلعدم توثيقه أيضا و لان فيها احمد بن ابى بشر و هو واقفى و اورد فيه الكشى ذموما كثيرة و ان وثق في جش ست و امّا رواية

ص: 167

مفضّل بن عمر فلمّا هو المشهور من القدح فيه و ان كان في ارشاد المفيد ما يدلّ على توثيقه و لاشتمالها أيضا على ابن رباط و لم يوثقوه هذا و لا يبعد الجمع بين جميع تلك الرّوايات بعد حمل القامة على الذراع بان مع التأخير الى الذراع أيضا بعيدها فافهم و اما موثقة زرارة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجيبني فلما ان كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال ان زرارة سألنى عن وقت صلاة الظهر الخلاف القيظ فلم اخبره فخرجت من ذلك فاقرئه منى السّلام و قل له اذا كان ظلّك مثلك فصلّ الظهر و اذا كان ظلّك مثليك فصلّ العصر فالظاهر انه رخصة لتاخير كل من الصّلاتين الى انتهاء وقت فضيلته لمكان الحرّ و الّا فلا قائل باستحباب تاخير الظهر الى بعد المثل و العصر الى بعد المثلين و حينئذ فلا حجة فيها حجة القول باستحباب التأخير اربعة اقدام صحيحة اسماعيل الجعفى عن ابى جعفر عليه السلام قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذا كان في الجدار ذراعا صلّى الظهر و اذا كان ذراعين صلّى العصر قال قلت ان الجدار مختلف بعضها قصير و بعضها طويل فقال كان جدار مسجد رسول اللّه ص يومئذ قامة و انما جعل الذراع و الذّراعين لئلا يكون تطوّع في وقت فريضة و صحيحة فضيل و زرارة و بكير و محمد بن مسلم و بريد العجلى قال قال ابو جعفر و ابو عبد اللّه عليهم السلام وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر يعد ذلك قدمان و هذا اوّل وقت الى ان يمضى اربعة اقدام للعصر و رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس وقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلك اربعة اقدام من زوال الشمس و قال زرارة قال لى ابو جعفر عليه السلام حين سألته من ذلك ان حائط مسجد رسول اللّه عليه السلام كان قامة فكان اذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظهر و اذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر ثمّ قال أ تدري لم جعل الذّراع و الذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان الفريضة فانّ لك ان تتنفّل من زوال الشمس الى ان يمضى الفي ء ذراعا فاذا ابلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة و تركت النافلة قال ابن مسكان و حدثنى بالذراع و الذراعين سليمان بن خالد و ابو بصير المرادى و حسين صاحب القلانس و ابن ابى يعفور و من لا احصيه منهم و هذه الرواية الى ما نقل عن ابن مسكان رواها في الفقيه أيضا عن زرارة و سنده اليه صحيح بتغييرات لا تخلّ بالمقصود و رواية ابراهيم الكرخى قال سألت ابا الحسن موسى عليه السلام متى يدخل وقت الظهر قال اذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضى من زوالها اربعة اقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره فقلت فمتى يدخل وقت العصر فقال انّ آخر وقت الظهر هو اول وقت العصر الحديث و رواية الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كان رسول اللّه ص يصلّى الظهر على ذراع و العصر على نحو ذلك و رواية زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول كان حائط مسجد رسول اللّه ص قامة فاذا مضى من فيئه زراع صلّى الظهر و اذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر ثمّ قال أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان قلت لا قال من اجل الفريضة اذا دخل وقت الذراع و الذراعين بدئت بالفريضة و تركت النافلة و رواية زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول كان رسول اللّه ص لا يصلى من النهار شيئا حتى تزول الشمس فاذا زال النهار قدر نصف اصبع صلّى ثمانى ركعات فاذا فاء الفي ء ذراعا صلّى الظهر ثمّ صلى بعد الظهر ركعتين فيصلّى قبل وقت العصر ركعتين فاذا فاء الفي ء ذراعين صلى العصر الحديث و مرفوعة سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان الشمس اذا طلعت كان الفي ء طويلا ثمّ لا يزال ينقص حتى تزول فاذا زالت زادت فاذا استنبت الزيادة فصلّ الظهر ثمّ تمهل قدر ذراع و صلّ العصر و الجواب انه بقرينة ما اوردنا من الاخبار يمكن ان يكون التأخير الوارد في هذه الاخبار باعتبار الاشتغال بالنوافل و التعقيبات و يكون الغرض ان له الاشتغال بها الى الذراعين بل يستحب له ذلك و اما بعد ذلك فعليه تركها و الاشتغال بالفريضة و حينئذ فلا دلالة لها على استحباب تاخير من لم يشتغل بها و بما قررنا

يمكن الجمع بين اكثر ما نقلنا من الاخبار لكن يبقى بعد التدافع بين هذه الاخبار و بين ما سبق في موثقة ذريح من قوله عليه السلام النصف من ذلك أحبّ إليّ و يمكن دفعه بحمل تلك الرواية على ان تاخير السّائل الى القدمين و اربعة اقدام كان بدون الاشتغال بالنافلة او التعقيب فحكم عليه السلام له بان النصف من ذلك احبّ اليّ اى الاولى ان لا يؤخر زائدا على نصف ذلك و حينئذ يكون تجويزه التأخير بقدر النّصف للتوسعة عليه لا لكونه احبّ او باعتبار علمه عليه السلام باشتغال السّائل بالنافلة و التعقيب بقدر النصف دون ما زاد عليه و يمكن دفعه أيضا بحمل هذه الرواية على انها وردت لضرب من التقية و الاستصلاح بقرينة رواية ابى خديجة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سئل انسان و انا حاضر فقال ربما دخلت المسجد و بعض اصحابنا يصلّى العصر و بعضهم يصلى الظهر فقال انا امرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فاخذوا برقابهم و كذا القول فيما سبق في موثقة يعقوب بن شعيب الشطر من ذلك و ما سبق في رواية صفوان الجمال من قوله عليه السلام على ثلثى قدمه بعد الظهر و يمكن حملها أيضا على ان يكون لمن لم يشتغل بالنوافل و التعقيب و يكون التأخير بقدر و الشطر او ثلثى للتجويز و توسيع الامر لا لاستحبابه او لانه اقل مقدار ينبغى الاشتغال فيه بالنافلة و التعقيب او يحمل على ما ذكرناه من الاستصلاح و كذا ما سبق من قوله عليه السلام في رواية ابى بصير خفّف ما استطعت و يمكن حمله على التخفيف في الجملة و بقدر ما يفى به الذراع و الذراعان او على ما ذكرنا من الاستصلاح فتأمل و ذكر المصنف في الذكرى انه لا خلاف عندنا في جواز الجمع بين الظهر و العصر سفر او حضرا للمختار و غيره و رواه العامة عن علىّ عليه السلام و ابن عبّاس و ابن عمرو و ابى موسى و جابر و سعد بن ابى وقاص و عائشة ثمّ ذكر بعض ما يدلّ عليه من روايات العامة و الخاصة ثمّ قال نعم الأقرب استحباب تاخير العصر الى ان يخرج وقت فضيلة الظهر امّا المقدر بالنافلتين و الظهر و امّا المقدر بما سلف من المثل و الاقدام و غيرهما لانه معلوم من حال النّبى ص حتى ان رواية الجمع بين الصّلاتين تشهد بذلك و قد صرّح به المفيد في باب عمل الجمعة قال و الفرق بين الصّلاتين في سائر الايام مع الاختيار و عدم العوارض افضل و قد ثبتت السّنة به الّا في يوم الجمعة فان الجمع بينهما افضل و كذا في ظهرى عرفة و عشائى المزدلفة و ابن الجنيد حيث قال لا يختار ان يأتى الحاضر بالعصر عقيب الظهر التى صلّاها مع الزوال الا مسافر او عليلا او خائفا ما يقطعه عنها بل الاستحباب للحاضر ان يقدم بعد الزوال و قبل فريضة الظهر شيئا من التطوّع الى ان تزول الشمس قدمين او ذراعا من وقت زوالها ثمّ يأتى بالظهر و يعقّبها بالتطوّع من التسبيح او الصّلاة نظرا لينظر لنا ان يصير الفي ء اربعة اقدام او ذراعين ثمّ يصلّى العصر و ان اراد الجمع بينهما من غير صلاة ان يفصل بينهما بمائة تسبيحة و الاصحاب في المعنى قائلون باستحباب التأخير و انما لم يصرح بعضهم به اعتمادا على صلاة النافلة بين الفريضتين و قد رووا ذلك في احاديثهم كثيرا نقل حديث إتيان جبرئيل عليه السلام بمواقيت الصّلاة رواها معاوية بن وهب

ص: 168

و معاوية بن ميسّره و ابو خديجة و للفضل بن عمرو ذريح عن ابى عبد اللّه عليه السلام و قد نقلنا تلك الرّوايات سوى رواية ابى خديجة فانى لم اقف على رواية منه في هذا الباب و اظنّ ان في ذكرها سهوا فان الشيخ في التهذيب نقل رواية ابى خديجة التى ذكرنا آخر الاستشهاد على ورود بعض تلك الروايات بضرب من التقيّة و الاستصلاح ثمّ نقل رواية معاوية بن وهب ثمّ نقل رواية معاوية بن ميسرة و قال انه ذكر مثل حديث ابى خديجة الا انه قال بدل القامة و القامتين ذراع و ذراعين و انت تعلم ان القامة و القامتين ما كان في حديث ابى خديجة بل في حديث معاوية فكان هذا سهو منه رحمه الله و المصنف رحمه الله أيضا نقل عنه و ظن ورود رواية أيضا في هذا الباب من ابى خديجة و اللّه تعالى يعلم ثمّ نقل رواية الحلبى و رواية زرارة و صحيحة اسماعيل الجعفى التى نقلناها في حجة القول بالاقدام ثمّ نقل بعض الروايات الاخرى التى لا يهمّنا نقلها ثمّ قال و روى عبد اللّه بن سنان في كتابه عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان في السّفر يجمع بين المغرب و العشاء و بين الظهر و العصر و انما يفعل ذلك اذا كان مستعجلا قال عليه السلام و تفريقها افضل قال المصنف و هذا نصّ في هذا الباب و لم اقف على ما ينافى استحباب التفريق من رواية الاصحاب سوى ما رواه عبّاس الناقد قال تفرق ما كان في يدى و تفرق عنى حرفائى فشكوت ذلك الى ابى عبد اللّه عليه السلام فقال اجمع بين الصّلاتين الظهر و العصر ترى ما تحبّ و في الكافى فشكوت ذلك الى ابى محمّد عليه السلام و الذى هنا بخطّ الشيخ و قد نسبه الى الكافى و هو ان صح امكن تاويله بجمع لا يقتضى طول التفريق لامتناع ان يكون ترك النّافلة بينهما مستحبّها او يحمل على ظهرى الجمعة و اما باقى الاخبار فمقصورة على جواز الجمع و هو لا ينافى استحباب التأخير قال الشيخ كل خبر يدل على افضليّة اوّل الوقت محمول على الوقت الذى يلى وقت النافلة و بالجملة كما علم من مذهب الاماميّة جواز الجمع بين الصّلاتين مطلقا علم منه استحباب التفريق بينهما بشهادة النصوص و المصنّفات بذلك انتهى و انت خبير بان الذى يعلم مما نقله من الاخبار و كلام الاصحاب ليس الا استحباب التفريق في الجملة و هو يحصل مما ذكرنا من استحبابه للاشتغال بالنوافل و التعقيبات و لا يعلم استحبابه مطلقا حتى لمن لم يشتغل بهما و ينبغى حمل كلامه رحمه الله ايضا على ذلك و رواية عبد اللّه بن سنان لا ينافى ذلك فان تفريق الظهرين في السّفر بدون الاستعجال و ان لم يتصوّر بالاشتغال بالنافلة لسقوطها لكن يتصوّر بالاشتغال بالتعقيبات فلعل التفريق المستحبّ بدون الاستعجال فيهما هو ذلك و على ما قررنا فيسهل الخطب في توجيهه رواية عبّاس الناقد فانه يمكن حملها على ترك التفريق الذى كان بدون الاشتغال بالنوافل او بعد الفراغ منها فلا منافاة بين الاخبار و كان مراده رحمه الله أيضا مما ذكره في تاويلها هو ذلك بقرينة ما ذكره من التعليل لا الحمل على ترك التفريق بما قدرة الاصحاب مطلقا سواء اشتغل بالنافلة و التعقيب ام لا ثمّ عبارته على الوجهين لا يخلو من شي ء اذ لا اشكال في الخبر يتوهم جمع يقتضى طول التفريق مع عدم استحبابه حتى يدفع الاشكال بتخصيص الخبر بما سواء بل الاشكال باعتبار ان ظاهره استحباب الجمع بينهما و ترك التفريق مطلقا مع انه ليس كذلك فالظاهر امكان تاويله بترك طول التفريق و ان كان مع التفريق في الجملة بالاشتغال بالنافلة و التعقيب او مطلقا على الوجهين فافهم و ما نقله من الشيخ من حمل اول الوقت في الاخبار على الوقت الذى يلى النافلة انما يسلّم فيمن اشتغل بالنافلة لا مطلقا فان قلت حمل الوقت الافضل تارة على الذى يلى النافلة و تارة على الأول الحقيقى بدون تفصيل في الاخبار بعيد جدا فالظاهر حملها على الذى يلى وقت النافلة مطلقا و هو يفيد استحباب التأخير مطلقا قلت على ما ذكرنا لا يجب حمل الاخبار على ما ذكر من التفصيل حتى يستبعد بل يحمل على افضلية الوقت من حيث هو اوّل مطلقا لكن بقرينة ما ورد في فضل النافلة و التعقيب يعلم ان الاشتغال بها الى القامتين او الاقدام افضل و لا باس بالتاخير له ففيه فضلية يستدرك بها فضيلة التقديم مع زيادة و امّا بدون ذلك فلا شاهد لنا نخصّ به عموم

ذلك الاخبار او تقيد اطلاقها فتفطن ثمّ نقل في الذكرى انه اورد على المحقق نجم الدين تلميذه جمال الدين يوسف بن حاتم المشغرى الشامى و كان أيضا تلميذ السيّد بن طاوس ان النّبى صلّى اللّه عليه و آله ان كان يجمع بين الصلاتين فلا حاجة الى الأذان للثانية اذ هو للاعلام و للخبر المتضمّن انه عند الجمع بين الصّلاتين يسقط الاذان و ان كان يفرق فلم ندبتم الى الجمع و جعلتموه افضل فاجابه المحقق ان النبي عليه السلام كان يجمع تارة و يفرق تارة اخرى ثمّ ذكر الروايات كما ذكرنا و قال انما استجبنا الجمع في الوقت الواحد اذا اتى بالنوافل و الفرضين فيه لانه مبادرة الى تفريغ الذمة من الفرض حيث ثبت دخول وقت الصّلاتين ثمّ ذكر خبر عمرو بن حريث عن الصّادق عليه السّلام و سأله عن صلاة رسول اللّه ص فقال كان النبي ص يصلّى ثمان ركعات الزوال ثمّ يصلى اربعا الاولى و ثمانى بعدها و اربعا للعصر و ثلث المغرب و اربعا بعدها و العشا و اربعا بعدها و ثمانى الليل و ثلث الوتر و ركعتى الفجر و الغداة ركعتين انتهى و لا يخفى ان المستفاد مما نقله هو شهرة استحباب الجمع عند الاصحاب لا التفريق ثمّ ما نقله عن المحقق قاصر عن تحقيق المقام فان الاشكال ان كان هو مجرد انه ان كان النبي ص يجمع بين الصّلاتين دائما فلا حاجة الى الاذان للثانية و ان كان يفرق دائما فلم ندبتم الى الجمع فيندفع بما ذكره من انه ص كان يجمع تارة و يفرق اخرى و الاذان مع التفريق و استحباب الجمع لدليل خارج اما او قرّر بانه ان كان اكثر فعله عليه السلام الجمع فينبغى سقوط الاذان للثانية في الاكثر مع انه ليس كذلك و ان كان اكثر فعله ص التفريق فلم ندبتم الى الجمع فلم يتجه ما ذكره في رفعه لانه ان ادعى ان اكثر فعله عليه السلام الجمع فيتجه المحذور الاول و لا مدفع له و ان التزم ان اكثر فعله عليه السلام كان التفريق فيتجه الثانى و القول بان استحباب الجمع عندنا للمبادرة الى تفريغ الذمة مع كونه خلاف ما فعله ص في الاكثر مما يشكل توجيهه فالظاهر في الجواب ان يقال ان الجمع المستحب عندنا هو الجمع الذى لا ينافى التفريق و فعل كلّ منهما في وقت فضيلته و كان اكثر فعله عليه السلام ذلك و حينئذ فلا يسقط الاذان او يقال انما استجبنا للجمع في الوقت الواحد لما ذكر من العلة و لا نسلم سقوط الاذان و ان كان اصله للاعلام كان صار سنة متّبعة و انما يثبت سقوطه مع الجمع بين الصّلاتين بترك النّافلة بينهما بل التعقيب ايضا و اما مع الفصل بينهما فلا نسلم سقوطه و ان اتى بهما في وقت واحد و نحن لا نقول باستحباب الجمع بمعنى ترك النّافلة و التعقيب بل باستحبابه بمعنى الاتيان بهما في وقت واحد مع الاتيان بالنوافل و التعقيب فلا اشكال و لا يخفى انّ المطابق لما يستفاد من الاخبار في فعله ص هو الوجه الاوّل فتأمل ثمّ ما نقله من خبر عمرو بن حريث كانه باعتبار انه استفاد منه فعل العصر بعد النافلة بلا فصل و كذا العشاء و الا فلا تعلّق لنقله بغرضه و لا يخفى ضعفه ثمّ انه يمكن الاستدلال على استحباب التفريق و تاخير العصر الى الوقت الثانى مطلقا و كذا العشاء بما ذكروه في المستحاضة من انها تؤخّر هذه و تعجل هذه و الا فلا وجه للتاخير فيها و فيه ان اكثر الاخبار الواردة في ذلك الباب لا يفيد الا انها تجمع بين

ص: 169

الصّلاتين و لا تفرق بينهما و امّا انها تؤخر هذه على ما ذكروه فليس الا في رواية معاوية ابن عمّار و في سندها محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان و على تقدير صحته لما هو الظاهر عندى ان محمد بن اسماعيل هذا هو النّيسابورى و كان من شيوخ الاجازة فلا يضرّ عدم توثيقه نقول ان الوجه في تاخير هذه فيهما الى آخر وقت الفضيلة يمكن ان يكون لرجاء قطع الدم او تخفيفه فلا يدل على استحباب تاخير الثانية مطلقا فتأمل

قوله اى مثل ذى الظلّ و هو المقياس

هكذا ذكره الاكثر و اعتبر الشيخ في التهذيب و المحقق في الشرائع المماثلة بين الفي ء الزائد و الظل الاول الباقى عند الزوال و المستفاد من الروايات هو الأول هذا مع عدم انضباط الثانى لاختلاف الظل الاول كل يوم بالزّيادة و النقصان و قد ينعدم بالكلية فلا يستقيم جعل الزيادة بقدره وقت الفضيلة الظهر او لتعيّنه على ما نقلوه اذ يلزم التكليف بها في بعض الأوقات في غير وقت او فيما يقصر عنها فافهم

[وقت صلاة المغرب و العشاء]

قوله وحده قمّة الراس

اى حدّ الذهاب المعتبر هنا هو ان يذهب الحجرة من طرف المشرق الى ان يبلغ قمة الراس فاذا بلغت اليها فقد دخل وقت المغرب و القمة بالكسر اعلى الراس و الاعلى من كل شي ء كذا في القاموس و المراد بها هنا هو دائرة نصف النّهار

قوله بل قيل بتعيّنه

و هو مذهب الشيخين و ابن ابى عقيل و سلّار

[في أحكام الوقت]

قوله على اشهر القولين

و مقابلة القول بان الامتداد على هذا الوجه انما هو في المضطرين و اولى الاعذار و امّا في حال الاختيار فوقت الظهر الى ان يصير ظل كل شي ء مثله و للعصر الى ان يصيره مثليه و هو قول الشيخ في اكثر كتبه و قال في النهاية آخر وقت الظهر لمن لا عذر له اذا صارت الشمس على اربعة اقدام و هى اربعة اسباع الشخص و ذهب المرتضى في بعض كتبه الى ان وقت العصر للمختار الى ان يصير الظلّ بعد الزيادة ستّة اسباعه و الاظهر ما هو الاشهر

قوله باعتبار كونهما لفظا واحدا

يمكن ان يكون واحدا خبرا للكون لفظا تمييز او يحتمل ان يكون لفظا بمعنى ملفوظا خبرا للكون و يكون واحدا صفة له

قوله اذ امتداد وقت مجموعه الى آخره

و الحاصل ان المعتبر في امتداد وقت شي ء الى غاية جواز انتهاء جزئه الاخير اليها و لا يلزم جواز انتهاء كل جزء منه اليها و هو ظ و لذا قيل بامتداد كل منهما اليها على الوجه المذكور الا ان يعتبر الفعلان واحدا فيكفى حينئذ انتهاء الجزء الاخير من الآخر و بهذا يمكن توجيه كلام المصنف فانّه لما عبّر عنهما بلفظ واحد هو الظهرين فكانه اعتبرهما فعلا واحدا و حينئذ صحّ الحكم بامتداد وقتهما الى الغروب حقيقة باعتبار امتداد العصر اليه و ان لم يمتدّ الظهر فتدبّر

قوله او نحو ذلك

كان يوسع في الغروب بحيث يشمل ما يقرب منه او يراد بامتداد الظهرين امتداد بعض اجزائهما اطلاق اسم الكلّ على الجزء

قوله و وقت العشاءين الى نصف الليل

هذا هو المشهور بين الاصحاب و قال الشيخ في اكثر كتبه آخر وقت المغرب غيبوبة الشفق المغربى للمختار و ربع الليل مع الاضطرار و به قال ابن حمزة و ابو الصّلاح و قال المفيد في المقنعة و الشيخ في جملة من كتبه آخر وقت العشاء ثلث الليل و قال في المبسوط آخره ثلث الليل للمختار نصفها للمضطر الى طلوع الفجر و حكى أيضا في المبسوط عن بعض علمائنا امتداد وقت المغرب و العشاء الى طلوع الفجر الاقوى مع الاختيار ما هو المشهور و مع الاضطرار لا يبعد القول بامتداد وقتهما الى طلوع الفجر و اللّه تعالى يعلم

قوله حتى تطلع الشمس

هذا هو المشهور بين الاصحاب و قال الشيخ في الخلاف وقت المختار الى ان يسفر الصّبح و وقت المضطر الى طلوع الشمس و جعل ابن ابى عقيل آخره للمختار طلوع الحمزة المشرقية و للمضطرّ طلوع الشمس

قوله و ان لم تظهر للأبصار

باعتبار مانع كجبل و نحوه

قوله اوّل وقتها او في هذا المقدار

متعلّق بقوله يقدم و قوله و تؤخر الفريضة الى آخره مبنى على ما ذكره سابقا من افضلية تاخير العصر الى المثل مطلقا و قد تكلّمنا عليه فتذكر

قوله هذا هو المشهور رواية و فتوى

ما يدلّ عليه روايات الصحيح منها رواية زرارة على ما في الفقيه انه سئل ابا جعفر عليه السلام عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذلك اربعة اقدام من زوال الشمس ثمّ قال انّ حائط مسجد رسول اللّه ص كان قامة و كان اذا مضى منه ذراع صلّى الظهر و اذا مضى منه ذراعان صلّى العصر ثمّ قال أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تتنفّل من زوال الشمس الى ان يمضى ذراع فاذا بلغ فيئك ذراعا بدات بالفريضة و ترك النافلة و اذا بلغ فيئك ذراعين بدات بالفريضة و تركت النافلة و امّا الرواية الدالة على امتدادها بامتداد وقت فضل الفريضة فلا اجدها فيما يحضرنى الآن نعم المحقق رحمه الله في المعتبر استدلّ بما نقلناه من رواية زرارة على اعتبار المثل و المثلين لان التقدير ان الحائط ذراع قال و يدل عليه ما رواه على بن حنظلة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال في كتاب علىّ عليه السّلام القامة ذراع و عنه عليه السلام قلت كم القامة قال ذراع ان قامة رجل رسول اللّه ص كانت ذراعا و فيه ان ما ادّعاه من كون التقدير ان الحائط ذراع ممنوع بل صريح اوّل الرواية و كذا موثقة اسماعيل الجعفى ان الحائط كان قامة و ظاهره قامة الانسان و آخر الرواية صريح في ذلك حيث قال اذا بلغ فيئك فنسب الفي ء الى المخاطب فعلم ان الاعتبار بفي ء الانسان و ان الحائط كان بقامته و يدل عليه أيضا موثقة يعقوب بن شعيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن صلاة الظهر فقال اذا كان الفي ء ذراعا قلت ذراعا من أيّ شي ء قال ذراعا من فيئك الحديث و يدل عليه أيضا قوله عليه السلام فذلك اربعة اقدام من الشخص اذ عند الاعتبار بالحائط الذى هو بقدر الذراع يكون وقت العصر مثلين لا اربعة اقدام و الحمل على انه بقدر اربعة من اقدام الانسان و ان كان مثلين بالنسبة الى ذى الظل تعسّف جدّا و أيضا على ما ذكره يلزم استحباب تاخير الظهر عن المثل و العصر عن المثلين لان ظاهر قوله عليه السلام و كان اذا مضى منه ذراع صلّى الظهر الى آخره ان ذلك فعله ص في الاكثر و لم يقل به احد هذا و امّا ما نقله من تفسير القامة بالذّراع في الروايات فمع ضعف رواياته و عدم صلاحيتها للاستناد انما يدل على ما ذكره اذا حمل على ان المراد تفسير القامة بالذراع و ان ما ورد من التحديد بالذراع انما هو فيما اذا كان قامة ذى الظل ذراعا و فيه تامّل اذ ربما كان المراد مجرد تفسير القامة بالذراع فيما ورد التحديد بها باعتبار ان اتفق التحديد بقامة رجل رسول اللّه ص و انها كانت ذراعا و ان كان المعتبر في ذى الظل حينئذ هو الانسان و حينئذ فلا يدل على ما ذكره بل الظاهر ان المراد هو ما ذكرنا اذ عند فرض ذى الظل ذراعا و الاعتبار بذراع من ظلّه لا جدوى في تفسير القامة بالذراع بل يصح حمل القامة على قامة الانسان بل ذى الظل مطلقا فالتفسير بالذراع انما يفيد عند اعتبار فرض ذى الظل قامة الانسان اذ حينئذ يتفاوت تقدير ظلّه بالقامة بالمعنى الظاهر او بالذراع الذى هو قامة رجل رسول اللّه ص فلو سلّم فيجوز ان يكون تفسير القامة و القامتين بالذراع و الذراعين انما هو في الرّوايات الواردة بتحديد كل وقت الظهر و العصر بالقامة و القامتين لا لكل ما ورد فيه القامة مثل هذا الخبر مع آبائه عنه على ما ذكرنا فتأمل هذا و امّا ما اعترض عليه المصنف في الذكرى من انّ

ص: 170

القامة المفسرة بالذراع ليست هى القامة الواردة في هذه الرواية بدليل قوله فاذا مضى من فيئه ذراع و ذراعان و لو كان الذراع نفس القامة لم يكن للفظ من هنا معنى بل و لا للتقدير بالذراع و الذراعين فلا ارى له وجها بل غاية ما يمكن ان يقال انه لو كان القامة هنا هى الذراع لكان الاظهر ان يقال بدل الذراع و الذراعين مثله و مثلاه لا انه لا معنى حينئذ لمن و لا للتقدير بالذراع و الذراعين و نقل في الشرائع قولا بامتداد وقت النافلة بامتداد وقت الفريضة و لعلّ مستنده اطلاق بعض الروايات بفعل النافلة قبل الفريضة كصحيحة محمد بن احمد بن يحيى قال كتب بعض اصحابنا الى ابى الحسن عليه السلام روى عن آبائك القدم و القدمين و الاربع و القامة و القامتين و ظلّ مثلك و الذراع و الذراعين فكتب عليه السلام لا القدم و لا القدمين اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصّلاتين و بين يديها سبحة و هى ثمان ركعات فان شئت طوّلت و ان شئت قصرت ثمّ صلّ الظهر فاذا فرغت كان بين الظهر و العصر سبحة و هى ثمانى ركعات ان شئت طولت و ان شئت قصرت ثمّ صلّ العصر فتأمل

قوله بمقدار مثل الشخص للظهر و مثليه للعصر

ظاهره امتداد وقت النافلة بقدر كل المثل او المثلين فلو بقي من المثل او المثلين بقدر اداء النافلة خاصّة اتى بها و اخّر الفريضة عن الوقت و صرّح الشيخ في المبسوط و الجمل باستثناء قدر اداء الفريضة من المثل او المثلين فانّه قال وقت نافلة الظهرين الزوال الى ان يبقى بصيرورة الفي ء مثل الشخص مقدار ما يصلى فيه فريضة الظهر و العصر بعد الفراغ من الظهر الى ان يبقى لصيرورة الفي ء مثليه مقدار ما يصلى العصر هكذا نقله صاحب المدارك رحمه الله و فيما عندنا من المبسوط يصلّى نوافل الزوال من بعد الزوال الى ان يبقى الى آخر الوقت مقدار ما يصلى فيه فريضة الظهر و نوافل العصر ما بين الفراغ من فريضة الظهر الى خروج وقت المختار و مثله في الجمل أيضا الا ان فيه بدل وقته المختار وقته و لا يخفى ان ما ذكره في نافلة العصر ليس بصريح فيما نقله صاحب المدارك بل يحتمل الحمل على امتداده بقدر كل المثلين أيضا كما هو كلام الشارح الا ان يحمل بقرينة ما ذكره في الظهر على ما ذكره ثمّ ان المصنف في الذكرى و صاحب المدارك حكما بعدم مساعدة الاخبار لما ذكره الشيخ و انّ ظاهرها استيثار النافلة بجميع المثل و المثلين و انا لم اقف على رواية في المثل و المثلين كما اشرنا اليه سابقا حتى ينظر في دلالتها على ما ذكراه او على ما ذكره الشيخ و لو تمسّك احد برواية زرارة على ما نقلنا عن المحقق فينبغى ان يقول بما ذكراه لا ما ذكره الشيخ لكن قد اشرنا الى ما في هذا التمسّك

قوله و يناسبه المنقول من فعل الى آخره

هذا انما يتجه على ما ذكره سابقا من فضيلة تاخير العصر الى المثل و امّا على ما ذكرنا من عدم تحديد له سوى فعل النافلة فلا اذ حينئذ بعد فعل النافلة في اربعة اقدام ليس في فعل العصر متّصلة بها ما ينافى الفضل و كذا لا يتجه على القول بان وقت فضيلة العصر هو ما بعد اربعة اقدام و هو ظاهر فبناء كلام الشارح على ما هو المختار عنده فتأمل

قوله ادرى بما فيه

اى في البيت و هو مثل قصد جريانه هنا

قوله و للعشاء كوقتها

قال في المعتبر عليه علمائنا لانّها نافلة للعشاء فيكون مقدّرة بوقتها انتهى و لا يخفى انه لو لا الاجماع لكان الظاهر بقاء وقت النّافلة اذا اتى بالعشاء آخر وقتها أيضا فتأمّل

قوله في الحاشية و به رواية لكنّها معارضة بما هو اصحّ منها كانه اشار بالرواية الى مرسلة علىّ بن الحكم عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال لى صلاة النهار ستّ عشرة ركعة اى النّهار شئت إن شئت في اوّله و ان شئت في وسطه و ان شئت في آخره و هى مع ضعف سندها لا تخلو عن قصور في الدلالة أيضا فان ظاهرها اعم مما ذكره القائل و هو لا يقول به و يمكن الحمل على حصول الاستحباب في الجملة بمطلق ادائها في النهار على أيّ وجه كان و ان كان رعاية وقتها افضل و على هذا فيسقط الاحتجاج بها اذ الكلام في الوقت المقدّر لها الذى هو افضل انّه هل هو وقت الفضيلة او يمتدّ بامتداد وقت الفريضة و لا دلالة لها على تعيين ذلك و قد استدل أيضا لهذا القول بحسنة محمّد بن عذافر قال قال ابو عبد اللّه ع صلاة التطوّع بمنزلة الهدية متى ما اتى بها قبلت فقدّم منها ما شئت و اخّر منها ما شئت و يمكن أيضا ان يكون نظر الشارح اليها و هى اعمّ دلالة من الاولى فالكلام فيها كما في الاولى مع احتمال الحمل على غير الراتبة و استدل أيضا باطلاق النصوص المتضمّنة لاستحباب فعل هذه النوافل قبل الفرضين و اجاب في المدارك عن الجميع بان هذه الروايات مطلقة و روايتنا مفصّلة و المطلق يحمل على المفصّل و انت خبير بانّ ما ذكره في النصوص المطلقة لا يخلو عن وجه و امّا حمل الروايتين الاوليين على المفصّل فلا يخفى ما فيه من التعسّف فالظاهر في الجواب عنهما ما ذكرنا و يشهد له رواية القاسم بن الوليد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له جعلت فداك صلاة النهار صلاة النوافل كم هى قال ستّ عشرة أيّ ساعات النهار شئت ان تصلّيها صلّيتها الا انّك اذا صلّيتها في مواقيتها افضل فتأمل

قوله الى طلوع الفجر الثانى

هذا هو المشهور و نقل عن المرتضى فوات وقتها بطلوع الفجر الاوّل و المعتمد هو الاوّل

قوله و كذا يشاركها في المزاحمة بعد الفجر

يعنى اذا ادرك من الوقت مقدار اربع ركعات من صلاة اللّيل فكما يزاحم الفريضة بالباقى منها كذلك يزاحم بالشفع و الوتر أيضا فيقدم الجميع على الفريضة و هذا الحكم هو المعروف بين الاصحاب لا اعرف فيه مخالفا و مستندهم رواية ابى جعفر الاحول قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام اذا انت صلّيت اربع ركعات من صلاة اللّيل قبل طلوع فاتمّ الصّلاة طلع ام لم يطلع و في سندها ضعف لجهالة ابى الفضل النحوى الرّاوى ابى جعفر لكنّه منجر بالشهرة بين الاصحاب الّا ان بازائها روايات على طرفى النقيض منها رواية يعقوب البزّاز قال قلت له اقوم قبل الفجر بقليل فاصلّى اربع ركعات ثمّ اتخوّف ان ينفجر الفجر ابدأ بالوتر او اتمّ الركعات قال لا بل اوتر و اخر الركعات حتى تقضيها في صدر النّهار و هى مضمرة و في سندها محمد بن سنان مع جهالة يعقوب فلا عبرة بهما و حملها الشيخ على الافضلية و منها صحيحة اسماعيل بن جابر قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اوتر بعد ما يطلع الفجر قال لا و يمكن حملها على ان السؤال لعلّه كان عن فعل ذلك بلا ضرورة و حمل الاول على الضرورة كما اذا قام من النوم قبل الفجر بحيث طلع بعد ما صلّى اربعا فلا منافاة بينهما و يمكن أيضا تخصيصها بما اذا لم يصلّى الاربع قبل الفجر او حملها على الافضلية كما فعله الشيخ و لا يخفى منافاة هذه الصحيحة لرواية البزّاز أيضا و امكان رفعها باحد الوجوه المذكورة و منها صحيحة عمر بن يزيد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن صلاة الليل و الوتر بعد طلوع الفجر فقال صلّها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلّى الغداة في آخر وقتها و لا تعمل ذلك كل ليلة و قال اوتر أيضا بعد فراغك منها و في معناها رواية اخرى عن عمرو بن يزيد و صحيحة سليمان بن خالد و رواية اسحاق بن عمار و حملها الشيخ على الرّخصة و على ما قررنا فلو اريد الجمع بين هذه الاخبار مع خبر ابى جعفر و يعقوب جميعا فليحمل هذه الاخبار على مجرّد الرخصة احيانا او عند الضرورة و ان كان في بعض صورة الفضل و كمال الفضل في تاخيرها الى بعد الفريضة و يحمل خبر ابى جعفر على ان بعد التلبّس بالاربع قبل الفجر له اتمام الباقى بعده من غير نقض في الفضل يعتدّ به بخلاف ذلك مع عدم التلبّس بها فان في تقديمها

ص: 171

على الفريضة حينئذ كمال النقص و يحمل خبر يعقوب على ان منتهى مراتب الفضل التأخير عن الفريضة مطلقا و لو طرحنا خبر يعقوب يمكن الجمع بالتخيير مع عدم التلبّس بالاربع بين فعل الجميع احيانا بعد الفجر قبل الفريضة مع عدم تضيّق وقتها و بين تاخيرها عن الفريضة و افضلية التقديم بعد التلبس بالاربع لكن كل ذلك مع الضرورة و بشرط ان لا يؤخذ هذا عادة و كان هذا اظهر فتدبّر

قوله لو ادرك من وقتها ركعة

هكذا ذكره الشيخ و اتباعه و كان مستندهم موثقة عمّار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال للرّجل ان يصلّى الزوال ما بين زوال الشمس الى ان يمضى قدمان فان كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة او قبل ان يمضى قدمان اتم الصّلاة حتى يصلّى تمام الركعات و ان مضى قدمان قبل ان يصلّى ركعة بدء بالأولى و لم يصلّ الزوال الا بعد ذلك و للرّجل ان يصلّى من نوافل العصر ما بين الاولى الى ان يمضى اربعة اقدام فان مضت اربعة اقدام و لم يصلّ من النوافل شيئا فلا يصلّى النوافل و ان كان قد صلّى ركعة فليتمم النوافل حتى يفرغ منها ثمّ يصلّى العصر و لا باس بتوضيح هذه الرواية من عمّار فانها لا تخلو عن تشويش ككثير من رواياته كما يشهد به التتبع فنقول الظاهر ان قوله عليه السلام فان كان قد بقي من الزوال ركعة يمضى من وقت نافلة الزوال قدر ركعة و قوله عليه السلام او قبل ان يمضى قدمان كان لفظة او سهو من النّساخ و حينئذ يكون قوله قبل ان يمضى قدمان بدلا من قوله من الزوال و على تقدير وجود او يمكن ان يكون الترديد من الراوى و يكون شاكّا انه قال عليه السلام فان قد بقي من الزوال ركعة واحدة او قال بدله فان كان بقي قبل ان يمضى قدمان ركعة واحدة و لا يخفى ما في الوجهين من التكلّف و عدم الملائمة للحكم بعده باتمام الصّلاة فان الظاهر منه الشروع فيها مع انّه غير مفروض في الوجهين و عدم الملائمة أيضا لما يذكر بعده من حكم نافلة العصر اذ جعل المناط فيه صلاة ركعة قبل مضىّ الوقت و عدمها لا بقاء الوقت قدر ركعة و عدمه كما يلزم من الوجهين لكن الامر فيه هيّن و لا يبعد مع التزام كون او سهو ان يكون بقي أيضا سهوا و الصواب بدله صلّى و حينئذ يتضح المعنى و ينطبق في الصّلاتين على ما ذكره الاصحاب و لا غبار عليه اصلا و لو قطع النظر عما فهمه الاصحاب فيمكن ان يكون المعنى بدون التزام السّهو اصلا فان كان قد بقي من وقت نافلة الزوال قدر ركعة او كان قبل ان يمضى قدمان بتمامهما و ان لم يبق منهما قدر ركعة لكن فيه أيضا انه لا يلائم الحكم بالاتمام بعده و لا ما ذكر بعده من حكم العصر كما في الوجهين الاولين و لا يوافق أيضا قوله عليه السلام و ان مضى قدمان قبل ان يصلّى ركعة بدء بالاولى الا ان يخصّ بما اذا لم يأت بشي ء من الركعة أيضا و هو تكلّف جدّا ثمّ لا يخفى ان بين مفهومى قوله عليه السلام في حكم العصر فان مضت الاربعة اقدام و لم يصلّ من النوافل شيئا فلا يصلّى النّوافل و قوله عليه السلام و ان كان قد صلّى ركعة فليتمّ النوافل نوع تدافع و الاول يوافق ما ذكرنا من التوجيه الاخير و الثانى ما افتى به الاصحاب و لعل الجمع بينهما بحمل الشي ء على الركعة ليوافق ما ذكره الاصحاب اظهر منه بحمل الركعة على المثال ليوافق التوجيه الاخير فتأمل و هاهنا فوائد الأولى اعلم ان عبارة اكثرهم في صلاة الليل انه لا يزاحم بها الفريضة الا اذا تلبّس منها باربع ركعات اى صلّى اربعا منها و كذا في نافلة الظهرين انه لا يزاحم بها الفريضة الا اذا تلبّس منها بركعة و الشارح رحمه الله كانه بما فعله من تغيير عبارتهم اشار الى انه لا يعتبر التلبس قبل ظهور الضيق عليه كما ربما يتوهم ممّا ذكروه بل يكفى في الاول ادراك وقت يسع الاربع و ان لم يتلبّس و في الثانى ادراك وقت يسع الركعة و ان لم يتلبّس فيجوز له في الصّورتين التلبّس و المزاحمة بكل النافلة مع علمه بالحال و ضيق الوقت اذ مع بقاء الوقت في الجملة له التنفّل لعدم دليل على المنع و بعد التلبّس يصدق عليه انّه صلّى ركعة او الاربع فيجوز له الاتمام بمقتضى الروايتين فصح ان مع ادراك وقت الاربع او الركعة له المزاحمة فتأمل الثانية هل ينوى في الصّورتين الاداء او القضاء قال في الذكرى الاقرب الاول تنزيلا لها منزلة الصّلاة الواحدة و قد ادرك وقت الاربع او الركعة و لظهور التوسعة في وقت النافلة من الاخبار انتهى و على ما اخترنا من عدم لزوم التعرض للأداء او القضاء في النية الا عند المشاركة خصوصا مع اشتباه الحال لا حاجة الى تحقيق ذلك و ان كان الاقرب ما اختاره هذا الثالثة ذكر جمع من الاصحاب انه يتم الباقى في الصّورتين مخفّفة و ذكروا ان المراد

بتخفيفها الاقتصار على اقلّ ما يجزى فيها كقراءة الحمد وحدها و تسبيحة واحدة في الركوع و السجود حتى قال بعضهم انه لو تأدّى التخفيف بالصّلاة جالسا آثره على القيام لإطلاق الامر بالتخفيف و لم اقف على مستندهم في ذلك لكن لا باس بالمصير الى ما ذكروه عملا بقولهم و محافظته على المسارعة الى الواجب و طلب الفضل اول الوقت و ربما امكن تأييده أيضا بما نقلنا في روايات فضيلة اوّل الوقت من رواية ابى بصير و اللّه تعالى يعلم

قوله امّا المغربيّة فلا يزاحم بها مطلقا

اى لا يزاحم بها مطلقا اى لا يزاحم فريضة العشاء بعد دخول وقت فضيلتها بنافلة المغرب سواء ادرك اوّلا من الوقت قدر ركعة ام لا الا ان يتلبّس بركعتين منها في الوقت فيتمّهما مطلقا اى سواء كانت الاوليين او الاخيرتين كما صرّح به في الذكرى و شرحى الشرائع و الارشاد و يمكن حمل الاطلاق الثانى أيضا على ما حملنا عليه الاطلاق الاوّل اى سواء تلبّس بهما مع سعة الوقت الركعة ام لا و الاول اظهر خصوصا مع موافقته للذكرى و غيرها ثمّ هذا التفصيل الذى اختاره الشارح تبعا للمص اظهر من القول بالمنع عن المزاحمة فيها مطلقا كما هو ظاهر جماعة من الاصحاب و اظهر منه ما ذهب اليه ابن ادريس من اتمام الاربع بالتلبس بشي ء منها قبل ذهاب الشفق بل لا يبعد القول بامتداد وقتها الى ان يتضيّق وقت العشاء و اللّه تعالى يعلم

قوله و هو يناسب رواية المثل لا القدم

ليتوافق الجميع في امتداد وقت النافلة الى آخر وقت فضيلة الفريضة

قوله و قضاء النوافل مطلقا

سواء الرّواتب اليوميّة و غيرها كنافلة شهر رمضان و نقل عن المفيد انه ذهب الى المنع عن النافلة المبتدئة و ذوات الاسباب جميعا عند الطّلوع و الغروب و ان من زار احد المشاهد عندهما اخّر الصّلاة حتى يذهب حمرة الشمس عند طلوعها و صفرتها عند غروبها و في المقنعة صرّح بانه لا يجوز ابتداء النوافل و لا قضاء شي ء منها عند الطلوع و الغروب و بانه لا باس بقضائها بعد صلاة الغداة الى الطلوع و عبد صلاة العصر الى تغيّر ضوء الشمس بالاصفرار و الشيخ في الخلاف صرح بتعميم الحكم فيما نهى عنه لاجل الوقت و هى المتعلقة بالشمس و تخصيص ما نهى عنه لاجل الفعل بالنّوافل المبتدئة دون ذوات الاسباب و المعتمد ما هو المشهور من التخصيص في الجميع و اللّه تعالى يعلم

قوله و لا يقدم النافلة الليلية الى آخره

هذا مذهب اكثر الاصحاب و نقل عن زرارة بن اعين المنع من تقديمها على الانتصاف مطلقا و اختاره ابن ادريس و العلامة في المختلف و المعتمد الاول لتضافر الاخبار الدّالة عليه بل لا يبعد القول بجواز التّعميم مطلقا لروايات الدّالة عليه و اللّه تعالى يعلم

قوله و الماء على القول الى آخره

اى و كفاقد الماء للطّهارة

قوله و لإزالة النجاسة

اى و كفاقد الماء لإزالة النجاسة فكانه معطوف على قوله للطهارة المقدر سابقا

قوله مع تعذر العلم

اى في الحال و ان امكنه الصبر الى ان تيقّن الوقت و جواز التعويل

ص: 172

على الظنّ في هذه الصّورة و عدم وجوب الصّبر الى حصول اليقين هو المشهور بين الاصحاب بل قيل انه اجماع و نقل عن ابن الجنيد انه قال ليس للشّاك يوم الغيم و لا غيره ان يصلّى الّا عند يقينه بالوقت و صلاته في آخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك و قوله لا يخلو عن قوّة و يمكن حمل كلامه هاهنا و كذا بعض عبارات الاصحاب على تعذر العلم بالكليّة كما اذا خاف في الصّبح من الصّبر الى حصول اليقين انقضاء الوقت و حينئذ فلا ريب في التعويل على الظنّ

قوله أجزأ على اصلح القولين

الخلاف في الصّورة الثانية و هى ان دخل و هو فيها فمذهب الشيخ و جماعة من الاصحاب الى الاجزاء و ذهب ابن ابى عقيل و ابن الجنيد و السيّد المرتضى الى عدم الاجزاء و وجوب الاعادة كما لو وقعت باسرها قبل دخول الوقت و الاوّل اظهر لتحقق الامتثال حيث جوز التعويل على الظن و الاعادة يحتاج الى دليل و ليس عليه دليل صالح و وجوبها فيما لو وقعت باسرها قبل الوقت بالاجماع و صحيحة زرارة و لا اجماع هاهنا و لا نصّ يعتدّ به و يؤيّده رواية اسماعيل بن رياح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا صلّيت و انت ترى انك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و انت في الصّلاة فقد أجزأت عنك احتجّوا برواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال من صلّى في غير وقت فلا صلاة له و بانّه مأمور بايقاع الصّلاة في وقتها و لم يحصل الامتثال و الجواب انّ ظ الرواية مع ضعفها بسلمة بن الخطّاب و اشتراك ابى بصير وقوع كل الصّلاة في غير الوقت على انه يمكن ان يقال ان الصّلاة في الوقت المظنون على القول بجوازها كما هو المفروض ليس صلاة في غير الوقت و الامر بايقاع الصّلاة في وقتها على القول بجواز التعويل على الظن او فيما تعذر العلم مطلقا انما ينصرف الى ايقاعها في الوقت المظنون فقد حصل الامتثال نعم الاحتياط في الاعادة هذا و لو تلبّس بالصّلاة قبل الوقت بلا علم او ظنّ بل عامدا او ناسيا او جاهلا فالظاهر البطلان و وجوب الاعادة مطلقا و قال الشيخ فيه النهاية من صلّى الفرض قبل دخول الوقت عامدا او ناسبا ثمّ علم بعد ذلك وجب عليه اعادة الصّلاة فان كان في الصّلاة لم يفرغ منها بعد ثمّ دخل وقتها فقد أجزأت عنه انتهى و هو في النّاسى ضعيف و في العامد اضعف سيّما انه نفسه صرح فيها بعد ما نقلنا بلا فصل بانه لا يجوز لأحد ان يدخل في الصّلاة الا بعد حصول العلم بدخول وقتها و ان يغلب على ظنّه ذلك و ربما يحمل العامد في كلامه على الظانّ لانّه لا يسمّى متعمدا للصّلاة و لا باس به جمعا بين الكلامين و لو اعتقد عدم دخول الوقت فصلّى عامدا ثمّ ظهر دخوله فالظاهر أيضا البطلان امّا لو صلّى ناسيا او جاهلا فصادف تمامها الوقت ففى الاجزاء نظر لمطابقة نفس الامر و عدم دخول الشرعى و اختار في الذكرى الثانى و في البيان الاوّل و هو اظهر و به قطع المحقق الاردبيلى رحمه الله و اختاره صاحب المدارك و اللّه تعالى يعلم

[الثاني القبلة]

[القول في جهة القبلة]

قوله و لو بالصعود الى جبل او سطح

و في المدارك حكم بوجوب تحمل المشقة القليلة كالصّعود الى السّطح بخلاف الصّعود الى الجبل و نسب القول بوجوب ذلك الى الشيخ و العلّامة في بعض كتبهما و استبعده و لا يخلو عن وجه فان ظاهر الآية الكريمة كفاية التوجه الى الشّطر مطلقا و الشّطر هو الجانب و النّحو و الجهة فليكتف به ما لم يعلم خلافه فتأمل

قوله و جهتها و هو السمت الذى الى آخره

المراد بجهة القبلة الجهة التى يجتزئ بالصّلاة الى أيّ جزء منها مع الاختيار و لا يجوز العدول عنها بالكليّة اذا عرفت هذا فنقول قوله يحتمل كونها فيه اى يحتمل ذلك في كل جزء من اجزائه فلا يصدق على الحظّ الزائد على ما تيقّن عدم خروج الكعبة عنه فانه و ان قطع بعدم خروجها عنه لكن لا يحتمل ذلك في كل جزء منه لعدم الاحتمال في القدر الزائد و قوله و يقطع بعدم خروجها عنه اى عن كل هذا السّمت لاخراج كل سمت من السّموت المجهولة التى احتمل كون الكعبة فيها اذ لا قطع في شي ء منها بعدم الخروج عنه فان قطع بعدم الخروج عن جميعها و انما احترز عنه مع جواز الصّلاة اليه بل وجوبها فلا حجر في صدق القبلة عليه في هذه الحالة لما اشرنا اليه من اعتبارهم في القبلة الاجتزاء بالصّلاة اليها و عدم لزوم صلاة اخرى من هذه الجهة و كل سمت من السموت المذكورة ليس كذلك و يحتمل ايضا ان يكون لاخراج بعض السّمت الذى احتمل ذلك في كل جزء منه و قطع بعدم خروجها عنه اذ لو لا القيد الثانى لصدق على كل بعض منها مع عدم صدق القبلة عليه و ان كان جزء منها بناء على ما اشرنا اليه من اعتبارهم في القبلة عدم جواز الانحراف عنه مع الاختيار و لا ريب في جواز الانحراف عنه عن الابعاض المذكورة و امّا قوله لأمارة شرعية فهو على ما ذكره في شرح الارشاد و غيره لاخراج السموت الاربعة او الثلث او الاثنين للمتحيّر فيها لصدق التعريف بدون القيد الاخير عليها مع عدم صدق القبلة عليها لما اشرنا اليه من اعتبارهم في القبلة الاجتزاء بالصّلاة الى كلّ جزء منها و مجموع السموت المذكورة ليس كذلك فاحترز عنه بقوله لأمارة شرعية اى هذا الاحتمال و القطع يكون مستندا الى امارة شرعية و ظاهر ان الانحصار في المجموع السّموت المذكورة لا يستند الى امارة شرعية بل امّا الى مجرّد العقل او مع بعض الامارات الاخرى و الّا فالامارات الشرعية امارة سمعت واحد و لا يخفى ان هذا القيد و ان امكن اغناؤه عن القيد الثانى في الاحتراز عما احترزنا به اولا و هو ظاهر بل عما ذكرنا ثانيا أيضا اذا الظاهر من كون الاحتمال في كلّ جزء منه لأمارة شرعية ان يكون الامارة الشرعية لها اختصاص به و بعض السمت المذكورة لا اختصاص للعلامة به انما هى لكلّه لكن اغناء القيد الاخير ممّا لا ضير فيه في المعرفات كما هو المشهور خصوصا اذا لم يكن ظاهرا بل احتجاج الى عناية كما فيما نحن فيه بالنسبة الى الاحتراز الاخير هذا لكن يبقى فيه انه ان اريد بالامارة الشرعية ما ورد من العلامات في الشرع فيخرج السّمت المستخرج للقبلة بغير تلك العلامات بل بما ذكر في علم الهيئة و نحوه و ان اريد به ما يجوز التعويل عليه و الاستناد اليه شرعا ليدخل العلامات الواردة في الشرع و غيرها مما يجوز الاستناد اليه كما اختاره في شرح الارشاد بناء على ان العلامات المذكورة قليل من كثير فان النصّ عن ائمة الهدى عليه السلام انما ورد ببعض علامات العراقى و الباقى اخذ من علم الهيئة كما نبّه عليه في الذكرى ففيه انه حينئذ و ان لم يصدق التعريف على مجموع الجهات الاربع بناء على ان الحكم بالانحصار فيها لا حاجة له الى امارة لكن الظاهر صدقه على الثلاثة او الثنتين اذا كان حكمه بالانحصار فيها مستندا الى امارة يجوز التعويل عليها شرعا كان يكون متذكرا انه في وقت ظهور العلامات لم يكن صلاته في هذا المكان الى خصوص جهة او جهتين و تردد في الباقى فاحتماله و قطعه حينئذ في الثلاثة او الثنتين لأمارة شرعية مع عدم صدق القبلة عليهما فالاولى ان يراد بالسّمت الواحد عرفا و هو ما لا يكون ازيد من ربع الدّور و حينئذ فكل سمت كذلك اذا احتمل كون الكعبة فيه و قطع بعدم خروجها عنه فهو قبلة بقي شي ء آخر و هو انه اذا ظنّ الكعبة في سمت و قطع بعدم خروجها عنه لكن كان وقوعها في بعض منه مظنونا و في البعض الآخر محتملا فحينئذ لا يصدق التعريف الا على المجموع مع ان الظاهر وجوب الصلاة الى البعض

ص: 173

المظنون و عدم صحتها الى البعض الآخر فيكون القبلة هى البعض المظنون لا المجموع بناء على ما اعتبر في القبلة من جواز الصّلاة الى أيّ جزء منها و يمكن ان يقال انه اذا كان الاحتمال و القطع في كل السّمت لأمارة وردت في الشرع فالظاهر جواز الصّلاة الى أيّ جزء منه و ان كان بعضه مظنونا بامارة اخرى مما ذكروه اهل الهيئة اذ اكتفاء الشارع بتلك الأمارة يدل على جواز الصلاة مع رعايتها كيف ما اتفق و حينئذ فالقبلة هى كل السمت لا البعض المظنون و ان كان امارة اخرى فعلى تقدير تسليم وجوب الصّلاة الى الجزء المظنون و عدم كفاية اجزائها الى البعض الآخر نقول يمكن ان يقال ان المراد بالاحتمال و القطع هو الاحتمال و القطع الشرعيّين و حينئذ نقول اذا اعتبر الظنّ شرعا فلا احتمال شرعا الا في البعض المظنون و منه تظهر فائدة اخرى للقيد الاخير و هو الاشارة الى ما ذكرنا من ان المراد بالاحتمال و القطع هو الذى يكون مستند الى امارة شرعيّة لا الاحتمال و القطع العقليّين و لا يخفى ما فيه من التعسّف فانّ الظاهر في الفرض المذكور بعد التّسليم تعيّن الصّلاة الى الجزء المفروض لا تعيّن كون الكعبة فيه شرعا و عدم احتماله في البعض الآخر بحسب الشرع كما هو مقتضى توجيه لتعريف بما ذكر و فرقان بينهما فتأمل و لا تغفل

قوله اذ لو اخرجت خطوط متوازية الى آخره

يمكن ان يقال ان الخطوط الخارجة من مواقف البعيد لعلها لا يكون متوازية بل تكون متقاربة و لا استحالة حينئذ في اتّصالها اجمع بنقطة واحدة فكيف بمثل الكعبة فتأمل

قوله و يترتب عليه بطلان صلاة الى آخره

قد ظهر بما قررنا في الحاشية السّابقة ما فيه فان قيل انا نسوى سطح الارض و نفرض صلاة صفّ مستطيل بحيث يكون مقدار ما بين قدمى كل شخص و الذى يليه مساويا لمقدار ما بين مسجد بهما و هكذا و لا شكّ حينئذ في توازى الخطوط فاذا اخرجت امتنع اتّصالها بالكعبة مع زيادة الصّف عن قدرها مع انا نعلم قطعا صحة صلاة مثل هذا الصّف فنقول انّه بناء على كروية الارض و ان بولغ في تسويتها و تسطيحها اذا قام المصلّون صفّا واحدا على النحو المتعارف الذى لا يكون لاحدهما انحراف عن الآخر فلعلّه لا يمكن فرض انطباق الصّف المذكور على خط مستقيم حتى يفرض على نحو يخرج الخطوط من مواقف المصلّين متوازية بل يكون منطبقا على قوس دائرة على محيط كرة الارض بحيث تكون الخطوط الخارجة من مواقف المصلّين متقاربة و حينئذ تتّصل جميعا بنقطة واحدة هى قطبها فلا منع عن اتّصالها بالكعبة او الحرم و حينئذ فرض كون الخطوط الخارجة متوازية لعلّه لا يمكن الّا بانحراف من المصلّى على النحو المتعارف و لا نسلّم حينئذ صحة صلاتهم على هذا الوجه نعم لو لم تكن الارض كروية لكان الظاهر صحة فرض الصّف بحيث تكون الخطوط الخارجة منه متوازية فتأمل و بما قررنا يظهر أيضا حال ما استدلوا به على بطلان مذهب الاكثر الذين قالوا بانّ الحرم قبلة الخارج عنه من لزوم بطلان صلاة بعض الصّف المستطيل الزائد عن قدر الحرم في البلاد النّائية بل بطلان صلاة بعض من المصلّين في البلاد المتّسعة بعلامة واحدة كاهل العراق للقطع بخروج بعضهم عن جدّ الحرم على انه لو تنزل عما ذكرنا أيضا يمكن ان يقال ان بطلان صلاة بعضهم في الصّورة المفروضة ممنوع لأنّا و ان قطعنا بخروج بعضهم عن محاذاة الكعبة او الحرم لكن لا نعلم خصوص ذلك البعض فيمكن صحة صلاة كل منهم كما لو اختلفوا في الاجتهاد في القبلة بحيث يعلم خروج بعضهم عن جهة الكعبة فانه يحكم بصحة صلاة الجميع نعم يمكن ان يستشكل بلزوم عدم صحة الجماعة على هذا الوجه للزوم بطلان صلاة المأموم اذا كان بينه و بين الامام ما يزيد عن قدر الحرم للقطع بان احدى الصّلاتين غير متوجهة الى عين الكعبة او الحرم و فيه أيضا تامّل لاحتمال صحة الجماعة مع عدم القطع ببطلان صلاة احدهما بالخصوص و ان قطع ببطلان احدى الصّلاتين بينهما كما قيل في نظائره كما لو لاقى كالملاقى احدهما برطوبة احد المشتبهين بالنجس و الآخر الاخر فاحتمل صحّته اقتداء احدهما بالآخر و كذا لو وجد منى في الثوب المشترك بينهما بحيث علم جنابة احدهما لا على التعيين و لم يعلم خصوص احدهما الى غير ذلك من النظائر الّا ان يقال ان هذا رجوع بالحقيقة الى القول بالجهة اذ ليس التعويل على هذا في صحته صلاة كل واحد على القطع بعدم خروجه عن حدّ الكعبة او الحرم بل على صلاته الى سمعت احتمل كونه فيه و قطع بعدم خروجه عنه و هو ليس الاعتبار الجهة و لا نزاع فيه و يبقى الكلام على الاكثر الذين اعتبروا الحرم للخارج انه اذا اعتبر جهة الحرم فيمكن اعتبار جهة الكعبة أيضا فلا جهة للعدول لان جهة الحرم جهة الكعبة أيضا الا ان يقال ان التوسعة في جهة الحرم ازيد من جهة الكعبة فالعدول الى جهة الحرم للاشارة الى زيادة التوسعة مع ما فيه من المحافظة على لفظ الرّوايات و الاظهر ان يقال انّ اعتبار الحرم في الاخبار الواردة بذلك بل في كلام الاكثر أيضا ليس امرا مخالف الاعتبار جهة الكعبة الذى ذكره الباقى بل هو اشارة الى اعتبار الجهة في البعيد تقريبا مع الى الافهام فان مع البعد اليسير لما اتسعت الجهة في الجملة جعل قبلتهم المسجد اشارة الى اتّساع في الجملة و مع البعد التام لما اتّسعت جدّا عبّر عن قبلتهم بالحرم ايذانا بكمال التوسعة بالنسبة اليهم و المرجع في الكل الى اعتبار جهة الكعبة و اللّه تعالى يعلم

قوله خلافا للاكثر

و هم الشيخ و جماعة لكن في كونهم اكثر تامّل فان السّيد المرتضى و جماعة على الاوّل و عليه اكثر المتاخّرين و بالجملة قالوا ان الكعبة قبلة اهل المسجد و المسجد قبلة اهل الحرم و الحرم قبلة من مكان خارجا عنه فعلى ظاهر قولهم يكفى لمن في الحرم التوجّه الى جزء من المسجد و ان كان في غير جهة الكعبة و كذا للخارج عن الحرم التوجّه الى جزء من الحرم و ان كان خارجا عن جهة الكعبة و المسجد و الاوّل و ان لم يكن بعيدا كيف و ظاهر الآية الكريمة الامر بالتّوجه الى المسجد مطلقا لكن الثانى بعيد جدّا لضعف مستندهم مع مخالفة الآية الشريفة فتأمل

قوله او اعتبار رصدىّ

اى في خصوص الذى يصلّى فيه كاستعمال الدّائرة الهندية و الا فاكثر العلامات المستنبطة أيضا بناءها على اعتبارات رصديّة فافهم

[علامة أهل العراق]

قوله ممّن يقاربهم في طول بلدهم

اعلم انهم ضمّوا هذا الرّبع المسكون طولا و عرضا فالقسمة طولا للاقاليم السّبعة فانهم قسّموه بسبع قطع مستطيلة طول كل واحد منها ممتدّ فيها بين المشرق و المغرب و عرضه بقدر ما يوجب تفاضل نصف ساعة في النهار الاطول و الجمهور جعلوا مبدأ الطّول من المغرب فعند بطليموس و اتباعه من جزائر الخالتات و السّعداء لكونها مبدأ العمارة من طرف المغرب في زمانه و عند المتاخّرين من ساحل البحر الغربى لاستيلاء الفرق على تلك الجزائر في زمانهم و منتهاه من الجانب الشرقى كنكدز و هو مستقر الشياطين على زعمهم و هو مبدأ الطول عند من جعله من جانب المشرق و فسمّوا ما بين النهايتين على طريقة بطليموس الى ماء و ثمانين جزء اجزاء نصف دائرة عظمى من دوائر الفلك لانّهم قسموا كل دائرة منها ثلاثماةة و ستّين جزءا و سمّوا تلك الاجزاء درجات و عند من جعل المبدا ساحل البحر جعل لاجزاء مائة و سبعين جزء لانهم وجدوا من الجزائر اليه عشرة اجزاء و القسمة عرضا من خطّ الاستواء في جهة الجنوب الى منتهى الربع في جهة الشمال و ذلك تسعون جزء اربع دائرة عظمى فطول البلد عبارة عن بعده عن الجانب المغربى او الشّرقى و هو قوس من معدّل

ص: 174

النّهار محصورة بين دائرتى نصف نهار ذلك البلد و نصف نهار احد طرفى العمارة غربا او شرقا و عرض البلد عبارة عن بعده عن خطّ الاستواء و هو قوس من دائرة نصف نهاره محصور بين معدّل النهار و سمعت رأسه و على هذا فالبلاد الواقعة على طرف المبدا لا طول لها انما الطول لسائر البلاد مقيسة اليها و ما على خط الاستواء لا عرض له و ما على احد جانبيه له عرض شمالى او جنوبى فاعرف

قوله و الجدى

المشهور بين اهل اللغة انه مكبّر قالوا و قد يصغّر ليتميز عن البرج و هو نجم مضي ء معروف يدور مع الفرقدين حول القطب الشمالى كل يوم و ليلة دورة كاملة و غاية ارتفاعه ان يكون الى جهة السّماء و الفرقدان الى الارض و غاية انخفاضه عكسه و انما جعل علامة في احدى الحالتين دون ما اذا كان الى جهة المشرق و المغرب لان العلامة حقيقة هى القطب و الجدى لكونه في الحالتين على دائرة نصف النهار المارّة بالقطبين اذا كان مسامتا العضو من اعضاء المصلّى كانه القطب أيضا مسامتا له لكونهما على دائرة واحدة بخلاف ما لو كان منحرفا نحو المشرق او المغرب نعم القطب علامة دائما لانه قريب من القطب جدّا و هو نجم منفى في وسط الأنجم التى هى بصورة السّمكة لا يكاد يدركه الّا حديد البصر يسمى قطبا لكمال قربه منه فاشتهر اطلاقه عليه حتى لا يكاد يعرف غيره و ان كان له أيضا حركة يتوهم بها دائرة لطيفة حول القطب لكنها ممّا لا يبيّن للحسّ و لا يؤثر في الجهة كذا افاده الشارح في شرح الارشاد موافقا لجماعة من الاصحاب و كتب بعض الفضلاء المعاصرين من المهرة في علم الهيئة حفظه اللّه تعالى حاشية على هذا الموضع و هذه عبارته لا يخفى ان الجدى قريب من قطب الحركة الاولى فلا يظهر منه حركة بحسب الحسّ لكن لما كان متحركا بالحركة الثانية البطيئة و بتلك الحركة يبعد عن القطب فيصير بعد سنين كثيرة بعيدا عن القطب فحينئذ يصير الحركة فيه ظاهرة بحسب الحسّ و يكون له طلوع و غروب في بعض البلاد فلذا قيّد الشارح بقوله غاية ارتفاعه او انخفاضه ليكون تلك العلامة ثابتة محفوظة على مرّ الدهور انتهى و مراده ان الجدى في هذه الاعصار لا يبعد في شي ء من الحالات عن القطب بعدا يظهر للحسّ و يؤثر في الجهة فلا حاجة فيها الى التقييد بحالة الارتفاع او الانخفاض و انما يكون ذلك بعد سنين كثيرة باعتبار حركته البطيئة و في تلك الاعصار يحتاج في جعله علامة الى التقييد بالحالتين فتقييد الاصحاب بالحالتين ليستقيم حكمهم بكونه علامة في جميع الازمنة و الدهور و الا فهو في هذه الاعصار علامة في جميع الحالات و انت خبير بان كلام الاصحاب خصوصا الشارح رحمه الله في شرح الارشاد بعيد عن هذه التوجيه بل الظاهر انّ بناء حكمهم على هذه الاعصار لكنهم حاولوا البناء على التحقيق و انه في غير الحالتين ليس علامة حقيقية البعد في الجملة عن القطب في غير الحالتين و ان كان بعدا يسرا فلذا قيّدوا بهما لكن الظاهر عدم الاحتياج الى التقيد في هذه الاعصار لسعة امر القبلة فلا يضرّ مثل هذا البعد اليسير و لذا لم يقيّد في النصّ نعم اذا اتى زمان يظهر له فيه بعد محسوس فربما احتيج حينئذ الى التقييد فتأمل

قوله خلف المنكب الايمن المنكب

على ما في شرح الارشاد و غيره موافقا لكلام اهل اللغة مجمع العضد و الكتف و نقل المحقق الاردبيلى رحمه الله عن المحقق الشيخ على رحمه الله انه اعتبر الكتف و جعل قبلة خراسان و اكثر بلاد العجم على وضع الجدى خلف الكتف و غير ما كان على غير ذلك اليه و استبعده و لا يخفى ان اعتبار الكتف و ان كان اقرب الى العلامة الأولى و كذا الى رواية محمّد بن مسلم الآتية و كذا الى الاعتبار في بعض البلاد المائلة عن اوساط العراق الى الغرب لكن في اوساط العراق و اطرافه الشرقية الاقرب الى الاعتبار هو اعتبار المنكب و كذا ما في سمتها من بلاد خراسان بل الاقرب فيها لكونها مائلة الى الشرق جدّا جعل الجدى على المنكب الايمن لا خلفه فكيف بخلف الكتف فاعتبر

قوله و هذه العلامة ورد النصّ بها خاصّة

ما وقفت عليه من النصّ في هذا الباب روايتان الاولى ما رواه في التهذيب عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سألته عن القبلة قال ضع الجدى في قفاك و صلّه و الثانية ما ذكره في الفقيه قال و قال رجل للصّادق عليه السلام انى اكون في السّفر و لا اهتدى الى القبلة في الليل فقال أ تعرف الكوكب الذى يقال له الجديّ قلت نعم قال اجعله على يمينك و انا كنت في طريق الحجّ فاجعله بين كتفيك و لا يخفى انّ بين الروايتين مع ضعف سند الاولى و ارسال الثانية نوع منافرة و كذا بينهما و بين ما ذكره الاصحاب و يمكن الجمع بحمل القفا في الرواية الاولى على خلف المنكب الايمن كما ذكره الاصحاب لانه من القفا و امّا تخصيصه بموضع كان حكمه ذلك كالاطراف الغربيّة من العراق فبعيد لان السّائل و هو محمّد بن مسلم كوفى و كذا يمكن حمل اليمين في الرّواية الثّانية على المنكب الايمن و حمل جعله عليه على جعله خلفه و حمل جعله في طريق الحجّ بين الكتفين على ان يكون طريقة من الاطراف للعراق او مما كان حكمه حكمه و لا يخفى ما فيه من التكلّف و الاظهر ان يقال بسعة امره القبلة و انه يكفى في العراق جعله على القفا مطلقا و حينئذ لا اشكال في اطلاق الرواية الاولى و كذا في الجزء الثانى من الرواية الثانية و امّا الجزء الاول منها فيمكن حمله على انّ بلد السّائل كان حكمه ذلك بناء على انه كان شرقيّا من اوساط العراق فتأمل

قوله للقواعد المستنبطة من الهيئة و غيرها

كانه اشار بذلك على ما ذكروه من ان محراب مسجد الكوفة نصبه امير المؤمنين صلوات اللّه عليه و لم يتغيّر عن وضعه الى الآن و انه موافق لجعل الجدى خلف المنكب كما ذكره المحقق الاردبيلى رحمه الله

قوله الاعتداليّان

و هما نقطتا تقاطع الافق و المعدّل فيما لم يكن الافق رحويّا اى منطبقا على المعدّل فان في غير الرّحوي ينصّف الافق المعدّل بنقطتين متقابلتين احداهما في جهة الشرق و تسمّى نقطة المشرق و مطلع الاعتدال امّا لان الاعتدالين يمرّ ان عليها و يطلعان منها ابدا او لان الشمس تطلع منها اذا حلّت احداهما و الاخرى في جهة الغرب و تسمّى نقطة المغرب و مغيب الاعتدال على قياس ما ذكروا الخطّ المستقيم الواصل بينهما يسمّى خطّ المشرق و المغرب و نقطتا تقاطع نصف النّهار و الافق تسمّيا نقطتى الشّمال و الجنوب و الخطّ المستقيم الواصل بينهما يسمى خطّ نصف النهار و هو مقاطع للخط الاول على قوائم في سطح الافق كذا في شرح كرة للعلّامة الخفرى و منه يظهر انّ الاعتدالين لا يغايران ما ذكره من الجهتين اصطلاحا كما هو ظاهر عبارته و كانه رحمه الله لم يرد بالاعتدالين ما هو مصطلحهم بل اراد بهما مطلع الشمس و مغربها في احد الاعتدالين و حينئذ يظهر بينهما و بين الجهتين اصطلاحا تفاوت يسير فانه اذا كان مطلع الشمس في اوّل الرّبيع مثلا نقطة اوّل الحمل كان مغربها في ذلك اليوم مائلا عن النقطة المقابلة لها التى هى نظيرتها بقدر ما يقتضيه حركتها الثانية في ذلك اليوم فالاعتداليّان حينئذ هما تلك النقطة و نقطة اول الحمل و الجهتان اصطلاحاهما نقطتا اول الحمل و نظيرتها فافهم

قوله حال استقامته

و هو غاية ارتفاعه او انخفاضه

قوله الّا ان يدّعى اغتفار هذا التفاوت و هو بعيد

و في شرح الارشاد حكم بانه فاسد لما تقدّم في تحقيق الجهة من اعتبار يقين الكعبة او احتمالها و هذا القدر من التّفاوت لا يبقى معه شي ء منهما فان من كان بالموصل مثلا و كان عارفا مجتهدا في القبلة يقطع بكونه اذا انحرف من نقطة الجنوب نحو المغرب بنحو ثلث ما بين الجنوب

ص: 175

و مغرب الاعتدال كان خارجا عن سمت الكعبة و كذا من باطراف العراق الشّرقيّة اذا استقبل خطّ الجنوب و هذا امر لا يخفى على من تدبّر قواعد القبلة و ما يتوقّف عليه من المقدمات و من طريق النص اذا كان جعل الجديّ على الايمن يوجب مسامتة الكعبة في الكوفة الّتى هى بلد الراوى و نحوها كيف يوجب مسامتها اذا كان بين الكتفين لبعد ما بينهما بالنّسبة الى بعد المسافة فان الانحراف اليسير عن الشي ء مع البعد عنه يقتضى انحرافا فاحشا عنه عند محاذاته فانا اذا اخرجنا خطّين من نقطة لم يزالا الّا يزدادان بعدا كلما ازدادا امتدادا كما لا يخفى و أيضا فلو كان جعله بين الكتفين محصّلا للجهة كان الامر بجعله على اليمين لغوا خاليا عن الحكمة انتهى و انت خبير بان ما تقدّم منه في تحقيق الجهة ممّا لا مستند له شرعا و ظاهر الآية الكريمة الاكتفاء بالتّوجه الى ما يصدق عليه عرفا انه جهة المسجد و ناحيته و يدلّ عليه أيضا خلوّ الاخبار عن تحقيق ذلك و نصب العلامات لذلك مع كمال اهتمامهم عليه السلام ببيان احكام الشرع حتى انهم لم يهملوا مستحبات الخلاء و مكروهاته فكيف بغيرها فعدم ورود الاخبار و منهم عليه السلام في هذا الباب سوى ما نقلنا من الرّوايتين اللّتين هما في غاية الاجمال دليل واضح على ما ذكرنا من سهولة الخطب فيه و احالتها الى علم الهيئة مستبعد جدّا لانه من العلوم الدقيقة و تحصيل عامة الناس له متعسّر بل متعذّر فكيف كلّفوا به في الشريعة السّمحة السّهلة و وجوب تقليد اهله أيضا مستبعد جدّا لعدم التمكن منه في صدر الاسلام و بعده أيضا الغالب عدم تيسّر ذلك سيما في الاسفار و البرارى و القفار مع ان بناء هذا العلم أيضا على اقوال اهل الارصاد الّذين لا يعلم عدالتهم و لا اسلام اكثرهم و أيضا على التّخمينات التى لا تفيد في بناء الامر على الظاهر فالتحقيق كفاية التوجه الى السّمت الذى فيه المسجد الحرام عرفا فان العلم بذلك مما يتيسّر لاكثر الناس و يدلّ عليه أيضا من الرّوايات صحيحة زرارة في الفقيه عن ابى جعفر عليه السّلام انه قال لا صلاة الا الى القبلة قال قلت اين حدّ القبلة قال ما بين المشرق و المغرب قبلة كلّه الحديث و صحيحة معاوية بن عمّار في التهذيب او حسنته عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت الرّجل يقوم في الصّلاة ثمّ ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا و شمالا قال قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة و هذه الرّواية في الفقيه أيضا و طريقه الى معاوية صحيح على ما في الروضة مع زيادة و نزلت هذه الآية في قبلة المتحيّر و للّه المشرق و المغرب فاينما تولّوا فثمّ وجه اللّه و الظاهر انّها من تتمّة الخبر نعم الظاهر ان الاكتفاء بهذا القدر انما يجوز لمن تعسّر عليه تعيين القبلة زيادة عن ذلك و امّا من تيسّر له ذلك كاهل زمان المعصومين صلوات اللّه عليهم فيما كانوا يرون فيه صلاتهم و قبلتهم و كذا لاهل المدينة المشرّفة الا ان و الكوفة و امثال ذلك فالظاهر وجوب توجّههم الى ما عيّن لهم من القبلة و على هذا فموثقة عمّار السّاباطى في الكافي و التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل صلّى على غير القبلة فيعلم و هو في الصّلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال ان كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليتحول وجهه الى القبلة حين يعلم و ان كان متوجّها الى دبر القبلة فليقطع ثمّ يحوّل وجهه الى القبلة ثمّ يفتح الصّلاة تحمل على ما ذكرنا و به يندفع المنافاة بينها و بين ما نقلنا من الصحيحتين و على هذا فمن حصل له علم بتعيين القبلة او ظنّ متاخم له من قواعد الهيئة و نحوها فلا يبعد ان يكون حكمه و امّا سائر الناس فالظاهر انّهم في سعة و حينئذ فلا باس بتعيين علامات متفاوتة لهم لاغتفار التفاوت عنهم فيكفى لهم رعاية ما تيسّر لهم من احدى العلامات مطلقا و اللّه تعالى يعلم

قوله خصوصا مع مخالفة العلامة للنص

لا يخفى ان النص هو ما نقلنا من الرّوايتين و العلّامة لا تخالف الاولى منهما و لا الجزء الثانى من الثانية بل تطابقهما و انما تخالف الجزء الاوّل من الثانية و قد عرفت ان السّائل فيه غير معلوم فلعلّه لم يكن عراقيا و العلّامة اختصّت باهله فلا مخالفة معه أيضا فافهم

قوله بل بالجهتين العرفيتين

اى تمام القوس الذى فيه مطالع الشمس في السّنة و ما فيها مغاربها كذلك

قوله يوجب سقوط فائدة العلامة

فيه انه لا يجب ان يعتبر في التخصيص الموافقة للعلامة الاخرى حتى تنتفى فائدة العلامة بان يقال جعل جزء من المشرق على اليمين و جزء من المغرب على اليسار بحيث يكون الجدى معه خلف المنكب الايمن بل يمكن التخصيص بما يطابقها في الواقع و ان لم يعتبر ذلك في مفهومها كان يقال المعتبر مشرق الشمس و مغربها في الايّام القصيرة جدّا فان جعل المشرق و المغرب في هذا الوقت على اليمين و اليسار يطابق ما ذكروه من علامة الجدى و لا تنتفى فائدة العلامة فهم مثل هذا التخصيص مع اطلاق كلامهم لا يخلو عن تكلف فافهم

[علامة أهل اليمن]

قوله فان ذلك يقتضى كون اليمن مقابلا للعراق

امّا بناء على العلامة الثانية اى كون السّهيل غائبا بين الكتفين فلان مغيب سهيل منحرف عن نقطة الجنوب الى المغرب فيكون مقابلا لأوساط العراق النهى انحرف قبلتها عن الجنوب الى المغرب و امّا بناء على العلامة الاولى فلانه حينئذ يكون مقابلا للاطراف الغربيّة من العراق كالموصل و ما والاها حيث حقق سابقا ان قبلتها نقطة الجنوب و يجعل فيها الجدى بين الكتفين هذا اذا خصّ كلامهم بحالة استقامته كما سيشير اليه و الا فيختلّ ما ذكروه من العلامة لما ظهر لك من الحركة الجدى في الجهات فلا بد من بيان ان جعله بين العينين في ايّة حالة الا ان يدّعى اغتفار هذا التفاوت و حينئذ أيضا يستقيم مقابلية للعراق لاغتفار التفاوت فيه أيضا على هذا القول

قوله فان جعل الجدى طالعا بين العينين

لا يخفى انّ الجدى لا طلوع له و لا غروب لانه ابديّ الظهور في هذه البلاد فالمراد بطلوعه استقامته كما فسّره به المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد و جعله مجازا او خصوص ارتفاعه كما فعله الشارح في شرح الارشاد و كانّه بناء على ان علامة التجوز فيه اظهر و ان كان الانخفاض أيضا بحكمه و على الوجهين يظهر توجّه ما اورده المشهور لكن يبقى ان التقييد بكونه طالعا ليس فيما نقله من العلامة بل قد اطلق الجدى فيها فتقييده به و ايراد الاشكال عليه كما ترى و الجواب ان ما نقله هاهنا و ان كان مطلقا لكن لا بد من تقييده بذلك اذ لا يصلح ابقاؤه على الاطلاق بناء على ما هو ظاهرهم من عدم اغتفار يمكن التفاوت و لا قرينة على خصوص تقييد سوى ذلك اذ يمكن جعل القرينة عليه تقييدهم به في علامة العراق ان جماعة منهم صرح بالتقييد به هنا أيضا كما نقلنا عن عد و الارشاد على انه لو قيل باغتفار التفاوت و جواز حمل كلامهم على الاطلاق فلا يفيد في دفع الاعتراض لانه اذ اصح جعله بين العينين مطلقا فمن صور جعله بينهما في صورة غاية ارتفاعه فيستقبل نقطة الشمال و يكون نقطة الجنوب بين الكتفين و هى موازية لسهيل في غاية ارتفاعه لا غائبا فلا وجه للتقييد به فينبغى جعل ذلك أيضا علامة مطلقا هذا نعم لو حمل كونه طالعا على ظاهره اى ابتداء طلوعه و نزل ذلك على ما يأتى من دهر يكون فيه للجدى طلوع كما اشرنا اليه سابقا لتقاربت العلامتان لان مطلع الجدى منحرف عن نقطة الشمال كما ان مغيب سهيل منحرف عن نقطة الجنوب لكن لا يخفى

ص: 176

ما فيه من التعسّف و مع ذلك فتوافقهما في الانحراف غير ظاهر فتفطّن

قوله لا يناسب شيئا من هذه العلامات

اى العلامتين الاخيرتين اللّتين نقلهما عن المصنف و غيره لا جميع ما ذكره لمناسبتها للعلامتين الاوليين و هو ظ

قوله و انما المناسب لها عدن و ما والاها

و كان بعضا منها يناسب الاولى و بعض الثانية فاختلافهما بهذا الاعتبار او المراد مناسبتها لها لا مطابقتها و انما تطابق العلامة الاولى و امّا العلامة الثانية فلا تطابقها الا بتبديل كونه غائبا بكونه في غاية ارتفاعه او حمله على ذلك بعناية كما فعله في شرح الارشاد بان يقال ان وصوله الى دائرة نصف النهار و ميله عنها ابتداء اخذه في المغيب بل قبل الميل ايضا لما حان له الميل الى المغيب فكانه ابتداء مغيبه و لا يخفى ما فيه من التعسّف

[أحكام القبلة]

قوله و يجوز ان يقول على قبلة البلد

قال في المدارك جواز التعويل على قبلة المسلمين اجماع بين الاصحاب قاله في التذكرة و اطلاق كلامهم يقتضى ان لا فرق في ذلك بين ما يفيد العلم بالجهة او الظن و لا بين ان يكون المصلّى متمكّننا من معرفة القبلة بالعلامات المفيدة للعلم او الاجتهاد المفيد للظنّ او ينتفى الامران و ربما ظهر من قولهم فان جهلها عوّل على الامارات المفيدة للظنّ عدم جواز التعويل للمتمكن من العلم الا اذا افادت اليقين و هو كذلك لان الاستقبال على اليقين ممكن فيسقط اعتبار الظن انتهى و انت خبير بان كلامهم كما يجي ء يعطى ان الجهة في قبلة بلاد المسلمين قطعى نعم ربما احتمل فيها التّيامن و التّياسر و على هذا فلا بعد في جواز التعويل عليها لمن تمكن من العلم أيضا كما هو ظاهر اطلاق كلامهم بناء على سعة امر القبلة و ما ذكر من سقوط الظن مع امكان اليقين انما يسلم في اصل الجهة و امّا بعد اليقين بذلك فالحكم بوجوب تحصيل اليقين في خصوصيّاتها مع الامكان و عدم جواز التعويل على الظن ممنوع لا بدّ له من دليل خصوصا مع التعويل على قبلة المسلمين الذى اطلقوا الحكم بصحّته و من المعلوم أيضا انه كان المدار عليه في الاعصار و الامصار فتدبّر

قوله الّا مع علم الخطاء

اى في التيامن و التياسر لا في اصل الجهة لانهم ادّعوا امتناع الخطاء فيها كما سننقله فالفرق بين صورتى العلم بالخطاء و عدمه انما هو في الوجوب و الجواز و هو خلاف ظاهر سياق كلامه هاهنا و في شرح الإرشاد بل الذكرى و الدروس أيضا فان الظاهر منهما تجويز علم الخطاء فيهما مطلقا حتى في اصل الجهة و حينئذ يشكل الجمع بينه و بين ما ذكروه من الحكم بالامتناع في الشقّ الثانى فتأمل

قوله و كذا يجوز الاجتهاد فيها

اى العمل بما ادّى اليه اجتهاده و الّا فلا منع من اصل الاجتهاد مط

قوله تيامنا و تياسرا

اى لا في اصل الجهة كما صرّح به في الذكرى و غيره قال في الذكرى المحاريب المنصوبة في مساجد المسلمين و في الطرق التى هى جادّتهم يتعيّن التوجّه اليها و لا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا و هل يجوز في التّيامن و التياسر الاقرب جوازه لان الخطاء في الجهة مع استمرار الخلق و اتفاقهم ممتع امّا في التيامن و التّياسر فغير بعيد ثمّ قال و وجه المنع اى عن الاجتهاد في التيامن و التياسر الذى يفهم من جعله الجواز فيها اقرب ان احتمال اصابة الخلق الكثير اقرب من احتمال اصابة الواحد و زيّفه بجواز ترك الخلق الكثير الاجتهاد في ذلك لعدم وجوبه عليهم و جواز التعويل على قبلة البلد و ان كانت قرية صغيرة و نشاء فيها قرون من المسلمين فلا يدل مجرد صلاتهم على تحريم اجتهاد غيرهم و نقل انه قد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق و ان فيها تياسرا عن القبلة مع انطواء الاعصار الماضية على عدم ذلك و لم يزد في تعليل ما جعله اقرب على ما نقلنا من دفع وجه المنع و جواز الخطاء فيهما و كانه جعل الحكم بعد ذلك ظاهر او مثله في شرح الإرشاد للشارح رحمه الله في المدارك استدل عليه بعموم الامر بالتجرى و فيهما تامّل امّا في الاوّل فلان عدم بعد الخطاء و جواز ترك الاجتهاد عليهم و ان كان كذلك لكن بمجرّد ذلك الحكم بجواز الاجتهاد لنا لكن لا يخلو عن اشكال لانه اذا وقع الاجمال عليه السلام على جواز التعويل على قبلة البلد كما ادّعوه فالصّلاة اليها يقينيّة و الى ما ادّى اليه الاجتهاد ظنّى فكيف يعدل عن اليقين الى الظنّ نعم لو أدّى اجتهادنا ايضا الى اليقين لامكن القول بجواز التعويل عليه حينئذ و امّا في الثانى فلان عمدة ما يدل على التّحرى من الروايات على ما نقلنا عليه هى صحيحة زرارة قال قال ابو جعفر عليه السلام يجزى التحري ابدا اذا لم يعلم اين وجه القبلة و موثقة سماعة بسندين قال سألته عن الصّلاة باللّيل و النهار اذا لم تر الشمس و لا القمر و لا النجوم قال اجتهد رأيك و تعمّد القبلة جهدك و لا يخفى ان الرّواية الصّحيحة لا دلالة لها على جواز التحرى في هذه الصّورة لاختصاصها بما اذا لم يعلم اين وجه القبلة و وجود قبلة معلومة في هذه الصّورة و اما الموثقة فهي و ان وقع فيها الامر باجتهاد الرأي و تعمّد القبلة بقدر الجهد في الصّورة المفروضة لكن يمكن ان يقال ان الاجتهاد التّام و بذلك الجهد الاكمل انما هو في متابعة قبلة البلد ليتقن البراءة بها فالعدول منها الى الاجتهاد بنحو آخر مع عدم حصول اليقين به ليس اجتهادا و لا بذل الجهد في تعمّد القبلة الا ان يقال ان المتبادر من القبلة في الرّوايتين هو القبلة في الواقع لا ما يجوز التوجّه اليه شرعا و ان لم يكن مطابقا النفس الامر و للتامّل فيه مجال و مع ذلك فيلزم حينئذ بمقتضى الرواية الثانية وجوب الاجتهاد لا مجرّد جوازه و هم لا يقولون به فتأمل

قوله و نحوه

كالسّمت الذى علم توجيه ذبائحهم او موتاهم اليه و نحوها المحاريب المنصوبة في جوادّ طرف المسلمين و في شرح الارشاد و المدارك جعل قبلة البلد شاملا لها و كانه على التوسّع

قوله و لو فقد الامارات

لا ريب ان من تمكّن من العلم بالقبلة بالمعاينة او وجود محراب المعصوم او الشياع او الخبر المحفوف بالقرائن او العلامات المفيدة لذلك كالجدى و غيره من العلامات المفيدة للعلم بالجهة فالواجب عليه اتباع ذلك و اذا لم يتمكن من العلم فادّعوا الاجماع على وجوب الاجتهاد و التعويل على الامارات المفيدة للظنّ قال المحقق في المعتبر فاقد العلم يجتهد فان غلب على ظنّه انه القبلة لأمارة بنى عليه و هو اتّفاق اهل العلم انتهى لكن كلامهم لا يخلو عن اجمال حيث لا يعلم منه ان المراد خصوص العلامات الكلية المذكورة لذلك في كتب الاصحاب و غيرها كسائر ما ذكر في كتب الهيئة او يشمل كل ما يفيد الظن بتعيين جهة القبلة في المكان الذى يصلّى فيه من القرائن و الامارات كما اذا ظنّ الصّلاة اليها عند ظهور العلامات و ظاهر بعضهم كصاحب المدارك ان مذهبهم الثانى و ان التعويل عندهم على الظن مطلقا و يظهر من المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد انه فهم من كلام الاكثر الأول و ان مذهبهم ان مع عدم التمكن من العلم عليه الاجتهاد بالقرائن المنصوبة لمعرفة القبلة و مع تعذرها فحكمه ما ذكروه من حكمه من لم يتمكن من الاجتهاد من الاقوال و حينئذ فلا اعتبار بالقرائن الجزئية المفيدة للظنّ في خصوص مكان و ذلك لانّه بيّن اوّلا تقديم العلم بالقبلة بنحو المشاهدة و محراب المعصوم على العلامات و ان مع عدم التمكن منه بجوز التعويل على العلامات المفيدة للعلم ثمّ الامارات المفيدة للظنّ و ذكر طرفا منها كاعتبار العراقى بالقمر في الليلة السّابقة عند المغرب و الليلة الرابعة عشرة نصف الليل و ليلة احدى و عشرين عند الصّبح فانها في هذه الاوقات تطابق قبلتهم تخمينا و ذكر ان قبور المسلمين و قبلتهم كالامارات مع عدم ظهور الغلط تحمل عمل المسلمين على

ص: 177

الصّحة مع المسامحة في القبلة ثمّ قال و مع فقد الكلّ فعبارة اكثر الاصحاب يفيد وجوب الصّلاة الى اربع جهات لان اليقين بل الظّن بالبراءة انما يحصل بها فيجب مع التعذر يكتفى بالممكن ثمّ قال و يحتمل التحري و الاكتفاء باحدى الجهات ثمّ شرع في الاستدلال لما ذكره من الاحتمال و لا يخفى ان التحرى بعد فقد العلامات ليس الا بما ذكرنا من رعاية القرائن الجزئية فذكره لهذا الاحتمال بعد ما نقله عن الاكثر يدل على انه فهم من كلام الاكثر انهم لا يقولون بالتحرى و التّعويل على الأمارات الجزئية بل يحكمون بعد فقد العلامات الكليّة بالصّلاة الى اربع و الظاهر عندى ان مع امكان تحصيل العلم بالعين او الجهة وجب على ذلك و الا فالتعويل عليه على غلبة الظنّ مطلقا باىّ جهة كانت من غير فرق بين العلامات الكلية و غيرها و لو تعذر ذلك أيضا و تساوت الجهات او المتعدد منها ففيه الخلاف الآتي و الظاهر ان مراد الاكثر أيضا هو ذلك و ذلك للرّوايات الدّالة على التحرّى فان التحرّى هو طلب الحرّى و اللّائق و هو مطلق في كلّ ما غلب الظنّ به من غير فرق بين اسبابه و امّا الروايات الدالة على التجرى فمنها صحيحة زرارة و موثقتا سماعة المتقدمة آنفا و منها صحيحة سليمان بن خالد بسندين و فيه كلام قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام الرّجل يكون في قفز من الارض في يوم غيم فيصلّى لغير القبلة ثمّ يصحى فيعلم انه صلّى لغير القبلة كيف يصنع قال ان كان في وقت فليعد صلاته و ان كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده و رواية اخرى عن سليمان بن خالد مثله و صحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت عبدا صالحا عن رجل صلّى في يوم سحاب على غير القبلة ثمّ طلعت الشمس و هو في وقت أ يعيد الصّلاة اذا كان قد صلّى على غير القبلة و ان كان قد تحرّى القبلة بجهده أ تجزيه صلاته فقال يعيد ما كان في وقت فاذا ذهب الوقت فلا اعادة عليه و حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الاعمى يؤم القوم و هو على غير القبلة قال يعيد و لا يعيدون فانّهم تحرّوا و هى صريحة في ان التعويل على الامام نوع من التحرّى فالظاهر حصوله بكلّ ما يثمر الظنّ من دون اختصاص بالعلامات الكلية و يدلّ على ما ذكرنا أيضا ما سيجي ء من الاخبار الدّالة على جواز الاكتفاء بواحدة عند التحير و ان آية فاينما تولّوا نزلت فيه فانه اذا جاز ذلك عند التحيّر فعند التحرى بطريق اولى فهذه الاخبار كانّها تصلح حجته للتعويل على التحرى و عدم الحاجة معه الى اربع صلوات مع ما فيه من المشقة التى لا تناسب الشريعة السّمحة السّهلة و لو لم يكتف بها و حكم بان التكليف اليقينى لا بد فيه من حصول اليقين بالامتثال و لا يحصل الّا بالصّلاة الى اربع كما نقله فيلزم ان لا يجوز التعويل على الامارات المفيدة للظنّ اصلا فتجويز بعضها و المنع عن بعض تحكم بحث على ان حصول اليقين بالاربع أيضا غير ظاهر اذا اغتفار هذا القدر من الانحراف الذى بين صلاتين منها غير معلوم و اخبار ما بين المشرق و المغرب أيضا كانها في مرتبة هذه الاخبار فمن لم يكتف بها ينبغى ان لا يكتفى بها ايضا مع احتمال اختصاصها بالمتحير الفاقد للظنّ مطلقا و على هذا فينبغى له ان يحكم بوجوب تعدد الصّلاة الى ان لا يبقى بين كل صلاتين الا انحراف يسير يغتفر مع الاختيار أيضا و لا يقول به احد الا ان يقال ان ما زاد على الاربع منفى بالاجماع فيقتصر على الاربع لذلك و فيه ان الاجماع على اجتزاء الصّلاة الى الاربع و نفى الزائد انما يثبت مع فقد الامارات مطلقا و امّا في هذه الصّورة فلا لما اشرنا اليه من الاجمال و الاشتباه في كلامهم فلا يمكن التمسّك بالاجماع منها هذا و الاولى الاحتياط بان يجعل الجهة المظنونة احدى الجهات الاربع و يضيف اليها ثلاثة اخرى فانه حينئذ يحصل اليقين بالبراءة بالاجماع فتدبر و المفيد في المقنعة حكم بانه اذا اطبقت السماء بالغيم فلم يجد الانسان دليلا عليها بالشمس و النجوم فليصلّ الى اربع جهات و كذا المحبوس الذى لا يجد دليلا على القبلة باحد ما ذكرنا صلّى الى اربع جهات فان لم يقدر على ذلك بسبب من الاسباب المانعة من الصلاة اربع مرّات فليصل الى أيّ جهة شاء و ذلك يجزء مع الاضطرار و لم يتعرض للتحرى اصلا و الشيخ رحمه الله في التهذيب اورد في مقام الاستدلال عليه روايتى خراش الآيتين ثمّ نقل

صحيحة زرارة و موثقتى سماعة الدالّة على التحرى و حملها على الضرورة اى صورة عدم سعة الوقت للاربع و علّل وجوب الحمل عليها بانه لو لم تحمل على الضرورة لم يكن لما قدمنا من الخبرين بانّه يصلّى الى اربع جهات معنى لان على مقتضى ظاهر هذه الاحاديث يجزى التحرى و لا يحتاج في حال الى ان يصلّى الى اربع جهات فيسقط متضمّنها جملة و اذا حملنا هذه الاخبار على الضرورة و ذينك الحديثين على حال الاختيار نكون قد جمعنا بينها على وجه لا تنافى بينها و لا يخفى ما فيه فان اخبار التحرى انما تدل على الاخذ بالحرىّ و العمل به فعند تساوى الجهات او الجهتين و عدم غلبة الظنّ بشي ء منها او منهما لا يمكن التحرى فيمكن حمل روايتى خراش على هذه الصورة و به يندفع المنافاة بين الاخبار و لا يلزم حمل اخبار التحرى على الضرورة مع ما فيه من البعد و لا طرح شي ء منها و أيضا يمكن حمل الخبرين مع ضعف سندهما على الاستحباب ثمّ استدل أيضا على انّ المراد بهذه الاخبار حال الاضطرار دون الاختيار و برواية عمرو بن يحيى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى على غير القبلة ثمّ تبيّنت له القبلة و قد دخل في وقت صلاة اخرى قال يعيدها قبل ان يصلّى هذه التى قد دخل وقتها و رواية اخرى مثلها عن معمّر بن يحيى الا ان فيها بدل يعيدها يصلّيها ثمّ بين وجه الاستدلال بانه لو لم نحمل تلك الاحاديث على حال الاضطرار لم يكن لإيجاب الاعادة بعد خروج الوقت حسب ما تضمّنه هذان الخبران معنى لان ظاهرها يقتضى انه متى تحرى القبلة و صلّى ثمّ خرج الوقت فانه أجزأت صلاته و انت خبير بان الخبر الأول من اخبار التحرى لا يخلو عن ظهور فيما ذكره فان ظاهر الاجزاء هو ذلك و امّا الخبران الآخران فليس فيهما الا الامر بالاجتهاد و تعمّد القبلة و ليس فيهما من سقوط الاعادة عين و لا اثر و كان بناء كلامه رحمه الله على ان الامر بشي ء يقتضى صحته اذا اتى به و الصحة هو سقوط القضاء على ما هو المشهور بين الفقهاء و فيه تامل فان الظاهر ان الصحة التى تقتضيها الامر انما هو موافقة الامر و تحقق الامتثال كما ذكروه المتكلمون و هذا لا ينافى وجوب القضاء بظهور خلل فيه في نفس الأمر و ان كان ما اتى به موافقا لما امر به في ذلك الوقت فان القضاء حكم آخر كما قالوا في الصّلاة بظنّ الطهارة و مع نسيان النّجاسة و يمكن حمل الاجزاء في الرّواية الاولى أيضا على مجرّد ذلك و الظاهر انه ليس با بعد مما فعله من تخصيص اخبار التحرى بحال الضّرورة و ضيق الوقت ثمّ من اين علم ان الخبرين فيمن راعى التحرى لم لم يحمل و على من اكتفى بواحدة بدون رعاية التحرّى مع امكانه او يحملا على من وجب عليه الصّلاة الى اربع لتساوى الجهات عنده و عدم حصول ظنّ له بالتحرّى و مع ذلك اكتفى بواحدة فيجب عليه الاعادة بعد تبين الخطاء اللّهمّ الا ان يقال ان الاكتفاء بواحدة بدون التّحرى مع امكانه او بدونه بعيد جدّا من حال المكلّف العارف في الجملة فالظاهر ممن اكتفى بواحدة ان يكون ذلك باعتبار التحرّى فلو كفى التحرى مطلقا لم يستقم الحكم بالاعادة خارج الوقت فيجب ان يقال بعدم كفايته مع سعة الوقت و يحمل الخبر ان

ص: 178

على هذه الصّورة و يحمل اخبار التحرى على صورة الاضطرار و ضيق الوقت حتى يندفع المنافاة بينهما على ما ذكره و فيه انه لو سلم الاستبعاد المذكور فانّما يسلّم في صورة امكان التحرى و امّا بدونه فلا لما سنذكره من وجود القول بجواز الاكتفاء فيه بواحدة بل قوّته و متانته فعلى تقدير تسليم عدم جوازه كما هو المشهور كيف يدّعى استبعاد وقوع ذلك من احد خطاء هذا مع ضعف سند الخبرين بل لا يبعدان يكونا خبرا واحدا رووه تارة عن عمرو بن يحيى و تارة عن معمر بن يحيى مع بعض التغيرات سهوا و اللّه تعالى يعلم

قوله قلّد

اختلف الاصحاب فيما اذا تعذّر الاجتهاد في القبلة فمنهم من اطلق الحكم بالتقليد كما فعله هنا موافقا للدروس و هو ظاهر العلامة في المختلف و عدو في المدارك نسب هذا القول الى الشيخ في المبسوط و فيما عندنا من عن المبسوط خلافه بل الظاهر منه ان مذهبه احد القولين الاخيرين و منهم من اطلق الحكم في الاعمى و غيره بالصّلاة الى اربع مع السّعة و التخيير مع الضّيق و هذا القول نسبه في المدارك الى ظاهر الخلاف و كانه كما ذكره و منهم من قصر الحكم بالتقليد في الاعمى و اطلق في غيره الصّلاة الى اربع مع السّعة و التخيير مع الضيّق و هو ظاهر العلّامة رحمه الله في بعض كتبه كالارشاد و منهم من حكم بالتقليد في الاعمى و الجاهل العاجز عن المعرفة مطلقا او في الوقت على احتمال و رجّح في العالم الممنوع لعارض كغيم و نحوه الصّلاة الى الاربع و التخيّر و هو مختار المصنف رحمه الله في الذكرى و انا لم اظفر على نصّ خاص في التقليد في القبلة لكن الظاهر ان اطلاق الحكم بالتحرى في صحيحة زرارة السّابقة يشمله اذا حصل له الظنّ يقول من يقلّده و حسنة الحلبى السابقة ايضا تدلّ على حصول التحرى بتبعيّة الامام فالظاهر اطلاق الحكم بالتقليد كما هنا بشرط حصول الظنّ و سنذكر أيضا ان الظاهر للتحيّر جواز الاكتفاء بواحدة و اذا جاز ذلك مطلقا فمع التقليد بطريق اولى احتج الشيخ في الخلاف بان الصّلاة الى اربع تبرئ الذّمة بالاجماع و ليس على براءتها بالصّلاة الى احدى الجهات دليل و بما ذكرنا ظهر لك الدليل و يمكن الاستدلال له أيضا برواية خراش و سنتكلم عليه و امّا القول الثالث فكانه احتج أيضا بهذين الوجهين و تمسّك في استثناء الاعمى بلزوم العسر و الحرج فيه بالتكليف بالاربع في اكثر الاوقات و احتج في الذكرى لجواز التقليد لمثل المكفوف بانه كالعامى في الاحكام اذ ادلّة القبلة مرتّبة و لا طريق له الى الرؤية و بهذا يظهر حجة ما في الذكرى لتجويز التقليد لمن جوّز له و احتج للمنع في العالم الممنوع لعارض بان القدرة على اصل الاجتهاد حاصلة و العارض سريع الزوال و اعترض عليه الشارح في شرح الارشاد بان في صلاحيّته للدلالة نظر الحصول العجز في الحال الذى هو محلّ التكليف فيرجع الى التقليد كالاعمى و القدرة على اصل الاجتهاد غير مفيد مع المانع و سرعة الزوال لو سلمت غير صالحة للتعليل و الظاهر ان مراد المص رحمه الله انه لا حرج فيه بالتكليف بالاربع لندرة وقوعه فليكلف به تحصيلا ليقين البراءة بخلاف المكفوف و من لا يتمكن من المعرفة للزوم العسر و الحرج فيه بالتكليف بالاربع كثير او حينئذ فيندفع عنه ما اورده لكن لا يخفى جريان ما ذكره في المتمكن من الاجتهاد الممنوع منه ليضيق الوقت أيضا فلا وجه للتفرقة بينه و بين الممنوع لعارض من الغيم و نحوه حيث رجح في الثانى ما رجّحه و لم يرجّح في الاول شيئا بل ذكر فيه انه امكن جواز التقليد لانه موضع ضرورة و ظاهر الاصحاب وجوب الصّلاة الى اربع او الى ما وسعه الوقت لمرسلة خراش و كانه ليس غرضه الفرق بينهما بل اقتصر فيه اولا على ذكر الاحتمال و ظاهر الاصحاب ثمّ بعد ما رجح في الثانى ما رجّحه يعلم ترجيحه لذلك في الاول أيضا و هاهنا فوائد الأول على ما اخترنا من اطلاق الحكم بالتقليد لا ترتيب بينه و بين الاجتهاد المفيد للظنّ بل الاعتبار فيهما على غلبة الظن فبأيّهما حصلت فهو المتبع و لو تعارض الظنّ الحاصل باجتهاده و الحاصل بالتقليد اتّبع اقواهما و هو مختار المحقق رحمه الله في الشرائع و ذهب بعض الاصحاب الى تقديم الاجتهاد و عدم جواز التقليد لمن تيسّر له الاجتهاد و اختاره في المعتبر و كانه لظاهر موثقة سماعة السّابقة اجتهد رأيك و تعمده القبلة جهدك و فيه تامّل الثانية المراد بالتقليد هنا التعويل على قول من يخبر بالقبلة سواء اخبر عن يقين او عن اجتهاد و ان كان اطلاق التقليد على الاول مجازا في اصطلاحهم لكن يعتبر في الاول ان لا يكون قوله حجة شرعا و الا فالظاهر كما يلوح من عبارة المصنف رحمه الله في قواعده انه لا خلاف في الرجوع اليهما لان اخباره حجة شرعا و ربما قيل بالاكتفاء بشهادة العدل المخبر عن يقين و عدم لزوم الاجتهاد فيه و ان امكن الاجتهاد و لا يخلو عن ضعف اذ لم يثبت حجية قوله شرعا و مثله القول في الوقت فتأمل الثّالثة اذا كان المخبر مجتهدا في الاحكام فاخباره كغيره بالنّسبة الى مجتهد مثله و امّا بالنسبة الى المقلدين

فان اخبروا عن يقين فالظاهر على طريقتهم قبول قوله و ان اخبر عن ظنّ فلا الا ان يفيد ظنّا حصل به التّحرى كغيره لان المتبع ظنّه في الاحكام لا في كلّ ما اخبر به هذا اذا اخبر بنفس القبلة و امّا اخباره عن علامة القبلة فان كان عن دليل شرعىّ فهو حجة شرعا في حقّ المقلدين كغيره من الاحكام على طريقة الاجتهاد و التقليد و ان كان عن غيره كقواعد الهيئة فالظاهر انه كأخباره عن نفس القبلة فان اخبر به عن القطع فالظاهر انه حجة على طريقتهم و ان كان عن الظن فلا الا اذا حصل به التحرى فتأمل

قوله العدل العارف بها

و لو امكنه تقليد العدلين فقيل بتقدمه على العدل الواحد و اختاره الشارح في شرح الارشاد و لو تعذر العدل ففى الرجوع الى المستور بل الى الفاسق مع ظنّ صدقه بل الى الكافر مع تعذر المسلم وجهان من استلزام الجهل بالمشروط و الامر بالتثبّت عند اخبار الفاسق و النهى عن الركون الى الكافر و من صحة اخبار المسلم و قيام الظن الراجح مقام العلم في العبادات و في المبسوط منع من قبول قول الفاسق و الكافر و ظاهره عدم اشتراط العدالة و انه يكفى كونه على ظاهر الاسلام اذا لم يعلم فسقه بل كفاية ذلك في العدالة و قوىّ المصنف في الذكرى الجواز في الاخيرين و قطع به في المستور و جعل الشارح في شرح الارشاد الأولى العدم في الجميع لفقد شرط الشهادة و الاخبار و عدم جواز العمل بمطلق الظنّ فيصلّى الى الاربع و على ما قررنا من بناء الحكم على صدق التحري فالمعتبر هو الظنّ الغالب و غاية بذل الجهد في تحصيله فربما يقدم خبر المستور بل الفاسق بل الكافر على خبر العدل بل العدلين و اولى منه جواز تقديم خبر العدل الواحد على العدلين اذا كان الظن الحاصل بقوله اقوى نعم لو كان خبر العدلين عن قطع يتعيّن متابعتهما لكونه حجة شرعا كما ذكرنا سابقا

قوله رجلا كان ام امراة

و لا يكفى الصّبى لتعذر قبول خبره كذا في شرح الارشاد و في المبسوط سوّى بين الصّبى و البالغ و هو الوجه على ما حققنا من اعتبار التحرى اذ ربما حصل بقول الضيق فتأمل

قوله مع ضيق الوقت عن التّعلم

او لعدم اهليّته لمعرفة الادلّة اما لو قدر على التعلّم و وسع الوقت فوجب عليه التعلم قطعا عينا لتوقف الواجب العينىّ عليه كباقى شروط الصّلاة و يحتمل كون الوجوب كفائيا كتعلّم الفقه و يضعّف بما قلناه و بعدم المشقة في تعلم الامارات المفيدة المعلم للقبلة بخلاف التفقه بمنع وجوب كون التفقه مطلقا على الكفاية كذا في شرح

ص: 179

الارشاد

قوله متقاطعة على زوايا قوائم

و ربما قيل بالاجتزاء بالاربع كيف اتفق و اشترط المصنف رحمه الله في البيان التباعد بينهما بحيث لا يكون بين كلّ واحدة و بين الاخرى ما يعدّ قبلة واحدة لقلّة الانحراف و فيهما تامّل يظهر مما ذكره الشارح من وجه حسن اعتبار الجهات الاربع و هو ان الصّلاة اليها يستلزم امّا القبلة او الانحراف عنها بما لا يبلغ اليمين و اليسار فان ذلك انما هو عند اعتبار الجهات على ما فرضه الشارح لا مطلقا و هو ظاهر و لا على ما في البيان فانه اذا كان بعد كلّ جهة عن الاخرى بقدر سدس الدّور مثلا فلا يعدّ ان قبلة واحدة اذ لا يسع لمن كان قبلته احدهما الانحراف الى ان يبلغ الى الاخرى و اذا كان كذلك فيعدّ ان قبلتين فاذا صلّى الى اربع جهات كذلك فيمكن ان يكون القبلة خارجة عنها منحرفة بما يبلغ اليمين و اليسار كما اذا كانت القبلة هى الجنوب و احدى الجهات الّتى صلّى اليها المشرق ثمّ ينحرف عنه بقدر سدس الدّور الى الشمال ثمّ هكذا الى ان يكون الرابعة هى المغرب فظاهر انّ اقرب الجهات الى قبلته مع هو المشرق و المغرب و انحرافهما عنها يبلغ اليمين و اليسار فالصواب جعل الجهات كما فرضه الشارح و هو الظاهر منها حتى لا يلزم ذلك هذا تحرير ما ذكره الشارح في شرح الارشاد و الظاهر ان نظر المصنف الى اعتبار اهل العرف لا الشرع و الظاهر ان في العرف كل سمت يكون اقلّ من ربع الدّور و يعدّ جهة واحدة فاذا زاد على ذلك يعدّ جهة اخرى و حينئذ فما اعتبره أيضا ينطبق على ما ذكره الشارح فتأمل

قوله و مستنده ضعيف

و هو ما رواه في التهذيب بسندين عن خراش عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين عليها يقولون اذا اطبقت علينا او اظلمت فلم تعرف السّماء كنا و انتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون اذا كان ذلك فليصلّ لأربع وجوه و ضعفه بالارسال و جهالة خراش و اسماعيل بن عباد الراوى عنه في السّندين من و في الكافي بعد ما نقل رواية زرارة ان المتحيّر يصلّى حيث شاء كما سننقلها قال و روى أيضا انه يصلّى الى اربع جوانب و كانه اشار الى هذه الرّواية و على تقدير ان يكون غيرها أيضا فلا عبرة بها كما لا يخفى

قوله لان الصّلاة كذلك يستلزم امّا القبلة الى آخره

اعترض عليه امّا اوّلا فبأنّ هذا الغرض يحصل بالصّلاة الى ثلث جهات بحيث يحصل مثلّث متساوى الاضلاع فانه اذا صلّى كذلك يكون البعد بين كل نقطتين صلّى اليها مائة و عشرين درجة من الدور فان وافق القبلة احدهما فذاك و ان كانت في وسط نقطتين منها يكون الانحراف عن القبلة بقدر ستّين درجة و هو لا يبلغ اليمين و اليسار اذ لا بدّ فيه من الانحراف بقدر ربع الدور و هو تسعون درجة و ان كان اقرب من الوسط الى احد النقطتين فالامر اظهر لانه يكون الانحراف اقلّ و امّا ثانيا فلانّ هذا انما يصح لو جاز الانحراف عن القبلة بما لا يبلغ اليمين و اليسار عمدا اختيارا و هم لا يقولون به نعم ذكروا انه اذا اجتهد و حصل له الظنّ بجهة القبلة و صلّى اليها ثمّ ظهر خلافه صحت صلاته اذا لم يكن الانحراف بما يبلغ اليمين او اليسار و هذا لا يوجب جواز الاكتفاء به مع العمد و الاختيار و على هذا فبالصّلاة الى اربع كذلك لا يمكن الحكم بالصحّة مطلقا على ما ذكره و لا يخفى انّهم و ان لم يجوّز و الصّلاة كذلك حالة العلم و الاختيار لكن يجوّزونه في حالة الجهل و التحيّر كما صرّح به المحقق في المعتبر و العلّامة في التذكرة بناء على النصوص الدّالة على ان ما بين المشرق و المغرب قبلة كما نقلنا سابقا و لا شكّ ان الصّلاة كذلك يستلزم وقوع صلاة الى ما بينهما فيصحّ الاكتفاء به في حالة التحير فمراده بالصحة مطلقا ليس الاطلاق بالنسبة الى المتحيّر و غيره مطلقا بل المراد و ان لم يكن فاقد الامارات مطلقا بشرط التحيّر في تعين القبلة كمن عرف المشرق و المغرب و كان فاقدا لامارة تعيين القبلة فانه يكفيه الصّلاة الى ما بين المشرق و المغرب او المراد و ان ظهر الانحراف المذكور خارج الوقت او فيه أيضا على المشهور و على ضعفها حسن لصحة الصّلاة معه باعتبار ما ذكره مع عدم طرح الرواية بخلاف الاكتفاء بما دون ذلك و ان حصل به الغرض المذكور اذ يشكل الجرأة عليه لمخالفته للرّواية مع شهرة العمل بها بين الاصحاب و تضمّنها للاستظهار و زيادة القرب الى القبلة و حكمه بحسن اعتباره لا وجوبه و لزومه كانه الاشارة الى ما ذكرنا من ان غرضه انما هو بيان صحة الاكتفاء بالاربع و العمل به لا انه لا بدّ منه مع قطع النظر عن النص ايضا و ما ذكره من توقف الواجب عليه و ان مثل هذا يجب بدون النص انما هو لتصحيح اصل الزائد عن الصّلاة الواحدة لا لخصوص الاربع فلا يرد منع التوقف لحصول الفرض بالثلث على ما ذكر فلا يمكن لحكم بوجوبه بدون النصّ اذا الزائد عن الواحدة موجود في الثلث أيضا فلا بدّ من تصحيحه بما ذكره نعم من استدل بهذا الوجه على وجوب الصّلاة من الاربع كالمحقق في المعتبر و العلامة في كره اتّجه عليه هذا الايراد و يمكن دفعه عنه أيضا بان القول بالثلث مما لم يقل به احد فلا يبقى الا القول بالاربع و لا ريب في اتّجاه مثل هذا الاستدلال منّا بعد استقرار الاقوال نعم عند احداث المذاهب ان ذهبوا الى الاربع متمسّكا بهذا الوجه اتّجه عليهم الايراد و هو غير معلوم فتأمل

قوله او ما في حكمها

و هو ما لم يبلغ الانحراف الى اليمين و اليسار و قوله الواجب صفة لأحد الامرين و قوله عليه متعلق التوقف و الضّمير راجع الى الزائد

قوله و ذهب السيّد رضىّ الدّين بن طاوس رحمه الله

الظاهر ان القرعة بين الجهات الاربع لعدم انحصار الجهات التى يمكن الصّلاة اليها و لو سلّم امكان حصرها فلا ريب فيما فيه من العسر و الحرج المنفيين فلمّا لم ينقل عنه تعيين الجهات التى يقرع اليها فالظاهر ان مراده القرعة بين الجهات المعروفة و هى ما ذكرنا و هاهنا مذل لخر نقل عن ابن ابى عقيل و هو الاكتفاء بالصّلاة الواحدة الى حيث يشاء من الجهات من دون لزوم اعادة عليه اذا علم بعد ذهاب وقتها انه صلّى لغير القبلة و هو الظاهر من اختيار ابن بابويه و نفى عنه البعد في المختلف و مال اليه المصنف في الذكرى و اختاره صاحب المدارك و هو اقوى عندى لما سبق من صحيحة معاوية بن عمّار و فيها ما بين المشرق و المغرب قبلة و فيها على ما في الفقيه انّ آية و للّه المشرق و المغرب فاينما تولّوا فثمّ وجه اللّه نزلت في قبلة المتحيّر و صحيحة الفقيه عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام انه قال يجزى المتحيّر ابدا اينما توجّه اذا لم يعلم انى وجه القبلة و صحيحة الكافى عن ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير فقال يصلّى حيث شاء و هى و ان كانت مرسلة لكنها من مراسيل ابن ابى عمير و هى معتبرة عندهم و يؤيده صحيحة التهذيب و في عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال عن أبي عبد اللّه عليه السلام اذا صلّيت و انت على غير القبلة و استبان لك انّك صلّيت على غير القبلة و انت في وقت فاعد و ان فاتك الوقت فلا تعد و رواية اخرى في التهذيب عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه مثلها و روى الفقيه أيضا عنه و طريقه اليه صحيح انه سئل الصّادق عليه السلام عن رجل اعمى صلّى على غير القبلة فقال ان كان في وقت فليعد و ان كان قد مضى الوقت فلا يعد قال و سألته

ص: 180

عن رجل صلّى و هى متغيّمة ثمّ انجلت فعلم انّه صلّى الى غير القبلة فقال ان كان في وقت فليعد و ان كان الوقت قد مضى فلا يعد وجه التأييد ان الظاهر من السّؤال انّه صلّى صلاة واحدة و قد قرّره عليه السلام و بيّن حكمه فالظاهر إجزاء الصّلاة الواحدة و هذا و ان امكن حمله على صورة التحرى لكن ترك الاستفصال لا يخلو عن ظهور في الاجزاء مطلقا و رواية محمد بن الحصين قال كتبت الى عبد صالح الرّجل يصلّى في يوم غيم في فلاة من الارض و لا يعرف القبلة فيصلّى حتى اذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فاذا هو صلّى لغير القبلة أ يعتدّ بصلاته ام يعيدها فكتب يعيدها ما لم يفته الوقت او لم يعلم انّ اللّه يقول و قوله الحقّ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ وجه التأييد مثل ما ذكر في سابقها مع زيادة ان حملها على صورة التّحرى كانه لا يخلو عن بعد و أيضا زيادة ما يظهر منها من تفسير الآية الكريمة موافقا لما في صحيحة معاوية بن عمار و انت خبير بان رواية خراش مع ضعف سندها و امكان حملها على الاستحباب كما اشرنا اليه سابقا لا تصلح لمعارضة هذه الاخبار حتى تطرح هذه الاخبار لاجلها او تحمل على التقية لموافقتها لمذهب بعض العامة كداود فانه ذهب الى ان الاعمى و من لا يعرف امارة القبلة يصلّيان الى أيّ جهة شاء او امّا الوجه الآخر لهم و هو وجوب الاستقبال ما امكن و انه لا يحصل في هذا الفرض الا كذلك على ما نقلنا من المحقق و العلّامة ففيه انا لا نم وجوب الاستقبال مع الجهل فان الاخبار المذكورة كانّها تصلح لتخصيص عموم الآية الكريمة خصوصا مع موافقتها لظاهر الآية الكريمة الاخرى و ما قيل من نسخها لم يثبت و امكان تخصيصها بما اذا لم يكن الاستقبال او بالنّافلة مطلقا او مع الضّرورة او في السّفر او على الراحلة في السّفر لئلا تنافى الآية الاولى و يمكن الاستدلال بها على وجوب الاستقبال فيما كذلك دخلت في ظاهر الآية الكريمة الثانية و يمكن الاستدلال بها على جواز التوجّه حيث شاء و تخصيص الثانية بالاولى ليس اولى من العكس بل العكس اولى بدلالة الرّوايات المذكورة و امّا حمل الآية الاخرى على ان البلاد و الارض المنقسمة الى المشرق اى النصف الّذى فيها محلّ طلوعها و المغرب اى النصف الذى فيه محلّ غروبها كلّها ملك للّه ففى أيّ مكان فعلتم التولية اى الى المسجد الحرام بقرينة الآية الاخرى فثمّ وجه اللّه اى جهته التى جعلها قبلة لكم و امركم ان تجعلوا وجوهكم اليها حيثما كنتم او فثمّ ذاته تعالى يعنى عالم بما فعلتم فيه فيقبل منكم و يثيبكم مثل ما اصابكم في المسجد الحرام و البيت المقدّس الاولى و الاحوط ثمّ الاولى و الاحوط بعده و المقصود انه جعلت لكم الارض مسجدا فصلّوا في كل بقعة منها فان الكل للّه لكن بشرط التولية الى المسجد الحرام فكانه لا يخلو عن بعد فلا يدفع الظهور الذى ذكرنا هذا و لا يخفى انه على هذا القول لو راعى القرعة أيضا و صلّى الى الجهة التى خرجت بالقرعة لكان اولى و احوط لكن الاولى و الاحوط الصّلاة على الاربع للشهرة العظيمة بين الاصحاب حتى انه في المعتبر و كره جعلها مذهب علمائنا المشعر بالاجماع و لسلامتها عن احتمال مخالفة آية او خبر و لانّ بها يحصل اليقين بالبراءة على جميع الاقوال لما اشرنا اليه من ان القرعة على القول بها انما هى بين الجهات الاربع فاذا صلّى الى الجميع يحصل العلم بما يخرج أيضا فيتحقق الامتثال على جميع الاقوال الا ان يقال ان على القول بالقرعة يتعين العمل بها فينوى الوجوب في الصّلاة الى الجهة التى خرجت بها من غير تردّد بخلاف ما اذا صلّى الى على الاربع لما فيها من التردد في النّية و للتردّد في صحته مجال لكن لا يخفى انه لا يمكن هنا الاعتماد على القرعة بحيث لا يبقى التردّد و عند ما كان كذلك فالظاهر انه لا باس بالتردد في النّية و مع ذلك فلو راعى كمال الاحتياط فالاولى استعمال القرعة فالصّلاة الى الجهة التى خرجت بها ثمّ الى الثلث الباقية احتياطا و اللّه تعالى يعلم فائدة قال الشارح رحمه الله في شرح الارشاد عند قول مصنّفه فان فقد الظن صلّى الى اربع جهات كل فريضة اراد بقوله كل فريضة انه لو اجتمع فرضان في وقت واحد كالظهرين لم يجز الشروع في الثانى منهما حتى يصلّى الاولى الى الاربع ليحصل يقين البراءة من الأوّل عند الشروع في الثانى كالصّلاة في ثوبين احدهما نجس

و اشتبه بالآخر فيصير صلاة الفريضة اربع مرّات الى الاربع جهات بمنزلة فعلها مرة عند اتّضاح القبلة و يتفرع على ذلك انه لو ادرك من آخر وقت الظهرين مقدار اربع رباعيّات تعيّنت العصر لان الجميع مقدار ادائها على تلك الحال انتهى و الظاهر انه لا يجب الا تقديم الاول الى كل جهة على الاخرى اليها و امّا تقديم اربع الاولى بتمامها على الشروع في الثانية فليس بلازم لعدم دليل عليه و جعل الاربع بمنزلة الصّلاة الواحدة على ما ذكره مما لا شاهد له و لا حجة عليه و مثله القول في الصّلاة في الثوبين المشتبهين و قول العلامة كل فريضة لا دلالة له على ما ذكره اصلا بل الظاهر انه لدفع توهّم ان الصّلاة الى الجهات بتوزيع الصلاة عليها فصرّح بان المراد فعل كل صلاة اليها و ما ذكره من التفريع حق لكن لا يتفرع على ما ذكره بل يتفرع على اصل وجوب كل فريضة الى الاربع باىّ وجه كان

قوله بعد الصّلاة

و لو انكشف ذلك في اثناء الصّلاة فقال في المبسوط ان ظنّ القبلة عن يمينه او شماله بنى عليه و استقبل القبلة و تمّمها و ان كان مستدبر القبلة اعاد من اولها بلا خلاف و حكم جماعة منهم المحقق و العلّامة بوجوب الاستيناف اذا كان انحرافه يسيرا الى ما بين المشرق و المغرب على ما فسّره به في شرح الارشاد و المدارك و لم ينقلوا فيه خلافا و استدلّ في المدارك على الثانى بقولهم عليه السلام ما بين المشرق و المغرب قبلة و ادّعى عليه الاجماع و على الاوّل اى وجوب الاعادة في غير اليسير باخلاله بشرط الواجب مع بقاء وقته و الاتيان به ممكن فيجب و بانه اذا تبين الخلل على هذا الوجه بعد الفراغ استأنف فكذا اذا علم في الاثناء لان ما يفسد الكل يفسد الجزء قال و يؤيّده رواية القاسم بن الوليد قال سألته عن رجل تبيّن له و هو في الصلاة انه على غير القبلة قال يستقبلها اذا اثبت ذلك و ان كان فرغ منها فلا يعيدها و فيما ذكره من الوجهين تامّل لان شرط الواجب هو الاستقبال بحسب ظنّه و قد حصل و الاعادة بعد ظهور الخلل حكم آخر لا بدّ له من دليل و الحكم بها مع ظهور الخلل في الكل لا يقتضى الحكم بها لوقوع الخلل في بعض مع اصالة عدم وجوبها و اما الرواية فان حملت على اطلاقها يشكل قوله و ان فرغ منها فلا بعيد الّا ان يخصّ بما اذا كان التذكر بعد خروج الوقت و لا يخلو عن بعد و على هذا فيمكن حمله على ما اذا كان الانحراف يسير الى ما بين المشرق و المغرب و يجعل الضمير في قوله يستقبلها راجعا الى القبلة لا الى الصّلاة او يحمل على الاستحباب و حينئذ فلا تأييد له فيها هذا مع فيها من الاضمار و عدم توثيق القاسم و لا مدحه سوى انّ له كتابا و على هذا فالحكم بوجوب الاعادة في غير المعذر لا يخلو عن اشكال و امّا المستدبر فيدل على وجوب الاعادة عليه مع الاجماع كما ادّعاه الشيخ موثقة عمار الآتية فانتظر هذا ان ظهر الانحراف في الأثناء و قد بقي الوقت فان خرج فان كان الى ما بين المشرق و المغرب فيستقيم و يمضى فيها و ان كان الى اليمين او اليسار او الاستدبار فالظاهر أيضا ذلك اذا الاعادة

ص: 181

لم تثبت الا اذا تبيّن الخطاء في الوقت كما يظهر بالتّامّل في الرّوايات الآتية و يحتمل الاستيناف في المستدبر على المشهور لما ذكر من ان ما يفسد الكلّ يفسد الجزء و يحتمل الاستيناف مطلقا اذا ادرك ركعة في الوقت لانه اذا ادرك ركعة في الوقت فيصير الباقى في حكم الوقت فيكون بحكم الذكر في الوقت و لا يخفى ضعفه فان الحكم بكونه في حكم الوقت مطلقا ممنوع على ان الحكم بوجوب الاستيناف فيما لو تذكر في آخر الوقت الحقيقى بحيث لا يسع الوقت الا تتمة الصّلاة لا يخلو عن اشكال و الاحوط في الصّورة الاولى اتمام الصّلاة و القضاء بعدها و في الثانية أيضا الاولى ذلك و ان لم يكن الاحتياط و اللّه تعالى يعلم هذا كله في الظان و امّا الناسى فيمكن أيضا ان يكون حكمه حكم الظانّ على القولين و يحتمل الحاقه بالعامد لتقصيره و القول بوجوب الاستيناف و ان كان الى ما بين المشرق و المغرب و كذا وجوبه اذا ظهر الانحراف بعد خروج الوقت و ان لم يكن مستدبر او يحتمل الحاقه بالعامد في الثانى فقط بناء على ان ما بينهما قبلة مع العذر مط كما سيتّضح كل ذلك بالتامّل فيما سنذكره في الحاشية الآتية في تحقيق الحال الناسى بالظانّ و الظاهر هو الاول لكن حينئذ على قول الشيخ لا يمكن الجواب عن استدلال المدارك بشرطيّة الاستقبال بما ذكرنا في الظانّ بل يجاب عنه بان المسلّم من شرطيّته ليس الا ان الاخلال به عمدا موجب للاعادة و امّا مع السّهو مطلقا و لو في بعض الصّلاة فلا فتأمّل

قوله او ناسيا للمراعاة

الحاق النّاسى هاهنا بالظّان قول جماعة من الاصحاب و نقل في المعتبر عن الشيخ انه قال اذا صلّى الى غير القبلة ناسيا او لشبهة اعاد ان كان الوقت باقيا و لو كان خرج لم يعد قال و كانه الحقه بالظانّ و فيما ذكره رحمه الله اشكال انتهى و قال العلامة رحمه الله في المنتهى هل يكون حكم النّاسى و المصلّى بشبهة حكم الظانّ قال في ية به حتى انه ان كان الوقت باقيا اعاد و ان خرج لم يعد و فيه تردّد انتهى و قال في النهاية امّا الناسى فقد الحقه الشيخ بالظّان في وجوب الاعادة في الوقت لا خارجه و الاقرب الحاقه بالعامد لتفريطه بالنسيان انتهى و لا يخفى ان مراد الشيخ من الاعادة في الوقت امّا الاعادة فيه مطلقا و ان كان الى ما بين المشرق و المغرب كما هو ظاهر اطلاق كلامه و سيجي ء في الظان ان ظاهر اطلاق كلامه كغيره من الاصحاب فيه ذلك او الاعادة فيه في غير ما كان الى ما بينهما فظاهر السياق ان يكون اخوه أيضا كذلك و اما اشكال المحقق و تردّد المنتهى فهو أيضا امّا في الاعادة في الوقت لا خارجه مطلقا باحتمال الاعادة مطلقا في خصوص النّاسى و ان لم يكن الظان عندهما كذلك و هو ظاهر نهاية العلامة حيث جعل الاقرب الحاقه بالعامد فان العامد عليه الاعادة في الوقت و خارجه مطلقا و ان كان الى ما بينهما اذا الاشكال و التردّد باحتمال الاعادة خارج الوقت أيضا في خصوص النّاسى اذا لم يكن الى ما بينهما و حينئذ يحمل ما جعله في النهاية اقرب أيضا على ذلك اين انه يلحق بالعامد فيما اذا لم يكن الى ما بينهما بان يكون عدم الاعادة اذا كان الى ما بينهما مسلّما عندهم في غير الظان ايضا ممّن له عذر في الجملة و ان كان مقصّرا و لا يخرج عنه الا المتعمّد المحض و يؤيّد هذا ما سننقله عن المصنف في الجاهل حيث جعل الاقرب فيه الاعادة الّا لما كان لى ما بينهما و كيفما كان فالأقرب عندى ان النّاسى أيضا حكمه حكم الظانّ فيما سنذكره من عدم الاعادة فيما اذا صلّى الى ما بينهما اصلا و الاعادة في الوقت لا خارجه في غيره امّا الاوّل فلشمول اطلاق ما استدلّوا به في الظّانّ من صحيحتى معاوية بن عمّار و زرارة كما سيجي ء للناسى أيضا فلا وجه للتفرقة بينهما و شرطية الاستقبال لم يثبت الا الى مطلق ما بينهما او بمعنى ان الاخلال به عمدا موجب للاعادة مطلقا و امّا مع السّهو فلا و امّا الثانى فلشمول بعض ما استدلوا به في الظان على ذلك للناسى ايضا كصحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه و رواية محمد بن الحصين و موثقة زرارة الآتية و شرطية الاستقبال على تقدير تسليمها مطلقا لا يفيد الا الاعادة مع الاخلال بها في الوقت لا القضاء خارجه أيضا كما سنذكره في الظان و يمكن ان يستدل أيضا على عدم الاعادة في الصورة الاولى مطلقا و في خارج الوقت في الثانية بعموم رفع الخطاء و النسيان لكن فيه ما فيه اذ الظاهر منه ليس الا رفع جميع المؤاخذة فقط لا رفع جميع الاحكام و امّا ما استدل به في ية لما جعله اقرب من تفريطه بالنسيان ففيه ان تفريطه ان كان لا يوجب الحكم بوجوب الاعادة او القضاء عليه مطلقا مع اطلاق الروايات الصحيحة و غيرها في خلافه هذا و امّا جاهل الحكم فقال المصنف في الذكرى الاقرب انه يعيد مطلقا الّا ما كان بين المشرق و المغرب لانه ضمّ جهلا الى تقصير و وجه المساوات النّاس في سعة ممّا لم يعلموا انتهى و الاقرب المساوات مطلقا لما ذكر في السّاهى بعينه لشمول الروايات المذكورة له أيضا و تقصيره لا تصلح حجة ليحكم بخلافها كيف و لو صلح لذلك فينبغى ان يقول بوجوب الاعادة عليه فيما كان الى ما بينهما أيضا كالعامد و لم يقل به فالتفرقة بين الموضعين ممّا لا وجه له الا ان يثبت عندهم اجماع على عدم الاعادة فيما اذا كان الى ما بينهما في غير المتعمّد المحض كما احتملنا ذلك آنفا فيكون حكمه بعدم الاعادة فيه بهذا الاعتبار لا باعتبار اطلاق الروايات فيه حتى لا يكون للتفرقة وجه لكن لم اجد في كلامهم تصريحا بذلك و اما استدلاله للجانب الآخر بعموم الخبر المذكور ففيه ما فيه كما اشرنا اليه في السّاهى أيضا هذا كلّه في غير المستدبر و امّا هو فعلى القول بعدم الفرق كما هو المختار فلا كلام و على القول بالفرق فاذا وجب القضاء عليه في الظانّ ففيهما بطريق اولى على ان عدة

ما استدل به على وجوب القضاء في المستدبر يشمل باطلاقه الناسى و الجاهل أيضا فلو تمّ لتمّ فيهما و انما احتمال الفرق بينهما و بين الظانّ في صورة عدم وجوب القضاء عليه حيث ان بعض الروايات الدالة عليه لا يشملها صحيحة سليمان بن خالد و صحيحة يعقوب بن يقطين كما يظهر بالتامّل فيهما فتأمل

قوله على اطلاق الاعادة في الوقت

و عدمها خارجه و كان الاولى التصريح به فانه مناط الحاجة الى الجمع بينها و بين ما يدل على اعادة المستدبر مطلقا الذى هو محلّ الخلاف كما سنذكره اذ لو لا ذلك لم يكن بينهما منافات و لم يحتج الى تقييد الاطلاق فلم يتوجه ما ذكره الشارح ان ضعف مستند التفصيل يمنع من تقييد الصحيح به فافهم

قوله و بعضها على تخصيصه بالمتيامن الى آخره

ظاهره ان بعضا متعيّنا منها يدل على التخصيص و الاعادة المذكورين و ليس كذلك بل بعض منها يدل على التخصيص المذكور و بعض آخر على الاعادة المذكورة ثمّ ان البعض الاوّل لا يدل على التّخصيص بالمتيامن و المتياسر بل على عدم الاعادة اصلا على من صلّى الى ما بين المشرق و المغرب فيلزم من ذلك تخصيصه عن الحكم الوارد في الروايات الاولى فتبقى مطلقة في غيره حتى المستدبر فالعبادة لا تخلو عن قصور

قوله و الاقوى الاعادة في الوقت مطلقا

ظاهر السياق ان المراد الاطلاق بالنسبة الى من لم يبلغ حد المتيامن و المتياسر فيكون مذهبه الاعادة في الوقت في الجميع حتى من صلّى الى ما بين المشرق و المغرب و اعادة المستدبر مطلقا حيث لم يقدح فيه او هو ساكت عنه او تخصيص الاعادة بالوقت دون خارجه في الجميع و قد حمله سلطان العلماء رحمه الله على ظاهره حيث كتب على قوله مطلقا و لو كان بين

ص: 182

اليمين و اليسار و لا يخفى على المتتبع انّه لا يمكن الحمل عليه بناء على ما هو المعروف بين المتاخرين فانهم لم ينقلوا خلافا في عدم الاعادة على من صلّى خطاء الى ما بين المشرق و المغرب بل ادعوا الاجماع عليه كما سننقله و أيضا مستند الحكم في تخصيصه ليس بضعيف كما ادعاه الشارح فالصواب بناء على ما ذكروه حمل كلامه على ان الاقوى الاعادة على من وجب عليه الاعادة في الوقت اى في خصوصه لا في خارجه مطلقا اى حتى في المستدبر و حينئذ فنزاعه مع المشهور انما هو في المستدبر حيث ان المشهور اعادته خارج الوقت أيضا و الاقوى عنده اختصاص اعادته أيضا بالوقت كالمتيامن و المتياسر و اما عدم الاعادة اصلا على من صلّى الى ما بين المشرق و المغرب فلا نزاع له فيه ثمّ هاهنا مباحث الأولى عدم الاعادة فيما اذا كان بين المشرق و المغرب و لم ينقلوا فيه خلافا و ادعى جماعة من الاصحاب عليه الاجماع منهم المحقق في المعتبر و العلّامة في المنتهى و النهاية و كرة و الشارح في شرح الارشاد لكن جماعة من الاصحاب على ما رأينا لم يصرّحوا بما بين المشرق و المغرب بل فصلّوا بالانحراف اليسير و الكثير فحكموا بعدم الاعادة في الثانى و شمول اليسير لما لا يبلغ اليمين و اليسار مطلقا غير ظاهر اذ يمكن ان يكون المراد به ما جاز الانحراف به مع العلم و الاختيار بناء على سعة الجهة و حينئذ فلا يدل على عدم الاعادة فيما زاد عليه لكن ذكر المصنف في الذكرى ان ظ كلام الاصحاب ان الكثير ما كان الى سمت اليمين او اليسار او الاستدبار و المحقق الثانى رحمه الله في شرح القواعد و صاحب المدارك فسّر الانحراف اليسير بما اذا كان بين المشرق او المغرب من غير شائبة تردّد و كلام جمع كثير منهم مطلق في وجوب الاعادة في الوقت من غير تفصيل اصلا قال المفيد في المقنعة و من اخطأ القبلة او سها عنها ثمّ عرف ذلك و الوقت باق اعاد فان عرفه بعد خروج الوقت لم يكن عليه العادة الا ان يكون قد صلّى مستدبر القبلة فيجب عليه ح اعادة الصّلاة كان الوقت باقيا او منقضيا و قال الشيخ في المبسوط و اذا صلّى البصير الى بعض الجهات ثمّ تبيّن له انه صلّى الى غير القبلة و الوقت باق اعاد الصّلاة الى قوله فان انقضى الوقت فلا اعادة عليه الا ان يكون استدبر القبلة فانه يعيدها على الصحيح من المذهب و قال قوم من اصحابنا لا يعيد و قال في الخلاف من اجتهد في القبلة و صلّى الى واحدة من الجهات ثمّ بان له انه صلّى الى غيرها و الوقت باق اعاد الصّلاة على كل حال و ان كان قد خرج الوقت فان كان استدبر القبلة اعاد الصّلاة و ان كان صلّى يمينا و شمالا فلا اعادة عليه و في اصحابنا من يقول اذا صلى الى استدبار القبلة و خرج الوقت لم يعد ايضا و قال في النهاية و من صلّى الى غير القبلة متعمّد اوجب عليه اعادة الصّلاة فان صلاها ناسيا او لشبهة ثمّ تبين انه صلى الى غير القبلة و كان الوقت باقيا وجب عليه اعادة الصّلاة و ان كان الوقت خارجا لم يجب عليه اعادتها و قال ابن زهرة في الغنية و من توجّه مع الظنّ بظنّ ثمّ تبين له ان توجّهه كان الى غير القبلة اعاد الصّلاة ان كان وقتها باقيا و لم يعد ان كان وقتها خرج الا ان يكون استدبر القبلة فانه يعيد على كل حال و مثله في الوسيلة لابن حمزة فانه عدّ فيمن يجب عليه اعادة الصّلاة من اشتبه عليه جهة القبلة فتحرى و صلّى مستدبر القبلة ثمّ ظهر له ذلك و فيمن لا يجب عليه اعادتها من تحرى جهة القبلة فصلّى الى جهة ثمّ ظهر له انه قد صلى الى يمين القبلة و يساره و قد مضى الوقت قال فان علم ذلك و كان الوقت باقيا اعاد على كل حال و قال سلار بن عبد العزيز الديلمى في كتاب المراسم من صلّى صلاة الى جهة ثمّ ظهر له انه اخطأ القبلة فان كان الوقت باقيا اعاد على كلّ حال و ان كان الوقت قد خرج و ظهر له انه كان استدبرها اعاد أيضا و ان لم يكن استدبرها و قد خرج الوقت فلا يعيدنّ و قال ابن ادريس في السّرائر فان اخطأ القبلة و ظهر له بعد صلاته اعاد في الوقت بغير خلاف فان كان قد خرج الوقت فلا اعادة عليه على الصّحيح من المذهب انتهى و انت خبير

بان دعوى الاجماع على التفصيل المذكور مع اطلاق كلام هؤلاء الأجلّاء من الاصحاب مشكل جدّا لكن المدّعين له اعرف منى فربما كان لهم قرينة على انّ مرادهم بالقبلة هاهنا ما يعمّ ما بين المشرق و المغرب و انه يجزى عندهم الصّلاة الى ما بينهما لكلّ من كان له عذر في الجملة و ربما يؤيد ذلك ان الشيخ في التهذيب في شرح ما نقلنا عن المقنعة اورد في جملة من الاخبار رواية معاوية بن عمار الآتية و لم يتعرّض لتوجيه او تاويل لها و كيفما كان فالاقوى ما ذكره من عدم الاعادة في هذه الصّورة و يدل عليه مع الاصل ما تقدم من صحيحة معاوية بن عمرا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت الرّجل يقوم في الصّلاة ثمّ ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا و شمالا قال قد مضت صلاته ما بين المشرق و المغرب قبلة و صحيحة زرارة المتقدمة أيضا عن ابى جعفر عليه السلام انه قال لا صلاة الا الى القبلة قال قلت اين حدّ القبلة قال ما بين المشرق و المغرب قبلة الثّانية الاعادة في الوقت لما كان الى اليمين او اليسار و عدم الاعادة خارجه و حكم في المدارك بانه أيضا اجماعى و كانه اخذه من العلّامة في المنتهى حيث قال انه ذهب اليه علمائنا و ظاهره الاجماع لكنه رحمه الله نفسه في التذكرة و ية لم يجزم بالحكم بل احتمل مساواته للاستدبار في الاعادة في الوقت و خارجه و بالجملة فلا ريب في شهرته بين الاصحاب شهرة عظيمة و يدل عليه أيضا اطلاق روايات كثيرة كصحيحة الكافى و التهذيب عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن أبي عبد الله عليه السلام قال اذا صلّيت و انت على غير القبلة و انت في وقت فاعد وإن فاتك الوقت فلا تعد و في التهذيب رواية اخرى عنه أيضا مثلها و في الفقيه أيضا رواية اخرى عنه موافقة لها في الحكم و طريقه اليه صحيح و مثلها رواية سليمان بن خالد المتقدمة باسناد ثلاثة اثنان منها صحيحان قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام الرّجل يكون في قفر من الارض في يوم غيم فيصلّى لغير القبلة ثمّ يصحي فيعلم انه صلّى لغير القبلة كيف يصنع قال ان كان في وقت فليعد صلاته و ان كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده و مثلها صحيحة يعقوب بن يقطين بسندين و رواية محمد بن الحصين المتقدمتين و موثقة زرارة بابان عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا صلّيت على غير القبلة فاستبان لك قبل ان تصبح انك صلّيت على غير القبلة فاعد صلاتك و هذه الروايات و ان كانت مطلقة تشمل ما اذا صلّى الى ما بين المشرق و المغرب أيضا لكن تخصّ بما عدا ذلك بالاجماع على ما نقلوه و بالخبرين السّابقين على انه يمكن ان يقال ان ما بينهما قبلة بمقتضى الرّوايتين السّابقتين فالرّوايات المذكورة لا تشمل الصّلاة اليه و لو فرض القول باطلاق وجوب الاعادة في الوقت كما هو ظاهر ما نقلنا عن المفيد و غيره فحجته اطلاق هذه الروايات و منه يظهر انه يمكن حمل كلام الشارح هاهنا على ظاهره لكن يبعد جدّا منه رحمه الله الفتوى بخلاف ما ادعى جماعة من الاصحاب الاجماع عليه و منهم هو نفسه في شرح الارشاد من غير تعرض لذلك و لظهور خلل له في تلك الدّعوى و مع ذلك لا يستقيم حكمه بضعف مستند التفصيل كما اشرنا اليه فتأمل و الذى يمكن ان يحتج به للاحقال الذى نقلنا عن كره و ية هو ان الاستقبال بظنه مع مكانه و قد حصل في الظانّ و لو سلّم فلا يلزم منه الاعادة في الوقت و امّا القضاء خارجه فلا لان القضاء

ص: 183

فرض جديد لا بدّ له من دليل و يمكن ايضا ان يحتج له بروايتى عمرو بن يحيى و معمّر بن يحيى الآيتين في البحث الثالث في حجة المشهور بل الاحتجاج بهما لهذا الاحتمال انسب من الاحتجاج للمشهور لإطلاق الروايتين و عدم تقيدهما بالاستدبار لكن سنذكره انهما بضعف سندهما لا يصلحان حجة للتقييد لتلك الاخبار فكيف من طرحها رأسا بمعارضتهما مع ما سنذكر من الوجوه في تاويلهما لئلا تنافينا تلك الاخبار فتدبّر الثّالثة ما اذا صلّى على دبر القبلة فان ظهر ذلك قبل خروج الوقت فلا ريب في وجوب الاعادة بالاجماع و بالطلاق الرّوايات السّابقة و اما ان ظهر بعد خروج الوقت فالمش وجوب القضاء و قال السيد المرتضى رضي اللّه عنه بعدم وجوبها كما في الصّورة السّابقة و اختاره جماعة من الاصحاب منهم المحقق في المعتبر و العلّامة في المنتهى كره و المصنف في الذكرى و الدروس و الشارح هنا على ما حملنا كلامه عليه حجة الشارح موثقة عمار السّابقة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل صلّى على غير القبلة فيعلم و هو في الصّلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال ان كان متوجّها فيما بين المشرق و المغرب فليحوّل وجهه الى القبلة حين يعلم و ان كان متوجّها الى دبر القبلة فليقطع ثمّ يحوّل وجهه الى القبلة ثمّ يفتح الصّلاة و لا يخفى انّ هذه الرّواية مع ما في سندها باشتماله على جماعة من الفطحية و ما في متنها من القصور لعدم استيفاء الاحتمالات لا تنهض حجة لمطلوبهم لأنها صريحة في ظهور الخطاء في الصّلاة و الظاهر منه بقاء الوقت و الكلام فيما اذا ظهر ذلك بعد الصّلاة و بعد خروج الوقت و لا يخفى انه على هذا يمكن رفع القصور عن المتن بان فيه اشارة الى ان ما سوى ما بين المشرق و المغرب في حكم الدّبر و حينئذ يكون الخبر حجة لمذهب المحقق و العلّامة في المسألة تبيّن الخطاء في الاثناء فتدبّر و يمكن ايضا الاستدلال لهم برواية عمرو بن يحيى المتقدمة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى على غير القبلة ثمّ تبيّنت له القبلة و قد دخل في وقت صلاة اخرى قال يعيدها قبل ان يصلّى هذه التى قد دخل وقتها و مثلها رواية معمر بن يحيى و هما و ان كانتا مطلقتين لكن يجب حملهما على صورة الاستدبار جمعا بين الاخبار و فيه انهما لضعف سندهما لا تصلح حجة لتقييد الاخبار المطلقة مع كثرتها و صحة كثير منها و قد اشرنا أيضا سابقا انه لا يبعدان يكون الخبر ان خبرا واحدا رووه تارة عن عمرو بن يحيى و تارة عن معمر بن يحيى مع بعض التغيرات سهوا و لو سلم صحتهما فيمكن حملهما على الاستحباب و ليس بابعد من تخصيصهما بصورة الاستدبار بدون قرينة واضحة مع ما يلزم منه من تقييد الاخبار المتكثّرة السّابقة و يمكن أيضا حملها على من قصر في الاولى امّا لوجوب التحرى عليه و اهماله فيه او لاكتفائه بالواحدة مع وجوب الاربع عليه كما هو المشهور فيكون وجوب القضاء عليه لذلك لا للاستدبار على ما ذكروه فتدبّر و حجة القول الثانى مع اصالة البراءة الاطلاق الاخبار السّابقة و عدم صلاحية ما جعل مقيدا لها لذلك فليعمل بها على اطلاقها و لا يخفى قوته و متانته لكن التعويل على اطلاق ما سوى الرواية الاخيرة و اما الرّواية الاخيرة فدلالتها على عدم الاعادة فاذا استبان بعبد الصّبح انما هو بالمفهوم و دعوى عموم المفهوم ضعيف جدّا بل يكفى لصحة التقييد و افادته عدم ثبوت الحكم في بعض ما أسفر فيه القيد فان ثبت في بعضه فههنا يكفى لفائدة المفهوم عدم وجوب الاعادة في بعض صور الاستبانة بعد الصّبح و هو ما لم يكن مستدبر او لا يلزم عدم وجوبها مطلقا على انه يمكن المناقشة هنا في اصل دلالة المفهوم على ما ذكر اذ يمكن ان يكون المراد بالاعادة ما هو المصطلح و هو الاعادة في الوقت لا ما يشمل القضاء أيضا و على هذا فمفهوم الكلام ليس الا عدم الاعادة اذا استبان بعد الصبح و هو كذلك لخروج الوقت حينئذ و لا يدل على عدم القضاء فيكون فائدة التقييد حينئذ مجرد الاشارة الى امتداد وقت العشاء الى الصبح و انه لو تبين له الخلل فيه يعيدها بنيّة الاداء بخلاف ذلك بعده ثمّ هاهنا رواية اخرى و هى صحيحة زرارة المتقدمة في البحث الاول فان في آخرها بعد ما نقلنا قال قلت فمن صلّى لغير القبلة او في يوم غيم في غير الوقت قال يعيد و لا يخفى انها مطلقة في الاعادة فيما لم يكن الى ما بين

المشرق و المغرب لكن على ما اخترناه تحمل على الاعادة في الوقت جمعا بين الاخبار و على المشهور يمكن أيضا حملها على اطلاقها بتخصيصها بالمستدبر و يمكن أيضا حملها على اطلاقها و تخصيصها بصورة السّهو بناء على القول بوجوب الاعادة و القضاء فيه مط كما نقلنا سابقا عن العلّامة بناء على ما نقلنا عن المصنف في الذكرى و كان الاول اظهر و اوفق بلفظ الاعادة فتأمل

قوله يلحق بهما

فيعيد في الوقت لا في خارجه و لا يلحق بالاستدبار و ان كان اقرب اليه اقتصارا في الاعادة مطلقا المخالفة للرّوايات المطلقة المتكثرة على مدلول الرواية و هو ما كان على دبر القبلة و امّا ان ما خرج عنهما نحو القبلة يلحق بالقبلة فهو صريح كلامهم لا حاجة الى التعرّض له و انما خصّ هذا التفصيل بالقول المشهور اذ على ما اختاره في المستدبر على ما حملنا كلامه عليه و هو قول المرتضى لا يتفاوت الحكم في الاوّل بالحاقها بهما او بالمستدبر اذ الحكم فيهما الاعادة في الوقت لا في خارجه و لو فرض نزاعه مع المشهور فيمن صلّى الى ما بينهما و قوله فيه أيضا بالاعادة في الوقت كما احتملنا فما بينهما الى القبلة يلحق بهما لا بالقبلة و هذا ربما يؤيد حمل كلامه على النزاع مع المشهور في كلا الحكمين اذ تفريعهما على المشهور يشعر بذلك سيما ان الحكم الثانى بما لا اشتباه فيه على المشهور كما اشرنا اليه فلو لم يكن له نزاع معهم فيه لما احتاج الى التعرض له الا ان يقال ذكره بعد الحكم الاول وقع بتقريبه استطرادا لا لرفع اشتباه او بيان اختصاص بقولهم فته

[الثالث ستر العورة]

[في مقدار الواجب من الستر للرجل و المرأة]

قوله في المشهور

قيّد لتفسير العورة بالقيل و الدُّبر و مقابل المشهور قول ابن البرّاج ان العورة من الركبة الى السّرة و قول ابى الصّلاح انها من السّرة الى نصف السّاق و المعتمد ما هو المشهور

قوله و جميع البدن

هذا هو المعروف بين الاصحاب و نقل عن ابن الجنيد انه سوّى بين الرجل و المرأة في ان الذى يجب ستره في الصّلاة انما هو القبل و الدُّبر فيهما

قوله استقرب ما هنا و هو الأحوط

و ان كان ما في الذكرى و الدروس اقوى

قوله و سياتى جواز كشف رأسها

فهو بمنزلة الاستثناء من هذا فلا يتوهّم منه اعتراض كما لا اعتراض بعدم ظهور حكم الصّبية اذ لا ضير فيه خصوصا على القول بعدم شرعيّة صلاتهما مع انه يمكن استفادته ممّا سيجي ء من سقوط ستر الراس عنها و يمكن بقرينة ما هناك جعل المرأة بمعنى الانثى مطلقا و لو على التوسّع بل قال في القاموس المرء مثلثة الميم الانسان او الرّجل و هى بهاء فعلى الاول تشمل المرأة الصّبية أيضا فيكون ما سيجي ء من حكم الامة و الصّبية كليهما بمنزلة الاستثناء مما هنا فتأمل

قوله و يدخل الشعر فيما يجب ستره

ليت شعرى من اين علم ان دخوله في مسمّى البدن غير ظاهر بل الظاهر خلافه

قوله و به قطع المصنف رحمه الله في كتبه

قال في الدروس ان الاذنين و الشعر في الحرة من العورة و قال في الذكرى الاقرب وجوب سرّ الاذنين و الشعر من المرأة لرواية الفضيل عن الباقر عليه السلام قال صلّت فاطمة عليه السلام و خمارها على رأسها ليس عليها اكثر مما وارت به شعرها و اذنيها فلعلّ مراد الشارح بالقطع هو الحكم به و ترجيحه ثمّ لا يخفى ان الرواية على تقدير تسليم السند لا تنهض حجة للوجوب فما في الالفية اولى و اكثر الاصحاب

ص: 184

لم يتعرضوا له اصلا

[في شرائط الستر]

قوله و هو مورد النص

و هو رواية ابى حفص عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن امرأة ليس لها إلا قميص و لها مولود فيبول عليها كيف تصنع قال تغسل القميص في اليوم مرة و السّند و ان كان ضعيفا لكن ضعفه منجبر على طريقتهم بالشهرة العظيمة بين الاصحاب و توقف فيه صاحب المدارك و جعل الحاقها بسائر النجاسات في وجوب الازالة مع الامكان اولى و احوط و هو كذلك

قوله فلو قدرت على غيره

لا يخفى ان ظاهر الخبر انه يكفى في الحكم ان لا يكون لها الّا قميص و ان قدر على غيره فلا يجب عليها تحصيله خصوصا بالاستعارة لكن الاقتصار في مثل هذا الحكم المخالف للاصل مع ضعف سنده على ما ذكره اظهر

قوله و الحق بها المربى

كانّ الالحاق باعتبار ان الظاهر ان الحكم باعتبار رفع العسر و الحرج و ان تخصيص السّائل بالمزينة باعتبار ما هو الغالب من ان مربّي الطفل هو المرأة و الّا فالمقصود بالسؤال هو المربّى مطلقا و فيه ان التخفيف عن المرأة لا يقتضى التخفيف عن الرّجل لضعف حالها بالنسبة الى الرجل فان اختصاصها بالتخفيف و القول بان السؤال عن المربّى مطلقا لا خصوص المرأة ليس الا مجرّد التظنّى و الرّجم بالغيب و لا يمكن الحكم به سيّما في مثل هذا الحكم المخالف للاصل فتأمل

قوله و به الولد المتعدد

في الحاقه أيضا اشكال اذ شمول المولود للمتعدّد غير ظاهر مع تضاعف النجاسة فيه غالبا فالعفو عن الاخف لا يوجب العفو عن الاثقل فتأمل

قوله فيصلّى فيه للضرورة

الظاهر كما افاده سلطان العلماء رحمه الله ان مراد المصنف ان مع تعذر الازالة ان كان مضطرّا في لبسه لبرد و نحوه فيصلّى اى يجب الصّلاة فيه للضرورة و هو موضع وفاق و امّا اذا كان مختارا يمكنه الصّلاة عاريا فالاقرب تخيره بين الامرين و لا يتعيّن عليه الصّلاة عاريا خلافا للمشهور و حمل قوله و الاقرب على انه تفضيل لما سبقه و لما بقي حكم المضطر الى لبسه مهملا في كلامه استدركه بقوله و امّا المضطرّ الى آخره و لا يخفى ما فيه من التعسّف

قوله قائما مع امن المطّلع

هذا مذهب الاكثر في صلاة العارى مطلقا و قال المرتضى يصلّى جالسا موميا و ان امن و ذهب ابن ادريس الى انه يصلى قائما موميا في الحالين و قد اختلف الروايات أيضا كاختلاف الاقوال و التفصيل كما هو مذهب الاكثر جامع بينها فتأمل

قوله و تقديما لفوات الوصف الى آخره

هذا انما يتجه لورود في الشرع كون السّاتر شرعا و كذا كونه طاهرا اذ حينئذ في صورة الاضطرار يمكن ان يقال بتقديم فوات الوصف على فوات الاصل و هاهنا ليس كذلك بل قد ورد الامر بالستر و النهى عن الصّلاة في النجس و المبسوط انه حينئذ لا يتجه الحكم بالتقديم المذكور اذ ربما كان مفسدة فعلها في النجس اعظم من مفسدة فقد السّاتر و لا استبعاد فيه مع كثرة ما ورد من الاخبار في المنع عنه و الحكم فيها بالاعادة لو صلّى فيه حتى في خارج الوقت فلا بدّ في ترجيح احد الطرفين من التعويل على الاخبار و ما يظهر منها فنقول ما يدل على الصّلاة عاريا على ما وقفت عليه روايتان الأولى رواية محمد بن علىّ الحلبيين عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل اصابته جنابة و هو بالفلاة و ليس عليه الّا ثوب واحد او اصاب ثوبه منى قال يتيمّم و يطرح ثوبه و يجلس مجتمعا و يصلّى فيومى ايماء و الثانية موثّقة سماعة قال سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض ليس عليه الا ثوب واحد و اجنب فيه و ليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمّم و يصلّى عريانا قاعدا و يومئ و في سند الاولى محمّد بن عبد الحميد و توثيقه غير معلوم الا ان العلامة قد يصف الخبر بالصّحة مع وجوده فيه و ان لم يصفه بها هاهنا و الثانية فيه زرعة و سماعة الواقفيان مع الاضمار و امّا ما يدل على الصّلاة في النجس فهي روايات منها ما في الفقيه انّه سئل محمّد بن علىّ الحلبى ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قال يصلّى فيه و طريقه اليه صحيح و منها ما في الفقيه و التهذيب من صحيحه علىّ بن جعفر عن اخيه عليه السلام قال سألته عن رجل عريان و حضرت الصّلاة فاصاب ثوبه نصفه دم او كله يصلّى فيه او يصلّى عريانا فقال ان وجد ماء غسله و ان لم يجد ماء صلّى فيه و لم يصلّ عريانا و منها ما فيهما من رواية عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه صحيحة في الفقيه و موثقة بابان في التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يجنب في ثوب و ليس معه غيره و لا يقدر على غسله قال يصلّى فيه و زاد في الفقيه و في خبر آخر قال يصلّى فيه فاذا وجد الماء غسله و اعاد الصّلاة و منها موثقة التهذيب بابان عن محمّد الحلبى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام رجل اجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره قال يصلّى فيه فاذا وجد الماء غسله و منها حسنة محمّد بن مسلم بإبراهيم في التهذيب قال قلت له الدم يكون في الثوب على و انا في الصّلاة قال ان رايت و عليك ثوب غيره فاطرحه و صلّى و ان لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك و لا اعادة عليك الحديث و هذه الرواية في الفقيه أيضا مع التّصريح بان المسئول ابو جعفر عليه السلام لكن في طريق الصدوق اليه كلام و منها موثقة عمّار في التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل ليس معه الّا ثوب و لا تحل الصّلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمّم و يصلّى فاذا اصاب ماء غسلها و عاد الصّلاة و منها رواية التهذيب عن محمد الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يجنب في الثوب او يصيبه بول و ليس معه ثوب غيره قال يصلّى فيه اذا اضطرّ اليه و لا يخفى انّ الرّوايتين الاوليين لا تصلح لمعارضة هذه الرّوايات فمن لا يعتنى بالجمع بين الرّوايات مع عدم تكافؤها فله العمل بهذه الروايات و طرح الروايتين و من التزم الجمع بينها مهما امكن فله الجمع بينها بوجهين احدهما حمل هذه الروايات على الاضطرار و عدم امكان الصّلاة عاريا لبرد و نحوه و حمل الرّوايتين على ما اذا امكن ذلك و ربما يؤيده قوله عليه السلام في رواية محمّد الحلبى اذا اضطرّ اليه ثمّ ان الشيخ و جماعة ممّن تبعه حكموا مع تخصيص الجواز في النجس بصورة الاضطرار بانه اذا يصلّى فيه للاضطرار تجب عليه الاعادة بعد ذلك متمسّكا برواية عمّار و بعضهم نفى وجوب الاعادة للآيتان بالمأمور به و هو يقتضى الاجزاء مع عدم صحة الرّواية و على تقدير تسليمها فلا يدل الّا على الاعادة مع التيمّم و الصّلاة في النجس لا في الصّلاة في النجس مطلقا كما ذكروه فتأمل و ثانيهما الحمل على

التخيير و حمل قوله عليه السلام و لم يصلّ عريانا على نفى وجوبه او على الاستحباب لترجيح الصّلاة في النجس كما سننقله عن ابن الجنيد لان تجويز الصّلاة قاعدا بالايماء مع امكانها تامّة لا يخلو عن بعد فلعلّه لهذا ذهب الاكثر الى تعين الصّلاة عاريا و جمعوا بين الاخبار بالوجه الأول و كانّ بعضهم لم يعتد بهذا الاستبعاد فانه اذا جاز ان يكون نجاسة الثوب سببا لعدم صحة الصّلاة فيه اصلا و تعين الاتيان بها عاريا فلم لا يجوز ان يصير سببا لتساوى الصّلاة فيه مع الصلاة عاريا و التخيير بينهما فذهبوا الى التخيير و جمعوا به بين الاخبار مع ترجيح الصّلاة في النجس كما نقل عن ابن الجنيد او من غير ترجيح كما فعله المحقق في المعتبر و العلّامة في هى هذا و الشيخ رحمه الله في التهذيب تارة اوّل هذه الاخبار بحلم الصّلاة فيها على صلاة الجنازة و لا يخفى بعد و تارة احتمل جواز الصّلاة الا انه يجب عليه عند وجود الماء غسله و اعادة الصّلاة مستشهدا برواية عمّار و احتمل في خصوص رواية علىّ بن جعفر ان يكون الدّم المذكور دما طاهرا كدم السّمك و يمكن اجراء هذا في حسنة محمّد بن مسلم أيضا و حينئذ يحمل الامر بالطّرح على الاستحباب لكن الشيخ لم يتعرض لهذه الرواية في هذا البحث اصلا و العجب منه رحمه الله انه لم يتعرض

ص: 185

لما ذكرنا من الحمل على الاضطرار مع انه اظهر جدّا ممّا ذكره من الوجوه و يمكن أيضا حمل رواية عبد الرحمن و موثقة الحلبى على ان السّؤال عن ثوب اجنب فيه الرّجل من غير ان يصيبه المنيّ امّا باعتبار انه عرق فيه او بدونه ظنّا من السّائل حصول النجاسة او كراهة بمجرّد ذلك و حينئذ فالامر بالصّلاة فيه لا يحتاج الى تاويل و الحكم بالغسل بعد وجدان الماء في الموثقة يحمل على الاستحباب فتدبّر و بما تلونا عليك ظهر ان القول بجواز الصّلاة في النجس و ان كان اقوى نظر الى الاخبار لكن الاحتياط كانه في الصّلاة عاريا اذ لا يظهر منهم خلاف في تجويزه و ظاهر هى عدم الخلاف أيضا في عدم وجوب الاعادة حينئذ بخلاف الصلاة في النجس لما فيه من الخلاف و اللّه تعالى يعلم

قوله و يجب كونه اى السّاتر غير مغصوب

لا خلاف في عدم جواز الصّلاة في الثوب المغصوب مع العلم به و هل يبطل به الصّلاة ظاهر الاكثر ذلك سواء كان هو السّاتر الواجب او غيره لان الحركات الواقعة فيه في الصّلاة منتهى عنها لانها تصرّف في المغصوب و النهى عن الحركة نهى عن القيام و القعود و الركوع و السّجود و هى اجزاء الصّلاة فتفسد لان النهى في العبادة يقتضى الفساد و فصّل جماعة من المحققين منهم المحقق في المعتبر و الشارح في شرح الارشاد و صاحب المدارك بانه ان كان ستر به العورة او سجد عليه او قام فوته كانت الصّلاة باطلة لان جزء الصّلاة منتهى عنه و تبطل الصّلاة بفواته اما لو لم يكن كذلك لم تبطل و كان النهى عن امر خارج عن الصّلاة و التحقيق ان كون النهى في العبادة مقتضيا للفساد محل كلام كما فصّلنا الكلام فيه في الاصول الا ان يثبت الاجماع عن اقتضائه شرعا كما هو ظ الاصحاب و اذا ثبت ذلك فالظاهر الحكم بالبطلان مطلقا في السّاتر و غيره اذا استلزم بشي ء من اجزاء الصّلاة تصرّفا جديدا فيه غير لبسه كالسجود عليه او قبضه و بسطه في الحالات و امّا اذا لم يستلزم ذلك كعمامة مغصوبة على رأسه لا يحصل بالصّلاة فيها زائد على لبسه فالظاهر عدم البطلان اذ النهى انما تعلق باللبس و هو خارج عن الصلاة و لم يتعلق بشي ء من اجزاء الصّلاة و مجرّد كونه ساترا كانه لا يوجب البطلان اذ الظاهر ان السّتر ليس من اجزاء الصّلاة بل من المقدّمات الخارجة كطهارة الثوب فكما ان تطهير الثوب او البدن بالماء النجس المغصوب لا يقتضى بطلان الصّلاة فامكن ان يكون الستر بالمغصوب أيضا كذلك هذا اذا ثبت كون النهى شرعا موجبا للبطلان مطلقا سواء كان نهيا صريحا بالاصالة او مستفادا من النهى عمّا هو لازم له و امّا لو ثبت ذلك في خصوص النهى الصّريح بالاصالة لا مطلقا فليقتصر في الحكم بالبطلان على ما اتى بشي ء من اجزاء الصّلاة بما هو منتهى عنه اصالة كالسجود على المغضوب او كالقيام عليه و امّا في غيره مثل الركوع او السجود الموجب لقبض او بسط في الثوب فلا اذ النهى لم يتعلق اصالة بالركوع و السّجود بل بما هو لازمه و بما قررنا ظهر ان التفرقة بين خاتم ذهب او مغصوب و بين الحرير الذى ليس بساتر بالحكم بالبطلان فيه دونهما على ما فعله المحقق و ارتضاه الشارح في موقعه و ليس مما يتعجب منه كما قاله المحقق الاردبيلى رحمه الله بل هذا ممّا يتعجّب منه اذا النهى في الثالث تعلق بالصّلاة و هو يدل على الفساد و في الاولين لم يتعلق بالصّلاة فيهما بل بلبسهما و هو امر خارج عن الصّلاة فلا يدل على بطلان الصّلاة نعم وردت رواية بالنهى عن الصّلاة في الذهب لكنها لم يثبت صحتها و تردّد المحقق في خاتم الذهب و جعل الاقرب فيه عدم البطلان لما قاله في الخاتم المغصوب فتأمل هذا ما يتعلق بدليلهم على البطلان و الشارح رحمه الله في شرح الارشاد ادعى الإجماع على المدعى و هو البطلان في الصّور الثلث و لو ثبت ذلك فلا كلام و عبارة هى يشعر بالإجماع على البطلان مطلقا حيث ادّعى اوّلا اجماع المسلمين على التحريم ثمّ قال الذى عليه علمائنا بطلان الصّلاة من غير تفصيل و المصنف رحمه الله في الذكرى ذكر ان المغصوب تبطل الصلاة فيه مع العلم بالغصب عند جميع الاصحاب و ان في المعتبر اسند التحريم الى جميع الاصحاب و البطلان الى الاكثر و نقل ما اختاره المحقق كما نقلنا ثمّ قال و قول المحقق لا يخلو عن قوة و ان كان الاحتياط للدّين الابطال كيف كان و هو كما ترى فتأمل هذا كله في العالم بالغصب و امّا الجاهل به فكانه لا خلاف في عذره اذ لا تحريم في حقه فلا بطلان و ان علم بالحال في الوقت لتحقق الامتثال و امّا النّاسى له فقيل انه كذلك اذ لا تحريم في حقه أيضا فلا بطلان و اختاره ابن ادريس و قيل يوجب الاعادة عليه بعد تذكره مطلقا في الوقت و خارجه و اختاره العلّامة في القواعد لانه مفرّط لقدرته على التكرار الموجب للتذكار فالاخلال به تفريط و لانه لما علم كان حكمه المنع عن الصّلاة فالاصل بقاءه و زواله بالنسيان يحتاج الى دليل و ليس و قيل يوجب الاعادة في الوقت لقيام السّبب و هو الوقت و عدم تيقن الخروج عن العهدة لا في الخارجة لان القضاء يجب بامر جديد و تحققه هاهنا غير ظاهر و هو مختار العلامة في المختلف و لا يخفى قوة الاول و ربما يؤيده أيضا

عموم رفع النسيان لو لم نقل ان ظاهره رفع المؤاخذة فيه و امّا الثانى فلا يخفى ضعف ما ذكر له من الوجهين اذ كثيرا ما يعرض النّسيان مع التكرار و التذكار و مع ذلك الحكم بالتفريط بمجرّد ذلك مشكل و أيّ دليل على وجوب التّذكار في كل ثوب او قطعة ارض علمنا بعضهما حذرا من اتفاق وقوع الصّلاة فيهما في وقت من الاوقات و لو سلّم تكون مثل هذا التفريط موجبا للاعادة مع تحقق الامتثال اوّلا لا بدّ له من دليل و ليس و امّا التمسّك باصالة بقاء المنع الذى كان حكمه بعد العلم ففيه ان رفع المنع عنه بعد النسيان كانه ممّا لا ريب فيه و لا خلاف لامتناع تكليف الغافل انما الكلام في وجوب الاعادة و التمسّك فيه بالاستصحاب ضعيف فان موجب الاعادة في الاول هو العلم بالغصب حال الصّلاة و عدم صحبتها معه و لم يتحقق ذلك في الثانى و امّا الثالث ففيه منع كون الوقت سببا للوجوب بعد تحقق الامتثال و يكفى في الحكم بالخروج عن العهدة تحقق الامتثال اوّلا و عدم ظهور دليل على عدم صحة الاكتفاء به بعد التذكر و لو قيل بعدم تحقق الامتثال اوّلا و انه بعد التذكر يظهر ان ما اتى به اوّلا كان لغوا لظهور تقصيره فيلزم القول بالقضاء أيضا لعموم من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته فالفرق بين الاعادة و القضاء لا وجه له هذا و لا ريب انّ الاحتياط في متابعة القول الثانى و الاعادة في الوقت و القضاء خارجه و اما الجاهل بالحكم الشرعى و هو هنا تحريم الصّلاة في المغصوب او الوضعيّ و هو بطلانها فيه فالمش بين الأصحاب عدم عذره و وجوب الاعادة عليه في الوقت و خارجه لتقصيره في التعلّم مع وجوبه عليه و للكلام فيه مجال لجريان ما ذكر في جاهل الغصب فيه أيضا اذ لا نهى و لا تحريم فيه أيضا اولا و عند ذلك فيتحقق الامتثال بما فعله اوّلا و الاعادة او القضاء يحتاج الى دليل و ليس نعم لو قيل بعدم صحة صلاة من لم يعرف جميع احكام الصّلاة بالتفصيل و انه لا يجوز الصّلاة الّا بعد تلك المعرفة حذرا من تطرّق خلل اليها بالجهل بشي ء منها اتجه ما ذكروه لكنهم لا يقولون به كيف و لو قالوا به لزم الاعادة و القضاء و ان لم يظهر فيها خلل و لا يقول به احد و على هذا فيحتمل عذر الجاهل أيضا كما مال اليه المحقق الأردبيلى رحمه الله و يؤيده أيضا عموم رفع ما لا يعلمون و ان النّاس في سعة منه لو لم يناقش فيه أيضا بان الظاهر منه رفع المؤاخذة و كونهم في سعة منها لكن هذا الاحتمال في جاهل الحكم الوضع دون الشرعى لا يخلو عن ضعف اذ بعد العلم بتحريم

ص: 186

صلاته المبادرة اليها بقصد الامتثال من غير بحث و فحص تقصير بيّن فالحكم بتحقق الامتثال بما اتى به حينئذ لا يخلو عن اشكال و امّا ناسى الحكم الشّرعى او الوضع فالظاهر انه يحكم الجاهل و ربما كان عذره اوضح باعتبار عدم تقصير في التعلّم و النسيان ليس باختياره و ربما كان عدمه اوضح بناء على ان النسيان بعد العلم مستند الى تقصير في التذكار ليس مثله في صورة الجهل بالغصب و اذ قد حصّلت خبرا بهذه المباحث هنا فقس عليها القول في المكان أيضا و اللّه تعالى يعلم

قوله من غير الماكول

عدم جواز الصّلاة في الثوب الكائن من احد هذه المذكورات من غير الماكول عدا ما استثنى هو المعروف بين الاصحاب و مستندهم رواية الكافى و التهذيب في الحسن بإبراهيم عن ابن بكير و هو ممن اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم مع ان الراوى عنه ابن ابى عمير و هو أيضا منهم قال سئل زرارة ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في الثعالب و الفنك و السّنجاب و غيره من الوبر فاخرج كتابا زعم انه املأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان الصلاة في وبر كل شي ء حرام اكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد لا تقتل تلك الصّلاة حتى يصلّى في غيره مما احلّ اللّه اكله ثمّ قال يا زرارة هذا عن رسول اللّه ص فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان ممّا يؤكل لحمه فالصّلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت أنه ذكى قد ذكاه الذبح و ان كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله و حرم عليك اكله فالصّلاة في كل شي ء منه فاسد ذكّاه الذبح و ان كان غير او لم يذكه و رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت اليه يسقط على ثوبى الوبر و الشعر ممّا لا يؤكل لحمد من غير تقية و لا ضرورة فكتب لا تجوز الصّلاة فيه و مرسلة الحسن بن علىّ الوشاء قال كان ابو عبد اللّه عليه السلام يكره الصلاة في وبر كل شي ء لا يؤكل لحمه هذه هى الرّوايات العامة و في رواية على بن ابى حمزة التى سنوردها في بحث السّنجاب أيضا دلالة على ذلك و في رواية ابى حمزة أيضا الآتية هناك اشعار بذلك فانتظر و قد ورد في خصوص بعضها أيضا كالثعالب و الارانب و السّباع روايات لكنها لا تفيد الدّعوى الكلية و عدم صحة اسناد هذه الروايات منجبر بما ذكره المحقق في المعتبر من ان الفتوى بهذا مشهورة بين فقهاء اهل البيت عليه السلام اشتهارا ظاهر العمل بها لازم و على هذا فلا تتأتى المناقشة في دلالة بعضها أيضا كالرواية الأخيرة باعتبار لفظة الكراهة هذا و اعلم ان هذا الحكم عامّ في كل ثوب و لا اختصاص له بالسّاتر الا ان فيما لا يتم فيه الصّلاة منه خلاف سننقله فتخصيصه هنا بالسّاتر امّا بناء على ان المراد به مطلق الثوب الذى يصلى فيه و لا ينافيه ما هو مختاره في الثوب المغصوب من عدم البطلان في غير السّاتر لانه لم يتعرض هنا للبطلان في المغضوب بل انما حكم بوجوب كونه غير مغصوب و هو عامّ في الجميع مع احتمال ان يكون مذهبه هنا في مسئلة المغصوب هو مذهب الاكثر من تعميم البطلان في كل ثوب و حينئذ ينبغى ان يدرج ما لا يتم من النجس فيما مرّ العفو عنه فعدم تعرض الشارح له ظاهره عدم حملة الكلام عليه بناء على ان المراد بوجوب كونه غير مغضوب هو عدم الصّحة فيه فوجب تخصيصه بالسّاتر على ما هو المختار عند المصنف فخصصه به و لم يبال بما يفهم منه من تخصيص الحكم الثانى أيضا بالسّاتر تعويلا على ما هو المعروف في كتب الاصحاب و يمكن حمل السّاتر تارة على السّاتر للعورة بالفعل و تارة على ما يصلح لسترها به فيحمل في الثانى على الاوّل و في الاول و الثالث على الثانى و لا يخلو عن بعد على انه حينئذ و ان امكن صحة كلامه هاهنا بان يكون مذهبه عدم المنع فيما لا يتم من غير الماكول أيضا لكنه لا يوافق ما اختاره في الذكرى حيث عمّم المنع في غير الماكول كما سنشير اليه فتأمل فروع الاوّل

قوله اختلف الاصحاب في التكّة و القلنسوة المعمولتين من وبر غير الماكول فذهب الاكثر و منهم الشيخ في النهاية الى المنع و قال في المبسوط بالكراهة و احتمله المحقق في المعتبر بعد ان رجح اوّلا المنع و الاظهر ما هو المشهور كما اختاره المصنف في الذكرى اذ الرّوايات السّابقة لا اختصاص لها بما يتم فيه الصّلاة بل رواية ابن بكير ظاهرة في العموم كما سنشير اليه و يدلّ ايضا على خصوص ما لا يتمّ صحيحة علىّ بن مهزيار قال كتبت اليه ابراهيم بن عقبة عندنا جوارب و تكك تعمل من وبر الارانب فهل تجوز الصّلاة في وبر الأرانب فهل تجوز الصّلاة في وبر الارانب من غير ضرورة و لا تقية فكتب لا تجوز الصّلاة فيها و كانه لا تقايل بالفرق بين وبر الارانب و غيرها و احتج للشيخ بالاصل و بصحيحة محمّد بن عبد الجبار وبر الارانب من غير ضرورة و لا تقية فكتب لا تجور الصّلاة فيها و كانه لا تقايل بالفرق بين وبر الارانب و غيرها و احتج للشيخ بالاصل و بصحيحة محمّد بن عبد الجبار قال كتبت الى ابى محمّد عليه السلام أسأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه او تكة حرير او تكة من وبر الارانب فكتب لا تحل الصّلاة في الحرير المحض و ان كان الوبر زكيّا حلّت الصّلاة فيه ان شاء الله تعالى و الجواب ان الاصل يعدل عنه بالاخبار السّالفة و الرواية تحمل على التقية و كانه اظهر من حمل تلك الاخبار على الكراهة و حمل رواية ابن بكير رواية ابن المشتملة على فساد الصّلاة و المبالغة فيه على ما يعم الكراهة او تخصيصها بما يعم فيه الصّلاة و اجاب في الذكرى تبعا للمعتبر بضعف المكاتبة و بانّها تضمّنت قلنسوة عليها وبر فلا يلزم جوازها في المعمول من الوبر و الكلام فيه و فيه تامّل فانها تشتمل على تكة من وبر الارانب أيضا الا ان يكون مراده تخصيص الجواب بالسّؤال الاول و لا يخفى بعده و احتج أيضا للشيخ في المختلف بانه قد ثبت للتكة و القلنسوة حكم مغاير لحكم الثوب من جواز الصّلاة فيهما و ان كانتا نجستين او من حرير محض فكذا يجوز لو كانتا من وبر غير الماكول و بان الملزوم للمدّعى وجود او عدما ان كان ثابتا ثبت المطلوب و كذا ان كان منفيّا و الجواب عن الاول ان احكام الشرع مما لا سبيل للعقل اليه فاستثناء ما لا يتم عن مطلق الثوب في النجس و كذا في الحرير لو سلم الدليل قام عليه لا يستلزم استثناء في المعمول من وبر غير الماكول مع عدم الدليل عليه بل قيام الدليل على خلافه و عن الثاني الخلاف يا نه هو الشبهة المذكورة المشهورة في الكتب العقلية بعنوان ان ما يستلزم وجوده و عدمه حمارية زيد فهل هو موجود او معدوم و على التقديرين يلزم المحال و جوابها ان لزوم المحال انما هو على تقدير ان يتّصف شي ء في نفس الامر باستلزام وجوده و عدمه لها ثمّ يكون المذكورة موجودا او معدوما و امّا اذا لم يتّصف شي ء بذلك فلا يلزم محال فانا نختار ان الشي ء المستلزم لها كذلك معدوم و عدمه بعدم الاستلزام لا بالعدم مع الاتصاف بالاستلزام فلا يلزم المحال و هذا ما اشار اليه في المختلف بقوله و عن الثانى بالمنع من استلزام نفى اللزوم حالتى وجوده و عدمه المط لجواز كون النفى راجعا الى الذات لا الى وجودها مع فرض استلزامها وجود او عدما انتهى و لو عاد السّائل قال ان الشي ء الذى يستلزم وجوده حماريته و كذا عدمه باىّ وجه كان و لو بعدم الاستلزام فهل هو موجود او معدوم فنعود أيضا و نقول ان المحال انما يلزم بعد اتصاف شي ء في نفس الامر بهذا الاستلزام اذ حينئذ يلزم المحال على التقادير و امّا اذا لم يتصف به شي ء في نفس الامر اصلا فلا يلزم من عدمه بعدم الاستلزام محال و هكذا كلما عاد السّائل نفود أيضا بمثله ثمّ لا يخفى ان هذه شبهة يمكن اجرائها في الزام اى محال اريد و كذا في اثبات كل حكم شرعى و كذا في نقيضه فلا تصلح للاستدلال بها فلعل العلامة اوردها هاهنا بادنى مناسبة لتشحيذ

ص: 187

اذهان الناظرين و تحديد افهام المتعلّمين و لتبيين المخلص منها حدبا على الطلاب كي لا تورد على احد منهم فلا يقدر على حلّها و اللّه الموفق للصّواب هذا و اما اذا عمل مثل التكّة و القلنسوة من جلد غير الماكول فلم اقف على قائل صريحا بجواز الصّلاة فيه لكن الشيخ في التهذيب ذكر في تاويل رواية جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في جلود التغالب فقال اذا كانت زكية فلا باس انّه يحتمل ان يكون المراد به اذا كان على مثل القلنسوة او ما اشبهها مما لا يتم الصّلاة فيه و احتمل أيضا الحمل على التقيّة او ان يكون في بمعنى على فيكون المراد الوقوف عليه و لا يخفى ان بمجرد هذا لا يعلم منه ان ذلك مذهبه اذ كثيرا ما يورد في الجمع بين الاخبار احتمالات لا توافق مذهبه و بالجملة فالاظهر المنع للرّوايات السّابقة و تردّد فيه المحقق في المعتبر الثانى قال في المدارك الظاهر اختصاص المنع من الصّلاة في هذه الاشياء بالملابس فلو كانت غيره كالشّعرات الملقاة على الثوب لم يمنع الصّلاة فيه و به قطع الشهيد في الذكرى و جدّي رحمه الله في جملة من كتبه و يدل عليه مضافا الى الاصل السّالم عما يصلح للمعارضة صحيحة محمّد بن عبد الجبّار السّابقة و صحيحة علىّ بن الرّيان قال كتبت الى ابى الحسن عليه السلام هل تجوز الصّلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان و اظفاره من قبل ان ينفضه و يلقيه عنه فوقع يجوز و ربما ظهر من كلام بعض الاصحاب المنع عن ذلك لرواية ابراهيم بن محمّد الهمداني و هى ضعيفة جدّا فلا يمكن التّعويل عليها انتهى و لا يخفى ان رواية ابن بكير أيضا التى هى العمدة في روايات المنع تدل على المنع في الشّعرات الملقاة ايضا فان الصّلاة فيه الواقع فيها يشمل كل ما يصحبه فان الصّلاة فيه لا اختصاص له بالملابس بقرينة ذكر البول و الرّوث و على هذا فسند المنع ليس مجرّد رواية ابراهيم بن محمد حتى يجاب بما ذكره من ضعفها و عدم التعويل عليها و سيجي ء أيضا في بحث السّنجاب ما يؤيد المنع منها و امّا ما ذكره من صحيحة محمد بن عبد الجبّار فقد عرفت انه يحمل على التقية جمعا بين الاخبار و ان الجمع بهذا الوجه اظهر الوجوه التى يتراءى له على انه على تقدير تسليمه لا يتم الاستدلال بها الّا فيما لا يتم فمن فرق بين ما لا يتم و غيره لا يمكنه الاستدلال بها على جواز الصلاة في كل ثوب عليه شي ء من ذلك فتأمل و امّا صحيحة على بن الرّيان فلا يبعد القول باختصاصها بشعر الانسان و اظفاره كما هو مورد الرّواية و يمكن ان يكون السّر في استثنائهما لزوم العسر و الحرج في المنع عنهما لا سيّما في السّعر بل ربما امكن ان يدعى ان الظاهر المتبادر مما لا يؤكل لحمه في اخبار المنع هو غير الانسان فلا حاجة حينئذ الى استثناء و على هذا فلا يبعد التعدّى الى سائر فضلاته الطاهرة كريمة و عرقه ثمّ لو قلنا بالاستثناء فيقتصر فيه على مورد النص و هو الشعر و الظفر الملتقيان على الثوب و لا يبعد التعدى الى الرّيق و نحوه نظرا الى السّر المذكور و لا يحكم بالتعدّى الى مثل الثوب المنسوج من شعر الانسان اما لو قيل ان المتبادر ممّا لا يؤكل لحمه في اخبار المنع هو غير الانسان فلا منع فيه أيضا ثمّ ان الرواية على ما نقله موافقا للتهذيب مطلقة في شعر الانسان و اظفاره فالظاهر الحكم باستثنائها كذلك سواء كان من المصلّى نفسه او من غيره لكنّها في الفقيه هكذا و سئل علىّ بن الرّيان بن الصّلت ابا الحسن الثّالث عليه السلام عن الرجل يأخذ من شعره و اظفاره ثمّ يقوم الى الصّلاة من غير ان ينفضه من ثوبه فقال لا باس و هذه مقيّدة بشعر المصلى نفسه و اظفاره فيشكل الحكم بهما في غيره لكن الظاهر تعدّد الواقعة و حينئذ فيكفى للحكم بالاطلاق الرواية المطلقة و لا يضرها تقييد السّائل في رواية اخرى و في المنتهى مع انه اورد رواية التهذيب ظاهر كلامه التخصيص بشعر نفسه و اظفاره و لا وجه له و اللّه تعالى يعلم الثّالث ذكر في المنتهى انه لو شكّ في كون الشعر او الوبر او الصوف من مأكول اللحم لم تجز الصّلاة فيه لانها مشروطة بستر العورة مما يؤكل لحمه و الشّك في الشرط يقتضى الشّك في المشروط و فيه تامّل فانا لا نسلّم اشتراط الصّلاة بستر العورة بما يؤكل لحمه بل انما اشترطت بستر العورة و

الاصل فيه الاطلاق و اخبار المنع انما دلّت على فساد الصّلاة او عدم جوازها فيما لا يوكل لحمه و بمقتضى تلك الاخبار لا يمكن الحكم بالفساد او عدم الجواز الّا فيما علم انه مما لا يؤكل لحمه فبقى الباقى على الاصل و لا يظهر منها اشتراط ان يكون فيما يؤكل لحمه حتى يتم ما ذكره و يؤيد ما ذكرنا لزوم العسر و الحرج على ما ذكره اذ اكثر الثياب المعمولة من الصوف و الشعر و الوبر من اين لنا العلم بانها مما يوكل لحمه صرفا و لم يختلط بما كان مما لا يؤكل لحمه اصلا و كذا في العظام و الجلود المستعملة في اغمار السّيوف و السّكاكين و غير ذلك و لا يخفى ما في الاجتناب عن جميع ذلك في الصّلاة من الضيّق و الحرج و يؤيده أيضا ما ورد من الاخبار في ان كل ما اشتبه بالحرام فهو حلال كصحيحة عبد اللّه بن سنان قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام كل شي ء يكون منه حلال و حرام فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه و صحيحة ابى عبيدة او حسنته عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن الرّجل منا يشترى من السّلطان من ابل الصّدقة و غنمها و هو يعلم انهم يأخذون منهم اكثر من الحق الذى يجب عليهم فقال ما الابل و الغنم الا مثل الحنطة و الشّعير و غير ذلك لا باس به حتى يعرف الحرام بعينه لكن بازاء هذه الرّوايات روايات اخرى أيضا تعارضها كقولهم عليه السلام دع ما يربيك الى ما لا يربيك و قولهم عليه السلام انما الامور ثلاثة امر بيّن رشده فيتبع و امر بيّن غية فيجتنب و شبهات بين ذلك و الوقوف عند الشّبهات خير من الاقتحام في الهلكات و من ترك الشبهات نجا من المحرمات و من اخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم و يمكن حملها على افضلية التحرّز فيكون المراد بالنجاة من المحرمات هو الخلاص من المكروهات و الاشياء القبيحة في نفس الامر و ان لم يكن حراما علينا لمكان عدم العلم و مثله القول في الهلاك من حيث لا يعلم فيحمل على ما يترتب على احد الامرين من نقص الفضيلة و حطّ المنزلة و ان لم يبلغ درك العقاب او يخصّ ذلك بالقول و الفتوى فلا يجوز الافتاء فيما اشتبه حكمه و ان جاز لنا كلّ فعل و ان اشتبه بالحرام ما لم نعلم انه حرام بعينه و اللّه تعالى يعلم

قوله و هو دابة ذات اربع الى آخره

هكذا ورد في رواية ابن ابى يعفور قال كنت عند ابى عبد اللّه عليه السلام اذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال له جعلت فداك ما تقول في الصّلاة في الخزّ فقال لا باس بالصّلاة فيه فقال له الرّجل جعلت فداك انه ميّت و هو علاجى و انا اعرفه فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام انا اعرف به منك فقال له الرّجل انه علاجى و ليس احد اعرف به منى فتبسّم ابو عبد اللّه عليه السلام ثمّ قال له تقول انّه دابة تخرج من الماء او تصاد من الماء فتخرج فاذا فقد الماء فتخرج فاذا فقد الماء مات فقال الرّجل صدقت جعلت فداك هكذا هو فقال ابو عبد اللّه عليه السلام فانّك تقول انه دابّة تمشى على اربع و ليس هو في حدّ الحيتان فيكون ذكاته خروجه من الماء فقال الرجل اى و اللّه هكذا اقول فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام فان اللّه تعالى احلّه و جعل ذكاته موته كما احلّ الحيتان و جعل ذكاتها موتها قوله عليه السلام فيكون ذكاته خروجه اى حتى يكون ذكاته خروجه من الماء و قوله عليه السلام و جعل ذكاته موته اى بعد اخراجه او خروجه كما في السّمك على القولين و اذا كان ذكاته ذلك جاز استعماله بعد موته و اندفع ما توهّمه السّائل من انه ميّت لا تجوز الصّلاة فيه و هذا

ص: 188

الخبر يصلح دليلا على ان السّمك لا يحلّ اكله حيّا كما ذهب اليه الشيخ في المبسوط استناد الى انّ ذكاته اخراجه من الماء حيّا و موته خارجه فقيل موته لم يحصل الذكاة قال المحقق في المعتبر و عندى في هذه الرواية توقف لضعف محمد بن سليمان من رواتها و مخالفتها لما اتفقوا عليه من انه لا يؤكل من حيوان البحر الا السّمك و لا من السّمك الّا ما له فلس و فيه انه يمكن حمل قوله عليه السلام احلّه على حلّ استعماله كلبس جلده لا حلّ اكله فلا يخالف ما نقله من الاتفاق و لا اشكال في توقف حلّ استعماله على الذكاة ان قلنا بانه ذو نفس و ان قلنا بانه لا نفس له فيمكن ان تعتبر الذكاة لجواز الصّلاة فيه و ان لم يحتج اليها في الطهارة فتأمل و في رواية اخرى عن ابن ابى يعفور انه كلب الماء قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن اكل لحم الخزّ قال كلب الماء ان كان له ناب فلا تقرّبه و الا فاقربه و لا يتوهمّن ايضا مخالفة هذا للاجماع المنقول عن المعتبر باعتبار قوله و الّا فاقربه اذ لعلّه لا يكون مصداق لهذا الشقّ و يكون غرضه عليه السلام من التفصيل المذكور تعليم قاعدة كلية للسّائل و هى تحريم كلّ ماله ناب حتى اذا نظر الى الخزّ و رأى انّ فيه نابا علم حرمته بالدليل و يمكن ان يكون ذلك لنوع من التقية و مثله القول في رواية زكريّا بن آدم قال سألت ابا الحسن عليه السلام فقلت ان اصحابنا يصطادون الخزّ فاكل من لحمه قال فقال ان كان له ناب فلا تاكله قال ثمّ مكث ساعة فلما همت بالقيام قال اما انت فانى اكره لك اكله فلا تاكله و في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج أيضا انه كلب الماء فقال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام رجل و انا عنده عن جلود الخزّ فقال ليس بها باس فقال الرّجل جعلت فداك انّها في بلادى و انما هى كلاب تخرج من الماء فقال ابو عبد اللّه عليه السلام فاذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء فقال الرّجل لا فقال عليه السلام فلا باس و لعلّ مراده عليه السلام ان احكام الكلب الذى يعيش خارج الماء فهي اذا لم تعش خارج الماء فليس لها حكم الكلاب و يكون حكمه ما ذكرنا من عدم البأس بها و في رواية حمزة بن حمران عن ابى جعفر عليه السلام انه سبع يرغى في البرّ و يأوى في الماء و ليس فيه ما ينافى كونه كلبا فان الكلب ايضا سبع لكن ينافى بظاهره ما سبق في الخبر الاول انه اذا فقد الماء مات و كذا ما في الخبر الاخير انّها لا تعيش خارجة من الماء الا ان يحملا على انه اذا فارق الماء زمانا طويلا و انه لا يعيش خارج الماء كذلك و ربما يظهر بهذا جواب آخر عن اشكال المحقق في الرواية الاولى بمخالفتها لما اتفقوا عليه غير ما ذكرنا فتأمل هذا و اعلم ان الرّوايات الدالة على جواز الصّلاة في الخزّ و انهم عليه السلام كانوا يصلون فيه متظافرة و قد نقلوا أيضا الاجماع على جوازها في وبره قال في المعتبر امّا الجواز في الخالص فهو اجماع علمائنا مذكى كان او ميتا لانه طاهر في حال الحياة و لا ينجس بالموت فيبقى على الطهارة و ظاهر قوله مذكى او ميتا ثبوت ذكاة له شرعا و يشكل بانه اذا كان طاهرا بعد الموت فالذكاة لاىّ شي ء لانه ليس لتطهره لحصوله بدونه و لا لحلّ اكله لما ادّعاه من الاجماع على حرمته الا ان يكون التذكية لحل اكله و يكون ذلك احتمالا ذكره بناء على ما استفيد من الرواية و ان كان هو متوقفا فيه بناء على ما نقله من الاجماع ثمّ الظاهر كما ذكره المصنف في الذكرى ان عدم نجاسته بالموت بناء على اعتقاد انه لا نفس له و هو على تقدير كونه كلب الماء بعيد جدا و يمكن حمل كلامه على ان المراد انّ وبره طاهر في حال الحيوت لانه ليس من نجس العين و لا ينجس بالموت لانه ممّا لا تحله الحياة فيبقى على الطّهارة و يزيد هذا ان كلامه هنا في وبره لا في جلده لان حكم الجلد سيذكره بعد ذلك و يمكن ان يكون وجه عدم نجاسته بالموت هو كون الموت بعد الاخراج او الخروج ذكاة له كما تضمّنته الرّواية السّابقة و على هذا يخصّ كلامه بالميّت بعد الاخراج او الخروج ثمّ على اتى تقدير يرد عليه ان اثبات الطّهارة لا يكفى في التعليل لجواز الصّلاة فيه لانه

ممّا لا يؤكل لحمه و كل ما كان كذلك لا تجوز الصّلاة فيه فلا بد من عذره لخروج الخزّ من تلك القاعدة و لم يتعرّض له الا ان يقال ان هذا ليس تعليلا لما نقل عليه الاجماع من الجواز بل لما اشار اليه من التعميم في المذكى و الميّت و المراد ان الميّت لا يتوهم فيه مانع سوى النجاسة بالموت و هو لا ينجس بالموت فلذا عمّوا الحكم فيه بحيث يشمل الميّت لكن فيه انه حينئذ لا حاجة الى انه طاهر في حال الحياة بل يكفى ما بعده الا ان يكون توطئته لما بعده فتأمل و اما جلده ففيه قولان فحكم في المنتهى انّ الرخصة وردت في وبر الخزّ لا في جلده فيبقى على المنع المستفاد من العموم و في التذكرة جعل الاقرب الجواز و نسب المنع الى ابن ادريس و قال في المعتبر و هل تجوز الصّلاة في جلده فيه تردّد أقربه الجواز و كانه اقوى لان اكثر الاخبار الواردة في الباب و ان ورد في الثياب التى كانت معمولة من الخزّ و هى من وبره لكن ظاهر اطلاق بعضها شمول الحكم للجلد أيضا كصحيحة معمر بن خلاد او موثقة قال سألت ابا الحسن الرّضا عليه السلام عن الصّلاة في الخزّ قال صلّ فيه و كظاهر الرواية الاولى الّتى نقلناها أيضا كما يظهر بالتامل فيها و يؤيّده أيضا صحيحة سعد بن سعد عن الرّضا عليه السلام قال سألته عن جلود الخزّ فقال هو ذا نحن بلبس فقلت ذاك الوبر جعلت فداك قال اذا حلّ وبره حلّ جلده و لعل المراد انه اذا حلّ الوبر حلّ الجلد في الجملة و هو مع الذكاة لا مطلقا فيشكل بحلّ وبر الميتة دون جلدها و وجه التّأييد ان الظّاهر منها ان بعد ما اعتبرنا من التقييد يتوافق الجلد و الوبر في الحل مطلقا فيشمل حال الصّلاة أيضا فافهم و اعلم ان الظاهر ان الخزّ الشائع في زماننا ليس هو هذا الخزّ الذي ذكره الأصحاب و ورد به الرّوايات لان هذا الخزّ كانوا ينسجون الثياب من صرفه او وبره و كان ذلك شائعا متعارفا و الخزّ المعروف الآن كانّه لا يصلح لذلك فكأنّ اطلاق الخزّ عليه اصطلاح جديد و حينئذ فلا يمكن اجراء الحكم المذكور عليه و لا على غيره لعدم تعيّنه من الاخبار بنوعه و لعلّه لهذا قال الشارح في كتاب الاطعمة انّه قد تقدم في باب الصّلاة انه دويبة بحرية ذات قوائم اربع تشبه الثعلب و كانّها اليوم مجهولة او مغيّرة الاسم او موهوته و قد كانت في مبدإ الاسلام الى وسطه كثيرة جدّا انتهى و العجب ان اكثر اهل اللغة لم يذكروا دابّة بهذا الاسم قال في القاموس الخزّ من الثياب م ج خزوز و الخز و كصرد ذكر الارانب ج خزوز و اخزّة و موضعه مخزّة و منه اشتق الخزّ و في النهاية الاثيريّة في حديث على عليه السلام انه نهى عن ركوب الخزّ و الجلوس عليه الخزّ المعروف او لا ثياب تنسج من صوف و ابريسم و هى مباحة قد لبسها الصّحابة و التابعون فيكون النهى عنها لاجل التشبّه بالعجم و زىّ المترفين و ان اريد بالخزّ النوع الآخر و هو المعروف الآن فهو حرام لانّ جميعه معمول من الابريسم و عليه يحمل الحديث الآخر قوم يستحلّون الخزّ و الحرير انتهى و الظاهر ان الثياب المذكورة كانت تنسج من صوف و دويبة خاصّة تسمّى بالخزّ امّا حقيقة او مجاز او كيفما كان فعليه ينزّل اخبارنا و في المغرب الخزّ اسم دابّة ثمّ سمّى الثوب المتّخذ من وبره خزّ او على هذا فلا التباس اصلا فتأمل و بما فصّلنا ظهر ان الحكم بجواز الصّلاة في الخزّ مما لا يفيد في زماننا و اللّه تعالى يعلم ثمّ ان في المشهور قيد الخزّ بالخالص و احترزوا به عما لو كان مخلوطا بما لا تصحّ الصّلاة فيه اصلا كوبر الثعالب و الارانب امّا الخلط بغيره فلا منع عنه حتى بالابريسم فان المنع عن الصّلاة في الابريسم المحض فمع الخلط بما يصح فيه الصّلاة

ص: 189

و منه الخزّ فلا منع يكن بشرط عدم الاستهلاك على ما ذكره الاصحاب و قد ورد بتجويز خصوص خلط الحرير بالخزّ رواية زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرّجال و النساء الا ما كان من حرير مخلوط بخزّ لحمة او سدا و خزّ او كتان او قطن و انما يكره الحرير المحض للرّجال و النساء و انما قيدوا بذلك لانّ خلط الخزّ بوبر الثعالب و الأرانب كان شائعا فقيّدوا بذلك لئلا يتوهم اطلاق الحكم و المصنف لم يبال بالتقييد للاختصار مع ضعف التوهّم المذكور بعد المنع عن غير الماكول مطلقا و استثناء الخزّ منه اذ لا يفهم منه الا استثناء بنفسه لا مع خلطه بغيره مما منع عنه و هو ظاهر و يمكن ان يكون ذلك ميله الى الجواز مطلقا و ان كان مخلوطا بوبر الأرانب و ما يشبه لاختلاف الروايات فيه ففى مرفوعة احمد بن محمّد و ايّوب بن نوح المنع و في رواية داود الصّرمى او روايتين منه الجواز فربما جوّز العمل برواية الجواز كما ذهب اليه الصّدوق في الفقيه حيث حملها على الرخصة او توقف فيه فلذا لم يتعرض للخلط اصلا لكنه بعيد منه رحمه الله لاشتهار العمل بروايتى المنع بين الاصحاب بل ادّعى جماعة الاجماع عليه فيبعد منه رحمه الله خلافه مع انه في الذكرى صرح بترجيح روايتى المنع لما اشرنا اليه من الاشتهار و لامكان حمل رواية الجواز على التقية فتأمل

قوله و هى

اى الذكاة معتبرة في جلده لا وبره اجماعا اذ لا منع عن وبر الميتة لكونه ممّا لا تحله الحياة لكن بشرط الخزّ او غسل موضع الاتصال بعد ازالة ما يلاصقه من اجزائها و امّا اعتبارها في جلده فهو بناء على كونه ذات نفس كما يشير اليه في السّنجاب و الا فلا يعتبر الذكاة فيه اصلا و ربما اشترط التذكية فيه لجواز الصّلاة في جلده و ان قلنا بعدم النفس له لظاهر رواية ابن ابى يعفور السّابقة كما اشرنا اليه هناك نعم فيما لا نفس له لا حاجة الى التذكية في الطهارة فتأمل

قوله و السّنجاب مع تذكيته

هذا مذهب الشيخ في المبسوط و كتاب الصّلاة من ية و ظاهره في المبسوط دعوى الاجماع عليه فانه قال و امّا السّنجاب و الحواصل فلا باس بالصّلاة فيهما بلا خلاف لكنه مع ذلك ذهب في كتاب الاطعمة من ية الى المنع و هو مذهب السّيّد المرتضى و ابن ادريس و العلّامة في المختلف و ابن حمزة في الوسيلة عدّه فيما يكره الصّلاة فيه حجة القول الاول صحيحة ابى علىّ بن راشد قال قلت لابى جعفر عليه السلام ما تقول في الفراء أيّ شي ء يصلّى فيه قال أيّ الفراء قلت الفنك و السنجاب و السّمور قال فصّل في الفنك و السّنجاب فامّا السّمور فلا تصلّ فيه قلت فالثعالب يصلّى فيها قال لا و لكن يلبس بعد الصّلاة قلت اصلّى في ثوب الذى يليه قال لا و صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الفراء و السمور و السّنجاب و الثعالب و اشباهه قال لا باس بالصّلاة فيه و رواية مقاتل بن مقاتل قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الصّلاة في السّمور و السّنجاب و الثعالب فقال لا خير في ذا كلّه ما خلا السّنجاب فانّه دابّة لا تاكل اللحم و رواية الوليد بن ابان قال قلت للرضا عليه السلام اصلّى في الفنك و السّنجاب قال نعم فقلت يصلّى في الثعالب اذا كانت ذكيّة قال لا تصلّ فيها و رواية داود الصّرمى قال حدثنى بشير بن بشار قال سألته عن الصّلاة في الفنك و الفراء السنجاب و السنجور و السمور و الحواصل التى تصاد ببلاد الشرك او بلاد الاسلام ان اصلّى فيه لغير تقية قال فقال صلّى في السّنجاب و الحواصل الخوارزميّة و لا تصل في الثعالب و لا السمور و رواية علىّ بن ابى حمزة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الفراء و الصّلاة فيها فقال لا تصلّ فيها الا فيما كان منه ذكيّا قال قلت او ليس الذّكى ما ذكّى بالحديد فقال بلى اذا كان مما يؤكل لحمه فقلت و ما لا يؤكل لحمه من غير الغنم قال لا باس بالسّنجاب فانّه دابّة لا تاكل اللحم و ليس هو مما نهى عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذ نهى عن كل ذى ناب او مخلب و رواية الفقيه عن يحيى بن ابى عمر ان انه قال كتبت الى ابى جعفر الثانى عليه السلام في السّنجاب و الفنك و الخزّ و قلت جعلت فداك احبّ انه لا تجيبنى بالتقية في ذلك فكتب بخطّه الى صلّ فيها و يرد على الاستدلال بالصّحيحتين اشتمالهما على ما لا يقولون به و هو الفنك في الرواية الاولى و السّمور و الثعالب و اشباهه في الرّواية الثانية فان وجّهتا فيه بالحمل على التقية فليكن الحمل في السنجاب أيضا عليها اولى من طرح ما يعارضها من الروايات او تاويلها و امّا الرّوايات الباقية فضعيفة الاسناد لا تصلح للاستناد و احتمال التقية آت في الجميع و لا ينافيه سؤاله في الرابعة ان لا يجيبه بالتقية و هو ظاهر و لا المنع في بعضها عن بعض ما يجوزه العامة و هو ينافى التقية لأن للتقية ضروبا فربما حصلت بتجويز البعض و ان منع عن البعض على ان التقية ربما كانت على السّائل بان يكون المنع عما جوّز له مضرّا في وقت فلذا جوّز له ذلك و ما منع عنه ربما لم يتفق له ضرورة الى لبسه تقية فلا يضره المنع عنه فافهم ثمّ ظاهر رواية على بن ابى حمزة اعتبار كونه مما يؤكل لحمه في التذكية و هم لا يقولون به الّا ان يقال ان الذكيّ هاهنا في كلامه عليه السلام ليس من التذكية بالمعنى المصطلح عليه بين الاصحاب بل اعتبر فيه زائدا عليها كونه مما يؤكل لحمه و ان لم يعتبر ذلك في التذكية او يقال ان مراده عليه السلام ان الحكم بان الذكى ما ذكى بالحديد انما يستقيم كليا فيما يؤكل لحمه و اما في غيره فربما يذكى بالحديد و لا يكون ذكيا هذا و قوله فقلت و ما لا يؤكل لحمه من غير الغنم في بعض نسخ التهذيب مع وجود لا في بعضها و في الكافي بدونه و كل منهما لا يخلو عن شي ء فاما الاول فلان التوصيف بغير الغنم كما ترى اذ ما يؤكل لحمه لا يختصّ بالغنم و امّا الثانى فلانه لا يظهر للسؤال توجيه و أيضا اذا كان السؤال عما يؤكل لحمه من غير الغنم فالجواب بعدم الباس في السّنجاب كما ترى فانه مما لا يؤكل لحمه الا ان يحمل ما على الاستفهامية و يقال ان حاصل السؤال انه هل شي ء يؤكل لحمه

يتخذ منه الفراء غير الغنم فاجيب بان السّنجاب كذلك فيحمل الجواب على تقدير ثبوت الاجماع على حرمة اكله على التقية فافهم و امّا ما استدل به أيضا في المنتهى من صحيحة علىّ بن يقطين قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء و السّمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال لا باس بذلك و صحيحة ريّان بن الصلت قال سألت ابا الحسن الرّضا عليه السّلام عن ليس الفراء و السّمور و السّنجاب و الحواصل و ما اشبهها و المناطق و الكيمخت و المحشوّ بالقزّ و الحقّاف من اصناف الجلود فقال لا باس بهذا كلّا الا الثعالب ففيه انه لا دلالة فيهما على جواز اللبس في الصّلاة كما هو المدعى هاهنا و التمسّك باطلاقهما ليس بشي ء بل اطلاق نفى الباس في الاول و فيما عد الثعالب في الثانى دليل على مذهبهم على انه ليس المراد جواز اللبس في الصّلاة و استثناء الثعالب في الثانى دليل على كون المراد ذلك لاحتمال المنع عن مطلق اللبس فيها على و لو الكراهة و لو تنزل عن ذلك فما ذكرنا في الاخبار السّابقة من وجوب الحمل على التقية و ان بعد ذلك لا يبقى ظنّ في السّنجاب أيضا انه ليس كذلك آت فيهما أيضا فتأمّل حجة القول بالمنع مما سبق من الروايات الدّالة على عدم جواز الصّلاة في غير الماكول فانها بعمومها تشمل السّنجاب أيضا بل رواية ابن بكير التى هى عمدتها بمنزلة النصّ في السنجاب حيث وقع السؤال عنه بخصوصه فما ذكر في الجواب كالصّريح في شمول الحكم له و على هذا يندفع عنه ما اورده في المعتبر من ان خبر ابى على بن راشد خاص و الخاص مقدم على

ص: 190

العام و قد اورد أيضا ان ابن ابى بكير مطعون فيه و ليس كذلك ابو علىّ بن راشد فهو و ان كان كذلك لكن ابن بكير مع كونه مطعونا بفساد المذهب ممن اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم و قد تلقى الاصحاب روايته هذه بالقبول و قد قدح اكثرهم رواية ابى على في الفنك و بعد حمله على التقيّة لا يبقى ظنّ بانّ الحكم في السّنجاب ليس كذلك فيشكل معارضتها لرواية ابن بكير خصوصا مع كثرة الرّوايات في باب الجلود التى يجب في المشهور حملها على التقيّة و فيما نقلناه من رواية الفقيه كانه ما يؤيد ذلك فتفطن و بالجملة فالمسألة محل توقف و الأصل مع القول بالجواز كما ان الاحتياط مع القول بالمنع هذا و في باب الاطعمة روايات اخرى لم يتعرضوا لها هاهنا و هى رواية ابى حمزة قال سئل ابو خالد الكابلى علىّ بن الحسين عليهما السّلام عن اكل لحم السّنجاب و الفنك و الصّلاة فيهما قال ابو خالد انّ السنجاب يأوى الاشجار قال فقال ان كان له سبلة كسبلة السّنور و الفار فلا يؤكل لحمه و لا يجوز الصّلاة فيه ثمّ قال اما انا فلا اكله و لا احرّمه و انا اوردتها عسى ان يجد بها احد بعد اعتبار السّبلة سبيلا الى ترجيح احد القولين مع ما فيها من الاشعار بتقارن عدم حلّ اللّحم و عدم جواز الصّلاة فيه فتصير مؤيدة لرواية ابن بكير و ما وافقها و امّا قوله عليه السلام في آخر الخبر اما انا فلا اكله و لا احرّمه فالظاهر انه محمول على التقيّة اذ الظاهر انه لا خلاف في تحريمه فائدة ما ورد في صحيحة ابن راشد المتقدمة من النهى عن الصّلاة في الثوب الذى يلى جلد الثعلب الظاهر انه باعتبار ما يلصق به غالبا من شعره و وبره ان كان فوقه و ما ينفصل من الاجزاء الصّغيرة من جلده اذا كان تحته فيؤيد ما ذكرنا سابقا من المنع عن الشعرات الملقاة على الثوب و لا بعد حينئذ في تعدى الحكم في جميع اصناف غير الماكول و ان اختصّت الرواية بالثعالب و قال الشيخ في المبسوط و لا تجوز الصّلاة في الثوب الذى يكون تحت وبر الثعالب و لا الذى فوقه على ما وردت به الرّواية و عندى ان هذه الرّواية محمولة على الكراهة او على انه اذا كان احدهما رطبا لان ما هو النجس اذا كان يابسا لا يتعدى منه النجاسة الى غيره انتهى و هو رحمه الله في المبسوط لا يقول بنجاسة الثعلب كما يظهر بالتامّل في كلامه قبيل ما نقلنا و كذا في باب الاسآر فلعلّ مراده ان الثعلب لو كان نجسا لا يتعدى نجاسة مع اليبوسة فكيف انه ليس ينجس فمع اليبوسة لا يتعدّى حاله الى الذى يليه فلا بدّ من الحمل على الكراهة او التخصيص بحال الرّطوبة او اراد بالنجس هاهنا ما لا يجوز الصّلاة فيه كان عدم جواز الصّلاة فيه ضرب خفيف من النّجاسة و المراد ان نجاسة اى عدم جواز الصّلاة فيه لا يتعدّى مع اليبوسة الى غيره و فيه ما اشرنا اليه من ان المنع يمكن ان يكون باعتبار ما يلاصقه منه غالبا و حينئذ لا بعد في الحمل على الحرمة و لو لا ذلك لا شكل الحكم بالمنع مع الرطوبة أيضا اذ تعدى حكم شي ء الى ما يلاقيه بالرطوبة مما لم يرد في الشرع في غير النجاسة فالحكم بتعدى عدم جواز الصّلاة فيه من شي ء الى آخر باعتبار ملاقاته له بالرطوبة لا يخلو عن غرابة و ان صح التجوّز عن هذه الحالة بالنجاسة لان التعدى مع الرطوبة انما ورد في الشرع في النجاسة الحقيقة لا يمكن فيما التجوز بها و لو لم يعتدّ بهذا الاستبعاد لعدم العبرة بامثاله في الشرع و جوّز التعدى في هذه الحالة أيضا فيمكن تجويزه فيها مع اليبوسة أيضا و ان لم يتعدّ النجاسة معها لان احكام الشرع مما لا سبيل لأفهامنا اليه و يمكن ان يحمل كلامه على ان التوجيه الاخير بناء على القول بنجاسة الثعلب كما اختاره في ية فالمراد او يحمل على ما اذا كان احدهما رطبا و حينئذ لا بد من القول بنجاسته و قال المحقق في المعتبر و الكلام في الثوب الذى يلى وبر الثعالب و في الذى تحت جلده يبنى على القولين فان قلنا بالطّهارة فلا بحث و ان قلنا بالنجاسة فلا يتعدّى نجاسة الا مع رطوبته لا مع يبسه و قد اطلق المنع في ية فقال بما فصلناه في المبسوط و الخبر بالمنع مقطوع السّند شاذ فيسقط اعتباره انتهى و ما ذكره من عدم الاعتبار بالرواية جيّد لكنّه رحمه الله غفل

عن هذه الرواية فانّها ليست على ما وصفه بل هى صحيحة ليس فيها شائبة القطع قطعا و انما نظره الى رواية اخرى و هى ما في الكافي و التهذيب من صحيحة علىّ بن مهزيار عن رجل سئل الماضى عليه السلام عن الصّلاة في جلود الثعالب فنهى عن الصّلاة فيها و في الثوب الذى يليه فلم أدر أيّ الثّوبين الذى يلصق بالوبر او الذى يلصق بالجلد فوقع بخطّه الثوب الذى يلصق بالجلد قال و ذكر ابو الحسن عليه السلام انه سأله عن هذه المسألة فقال لا تصلّ في الثوب الذى فوقه و لا في الذى تحته و لا باس بتوضيح هذا الخبر فانه مما خفى على الافهام فنقول كانّ حاصله ان الرّجل نقل لعلّى بن مهزيار انه سئل الماضى عليه السلام عن كذا فنهى عن كذا فلم أدر أيّ الثوبين اراده ثمّ كتبت ذلك و هو مقدر في نظم الكلام او ساقط فوقع عليه السلام كذا و نقل ايضا انه ذكر ابو الحسن عليه السلام اى الثانى انه سئل الماضى عنها فاجاب بكذا فالماضي هو الكاظم عليه السلام و ابو الحسن هو الرّضا عليه السلام كما وقع التصريح به في بعض نسخ التهذيب و حمل ابى الحسن عليه السلام على الثالث لانه لم يدرك الرّضا عليه السلام و لا يخفى انه على هذا يكون الخبر بتمامه مسندا الى رجل مجهول فلا عبرة به و كانّ العلّامة رحمه الله في المختلف حمله على هذا الوجه حيث قدح فيه بان الرّجل مجهول فجاز ان يكون غير عدل و يمكن حمل القطع في كلام المحقق أيضا على هذا و يمكن ان يكون ناقل حكاية ابى الحسن عليه السلام هو علىّ بن مهزيار نفسه و يكون المعنى ما ذكرنا او يكون ضمير انه و المرفوع في سأله راجعا الى الرجل و المنصوب الى ابى الحسن عليه السلام فيكون الحاصل ان علىّ بن مهزيار يروى عن ابى الحسن عليه السلام ان الرّجل سأله عن كذا و اجاب بكذا مخالفا لما ذكر الرّجل انه وقع بخطّه و حينئذ يدفع طعن القطع لكنه مجرد احتمال و ما لم يبلغ الى الظهور او القطع لا يكفى في رفع القدح و كيفما كان فلا يخفى بعد هذا التوجيه و ظنى ان عليه السّلام بعد ابو الحسن سهو عن النّساخ و يؤيده انه ليس في المنتهى و المختلف بل في بعض نسخ التهذيب أيضا و ابو الحسن هذا هو علىّ بن مهزيار فان كنيته ابو الحسن كما نقل في كتب الرجال فيحتمل الخبر وجهين احدهما الراوى عن علىّ بن مهزيار نقل عنه انه اولا عن الرجل ما نقلنا في التوجيه الاول الى قوله و ذكر ابو الحسن سواء ثمّ ذكر انه هو نفسه سأله اى امام عصره و هو الرضا عليه السلام او الجواد او العسكرى لادراكه لهم عليهم السلام فاجاب بكذا و ثانيهما ان على بن مهزيار كتب اليه اى الى احد من الائمة الثلاثة الذين صحيحهم على ان رجلا سئل الماضى عليه السلام عن كذا فنهى عن كذا و اذا لم أدر أي الثوبين مراده عليه السلام فوقّع المكتوب اليه كذا و ذكر أيضا على بن مهزيار انه سأله دفعة اخرى عن هذه المسألة مشافهة فاجاب بكذا و كانّ هذا اظهر الوجوه و على الوجهين فحكم المحقق بالقطع محمول على ظاهره اذا المكتوب اليه الذى وقع و المسئول ثانيا غير مذكور فلعله غير الامام عليه السلام لكن لا يخفى ان علىّ بن مهزيار اجلّ شأنا من ان يروى على غير الامام و امّا حكمه بشذوذ الخبر فانا لا اعرفه بقي الكلام في التدافع الذى بين التوقيع و بين الجواب عن السؤال ثانيا فنقول على تقدير صحة اسناد كل منهما الى الامام يمكن حمل الاول على الحرمة او الكراهة الشديدة و حمل ما اضيف في الجواب الآخر على الكراهة او الكراهة الخفيفة فلا منافات فتأمل

قوله حملا لتصرّف

ص: 191

المسلمين على ما هو الاغلب

و الاغلب انهم يذكّون الحيوانات و فيه تامّل فان الاغلبيّة لا تقيد الا ظن الإلحاق و هو هنا منتف بعد ما نقل من الشهرة بين التجّار و المسافرين ان كانوا معتمدين و الّا فظاهر انه لا عبرة بشهادتهم و لا حاجة الى عذر الا ان يكون المراد ان اخبار هؤلاء لا يعارض الظن الحاصل من الاغلبية و فيه بعد و الاظهر ان يعلّل عدم العبرة بان الشهادة اذا كان متعلقها غير محصور لا تسمع بشهادتهم لا تسمع الا في الاكثر و ما شاهدوه لا في الجميع و مع احتمال وجود المذكى فيها يصحّ استعمال جميع ما في ايدى المسلمين بناء على حمل تصرفاتهم على الصحيح نعم لو علم عدم وجود المذكى اصلا لما صحّ ذلك و انّى يعلم ذلك فتأمل و اعلم ان الاقتصار في الاستثناء على الخزّ و السّنجاب و المنع عن غيرهما مطلقا كما فعله المصنف هو المشهور بين الاصحاب لكن الظاهر انه ليس باتفاق فان الشيخ في ط بعد ما ذكر ان ما لا يؤكل لحمه لا تجوز الصّلاة في جلده و ان ذكى و دبغ و انه يجوز استعماله و لبسه في غير الصّلاة اذا ذكّى و دبغ الا الكلب و الخنزير فانهما لا يطهر ان بالذكاة و الدّباغ قال و على هذا لا تجوز الصّلاة في جلد الثعلب و الارنب و الدّب و سائر السّباع و السّنور و غيرهما مما لا يحل اكله و رويت رخّصه في جواز الصّلاة في الفنك و السّمور و الاصل ما قدمناه فامّا السّنجاب و الحواصل فلا خلاف انه يجوز الصّلاة فيها و قال في الخلاف بعد ما اطلق الحكم بعدم الجواز و رويت رخصة في جواز الصّلاة في الفنك و السمور و السّنجاب و الاحوط ما قلناه و قال في الفقيه نقلا عن رسالة ابيه لا باس بالصّلاة في شعر و وبر كلّ ما اكلت لحمه و ان كان عليك غيره من سنجاب او سمور او فنك و ان اردت الصّلاة فانزعه و قد روى في ذلك رخص و ايّاك ان تصلّى في ثعلب و لا في الثّوب تلبسه من تحته و فوقه و في مراسم سلّار بعد عدّ ما يجوز الصّلاة فيه و ما يكره قال و امّا الثالث اى ما حرّم الصّلاة فيه فكل ما عدا ذلك الّا انه ورد رخصته في جواز الصّلاة في السّمور و الفنك و السّنجاب و في المقنع للصدوق رحمه الله لا بأس بالصّلاة في السنجاب و السّمور و الفنك لما روى في ذلك من الرخص فظهر بما نقلنا ان عدم الجواز في السّمور و الفنك ليس باجماعى و قال المحقق في الشرائع و في الثعالب و الأرانب روايتان اصحّهما المنع و مثله في النافع لكن فيه بدل اصحّهما اشهرهما و لا يخفى ما في دلالته على عدم الاجماع فيهما على المنع و احتمال القول بالجواز و ان كان رواية المنع اصحّ و اشهر بل يظهر من المعتبر عدم ثبوت الإجماع في المنع عن غير الماكول اصلا حيث قال و اعلم ان المشهور في فتوى الاصحاب المنع مما عدا السنجاب و وبر الخزّ و العمل به احتياط في الدّين و قد روى الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الفراء و السّمور و السنجاب و الثعالب و اشباهه قال لا باس بالصّلاة فيه و علىّ بن يقطين قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء السّمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال لا باس بذلك و طريق هذين الخبرين اقوى من تلك الطرق و لو عمل بهما عامل جاز لكن على الاول عمل الظاهرين من الاصحاب منضما الى الاحتياط للعبادة انتهى و لا يخفى ان الرّواية الثانية عامة في جميع الجلود و ظاهره تجويز العمل بهما كذلك الا نجس العين اذ لا ريب في المنع فيه و اما تجويزه في خصوص ما ذكر في الروايتين بخصوصه فلا اشتبه فيه فدعوى جماعة من متأخري الاصحاب الاجماع على المنع الا في الخزّ و السنجاب ممّا لا يعتدّ به و العجب من الشارح رحمه الله انه أيضا في شرح الارشاد ادعى اجماع علمائنا على ذلك و نقله عن المعتبر و منشأ ذلك انّه رأى في المعتبر انه قال أولا كل ما يحرم اكله يحرم الصّلاة في شعره و صوفه و وبره الا ما استثنيه و هو قول علمائنا و غفل عما ذكره آخر البحث و هو ما نقلنا فنسب اليه دعوى اجماع علمائنا و من تامّل في تمام كلامه علم ان مراده انه قول علمائنا المشهورين او الظاهرين لا اجماعهم بالمعنى المصطلح في غير ما نقل الخلاف و اختلاف

الروايات فيه بالخصوص و على هذا فيدخل الثعالب و الارانب و السّمور و الفنك أيضا فيما يستثنيه و ليس المراد به خصوص الخزّ و السنجاب اللّذين اشهر استثنائهما كما فهمه الشارح و اضرابه و كلام العلّامة رحمه الله أيضا في المنتهى موافق لما نقلنا من المعتبر في اوّل البحث بل زاد فيه انه اجماع علمائنا و توجيهه أيضا ما ذكرنا من التعميم فيما يستثنيه و ان كان المختار عنده ليس الا استثناء الخزّ و السنجاب و اما في غيرهما فتفصيل القول و استقصاء الاخبار الواردة فيه الدّالة على المنع او الجواز مما يطول به الكلام جدّا فالاولى الاقتصار على ما اوردنا و جملة الكلام ان الاخبار متعارضة جدّا و لو لا اشتهار المنع بين الاصحاب شهرة تكاد ان تبلغ حدّ الاجماع و انّ التقية مجمل ظاهر لاخبار الجواز لامكن الجمع بينها بحمل اخبار المنع على الكراهة لكن مع ما ذكر من الامرين لا يمكن الجرأة عليه فالأولى و الاحوط متابعة الاصحاب و اللّه اعلم بالصواب

قوله و غير ميتة

و هذا مما لا خلاف فيه و يدل عليه مع الاجماع روايات كصحيحة ابن ابى عمير عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الميتة قال لا تصلّ في شي ء منهما و لا شسع و رواية محمّد بن مسلم بطريقين صحيحين قال سألته عن الجلد الميتة ا يلبس في الصّلاة اذا ربع فقال لا و لو ربع سبعين مرّة و صحيحة علىّ بن مغيرة و هو و ان لم يوثق لكن الظاهر انّه و ابن ابى المغيّرة الموثق واحد و يؤيّده وجود ابى في بعض نسخ في فالخبر صحيح كما وصفه بها علامة في منتهى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك الميتة ينتفع بشي ء منها قال لا الحديث و هل يخصّ ذلك بما له نفس او عامّ في الجميع يحتمل الاول لان المتبادر من الاخبار هو ذلك لانه الفرد الغالب الشائع فشمولها لما لا نفس له غير ظاهر فيبقى على الاصل و هو ظاهر جماعة من الاصحاب كالمحقق في المعتبر و العلّامة في التذكرة و هى و المصنف في الذكرى حيث استدلّوا على عدم جواز الصّلاة في الميتة بانها نجسة و الدّباغ غير مطهر و ذكر أيضا في الذكرى ان السنجاب انما يجوز الصّلاة فيه مع تذكيته لانه ذو نفس قطعا فيفهم منه ان غير ذى النفس لا حاجة فيه الى التذكية فيجوز الصّلاة في ميتته و يحتمل الثانى لعموم الاخبار و اليه مال بعض متأخّري اصحابنا و نقل المحقق الثانى في شرح القواعد عن المعتبر الاجماع على ان ما لا نفس له مما يؤكل لحمه يجوز الصّلاة فيه و ان كان ميتة معلّلا بانه كان طاهرا في حال الحياة و لم ينجس بالموت و نقل في حواشى الالفيّة عن المصنف في الذكرى انه نقل ذلك عن المعتبر و فيه تامّل اذ ما نقله عن المعتبر و نقله عنه في كرى انما ذكره في الخزّ على ما نقلنا عنه سابقا و لا يدلّ على الحكم الكلّى في كلّ ما لا نفس له و ان استفاد ذلك من تعليله بناء على انه حمله على ما حمله في كرى من ان عدم نجاسة بالموت باعتبار اعتقاده انه مما لا نفس له و حينئذ فالتعليل يجرى في الجميع ففيه ان كون التعليل داخلا في الجميع عليّة غير ظاهر فربما كان استنباط منه رحمه الله و لو سلّم فقد عرفت انّ ما ذكره في تعليله يحتمل وجوها فلا يتعين حمله على ما ذكره المصنف و لو سلّم تعيّن حمله فهذا ليس الا دعوى الاجماع على طهارة ما لا نفس له بعد الموت و لا كلام فيه انما الكلام في جواز الصّلاة فيه و هو غير مذكورة في التعليل الا ان يقال ان حاصل تعليله لو اريد تتميمه كما اشرنا اليه سابقا انه لا يتفاوت الحال فيه بين المذكى و الميّت لكونه مما لا نفس له فلا ينجس بالموت و الفرق بين المذكى و الميت فيما يتحقق فيه

ص: 192

الفرق ليس الا ان المذكى لا ينجس و الميّت ينجس فاذا لم يتحقق هذا الفرق هنا و جاز الصّلاة فيه مع التذكية فيجوز مع الموت ايضا لعدم الفرق و هذا دليل على ان ما لا نفس له مطلقا لا حاجة الى التذكية لجريانه في الجميع كيف و اذا لم يحتج اليها فيما لا يؤكل لحمه ففيما يؤكل لحمه بطريق اولى فتأمل ثمّ الظاهر انه لا فرق في المنع بين ما جعله ساتر او غيره و بين ما يتم فيه الصّلاة و ما لا يتم لعموم الاخبار بل الظاهر تحريم استصحاب شي ء منه و لو من غير الملابس لعموم الخبر الاوّل و بما قررنا ظهر فائدة ذكر المض الميتة بخصوصها بعد اشتراط طهارته امّا اوّلا فلو ورد الاخبار فيها بخصوصها فيمكن ان يكون ذلك وجها لتخصيصها بالذكر و امّا ثانيا فلاحتمال ان يكون مذهبه هنا عموم المنع بحيث يشمل ميتة غير ذى النفس ايضا فاشتراط الطهارة لا يفيد ذلك لكن هذا خلاف ما نقلنا عنه في الذكرى و امّا ثالثا فلما ظهر من استثناء ما لا يتم عن الحكم باشتراط الطهارة دون الميتة فلذا افردها بالذكر لكن هذا انما يستقيم لو حمل السّاتر في كلامه على مطلق الثوب الذى يصلّى فيه كما احتملنا سابقا اما لو حمل على السّاتر بالفعل او ما يصلح لذلك كما هو ظاهره فلا يتجه ذلك كما لا يخفى و جعل الشارح رحمه الله في شرح الألفيّة فائدة ذلك التنبيه على عدم جوازها في الميتة و ان قيل بطهارتها بالدّباغ كما هو مذهب ابن الجنيد فانه و ان طهّر جلد الميتة بالدبغ لكن منع من الصّلاة فيه فاشار لتخصيصها الى ان عدم جواز الصّلاة فيها موضع وفاق فائدة لا يشترط العلم بكونه غير ميتة بل يكفى احتمال التذكية و عدم العلم بكونه ميتة اذا وجد في يد مسلم او في سوق المسلمين او في بلد الغالب فيه المسلمون كذا في المعتبر و الظاهر ان المراد انه يكفى في الصّورتين الاخذ عن السّوق و ان لم يعلم اسلام من اخذ عنه اذ لو اشترط العلم بكونه مسلما فيدخل في الاول و لو علم كفره فلا يجوز الاخذ عنه قطعا و لو في سوق المسلمين و ينبغى ان يقيّد في الصّور الثلث بما اذا لم يخبر ذو اليد بكونه ميتة سواء اخبر بالتذكية ام سكت فانه اذا اخبر بذلك فالظاهر انه لا خلاف في انه يحكم عليه بالميتة و ان لم يعلم صدقه ثمّ مقتضى اطلاق كلامه عدم الفرق بين ما اذا كان المسلم ذو اليد او مسلموا السوق او البلد الغالب ممّن يستحلّ الميتة بالدبغ او يجوز ذباحة اهل الكتاب او يتّهم باستعمال الميتة ام لا و العلامة رحمه الله في المنتهى بعد ما ذكر موافقا للمعتبر انه يكفى بالعلم في التذكية وجوده في يد مسلم او في سوق المسلمين او في بلد الغالب فيه الاسلام و عدم العلم بالموت لان الاصل في المسلم العدالة و هى تمنع من الاقدام على المحرّمات قال في فرع آخر لو وجد الجلد مع من يستحل الميتة لم يحكم بالتذكية و ان اخبر بها لانه غير موثوق به و لا يصحّ فيه الصّلاة لان الشرط و هو التذكية غير معلوم و الاصل عدمها و كذا لو وجد مع من يتّهم باستعمال الميتة و قريب منه في التذكرة حيث قال يكفى في الحكم بالتذكية انتفاء العلم بموته و وجوده في يد مسلم الا يستبيح جلد الميتة او في سوق المسلمين او في بلد الغالب فيه المسلمون ثمّ قال و انما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته للميتة ليحصل الظن بالتذكية اذ لا فرق في انتفاء الظنّ بين المستبيح من المسلم و الكافر اذا الاصل الموت و لو جهل اسلامه لم يجز استباحته و ذكر المصنف في الذكرى انّ المستحلّ لو اخبر بعدم التذكية فيجب الاجتناب لاعتضاده باصالة عدم الطهارة و لو اخبر بالتذكية فالاقرب القبول لانه الاغلب و لكونه ذا يد عليه فيقبل قوله فيه كما يقبل في تطهير الثوب النجس و احتمل المنع لعموم فتبيّنوا و لشغل الذمة بالصّلاة آتية في غير المستحلّ أيضا و القبول اذا اخبر بالذكاة اقوى منه في الاوّل و ان كان فاسقا و اذا سكت فالاولى أيضا قال امّا ما يشترى من سوق الاسلام و يكفى فيه اغلبية المسلمين فيحكم عليه بالذكاة اذا لم يعلم كون البائع مستحلّا عملا بالظاهر و نفى الحرج و لا يخفى ضعف الفرق بين الشراء من السوق و غيره و ان كان ظاهر كلام العلامة ايضا ذلك و قال الشيخ في المبسوط من اشترى جلدا على انه مذكى جاز ان يصلّى فيه و

ان يصلّى فيه و ان لم يكن كذلك اذا اشترى ذلك من اسواق المسلمين ممن لا يستحلّ الميتة و لا يجوز شراءه ممّن يستحلّ ذلك اذا كان متّهما فيه انتهى و ظاهره اشتراط الاخذ على انه مذكى اى اخبار البائع بذلك و ايضا اعتبار الاشتراء من مسلم لا يستحل الميتة و لا يكون متّهما فيه و حينئذ فحديث اسواق المسلمين كانه محمول على ما هو الشائع اذ مع اعتبار العلم بحال البائع لا مدخل للسّوق اصلا و الظاهر ما نقلنا عن المعتبر على الوجه الذى فصّلنا لنا ان النهى عن الصّلاة في الميتة او عن استعمالها لا يقتضى الا الانتهاء عما علم كونه ميتة و امّا اذا لم يعلم ذلك فالاصل صحة استعماله و كذا جواز الصّلاة فيه الّا ما خرج بالاجماع كالموجود في يد الكافر او ما اخبر ذو اليد بعدم تذكيته و لو اعتبرنا الشرط التذكية و قلنا بوجوب العلم بها كما ينادى به بعض عبارات العلامة فيلزم ان لا يكتفى بوجوده في يد المسلم الغير المستبيح أيضا لان كون الاصل في المسلم العدالة مع انه محل مناقشة لا يفيد العلم و هو ظاهر و أيضا لو صحّ ذلك فيلزم مثله في المسلم المستبيح أيضا اذا اخبر بالتذكية لان الاصل فيه أيضا العدالة و هى تمنع من الاقدام على الكذب و تخصيص ذلك بالمسلم المؤمن كانه ممّا لا شاهد له و لو اريد بالعلم العلم الشرعى الشامل للظنّ فينبغى ان يجعل المناط الظن لا ما ذكره العلامة من التفصيل اذ كثيرا ما يحصل الظنّ بقول المستبيح اذا اخبر بالتذكية و كان مستنده ما سيجي ء من رواية محمد بن الحسين الاشعرى و سنتكلّم عليها و يدل أيضا على ما ذكرنا من الاخبار صحيحة احمد بن محمد بن ابى نصر عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الخفّاف بانى السّوق فيشترى الخف لا يدرى أ ذكيّ هو ام لا ما تقول في الصّلاة فيه و هو لا يدرى ا يصلّى فيه قال نعم انا اشترى الخف من السّوق و يصنع لى و اصلّى فيه و ليس عليكم المسألة و صحيحة احمد بن محمد بن ابى نصر أيضا قال سألته عن الرجل يأتى السّوق فيشترى جبّة فراء لا يدرى أ ذكيّة هى ام غير ذكيّة ا يصلّى فيها فقال نعم ليس عليكم المسألة ان ابا جعفر عليه السلام كان يقول ان الخوارج ضيّقوا على انفسهم بجهالتهم ان الدّين اوسع من ذلك و مثله صحيحة سليمان بن جعفر الجعفرى عن الكاظم عليه السلام و صحيحة الحلبى على الظاهر قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام الخفّاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصّلاة فيها فقال صلّ فيها حتى يقال ذلك انها ميتة بعينها و الظاهر ان المراد قول صاحب اليد و حينئذ فيجتنب و ان كان واحدا غير عدل و موثقة اسحاق بن عمار عن العبد الصّالح انه قال لا باس بالصّلاة في الفر و اليمانى و فيما صنع في ارض الاسلام قلت فان كان فيها غير اهل الإسلام قال اذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس و موثقة اسماعيل بن الفضل بابان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الجلود و الخفاف و النعال و الصّلاة فيها اذا لم يكن من ارض المصلّين فقال امّا النعال و الخفاف فلا باس بها و كانّ نفى الباس بناء على ان كونها من غير ارض المصلّين اى المسلمين و ان كان مظنة ان تكون ميتة او من ذبائح غير المسلمين لكن لا يمكن الحكم به لاحتمال ان يكون هناك مسلم و يكون ذلك من ذبيحته و مجرد الاحتمال و ان بعد يكفى في الحكم بالطهارة انا وجدت

ص: 193

في ايدى المسلمين و يمكن ان يكون بناءه على حلّ ذبائح اهل الكتاب كما ذهب اليه بعض الاصحاب فيخصّ لحكم بهم و على التقديرين فالفرق بين الخفاف و النّعال و بين الجلود على ما يستفاد من الرواية يمكن ان يكون باعتبار كراهة الصّلاة في تلك الجلود باعتبار المظنّة المذكورة او لكونها من ذبائح اهل الكتاب دون الخفاف و النّعال فانّهما ممّا لا يتم فيه الصّلاة دون الجلود فيمكن اختصاص الجلود بالكراهة دونهما فافهم و صحيحة عبد اللّه بن مسكان قال حدثنى علىّ بن ابى حمزة و هو مشترك ان رجلا سئل ابا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده عن الرجل يتقلد السّيف و يصلّى فيه قال نعم فقال الرجل ان فيه الكيمخت فقال و ما الكيمخت فقال جلود دوابّ منه ما يكون ذكيّا و منه ما يكون ميتة فقال ما علمت انه ميتة فلا تصلّ فيه و رواية اسماعيل بن عيسى قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من اسواق الجبل ا يسأل عن ذكاته اذا كان البائع مسلما غير عارف قال عليكم انتم ان تسألوا عنه اذا رايتم المشركين يبيعون ذلك و اذا رايتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه و ظاهره انه بمجرّد كونه بيد المشرك لا يحكم بكونه في حكم الميتة فاذا سئل عنه و فتّش عن حاله و ظهر كونه مذكى فلا باس به و الظاهر انه اذا علمنا انّه اخذه من مسلم يكون بحكمه لكن اسماعيل بن عيسى و سعد الراوى عنه مجهولان و حمله بعض فضلائنا ممّن عاصرناه على انه اذا كان البائع مشركا يسأل البائع عليه السلام فاذا اخبر بانه من ذبيحة المسلمين يصير مشكوكا فيه و جاز لبسه و لا باس به و ان لم يثبت الاجماع على خلافه فتأمل و رواية الحسن بن الجهم قال قلت لابى الحسن عليه السلام اعترض السّوق فاشترى خفّا لا ادرى أ ذكيّ هو ام لا قال صلّ فيه قلت فالنعل قال مثل ذلك قلت انى اضيق من هذا قال أ ترغب عما كان ابو الحسن عليه السلام يفعله و رواية سماعة انه سئل ابا عبد اللّه عن تقليد السّيف في الصّلاة فيه الفراء و الكيمخت فقال لا باس ما لم تعلم انه ميتة و رواية جعفر بن محمد بن يونس انّ اباه كتب الى ابى الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو و الخفّ البسه و اصلّى فيه و لا اعلم انه ذكى فكتب لا باس به هذه هى الاخبار التى يستفاد من حملتها ما ذكرنا من كفاية عدم العلم بكونه ميتة و امّا ما سبق في رواية ابن بكير في المنع عن الصّلاة في غير الماكول من قوله عليه السلام فان كان مما يؤكل لحمه فالصّلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت انه ذكى قد ذكّاه الذبح فلا عبرة بمفهومه مع معارضته لتلك الاخبار المتضافرة و يمكن حمله على الاستحباب و روى ابو بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في الفراء فقال كان علىّ بن الحسين رجلا صردا فلا تدفنه فراء الحجاز لانّ دباغها بالقرظ و كان يبعث الى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه فاذا حضرت الصّلاة القاه و القى القميص الذى يليه فكان يسأل عن ذلك فيقول ان اهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة و يزعمون ان ذكاته دباغه و كانّ القاءه عليه السلام وقت الصّلاة محمول أيضا على الاستحباب و الاحتياط و الا فمع عدم العلم بكونه ميتة على الخصوص تجوز الصّلاة فيه على ما ظهر من الرّوايات السّابقة و مع العلم بكونه ميتة لا يجوز لبسه في غير الصّلاة أيضا فلا بدّ من حمله على ما ذكرنا من الاستحباب و يؤيد أيضا ما ذكرنا حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال تكره الصّلاة في الفراء الا ما صنع في ارض الحجاز او ما علمت منه ذكاة هذا مع ضعف سند الرواية جدّا و في رواية محمد بن الحسين الاشعرى انه كتب بعض اصحابنا الى ابى جعفر الثانى عليه السلام ما تقول في الفرو نشترى من السّوق فقال اذا كان مضمونا فلا باس و كان المراد ان يضمن بائعه ذكاته و اخبر عنها و هذا أيضا محمول على الاستحباب لئلا ينافى الاخبار السّابقة و مثله القول في قوله عليه السلام في رواية علىّ ابن ابى حمزة المتقدمة لا تصلّ فيها اى الفراء الا فيما كان منه ذكيّا فانه يحمل على الاستحباب او يحمل الذّكى على ما يحكم عليه به شرعا و ما اخذ من المسلم او من سوق

المسلمين بحكم الذكى شرعا و ان لم يكن ذكيّا في نفس الامر و روى عبد الرحمن بن الحجّاج قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام انا ادخل سوق المسلمين اعنى هذا الخلق الذين يدّعون الاسلام فاشترى منه الفراء للتجارة فاقول لصاحبها ليس هى ذكيّة فيقول بلى فهل يصلح ان ابيعها على انها ذكية اشترط فقال لا و لكن لا باس ان تبيعها و تقول قد شرط الذى اشتريتها منه انها ذكيّة قلت و ما افسد ذلك قال استحلال اهل العراق للميّتة و زعموا انّ دباغ جلد الميتة ذكاته ثمّ لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على رسول اللّه ص و لا يخفى ان هذا الخبر مع ضعفه بجهالة عدة من رواية لا يدلّ الا على المنع من بيع ما اخبر مستحلّ الميتة بذكاته على انه ذكى و لا كلام فيه و لا يدل على تحريم استعماله فلا ينافى ما ذكرنا فتأمل هذا كلّه في الماخوذ من المسلم او من اسواق بلد المسلمين و امّا لو وجد مطروحا في بلادهم فيمكن ايضا ان يحكم بكونه ذكيّا لإطلاق بعض الروايات السابقة كرواية علىّ بن ابى حمزة و سماعة و جعفر بن محمد بن يونس و لانه اذا كان المأخوذ في البلاد المسلمين في حكم الذكى و ان لم يخبر الماخوذ منه بذكاته و لم يعلم أيضا انه مسلم ام لا كما يستفاد من كلامهم فليس ذلك الا باعتبار ان الظن تابع للاعم الاغلب و لما كان الغالب في البلد المسلمون فالظاهر كون الاخذ منهم فيكون ذكيّا و هذا يجرى في المطروح في بلدهم ايضا اذا كان مثل الفرو او الخفّ مما عمل فيه عمل فان الظاهر وقوع من مسلم بناء على تبعية الظنّ للاعم الاغلب نعم اذا لم يعمل فيه عمل بل كان جلدا مسلوخا مجرّدا عن آثار عمل فيمكن ان لا يحكم عليه بذلك و يمكن ان لا يحكم في المطروح بذلك مط لأصالة عدم التذكية و الاقتصار فيما يخالفها على موضع النصّ و النصوص المعتبرة الاسناد و انما هى في الماخوذ على انه يمكن التفرقة بينهما فان الماخوذ لما وقع عليه معاملة بيع وهبة و نحوهما و الاصل فيها الصحة فيحكم بكونه ذكيّا لتصح المعاملة و لا يجرى ذلك في المطروح و هذا احوط و به صرّح العلّامة في التحرير هى و علّله في هى بان الاصل عدم التّذكية و بان طهارة الثوب شرط فلا يكتفى بعدم العلم بانتفاء كغيره من الشروط و قد ظهر لك بما قررنا ضعف الثانى فتذكر و يؤيد الاوّل رواية السكونى عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها و فيها سكّين قال امير المؤمنين عليه السلام يقوّم ما فيها ثمّ يؤكل لانه يفسد و ليس له بقاء فان جاء طالبها غرموا له الثمن قيل له يا امير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم او سفرة مجوسي قال هم في سعة حتى لا يعملوا بل ظاهر هذا الحديث جواز الاستعمال و الحكم بالتذكية بمجرد الاحتمال و عدم العلم بخلافها و ان لم يوجد في بلاد الاسلام و اسواقهم او طرقهم لوجود الاحتمال و عدم العلم في الموجود في بلاد الكفر أيضا اذا وجد فيها مسلم يمكن ان يكون ذلك منه و على هذا فيمكن ان يكون اشتراط غلبة المسلمين في الموثقة على الاستحباب لكن ضعف الخبر يمنع من الجرأة على العمل به الا ان يؤيد بالعمومات كصحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدمة كل شي ء يكون منه حلال و حرام فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه و اللّه تعالى يعلم

قوله امّا ما لا يقبلها كالشعر الى آخره

هذا اجماعى على ما نقله جماعة و يدل عليه أيضا روايات كصحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بالصّلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه روح و صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام و في آخرها و لا

ص: 194

باس بالصّلاة في صوف الميتة لانّ الصوف ليس فيه روح و التعليل يجرى في كلّ ما لا يقبل الحياة

قوله اذا اخذه جزّا

و مثله ما لو قلع ثمّ قطع موضع الاتصال

قوله او غسل موضع الاتّصال

كانّ هذا لملاقاته للميتة برطوبة و لا ريب انه احوط لكن الحكم باشتراط احد الامرين كليّا لا يخلو عن اشكال اذا ربما لا يكون رطوبة و على تقدير وجودها فيمكن القول بعفوها الظاهر اطلاق الاخبار بجواز الصّلاة كيف و المشهور طهارة اللبن في ضرع الميتة لورود الاخبار بها مع كونه مائعا ملاقيا للنجس فاذا قيل بالعفو هناك فههنا اولى الا ان يقال انّ العفو هناك ممّا لا بدّ منه في طهارة اللّبن و امّا هنا فلا لجواز حمل الاخبار على طهارتها في نفسها مع قطع النظر عن العارض و امّا باعتبار العارض فيكون لها حكم غيرها فالحكم بعفو النجاسة العرضيّة أيضا نظرا الى اطلاق الاخبار مشكل جدا فالظاهر العمل بعمومات النجاسة على انه قد وقع الامر بالغسل أيضا في بعض الرّوايات كحسنة حرير بإبراهيم قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام لزرارة و محمّد بن مسلم اللّبن و اللباء و البيضة و الشّعر و الصّوف و القرن و النّاب و الحافر و كل شي ء يفصل من الشاة و الدابة فهو ذكى و ان اخذته منه بعد ان يموت فاغسله و صلّ هذا كلّه اذا لم ينفصل معه شي ء من اجزاء الميتة و اما مع استصحابه شيئا منها فيجب غسله بعد ازالته و كيفما كان فلا وجه لما نقل عن الشيخ انه اشترط في جواز استعمال الماخوذ عن الميتة الجزّ اذ لا يظهر له وجه سوى ما اشرنا اليه من تخيّل نجاسة اصله في صورة القطع فلا يصح استعماله لذلك و لا يخفى انه على تقدير تسليمه فالغسل على ما فصّلنا يكفى لقلع مادّة هذا الفساد و في الوسيلة لابن حمزة عدّ ممّا لا يجوز الصّلاة فيه الصّوف و الشّعر و الوبر اذ انتفت من الحىّ او الميّت و ان كانت مما يؤكل لحمه و هو ابعد ممّا نقل من الشيخ اذا المنتوف من الحى لا يتوهم فيه نجاسة الا اذا استصحب شيئا يصدق عليه الميتة بعد نتفه و ظاهر ان النتف لا يستلزم ذلك كليّا و على تقديره فيمكن رفع المانع بالازالة و الغسل فتأمل

قوله و غير الحرير المحض

حرمة لبس الحرير المحض للرجال سواء كان في الصّلاة او غيره مما عليه علماء الاسلام و امّا بطلان الصّلاة فيه فلا يظهر فيه خلاف بين الاصحاب سواء كان هو الثوب الذى جعله ساترا او غيره و قال الشيخ في الخلاف من صلّى في حرير محض من الرّجال من غير ضرورة كانت صلاته باطلة وجب عليه اعادتها و خالف جميع الفقهاء في ذلك مع قولهم ان الصلاة فيه و لبسه محرّم غير انه لا يجب عليه الاعادة ثمّ استدل باجماع الفرقة و في المعتبر اطلق اوّلا ان بطلان الصّلاة فيه مذهب علمائنا ثمّ في تضاعيف البحث جعل بطلان الصّلاة فيه اذا كانت العورة مستورة بغيره ممّا اتفق عليه الثلاثة و اتباعهم و كيفما كان فلا ريب فيما ذكرنا من عدم ظهور المخالفة و قد تضافرت الاخبار بالمنع عن الصلاة فيه كصحيحة محمد بن عبد الجبّار قال كتبت الى ابى محمّد عليه السلام أسأله هل يصلّى في قلنسوة حرير محض او قلنسوة ديباج فكتب لا تحل الصّلاة في حرير محض و صحيحة اخرى أيضا عن محمد بن عبد الجبّار قد تقدمت في الفرع الاول من فروع بحث الصّلاة في غير الماكول و صحيحة اسماعيل بن سعد الأحوص قال سألت ابا الحسن الرّضا عليه السّلام عن الصّلاة في جلود السّابع فقال لا تصلّ فيها قال و سألته هل يصلّى الرجل في ثوب ابريسم قال لا و صحيحة اخرى عن اسماعيل بن سعد ايضا قال سألته عن الثوب الإبريسم هل يصلّى فيه الرّجال قال لا و رواية ابى الحارث قال سألت الرّضا عليه السلام هل يصلّى الرّجل في ثوب ابريسم قال لا فان ثبت الإجماع على البطلان او ثبت ان النّهى في العبادة يوجب الفساد فذاك و الّا فللمناقشة في البطلان مجال

قوله على وجه يستهلك الخليط

لصدق الحرير المحض عرفا مع الاستهلاك و المرجع فيه الى العرف و امّا ما يفهم من كلام المعتبر ان ادنى ما ينفع من الخليط ان يكون بقدر العشر فلا مستند له الا ان يكون مستنبطا من العرف و هل يكفى مطلق الخلط او يعتبر كون الخليط بعض لحمته او سداه وجهان منشؤهما الاشتباه في صدق الحرير المحض مع خلط لا يكون كذلك و الاصل يقتضى الاكتفاء بالاطلاق و الاحتياط في الثّانى و يؤيده ما تقدّم من رواية زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرّجال و النساء الا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته او سداه خز او كتّان او قطن و انما يكره الحرير المحض للرّجال و النساء فان ظاهره اعتبار كون الخليط لحمته او سداه لكنّه ضعيف بموسى بن بكر الواقفي الغير الموثق مع ان ظاهره اعتبار ان يكون تمام لحمته او سداه احد المذكورات و لم يقولوا به و حصره الخليط فيما ذكر أيضا كما ترى و بعد تاويله بما يدفع المناقشتين يضعف ظهوره في الاعتبار الاول أيضا و هذا الفرع مما لم اجده في كلام الاصحاب و عليه يتفرع حكم الثياب المتداولة في زماننا المنسوجة بالابريسم مموّه بالفضة و اللّه اعلم بالصّواب

قوله للرّجل و الخنثى

و الحاق الخنثى بالرّجل للاحتياط لاحتمال ذكوريّته و قيل بعدم الالحاق لاختصاص التحريم بالرجال و الخنثى ليست رجلا على اليقين و وجوب الاحتياط ممنوع و في التعبير بلفظ الرجل اشارة الى عدم شمول الحكم للصّبى و لا خفاء في عدم تحريم لبس الحرير عليه لانه من خطاب الشرع المشروط بالتكليف لكن هل يحرم على الوليّ به تمكينه منه فالذى اختاره المصنف في الذكرى و قبله المحقق في المعتبر و العلّامة في التذكرة عدمه لان الصّبى ليس محلّا للتكليف و تكليف الوليّ به لا بدّ له من دليل و ليس و يؤيّده رواية عبد الملك بن عتبة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عما يصل الينا من ثياب الكعبة هل يصلح لنا ان تلبس شيئا منها قال يصلح للصّبيان و المصاحف و المخدة ينبغى بذلك البركة ان شاء اللّه و قيل يحرم عليه لقوله ص حرام على ذكور امّتى و قول جابر كنا ننزعه عن الصّبيان و نتركه على الجوارى و فيه ان الصّبى ليس بمكلّف فلا يتناوله الخبر و فعل جابر لا يدلّ على الوجوب فانه يمكن ان يكون للمبالغة في التنزّه و التورع بل يمكن حمله على النّزع عنهم بعد ورود الحكم و بالجملة فالظاهر هو القول الأول لكن بمجرّد عدم المنع عن اللّبس في الصبى لا يمكن الحكم بجواز صلاته فيه اذ الصلاة لها شرائط يستوى فيه الرّجل و الصّبى مع عدم التكليف عليه فيمكن ان يكون عدم لبس الحرير فيها أيضا من حملتها فينبغى النظر الى الرّوايات الواردة في الصّلاة و ما يستفاد منها فنقول انها كما نقلناها مختلفة فصحيحتا محمّد بن عبد الجبّار باطلاقهما تشملان الصّبى و امّا صحيحتا اسماعيل بن سعد و رواية ابى الحرث فهي مخصوصة بالرّجل لكن لما كان التقييد في كلام السّائل لا يصير قرينة على تقييد الروايتين المطلقتين فالاولى منع الصّبى عن الصّلاة فيه و امّا النساء فلا خلاف بين العلماء في جواز لبسهنّ له في غير الصّلاة كما نقله في المعتبر و امّا جواز صلاتهنّ فيه فهو قول الاكثر لإطلاق الاوامر بالصّلاة فلا تتقيّد الّا بدليل و لا دليل على التقييد فيهنّ و قال الصدوق في الفقيه قد وردت الاخبار بالنهى عن لبس الدّيباج و الحرير و الإبريسم المحض و الصّلاة فيه الرّجل و وردت الرخص في لبس ذلك للنّساء و لم ترد بجواز صلاتهنّ فيه فالنّهى عن الصّلاة في الإبريسم المحض على العموم للرّجال و النساء حتى يخصّهن خبر بالإطلاق لهنّ بالصّلاة فيه كما خصّهن بلبسه و كانّ بناء كلامه على اشتراك النساء للرّجال في الاحكام و ان وردت للرجال لانهم الاصل و لاستهجان ذكر النساء الا ان يدل دليل على

ص: 195

التّخصيص بالرّجال و عدم شمولها للنّساء و هاهنا لا دليل على جواز صلاتهنّ فيه و انما دلّ الدليل على جواز لبسهنّ فيبقى المنع عن الصّلاة فيه على العموم و فيه تامّل فانا لا نسلم شمول الاحكام الواردة في خصوص الرجال للنساء الا ان يدل دليل على ذلك من اجماع او غيره خصوصا فيما كان فيه مظنّة الفرق كما نحن فيه حيث جوّز لبس الحرير للنساء دون الرّجال و هو مظنّة الفرق بينهما في الصّلاة أيضا سيّما مع اطلاق ما دلّ على جواز لبسهنّ و مثله رواية اسماعيل بن الفضل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة هل يصلح لها ان تلبّس ثوبا حرير او هى محرّمة قال لا و لها ان تلبسه في غير احرامها بل عموم بعضها كموثقة عبد اللّه بن بكير عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال النساء تلبس الحرير و الدّيباج الا في الاحرام الخبر و يمكن ان يستدلّ له أيضا بعموم بعض الاخبار الواردة بالنهى عن الصّلاة فيه كمكاتبى محمّد بن عبد الجبّار المتقدّمتين فانهما بعمومهما يشملان الرّجال و النّساء فلا بدّ لاخراج النساء من دليل تدلّ على جواز خصوص الصّلاة لهنّ و لا يكفى ما يدل على جواز مطلق لبسهنّ و يمكن القدح في الاستدلال بالمكاتبة الثانية بانّ الجواب و ان كان عامّا لكن لما وقع في جواب السّؤال عن القلنسوة التى هى من ملابس الرّجال فيضعف ظهورها في تناول النساء لكن كانه لا يمكن هذه الدعوى في المكاتبة الاولى بانّ السؤال فيها عن تكّة الحرير و جعل مجرد اشتمالها على السؤال عن القلنسوة أيضا قرينة التخصيص ضعيف جدّا و يمكن ان يستدلّ له أيضا برواية زرارة التى نقلت في الحاشية السّابقة فان النهى فيها و ان كانت عن لباس الحرير للرّجال و النساء لكن لا بدّ من حملها على الصّلاة للاجماع على جواز لبسه للنساء في غير الصّلاة لكن قد اشرنا الى ضعف سندها و يمكن أيضا حمل النهى العام على ما يعمّ الكراهة بقرينة اخرى الخبر و انما يكره الحرير المحض للرّجال و النساء و حينئذ فلا حاجة الى الحمل على الصّلاة و المسألة لا تخلو عن اشكال سيّما مع اصالة عدم المنع و ربما يؤيده أيضا تعلق السؤال في اكثر الروايات بصلاة الرجال اذ يستفاد منها ان جوازها للنساء كان امرا معلوما و الا لكان اولى بالسؤال لجواز لبسهنّ له في غير الصلاة لكن الاحتياط في متابعة القول الثانى و اللّه تعالى يعلم

قوله و استثنى منه ما لا يتم الصّلاة فيه

هذا الاستثناء ذكره الشيخ في ية و المبسوط و ابن ادريس و ابو الصّلاح فحكموا بكراهة الصّلاة فيه دون الحرمة و نقل عن المفيد و ابن الجنيد و ابن بابويه انهم لم يستثنوا شيئا فالظاهر من مذهبهم عموم المنع و قد بالغ الصدوق في الفقيه فقال و لا يجوز الصّلاة في تكة رأسها من ابريسم حجة الاولين اصالة عدم التحريم و رواية الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كلّ ما لا تجوز الصّلاة فيه وحده فلا باس بالصّلاة فيه مثل التكة الابريسم و القلنسوة و الخفّ و الزنّار يكون في السّراويل و يصلّى فيه و حجة الآخرين عموم الرّوايات الواردة بالمنع و خصوص صحيحتى محمد بن عبد الجبّار منها فان المنع عن الصّلاة في الحرير فيها أيضا و ان وقع عامّا لكنه لما كان في جواب السّؤال عن تكة الحرير في الأولى و في قلنسوة الحرير في الثانية فهو بمنزلة التصريح بالخصوص و هما لصحتهما و ان كانتا من المكاتبة اقوى من الرواية الاولى لانّ في سندها احمد بن هلال و قالوا انّه غال متّهم في دينه و ورد فيه ذمّ كثير عن مولانا ابى محمّد العسكرى عليه السّلام و مع ذلك لا تعويل على ما نقل عن ابن الغضائرى من قبوله لرواية عن الحسن بن محبوب و ابن ابى عمير و هذه الرواية من الثانى على انه انما قال ذلك فيما رواه من كتاب نوادر ابن ابى عمير و كون هذه الرواية منه غير ظ و موافقتها للاصل لا تصلح سندا لترجيحها او صلاحيتها لتعارض الروايتين حتى تحمل لاجلها الصحيحتان على الكراهة كما فعلوه بل الروايات العامة و الخاصتان تنهض حجة للعدول عن الاصل أيضا على ان متنها أيضا لا يخلو عن ضعف تاليف يوجب الرّيب فيها كما يشهد به التأمّل فالاقوى و الاحوط هو القول الثانى و اللّه تعالى يعلم

قوله و ما يجعل منه في اطراف الثوب

و يعبّرون عنه بالكفّ كما يجعل في رءوس الاكمام و اطراف الأذيال و حول الزّيق و هو بالكسر ما احاط من القميص و نحوه بالعنق و هذا الحكم مقطوع به في كلامهم و استدل عليه في المعتبر بما رواه العامة عن عمر انّ النّبى صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الحرير الّا في موضع اصبعين او ثلث او اربع و من طريق الخاصّة ما رواه جرّاح المدائني عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه كان يكره ان يلبس القميص المكفوف بالدّيباج انتهى قال في شرح الارشاد و كذا يجوز اللبنة من الحرير و هو الحيث و اليه اشار هاهنا بقوله و نحوها و استدل عليه بما روى أيضا من طرق العامة ان النبي ص كان له جبّة كسروانية لها لبنة من ديباج و فرجاها مكفوفان بالدّيباج و لا يخفى ضعف التمسّك باخبار العامة و ان كان الحكم موافقا للاصل لورود الروايات المتظافرة العامة المقتضية للعدول عن الاصل فتخصيصها لا بد له من دليل يصلح لمعارضتها و مثله القول في خبر جراح أيضا لعدم توثيق جراح و لا القاسم بن سليمان الراوى عنه على ان الكراهة في الاخبار كثير امّا تستعمل بمعنى الحرمة خصوصا انّ من تتمة الخبر بعد ما نقله بلا فصل و يكره لباس الحرير على ان كون الدّيباج منحصرا في الحرير المحض غير ظاهر و ان ذكر ابن الاثير ان الديباج هو الثياب المتخذة من الابريسم و قال في المغرب الديباج الثوب الذى سداه و لحمته من ابريسم و عندهم اسم للمنقّش انتهى لان ظاهر العطف في مكاتبة محمد بن عبد الجبّار السّابقة هل يصلّى في قلنسوة حرير محض او قلنسوة ديباج و كذا صحيحة على بن جعفر الآتية و سألته عن فراش حرير و مثله من الديباج و مصلّى حرير و مثله من الديباج ان لا يكون الديباج حريرا محضا او لا ينحصر فيه و حينئذ فيمكن حمله في هذا الخبر على ما لا يكون حريرا محضا مع انه ليس في تلك الاخبار حديث جواز الصّلاة اصلا فيمكن ان يكون المجوّز منه هو مجرّد اللبس لا الصلاة أيضا كما ذكروه و لا يظهر أيضا اجماع في المسألة و لم يدّعوه قال في المدارك و ربما ظهر من عبارة ابن البراج المنع من ذلك و كانه اشار بذلك الى ما نقله عنه في المختلف انه قال ان الثوب اذا كان له زيج ديباج او حرير محض لم يجز الصّلاة فيه فان الظاهر ان مراده بالزيج هو ما يجعل حول الزيّق امّا بان يكون مولّدا من الزّيق او يكون معرّب زه و في القاموس انه خيط البنّاء معرب و يمكن ان يكون مستعارا منه أيضا و نقل أيضا في المختلف عن ابن الجنيد انه قال لا يختار للرّجل خاصة الصلاة في الحرير المحض و لا الثوب الذى علمه حرير محض فلو قال بالحرمة في العلم كما يشعر به الاقتران بالحرير المحض فيبعد منه تجويز المكفوف على ما ذكروه و بالجملة فلو لا الاجماع فالحكم به مشكل جدّا و كذا الكلام فيما الحق بالكفّ و هو الجيب بل الامر فيه اشكل لانه ليس في الشهرة بمرتبة الكفّ و لا ريب انّ الأولى و الاحوط الكفّ عنهما نعم الظاهر انه لا باس بالعلم لعدم صدق الحرير المحض على ما يكون علمه كذلك و يؤيّده أيضا رواية يوسف بن ابراهيم على ما في التهذيب و يوسف بن محمد بن ابراهيم على ما في الفقيه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بالثوب ان يكون سداه وزره و عمله حريرا انما كره الحرير المبهم للرجال و هى تدل أيضا على تجويز الزرّ من الحرير و لا يبعد ذلك للاصل و عدم ظهور شمول ما يدل على تحريم لبس الحرير و مثله و امّا ما في موثقة عمّار بن ابى عبد اللّه ع

ص: 196

و عن الثوب يكون علمه ديباجا قال لا يصلّى فيه و هو مستند ما نقلنا عن ابن الجنيد فيمكن حمله على الاستحباب فتأمل

قوله ممّا لا يزيد على اربع اصابع مضمومة

لا يظهر مستند لهم في هذا التحديد سوى الرّواية العامية التى نقلناها او العرف لو شهد له و بالجملة فللتوقف فيه مجال فرع اذا كان الظهارة حريرا فلا ينفع كون البطانة من غيره و كذا العكس و كذا لا ينفع خياطة الحرير بغيره امّا الحشو بالابريسم فقد حكم المحقق في المعتبر بتجزيمه لعموم المنع و في الذكرى نفى البعد عن جوازه و هو اظهر لعدم ظهور شمول العمومات له لتعلّق النّهى في اكثرها بثوب الابريسم او ما في معناه و هو لا يصدق على الابريسم المحشوّ و يؤيّده صحيحة الحسين بن سعيد قال قرأت في كتاب محمد بن ابراهيم الى ابى الحسن الرّضا عليه السلام يسأله عن الصّلاة في ثوب حشوه قزّ فكتب قرأته و لا باس بالصّلاة فيه و مثله في رواية سفيان بن السّمط أيضا و ما ذكره في الفقيه انه كتب ابراهيم بن مهزيار الى ابى محمّد الحسن عليه السلام في الرّجل يجعل في جيبه بدل القطن قزّا هل يصلّى فيه فكتب نعم لا باس به و ما سبق أيضا في رواية ريّان بن الصّلت فان فيه نفى الباس عن الفراء المحشو وجه التأييد ان حكم القزّ عندهم حكم الإبريسم كانهم يجعلونهما جنسا واحدا او لدلالة بعض الاخبار عليه كرواية عبّاس ابن موسى عن ابيه قال سألته عن الابريسم و القزّ قال هما سواء و رواية عبيد بن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بلباس اذا كان سداه او لحمته مع قطن او كتان و ربما يشعر أيضا بذلك صحيحة احمد بن محمد بن ابى نصر قال سئل الحسين بن قياما ابا الحسن عليه السلام عن الثوب الملحم بالقزّ و القطن القز اكثر من النصف ا يصلّى فيه قال لا باس و قد كان لابى الحسن عليه السلام منه جباب و على هذا فالتجويز ليس الا باعتبار ما ذكرنا من عدم الباس بالابريسم المحشوّ و حمله الصدوق على قزّ الماعز دون قزّ الابريسم و نقل الشيخ عنه في التهذيب ساكتا عليه و منه يظهر ان مذهبهما أيضا المنع من الابريسم المحشوّ كما نقلنا عن المحقق فتأمل

قوله امّا الافتراش له فلا يعدّ لبسا

فلا منع عنه و يدل أيضا على جوازه ما في صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه عليه السلام و سألته عن فراش حرير و مثله من الديباج و مصلّى حرير و مثله من الديباج يصلح للرّجل النوم عليه و التّكاءة و الصّلاة قال يفرشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه

قوله كالتّدثر به

و كذا الالتحاف و في المدارك الحق التوسد و الالتحاف بالفراش و قال امّا التّدثر فالاظهر تحريمه لصدق اسم اللّبس عليه و المحقق الاردبيلى رحمه الله احتمل التحريم في التدثّر و الالتحاف كليهما لصدق اللبس على لبس اللحاف و نحوه و لا يخفى انه على تقدير شمول اللّبس له يمكن ان يقال ان المتبادر من اللبس الوارد في الروايات هو الفرد الشائع منه و هو لبس الثياب على الوجه المعروف فالحكم بتحريم جميع افراده لا يخلو عن اشكال خصوصا في الالتحاف لكن لا ريب ان الاحوط الاجتناب عن كليهما فتأمل و مما يجب التعرض له هاهنا حكم الذهب و قد اهمل هاهنا و في كثير من كتبهم و ممّن ذكره المصنف رحمه الله فانه في الالفية جعل من شرائط السّاتر ان لا يكون ذهبا لهما اى للرّجل و الخنثى و زاد الشارح في شرحه اشتراط ذلك في الملبوس مطلقا و قال و لا فرق في ذلك بين الخالص و المموه به و نقلّ نعم لو تقادم عهده حتى اندرس و زال مسمّاه جاز لبسه كما ذكره المصنف في الذكرى و قال في الدروس و لا يجوز في الذّهب للرّجل و لو خاتما على الاقرب و لو مموّها به و قول ابى الصّلاح بكراهة الذهب ضعيف و الخنثى كالرّجل و قال في الذكرى يجوز الصّلاة في كلّ ما يستر العورة عدا امور و جعل رابعها الذّهب قال و الصّلاة فيه حرام على الرّجال فان موّه به ثوبا فصلّى فيه بطلت بل لو لبس خاتما منه فصلّى فيه بطلت صلاته قال الفاضل لقوله عليه السلام جعل اللّه الذّهب جعلته لاهل الجنّة فحرّم على الرّجال لبسه و الصّلاة فيه رواه موسى بن اكيل النّميرى عنه و فعل المنهى عنه مفسد للعبادة و قوّى في المعتبر عدم الابطال بلبس خاتم من ذهب الجارية مجرى لبس خاتم مغصوب و النهى ليس عن فعل من افعال الصّلاة و لا عن شرط من شروطها فرع لو موّه الخاتم بذهب فالظاهر تحريمه لصدق اسم الذّهب عليه نعم لو تقادم عهده حتى اندرس و زال مسمّاه جاز و مثله الاعلام على الثياب من الذهب و المموه به في المنع من لبسه و الصّلاة فيه و قال ابو الصّلاح و تكره الصّلاة في الثوب المصبوغ و اكده كراهية الاسود ثمّ الاحمر المشبع و المذهب و الموشح و الملحم بالحرير و الذهب انتهى و كذا العلامة رحمه الله فانه في التذكرة نقل رواية العامة عن رسول اللّه ص حرّم لباس الحرير و الذهب على ذكور امّتى و احلّ لإناثهم ثمّ ذكر في فروعه ان الثوب المموّه بالذهب لا تجوز الصّلاة فيه للرّجال و كذا الخاتم المموّه به النهى عن لبسه و انه لا فرق في التحريم بين كونه ساترا للعورة اوّلا لان الصّلاة فيه محرّمة على التقدير الثانى و فاقد الشّرط على الاول و انه لو كان في يده خاتم من ذهب او مموّه به بطلت صلاته للنهى عن الكون فيه و لقول الصادق عليه السلام جعل اللّه الذهب حلية اهل الجنّة فحرم على الرّجال لبسه و الصّلاة فيه و قال في المنتهى مسئلة و في بطلان الصّلاة لمن لبس خاتم ذهب تردّد اقربه البطلان خلافا لبعض الجمهور لنا ان الصّلاة فيه استعمال له و هو محرّم و قد عرفت ان النهى في العبادات يدلّ على الفساد ثمّ ايّده برواية موسى بن اكيل ثمّ ذكر له فروعا الاوّل حكم المنطقة حكم الخاتم في البطلان على التردّد الثانى الثوب المنسوج بالذهب و المموّه به تحرم الصّلاة فيه مطلقا على التردّد في غير السّاتر الثالث يجوز افتراش الثوب المنسوج بالذهب او المموه به تردّد و اقربه الجواز و قال في التحرير يبطل الصّلاة في خاتم ذهب على اشكال و كذا المنطقة و ثوب المنسوج بالذهب و المموّه به للرجال خاصّة و هل يجوز افتراشه فيه اشكال اقربه التحريم و كذا المحقق رحمه الله فانه قال في المعتبر لو صلّى و في يده خاتم من ذهب ففى فساد الصّلاة تردد اقربه انه لا يبطل لما قلناه في الخاتم المغصوب و منشأ التردد رواية موسى بن اكيل النّميرى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال جعل اللّه الذهب حلية اهل الجنّة فحرم على الرجال لبسه و الصّلاة فيه هذا ما اوردنا نقله من كلام الاصحاب و امّا الروايات التى وقفنا عليها في هذا الباب فهي رواية موسى بن اكيل التى اشاروا اليها و هى ضعيفة بالارسال و جهالة بعض رواية و هو ابو حسن بن على فان الظاهر انه ابن فضال و لم يذكروا حاله و منها هكذا عن ابى عبد اللّه عليه السلام في

الحديد انه حلية اهل النّار و الذهب حلية اهل الجنّة و جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرّجال لبسه و الصّلاة فيه و جعل اللّه الحديد في الدّنيا زينة الجنّ و الشياطين فحرّم على الرجل ان يلبسه في الصّلاة الّا ان يكون قتال عدوّ فلا باس به الحديث و موثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلى و عليه خاتم حديد قال لا و لا يتختم به الرّجل فانه من لباس اهل النار و قال لا يلبس الرجل الذهب و لا يصلّى فيه انه من لباس اهل الجنة و ما رواه في الفقيه عن ابى الجارود و هو زيدىّ مذموم مع جهالة طريقه اليه عن ابى جعفر عليه السلام قال انّ النّبى صلّى اللّه عليه و آله قال لعلّى عليه السّلام انى احبّ لك ما احبّ لنفسى و اكره لك ما اكره لنفسى و لا تختّم بخاتم ذهب فانه زينتك في الآخرة و لا تلبس العن من فانه من اردية ابليس و لا تركب ميسرة حمراء فانها من مراكب ابليس و لا تلبس الحرير فيحرق اللّه جلدك يوم تلقاه و موثقة

ص: 197

روح بن عبد الرّحيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لامير المؤمنين صلوات اللّه عليه لا تختم بالذهب فانه زينتك في الآخرة و رواية جرّاح المدائني عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا تجعل في يدك خاتما من ذهب و لا يذهب عليك ان هذه الاخبار لعدم صحتها و اشتمال اكثرها على النهيّ عما ليس بمحرّم عند الاكثر او الجميع لا تنهض حجة لاثبات التحريم فالتعويل فيه على الاجماع ما ثبت فيه الاجماع على تحريم لبسه فبذاك و ما لم يثبت فيه فالحكم بالتحريم بمجرّد هذه الروايات لا يخلو عن اشكال و الاصل و عمومات اطلاق كل شي ء و خصوص الزّينة يقتضى جوازه و امّا بطلان الصّلاة فيه فبنائه اما على ورود النهى عن الصّلاة فيه و ان النهى عن العبادة يوجب الفساد و لا يخفى ان النهى عن الصّلاة فيه ليس الا في الروايتين الاوليين و قد عرفت ان جميع الروايات المذكورة لا تنهض حجة في اثبات حكم مخالف للاصل فكيف باثنتين منها مع اشتمالهما على النهى عن الصّلاة في الحديد أيضا و المشهور جوازها فلا بد من حمله على الكراهة و بعد حمله عليها يضعف دلالة النهى الآخر أيضا على الحرمة لكن بعد التمسّك في البطلان بهذا لا فرق في الثوب بين ما وقع الستر به و غيره بل يمكن تعميم الحكم فيما اذا استحبّ شيئا من الذهب و ان لم يكن لباسا بناء على ما اشرنا اليه في حديث ابن بكير الوارد في غير الماكول من صدق الصّلاة فيه مع مطلق الاستصحاب و ان لم يكن لباسا و امّا على وقوع الاجماع على حرمة لبسه فيكون منهيّا عنه و هو يوجب الفساد كما ذكر و قد ظهر بما نقلنا عن ابى الصّلاح ان الاجماع في المذهب غير ظاهر و كذا في الملحم فلو كان اجماع فانما هو في الثوب الذى يكون سداه و لحمته كلاهما من الذهب و بعد تخصيص الكلام به فكون النهى موجبا للفساد لو سلم فانما يسلّم فيما لو وقع الستر به فيكون النّهى عن لبسه نهيا في العبادة و اما اذا وقع الستر بغيره فالنهي لا يرجع الى العبادة فلا يوجب فسادها و من هذا يظهر ان كلام المحقق رحمه الله هاهنا اقرب الى التحقيق ممّا نقلناه عن غيره و اما غير اللباس مما يستصحبه فلا مجال لاحتمال البطلان فيه حينئذ اصلا فتدبّر ثمّ على تقدير العمل بالرّوايتين فهل الظاهر شمول الحكم للمذهب ام لا الظاهر شموله لصدق اسم الذهب عليه عرفا و كان ما نقلنا عن الذكرى مبنىّ عليه و يمكن منع صدق الذهب عليه حقيقة بل انما فيه ماء الذهب و ربما يؤيد ذلك رواية الفضيل بن يسار قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن السّرير فيه الذهب ا يصلح امساكه في البيت فقال ان كان ذهبا فلا و ان كان ماء الذهب فلا باس هذا و عليك بالاحتياط في كل ما احتمل الحرمة او البطلان و اللّه الموفق و المستعان ثمّ حكم الخنثى هاهنا على قياس ما ذكر في الحرير من احتمال المنع للاحتياط و عدمه لأصالة البراءة و امّا الصّبى فلم يتعرّضوا هاهنا لما ذكروه في الحرير من احتمال ان يحرم على الولى تمكينه منه و لعله لعدم ما يدل عليه هاهنا بل ورد على خلافه صحيحة داود بن سرحان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الذهب يحلّى به الصّبيان فقال ان كان ابى ليحلّى ولده و نساءه بالذهب و الفضة فلا باس و صحيحة ابى الصّباح قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الذهب يحلى به الصبيان قال كان علىّ بن الحسين عليهما السّلام يحلّى ولده و نساءه بالذّهب و الفضّة و هذا ربما يؤيد ما اخترناه هناك من عدم حرمة التمكين و لا اشكال هاهنا في صلاته أيضا لاختصاص الروايتين الواردتين بالمنع بالرّجل فلا يشمل الصّبى فتأمل و امّا افتراش الثوب المنسوج بالذهب او المموّه به فلم اقف على دليل يقتضى تحريمه و الاصل و العمومات يقتضى جوازه و اللّه تعالى يعلم فرع قالوا انه لا باس بتحلية السّيف بالذهب و دليله مع الاصل و العمومات حسنة عبد الله بن سنان بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال ليس بتحلية السّيف باس بالذّهب و الفضّة و رواية داود بن سرحان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ليس بتحلية المصاحف و السّيوف بالذهب و الفضة باس و هل يجوز الصّلاة في السّيف المحلّى به يحتمل عدمه عملا بعموم الروايتين و عدم دلالة ما يدلّ على استثناء السيف على جواز الصلاة

فيه فيمكن ان يكون عدم البأس فيه عن لبسه فقط لا عن الصّلاة فيه ايضا فيبقى المنع عن الصّلاة على عمومه و الاظهر الجواز لضعف الرّوايتين فيشكل التمسّك بهما خصوصا في السّيف الذى يجوز لبسه و فتواهم هنا بالمنع غير ظاهر فضلا عن الاجماع فالاصل و العمومات يقتضى جوازه و اللّه تعالى يعلم

قوله عن الأمة المحضة

سقوط ستر الراس عن الامة و الصبية عليه اجماع علماء الاسلام عد الحسن البصرى فانه اوجب لها الخمار اذا تزوّجت او اتخذها لنفسه كذا في المعتبر و يدل عليه أيضا في الامة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى الحسن عليه السلام قال ليس على الاماء ان يتقنعن في الصّلاة و لا ينبغى للمرأة ان تصلّى الّا في ثوبين و صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام و في آخرها قلت رحمك اللّه الأمة تغطى رأسها اذا صلّت فقال ليس على الامة قناع و لا يخفى ان المتبادر من نفى وجوب القناع هو ما ذكره الشارح من سقوط ستر الرقبة أيضا مع ما في سترها بدون ستر الراس عن العسر و احتمل في شرح الارشاد وجوب سترها اقتصارا على المتيقن

قوله و ان كانت مدبرة او مكاتبة

لشمول الامة للجميع و يدل على خصوص الاوليين أيضا ما رواه في الفقيه عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال ليس على الامة قناع في الصلاة و لا على المدبرة قناع في الصّلاة و لا على المكاتبة اذا اشترط عليها مولاها قناع من الصّلاة و هى مملوكة حتى تؤدى جميع مكاتبتها و يجرى عليها ما يجرى على الملوك في الحدود كلها قال و سألته عن الامة اذا ولدت عليها الخمار قال لو كان عليها اذا هى حاضت و ليس عليها التقنّع في الصّلاة و احتمل في المدارك الحاق امّ الولد مع حياته بالحرة لصحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له الامة تغطى رأسها فقال لا و لا على امّ الولد ان تغطى رأسها اذا لم يكن لها ولد فانه يدلّ بمفهومه على وجوب تغطية الراس مع الولد و مفهوم الشرط حجة كما حقق في محلّه و يمكن حمله على الاستحباب الا انه يتوقف على وجود المعارض انتهى و لا يخفى ان الشرط لا بدّ له من فائدة و كفى لفائدته هنا الاستحباب او تاكده مع الولد و يكفى للحمل عليه اصالة البراءة مع العمومات الواردة في الامة و خصوص رواية محمد بن مسلم المتقدمة فيما اذا ولدت الامة فان حمل هذا المفهوم على الاستحباب ليس بابعد من تخصيص الروايات العامة بغيرها و كذا تخصيص رواية محمد بن مسلم بولادتها من غير المولى او بما اذا مات ولدها عنه بل ربما يكون ذلك اقرب هذا مع عدم ظهور قائل بهذا الاحتمال و لا محتمل له غيره فتدبّر

قوله و لو انعتق منها شي ء فكالحرة

تغليبا لجانب الحريّة كذا في الذكرى و شرح الارشاد و الاولى ان يعلل بعدم صدق الامة عليها فيبقى فيها الروايات المطلقة في وجوب ستر الراس على المرأة سالمة عن المعارض و أيضا يشعر بذلك رواية محمد بن مسلم المتقدمة للتخصيص بالمشروط ثمّ فيما سقط فيه الوجوب هل يستحب لها ذلك قال في المعتبر قال به عطا و لم يستحبه الباقون لما رووا انّ عمر كان ينهى الاماء عن التقنّع و قال انما القناع للحرائر و ضرب امة لآل انس رآها بمقنعة و قال اكشف و لا تشبّهى بالحرائر و ما قاله عطا حسن لان السّتر نسب بالخضر و الحياء و هو مراد من الحرة و الامة و ما

ص: 198

ذكروه من فعل عمر جاز ان يكون رأيا راه انتهى و الاستحباب بما ذكره لا يخلو عن اشكال و في المدارك جعل الاظهر العدم لعدم ثبوت ما يقتضيه و لما رواه احمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب المحاسن باسناده الى حمّاد اللحام قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن المملوكة تقنع رأسها اذا صلّت قال لا قد كان ابى اذا رأى الخادم تصلّى مقنعة ضربها لتعرف الحرّة من الامة و لا يخفى ان المستفاد من الرواية وجوب عدم القناع او تاكد استحبابه و كانه لا يقول به احد فالرواية مع ضعفها بجهالة حماد اللّحام و ان صح باقى السّند يشبه ان تكون محمولة على التقية لما رووه عن عمر و الشارح رحمه الله في شرح الارشاد نقل هذه الرّواية عن البزنطى عن الصّادق عليه السلام ثمّ قال و هو يدلّ على عدم استحباب التقنّع لها أيضا و ليس عندنا كتاب البزنطى لكن روايته عن الصّادق عليه السلام بغير واسطة غير معهودة فكانه سقط الواسطة امّا سهوا او اقتصارا مخلّا و في الذكرى نقلها عن البزنطى باسناده الى حماد اللّحام عن الصّادق عليه السلام و في علل الشرائع رواها بسند صحيح اصحّ من سند المحاسن عن البزنطى عن حماد بن عثمان عن حماد اللحام فيظهر منهما وجود حمّاد اللحام و في رواية البزنطى أيضا و مع وجوده فحال السّند ما اشرنا اليه من ضعفه بجهالته و في العلل برواية اخرى أيضا بهذا المضمون فانه روى بسند صحيح عن حمّاد الخادم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الخادم تقنّع رأسها في الصّلاة قال اضربوها حتى تعرف الحرة من المملوكة و حمّاد الخادم غير مذكور في كتب الرّجال و لا يبعد ان يكون هو اللّحام او يكون سهوا بدلا منه و كيفما كان فالكلام فيه كما في الرواية الاولى و ذكر في الذكرى انه روى اسماعيل بن على الميثمى في كتابه عن ابى خالد القماط قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن الامة تقنّع فقال ان شاءت فعلت سمعت ابى يقول كن يضربن فقال لا تشبّهن بالحرائر و هذه الرواية تشهد بما ذكرنا من حمل رواية اللحّام على التقية و ظاهرة في عدم استحباب التقنّع أيضا فتدبّر

قوله و الصّبية التى لم تبلغ

قد سبق فقل الاجماع على ذلك و لم اقف و الروايات على ما يدلّ عليه بخصوصه نعم في موثقة عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بالمرأة المسلمة الحرّة ان تصلّى و هى مكشوفة الراس فيمكن حملها على الصّبية و ان كان الظاهر من المسلمة البالغة و يمكن أيضا حملها على حالة الاضطرار و عدم القدرة على القناع و مثله القول في رواية اخرى عن عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس ان تصلّى المرأة المسلمة و ليس على رأسها قناع و يمكن أيضا حمل هذه على الامة او على ما اذا ستر رأسها بغير القناع كان يكون عليها ثوب يسترها من رأسها الى قدميها هذا و بظاهرهما عمل ابن الجنيد حيث قال و لا باس ان تصلّى المرأة الحرة و غيرها و هى مكشوفة الراس بحيث لا يراها غير ذى محرم لها و قد نقلنا أيضا عنه في اوّل بحث السّتر ان الذى يجب ستره في الصّلاة في المرأة أيضا ليس الا القبل و الدبر و على هذا يمكن الجمع بين الاخبار بحمل ما دلّ على ستر الراس على الاستحباب لكنهما لعدم صحّتهما لا تنهض لمعارضة الاخبار الصحيحة التى اشتهر العمل لها بين الاصحاب حتى يرتكب التاويل فيها لاجلهما فتدبّر و امّا التعليل بعدم التكليف عليها كما قيل فهو محل تامّل اذا الصّلاة لها شرائط يستوى فيها البالغ و غيره مع عدم التكليف عليه فيمكن ان يكون ستر المرأة رأسها فيها من هذا القبيل نعم يمكن ان يقال ان الرّوايات العامة لا ظهور لشمولها للصبية فانها وردت في المرأة و هى تانيث المرء و هو الرّجل على ما سبق من الشارح اوّل البحث او يحتمله على ما نقلنا هناك عن القاموس محلى تقدير ان يكون بمعنى الرجل اختص المرأة ايضا بالبالغة فلا تشمل الصّبية فافهم

قوله فيما يستر ظهر القدم

اى كله كما يظهر من تمثيلهم بالنّعل السّندى و الشمشك و صرّح به في المدارك فلا يرد ان استحباب الصّلاة في النعل العربى يخالف ما ذكروه لانّ له سيورا ربّما تكثر و تستر كثيرا من ظهر القدم فافهم

قوله و مستند المنع ضعيف جدّا

نقل في الذكرى عن المعتبر ان المستند فعل النّبى ص و عمل الصّحابة و التّابعين و الائمة الصّالحين و المعتمد ضعيف فانه شهادة على النفى غير المحصور و من الذى احاط علما بانهم كانوا لا يصلّون فيما هو كذلك و قال في شرح الارشاد و استندوا في ذلك الى فعل النّبى ص و عمل الصحابة و التابعين و الائمة الصّالحين فانّهم لم يصلّوا في هذا النوع و لا نقله عنهم ناقل و لو وقع لنقل مع عموم البلوى به و لا يخفى عليك ضعف هذا المستند فانه شهادة على النفى غير المحصور فلا تسمع و من الذى احاط علما بانهم كانوا لا يصلّون فيما هو كذلك و لو سلّم ذلك لم يكن دليلا على عدم الجواز لا مكان كونه غير معتاد لهم بل الظاهر هو ذلك فانه ليس لباس العرب و لو علم انهم كانوا يلبسونه ثمّ ينزعونه في وقت الصّلاة لم يكن أيضا دليلا على تحريم الصلاة فيه لان نزعهم له اعمّ من كونه على وجه التحريم و الاستحباب و لان ذلك لو تم لزم تحريم الصّلاة في كل شي ء لم يصلّ فيه النّبى و الائمة عليهم السّلام انتهى و لا يخفى انه بعد ما تمسّك بانه لو وقع لنقل مع عموم البلوى لم يتوجّه عليه ما ذكره قبل و لو سلّم و انما يتجه ذلك لو اكتفى بما قرره في الذكرى كما فعله المصنف بل الظاهر في الجواب على ما قرره منع عموم البلوى في مثله قال بعد تقنين الاحكام الكلية فيما يجوز الصّلاة فيه و ما لا تجوز لا جدوى في نقل وقوع الصّلاة في كل فرد فرد مما تجوز الصّلاة فيه و لو سلم فوجوب النقل فيما يعم به البلوى انما هو اذا وقع في مشهد جمع عظيم شهدت العادة بنقل بعضهم له بتّة و هكذا الى ان يصل الينا و امّا اذا لم يكن كذلك فلا يجب نقله او وصوله الينا ثمّ قوله و لو علم انهم كانوا الى آخره أيضا لا يلائم تقريره الأول فانه لا يمكن حمله عليه نعم تقرير المعتبر و الذكرى يمكن حمله عليه فكان مراده ايراد تقرير آخر لمستندهم و الجواب عنه و لك تقريره حينئذ بما يندفع عنه جوابه بان يقال انه علم من امتناعهم عن الصّلاة فيه رأسا و اجتنابهم عنه بالكلية و كمال محافظتهم على نزعه عند الصّلاة و عدم تسامحهم فيه اصلا حرمة الصّلاة فيه اذ لا يتفق ذلك في المكروهات بل تشهد العادة بوقوع المسامحة فيها و لو نادرا لكن الكلام حينئذ في اثبات ذلك و انّى لهم ذلك و قوله و لان ذلك لا اتجاه له في مقابلة تقريره الاخير كما لا يخفى فكانه ليس عطفا على قوله لان نزعهم بل هو عطف على قوله فانه شهادة على النفى و جواب آخر على التقرير الاول فلو قدّمه على قوله و لو علم الى آخره لكان اولى فتأمل

قوله و القول بالجواز قوىّ متين

و هو مختار اكثر المتاخرين و نسب الى الشيخ في المبسوط و ابن حمزة و كلام الشيخ في المبسوط لا يخلو عن تشويش فانه قال و يكره الصّلاة في الشمشك و النعل السّندى و يستحب في النعل العربى و تجوز الصّلاة في الخفّين و الجرموقين اذا كان لهما ساق فان ظاهر الكراهة هو معناه المصطلح و ظاهر آخر كلامه عدم الجواز بدون السّاق فلا بد من تاويل في احدهما و لعله في الأخير اظهر و ان كان في الاوّل اوفق الظاهر النهاية فانه قال فيها و لا يصلّى الرجل في الشمشك و لا النعل السّندى و يستحبّ الصّلاة في النعل العربى و لا باس بالصّلاة في الخفّين و الجرموقين اذا كان لهما ساق و امّا ابن حمزة فقد صرح في الوسيلة

ص: 199

بكراهة الصّلاة في الشمشك و النعل السّندية و بعدم كراهتها في الخفّين و الجرموقين اذا كان لهما ساق فلا تشويش في كلامه اكن قال و روى انّ الصلاة محظورة في النعل السّندية و الشمشك و ليس حديث الرواية فيما رايناه من كلام غيره و على ما ذكره فالظاهر انّ منشأ القول المشهور كان هو الرّواية و لم تصل الى المتاخرين لكن وصول رواية اليه لم تصل الى الشيخ بعيد و مع وصولها اليه عدم تعرضه لها في التهذيب في شرح ما نقله عن المفيد انه لا يجوز ان يصلّى في النعل السندى حتى ينزعها و لا تجوز الصّلاة في الشمشك و الاعراض عن الدليل عليه بالكلية و اشتغاله بنقل ما ورد من الصّلاة في النعلين لا يخلو أيضا عن غرابة هذا و لا يخفى ان الحكم بالكراهة أيضا لا يخلو عن اشكال لعدم مستند له أيضا الا ان في تركه احترازا عن مخالفة أجلّاء الاصحاب و الرواية أيضا على ما ادّعاه ابن حمزة فيكون اولى فيمكن القول هاهنا بالكراهة بهذا المعنى فتأمل

[مستحبات الستر و مكروهاته]

قوله و يستحبّ الصّلاة في النّعل العربيّة للتّأسي

لصحيحة معاوية بن عمار قال رايت ابا عبد اللّه عليه السّلام يصلّى في نعليه غير مرّة و لم اره ينزعهما قط و صحيحة علىّ بن مهزيار قال رايت ابا جعفر عليه السلام صلّى حين زالت الشّمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام و عليه نعلاه لم ينزعهما و رواية محمد بن اسماعيل قال رايته يصلّى في نعليهما لم يجعلهما و احسبه قال ركعتى الطواف و لا يخفى ان التمسّك للاستحباب هاهنا بالتّاسى لا يخلو عن اشكال اذ ربما كان عدم نزعهما عنه عليه السلام لعدم رجحان النزع لا لرجحان الصّلاة فيه و لو سلّم فغاية ما يلزم منه رجحان عدم نزعه اذا كان المصلّى لابسا له و اراد الصّلاة و اما رجحان لبسه و الصّلاة فيه كما هو مقتضى حكمهم باستحباب الصّلاة فيها فلا فالظاهر الاستدلال لهم بصحيحة عبد اللّه بن المغيرة قال اذا صلّيت فصّل في نعليك اذا كانت طاهرة فان ذلك من السّنة قال في المنتهى و عبد اللّه ثقة فاخباره بانه من السّنة يدل على الثبوت و موثقة التهذيب بابان عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا صلّيت فصلّ في نعليك اذا كانت طاهرة فانه يقال ذلك من السنّة و رواية في الكافي باب النوادر عن بعض الطالبين يلقّب براس المدري قال سمعت الرضا عليه السلام يقول افضل موضع القدمين للصّلاة النعلان بقي ان قوله عليه السلام في الرّواية الثانية فانه يقال لا يخلو عن اشعار بتردد فيه و هم عليه السلام منزهون عن شوائب التردد في الاحكام او بانّ الامر على خلاف ما يقال و حينئذ ينعكس الاستدلال و يعلم ان الحكم الأوّل ليس بحق فيكون بضرب من التقية فنقول لا يمكن حمل الكلام هاهنا على ذلك فان استحباب الصّلاة في النعل العربى مذهب علمائنا كما نقله في المنتهى لا المخالفين فلا يمكن حمل الكلام على انه يقوله المخالفون بل لا بدّ من حمله على انه بقوله الائمة و اهل الحق لكن اجزاء هذه السّياق يمكن ان يكون لضرب من التقية حيث لم يسند الحكم الى نفسه كما هو داب الأئمة عليهم السلام بل ذكر انه هكذا يقال تبعيدا لنفسه عن مرتبة الامامة للتقية او لانه لما لم يكن مذهب المخالفين و كان مذهب الاماميّة فلم يسند الحكم به الى نفسه بل ذكر انه يقال ذلك لضرب من التقية و يمكن ان يكون المعنى فانه يقال ذلك اى ما قلته ماخوذا عن السّنة لا عن الرأي فيجب اتباعه و لا عبرة بانكار من انكره برأيه و تعبير الشخص عن كلام نفسه بهذا الوجه في مقام مدحه و ترويجه كانه اسلوب في الكلام شائع و لا يجب حينئذ ان يكون القائل غيره و يمكن أيضا ان يكون الراوى سمع ذلك اى استحباب الصّلاة في النّعل من بعض الاصحاب كما نقل في الرواية الأولى عن عبد اللّه بن المغيرة و كان متردّدا فيه فاشار عليه السلام بانه يقال ذلك اى يقوله من يقوله ماخوذا عن السّنة لا عن رايهم فاعمل بقولهم و ذكر المحقق البهائى رحمه الله في دفع الاشكال انّه لعلّ الغرض من قوله عليه السلام يقال انى انا اقول ذلك و لا يخفى ان حمل يقال على هذا الوجه من دون التعرض لنكتة توجب ذلك او تصحّحه لا يدفع الاشكال ثمّ قال و هاهنا وجه آخر و هو انّ عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه لما كان من أجلّاء الثقات المعروفين بكثرة الرواية عن الصّادق عليه السّلام كان مظنّة ان يقتدى به اصحابه من الامامية رضوان اللّه عليهم في اعماله تنزيلا لما يفعله منزلة ما يرويه فيمكن ان يكون غرضه عليه السلام انّك اذا صلّيت في نعليك و رآك الناس تصلّى فيهما قالوا ان ذلك من السّنة و سلكوا على منوالك من الصّلاة في نعالهم انتهى و لا يخلو عن بعد و هذه الرواية في الفقيه أيضا و فيه فان ذلك من السّنة و لا غبار عليه اصلا هذا ثمّ التقييد في الروايتين الاوليين بما اذا كانت طاهرة يمكن ان يكون باعتبار عدم استحباب الصّلاة فيهما اذا كانت نجسة اى متنجّسة لا لعدم صحة الصّلاة فيهما اذا كانت نجسة فلا يشكل بانهما مما لا يتم و لا يشترط فيه الطهارة فتأمّل ثمّ ظاهر ما نقلنا من الروايات اطلاق استحباب الصّلاة في النعل و ان لم يكن عربيّا و كون المتعارف عندهم هو النعل العربى كانه لا يوجب تخصيص الحكم به نعم الروايات المشتملة على فعل الائمة عليهم السّلام كانّها لا تنهض حجة في غيل العربى بناء على انّ نعالهم عليه السلام كانت عربيّة فيمكن اختصاص الحكم بها و

امّا تلك الروايات فظاهرها الاطلاق الا ان يثبت عدم جواز الصّلاة في بعض اقسامها كالسّاتر غير ذى السّاق فيجب حينئذ التخصيص بغيره و قد ظهر لك عدم ثبوته فتدبّره

قوله و ترك السّواد عدا العمامة الى آخره

استدلّوا عليه بصحيحة التهذيب و الكافى عن احمد بن محمّد رفعه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال يكره السّود الا في ثلاثة الخفّ و العمامة و الكساء و في الكافي أيضا عن احمد بن ابى عبد اللّه عن بعض اصحابه رفعه قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يكره السّواد الّا في ثلاثة الخف و العمامة و الكساء و قال في الفقيه و قال امير المؤمنين عليه السلام في ما علّم اصحابه لا تلبسوا السّواد فانّه لباس فرعون و كان رسول اللّه عليه السلام يكره السّواد الّا في ثلاثة الخف و العمامة و الكساء و في الفقيه أيضا بعد ما ذكر هذا الرواية اخرى فيها انّ القباء الأسود زىّ ولد العبّاس روى عن اسماعيل بن مسلم عن الصّادق عليه السلام انه قال اوحى اللّه عزّ و جلّ الى نبىّ من انبيائه قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس اعدائى و لا تطعموا مطاعم اعدائى و لا تسلكوا مسالك اعدائى فتكونوا اعدائى كما هم اعدائى و لا يخفى دلالته على كراهة لبس السّواد و قد ورد في خصوص الممطر رواية في و الفقيه عن حذيفة بن منصور قال كنت عند ابى عبد اللّه عليه السلام بالحيرة فاتاه رسول ابى العبّاس الخليفة يدعوه فدعا بمطر احد وجهيه اسود و الآخر ابيض فلبسه ثمّ قال عليه السلام اما او البسه و انا اعلم انه لباس اهل النّار و قد ورد أيضا النّهى عن النعل السّوداء في الروايات لكن هذه الاخبار مطلقة في كراهة اللبس و ليس فيها حديث الصّلاة و انما يدل على خصوص كراهة الصّلاة ما في الكافي انه روى لا فصّل في ثوب اسود فامّا الخفّ او الكساء او العمامة فلا باس و يدل أيضا على كراهة الصّلاة في خصوص القلنسوة السّوداء رواية محسن بن احمد عمّن ذكره عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له اصلى في القلنسوة السّوداء قال لا تصلّ فيها فانها لباس اهل النّار و هذه الاخبار و ان ضعف اسنادها تصلح حجة في مقام الكراهة خصوصا مع جبر ضعفها بالشهرة بين الاصحاب

قوله فلا تكره الصّلاة فيها

اشارة الى ان استثناء الثلاثة باعتبار عدم كراهة الصّلاة في السّود منها لا استحبابها اذ المستفاد

ص: 200

من الاخبار ليس الّا ذلك و امّا ما في رواية داود الرّقى عن ابى عبد اللّه عليه السلام من اتخاذ الخفّ الاحمر في السّفر لانه ابقى على الطّين و المطر و أجمل له و امّا في الحضر فلا تعدلنّ بالسّواد شيئا و في رواية زياد بن المنذر عن ابى جعفر عليه السلام ان الخفّ الاسود من لباس بنى هاشم و سنّة فلا يدل على استحباب الصّلاة في الخف الاسود و الكلام فيها لا في مطلق اللّبس على انه لو سلّم استحبابها فيه فلا يقدح فيما ذكره الشارح اذ يكفى له عدم ظهور استحبابها في السّود في باقى الثلاثة فتدبّر

قوله و ان كان البياض افضل مطلقا

يدل عليه موثقة ابن القداح عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البسوا البياض فانّه اطيب و اطهر و كفّنوا فيه موتاكم و مثله رواية مثنّى الحنّاط عنه عليه السلام و في رواية العامة عن النّبى ص انه قال البسوا من ثيابكم البياض فانها من خير ثيابكم و استدلّ به في المعتبر و تبعه في الذكرى على كراهة السّود فانّ م امره عليه السلام بهذا اللّون يدل على اختصاصه بالمصطلحة الراجحة فيكون ما يضادّه غير مشارك له في المصلحة و اشدّ الألوان مضادّة للبياض السّواد و فيه انه على تقدير تمامه لا يدل الا على عدم حصول الفضل في السّواد لا على كراهته بالمعنى المصطلح فتأمل فرع

قوله قال في المعتبر و يكره للرّجال المزعفر و المعصفر و استدل له من طريق الاصحاب برواية عبد اللّه بن المغيرة عمّن حدثه عن يزيد بن خليفة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انه كره الصّلاة في المشبع بالعصفر و المضرّج بالزعفران و لا يخفى انه مطلق في الرّجال و النساء نعم ما استدل به من طرق العامة مخصوص بالرّجل قال و يكره في الاحمر لرواية حماد بن عثمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال يكره الصّلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم و المفدم بسكون الفاء المصبوغ بالحمرة انتهى و ما ذكره من تخصيص المفدم بالمصبوغ بالحمرة هو المشهور بين اهل اللغة لكن ظاهر كلام الشيخ انه المشبع من كل لون قال في المبسوط يكره لبس الثياب المفدمة بلون من الالوان و تبعه عليه جماعة من الاصحاب كأبى الصّلاح و ابن ادريس و نقل ذلك عن ابن الجنيد أيضا و يدلّ على استعمال المفدم في غير الاحمر أيضا ما في النهاية الايثرية من حديث علىّ عليه السّلام نهانى رسول اللّه ص عن لبس ثياب الشهرة و لا اقول نهاكم عن لباس المعصفر المفدم لكن على تقدير كونه بالمعنى الاعم أيضا حقيقة اثبات الكراهة في المعنى العام لا يخلو عن اشكال لاحتمال الرواية للمعنى الاخص و اصالة عدمها في غيره و روى مالك بن العين قال دخلت على ابى جعفر عليه السلام و عليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة فتبسّمت حين دخلت فقال كانّى اعلم لم ضحكت من هذا الثوب الذى هو علىّ ان الثقفيّة اكرهتنى عليه و انا أحبّها فاكرهتنى على لبسها ثمّ قال انّا لا نصلّى في هذا و لا تصلّوا في المشبع المضرّج الحديث و المضرّج أيضا على ما في القاموس هو المصبوغ باخرة و ظاهر الخبر السابق عدم اختصاصه بها لكن على تقدير ان يكون في الاعم أيضا حقيقة اثبات الكراهة فيه مشكل لاحتمال الخبر للأخصّ كما ذكرنا في المفدم فافهم و قال الشارح في شرح الارشاد و اعلم ان حديث السّواد دلّ باطلاقه على كراهة البسه في الصّلاة و غيرها و حديث حمّاد دل على كراهة الصّلاة و كذا رواية يزيد بن خليفة و مفهومهما عدم كراهة لبسه في غيرها و طريق الجمع تأكّدا الكراهة في حال الصّلاة فان العمل بالمفهوم ضعيف و يمكن حمل المطلق على المقيّد و حمل المحقق حديث حمّاد على المصبوغ المشبع بالحمرة اخذا من ظاهر كلام الجوهرى في تفسير المفدم انه المصبوغ بالحمرة مشبعا و لا منافاة حينئذ بين كراهة الاسود مط و غيره في حال الصّلاة و لا يخفى ما فيه فانه على تقدير حمل المفدم على المشبع مطلقا أيضا لا منافاة بين حديث حماد و حديث السّواد حتى يحتاج الى الجمع اذ مفهوم حديث حمّاد حينئذ ليس الا عدم الكراهة في مطلق المفدم في غير الصلاة لا في شي ء من افراده حتى ينافى كراهة لبس السّواد مطلقا فتأمل

قوله و ترك الثوب الرّقيق

المشهور كراهة الصّلاة في الثوب الواحد الرقيق و المصنف ترك قيد الوحدة امّا اختصارا او لاعتقاده الكراهة في المتعدّد أيضا اذا كانا مجتمعين رقيقا و اما اذا كان كل واحد منهما رقيقا لكن كانا مجتمعين صفيقا فلا ريب في عدم كراهته و عدّلوا الكراهة في الرّقيق بانّها لتحصيل كمال السّتر و لصحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام و فيها فقلت له ما ترى للرّجل يصلّى في قميص واحد فقال اذا كان كثيفا فلا باس و المرأة تصلّى في الدّرع و المقنعة اذا كان الدرع كثيفا يعنى اذا كان سيّر او لا يخفى ان التعليل الاول يدل على ما ذكرنا من اطلاق الكراهة و امّا الرّواية فلا يدلّ بمفهومها الّا على البأس في الثوب الرقيق الواحد فنظر المقيّدين اليها و نظر المصنف لو كان غرضه ما ذكرنا من الاطلاق يمكن ان يكون الى التعليل الاوّل و الرواية و ان لم تدلّ عليه لا تنافيه أيضا بل لا يبعدان يستفاد منها اعتبار كون الثوب ستيرا سواء كان واحد او متعدّد او مثلها صحيحة اخرى عن محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل يصلّى في قميص واحد او قباء طاق او قباء محشوّ و ليس عليه ازار فقال اذا كان القميص صفيقا و القباء ليس بطويل الفرج و الثوب الواحد اذا كان يتوشح به و السّراويل بتلك المنزلة كل ذلك لا باس به و لكن اذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا و لو حبلا و لعلّ المراد بالقباء الطاق ما لا يكون محشوّا او لا بطانة له او الواحد و الاول اوفق بمقابلة المحشوّ و الصّفيق خلاف السخيف و هو قليل الغزل و المراد بالفرج الشقوق و توشح بسيفه و ثوبه تقلّد و كان المراد بقوله عليه السلام و الثوب الواحد الى آخره انّ الثوب الواحد اذا تقلّده و مع سراويل بتلك المنزلة اى صفيق فكلّ ذلك لا باس به و كانّ اعتبار تقلّد الثّوب مع وجود سراويل الصّفيق امّا الاستحباب ستر المنكبين كيف كان كما ذكره في المنتهى و قال و لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح عليه مهما كان استحبابا و لو حبلا و استشهد له باخبار منها ما في آخر هذا الخبر و يمكن ان يكون المراد ان كلّا من الثوب المتوشح به و السّراويل اذا كانا بتلك المنزلة اى صفيقين لا باس بايّهما كان و حينئذ بحمل الثوب الواحد على ما اذا ستر العورة أيضا و على الاوّل يكون قوله و لكن اذا لبس السّراويل تاكيدا لما ذكر اوّلا من اعتبار ثوب آخر مع السّراويل مع تعميم فيه و على الثانى يكون تاسيسا محضا و في الكافي و سراويل بدون اللام و هو اظهر في المعنى الاوّل و ليس فيه قوله بتلك المنزلة و لعل مفادة حينئذ ان التوشح بالثوب الواحد مع سراويل يكفى مطلقا و كانّه لحصول كمال السّتر بهما غالبا هذا و قد استشكل على من قيد الكراهة بالثوب الواحد الرقيق و على الصحيحتين بالاتفاق على استحباب العمامة و السّراويل و على كراهة الامامة بغير رداء فيكون ترك ذلك مكروها أيضا فكيف نصّ الكراهة بالثوب الواحد الرقيق و اجاب الشارح في شرح الإرشاد بان المراد بالمكروه ما نصّ على رجحان تركه عينا فترك المستحبّ لا يعد مكروها بل هو خلاف الاولى فيندفع الايراد باستحباب العمامة و السّراويل و كراهة ترك الرداء انما هى للامام كما سيجي ء فيخصّ عدم الكراهة في الثوب الواحد الصّفيق بغير الامام فلا يبقى اشكال اصلا و لا يخفى انه لو لم يحمل عبارة المصنف على الاطلاق و قيّد بالواحد لا يجرى في هذا الجواب من قبله

ص: 201

لانّه لم يعتبر بالكراهة بل باستحباب الترك و هو عام في الثوب الواحد فافهم و قد يدفع اشكال العمامة بتخصيص الكلام بما على البدن و العمامة ليست منه بل ربّما لا تعدّ من الثوب اصلا و اجاب المحقق الأردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد بانه اذا لم يكن رقيقا يرتفع الكراهة التى باعتبار الثوب الواحد فلا تضر الكراهة من جهة عدم العمامة و عدم الرّداء و عدم السّراويل و لا يخفى ان ما ذكره في دفع الاشكال عن كلام الاصحاب لا يخلو عن وجه و امّا عن الرّوايتين فلا اذ السّائل سأل عن الصّلاة في الثوب الواحد فاذا اجيب بانّه اذا كان كثيفا او صفيقا فلا باس و الظاهر منه نفى الباس مطلقا لا نفى باس خاص اذا لم يعهد باس خاصّ حتى يحمل على نفيه في الكثيف او الصّفيق نعم يمكن دفع الاشكال على الرّوايتين بانه لا يجب حملهما على ما حملوه بل يمكن حمل الكثيف و الصّفيق فيهما على ما كان كذلك على الحدّ الواجب بان يكون ساتر البشرة و حينئذ يحمل نفى الباس على مطلق الجواز و يندفع الاشكال رأسا و ان سقط الاستدلال ايضا فتأمّل و روى في التهذيب عن احمد بن حمّاد رفعه الى ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا تصلّ فيما شفّ او صفّ يعنى الثوب المصقّل قال في القاموس شفّ الثوب يشفّ شفوفا و شفيفا رقّ فحكم ما تحته و على هذا فيمكن حمل ما شفّ على الحاكى للبشرة فيحرم او الحاكى للحجم فيكره في المشهور و على التّقديرين يشمل الواحد و المتعدّد و امّا صفّ فقد فسّره الرّاوى لكن مأخذه من كلام اهل اللغة غير ظاهر و النهى فيه للكراهة و في الذكرى نقل الرواية هكذا فيما شفّ او وصف بواوين ثمّ قال معنى شفّ لاحت منه البشرة و وصف حكى الحجم و في خطّ الشيخ ابى جعفر في التهذيب او صفّ بواو واحدة و المعروف بواوين من الوصف و على ما ذكره من النّهى في الاوّل للحرمة و في الثانى للكراهة على المشهور و لا يخفى انّ التفسير المذكور في الرّواية لا يلائم ما ذكره و روى في التهذيب و في عن محمّد بن يحيى رفعه قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام لا تصلّ فيما شفّ او سفّ يعنى الثوب الصقيل و تفسير سفّ بالسّين أيضا بما ذكره لا يظهر مأخذه من كتب اللغة و في المنتهى نقل عن الشيخ رواية احمد بن حمّاد هكذا قال لا تصلّ فيما شفّ او يشفّ يعنى الثوب المصقّل قال و عن محمّد بن يحيى مثله و على هذا فالتّرديد من الراوى و اللّه تعالى يعلم

قوله الذى لا يحكى البدن

يعنى ان استحباب ترك الرقيق انما هو اذا لم يكن حاكيا للبدن اى للونه على ما صرّح به في المعتبر و هى و الّا لم يصح لان ستر العورة شرط للصّلاة و مع حكاية اللون لم يحصل السّتر عرفا قال في المعتبر و لو حكى القميص ما تحته لم تجز الصّلاة لانّ ستر العورة شرط الصّلاة و لم يحصل هذا اذا حكى لون العورة فان حكى الخلقة جاز لتحقق الستر و لانّ ذلك يحصل مع الصّفيق و مثله في المنتهى أيضا و يدلّ أيضا على عدم الحرمة مع حكاية الشكل و الخلقة حديث النّورة و انها سترة و هو و ان لم يرد في الصّلاة لكن الستر الواجب في الصّلاة ليس الا ما يجب في غيرها و لا فرق الّا في انّ في غير الصّلاة انما يجب الستر عن الناظر و في الصّلاة لا يتقيّد بذلك و في المدارك نقل قولا باشتراط كونه ساترا للحجم أيضا تمسّكا بمرفوعتى احمد بن حمّاد و محمّد بن يحيى المتقدّمتين و هما مع ضعف سندهما و قصور متنهما كما ظهر مما تقدّم لا تنهضان حجة لذلك هذا و لم يذكروا تحديد الرقّة المكروهة فالظاهر جعل بناءه على العرف و ربما يشعر عبارة الذكرى بتحديده بما يحكى الحجم فانه قال و يكره في الرقيق الذى لا يحكى تباعدا من حكاية الحجم و تحصيلا لكمال السّتر و ما نقلنا من المعتبر و هى صريح في خلافه حيث صرّحا بانّ حكاية الخلقة قد يحصل في الصّفيق أيضا و بما قرّرنا ظهر انّ الاعتبار بالرقة و الكثافة انما هو فيما هو ساتر العورة و امّا في غيرها فلا باس برقته و من ذكر من الاصحاب استحباب ستر الرّجل جميع جسده في الصّلاة كالعلّامة في الارشاد و فسّره الشارح بما تعتاد تغطيته غالبا لئلّا يدخل فيه الوجه و نحوه امكن ان يكون مذهبه استحباب ترك الرقيق في الجميع و كذا من ذكر كراهة صلاته في غير الثوب السّاتر لما يعتاد ستره من الجسد كصاحب المدارك امكن ان يكون مذهبه الكراهة في الرقيق في الجميع لكن العلامة في المنتهى صرّح في بحث ستر المنكبين انه لا يجب ستر المنكبين اجماعا بل يكتفى في الاستحباب عندنا و في الوجوب عند المخالف بوضع ثوب و ان حكى ما تحته هذا و العجب من صاحب المدارك انه استدلّ على ما ادّعاه بصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام انه قال ادنى ما يجزيك ان تصلّى فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحى الخطّاف و صحيحة عبد اللّه بن سنان قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل ليس معه الّا سراويل فقال يحلّ التكة فيضعها على عاتقة و يصلى و ظاهر ان الروايتين لا تدلّان الا على استحباب وضع شي ء على المنكبين و العاتق لا على استحباب ستر جميع ما يعتاد ستره او كراهة عدم ستره كذلك فتأمل

قوله و المشهور انه الالتحاف بالإزار

المراد بالالتحاف ستر المنكبين به كذا في شرح الارشاد و هذا التفسير مش بين الاصحاب و قد اخذوه من حسنة زرارة بإبراهيم عن ابى جعفر عليه السلام انه قال ايّاك و التحاف الصّماء قلت و ما التحاف الصّماء قال ان تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد و قد اختلف اهل اللغة في تفسيره فقال في الصحاح نقلا عن ابى عبيد اشتمال الصّماء هو ان تجلّل جسدك بثوبك نحو شملة الاعراب باكسيتهم و هو ان يردّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى و عاتقه الايسر ثمّ يردّه ثانية من خلفه على يده اليمنى و عاتقه الأيمن فيغطّيهما جميعا و نقل أيضا عن ابى عبيد انه ذكر ان الفقهاء يقولون هو ان يشتمل بثوب واحد ليس له غيره ثمّ يرفعه من احد جانبيه فيضعه على منكبه فيبدو منه فرجه فاذا قلت اشتمل فلان الصّماء كانّك قلت اشتمل الشملة التى تعرف بهذا الاسم لان الصماء ضرب من الاشتمال انتهى و فسّره الهروى في الغريبين نقلا عن الاصمعى بان يشتمل الثوب حتى يجلّل به جسده لا يرفع منه جانبا فيكون فيه فرجة حتى يخرج منها يده ثمّ نقل عن ابى عبيد ما نقله من تفسير الفقهاء ثمّ حكم بانّ من فسّره بهذا التفسير فكراهة للتكشّف و ابداء العورة و من فسّره تفسير اهل اللغة فانه كره ان يتزمّل به شاملا جسده مخافة ان يدفع منها الى حالة سادة لنفسه فيهلك و نقل عن القتيبى انه قال انما قيل له الصماء لانه اذا اشتمل به سدّ على يديه و رجليه المنافذ كلّها كالصخرة الصماء و قال المطرزى في المغرب لبسته الصّماء عند المغرب ان يشتمل بثوبه فيجلل جسده كلّه به و لا يرفع جانبا يخرج منه يده و هو موافق لما نقل عن الهروى ثمّ قال و قيل ان يشتمل بثوب واحد و ليس عليه ازار انتهى و لما كان مستند الحكم عندنا ليس الا الرّواية التى نقلناها فينبغى الرّجوع في التفسير أيضا اليها كما فعله الاصحاب فتأمل

قوله و ادخال طرفيه تحت يده

في عبارة الاكثر و منهم الشيخ في المبسوط و ية اللّذين هما الاصل في هذا التفسير بافراد اليد كما هنا و هو الموافق لما في الرّواية من تحت جناحك بافراد الجناح كما هو في عامة النسخ و ظاهره ادخالها تحت يد واحدة و في بعض عباراتهم تصريح بذلك كما في الوسيلة لابن حمزة لكن في المنتهى و كره مع انه نقل التفسير عن الشيخ يديه بالتثنية و حينئذ يفيد ادخال كلّ طرف تحت يد ثمّ جمعهما على منكب واحد و يمكن حمل اليد في العبارات الاخرى و الجناح أيضا على هذا الوجه

ص: 202

لكن لا يخلو عن بعد و في بعض نسخ التهذيب جناحيك و هو الموافق لما في المنتهى و كره لكنّه فيهما نقل الرواية بافراد الجناح فتدبّر

قوله كقول الصّادق عليه السلام من تعمّم

رواه الشيخ في الحسن بإبراهيم عن ابن ابى عمير عمن ذكره عنه عليه السلام و مثله رواية عيسى بن حمزة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال من اعتمّ و لم يدر العمامة حنكه فاصابه الم لا دواء له فلا يلومنّ الا نفسه و ربما احتمل الخبر ان صحّة الاكتفاء بالإدارة تحت الحنك عند ما تعمّم في الجملة و ان لم يبق عليها دائما فافهم

قوله حتى ذهب الصّدوق رحمه الله

اى ان النصوص ورد باستحبابه و التحذير من تركه حتى ذهب الصدوق الى عدم جواز الترك و امّا مع ان اطلاق النّصوص لم خصّ الحكم بحال الصّلاة فهو كلام على الصدوق لا على الشارح و لا اختصاص له بالصّدوق بل يرد على القائلين بالكراهة أيضا و في كلام الشارح ايماء الى هذا الكلام المتوجّه على الجميع فلا حاجة الى التصريح به لكن لا يخفى انه يكفى للحكم بالكراهة على الخصوص فتوى اعاظم علمائنا بذلك خصوصا المتقدمين منهم كالشيخ المفيد رحمه الله بل قال في المعتبر ان عليه علمائنا و هو مشعر بالاجماع نعم الحكم بالتحريم على الخصوص لا بدّ له من دليل خاصّ و ليس فيما وصل الينا هذا ثمّ ان عبارة الصّدوق به في الفقيه لا تدل على ان هذا مذهبه فانه قال و سمعت مشايخنا رض يقولون لا تجوز الصّلاة في الطابقيّة و لا يجوز للمعتمّ ان يصلّى الّا و هو محنّك و روى عمار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال من خرج في سفر و لم يدر العمامة تحت حنكه فاصابه الم لا دواء له فلا يلومنّ الا نفسه و قال الصّادق عليه السّلام ضمنت لمن خرج من بيته معتمّا تحت حنكه ان يرجع اليهم سالما و قال عليه السلام انى لا عجب ممّن يأخذ في حاجة و هو على وضوء كيف لا تاخذ حاجته و انّى لا عجب ممّن يأخذ في حاجة و هو معتمّ تحت حنكه كيف لا تقضى حاجته و قال النبي ص الفرق بين المسلمين و المشركين التّلحى بالعمائم و ذلك في اوّل الاسلام و ابتدائه و قد نقل عنه ص اهل الخلاف أيضا انه امر بالتّلحّي و نهى عن الاقتعاط انتهى و لا يخفى انّ ظاهر هذا الكلام انّ قوله و لا يجوز للمعتم الى آخره ممّا سمعه من مشايخه و ليس فتوى نفسه لانه بمنزلة تفسير ما سبقه الذى سمعه منهم و ليس كلاما آخر حتى يقال ان المسموع منهم هو الأوّل و الثانى فتوى نفسه ثمّ ما نقله من الاخبار تأييد بقدر الامكان لما سمعه منهم بذكر ما وصل اليه من الاخبار التى تناسب ذلك و بالجملة فنسبته هذا المذهب اليه على الميّت كما فعله العلّامة رحمه الله في المختلف و من تاخّر عنه لا يخلو عن اشكال هذا و في الصّحاح التحلي تطويق العمامة تحت الحنك و الاقتعاط شدّ العمامة على الراس من غير ادارة تحت الحنك و ذكر في الحديث انّ فيهما نهى عن الاقتعاط و امر بالتحلى و في الغريبين في الحديث نهى عن الاقتعاط يقال جاء الرّجل مقتعطا اذا جاء معتما طابقيّا لا يجعلها تحت دفنه و في المغرب في الحديث امر بالتلحّى و نهى عن الاقتعاط هو ادارة العمامة تحت الحنك فالاقتعاط ترك ذلك و من تامّل فيما نقلنا من الاخبار و كلام اهل اللغة يظهر له ان المعتبر في التحنّك هو ادارة جزء من العمامة تحت الحنك كما ذكره الشارح سواء كان طرفيه ام لا و لا يكفى ادارة شي ء غيرها و قد تردّد المصنف فيه في الذكرى نظرا الى مخالفة المعهود و الى احتمال ان يكون الغرض حفظ العمامة من السقوط و هو حاصل قال و لكن خبر الفرق بين المسلمين و المشركين مشعر باعتبار التحنّك بالمعهود و لا يذهب عليك ان المستفاد من الروايات المنقولة و كلام اهل اللغة كما اشرنا اليه اعتبار كونه بجزء منها فاحتمال الاكتفاء بغيرها بناء على احتمال ان يكون الغرض كذا من غير شاهد عليه من الاخبار و الآثار سخيف جدّا ثمّ خبر الفرق ابعد الاخبار دلالة على ما ذكره لصراحة الاخبار الاخرى بوقوع الادارة بالعمامة بخلاف هذا الخبر لانه ليس بصريح فيه الاحتمال الحمل على ان عمائمهم كان مع التلحّى دونهم و حينئذ فالتلحىّ فيه مطلق و ليس بمقيّد بوقوعه بجزء من العمامة و ان تمسّك باعتبار ذلك في مفهوم التلحى كما ظهر مما نقلنا عن اهل اللغة فيساوى غيره في الدلالة فلا وجه لتخصيصه بها فتأمل

قوله و هو ثوب او ما يقوم مقامه

الظاهر اختصاص الرّداء لغة بالثوب قال الجوهرى الرّداء الذى يلبس و في القاموس ملحفة معروفة و في النهاية هو الثوب او البرد الذى يضعه الانسان على عاتقيه بين كتفيه فوق ثيابه ثمّ انه اشترك عبارات من حدّده من الاصحاب و غيرهم في انه الثوب الذى يوضع على المنكبين او الكتفين على اختلاف عباراتهم فمنهم من اكتفى به قال في المعتبر هو الثوب الذى يجعل على المنكبين و مثله في التذكرة و النهاية و في المنتهى بدل المنكبين الكتفين و منهم من زاد عليه كما فعله الشارح هنا و الظاهر انه لم يعتبر في مفهومه سوى القدر المشترك و الخصوصية لو اعتبرت بدليل من خارج كما سنشير اليه و اما جعل الرّداء شاملا لما يقوم مقام الثوب كما فعله الشارح هنا فبناؤه على ان التعريف للرّداء الشرعى فلما ورد الخبر باقامة غير الرّداء مقامه و حصول الاستحباب به كما سنذكره فكانه داخل في الرّداء الشرعى فلذا دخل في تعريفه امّا ما يدل على كراهة ترك الرّداء للامام فهو صحيحة سليمان بن خالد و ان كان فيه كلام قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام في رجل امّ قوما في قميص ليس عليه رداء قال لا ينبغى الا ان يكون عليه رداء او عمامة يرتدى بها قال في المدارك و انما تدل على كراهة الامامة بدون الرّداء في القميص وحده لا مطلقا و يؤكّد هذا الاختصاص قول ابى جعفر عليه السلام لما امّ اصحابه في قميص بغير رداء انّ قميصى كثيف فهو يجزى ان لا يكون علىّ ازار و لا رداء انتهى و منه يظهر عدم الكراهة مع القميص الكثيف أيضا و امّا ما يدل على استحبابه مطلقا فهو تعليق الحكم على مطلق المصلّى في عدّة اخبار كصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام انه قال ادنى ما يجزيك ان تصلّى فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي خطّاف و صحيحة عبد اللّه بن سنان قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ليس معه الا سراويل فقال يحلّ التكة منه فيطرحها على عاتقه و يصلّى و قال و ان كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلّد السّيف و يصلّى قائما و صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام انه قال اذا لبس السّراويل فليجعل على عاتقه شيئا و لو حبلا كذا في شرح الارشاد و فيه انها لا تدل على اطلاق استحباب الرّداء لاختصاص الروايتين الاخيرتين بمن ليس معه الا سراويل او من لبس السّراويل اى لم يلبس سواه و امّا الرواية الاولى فلا تدل الا على استحباب ستر المنكبين و لو بمثل جناحى الخطاف سواء كان بعنوان الرّداء ام بغيره و لا يدلّ على استحباب خصوص الرّداء فلو لبس قباء او قميصا ستر المنكبين أجزأ على مقتضى الرّواية مع عدم تحقق الرّداء فتدبّر و امّا ما يقوم مقام الثوب للرّداء فهو على ما اشار اليه في شرح الارشاد ما اشير اليه أيضا في هذه الاخبار من نحو التكة و الحبل قال في المدارك و انما تقوم التكة و نحوها مقامه مع الضّرورة كما تدلّ عليه رواية ابن سنان و امّا ما اشتهر في زماننا من اقامة غيره مقامه مطلقا فلا يبعد ان يكون تشريعا انتهى و لا يخفى انّ صحيحة ابن سنان و ان لم يدل الا على حال الضرورة لكن الصّحيحتان الاخريان لا اختصاص لهما بحال الضّرورة فالظاهر فيهما تعميم الحكم و ان كان مراده ان صحيحة ابن سنان تدل على اختصاص الحكم بحال الضرورة

ص: 203

فينبغى حمل الأخيرتين أيضا عليه و ان كانتا مطلقتين ففيه انه لا دلالة لها على الاختصاص بل ليس فيها الا ان السّائل فرض انه ليس معه الّا سراويل و حكم عليه السّلام بانه يحلّ التكة الى آخره و هذا لا يدل على اختصاص الحكم بهذه الصّورة نعم لا يدلّ على الحكم الا في هذه الصّورة و فرقان بينهما نعم ما ذكر في آخر الرواية من تقليد السّيف قد اشترط فيه ان لا يكون معه ثوب لظاهر ان هذا ليس لعدم كفايته للرّداء في غير الضّرورة بل باعتبار انّ المراد الاكتفاء بتقليد السيف و الصّلاة فيه وحده بدون ثوب آخر كما هو ظاهر سياف الخبر و لا ريب في اشتراط الضرورة و عدم التمكن من ثوب آخر حينئذ على انه لو سلّم اشتراط الضرورة في التردّى بالسّيف بمقتضى هذا الخبر فلا يلزم منه اشتراطها في غيره من الحبل و نحوه مع عدم دليل عليه فتأمل

قوله ثمّ يردّ ما على الايسر على الايمن

ذكر في شرح الارشاد انه ليس في الاخبار و اكثر عبارات الاصحاب بيان كيفية الرداء بل هى مشتركة في انه يوضع على المنكبين فيصدق اصل السّنة بوضعه على المنكبين كيف اتفق لكن لما روى كراهة سد له و هو ان لا يرفع احد طرفيه على المنكب و انه من فعل اليهود و روى علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام قال سألته عن الرّجل هل يصلح له ان يجمع طرفى ردائه على يساره قال لا يصلح جمعهما على اليسار و لكن اجمعهما على يمينك اودعهما تعيّن ان الكيفية الخالية عن الكراهة هى وضعه على المنكبين ثمّ ردّ ما على الايسر على الايمن و بهذه الهيئة فسّره بعض الاصحاب انتهى و لا يذهب عليك ان ما نقله من صحيحة علىّ بن جعفر صريح في التخيير بين جمعهما على اليمين او تركهما اى ارسالهما و يدل أيضا على نفى الباس عن الارسال موثقة ابى بصير في الكافي عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بان يصلّى الرجل و ثوبه على ظهره و منكبيه فيسبله الى الارض و لا يلتحف به فاخبرنى من راه يفعل ذلك و الاسبال الارسال و موثقة عبد اللّه بن بكير في الفقيه انه سئل ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّى و يرسل جانبى ثوبه قال لا باس و امّا ما روى في كراهة السّدل من طرق العامة و من طرقنا أيضا كصحيحة زرارة في الفقيه عن ابى جعفر عليه السلام انه قال خرج امير المؤمنين عليه السلام على قوم فراهم يصلّون في المسجد قد سدلوا أرديتهم فقال مالكم قد سدلتم ثيابكم كانكم يهود قد خرجوا من نهزهم يعنى بيعهم ايّاكم و سدل ثيابكم فالسّدل فيه و ان امكن ان يكون بالمعنى الذى ذكره الشارح فانه قال في القاموس سدل الشعر يسدله و يسدله و اسدله ارخاه و ارسله و قال في المغرب سدل الثوب سدلا من باب طلب اذا ارسله من غير ان يضمّ جانبيه و قال في الغربيين في حديث علىّ عليه السّلام انّ قوما يصلّون قد سدلوا بثيابهم اى اسبلوها من غير ان يضمّوا جوانبها و منه حديث عائشة انها اسدلت قناعها اى ارسلته و هى محرمة لكنّه غير معلوم فانه قال في ية نهى عن السّدل في الصّلاة هو ان يلتحف بثوبه و يدخل يديه من داخل فيركع و يسجد و هو كذلك و كانت اليهود يفعله فنهوا و هذا مطّرد في القميص و غيره من الثياب و قيل هو ان يضع وسط الازار على رأسه و يرسل طرفيه عن يمينه و شماله من غير ان يجعلهما على كتفيه و منه حديث علىّ عليه السّلام انه رأى قوما يصلّون قد سدلوا ثيابهم فقال كانهم اليهود و منه حديث عائشة انها سدلت قناعها و هى محرمة اى اسبلته انتهى و المعنى الاخير قد ذكر في المغرب أيضا فانّ فيه بعد ما نقلنا و قيل هو ان يلقيه على منكبيه انتهى و على هذا فالحكم بكراهة المعنى الذى ذكره الشارح لا يخلو عن اشكال خصوصا مع ما اشرنا اليه من الرّوايات الدّالّة على خلافها و قال ابن ادريس في السرائر و يكره السّدل في الصّلاة كما يفعله اليهود و هو ان يتلفّف بالإزار و لا يرفعه على كتفيه و هذا تفسير اهل اللغة في اشتمال الصّماء و هو اختيار السيّد المرتضى انتهى و العلامة رحمه الله في المنتهى نقل عنه هذا الكلام و استدل بصحيحة زرارة المتقدمة و لا يخفى ان ظاهر هذا الكلام معنى آخر للسّدل و هو ان يتلفّف بالازار من تحت الكفين و لا يرفعه على كتفيه اى اى لا يشدّه من فوقهما بحيث يشملهما الازار و لو لم يكن هذا معنى آخر للسّدل فيمكن التجوز فيه من السّدل بمعنى الارسال و للمتكلف حمله على ما ذكره الشارح اى لا يرفع شيئا من طرفيه على كتفيه بل القاهما من الجانبين موافقا لما في التذكرة حيث قال فيها قيل يكره السّدل و هو ان يلقى طرفى الرّداء من الجانبين و لا يردّ احد طرفيه على الكتف الآخر و لا يضمّ طرفيه بيده و المصنف رحمه الله في الذكرى نقل ما في التذكرة ثمّ قال و به قطع ابن ادريس و نسبه الى اليهود و ذكر انه هو اشتمال الصماء عند اهل اللّغة و انه قول المرتضى فيظهر منه انه حمل كلام ابن ادريس على ما ذكرنا اخيرا ثمّ على أيّ وجه حمل من الوجهين فكونه هو اشتمال الصّماء بتفسير اهل اللغة غير ظاهر فلعلّ بعض اهل اللغة فسّر اشتمال الصّماء بهذا الوجه أيضا فانا اقتصرنا فيه على نقل تفاسير جمع

من المشهورين منهم و ما استقصينا ما قيل فيه لكثرة الاختلاف فيه و عدم زيادة مبالاة به و الحقّ ان كلامهم في كل من السّدل و اشتمال الصّماء غير منقح جدّا فتأمل

قوله فان منعا القراءة حرما

وجه حرمتهما مع المنع من القراءة الواجبة او ما في حكمها ظاهر و امّا كراهتهما بدونه فاستدلّوا لها بموثقة سماعة قال سألته عن الرّجل يصلّى فيتلوا القرآن فهو متلثّم فقال لا باس به و ان كشف عن فيه فهو افضل قال و سألته عن المرأة تصلّى متنقّبة قال اذا كشفت عن موضع السجود فلا باس به و اذا سفرت فهو افضل و في دلالته على الكراهة بالمعنى المشهور تامّل الا ان يحمل كلامهم أيضا على الكراهة بالمعنى الاعم اى ما رجّح تركه مع عدم المنع من نقيضه و حينئذ تصلح الرّواية دليلا لها و يدل أيضا على كراهة اللّثام صحيحة محمد بن مسلم على الظاهر و ان كان فيه كلام باعتبار محمّد بن اسماعيل الراوى عن الفضل بن شاذان عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت له ا يصلّى الرّجل و هو متلثم فقال امّا على الارض فلا و امّا على الدّابة فلا باس و لا يخفى ان فيه تقييدا اهمل في كلامهم و المفيد رحمه الله في المقنعة حكم بانه لا يجوز للرّجل ان يصلّى و عليه لثام حتّى يكشف عن جهته و يكشف عن فيه لقراءة القرآن و الظاهر كما يشعر به آخر كلامه ان مراده المنع من اللثام المانع للقراءة و في المعتبر حمل عدم الجواز في كلامه على الكراهة و ما ذكرناه اظهر و بالجملة فالحكم باطلاق الحرمة مما لا وجه له لأصالة الجواز و عدم انتهاض الصّحة المذكورة حجة على خلافها لاحتمالها الكراهة خصوصا ان موثقة سماعة المتقدمة و كذا موثقة اخرى عنه قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يصلّى و يقرأ القرآن و هو متلثم فقال لا باس و كذا رواية حسين بن على عمّن ذكره من اصحابنا عن احدهما عليه السلام انه قال لا باس بان يقرأ الرّجل في الصّلاة و ثوبه على فيه الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه على فيه فقال لا باس بذلك اذا سمع الهمهمة لكن المفهوم منه من المنع مع عدم السّماع هل هو لعدم الجواز او الكراهة اختار المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى و كره الاوّل فحكما بعدم الجواز مع المنع من سماع القراءة و استحسنه صاحب المدارك و زاد الشارح في شرح الارشاد فحكم بحرمته لو منع القراءة او شيئا من الاذكار الواجبة او سماعها و الاظهر هو الثانى لأصالة الجواز و عدم انتهاض المفهوم المذكور حجة على ازيد من الكراهة و لانهم لم يحكموا بوجوب

ص: 204

سماع القراءة فلا يظهر وجه للحكم بتحريم ما يوجب المنع من السّماع و كلام العلّامة رحمه الله في التذكرة هنا ظاهر في وجوب سماع القراءة فانه قال لا يجوز ان يصلّى الرّجل و عليه لثام يمنعه من القراءة او سماعها و كذلك النّقاب للمرأة ان منعها من شي ء من ذلك لما فيه من ترك واجب و لو لم يمنع شيئا من الواجبات كره و لم يحرم انتهى لكن لم قف على تصريح منهم في بحث القراءة بوجوب السّماع و اللّه تعالى يعلم

قوله و تكره الصّلاة في ثوب المتّهم بالنجاسة او الغصب

علّلوا الكراهة فيهما بانّ فيه احتياطا للعبادة و بقوله صلّى اللّه عليه و آله دع ما يريبك الى ما لا يريبك و في خصوص الاول بصحيحة العيص بن القاسم و فيه محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يصلّى في ثوب المرأة و في ازارها و يعتمّ بخمارها قال نعم اذا كانت مأمونة و بصحيحة عبد اللّه بن سنان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الّذى يصير ثوبه لمن يعلم انه يأكل الجرىّ و يشرب الخمر فيردّه ا يصلّى فيه قبل ان يغسله قال لا يصلّى فيه حتى يغسله و برواية ابى بصير المتقدمة في بحث اشتراط كونه غير ميتة المشتملة على القاء علىّ بن الحسين عليه السلام ما كان يلبسه من فراء العراق وقت الصّلاة معلّلا بانّ اهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة و يزعمون ان ذكاته دباغه و يؤيّده أيضا صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فراش اليهوديّ و النّصرانى ينام عليه قال لا باس و لا يصلّى في ثيابهما قال و سألته عن رجل اشترى ثوبا من السّوق اللّبس لا يدرى لمن كان هل تصلح الصّلاة فيه قال ان اشتراه من مسلم فليصلّ فيه و ان اشتراه من نصرانىّ فلا يصلّى فيه حتى يغسله و كذا موثقة ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت الطيلسان يعمله المجوس اصلّى فيه قال ا ليس يغسل بالماء قلت بلى قال لا باس قلت الثوب الجديد يعمله الحائك اصلّى فيه قال نعم و كذا صحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الصّلاة على بوارى النصارى و اليهود الذين يقعدون عليها في بيوتهم ا يصلح قال لا تصلّ عليها و انما حمل المنع فيها على الكراهة للاصل و لما يعارض الرواية العامة كصحيحة عبد اللّه ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام كل شي ء يكون منه حرام و حلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام يعينه فتدعه و كذا ما يعارض الروايات الخاصة كصحيحة عبد اللّه بن سنان قال سئل ابى ابا عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر انّى غير الذمّى ثوبى و انا اعلم انه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير و يردّ علىّ فاغسله قبل ان اصلّى فيه فقال ابو عبد اللّه عليه السلام صلّ فيه و لا تغسله من اجل ذلك فانّك أعرته اياه و هو طاهر و لم تستيقن انه نجسه فلا باس ان تصلّى فيه حتى يستيقن انه نجّسه و صحيحة معاوية بن عمّار قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الثياب السّابريّة تعملها المجوس و هم اجناث و هم يشربون الخمر و نسائهم على تلك الحال البسها و لا اغسلها و اصلّى فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا و خطته و فتلت له ازار او رداء من السّابرىّ ثمّ بعثت بها اليه في يوم جمعة حين ارتفع النهار و كانه عرف ما اريد فخرج فيها الى الجمعة و موثقة الحلبى بابان بن عثمان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في ثوب المجوسى فقال يرشّ بالماء و الرش فيه كانّه أيضا محمول على الاستحباب و رواية معلّى بن خنيس قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول لا باس بالصّلاة في الثياب التى يعملها المجوس و النصارى و اليهود و رواية عبد اللّه بن جميل قال اخبرني ابى قال جعفر بن محمّد عليه السلام عن الثوب يعمله اهل الكتاب اصلّى فيه من قبل ان يغسل قال لا باس و ان يغسل احبّ اليّ و قد مر أيضا في البحث المذكور آنفا ما يعارض رواية ابى بصير و يوجب حمله على الاستحباب فتذكّر و قال الشيخ في المبسوط و اذا عمل كافر لمسلم فلا يصلّى فيه الا بعد غسله و كذلك اذا صبغه له لان الكافر نجس سواء كان كافر اصل او كافر ردّة او كافر ملّة و اذا استعار ثوبا من مستحلّ شي ء من النجاسات او المنكرات فلا يصلّى فيه حتى يغسله انتهى و ظاهره التحريم و الاقوى فيما لا يعلم ملاقاته برطوبة الكراهة كما هو المشهور و عليه الشيخ أيضا في النهاية فانه قال فيها و اذا علم مجوسى لمسلم يستحب ان لا يصلّى فيه الا بعد غسله و قال ابن ادريس رحمه الله بعد نقل هذا الكلام من النّهاية هذا خبر من اخبار الآحاد اورده ايراد الا اعتقادا بل اعتقاده و فتواه ما ذكر في مبسوطه انه لا يجوز الصّلاة فيه الا بعد تطهيره و ايضا اجماع اصحابنا منعقد على ان اشار

جميع الكفّار نجسته بغير خلاف بينهم انتهى و لا يخفى ما فيه فان نجاسة الأسئار باعتبار الملاقات و هاهنا لا علم بالملاقاة برطوبة فلا وجه للحكم بالنجاسة كيف و هو نفسه قد ذكر قبيل ما نقلنا عنه انه ذهب بعض اصحابنا الى انه لا تجوز الصّلاة في ثوب اصابته نجاسة مع العلم بذلك او غلبة الظن فمن صلّى فيه و الحال ما وصفناه وجب عليه الاعادة و اعترض عليه بان هذا مع العلم صحيح و امّا مع غلبة الظن فغير واضح لان الاشياء على اصل الطهارة فلا يرجع عن هذا الاصل الا بعلم فاما بغلبة ظنّ فلا يرجع عن المعلوم بالمظنون انتهى و كانه رحمه الله فرض في المسألة العلم بالملاقاة برطوبة و حينئذ فما ذكره متّجه لكن لا وجه لحمل عبارة ية عليه حتى يحتاج الى الاعتذار بل ينبغى حملها على عدم العلم فانه حينئذ يستحب التنزّه عنه الّا بعد غسله لكونه مظنة لملاقاته فتأمل

قوله و في الثوب ذى التماثيل

استدلوا عليه بصحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع انه سئل الرضا عليه السلام عن الصّلاة في الثوب المعلم فكره ما فيه من التماثيل و موثقة عمار بن موسى انه سئل ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في ثوب في عمله مثال طير او غير ذلك قال لا و عن الرّجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير او غير ذلك قال لا تجوز الصّلاة فيه و الظاهر من الكراهة في الصحيحة هو معناها المتعارف و من عدم الجواز في الموثقة هو الحرمة و الاولى التاويل في الثانية يحملها على الكراهة لصحة الاولى و اعتضادها بالاصل و قال الشيخ في المبسوط و الثوب اذا كان فيه تمثال و صورة لا تجوز الصّلاة فيه و جوّز في المنتهى ان يكون مراده الكراهة فانه كثيرا ما يستعمل هذه الصّيغة في هذا المعنى و قال في موضع آخر و منه و لا يصلّى في ثوب فيه تماثيل و لا في خاتم كل و لعلّ حمله على الكراهة اهون ثمّ لا يخفى ان الرواية الاولى لا تدل الا على كراهة ما فيه التماثيل من العلم و كذا الثانية لا تدل الا على المنع عن الصّلاة في ثوب في علمه بتقديم اللّام على الميم على ما راينا في النسخ المصحّحة من التهذيب و كذا في المختلف و الذكرى و شرح الارشاد و المدارك فتعميم الحكم في مطلق الثوب ذى التماثيل مستندا الى هاتين الروايتين لا يخلو عن اشكال نعم في اكثر نسخ الفقيه عمله بتقديم الميم و فيما عندنا من هى أيضا كذلك و عليه يتجه التعميم هذا و هاهنا رواية اخرى في الكافي لم يتعرضوا لها لو استدلوا بها لم يتأت عليه هذه المناقشة و هى صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه كره ان يصلى و عليه ثوب فيه تماثيل و يمكن الاستدلال أيضا بمفهوم صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الصّلاة في ثوب ديباج فقال ما لم يكن فيه التماثيل فلا باس و يمكن المناقشة فيه أيضا بانه لا يدل الا على الباس فيما فيه التماثيل من الدّيباج لا مطلقا لكن لا يخفى ان بملاحظة كلا الخبرين ربما يقوى الظنّ يكون الكراهة و الباس باعتبار مطلق التماثيل من غير اختصاص بالمعلم او الديباج و يضعف المناقشة في كل منهما فتأمل و استدل أيضا في المنتهى برواية عمرو بن

ص: 205

خالد عن ابى جعفر الباقر عليه السلام و محمد بن مروان عن ابى عبد اللّه الصّادق عليه السلام قالا قال رسول اللّه ص ان جبرئيل عليه السلام أتاني فقال انا معاشر الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد و لا اناء يبال فيه و نفور الملئكة تؤذن بالكراهية انتهى و في التهذيب و في رواية محمّد بن مروان على ما نقله و امّا رواية عمرو بن خالد ففيهما انّا لا ندخل بيتا فيه صورة انسان و لا بيتا يبال فيه و لا بيتا فيه كلب هذا و روى في الفقيه مرسلا عن الصّادق عليه السلام انه قال لا تصلّ في دار فيها كلب الا ان يكون كلب الصّيد و اغلقت دونه بابا فلا باس فان الملئكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل و لا بيتا فيه بول مجموع في آنية و لا يخفى ان دلالتها على كراهة الصّلاة اظهر ممّا اورده من الروايتين فلا تعقل

قوله اعمّ من كونها مثال حيوان و غيره

لعموم التماثيل و المثال و عدم اختصاصها بالحيوان و خصّ ابن ادريس في السّرائر الكراهة بالثوب الذى عليه الصّور و التماثيل من الحيوان قال فامّا صور غير الحيوان فلا باس و لا كراهة في ذلك كصور الاشجار و لا وجه له الا ان يدعى ان المتبادر من التماثيل و المثال عرفا هو ذلك و كانه ليس ببعيد او يكون مستنده في الحكم بالكراهة هو ما سبق من رواية محمد بن مروان فان الظاهر من تمثال الجسد هو صورة الحيوان لكن لا وجه للاستناد اليه دون الاخبار الاخرى نعم لو ادّعى ما اشرنا اليه من التبادر عرفا يمكن ان يجعل هذا الخبر أيضا مؤيّدا لذلك و في شرح الارشاد استدل بالاذن في صورة الاشجار بقوله تعالى يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ فعن اهل البيت عليهم السلام انها كصور الاشجار و ما رووا عن ابن عبّاس انه قال للمصوّر سمعت رسول اللّه ص يقول كل مصوّر في النار يجعل له بكل صورة صوّرها نفسا فيعذّبه في جهنّم و قال ان كنت و لا بدّ فاعلا فاصنع الشجر و ما لا نفس له ثمّ قال و الحق انه لا يلزم من جواز عملها عدم كراهة الصّلاة فيها فيستفاد الكراهة من عموم الاخبار كما اختاره الاكثر و ذكر أيضا تبعا للمنتهى انه متى غيّرت الصّورة زالت الكراهة لانتفاء المقتضى و لصحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السلام لا باس ان يكون التماثيل في الثوب اذا غيرّت الصّورة منه و مع وجود الرواية الصحيحة لا حاجة الى الوجه الاول و لا يجدى التأمل فيه و ربما يستفاد من هذه الرواية تخصيص التماثيل بصورة الحيوان بناء على القول بظهور الصورة فيما يختصّ بالحيوان و كذا يستفاد منها تخصيصها بما له مصداق في الخارج فلو كان صورة شجر مخترع او حيوان مخترع فلا باس به الّا ان يقال انه ليس المراد بتغيير الصورة تغيرها عن هيئتها في الخارج بل تغيرها عن هيئتها التى صنعه عليها المصوّر و حينئذ لا يستفاد منه الاختصاص بما تحقق الممثل في الخارج فتأمل و ذكر في المدارك انه لو كانت الصورة مستورة خفّت الكراهة لما رواه حماد بن عثمان في الصحيح قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الدراهم السّود فيها التماثيل ا يصلّى الرّجل و هى معه فقال لا باس بذلك اذا كانت مواراة انتهى و فيه تامّل لاحتمال اختصاص الحكم بالدّراهم لعموم البلوى باستصحابها فالحكم بالتعدى منها الى غيرها مشكل ثمّ قال من اين علم ان ذلك يوجب خفّة الكراهة لا ارتفاعها رأسا مع انّ ظاهر نفى البأس في الرواية هو ذلك الّا ان يقال مراده تخفيف الكراهة بالستر في غير الدّراهم و استفاد ذلك من حكمه عليه السلام بعدم الباس في الدراهم مع كونها مواداة فيعلم منه الفرق بين المواراة و عدمها فليكن في غير الدّراهم أيضا كذلك و لما لم يكن الحكم بمجرد ذلك يرفع الكراهة بالمواراة في غيرها فلم يحكم بذلك بل اقتصر على الحكم بتخفيفها و فيه بعد تامّل لاحتمال اختصاص الفرق بين صورتى المواراة و عدمها بالدراهم و امّا في غيرها فلعله لا يتفاوت الامر لان احكام الشرع مما لا يقاس و يمكن ان يقال ان حكمه بتخفيف الكراهة مع المواراة لا يرفعها بالكلية باعتبار ظهور روايتى عدم دخول الملائكة في العموم فحكم بالتخفيف لئلا يحتاج الى ارتكاب تخصيص فيهما أيضا فتأمل

قوله فيه صورة حيوان

التخصيص باعتبار ان الظاهر من الصّورة عنده كما يفهم من كلامه في بحث المكان و بحث التجارة هى مثال ذى الرّوح او باعتبار ما يذكره من قوله و الاول اوفق للمغايرة و على الاوّل يحمل ما ذكره على انه ترجيح للاول بما ذكره مع قطع النّظر من ترجيحه باعتبار ظاهر اللفظ فتأمل

قوله و يمكن ان يريد بها ما يعم المثال

اى يشمل جميع افراده بان يحمل الصّورة على مطلق المثال من غير تخصيص بالحيوان و لا يخفى ان الظاهر هو هذا او التخصيص في كل منهما و ان كان ما فعله اوّلا اوفق للمغايرة لان مستند الحكم في المسألتين ما نقلنا و من تامّل فيه يظهر له انه لا وجه للفرق بينهما بتعميم الاولى و تخصيص الثانية بصورة الحيوان بل ينبغى التعميم فيهما او التخصيص كذلك فتأمل

قوله على المشهور

المشهور بين الاصحاب هو المنع عن الصّلاة في القباء المشدود في غير الحرب لكن يظهر منهم اختلاف في ذلك فظاهر كلام المفيد رحمه الله الحرمة فانه قال في المقنعة و لا يجوز لأحد ان يصلّى و عليه قباء مشدود الّا ان يكون في الحرب فلا يتمكن ان يخله فيجوز ذلك للاضطرار و ما نقله الشارح عن الشيخ من نسبة الى علىّ بن بابويه و سماعة من الشيوخ ذكره بعد هذا الكلام فالظاهر منهم أيضا الحرمة فقال في المبسوط و لا يصلّى الرّجل و عليه قباء مشدود الا بعدمه ان يحلّه الا في حال الحرب و ظاهره ايضا الحرمة و كلام ابن حمزة في الوسيلة صريح في التحريم و المشهور بين من تاخّر عنهم هو الكراهة فكلام الشارح هاهنا و كذا في شرح الارشاد لا يخلو عن اخلال الّا ان يظهر له ان مراد الثلاثة و سائر الشيوخ الذين سمع منهم ذلك هو الكراهة و هو بعيد جدّا

قوله و هو محزّم

قال في القاموس حزّم الفرس شدّ حزامه و احزمه جعل له حزاما و قد تحزّم و احتزم

قوله و هو بعيد

لكونه على تقدير تسليمه غير المدّعى كذا في شرح الارشاد و هذا بناء على ان الظاهر من القباء المشدود هو ما شدّا زرارة او ما يقوم مقامها و حمله على ما شدّ الوسط عليه لا يخلو عن بعد و يمكن أيضا حمل القباء المشدود على الضيق لكنه ايضا لا يخلو عن بعد

قوله نقل في البيان عن الشيخ كراهة شدّ الوسط

ذكر الشيخ ذلك في الخلاف فانه قال فيه يكره ان يصلّى مشدود الوسط و لم يكره ذلك احد من الفقهاء دليلنا اجماع الفرقة و طريقة الاحتياط انتهى و انت خبير بان مع هذا الكلام من الشيخ لا بعد في حمل القباء المشدود في كلامهم على ذلك كما اشار اليه في الذكرى فاستبعاد الشارح له ليس بشي ء و العجب من صاحب المدارك انه لم يكتف بالاستبعاد بل حكم بفساد ما حاوله الشهيد لان شدّ القباء غير المتحزّم فافهم

قوله و يمكن الاكتفاء في دليل الى آخره

لا حاجة له الى التمسّك به لما نقلنا عنه من التمسّك بالاجماع و الاحتياط

[الرابع المكان]

[واجبات مكان المصلي]

قوله و المراد به هنا

اى في بحث مكان المصلّى احترازا عن بحث المكان في الحكمة و الكلام او في بحث اشتراط اباحة مكان المصلّى احترازا عن بحث اشتراط صلاته فانّ من اشتراط طهارة جميع مكان المصلّى على ما نقل عن المرتضى رض الظاهر انه لم يرد بالمكان هذا المعنى بل ما يلاقى بدن المصلّى او ثوبه فافهم

قوله ما يشغله من التحيّز او يعتمد عليه

اى

ص: 206

اى الاعمّ منهما

قوله و لو بواسطة او وسائط

لا يقال اذا كان البيت الفوقانى غير مغضوب فيجوز الصّلاة فيه و ان كان التحتانى مغصوبا فكيف يصح اشتراط كون المكان بالمعنى الذى ذكره غير مغصوب اذا المراد به كما سيشير اليه كونه غير مغصوب للمصلى من حيث انه مصلّ ففى الفرض المذكور لا ضير اذا كان التحتانى مغصوبا لغير المصلّى و كذاك اذا كان مغصوبا له فانّه من حيث هو مصلّ في البيت الفوقانى ليس بغاصب للتحتانى بل تصرّفه فيه و اعتماده عليه قد ساغ له باعتبار ملكه للفوقانى فغصبه للتحتانى لو فرض كغصبه ملكا آخر لا تعلّق له بصلاته فلا يضرّ بصلاته فافهم ثمّ ان صاحب المدارك رحمه الله استجود هذا التعريف و نقل عن المحقق الشيخ فخر الدّين في الايضاح انه عرّفه بما يستقر عليه المصلّى و لو بوسائط و ما يلاقى بدنه و ثيابه و ما يتخلّل بين مواضع الملاقاة من موضع الصّلاة مما يلاقى مساجده و يحاذى بطنه و صدره قال و يشكل بانه يقتضى بطلان صلاة ملاصق الحائط المغصوب و كذاك وضع الثوب المغصوب الذى لا هواء له بين الركبتين و الجهة و هو غير واضح انتهى قلت فيما علّقناه على المدارك على قوله و كذا واضع الثوب المغصوب الى آخره و قد كتبته في اوائل زمن الترعرع يعنى ان هذا التعريف يقتضى بطلان صلاة من وضع بين الركبتين و الجبهة اعنى محاذى صدره او بطنه مثلا شيئا مغصوبا من الاشياء التى لا يتبعها هواء اى غير الارض كالثوب مثلا و ذلك لانه حكم بانّ ما ينخلل بين مواضع الملاقات مما يحاذى بطنه او صدره من حملة المكان الذى يجب اباحته و هو غير واضح و توضيحه انه لا ريب في ان الشي ء الذى استقر عليه احد اعضاء المصلّى مكان اعتبروا اباحة سواء كان ارضا او لا و كذا لا ريب في ان الفراغ الذى يشغله المصلّى مكان اعتبروا اباحة و يلزم منه وجوب اباحة الارض التى لا يستقر عليها شي ء من اعضاء المصلّى لكن يحاذى احدها كالصدر مثلا لان الارض يتبعها الفراغ الذى من سطحها الى السّماء في الاحكام فاذا كانت الارض مغصوبة يكون فراغها أيضا مغصوبا فلا تجوز الصلاة فيه على ما بيّنا و اما غير الارض مثل الثوب فلا يتبعه الفراغ و هو ظاهر و حينئذ فاذا فرض ثوب و لم يستقر عليه احد اعضاء المصلّى لكن وضع محاذيا للصدر مثلا وقت السجود فيظهر من التعريف وجوب اباحة لانه حكم بان ما يحاذى الصدر مثلا مكان و هو يشمل الارض و غيرها و هذا الحكم في الارض واضح كما بيّنا و في غيرها غير واضح اذ لا فراغ يتبعه حتى يلزم اباحته بذلك الاعتبار و لا دليل غيره فقوله الذى لا هواء له للتوضيح و التبيين اعنى الثوب المغصوب الذى ليس الهواء تابعا له في الحكم و فائدة هذا التقييد التنبيه على انّ مادة النقض ما كان كذلك اى لا يتبعه الهواء فيخرج الارض فان الحكم بوجوب اباحتها صحيح كما قررنا و المراد بالهواء هو الفراغ لا العنصر المعروف اذ لا يتعلّق به تبعيّة و حرمة الا بالعرض ما دام في ملك احد فتأمل

قوله و يجب كونه غير مغصوب

تحريم الصّلاة في المكان المغصوب مما اطبق عليه العامة و الخاصة و اما بطلانها فيه فقال في المنتهى انه ذهب اليه علمائنا و في الذكرى انه قول الاصحاب و في المدارك انه اطبق عليه علمائنا و في المعتبر انه مذهب الثلاثة و اتباعهم لكن لم ينقل فيه خلافا الا من العامة و بالجملة فلم ار فيما رايناه من الكتب نقل خلاف من الاصحاب في هذه المسألة لكن نقل ثقة الاسلام رحمه الله في الكافي عن الفضل بن شاذان كلاما في تحقيق بعض مسائل الطلاق و قال في تضاعيف ذلك انه لو دخل رجل دار قوم بغير اذنهم فصلّى فيه فهو عاض في دخوله الدّار و صلاته جائزة لان ذلك ليس من شرائط الصّلاة لانه منهى عن ذلك صلّى او لم يصلّ و كذلك لو ان رجلا غضب رجلا ثوبا نصب ليس او اخذه فلبسه بغير اذنه فصلى فيه لكانت صلاته جائزة و كان عاصيا في البسه ذلك الثوب لان ذلك ليس من شرائط الصّلاة لانه منهى عن ذلك صلّى او لم يصلّ و لو انه لبس ثوبا غير طاهر او لم يطهّر نفسه او لم يتوجّه نحو القبلة لكانت صلاته فاسدة غير جائزة لانّ ذلك من شرائط الصلاة و حدودها لا تجب الا للصّلاة و كذلك لو كذب في شهر رمضان و هو صائم بعد ان لا يخرجه كذبه عن الايمان لكان عاصيا في كذبه ذلك و كان صومه جائزا لانه منهى عن الكذب صام او افطر و كذا لو ترك الغرم على الصوم او جامع لكان صومه فاسدا باطلا لان ذلك من شرائط الصوم و حدوده لا يجب الا مع الصوم و كذلك لو حج و هو عاق لوالديه او لم يخرج لغرمائه من حقوقهم لكان عاصيا في ذلك و كانت حجة جائزة لانه منهىّ عن ذلك حج او لم يحج و لو ترك الاحرام او جامع في احرامه قبل الوقوف لكانت حجته فاسدة غير جائزة لان ذلك من شرائط الحجّ و حدوده و لا يجب الا مع الحجّ و من اجل الحجّ فكلما كان واجبا قبل الفرض و بعده فليس ذلك من شرائط الفرق لان ذلك اتى على حدة و الفرض جائز معه و كلّما لم يجب الا مع الفرض و من اجل الفرض فان ذلك من شرائطه لا يجوز الفرض الا بذلك انتهى و هو كما ترى صريح في الخلاف و هو من اعاظم قدماء الاصحاب رض هذا ثمّ انه لم يوجد نصّ في هذا الباب و معتمد الاصحاب في حكمهم بالبطلان هو ما ذهبوا اليه من امتناع كون الواحد مامورا به و منهيّا عنه اذ لا شكّ ان الحركات و السّكنات الواقعة في المكان المغصوب منهىّ عنها لحرمة الغصب فلو صحت الصّلاة فيه لكانت مامورا بها أيضا هف و ليس ذلك نهيا عما هو خارج عن العبادة حتى لا يلزم منه تعلق النهى بالعبادة لان الحركات و السّكنات من اجزاء الصّلاة بخلاف ذلك في الصّوم في المكان المغصوب اذا يكون في المكان ليس جزءا منه و لا شرطا فيه فالنهي عنه لا تعلق فيه بالعبادة و للتّأمّل فيما ذهبوا اليه من الامتناع المذكور مجال كما فصّلنا القول فيه في الاصول لكن لا محيد عما عليه اعاظم الاصحاب و اللّه تعالى اعلم بالصّواب

قوله و لو جاهلا بحكمه الشرعى

اى بحرمة الصّلاة في المكان المغصوب او الوضعى و هو بطلانها فيه لا باصل الغصب او ناسيا للحكم الشرعى او الوضعى او لأصل الغصب و قد سبق تحقيق هذه الفروع في بحث اللباس فقس عليها القول هاهنا أيضا كما اشرنا اليه هناك فتذكر و تبصّر

قوله و احترزنا بكون المصلّى هو الغاصب الى آخره

و ينبغى ان يراد المصلّى من حيث هو مصلّ فلو اذن للغاصب أيضا في خصوص الصّلاة كانت صلاته صحيحة و ان كانت صلاته صحيحة و ان كانت في المغصوب للمصلّى لانه لا يكون من حيث انه مصلّ غاصبا فافهم

قوله فان الصلاة فيه باذن المالك

و كذا صلاة المالك فيه صحيحة بلا خلاف الّا من الزيدية فلا بد من التقييد المذكور

قوله في المشهور

و مقابل الشارح قول الشيخ رحمه الله في المبسوط حيث قال فان صلّى في مكان مغضوب مع الاختيار لم تجز الصّلاة فيه و لا فرق بين ان يكون هو الغاصب او غيره ممن اذن له في الصّلاة فيه لانه اذا كان الاصل مغصوبا لم تجز الصّلاة فيه انتهى و فيه انه لم يرد نصّ بعدم جواز الصلاة في المغصوب حتى يتجه وقوف احد على ظاهر اطلاقه و يمنع منه مطلقا بل المنع عن الصّلاة فيه باعتبار حرمة التصرّف في ملك الغير بدون اذنه فيكون حراما فلا يمكن تحقق الامتثال به على قاعدتهم و ظاهر ان هذا لا يجرى مع اذن المالك و وجّه المصنف في الذكرى بان المالك لما لم يكن متمكّنا من التصرف فيه لم يعد

ص: 207

اذنه الاباحة كما لو باعه فانه باطل لا يلج للمشترى التصرف فيه قال في المدارك و هو كما قال لا ريب في بطلان هذا التوجيه لمنع الاصل و بطلان القياس هذا كله اذا كان مراده بالاذن هو المالك كما فهمه المحقق في المعتبر حيث قال بعد نقل هذا الكلام من الشيخ و الوجه الجواز لمن اذن له المالك و لو اذن للغاصب و العلامة رحمه الله في المنتهى جعل الآذن هو الغاصب فقال بعد نقل كلامه و هو حق لان تصرف الغاصب لا يصح فيه مباشرة فلا يصحّ اذنه و على هذا لا مخالفة للمشهور و اعترض عليه في الذكرى بانه لا يذهب الوهم الى احتمال جواز اذن الغاصب فكيف منعه الشيخ معللا له بما لا يطاق هذا الحكم و فيه انّه لا يجب حمل الكلام على ان غرضه دفع احتمال جواز الاذن بل كانه حمله على انه لا فرق بين ان يكون هو الغاصب او غيره ممن اذن له الغاصب احترازا عمن اذن له المالك و ذلك لانّ هذا الغير و ان لم يكن غاصبا لكن اذا كان الاصل مغصوبا لم يجز الصّلاة فيه اى بدون اذن المالك و ان لم يكن المصلّى غاصبا و قد اجمل الكلام في التعليل و تفصيله ما ذكرنا سابقا و حينئذ يندفع ما اورده لكن لا يخفى ما فيه من التكلف قال في الذكرى و يجوز ان يقرأ اذن بصيغة المجهول و يراد به الاذن المطلق المستند الى شاهد الحال فان طريان المغصب بمنع من استصحابه كما صرح به ابن ادريس و يكون فيه التنبيه على مخالفة المرتضى و تعليل الشيخ مشعر بهذا انتهى و لا يخفى ان التعليل على هذا الوجه أيضا عليل فان مذهب المرتضى جواز الصّلاة في الصّحارى المغصوبة استصحابا لما كانت عليه قبل الغصب ففى مقام الرّد على هذا القول دعوى انّه اذا كان الأصل مغصوبا لم تجز الصّلاة فيه بدون دليل عليه او شاهد له كما ترى فلا بدّ من قدح في الاستصحاب المذكور و بيان فارق بين المغصوب و غيره و ليس في كلامه منه عين و لا اثر و ما يقال للقدح فيه ان ان تجويز الصّلاة قبل الغصب باعتبار شهادة الحال برضا المالك فهو بمنزلة الاذن الصّريح و بعد الغصب لا شهادة للحال بذلك لانّ الملاك كثيرا ما يقولون بعد غصب اراضيهم انا لا نرضى بصلاة احد فيها حتى يكون اثم ذلك كلّه على الغاصب و مع ذلك فلا يبقى شاهد الحال بعد الغصب و هذه أيضا دعوى لم يظهر لنا صحّتها و ما اختاره المرتضى لا يخلو عن وجه و هو مختار العلامة هى ابى الفتح الكراجكى أيضا لكن كان الاحوط التجنب عنه منهما تيّسر و اللّه تعالى يعلم

قوله او تعدّت على وجه يعفى عنه

هذا هو الظاهر كما صرح به المصنف في الذكرى حيث قال و لو كان المكان نجسا بما عفى عنه كدون الدّرهم دما و يتعدى فالظاهر انّه لا عفو لانه لا يزيد على ما هو على المصلى انتهى لكن نقل فجر المحققين رحمه الله في الايضاع عن والده رحمه الله انّه قال الاجماع واقع على اشتراط خلوّ المكان من نجاسة متعدية و ان كان معفوّا عنها في الثوب و البدن و لا يظهر له وجه الا ان يثبت الاجماع فيكفى دليلا و لم يظهر ذلك لنا و كلام والده رحمه الله في المنتهى لا يفيد الاشتراط الخلو عن النجاسة المتعدية الغير المعفوّ فانّه ادعى اجماع علمائنا على انه يشترط في المكان ان يكون خاليا من نجاسة متعدّية الى ثوب المصلّى او بدنه و علّله بان طهارة و الثوب و البدن شرط في الصّلاة و مع النجاسة المتعدّية يفقد الشرط و ظاهر ان تعليله لا يفيد الّا ما ذكرنا و ظاهر كلامه رحمه الله في التذكرة خلاف ما نقله فانه قال يشترط طهارة المكان من النجاسات المتعدية اليه ما لم يعف عنها اجماعا منّا و به اكثر العلماء ثمّ لم يتعرض للمعفوّ عنها اصلا فالظاهر منه تخصيص اجماعنا بغير المعفوّ عنها كما قيده فتأمل

قوله و هو القدر المعتبر منه في السّجود

اى القدر الّذى اعتبر منه وضع الجبهة عليه و هذا هو المشهور و نقل عن ابى الصّلاح اشتراط طهارة مواضع المساجد السّبعة و عن المرتضى اشتراط طهارة جميع مكان المصلّى مطلقا و المعتمد ما هو الشارح امّا اعتبار طهارة ما يعتبر من موضع الجبهة فلعدم الخلاف فيه ظاهرا و الا لا يمكن المناقشة فيه أيضا اذ لم اقف في الاخبار على ما يدل على اعتبار طهارته بخصوصه سوى من سلمة الفقيه انه سئل الصّادق عليه السلام عن الصّلاة في بيوت المجوس و هى ترش بالماء قال لا باس به ثمّ قال و رايته في طريق مكة احيانا يرش موضع جبهته ثمّ يسجد عليه رطبا كما هو و ربّما لم يرش الموضع الّذى يرى انه نظيف و قوله و رايته الى آخره مذكور في الخلاف أيضا في ضمن حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيه بدل نظيف رطب و الظاهر ما في الفقيه و امّا عدم اعتبار طهارة الزائد عليه فللاصل و عدم ما يدلّ على ذلك و يدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن الشّاذكونة تكون عليه الجنابة ا يصلّى عليها في الحمل فقال لا باس بالصّلاة عليها و مثلها رواية محمد بن ابى عمير قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اصلّى على الشّاذكونة و قد اصابتها الجنابة قال لا باس و الشاذكونة على ما في شرحى الارشاد للشارح و المحقق الاردبيلى حصير صغير و حملهما على جواز الصّلاة عليها بالقاء صلّى آخر عليها يكون سقوط المصلّى مطلقا او مساجده السّبعة عليه بعيد جدّا بخلاف ارتكاب تلك العناية في خصوص موضع الجبهة على ما نقلنا من تفسير الشاذكونة لكن قال المطرزى في المعذب الشاذكونة بالفارسيّة الّذى ينام عليه و لا يخفى انّه على هذا المعنى و كانه اظهر في الخبرين خصوصا في رواية الحمل الحمل على الصلاة عليها بالقاء مصلّى عليها لانّه ليس ببعيد جدّا و قال في القاموس الشاذكونة بفتح الذّال ثياب غلاظ مصربة تعمل باليمن و هو لا يناسب مما في الخبرين فتأمل و يؤيده أيضا صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام انه سأله عن البيت و الدّار لا تصيبهما الشمس و يصيبهما البول و يغتسل فيهما من الجنابة أ يصلّى فيهما اذا جفّا قال نعم و الحكم بالتّأييد لاحتمال ان يحمل على جواز الصّلاة فيه و ان كان بالقاء مصلّى يصلّى عليه و صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البوارى يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها اذا جفت من غير ان تغسل قال نعم لا باس و جعله مؤيدا باعتبار احتمال الحمل على ما كان جفافها بالشمس فيظهر بذلك و يؤيده انه حينئذ لا حاجة الى التخصيص بما شوى موضع الجبهة بخلاف ما اذا حمل على الصّلاة عليها مع نجاستها فانه لا بد من استثناء موضع الجبهة و حملها على ان السّجود ليس عليها بل على تراب طاهر او نحوه و باقى الاعضاء عليه و موثقة عمار بن موسى انه سئل ابا عبد اللّه عليه السلام عن البارية قيل قصبها بما قذر هل تجوز الصّلاة عليها فقال اذا جفّت فلا باس بالصّلاة عليها و الكلام فيه كما في سابقه مع احتمال حمل القدر على غير النجس و حمل اشتراط الجفاف حينئذ على الاستحباب و امّا القولان الاخيران فلم اقف في الاخبار على ما يدلّ على واحد منهما بخصوصه بل الذي يستفاد من الاخبار اعتبار طهارة في مكان المصلّى اعم من ان يكون في جميعه او في المساجد السّبعة او في موضع الجبهة الا ان يكون يقال انه اذ استفيد ذلك و لم يعيّن ما يعتبر فيه الطهارة فالظاهر اعتبارها في جميع مكانه فتكون حجة للمرتضى و تلك الاخبار مثل ما ورد في الصّلاة في البيع و الكنائس و بيوت المجوس حيث امر بالرش و لصلاة و صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الصّلاة على بوارى النّصارى و اليهود الّذين يقعدون عليها في بيوتهم ا تصلح قال لا تصلّ عليها و صحيحة زرارة و حديد قالا

ص: 208

قلنا لأبى عبد اللّه عليه السلام السّطح يصيبه البول و يبال عليه أ يصلى في ذلك المكان فقال ان كان تصيبه الشمس و الريح و كان جافّا فلا باس به الا ان يكون يتّخذ مبالا و موثقة عبد اللّه بن بكير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الشاذكونة تصيبه الاحتلام أ يصلى عليها فقال لا لكن للجمع بين هذه الرواية و ما سبق من صحيحة زرارة و رواية محمد بن ابى عمير يجب حمل هذه الرواية على المنع باعتبار خصوص موضع الجبهة او حمل تينك على الصّلاة عليها بالقاء مصلّى عليها و يمكن ايضا حمل هذه على بقاء الرطوبة و حينئذ يسقط الاستدلال بها رأسا فتأمل و رواية عامر بن نعيم القمى انه سئل ابا عبد اللّه عن المنازل التى ينزلها الناس و منها ابوال الدواب و السّرجين و يدخلها اليهود و النصارى كيف يضع بالصّلاة فيها فقال صلّ على ثوبك و ظاهرها ان المنع ليس باعتبار خصوص موضع الجبهة اذ الصّلاة على الثوب لا يجدى فيه لعدم جواز السجود على الثوب و اذا القى عليه تراب و نحوه فامر بالقاء ثوب و الصّلاة عليه لذلك و ان كان لا بد معه من وضع شي ء عليه يصح السجود فتدبّر و نقل عن المرتضى رض الاحتجاج بقوله تعالى وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ و الرّجز هو النجس و الهجر هو الاجتناب بالكلية فيجب في جميع الاحوال و الازمان الا ما خرج بالدليل و مكان الصّلاة مما لم يقم دليل على اخراجه فيبقى داخلا تحت عموم الآية بل هو اولى الاحوال باشتراط الطهارة و انسبها و بما روى عن النّبى ص انه لا تجوز الصّلاة في سبعة مواطن المجزورة و المقبرة العتيق و المعتبرة و المزبلة و معاطن الابل و الحمام و قارعة الطّريق و فوق بيت اللّه فذكر المزيلة و المجزورة و المعتبرة لاجل النجاسة فكانت الطهارة مشترطة و بالاجماع على وجوب يجتنب المساجد عن النجاسة و ما ذلك الا لكونها مواضع الصّلاة و انما شرفت بذلك فيجب الاجتناب في مواضع الصّلاة مطلقا و لا يخفى ضعف الوجوه امّا الاول فلان الرجز مشترك بين ما ذكر و بين العقاب و الغضب فمن اين علم ان المراد في الآية الكريمة هو الأول مع ان عملها عليهما اولى لامكان جملها حينئذ على العموم بلا ارتكاب تخصيص فيه و اما الثانى فلان الرّواية مع كونها عامية محمولة في باقى السّبعة على الكراهة فمن اين علم ان الثلاثة على التحريم و لو حمل فيها ايضا على الكراهة فيسقط الاستدلال على ما ذكره الّا ان يقال ان الكراهة باعتبار كونها مظان النجاسة و يستفاد منها اعتبار الطهارة و فيه منع كون علة الكراهة ذلك فربما كان غيره كزيادة الاستقذار و الاستخباث فيها التى توجب تنفر النفوس عنها و لا يجرى ذلك في كل نجس و ايضا يمكن ان يكون النهى في المجزورة و المزبلة سواء كان للتحريم او الكراهة لتعدّى النجاسة فيهما غالبا و امّا المقبرة فالقول بكون المنع فيها لاجل النجاسة ليس الا الرجم بالغيب و لاعتبره به و امّا الثالث فلمنع كون العلة ما ذكر بل يجوز ان يكون ذلك لخصوصية المسجد كما ينبّه عليه حرمة تنجيسها في غير حالة الصّلاة و ليس كل مكان للصّلاة كذلك

قوله مطلقا

اى طاهر المسجد من النجاسة مطلقا سواء كان متعدية ام لا

[مستحبات مكان المصلي و أحكام المسجد]

قوله فالمسجد الحرام بمائة الف

ماخوذ من رواية الفقيه عن خالد بن ماد القلانسى عن الصّادق عليه السلام انه قال مكة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علىّ بن أبي طالب عليه السلام الصّلاة فيها بمائة الف صلاة و الدرهم فيها بمائة الف درهم و المدينة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم على بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة و الدرهم فيها بعشرة آلاف درهم و الكوفة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علىّ بن أبي طالب عليه السلام الصّلاة فيها بالف صلاة و سكت عن الدرهم و لا يخفى ان ظاهر الخبر ان هذه المراتب للصلاة في تلك البلدان لا بخصوص مساجدها المعروفة لكن الاصحاب حملوها على الثانى و ليس ببعيد و يشهد لهم موثقة عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في المدينة هل هى مثل الصّلاة في مسجد رسول اللّه ص قال لان الصّلاة في مسجد رسول اللّه ص الف صلاة و الصّلاة في المدينة مثل الصّلاة في ساير البلدان لكن ما يبقى بين الخبرين من ضرب من التنافى حيث جعل في اوّل الصّلاة في المدينة اى مسجد النبي ص بعشرة آلاف الصّلاة و جعل في الثانى الصّلاة فيه الف صلاة موافق للكوفة على الرواية الاولى و هذا ايضا اشكال آخر للقطع بمزية المسجد النبوي على مسجد الكوفة و قد روى في التهذيب في الصّحيح عن معاوية بن عمار عن الصّادق عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الصّلاة في مسجدى كالف في غيره الا مسجد الحرام فان الصّلاة فيه تعد لألف صلاة في مسجدى و هذه الرّواية في الفقيه ايضا مرسلا عن رسول اللّه ص و لا يخفى ما بين هذه الرواية ايضا و الرواية الاولى من التنافى المذكور و ايضا بينهما تناف من وجه آخر فان مقتضى الرواية الاولى كون الصّلاة في مسجد الحرام بعشرة صلاة في مسجد المدينة و قد صرح في الثانى بان الصّلاة في مسجد الحرام تعدل الف صلاة في مسجد النبي و ايضا قد صرح في الاول بان الصّلاة فيها بمائة الف صلاة و مقتضى الثانى كونه بالف الف صلاة فانه جعلت فيه كالف صلاة في مسجد النّبى ص و جعل الصّلاة فيه كالف صلاة في غيره و يمكن رفع الاشكالات بحمل الرواية الاولى على تضاعف الصّلاة فيها بتلك المراتب اى كما تضاعف فيه الحسنات مطلقا بعشر امثالها تضاعف الصّلاة بمكة بالف صلاة و حمل الخبرين الآخرين على ان الصّلاة في مسجد المدينة كالف صلاة في غيره كما صرّح به في الخبر الاخير و هذا معنى آخر غير ما ذكر من التضاعف في الخبر الاول و حينئذ يندفع الاشكال الأول و هو ظاهر و كذا الثانى فان ما ذكر فيه ان مقتضى الرواية الاولى كون الصلاة في المسجد الحرام بعشرة صلاة في مسجد المدينة فم بل مقتضاها ان تضاعف الصّلاة فيه اكثر من التضاعف في مسجد المدينة بعشر و هذا لا ينافى كون الصّلاة فيه تعدل الف صلاة في مسجد المدينة فانه معنى آخر و كذا الثالث فان ما صرّح به في الأول تضاعف الصّلاة فيها بمائة الف و مقتضى الثانى كون الصّلاة فيها الف الف صلاة في غير المسجدين و لا منافاة بينهما و على تقدير حمل الخبر الاول ايضا على وفق الخبرين الاخيرين على ان الصّلاة فيها بمائة الف صلاة في غيرها و هكذا يمكن دفع التنافى الاوّل عن الروايتين بان الصّلاة في المسجد النبوي يمكن ان يكون بالف صلاة في غيره فحينئذ ربما اخبر بذلك من غير اعتبار تضاعف فالخبر ان الاخير ان تحملان على ذلك و ما في الخبر الاول من انها بعشرة آلاف يمكن ان يكون باعتبار ان كل صلاة في غيره بعشر امثالها كما في كل حسنة فاذا كانت الصّلاة في المسجد النبوي بالف صلاة في غيره فتكون بعشرة آلاف صلاة بعد اعتبار التضاعف و بهذا يمكن دفع الثالث أيضا بان يقال ان الصّلاة في المسجد الحرام بمائة الف صلاة غير مضاعفة و بالف الف صلاة مضاعفة لا يقال انك دفعت المنافاة الاول بحمل الحكم بكون الصلاة في المسجد النبوي بالف صلاة على غير المضاعفة فكيف تحمل هاهنا على المضاعفة لانا نحمل هاهنا هذا الالف على المضاعفة بل نحمل كون الصلاة في المسجد الحرام بالف صلاة فيه في المسجد النبوي على المضاعفة فيمكن ان يكون في الواقع بمائة صلاة في المسجد النبوي ص ثمّ اذا اعتبر تضاعف كل منها فتصير بالف صلاة فيه و بهذا يندفع ما ذكر من المنافاة و بهذا يمكن دفع المنافاة الثانية ايضا فانما ذكر انّ مقتضى الرواية الاولى

كون الصّلاة في المسجد الحرام بعشرة صلاة في المسجد النبوي انما هو عند اعتبار تضاعف ما في المسجد النبوي و عدم تضاعف ما في المسجد الحرام و اما اذا اعتبر تضاعف ما في المسجد الحرام و عدم تضاعف ما في المسجد النبوي فتصير الصّلاة في المسجد الحرام التى هى بمائة الف صلاة على ما في الخبر الاول بالف

ص: 209

الف صلاة و تصير الصلاة في المسجد النّبوى التى هى بعشرة آلاف على ما في الخبر بالف فتكون الصّلاة في المسجد الحرام بالف صلاة في المسجد النّبوى و تطابق ما في الرواية الاخيرة هذا ما سنح لى في دفع الاشكال في خصوص هذه الاخبار و يمكن دفع امثال هذه الاشكالات هاهنا عن هذه الاخبار و عن نظائرها بتنزيل مثل هذه الاختلافات على اختلاف الاشخاص و الاحوال و الموارد و المواد فربما كان فضل شي ء على آخر في مادة بعشر مثلا و في مادة اخرى بازيد منها او انقص او تنزيل ذلك على وقوع الاختلاف في الاخبار عن الحال المصلحة تقتضى ذلك فربما كان مثلا فضل شي ء على آخر بالف مثلا و جاز اخبار جمع بذلك انهم الاذعان بما سمعوا و ربما اقتضى المصلحة عدم اخبار جمع آخر بذلك لكونهم مثلا قاصرين عن مرتبة اليقين الكامل فلو اخبروا بحقيقة الحال فحملوه على المبالغة و الخبر؟؟؟ فاقتضى المصلحة الاخبار بما دون ذلك فيقال ان فضله بمائة و ربما كان جماعة قاصرين عن مرتبة هؤلاء ايضا فينبغى اخبارهم بما هو دون ما اخبر هؤلاء فيقال ان فضله بعشرة مثلا و لا محذور في ذلك لان الكل حق و ليس في ذلك شائبة كذب او جزاف الى غير ذلك من الحكم و المصالح هذا و اجاب الشارح في شرح الارشاد عن الاشكال الاخير بان الالف الف صلاة منها الف في مسجد النبي ص و الباقى في غيره كما يقتضيه الكلام و المائة الف المذكورة في الحديث الآخر ليس فيها تعيين موضع الصّلاة فيمكن ان يقع في اماكن مختلفة الفضيلة بحيث يطابق العدد المذكور في الاول فان المائة الف مع اطلاقها كما يحتمل النقصان عن الألف الف كما هو الظاهر يمكن زيادتها عليه كما لو وقعت في مسجد النبي ص لعدم تعيين مكانها فليحمل على وجه يساوى العدد الآخر توفيقا بين الاخبار بقدر الامكان و بمثله يمكن دفع الاشكالين الآخرين ايضا و لا يخفى ما في قوله منها الف في مسجد النبي ص و الباقى في غيره فان الالف الف انما حصل بان الصّلاة فيه تعدل الف صلاة في مسجد النّبوى و كل صلاة فيه تعدل بالف صلاة في غيره فالصّلاة في المسجد الحرام تعدل الف الف صلاة ليس شي ء منها في مسجد النّبى ص فكان الظاهر ان يقول ان الالف الف في غير مسجد النبي ص و المائة الف الى آخر ما ذكر ثمّ لا يخفى ما في اصل الجواب من التكلف فتأمل

قوله و منه الكعبة

لا يذهب عليك ان اثبات تلك الفضيلة للصّلاة في الكعبة ينافى كراهة الصلاة فيها كما هو المش او حرمتها كما ذهب اليه الشيخ في الخلاف و ابن البراج و ادعى عليه في الخلاف الاجماع الا ان يقال ان الكراهة انما هى للصّلاة المكتوبة فيها دون النافلة كما هو المش و مراد المش هاهنا اثبات تلك الفضيلة للصلاة في الكعبة في الجملة و هو في النافلة و امّا الفريضة فيها فنخصّصه بما ذكروه و فيه ان المش بينهم تخصيص ما ورد من الفضيلة في المساجد بصلاة الفريضة دون النافلة و حكموا بان صلاة النّافلة في المنزل افضل من المسجد لكن الشارح يرجح في بعض فوائده رجحان فعلها ايضا في المسجد كما يظهر في الاخبار فلعل بناء كلامه هاهنا عليه لكنه بعيد و الاظهر ان بناء كلامه على ما هو المش من القول بالكراهة و حمل الكراهة فيها على اقليّة الثواب كما ذكره جمع في معنى الكراهة في العبادات و يظهر من الشارح رحمه الله ايضا في مواضع و حينئذ فكراهة الصّلاة فيها بمعنى اقليّة ثوابها بالنّسبة الى الخارج منها من المسجد و هذا لا ينافى ثبوت تلك الفضيلة لها كما اشار اليه الشارح و لعل غرض الشارح رحمه الله ايضا الاشارة الى ما ذكرنا في دفع الاشكال و امّا ما ورد في الاخبار من المنع مثل قوله عليه السلام لا تصلّ المكتوبة في الكعبة و لا تصلح المكتوبة جوف الكعبة فكانه ايضا لذلك اى الغرض منه تركها فيها و فعلها في الاجزاء الاخرى من المسجد لاستدراك الفضيلة الزائدة هذا لكن الظاهر ان حمل الكراهة على هذا المعنى و كذا تعليل النهى و المنع في الاخبار بمثل ذلك تعسّف جدّا كما فصّلنا في الاصول ثمّ لو حملت الكراهة على اقلية الثواب فلا بد ان يعتبر ذلك بالنسبة الى الافراد المتوسطة التى لا تشتمل على مزيّة زائدة كالصّلاة في الحمام مثلا بالنسبة الى الصّلاة في البيت و هاهنا يجب ان يعتبر بالنسبة الى الصّلاة في باقى المسجد ففيه تعسّف في تعسّف هذا و لا يذهب عليك انه و ان امكن تصحيح الكراهة بالمعنى المش في العبادة مع القول يترتّب الثواب عليها على ما فصلنا في الاصول لكن الظاهر هاهنا بعد تسليم تناول المسجد للكعبة تخصيصه هاهنا بما عداها بقرينة ما ورد من المنع فيها فيرتفع الاشكال بل لا يبعد دعوى ان المتبادر منه هو ما عداها و حينئذ فلا حاجة الى التخصيص فتأمل هذا ما كتبته على هذا المقام في سالف الزمان و لم يكن عندى في تلك الاوقات شرح الارشاد للشارح رحمه الله و في هذا الوقت راجعت اليه فقد تعرض فيه لما اشرت اليه من الاشكال و قرّره هكذا مسجد الحرام مشتمل على الكعبة و قد تقدم ان الفريضة فيها مكروهة فالصّلاة فيها و في باقى المسجد اما ان يتساويا في الفضل او يتفاوتا و يلزم من الاول مساوات المكروه لغيره و من الثانى اختلاف جهات المسجد في الفضيلة و قد ورد الخبر بتعليق العدد المعين على الصّلاة فيه من غير تخصيص بجهة و اجاب بان مساوات الصّلاة في الكعبة لباقى المسجد في عدد المضاعفة لا يستلزم المساوات في الافضلية لجواز ترتب الثواب على العدد الحاصل في سائر المسجدان يدين الثواب المترتب على العدد الحاصل من الصلاة في الكعبة و هذا هو شأن الصّلاة المكروهة بالنسبة الى غيرها المساوى لها فان صلاة ركعتين مثلا في وقت او مكان مكروهين اقلّ ثوابا من ركعتين في غيرهما مع تساويهما عددا و يقيد اطلاق المسجد بما عدا الكعبة لخروجها بامر خاص فيكون كالعام المخصوص بمنفصل مع انه لا قاطع بكون الكعبة من جملة المسجد لجواز كونه حولها و يدلّ عليه اختصاصها باسم خاص و حكم خاص و ما الدليل على كونها من جملته و اللّه اعلم انتهى و ما ذكره من الجواب اوّلا هو ما اشرنا الى ان الاظهر ان بناء كلامه عليه و ما ذكره آخرا بقوله او يقيد هو الوجه الظاهر الذى ذكرناه في دفع الاشكال فتأمّل

قوله و زوائده الحادثة

الحكم باشتراك زوائده الحادثة في هذا القدر من الفضيلة باعتبار ان الزوائد كانت في زمن الصّادق فاخباره بتلك الفضيلة من غير تفصيل و تخصيص بالمسجد القديم ظاهر في شمولها للجميع و لا يخفى ان الحكم بمجرّد ذلك لا يخلو عن اشكال و حمل كلام الصّادق عليه السلام على ما هو المعهود في زمان النبي ص و ان تقدّمت الزوائد على زمانه عليه السلام ليس ببعيد بل لا يبعد دعوى انصراف الاطلاق اليه فان الزوائد بمنزلة مسجد متجدد و يؤيّد ذلك ما في حسنة زرارة بإبراهيم عن الباقر عليه السّلام انه كان يأخذ بيدى في بعض الليل فينتحى ناحية ثمّ يجلس فيتحدّث في المسجد الحرام فربما نام فقلت له في ذلك فقال انما يكره ان ينام في المسجد الذى كان على عهد رسول اللّه ص فاما الذى في هذا الموضع فليس به باس و امّا ما استشكل ان القول بمساوات الزائد للاصل يستلزم الحاق كل ما يزاد به حق لو زيد في هذا الزمان به شي ء لزم ان يكون ثوابه مثل ثوابه اذ لا مزية للزائدين في ذلك الوقت على غيرهم لو لم يكن الأمر بالعكس فليس بشي ء لمنع الاستلزام إذ ربما كان للزائد في ذلك الزمان خصوصية ليست لغيره فاذا حكم بادخال تلك الزوائد في الفضيلة نظرا الى ظاهر الحديث لا يمكن الحكم بذلك فيما لا نصّ فيه باعتبار المشاركة في المعنى أ لا ترى انا

ص: 210

متعبّدون في هذا الزّمان بقراءة القرآن الذى بنينا بخلاف ما لو غير نظمه و الّف على نظّم آخر مع عدم مزية للمؤلف الاول و ايضا لا محذور في ترتب تلك الفضيلة على كل زائد الى يوم القيمة بحيث ما يطلق عليه المسجد الحرام عرفا و فضل اللّه اوسع من ان يستبعد من امثال ذلك منه تعالى

قوله و ان اختصّ الافضل بامر آخر

امّا بان يزيد فيه على ذلك العدد او يختصّ ما يشتمل عليه من العدد على مزيّة زائدة و الموافق لما نقلنا عنه في شرح الإرشاد من جواب الاشكال هو الثانى فتذكّر

قوله و كل من مسجد الكوفة و الاقصى

قد سبق ما يدل على ذلك في مسجد الكوفة من رواية خالد بن مادّ القلانسى و يدل عليه ايضا رواية هارون بن خارجة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في وصف مسجد الكوفة و في آخره و ان الصّلاة المكتوبة فيه لتعدل بالف صلاة و ان النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة و ان الجلوس فيه بغير تلاوة و لا ذكر لعبادة و لو علم الناس ما فيه لأتوه و لو حبوا و امّا ما يدلّ عليه في الاقصى فما رواه في التهذيب عن السكونى عن جعفر عن ابيه عن علىّ صلوات اللّه عليه قال صلاة في البيت المقدّس تعدل الف صلاة و صلاة في المسجد الاعظم مائة صلاة و صلاة في مسجد القبيلة خمسة و عشرون صلاة و صلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة و صلاة الرّجل في بيته وحده صلاة واحدة و في الفقيه ايضا مثله مرسلا عن علىّ عليه السلام و في بعض نسخه مائة الف صلاة و كانه سهو الا ان يحمل المسجد الاعظم على المسجد الحرام و لا يلائمه ذكره بعد المسجد الاقصى و ليس في بعض نسخ الفقيه لفظ وحده و كان التقييد به للاشارة الى ان الصّلاة في البيت تتضاعف باعتبار الجماعة كما سيجي ء في بحث الجماعة و انما تكون واحدة اذا كان الرجل في البيت وحده و التخصيص بالرجل ايضا يمكن ان يكون للاشارة الى ان صلاة المرأة في البيت وحدها ليست كذلك لانّ بيتها مسجدها كما سيجي ء فربما يتضاعف لها الصّلاة فيه فلا تغفل

قوله و مسجد المرأة بيتها

يدلّ عليه رواية التهذيب عن يونس بن ظبيان قال قال ابو عبد اللّه خير مساجد نساءكم البيوت و رواه في الفقيه ايضا مرسلا عنه عليه السلام و في الفقيه ايضا روى ان خير مساجد النساء البيوت و صلاة المرأة في بيتها افضل من صلاتها في صحن دارها و صلاتها في صحن دارها افضل من صلاتها في سطح بيتها و تكره للمرأة الصّلاة في بيت غير محجّر و في الفقيه ايضا روى هاشم [هشام] بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال صلاة المرأة في مخدعها افضل من صلاتها في بيتها و صلاتها في بيتها افضل من صلاتها في الدّار

قوله بمعنى ان صلاتها فيه افضل من خروجها

كانه يحتمل وجوها الاوّل ان يكون المراد ان صلاتها في بيتها تتفضل على صلاتها في المسجد كما في الرجال و لا يكون لها فضل في الخروج الى المسجد بل لو خرجت اليها فلها فضل اصل الصّلاة بدون مزية كما في صلاة الرّجل في البيت و الحاصل انّ صلاة الرجل و المرأة في المسجد و في البيت يتعاكسان في الفضيلة و اما ان فضل صلاتها في البيت على صلاتها في المسجد بمرتبة فضل صلاة الرّجل في المسجد على صلاته في البيت فغير معلوم بل ربما كان كذلك و ربما كان ازيد او انقص و على أيّ تقدير فهل ترجيحه مطلقا على مسجد في الجملة او على جميع المساجد او عند ما ارادت الخروج الى مسجد على الخروج اليه او على الجميع اوجه و الذى يمكن الحكم به ترجيحه عند ما ارادت الخروج الى مسجد و تركته للتستر على ما إرادة الخروج إليه و أنه لا يكفي حينئذ ترجيحه على مسجد في الجملة له فضيلة زائدة فترجيح صلاتها في البيت على الصّلاة في المسجد في الجملة لا يوجب منعها عما ارادت الخروج اليه مع ان ظاهر الاخبار المنع عن الخروج مطلقا و امّا ما سوى ذلك من الحكم عند عدم ارادة الخروج فترجيحه على مسجد في الجملة او على جميع المساجد و عند ارادته على جميع المساجد من غير تخصيص بما ارادت الخروج اليه فهو قول بمجرد الاحتمال و الرّجم بالغيب

إذ ربما ارادة الخروج إلى مسجد له الثانى ان يكون المعنى ان للصّلاة في المسجد فيها ايضا فضلها كما في الرجال و مع ذلك صلاتها في بيتها افضل من صلاتها في مسجدها و هل هى حينئذ افضل مطلقا من الصّلاة في المسجد في الجملة او من جميع المساجد او عند ما ارادت الخروج الى مسجد على الخروج اليه او على الجميع اوجه على قياس ما ذكرنا او لا

الثالث ان يكون المراد افضلية صلاتها في البيت باعتبار كراهة خروجها الى المسجد لا لمزية زائدة في الصّلاة في البيت فالصلاة في البيت فيها و في الرجل سواء في عدم فضيلة زائدة لها و لا يكون الفرق بينهما الا باستحباب الخروج الى المسجد له و كراهته لها فتأمل

قوله او بمعنى كون صلاتها فيه كالمسجد في الفضيلة

اى كالصّلاة فيه و ظاهره ان المراد ان المرأة تؤتى بصلاتها في البيت من الفضل ما تؤتى بصلاتها في المسجد فلا حاجة لها الى طلب الفضل بالخروج و لا يخفى ان ظاهر كلامهم موافقا لما نقلنا من الاخبار ترجيح صلاتها في البيت على الخروج لا مجرد عدم افتقارها الى الخروج فالظاهر هو ما ذكره اولا فتدبّر

قوله و هل هو كمسجد مطلق

فيكون له فضيلة اصل المسجد من غير مزية زائدة اى فضيلة اقل المساجد فضلا و قد ظهر لك بما قررنا سابقا ان هذا الاحتمال لو اتجه انما يتجه عند عدم ارادتها الخروج الى مسجد او عند ارادة مسجد في الجملة و امّا عند ارادة مسجد له مزية زائدة فكون صلاتها في البيت كالصّلاة في المسجد في الجملة لا يوجب عدم افتقارها الى الخروج الى ما ارادته مع ان الغرض ذلك على ما ذكره فافهم و قد ظهر ايضا ان عند عدم ارادة الخروج يحتمل عدم ثبوت الفضيلة اصلا و يحتمل ايضا في الصّورتين ان يكون صلاتها في البيت كصلاتها في افضل المساجد لكنه لا يخلو عن بعد

قوله او كما تريد الخروج اليه

فعند عدم ارادة الخروج لا يكون لصلاتها في بيتها مزية اصلا باعتبار ان فضيلتها باعتبار تركها الخروج و قصد الصيانة و التستر بذلك فاذا لم يكن ذلك فلا فضل و يمكن ان يكون غرضه او كما تريد الخروج اليه عند ارادتها الخروج و امّا عند فقدها فهو كمسجد مطلق فتأمل

قوله فمن بنى مسجدا

مأخوذ من حسنة ابى عبيدة الحذاء بإبراهيم بن هاشم قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة قال ابو عبيدة فمرّ بى ابو عبد اللّه عليه السلام في طريق مكة و قد سوّيت احجار المسجد فقلت له جعلت فداك نرجو ان يكون هذا من ذاك فقال نعم كذا في التهذيب و مثله في الكافي و قال في الفقيه و قال ابو جعفر عليه السلام من بنى مسجدا كفحص قطاة بنى اللّه له بيتا في الجنّة قال ابو عبيدة الحذاء و مرّ بى و انا بين مكة و المدينة اصنع الاحجار فقلت هذا من ذاك فقال نعم

قوله تكشفه القطاة

اى تميّزه عما حوله و تعدّه لان تبيّض فيه او تكشف عنه ما تلبّد عليه من التراب او وقع عليه او خالطه من غير التراب

قوله و يستحب اتخاذها مكشوفة

اى غير مسقفة كما يفهم من قول الشارح للاحتياج الى السقف و مستندهم مرسلة الفقيه عن ابى جعفر عليه السلام قال اولى ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها و يأمر بها فيجعلها عريشا كعريش موسى و في حسنة عبد الله بن سنان بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام ثمّ اشتد عليهم اى على المسلمين الحر فقالوا يا رسول اللّه لو امرت بالمسجد فظلّل فقال نعم فامره به فاقيمت فيه سوارى من جذوع النخل ثمّ طرحت عليه العوارض و الخصف و الاذخر فعاشوا

ص: 211

فيه حتى اصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم فقالوا يا رسول اللّه لو امرت بالمسجد فطيّن فقال لهم رسول اللّه ص لا عريش كعريش موسى عليه السلام فلم يزل كذلك حتى قبض ص و ظاهر هذين الخبرين انه لا باس بالتظليل بالعريش و نحوه و انما يكره التسقيف و ان عند الحاجة ايضا لا تزول كراهة التسقيف بل ينبغى الاقتصار معها على التظليل فما ذكره الشارح من عدم كراهة تسقيف البعض للحاجة الى السقف في اكثر البلاد محلّ تامّل لانّ رسول اللّه ص لم يرض بالتسقيف مع الحاجة و هذا و ان امكن ان يكون باعتبار عدم سعة المكان يومئذ لتسقيف البعض و كشف البعض بحيث يسع كل منهما المصلّين لكن لا شاهد على هذا التّجويز من الاخبار و ظاهر الروايات اطلاق المنع و عمدة الحاجة اليه تندفع بالتظليل و ما لا يندفع به كوكف المطر فالامر فيه سهل على ان عند المطر لا يتاكد استحباب التردد الى المسجد كما اشتهر الرواية عنه ص اذا ابتلّت النّعال فالصّلاة في الرّجال و النعل فيه على ما ذكره الهروى في الغريبين نقلا عن ابى منصور ما غلظ من الارض في صلابة و مثله في النهاية و زاد فيها و انما خصّها بالذكر لان ادنى بلل ينديها بخلاف الرخوة فانها تنشف الماء و امّا صحيحة الحلبى على ما في المنتهى قال سألته عن المساجد المظلّلة يكره القيام فيها قال نعم و لكن لا نظركم الصّلاة فيها اليوم و لو قد كان العدل لرايتم انتم كيف يضع في ذلك فينبغى ان يحمل التظليل فيها على خصوص التسقيف جمعا بين الاخبار

قوله و الميضاة على بابها

لما فيه من مصلحة المتردّدين اليها و لئلا يتاذى اهل المسجد برائحتها الخبيثة في الحديثة و لرواية ابراهيم بن عبد الحميد عن ابى ابراهيم عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جنّبوا مساجدكم صبيانكم و مجانينكم و بيعكم و شرائكم و اجعلوا مطاهركم على ابواب مساجدكم

قوله على تقدير سبق إعدادها على المسجدية

و عدم اجراء صيغة المسجدية عليها بعد ذلك و الا لم ينفع السّبق في الحديثة و هو ظاهر و قال ابن ادريس في السّرائر و ينبغى ان تكون الميضاة على ابوابها و لا يجوز ان تكون داخلها و لعل مراده بعدم الجواز الكراهة بقرينة قوله و ينبغى اوّلا او محمول على احدى الصّورتين و هو سبق المسجدية او اجراء صيغتها بعد ذلك على الجميع فيخصّ على الاخير بالحديثة فتأمل

قوله و الحديثة ان اضرّت بها

و على تقدير عدم الضرر ايضا التصرّف في الوقف بما يوجب تغييره عن وضعه و هيئته لا يخلو عن اشكال كما ستقف عليه انشاء اللّه تعالى في كتاب الوقوف الا ان يكون قد اذن للمتولّى في امثال ذلك في متن الصيغة و حينئذ فلا حرمة و لكن يكره كما صرّح به في شرح الارشاد لكراهة الوضوء من البول و الغائط في المسجد كما ذكره الاصحاب و يدل عليه صحيحة رفاعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام فلما ينفك المتوضّئون فيهما و كان تتمته ان وضع الحديثة في المسجد اعانة على المكروه لما نعلم من عدم مبالات اكثر الناس في المكروهات و على تقدير المبالات فنقل فائدتها جدّا و يمكن تأييد ما ذكره بمفهوم رواية عبد الحميد السابقة أيضا لكن لا يخفى انه اذا كان على الباب ايضا ميضأة ففى الحاجة الناس فتندفع مفهوم الرّواية و يشكل الحكم بكراهته حينئذ بمجرّد انّ فيه اعانة لبعض النّاس ممن لا يبالون على فعل المكروه فتأمل

قوله و الّا حرم

قد اطلق الحكم بالحرمة هنا و فيه تأمل و الظاهر هاهنا تقييد الحرمة بالاضرار او بما اذا لم يكن مأذونا في الوقف في امثال هذه التصرّفات و اما مع الاذن و عدم الاضرار و لا وجه للحرمة كما سبق في الميضاة الحدثية و قال الشيخ في ية لا تجوز المنارة في وسطها و كانّه اراد به الكراهة او يقيّد باحد الوجهين

قوله و يمكن شمول كونها مع الحائط الى آخره

و الذى يدلّ على عدم استحباب التعلية ما روى السّكونى عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السّلام ان عليّا عليه السلام مرّ على منارة طويلة فامر بهدمها ثمّ قال لا ترفع المنارة الا مع سطح المسجد و قد علّل ايضا بانه لئلا يشرف على الجيران و لا يبعد حمل عبارة المصنف على مجرّد هذا لا ما يشمل المعنى الاوّل ايضا اذا لم اقف على رواية تدلّ على استحباب ذلك و قد علّله العلّامة في ية بما فيه من التوسعة و رفع الحجاب عن المصلّين لكن المصنف رحمه الله في كتبه الثلاثة صرّح بالامرين جميعا ثمّ الظاهر كما يستفاد من تعليلهم ان المراد من جعل المنارة مع الحائط جعلها بتمامها داخلة فيه و عبارة البيان نشعر بان المراد جعلها قريبة منه او متّصلة به و لو بادخال بعضها فيه لا جعل جميعها فيه حيث قال في عدّ المكروهات و المنارة وسطها بل مع حائطها موازية له انتهى و ذلك لان المواذاة اذا حملت على ظاهرها لا تتصور مع دخول جميعها فيه فتدبّر

قوله تشريفا لليمنى فيهما

ظاهره كما في المعتبر و غيره انه اشارة الى مستند الحكم و كانهم غفلوا عن رواية وردت به و هى ما رواه في الكافي عن يونس عنهم عليه السلام قال الفضل في دخول المساجد ان ابتدأ برجلك اليمنى اذ ادخلت و باليسرى اذ اخرجت

قوله و المصنف تبع الرواية

فلعلّ الراوى هاهنا او نقل بالمعنى و غير التعهّد الى التعاهد هذا مع عدم صحة الرواية فيمكن القدح فيها لذلك و لا يقدح ذلك في حكمهم باستحبابه اذ يكفى فيه ما اشار اليه من الاحتياط للطهارة و اما لو ثبت وقوعه في كلام المعصوم فيكون هو افصح لانهم عليه السلام افصح الفصحاء لا سيّما النّبى ص الذى اسندت الرواية اليه ص و لا عبرة بنصّ الجوهرىّ بذلك بعد ما ذكرنا و هو ظاهر اللّهمّ الا ان يجوّز وقوع غير الافصح في كلامهم و محاوراتهم عليه السلام امّا مطلقا او لعلّة و نكتة و انما الممنوع منه وقوع غير الفصيح و التعاهد ليس كذلك ثمّ لا يخفى ان المفسّرين كصاحب الكشاف و البيضاوى و غيرهما كثيرا ما يحملون فاعل على معنى فعل و يجعلون النكتة في العدول ان الزنة في اصلها للمغالبة و المباراة و الفعل متى غولب فيه فاعله جاء ابلغ و احكم منه اذا زاوله وحده من غير مغالب و لا مبار لزيادة قوّة الداعى اليه و لا يخفى انه يمكن اجراء مثل هذه النكتة هاهنا ايضا بان يكون العدول الى زنة التفاعل الذى اصلها ان يكون بين اثنين اشارة استحباب المبالغة في تعهده لان الشخص يبالغ في الفعل بينه و بين غيره اشدّ مما اذا زاوله وحده هذا و كيفما كان ففى عبارة الشارح من الخزازة ما ترى فلا تغفل

قوله بالمنقول و غيره

لان المساجد مظان الاجابة و في رواية العلا بن الفضيل عمن رواه عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا دخلت المسجد و انت تريد ان تجلس فلا تدخله الا طاهرا و اذا دخلته فاستقبل القبلة ثمّ ادع اللّه و أسأله و سمّ حين تدخله و احمد اللّه و صلّ على النّبى ص و من المنقول ما في حسنة الفقيه عن عاصم بن حميد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال من دخل سوقا او مسجد جماعة فقال مرة واحدة اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شريك له و اللّه اكبر كبيرا و الحمد للّه كثيرا و سبحان اللّه بكرة و اصيلا و لا حول و لا قوّة الّا باللّه العليّ العظيم و صلّى اللّه على محمّد و آله اجمعين عدلت حجة مبرورة و ما في الكافي من حسنة عبد اللّه بن سنان بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا دخلت المسجد فصلّ على النّبى و اذا خرجت فافعل ذلك و ما في موثقة التهذيب عن سماعة قال اذا دخلت المسجد فقل بسم اللّه و السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه و ملائكته على محمّد و آل محمّد و السّلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته ربّ اغفر لى ذنوبى و افتح لى ابواب فضلك و اذا خرجت فقل مثل ذلك و في بعض النسخ صلى اللّه

ص: 212

عليه و آله انّ اللّه و ملائكته يصلّون على محمّد و آل محمّد الى آخره و في التهذيب ايضا عن عبد اللّه بن الحسن قال اذا دخلت المسجد فقل اللّهمّ اغفر لى و افتح لى ابواب فضلك و هما مقطوعتان و في الكافي عن ابى حفض العطّار قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول قال رسول اللّه ص اذا صلّى احدكم المكتوبة و خرج من المسجد فليقف باب المسجد ثمّ ليقل اللّهمّ دعوتنى فاجبت دعوتك و صلّيت مكتوبك و انتشرت في ارضك كما امرتنى فاسألك من فضلك العمل بطاعتك و اجتناب سخطك و الكفاف من الرّزق برحمتك

قوله و صلاة التحيّة

قال في الذكرى فاذا دخل فليصلّ ركعتين تحيّة المسجد لما رواه ابو قتادة عن النّبى ص قال اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين و ليدع اللّه عقيبهما و ليصلّ على النّبى و ان لم يصلّ جلس مستقبل القبلة و حمد اللّه و صلّى على النّبى ص و دعا اللّه و سئل حاجته

قوله لان المقصود بالتحيّة ان لا ينهتك الى آخره

الاولى ان يحتج بان الرواية على ما نقلنا لا يدل الا على النهى عن الجلوس قبل ان يركع ركعتين و الركعتان فيها مطلق فيفعلهما على أيّ وجه كان يزول المنع

قوله او مطلق النقش

يعنى او المراد بالزخرفة هاهنا مطلق النقش فيطابق ما اختاره في الذكرى من تحريم مطلق النقش لا انه فيها استعمل الزخرفة بمعنى مطلق النقش و صحة هذا المعنى مع ان الزخرف لغة هو الذهب باعتبار انه و ان كان اصله ذلك لكن قد يعمّم فيه و يستعمل المزخرف بمعنى المزيّن مطلقا كما هو الشائع بين الناس و نصّ عليه بعض اهل اللغة ايضا كالجوهرى في الصّحاح

قوله فتصير اقوال المصنف بحسب كتبه

اى اربعة بعدد كتبه و هو غريب منه لقلة الاختلافات في الفتاوى فكيف بمثل هذا الاختلاف و فيه تامّل فانه امّا ان يحمل ما ذكره في البيان على تحريم النقش بما فيه لونان او ازيد كما ذكر في اللغة و التصوير اعمّ منه و كذا الزخرفة بناء على انها ليست بمعنى النقش بالزخرف كما ذكره الشارح بل بمعنى التزيين به مطلقا و لو لم يكن بعنوان النقش و حينئذ فيوافق ما نقل عن الذكرى من تحريم النقش مطلقا او يخص النقش فيه بالزخرفة و التصوير بما فيه روح بقرينة تخصيصها و حينئذ فيوافق ما ذكر في هذا الكتاب و على التقديرين فلا يصير اقواله رحمه الله الا ثلاثة هذا على ما نقله الشارح رحمه الله و هاهنا و هو انه رحمه الله في الذكرى عدّ في السّنن ترك تصوير المسجد لقول ابى عبد اللّه الى آخره ثمّ قال و ترك زخرفتها و الظاهر انه حرام و كذا نقشها لان ذلك لم يفعل في عهد النّبى ص و عهد الصحابة فيكون بدعة كذا قاله في المعتبر و حرّم بعض الاصحاب التصوير ايضا و لا يخفى ان الظاهر منه عدم حرمة التصوير فلعلّه جعله اعم من النقش و عبارة البيان ايضا يدل على اعمية التصوير من النقش حيث حكم بكراهة التصوير بمثل الشجر ثمّ قال و الاقرب تحريم الزخرفة و النقش و التصوير بما فيه روح فلعله خص النقش بما ذكرنا كما هو الظاهر الموافق للّغة و الظاهر ان الزخرفة ايضا ليست بمعنى النقش بالذهب بل مطلق التّزيين به فتكون ايضا اعم من النقش و حينئذ فذكر النقش بعد الزخرفة في عبارة الذكرى محمول على ظاهره و لا يحتاج الى العناية بانه تعميم بعد التخصيص و كذا عبارة البيان جارية على ظاهرها و لا حاجة الى القول بان فيهما تعميما بعد تخصيص او تخصيصا بعد تعميم مع بعده فيهما و الا لكان المناسب في الاول تاخير العام عنهما و في الثانى تقديمه عليهما كما لا يخفى لا التوسيط كما فعله اذ اعرفت هذا فنقول حينئذ اذا حمل الزخرفة على النقش بالذهب يصير اقوال المصنف اربعة بحسب كتبه فانه هاهنا خصّ التحريم بالزخرفة و النقش بالتصوير و في البيان عمم النقش و حرّم التصوير ايضا بما فيه روح مطلقا و في الذكرى حرّم مطلق النقش و الزخرفة كما في البيان فيخالف ما هنا لا التصوير اذا لم يكن فيه نقش فيخالف ما في البيان ايضا و مخالفة ما في الدروس لباقى كتبه ظاهر فصار اقوال المصنف اربعة بعدد كتبه هذا بناء على ظاهر قوله نقشها بالصور فان الظاهر منه تخصيص التحريم بالنقش بها و لو قيل ان لفظ النقش مقحم و المراد تحريم مطلق التصوير بما فيه روح فمخالفة ما هنا لما في الذكرى ظاهر فان اعتبر في مفهوم الزخرفة هنا النقش فيخالف ما في البيان ايضا حيث خصّ هنا بالنقش بالزخرف و في البيان عمم النقش و إن لم يعتبر فيه النقش بل اريد مطلق التزيين به فلا مخالفة الا باعتبار ذكر تحريم النقش في البيان و عدم ذكره هاهنا و الامر فيه هيّن فتأمل هذا ما كتبته في سالف الزّمان و الذى وقفت عليه من الاخبار هو رواية عمرو بن جميع قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في المساجد المصوّرة فقال اكره ذلك و لكن لا يضركم ذلك اليوم و لو قد قام العدل رايتم كيف يضع في ذلك و هى مع ضعف سندها لا تدل على ازيد من كراهة تصويرها ثمّ يبنى الحكم على تفسير الصّورة و ان كانت مختصة بذى الروح كما يظهر من الشارح اختص به و ان قيل بتعميمها كما حكم به في المدارك عم الجميع نعم اذا حرم التصوير بذى الروح مطلقا كما ذكره الشارح و لم يختص ذلك بالمجسمة كما قيده بعض الاصحاب فيشمل الحكم المساجد ايضا بل يكون فيها اولى و امّا ما استدل به في الذكرى على حرمة الزخرفة و النقش من عدم فعل ذلك في عهد النبي ص و عهد الصحابة فلا يخفى ضعفه و على تقدير صحته فكانه يجرى في حرمة التصوير ايضا فالتفرقة التى تظهر من الذكرى كانها لا وجه لها اللهمّ الا ان يكون قد ثبت عنده عدم فعل الاوليين في زمانهم و لم يثبت الثالث فتأمل

قوله دون غيرها

كان ذلك لاعتقاده انه لا يطلق على غيرها الصور حقيقة لا لانه لا يحرم النقش به فانه لا يصح بعد الحكم بتحريم مطلق النقش كما هو احد احتمالي كلام المصنف الذى ذكر الشارح ان هذا لازم منه فافهم

قوله و هو لازم من تحريم النقش مطلقا

نعم لو لم يقيّد بالنقش بل اطلق التصوير لم يكن لازما من تحريم النقش كما ظهر مما ذكرنا في الحاشية السابقة و لعله لا يبعد ان يكون المراد ذلك و يكون النقش مقحما فتدبّر

قوله لا من غيره

و هو الاحتمال الاول المزخرفة اى النقش بالذهب اذ لا يلزم منه حرمة نقشها بالصّور و هذا قرينة اخرى على ارادة المعنى الاول غير ما اشار اليه اوّلا انّ ظاهر الزخرفة هو ذلك اذ التأسيس خير من التأكيد و يحتمل ان يجعل القرينة الاخرى انه على المعنى الآخر يلزم تحريم النقش بالصور ذوات الارواح و غيرها فتخصيصه بالصور الظاهر منها ذوات الارواح مخالف ظاهر الحكمة الاول فقوله و هو قوله و نقشها بالصّور فتدبّر

قوله و تنجيسها و تنجيس آلاتها

لا يظهر منهم خلاف في ذلك و قال في الذكرى و الظاهر ان المسألة اجماعية و اما ادخال النجاسة الغير المتعدية اليها ففيه خلاف فذهب العلامة في اكثر كتبه الى تعميم التحريم في المتعدية و غيرها و هو الظاهر من كلام المحقق رحمه الله و اختار جماعة من الاصحاب منهم المصنف عدم تحريم ادخال غير المتعدية و هو الاقرب احتج الاولون بقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلٰا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ رتّب النهى على النجاسة فيحرم تقريب مطلق النجاسة و متى ثبت التحريم في المسجد الحرام ثبت في غيره لعدم القائل بالفرق و فيه ان النجس لغة بمعنى المستقذر و كونه حقيقة شرعية في المعنى الذى اصطلح عليه الفقهاء غير ظاهر و على هذا فيمكن ان يكون في الكفار استقذار يوجب منعهم عن قرب المسجد ليس ذلك في غيرهم من النجاسات و لو بمسلّم فلا نسلّم ترتب الحكم على

ص: 213

مجرّد النجاسة لاحتمال ان يكون مترتبا على نجاسة المشرك فانه مع نجاسته لا يؤمن منه من تنجيس المسجد اذا دخله بالملاقات بالرطوبة كما يتفق كثيرا او للعناد و لا يجرى ذلك في كل نجس و لو سلّم فالنهي في الآية الكريمة وقع عن القرب لا عن التقريب فلعل النجس كان ممنوعا عن القرب اليه بنفسه و لا يكون تقريب النجاسة اليه كذلك و يمكن تقريبه بما اشرنا اليه فان النجس الذى يمكنه القرب اليه بالاختيار لا يؤمن منه بتنجيسه له بالملاقات بالرطوبة بخلاف ما لا يكون كك او باستحقاق النجس الذى يمكنه القرب كذلك للمنع عن فضله و الحرمان منه و لا يجرى ذلك في كل نجس و لو سلّم فعدم القائل بالفرق غير ظاهر نعم القائل به ايضا غير ظاهر و بمجرد ذلك لا يمكن الحكم بالتعميم في سائر المساجد و احتجوا ايضا بقول النّبى ص جنّبوا مساجدكم النجاسة و فيه ان الرواية عامية و كانها من مراسيلهم حيث ادعى المصنف في الذكرى عدم وقوفه على اسناد له و على تقدير صحتها فيمكن ان يقال انه يكفى في تجنيبها النجاسة منعها من التعدى اليها فلا يمكن التمسّك بها في منع الزائد على ذلك و هو مطلق الادخال و استدلوا ايضا بقوله تعالى و طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ مع عدم القول بالفصل و فيه ان كون التطهير فيه عن الانجاس غير معلوم لجواز ان يكون المراد التطهير يرفع الاصنام يرفع الاوثان او يكون المراد اخلصا بيتى لهم و لو سلم فيكفى في تطهيره تجنيبه عن تعدى النجاسة اليه و لا يلزم المنع عن مطلق الادخال مع انه في شريعة اخرى و المختار في مثله عدم التعدى الينا كما حقق في الاصول و قد عرفت ايضا ما في عدم القول بالفصل من الكلام و استدلوا ايضا بوجوب تعظيم شعائر اللّه تعالى و المساجد من شعائر اللّه و تجنيبها من ادخال النجاسة اليها تعظيم لها و فيه ان الظاهر من تعظيم شعائر اللّه تعالى لاهتمام بحقوقها التى وردت في الشرع و عدم المسامحة فيها و ان يقام على حدودها التى حدّها اللّه تعالى لها و لا يرخص في التعدى و التفريط فيها لا الاتيان بكل ما نتخيله تعظيما لها و اللّه تعالى يعلم حجّة الآخرين الاصل و عدم ثبوت ما يخالفه بل يعضد الاصل و يؤكد ما نقله الشيخ في الخلاف من الاجماع على جواز جواز الحيّض من النساء في المساجد مع عدم انفكاكهم عن النجاسة غالبا و وافقه في هذه الدعوى المصنف في الذكرى ايضا فانه تمسّك بالاجماع على جواز دخول الصّبيان و الحيّض من النساء مع عدم انفكاكهم عن النجاسة غالبا و مثله القول في الجنب ايضا لانه في الخلاف ادعى الاجماع فيه ايضا مع وروده في الاخبار أيضا و الغالب فيه ايضا عدم انفكاكه عن النجاسة و يؤكده ايضا ما ورد في صلاة المستحاضة في المسجد من صحيحة معاوية عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و ان كان الدّم لا يثقب الكرسف توضّأت و دخلت المسجد و صلّت كل صلاة بوضوء و ربما كان في هذا الخبر تلويح بعدم جواز ادخال النجاسة المتعدية و اللّه تعالى يعلم ثمّ ان جمعا من الاصحاب منهم المصنف و المحقق حكموا ايضا بعدم جواز ازالة النجاسة في المسجد و علّله في المعتبر بان ذلك يعود اليها بالتنجيس و مثله في المنتهى ايضا و هذا انما يتم فيما استلزم الازالة فيها تنجيسها فلو وقعت الازالة في اناء او في كثير فلا يجرى فيه ذلك نعم انما يتجه اطلاق القول به على القول بالمنع من ادخال النجاسة اليها مط و استدل ايضا في المعتبر بما روى من كراهة الوضوء من البول و الغائط فيها و لا يخفى ضعفه و استقرب المحقق الشيخ على رحمه الله عموم المنع و ان كانت الازالة بغسلها في اناء او فيما لا ينفصل كالكثير لما فيه من الامتهان المنافى لقوله ص جنّبوا مساجدكم النجاسة و لا يخفى ما فيه فانه على تقدير حمل الحديث على وجوب التجنيب عن مطلق ادخال النجاسة فلا ريب في المنع عن الازالة ايضا لاستلزامها الادخال و لا حاجة الى ما ذكره و على تقدير عدم العمل به او حمله على تجنيبها التنجيس بها فلا يجرى ما ذكره فتأمل فرع ظاهر الاصحاب كما ذكره في المدارك القطع بوجوب ازالة النجاسة عن المساجد على الفور كفاية و لا يظهر لهم مستند سوى الحديث السّابق و قد ظهر حاله فلو لم يكن الحكم اجماعيّا فللتوقف فيه مجال و قال في الذكرى لو كان في المسجد نجاسة ملوّثة وجب اخراجها كفاية و لو ادخلها مكلف وجب عليه

عينا الاخراج انتهى و ظاهره تخصيص الوجوب الكفائى بما اذا لم يدخلها مكلّف فإذا لم يدخلها مكلف فلا تجب الازالة الّا عليه و له وجه لكن لا يبعد ان يكون ذلك مراعى بامتثاله فلو فرض عدم ازالته لفسق او غيره و لا يمكن جبره عليها لعاد الوجوب كفاية و المستفاد من الحديث السّابق كما ذكره الشارح في شرح د هو وجوبها الكفائى مطلقا لعموم الخطاب نعم ربما تاكّد ذلك على من ادخلها فتدبّر ثمّ اذا وجب على احد الازالة و اخلّ بها و صلّى فمع ضيق الوقت صحّت صلاته قطعا و امّا مع سعته ففيه قولان البطلان بناء على ان الامر بالشى ء نهى عن ضدّه الخاصّ و النهى موجب للفساد و عدمه و ان اثم بترك الواجب المضيق بناء على عدم ثبوت المقدمتين كما حقق في الاصول و هو اظهر و ان كان الاحوط رعاية القول الأوّل و عدم الاجتزاء بمثل تلك الصّلاة بل اعادتها بعد الازالة و مع بقاء ظاهر ضيق الوقت و قضائها مع خروجه فتأمل و قال الشارح في شرح الارشاد و هل ينافى ازالتها الصّلاة مع سعة الوقت و امكان الازالة وجه اخذ من ان الامر بالشى ء يستلزم النهى عن ضدّه و ان النهى في العبادة يقتضى الفساد في المقدمة الاولى منع ظاهر فان الذى يقتضى الامر بالازالة النهى عنه هو الضدّ العام الذى هو النقيض لا الخاص كالصّلاة فان المطلوب في النهى هو الكفّ عن الشي ء و الكف من الامر العام غير متوقف على الامور الخاصة حتى يكون شي ء منها متعلق النهى و ان كان الضّد العام لا يتقوّم الا بالاضداد الخاصة لامكان الكف عن الامر الكلى من حيث هو حتى ان المحققين من الاصوليّين على ان الامر بالكلّى ليس امرا بشي ء من جزئياته و ان توقف عليها من باب المقدّمة و وجوبه من هذا الباب ليس من نفس الامر انتهى قوله و هل ينافى ازالتها كذا فيما رايناه من النسخ و الصّواب ترك ازالتها فترك سهوا و قوله فان المطلوب في النّهى الى قوله و ان كان الضد العام كلام مختلّ مشوّش لا يظهر منه المراد اصلا و الصواب ان يسقط من البين و حينئذ فله وجه لكن لا بدّ من حمل قوله لا يتقوم الا بالاضداد الخاصة على انه لا ينفكّ عنه أي عن أحدها لأنّه لا يتحقق إلا في ضمنها أو أنه معلوم لها و حينئذ فظاهر أن النهي عنه لا يستلزم النهي عما لا ينفك عنه لامكان ان يكون الغرض الكف عن الامر الكلّى من حيث هو من غير نظر الى ما يقارنه من الخصوصيات و لا يكون لها جهة توجب لمنع عنها اصلا ثمّ قال لا يقال وجوب الازالة على الفور ينافى وجوب الصّلاة مع سعة الوقت لان الوجوبين ان اجتمعا في وقت واحد مع بقاء الفورية في وجوب الازالة لزم تكليف ما لا يطاق و إلا خرج الواجب الفورى عن كونه واجبا فوريّا لانا نقول لا منافاة بين وجوب تقديم بعض الواجبات على بعض و كونه غير شرط في الصحة كما في مناسك منى يوم النّحر فان الترتيب فيما واجب بالاصالة و لو خالف اجزأ و لا امتناع في ان يقول الشارع اوجبت عليك كلا الامرين مع تضيق احدهما و توسعة الآخر و انك ان قدمت المضيق امتثلت و سلمت من الاثم و ان قدمت الموسع امتثلت و اثمت في المخالفة في التقديم فلزوم تكليف ما لا يطاق على هذا التقدير ممنوع انتهى و لا يخفى ان الظاهر في جواب لا يقال ان يقال ان التكليف ما لا يطاق انما يلزم لو كان كلا الوجوبين فوريا و الآخر موسعا فليس فيه شائبة التكليف

ص: 214

ما لا يطاق و امّا ما ذكره الشارح فليس في مقابله نعم لو اورد انه اذا كان احد الوجوبين مضيفا فقد امر حتما به في وقته المضيق فلا معنى لوجوب الآخر ايضا فيه و لو موسّعا فالجواب حينئذ ما ذكره الشارح و هو ان معنى الوجوب الاخر موسعا فيه انه لو فعله فيه اثم و خرج عن عهدة الواجب الآخر و لا محذور في وجوب شي ء مضيّقا في وقت و الحكم بانه ان لم يأت به فيه و اتى بواجب كذا كان ممتثلا له و خرج به عن عهدة ذلك الواجب و ان اثم بترك هذا الواجب المضيق فكان غرض الشارح رحمه الله تحقيق القول بحيث يندفع عنه الاشكال بالكلية فلذا ذكر ما ذكر فتدبّر و قد اعترض المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد على الشارح بوجوه و هذه عبارته و قد سلّم الشارح هنا عدم امكان حصول الضّد العام الا بالخاص فيلزم النهى عنه لان ما لا يتحقق الحرام الا في ضمنه حرام و لان النهى عن الكلى لا يمكن الخروج عنه الا بترك جميع الخصوصيات و لهذا قيل النهى عن الكلى عام فقوله فان الذى يقتضى الى قوله لامكان الكف عن الامر الكلى من حيث هو هو غير جيّد لانه على تقدير الامكان ليس ذلك بمطلوب بل المطلوب الاجتناب عن الخصوصيات كما في سائر المنهيّات كالزّنا و معلوم عدم التحقق الا في ضمن الخواص و هو ظاهر و مفروض و مسلّم فهي منهيّة و لو لم يكن من جهة الامر صريحا فتبطل العبادات الواقعة هو فيها انتهى و هذا كله انما يتوجّه على ما يستفاد من ظاهر قوله لا يتقوم الا بالاضداد الخاصة و امّا على ما قررنا المراد منه فلا اتجاه له اصلا ثمّ لا يخفى انه على تقدير امكان الكف عن الكلى من حيث هو من اين علم ان ذلك ليس بمطلوب بل المطلوب الاجتناب عن الخصوصيات فالظاهر في الرّد عليه ابطال ما ذكره من الامكان اذ قد ظهر مما ذكره ان الكف عن الكلى لا يمكن بدون الكف عن جميع الخصوصيات فالامر بالكف عنه امر بالكف عنها اذ لا وجود له الا في ضمنها نعم امكن ان لا يكون للخصوصيات مدخل في المنع و هو لا يضرّ بفرضه بعد ان ثبت ان النهى عن الكلى نهى عن جميع افراده و لو باعتبار تضمنها الكلى فتأمّل ثمّ قال و ايضا سلّم وجوب الازالة و الخروج منه فوريا حين وجوب الموسعة ايضا و معلوم حينئذ عدم صحة الموسعة لانها انما تصح مع اتصافها بالوجوب و انه المجزئ و المبرئ للذمة و المسقط للقضاء و وجوبه في ذلك الوقت الذى وجب فيه الآخر الفورى المنافى له اما يستلزم التكليف بما لا يطاق او خروج الواجب عن كونه كذلك لان وقت فعله هل هو مكلف بالآخر ايضا معه في ذلك الوقت اولى و الاول مستلزم للاول و الثانى للثانى و دليلهم على ان ما يتوقف عليه الواجب واجب اضعف من هذا مع انهم قائلون به و هو موجود هنا كما سلّمه ايضا انتهى و فيه ان وقت الفعل ايضا حكمه حكم قبل الفعل فكما ان قبل الفعل يحكم بوجوب كل منهما و ليس فيه تكليف ما لا يطاق لتوسعة احدهما و انما يكون كذلك لو كان كل منهما مضيقا فبعد التلبس بالموسّع ايضا نقول انه و المضيق كلاهما واجبان احدهما مضيق و الآخر موسع فلو ترك هذا و اشتغل بالمضيق فلا اثم عليه و ان فعل هذا قبل المضيق خرج عن عهدة هذا التكليف و ان اثم بتقديمه و ليس فيه شائبة تكليف ما لا يطاق على انه بعد الشروع ربما حرم قطعه و لم يجز تركه و التّلبس بالمضيق كما في الصّلاة و بمجرّد ذلك لا يخرج الواجب عن كونه واجبا كما فيما اذا تضيق وقت الصّلاة فانه لا ريب حينئذ في وجوب ما كان موسعا و عدم جواز الآيتان بالمضيق و لا محذور فيه ثمّ قال و قال ان المحققين من الاصوليّين على ان الامر بالكلى ليس امر بشي ء من جزئياته و ان توقف عليها من باب المقدمة و وجوبه من هذا الباب ليس من نفس الامر و معلوم ان ليس هنا غرض متعلّق بانه من نفس الامر فقط من دون انضمام شي ء آخر و بالجملة ما يمكن القول به الا بارتكاب عدم الفوريّة حين فعل الواجب او بارتكاب التكليف بما لا يطاق او جمع الواجب و الحرام في شي ء واحد شخصى باعتبارين و نحو ذلك ما يقول الاصحاب بها انتهى و فيه ان غرض بيان امكان ان يكون الغرض الكف عن العام من حيث هو

هو و لا يكون الكف عن الخصوصيات مطلوبا فذكر في توضيح ذلك ان المحققين ذهبوا الى ان الامر بالعام ليس امرا بالخصوصيات و ان توقف عليها من باب المقدمة و ظاهر ان بمجرّد هذا يظهر امكان كون الغرض الكف عن العام دون الخصوصيات و امّا انه اذا وجب الخصوصيات فلا فرق بين ان يكون وجوبها اصالة او من باب المقدمة فلا دخل له بما نحن فيه اذ فيما نحن فيه ليس العام واجبا بل حرام و الغرض انه يجوز ان يكون الحرام هو اصل العام لا الخصوصيات الا ان يقال ان غرضه انه اذا كان العام حراما فيكون الكف عنه واجبا و الكف عنه يتوقف على الكف عن الخصوصيات فيكون الكف عنها أيضا واجبا فيكون الخصوصيات محرمة اذ لا فرق بين الواجب باصل الامر او باعتبار المقدمة فاذا وجب ترك الخصوصيات باىّ وجه كان يلزم منه حرمتها و فيه بعد ان عدم الفرق ممنوع اذ كما يقال الواجب باصل الامر لا يمكن ان يكون حراما و الواجب بالمقدمة يجوز ان يكون حراما فكذا ما وجب الكف عنه باصل الامر ربما امكن ان يدعى فيه انه لا يمكن ان يكون واجبا و امّا ما وجب الكف عنه من باب المقدمة فربما لا يمتنع تحقق الواجب في ضمنه و ان حرم لكونه مستلزما لترك واجب و امّا انه لا بدّ من القول بعدم الفوريّة حين فعل الواجب او ارتكاب التكليف بما لا يطاق فقد عرفت جوابه و امّا الامر الثالث الذى ذكره رحمه الله هاهنا و هو جمع الواجب و الحرام في شي ء واحد شخصى فلا يستقيم جعله جزء ثالثا للمنفصلة اذ احد الامرين الأوّلين لازم باعتقاده بتّة كما ذكره اوّلا و ايضا ان اراد به الجمع بين الواجب و الحرام في شي ء واحد شخصى و ان كان الجمع باختيار المكلف فهذا الجمع لازم البتة من دون حاجة الى ترديد بينه و بين شي ء آخر لكن لا نسلّم استحالة مثل ذلك و ان اراد به الجمع الذى كان من جهة الشارع بان اوجب شيئا بعينه باعتبار و حرمه ايضا باعتبار آخر فاستحالته مسلّم لكونه تكليفا بما لا يطاق لكن لا مجال لتوهم لزومه فيما نحن فيه ثمّ قال و امّا النقض بمناسك يوم النحر و عدم المحذور في قول الشارع اوجبت عليك الامرين مع ضيق احدهما و وسعة الآخر و انك ان قدمت المضيق امتثلت بغير اثم و بالعكس امتثلت معه فالجواب بعد التسليم انه محمول على عدم تحريم الموسع في وقت فعله او بعدم المنافاة كما بين الحلق و الذبح او لامكان توكيله في غيره و بالجملة لا نسلّم ان احدا ذهب الى ضدية هذه المناسك و ترك الواجب و تحقق النهى بفعل المؤخر مع وجوبه حينئذ بل لا نسلم ان ما يترتب على ترك ذلك مقدما و لو فرض ذلك فلا نسلّم انهم يقولون بالصّحة حينئذ الا ان يقال ليس بعبارة محضة فالنهي لا يضره و حينئذ فلا يرد نقضا لو تم سلمنا صحة ذلك بعد تنصيصه به و لا يلزم منه الصّحة على تقدير عدم التنصيص و امكان الخلاص من المحذور و حمل الامر على وقت لا يجتمع مع النهى لظهوره مثل ان يقول اوجبت عليك الصّلاة و حرمتها عليك في الدار المغصوبة و لكن ان فعلتها فيها امتثلت مع الاثم و ان فعلتها في غيرها امتثلت بدونه و بالجملة انما الكلام في البطلان مع ثبوت النهى عن ذلك العبارة حين فعلها و مع ذلك لا شكّ

ص: 215

في البطلان لكن النهى هنا غير لازم فتأمّل و ايضا لا شك في استلزام الامر للنهى عن الضّد الخاص و لو في الضمن كما قال المصنف قدّس اللّه روحه و بيّن في الاصول و سلّم الشارح انتهى و انت خبير بان نقض الشارح بمناسك منى بناء على ما ذهب اليه الشيخ في المبسوط و جمع كثير من الاصحاب من وجوب الترتيب فيها بتقديم الرمى ثمّ الذبح ثمّ الحلق و انه لو غيّر الترتيب اثم و أجزأ و لا اعادة فيما ذكره رحمه الله من انه محمول على عدم تحريم الموسع في وقت فعله ان اراد بالموسع المؤخر الذى قدمه و بعدم تحريمه في وقت فعله ان الترتيب بينها ليس بواجب بل مستحب كما ذهب اليه الشيخ في الخلاف و جماعة ففيه مع بعده عن العبارة و ان الظاهر ان هذا الايراد في ضمن قوله بعد التسليم و ما بعده ايراد آخر انه يكفى سندا للشارح ما ذهب اليه هؤلاء اذ يظهر منه ان الحكم بعدم جواز اجتماع الوجوب و الحرمة ليس امرا تطابق عليه العقول و الاذهان و لا يلزم ان يكون ذلك جمعا عليه و ان اراد به معنى آخر فليعين حتى ننظر فيه و ما ذكره رحمه الله من عدم المنافاة او امكان التوكيل ففيه انه ليس بناء كلام الشارح على حرمة العكس باعتبار المنافاة حتى يرد ما ذكره بل على انهم يقولون بحرمة العكس مع اجزائه فيعلم منه جواز اجتماع الوجوب و الحرمة عندهم و ايضا كما امكن التوكيل هناك امكن هاهنا ايضا مع زيادة امكان ان يباشر الازالة هاهنا غيره من دون توكيل و هذا لا يقدح في الفرض اذ المقصود بيان الحكم على تقدير وقوع الصّلاة بدون الازالة و ان امكنه الازالة ايضا بالتوكيل و نحوه لكنه لم يفعل و كذا الفرض هاهنا انه عكس الترتيب فحلق مثلا قبل الذبح فحكموا فيه بالاثم و الاجزاء فعدم المنافاة بين الذبح و الحلق او امكان التوكيل مما لا يصلح للاعتراض و اما ما ذكره في ذيل في الجملة من ترتب الاثم على ترك ذلك مقدما لا على فعل الواجب ففيه ان هذا الاحتمال يجرى فيما نحن فيه ايضا اذ ربما كان الاثم بترك الازالة مقدما لا بفعل الصّلاة فمن اين يحكم بالنهى عن الصّلاة و فسادها و اما قوله رحمه الله سلّمنا صحة الى آخره ففيه ان الشارح يكفيه الاحتمال و انه كما يجوز التنصيص بما ذكره فربما جاز بدون التنصيص ايضا فالايراد عليه بمنع الجواز مع عدم التنصيص مما لا وجه له بل لا بد من اقامة دليل عليه لا يجرى في صورة التنصيص الا ان يتمسك كما يشعر به بعض كلماته بان الظاهر من النهى عدم الصحة فلا بد من حمل الامر الوارد به مطلقا على غير الفرد المنهى عنه حذرا من مخالفة هذا الظاهر و اما مع التنصيص بالصحة فهو تصريح بكون المراد خلاف الظاهر و لا كلام فيه حينئذ للكلام في دعوى الظهور المذكور مجال و قوله رحمه الله مثل ان يقول كانه اراد به انّ في الصّلاة في المكان المغصوب ايضا لورود التنصيص بذلك لكنا حكمنا فيها بالصحة و انما لم نحكم بها لعدم التنصيص مع ظهور النهى الذى استفاد من حرمة الغصب في البطلان فكذا الكلام هاهنا لا كلام مع التنصيص و انما يحكم بالبطلان بدونه ثمّ هذا الكلام منه و تحقيق الصّحة و البطلان في هذا المقام كانه خلط منه رحمه الله اذ الكلام كان في اقتضاء الامر بالشى ء النهى عن ضده لا في اقتضاء النهى الفساد و قوله رحمه الله و مع ذلك فلا شك في استلزام الامر للنهى عن الضدّ الخاص كما ترى و هل الشك الا فيه كما صرّح به الشارح في اول كلامه انما الذى لا شك فيه و يظهر مما بيّن في الاصول و سلّمه الشارح هو تضمّنه للنهى عن الضدّ العام و قول العلامة بذلك في الضد الخاص على تقديره لا يصير حجة على الشارح فتأمل و لما كان تحقيق هذا البحث مما ينفع في كثير من المسائل الفقهية و تعرض له هذان المحققان في هذا المقام اقتضينا اثرهما و ان كان محل تحقيق امثال ذلك هو الاصول

قوله ان كانت فرشا او جزءا منها

لما فيه من اخراج الوقف عن محله بل عن الوقفية و لا يجوز ذلك الا في موارد مخصوصة

قوله استحب اخراجها

لانهم استحبّوا كنس المساجد و اخراج قمامتها لما فيه من تعظيم شعائر اللّه و ترغيب المترددين اليه و الاحسان اليهم و اداء ذلك الى تعمير المساجد و الامن من خرابها خصوصا يوم الخميس و ليلة الجمعة لرواية عبد الحميد عن ابى ابراهيم عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كنس المسجد يوم الخميس و ليلة الجمعة فاخرج من التراب ما يذرّ في العين غفر اللّه له و الظاهر ان الواو بمعنى او او المراد ان فعل ذلك يوم الخميس و كذا ليلة الجمعة موجب لكذا و يحتمل ان يكون ليلة بيانا لسابقه و عطفا تفسيريّا و ان تكون المغفرة مترتبة عليهما و ان كان مطلق الكنس موجبا للثواب في الجملة و ما ذكر فيه من التقدير كانه مبالغة في المحافظة على كنسه و ان كان نظيفا او الغرض ان مثل هذا الجزاء يترتب على كنسه و لو بمثل هذا القدر القليل فلا ينبغى اهماله و لا ان يترك قليله لتعذر الكثير بل اللّه يقبل اليسير و يعفو عن الكثير ثمّ ان جمعا من الاصحاب كالمحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى حكموا بكراهة اخراج الحصى لرواية وهب عن جعفر عن ابيه قال اذا اخرج احدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها او في مسجد آخر فانها تسبّح و ينبغى حمل كلامهم على تجويز مثل هذا التصرّف اليسير في الوقف او يحمل الحصاة المكروهة اخراجها على ما لا يكون من فرش المسجد و اجزائه بل ما يكفى في المساجد بعد الوقف لدفع الوحل و نحوه او على ما اتفق القاءه فيه و يعتبر فيه العلم بذلك او يكتفى ان يكون ذلك او على ما كانت في القمامة و استثنى من استحباب اخراج القمامة ما كان فيها من الحصاة و المصنف رحمه الله في الذكرى جعل ترك اخراج الحصى مستحبّا للرواية ثمّ قال ذا عدّه بعض الاصحاب من المحرّم لظاهر الامر بالرّد فتأمل

قوله و مثلها

اى الحصى لا القمامة

قوله فيعاد وجوبا اليها

كانّ فيه ضربا من الاستخدام فانّ مرجع الضمير هو المساجد باعتبار بعض افرادها و هو ما اخرج منه الحصى و المذكور بالاسم الظاهر جميعها ثمّ ما ذكره من التفصيل يتجه على القول بتحريم الاخراج بناء على ما فرضه من كون الحصى فرشا او جزء منها و اما على القول بكراهة الاخراج و حمله على توجيهه باحد ما ذكرنا من الوجوه فيستحب النقل و الظاهر انه يكفى فيه النقل الى مسجد آخر مطلقا كما هو ظاهر الرّواية

قوله او اولوية الثانى

باعتبار كثرة المصلين فيه او استيلاء الخراب عليه بخلاف الاوّل او الاستيلاء الخراب على الاول و تعذر تعميره على ما صرّحوا به

قوله و يكره تعليتها

عللوه بالاقتداء بالنّبى صلّى اللّه عليه و آله فقد روى ان مسجده ص كان قامة و بالتحرز عن الاطلاع على عورات المجاورين له

قوله و البصاق فيها و التنخم

مستنده رواية غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال البصاق في المسجد خطيئة و كفّارته دفنه و رواية السّكونى عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال من وقّر بنخامته المسجد لقى اللّه يوم القيمة ضاحكا قد اعطى كتابه بيمينه و في رواية عبد اللّه بن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول من تنخع في المسجد ثمّ ردّها في جوفه لم تمرّ بداء في جوفه الا ابرأته و في الفقيه و رأى عليه السلام نخامة في المسجد فمشى اليه يعرجون من عراجين ابن طاب فحكّها ثمّ رجع القهقرى فبنى على صلاته و قال الصّادق عليه السلام و هذا يفتح من الصلاة ابوابا كثيرة و ابن طاب على ما في النهاية نوع من انواع تمر المدينة منسوب الى ابن طاب رجل من اهلها و في بعض النسخ ارطاب على ان يكون جمع رطب و كانه سهو و بازاء هذه الروايات روايات اخرى تدل

ص: 216

على عدم المنع كصحيحة علىّ بن مهزيار على ما في الكافي و بعض نسخ التهذيب و محمد بن على بن مهزيار على ما في بعض نسخ التهذيب قال رايت ابا جعفر الثانى عليه السلام نقل في المسجد الحرام فيما بين الركن اليمانى و الحجر الاسود لم يدفنه و رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له الرجل يكون في المسجد في الصّلاة فيريد ان يبصق فقال عن يساره و ان كان في غير صلاة فلا يبصق حذاء القبلة و يبزق عن يمينه و شماله و رواية عبيد بن زرارة قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول كان ابو جعفر عليه السلام يصلّى في المسجد فيبصق امامه و عن شماله و خلفه على الحصى و لا يغطيه و لعلّ العمل بالرّوايات الاولى كما نقله الاصحاب احوط و يمكن حمل هذه على بيان الجواز لكن في رد النخامة على ما في رواية عبد اللّه بن سنان اشكال لعدم صحة الرواية باعتبار عدم توثيق ابى اسحاق النهاوندى في سنده مع ما في الرّد من احتمال الحرمة و الاحوط فيه ان لا يردها الا مع عدم وصولها الى فضاء الفم و اللّه تعالى يعلم و رفع الصوت لمنافاته المطلوب في المساجد و للنهى عنه في مرسلة علىّ ابن اسباط عن بعض رجاله قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام جنّبوا مساجدكم الشّراء و البيع و المجانين و الصّبيان و الاحكام و الضّالة و الحدود و رفع الصوت

قوله و قتل القمّل

نسبه في الذكرى الى الجماعة قال في المدارك و لا باس به لأن فيه استقذارا تكرهه النفس فينبغى تركه و تغطيته بالتراب مع فعله

قوله و برئ النّبل

النّبل السّهام العربية و هى مؤنثة لا واحد لها من لفظها و قد جمعوها على نبال و انبال كذا في الصحاح و يريها نحتها

قوله و خصّه لتخصيصه في الخبر

و هى صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال نهى رسول اللّه ص عن سلّ السّيف في المسجد و عن برى النّبل في المسجد و قال انما بنى لغير ذلك و يستفاد من التعليل كراهة جميع الصّنائع و كانه لهذا خص المصنف برى النبل ثمّ اعقبه بعمل الصنائع مطلقا و ينبغى حمل كلام الشهيد رحمه الله ايضا على ما ذكرنا و ان كان ظاهره ورود الخبر بعمل الصّنائع مطلقا و في خصوص برى النّبل ايضا هذا و في صحيحة الحلبى او حسنته في التهذيب فان في سندها محمد بن عيسى والد احمد و حسنته بإبراهيم بن هاشم في الكافى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته أ يعلق الرّجل السّلاح في المسجد فقال نعم و امّا في المسجد الاكبر فلا فانّ جدى نهى رجل يبرى مشقصا في المسجد السّلاح يقال لآلة الحرب مطلقا و لحديدتها و لخصوص السّيف و للقوس بلا وتر و كان المراد بتعليقه تعليقه على حبل او خشب و نحوهما للعرض على البيع و نحوه او تعليقه على نفسه اى التسلح به و يحتمل ان يكون يعلق من باب الافعال من اعلق القوس جعل لها علاقة و المشقص كمنبر نصل عريض او سهم فيه ذلك النّصل و المراد هنا السّهم الذى يعدّ له و المراد بالمسجد في آخر الخبر المسجد الاكبر اى المسجد الحرام او المسجد الاعظم في كلّ بلد و كانّ بناء تعليله عليه السلام على ما علمه من ان النّهى عن برى المشقص كان باعتبار كراهة التعرض فيه للسّلاح مطلقا من غير اختصاص برى المشقص و على هذا فمفاد هذا الخبر اختصاص كراهة برى النّبل بالمسجد الاكبر و يمكن حمله على زيادة الكراهة فيه جمعا بينه و بين ظاهر الخبر الاول من عموم الحكم كما يستفاد من تعليله و اللّه تعالى يعلم

قوله و تمكين المجانين و الصّبيان

المستند فيه رواية ابراهيم بن عبد الحميد المتقدمة في بحث الميضاءة و كذا مرسلة علىّ بن اسباط المتقدمة آنفا

قوله و انفاذ الاحكام

مستنده ايضا المرسلة السّابقة

قوله بمسجد الكوفة خارج

فيخصّ الكراهة بما عدا المعصوم و لعلّ وجهها حينئذ احتمال الخطاء في الحكم في غير المعصوم فالاولى التجنّب عنه في المساجد لشرفها بخلاف ذلك في المعصوم

قوله او مخصوص بما فيه جدال

و نقل القول به عن الرّاوندى

قوله و لعلّه بالاخير انسب

بناء على ما علم من طريقته صلوات اللّه عليه من الاشتغال بالعبادة في الاكثر لا سيّما في المسجد

قوله منافرة للحامل

اى الثلاثة الاخيرة اذ الظاهر من التسمية انها كانت معدّة للقضاء لا انه اتفق فيها اما مطلقا كما ذكر في الوجه الثانى او بعد الجلوس فيها للعبادة كما في الوجه الثالث اللّهم الا ان يكون قضاؤه عليه السلام فيها قضاء غريبا فاشتهر لذلك لكن الشهرة بالقضاء المطلق تنافر ذلك و قلّما تنفكّ الدعاوى من الجدال و الخصومة و هذا وجه منافرته للاول فالأظهر هو التخصيص بغير المعصوم كما ذكر اوّلا و ذهب الشيخ في الخلاف و ابن ادريس الى عدم كراهته مطلقا و استقربه العلّامة في المختلف و استدل عليه بان الحكم طاعة فلا باس بايقاعه في المساجد الموضوعة للطّاعات و بفعل امير المؤمنين عليه السلام و قضائه في جامع الكوفة بين النّاس حتى ان دكّة القضاء مشهورة الى الآن و اجاب عن الرواية الاول بالطّعن في السّند و احتمال ان يكون متعلّق النهى ذا الاحكام كالحبس على الحقوق و الملازمة عليها في المساجد و استحسنه صاحب المدارك و هو لا يخلو عن وجه لكن الرّواية مع ضعفها كانها تنهض حجة على الكراهة و حملها على ما ذكر لا يخلو عن بعد فالأظهر حملها على ظاهرها و استثناء المعصوم جمعا بين الادلة و يمكن ان يكون السرّ في كراهته في المسجد مع كونه طاعة ما اشرنا اليه من احتمال الخطاء فيه فلا بعد في كراهته في المسجد و استحباب تركه فيه اظهارا لذلك و اعترافا به و اللّه تعالى يعلم

قوله انشادا و نشدانا

قال في الصحاح نشدت الضالة انشدها نشدة و نشدانا اى طلبتها و انشدتها اى عرّفتها و قال في الغريبين في الحديث لا تحلّ لقطتها الّا لمنشد قال ابو عبيد الّا لمعرّف قال و الطالب ناشد يقال نشدت الضّالّة انشدها نشدانا فاذا عرّفتها قلت انشدتها و قال الشارح في شرح الارشاد و تعريف الضّوال و هو انشادها و كذا يكره نشدانها و هو طلبها و السؤال عنها انتهى و منه يعرف ان المعروف من التعريف هو الانشاد لا النّشدان لكن كانه يمكن حمله على ما يعمّها كما فعله الشارح هنا اى تعريفها لطلب صاحبها او للاستعلام عنها لعله يخبر اخذها هذا و الحكم بكراهة الامرين في المسجد للمرسلة السّابقة فان الضالة فيها يحتمل الوجهين و ان كان الظاهر منها الانشاد و روى في الفقيه ان النّبى صلّى اللّه عليه و آله سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد فقال قولوا لا ردّ اللّه عليك فانها لغير هذا بنيت و هو صريح في النّشدان و التعليل فيه يجرى في الانشاد ايضا

قوله و انشاد الشّعر

قال في القاموس و انشد الشعر قرأه و قال في الغريبين و انما قيل للطالب اى لطالب الضّالة ناشد لرفعه صوته بالمطلب و النشيد رفع الصوت و منه انشاد الشعر انما هو رفع الصوت به انتهى و ظاهر كلام الاصحاب عدم اعتبارهم رفع الصوت فيه بل كراهة مطلق قراءته

قوله لنهى النّبى صلّى اللّه عليه و آله

ما وقفت عليه في هذا الباب هو صحيحة الكافى عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن جعفر بن ابراهيم و كانه الجعفرى الهاشمي المدنىّ من اصحاب السّجاد عليه السلام و حاله غير معلوم الا ان يكون هو جعفر بن ابراهيم بن محمّد من اولاد جعفر الطيّار الذى ذكروه في اصحاب الصّادق عليه السلام كما ظنّه بعض اهل الرّجال فيكون ثقة لكنّه لا يخلو عن بعد عن علىّ بن الحسين عليهما السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من سمعتموه ينشد الشّعر في المساجد فقولوا له فضّ اللّه فلك انما نصبت المساجد للقرآن فكان مراد الشارح بالنهى النّهى المستفاد من الأمر المذكور لا النهى على حدة كما هو ظ كلامه

قوله فضّ اللّه فاه

الفضّ بالفاء و الضاد المعجمة الكسر بالتفرقة و فكّ خاتم الكتاب كذا في القاموس

قوله و روى نفى البأس عنه

و هو رواية علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الشعر ا يصلح ان ينشد في المسجد فقال لا باس و سألته عن الضّالة أ يصلح ان ينشد في المسجد قال

ص: 217

لا بأس

قوله على ما يقلّ منه

لا يخفى انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله في رواية المنع من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد لا يخلو عن ظهور فيمن كان دأبه و ديدنه ذلك كبعض المدّاحين الذين اتّخذوا ذلك صنعة و يمكن اعتبار رفع الصوت ايضا فيه كما هو دأبهم و على هذا فلا يدل على كراهة مطلق انشاده سيّما ما اشتمل على حكمة و منفعة او استحبّ لكونه مدحا او مرثية او نحوهما و ممن عاصرناه من الفضلاء من حمل الشعر على ما فيه تخييل و تغزّل و تعشّق لا الكلام الموزون و لا يخفى بعده

قوله و ليس ببعيد

و في شرح الارشاد و لم يرتض بما نقله من الذكرى و بعض الاصحاب و اعترض بان وقوعه لا ينافى الكراهة و من سمعتموه في الخبر العامّ و حكمه صلّى اللّه عليه و آله على من في عصره حكمه على غيرهم و كون كلّ عبادة لا تكره في المسجد في حيّز المنع فان انفاذ الاحكام و اقامة الحدود من افضل العبادات و تعريف الضّالة امّا واجب او مندوب و كثير من المكروهات في المسجد يمكن كونها عبادة واجبة او مندوبة على بعض الوجوه مع الاجماع على كراهتها و ينبّه على ذلك قوله ص انما نصبت المساجد للقرآن و لم يقل ص للعبادة انتهى و قد عرفت انّ دلالة الحديث على العموم غير ظاهر و قوله ص انّما نصبت المساجد للقرآن يمكن ان يكون التخصيص بالقرآن باعتبار ان الغرض ان اكثار القراءة على طريقة من ذكرناه من المدّاحين و اضرابهم لا يصلح في المساجد الا للقرآن لا التخصيص به من جملة العبادات مطلقا كيف و اصل وضع المساجد للصّلاة الا ان يجعل القرآن شاملا لها و بالجملة فما ذكره هنا من نفى البعد عن التخصيص كانّه اقرب و يؤكّد ذلك و يقويه جدّا صحيحة علىّ بن يقطين في حجّ التهذيب قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الكلام في الطواف و انشاد الشعر و الضّحك في الفريضة او غير الفريضة أ يستقيم ذلك قال لا باس به و الشعر ما كان لا باس به منه و اللّه تعالى يعلم

قوله للنهى عن ذلك

كذا ذكره المصنف ايضا في الذكرى و انا لا اتذكر الآن رواية مشتملة عليه و لكن كفى بهما شهيدين

[مكروهات مكان المصلي]

قوله و تكره الصّلاة في الحمام

المستند فيه رواية الكافى عن عبد اللّه بن الفضل عمّن حدثه عن ابى عبد اللّه عليه السلام و رواه في الفقيه ايضا مرسلا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عشرة مواضع لا يصلّى فيها الطين و الماء و الحمام و القبور و مسانّ الطرق و قرى النمل و معاطن الابل و مجرى الماء و السبخ و الثلج و قد ورد النهى عن الصّلاة في الحمام في اخبار العامة ايضا و قد سبق و في صحيحة الفقيه عن على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام انه سأله عن الصّلاة في بيت الحمام فقال اذا كان الموضع نظيفا فلا باس و مثله موثقة عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام و وجه الجمع حمل الاولى على الكراهة و الاخيرتين على الجواز كما فعله الاصحاب و يمكن تخصيص الاولى بما اذا لم يكن نظيفا كما يرشد به الأخيرتان و امّا حملهما على المسلخ كما فعله الصدوق فبعيد و نقل عن ابى الصّلاح انه منع من الصّلاة في الحمام و تردد في الفساد و هو ضعيف جدّا

قوله و هو البيت المخصوص الذى يغتسل فيه

قلت الظاهر من الحمام جميع بيوته الحارة و التخصيص بالبيت الذى يغتسل فيه لا يظهر له وجه الا ان لا يكون غرض الشارح ايضا التخصيص به بل يكون بناء كلامه على ما لعله كان المتعارف في زمانه و بلاده من الحمامات التى لا يكون لها الا بيت حارّ واحد يغتسل فيه و حينئذ فغرضه انما هو اخراج المسلخ و غيره من البيوت الباردة هذا و امّا المسلخ و نحوه من البيوت ففيه اشكال و الظاهر عدم الكراهة فيه و به جزم ابن ادريس في السّرائر و جزم العلامة رحمه الله في القواعد و احتمل في التذكرة كراهة المسلخ ايضا و بنى الاحتمال على علة النهى فان كانت كونه مظنة النجاسة لم يكره و ان كانت كشف العورة فيكون مأوى للشياطين كره قال في المدارك و هو مبنى ضعيف لجواز ان لا يكون الحكم معلّلا او تكون العلّة غير ما ذكره انتهى و لا يخفى ما في التجويز الاول فلا تغفل و امّا سطح الحمام فالظاهر انه ليس منه و قد صرّح به في المنتهى و المدارك ثمّ قلت بعد ما كتبت الحاشية رايت انه ذكر في شرح الارشاد ان المراد بالحمام موضع الاغتسال لان اشتقاقه من الحميم و هو الماء الحار الذى يغتسل به و لا تتعدّى الكراهة الى مسلخه و قريب منه في شرح الشرائع ايضا و لا يخفى ان الحميم على ما ذكره في الصّحاح و غيره هو الماء الحارّ و العرق ايضا و اشتقاق الحمام من كل منهما ممكن و على التقديرين الظاهر شمول الحمام لجميع بيوته الداخلة الحارة كما في العرف لا خصوص موضع الاغتسال و كون الاستحمام في الاصل بمعنى الاغتسال بالماء الحار او مطلقا على ما قالوا لا يقتضى تخصيص الحمام بموضع الاغتسال و هو ظاهر بل لو اختص به لغة ايضا فلا يبعد القول بالتعميم بناء على العرف و الظاهر ان مراد الشارح رحمه الله ايضا بموضع الاغتسال هو البيوت الحارة الداخلة جميعا بناء على ما كان الشائع عندهم من الغسل الترتيبى في أيّ موضع اتفق منها من غير ان يعدّ بيت خاصّ له كما هو المتعارف في بلادنا و يؤيد هذا انه جعل مقابل ذلك المسلخ و حكم بعدم تعدى الحكم اليه لكن كلام هاهنا خال عن هذا التأييد فلا تغفل

قوله و بيوت الغائط

و في المقنعة و لا تجوز الصّلاة في بيوت الغائط و يمكن حمله على الكراهة كما هو المش

قوله و لأنّ الملائكة لا تدخل بيتا

ورد ذلك في رواية محمد بن شاذروان المتقدمة في بحث كراهة الصلاة في الثوب ذى التماثيل

قوله فهذا اولى

ان كان المراد ببيوت الغائط هى المعدة لذلك كما ذكر في المدارك فوجه الاولوية فيها ظاهر و ان كان المراد كل بيت فيه غائط كما يظهر من شرح الارشاد فوجه الاولوية ان الغائط افحش من البول فاذا كره في بيت فيه بول ففى الغائط بطريق اولى و للمنع فيه محال كيف و قد قيل بوجوب الغسل مرتين في البول دون غيره و اختاره الشارح كما سبق نعم يمكن الاستدلال عليه بما رواه الفضيل بن يسار قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اقوم في الصّلاة فارى قدّامى في القبلة العذرة فقال تنحّ عنها ما استطعت و لا تصلّ على الجواد و لعلّ الشارح اشار بقوله للنهى عنه ما يستفاد من هذا الخبر و الّا لم ينقل نهى عنه فيما راينا من الكتب المتداولة ثمّ في استفاده عموم الكراهة منها مناقشة اذ الامر بالتنحى ربما كان عن العذرة التى كانت قدّام المصلّى في القبلة لا مطلقا الا ان يقال ان احتمال الخبر للاطلاق يكفى للحكم باطلاق الكراهة بمعنى اولويّة الترك هذا و قال المصنف في الذكرى و خامسها اى المكروهات الى النجاسة الظاهرة كالعذرة لرواية الفضيل بن يسار تنحّ عنها ما استطعت و كذا الى حائط ينزّ من بالوعة البول لمرسلة احمد بن محمد بن ابى نصر و كذا في بيوت الغائط للمظنّة و فحوى الخبر انتهى و ظاهره ان المراد بفحوى الخبر هو احد الخبرين اللّذين ذكرهما و دلالتهما بالفحوى اى القياس بطريق الاولى على ما هو مصطلحهم فيه على ما ذكره كما ترى و يمكن ان يكون الخبر هو ما اشار اليه الشارح من حديث الملئكة لا يبعد ان يكون غرض الشارح هنا الكشف عما في الذكرى ايضا و حينئذ فدعوى دلالته بالفحوى كدعوى الاولوية التى ادعاها الشارح هاهنا و قد عرفت حالها و اللّه تعالى يعلم

قوله و في بيوت النّار

لئلا يتشبّه بعابديها قاله الاصحاب كذا في شرح الإرشاد و لا يخفى ضعف التعليل و نقل عن ابى الصّلاح عدم حلّ الصّلاة فيها و تردده في الفساد و هو اضعف و زاد سلّار فحكم بالفساد و زاد في الفساد

قوله و هى المعدّة لإضرامها فيها

و ان لم تكن

ص: 218

بيوت عبادتها لجريان ما تمسّكوا به من التعليل في الجميع و احتمل في المدارك اختصاص الكراهة بمواضع عبادة النّيران لأنها ليست موضع الرّحمة فلا تصلح لعبادة اللّه تعالى ثمّ انه لم يعتبر في الكراهة وجود النار فيها حالة الصّلاة بل يكره بمجرّد كونها معدّة لإضرامها فيها و ان لم توجد وقت الصّلاة كما صرّح به في شرح الارشاد لجريان التعليل

قوله كالأتون و الفرن

الأتّون كتنّور و قد يخفّف اخدود الجيار و الجصّاص و نحوه و الجيار مشدّدة الصّاروج و الفرن بالضمّ المخبر يخبر فيه الفرنى خبز غليظ مستدير كلّ ذلك في القاموس

قوله لا ما وجد فيه نار

نعم انما يكره فيه اذا كانت النّار في قبلته كما سيجي ء

قوله و بيوت المجوس للخبر

و هى صحيحة التّهذيب عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في البيع و الكنائس و بيوت المجوس فقال رشّ و صلّه و هذه الرّواية في الكافي ايضا عن عبد اللّه بن سنان بسند آخر لا باس به غير ان فيه محمّد بن عيسى عن يونس و متنها هكذا سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في البيع و الكنائس فقال رش و صلّ قال و سألته عن بيوت المجوس فقال رشّها و صلّ و موثقة ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في بيوت المجوس فقال رشّ و صلّ و عدّ سلّار في المراسم بيوت المجوس ممّا لا يجوز الصّلاة فيه بل تفسد و هو ضعيف

قوله و لعدم انفكاكها عن النجاسة

هذا انما تقيد الكراهة اذا سجد على ارضها او على ما فرش فيها من الحصر و البوارى او مع مباشرة شي ء منها برطوبة لا مطلقا فافهم

قوله و تزول الكراهة برشّه

قد سبق فيما نقلنا من الاخبار ما يدلّ عليه و الشيخ رحمه الله في المبسوط و ية اعتبر الجفاف بعد الرشّ و لم اقف في الاخبار على ما يدلّ عليه سوى احتمال في بعض الاخبار سنشير اليه في بعض المرابص لكن لا باس باتّباعه خصوصا مع ما فيه من التحرّز عن تلطّخ المسجد

قوله و هى مبارك الابل عند الماء للشرب

اى للشرب مرة ثانية كما قال في الصّحاح الاعطان و المعاطن مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل و العلل الشرب الثانى و النّهل الشرب الاول و ذكر في المنتهى ان الفقهاء جعلوها اعمّ من ذلك و هى مبارك الابل مطلقا التى تاوى اليها و يدلّ عليه ما فهم من التعليل بكونها من الشياطين انتهى و التعليل في الرّواية العامية كما سنذكره و كلام بعض اهل اللّغة أيضا يوافق ما ذكروه من التعميم قال في القاموس العطن محرّكة وطن الإبل و مبركها حول الحوض ثمّ انه لا يشترك في الكراهية حضور الابل بل تكره و ان كانت غائبة كما صرّح به في شرح الارشاد لصدق المعطن مع الغيبة و ان كانت الرواية قد تشعر بخلاف ذلك كذا في شرح الارشاد و اراد بالرّواية الرّواية العامية التى سننقلها اوّلا فانه لم ينقل رواية فيه غيرها و في اشعارها بما ذكره تامّل اذ ليس فيها الا التعليل بانّها حتّى من جنّ و لا اشعار فيه باختصاص الكراهة بحال حضورها اذ يكفى فيها كونه مأوى للجنّ و ان لم يكن فيه بالفعل فتأمل و مستند الحكم صحيحة الحلبى في الفقيه و حسنته بإبراهيم بن هاشم في الكافي و التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في مرابض الغنم فقال صلّ فيها و لا تصلّ في اعطان الابل الا ان تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه و رشّه بالماء و صلّ الحديث و صحيحة محمّد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في اعطان الابل فقال ان تخوّفت الضّيعة على متاعك فاكنسه و انضحه و صلّ و لا باس بالصّلاة في مرابض الغنم و روت العامة عن عبد اللّه بن معقل عن النّبى ص انه قال اذا ادركتكم الصّلاة و انتم في اعطان الابل فاخرجوا منها و صلّوا فانها جن من جنّ خلقت أ لا ترونها كيف تشمّخ بانفها و عن البراء قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا تصلّوا في مبارك الابل فانها من الشياطين و نقل عن ابى الصّلاح انه ذهب الى عدم جواز الصّلاة فيه و لا يبعد ان يكون مراده التأكيد في الكراهة و كيفما كان فالمعتمد ما هو المش للعمومات الدّالة على كون الارض مسجدا الا ما اخرجه الدليل و النهى الصّريح في الرواية الاولى و المفهوم من الثانية كانه لا تصلح حجة للمنع لشيوع النواهى التنزيهيّة في امثال هذا المقام مع ان التجويز على تقدير الخوف على المتاع ايضا ربما يشعر بها و ايضا الرشّ في الروايتين منبئ عن المنع باعتبار النجاسة و قد ثبت عدم نجاسة ابوالها و ارواثها فعلم ان المنع للكراهة للاستقذار و اللّه تعالى يعلم

قوله و مجرى الماء

المستند فيه مرسلة عبد اللّه بن الفضل المتقدمة في بحث الحمام

قوله و ان لم يكن فيه ماء

لصدق المجرى بمجرد كونه معدّا لجريانه و لانه قد ذكر في الرواية المجرى الماء بعد ان ذكر الماء ايضا فعلم ان المراد ما ذكره ثمّ ان كون العلّة سلب الخشوع باعتبار عدم الامن من هجوم الماء غير ظاهر و ان كان مناسبا فالظاهر الكراهة و ان امن عادة من هجومه فتأمل

قوله و السّبخة

المستند فيه مرسلة عبد اللّه بن الفضل المتقدّمة و في الفقيه و الكافى في رواية الحلبى المتقدمة قال و كره الصّلاة في السّبخة الّا ان يكون مكانا ليّنا يقع عليه الجبهة مستوية و روى في التهذيب في الموثق ايضا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في السّبخة لم تكرهه قال لان الجبهة لا تقع مستوية فقلت ان كان فيها ارض مستوية فقال لا باس فالظاهر تقييد الكراهة بما في الروايتين من عدم استوائها اى الاستواء التام اذ لو لم تستو بقدر ما امكن اقلّ الواجب من وضع الجبهة فلا تصح الصّلاة الا ان تحمل الكراهة في الاخبار على الحرمة هذا و اما موثقة سماعة قال سألته عن الصّلاة في السّباخ فقال لا باس فتحمل على الجواز او على ما اذا كان موضع الجبهة مستويا

قوله او بكسرها و هى الارض ذات السباخ

ذكر الخليل في العين ان ارض السّبخة بفتح الباء فامّا اذا كانت نعتا للارض كقولك الارض السبخة فبكسر الباء و وجهه ما اشار اليه الشارح رحمه الله

قوله و قرى النّمل

المستند فيه ايضا مرسلة عبد اللّه المتقدمة و لعدم انفكاك المصلّى من اذاها او قتل بعضها كذا في شرح الارشاد

قوله و في نفس الثلج

مستنده ايضا المرسلة السّابقة و احتج في المدارك برواية الفقيه و الكافى عن داود الصّرمى قال سألت ابا الحسن عليه السلام قلت انى اخرج في هذا الوجه و ربما لم يكن موضع اصلّى فيه من الثلج فقال ان امكنك ان لا تسجد الثلج فلا تسجد و ان لم يمكنك فسوّه و اسجد عليه و في حديث آخر اسجد على ثوبك و هو انما يتم لو حمل السجود على الثلج على الصّلاة عليه و امّا اذا حمل عليه كذا على نفس السجود عليه كما هو ظاهره و ظاهر الحديث الآخر فلا يصلح سندا لما نحن فيه بل يكون مفاده عدم جواز السجود على الثلج الا عند الضرورة و يكون مفاد الحديث الآخر انه عند الاضطرار أيضا يسجد على ثوبه لا على الثلج فتأمل

قوله امّا بدونها فلا

اى لا يجوز كراهة اولى لعدم جوازها حينئذ مع الاختيار

قوله و بين المقابر

المستند فيه مرسلة عبد اللّه بن الفضل السّابقة و موثقة عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلى بين القبور قال لا يجوز ذلك الا ان يجعل بينه و بين القبور اذا صلّى عشرة اذرع من بين يديه و عشرة اذرع من خلفه و عشرة اذرع عن يمينه و عشرة اذرع عن يساره ثمّ يصلى ان شاء و انما حكموا بالكراهة دون عدم الجواز كما ورد في هذه الرّواية لان هاتين الروايتين مع عدم صحة سندهما لا تصلحان حجة للقول بالتحريم و تخصيص العمومات على انه قد ورد بالخصوص أيضا صحيحة علىّ بن يقطين في التهذيب قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الصّلاة بين القبور هل يصلح قال لا باس و صحيحة علىّ بن جعفر في الفقيه عن اخيه موسى عليه السلام قال

ص: 219

سألته عن الصّلاة بين القبور هل تصلح قال لا باس به فما في مراسم سلّار من عد المقابر مما لا تجوز الصّلاة فيه بل تفسد ضعيف جدّا

قوله و اليها و لو قبرا

القول بكراهة الصّلاة الى القبور او القبر هو المشهور بين الاصحاب و قال المفيد رحمه الله في المقنعة و لا تجوز الصلاة الى شي ء من القبور حتى يكون بين الانسان و بينه حائل و لو قدر لبنة او عترة منصوبة او ثوب موضوع و قد روى انه لا باس بالصّلاة الى قبلة فيها قبر امام و الاصل ما قدمناه و ظاهره على القول بالحرمة و يمكن حمله على تاكّد الكراهة و قال في الفقيه و امّا القبور فلا يجوز ان تتّخذ قبلة و لا مسجدا و لا باس بالصّلاة بين خللها ما لم يتّخذ شي ء منها قبلة و المستحب ان يكون بين المصلّى و بين القبور عشرة اذرع من كل جانب و هو ايضا ككلام المفيد و نقل عن ابى الصّلاح انه قال انه لا يجوز التوجه الى النساء و السّلاح المشهور و النجاسة الظاهرة و المصحف المش و القبور و لنا في فساد الصّلاة مع التوجّه الى شي ء من ذلك نظر انتهى و هو صريح في التحريم و مستند المنع رواية معمّر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال لا باس بالصّلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة و في سندها معاوية بن حكيم و هو و ان ذكر النجاشى انّه ثقة جليل القدر لكن قال الكشى انه فطحىّ فما في شرح الإرشاد للمحقق الاردبيلى رحمه الله لعله صحيح محل تأمّل ثمّ ان مفهومه ليس الا الباس اذا اتخذ القبر قبلة و الباس اعمّ من التحريم فالقول بالتحريم مستندا اليه ضعيف جدّا ثمّ كون اتخاذ القبر قبلة بمعنى التوجه اليه مطلقا غير ظاهر بل يحتمل ان يكون المراد به ان يعتقد كونه قبلة يجب التوجه اليه اينما كان بدلا من الكعبة او مخيّرا فيهما و لو سلّم نفى دلالته على عموم الباس ايضا الى القبر تامّل فان مفهومه ليس الّا الباس في الصّلاة بين المقابر اذا اتخذ القبر قبلة لا في الصّلاة الى القبر مطلقا لكن لا باس بالقول باطلاق الكراهة تبعا للاصحاب و لاحتمال الرواية هذا و اما الرواية التى اشار اليها المفيد رحمه الله في الصّلاة الى قبر الامام فهي ما نقله الشيخ في التهذيب من رواية محمد بن عبد اللّه الحميرى قال كتبت الى الفقيه أسأله عن الرّجل يزور قبور الائمة عليهم السلام هل يجوز ان يسجد على القبر ام لا و هل يجوز لمن صلّى عند قبورهم ان يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه و هل يجوز ان يتقدم القبر و يصلّى و يجعله خلفه ام لا فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت اما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة بل يضع خدّه الايمن على القبر و اما الصّلاة فانها خلفه يجعله الامام و لا يجوز ان يصلى بين يديه لان الامام لا يتقدّم و يصلى عن يمينه و شماله و لا يخفى ان هذه الرواية لمطابقتها للاصل و العمومات مع كونها اقوى سندا كما سيظهر اولى بالعمل و رواية معمر لا تنهض حجة لجعل الاصل عدم جواز الصّلاة الى القبر كما فعلوه و اشار اليه المفيد بقوله و الاصل ما قدمناه اى عدم الجواز الا ان يكون لهم عليه حجة اخرى لم تصلّ الينا و قال المحقق رحمه الله في المعتبر بعد ما نقل عن المفيد انه روى انه لا باس الى قبلة فيه قبر امام و الاصل ما قدمناه و لا ريب ان اطراحه لهذه الرواية لضعفها و شذوذها و اضطراب لفظها انتهى و الرّواية ان كانت هى ما في التهذيب و نقلناها فلم يظهر لى شي ء مما ذكره امّا الضعف فسندها في التهذيب هكذا محمد بن احمد بن داود عن ابيه قال حدثنا محمّد بن عبد اللّه الحميرى امّا محمد فقال في الخلاصة انه شيخ هذه الطائفة و عالمها و شيخ القميين في وقته و فقيههم حكمى ابو عبد اللّه الحسين ابن عبيد اللّه انه لم ير احدا احفظ منه و لا افقه و لا اعرف بالحديث و امّا ابوه احمد فقال النجاشى انه كان ثقة كثير الحديث صحب علىّ بن بابويه و له كتاب النوادر و في الخلاصة كان ثقة كثير الحديث و صحب علىّ بن بابويه و زاد في الفهرست و له كتاب النّوادر كثير الفوائد و امّا محمد بن عبد اللّه الحميرى ففى الخلاصة انه كان ثقة وجها كاتب صاحب الأمر عليه السلام و سأله مسائل في ابواب الشريعة بقي انه لم ينقل الشيخ في التهذيب و الاستبصار سنده الى محمد و لا ضير فيه اذ لا ريب ان كتابه كان عند الشيخ

و مع هذا فقد ذكر في الفهرست انه اخبرنا بكتبه و رواياته جماعة منهم محمد بن محمد بن النعمان و الحسين بن عبيد اللّه و احمد بن عبدون كلهم عنه و بعد هذا فلا يظهر لى وجه للضعف اصلا و امّا الشّذوذ فلم اتحقق معناه حتى انظر فيه و امّا اضطراب لفظها فتم يظهر لى و قد نقلناها بلفظها فانظر فيها لعلّه يظهر لك شي ء و امّا ما في الفقيه من انه قال النّبى ص لا تتخذوا قبرى قبلة و لا مسجدا فان اللّه عزّ و جلّ لعن اليهود لانهم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد فيمكن حمل اتخاذ القبر قبلة على ما اشرنا اليه سابقا من اتخاذه قبلة يتوجه اليه اينما كان فلا ينافى تلك الرواية مع ضعفها بالارسال و اما اتخاذه مسجدا فالظاهر ان المراد به ان يضع الجبهة عليه كما ورد المنع عنه في تلك الرواية ايضا فتأمل

قوله الّا بحائل و لو عنزة

ارتفاع الكراهة او التحريم بالحائل او البعد مقطوع به في كلام الاصحاب و لم اقف على مستند لهم في الحائل و تحديده بما ذكروه نعم لو كان حائل لا يقال معه عرفا الصّلاة الى القبر فلا ريب في انتفاء المنع و امّا بدونه كالعنزة و نحوها فيشكل الحكم برفعه بعد تحقق اصله نعم لا يبعد القول به بناء على ضعف احتجاجهم على الاصل فيقتصر فيه على موضع الوفاق او الشهرة و هو فيما اذا كان بدون الحائل على ما ذكروه فتأمل

قوله و هى العصا في اسفلها حديد

كذا في الذكرى و زاد و الاولى بلوغها ذراعا قاله الجعفى و الفاضل و زاد فما زاد انتهى و في الصّحاح انها اطول من العصا و اقصر من الرّمح و انت تعلم ان الاكتفاء بالعنزة و نحوها انما ورد في الرّوايات في السّرّة التى يستحب وضعها بين يدى المصلّى و امّا هاهنا فلم اقف على مستنده و استنباط هذا من ذاك كما ترى فتأمل

قوله مركوزة او معترضة

صفة عنزة قال في الذكرى في بحث السّترة يجزى القاء العصا عرضا اذا لم يمكن نصبها لانه اولى من الخط انتهى و ظاهر كلامه هاهنا التخيير بدون ترتيب

قوله او بعد عشرة اذرع

المستند فيه موثقة عمّار المتقدّمة

قوله و لو كانت القبور خلفه او مع احد جانبيه فلا كراهة

اذ المستفاد من الرّوايتين السابقتين انما هو كراهة الصّلاة بين القبور و اليه فلو كانت خلفه او الى احد جانبيه فلا دليل على كراهة و هذا لا ينافى انه اذا صلّى بين القبور اعتبر البعد بعشر اذرع من جميع الجوانب كما ورد في الموثقة اذ لا بعد في اختصاص ذلك بحال البيّنة و على هذا فاندفع ما يتراءى من المخالفة بين كلامه هنا و في شرح الشرائع ان البعد بعشر اذرع معتبر من جميع الجوانب فلا يكفى كون القبر خلف المصلّى من دون البعد اذ يمكن تخصيص كلامه هناك بما اذا صلّى بين القبور فلا ينافى ما ذكره هاهنا لكن بقي انه هاهنا حكم ايضا بانه اذا كانت القبور مع احد الجانبين فلا كراهة و قال في شرح الشرائع بعد قول مصنّفه و بين المقابر لا فرق في الكراهة بين الصلاة بينها و اليها و لا بين القبر و القبرين و ما زاد و ان لم يصدق البينية في الواحد و لا يخفى ما بينهما من التدافع و منه يظهر ان بناء ما نقل عنه اولا ايضا ليس على ما ذكرنا من التخصيص بل على ظاهره من الاطلاق و كيفما كان فالمتجه ما ذكره هنا كما ظهر مما تلونا عليك نعم ما ذكره هناك من عدم الفرق بين القبر و القبرين فما زاد انما يتجه في صورة الصّلاة الى القبر نظرا الى ما هو مستندهم في الحكم فتأمل

قوله و في الطريق

ص: 220

المستند فيه مرسلة عبد اللّه بن الفضل المتقدمة المشتملة على المواضع العشرة التى لا يصلى فيها اذ احدها مسانّ الطرق و رواية الفضل بن يسار المتقدمة في بحث بيوت الغائط اذ فيها و لا تصلّ على الجوادّ و حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام المتقدمة في الاعطان اذ فيها على ما في التهذيب و سألته عن الصّلاة في ظهر الطريق فقال لا باس ان يصلى في الظواهر الذى بين الجوادّ فاما على الجوادّ فلا تصلّ فيها و ليس هذا في الفقيه و في و صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السلام و في آخرها و قال لا باس بان يصلى بين الظواهر و هى الجوادّ جوادّ الطرق و يكره ان يصلّى في الجوادّ و صحيحة ايّوب بن نوح عن ابى الحسن الاخير عليه السلام قال قلت له يحضر الصّلاة و الرّجل بالبيداء قال يتنحّى عن الجوادّ يمنة و يسرة و يصلّى و رواية الفضل بن يسار المتقدمة في بحث بيوت الغائط اذ فيها و لا تصلّ على الجواز و صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصّلاة في السفر فقال لا تصلّ على الجادّة و اعتزل على جانبيها و رواية محمّد بن الفضيل قال قال الرّضا عليه السلام كل طريق يوطأ و يتطرق و كانت فيه جادّة او لم تكن فلا ينبغى الصّلاة فيه فقلت اين اصلّى قال يمنة و يستره و موثقة الحسن بن الجهم عن ابى الحسن الرّضا عليه السلام قال كل طريق يوطأ فلا تصلّ عليه قال قلت انه قد روى عن جدّك ان الصّلاة على الظواهر لا باس بها قال ذلك ربما سايرنى عليه في الرجل قال قلت فان اخاف الرّجل على متاعه الضّيعة قال فان خاف فليصلّ و لا يخفى ان مفاد اكثر تلك الروايات اختصاص الكراهة بالجوادّ اى العظمى منها و هى التى يكثر سلوكها على ما في شرح الارشاد و المدارك و مقتضى ذلك عدم الكراهة في طريق لا تعدّ جادّة و ايضا مفاد روايتى الحلبى و معاوية اختصاص الكراهة في الجوادّ بما انخفض منها لا ما بقي مرتفعا في البين بل مفادهما عدم اطلاق الجوادّ على ما بقي في البين مرتفعا و مفاد الروايتين الاخيرتين سيّما الأخيرة شمول الكراهة للجميع و يمكن الجمع بينها بالقول بالكراهة في الجميع لكن تكون في الجوادّ اشدّ من غيرها و المفيد رحمه الله في المقنعة و الصدوق رحمه الله في الفقيه حكما بعدم جواز الصّلاة على جوادّ الطرق و كانه لظاهر النهى في هذه الاخبار و المعتمد ما هو المشهور للاصل و العمومات و الشهرة العظيمة بين الاصحاب و يؤيده أيضا ظاهر لفظ الكراهة في صحيحة معاوية بن عمار فلا عبرة بظاهر تلك النواهى لشيوع النواهى التنزيهيّة في هذا الباب و يمكن ان يكون مراد الصدوق و المفيد ايضا تاكّد الكراهة و اللّه تعالى يعلم

قوله و الّا حرم

لاشتراط جواز التّصرف في الطرق بغير السّلوك بعدم الضرر بالسّالك و هل تفدح ظاهر الاصحاب ذلك بناء على ما ذهبوا اليه من دلالة النهى على الفساد قال في المدارك و لو فرض تعطيل المارّة بالصّلاة وجب القول بفسادها اذا كان الطريق موقوفة لاجل المرور و يحتمل عدم الفرق انتهى و كانه لا وجه لما ذكره اوّلا من الفرق بعد فرض صيرورتها محياة فافهم

قوله و في بيت فيه مجوسىّ

المستند فيه رواية الكافى عن ابى جميلة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا تصلّ في بيت فيه مجوسىّ فلا باس ان تصلّى و فيه يهودىّ او نصرانىّ و في التهذيب بسند غير ما في الكافي عن ابى جميلة عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثله و انت تعلم ان بين بيوت المجوس التى ذكرت سابقا و بين بيت فيه مجوسىّ الذى ذكر هاهنا عموما و خصوصا من وجه و قد ذكرنا من الروايات الحجة لكلّ منها فلا ينبغى الخلط بينهما و يظهر من الشارح رحمه الله في شرح الارشاد و الشرائع ضرب من الخلط فيه كما يظهر بالرّجوع اليهما فارجع و لا تغفل

قوله اى موقدة

وقود النّار سطوعها و ارتفاع لهبها و اوقدتها انا و استوقدتها ايضا كذا في تفسير النّيشابورى

قوله و في الرواية كراهة الصّلاة الى المجمرة الى آخره

هى موثقة عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام حيث فيها و قال لا يصلّى الرّجل و في قبلته نار او حديد قلت أ له ان يصلّى و بين يديه مجمرة شبه قال نعم و ان كان فيها نار فلا يصلّ حتى ينحّيها عن قبلته و عن الرجل يصلّى و بين يديه قنديل معلّق فيه نار الا انه بحياله قال اذا ارتفع كان شرّا لا يصلّى بحياله كذا في التهذيب نقلا عن محمد ابن يعقوب لكن ليس فيما عندنا من نسخ الكافى قلت له ان يصلّى الى قوله و عن الرّجل و لا ضير فيه فان الظاهر ان الشيخ نقله عن اصله لا عن الكافى و النسبة الى محمد بن يعقوب لاتّصال سنده الى صاحب الكتاب به مع انه قد روى في الفقيه هذه الزّيادة باد في تغيير في العبارة عن عمّار و في الكافي و التهذيب جميعا في الصّحيح عن علىّ بن جعفر عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن الرّجل يصلّى و السّراج موضوع بين يديه في القبلة فقال لا يصلح له ان يستقبل النار و قريب منه في الفقيه ايضا في آخر رواية عن علىّ بن جعفر و بما نقلنا ظهر انه لو بدل الشارح رحمه الله المجمرة بالنار لكان اولى و اظهر فتدبّر ثمّ انه في الكافي و التهذيب بعد نقل صحيحة على بن جعفر قال و روى ايضا انه لا باس لان الذى يصلّى له اقرب اليه من ذلك و زاد في التهذيب روى ذلك محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن عن الحسين بن عمرو عن ابيه عمرو بن ابراهيم الهمداني رفع الحديث قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام لا باس ان يصلّى الرّجل و النّار و السّراج و الصورة بين يديه ان الذى يصلى له اقرب اليه من الذى بين يديه قال و هذه رواية شاذّة و مع هذا ليست مسندة و ما يجرى هذا المجرى لا يعدل اليه عن اخبار كثيرة مسندة انتهى و في الفقيه ايضا روى هذه الرواية مرسلا عن ابى عبد اللّه عليه السلام ثمّ قال انه حديث يروى عن ثلاثة يروى من المجهولين باسناد منقطع يرويه الحسن بن علىّ الكوفى و هو معروف عن الحسين بن عمرو عن ابيه عن عمرو بن ابراهيم الهمداني يرفع الحديث و لكنها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقاة ثمّ اتصلت بالمجهولين و الانقطاع فمن اخذ بها لم يكن مخطئا بعد ان يعلم ان الاصل هو النهى و ان الاطلاق هو رخصة و الرخصة رحمة انتهى و لا يخفى ما بين كلامى التهذيب و الفقيه من المخالفة في بيان سندها حيث جعل في التهذيب عمرو بن ابراهيم بيانا لابيه و في الفقيه مرويا عنه له و يحتمل سقوط عن في التهذيب ليوافق ما في الفقيه لكن الظاهر عدم سقوطه و ان الصحيح هو ما في التهذيب و ما في الفقيه سهو و قول الفقيه و لكنها رخصة لا يخلو عن خفاء و الظاهر انه كانت له قرينة على صحة الرواية و انّه منهم عليه السلام فالمراد انّ الرواية و ان كان في سندها جهالة و انقطاع لكنها وردت على سبيل الرخصة عن الثقات اى المعصومين عليه السلام و ذكر فيها العلة ايضا و هو اشارة الى نوع تقوية لها على ما هو المشهور من ترجيح الحديث المعلل ثمّ عرضها الاتصال بالمجهولين و الانقطاع و لا ضير فيه فيجوز الاخذ بها على سبيل الرخصة اى على سبيل التخفيف و الترحّم بعد ان يعلم ان الاصل اى الراجح و الحكم الجارى اوّلا مع قطع النظر عن التخفيف و الترحّم هو المنع و بهذا يحصل الجمع بين الروايات و قد حمله سلطان العلماء طاب ثراه في حواشى الفقيه على انها رخصة اقترنت بها علة اى مع وجود عذر و علة ثمّ اتّصلت بالمجهولين فتركوا نقل العلة و اهملوا فمن اخذ بها مع العلة و الضرورة لم يكن مخطئا و لا يخفى بعده هذا و بما نقلنا من الروايات ظهر ضعف قول ابى الصّلاح بعدم جواز التوجّه الى النار اذ الاصل و العمومات يقتضى الجواز مع تأيّده بالشهرة العظيمة بين الاصحاب و بالرّواية المعلّلة و ان ضعف سندها

ص: 221

و ما يدلّ على المنع ليس الّا الرّوايتان و هما لا تنهضان حجة على التحريم لعدم صحة الاولى و قصور الثانية عن الدلالة على التحريم بل ظاهرها الكراهة و لكن الاحتياط في الاجتناب و اللّه تعالى يعلم

قوله او الى تصاوير

المستند فيه صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لابى جعفر عليه السلام اصلّى و التماثيل قدّامى و انا انظر اليها قال لا اطرح عليها ثوبا و لا باس بها اذا كانت عن يمينك او شمالك او خلفك او تحت رجليك او فوق رأسك و ان كانت في القبلة فالق عليها ثوبا و صلّى كذا في التهذيب و في الكافى ايضا بسند آخر صحيح عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قريب منه و صحيحة الحلبى قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام ربما قمت فاصلّى و بين يدى الوسادة فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا و صحيحة الكافى عن على بن جعفر عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن الدّار و الحجرة فيها التماثيل أ يصلّى فيها فقال لا تصلّ فيها و فيها شي ء يستقبلك الا ان لا تجد مدّا فقطع رءوسها و الا فلا تصلّ فيها و رواية ليث المرادى في التهذيب بسند فيه محمد بن سنان و في الفقيه بحذف الاسناد قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام الوسائد تكون في البيت فيها تماثيل عن يمين او شمال فقال لا باس به ما لم يكن تجاه القبلة فان كان شي ء منها بين يديك مما يلى القبلة فغطّه و صلّ و زاد في التهذيب و اذا كان معك دراهم سود فيها تماثيل فلا تجعلها من بين يديك و اجعلها من خلفك و رواية التهذيب عن سعد بن اسماعيل عن ابيه قال سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن المصلّى و البساط عليه تماثيل ا يقوم عليه يصلّى ام لا فقال و اللّه انى لاكره و عن رجل دخل على رجل عنده بساط عليه تمثال فقال أ تجد هاهنا مثالا فقال لا تجلس عليه و لا تصلّ عليه قوله عليه السلام أ تجد بالجيم و الدال المهملة و ربما قرئ بالخاء و الذال المعجمتين و على التقديرين استفهام للانكار و المراد انك لا تجد فيما عندنا و في بيوتنا ذلك او لا اتّخذ في بسطى ذلك ثمّ صرّح بالانكار و المنع عن الجلوس و الصلاة عليه و الشيخ حمل النهى عن الجلوس عليه على الكراهة بدلالة ما ورد من الاخبار انه لا باس بالقعود عليه و الوقوف ما لم يسجد عليها كصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة آنفا و رواية ليث المرادى المذكورة آنفا ايضا و دلالتها على ما ذكره باعتبار عموم قوله عليه السلام لا باس به مهما لم يكن تجاه القبلة و صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال لا باس ان تصلّى على المثال اذا جعلته تحتك و الظاهر بقرينة الحوالة الى الاخبار انه اراد بقوله ما لم يسجد عليها ما لم يكن في القبلة و الظاهر انه ايضا مكروه و ليس بحرام عنده فالفرق كانه باعتبار مراتب الكراهة و ان كراهة السجود عليه كراهة شديدة بخلاف الوقوف و الجلوس لخفّة الكراهة فيهما فتأمل ثمّ انه قد سبق في بحث اللباس نقلا عن المنتهى اطلاق كراهة الصّلاة في بيت فيه تماثيل مستندا الى رواية عمرو بن خالد و محمد بن مروان و قد نقلنا ايضا هناك مرسلة الفقيه التى هى اظهر دلالة على ما ذكره من تلك الروايتين و على هذا فيحمل نفى الباس في هذه الرّوايات اذا كانت في غير القبلة او اذا لم يكن تجاه القبلة و اذا جعلتها تحتك على خفة الكراهة فيه و اللّه تعالى يعلم (و اعلم) انهم لم يصرّحوا هاهنا بان المراد بالتّصاوير هل هو ما يختص بالحيوان او يعمّ صور الشّجر و نحوها و قد سبق ان الظاهر من الشارح انه يجعل الصّور مختصّة بالحيوان و جعل المثال اعم فلما عبّروا هاهنا بالصّور فالظاهر الاختصاص بصور الحيوان و لما كان في الرّوايات بلفظ التمثال و اطلق في غير رواية الحلبى فالظاهر عموم الكراهة و لا يبعد عندى تخصيص الحكم بصور الحيوان و دعوى انها المتبادر من التمثال عرفا كما اشرنا اليه في بحث اللباس و يؤيد ذلك حسنة الكافى بإبراهيم عن ابن ابى عمير عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السلام في التمثال يكون في البساط فيقع عينك عليه و انت تصلّى قال ان كان بعين واحدة فلا باس و ان كان له عينان فلا و رواها في التهذيب ايضا بسند آخر عن ابن ابى عمير عن بعض أصحابه باختلاف في الفاظه و رواها في الفقيه ايضا مرسلا كذلك في روايتين فتأمل و هاهنا رواية اخرى رواها في كتاب المكاسب من التهذيب عن ابى بصير قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام انما تبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل و تفترشها قال لا باس ان

تبسطها و تفترش و تطأ انما يكره منها ما نصب على الحائط و على السّرير و ظاهرهما كراهة ما نصب على الحائط و على السّرير و ان لم تصلّ اليه و لا يبعد ان يدّعى ظهوره في المجسّمة و اللّه تعالى يعلم

قوله او مصحف او باب مفتوحين

المسند في الاول موثقة عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلّى و بين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال لا قلت فان كان في غلاف قال نعم و لا يخفى انها باطلاقها تشمل القاري و الامّى

قوله نعم يشترط الابصار

فلا كراهة مع المانع منه كالعمى و الظلمة كما صرّح به في شرح د و هذا بناء على ما استنبطوه من العلّة في المنع و هو حصول التشاغل عن العبادة بالنظر اليه و للنظر فيه مجال فالاولى الاجتناب مط

قوله و الحقّ به التوجه الى آخره

هذا ايضا بناء على ما ذكرنا من العلة المستنبطة و للمناقشة فيه مجال كما اشرنا اليه فالحكم بالكراهة بالمعنى المصطلح لا يخلو عن اشكال نعم القول بمجرد اولوية الترك لا يخلو عن وجه فتبصر

قوله و لا نصّ عليهما ظاهرا

و قال في المعتبر انه ذكر ذلك ابو الصّلاح الحلبى رحمه الله و هو احد الاعيان و لا باس باتباع فتواه انتهى و في موثقة عمّار التى سيجي ء في بحث صلاة الرجل مع المرأة ما يدلّ بعمومه على عدم كراهة مواجهة الانسان حيث فيها و ان كانت المرأة قاعدة او قائمة في غير صلاة فلا باس حيث كانت

قوله و قد يعلّل بحصول التشاغل به

هذا التعليل ذكروه في الانسان و ربما امكن اجراءه في الباب ايضا و علّل الاوّل ايضا بان فيه تشبّها بالساجد لذلك الشخص و الثانى باستحباب السّترة بينه و بين ممرّ الطريق و لا يخفى ضعف الجميع

قوله او حائط ينزّ من بالوعة

النّز بالفتح و الكسر ما يتحلّب من الارض من الماء و قد انزّت الارض صارت ذات نزّ كذا في الصّحاح و مستند الحكم رواية احمد بن محمد بن ابى نصر عمّن سئل ابا عبد اللّه عليه السلام عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال ان كان نزّه من البالوعة فلا تصلّ فيه و ان كان من غير ذلك فلا باس و لا يخفى ان البالوعة في الجواب يحتمل الاطلاق و التى ذكرت اوّلا اى التى يبال فيها فترك التّوجه الى ما ينزّ من البالوعة مطلقا كما هو ظاهر عبارة المتن اولى نعم الحكم باطلاق الكراهة كما هو ظاهرها لا يخلو عن اشكال و ربما يستشكل الحمل على الاطلاق بان البالوعة ربما لا تدخلها النجاسة فلا يستقيم النّهى فيما ينزّ منها و الامر فيه هيّن لشيوع التخصيص فلا حجر في التخصيص بغيرها مع ان الشائع في البالوعة هو ان يدخلها المياه النّجسة بل المتبادر منها عرفا هو ذلك و لذا اختلفوا في بحث البئر استحباب التباعد بين البئر و البالوعة بخمس او سبع فتأمل

قوله و لو نزّ بالغائط فاولى

لكونه افحش من البول و للمنع فيه مجال كما اشرنا اليه سابقا هذا مع ظهور آخر الخبر في عموم عدم الباس في غير ذلك فالاظهر الحاقه بباقى النجاسات و ربما يستدل الالحاق ما ينزّ من الغائط بما سبق في بحث بيوت الغائط من رواية الفضيل بن يسار و فيه تامّل فان الظاهر فيها الامر بالتنحّى عن العذرة التى ترى في القبلة فلا تشمل حائطا ينزّ منها

قوله و في الحاق غيره من النجاسات وجه

قال

ص: 222

في شرح الارشاد و تردّد المصنف في التّذكرة و النّهاية فيما ينزّ من الماء المتنجّس و الخمر نظر الى اتحاد العلّة و استنادا الى قول الصّادق عليه السلام و ان كان من غير ذلك فلا باس و هذا التوجيه ينافى الاولوية التى ادّعيت في الغائط و لانه ليس افحش من الخمر فالاشكال آت في الجميع انتهى و فيه تامّل فان من ادّعى اولوية الغائط يخصّ قوله عليه السلام و ان كان من غير ذلك فلا باس بما عدا الغائط بدلالة الاولوية المذكورة فلا منافاة فالظاهر في الايراد عليه منع الاولوية و تأييده بظاهر آخر الخبر على ما ذكرنا لا جعل آخر الخبر منافيا لها كما ذكره ايضا ما ذكره من انه ليس افحش من الخمر فيه ما فيه لمنع عدم افحشيّة منها باعتبار النجاسة كيف و قد اختلف في نجاسة الخمر و لا خلاف في نجاسة الغائط نعم ربما كان الخمر افحش من جهة اخرى كالحرمة و لا كلام فيه اذ علة المنع ربما كانت هى النجاسة لا الحرمة هذا ثمّ توجيه احتمال الالحاق بما ذكره ضعيف لمنع العلّة المستنبطة خصوصا مع منافاته لظاهر آخر الخبر و ضعف استنباط كون العلة هى مطلق النجاسة لاحتمال ان يكون هى نجاسة البول التى هى افحش فالظاهر في توجيهه هو ما اشرنا اليه من احتمال البالوعة في الخبر للاطلاق و للمذكورة سابقا و الاوّل اوفق لرعاية تعظيم المسجد و الثانى للاصل فينبغى التردّد في غير المذكورة ثمّ على ما ذكرنا على التقديرين انما يثبت الحكم في حائط ينزّ من البالوعة و امّا لو نزّ من غيرها بالبول او غيره من النجاسات فالحاقه لا يخلو عن اشكال و الاولى الحاق اذ بعد النزّ من النجاسة لا يظهر وجه للفرق بين ان يكون في البالوعة او غيرها فتأمل و هاهنا رواية اخرى لم يتعرضوا لها و هى ما رواه في الفقيه عن محمد بن ابى حمزة و هى الثمالى الثقة لكن طريق الصّدوق اليه غير مذكور عن ابى الحسن الاوّل عليه السلام انه قال اذا ظهر النزّ من خلف الكنيف و هو في القبلة ستره بشي ء و هو يختصّ بما ينزّ من الكنيف و يعلم منه كفاية ستره بشي ء

قوله و في مرابض الدّواب

خصّها الاكثر بالخيل و البغال و زاد بعضهم الحمير و هو اولى لعدم دليل يعتدّ به على الاطلاق و امّا الثلاثة فقد علّلوا كراهتها بكراهة فضلاتها و بعد انفكاكها عنها و بموثقة سماعة في الكافي قال لا تصلّ في مرابض الخيل و البغال و الحمير و من خصّها بالخيل و البغال استدلّوا بموثقة سماعة ايضا في التهذيب قال سألته عن الصّلاة في اعطان الابل و في مرابض البقر و الغنم فقال ان نضحته بالماء و كان يابسا فلا باس بالصّلاة فيها و امّا مرابط الخيل و البغال فلا و لا يخفى ان تلك الأدلّة لا تنهض حجة على ازيد من الكراهة فالقول بعدم الجواز كما نقل سابقا عن ابى الصّلاح ضعيف جدّا

قوله للرّواية معلّلا الى آخره

هى ما ورد عن النّبى ص انه قال اذا ادركتكم الصّلاة و انتم في مراح الغنم فصلّوا فيها فانها سكينة و بركة و الرواية و ان كانت عامية لكنّها معتضدة بالاصل مع عدم دليل صالح على خلافه و قد تقدم ايضا في بحث المعاطن صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الصّلاة في مرابض الغنم فقال صلّ فيها و صحيحة محمد بن مسلم و فيها و لا باس بالصّلاة في مرابض الغنم و انت تعلم ان مضمرة سماعة المتقدمة آنفا لا تصلح لمعارضة تلك الاخبار و لو اهتمّ احد بالجمع بين رواياتنا طرّا فله القول بالكراهة فيها كراهة اخفّ من التى في الاعطان لكن الرّواية العامة كانّها لا تلائم هذا و قال في الذكرى و لا باس بمرابض الغنم اذا انضحه بالماء و كان يابسا كما في مضمرة سماعة و ظاهره العمل بها ثمّ قوله و كان يابسا في الرواية و في كلامه اى قبل الرشّ فمع كونه رطبا ينبغى الاجتناب عنه و لا يكفى الرش او بمعنى يابسا كما نقلنا سابقا عن الشيخ في رشّ بيت المجوس انه يترك حتى يجفّ هذا و اما القول بعدم الجواز هاهنا ايضا كما نقل عن ابى الصّلاح ففى غاية السّقوط و اللّه تعالى يعلم

قوله و لا باس بالبيعة و الكنيسة

هذا هو المشهور بين الاصحاب و مستندهم مع الاصل صحيحة العيص بن القسم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن البيع و الكنائس يصلّى فيها فقال نعم و سألته هل يصلح بعضها مسجدا قال نعم و حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها في الكافي و سألته عن الصّلاة في البيعة فقال اذا استقبلت القبلة فلا باس و رواية التهذيب عن حكم بن الحكم و في بعض النسخ الحكيم قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن الصّلاة في البيع و الكنائس فقال صلّ فيها فقد رايتها ما انظفها قلت أ يصلّى فيها و ان كانوا يصلّون فيها فقال نعم اما تقرأ القرآن قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلىٰ شٰاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدىٰ سَبِيلًا صلّ على القبلة و غرّبهم و هذه الرواية في الفقيه عن صالح بن حكم هكذا و قال صالح بن الحكم سئل الصّادق عليه السلام في البيع و الكنائس فقال صلّ فيها قال فقلت اصلّى فيها و ان كانوا الى آخره و لكن فيه ودعهم بدل غربهم و لا يخفى ان ما تقدّم من صحيحة عبد اللّه بن سنان التى استدلّوا بها على كراهة الصّلاة في بيوت المجوس و قد سوى فيها بين بيوت المجوس و بين البيع و الكنائس في الحكم فلو دلّت على الكراهة في بيوت المجوس باعتبار ان الظاهر من الامر بالرش الكراهة بدونه لدلت عليها في البيع و الكنائس أيضا و ان لم تدل على الكراهة لاحتمال استحباب الرّش و ان لم تكره بدونه كما اشار اليه الشارح رحمه الله هاهنا فلا تدلّ عليها في بيوت المجوس ايضا لاحتمال ان يكون الامر بالرش فيها ايضا على الاستحباب و ان لم تكره بدونه ايضا فالتفرقة بينهما تعسّف الا ان يقال ان ظاهر تلك الرّواية الكراهة فيهما لكنّهم عدلوا عن ظاهرها في البيع و الكنائس باعتبار هذه الاخبار المعارضة لها و لما لم يكن لها في بيوت المجوس معارض فحملت فيها على ظاهرها هذا مع ورود موثقة ابى بصير المتقدمة ايضا موافقا لها في بيوت المجوس خالية عن ذكر البيع و الكنائس و ذهب ابن ادريس و سلّار الى كراهة الصّلاة فيهما ايضا و نقل ذلك عن ابن البراج ايضا و ليس ببعيد اذ بعد ظهور صحيحة عيض في الكراهة على ما ذكروه و يمكن حمل تلك الاخبار المعارضة على الجواز فلا ينافى الكراهة و لا بعد فيه في الرّوايتين الاوليين الصحيحة و الحسنة و رواية حكم و ان كان حملها عليه لا يخلو عن بعد لكن ليس بابعد مما ارتكبوه في تاويل صحيحة عيص من الفرق مع ظهورها في التسوية بل ارتكاب التاويل فيها لعدم صحّة سندها اولى من التاويل أيضا في الصّحيحة فتأمل

قوله و تركه حتى يجفّ

لم اقف في الاخبار على ما يدلّ على ذلك سوى ما سبق من الاحتمال في مضمرة سماعة لكن الشارح ذكر هنا و في شرح الارشاد بتعا للشيخ رحمه الله حيث ذكر ذلك في رشّ بيت المجوس و لا باس فيهما كما اشرنا اليه هناك ايضا فتذكّر

قوله تبعا لغرض الواقف و عملا بالقرينة

قال في المدارك و هو مدفوع باطلاق النصوص مع عدم ثبوت جريان ملكهم عليها و اصالة عدم احترامها مع انه لو ثبت مراعاة غرض الواقف اتجه المنع مطلقا الا ان يعلم اناطة ذلك براى النّاظر فيتجه اعتبار اذنه خاصّة انتهى و فيه تامّل فان الظاهر من النصوص جواز الصّلاة فيها و عدم المنع عنها من حيث انّها بيع و كنائس و معابد اليهود و النّصارى و مظانّ النجاسة لا من جميع الجهات و يكفى لهذا جوازها بالاذن او فيما لا حاجة فيه منها الى اذن كالتى في بلاد اهل الحرب او التى باد اهلها و امّا اذا كانت لاهل الذمة فقد حكموا بعدم جواز التعرض لها و تحويلها مسجدا او نقضها بوجه من الوجوه فتكون محترمة فيشكل الحكم بجواز دخولها من غير جهة شرعية و اطلاق الاذن في الصّلاة لا يقتضى ذلك لما اشرنا اليه أ لا يرى ان اطلاق الاذن في الصّلاة في بيوت المجوس مع الرش لا يقتضى جوازها فيها معهم بدون اذنهم و كذا صيرورتها وقفا لا يوجب تجويز ذلك مع ظهور غرض الواقف فما احتمله المصنف لا يخلو عن قوّة كما ذكره الشارح رحمه الله فالاحوط رعاية اذن المتولى و يحتمل الاكتفاء باذن اهلها التى هى بايديهم اذا لم يعلم فساد يدهم لأصالة

ص: 223

صحّة يدهم و تصرّفاتهم الى ان يثبت خلافها و اللّه تعالى يعلم

قوله و يكره تقدم المرأة

بمعنى تعلّق الكراهة في الصّورتين بالشرط المذكور بصلاتيهما لا بخصوص المرأة كما توهّمه العبارة لكن هل هو مطلق او مع الاقتران فبدونه يتعلق بالمتاخرة الظاهر الثانى كما سنشير اليه على القول بالتحريم فافهم

قوله على القول الأصح

و هو قول المرتضى في المصباح و ابن ادريس في السّرائر و اكثر المتاخّرين و القول الآخر للشيخين و اتباعهما و ادعى عليه في الخلاف الإجماع و نقل في الذكرى عن الجعفى انه قال و من صلّى و حياله امرأة و ليس بينهما قدر عظم الذّراع فسدت صلاته و ظاهره اطلاق الحكم من غير تخصيص بحال صلاة المرأة أيضا و ربما كان ذلك في حال عدم صلاتها ففيها يشترط البعد ازيد من ذلك و ليس لنا كتابه حتى يظهر منه حقيقة مذهبه حجة الاولين اطلاق الامر بالصّلاة فلا يتقيّد الّا بدليل و صحيحة الفقيه عن جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس ان يصلّى الرّجل بحذاء المرأة و هى تصلّى هكذا احتج في المدارك و انت تعلم ان لهذه الرواية في الفقيه تتمة و هى هذه فان النبي ص كان يصلّى و عائشة مضطجعة بين يديه و هى حائض و كان اذا اراد ان يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتى يسجد و لا يخفى ان مع هذه الزّيادة لا يمكن حمل الخبر على ما هو ظاهره الذى عليه بناء الاحتجاج لعدم صحة التعليل حينئذ بل يجب جعل قوله و هو يصلى عطفا على مدخول لا باس اى لا باس ايضا ان يصلّى الرجل بحذاء المرأة او يجعل عطفا على لا باس اى و يصلّى الرجل ايضا بحذاء المرأة اى يجوز له ذلك فيكون التعليل على التقديرين للجزء الاخير و حينئذ لا يتم الاحتجاج الا ان يتمسّك بان اطلاق الحكم و ترك الاستفصال يدل على جواز ذلك مطلقا و ان كانت المرأة تصلّى معه و حينئذ فالاحتجاج لا يخلو عن ضعف سيما مع اختصاص التعليل بحالة عدم صلاتها و كيفما كان فعدم ذكر صاحب المدارك للتتمة و لتوجيه الاستدلال معها و ابتدائه في الاحتجاج بهذه الرواية كالصّريح في ان بناء احتجاجه على ما هو ظاهر الرواية بدون التتمة فلا يبعد ان يكون في نسخته و ان النبي ص بالواو فجعله حكاية لا تعلق له بسابقه فاسقطه في النقل و احتج بما قبله و روى في التهذيب و الاستبصار مثل هذه الرّواية بدون التتمة عن جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام هكذا في الرّجل يصلى و المرأة تصلّى بحذاء فقال لا باس لكن سنده موثق و فيه ارسال و حملها في التهذيب على ما اذا كان بينها و بينه اكثر من عشرة ازرع او حائل جمعا بين الاخبار و في الاستبصار على ما اذا كان الرجل متقدما على المرأة بشي ء يسير و يكون قوله بحذاء على ضرب من المجاز لقربها منه و لا يخفى بعدهما و الشارح في شرح الارشاد و احتج برواية جميل عن الصّادق عليه السلام في الرّجل يصلّى و المرأة بحذائه قال لا باس قال و ترك الاستفصال من كون المرأة مصلّية او غير مصلّية دليل العموم و لم اقف على رواية كذلك عن جميل فكانها هى ما نقلنا عن التهذيب و الاستبصار و قد سقط من نسخته لفظة تصلى بعد المرأة فاحتاج الى التمسّك بما ذكره و احتجوا ايضا بصحيحة الفقيه عن معاوية بن وهب عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرّجل و المرأة يصلّيان في بيت واحد فقال اذا كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها و هو وحده و لا باس قال و في رواية زرارة و طريقه اليه ايضا صحيح عن ابى جعفر عليه السلام اذا كان بينها و بينه قدر ما يتخطّى او قدر عظم الذراع فصاعدا فلا باس صلّت بحذاء وحدها و التقييد بالوحدة في الرّوايتين كانّه باعتبار ما ورد من اطلاق وقوف المرأة خلف الرّجل اذا ائتمت به فلا تصلّى جماعة بحذاه و ان انفردت و رواية في و التهذيب مع صحة سند التهذيب عن محمد و هو ابن مسلم كما يشهد به تتبّع الاسانيد و وقع التصريح به في رواية الكافى و بعض نسخ التهذيب ايضا فالمناقشة فيه على ما في شرح الارشاد للمحقق الاردبيلى رحمه الله مما لا وجه له عن احدهما عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلى في زاوية الحجرة و امرأته او انبته تصلّى بحذاه في الرواية الاخرى قال لا ينبغى ذلك فان كان بينهما شبرا جزءه قال في التهذيب يعنى اذا كان الرّجل متقدّما للمرأة بشبر و لا يخفى بعد التاويل فان ظاهره كفاية الشّبر مع المجازاة او مطلقا و ايضا التقدّم بشبر ان اعتبر بالنسبة الى الموقفين فلا يكفى على ما سيجي ء من اعتبار تقدّمه بحيث يحاذى سجودها قدمه على ما ذكره المصنف او بحيث لا يحاذى جزء منها جزء منه على ما ذكره الشارح و ان اعتبر

من مسجدها الى موقفة فلا يشترط الشبر بل يكفى احد ما نقلنا من المذهبين الا ان يحمل الشبر على الاستحباب هذا مع ظهور لا ينبغى في الكراهة لكن ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد ان الظاهر ان الشبر بالشين المعجمة و الباء الموحدة على ما نقلنا تصحيف و الظاهر السّتر بالسين المهملة و التّاء المثنّاة لان كون كل واحد في زاوية من البيت يدلّ على انّ بينهما اكثر من شبر فلا يحتاج الى ذلك التقييد بل يصير لغوا و لا يخفى انه على تقدير السّتر على ما ذكره يسقط وجه الاستدلال الا باعتبار لفظة لا ينبغى و اورد عليه ان لفظ لا ينبغى يطلق على التحريم كثيرا و يؤيده قوله فان كان الى آخره و فيه تامّل بها اولا فلان ذلك في قوله عليه السلام لا ينبغى ذلك لا يلزم ان يجعل اشارة الى خصوص ما فرضه السّائل حتى يصير التقييد على تقدير الشبر بالشين المعجمة لغوا بل يمكن ان يجعل اشارة الى مطلق صلاتهما مع المحاذاة و حينئذ يستقيم التقييد و لا بعد فيه كثيرا فاحتمال التصحيف فيه مع اتفاق نسخ الكافى و التهذيب عليه و صراحة كلام الشيخ في انه على ما تطابق عليه النسخ و وجود هذا التّحديد في روايات اخرى أيضا كما سبق و سيجي ء ساقط جدا و العجب من صاحب المدارك انه ايضا تبعه في ذلك و حكم بان الظاهر ان الستر بالسين المهملة و التّاء المثنّاة من فوق و امّا ثانيا فلان لا ينبغى و ان كان يستعمل كثيرا في التحريم لكن ظاهره مع ذلك الكراهة و هو يكفى في المقام و امّا ما جعله مؤيد الحمل لا ينبغى هاهنا على التحريم فانما يتمّ لو حمل قوله عليه السلام أجزأه على انه أجزأه الصّلاة كذلك فان مفهومه حينئذ عدم اجزاء الصّلاة بدون البعد بالشبر فالظاهر حمل لا ينبغى على التحريم اما لو حمل على انه أجزأه هذا البعد اليسير و يرتفع به ما ذكر من عدم الانبغاء فلا تأييد و لو لم يكن حمله على هذا المعنى اظهر فليس الأول اظهر فتدبّر و صحيحة التهذيب عن علىّ بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليه السلام و فيها و سألته عن الرّجل يصلى في مسجد حيطانه كوا كلّه قبلته و جانباه و امرأته تصلّى حياله يراها و لا تراه قال لا باس الكوا ممدودا او مقصورا جمع الكوّة و الكوّ و هى الخرق في الحائط او التذكير للكبير و التّأنيث للصّغير و لم ار احدا احتج بهذه الرواية لهم مع صحة سندها و وضوح دلالتها الا ان يقال انه يكفى على القول بالمنع وجود حائط بينهما و ان كان له كوى لا نمنع من النظر لكن الظاهر من كلامهم خلافه كما يظهر من تقييد الشارح هنا الحائل بالمانع من نظر احدهما الى الآخر اذ الظاهر منه المنع بالكليّة لا في الجملة فتأمل و حسنة الكافى و التهذيب بإبراهيم بن هاشم عن حريز عن ابى عبد اللّه عليه السلام في المرأة تصلّى الى جنب الرّجل قريبا منه فقال اذا كان بينهما موضع رحل فلا باس و الرّجل رحل البعير و هو كالسّرج للفرس و الظاهر انه ليس بقدر عشر اذرع و رواية في و التهذيب بسندين مختلفين مع حسن سند التهذيب بالحسن الصيقل عن ابى بصير و الظاهر انه المرادى بقرينة رواية ابن مسكان عنه قال سألته عن الرجل و المرأة يصلّيان في بيت واحد المرأة عن يمين الرّجل بحذاه قال لا الا ان يكون بينهما شبر او ذراع كذا في التهذيب و في الكافي عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرّجل

ص: 224

الى آخره و روى مثله ايضا في التهذيب بسند آخر عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرّجل و المرأة يصلّيان جميعا في بيت المرأة عن يمين الرّجل بحذاه قال لا حتى يكون بينهما شبر او ذراع او نحوه فهذه الرّوايات تدلّ على جواز صلاتهما معا بدون البعد او الحائل او تقدم الرّجل و منه يظهر فساد القول بالبطلان بدون احدهما لكن يحكم بالكراهة تنزيلا للرّوايات الآتية عليها جمعا بين الاخبار و امّا ما تضمّنه هذه الرّوايات من اعتبار البعد بينهما بالشبر او قدر ما يتحظّى او قدر عظم الذّراع او موضع الرّحل او الذراع على اختلاف الرّوايات فيحمل على الاستحباب لعدم القول بالفصل كذا قالوا و يشكل بما نقلنا عن الجعفى و يمكن ان يقال ان اعتبار عظم الذراع كما نسب الى الجعفى معارض بما يدل على كفاية الشّبر فيجب حمله على الاستحباب جمعا و لا قائل بوجوب الشبر فتعيّن المصير الى حمل الجميع على الاستحباب هذا و على هذا فيصير محصّل مذهبهم القول بالجواز مطلقا لكن بكراهة شديدة تضعف بالبعد بشبر و ذراع و غيرهما مما ذكر في الروايات على اختلاف مراتبها و تزول بالكليّة باحد الثلاثة التى اعتبرها القائلون بالتحريم حجة القول بالتحريم و بطلان الصّلاة بدون احد الثلاثة صحيحة التهذيب عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة تصلّى عند الرّجل فقال لا تصلّى المرأة بحيال الرّجل الا ان يكون قدّامها و لو بصدره و صحيحته عن محمد بن مسلم في المرأة تصلّى عند الرجل قال اذا كان بينهما حاجز فلا باس و هما و ان كانا مطلقين في صلاة المرأة عند الرّجل لكن يجب تقييدهما بما اذا صلّى الرّجل لعدم القول باطلاق المنع لكن لا يخفى ان دلالة الثانى انما هى بالمفهوم و مفهومه الباس بدون الحاجز و لا ظهور له في الحرمة بل ظاهره الكراهة فتأمل و موثقته بابان بن عثمان عن عبد اللّه بن ابى يعقور و في المدارك عدّها صحيحة و كانه باعتبار اجماع العصابة في ابان قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اصلّى و المرأة الى جنبى و هى تصلّى فقال لا الّا ان تتقدم هى او انت و لا باس ان تصلّى و هى بحذاك جالسته و قائمة قوله عليه السلام الا ان تتقدّم هى الى آخره اى الّا ان يصلّى احدكما قبل الآخر و في المدارك جعل هذه الرّوايات من حجج القول الاول بناء على عدم اعتبار الحائل و التباعد بالعشر فيها و اذا انتفى ذلك ثبت الجواز مطلقا اذ لا قائل بالفصل و لا يخفى ما فيه لندور ذكر جميع ما يتعلّق بمسألة في حديث بل السائغ استنباط احكام المسألة من اخبار مختلفة فيكفى هاهنا اشتراك الاخبار الثلاثة في المنع عن صلاتهما معا في الجملة و دلالة الاول على زوال المنع بتقدّم الرجل و دلالة الثانى على زواله بالحاجز اى الحائل و يبقى الامر الثالث الى ان نأتى بدليله و صحيحة في و التهذيب عن ادريس بن عبد اللّه القمى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّى و بحياله امرأة قائمة على فراشها جنبه فقال ان كانت قاعدة فلا يضرّه و ان كانت تصلّى فلا كذا في الكافي و في التهذيب بدل نائمة على فراشها جنبه قائمة جنب على فراشها و كان مراده عليه السلام بالقعود القعود عن الصّلاة اى ان لا تصلّى فلا خدشة في المقابلة بين الشقّين و صحيحة التهذيب عن محمد عن احدهما عليه السلام قال سألته عن المرأة نرامل الرّجل في المحمل يصلّيان جميعا فقال لا و لكن يصلّى الرّجل فاذا فرغ صلّت المرأة و هو موجود في الكافي ايضا في تتمة الرواية التى نقلناها في احتجاجات القول الاول عن الكافى و التهذيب عن محمد عن احدهما عليه السلام و روى ايضا في التهذيب عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثله و صحيحة التهذيب على ما في المدارك عن على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن امام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله تصلّى معه و هى تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم و ما حال المرأة في صلاتها معهم و قد كانت صلّت الظهر قال لا يفسد ذلك على القوم و تعيد المرأة صلاتها و قد نوقش في صحة الرواية باعتبار ان الشيخ نقلها عن العيّاشى بحذف الاسناد اليه و طريقه اليه غير مذكور في الكتابين و قد ذكره في الفهرست و ليس بصحيح لكن الظاهر ان روايته كانت من كتب العياشى و كانت مشهورة فلا حاجة فيه الى ملاحظة اعتبار سنده

اليه و نوقش في دلالتها باعتبار ان الامر باعادة المرأة يمكن ان يكون بسبب الائتمام في العصر بالظهر و هى ايضا ضعيفة اذ المشهور بين الاصحاب جواز الائتمام و ان اختلف الفرضان بل قال في المنتهى انه قول علمائنا اجمع و لم ينقلوا فيه خلافا الا ما نقل عن الصدوق انه قال لا باس ان يصلّى الرّجل الظهر خلف من يصلّى العصر و لا يصلّى العصر خلف من يصلّى الظهر الا ان يتوهمها العصر فيصلّى بنيّة العصر ثمّ يعلم انّها كانت الظهر فتجزئ عنه و لم يذكروا له حجّة و مع ذلك فما في الرواية هو الذى استثناه و حكم بصحته و ربما يحتمل عدم صحة الائتمام مع اختلاف الفرضين عند اعتقاد خلاف الواقع على ما في الرّواية و ان جاز مع العلم بالحال و يحتمل ان تكون الاعادة باعتبار قيامها بحياله اى محاذيا له مع ورود الاخبار بان المرأة اذ ائتمت بالرجل تقوم خلفه فيمكن ان يكون ذلك على الوجوب و كون الاعادة لذلك و على تقدير ان تكون للاستحباب كما هو المشهور عند القائلين بجواز صلاتهما معا مطلقا فيمكن ان تكون الاعادة أيضا على الاستحباب لذلك او تكون اعادتها مستحبّا باعتبار تقدّمها على الرّجال مع ان المستحب لها ان تقف خلفهم و اللّه تعالى يعلم و موثقة التهذيب عن عمّار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يستقيم له ان يصلّى و بين يديه امراة تصلّى قال لا يصلّى حتى يجعل بينه و بينها اكثر من عشرة اذرع و ان كانت عن يمينه و عن يساره جعل بينه و بينها اكثر من عشرة اذرع مثل ذلك فان كانت تصلى خلفه فلا باس و ان كانت تصيب ثوبه و ان كانت المرأة قاعدة او قائمة في غير صلاة فلا باس حيث كانت و هذه الرواية مستند حكمهم بزوال الكراهة بعشرة اذرع اذ ليس ذلك في رواية اخرى و اورد في شرح الإرشاد بانها مع ضعفها بعمار و كذا جماعة اخرى من الفطحية يقتضى اعتبار ازيد من عشرة اذرع و هو خلاف الاجماع و احتمل المحقق الاردبيلى رحمه الله ان يكون ذلك من باب المقدمة فيندفع ذلك لكن ردّها بضعف السند مع ركاكة في المتن من حيث التطويل و انت تعلم انه لا تطويل فيه بحيث يمكن الحكم بالركاكة باعتباره فتأمل و رواية الكافى عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلى و المرأة بحذاه عن يمينه او يساره فقال لا باس به اذا كانت لا تصلّى و روايته عن ابن بكير عمن رواه عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلّى و المرأة بحذاه او الى جانبه فقال اذا كان سجودها مع ركوعه فلا باس يعنى يكون متقدما عليها بحيث يحاذى موضع سجودها موضع ركوعه و روى في التهذيب ايضا عن ابن فضال عمن اخبره عن جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثله هذا ما وقفت عليه من الاخبار من الطرفين و ما ذكر في القول الاول من وجه الجمع بينها بحمل الاخبار المانعة على الكراهة و اختلاف مراتبها وجه حسن متين سيّما مع قصور اكثرها عن الدلالة على التحريم كما ترى و اللّه تعالى يعلم

قوله و بطلان صلاتيهما مطلقا او مع الاقتران

الاحتمال الاول هو ظاهر كثير من القائلين بالتحريم حيث اطلقوا بطلان صلاتيهما مع تقدم المرأة او محاذاتهما بدون الحائل او البعد المذكور من غير تفصيل و الثانى هو الذى صرح به جماعة من محققيهم فحكموا ببطلان صلاتيهما مع اقترانهما بالتكبير و الا تبطل المتاخرة خاصّة و وجه الاول تحقق الاجتماع في الموقف المنهى عنه و هو مانع الصحة

ص: 225

بناء على دلالة النهى في العبادات على الفساد فمتى تحقق ثبت البطلان كالحدث و ضعّفه في شرح الارشاد بعدم الدّليل الدّالّ على ذلك و عدم تقصير السابق و انما ثبت تاثير الحدث مطلقا بالنّص و هو مفقود هنا و رواية عمار التى هى مستند الحكم يشعر بتقدم المرأة فان الواو في قوله يصلّى و بين يديه امراة تصلّى للحال و قوله في الجواب لا يصلّى حتى يجعل بينه و بينها عشرة ازرع يدل على صلاتها قبل شروعه فالاجود حينئذ اختصاص المنع بالمتاخّر و المقترن و يؤيده رواية على بن جعفر عن اخيه عليهما السلام اذا صلّت حيال الامام و كان في الصلاة قبلها اعادت وحدها فانها صريحة في اختصاص الفساد بالطّارى انتهى و لا يخفى ان الامر في صحيحة علىّ بن جعفر كما ذكره من صراحتها في اختصاص الفساد بالطارى و امّا ما ذكره من اشعار رواية عمار فانما يتم لو كان قوله يصلّى ظاهرا في ابتداء الصّلاة و هو غير ظاهر اذ مع تاخّر المرأة ايضا لا يبعد ان يقال انه يصدق بعد شروعها انه يصلّى و بين يديه امراة تصلّى و كذا دلالة قوله لا يصلّى حتى يجعل بينه و بينها الى آخره على ما ذكره غير ظاهر الا على تقدير ظهور يصلّى في ابتداء الصّلاة و هو غير ظاهر بل لا يبعد شموله للاثناء ايضا و على هذا فيمكن لهم التمسّك باطلاق رواية عمار و كذا سائر الاخيار التى نقلنا في حجة القول بالتحريم سوى صحيحة علىّ بن جعفر فان بعد شروع الرّجل متأخرا عن المرأة يصدق على المرأة في اثناء صلاتها انها تصلّى بحيال الرجل و قد نهى عنها في صحيحة زرارة و هو مفهوم صحيحة محمد بن مسلم ايضا و كذا بعد شروع المرأة متأخّرا عن الرّجل يصدق عليه في الاثناء انه يصلّى و المرأة تصلّى و قد نهى عنه في صحيحة ادريس بن عبد اللّه القمى و موثقة ابان و ما ذكره من عدم تقصير السّابق انما هو في حالة الشروع و امّا بعد شروع الآخر فعدم تقصيره بعد ما ذكرنا من اطلاق الاخبار ممنوع لكن قد عرفت ان القول بالحرمة متمسّكا بجميع تلك الاخبار لا يخلو عن ضعف فكيف بها في هذه الصّورة متمسّكا باطلاق ما سوى صحيحة علىّ بن جعفر مع عدم وضوح الاطلاق و ظهوره و لزوم قطع الصّلاة مع شروعه فيها صحيحة و اصالة صحتها كلّ ذلك مع معارضة لصحيحة علىّ بن جعفر اللّهمّ الا ان لا تنزّل على هذه المسألة بل يجعل الاعادة فيها لفساد صلاتها بسبب آخر لا يسرى الى غيرها ممن صلّى معها كما اشرنا اليه من بعض الوجوه و فرض مع ذلك علم القوم بفساد صلاتها اذ الظاهر من مذهب من يقول بالاعادة هاهنا انه يقول بها الا مع العلم بفساد صلاة الآخر و لا يكتفى في سقوطها بظهور فساد صلاة الآخر بعد الصّلاة و ان لم يعلم به حالتها كما سننقله فتأمل فوائد الاولى لا بدّ في الحكم بالكراهة او التحريم من اشتراط علمهما بالحال لاستحالة تكليف الغافل و لو علم احدهما دون الآخر اختص الحكم به و هل يعتبر العلم وقت الشروع ام يكفى العلم في الاثناء ايضا لتعلق الكراهة او التحريم حينئذ الاظهر هو الاول و يحتمل الثانى بناء على ما ذكرنا في الفرع السابق من صدق يصلّى في الاثناء ايضا و على التقديرين فمن لم يعلم به الا ان يتم صلاته الظاهر صحة صلاته و ان علم بعد ذلك مقارنتها لصلاة الآخر او تاخرها عنه اذ لا جهة للبطلان الا وقوع النهى في العبادات موجب للفساد و اذا لم يتعلّق به النهى مع عدم العلم فلا بطلان و في شرح الارشاد ان مقتضى اطلاق كثير من الاصحاب عدم الفرق ايضا بين العلم بصلاة اخرى و عدمه و انّ وجهه ما ذكر في الفرع السّابق من تحقق الاجتماع في الموقف المنهى عنه و هو مانع الصّحة فمتى تحقق ثبت البطلان كالحدث و لا يخفى سقوط ما ذكروه هاهنا لعدم النّهى مع عدم العلم و لم يرد نصّ باطلاق البطلان مع الاجتماع حتى يكون كالحدث فالحكم باطلاق البطلان لا وجه له اصلا و كلام شرح الارشاد هاهنا لا يخلو عن تشويش كما يظهر بالرّجوع اليه و قال صاحب المدارك و لو لم يعلم احدهما بالآخر الا بعد الصّلاة صحة الصّلاتان و في الاثناء يستمرّ مطلقا على الاظهر و ينبغى القطع بصحة الصّلاة المتقدّمة لسبق انعقادها و فساد المتاخرة و مع الاقتران تبطل الصّلاتان لعدم الأولوية انتهى و مراده بقوله و في الاثناء العلم في الاثناء بصلاة الآخر مع تقدّمها او اقترانها و اما اذا

علم بها في الأثناء مع تاخّرها فهو مما ذكر انه ينبغى القطع فيه بصحة الصّلاة المتقدمة لكن في القطع بما ذكره تامّل نعم ما ذكره اظهر و ربما كان اظهر من الحكم بالصحة على تقدير العلم في الاثناء بصلاة الآخر متقدّما او متأخرا ايضا لكن القطع لا يخلو عن اشكال كما ظهر مما قررنا في الفرع السّابق فتأمل الثانية يشترط في تعلق الحكم بكل منهما كراهة و تحريما صحة صلاة الاخرى من غير كراهة فان الفاسدة كلا صلاة مع احتمال عدم الاشتراط لصدق الصّلاة على الفاسدة لانقسام مطلقها اليها و الى الصحيحة و حينئذ فالاجود رجوع كل منهما الى الآخر في ذلك و هى محمولة على الصحيحة حتى يصرح فيها بخلافها فاذا صرح قبل لعموم اقرار العقلاء على انفسهم جائز و لان من اخبر بفساد صلاته قبل منه قطعا و لان المفسد من فعله و ربما كان خفيّا لا يطلع عليه الا من قبله لتعلقه في بعض موارده بامور قلبيّة و افعال خفيّة لا يعلمها الّا اللّه تعالى و المصلّى فلو لم يقبل فيها قوله لزم امّا عدم اشتراط صحة الصّلاتين لو لا المحاذات او تكليف ما لا يطاق و كلاهما باطل فالملزوم مثلهما في البطلان و الملازمة ظاهرة كذا في شرح الارشاد و الظاهر ما ذكره من الاشتراط كما حكم به في المدارك و احتمال عدم الاشتراط على ما ذكره ضعيف جدّا و الظاهر كما ذكره صاحب المدارك انه لا بدّ من العلم بفسادها قبل الشروع فلو وقع بعده لم يعتدّ به للحكم ببطلان الصّلاة ظاهرا بالمحاذات و ان ظهر خلافه بعده و ظاهر عبارات شرح الارشاد كما ترى كفاية اخباره بفسادها بعدها و ليس لشى ء نعم لو قيل بالبطلان بالمحاذات و ان لم يعلم بها المصلّى الا بعد الصّلاة كما نقلنا عن شرح الارشاد انه مقتضى اطلاق كثير من الاصحاب فاذا صلّى احد و ظهر له المحاذات بعد الصّلاة اتّجه حينئذ له الرجوع الى قوله بعد الصّلاة لكن قد عرفت ضعف هذا القول و سقوطه و الشارح ايضا لا يقول به فيبعد تنزيل كلامه عليه السلام ثمّ اذا اخبر بفساد صلاته قبل شروعه فيها كان يخبر بانه يقصد فيها الرئاء او اخبر بانه ليس متطهّر او شرع في الصّلاة فهل تصح الصّلاة حينئذ محاذيا له اعتمادا على اخباره يحتمل ذلك لما ذكره الشارح من الوجوه و يحتمل عدمه لأصالة صحة صلاتها و عدم قيام دليل تمام على جواز الاعتماد على اخباره و ما ذكره الشارح من الوجوه محلّ تأمّل لانّ عموم اقرار العقلاء على انفسهم جائز لا يفيد الا جوازه عليهم لا لغيرهم فلا يفيد في صحة صلاتنا و المسلم ليس الّا قبول خبر من اخبر بفساد صلاته فيما يتعلّق بحقه للعموم المذكور لا مطلقا لعدم دليل عليه نعم لو كان المنع من المحاذات باعتبار حق للآخر اتجه حينئذ الحكم بسقوطه باقراره لكن كون المنع لذلك ممّا لا شاهد له اصلا و امّا الوجه الثالث فلا يخفى ضعفه لانا لا نسلّم اشتراط صحة الصّلاتين في نفس الامر حتى يلزم من عدم قبول قوله ما ذكره من احد الامرين بل المسلم اشتراط عدم العلم بالبطلان و مقتضاه عدم صحة المحاذات الا مع العلم ببطلان صلاة الآخر

ص: 226

و ظاهر انه لا يلزم حينئذ من عدم قبول قول المصلّى محذور اصلا فتأمّل

قوله الثّالث هذا البحث كله انما هو في حال الاختيار امّا مع الاضطرار كما لو ضاق الوقت و المكان فلا كراهة و لا تحريم قاله الامام فخر الدّين ولد المصنف رحمه الله و ربما اشكل الحكم مطلقا بناء على ان التحاذى مانع من الصحة مطلقا و النصوص مطلقة فالتقييد بحالة الاختيار يحتاج الى الدليل كذا في شرح الارشاد و لا يخفى ان تجويز تاخير احدهما مع الاضطرار الى ان يفوت الوقت و تقضى الصلاة مستندا بما سبق من اخبار المنع ضعيف جدّا فالاولى صلاتهما حينئذ كيفما امكنت ثمّ قضائهما بعد الوقت اذا تيسّر فعلها بدون المحاذات

قوله و لا فرق بين المحرم و الاجنبيّة الى آخره

وجه عدم الفرق في الجميع عموم الاخبار السّابقة و اطلاقها فتشمل الجميع و خصوص صحيحة علىّ بن جعفر في المقتدية

قوله بالحائل المانع من نظر احدهما الى آخره

وجه الحكم بزوالهما مع الحائل مع الاجماع على ما حكاه في المعتبر ان المتبادر من الاخبار المانعة هو الاجتماع بدون الحائل فلا يشمل ما اذا كان بينهما حائل فيبقى على الاصل و صراحة صحيحة محمّد بن مسلم في عدم البأس مع الحاجز و هو الحائل لكن الظاهر انه يعتبر في الحائل ان يكون جسما كالحائط و الستر فلا اعتداد بالظلمة و فقد البصر و لا بتغميض الصّحيح عينيه بطريق اولى و في شرح الإرشاد جعل الظاهر كفاية الاوليين و قال انه اختيار المصنف في التحرير دون الثالث مع احتماله و الظاهر ما ذكرنا من عدم كفاية شي ء منها

قوله او بعد عشرة اذرع

في بعض النسخ بدون التاء لكون الذراع مؤنثة سماعية و في بعضها بها كما في رواية عمار و كانه باعتبار ذراع اليد فانه يجوز تذكيره و تانيثه و الذراع الشرعى مثله و سقوطهما بالبعد المذكور أيضا اجماعى على ما حكاه في المعتبر و يدلّ عليه ايضا موثقة عمّار و لا يضرّ عدم صحتها مع مطابقتها للاصل و الاجماع لكن قد عرفت انه اعتبر فيها اكثر من عشرة اذرع و لم يقولوا به و انه يمكن ان يحمل الزائد على انه من باب المقدمة فتذكر

قوله بين موقفيهما

هذا واضح مع المحازات امّا مع التقدم و التأخر فالظاهر انه كذلك لانه المفهوم من التباعد عرفا و شرعا كما نبّهوا عليه في تقديم الامام على الماموم و يحتمل اعتباره من موضع السجود لعدم صدق التباعد بين يديهما حالة السجود ذلك القدر و ليس في كلامهم تصريح في ذلك بشي ء كذا في شرح الارشاد و الظاهر ان مراده من الاحتمال اعتباره من موضع السجود اذ عند اعتبار الموقفين قد لا يتحقق بينهما التباعد بهذا القدر حالة السّجود كما اذا كان المتقدم اطول قامة و لا يخفى ان عند اعتبار موضع السجود ايضا قد لا يتحقق بينهما التباعد بهذا القدر من الموقفين كما اذا كان المتقدم اقصر قامة فالأولى اعتبار التباعد بينهما بهذا القدر في جميع الحالات بالنسبة الى جميع الاجزاء بان يتحقق ذلك بين الموقفين و كذا بين المسجدين و هكذا و هاهنا احتمال آخر و هو ان يعتبر التباعد بهذا القدر لجميع اجزاء المتقدم بالنسبة الى اقرب من المتاخر اليه في جميع الحالات بان يتحقق التباعد بهذا القدر حالة السجود بين رأس المتاخر و عقب المتقدم و هذا احوط و ان كان اعتبار الموقفين اظهر فتدبّر

قوله فرع لو كان احدهما على مرتفع فهل يعتبر البعد الى اساس حائط المرتفع او يضم اليه الحائط ايضا او يعتبر ضلع المثلّث الخارج من احد الموقفين الى الآخر قال في شرح الارشاد الظاهر اعتبار الضلع المذكور خصوصا مع ايتاره زاوية حاوية لبعد تقدير التحريف الحادث منها و لو كانت قائمة ففيه الاحتمالات و لو كانت منفرجة ضعف الاحتساب الى الاساس لا غير لزيادة المسافة بما زاد و مثله القول في التباعد بين الامام و الماموم انتهى و لا يخفى ان اعتبار اساس الحائط و تقسيم الزاوية الى الاقسام الثلاثة ممّا لا وجه له بل الظاهر عند ارتفاع احدهما ان يجعل احد الاحتمالات اعتبار ما يحاذيه من الارض بحيث يكونان طرفى خطّ مستقيم فحينئذ يكون الضلع وتر زاوية قائمة البتة و لا يخفى ان الظاهر اعتبار الضلع لكن ظاهر كلماتهم في بحث الجماعة الاعتبار بالموضع المحاذى عند العلوّ فانهم منعوا من تباعد الامام عن الماموم بما يكون كثير اعادة الا مع تخلل الصفوف و قدّره بعضهم بما لا يتخطى كما ورد في صحيحة زرارة مع تجويزهم كون الماموم على بناء عال و اقل مراتبه عرفا ما لا يتخطّى فيعلم منه ان لا اعتبار بموقفه فينبغى ان يكون المعتبر هو ما يحاذيه من الارض فلا يبعد ان يكون هاهنا ايضا كذلك و امّا الاعتبار الى الاساس او الى الموضع المحاذى ثمّ الى المصلّى فضعيف جدا و احتمل في المدارك سقوط المنع مع عدم التساوى في الموقف و لا يخفى عدم اختصاص اكثر الروايات الواردة بصورة التساوى فالفرق ضعيف فتأمل

قوله و المروىّ في الجواز كونها تصلّى خلفه

هذا في موثقة عمار المتقدمة و قد ورد ايضا في خصوص المقتدية رواية ابى العبّاس قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام في الرجل عن يؤم المرأة في بيته قال نعم تقوم وراءه و رواية عبد اللّه بن بكير عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤمّ المرأة قال نعم تكون خلفه و المصنف رحمه الله كانه استند الى صحيحة الفضيل بن يسار قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اصلّى المكتوبة بامّ على قال نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك و هى اقوى سندا من تلك الروايات على انها لا تابى عن الحمل عليه لانه اذا حاذى سجودها بحذاء قدميه يصدق عرفا انها تصلّى خلفه او ورائه بل لا يبعد صدق ذلك باقل مما ذكره المصنف اذ مع تاخره في الجملة يصدق عرفا انها تصلى خلفه او ورائه و يؤيد ذلك ما في رواية الفقيه عن ابى جعفر عليه السلام قال و قال ايّما امراة صلّت خلف امام و بينها و بينه ما لا يتخطى فليست لها تلك الصّلاة قال قلت فان جاء انسان يريد ان يصلى كيف يصنع و هى الى جانب الرجل قال يدخل بينها و بين الرجل و يتخذ و هى شيئا فان ظاهرها كفاية مسمى انحدارها و تاخرها في الجملة و بالجملة فما ذكره المصنف قوى متين و ان كان ما ذكره الشارح احوط و اللّه تعالى يعلم فرع قال المحقق في الشرائع لو حصلا في مكان لا يتمكنان من التباعد صلّى الرّجل اولا و قال في المدارك المستند فيه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة المشتملة على النهى عن صلاتهما مجتمعين في المحلّ قال و لو كان المكان ملك المرأة لم يجب عليها التّأخر قطعا نعم يمكن القول باستحبابه و لو ضاق سقط الوجوب و الاستحباب انتهى و ينبغى ان يعنون المسألة بما اذا لم يتمكنا من الصّلاة مجتمعين بالبعد او الحائل او تقدّم الرجل اصلا و هو ظاهر ثمّ ظاهر ما نقلنا من المدارك انه حمل التقديم الرجل على الوجوب مع انه في المعتبر صرّح بانه مستحبّ عندنا و نسب الوجوب الى الشيخ و مثله في المنتهى ايضا و زاد فيها انه لو عكس فصلّت المرأة اوّلا ثمّ الرّجل صحت صلاتهما اجماعا و لا يخفى ان اثبات الوجوب بمجرد تلك الرواية مشكل فالاقوى الاستحباب و انه لو لا ما نقلنا من الاجماع لكان القول بصحة صلاتيهما في العكس على القول بالوجوب مشكل جدّا بناء على ما هو المعروف بينهم من اقتضاء النهى في العبادات الفساد ثمّ ما ذكر في المدارك من سقوط الوجوب او الاستحباب مع الضيق بناء على ما اختاره من زوال المنع مع الاضطرار امّا لو قيل ببقائه مع الاضطرار ايضا كما نقلنا سابقا احتماله عن شرح الارشاد فهنا ايضا على القول بالوجوب يقال بوجوب تقديم الرّجل و ان خرج الوقت للمرأة

ص: 227

كما صرّح به في شرح الارشاد فتأمل

[فيما يصح السجود عليه و ما يصح]

قوله و هو القدر المعتبر منه في السجود

و سيجي ء تحقيق القول فيه في بحث السّجود انشاء اللّه تعالى

قوله ان يكون من الارض او نباتها

عدم جواز السّجود على ما ليس بارض و لا من نباتها مما وقع عليه اجماع الاصحاب و يدلّ عليه الاخبار المتضافرة ايضا و استثناء الماكول و الملبوس من النّبات الذى يجوز السجود عليه هو المعروف بينهم و يدلّ عليه الاخبار ايضا كصحيحة هشام بن الحكم عن ابى عبد اللّه انه قال اخبرني عما يجوز السجود عليه و عمّا لا يجوز قال السجود لا يجوز الا على الارض او ما انبتت الارض الا ما اكل او لبس الحديث و صحيحة حماد بن عثمان في الفقيه و حسنته في التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال السجود على ما انبتت الارض الا ما اكل او لبس

قوله فالاقوى عموم التحريم

لمن علم باعتباره كذلك و في المدارك احتمل قويّا اختصاص كل قطر بمقتضى عادته و كان ما قوّاه الشارح اظهر لصدق ما اكل او لبس عرفا على ما اعتيد اكله او لبسه في بعض البلاد و لا يعتبر فيه عموم الاعتبار ينبغى ان يعتد ذلك بما اذا لم يكن ذلك نادرا بالنسبة الى سائر البلاد كما اشار اليه الشارح في اكل المخمصة و العقاقير فافهم

قوله كاكل المخمصة و هى المجاعة

اى عام الجدب و القحط

قوله لخروجها عن اسم الأرض بالاستحالة

و في صحيحة محمد بن الحسين ان بعض اصحابنا كتب الى ابى الحسن الماضى عليه السلام يسأله عن الصّلاة على الزّجاج قال فلما نفذ كتابى اليه تفكرت و قلت هو مما انبتت الارض و ما كان لى ان أسأل منه فكتب اليه لا تصلّ على الزّجاج و ان حدثتك نفسك انه مما انبتت الارض و لكنه من الملح و الرّمل و هما ممسوخان و لعلّ المراد بكونهما ممسوخين استحالتهما و تغيّر صورتهما فيجرى الحكم في كل ما خرج بالاستحالة لكن يشكل ان الملح و ان كان كذلك لكن الرّمل لبقاء اسم الارض عليه فلذا لا خلاف بيننا في جواز التيمم به و انما نسب المنع منه الى بعض العامة كما سبق الا ان يقال ان مناط الحكم هو استحالة الملح و امّا الرّمل فانما ذكر لتأييد الحكم لما فيه ايضا من شائبة الاستحالة و الشباهة بالمعدن و لذا حكموا بكراهة التيمّم به و علّلوها بالمشابهة بالمعدن كما سبق فالممسوخيّة في الاول حقيقة و في الثانى على سبيل المجاز و لو حمل الكلام على انهما صارا ممسوخين في الزّجاج فالمنع باعتبار ما عرض من الاستحالة و تغير الصورة بعد الزجاجية يتوجّه انه يظيع حينئذ تحقيق انه من الملح و الزجاج بل يكفى تعليل المنع بمسخه و استحالته الّا ان يقال ان تحقيق اصله اشارة ايضا الى ما عرض من الاستحالة لاجزائه قبل حقيقة في البعض و مجازا في البعض فانه ايضا مما يؤكد المنع فتأمل و قد ورد النهى أيضا في خصوص بعض المعادن كرواية يونس بن يعقوب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا تسجد على الذهب و لا الفضّة و حسنة زرارة المتقدمة المشتملة على المنع عن السّجود على الزّفت يعنى القير و حسنة محمد بن عمرو بن سعيد على الظاهر عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال لا تسجد على القفر و لا على القير و لا على الصّاروج و امّا ما رواه التهذيب عن معاوية بن عمار قال سئل المعلّى بن خنيس ابا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده عن السجود على الفقر و على القير فقال لا باس به و فقد حملها الشيخ على الضرورة او التقية و هذه الرواية رواها في الفقيه ايضا هكذا و سئل المعلّى بن خنيس ابا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة على القار فقال لا باس به طريقه اليه صحيح و ما ذكره الشيخ من وجه الجمع جار فيهما ايضا مع انهما ليسا بصريحين في جواز السّجود فربما كان السّؤال عن مجرد القيام عليه في الصّلاة و ان لم يسجد عليه فتأمل و قد سبق منا في بحث التيمّم تفصيل في المعادن و انّ الظاهر جواز التّيمم ببعضها دون بعض و لك اجراء ذلك في السّجود ايضا لكن بالاحتياط فيها مهما تيسّر فتدبر و مثلها الرّماد و ان كان منها اى كان رمادا حاصلا من احتراق الارض لعدم صدق الارض عليه بعد ما صار مادا كما لا يصدق النّبات على رماد الحطب و استقرب العلّامة في النّهاية جواز التيمم بالرماد الحاصل من احتراق التراب بخلاف رماد الشّجر و الظاهر ان السجود ايضا مثله عنده فغرض الشارح الرد عليه فافهم

قوله للاتفاق على المنع مما خرج عنها بالاستحالة

قد سبق في بحث التيمّم ان المحقق في المعتبر حكم بخروج الخزف بالطبخ عن اسم الارض و حكم مع ذلك بجواز السجود عليه و ان الظاهر من كلامه القدح في كليّة عدم جواز السّجود على ما خرج بالاستحالة و ان الظاهر ان جواز السجود عليه كان مسلّما بينهم فلذا لم يقدح فيه بل في الكلية المذكورة فتذكر

قوله لكن لما كان القول بالاستحالة بذلك ضعيفا الى آخره

و استدل ايضا في المدارك على الجواز بصحيحة الحسن بن محبوب عن ابى الحسن عليه السلام انه سأله عن الجصّ يوقد عليه بالعذرة و عظام الموتى ثمّ يجصّص به المسجد أ يسجد عليه فكتب اليّ بخطّ ان الماء و النار قد طهراه قال وجه الدلالة انها تضمّنت جواز السجود على الجصّ و الخزف في معناه مجال المناقشة كما يظهر وجهها بالتامّل فيما نقلنا من المحقق في بحث التّيمم بالنورة و الجصّ فتأمل و لم يظهر فيه خلاف بين الاصحاب سوى ما نقل عن المرتضى رض انه قال في المسائل الموصلية يكره السجود على الثوب المنسوج من قطن او كتان كراهية تنزّه و طلب فضل لا انه محظور و محرّم و مثله في المسائل المصرية الثانية منه رحمه الله مع انه في المسائل المصريّة الثالثة و الجمل و الانتصار وافق المشهور في المنع و نقل في الانتصار اجماع الطائفة عليه حجة المشهور ما سبق آنفا من الصّحيحتين و حسنة زرارة بإبراهيم مع اضافة محمد ابن اسماعيل عن الفضل فهي كالصّحيح عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت له اسجد على الزّفت يعنى القير قال لا و لا على الثوب الكرسف و لا على الصوف و لا على شي ء من الحيوان و لا على طعام و لا على شي ء من ثمار الأرض الا القطن و الكتان و يمكن تأييده ايضا بصحيحة زرارة عن احدهما عليه السلام قال قلت الرجل يسجد و عليه قلنسوة او عمامة فقال اذا مسّ جبهة الارض فيما بين حاجبيه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه و موثقة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه بابان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا تصيب جبهة الارض قال لا يجزيه حتى تصل جبهة الى الارض و رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليهم السلام انه كان لا يسجد على الكمّين و لا على العمامة فان ظاهرها اطلاق عدم جواز السجود على العمامة و ما ذلك الا كونها ملبوسة و لو لا ذلك لجاز السّجود على ما كان منها متخذا من النّبات كالقطن و الكتان على ما هو الغالب فيها فتأمل و استدل ايضا في المدارك بصحيحة علىّ بن يقطين عن ابى الحسن الاوّل عليه السلام انه قال لا باس بالسجود على الثياب في حال التّقية و قال دلّت الرواية على ثبوت الباس في السجود على الثياب مع عدم التقيّة و هى تتناول المعمول من القطن و الكتان انتهى و لا يخفى ضعف التمسّك بعموم المفهوم و مع ذلك فلم اقف على مأخذ الرواية التى نقلها سوى ما في الفقيه انه سئل علىّ بن يقطين ابا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح و البساط فقال لا باس اذا كان في حال التقية و لا باس بالسجود على الثياب في حال التقية و كون قوله و لا باس بالسجود الى آخره من تتمّة الرّواية غير ظاهر بل لا يبعد ان يكون من كلام الفقيه كما يفعل مثل ذلك كثيرا و يؤيد ذلك وجود الرّواية في زيادات التهذيب و كذا في الاستبصار بدون التتمة و قد وجدت الرّواية في موضع آخر من التهذيب في غير موقعها قبيل ابواب الزيادات عن علىّ بن يقطين بحذف الاسناد و في عامة نسخة

ص: 228

فيها التتمة و قد نقلها كذلك عن ابن بابويه و الشّيخ العلّامة في المنتهى و المحقق الأردبيلى في شرح الإرشاد و هذا و ان كان يؤيّد كونها من الرّواية لا من كلام الفقيه لكن الحكم به لا يخلو عن اشكال سيّما مع عدم وجودها في بعض النسخ هناك أيضا و ان كان الظاهر سقوطها فيه من قلم الناسخ و اللّه تعالى يعلم و احتج ايضا في المختلف بالاجماع قال فانه قول علمائنا اجمع فلا يعتدّ بقول السّيد المرتضى مع فتواه بالموافقة لان الخلاف الصّادر منه ان وقع قبل موافقته لانه يكون قد انعقد الاجماع بعد الخلاف و ان وقع بعد الموافقة لم يعتدّ به لانه صدر بعد الاجماع و قول علمائنا حجة لأنه اجماع لا تجوز مخالفته مع انّ السّيد المرتضى استدلّ في الانتصار على المنع بالاجماع فكيف يجوز منه بعد ذلك المخالفة انتهى و لا يخفى ان ما ذكره من التفصيل انما يناسب طريقة العامة في الاجماع و امّا على طريقتنا فان ثبت انه قول علمائنا ما عدا السّيد على ما ذكره فيكفى ذلك في عدم الاعتداد بخلافه و لا حاجة الى ما ذكره من التفصيل فتأمل احتج المرتضى رض على ما نقل عنه بانه لو كان السّجود على الثوب المنسوج من القطن و الكتان محرّما محظور الجرى في القبح و وجوب اعادة الصّلاة و استينافها مجرى السّجود على النجاسة و معلوم ان احدا لما ينتهى الى ذلك قال في المدارك و يتوجه عليه او لا منع الملازمة و ثانيا منع بطلان اللازم و ان ادعى ان احدا لم يذهب اليه انتهى و يمكن ان يستدلّ له بروايات كرواية داود الصّرمى قال سألت ابا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على القطن و الكتان من غير تقيّة فقال جائز و رواية حسين بن علىّ بن كيسان الصّنعانى قال كتبت الى ابا الحسن الثّالث عليه السلام أسأله عن السّجود على القطن و الكتان من غير تقيّة و لا ضرورة فكتب الى ذلك جائز و رواية منصور بن حازم عن غير واحد من اصحابنا قال قلت لابى جعفر عليه السلام انّا نكون بارض باردة يكون فيها الثلج أ فنسجد عليه فقال لا و لكن اجعل بينك و بينه قطنا او كتانا و رواية ياسر الخادم قال مرّ بى ابو الحسن عليه السلام و انا اصلّى على الطبرىّ و قد القيت عليه شيئا اسجد عليه فقال لى مالك لا تسجد عليه ا ليس هو من نبات الارض و الشيخ في التهذيب حمل الثلاثة الاول على حال الضّرورة من حرّ او برد او ما اشبهه ذلك و حمل الرواية الاخيرة على التقية و للمتكلف حمل الجميع على التّقية و لا ينافيه التصريح في الاوليين بنفى التقية لان نفى السّائل لها لا ينافى اتقاءه عليه السلام على نفسه في الحكم بالمنع بل ربما احتمل التقية على المخاطب أيضا بناء على علمه عليه السلام بانه لو اخبر بالمنع بدون التقية لاجترأ على عدم السّجود عليه في موضع التقية أيضا او لامتنع عن السجود عليه لظنه عدم التقية خطأ فوصل اليه ضرر بذلك فافهم و المحقق رحمه الله في المعتبر استحسن قول المرتضى رض لما فيه من الجمع بين الاخبار قال و تاويل الشيخ في الجمع بان الجواز محمول على التقية او الضرورة منفى برواية الصنعانى للتصريح فيها بنفى الضرورة و التقية بما نقلنا من كلام الشيخ ظهر لك دفع ايراده عليه و ظهر أيضا انه يمكن حمل الجميع على التقية و امّا الجمع بين الاخبار بالحمل على الكراهة على ما استحسنه فهو انما يحسن مع صلاحية هذه الاخبار لمعارضة الاخبار السّابقة من حيث السّند و امّا بدونها كما هو الواقع فيشكل الجرأة عليه خصوصا مع شهرة المنع بين الاصحاب شهرة عظيمة لو لا الاجماع و مع امكان حمل تلك الأخبار على التقية فتأمل و قد استدل أيضا للمرتضى بحسنة ابراهيم ابن هاشم عن الفضيل بن يسار و يزيد بن معاوية عن احدهما عليه السلام قال لا باس بالقيام على المصلّى من الشعر و الصوف اذا كان يسجد على الارض فان كان من نبات الارض فلا باس بالقيام عليه و السجود عليه و انت تعلم ان هذه الرواية مطلقة و الاخبار السّابقة مقيّدة فطريق الجمع حمل المطلق على المقيّد و للكلام فيه مجال اذ كما امكن الجمع بذلك امكن بحمل المطلق على اطلاقه و حمل المقيّد على الاستحباب و ترجيح الاوّل على الثانى غير ظاهر بل الاصل و العمومات ربما يرجح الثانى و مثله القول في حسنة حسين بن ابى العلا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ذكر انّ رجلا اتى ابا جعفر عليه

السلام و سأله عن السّجود على البوريا و الخصفة و النّبات قال نعم و يمكن أيضا الاستدلال برواية محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال لا باس بالصّلاة على البوريا و الخصفة و كل نبات الا الثمرة و لا خدشة في سندها غير ان فيه ابراهيم الخزاز و قد ضعفه ابن الغضائرى و قال انه يروى عن الضّعفاء و في مذهبه ضعف و لكن وثقه الشيخ و النجاشى و قال العلامة انه يقوى عندى العمل بما يرويه و الكلام فيه أيضا مثل ما في سابقيها لكن ارتكاب التخصيص فيهما اهون منه في هذه كما لا يخفى و امّا صحيحة علىّ بن الرّيان قال كتبت بعض اصحابنا بيد ابراهيم ابن عقبة اليه يعنى ابا جعفر عليه السلام يسأله عن الصّلاة على الخمرة المدينة فكتب صل فيها ما كان معمولا بخيوطة و لا تصلّ على ما كان بسيورة قال فتوقف اصحابنا فانشدهم بيت شعر لتابطّ شرّا الفهمى كانّها خيوطة ما ترى تغار و تقتل و ماريّ رجل حبّال يفتل الخيوط فلا دلالة فيه على جواز السجود على الخيوط اذا الشائع في المعمول بالخيوط باطلة لا تمنع من اصابة الجبهة للنّبات بالقدر المعتبر في السّجود و امّا المنع من المعمول بالسّيور فهو اما لانه كان الشائع في المعمولة بالسّيور ان تكون السّيور ظاهرة مانعة من اصابة القدر المعتبر من الجبهة للنّبات او لانهم كانوا يتخذونها من الميتة لعدم مبالاتهم او لأنّهم يزعمون ان دباغها طهورها فالمنع باعتبار تحريم استعمال الميتة مطلقا لا باعتبار السجود على ما لا يصح السجود عليه و في الذكرى قيّد الجواز في المعمولة بالخيوط بما اذا كانت الخيوط من جنس ما يجوز السجود عليه و المنع في المعمولة بالسيور بما اذا كانت السيور ظاهرة و عليه حمل الرّواية و نقل عن المبسوط انه اطلق جواز السجود على المعمولة بالخيوط هذا و اما توقف اصحابنا فكانه باعتبار ادخال تاء التأنيث على الجمع في لفظتى الخيوطة و السّيورة فتوقفوا في صحّته لكونه غير متعارف فاستشهد بالشّعر المزبور لصحته فتأمل هذه هى الرّوايات التى يمكن الاستدلال بها من الطرفين و لا يخفى على من نظر فيها انه لو خصّ احد المنع بالمنسوج من النّبات و جواز السّجود في غير المنسوج و اولى من غير المغزول أيضا و جوّز أيضا في المنسوج الذى لا يصلح لباسا و قال ان الطبرى لعلّه كان كذلك لكان وجها حسنا للجمع بين الاخبار لكن الشهرة بين الاصحاب على خلافه و الاحتياط في فتابعتهم و ان لم يظهر عليه اجماع بل العلامة رحمه الله في ية و كرة جعل الاقرب جواز السجود على القطن و الكتان قبل الغزل و جعل في ية الاقرب في المغزول المنع لانه عين الملبوس و الزيادة في الصّفة و في التذكرة استشكل فيه و جعل منشأ الاشكال انه عين الملبوس و الزيادة في الصفة و انه حينئذ غير ملبوس هذا و لا يخفى انه على القول بما ذكرنا لا حاجة في تصحيح ما وقع في صحيحة على بن الريّان من اطلاق جواز السجود على المعمولة بالخيوط الى التمسك بما ذكرنا من الشيوع بل يمكن حمله على اطلاقه لكن اذا كانت الخيوط من القطن و نحوه كما هو الغالب و كان ما نقلنا من الذكرى من تقييد الخيوط بما يجوز السجود عليه انما يتجه على هذا الاحتمال او على قول المرتضى بجواز السّجود على القطن و الكتان مطلقا و الا فالخيوط من جنس ما يجوز السجود عليه لو كانت لكان نادرا جدّا يبعد حمل الخبر عليه فتأمل هذا كله مع عدم التقية او الضرورة اما مع احدهما فلا منع كما نقلنا عن الشيخ و ظاهر هى الاجماع عليه و يدل أيضا

ص: 229

على الاوّل و الاخبار العامة في التقية و كذا الخاصة بما نحن فيه و على الثانى أيضا روايات كرواية عتيبة بيّاع القصب قال قلت لأبى عبد اللّه عليه السلام ادخل المسجد في اليوم الشّديد الحرّ فأكره ان أصلّي على الحصى فابسط ثوبى فاسجد عليه فقال نعم ليس به باس و رواية ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت له اكون في السفر فتحضر الصّلاة و اخاف الرّمضاء على وجهى كيف اصنع قال تسجد على بعض ثوبك قلت ليس علىّ ثوب يمكننى ان اسجد على طرفه و لا على ذيله قال اسجد على ظهر كفّك فانّها احد المساجد و رواية القسم بن الفضل قال قلت للرّضا عليه السلام جعلت فداك الرّجل يسجد على كمه من أذى الحر و البرد قال لا بأس به و رواية أحمد بن عمر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على كم قميصه من اذى الحرّ و البرد و على ردائه اذا كان تحته مسح او غيره ممّا لا يسجد عليه فقال لا باس به و رواية محمّد بن القسم بن الفضيل بن يسار قال كتب رجل الى ابى الحسن عليه السلام هل يسجد الرجل على الثوب يتّقى به وجهه من الحرّ و البرد و من الشي ء يكره السّجود عليه فقال نعم لا باس به و هذه الاخبار لكثرتها تصلح حجة و ان ضعف اسنادها و لا يخفى ان الضرورة المستفادة من هذه الرّوايات اعمّ من الضرورة التى يسقط معها التكليف كما صرح به الشيخ فيما نقلنا عنه فاستدلال العلّامة رحمه الله في المنتهى على عدم المنع في حال الضّرورة ثمّ تأييده بطرف من تلك الروايات لا يخلو عن قصور و اعلم أيضا ان في صورة الضرورة يقدم الثوب المتخذ من النّبات كالقطن و الكتان على غيره من المتخذ من الصوف و نحوه كما ظهر وجهه مما تلونا عليك و كان في الروايتين الاخيرتين ما يرشدك اليه فافهم و امّا الثلج و نحوه ممّا ليس بارض و لا من نبات الارض فلا ريب أيضا في تقديم القطن و الكتان و نحوهما عليه كما يظهر وجهه أيضا من رواية منصور بن حازم المتقدمة و امّا ما ليس بارض و لا من نباتها كالصوف و نحوه فيحتمل ان يكون معه الثلج في مرتبة واحدة لاشتراك الجميع في انه ليس بارض و لا من نباتها فلا ترجيح و يحتمل تقديم غير الثلج عليه مطلقا لرواية داود الصّرمى قال سألت ابا الحسن عليه السلام قلت له انى اخرج في هذا الوجه و ربما لم يكن موضع اصلّى فيه من الثلج فكيف اصنع قال ان مكنك ان لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه و ان لم يمكنك فسوه و اسجد عليه فان ظاهرها تقديم غير الثلج عليه مطلقا هذا ان حملت الرواية على ظاهرها من السجود على الثلج و يمكن حملها على السؤال عن القيام و الصّلاة عليه باعتبار عدم استقراره و حينئذ يكون مفادها انه ان امكنك القيام على موضع آخر يكون له استقرار فلا تصلّ عليه و الّا سرّه حتى يحصل له استقرار و صلّ عليه فتأمل

قوله غير الماكول و الملبوس عادة حمل الماكول و الملبوس على العاريين منهما لانه المتبادر منهما فلا منع فيما يؤكل او يلبس نادرا و هذا فيما لم يعمل ثوبا بالفعل ظاهر و اما اذا عمل ثوب من نبات الارض و لم يكن بمجرى العادة ملبوسا فقد تردّد فيه العلّامة في المنتهى و جعل الاقرب الجواز و لا يخلو عن وجه و امّا التعميم بالنسبة الى ما بالفعل و ما بالقوّة فقد علّله الشارح في شرح الارشاد بانّه لو اعتبر الفعل لزم جواز السجود على الثوب غير المخيط او المفصل على وجه لا يصلح للّبس عادة و غير ذلك مما هو معلوم البطلان و فيه تامّل فان الظاهر مما اكل او لبس المتّصف بها بالفعل فعلى تقدير العلم بعدم اختصاص المنع به يجب الاقتصار على التعميم بحيث يشمل على ما علم المنع منه أيضا و اما التعميم ازيد من ذلك فلا وجه له و دعوى العلم بشمول المنع في الملبوس لنحو القطن و الكتان غير ظاهر كما فصّلنا القول فيه بل غاية ما علم دخوله المنسوج بحيث يصلح اللباس و لو بعد قطعه و خياطته او المغزول مطلقا كما اختاره في ية فينبغى الاقتصار على احدهما و اما قبل الغزل فلا و كذا في شمول المنع في الماكول لنحو الحنطة و الشعير تامّل بل يحتمل الاقتصار على غيرهما و نحوه او التعميم بحيث يشمل ما طحن منهما مطلقا و امّا الحكم بشموله لهما مطلقا مع عدم صدق الماكول العادى عليهما كذلك لغة و عرفا فشكل جدّا و لهذا ذهب العلامة رحمه الله في المنتهى الى جواز السجود على الحنطة و الشعير قبل الطّحن و علّله بانهما غير ماكولين في تلك الحال و في النّهاية و كرة ايضا ذهب الى الجواز و علّله بان القشر حاجز بين الماكول و الجبهة و هو غير مأكول و فيه تامّل لجريان العادة باكلهما غير منخولين خصوصا الحنطة و سيّما في الصدر الاول مع ان النخل لا يأتى على جميع الاجزاء فانّ الأجزاء الصغيرة تنزل مع الدقيق فتؤكل و ان كان بالتبع فيصدق عليها الماكول عرفا فان كثيرا من الماكولات العادية لا يؤكل الا تبعا كما ذكره الشارح في شرح الارشاد فتأمل

قوله و يجوز السّجود على القرطاس

بضم القاف و كسرها في الجملة اجماعا و دعوى الاجماع مما ذكره الشارح هنا و في شرح الشرائع و مثله المحقق الشيخ على في شرح القواعد حيث ادّعى اطباق الاصحاب و لم ارني كلام غيرهما لكن لم اقف على ما يخالفه ايضا سوى ما سينقله الشارح من الذكرى من ان في النفس من القرطاس شي ء فانه يشعر بتردّده فيه و امّا النص فهي صحيحة علىّ بن مهزيار قال سئل داود بن يزيد ابا الحسن عليه السلام عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة عليهما هل يجوز السجود عليها فكتب يجوز كذا في التهذيب و في الفقيه بحذف الاسناد و سال داود بن يزيد و طريقه اليه صحيح على ما هو في الخلاصة و كانه الصواب فان داود بن يزيد غير مذكور في كتب الرجال و انما المذكور فيها داود بن ابى يزيد الثقة و داود بن فرقد الثقة أيضا و ذكروا فيه ان فرقد يكنى ابا يزيد و الظاهر اتحادهما فالسّائل هو داود بن فرقد و لعلّه لهذا نقل الرّواية في المعتبر و الذكرى عن داود بن فرقد و مثله في شرح الإرشاد للشارح رحمه الله و في المنتهى نقل الرواية عن الشيخ و نسبها الى علىّ بن مهزيار و مع ذلك فيه سئل داود بن فرقد و مثله في المدارك لكن ليس فيه التصريح بنسبتها الى الشيخ و كيفما كان فلا مجال للمناقشة في صحة الرواية في الكتابين و ان فرض صحة داود بن يزيد و جهالته فان العبرة على ما في التهذيب بعلىّ بن مهزيار لا بداود كما لا يخفى فهذه الرواية نصّ في الجواز و يؤكده أيضا صحيحة جميل بن درّاج عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه كره ان يسجد على قرطاس عليه كتاب فان الظاهر من الكراهة معناها المشهور و أيضا ظاهرها تخصيص الكراهة بما عليه كتاب فلا كراهة في غيره اصلا و صحيحة صفوان الجمال قال رايت ابا عبد اللّه عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس و اكثر ذلك يومئ ايماء فان سجوده عليه السلام عليه يدلّ على جوازه في الجملة و ايماءه في الاكثر فقال في المنتهى انه يحتمل ان يكون لعدم تمكنه من السّجود لكونه في المحمل و يكون ذلك في النافلة او الفريضة مع الضّرورة فتأمل

قوله لانه مركّب من جزءين لا يصح السجود عليهما

هذا على ما هو المشهور بينهم و الا فعدم جواز السّجود على النّورة محل كلام كما ظهر وجهه مما سبق في بحث التّيمم فكذا عدم جوازه على القطن و الكتان و ما في حكمهما و قد فصّلنا القول فيه فتذكّر

قوله و المصنف خصّه هنا بالقرطاس الى آخره

و مثله العلامة في التذكرة حيث اعتبر فيه كونه ماخوذا من غير الابريسم لانه ليس بارض و لا من نباتها

قوله و القنّب

القنّب كتنم و سكر نوع من الكتان كذا في القاموس و في المغرب الكرخىّ لا شي ء في القنّب لانه لحاء خشب و يحب في حبّه و هو الشهدانج قال الدينورى في كتاب النّبات القنّب فارسى و قد جرى في كلام العرب و هو نبات يدق سوقه حتى يتقشّر حثاه اى تبنه و يخلص لحاءه و يقال حثالة القنّب انتهى

قوله و هذا انما يبنى على القول باشتراط الى آخره

قلت اى تخصيص القرطاس بالمتخذ من النبات انما يبنى على القول باشتراط كون هذه الاشياء اى القطن و الكتان و القنّب التى اتّخذ منها القرطاس غير ملبوسة بالفعل اى غير صالحة للّبس بالفعل بان لم تنسج سواء كانت مغزولة ام لا حتى يصح السّجود عليها فيصحّ على ما اتخذ منها أيضا او على اشتراط كونه غير

ص: 230

مغزول اصلا بناء على القول بجواز السّجود على ما دون المغزول و عدم جوازه على المغزول و ان لم ينسج و كلاهما لا يقول به المصنف اى لم يقل المصنف بشي ء من الاشتراطين بل يجوّز السجود على المتخذ من النّبات مطلقا و ان اتخذ من القطن الملبوس مثلا و حينئذ فالتخصيص الذى ذكره لا وجه له لانه جوّز كون المتخذ منه مما لا يجوز السجود عليه مع جوازه على المتخذ منه فلم لم يجوّز ذلك في الحرير و يمكن دفعه بان الثوب اذا جعل قرطاسا فقبل ان يصير قرطاسا ينخلع عن الملبوسيّة و يتخلّع بما لبسه اوّلا قبل الغزل و النسج من خلقه القطنيّة السّازجة مثلا و حينئذ فلعلّه لا يتفاوت الحال في كون المتخذ منه ملبوسا ام لا اذا كان من جنس النّبات و اما اذا كان من الحرير فلا يزيد عن ان يصير ابريسما و هو لا يجوز السجود عليه هذا نعم التخصيص بالمتخذ من النبات انما يبنى على القول بجواز السجود على هذه الأشياء قبل النسج او الغزل و اما اذا لم يجوّز السّجود عليها اصلا كما هو المشهور في القطن و الكتان و لعلّه مختار المصنف أيضا فكانها مع الحرير من رأس كرباس واحد اذ لم يصح في شي ء منها السّجود على المتخذ منه اصلا فلم يصح على المتخذ منه أيضا فلا وجه للتفرقة و كان حمل كلام الشارح على هذا اى التخصيص المذكور انما يبنى على القول باشتراط كون القطن و الكتان و القنّب مما لا يلبس بالفعل في جواز السجود عليها حتى يكون المتخذ منها أيضا غير ممنوع او كونه غير مغزول اصلا ان جوّزنا فيما دون المغزول و لم نجوّزه في المغزول و كلاهما لا يقول به المصنف اى لا يقول بجواز السجود على ما دون الملبوس او المغزول بل منع من السجود عليهما مطلقا بعيد جدّا نعم في قوله على تقدير جواز السجود على هذه الاشياء اشارة الى ما ذكرنا هذا و فيه بعد تامّل فانه يمكن ان يقال ان هذه الاشياء اذا جعل قرطاسا يصير بحث لا يصلح للملبوسة و اتخاذ ملبوس منها عادة فيصح السّجود عليها بخلاف ذلك قبله لاستعدادها للملبوسيّة في الجملة فالقول بعدم جواز السّجود عليها اصلا انما هو اذا لم يطرأ عليها ما يخرجها من استعداد اللبس و حينئذ فالفرق بين المتخذ منها و المتخذ من الحرير ظاهر لا سترة به فتدبّر انتهى ثمّ قلت بعد ما كتبت الحاشية رايت ان المصنف رحمه الله قال في الذكرى الاكثر اتّخاذ القرطاس من القنّب فلو اتخذ من الإبريسم فالظاهر المنع الا ان يقال ما اشتمل عليه من اخلاط النّورة مجوّز له و فيه بعد لاستحالتها عن اسم الأرض و لو اتخذ من القطن و الكتان امكن بناءه على جواز السجود عليهما و قد سلف و امكن ان المانع اللبس حملا للقطن و الكتان المطلقين على المقيّد حينئذ فيجوز السّجود على القرطاس و ان كان منهما لعدم اعتبار لبسه و عليه يخرج جواز السّجود على ما لم يصلح للّبس من القطن و الكتان انتهى و على هذا فيمكن ان يكون مختاره هاهنا حيث خصّ القرطاس بالمتخذ من النّبات احد ما ذكر من الوجهين في الذكرى من جواز السّجود على القطن و الكتان مطلقا كما هو مذهب المرتضى او ان الاعتبار باعتبار اللبس و لا يعتاد جعل القرطاس ملبوسا فيصح السجود عليه بخلاف اصل القطن و الكتان حيث يصلحان له و حينئذ فلا ايراد عليه فتأمل و لا يخفى ان الوجه الثّانى الذى ذكره هو ما ذكرنا في وجه التأمّل في آخر الحاشية السابقة و ربما يحمل ما لا يلبس بالفعل في كلام الشارح على ما ذكر فيه اى ما لا يصلح للّبس و اتخاذ الملبوس منه عادة و يحمل الكلام على ان هذا الاشتراط مبنى على تجويز السّجود على هذه الأشياء اذا لم يصلح للّبس عادة حتى يكون المتخذ منها اى القرطاس غير ممنوع لكونه ممّا لا يصلح للّبس عادة و التعبير عن القرطاس بالمتخذ منها تبعا لعبارة المصنف لا لتفريع التجويز فيه على التجويز في اصله كما ذكرنا في الوجهين السّابقين و لا يخفى ما فيه من التعسّف و أيضا لا وجه حينئذ لاقحام قوله ص في قوله غير مغزول اصلا كما لا يخفى و أيضا عدم قول المصنف على هذا بالاحتمال الأول غير ظاهر و قوله في كتبه باطلاق المنع عن السجود على القطن و الكتان لا يفيد ذلك فان شمولها لنحو ما يجعل قرطاسا و يخرج عن استعدا اخذ الملبوس منه غير ظاهر سيّما بعد ما نقلنا عنه في الذكرى من تجويز الاحتمال المذكور فلا يبعدان يكون

ذلك مذهبه في هذا الكتاب فتأمل

قوله لانّه تقييد لمطلق النّص

اشارة الى صحيحة جميل أو تخصيص لعامه إشارة الى صحيحة علىّ بن مهزيار و اما صحيحة صفوان فلا عموم فيه و لا اطلاق كما لا يخفى

قوله فان اجزاء النّورة المنبثة فيه الى آخره

قلت نقل بعض الثقات من الفضلاء انه لما كنت حضرت على سبيل الاتفاق الموضع الذى يصنعون فيه القرطاس و شاهدت انهم يلقون اجزاءه في حوض كثير مملوّ من الماء فكنت يخالج قلبى انه لا يبقى شي ء من اجزاء النّورة في اجزاء القرطاس حتى استفسرت ذلك عن الّذين يصنعونه من مهرة الصّناع فقالوا لا يبقى شي ء من اجزاء النّورة اصلا في القرطاس فانا اذا لقينا اجزاء النوّرة في اجزاء القرطاس تغسل الاجزاء في الماء الجارى مرارا و تضرب بعضها على بعض حتى لا يبقى شي ء من النّورة فيها ثمّ تلقى الاجزاء في الحوض المملوّ من الماء الكثير و تضرب الأجزاء بعضها على بعض فيه فكل ما يعلو الماء من الاجزاء فاخذه بالغالب و نضع منه القرطاس قال و يؤيد ذلك انا اذا القينا القراطيس الكثيرة المقطّعة في الماء مدّة مديدة بحيث نفذ الماء في جميع ثمّ عصرناه عصرا شديدا لا نشاهد في الماء اجزاء النّورة و لا نشمّ منه رائحتها و اذ اذقناه لا بخد منه طعمها و لو فرض انه يبقى منه شي ء لكان مستهلكا جدّا لا يمنع من وصول البشرة الى جوهر القرطاس قال نعم الاشكال في القرطاس من وجه آخر و هو ان القرطاس يطلى عليه النشا غالبا بحيث يستوعب سطحيه و هو غليظ يمنع من وصول البشرة الى جوهر القرطاس و هو مأكول عادة و لم يتعرضوا لذلك و لم يخصّصوا جواز السجود على القرطاس بما اذا كان خاليا عنه مع ندوره جدّا سيّما المكتوب منه انتهى و يمكن دفع اشكال النّشا بانّه بعد طليه على القرطاس و جموده يخرج عن الصّلاحية للاكل فيرتفع المنع فتأمل

قوله و في الذكرى جوّز السجود عليه الى آخره

عبارة الذكرى ما نقلنا سابقا من قوله الأكثر اتخاذ القرطاس من القنّب الى آخر ما نقلنا و لا يخفى دلالتها على التجويز المذكور

قوله و بنى المتخذ من القطن و الكتان الى آخره

ظاهره الاقتصار على نقل الوجه الأول الذى ذكره و يمكن حمله على ما يشمل الوجهين اى بناءه على جواز السجود عليهما امّا مطلقا كما في الوجه الاول او بعد الخروج عن الصّلاحية للّبس عادة كما في الوجه الثانى فيكون اشارة الى الوجهين لكن لم يفصّلها لعدم تعلّق غرضه بذلك فان غرضه هاهنا ليس الا ايراد الاشكال على ما ذكره في القنّب و انما اورد ما بعده للاشارة اجمالا الى تمام ما ذكره لئلا يبقى النقل ابتر فتدبّر

قوله و يشكل تجويزه القنّب على اصله

اى اصل المصنف و قاعدته فانه حكم في الذكرى بكون القنّب معتاد اللّبس في بعض البلدان و ان ذلك يوجب عموم التحريم فالمراد باصله هو ما ذكره من الحكم الكلّى بان اعتياد اللّبس في بعض البلاد يوجب عموم التحريم و يمكن ان يكون المراد به ما اصله من انه جعل حكم القرطاس حكم ما اتخذ منه و لم يحكم بخروجه عنه بالنّص و الاجماع و حينئذ فيشكل عليه ان الماخوذ من القنّب ايضا ينبغى ان لا يجوز السّجود عليه بناء على ما نقلنا عنه من الحكمين و هذا اوفق بالعبارة كما لا يخفى

قوله و ان ذلك يوجب عموم التحريم

و أيضا فلو لم نقل به فلا اقل من التحريم في البلاد التى اعتيد لبسه فيها فكيف حكم باطلاق الجواز هذا و الظاهر ان نظر المصنف الى ان الاعتبار فيما وقع النهى عنه باعتبار الاكل

ص: 231

او اللّبس بكونه مأكولا او ملبوسا عادة بالفعل او بالقوة و لو في بعض البلاد فمتى خرج عن صلاحية ذلك بوجه فلا منع و القنّب بعد ما يصير قرطاسا كك فلا وجه للمنع فيه و امّا القطن و الكتان و قد ورد فيهما زائدا على روايات المنع عن الماكول و الملبوس الرّواية المطلقة في المنع و أيضا نقلوا فيهما الاجماع على المنع من غير تقييد فلذا اشكل عليه الامر فيهما لظهور ان المنع عن القطن و الكتان لا يختصّ بهما ما داما كذلك ساذجين بل يشمل جميع ما اتخذ منهما اذا بقي على حقيقة القطن و الكتان و حينئذ فينبغى المنع من القرطاس المتخذ منهما أيضا فلذا بنى الجواز تارة على القول بالجواز فيهما و تارة على حمل المنع الوارد فيهما ايضا بالنّص و الاجماع على ما اذا اعتيد لبسهما لما ذكرنا له سابقا من القرائن و حينئذ فيكون حكمهما حكم القنّب من جواز السّجود على القرطاس المتخذ منهما لعدم صلاحيته للّبس عادة و على هذا فيندفع عنه ما اورده الشارح من الاشكال و كذا ما ذكرنا فتأمل

قوله من حيث اشتماله على النّورة

قد عرفت حال الاشتمال المذكور و قد سبق أيضا ان عدم جواز السّجود على النورة محلّ كلام

قوله و كون جمود النّورة الى آخره

كانه لم يرد انّ جمود النّورة مطلقا يردّ اليها اسم الأرض بل القليلة منها بعد امتزاجها بغيرها و القائها مدّة في الماء كما في القرطاس اذ حينئذ لا بعد في خلعها صورتها النّوعيّة و عودها الى الارضية المحضة فافهم

قوله لو شكّ في جنس المتخذ منه الى آخره

كانه اراد بالشّك مقابل القطع و لا مجال حينئذ للمناقشة في الحكم باغلبيّته و امّا اطلاق الحكم بعدم صحة السّجود عليه حينئذ فكانه لعدم دليل على الاكتفاء بالظّن فيه و في امثاله و فتواهم بصحة السجود على المشتبه بالنجس اذا كان غير محصور ليس باعتبار الاكتفاء بالظّن في امثاله بل لأصالة الطّهارة هناك بخلافه هاهنا اذ لا يمكن دعوى اصالة اتخاذه مما يصح السجود عليه و هو ظاهر و امّا لو حمل الشّك على معناه الظاهر فيشكل الحكم باغلبيته بما نقلنا عن الذكرى من ان الغالب اتخاذ القرطاس من القنّب اذ الظّن تابع للاعم الاغلب فالمظنون فيما لا يعلم حاله اتخاذه من القنّب فليس مشكوكا الّا ان يوجد فيه قرينة تعارض الاكثرية و توجب الشك و ظاهر ان ذلك ليس بالاغلب كما ادّعاه الشارح الا ان لا يسلّم ما ادعاه المصنف و حمل ذلك على انه كان الغالب في ذلك الوقت في بلاده لا مطلقا فتأمل

قوله و يكره السجود على المكتوب منه

يدلّ عليه صحيحة جميل المتقدمة فان الظاهر من الكراهة معناها الحقيقى على انه لا بدّ من حملها فيها عليه جمعا بينها و بين صحيحة على بن مهزيار السّابقة ثمّ ان المستفاد منها كراهة السجود على المكتوب مطلقا بدون تقييد بما ذكره الشارح و لذا اشكل في الذكرى اوّلا في القرطاس مطلقا بما نقله الشارح من قوله في النفس الى آخره و ثانيا في خصوص المكتوب بقوله و يختصّ المكتوب بانّ اجرام الحبر مشتملة غالبا على شي ء من المعادن قال الا ان يكون هناك بياض يصدق عليه الاسم انتهى و ظاهر الاكثر الحكم بالاطلاق و لا بعد فيه بعد ورود النصّ فيه كذلك كما ذكره الشارح في اصل القرطاس لكن ما ذكره من التقييد احوط و يمكن ان يقال انه على المشهور من الاكتفاء بوضع مسمّى الجبهة على ما يصح السجود عليه يتحقق ذلك بالسّجود على الكواغذ المكتوبة عليها غالبا و الّذى كتب عليه بحيث لا يبقى منه بياض يحصل مسمى السجود بوضع الجبهة عليه نادر جدّا و شمول النص له غير ظاهر فيشكل تخصيص الرّوايات العامة به نعم على القول بوجوب وضع مقدار الدرهم كما استقر به في الذكرى اتجه ما ذكرنا من اطلاق الحكم بالكراهة في الكواغذ المكتوبة عليها و ان لم يكن بياضها بقدر ذلك تمسّكا باطلاق النّص الصّحيح فتأمل ثمّ ان الظاهر عدم الفرق في ذلك بين القاري المبصر و غيره كما ذكره صاحب المدارك رحمه الله لإطلاق النص و في الذكرى جعل علة الكراهة الاشتغال بقراءته و خص الكراهة بالقارى الذى لا مانع له من البصر فلا يكره في حق الأمىِّ و لا القاري اذا لم يكن مبصرا او كان في ظلمة ثمّ نسب ذلك الى الشيخ في المبسوط و ابن ادريس و هو ضعيف لما اشرنا اليه من اطلاق النص و عدم ظهور كون العلّة ما ذكره و انحصارها فيه تامّل

قوله و ضعفه ظاهر

فان المدار جسم و ليس بعرض فيحول بين الجبهة و جوهر القرطاس نعم اذا لم يبق منه الّا اللّون فهو عرض و لم يكن حائلا حينئذ لكن الغالب في الكواغذ المكتوبة بقاء جسم المدار و بما ذكرنا يظهر حال كل مصبوغ مما يصح السّجود عليه اذا صبغ بما لا يصح السجود عليه فلا يصح السجود عليه الا مع زوال الجسم و بقاء مجرّد اللّون و دعوى امتناع ذلك بناء على امتناع انتقال العرض كما يظهر من الذكرى ضعيف لان اللون قد يحدث بالمجاورة و يمكن ان يكون هذا وجه النظر الذى ذكره في آخر كلامه و اهمل وجهه و كذا القول باغتفار الصّبغ مطلقا قياسا على المداد كما احتمله عبارة الذكرى ضعيف لانه قياس محض و يمكن ان يكون نظره رحمه الله فيه تامّل

[السادس ترك الكلام]

قوله ترك الكلام في اثناء الصّلاة الى آخره

غير ما استثنى من القرآن و الذّكر و الدّعاء المباح و لا خلاف على ما في شرح الارشاد و غيره في وجوب ترك الكلام على هذا الوجه و بطلان الصّلاة بتعمده و يدلّ عليه بالمنطوق او المفهوم أيضا روايات كصحيحة الكافى في باب ما يقطع الصّلاة من الضحك و غيره و التهذيب في باب كيفية الصّلاة و صفتها من الزيادات عن محمد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يأخذه الرّعاف و القى في الصّلاة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه و يعود في صلاته و ان تكلم فليعد صلاته و زاد في الكافي و ليس عليه وضوء و حسنة الكافى بإبراهيم بن هاشم في الباب المذكور و التهذيب في باب احكام السّهو في الصّلاة عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرّجل يصيبه الرّعاف و هو في الصّلاة فقال ان قدر على ماء عنده يمينا او شمالا بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثمّ ليصل ما بقي من صلاته و ان لم يقدر على ماء حق ينصرف بوجهة او يتكلّم فقد قطع صلاته و صحيحة التهذيب في الباب الاول عن اسماعيل بن عبد الخالق قال سألته عن الرّجل يكون في جماعة من القوم يصلّى المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فان وجد ماء قبل ان يتكلم فليغسل الرعاف ثمّ ليعد فليبن على صلاته و صحيحته أيضا في اواخر ذلك الباب عن فضيل بن يسار قال قلت لابى جعفر عليه السلام اكون في الصّلاة فاجد غمزا في بطنى او اذى او ضربا فقال انصرف ثمّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا فان تكلّمت ناسيا فلا شي ء عليك فهو بمنزلة من تكلّم في الصّلاة ناسيا قلت فان قلّب وجهه عن القبلة قال نعم و ان قلّب وجهه عن القبلة و روايته أيضا في آخر باب احكام السّهو من الزيادات عن ابى سعيد القماط قال سمعت رجلا يسأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه او اذى او عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولى او الثانية او الثالثة او الرابعة قال فقال اذا اصاب شيئا من ذلك فلا باس بان يخرج لحاجته تلك فيتوضّأ ثمّ ينصرف الى مصلّاه الذى كان يصلّى فيه فيبنى على صلاته من الموضع الذى خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصّلاة بكلام الحديث و روايته أيضا في الباب الاوّل عن اسماعيل بن ابى زياد عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليه السلام انه قال في رجل يصلّى و يرى الصّبى يحبو الى النار او الشاة تدخل البيت لتفسد الشي ء قال فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف و يبنى على صلاته ما لم يتكلّم و رواية الفقيه في باب صلاة المريض و المغمى

ص: 232

عليه عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه ان تكلّمت او صرفت وجهك عن القبلة فاعد الصّلاة و ما في الفقيه أيضا في باب احكام السّهو في الصّلاة انه روى ان من تكلّم في صلاته ناسيا كبّر تكبيرات و من تكلّم في صلاته متعمّدا فعليه اعادة الصّلاة و من انّ في صلاته فقد تكلّم و يؤيّده ما ورد أيضا من الرّوايات الكثيرة في سجدتى السّهو انه يسجدهما قبل ان يتكلّم او قبل الكلام و كذا ما ورد من الرّوايات المتضافرة في النهى عن التكلّم اذا اقيمت الصّلاة و في الاقامة و انه اذا اقيمت الصّلاة حرم الكلام على الامام و اهل المسجد الا في تقديم امام و نحوه و انه اذا قال المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على اهل المسجد الّا ان يكونوا قد اجتمعوا من شي ء و ليس لهم امام فلا باس ان يقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان و انه اذا اقام المؤذن فقد حرم الكلام الا ان يكون القوم ليس يعرف لهم امام هذا و امّا ما استدلّ به في المنتهى من مفهوم ما سيجي ء في بحث استثناء الدّعاء من رواية الفقيه عن الصّادق عليه السلام قال كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة ليس بكلام قال و اراد بذلك انه ليس بكلام مبطل و هو يدلّ على البطلان بما لا يناجى به الرّب تعالى ففيه تامّل اذ كون المراد ذلك غير ظاهر لجواز ان يكون المراد فليس بكلام محرّم فلا يفهم منه الا تحريم غيره و المحقق الاردبيلى في شرح الإرشاد بعد ما نقل الاستدلال بهذه الرواية نقل أيضا ما سيجي ء في البحث المذكور أيضا من رواية الفقيه عن ابى جعفر الثانى عليه السلام قال لا باس ان يتكلم الرّجل في صلاة الفريضة بكلّ ما يناجى ربّه قال و مثله صحيحة في التهذيب و كانه اشارة الى ما سيجي ء أيضا من صحيحة علىّ بن مهزيار قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكلّ شي ء يناجى ربّه قال نعم و لا يخفى ان الاستدلال بهما اضعف مما في المنتهى لان مفهوم الرّواية الاولى ليس الا الباس في غير ما يناجى به ربّه و هو لا يدل على البطلان و مثله القول في الصحيحة مع زيادة ان المفهوم منها الا يفهم من كلام السّائل لا من كلامه عليه السلام نعم بمنزلة اعادة كلامه و تقريرا له منطوقا و مفهوما لا يخلو عن ضعف اذ كثيرا ما يصدق كلام الرّجل باعتبار صحة منطوقه من غير اعتبار مفهومه نعم لو كان الكلام كلامه عليه السلام فلا بدّ من اعتبار مفهومه أيضا هذا و استدل أيضا في المنتهى برواية الجمهور عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال انّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شي ء من كلام النّاس انما هى التسبيح و التكبير و قراءة القرآن و الفاضل الاردبيلى رحمه الله جعل تلك الرواية مؤيّدة و كذا رواية الشيخ في الباب المذكور عن طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليهم السّلام انه قال من انّ في صلاته فقد تكلّم ثمّ قال و في دلالتها على البطلان تامل خصوصا الاولى و هو كما قال ان الامر في الرّوايات السّابقة أيضا كذلك كما في ذكرنا فليت شعرى لم يورد ذلك فيها أيضا فتأمل و انما قيّد الحكم بالتعمد لان التكلم ناسيا لا يبطل الصلاة اجماعا على ما ادّعاه جماعة من الاصحاب منهم الشارح رحمه الله في شرح الارشاد و ذكر في المنتهى و كره انّ عليه علماؤنا و في موضع آخر من هى و لو تكلّم سهوا لم تبطل و يسجد للسّهو و عليه علماؤنا اجمع و يدل عليه أيضا صحيحة فضيل بن يسار المتقدّمتين آنفا و صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج في الكافي باب من تكلم في صلاته و في التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يتكلم ناسيا في الصّلاة اقيموا صفوفكم قال يتمّ صلاته ثمّ يسجد سجدتين فقلت سجدتا السّهو قبل التّسليم هما او بعد قال بعد و رواية الفقيه باب نوادر الصّلاة آخر كتاب الصّلاة عن عقبة بن خالد انه سأله اى ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دعاه رجل و هو يصلّى فهي كذا فاجابه بحاجته كيف يصنع قال يمضى على صلاته و هذه الرواية في التهذيب أيضا باب احكام السّهو من الزّيادات و في آخرها و يكبّر تكبيرا كثيرا

قوله ذكر في الذكرى انه ان طال الكلام ناسيا التحق بالفعل الكثير و مثله في شرح الارشاد أيضا فمن قال ببطلان الصّلاة بالفعل الكثير سهوا فينبغى ان يقول بذلك فيه أيضا و من لم يقل به هناك فينبغى ان لا يقول به هاهنا أيضا و ذكر في المنتهى انه لا فرق بين قليل الكلام و كثيره في الابطال مع العمد و عدمه مع السّهو خلافا للشافعى فانه ابطل بالكلام الكثير و ان صدر عن سهو لنا عموم رفع السّهو و ما رواه الشيخ عن عمّار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و الرّجل يذكر بعد ما قام و تكلّم و مضى في حوائجه انه انما صلّى ركعتين في الظهر و العصر و المغرب قال يبنى على صلاته فيتمّها و لو بلغ الصين و لا يعيد و لانه سهو فكان معفوّا عنه كالقليل احتج الشافعى بالقياس على الفعل الكثير و الجواب منع الحكم في الاصل و الفرق بانّ الفعل اكد كما ان عتق الجنون لا ينفد و افعاله من الجنايات تنفد و لان القليل من الفعل معفوّ عنه مع العمد بخلاف الكلام و هو كاف في ابطال القياس انتهى و لا يخفى ان منع الحكم في الاصل متجه كما سنفصّل القول فيه انشاء اللّه تعالى و امّا الفرق فلا فانّ الحكم بالبطلان في الفعل الكثير و لو قيل به ليس مستندا الى نصّ ورد فيه حتى يمكن ابانة الفرق بل الى انه يخرج به عن كونه مصلّيا عرفا و انه يوجب انمحاء صورة الصّلاة رأسا و لو تمّ ذلك يجرى في الكلام أيضا فالتفرقة تحكم فيها فقلنا من الذكرى و شرح الارشاد من الالتحاق متجه و يرد أيضا على ما ذكره من الفرق ثانيا انه عليه لا له فانه يدلّ على كون الكلام اقوى في الابطال فاذا قيل بالبطلان بالفعل الكثير سهوا فينبغى ان يقال به بالكلام كذلك بطريق اولى فتأمل

قوله الأوّل قال في شرح الارشاد و لا فرق مع العمد بين كونه لمصلحة الصّلاة و غيرها و اشار به الى الرّد على ما نقل من مالك و بعض آخر من العامة من تجويز الكلام المصلحة الصّلاة و عن بعض آخر منهم كأحمد و بعض الشافعية من تجويزه لمصالح لا يتعلق بالصّلاة كتنبيه الأعمى او من يدركه الحرق او الغرق او الحيّة و نحوها و كان نائما او غافلا و لا يمكنه التنبيه بالتسبيح و وجه الرّد مضافا الى اجماع اصحابنا كما نقل في هى عموم ما يدلّ على الابطال و ما ذكر من المصالح اذا فرض توقّفها على الكلام لا يفيد ذلك الا جواز الكلام و قطع الصّلاة به لا الحكم بعدم القطع به و هو ظاهر و قال أيضا و لا بين الجاهل بالتحريم و العالم لوجوب العلم و مثله في الذكرى أيضا الّا انه حكم بان الظاهر عدم الفرق بين العالم و الجاهل لانه مكلف بترك الحرام و جهله تقصير منه و كذا الكلام في جميع منافيات الصلاة لا يخرجها الجهل بالحكم عن المنافاة انتهى و ظاهر هى عدم الخلاف بين اصحابنا في ذلك فانه لم ينسب الخلاف فيه الّا الى الشّافعى و هذه عبارته لو تكلّم في الصّلاة جاهلا بتحريم الكلام في الصّلاة بطلت صلاته خلافا للشّافعى انتهى و بالجملة فالظاهر عدم الفرق لعموم ما يدل على الاعادة او اطلاقه مضافا الى الشهرة و يمكن تأييده أيضا بحسنة ميسر في التهذيب الباب الاوّل عن ابى جعفر عليه السلام قال شيئان يفسد النّاس بهما صلاتهم قول الرّجل تبارك اسمك و تعالى جدّك و لا اله غيرك و انما هو شي ء قالته الجنّ بجهالة فحكى اللّه عنهم و قول الرّجل السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين و هذه الرّواية الفقيه أيضا بالجماعة و فضّلها هكذا و قال الصّادق عليه السلام افسد ابن مسعود على النّاس صلاتهم بشيئين بقوله تبارك اسمك و تعالى جدّك و هذا شي ء قالته الجنّ بجهالة فحكاه اللّه تعالى عنها و بقوله السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين يعنى

ص: 233

في التشهد الاول فامّا في التشهد الثانى بعد الشهادتين فلا باس لان المصلّى اذا شهد الشهادتين فقد فرغ من الصّلاة انتهى وجه التأييد ان الظاهر ان القولين من الناس بجهالة و مع هذا حكم عليه السّلام بفساد الصّلاة بهما فتأمل و وجه الفرق الاصل و عموم ما رووا في بعض الاخبار من وضع تسعة اشياء من تلك الأمّة منها ما لا يعلمون و هو عامّ و فيه انه على تقدير تسليم عموم ما لا يعلمون لما لا يعلمونه من الاحكام الشرعيّة و عدم ظهوره فيما لا يعلمونه من الاحوال التى تترتب عليها الاحكام كنجاسة شي ء او غصبه فقول ان الظاهر من وضعه هو رفع الاثم عليه لا مطلق التلافى و التّدارك و حينئذ فلا يفيد عدم البطلان هاهنا فتأمل و الشيخ رحمه الله في التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة اورد صحيحة علىّ بن النعمان الرازى قال كنت مع اصحاب لى في سفر و انا امامهم فصلّيت بهم المغرب فسلّمت في الركعتين الاوليين فقال اصحابى انما صلّيت بنا ركعتين فكلّمتهم و كلّمونى فقالوا امّا نحن فنعيد فقلت لكنى لا اعيد و اتمّ بركعة و اتممت بركعة ثمّ سرنا فاتيت ابا عبد اللّه عليه السلام فذكرت الذى كان من امرنا فقال لى انت كنت اصوب منهم فعلا انما يعيد من لا يدرى ما صلّى ثمّ قال ان ما تضمّنه هذا الحديث من قوله فكلّمتهم و كلّمونى لا يناقض ما نذكره من انّ من تكلم في الصّلاة عامدا وجب عليه اعادة الصّلاة لشيئين احدهما انه ليس في الخبر انه قال كلمتهم و كلمونى عامدا او ناسيا و اذا لم يكن ذلك فيه حملناه على السّهو و الثانى انه لو كان فيه تصريح بالعمد لجاز ان يكون المراد به من سلّم في الصّلاة ناسيا و ظنّ ان ذلك سبب لاستباحة الكلام كما انه سبب لاستباحته بعد الانصراف من الصّلاة فلم يجب عليه اعادة الصّلاة لجهله به و لارتفاع علمه بانّه لا يسوغ ذلك النهى و لا يخفى ان ما ذكره من الوجه الاخير مصيرا الى القول بكون الجاهل معذورا فيه و في الذكرى حمل الرّواية على انه اضمر ذلك في نفسه اي اضمر انه لا يعيد و انه يتمّ و يكون القول عبارة عن ذلك انتهى و هذه التاويلات انما يحتاج اليها لما في الرواية من التكلّم بعد العلم بالنقيص كما يظهر من قوله فقلت لكنى لا اعيد اه و امّا ما وقع فيه من التكلّم قبل العلم بالنّقيصة فالمش كما ذكره في الذكرى انه لو تكلّم عمدا لظنّه كمال الصّلاة ثمّ تبيّن النقصان لم يبطل و على هذا فلا حاجة الى تاويل فيه و الاظهر ما هو المشهور للاصل و لصحيحة التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى انه قد اتم الصّلاة و تكلّم ثمّ ذكر انه لم يصلّ غير ركعتين فقال يتم ما بقي من صلاته و لا شي ء عليه و للرّوايات الواردة في تسليم رسول اللّه ص في ركعتين و بناءه عليهما عند ما ظهر الحال بعد ما تكلّمه لاستعلامها كصحيحة سعيد الأعرج و موثقة سماعة و غيرهما و لصحيحة التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلم قال يتمّ ما بقي من صلاته تكلّم او لم يتكلّم و لا شي ء عليه وجه الدلالة ان الظاهر ان المراد منه انه يسهو في الركعتين و يسلّم ظنّا تمام الصّلاة و يتكلم فاجاب عليه السلام بانه يتم ما بقي من صلاته سواء تكلّم بعد السّلام او لم يتكلّم و حينئذ يكون دليلا لما ذكرنا و اما حمل السّؤال على ما يتوهم من ظاهره من انه يتكلم سهوا في الركعتين و حمل الجواب على انه يتمّ ما بقي و لا لغير التكلم سهوا بل التكلم سهوا و عدم التكلم سواء فكانه مما يأبى عن الذّوق السّليم و ظاهر المحقق رحمه الله في المعتبر حمل الخبر على الوجه الثانى فانه استدل به على ان الكلام سهوا لا يبطل الّا ان يكون مراده من المدعى ما يشمل السلام لظنّ التمام و ما يتكلم بعده فالخبر على ما حملناه دليل على بعض مدّعاه فافهم و لموثقة التهذيب الباب المذكور عن ابى عبد اللّه عليه السلام فيها و الرجل يذكر بعد ما قام و تكلّم و مضى الى حوائجه انه انّما صلّى ركعتين فالظهر و العصر و العتمة و المغرب قال يبنى على صلاته فيتمها و لو بلغ الصّين و لا بعيد الصّلاة و حجة القول بوجوب

الاعادة مطلقا كانه عموم ما يدلّ على الاعادة بالكلام او اطلاقه و بعد ما تلونا عليك من الاخبار فلا يخفى عليك ضعفه و في ط افتى بما هو المشهور ثمّ نسب ما في ية الى رواية قال و الاوّل احوط و الرواية التى اشار اليها في لم تقف عليها كما حكم به المصنف أيضا في الذكرى ثمّ في الحكم باحوطية ما ذكره تامّل الّا ان يضاف الى الاتمام و البناء الاعادة و القضاء أيضا فالأولى جعله اقوى كما فعله في الموضع الآخر و امّا حجة القول بالتفصيل فلم نقف عليها و ينبغى رعاية الاحتياط بما اشرنا اليه من الاتمام و الاعادة او القضاء في كل ما لم يمكن الحكم بالصّحة و لا البطلان فيه قطعيّا فتأمل

قوله لو علم حرمة الكلام في الصّلاة لكن كان جاهلا بكونه مبطلا فهو اولى بعدم العذر من الجاهل بالتحريم و احتمال العذر فيه أيضا مستند الى الحديث المذكور في غاية الضعف فتدبّر الثّانى قال في الذكرى لو تكلم مكرها ففى الابطال وجهان نعم لصدق تعمد الكلام و لا لعموم ما استكرهوا عليه نعم لا يأثم قطعا و قال في التذكرة يبطل لانه مناف للصلاة فاستوى فيه الاختيار و عدمه كالحديث و هو قياس مع الفارق بان نسيان الحديث مبطل لا الكلام ناسيا قطعا انتهى و ما نقله عن كره من البطلان لا يخلو عن قوّة كما استقر به في المنتهى أيضا و ليس بناؤه على القياس كما زعمه المصنف بل على ان ظاهر الاخبار بل ما نقل من اجماعهم أيضا كون الكلام مبطلا للصّلاة ناقضا لها مطلقا بغير ما استثنى من النسيان فيستوى فيه الاخبار و عدمه كما في الحديث نعم لو استفيد منها مجرّد المنع من الكلام في الصّلاة اتجه الفرق اذ لا منع مع الاكراه فالتمثيل بالحديث ليس للقياس بل لبيان ان من المنافيات ما هو مناف في صورة الاختيار و الاكراه جميعا كالحديث و ظاهر الادلة كون الكلام أيضا كذلك هذا و المحقّق الاردبيلى رحمه الله جعل الاقرب البطلان كما قلنا لعموم الأدلة و ان الاكراه لا يخرج الكلام عن العمد و وصف الابطال كما في غيره من المبطلات مثل زيادة الركوع ثمّ تامّل فيه للاصل و لحديث عمّا استكرهوا و لان الظاهر انه اقرب الى الصحة من النسيان و الاكراه يخرجه من التعمد فكانه من غير قصده بفعله فهو كلا فعله و أيضا يلزم المحذور اذ قد يفعل به مرادا فيشقّ العود و بالجملة عمدة الادلة هو الاجماع هنا و لعلّ ما قاله احوط في الجملة انتهى و لا يخفى ان ما ذكرنا من عموم الادلة كانه يصلح حجة للعدول عن الاصل و امّا حديث عما استكرهوا فقد عرفت ان الظاهر منه ليس الا عدم الاثم مع الاكراه لا عدم ترتب الاثر مطلقا و امّا الوجهان اللّذان بعدهما فلا يخفى ضعفهما فان احكام الشرع ممّا لا سبيل للعقل اليه فكيف يحكم بانه اقرب الى الصحة من النسيان او ان فعله مع الاكراه كلا فعله و كذا ما اورده آخر من المحذور اذ غايته ان يكون حكمه حكم من منع من الصّلاة مطلقا و أيضا ما ذكر من المحذور يلزم أيضا في الصّورة التى ذكرها من الاكراه على زيادة الركوع فلا بعد في ان يكون حكم الصّورتين واحدا و امّا ما ذكره من ان عمدة الادلة هى الاجماع و لا اجماع هنا ففيه انه ليس كذلك اذ الاخبار ايضا فيه كثيرة كما نقلنا فهي عمدة أيضا و هى بعمومها او اطلاقها تشمل الاكراه أيضا و أيضا عدم تحقق الاجماع هذا غير ظاهر بل ما نقل من الاجماع بظاهره يشمل الاكراه أيضا قال المحقق في المعتبر و الكلام بحرفين فصاعدا يبطل الصّلاة عمدا لا سهوا و عليه علماؤنا و العمدة بظاهره يشمل صورة الاكراه

ص: 234

ايضا و لم يتعرّض بعد ذلك للفرق بين الاختيار و الاكراه اصلا فظاهره وقوع الاجماع في الجميع و هذا لا ينافى تردّد بعضهم كالعلّامة رحمه الله و بعض من تاخر عنه في صورة الاكراه اذ الاجماع المنقول من العلماء الّذين قبلهم فيجوز وقوع الاجماع في الجميع كما هو ظاهر ما نقله لكن لما لم يكن ما نقل نصّا في الجميع احتمل المتردّدون وقوع الاجماع في خصوص صورة الاختيار دون الاكراه مستندا الى الحديث المذكور و بالجملة ما نقلوه من الإجماع ظاهر أيضا في عدم التفصيل و يصلح من محالة و اما ما ذكره من انّ ما قاله لعلّه احوط ففيه ان القول بالبطلان و قطع الصّلاة مع احتمال صحتها ليس احوط بل الاحوط هو اتمامها و الاعادة او القضاء أيضا كما اشرنا اليه سابقا و كانّ قوله في الجملة اشارة الى ما ذكرنا ان العمل به احوط فيما اذا اعمّ الصّلاة بان لا يعتدّ بها فياتى بالإعادة او القضاء او احوط في مجرد عدم الاعتداد بها لا في قطعها أيضا فتأمل الثّالث ما استثنى من القرآن و الذكر و الدّعاء لا شكّ في استثنائها في الجملة و حكم العلّامة في المنتهى بانه يجوز الدّعاء في احوال الصّلاة قائما او قاعدا او راكعا او ساجدا او متشهّدا او في جميع احوالها بما هو مباح سواء كان للدّين او الدّنيا بغير خلاف بين علمائنا انتهى و المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد تامّل في جوازه في اثناء القراءة من غير ان يكون سؤال الرحمة و الاستعاذة من النقمة عند آيتيهما و الاحتياط يقتضى العدم و الظاهر عندى جوازه في اثنائها أيضا احيانا اذا لم يبلغ الى حدّ يخرج به عن كونه قاريا اذ لا دليل على وجوب الموالاة في القراءة زائدا عمّا ذكرنا و يدلّ على جواز الدّعاء مطلقا مضافا الى العمومات الواردة فيه نحو قوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قوله عز و جلّ قُلْ مٰا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لٰا دُعٰاؤُكُمْ صحيحة التهذيب باب كيفية الصّلاة من الزّيادات عن علىّ بن مهزيار قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي ء يناجى ربّه قال نعم و قد اشار الى هذه الرواية في الفقيه أيضا حيث استدلّ بجواز القنوت بالفارسية بقول ابى جعفر الثانى لا باس ان يتكلم الرّجل في صلاة الفريضة بكل شي ء يناجى ربّه و صحيحة الكافى باب السّجود و التّسبيح و الدّعاء فيه و التهذيب الباب المذكور عن محمّد بن مسلم قال صلّى بنا ابو بصير في طريق مكّة فقال و هو ساجد و قد كانت ضاعت ناقة لهم اللّهمّ ردّ على فلان ناقة قال محمد فدخلت على ابى عبد اللّه عليه السلام فاخبرته فقال و فعل فقلت نعم قال فسكت قلت أ فأعيد الصّلاة قال لا كذا في التهذيب و في الكافى لهما بدل لهم و بعد قوله نعم قال و فعل قلت نعم تكرار السّابقة و فاعيد بدون حرف الاستفهام و حسنة الكافى بإبراهيم باب البكاء و الدعاء في الصّلاة و التهذيب الباب المذكور عن حمّاد بن عيسى عن بعض اصحابه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كلما كلّمت اللّه به في الصّلاة الفريضة فلا باس و زاد في التهذيب و ليس بكلام و حسنة الكافى أيضا بإبراهيم في الباب المذكور عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون مع الامام فيمرّ بالمسألة او بآية فيها ذكر فيه او ناد قال لا باس بان يسأل عند ذلك و يتعوّذ من النار و يسأل اللّه الجنّة و مرسلة الفقيه باب وصف الصّلاة من فاتحتها الى خاتمتها قال قال الصّادق عليه السلام كلّما ناجيت به ربّك في الصّلاة فليس بكلام و رواية الفقيه أيضا في الباب المذكور عن منصور بن يونس بزرج و طريقه اليه صحيح لكن منصور واقفى ثقة انه سئل الصّادق عليه السلام عن الرّجل يتباكى في الصّلاة المفروضة حتى يبكى قال قرّة عين و اللّه و قال اذا كان ذلك فاذكرنى عنده و موثقة الكافى بابان في الباب الاول و التهذيب الباب المذكور عن عبد الرحمن بن سبابة و هو على ما في القاموس اسند عنه قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام ادعو و انا ساجد فقال نعم فادع للدّنيا و الآخرة و رواية الكافى الباب الاوّل عن عبد اللّه هلال قال شكوت الى ابى عبد اللّه عليه السلام تفرق اموالنا و ما دخل علينا فقال عليك بالدّعاء و انت ساجد فان اقرب ما يكون العبد الى اللّه عز و جلّ و هو ساجد قال قلت فادعوا في الفقيه و اسمّى حاجتى

فقال نعم قد فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فدعا على قوم باسمائهم و اسماء آبائهم و فعله على عليه السلام بعده و استدل أيضا في المنتهى و شرح الارشاد للمحقق الاردبيلى رحمه الله برواية الكافى الباب الاول و التهذيب في الباب المذكور عن ابى حريز الرّواسيّ قال سمعت ابا الحسن موسى عليه السلام و هو يقول اللّهمّ انى أسألك الرّاحة عند الموت و العفو عند الحساب يردّوها و انت خبير بانه لا شاهد في الرواية على كون ذلك في الصّلاة و نقلها في الكتابين في البابين لا يصلح حجة لذلك فيشكل الاحتجاج بها هذا و اما الذكر فالظاهر ان حكمه حكم الدّعاء لو لم يكن اقرب الى الجواز و كفى منبّها عليه لصحيحة التهذيب في الباب المذكور عن الحلبى قال ابو عبد اللّه عليه السلام كلما ذكرت اللّه عز و جل به و النّبى ص فهو من الصّلاة الحديث و من الدّعاء او الذكر او هما الصّلاة على النّبى ص و يدل عليها بخصوصها صحيحة الحلبى المنقولة آنفا و صحيحة التهذيب الباب المذكور عن عبد اللّه بن سنان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يذكر النّبى ص و هو في الصّلاة المكتوبة امّا راكعا و امّا ساجدا فيصلّى عليه و هو على تلك الحال فقال نعم ان الصّلاة على نبىّ اللّه ص كهيئة التكبير و التسبيح و هى عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا ايّهم يبلغها ايّاه و هذه الرواية في الكافي أيضا الباب الاول لكن فيه عن عبد اللّه بن سنان عن عبد اللّه بن سليمان و حينئذ يخرج الخبر عن الصحة لاشتراك عبد اللّه بن سليمان بين جماعة غير موثقين و موثقة التهذيب الباب المذكور عن ابى بصير قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اصلّى على النّبى و انا ساجد فقال نعم هو مثل سبحان اللّه و اللّه اكبر و مرسلة الكافى في الباب الاول عن محمد بن ابى حمزة عن ابيه قال قال ابو جعفر عليه السلام من قال في ركوعه و سجوده و قيامه صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد كتب اللّه له مثل الركوع و السّجود و القيام و روى التهذيب في الباب المذكور بسند موثق حسن عن الحلبى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اسمّى الائمة عليه السلام في الصّلاة قال اجملهم و هذه الرواية في الفقيه أيضا في الباب المذكور عن الحلبى بحذف الاسناد و سنده اليه صحيح و لعلّ المراد الامر بذكرهم اجمالا كان يقول آل محمّد و ائمة المؤمنين او المسلمين و لا يبعد ان يكون ذلك للتقية او المراد ذكرهم ذكرا جميلا بالتعظيم و التبجيل و اللّه تعالى يعلم و اما القرآن فذكر صاحب المدارك رحمه الله انه لا خلاف في جواز القنوت ببعض الآيات و اجابة المسلم بلفظ القرآن و الاذن للمستاذن بقوله ادخلوها بسلام آمنين و نحو ذلك و يظهر من كلام المحقق الاردبيلى رحمه الله انهم يجوّزون قراءة القرآن في الصّلاة مط سوى ما اختلفوا فيه من القرآن و يدل عليه أيضا كلام العلامة في المنتهى فانه قال في بحث انه اذا عرض للمصلّى حاجة فله التنبيه عليها بالتّسبيح و التكبير و ان يتلو شيئا من القرآن مجيبا لغيره او مبتدئا له بالخطاب و قال ان التنبيه بالتسبيح و قراءة القرآن لا يخرجه من كونه قرانا و تسبيحا فيكون سابقا لقوله عليه السلام ان صلاتنا هذه تسبيح و دعاء و قران و انت خبير بضعف دلالة الرّواية على ما رايه مع ان الظاهر انها عامية لكن ما يدل من الاجماع

ص: 235

و الرّوايات على النهى عن الكلام في الصّلاة كانّه لا يشمل القران امّا الاجماع فظاهر لانه لو لم يكن على خلافه فليس عليه و امّا الرّوايات فلان ظاهر التكلم فيها لا يشمل قراءة القرآن بل بعضها صريحا في غيرها و على هذا فالاصل يعطى جوازه الا ما ثبت فيه منع بخصوصه كالقران و سيجي ء تحقيق القول فيه و تفصيله انشاء اللّه تعالى و لم اقف في هذا الباب على رواية سوى ما رواه العامة عن علىّ عليه السّلام انه قال له رجل من الخوارج و هو في صلاة الغداة فناداه لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ قال فانصت له حتى فهم فاجابه و هو في الصّلاة فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ وَ لٰا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لٰا يُوقِنُونَ و من طريق الخاصة الحكاية المذكور فقد روى الشيخ في التهذيب باب احكام الجماعة من الزيادات في الصّحيح عن معاوية بن عمار و هو مشترك بين الثقة و غيره عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال كان عليّا عليه السلام كان في صلاة الصّبح فقرأ ابن الكوّاء و هو خلفه وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ فانصت علىّ عليه السلام تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية ثمّ عاد عليه السلام في قراءته ثمّ اعاد ابن الكوّاء الآية فانصت علىّ عليه السلام أيضا ثمّ قال فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّٰهِ حَقٌّ وَ لٰا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لٰا يُوقِنُونَ ثمّ اتمّ السّورة ثمّ ركع و أيضا من طريق الخاصة موثقة في الباب الثانى و التهذيب الباب المذكور سابقا عن عبيد بن زرارة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن ذكر السّورة من الكتاب تدعو بها في الصّلاة مثل قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ فقال اذا كنت تدعو بها فلا باس و كانّ المراد بالدّعاء فيه ما يشمل التّمجيد و منطوقه نفى الباس فيما دعى به و يفهم منه الباس في الجملة في غيره فلعلّ ذلك في القرآن فتدبّر

قوله قال في الذكرى لو تكلّم بالقرآن قاصدا افهام الغير و التلاوة جاز كقوله للمستاذنين ادْخُلُوهٰا بِسَلٰامٍ آمِنِينَ و لمن يريد التحظى على الفراش بنعله اخلع نعليك إِنَّكَ بِالْوٰادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً و لنهى من اسمه يوسف يوسف اعرض عن هذا الى غير ذلك و لو قصد مجرد الافهام ففيه وجهان البطلان و الصّحة بناء على انّ القران هل يخرج عن اسمه بمجرّد القصد ام لا و قال الشارح في شرح الارشاد و عدم البطلان لا يخلو عن وجه لان القرآن لا يخرج عن موضعه غيره به لان معجزه في نظمه و اسلوبه الخاصّ و لا مدخل للقصد في ذلك نعم لو اتى بكلمة واحدة منه بحيث يحصل الغرض و لا يتمّ النّظم اتّجه اعتبار القصد و عدمه انتهى و حكم المحقق الأردبيلى رحمه الله باستثناء القران بقصده قال و امّا بغيره مع قصد غيره اولا لا يبعد الصحة خصوصا في الثانى بشرط كونه مما يسمّى قرانا لان القران مستثنى و المبطل هو كلام الانسان و ليس هو كذلك انتهى ما ذكره من اعتبار كونه مما يسمّى قرانا مع عدم قصده اظهر مما ذكره الشارح من التفصيل بكلمة واحدة و غيرها لأنّ ما زاد على كلمة واحدة أيضا كقوله فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ اذا لم يقصد به القرآن ان اشكل الحكم بكونه قرانا خصوصا اذا لم يعلم أيضا كونه قرانا و اللّه تعالى يعلم الرّابع اذا ظهر لك اطلاق الأذن و الدّعاء في الصّلاة ظهر أيضا انه اذا عطس المصلّى استحبّ له ان يحمد اللّه تعالى كما هو قول علمائنا و اكثر العامة لعموم ما ورد فيه و عدم منافاة وضع الصّلاة له و يدل عليه أيضا خصوص صحيحة التهذيب في الباب المذكور عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا عطس الرجل في الصّلاة فليقل الحمد للّه و مثلها حسنة الكافى بإبراهيم باب التسليم على المصلّى و العطاس في الصّلاة عن الحلبى عنه عليه السلام و كذا يستحب له الحمد و الصّلاة على النّبى ص اذا عطس غيره لخصوص رواية ابى بصير في التهذيب في الباب المذكور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له اسمع العطسة فاحمد اللّه و اصلّى على النّبى ص و انا في الصّلاة قال نعم و ان كان بينك و بين حاجتك اليم و مثلها في الكافي أيضا في الباب المذكور و في الفقيه باب صلاة المريض و المغمى عليه و كذا اذا عطس غيره استحبّ له تسميته و هو بالسّين و الشين جميعا الدّعاء له بقوله يرحمك اللّه كذا في شرح الارشاد للشارح رحمه الله كانه تفسير بالفرد الشائع الغالب و الّا فهو مطلق الدعاء للعاطس عندها و قال في الصّحاح كل داع لأحد بخير فهو مسمّت و يظهر من المعتبر اطلاقه أيضا على الحمد و الصّلاة عند سماع العطاس و هو غير متعارف و كذا استحبّ له جواب التسمية اذا كان هو العاطس و سمته غيره لعموم ما ورد فيهما و عدم منافاة الصّلاة لهما كما ذكرنا و قد تردّد المحقق في المعتبر في جواز التسمية و قال و الجواز اشبه بالمذهب و لم يتعرّض لجوابه و كان وجه التردّد و عدم النصّ عليه بالخصوص و وجه الاشبهيّة ما اشرنا اليه من كفاية العمومات مع عدم ما يدل على المنع عنه في الصّلاة ربّما احتمل في جواب التّسمية وجوبه بناء على انه تحيّة لكن سنذكر انّ شمول التحية لغير السلام غير ظاهر و على تقدير ثبوت معنى عام كون المراد في الآية الكريمة هو ذلك العام لا الخاص غير ظاهر أيضا الا انه ينبغى رعاية الاحتياط بقي امور ينبغى التنبيه عليها اوّلها قيد في المنتهى جواز تسميت المصلّى للعاطس بما اذا كان مؤمنا و مثله في المعتبر أيضا حيث جعل محلّ التردّد و هو تسميته بالدّعاء له اذا كان مؤمنا و كان بناؤه على اختصاص بعض روايات التسمية بالمؤمن او اعتقاد منع الدعاء لغير المؤمن لظنّ دخوله في مودّة من حاد اللّه و امثالها و يمكن تعميم الحكم لمطلق المسلم كما هو مورد بعض اخبار التسمية و ربما احتمل تعميم بحيث يشمله غير المسلم أيضا لورود بعض الروايات في مطلق الرّجل و بعضها في الانسان بل ورود بعضها في غير المسلم بخصوصه و هو مرسلة ابو على الأشعرى في الكافي باب العطاس و التسمية في كتاب العشرة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عطس رجل نصرانىّ عند ابى عبد اللّه عليه السلام فقال له القوم هلاك اللّه فقال ابو عبد اللّه عليه السلام يرحمك اللّه فقالوا له انه نصرانىّ فقال لا يهديه اللّه حتّى يرحمه و لا ريب ان الاحوط هو

الاقتصار على المؤمن و ثانيها روى في الكافي الباب المذكور في الحسن بإبراهيم عن ابن ابى عمير عن بعض اصحابه قال عطس رجل عند ابى جعفر عليه السلام فقال الحمد للّه فلم يسمّته ابو جعفر عليه السلام قال نقصنا حقّنا ثمّ قال اذا عطس احدكم فليقل الحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على محمّد و اهل بيته قال فقال الرجل فسمّته ابو جعفر عليه السلام و انت خبير بانه على هذه الرّواية يمكن اختصاص استحباب التّسمية بما اذا احمد اللّه العاطس و صلّى على النّبى و آله صلوات اللّه عليهم او بما اذا لم يحمد بدون الصّلاة و يمكن القول بعموم الاستحباب كما هو مفاد اكثر الرّوايات لكن يكون تاكّده عند الحمد و الصّلاة او عند ما لم يؤت بالحمد بدون الصّلاة و يحتمل أيضا تخصيص هذا الخبر بالائمة صلوات اللّه عليهم فلا يستحب لهم التسمية اذا لم يصلّ العاطس عليهم اما مطلقا او اذا حمد اللّه و لم يصلّ عليهم و يكون الحكم في غيرهم مطلقا و لا يخفى انه على تقدير عدم عموم الاستحباب أيضا يمكن القول باطلاق جوازه في الصّلاة و ان لم يكن من الموضع المستحبّ بناء على ما تمسّك به العلامة في جواز اصل التسمية في الصّلاة من انه دعاء فكان سائغا و اللّه تعالى يعلم و ثالثها الرّوايات في جواب التسمية مختلفة ففى حسنة في بإبراهيم الباب المذكور عن سعد بن ابى خلف قال كان ابو جعفر عليه السلام اذا عطس فقيل له يرحمك اللّه قال يغفر اللّه لكم و يرحمكم و اذا عطس عنده انسان قال يرحمكم اللّه تعالى و في موثقته بابان في الباب المذكور عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا عطس

ص: 236

الرّجل فليقل الحمد للّه لا شريك له و اذا سمّت الرجل فليقل يرحمك اللّه و اذا اردت فليقل يغفر اللّه لك و لنا في روايته في الباب المذكور عن جرّاح المدائني عن ابى عبد اللّه عليه السلام يقول انّ العاطس يقول الحمد للّه ربّ العالمين لا شريك له و المسمّت يقول له يرحمك اللّه و المجيب يقول له يهديكم اللّه و يصلح بالكم و الكل حسن و ان كان اتّباع احد الاوّلين اولى و لا باس في التّسمية ان يقول يرحمك اللّه بضمير الجمع بل ربما كان اولى لحسنة الكافى باب التسليم من الكتاب المذكور عن منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ثلاثة يردّ عليهم ردّ الجماعة و ان كان واحدا عند العطاس يقول يرحمكم اللّه و ان لم يكن معه غيره و الرّجل يسلّم على الرّجل فيقول السّلام عليكم و الرّجل يدعو للرّجل يقول عافاكم اللّه و ان كان واحدا فانّ معه غيره الخامس في رواية التهذيب باب احكام السّهو من الزّيادات عن ابى جرير عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال قال ان الرجل اذا كان في الصّلاة فدعاه الولد فليسبّح فاذا دعته الوالدة فليقل لبّيك و لم أر في كلامهم التعرّض لاستثناء ذلك من الكلام و يشكل ذلك بمجرد هذه الرواية سيّما مع جهالة بعض رواتها فان في سندها على بن ادريس بن محمّد عن اخيه ابى جرير و في بعض النسخ بدل ابن محمّد عن محمّد و على التقديرين فعليّ مجهول الحال و محمّد أيضا على النسخة الثانية كذلك و اما ابو جرير فهو مشترك بين زكريّا بن ادريس و زكريا بن عبد الصّمد و كلاهما معتمدان و قد صرح في الثانى بالتوثيق أيضا و ربما يتوهم ان الظاهر صحة النسخة الاولى بان يكون ابو جرير هو الأوّل فيكون علىّ بن ادريس هذا اخاه و لكن فيه ان المذكور في كتب الرجال هو زكريّا بن ادريس بن عبد اللّه لا محمّد على ما يقتضيه النسخة الاولى فهذا قرينة على النسخة الثانية فيزيد جهالة السّند كما ذكرنا و هاهنا شي ء آخر و هو انه قد ورد في روضة الكافى في بعض الاسناد ابو جرير القمىّ و قد صرّح فيه بانّه هو محمّد بن عبد اللّه و في بعض النسخ عبد اللّه و هو غير ما ذكرنا من المعتمدين و مجهول الحال و على هذا فكلما اطلق فيه ابو جرير فيحتمل ذلك المجهول أيضا و يزيد جهالة هذا السند باعتباره أيضا بوجه ما فتأمل و اللّه تعالى يعلم السّادس السلام في غير محلّه كلام خارج و لا كلام في عدم البطلان به سهوا و لا في البطلان عمدا بدون ظنّ تمام الصّلاة و امّا اذا سلّم لظنّ تمامها فكانه لا خلاف أيضا في عدم البطلان به بل انّما اوجبوا عليه سجدتا السهو كما سيجي ء و يدل أيضا على عدم البطلان ما سبق من الرّوايات التى استدللنا به في الفرع الاول للمشهور و يدلّ عليه أيضا صحيحة التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة عن ابى بكر الخضرمى قال صلّيت باصحابي المغرب فلما ان صلّيت ركعتين سلّمت فقال بعضهم انما صلّيت ركعتين فاعدت فاخبرت ابا عبد اللّه عليه السلام فقال لعلّك اعدت فقلت نعم فضحك ثمّ قال انما كان يجزيك ان تقوم و تركع ركعة انّ رسول اللّه ص سها فسلّم في ركعتين ثمّ ذكر حديث ذى الشمالين فقال ثمّ قام فاضاف اليها ركعتين و صحيحته أيضا في الباب المذكور عن الحارث بن المغيرة النّضريّ قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام انّا صلّينا المغرب فسها الامام فسلّم في الركعتين فاعدنا الصّلاة فقال و لم اعدتم أ ليس قد انصرف رسول اللّه ص في ركعتين الا اتممتم السّابع نقل في المنتهى اجماع علمائنا على انّه يجوز للمصلّى ردّ السلام اذا سلّم عليه و على هذا فيكون مستثنى من الكلام الممنوع عنه و لا يخفى انه يمكن جعله داخلا في المستثنيات السابقة لانه دعاء للغير او لانّه قران على القول بانه متحتّم في الرّد سلام عليكم و لا ينافى ذلك المنع منه في الجملة كما في ابتداء السّلام اذ ربما منع من بعض الدعاء او القرآن لخصوصيّة فيهما و يمكن ان يقال انه غير المستثنيات السّابقة لكنه قد تسومح اوّلا في الافتقار على استثنائها و المراد ما استثنى في موارده مطلقا هذا و استدلّوا بجواز درّ السّلام مضافا الى الاجماع بعموم قوله تعالى فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا او ردّوها اذ الظاهر ان المراد بالتحيّة فيها هى السلام و لو لم يختص به فلا ريب في شمولها له و يدلّ عليه أيضا في الاخبار صحيحة التهذيب باب كيفيّة الصلاة

و صفتها من الزيادات عن محمد بن مسلم قال دخلت على ابى جعفر عليه السلام و هو في الصّلاة فقلت السّلام عليك فقلت كيف اجتمعت فسكت فلما انصرف قلت له أ يردّ السلام و هو في الصّلاة فقال نعم مثل ما قيل له و موثقة في باب التسليم على المصلّى عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرّجل يسلّم عليه و هو في الصّلاة قال يردّ يقول و عليكم السّلام فانّ رسول اللّه ص كان قائما يصلّى فمرّ به عمّار بن ياسر فسلّم عليه فردّ عليه النّبى ص هكذا و هذه الرّواية في التهذيب أيضا في الباب المذكور بحذف سماعة عن السّند و كانّه سقط من العلم و موثقة التهذيب الباب المذكور عن عمار السّاباطى قال سألته عن المصلّى فقال اذا سلّم عليك رجل من المسلمين و انت في الصّلاة فردّ عليه فيما بينك و بين نفسك و لا ترفع صوتك و هذه الرواية في الفقيه أيضا هكذا و سأل عمار السّاباطى ابا عبد اللّه عليه السلام عن التسليم على المصلّى فقال الى آخره و هو اظهر و رواية منصور بن حازم في التهذيب في الباب المذكور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا سلّم عليك الرّجل و انت تصلّى تردّ عليه خفيّا كما قال هكذا في كثير من نسخ التهذيب موافقا لما نقله العلّامة رحمه الله في المنتهى و المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الإرشاد و بخط الشيخ رحمه الله على ما نقل و هو كما ترى و في طرف من نسخ التهذيب و انت تصلّى و لا غبار عليه لكن الظاهر انّه من اصلاح النّاظرين و هذه الرواية في الفقيه أيضا بحذف الاسناد عن منصور و طريقه اليه صحيح على ما في الخلاصة او موثق على ما قيل بسيف بن عميرة و فيه هكذا و روى عنه منصور بن حازم انه قال اذا سلّم على الرّجل و هو يصلّى يردّ عليه خفيّا كما قال و لا غبار عليه أيضا و منه يعلم ان السّهو في التهذيب بتبديل على بعليك لا انت بهو كما اصلح في النسخ الاخرى و في الفقيه أيضا و سأل محمد بن مسلم ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يسلّم على القوم في الصّلاة فاذا سلّم عليك سلّم و انت في الصّلاة فسلّم عليه تقول السّلام عليك و اشر بأصابعك و طريقه اليه صحيح او مجهول و فيه أيضا و قال ابو جعفر عليه السلام سلّم عمّار على رسول اللّه ص و هو في الصّلاة فردّ عليه ثمّ قال ابو جعفر عليه السلام ان السّلام من اسماء اللّه عز و جلّ هذه هى الاخبار الواردة في هذه الكتب الثلاثة في هذا الباب و ينبغى التنبيه لأمور الاول قوله عليه السلام في الرّواية الاولى مثل ما قيل له و كذا قوله عليه السلام كما قال في رواية منصور يحتمل وجوها احدها وجوب الاتيان بالمماثل من كل وجه فلا يجوز التغيير اصلا و ربما كان هذا ظاهر لفظ المثل و ما هو مثله و يشكل حينئذ فيما اذا اتى المسلم بلحن فهل يجب متابعته فيه متابعة لفظ الخبرين او يحمل ذلك على ما اذا لم يأت بلحن و امّا معه فيقتصر في تغييره اقل ما يمكن تصحيحه به و ربما احتمل في بعض الملحونات عدم جواز الرد اصلا بناء على عدم صدق السلام عليه حقيقة و بالجملة فالأمر مع اللحن لا يخلو عن اشتباه خصوصا في بعضها الذى اشرنا اليه و ثانيها ان يكون المراد الاقتصار على رده ما اتى به المسلّم و عدم الزيادة عليه بما يفيد تحيّة زائدة و هذا لا ينافى التفاوت بين العبارتين بما لا يفيد ذلك من اصلاح لحن او تقديم و تاخير او تعريف

ص: 237

و تنكير ثمّ على هذا الوجه يحتمل أيضا ان يكون المراد وجوب الاقتصار على المثل و عدم جواز التعدّى الى الزائد و ان يكون المراد وجوب اداء المثل بلا نقص و هذا لا ينافى جواز الزيادة و بالجملة فيكون اشارة الى ما هو اقل الواجب المذكور في الآية من التحية بالاحسن او ردوها و لعل الاول اظهر و قال في المدارك و قد قطع الاصحاب بانه يجب الرّدّ في الصّلاة بالمثل لقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم نعم مثل ما قيل له و لا يبعد جواز الردّ بالاحسن أيضا لعموم الآية و عدم دلالة الرواية على الحصر انتهى و منه يعلم ان حمل الرّواية على الوجه الثانى و ما نفى عنه البعد كانه على الاحتمال الثانى الذى ذكرنا فيه و الاول لا يخلو عن وجه لكن الاظهر بعد حمله على ذلك هو ما ذكرنا من الاحتمال الأول كما اشرنا اليه فالاحوط الاقتصار على المثل و الثانى و ان كان ما ذكره من جواز الرّد بالاحسن لا يخلو عن قوة لما ذكره من عموم الآية و عدم صلاحية الخبرين للتخصيص سيّما مع عدم صراحتهما او ظهورهما ظهورا بيّنا و فيه بعد تسليم عموم الآية نظرا الى العرف و ان كان اذا الاهمال لغة انّ دلالتها على التخيير مطلقا غير مسلّم بل يمكن ان يكون المراد وجوب الرّد باحد الوجهين حتما و ان اختصّ بعض الموارد باحدهما فتأمل و ثالثها ان يكون المراد موافقا لما في موثقة سماعة ان لا يقول عليكم السّلام بل يقول سلام عليكم كما قيل له بناء على ان الشائع في ابتداء السلام هو سلام عليكم لا العكس قال الشيخ في المبسوط و اذا سلّم عليه و هو في الصّلاة و مثل ذلك فيقول سلام عليكم حكم آخر غير الرّد بالمثل لا يخلو عن بعد و كلام الشارح رحمه الله هاهنا في شرح الارشاد كما يظهر بالمراجعة اليه لا يخلو عن تشويش حيث يظهر منه تارة المثل على هذا الوجه و تارة على الوجه الثانى الذى ذكرنا هذا ثمّ لا يخفى انه بعد حمل المثل على هذا الوجه يمكن ان يحمل على اطلاق الحكم بانه يقول في الرّد سلام عليكم لا عليكم السلام و يمكن ان يحمل على الحكم به فيما اذا قال المسلّم سلام عليكم و كانه لا ظهور له في الاطلاق لكن رواية سماعة و اطلاق الحكم فيها يؤيّد الحمل عليه فتأمل الثّانى ما وقع في موثقة سماعة من انه يقول سلام عليكم و لا يقول و عليكم السّلام مما اعتبره اكثر الاصحاب للرّواية المذكورة و خالف فيه ابن ادريس فحكم بانه اذا قيل له سلام عليكم او سلام عليك او السّلام عليكم او عليكم السّلام فله ان يردّ عليه باىّ هذه الالفاظ كان لانه ردّ سلام مأمور و ينوى به ردّ السّلام لا قراءة القرآن قال و ان سلّم بغير ما ذكر فلا يجوز للمصلّى الرّد عليه لانه ما تعلّق بذمته الرّد لانه غير سلام انتهى و ما ذكره من تجويز مطلق الرّد لا يخلو عن وجه عملا باطلاق الآية و اكثر الرّوايات رواية سماعة مع عدم صحتها يمكن حملها على الاستحباب مع ان الخبر الواحد لا ينهض حجة عليه لكن الاحتياط في متابعة ما عليه الاصحاب الا انه يشكل رعاية الاحتياط فيما اذا سلّم المسلّم بقوله عليكم السلام اذ لا يمكن العمل حينئذ برواية سماعة مع الجواب بالمثل الذى ورد في صحيحة محمد بن مسلم و برواية منصور بن حازم اذا حملتها على الوجه الاول من الوجوه التى ذكرنا في توجيهها فتدبّر الثالث يظهر من المعتبر و غيره ان السّر فيما وقع في موثقة سماعة من انه يقول سلام عليكم و لا يقول و عليكم السّلام انّ سلام عليكم من القرآن المرخّص فيه في الصّلاة بخلاف العكس و لا يخفى انه لو كان الوجه ذلك فينبغى الاقتصار في الرّد على سلام عليكم من دون تغيير اصلا حتى بتعريف السلام او افراد الضمير مع ان في صحيحة محمد بن مسلم وقع التغيير بهما حيث اجاب عليه السلام بقوله السّلام عليك فالظاهر حمل الخبر على الاستحباب امّا مطلقا او اذا سلّم المسلّم بقوله سلام عليكم او حمله على مجرّد انه يقدم السّلام لا الظرف و عمل قوله بقول سلام عليكم على انه التمثيل بالفرد الشائع لا انه يعتبر خصوص هذه العبارة و حينئذ لا يكون السّر مجرّد ما ذكر و ان امكن ان يكون له دخل في الحكم فتأمل ثمّ الظاهر كما حكم به المصنف في الذكرى انه يكفى في الرّد قوله سلام عليكم و ان لم يقصد به القرآن قال في الذكرى و

يظهر من الشيخ اعتباره اى قصد القرآن و انا لم اقف في كلام الشيخ فيما راينا من كتبه على ما يظهر منه ذلك لنا عموم الآية و الروايات و ما اشرنا اليه من ان صحيحة محمد بن مسلم يدل على تجويز السّلام عليك الذى ليس بلفظ القرآن كما هو بلفظه اولى بذلك و ان لم يقصد به القرآن و ما يمكن ان يحتج به لما يظهر من الشيخ هو عموم المنع عن الكلام في الصّلاة بغير ما استثنى من القرآن و الذكر و الدعاء فاذا امكن ردّ السّلام الواجب بما يكون من القرآن المستثنى فلا يجوز بغيره مما يكون خارجا عن المستثنى و حينئذ لا بدّ من قصده ليتحقق كونه من القرآن و أيضا موثقة سماعة و ما ذكر من السّر فيها و فيه ان الآية الكريمة و الاخبار تنهض باستثناء ردّ السلام أيضا من الكلام الممنوع عنه و لا حاجة الى ردّه الى احد المستثنيات المذكورة و أيضا يمكن ردّه الى الدعاء لتجويزهم الدعاء في الصّلاة لنفسه و لغيره و اما رواية سماعة و ما ذكر من السّر فيها فالظاهر بقرينة صحيحة محمد بن مسلم حملها على الاستحباب او حملها على مجرد اعتبار تقديم السلام دون الطرف و حينئذ فلا يدل على اعتبار كونه من القرآن و لا يكون السّر فيه ما ذكرنا كما اشرنا اليه و على تقدير حملها على اعتبار خصوص سلم عليكم فيمكن ان يقال انه لعله في تجويزه دون غيره انه بصورة القران دون غيره كما ذكره بعض الاصحاب و لا يلزم منه اعتبار قصد القرآن أيضا فتدبّر الرابع الظاهر من موثقة عمار و رواية منصور انه لا يلزم عليه استماع الجواب المسلّم و يمكن ان يكون الوجه فيما ورد في رواية الفقيه عن محمّد بن مسلم من الاشارة بالاصابع هو ذلك أيضا فيكون الاشارة لاعلام المسلم بإتيانه بالجواب حيث لا يسمعه و كان هذا اظهر مما ذكره سلطان العلماء في حواشى الفقيه الإشارة الى تعيين المسلّم عليه حيث لا يمكن الالتفات اليه بالوجه و مما قيل انه لتدارك الاقبال عليه اى بملاطفة و تواضع و يمكن ان يكون غرضه ما نقلنا عن سلطان العلماء رحمه الله بعينه و قد اختلف الاصحاب في وجوب اسماع ردّ السلام فقيل بوجوب اسماعه تحقيقا او تقدير العدم صدق التحية عرفا و لا الرّد بدونه و قيل لا و هو ظاهر اختيار المصنف في المعتبر و قواه شيخنا المعاصر كذا في المدارك و ما نسبه الى المعتبر كانه استفاده من انّه نقل فيه روايتى عمّار و منصور و قال و هذه الروايات محمولة على الجواز لعدم الرّجحان فيعلم منه تجويزه عدم الاسماع و انت خبير بان حمل الرّوايتين على مجرّد الجواز بعيد جدّا و ما ذكره من عدم الرجحان ان اراد به عدمه في غير الصّلاة فهو مسلّم و لا يلزم منه عدم رجحانه في خصوص الصّلاة و ان اراد به عدم رجحانه مطلقا حتى في الصّلاة فهو ممنوع و أيّ دليل عليه و لم لا يجوز ان يجب اخفاؤه و كذا عدم رفع الصّوت به او يستحب ذلك باعتبار انه ليس عرفا من جنس الكلام المط في الصّلاة و لذا منع من الابتداء به في الصّلاة نعم الحكم بالوجوب بمجرّد هاتين الروايتين مع اطلاق الآية و باقى الروايات لا يخلو عن اشكال و امّا القول بالاستحباب فلا باس به لكن يخدشه احتمال ورودهما مورد التقية كما حملهما عليه العلامة رحمه الله في المنتهى لان الحنفية منعوا من ردّ

ص: 238

السّلام في الصّلاة نطقا و اشارة و الشافعيّة منعوا منه نطقا و حكموا بانه يردّه اشارة بيده او رأسه و وافقهم المالكيّة و الحنبليّة أيضا فلا يبعد حمل الخبرين على التقية و ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد ان المفهوم من كلام المصنف في المنتهى و غيره هو وجوب اسماعه تحقيقا او تقديرا و كانّه المشهور و لعلّ دليله انه المتبادر من الجواب و ان مقصود الشارع جبر خاطره و العوض له و انه [و إنما] قصد المسلم و هو انما يتم مع الاسماع و هو معذور مع العذر فيكتفى بالتقدير فلا يعذر بدونه و قد يمنع المتبادر و المقصود فانه غير ظاهر لاحتمال قصده دعاء و تحيّة و الوجوب انما يكون لدليل شرعى لان مقصود المسلم العوض و لصدق الرّد المفهوم من الآية و الاخبار لغة و عرفا و ما نعرف له شرعا معنى يكون الاسماع داخلا فيه و الاصل ينفيه و عدم الامر به في الآية و الخبر كذلك و يؤيّده رواية عمار و كذا صحيحة منصور و حملها في المنتهى و غيره على التقية مع عدم ذكر دليل يدلّ على وجوب الاسماع جزما حتى يحتاج الى هذا التّأويل لعلّ عندهم دليل ما رايناه من اجماع و نحوه انتهى و ما ذكره من المناقشة في دلائل الوجوب لا يخلو عن وجه و يقوى المناقشة جدّا في الحكم بوجوب الاسماع التقديرى كما لا يخفى لكن في تأييد الروايتين لما ذكره تامّل لما ذكرنا من عدم الاستبعاد في الفرق بين الصّلاة و غيرها في هذا الحكم و لا يخفى التنافى بين ما ادعاه هذا المحقق من صدق الرّد لغة و عرفا بدون الاسماع و بين ما نقلنا من صاحب المدارك من عدم صدق التحيّة و الرّد بدونه عرفا و كان الصّدق اصدق هذا ثمّ ما جعله مفهوما من هى كانه باعتبار ما نقله من حمل الروايتين فيه على التقية اذ لم يذكر فيه شي ء آخر يفهم منه ذلك و فيه ان حملهما على التقية يمكن ان يكون باعتبار ما اشرنا اليه من بعد الحمل على الجواز و ظهور عدم الرجحان في ترك الاسماع و ان قيل بجوازه فلذا حملها على التقية لكن فيه ما اشرنا اليه من احتمال الفرق بين الصّلاة و غيرها و وجود رجحان في عدم الاسماع في خصوص الصّلاة فتدبّر ثمّ وصفه رحمه الله رواية منصور بالصحيحة امّا باعتبار سند الفقيه و ترجيح صحته كما نقلنا عن الخلاصة او تبعا للعلامة رحمه الله في المنتهى حيث نقل الرّواية عن الشيخ و وصفها مع ذلك بالصحة لكن فيه ان في سندها في التهذيب محمد بن عبد الحميد و لم يوثقه الشيخ و انما توثيقه في جش و صه و ما في الخلاصة عبارة جش بعينها فالظاهر انه تبع ما في جش و العبارة هكذا محمد بن عبد الحميد ابن سالم العطّار ابو جعفر روى عبد الحميد عن ابى الحسن موسى عليه السلام و كان ثقة من اصحابنا الكوفيّين انتهى و انت خبير بان ظاهر هذه العبارة توثيق عبد الحميد لا ابنه حتى يفيد صحة الخبر الا ان يقال ان وصف العلامة رحمه الله الخبر بالصحة قرينة علمه بانّ الوصف وصف الابن لبعد الاشتباه منه رحمه الله و فيه تامّل فان الشبهة من الانسان ليست بغريزة و ان صار علّامة او شبهه فتدبر الخامس لو سلّم عليه بغير قوله سلام عليكم فقيل لا يجوز اجابته الا ان يقصد الدعاء و يكون مستحقا كذا نقله في المنتهى و القائل هو المحقق في المعتبر و كانّ وجهه الاقتصار في جواز الرّد على ما هو من القرآن و هو سلام عليكم و عدم امكان الرد هنا كذلك لروايتى المثل فلا يبقى الّا عدم جواز الرد ثمّ قال و عندى فيه تردّد ينشأ من قول الباقر عليه السلام يقول مثل ما قيل له و ذلك عام لا يقال ان مقصوده عليه السلام قوله سلام عليكم لانه منطوق القرآن لانا نمنع ذلك لان كيفية التسليم عليه في صلاته السّلام عليك و به اجاب عليه السلام و هو ليس من القرآن انتهى و الاقرب عندى وجوب الرّد لعموم الآية الكريمة لكن في غير ما قدّم فيه الظرف له الرد بالمثل عملا بالروايتين من كل وجه مع عدم صراحة موثقة سماعة في خلافه اذ يمكن ان يكون قوله عليه السلام فيها يقول سلام عليكم ورد على سبيل التمثيل بالفرد الشائع و يكون الغرض مجرد النهى عن تقديم الظرف كما هو صريح ما بعده لا يتحتم خصوص هذه العبارة و يشهد بذلك ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم من ردّه عليه السلام بقوله السلام

عليك و له الرد بقوله سلام عليكم لكونه من القرآن و وروده بخصوصه في موثقة سماعة مع ما في المثل من الاحتمالين الآخرين كما ذكرنا و في ما قدّم فيه الظرف يشكل الامر للتعارض فيه بين روايتى المثل و موثقة سماعة و الرّوايتان و ان تر حجتا من حيث السند و معاضدة احداهما بالاخرى لكن للموثقة أيضا ترجيح باعتبار الاحكام معناها بخلاف الرّوايتين لا فيهما من الاشتباه باعتبار ما ذكرنا من احتمالهما لوجهين آخرين و الأولى الاتيان بسلام عليكم ترجيحا للموثقة لأحكامها مع كونه من لفظ القرآن و لو اقتصر مع ذلك على اداء اقل الواجب كما هو احتمال الوجه الثانى لتوجيه المثل لكان اولى فتأمل السّادس قال في المنتهى لو حيّا بغير السلام فعندى فيه تردّد اقربه لجواز ردّه لعموم الآية انتهى و انت خبير بانه اذا كان الاقرب فيه جواز الرّد ففى المسألة السّابقة أيضا يكون الاقرب ذلك بطريق اولى فلا ينبغى الاقتصار هناك على ذكر التردّد و كانّ كلامه هاهنا اشارة الى ما هو الأقرب هناك أيضا هذا ثمّ فيما جعله الاقرب هاهنا تامّل لأن كثيرا من المفسّرين و اهل اللّغة فسّروا التحيّة بالسّلام و على هذا فلا عموم للآية الكريمة بحيث يشمل ما نحن فيه نعم ذكر بعضهم انها مشتقة من الحياة و حيّاك اللّه بمعنى ابقاك اللّه على الاخبار عن الحياة ثمّ استعملت في الدّعاء بذلك ثمّ قيل الكلّ دعاء و غلّب في السلام فلو ثبت ذلك و ان خصوص السلام ليس من معانيها لغة يتمّ ما ادّعاه من العموم و انّى ذلك مع ان بمجرّد غلبتها في السلام أيضا يشكل الحكم بالعموم فقول ابن ادريس بعدم جواز الرد في غير ما كان كلفظ السّلام كما نقلنا عنه في الامر الثانى لا يخلو عن قول نعم يتأتّى هناك أيضا ما نقلنا من المعتبر في الامر السّابق من تجويز قصد الدّعاء به اذا كان مستحقا و به افتى العلّامة رحمه الله أيضا في ية حيث قال و لو سلّم عليه بغير هذا اللفظ اى سلام عليكم فان سميّت تحيّة جاز ردّ مثله لعموم فحيّوا باحسن منها فان لم يتم تحيّة و تضمن الدعاء جاز مع قصده لا قصد ردّ التحيّة و لا يخفى ان الحكم بما ذكره من الشرطين متجه لكن كان العمدة تحقيق ما يسمى تحية و ما لا يسمّى و لم يفعل فتأمل السّابع وجوب ردّ السّلام كفائىّ كما ادّعوا عليه الاجماع و و ردّ به الاخبار أيضا يكون انّه اذا سلّم على جماعة اجزاهم ان يردّ واحد منهم فلا يكفى ردّ من لا يكون منهم و على هذا فلو اشترك المصلّى مع غيره في كون السّلام عليهما و ردّ الغير فلا ريب في سقوط تحتم الوجوب عن المصلّى لكن هل له أيضا ان يردّه بعده قال في الذكرى و لو ردّ بعد قيام غيره به لم يضرّ لانه مشروع في الجملة و هل هو مستحبّ كما في غير الصّلاة او تركه اولى فيه نظر من شرعيته خارج الصّلاة مستحبّا و من انه تشاغل بغير الصّلاة مع عدم الحاجة و قال الشارح في شرح الارشاد بعد نقل مجمل ما في الذكرى و الاجود جوازه و استحبابه لعموم الاوامر اذ لا شكّ انه مسلّم اليه مع دخوله في العموم فيخاطب بالرّد استحبابا ان لم يكن واجبا و زوال الوجوب الكفائى لا يقدح في بقاء الاستحباب

ص: 239

كما في غير الصّلاة فان استحباب ردّ الثانى متحقق اتفاقا ان لم يوصف بالوجوب معلّلا بالامر و لو اشترطنا في جواز الرّد قصد القرآن كما يظهر من الشيخ او علّلنا جوازه في الصّلاة بانه قران صورة و ان لم يقصد به كما ذكره بعض الاصحاب فلا اشكال في جواز ردّ المصلّى بعد سقوط الوجوب انتهى و ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد انه ان قيل يجوز الدعاء بالسّلام للمسلّم مع استحقاقه فيجوز بعد ردّ الغير أيضا من ذلك الباب و هو غير بعيد لما مرّ من جواز الدّعاء بكل لفظ و ان كل ما كلّمت به الرّب فليس بكلام مبطل و ان قلنا بعدم جوازه لغير الرّد كما هو ظاهر عبارتهم لانه محلّل الّا ما اخرج بدليل مثل الرّد و السّلام على الانبياء فالظاهر عدم جوازه بعد ردّ الغير لان تجويزه كان باعتبار وجوبه و كونه مخاطبا به بمثل حيّوا و قد سقط ذلك و لا نعلم خطابا آخر لا وجوبا و لا استحبابا امّا الوجوب فظاهر لسقوطه و عدم امر آخر و امّا الاستحباب فلعدمه اوّلا فيستصحب للاصل و لانّ الكلام مع عدم وجوب و امر دالّ عليه و معلوم عدم استلزام رفع الوجوب ثبوت الاستحباب و الجواز أيضا نعم لو ثبت كون كل واجب كفائى مستحبّا عينيّا بعد فعله أيضا يثبت الاستحباب هنا و ليس ذلك لظاهر الدليل ولى تامّل في غير السلام في الصّلاة أيضا و قد مرّ مثله في الصّلاة على الميّت بعد فعلها و معلوم عدم جواز غسله مرّة اخرى انتهى كلامه ملفّقا و انت خبير باتجاه ما اورده في مقابل ما نقلنا من المصنف و الشارح من الحكم بعدم الضرر او الاستحباب لكن يحتمل عندى تجويزه بقصد الوجوب الكفائى فان المسلم في الواجب الكفائى هو سقوط الذم بفعل احدهم و هذا لا يقتضى سقوط الوجوب بعد فعل احدهم اذ الواجب عندهم ما يذم تاركه بوجه ما فبعد فعل احدهم أيضا يمكن قصد الوجوب بهذا المعنى فانه يصدق عليه انّه يذم تاركه عند عدم إتيان احد المكلفين به فيذمّ تاركه بوجه ما لا يقال لا بدّ لوجوب فعل في حاله من تعلق الذم بتركه في تلك الحالة امّا مطلقا ان كان واجبا عينيّا او بوجه ما ان كان واجبا كفائيا و لا يكفى لوجوبه فيها تعلق الذم بتركه في حالة اخرى غير الحالة التى يفعل فيها و الا لزم جواز ان يقصد الوجوب في حال حرمة الفعل باعتبار وجوبه في حالة اخرى لتعلق الذم بتركه في الجملة على ما ذكرت لانا نقول انا لا نكتفى في قصد الوجوب بفعل في حالة ما نفعله بمجرد تعلق الذم بتركه في الجملة و ان كان في غير تلك الحالة حتى يلزم ما ذكرت بل نقول انه لا بدّ من رجحان فعله في تلك الحالة مع تعلق الذم بتركه في الجملة و ان لم يكن في تلك الحالة و ذلك لانه يكفى في الفعل رجحانه الذى هو مشترك بين الواجب و الندب و في الواجب زيادة تاكّد لذلك ففى العيني منه يتاكد ذلك بان رجحانه بحيث يذم تاركه مطلقا و في الكفائى بتاكد ذلك بان رجحانه بحيث يذم تاركه بوجه ما و لا يتأتى ذلك الوجه في تلك الحالة التى نفعله فيها بل يكفى لتاكده كون تاركه مذموما في الجملة و ان كان في غير تلك الحالة فان مجرّد هذا تاكيد في فعله زائدا على ما يترجّح فعله من غير تعلق الذّم بتركه اصلا على انه لو لم يسلّم تاكد ذلك بالنسبة الى الندب فلا ضير فيه فانا نقول ان الواجب باصطلاحهم اعم من العيني و الكفائى و الكفائى اذا حقق ليس الا ما يسقط الذم على تركه عند فعل البعض لا انه يسقط وجوبه بفعل البعض فيجوز بقاء الوجوب بعد فعل البعض و ان كان الوجوب في تلك الحالة لا مزيّة له عند التحقيق على الندب اذا عرفت هذا فنقول فيما نحن فيه مثلا انّ الآية الكريمة تدلّ على اطلاق الوجوب و الذى يستفاد من الخارج بالاجماع او النّص ليس الا ان الوجوب ليس عينيّا بل هو كفائى و قد عرفت انه لا يلزم منه الّا سقوط الذّم بتركه بعد فعل البعض و لا يلزم منه سقوط الوجوب بعده فيمكن لنا قصد الوجوب بذلك الامر من غير حاجة الى امر آخر ايجابيّ او ندبى حتى يقال ان الاصل و الفرض عدمه كما ذكره هذا المحقق و قس على ما ذكرنا القول في سائر ما يقال انه واجب كفائى فان الظاهر من الجميع نظرا الى الاوامر الواردة بها بقاء الوجوب بعد فعل البعض و هذا لا ينافى

ان يعلم من خارج في بعضها سقوط الوجوب بل الجواز أيضا بعد قيام البعض كما ذكره هذا المحقق من مثال غسل الميّت هذا لكن الاحوط فيما نحن فيه عدم الرد في هذه الصورة خروجا من الخلاف سيما مع ما عرفت في كيفيّة الرّد في بعض الصور من الاشكال فتأمل الثامن اذا كان ممّن قصد بالسّلام مع المصلّى صبىّ فان لم يكن مميّزا فالظاهر انه لا عبرة به و يردّه و ان كان مميّزا فهل للمصلّى ان يكتفى بردّه وجهان اظهرهما العدم امّا على القول بان عبادة الصّبى ليست شرعية اى مستنده الى امره من الشارع متوجّه اليه بل هى تمرينيّة و انما امر الشارع تعلق بوليّه فلانه حينئذ لا يكون داخلا في الفرد الكفائى فلا يتحقق الامتثال بفعله و يشكل ذلك مع حضور الوليّ و كون ردّه بامره اذ الامر بردّ السّلام حينئذ اذا كان كفائيّا يرجع الى امر المكلفين بردّه و وليّ المميّز يأمره بردّه فاذا ردّه المميز و كان ذلك بامر الوليّ فقد تحقق الامتثال فلا بعد في سقوط التكليف بل لا يبعد سقوطه و ان كان لم يحضر الولى اذا كان ردّ الصبىّ له بتاديب الولى له على هذا الوجه اذ يكفى في امتثال الولى امره الصّبى بكل ما يمرّنه به كليّا بحيث يطمئن بإتيانه بكل منها في وقته و لا يلزمه امره بخصوص كل منها في وقته و امّا على القول بكونها شرعيّة فلانه لا يستقيم القول بكونها بمعنى امر الشارع له بها على سبيل الوجوب لرفع القلم عنه فلا بد ان يكون امره به لو كان على سبيل الندب و حينئذ لا يصح ادخاله في الواجب الكفائى الا ان يقال ان الوجوب الكفائى فيه يرجع الى وجوب شرطى بالنسبة الى المكلّفين اى انهم مكلّفون بالرّد حتما على تقدير عدم ردّ الصّبى و يسقط عنهم بفعله و ان لم يكن الصّبى داخلا في المخاطبين بذلك الخطاب و فيه تعسّف او يقال انه على القول بكونها شرعية الظاهر أيضا تعلق الامر بالولىّ على سبيل الوجوب و قد عرفت انه يمكن تصحيح الوجوب الكفائى بادخاله و الاظهر ان يقال ان ظاهر الآية الكريمة التكليف الحتمى بالرّد فلا يعدل عنه الا بما يوجب صرفها عن ظاهرها و ليس ذلك الا مع اشتراط البالغ العاقل للاجماع على كون الوجوب معه كفائيا و امّا الصّبى المميّز فلا اجماع فيه على ذلك فليحمل الآية حينئذ على الظاهر على ان كون الصّبى مكلفا بكل واجب تكليفا شرعيّا او تمرينيّا غير ظاهر و ما رايت التصريح به الا في عبادات خاصّة كالصّلاة و الصوم و كون السلام منها أيضا غير ظاهر لى و حينئذ فلا وجه لصرف الامر في الآية عن ظاهره و جعل الوجوب فيه كفائيا باعتبار ادخاله هذا ما سنح في هذا الفرع و كلام صاحب المدارك فيه لا يخلو عن اجمال و اخلال و كلمات الفاضل الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد و آيات الاحكام عن ضعف و خلل كما يظهر بالتامل فيهما فتأمل التاسع لو كان المسلّم صبيّا مميّزا ففى وجوب الرّد عليه

ص: 240

وجهان اظهرهما ذلك تمسّكا بظاهر الامر كذا في المدارك و فيه تامّل فانّ اذا لغة للاهمال غاية الامر انه يقال انها للعموم عرفا و حينئذ فدعوى استفادة العموم منها عرفا بحيث يشمل ما اذا كان المحيّى صبيّا أيضا لا يخلو عن اشكال و حينئذ فالحكم بجواز الرّد عليه في الصّلاة مع القول بالمنع من التسليم فيها الّا ان يثبت جوازه بدليل من خارج كما هو ظاهرهم كما سبق مشكل جدّا فتدبّر العاشر لا فرق في هذا الحكم و هو وجوب ردّ السّلام بين ما اذا كان المسلم رجلا او امراة و كذا المسلم عليه مع جواز رؤية احدهما للآخر و امّا اذا كان المسلّم او المسلّم عليه امرأة لا يجوز رؤيتها للآخر فالظاهر أيضا وجوب ردّ سلامها و كذا ردّها سلام الآخر عملا بعموم الآية الكريمة و ان قالوا انّ صوت الاجنبيّة عورة يحرم عليها اسماعه للاجنبىّ الّا لضرورة اذ يمكن ان يقال ان وجوب ردّ التحية ضرورة و أيضا لا منافاة بين حرمة تسليمها و وجوب ردّ جوابه على المسلم عليه و يحتمل بناء على ما نقلنا عدم وجوب ردّ السلام عليها ح الّا خفيّا بحيث لا يسمعه الاجنبيّ و كذا عدم وجوب ردّ سلامها لكونه حراما فلا يكون تحيّة شرعيّة يستحق الجواب لكن فيما نقلنا عنهم من كون صوتها عورة فتأمل كما اشار اليه المحقق الاردبيلى رحمه الله بل المفهوم من تتبع الاخبار و الآثار شيوع تكلم النساء مع الرجال في عهد النّبي صلّى اللّه عليه و آله و ما قاربه كما نقل من تكلّم فاطمة عليها السلام مع سلمان و غيره و غير ذلك من دون ضرورة تلجئ اليه ظاهرا و سيجي ء تفصيل الكلام في ذلك انشاء اللّه تعالى في كتاب النكاح هذا في غير الصّلاة و اما فيها فلو كان المسلم امراة فيحتمل عدم وجوب الردّ سواء كان المسلم عليه رجلا ام امرأة بناء على ما نقلنا من المعتبر من الاقتصار في الرّد على ما هو بلفظ القرآن و هو سلام عليكم و كذا على احتمال وجوب الرد بالمثل من كلّ وجه و كان لفظ المسلم هو ذلك اذ لا يصحّ خطابها به لكن الظاهر كما يظهر مما تلونا عليك عدم وجوب الاقتصار على لفظ القرآن و كذا رعاية المثل من كلّ وجه فلا يتفاوت الحكم بهذا الاعتبار فتأمّل الحادى عشر لو ترك الرّد فيما يجب فيه الرّد فلا كلام في اثمه و هل تبطل الصّلاة به قيل نعم للنهى المقتضى للفساد و ضعّفه الشارح في شرح الارشاد بان النهى عن امر خارج عن الصّلاة فلا يؤثر فيها قال و ربما قيل انه ان اتى بشي ء من الاذكار في زمان الرّد بطلت لتحقق النهى عنه و هو ممنوع لان الامر لا يقتضى النهى عن الاضداد الخاصة بل عن مطلق النقيض و هو المنع من الترك و قد تقدم الكلام فيه فالمتجه عدم البطلان مطلقا انتهى و التخصيص بالاذكار لعدم المنافاة بين باقى افعالها غير الذكر و بين الرّد فهي ليست باضداد له فانحصر ضدّه في الاذكار فلو اقتضى الامر بالشي ء النّهى عن ضده الخاص لتمّ ما قيل بناء على النهى في العبادات موجب للفساد فيكون ذكره فاسدا مبطلا للصّلاة لكن الحق كما يشهد به من حقق الاصول ما ذكره الشارح من ان الامر لا يقتضى النّهى عن الاضداد الخاصة بل عن الضّد العام الذى هو الترك فلا يؤثر في بطلان الاذكار و لا الصّلاة ثمّ الظاهر ان المراد بزمان الرد الذى ذكره هو تمام الوقت الذى امكنه الرّد فيه و اسماعه للمسلم لكونه حاضرا فيه فاما اذا غابت بحيث لا يمكنه اسماع الرد الا بترك الصّلاة و الذهاب عقيبه ليصل اليه و حينئذ يسقط وجوب الرّد لمنافاته للصّلاة و عدم دليل على جواز قطع الصّلاة لردّ السّلام اذ الاخبار كما نقلنا لا يدل الّا على تجويز ردّ السّلام في الصّلاة لا على تجويز قطعها للرّد و الامر في الآية الكريمة كما انه مطلق في وجوب الرّد كذلك الاجماع على ما نقلوه مطلق في تحريم قطع الصّلاة الواجبة و لا ترجيح لقطع الصّلاة على ترك الرّد سيما ان توقف الرّد على قطعها انما حصل بفعله و تقصيره حيث لم يردّه حيث يمكنه الرّد بدون ابطال الصلاة فالظاهر ترجيح اتمام الصّلاة الذى كان واجبا بالاصالة و عدم تجويز قطعها باعتبار انه صار مقدمة لواجب آخر يفعله و تقصيره هذا و على هذا فلو فرض ان المسلم ذهب سريعا و كان المصلّى في وقت حضوره ساكتا و لم يبلغ ذلك الى حد السكوت الطويل المبطل للصّلاة ثمّ شرع بالذكر بعد ما غاب المسلم بحيث لا يمكنه اسماع الرّد بدون

فعل المنافى فحينئذ يتم الصّلاة و لا يؤثر تركه الرّد في صحة صلاته اصلا الّا ان وجوب الاسماع على القول به انما هو مع امكانه و امّا اذا لم يمكنه ذلك فيجب عليه اصل الرّد و لا يسقط ذلك بعدم كان الاسماع فحينئذ يبطل صلاته بالاشتغال بالذّكر و ترك الرّد بالكليّة و انت خبير بانه حينئذ يشكل الامر في هذه الصّورة في تركه الرّد احتمال البطلان كما ذكرنا و كذا في فعله احتمال ان يكون جواز الرّد انما هو مع امكان اسماعه فاذا لم يمكن ذلك يسقط وجوب الرّد و جوازه فيكون الرّد كلاما منهيّا عنه مبطلا للصّلاة ثمّ لا يخفى انه على القول باقتضاء الامر النّهى عن الضّد الخاص لا اختصاص للفساد بالصّلاة التى مسلّم عليه فيها بل يسرى الفساد ايضا الى كلّ صلاة يصلّيها بعد ذلك قبل ما وجب عليه من ردّ السلام و اسماعه الّا ان يتضيّق وقت الصّلاة و لا يقدح في الفساد فيها توقف الاسماع على الحركة و الذهاب اذ لا مانع عنه هاهنا بخلاف ذلك في الصّلاة التى مسلّم عليه فيها كما ذكرنا نعم لو تعذر عليه الوصول اليه بالكلية فحينئذ يسقط وجوب الاسماع لكن يبقى احتمال وجوب اصل الرد و كون الاحتمال به موجبا لفساد ما صلّاها بعد ذلك و امر الاحتياط في هذه الصّورة واضح بين فتأمل الثانى عشر حكم العلامة في المنتهى بانه لا يكره لمن دخل على المصلّى ان يسلّم عليه محتجا بعموم ما يدل على استحبابه مثل قوله تعالى فَإِذٰا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ اى اهل دينكم او بعضكم على بعض و نقل القول بالكراهة عن جمع من العامة محتجّين بانه غلّط المصلّى و اجاب بانه قد كان ينبغى ان يكره له الدخول عليه لانّه ربما اشتغل خاطره فغلط و لمّا لم يلحظ ذلك هنا فكذا ثمّ و انت خبير عليه لا يوجب مزيد اشتغال به ينافى الاقبال على الصّلاة الا ان يكون المصلّى من اهل الوسواس الذين يشوشهم او في شي ء و امّا السّلام فلا ريب انه يشوش اكثر الناس و يقلقهم مع ما يتطرق في اكثر الامر في ردّه و كيفيّته من الاشكالات و الشبهات كما ظهر مما تلونا عليك في الفروع السّابقة فلا يبعد ان يكون الاولى ترك السّلام عليه الا اذا كان المصلّى فقيها و يكون عبارة السّلام مما لا اشتباه في صحة ردّها بمثلها كسلام عليكم لكن الحكم بالكراهة شرعا بمثل هذه الوجوه لا يخلو عن اشكال قال في المدارك و يمكن القول بالكراهة لما رواه عبد اللّه جعفر الحميرى في كتابه قرب الاسناد عن الصّادق عليه السلام انه قال كنت اسمع ابى يقول اذا دخلت المسجد و القوم يصلّون فلا تسلّم عليهم و صلّ على النّبى ص ثمّ اقبل على صلاتك و اذا دخلت على قوم جلوس و هم يتحدّثون فسلّم عليهم و لا يخفى ان تلك الرّواية تصلح سندا للقول بالكراهة كما ذكره لكن مع الوقوف فيها على ما هو منطوق الرّواية و امّا الحكم الكلّى بها فلا يخلو عن اشكال لكن الرّواية معارضة بما نقله في الذكرى عن البزنطى انّه روى في سياق احاديث الباقر عليه السّلام اذا دخلت المسجد و النّاس يصلّون فسلم عليهم و اذا سلّم عليك فاردد فانى افعله و انّ عمار بن ياسر مرّ على رسول اللّه ص و هو يصلّى فقال السلام عليك

ص: 241

يا نبىّ اللّه و رحمة اللّه و بركاته فردّ صلّى اللّه عليه و آله و لا يخفى ان الجمع بينهما يحمل رواية البزنطى على مجرّد الجواز فلا ينافى الكراهة الّتى حمل عليها رواية الحميرى لا يخلو عن بعد لكن مع تعارض الروايتين لا يبعد القول بالاولوية التى اشرنا اليها و اللّه تعالى يعلم

قوله و ان لم يكن كلاما لغة و لا اصطلاحا

قلت ذكر نجم الائمة رض ان الكلام في اللغة موضوع جنس ما يتكلم به سواء كان كلمه على حرف كواو العطف او على اكثر او كان اكثر من كلمه و سواء كان مهملا او مستعملا مفيدا او غير مفيد ثمّ قال و انتهى الكلام لغة اى في العرف اللغوى على ما ذكره بعض المحقّقين في المركب من حرفين فصاعدا و انت خبير بانه حينئذ لا تحقق لمركّب من حرفين لا يكون كلاما لغة امّا بحسب اصل اللغة فظاهر و اما بحسب عرفهم الطّارى فلان الظاهر من اطلاق كلامه كما ترى انه اشتهر في المركّب من حرفين مطلقا بلا تقييد كونه موضوعا او مهملا او غير ذلك فلا اعمّ منه هذا و من هنا ظهر انّ ما ذكره في الاشكال من ان النصوص خالية عن هذا الاطلاق فلا بدّ فيه ان يرجع فيه الى الكلام لغة ليس على ما ينبغى اذ هذا الاطلاق مستند الى اللغة بل ينبغى ان يقال ان مع الحكم بهذا الاطلاق لا وجه لجعل حرف المدّ من الكلام لانه ليس حرفين بل حرفا واحدا الا ان يكون غرضه ان هذا الاطلاق ليس من الشرع حتى يحتمل ثبوته على وجه يتناول حرف المدّ أيضا لكونه بمنزلة الحرفين بل لا بدّ ان نرجع فيه الى اللغة و الاصطلاح و ظاهر ان حرف المد لا يدخل فيه لغة و لا اصطلاحا او يكون مراده بالاطلاق هو اطلاق الكلام على حرف المدّ او كون الكلام هو المركب من حرفين مطلقا حقيقة او حكما فافهم و ظهر [يظهر] أيضا انه لا تعجّب منهم في جزمهم بالحكم الاول مطلقا او بناؤه على اللغة الا ان يكون مراده بالاطلاق الشمول لحرف المدّ أيضا و يرد عليه حينئذ انه لا جزم لهم بذلك بل منهم من لم يتعرض لذلك و منهم من تردّد فيه و من حكم بكونه كلاما حكم في الحرف المفهم أيضا فلا تعجب و ظهر أيضا ان جزمه بكون الحرف المفهم كلاما لغة محل كلام فتأمل و اما الكلام الاصطلاحى فكانه اراد به اصطلاح اهل العربيّة اى ما يشتمل على الاسناد و بعد ما كتبت الحاشية رايت كلام الشارح رحمه الله في شرح الارشاد يظهر منه ان الكلام الاصطلاحى هو الكلمة و قد اعتبر فيها الوضع اصطلاحا و انه ليس في المعنى اللغوى ما يدلّ على خلاف ذلك فالمصير اليه متعيّن و حينئذ فالمركّب من حرفين اعم من وجه من الكلام اللغوى و الاصطلاحى و يندفع عنه ما اوردنا من الوجوه لكن ما نقلنا عن نجم الائمة مناقضة فتأمل انتهى و لا يخفى ان كون الكلام بمعنى الكلمة على ما ذكره في شرح الإرشاد و ان كان ليس ببعيد لكن الظاهر من الكلمة أيضا لغة و عرفا يشمل المهملات لا المعنى المصطلح الذى اعتبر فيه الوضع نعم اعتبار الوضع في الكلام ربما كان اصطلاح بعضهم كما نقل في الشرح العضدى لمختصر الحاجبى عن ابى الحسين انه عرف الكلام بانه المنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها احترازا عن المهملات و لا عبرة بتعريفه في مقابل ما نقله نجم الائمة و ربما كان ذلك اصطلاحا منه على ان القيد المذكور ليس في كلام ابى الحسين على ما نقل عنه [منه] في المشهور و انما زاده الشارح المذكور فكلام ابى الحسين أيضا مؤيد لما نقلنا عن نجم الائمة و ما زاده الشارح المذكور فهو بمعزل عن الاعتبار في مقابل كلامهما سيّما مع نسبته الى ابى الحسين و خلوّ كلامه عنه على ما هو المشهور على انه يمكن ان يكون اضافيّة لبيان معنى المتميّزة و تفسيرها بان يكون من الحروف الموضوعة لغرض التركيب لا مثل ما يخرج من التنحنح و نحوه و حينئذ فيشمل الموضوع و المهمل و هذا و ان كان لا يخلو عن بعد لكن عدم صحة النقل على تقدير الحمل على ظاهره على ما نقل في المشهور بما يؤيد الحمل عليه فتأمل و قد يقال ان من القاموس ما يدلّ على تردّده في انّ معنى الكلام هو الاول مما ذكره الرّضى او بعد اعتبار الوضع فيه فيكون مرادفا للكلمة في مصطلح النحو و ما ذكره الشارح رحمه الله هاهنا و في شرح الارشاد مبنىّ عليه و فيه تامّل فانه ذكر في القاموس ان الكلام القول او ما كان مكتفيا بنفسه و قال في القول الكلام او كل لفظ تدلّ به اللّسان تامّا او ناقصا و انت خبير بان المعنى الثانى الذى ذكره للكلام لا يحتمل الاول الذى ذكره الرضى و لا ما ذكر من معنى الكلمة النحوية بل الظاهر انه اراد بكونه مكتفيا بنفسه ان يشتمل على الاسناد كما هو المعنى الاصطلاحى و

لعل ما ذكره امّا لانّ غرضه الاقتصار على ذكر المعانى اللغوية فقط بل ذكر بعض ما شاع من المعانى الاصطلاحية أيضا او باعتبار ظنّه او احتماله كون ذلك أيضا معنى لغويّا و يحتمل ان يريد به كونه دالّا على معنى في نفسه فيكون معنى ثالثا اخصّ من الكلمة النحوية لخروج الحرف منه دونها و اما المعنى الاوّل الذى ذكره ففيه اشتباه فانه لما عرفت كلّا من الكلام و القول الآخر و ذكر لكل منهما معنى آخر فظاهره ان المعنى الذى تراد فاعليه غير مذكور في كلامه و انما لم يتعرض لبيانه لكونه معروفا و حينئذ فالحكم بانه هو المعنى الاول الذى ذكره الرّضى رجم بالغيب لم لا يكون هو الثانى مما ذكره او غيرهما ان ثبت معنى غيرهما و يحتمل ان يكون غرضه مجي ء كل من القول و الكلام بكلّ من المعنيين اللذين فسرهما فيهما فحيث فسر القول بالكلام ان اراد به المعنى الثانى الذى فسر الكلام به لا المعنى الاوّل الذى عبّر عنه بالقول للزوم الدور و كذا حيث فسر الكلام بالقول اراد به المعنى الثانى الذى فسّر القول به لا المعنى الاوّل الذى عبّر عنه بالكلام للدّور و حينئذ فتردّده في كلّ منهما بيّن ما فصّله من المعينين و قد عرفت حال ما فصّله في الكلام انه امّا المعنى الاصطلاحى للكلام او معنى اخصّ من الكلمة النحوية و امّا المعنى الذى فصّله في القول فالظاهر مما يدلّ به اللسان اذا كان ما له من المهملة كما هو الظاهر الدلالة باعتبار الوضع فحينئذ ينطبق على ما ذكره الشارح من اعتبار الوضع في الكلام لكن نصّ صاحب القاموس مما لا يصلح للتعويل بعد مناقضته لكلام نجم الائمة فكيف بما يحتمله عبارته احتمالا مع تردّده فيما يحتمله و يمكن ان يكون بالذال المعجمة كما وقع في بعض النسخ التى لا تخلو عن صحة و يكون المراد بما يدلّ به اللسان ان يجرى به فينطبق على المعنى الاول ذكره الرضيّ لكن لا يلائمه الاقتصار على ما ذكره من التعميم بقوله تامّا او ناقصا اى مشتملا على الاسناد ام لا او دالّا على معنى في نفسه ام لا بل ينبغى ان يضاف احتمال كونه مهملا أيضا بل هو اولى بالذكر الا ان يجعل هذا التعميم منه قرينة على ان المراد جرى اللسان به مع كونه موضوعا و حينئذ فيوافق نسخة الدّال المهملة و ينطبق أيضا على ما ذكره الشارح من اعتبار الوضع لكن قد عرفت انه لا يصلح للتعويل في مقابلة كلام الرضيّ و كيفما كان فلا يستقيم ما نقلنا من تردّد صاحب القاموس بين المعنى الاول الذى ذكره الرضيّ و بين كونه مرادفا للكلمة في مصطلح النحو و هو ظاهر فليت شعرى على ما حمله كلام القاموس فنقل فيه منه ما نقل فتأمل

قوله و في حكمه الحرف الواحد المفيد

يعنى انه و ان لم يصدق عليه الكلام بالمعنى الذى عرفوه به لكنّه في حكمه في وجوب تركه

ص: 242

لاشتماله على مقصود الكلام و هو التعبير عما في الضّمير باللفظ و فيه ان كون علّة الحكم هى ذلك المقصور غير ظاهر فلعلّها كانت امرا لا يتحقق في غير الكلام و ان كان على مقصود و في شرح الارشاد حكم بالحاقه بالكلام بالمعنى المذكور لصدق اسم الكلام عليه لغة و عرفا قال بل هو كلام عند اهل العربيّة فضلا عن الكلمة لتضمّنه الاسناد المفيد فيدخل في مدلول الاخبار الواردة بابطال الكلام و ربّما احتمل عدم الابطال به بناء على ما اطلق من تقييد الكلام بتركيبه من حرفين فصاعدا و الموجود منه صورة حرف لا غير و يضعف بما مرّ من وجود صورة الكلام المقتضى للبطلان و التقييد بالحرفين من كلام الفقهاء خرج فخرج الغالب او انّ المحذوف في هذه الأوامر بمنزلة المذكور فيكون المجموع حرفين فصاعدا انتهى و لا يخفى ان بعد ثبوت صدق الكلام عليه لغة و عرفا و اصطلاحا كما ادّعاه هناك و في هذا الكتاب أيضا بحذف الثانى الحقّ ما ذكره من الحكم بالبطلان به و ينبغى توجيه تعريف الاصحاب باحد ما ذكر من الوجهين و عند ذلك يظهر انه داخل في الكلام حقيقة و ليس ملحقا به فحكمه اوّلا بالالحاق باعتبار ظاهر تعريفهم لكن الكلام في ثبوت تلك الدّعوى اذ ما نقلنا عن نجم الائمة من معناه لغة بظاهره ينادى بخلافه و التاويل في كلامه أيضا باحد ما ذكره الشارح من الوجهين من دون شاهد من كلام معتمدى اللغويّين ممّا لا وجه له نعم ان ثبت صدق الكلام عليه عرفا تماما اتجه حينئذ بناء الحكم على تقديم اللغة او العرف و الاظهر تقديم العرف ان ثبت توافق عرفهم عليهم السلام لعرفنا و الّا الاصل تاخّر تغيير العرف و الحمل على اللغة و لا يخفى انّ اثبات ذلك فيما نحن فيه مشكل جدّا و يمكن ان يقال ان بعد ثبوت شمول الكلام له عرفا ينبغى بناء الحكم عليه بناء على اصالة عدم التغيير و كلام نجم الأئمّة بمجرّده مع قبوله لما ذكر من التاويلين لا يصير حجة للعدول عن الاصل و فيه ان الشاهد على كون المعنى اللغوى ما ذكر ليس مجرّد كلام نجم الائمة بل كلام معظم الاصحاب أيضا شاهد له اذ الظاهر ان تقييدهم بالمركّب من حرفين بناء على رعاية اللغة لعدم ظهور وجه آخر و ما نقلنا عن نجم الائمة يحقق ذلك و يؤيّده و حينئذ فالتاويل في الجميع بناء على اصالة عدم تغيير العرف مشكل جدّا مع ان شموله له عرفا غير ظاهر أيضا عندنا و الاولى رعاية الاحتياط في ذلك باتمام ما تكلم فيه كك ثمّ الاعادة او القضاء و اللّه تعالى يعلم و امّا الحرف الواحد غير المفهم فلا يبطل الصّلاة به اجماعا على ما نقله في المنتهى و الذكرى و غيرهما و لعدم انفكاك الصوت عنه غالبا فالحكم باجتنابه يؤدى على العسر و الحرج المنفيّين و لعدم صدق الكلام عليه بالمعنى المشهور و يضرّ صدقه عليه بالمعنى الذى نقلنا عن نجم الأئمة لأصالة عدم البطلان و احتمال كون الكلام الوارد في الرّوايات بالمعنى الآخر فيقتصر فيما هو خلاف الاصل على ما هو المتيقّن بل الظاهر حمله في الرّوايات على المعنى الآخر لشهرته و الشارح رحمه الله في شرح الارشاد لما فسّر الكلام بالكلمة استشكل بان الكلمة كما تطلق على ما تركّب من حرفين مثل من و عن تطلق أيضا على الحرف الواحد كالباء او الكاف و اللام الموصولة لمعانى مخصوصة فانّها احد اقسام الكلمة كما ان الاسم احد اقسامها و اجاب انّ الحرف الواحد خرج من ذلك بالاتفاق على عدم ابطاله الصّلاة فلو لا ذلك امكن القول بابطال الحروف الدالة على معنى في غيرها كما ذكر فتدبّر

قوله و ان اخطأ بحذف هاء السّكت

فان الحاقها لازم في محاورات العرب فيق قه و أمّه و امّا مع الاتيان به فلا ريب في صدق الكلام عليه بلا اشكال و لا حاجة الى جعله في حكمه و هو ظ

قوله و حرف المدّ

عطف على الحرف الواحد المفيد اى و في حكمه أيضا حرف المدّ اى الحرف الذى يمدّ باشباع ضمّه او فتحه او كسره بحيث يحصل بعده حرفا و اكثر و المشهور التعبير عنه بالحرف الذى بعده مدّه و هو اولى فان حرف المدّ في اصطلاحهم هو الالف او الواو او الياء السّاكنة التى حركة ما قبلها من جنسها و لا كلام فيه اذ لا بدّ في التكلم به من تحقق حرفين قطعا الا ان يكون الحرف الاوّل من الصّلاة و حينئذ لا يبقى الا حرف واحد فلا وجه للابطال به و على التقديرين فلا اشتباه فيه فتدبّر

قوله لاشتماله على حرفين فصاعدا

حتى يستقيم حكمه بانه في حكمه او المراد اشتماله على ذلك حقيقة الا انه جعل في حكمه باعتبار انه يعدّ عرفا حرفا واحدا و من ان المدّة امّا واو او الف او ياء و تسميتها مدّة لا تخلّ بكونها حرفا

قوله فلا اقلّ من ان يرجع فيه

اى في الكلام او في الاطلاق اى اطلاق الكلام او هذا الاطلاق على ما ذكرنا سابقا في توجيه كلامه في حاشيته في قوله و ان لم يكن كلاما لغة و لا اصطلاحا

قوله و حرف المدّ

الظاهر انه من تتمة السّابق و قد اشرنا سابقا الى ما فيه من الاشكال مع توجيه و اشرنا أيضا هناك في الحاشية الى ان يمكن جعله وجها آخر للاشكال غير ما سبقه و الى انه حينئذ لا كلام فيه و انما الكلام معه في الوجه الأول فتذكّر

قوله و العجب انهم جزموا بالحكم الاول مطلقا

مع انه كلام لغة و اصطلاحا قد ذكرنا في الحواشى السّابقة ما يتعلّق بهذا كلّه فلا وجه لإعادته

قوله و في اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى

قلت الظاهر منه ان كلّا من الوجهين يجرى بعد ما ذكر من اطلاق الكلام على المركب من حرفين فصاعدا و ان لم يكن كلاما لغة و لا اصطلاحا و حينئذ فعلى القول باشتراط ان يكون الكلام هو ما تركّب من حرفين موضوعين لمعنى و ان لم يكن كلاما لغة و لا اصطلاحا و ليت شعرى فالكلام اللّغوى ما هو و أيّ امرء اعتبر فيه زيادة على الموضوعيّة و بالجملة فلا وجه لهذا الكلام بناء على ما نقلنا من شرح الارشاد أيضا و أيضا فلا وجه لتخصيص ظهور الفائدة بصورة التنحنح و نحوه بل يظهر الفائدة في جميع صور التلفظ بحرفين مهملين الا ان يكون غرضه ان العمدة في هذه حيث يتفق التنحنح و نحوه كثيرا في الصّلاة و لعلّه لم يرد به كون مجموع الحرفين موضوعا لمعنى بل اراد به كون كل منهما من الحروف الموضوعة لمعنى و اراد به ما يتناول غرض التركيب اى هل يشترط كون الحرفين من حروف الهجاء الموضوعة لغرض التركيب بان يكون متميّزة في النّطق بحيث يصلح لان يركّب و يدلّ به على معنى ام لا يشمل الحروف الحادثة حال الانين و التّأوّه و النفخ و التنحنح و نحوها مما لا يتميّز فيه الحروف و في كلام المصنف في الذكرى اشعار بما ذكرنا حيث قال لا يبطل بالنفخ الذى يتميز فيه الحروف و كذا التنحنح فانه لا يعدّ كلاما انتهى و حينئذ لا يتوجّه عليه شي ء من الايرادين لكن فيه مع بعده من العبارة جدّا ان ما نقله من قطع المصنف بعدم اعتباره حينئذ ليس بمطابق لما نقلنا من المصنف و لو نظر الى قوله في الدروس و الكلام بحرفين و لو في النّفخ و الانين و التّأوّه فيقول يجب ان يختصّ ذلك بما اذا تميّز فيهما الحرفان بقرينة انه في الذكرى أيضا حكم اوّلا بانه لو نفخ بحرفين او تاوّه بهما بطل ثمّ ما ذكر ما نقلنا بل ربما اشعر كلامه فيها بان التنحنح غير مبطل مطلقا و غيره مقيّد بما ذكر من التفصيل و في البيان صرح بالتفصيل في الجميع و بالجملة فما

ص: 243

نقله من المصنف دليل على ان مراده بكونهما موضوعين لمعنى هو ظاهره و حينئذ فنقله عن المصنف مطابق فظاهر كلامه في شرح الارشاد أيضا هذا حيث يظهر منه انّ عدم البطلان بالتنحنح و نحوه باعتبار ان الحرفين الخارجين ليسا موضوعين لمعنى و لا دالّين عليه بل ان دلّا على شي ء فانما هى دلالة طبيعية لا وضعيّة كدلالة اح اح على وجع الصدر مع ان الكلام بالمعنى المصطلح عليه يعتبر فيه الوضع و ليس في المعنى اللغوى ما يدل على خلافه و على هذا فلا بدّ من حمل هاهنا على ان ما ذكره اوّلا من التعميم انما هو بناء على احد الاحتمالين اللذين ذكرهما هاهنا و هو عدم الاشتراط و فيه من البعد ما لا يخفى ثمّ انه رحمه الله قال في شرح الارشاد فان قيل يلزم من اعتبار الكلام الصّناعىّ عدم بطلان الصّلاة بالتلفّظ بالكلمات المهملة المشتملة على عدة حرف كثير مثلا لعدم تحقق الدلالة و الوضع فيها قلنا هذه الالفاظ تسمّى كلاما في العرف العام و ان لم يكن كلاما عند اهل الصّناعة و هو العرف الخاص و اطلاق الكلام عليها في ذلك كاف في البطلان بها انتهى و لا يخفى ان فائدة اعتبار الوضع حينئذ لا يظهر الّا في التنحنح و نحوه مما لا يسمى كلاما في العرف و حينئذ يندفع عنه ما ذكرنا من الايراد الاخير لكن لا يخفى ما في اعتبار الوضع و المعنى الاصطلاحى حينئذ من التعسّف بل الظاهر ان يبنى الكلام على العرف العام اذا لظاهر انه اعم مطلقا من المعنى الاصطلاحى لا من وجه حتى يعتبر الاعم منه و من المعنى الاصطلاحى و أيضا يتوجه حينئذ ان ما نقله من المصنف حينئذ غير مطابق أيضا اذ هو لم يحكم الا ببطلان الصّلاة في صورة التنحنح و نحوه اذا تميّز فيه الحرفان و ان كانا مهملين و لا نزاع فيه لصدق الكلام عليهما عرفا الا ان لا يسلّم صدق الكلام عرفا على الحرفين الحادثين بالتنحنح و نحوه و ان كانا متميّزين او لا يسلم صدق عرفا على الحرفين المهملين اصلا بل على ما زاد عليهما لكنه حينئذ لا يندفع ما ذكرنا من الايراد الاخير و بعد هذا كله فعدم تعريفه في هذا الباب لكفاية صدق الكلام عرفا أيضا و اكتفاؤه بما ذكره من تعريف الكلام مع احتمال اشتراط الوضع مختل جدّا بل لا بد من الاشارة الى ان احد الوجهين اشتراط الوضع او صدق الكلام عرفا الا ان يقال على الاحتمال الاخير ان اشتراط الوضع الذى ذكره هاهنا انما هو في المركب من حرفين فقط لا فيما زاد عليهما أيضا و يؤيده عدم ذكر قوله فصاعدا هاهنا و حينئذ فما زاد على الحرفين داخل في التعريف مطلقا على الوجهين فلا اخلال و يندفع أيضا حينئذ الايراد الاول الذى اوردنا في اوّل الحاشية اذ ما لم يكن كلاما لغة و لا اصطلاحا على احتمال اشتراط الوضع هو ما زاد على الحرفين اذا كان مهملا بناء على جعل المعنى اللغوى ما نقلنا عن شرح الارشاد و حينئذ لا يبقى عليه سوى ما اوردنا على تخصيص ظهور الفائدة بصورة التنحنح و نحوه و الامر فيه هيّن كما اشرنا اليه لكن لا يخفى ان التفرقة بين المركّب من حرفين و ما زاد كانه تعسّف و كذا حمل الكلام على الاعم من اللغوى و العرفى على ما لزم في الوجه الثانى تعسّف اذا لظاهر حمل الالفاظ فيما اذا لم يظهر فيه حقيقة شرعيّة كما فيما نحن فيه على اللغوى او العرف العام لا الاعم منهما هذا و قد ظهر مما تلونا عليك ان احتمال اشتراط الوضع مما لا وجه له بل الظاهر ما اطلقه الاصحاب من الابطال بالمركب من حرفين و ان كان مهملا اذ المتبادر من الكلام عرفا كانه ذلك و كذا في اللغة أيضا على ما نقلنا عن نجم الائمة نعم في صورة التنحنح و نحوه اذا تميّز فيه الحرفان اشتباه لصدق الكلام لغة على ما نقلنا من نجم الائمة و عدم صدقه عرفا فلذا اختلفوا فيه بناء على ترجيح اللغة او العرف فتأمل

قوله و قطع المصنف بعدم اعتباره

قد ظهر مما نقلنا عن المصنف في الحاشية السّابقة انه ليس في كلامه التعرض لحديث اعتبار الوضع و عدم اعتباره اصلا بل لما حكم ببطلان الصّلاة بحرفين و لو في النفخ و الأنين و التّأوّه و الحرفان فيها غير موضوعين فحكم الشارح بانه لم يعتبر الوضع فيهما و امّا العلامة فليس في كلامه أيضا حديث اعتبار الوضع كما يوهمه كلام الشارح بل صرح في ية ببطلان الصّلاة لحرفين و ان كان من المهملات و ما نسبه الشارح اليه من قطعه بكونهما غير مبطلين حينئذ انما هو بناء على ما اشار اليه الشارح من اعتقاده عدم صدق الكلام على الحرفين الحادثين في الصّور المذكورة لكن ليس ذلك لاعتبار الوضع فيه كما يظهر من كلام الشارح لمنافاته لما نقلنا عن صريح النهاية بل كانه لعدم تميّز الحرفين فيها فلا يصدق عليهما الكلام او لعدم صدق الكلام عليهما حينئذ عرفا و ان تميز الحرفان لكن هذا مذهبه في التذكرة و ية قال في التذكرة التنحنح جائز لانه لا يعدّ كلاما و هو يحتمل ما ذكرنا من الوجهين و قال في ية و لا باس بالتنحنح و ان بان منه حرفان لانه ليس من جنس الكلام فلا يبيّن منه حرف محقق فاشبه الصّوت و هو ينادى بانّ نظره الى ما ذكرنا من الوجه الاول و مراده بقوله و ان بان منه حرفان بينونة اصل الحرفين و ان كان بدون الامتياز و التحقيق اذ لا يتفق ذلك فيها عادة فلا يتوهم التنافى بين اول كلامه و آخره و امّا في المنتهى فظاهره خلاف ذلك حيث قال لو تنحنح بحرفين و سمّى كلاما ابطل الصّلاة و الا فلا و نقل عن بعض الجمهور انه لا تبطل الصّلاة به مطلقا لانّ عليّا عليه السلام قال كانت لى ساعة في السّحر ادخل فيها على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فان كان في الصّلاة تنحنح و كان ذلك اذني و ان لم يكن في الصّلاة اذن لى ثمّ قال و الوجه عند اعتبار اسم الكلام و لا يخفى ان ما اعتبره لا يخلو عن وجه لكن الظاهر عدم صدق اسم الكلام عليه اللّهمّ الا في تنحنح خارج عن المعتاد و ما اختاره في الكتابين مبنى على هذا الظاهر فلا منافاة بين مذهبه و يؤيد أيضا اطلاق القول بعدم البطلان بالتنحنح موثقة الفقيه باب المصلّى يريد الحاجة عن عمار بن موسى انه سأله اى الصّادق عليه السلام كما هو ظاهر سياقه عن الرّجل يسمع صوتا بالباب و هو في الصلاة فيتنحنح ليسمع جاريته او اهله لتأتيه فيشير اليها بيده يعلمها من الباب لتنظر من هو فقال لا باس به مع ان الغالب في التنحنح ان يخرج عنه حرفان هذا ثمّ على ما ذكرنا من عدم صدق الكلام على الحرفين الخارجين منه غالبا لو فرض التنحنح على وجه خرج منه حرفان متميّزان يصدق عليهما الكلام فلا وجه للحكم بالبطلان به أيضا بل الظاهر انه في حكم الكلام سهوا لانه عامد في اصل التنحنح و هو لا يستلزم الكلام غالبا بل انما خرج منه اتّفاقا فيكون فيه بمنزلة السّاهى و قد عرفت اجماعهم فيه على عدم البطلان فالوجه الحكم فيه أيضا بما حكموا به في الكلام سهوا من سجدتى السّهو نعم لو علم ان تنحنحه مستلزم لخروج الحرفين و كان عامدا في التنحنح فهو عامد فيه أيضا و لا يخفى ندور الفرض فتدبّر و امّا نحو التنحنح الذى ذكره الشارح فالظاهر انه على ما ذكره الشارح عن البناء على اشتراط الوضع و عدمه كل ما اوجب خروج حرفين غير موضوعين كالنفخ و الأفين فانه على القول بعدم الاشتراط يكون مبطلا بخلاف القول بالاشتراط و قال العلامة رحمه الله في النهاية بعد ما نقلنا عنه في التنحنح و كذا البكاء و النفخ امّا الانين بحرف واحد فلا باس و لو كان بحرفين بطلت صلاته و في التذكرة بعد ما حكم في التنحنح

ص: 244

بالجواز كما ذكرنا قال في مسئلة اخرى النفخة بحرفين يوجب الاعادة و كذا الأنين و التأوّه و لو كان بحرف واحد لم يبطل و في المنتهى حكم ببطلان الصّلاة بالنفخ بحرفين معلّلا بانه كلام فكان مبطلا و كذا في التأوّه و الأنين و لم ينقل خلافا فيهما الا عن بعض العامة و الظاهر عندى ان النفخ كالتنحنح في عدم تميز الحرفين فيه غالبا و عدم البطلان به لعدم صدق الكلام عليه و لو تميّزهما بحيث يصدق الكلام عليهما فينبغى الحكم بالبطلان اذا كان عامدا فيه من حيث هو كذلك و اما اذا كان عامدا في اصل النفخ قاصدا اليه على الوجه المتعارف فاتفق تميّز حرفين فيه فحكمه ما ذكره في التنحنح من الحاقه بالكلام سهوا و يؤيد ما ذكرنا من عدم البطلان بما يظهر من الحرفين في النفخ رواية التهذيب باب كيفيّة الصّلاة من الزيادات عن اسحاق بن عمار عن رجل من بنى عجل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المكان يكون فيه الغبار انفخه اذا أردت السّجود فقال لا باس و روايته أيضا فيه عن ابى بكر الخضرمى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا باس بالنفخ في الصّلاة في موضع السجود ما لم يؤذ احدا فان اطلاق عدم البأس مطلقا او ما لم يؤذ احدا مع ظهور حرفين غالبا يشعر بعدم البأس بهما و في الفقيه أيضا باب ما يسجد عليه و باب ما لا يسجد عليه نقل الروايتين فانه قال و سأل رجل الصّادق عليه السلام عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه اذا اردت السّجود فقال لا باس و في رسالة ابى رض اليّ و لا تنفخ موضع سجودك فاذا اردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصّلاة و روى عن الصّادق عليه السلام انه قال انما يكره ذلك خشية ان يؤذى من الى جانبيه انتهى و امّا ما رواه التهذيب في الباب المذكور عن محمد بن مسلم بسند لا باس به غير انّ فيه محمّد عن الفضل و الظاهر انه محمّد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان كما في الحديث السّابق عليه و فيه كلام مشهور و الظاهر صحته عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له الرّجل ينفخ في الصّلاة موضع جبهته فقال فيحمل على الكراهة كما حملها الشيخ امّا مطلقا كما اطلقه في التهذيب او اذا اوذي من الى جانبيه كما ذكره في الاستبصار بقرينة رواية الخضرميّ و في الفقيه باب وصف الصّلاة من فاتحتها الى خاتمتها و لا تنفخ موضع سجودك فاذا اردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصّلاة فانه يكره ثلث نفخات في موضع السجود و على الرمى و على الطعام الحارّ و ظاهره انه من تتمة رواية ارسلها قبله عن الصّادق عليه السلام او مضمون رواية اخرى و هو ظاهر في الكراهة فيشيّد ما ذكرنا و لا يحتاج الى تاويل فتأمل و امّا الأنين و التّأوّه فالغالب مميّز الحرفين فيهما و صدق الكلام فينبغى الحكم بالبطلان و يؤيد ذلك في الأنين ما سبق من رواية طلحة بن زيد و مرسلة الفقيه من ان في صلاته فقد تكلّم و تحمل على ما خرج حرفان للاتفاق على عدم البطلان لحرفان الواحد لكن هل الحكم فيهما مطلق كما اطلقه جماعة من الاصحاب او مقيّد بما اذا كان للمتأوّه او الأنين لا لم و نحوه او لشي ء من امور الدنيا فلو كان للخشية من اللّه تعالى عند ذكر المخوفات فلا باس به نقل ذلك في المعتبر عن ابى حنيفة و استحسنه قال و قد نقل عن كثير من الصّلحاء التّأوّه في الصّلاة و وصف ابراهيم عليه السّلام بذلك يؤذن بجوازه و في المنتهى أيضا نقل ذلك عنه و نقل انه احتجّ بانّ اللّه تعالى وصف ابراهيم عليه السلام بالأوّاه فكان ذكرا و الذكر غير مبطل و اجاب عنه بان المدح لا يقتضى جواز فعله في الصّلاة كالمدح على الافعال الكثيرة الحسنة المنافية للصّلاة كالكلمة الطيّبة و لا يخفى انّ ما نقله عن ابى حنيفة و ان كان فاسد الظاهر لانّ مدحه عليه السلام به لا يقتضى كونه ذكرا جائزا في الصّلاة كما ذكره في المنتهى لكن ما فعله من التقييد لا يخلو عن وجه لان التّأوه و الأنين من خشية اللّه لا يبعد دخولهما في ذكر اللّه و مناجاة الربّ و التكلّم مع اللّه المستثناة في الاخبار السّابقة و اللّه تعالى يعلم و امّا ما يخرج من الحرفين بالبكاء فقال العلامة في نهاية الإحكام البكاء ان كان لأمر الآخرة فلا باس به و ان ظهر منه حرفان و ان كان لأمور الدنيا بطلت صلاته و ان لم ينطق بحرف و لا يخفى

اتجاهه فانه اذا اطلق جواز البكاء للآخرة بل فضله و استحبابه كما سيجي ء و كان الغالب ان يخرج به حرفان كالتنحنح فالظاهر استثناؤهما أيضا هذا مع عدم صدق الكلام عليهما لعدم تميزهما كما في التنحنح و من هذا يظهر ان ما نقلنا عن النهاية سابقا من جعل البكاء و النفخ كالتنحنح لا بدّ ان يخص بما اذا كان البكاء للآخرة هذا مع عدم تميز الحرفين و اما اذا خرج منه حرفان متميّزان محققان لا يدخل فيما استثنى من الذكر و نحوه فالظاهر عدم استثنائه لانه كلام ليس ممّا لا ينفكّ البكاء غالبا عنه فالمتجه فيه حينئذ ما ذكرنا سابقا في مثلهما من الحرفين في التنحنح من انه ان كان قاصدا اليهما كان مبطلا و الا فكالكلام سهوا غير مبطل بل انما يوجب سجدتى السّهو فتذكر

قوله فان الشرط يعتبر كونه متقدما على المشروط الى آخره

قلت و ذلك كالطّهارة و السّتر و الاستقبال فانها متقدمة على الصّلاة و مقارنة لها و الامر هاهنا ليس كذلك اذ التّروك المذكورة لا يتقدم على المشروط و انما يقارنه و اعلم ان هذا اى اشتراط التقدم في الشّرط مما اعتبره بعضهم في تفسير الشرط و في وجوب تقدّم الاستقبال و السّتر تامّل و الاظهر كما ذكره بعضهم ان يفسّر الجزء بما اشتمل [يشتمل] عليه الماهيّة او تلتئم منه من الافعال الوجوديّة المتلاحقة و الشرط بما سواه ممّا اعتبر في الماهيّة سواء كانت متقدمة ام لا و حينئذ تدخل تلك التروك في الشروط بما سواه مما اعتبر في الماهية سواء كانت من غير تجوّز و قيل الشرط ما يساوق جميع ما اعتبر في الصّلاة و الجزء ما يكون معتبرا فيها لا بمساوقة فان الطّهارة و الاستقبال تساوق الركوع و السجود و سائر افعال الصّلاة بخلاف الركوع مثلا فانه لا يصاحب جميع الافعال و على هذا أيضا فلا تجوّز في ادخال التّروك المذكورة في الشروط فتدبّر

قوله و ترك الفعل الكثير عادة

ذكر في المنتهى انه يجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن افعال الصّلاة فلو فعله عامدا بطلت صلاته و هو قول اهل العلم كافة لأنّه يخرج به عن كونه مصلّيا و القليل لا يبطل الصّلاة بالاجماع ثمّ نقل طرفاهما و ردّ من تجويز بعض الافعال القليلة في الصّلاة و لم يحدّ الشارع القلّة و الكثرة فالمرجع في ذلك الى العادة و كلما ثبت ان النّبى ص و الائمة عليه السلام فعلوه في الصّلاة او امروا به فهو من غير القليل كقتل البرغوث و الحبّة و العقرب و كما روى الجمهور عن النّبى ص انه كان يحمل امامة بنت ابى العاص فكان اذا سجد وضعها و اذ اقام رفعها انتهى و لا يخفى ان الاجماع يكفى حجة للحكم و امّا ما علّله به من انه يخرج به عن كونه مصلّيا ففيه تامّل لانه ان اريد به ان التوالى يعتبر عرفا في فعله كل شي ء فمع تخلّل الفعل الكثير بين اجزاء فعل لا يصدق عرفا انّه فعل ذلك الفعل بل ينسب اليه فعل كلّ جزء في وقته فالمنع عليه ظاهر بل الظاهر في اكثر الافعال صدق الفعل سواء وقع متواليا ام بفاصلة ام فواصل الا اذا انمحى صورته بالكليّة كما سنذكره و ان اريد عدم اطلاق خصوص المصلّى عرفا على من تخلّل الفعل الكثير بين اجزاء صلاته ففيه ان حقيقة الصّلاة ممّا لا يعرفه اهل العرف انه هل يعتبر فيها التوالى ام لا فربما لم يعتبر فيها التوالى كالغسل فكيف يحكمون بخروجه عن كونه مصلّيا بتخلّل الفعل الكثير بين اجزاء صلاته

ص: 245

و ربما يقوى الاحتمال المذكور ما روى انّ من سلّم في الركعتين ثمّ ذكر فليبن على صلاته و لو بلغ بالصّين و لا اعادة عليه اذ مع ملاحظة التجويز المذكور من اين لنا الحكم بوجوب التوالى فيها بلا دليل و ان اريد به خروجه عن كونه مصلّيا عرفا حين اشتغاله بذلك الفعل قليلا بين اجزاء الصلاة يطلق عليه المصلى عرفا حين اشتغاله بذلك الفعل أيضا بخلاف ما اذا كان كثيرا ففيه انه من اين علم ان عدم صدق المصلّى عليه في اثناء الصّلاة يوجب بطلانها لم لا يجوز ان يكون الصّلاة أيضا مثل الغسل في جواز تفريق اجزائه و عدم صدق الغاسل عليه فيما بينها سيّما اذا جاز فيها البناء و لو بلغ الصّين و أيضا الفعل الكثير يمكن ان يجتمع مع الاشتغال بالصّلاة كان يشتغل في اثناء قراءته و اذكاره بفعل لا ينافى القراءة و الذكر فحينئذ عدم صدق المصلّى عليه عرفا غير ظاهر مع ان ظاهره اختلافهم المنع عن الفعل الكثير عادة و بطلان الصّلاة به يشمله فالتعليل لا يفى بتمام المدّعى و بما فررنا ظهر ان ما ذكره المحقق الاردبيلى من ان دليل الحكم كانه الاجماع و الفعل الدّال على ان في الصّلاة اذا اشتغل يفعل يخرجه في العرف عن كونه مصلّيا و لا يقال معه انه مصلّ يبطلها و قيل بمثله في القراءة و السّكوت و رفع الصوت و غيرها فيه ما فيه و يمكن أيضا ان يعلّل الحكم مع الاجماع بانّ النّبى صلّى اللّه عليه و آله صلّى بدون اشتغاله بفعل يعتدّ به خارج عنها و الّا العادة بنقله ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله صلّوا كما رأيتمونى اصلّى فيجب علينا مثله الّا ما ثبت جواز الاشتغال به بدليل خارج من نصّ او اجماع و فيه أيضا تامّل و الاولى الاكتفاء بالاجماع و اللّه تعالى يعلم و امّا الروايات فلم اقف على شي ء منها يصلح حجة في هذا الباب و لكن فيها ما ربّما يناسب نقله كموثقة التهذيب باب كيفيّة الصّلاة و صفتها من الزيادات و الفقيه باب المصلّى تعرض له السّباع و الهوامّ عن عمّار السّاباطى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يكون في الصّلاة فيرى حيّة بحياله يجوز له ان يتناولها فيقتلها فقال ان كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخطّ و ليقتلها و الّا فلا و لا يخفى ان المنع في صورة الزّيادة عن الخطوة الواحدة يمكن ان يكون باعتبار استلزام الفعل الكثير حينئذ بخلاف ما اذا لم يزد لكن ينبغى ان يقيّد حينئذ بعدم الخوف كما قال في المعتبر بعد نقل الرّواية يعنى اذا لم يخف اذ لا منع مع الخوف و ان اوجب قطع الصّلاة و يمكن ان يحمل الخبر في الصّورتين على ما اذا استلزم قتلها الفعل الكثير و يقال ان مع قربها بما يتخطى يشتدّ الخوف غالبا فيجوز معه قتلها امّا باعتبار تجويز الفعل الكثير حينئذ في الصّلاة و استثناء هذه الصّورة من قاعدة المنع عن الفعل الكثير فيها او يحمل الكلام على انه فليقطع الصّلاة و ليخطّ و ليقتلها و فيه بعد و امّا مع بعدها بما لا يتخطى فلا يشتدّ الخوف فلا يكون مجوّزا لقتلها باحد الوجهين فلا يجوّز قتلها اص و يمكن أيضا ان لا يخصّ الخبر بما اذا استلزم القتل الفعل الكثير بل يقال ان مع قربها بما يتخطى له قتلهما مطلقا اما مع ايجابه الفعل الكثير فظاهر و امّا مع ايجابه له فلشدّة الخوف فله ذلك على احد ما ذكرنا من الوجهين و اما مع بعدها بما لا يتخطى فيحمل المنع على تعميم الكراهة فيكون في صورة ايجابه للفعل الكثير محمولا على الحرمة لعدم شدّة الخوف الموجبة لتجويز احد ما ذكرنا من الوجهين و في صورة عدم ايجابه له محمولا على الكراهة و لا بعد في كراهة الاشتغال في الصّلاة مع بعدها كذلك و عدم شدّة الخوف و ان لم يوجب الفعل الكثير و بما ذكرنا ظهر انه يمكن أيضا تنزيل الخبر في الصورتين على ما اذا لم يستلزم قتلها الفعل الكثير و حمل المنع في الصّورة الثانية على الكراهة فتدبّر و منها صحيحة التهذيب في الباب المذكور على الظاهر و كذا الكافى باب المصلّى يعرض له شي ء من الهوامّ عن حريز عمّن اخبره عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد ابق او غريما لك عليه مال او حيّة تخافها على نفسك فاقطع الصّلاة و اتبع الغلام او غريما لك و اقتل الحيّة و هذه الرّواية رواها في الفقيه أيضا باب المصلّى تعرض له السّباع و الهوامّ عن حريز بحذف

السّند عن ابى عبد اللّه عليه السلام بدون عمّن اخبره و طريقه اليه صحيح فيه لكن كانه لا تعويل عليه مع وجود عمن اخبره في الكتابين و لا يخفى ان اطلاق الحكم بقطع الصّلاة في هذه الصّورة الظاهر انه باعتبار استلزام الاشتغال باحد ما ذكر فيها الفعل الكثير غالبا لكن يشكل الاستدلال اذ الاكثر انه لا ينفكّ عن بعض المنافيات الاخرى أيضا كالاستدبار و الكلام فيمكن ان يكون بذلك الاعتبار و منها ما في صحيحة الفقيه باب ما يصلّى فيه و ما لا يصلّى فيه و في التهذيب باب ما تجوز الصّلاة فيه من اللّباس و المكان من الزيادات عن علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام و فيها و سأله عن الرّجل يكون في صلاته فرماه رجل فشجّه فسال الدّم فانصرف فغسله و لم يتكلم حتى يرجع الى المسجد هل يعتدّ بما صلّى او يستقبل الصّلاة قال يستقبل الصلاة و لا يعتدّ بشي ء ممّا صلّى و الظاهر فيه أيضا ان الاستقبال باعتبار الفعل الكثير و ان احتمل ان يكون باعتبار بعض المنافيات الاخرى الذى يلزم في الاكثر كما ذكرنا في الحديث السّابق و ربّما كان الاحتمال المذكور هاهنا ابعد اذ اكثريّة اللزوم هاهنا غير ظاهر بخلافها هناك سيّما مع التّصريح هنا بعدم التكلم فافهم و منها موثقة التهذيب و في البابين المذكورين عن سماعة و رواها في الفقيه أيضا الباب المذكور عن سماعة بحذف الاسناد و سنده اليه موثق حسن قال سألته عن الرّجل يكون قائما في الصّلاة الفريضة فينسى كيسه او متاعا يتخوف ضيعته او هلاكه قال يقطع صلاته و يحرز متاعه قال يستقبل الصّلاة قلت فيكون في الصّلاة الفريضة فتفلت دابّته فيخاف ان تذهب او يصيب منها عنتا فقال لا باس بان يقطع صلاته و ليس في الفقيه قوله عليه السلام ثمّ يستقبل الصلاة و زاد في آخر الحديث و يتحرّز و يعود الى صلاته و لا يخفى انه على ما في الكتابين الحكم بالقطع فيه أيضا كما ذكرنا في الحديثين السّابقين لكن ظاهر قوله في الفقيه و يعود الى صلاته هو البناء لا القطع فلا بدّ من ارتكاب خلاف ظاهر امّا في العود او في القطع فعلى الاول بحمل القطع على ظاهره و يحمل القطع على قطعها بالاشتغال في اثنائها بشي ء خارج عنها و ان لم يبطلها و حينئذ يحمل على ما اذا لم يستلزم ما ينافى الصّلاة من الفعل الكثير او الاستدبار او غيرهما فتأمل و منها بعض الرّوايات المتقدمة في بحث الكلام كصحيحة محمّد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يأخذه الرّعاف و القي ء في الصّلاة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه و يعود في صلاته و ان تكلم و رواية اسماعيل بن عبد الخالق قال سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم يصلّى المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فان وجد ماء قبل ان يتكلم فليغسل الرّعاف ثمّ ليعد فليبن على صلاته و منها رواية السّكونى عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليهم السلام انه قال في رجل يصلّى و يرى الصّبى يحبو الى النّار او الشاة تدخل البيت لتفسد الشي ء قال فلينصرف و ليحرز ما يخوّف و يبنى على صلاته ما لم يتكلم و لا يخفى ان ظاهرها البناء و ان اوجب الفعل الكثير فامّا ان يقال باستثناء امثال هذه

ص: 246

من قاعدة المنع عن الفعل الكثير او يخصّ بما اذا لم يوجب ذلك كما وجب تخصيصها بما اذا لم يحدث هنا في آخر أيضا كالاستدبار فتدبّر و منها الاخبار الواردة بجواز المشى في الصّلاة للّحوق بالصّف او فيما اذا وجد ضيقا في الصّف كصحيحة التهذيب باب احكام الجماعة و اقلّ الجماعة عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام انه سئل عن الرّجل يدخل المسجد و يخاف ان تفوته الركعة فقال يركع قبل ان يبلغ القوم و يمشى و هو راكع حتى يبلغهم و موثقته بابان باب فعل المساجد و الصّلاة فيها من الزيادات عن الفضيل بن يسار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اتمّوا الصّفوف اذا وجدتم خللا و لا يضرّك ان تتاخر اذا وجدت ضيقا في الصّف و تمشى منحرفا حتى يتم الصّف و مثلها صحيحته عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة الواردة في هذا الباب و منها رواية سعيد الأعرج الآتية في بحث جواز الشرب في الوتر لمريد الصيام و هو عطشان هذا و قد ظهر لك بما تلونا عليك ان ما نقلنا عن المنتهى ان كلما ثبت ان النّبى ص و الائمة عليهم السّلام فعلوه في الصّلاة او امروا به فهو من حيّز القليل محل تامل فان كثيرا منها يشمل بعمومها او اطلاقها ما اشتمل على الفعل الكثير أيضا و منها قتل الحيّة الذى [التى] ذكره هو أيضا في امثلته الا ان يحمل كلامه على انه يخصّ بما يكون في حيّز القليل بقرينة الاجماع المذكور و لا يخفى ان التخصيص في بعضها لا يخلو عن بعد و قد عرفت انه يمكن القول بالاستثناء أيضا و لعل هذا هو الظاهر في بعضها كما نقلنا من روايات المشى و رواية الوتر و امّا في بعضها فالقول باستثنائها مطلقا مع وجود احتمال التخصيص و ان كان بعيدا لا يخلو عن اشكال خصوصا فيما قصر من حيث السّند أيضا عن معارضة الاجماع و الاحوط فيها فيما لا يضطرّ اليه و لا مفسدة في تركه شرعا تركه و امّا مع الاضطرار او المفسدة الشرعية كاحتمال ضرر بنفس محترمة او مال يعتدّ به فالاحوط الاشتغال بما رخّص فيه ثمّ اتمام الصّلاة و اعادتها بقي شي ء و هو انّه قد ورد اخبار فيمن احدث في اثناء الصّلاة انّه ينصرف و يتوضّأ و يبنى على صلاته كصحيحة فضيل بن يسار و رواية ابى سعيد القماط المتقدمتين بحث الكلام و غيرهما و الظاهر ان الوضوء يعدّ في العرف كثيرا و ان حضر الماء و لم يحتج الى خروج و عود فكيف مع الحاجة اليهما مع اطلاق تلك النصوص بل التصريح في بعضها بالخروج و الانصراف فعلى تقدير العمل بذلك الرّوايات كما اختاره الشيخ و ابن ابى عقيل و قوّاه في المعتبر كانه لا بد من القول بكونه مستثنى من القاعدة لا حمل الكثير على ما زاد على امثال ذلك و اللّه تعالى يعلم

قوله و هو ما يخرج به فاعله عن كونه مصلّيا عرفا

قد ظهر بما نقلنا في الحاشية السّابقة عن النفلية ان الاجماع انما يدل على ترك الفعل الكثير و انهم جعلوا بناء الكثرة على العرف و العادة لعدم تحديدها شرعا لكنها علّلوا المنع بانّه يخرج به عن كونه مصلّيا و يدل على ذلك كلّه كلام المعتبر أيضا فانه قال الفعل الكثير الخارج عن افعال الصّلاة يبطلها و عليه العلماء لانه يخرج به عن كونه مصلّيا و هى ما سمّى في العادة كثيرا انتهى و على هذا فتفسير الشارح الفعل الكثير بما ذكره مأخوذ من التعليل الذى ذكروه و قد عرفت انّ مرادهم منه غير واضح فالظاهر اعتبار الكثرة العرفية من غير نظر الى التعليل المذكور ثمّ الحكم بانّ ذلك يختلف باختلاف الافعال فان حركة الأصابع و نحوها و ان كثرت لا تعدّ فعلا كثيرا عرفا الا اذا كانت متفاحشة و في الذكرى اعتبر الأمر ان الكثيرة مع الخروج فقال يحرم الكثير الخارج عن الصّلاة اذا خرج به عن كونه مصلّيا لسلب اسم الصّلاة فلا يبقى حقيقتها و فيه أيضا ما اشرنا اليه من الاشتباه في الحدّ المخرج ثمّ ان الشارح رحمه الله لمّا رأى جريان التعليل في بعض الافعال التى لا تعدّ كثيرا باعتبار انّه يعدّ عرفا منافيا لوضع الصّلاة فيخرج به أيضا عن كونه مصلّيا كالوثبة الفاحشة فصرّح بشمول الفعل الكثير بالمعنى الذى اراده و فسّره به لتلك الافعال ايضا و ان لم تعدّ كثيرة عرفا و لا يخفى ان حكم العرف بذلك غير ظاهر لعدم معرفة لهم بما يعتبر في الصّلاة و ما ينافيها سوى ما بيّن و حدّد في الشرع فما لم يثبت منافاة شي ء لها شرعا لا يحكمون بمنافاته لها و لا دليل على منافاة مثل تلك الافعال لعدم نصّ في هذا الباب و الإجماع المنقول أيضا لا يشمله لانه وقع في الفعل الكثير و هذا لا يدخل فيها و على تقدير حكم العرف بذلك فالاعتبار بحكمه في امثال هذه الامور غير ظاهر اذ الصّلاة حقيقة شرعيّة يجب ان يراعى فيها ما اعتبر فيها في الشرع و لا عبرة بحكم العرف و اهله و انما يعتبر حكمهم فيما لم يبيّن حقيقته و حدوده شرعا و يؤيّد ما ذكرنا انه قد ورد في النصوص بتجويز بعض الافعال التى لو لا النّصوص لظنّ فيها أيضا كونها منافية لوضع الصّلاة كالوثبة الفاحشة و ذلك كما نقله الشارح من حمل امامة و حسنة التهذيب باب كيفية الصّلاة من الزيادات عن مسمع قال سألت ابا الحسن عليه السّلام فقلت اكون اصلّى فتمرّ بى الجارية فربما ضمتها اليّ قال لا باس و كموثقته في الباب المذكور عن عمار السّاباطى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا باس ان تحمل المرأة صبيّتها و هى تصلّى و ترضعه و هى تتشهّد و بالجملة فعندى ان الاعتبار في امثال هذه بحكم العرف و اهله ممّا لا وجه له و العلّامة رحمه الله أيضا في ية حكم بما حكم به الشارح لكنه على اشكال فقال و الفعلة الواحدة اذا فرطت ابطلت على اشكال كالوثبة الفاحشة و كذا المحقق الشيخ على رحمه الله مع الاشارة الى تردّد حيث قال و قد يفحش الفعل كالظفرة الفاحشة فيكون كثيرا مبطلا على تردّد اظهره الابطال لانتفاء صدق الصّلاة معه و قد ظهر بما ذكرنا ان الاظهر عدمه لكن ينبغى رعاية الاحتياط في كلّ باب و اللّه الموفّق للصواب

قوله و يعتبر فيه التوالى

لا يخفى انه لا وجه لهذا التحقيق على ما ذكره من تفسير الفعل الكثير و هو ما خرج فاعله به عن كونه مصلّيا عرفا فان كلما كان سببا للخروج المذكور يجب ذكره سواء كان متواليا ام لا و ما لم يكن كذلك فلا منع عنه و ان كان متواليا نعم انما يتجه ذلك على اعتبار الكثرة العرفيّة على ما نقلنا من هى و المعتبر اذ حينئذ يمكن الاتيان بالفعل الكثير عرفا في جميع الصّلاة من غير ان يكون منافيا لها كما نقل من حمل امامة فانّه اذا اعتبر جميع مرّات حملها و وضعها فلا شكّ انه يعدّ كثيرا عرفا فلا بدّ من اعتبار التوالى ليتحرّز عنه و لا يخفى انه حينئذ و ان حصل الاحتراز المذكور لكن يشكل بانه يمكن فرض الفعل الكثير بحيث يخرج به عن الصّلاة مع عدم التوالى أيضا كان يكثر الافعال الخارجة كثرة بالغة بحيث لا يطلق عليه المصلّى معها عرفا و ان تخلل بين كل اثنين او ثلاثة منها شي ء من افعال الصّلاة فالظاهر انهم لا يجوّزون مثل هذا الفعل مع عدم التوالى فعلى اعتبار التوالى لا يعلم المنع منه من كلامهم بل يظهر منه تجويزه فالأولى ان ملّاك الامر هو اطلاق الكثرة عرفا و ينبّه على انّ ذلك قد يختلف باعتبار توالى الأفعال و تفريقها فربّما تعدّ كثيرة عرفا مع التوالى و لا تعدّ كثيرة مع التفريق و هذا لا ينافى ان يعدّ بعضها كثيرة مع التفريق أيضا كما في الصّورة التى فرضناها

ص: 247

و يمكن ان يحمل التوالى عرفا و حينئذ فكانه يرجع الى ما ذكرنا فان الافعال الكثيرة مع تواليها حقيقة او قربها من التوالى يعدّ في العرف متوالية و يطلق عليها الكثير بخلاف ما اذا تخلّل بينها فصل يعتدّ به من اجزاء الصّلاة اذ لا تعدّ كثيرة لعدم تواليها عرفا فتفطّن

قوله ثمّ ان المصنف رحمه الله في الذكرى تردّد في اعتبار التوالى فانه قال لو كان الفعل الكثير متواليا ابطل قطعا و لو تفرّق بحيث حصلت الكثرة باجتماع اجزائه و كل واحد منها لا يعدّ كثيرا ففى ابطال الصلاة به وجهان من وجود ما ينافى الصّلاة مجتمعا فكذا متفرقا و من خروجه بالتفرق عن الكثرة عرفا و حديث حمل امامة يقوى اشتراط التوالى انتهى و لا يخفى قوّة الوجه الثانى و ضعف الاول جدّا و الاظهر ان توجه الاول بان الاجماع وقع على المنع عن الفعل الكثير في الصّلاة و هذا منه و هذا و ان كان لا يخلو عن وجه لكن الثانى اقوى منه أيضا و يمكن ان يقال أيضا انهم و ان اطلقوا الفعل الكثير لكن يظهر من تعليلهم اعتبار الخروج به عن الصّلاة عرفا و مع التفرق لا يتحقق ذلك فتحقق الاجماع فيه غير ظاهر و لا دليل على المنع غيره فيبقى الاصل سالما عن المعارض فتأمل

قوله في المجتمع منها

اى التوالى منها و ما اجتمع منها في نفس الامر لا مع تقدير الاجماع فكلامه ليس على سياق ما نقلنا عن الذكرى فانه فرض بالاجماع اجزائه اى على تقدير اجتماعها فافهم

قوله و من هنا كان النّبى صلّى اللّه عليه و آله

هذه الرّواية من طرق الجمهور كما نقلنا عن هى و كانه من هذا القبيل ما رواه في الفقيه باب ما يصلّى فيه عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه صلّى الحسين بن علىّ عليهما السلام في ثوب قد فلص عن نصف ساقه و قارب ركبتيه ليس على منكبيه منه الا قدر جناحى الخطاف و كان اذا ركع سقط عن منكبيه و كلما سجد يناله عنقه فردّه على منكبيه بيده فلم يزل ذلك دأبه مشتغلا به حتى انصرف

قوله يحمل امامة و هى ابنة ابنته

امامة بنت ابى العاص بن الرّبيع بن عبد العزّى بن عبد الشّمس امّها زينب بنت رسول اللّه ص زوّجها علىّ بن أبي طالب عليه السلام بعد فاطمة عليها السلام و هى بنت اختها امرته بذلك فاطمة عليه السلام زوّجها منه الزّبير بن العوام لان اباها اوصى بها اليه لها ذكر في الصّلاة كذا في جامع الاصول لابن الأثير

قوله و لا يقدح القليل

و ذلك للاصل خرج منه الكثير بالاجماع فيبقى الباقى و يدلّ عليه ايضا روايات وردت في افعال خاصّة كحسنة الحلبى بإبراهيم في الكافي باب المصلّى يتعرّض له شي ء من الهوام و في التهذيب باب كيفية الصّلاة من الزيادات عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقتل البقة و البرغوث و القمّلة و الذّباب في الصّلاة أ ينقض صلاته و وضوئه قال لا و رواها في الفقيه أيضا باب المصلّى تعرض له السّباع عن الحلبى و طريقه اليه صحيح و صحيحة الكافى أيضا في الباب المذكور و ان كان فيه كلام باعتبار محمد بن عيسى عن يونس عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان وجدت قمّلة و انت تصلّى فادفنها في الحصى و روى مثله في التهذيب الباب المذكور عن ابى حمزة مقطوعا قال ان وجدت قملة و انت تصلّى فادفنها في الحصى و فيه أيضا حسنة الحسين بن ابى العلا او صحيحته قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يقوم في الصّلاة فيرى القملة قال فليدفنها في الحصى فانّ عليّا عليه السلام كان يقول اذا رايتها فادفنها في البطحاء و في الفقيه أيضا الباب المذكور سأل محمد بن مسلم ابا جعفر عليه السلام عن الرجل تؤذيه الدّابة و هو يصلّى قال يلقيها عنه ان شاء او يدفنها في الحصى و فيه أيضا سأل الحلبى ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يحنّك و هو في الصّلاة قال لا باس و فيه أيضا باب ما يصلّى فيه و ما لا يصلّى فيه في صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه عليه السلام و عن الرّجل تحرّك بعض اسنانه و هو في الصّلاة هل ينزعه قال ان كان لا يدميه فلينزعه و ان كان يدمى فلينصرف و فيها ايضا و عن الرّجل يكون به الثالول او الجرح هل يصلح له ان يقطع الثالول و هو في صلاته او ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و يطرحه قال ان لم يتخوف ان يسيل الدّم فلا باس و ان تخوّف ان يسيل الدم فلا يفعله و فيها أيضا عن الرّجل يرى في ثوبه خرء الطّير او غيره هل يحكه و هو في صلاته قال لا باس و في الفقيه ايضا باب المصلّى يريد الحاجة رواية زكريّا الاعور قال رايت ابا الحسن عليه السلام يصلّى قائما و الى جانبه رجل كبير يريد ان يقوم و معه عصا له فاراد ان يناوله فالحظ ابو الحسن عليه السلام و هو قائم في صلاته فناول الرّجل العصا ثمّ عاد الى موضعه الى صلاته و هذه الرواية في التهذيب أيضا الباب المذكور و فيه أيضا رواية ابى الوليد و كانه ذريح المحاربىّ الثقة فالخبر صحيح قال كنت جالسا عند ابى عبد اللّه عليه السلام فسأله ناحية ابو حبيب فقال له جعلني اللّه فداك انّ لى رحال اطحن فيها فربما قمت في ساعة من اللّيل فاعرف من الرحا انّ الغلام قد نام فاضرب الحائط لأوقظه فقال نعم انت في طاعة اللّه عزّ و جلّ تطلب رزقه و حكى في الفقيه ايضا مرسلا في الباب المذكور سؤال ابى حبيب و جوابه عليه السلام بهذا المضمون بعينه و ان كان بينهما بعض الاختلافات في اللفظ و فيهما أيضا في البابين المذكورين رواية محمد بن يحيل قال رايت ابا عبد اللّه عليه السلام يصلّى فمرّ به رجل و هو بين السّجدتين فرماه ابو عبد اللّه عليه السلام بحصاة فاقبل اليه الرجل و في التهذيب في الباب المذكور صحيحة معاوية بن وهب البجلي قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّعاف أ ينقض الوضوء قال لو انّ رجلا رعف في صلاته و كان عنده ماء او من يشير اليه بماء فيناوله براسه فغسله فليبن على صلاته لا يقطعها و مثلها حسنة الحلبى بإبراهيم المتقدّمة بحث الكلام عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرّجل يصيبه الرّعاف و هو في الصّلاة فقال ان قدر على ماء عنده يمينا او شمالا بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثمّ ليصلّ ما بقي من صلاته و ان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه او يتكلّم فقد قطع صلاته و كذا صحيحة عمر بن يزيد في الفقيه باب صلاة المريض و المغمى عليه عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرّجل يرعف و هو في الصّلاة و قد صلّى بعض صلاته فقال ان كان الماء عن يمينه او عن شماله او عن خلفه فليغسله من غير ان يلتفت و ليبن على صلاته فان لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصّلاة قال و القي ء

مثل ذلك و في التهذيب أيضا الباب المذكور صحيحة علىّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرّجل يكون في صلاته فيستأذن انسان على باب فيسبّح و يرفع صوته و يسمع جاريته فتأتيه فيريها بيده انّ على الباب انسانا هل يقطع ذلك صلاته و ما عليه فقال لا باس لا يقطع ذلك صلاته و فيه أيضا الباب المذكور و في الكافى أيضا باب ما يقطع حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرّجل يريد الحاجة و هو في الصّلاة فقال يومئ براسه و يشير بيده و المرأة اذا ارادت الحاجة و هى تصلّى تصفق بيدها و زاد في الكافى بعد قوله بيده و يسبّح و هذه الرّواية في الفقيه أيضا عن الحلبى باب المصلّى يريد الحاجة مع قوله و يسبّح و فيه أيضا مثلها عن عبد اللّه بن ابى يعفور بدون و يسبّح و طريقه اليهما صحيح و فيه أيضا بعد رواية الحلبى و سأله حنان بن سدير و طريقه اليه صحيح و موثقة واقفىّ أ يؤمى الرّجل في الصلاة فقال نعم قدار ماء النّبى ص في مسجد من مساجد

ص: 248

الأنصار بمحجن كان معه قال حنّان و لا اعلم الّا مسجد ابن عبد الاشهل المحجن بتقديم الحاء المهملة على الجيم عصا معوج الراس كالصّولجان و فيه أيضا بعد رواية حنان و سأله عمار بن موسى عن الرجل يسمع صوتا بالباب و هو في الصّلاة فليتنحنح ليسمع جاريته و اهله لتاتيه فيشير اليها بيده ليعلمها بالباب لينظر من هو فقال لا باس به و عن الرّجل و المرأة يكونان في الصّلاة فيريد ان شيئا أ يجوز لهما ان يقولا سبحان اللّه فقال نعم و يؤميان الى ما يريدان و المرأة اذا ارادت شيئا ضربت على فخذها و هى في الصّلاة و فيه أيضا باب احكام السّهو في الصّلاة عن عبد الله بن المغيرة و طريقه اليه حسن بإبراهيم بن هاشم و يقوّيه أيضا طريق آخر انّه قال لا باس ان يعدّ الرّجل صلاته بخاتمه او بحصى يأخذ بيده فيعدّ به و فيه أيضا باب دعاء قنوت الوتر عن عبد اللّه بن ابى يعفور و طريقه اليه صحيح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال استغفر اللّه في الوتر سبعين مرّة و تنصب يدك اليسرى و تعدّ باليمنى الاستغفار و فيه أيضا ما يسجد عليه و ما لا يسجد عليه انه روى عن علىّ بن يحيل انه قال رايت جعفر بن محمّد عليهما السلام كلّما سجد فرفع رأسه اخذ الحصى من جهته فوضعه على الارض و فيه أيضا و قال يونس بن يعقوب رايت ابا عبد اللّه عليه السلام يسوى الحصى في موضع سجوده بين السّجدتين و رواه في التهذيب أيضا الباب المذكور عن يونس بن يعقوب بسند موثق و في الكافي باب وضع الجبهة على الارض رواية عبد الملك بن عمرو قال رايت ابا عبد اللّه عليه السلام سوّى الحصى حين اراد السّجود و في التهذيب باب احكام السّهو من الزّيادات رواية حبيب الخثعمىّ قال شكوت الى ابى عبد اللّه كثرة السّهو في الصّلاة فقال احص صلاتك بالحصى او قال احفظها بالحصى هذه هى الرّوايات التى وقع اليها نظرى في هذا الباب في الكتب الثلاثة و ربما كان فيها غيرها أيضا و لكن كان فيما نقلناه كفاية و لا يبعدان يستنبط من جملتها المنع عن الافعال الخارجة عن الصلاة فيها في الجملة و انه لا يجوز للمصلّى ان نفعل فيها ما يشاء و هذا ربّما يشيّد ما اجمعوا عليه من المنع عن الفعل الكثير فتأمل

قوله و مسح الجبهة

هذا أيضا من المنصوص اذا نصّ بها التراب ففى التهذيب في الباب المذكور صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته أ يمسح الرّجل جبهته في الصّلاة اذا لصق بها تراب فقال نعم قد كان ابو جعفر عليه السلام يمسح جهته في الصّلاة اذا لصق بها التراب و امّا النصوص الواردة في قتل الحيّة و العقرب فقد تقدم منها اوّل البحث موثقة عمّار في جواز قتل الحية اذا كان بينه و بينها خطوة و كذا مرسلة حريز المشتملة على قطع الصّلاة و قتل الحيّة و قد تكلّمنا عليهما هناك و لا يخفى ان من اطلق جواز قتل الحيّة في الصّلاة و حكم بكونه منصوصا كالش رحمه الله ليس نظره الى تينك الرّوايتين بل الى روايات اخرى كصحيحة التهذيب في الباب المذكور و في باب المصلّى تعرض له شي ء من الهوامّ عن محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يكون في الصّلاة فيرى الحيّة او العقرب يقتلهما ان آذياه قال نعم و حسنة التهذيب او صحيحته في الباب المذكور و الفقيه باب المصلّى تعرّض له السّباع و الهوام عن الحسين بن ابى العلا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرّجل يرى الحيّة و العقرب و هو يصلّى المكتوبة قال يقتلها و في الفقيه بضمير التثنية و رواية الفقيه باب ما يصلّى فيه و ما لا يصلّى عن زرارة و طريقه اليه صحيح عن ابى جعفر عليه السلام انه قال رجل يرى العقرب و الافعى و الحيّة و هو يصلّى أ يقتلها قال نعم ان شاء فعل و لا يخفى انه ليس في شي ء من تلك الرّوايات التّصريح بعدم فساد الصّلاة فربما كان المراد تجويز القتل لما يعرض له من الخوف و ان لزم منه قطع الصّلاة و على هذا فيبنى فساد الصّلاة و عدمه على ما يقتضيه حكم الشرع فيه و ان اوجب فعلا كثيرا او غيره من المنافيات يبطل الصّلاة و الّا فلا و كان في الرّوايتين المتقدمتين لا سيّما الثانية ما يؤيّد هذا و امّا اذا حملت على جواز ذلك مع صحة الصّلاة و انّه يبنى عليها كما هو ظاهر الجماعة فالظاهر ان يقال باستثناء ذلك من قاعدة الفعل الكثير لا ادخال ذلك مطلقا في القليل كما هو ظاهرهم لما عرفت انّهم جعلوا بناء القلة و الكثرة على العرف و كانّه لا مجيد أيضا عنه و لا شكّ ان قتل الحية قد يحتاج الى فعل كثير عرفا و يمكن حمل كلامهم على ان قتلها من حيث هو قتلها اذا لم يحتج الى فعل كثير خارج لتحصيل آلة او نحوه فعل قليل و على هذا فيتّجه ما ذكروه و الاحوط فيما اذا احتاج قتلها الى فعل كثير مع عدم الخوف قتلها و البناء ثمّ الاعادة و اللّه تعالى يعلم

قوله و ترك السّكوت الطويل

قد سكت الاكثر عنه و ذكره جماعة قال العلّامة رحمه الله في القواعد و السّكوت ان خرج به عن كونه مصلّيا مبطل و الّا فلا و قال في ية و كما ان الكلام مبطل و كذا السكوت الطويل اذا خرج به عن كونه مصلّيا و ذكر المصنف في الذكرى ان ظاهر الاصحاب انه كالفعل الكثير و انت تعلم انّ الاجماع فيه غير ظاهر فلا يمكن الاحتجاج به هاهنا هو ما ذكروه هناك أيضا من التّعليل و هو الخروج به عن كونه مصلّيا و قد عرفت ما فيه او ما ذكرنا هناك ايضا من حديث صلاة النّبى صلّى اللّه عليه و آله و كوننا مامورين بان نصلّى مثله مع ظهور انّ صلاته صلّى اللّه عليه و آله لم يكن فيه سكوت طويل و الّا لنقل و فيه أيضا تامّل كما اشرنا اليه هناك أيضا و لكن الاحتياط واضح مع عدم داع فيه الى خلافه غالبا

قوله و لو خرج به عن كونه قارئا

قال في الذكرى بعد ما حكم بوجوب الموالاة في القراءة و لو سكت في اثنائها بما يزيد عن العادة فان كان لانه ارتج عليه فطلب التذكر لم يضرّ الا ان يخرج عن كونه مصلّيا و ان سكت عمدا لا لحاجة حتى خرج عن كونه قاريا استأنف القراءة و لو خرج عن كونه مصلّيا بطلت انتهى و كلامها كما ترى يدلّ على ان للسكوت حدّا يخرج به عن كونه مصلّيا و حدّا يخرج به عن كونه قاريا و لا يخرج به عن كونه مصلّيا كلّ ذلك ممّا لم يتّضح لى كما يتضح لك وجهه بعد التأمّل فيما حققنا في الفعل الكثير ثمّ الحكم باستيناف الصّلاة في الحدّ الاول و القراءة في الحدّ الاخير هل هو مقيّد بالعمد كما قيّده في الذكرى في الاخير او يجب الاستيناف مطلقا سواء كان عمدا او سهوا الكلام فيه كما في الفعل الكثير و سيجي ء تحقيقه فانتظر

قوله بطلت القراءة خاصّة

و يحتمل بطلان الصّلاة أيضا مع التعمّد على رأى من حكم بحرمة القران و كونه مفسدا للصّلاة كالشيخ في النهاية لو عمّم فيه بحيث يشمل زيادة بعض سورة على السّورة الواحدة و لو كانت من تلك السّورة او الفاتحة بدون غرض صحيح كالاصلاح كما فعله المحقق الشيخ على رحمه الله و كذا الشارح رحمه الله لتحقق القران حينئذ بدون غرض صحيح و فيه ان القراءة ثانيا بعد السّكوت المبطل للاولى لها غرض صحيح لوجوب القراءة عليه مع بطلان الأولى فلا بدّ من الاتيان بها ثانيا و ان لم يكن لابطالها و اعادتها غرض صحيح فافهم

قوله و ترك البكاء

هذا الحكم اى وجوب ترك البكاء للامور الدنيوية في الصّلاة و بطلان الصّلاة بها ذكره الشيخ و جماعة من الاصحاب و لم ار فيهم مصرّحا بالخلاف و قال في المدارك ظاهرهم انّه مجمع عليه فان ثبت الاجماع فذاك و الا فللتأمّل فيه مجال لانهم استدلوا عليه بانه ليس من افعال الصّلاة فكان قاطعا كالكلام و برواية ابى حنيفة الآتية رواها التهذيب باب كيفيّة الصّلاة من الزيادات و الاول قياس محض و الرواية ضعيفة جدّا باشتمالها على عدّة

ص: 249

من الضّعفاء فيشكل التّعويل في هذا الحكم المخالف للاصل عليهما و ذكر في الفقيه أيضا باب وصف الصّلاة من فاتحتها الى خاتمتها انه روى ان البكاء على الميّت يقطع الصّلاة و البكاء لذكر الجنّة و النّار من افضل الاعمال و الظاهر انه اشارة الى رواية ابى حنيفة و على تقدير ان يكون غيرها أيضا فلا يصلح للتعويل و مع ذلك فالرّوايتان مخصوصتان بالبكاء على الميّت فلا يدلّان على تمام المدعى لكن ينبغى رعاية الاحتياط في كلّ باب و اللّه الموفّق للصواب

قوله و هو ما اشتمل منه على صوت

قلت نقل في شرح الارشاد عن الجوهرى انه قال البكاء تمدّ و تقصر فاذا مدّت اريدت الصّوت الذى يكون مع البكاء و اذا قصرت اريدت الدّموع و خروجها قال الشاعر بكت عينى و حقّ لها بكاها و ما يفنى البكاء و لا التعويل انتهى و لا يخفى ان المستفاد من كلام الجوهرى انّ البكاء بالمدّ هو الصّوت الذى يكون مع البكاء البكاء المشتمل على الصوت كما ذكره الشارح الا ان يحمل كلام الشارح على بيان المراد بالبكاء لا اصل المعنى اللغوى ثمّ لا يخفى ان ضمير منه في كلام الشارح ينبغى ان يرجع الى البكاء مقصورا ففيه نوع من الاستخدام فلا تغفل

قوله مع احتماله لانه البكاء مقصورا

فيحتمل حمل النصّ عليه فهذا دليل لقوله مع احتماله و قوله و الشّك مبتداء و قوله و اصالة عطف عليه و قوله معارض خبر المبتدأ و المراد كما افاده سلطان العلماء انه لو قيل من جانب الاحتمال المرجوح و هو حمل البكاء على المقصور انّ الوارد في النصّ مشكوك فيه انّه مقصور او ممدود و الاصل عدم المدّ فيحكم بالمنع و البطلان في المقصور أيضا قلنا هذا معارض باصالة صحة الصّلاة الى آخره و يمكن ان يقرأ الشّك بالجرّ عطفا على المجرور في لانّه و يكون من تتمّة دليل الاحتمال و يكون

قوله و اصالة

بالرّفع على الابتداء الى آخره اشارة الى السّؤال و الجواب المذكورين و فيه بعد و الاظهر على تقدير الخبر ان يجعل قوله لانه دليل على ما فسّره اوّلا لا لقوله مع احتماله مهملا محالا على ما يستنبط من كلامه و يكون حاصل الدليل ان خروج الدّمع هو البكاء مقصورا و ما ورد منه في النصّ مشكوك انه مقصور او ممدود فلا يحكم بالمنع و البطلان الا في الممدود اقتصارا على المتيقن و يكون قوله و اصالة عدم المدّ الى آخره اشارة الى المعارضة من جانب الاحتمال المرجوح مع جوابها و على الوجوه قوله فيبقى الشك الى آخره من تتمة جواب السؤال لكن يظهر منه على الاوليين دليله على تفسيره المختار فلذا لم يتعرّض له قبله و على الثالث يظهر منه دليل آخر لان ما قبل السّؤال و الجواب بضميمة ما ذكرنا بقولنا فلا يحكم بالمنع و البطلان الى آخره و دليل تامّ له و قوله فيبقى الشّك اشارة الى دليل آخر له و يمكن على الوجه الاخير ان لا يجعل قوله فيبقى الشك من تتمة جواب السؤال بل يقال انّ جوابه قد تم عند قوله معارض باصالة صحة الصّلاة و قوله فيبقى الشّك الى آخره متفرّعا على ما سبقه من الشّك و السؤال و الجواب تتمة الدليل و حينئذ فلا يحتاج في توجيه كلامه الى الضميمة التى ذكرناها و لعل هذا التوجيه ادق و اولى و ان كان الاول اظهر فتدبّر

قوله و الشّك في كون الوارد منه في النصّ قلت النص

هو ما روى عن ابى حنيفة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن البكاء في الصّلاة أ يقطع الصّلاة قال ان بكى لذكر جنّة او نار فذلك هو افضل الأعمال في الصلاة و ان كان ذكر ميّتا له فصلاته فاسدة و لا يخفى انه ليس في كلامه عليه السلام لفظ البكاء حتّى يقال اصالة عدم المدّ الا ان يقال انّ وجوده في كلام السّائل كاف في المرام و ذلك لانّ الظاهر انه مراد السّائل او يقال ان الاصل عدم ارادة الزائد عن خروج الدّمع لكن لا يخفى ضعف التمسّك بمثل هذا الاصل نعم يمكن ان يقال ان الظاهر من البكاء عرفا هو اخراج الدّمع مطلقا فحملها على خصوص ما كان من الصّورة بعيد بل هذه التفرقة و حديث الصوت و عدمه لم يشتهر بين اللّغويين ايضا و لذا لم يتعرّض لها في القاموس فالظاهر منها لغة أيضا هو الاطلاق الّا انه لما كانت الرواية ضعيفة السّند جدّا فلا يبعد الاقتصار في البطلان المخالف للاصل على موضع الاجماع او الشهرة العظيمة و هو ما كان مع الصوت لم يوجد الّا في كلام الشارح و من يحذو حذوه من المتاخرين لا في كلام القدماء الذين يعتدّ بفتاواهم الا ان يقال ان المتيقن من فتاواهم أيضا ليس الا ما كان مع الصوت لاحتمال المدّ في كلامهم أيضا و ان بعد فيقتصر على المتيقن و الاحوط التحرّز عنه مطلقا في الصّلاة ما امكن و اذا وقع مقصورا ان يتم الصّلاة و يعيدها و لو فعل ذلك في الممدود أيضا لكان احوط و اللّه تعالى يعلم

قوله فيبقى الشك في عروض المبطل الى آخره

قلت لا يخفى ان اصالة صحة الصّلاة ليست الا باعتبار الشك في عروض المبطل و كون المقصور مبطلا و ذلك لانه اذا اتى بافعال امر بها الشارع و لم يتعرض ما يعلم كونه مبطلا بل ما يحتمل ذلك فالأصل صحتها و عدم كون ذلك الامر مبطلا و اذا تعارض هذا الاصل مع اصالة عدم المدّ تساقطا و لا يبقى اصل آخر يرجّح جانب الصحة و يقتضى بقاء حكمها و لو وجه بما افاده سلطان العلماء من ان الاصل الآخر هو اصالة بقاء الصحة السابقة على عروض البكاء فانما يتم في بعض الصور و هو ما اذا كان عروض البكاء بعد سبق بعض افعال الصّلاة و امّا اذا عرض في اوّلها فلا و هو ظاهر بل يمكن ان يقال حينئذ باصالة بقاء عدم الاتيان في الصّلاة بعد فتدبّر

قوله و انما يشترط ترك البكاء للدّنيا

قد عرفت ان النص الذى جعلوه مستند الحكم مخصوص بالبكاء لذكر ميّت له لكنّهم اطلقوا البكاء للدّنيا فربما كان لهم في الابتداء مستند آخر لم يصل الينا او انهم زعموا امكان قياس غيره من الامور الدّنيويّة عليه بطريق اولى و ان كان فيه ما فيه و ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد ان الظاهر ان البكاء لفقد الميّت لا يطلق عليه الامر الدّنيويّة الا ان يضمّ اليه شي ء و يبعد كونه مطلقا كذلك فانه نقل عنه صلّى اللّه عليه و آله البكاء على ابراهيم و كذلك عن الائمة و يبعد ارتكابهم عليهم السلام امرا يكون محض دنيوىّ و لا يحصل عليه الثواب مع انّا نجد انّ الاخبار دالّة على حصول الثواب للبكاء و الّا لم يفقد المحبوب خصوصا الولد فكونه مجرّد امر دنيوىّ مستبعد نعم لو ضمّ اليه امر دنيوىّ كما يوجد في كثير من الناس انه ما بقي له احد بعينه و يعاونه فلا يبعد و اللّه يعلم انتهى و لا يخفى ان الأشكال في دخوله في الامر الدّنيوى مع صراحة مستند الحكم فيه بل اختصاصه به ممّا لا يجدى اصلا و كان نظره رحمه الله الى ضعف المستند و عدم صلاحيّته للحكم به و احتمال ان يكون الحكم اجماعيّا او يكون هو المستند فحينئذ ينبغى تحقيق دخول ذلك في الامر الدنيوى اذ الاجماع لو وقع فقد وقع في البكاء للامور الدنيويّة او للدنيا كما وقع في عبارات الاصحاب فلا بدّ حينئذ من تحقيق ما يدخل فيه ما ذكروه من استبعاد كونه مطلقا كذلك لما نقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليه السلام من البكاء لذلك و لا يبعد ارتكابهم عليهم السلام امرا يكون محض دنيوىّ و لا يحصل عليه الثواب فيه تامّل اذ يكفى في فعلهم عليهم السلام لذلك كون ذلك امرا جبليّا و انّهم لم يؤمروا بالمنع عنه و لا حاجة فيه الى حصول ثواب بذلك و ما ذكره أيضا من وجدان الاخبار دالّة على حصول البكاء و الّا

ص: 250

لم نكونه مجرّد امر دنيوىّ مستبعد محلّ تامّل أيضا فان ما وجدنا من الاخبار في ذلك لا يدلّ على حصول الثواب بذلك باعتبار حسن صدور ذلك و فعله حتى يستبعد كونه امرا دنيويّا بل انما تدل على حصول الثواب بذلك باعتبار انّه مصيبة و محنت و مشقّة و صلّت اليه فاللّه سبحانه يتفضّل عليه بتداركها في الآخرة و هذا لا يفيد استبعاد كونه امرا دنيويّا نعم لو منع على تقدير وقوع الإجماع في البكاء للدّنيا او للامور الدنيوية كون مطلق البكاء للولد و بعض الأحبّة منه بناء على ان المتبادر منه ما يكون لفقد مال و جاه و نحوهما الذى يشعر بخسّة النّفس و دناءة الهمّة لا ما حبّل عليه الطبع عند فقد الاحبّة لكان له وجه و امّا الوجوه التى ذكرها فلا يصلح سندا لذلك فتأمل ثمّ قال رحمه الله بعيد ذلك و أيضا يدلّ على عدم كون البكاء لفقد المحبوب من الامور الدّنيوية ما ذكر من الثّواب للبكاء على رسول اللّه و اهل بيته عليهم السلام سيّما على الحسين عليه السلام مع عدم النظر الى الامور الاخرويّة بل لمجرّد الفقد شفقة و محبّة لهم عليهم السلام فتأمل انتهى و الظاهر ان المحبوب الذى مثّل البكاء للدّنيا بالبكاء عليه اريد به المحبوب الذى يكون حبّه باعتبار قرابة او صداقة او انس و نحوها و لو كان باعتبار وصول نفع دنيوىّ منه اليه او اعتقاد امكان وصوله فالامر اظهر و امّا ما كان حبّه للدّين بل عينه كرسول اللّه و الأئمّة عليهم السلام فالبكاء عليه للدّين لا للدّنيا و ان وقعت لمجرّد حبّهم عليهم السلام من غير التفات الى كونه مندوبا اليها و لو وقعت بسبب ذلك فالأمر اظهر و لا يخفى انّ ميّتا له الوارد في الرواية أيضا ظاهره ما ذكرنا و لا يشمل الانبياء و الأئمّة عليهم السّلام و كلّ من كان من هذا القبيل و امّا بعد حمل الميّت على ما ذكرنا فلا حاجة الى ضمّ شي ء آخر كما ذكره اوّلا مستند الى ما ذكره من الوجوه لما ذكرنا من ضعفها و كانّ صاحب المدارك رحمه الله ايضا تبعه فيه حيث مثّل البكاء لشى ء من الامور الدّنيا بذكر ميّت او ذهاب مال ينفع بهما في دنياه فتأمل

قوله و ان وقع على وجه قهرىّ

قلت اى و ان وقع البكاء على وجه القهر و الغلبة بحيث لا يمكن دفعه و هذا على احتمال و الاحتمال الآخر عدم البطلان اذا كان كذلك قال في الذكرى و لو كان مغلوبا على البكاء لأمور الدّنيا فالظاهر الفساد أيضا لإطلاق النصّ و ان زال الاثم قال و لو بكى ناسيا لم يبطل لعموم رفع الخطأ عن النّاس انتهى و كان وجه الاحتمال الآخر توهّم ان رفع الاثم يوجب عدم الفساد أيضا و هو كما ترى او انّه يمكن ادخاله فيما اكرهوا عليه الوارد أيضا في رواية الرّفع فيكون مرفوعا عنهم كالنسيان و له وجه لكن قد عرفت انّ الظاهر من الرفع فيهما هو رفع المؤاخذة و الاثم لا رفع الاثر مطلقا فلا يدلّ على عدم الفساد فيهما الّا انّ الحكم لما كان على خلاف الاصل و النصّ لا يصلح للتعويل و انما التعويل فيه على الاجماع او الشهرة فيقتصر فيه على ما تحقق قولهم بالفساد فيه و مع النّسيان بل مع الغلبة أيضا ليس كذلك فالظاهر بناء الحكم فيهما على الاصل و العمل بالاحتياط

قوله و احترز بها عن الآخرة فانّ البكاء لها لذكر الجنّة و النّار الى آخره

و في النصّ السّابق التصريح به و يدلّ عليه ايضا رواية التهذيب باب كيفية الصّلاة و صفتها من الزّيادات عن سعيد يباع السّابرى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام أ يتباكى الرّجل في الصّلاة فقال بخّ بخ و لو مثل رأس الذّباب و رواية الفقيه باب وصف الصّلاة من فاتحتها الى خاتمتها عن منصور بن يونس بزرج و طريقه اليه انّ منصورا واقفىّ ثقة انه سأله اى الصّادق عليه السلام عن الرجل يتباكى في الصّلاة المفروضة حتى يبكى فقال قرّة عين و اللّه و قال اذا كان ذلك فاذكرنى عنده و يؤيّده أيضا ما رواه العامة عن مطرف عن ابيه قال رايت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يصلّى و يصدره ازيز كأزيز المرجل من البكاء الأزيز بالزاءين هو الغليان و قيل صوته و المرجل قدر من نحاس و قيل كلّ قدر كذا في المغرب هذا مع الرّوايات العامة في البكاء للّه قال في الفقيه في الباب المذكور و روى انه ما من شي ء الّا و له كيل او وزن الّا البكاء من خشية اللّه عزّ و جلّ فان القطرة منه تطفئ بحارا من النيران و لو انّ باكيا في امّة لرجموا و كلّ عين باكية يوم القيمة الا ثلاثة اعين عين بكت من خشية و عين غضّت عن محارم و عين ماتت ساهرة في سبيل اللّه قال في المدارك و قد صحّ عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال لامير المؤمنين عليه السلام في جملة وصيّته له و الرّابعة كثرة البكاء للّه يبنى لك بكل وسعة الف بيت في الجنّة

قوله من افضل الاعمال

بل يستحبّ التباكى و هو تكليف البكاء لمن لا يقدر عليه كذا في شرح الشرائع

قوله و لو خرج منه حرفان فكما سلف

بقوله و في اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى فعلى ظاهر ما حققه الشارح ان اعتبر الوضع في الكلام فان كان الحرفان غير موضوعين فلا عبرة بهما و ان كانا موضوعين ابطلا الصّلاة و ان لم يعتبر الوضع فيه ابطلا مطلقا و على ما حقّقنا سابقا لا عبرة بالوضع بل ان كانا غير متميّزين فلا عبرة بهما و ان كانا متميّزين احتمل البطلان لانهما حرفان فيكون كلاما بناء على اطلاق تفسيره بالحرفين و يحتمل عدمه بناء على عدم صدق الكلام عليهما عرفا فتدبّر ثمّ ان الشارح رحمه الله في شرح الارشاد بعد ما ذكر جواز البكاء لأمر الآخرة بل انّه افضل الأعمال قال هذا اذا لم يشتمل على كلام ليس بقرآن و لا دعاء و لا ذكر و الّا لابطل أيضا و لو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام فكما مرّ في التنحنح و قطع المصنف هنا أيضا بعدم البطلان بهما انتهى و ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله انه يفهم من الترتيب على البكاء لأمور الآخرة بالآية العامة و الاخبار كذلك عدم البطلان به و لو كان مع صدور الحرفين و يسمى كلاما أيضا ينبغى الإشعار في الأخبار مع ان ظاهر الاخبار العموم و انّه مطلوب على أيّ وجه كان و أيضا نقل عن اللغة انه قد يكون مع الصوت و لا شكّ انّه مراد التخصيص في الصّوت غير ظاهر مع ادلة البطلان به كان مجملا لا عامّا بحيث يظنّ الشمول لما نحن فيه و العمدة الاجماع و هو غير ظاهر فيما نحن فيه لا بالعموم و لا بالخصوص فقول الشارح هذا اذا لم يشتمل على كلام ليس بقرآن و لا دعاء و الّا لابطل أيضا الى آخره غير ظاهر الدّليل فكانه خصّص هذه الأدلة بتلك فيق على تقدير التّساوى فهو ليس باولى من العكس بل الاصل يرجحه انتهى و لا يخفى ان كلام الشارح رحمه الله يحتمل وجهين احدهما ان يكون مراده بقوله هذا اذا لم يشتمل الى قوله و الّا لابطل أيضا بيان انّ تجويز البكاء و عدم بطلان الصّلاة بها انما هو اذا لم تكن مع كلام خارج عنها غير جائز في الصّلاة و امّا اذا تكلم بكلام كذلك كما قد شاع في البكاء انه يتكلم معها بكلمات فتبطل الصّلاة باعتبار ذلك الكلام و يكون مراده بقوله و لو خرج منها حرفان الى آخره بيان حكم الحرفين اللذين قد يظهر بسبب البكاء في الصوت الذى اشتملت البكاء عليه كما في التنحنح و الظاهر ان حكمه الاوّل حينئذ ممّا لا غبار عليه اذ تجويز البكاء لا يستلزم تجويز الكلام الممنوع عنه في الصّلاة اذا لم يكن حدوثه بسبب البكاء و لا البكاء مستلزما له بوجه و ان فرض شيوع مقارنته مع البكاء لكن حكمه بالابطال ينبغى ان يخصّ بصورة العمد و امّا مع السّهو فلا يوجب الّا سجدتى السّهو نعم قد ظهر ممّا سبق منّا انه يمكن القول باستثناء التّأوّه و الأنين لأمور الآخرة

ص: 251

و ان لم يكونا مع البكاء باعتبار دخولها في ذكر اللّه و مناجاة الرّبّ و التكلّم مع اللّه المستثناة في الأخبار السّابقة و هذا لا يصلح اعتراضا على الشارح هاهنا لان كلامه كما صرّح به في اوّله انما هو فيما لا يدخل في الدعاء و الذكر فاذا دخل التّأوّه او الأنين في احدهما فلا كلام له فيه و على هذا فما اورده هذا المحقّق عليه ان كان على هذا الحكم كما هو ظاهر سياقه حيث اكتفى في نقل كلام الشارح بهذا القدر فهو ممّا لا وجه له كما يظهر بالتأمل فيما ذكره من الوجوه بعد ما حصلت خبرا بما حقّقنا لك فينبغى حينئذ ان يحمل ايراده على انه ايراد على ما ذكره ثانيا من انه لو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام فكما مرّ في التنحنح بانه لا ينبغى التردّد فيه بل ينبغى الحكم لجوازه بناء على ما ذكره من الوجوه و حينئذ فله وجه لانّ البكاء كثيرا ما توجب خروج حرفين كما في التنحنح فالترغيب فيهما ظاهر في تجويزهما و الّا لكان ينبغى الأشعار و الثانى ان يكون كلامه في الموضعين فيما يصدر بسبب البكاء و التفصيل فيه بانه ان صدر بها ما يصدق عليه الكلام عرفا و لا يكون بقرآن و لا دعاء و لا ذكر فتبطل الصّلاة باعتبار ذلك الكلام و ان جوّز البكاء الموجبة له و ان صدر بها حرفان لا يصدق عليهما الكلام امّا لعدم كونهما موضوعين على زعمه او لعدم تميزهما فكما مرّ في التنحنح و حينئذ يكون ايراد هذا المحقّق على الموضع الاوّل أيضا و على هذا أيضا الاقرب عندى ما ذكره الشارح فان صدور حرفين متميّزين يصدق عليهما الكلام عرفا بسبب البكاء ان فرض تحققه فلا شكّ انه يكون نادرا و مع ندرته فجعل تجويز البكاء بل الترغيب اليه دليلا لتجويزه و استثنائه عن المنع الكلى عنه بعيد جدّا بل الظاهر حينئذ ابقاء عموم المنع بحاله نعم لو كان استلزامه له غالبا او كان لا اقل شائعا كثيرا توجه ما ذكره هذا المحقق من ان المنع عن الكلام كما انه عامّ كذلك تجويز البكاء فتخصيص هذا بذاك ليس اولى من العكس بل العكس اولى لموافقته للاصل و امّا ما نقله عن اللغة عن انه قد يكون مع الصوت ففيه ان اشتمال البكاء على الصوت امر شائع لا مجال لإنكاره لكن الصوت اللازم له لا يستلزم الكلام لا كليّا و لا غالبا او شائعا فتخصيصه بما لا يكون كلاما بقرينة عموم المنع عن الكلام ليس امرا غير ظاهر و ما ذكره من اجمال اوّله البطلان لا عمومه فليس كذلك فان ما نقلوه من الاجماع ظاهر في غير ما استثنوه و كذا ظاهر الاخبار الكثيرة كما نقلنا العموم و ليس عموم ما ورد في جواز البكاء للآخرة باظهر منها كما يظهر بالتامّل في الجميع ثمّ انه رحمه الله في جملة الادلة على جواز البكاء ما رواه الصّدوق في الفقيه قال الصّادق عليه السلام كلّما ناجيت به ربّك فليس بكلام قال و لا شكّ ان البكاء مع أيّ كلام كان فهو افضل المناجاة و لا يظهر منه مراده فان المناجاة لا يعتبر فيها البكاء بوجه و كون البكاء مع أيّ كلام كان من افضل المناجاة انما يعلم بعد ما ثبت جواز البكاء للآخرة و حسنها فالتمسّك به في مقام اثبات جوازها و ورد ان كان غرضه منه اثبات جوازها في خصوص الصّلاة بعد ما ثبت عموم فضلها بان المناجاة مع البكاء افضل المناجاة بالادلة العامة على فضل البكاء فاذا دلّ هذا الخبر على جواز المناجاة في الصّلاة فيدلّ على جوازها مع البكاء أيضا لانه افضل المناجاة فمع بعده عن سياق كلامه لانه ذكر في الادلّة الاخبار الخاصّة و العامة جميعا فيظهر منه انه لم يجعل في هذا المقام فضل البكاء امرا مسلّما يتوجّه عليه ان الصّلاة حقيقة لا سبيل للعقل الى معرفة ما يصحّ فيها و ما ينافيها فربما كان البكاء امرا منافيا لها بخلاف المناجاة فتجويز المناجاة فيها لا يدلّ على تجويز البكاء أيضا و ان كانت المناجاة مع البكاء افضل في غيرها و ان اراد انّ البكاء نفسها لذكر الآخرة مناجاة فيظهر من الخبر جوازها ففيه بعد تسليم كونها مناجاة ان ظاهر الخبر ان المناجاة التى من جنس الكلام ليست بكلام ممنوع عنه في الصّلاة و لا يدلّ على جواز كل مناجاة فيها حتى يستدلّ به على جواز البكاء أيضا فيها باعتبار انّها مناجاة على ان قوله مع أيّ كلام كان على هذا التوجيه لغو محض لا دخل له في المقصود اصلا كما لا يخفى و ان كان غرضه رد

آخر على الشارح حيث منع من الكلام مع البكاء بان البكاء مع أيّ كلام كان افضل المناجاة فلا وجه للمنع عنه ففيه انه ان اراد به أيّ كلام كان مطلقا فلا يخفى فساده و ان اراد به أيّ كلام كان ممّا شاع مع البكاء من التّأوّه و الأنين و ح كونه من المناجاة و افضلها ممّا لا استبعده لكن قد عرفت ان الظاهر ان كلام الشارح ليس في مثله فانه فرض الكلام ممّا ليس بقراءة و لا دعاء و لا ذكر فاذا كان الأنين و التّأوّه داخلا في الذكر و المناجاة فلا كلام له فيه و ان اراد به أيّ كلام كان الذى حدث بسبب البكاء و الصوت المشتملة هى عليه ففيه أنّ البكاء لذكر الآخرة بنفسها هب انها مناجاة لكن الكلام الحادث بسببها اذا لم يكن من جملة الدعاء و الذكر ليس بمناجاة و ليس أيضا للزومه للبكاء دائما او اكثريّا او شائعا فتجويز المناجاة في الصّلاة لا يدلّ تجويزه أيضا فتأمل

قوله و ترك القهقهة

قال في المعتبر القهقهة عمدا تبطل الصّلاة و عليه الاتفاق و قال في المنتهى و يجب عليه ترك الضحك في الصلاة لا التبسّم فلو قهقه عمدا بطلت صلاته سواء بان حرفان او لا و هو مذهب اهل العلم كافة و كذا الاتفاق وقع على ان التبسّم لا يبطل الصلاة عمدا و سهوا و في الذكرى و شرح الإرشاد أيضا ادّعى الاجماع في الموضعين و في المدارك بعد ما نقل الاتفاق في التبسّم و لا ريب في كراهة لمنافاته الخشوع المط في العبادة و في شرح الارشاد اقتصر على الحكم بكراهته و في الذكرى جعل الاقرب كراهته و يدلّ عليه أيضا مع الاجماع روايات كموثقة الكافى باب ما يقطع الصّلاة بطريقين عن سماعة و رواها في التهذيب أيضا باب كيفيّة الصّلاة من الزّيادات باحد الطريقين قال سألته عن الضّحك هل يقطع الصّلاة قال امّا التبسّم فلا يقطع الصّلاة و امّا القهقهة فهي مقطوع الصّلاة و حسنة الكافى و التهذيب بإبراهيم في البابين المذكورين عن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصّلاة و صحيحة التهذيب الباب الاول من كتاب الطهارة عن ابن ابى عمير عن رهط سمعوه يقول ان التبسّم في الصّلاة لا ينقض الصّلاة و لا ينقض الوضوء انما يقطع الضّحك الذى فيه القهقهة اى الصّلاة دون الوضوء بقرينة ان القطع لا يقال الا في الصّلاة لانه لم تجر العادة بان يقال انقطع وضوئى و انما يقال انقطعت صلاتي كذا في التهذيب و مرسلة الفقيه باب صلاة المريض و المغمى عليه قال قال الصّادق عليه السلام لا يقطع التبسّم الصّلاة و يقطعها القهقهة و لا تنقض الوضوء و في روايات العامة أيضا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انه قال من قهقه فليعد صلاته و عن جابر بن عبد اللّه ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال القهقهة تنقض الصّلاة

قوله و ان لم يكن فيه ترجيع و لا شدّة

قلت لما ذكر بعض اللّغويّين كصاحب القاموس انّ القهقهة هى الترجيع في الضّحك او شدة الضّحك اشار الشارح الى ان المراد هاهنا هو مطلق الضحك المشتمل على الصوت و لم يشترط فيه احد الامرين و لعله استفاد ذلك من وقوعها في الاخبار مقابل التبسّم

ص: 252

و هو ما لا صوت له على ما فسرّه العلّامة رحمه الله في ية و المصنف رحمه الله في الذكرى و في شرح الإرشاد بعد ما ذكر انّها لغة هى الترجيع في الضّحك او شدّة الضّحك قال و المراد هاهنا مطلق الضّحك كما صرّح به المصنف رحمه الله في غير هذا الكتاب انتهى و لعلّه اراد بالضّحك فيه مقابل التبسّم موافقا لما نقلنا عن هى و هاهنا اطلق الضّحك على ما يشمل التبسّم أيضا كما وقع في ظاهر بعض الاخبار أيضا انتهى و على ما وجهنا فيكون القيد في التعريف احترازيا كما هو ظاهره و يمكن جعله وصفا كاشفا فيطابق ما في شرح الارشاد فتأمل ثمّ ان الرّوايات التى اشرنا الى وقوع القهقهة فيها مقابل التبسّم هى الرواية الاولى و الثالثة و الرابعة ممّا نقلناها و الاولى منها اقوى دلالة على ما استفاده فان ظاهرها مع تلك المقابلة انحصار الضّحك في القهقهة و التبسّم و انت خبير بان القهقهة اذا كانت في اللّغة اخصّ من الضّحك الذى فيه الصوت كما نقلنا و في العرف أيضا كذلك فانها انما تطلق عرفا على ما اشتمل على قه قه موافقا لتفسير بعض اللغويّين أيضا قال في الصّحاح القهقهة معروف و هو ان يقول قه قه فالحكم بالبطلان في الصوت المشتمل على الصوت لمجرّد وقوع القهقهة في الاخبار مقابل التبسّم مشكل جدّا اذ اثبات حكم مخالف للاصل بمجرّد تلك الاخبار على تقدير صراحتها لا يخلو عن اشكال لعدم صحة الاولى و اضمارها و اضمار الثالثة و ارسال الرابعة فكيف مع عدم صراحتها فالتعويل فيه على الاجماع و الاجماع انما نقل في القهقهة فالحكم في غيرها ممّا لا يدخل في التبسّم محلّ اشكال و الأولى فيه رعاية الاحتياط باتمام الصّلاة و اعادتها و اللّه تعالى يعلم و يكفى فيها و في البكاء مسمّاهما اى لا يعتبر فيهما الكثرة كما صرح به فيهما في الذكرى و شرح الارشاد لإطلاق النصّ

قوله و استقرب المصنف في الذكرى البطلان

قال في الذكرى لو وقع القهقهة على وجه لا يمكنه دفعه فالاقرب البطلان و ان لم يأثم لعموم الخبر انتهى و وجه عدم البطلان ما اشرنا اليه في البكاء من الوجهين و هو توهم استلزام عدم الاثم لعدم البطلان او امكان دخوله فيما اكرهوا عليه و قد عرفت حالهما و يمكن ان يقال انّ الحكم مخالف للاصل فيقتصر فيه على المتيقن و مع عدم امكان الدفع لا يقين لانّ شمول الإجماع له غير ظاهر و التمسّك بمجرّد عموم الاخبار مع عدم صحيح فيها لا يخلو عن اشكال فتأمل و لو وقعت القهقهة ناسيا فحكم في الذكرى بانها لا تبطل اجماعا و كذا في شرح الارشاد و شرح القواعد و لو لا الاجماع لا يكون القول بالبطلان فيه أيضا لعموم النصّ و ما في التمسّك بخبر رفع السّهو و النسيان من المناقشة التى مرّت مرارا لكن قد عرفت انّ اثبات مثل هذا الحكم المخالف بمجرّد عموم تلك الاخبار مع عدم صحيح فيها لا يخلو عن اشكال فالتعويل فيه على الاجماع و ظ انه لا اجماع عليه مع النسيان لو لم يثبت ما نقلنا من الاجماع على خلافه فتأمل

قوله لما روى من النهى عنه

لم اقف على رواية في هذا الباب سوى ما روته العامة عن مصعب بن سعد بن ابى وقّاص قال صلّيت الى جنب ابى فطيفت يدي و جعلتهما بين ركبتىّ فضرب ابى في يدى فلما انصرف قال يا بنىّ انّا كنّا نفعل ذلك فامرنا ان نضرب بالاكفّ على الرّكب و جعل الرّواية في كلام الشارح اشارة الى هذه الرّواية لا يخلو عن شي ء ثمّ انه لا نهى فيها الّا النهى الفعلى الذى فعله سعد و لا حجّة فيه فان الظاهر انّ سنده ليس الّا ما نقله من الامر لا نهى ورد عنه فان كان ذلك الامر للوجوب كان ذلك نهيا عما سوى الضّرب المذكور و لا اختصاص له بخصوص التطبيق و اذا كان للنّدب كما هو المعروف بين اصحابنا بل عند العامّة أيضا فلا يلزم منه الّا كون التطبيق خلاف الأفضل لا حرمته او كراهته بالمعنى المصطلح و لعلّ فعل سعد أيضا لا يدلّ على ازيد من ذلك فافهم

قوله و المنافاة به من حيث الفعل منتفية

قلت اى ليس فعله ممّا ينافى وضع الصّلاة حتى يجب تركه بتلك الجهة على ما قيل في الاكل و الشرب و قوله عليه المصنف في الذكرى عدّ في الذكرى من مكروهات الرّكوع التطبيق قال لما روى ان سعد بن ابى وقّاص قال كنا نفعل ذلك فامرنا بضرب الاكفّ على الركب و هو يدلّ على شرعيّته ثمّ نسخه و لعلّ ذلك خفى علىّ بن مسعود صاحبه و الاسود بن يزيد و عبد الرحمن بن اسود فقالوا باستحبابه و لا يحرم على الاقرب اذ ليس فيه اكثر من ترك وضعها على الركبتين الذى هو مستحبّ و هو قول ابى الصّلاح و الفاضلين و ظاهر الخلاف و ابن الجنيد التحريم و حينئذ يمكن البطلان للنهى عن العبادة كالكتف و يمكن الصحّة لان النهى عن وصف خارج انتهى و فيه ما اشرنا اليه من انه اذا كان ليس فيه اكثر من ترك وضعها على الركبتين الذى هو مستحب فلا وجه للحكم بكراهته أيضا بالمعنى المصطلح بل لا يلزم منه الّا كونه خلاف الافضل الا ان يحمل الكراهة في كلامه أيضا على ذلك و يمكن أيضا تعليل كراهته بانّ في تركه خروجا من خلاف من حرّمه لكن الظاهر انه أيضا لا يفيد الا اولويّة تركه و كونه احوط لا الكراهة بالمعنى المصطلح فتأمل و لقد احسن المحقق رحمه الله في المعتبر حيث لم يحكم بتحريم و لا كراهة بل اقتصر على انّ من السّنة وضع الكفّين على عينى الركبتين مفرّجات الاصابع و قال و هو اتفاق العلماء عدا ابن مسعود فانه قال يطبق احدى يديه على الاخرى و يجعلهما بين ركبتيه ثمّ استدل بالاخبار الواردة بما جعله من السّنة من العامة و الخاصة ثمّ قال و لان خلاف ابن مسعود منقرض فلا عبرة به و في الشرائع أيضا اقتصر على انه جعل من المسنون ان يضع يديه على ركبتيه متفرّجات الاصابع و منه يظهر ان نسبة المصنف رحمه الله القول بالكراهة اليه لا يخلو عن شي ء و امّا الفاضل الآخر و هو العلامة رحمه الله فكلامه في المنتهى قريب مما نقلنا عن المعتبر و ظاهره في ية التردّد بين الحرمة و الكراهة لانه بعد ما حكم باستحباب وضعهما حالة الركوع على عينى الركبتين مفرّجات الاصابع لانه عليه السلام كذا فعل و ركع قال و منع بعض علمائنا من جواز التطبيق و فسّره ثمّ قال و يحتمل الكراهية فما نسبه اليه أيضا ان كان من الكتابين لا يخلو عن شي ء هذا و الشيخ رحمه الله في الخلاف صرّح بعدم جواز التطبيق و ظاهره كما ذكر المصنف التّحريم ثمّ قال و به قال جميع الفقهاء و قال ابن مسعود ذلك واجب دليلنا اجماع الفرقة بل اجماع المسلمين فان هذا الخلاف قد انقرض و روى حمّاد بن عيسى و زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في خبر كيفية الصّلاة انتهى و لا يخفى ان دعوى الاجماع على التحريم مشكل جدّا و أيضا دلالة الروايتين عليه كما ترى فالظاهر حمل عدم الجواز على ما يعمّ الكراهة بل ما ذكرنا من كونه خلاف الافضل أيضا فانه حينئذ لا استبعاد فيما ادّعاه من الاجماع و لا مناقشة في دلالة الروايتين على ما ذكره و لعلّ مراده من الوجوب الذى نسبه الى ابن مسعود هو ما يعم الاستحباب فلا منافاة بينه و بين ما نقله عنه في الذكرى من الاستحباب فتأمل

قوله و الكتف

كتف شدّ يديه الى ما خلف اكتافها من باب ضرب كذا في المغرب و جاء أيضا كما في الصّحاح و القاموس بمعنى شدّ احد رحبوى؟؟؟ الرجل الى جانبيه على الآخر و المراد هاهنا ما ذكره الشارح كانّه ماخوذ من المعنى الثانى بالكفّ عليه اى على الكفّ لإطلاق النهى عن التكفير الشامل بجميع ذلك تكفير الذى و العلج

ص: 253

للملك أن يطأطأ رأسه و ينحنى واضعا يده على صدره تعظيما له كذا في المغرب و قال في الصّحاح التكفير ان يخضع الانسان لغيره و انت خبير بان التكفير المنهىّ عنه ليس هو مطلق الخضوع فلا بدّ من تحقيقه و توضيح ما هو المراد به فنقول الشارح رحمه الله هاهنا جعل المنهىّ عنه هو وضع احدى اليدين على الاخرى مط على ما فصّله و مثله في شرح الإرشاد أيضا فانّه قال هو لغة الخضوع و وضع اليد على الصدر متطامنا و شرعا وضع احدى اليدين على الاخرى سواء كان بينهما حائل ام لا و سواء وضعهما مع ذلك فوق السرّة كما يفعله العامة ام تحتها و سواء وضع اليمنى على الشمال و احدى الكفين على الاخرى ام لا حتى لو وضع الكفّ على الزّند و نحوه بطلت الصلاة مع التعمّد انتهى و قريب منه كلام الشيخ في الخلاف فانه قال لا يجوز ان يضع اليمين على الشّمال و الشّمال على اليمين في الصّلاة لا فوق السرّة و لا تحتها ثمّ نقل عن الشّافعى و ابى حنيفة و سفيان و احمد و اسحاق و ابى ثور و داود انهم جعلوا وضع اليمين على الشمال مستويا مستحبّا الا ان الشافعى قال بذلك فوق السرّة و ابو حنيفة قال به تحتها و هو مذهب ابى هريرة و بما نقلنا يظهر ان تخصيص الشارح فعل العامة بما فوق السرّة لا يخلو عن شي ء و قريب منهما أيضا كلام ابن ادريس في السّرائر فانه قال و لا يجوز التكفير في الصّلاة و هو ان يضع يمينه على يساره او يساره على يمينه في حال قيامه فمن فعل ذلك مختارا في صلاته فلا صلاة له فان فعله للتقية و الخوف لم يبطل صلاته و كذا العلامة في القواعد فانه قال و التكفير و هو وضع اليمين على الشمال و بالعكس و كذا المصنف في الذكرى فانه قال لا يجوز للمصلّى وضع اليمين على الشمال و لا بالعكس فوق السرّة و لا تحتها فيبطل لو تعمد فعله لكن جماعة من الاصحاب خصّوا المنع بوضع اليمين على الشمال و منهم الشيخ رحمه الله في المبسوط فانه قال لا يضع يمينه على شماله على حال الا من حال التقية فان استعمل التقية وضعهما كيف شاء سواء كان فوق السرّة او تحتها و قال المحقق في المعتبر في وضع اليمين على الشمال حال القراءة قولان احدهما حرام و يبطل الصّلاة و به قال الشيخان و علم الهدى و ابنا بابويه و اتباعهم و قال ابو الصلاح بالكراهيّة قال في الشرائع الثانى ما لا يبطلها الّا عمدا و هو وضع اليمين على الشمال و فيه تردد قال العلّامة في المنتهى و يجب عليه ترك التكفير في الصّلاة و هو وضع اليمين على الشمال حال القراءة فلو فعله بطلت صلاته و ذهب اليه اكثر علمائنا و قال ابو الصّلاح هو مكروه و هو قول مالك و ابن الزبير و الحسن البصرى و قال الشافعى و احمد و اصحاب الرأى هو مستحبّ ثمّ ذكر في الفروع انّه لا فرق في التحريم بين وضعها فوق السرّة و تحتها لعموم الأدلة و ان التحريم يتناول حال القراءة و غيرها لرواية محمّد بن مسلم مع انه في تفسيره كما نقلنا قيّده بحال القراءة و انه لا فرق بين وضع الكفّ على الكفّ و وضع الكفّ و وضع الكف على الذراع لتناول اسم اليد له و انه لا فرق بين ان يضعها معتقدا للاستحباب و غير معتقد له و نقل عن الشيخ تحريم وضع الشمال على اليمين قال و عندى فيه تردّد اذ رواية محمد بن مسلم تضمّنت العكس و رواية حريز تدل على المنع من التكفير و في رواية محمد بن مسلم ان التكفير هو وضع اليمين على الشمال و نحن نطالب الشيخ بالمستند و القياس عنده باطل و في ية ايضا فسرّ التكفير الذى حكم بكونه مبطلا بوضع اليمين على الشمال ثمّ نقل عن الشيخ انه لا فرق بين وضع اليمين على الشمال و عكسه ساكتا عليه و قد ظهر بما نقلنا انّ دعوى الشارح ان التكفير شرعا هو وضع احدى اليدين على الأخرى مما لا يثبت بل المعلوم كونه من التكفير المنهى عنه هو وضع اليمين على الشمال و امّا عكسه فكونه منه غير واضح فلنذكر دلائل الحكم عسى ان يظهر منها حقيقة الحال فنقول امّا ما وقفت عليه من الرّوايات في هذا الباب فهو روايات إحداها صحيحة التهذيب باب كيفية الصّلاة و صفتها عن محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال قلت الرّجل يضع يده في الصّلاة و حكى اليمنى على اليسرى

فقال ذلك التكفير فلا تفعل بيان كانّ قوله و حكى اليمنى على اليسرى من كلام راوى محمّد و هو العلا اى و حكى محمّد له عليه السلام في بيان مراده بوضع اليد ما يفعله العامة من وضع اليمنى على اليسرى اى نقل له عليه السّلام ذلك او فعل عنده عليه السّلام مثل ما يفعلونه او حكى الراوى انّ مراده كان ذلك و يحتمل ان يكون حكى من حكيت العقدة شددتها اى شدّ محمّد لبيان مراده عنده عليه السلام او عند الراوى اليمنى على اليسرى كما يفعله العامة و يحتمل ان يكون من كلام محمّد اى الرّجل يضع يده في الصّلاة و يحكى ما يفعله النّاس من وضع اليمنى على اليسرى اى يفعل مثل فعلهم او يشدّ اليمنى على اليسرى و في بعض النسخ بدل حكى خلى و يحتمل ان يكون من خلا الأمر و منه رغبه اى تركه او من خلا عن الشي ء ارسله و حينئذ أيضا يحتمل ان يكون من كلام محمّد او الرّاوى له كما يظهر بالتامّل فيما ذكرنا من النسخة الاولى و الشيخ رحمه الله في الخلاف نقل الرّواية بدون هذه اللفظة و تبعه كل من نقلها من مصنفى الكتب الاستدلال كالمعتبر و المنتهى و الذكرى و شرحى الارشاد و المدارك و شرح القواعد و على هذا فلا اشكال و ثانيها صحيحة التهذيب أيضا في الباب المذكور و و في الكافي آخر باب القيام بالقعود في الصّلاة عن حريز عن رجل عن ابى جعفر عليه السلام و فيها و قال لا تكفّر فانما يصنع ذلك المجوس و لا تلثم و لا تحتقر و لا تقع على قدميك و لا تفترش ذراعيك توضيح المجوس يمكن ان يكون محمولا على الحقيقة و ان يكون كناية عن المخالفين و قوله لا تحتفز من احتفز بالحاء المهملة و الزّاى المعجمة و هو كما في القاموس بمعنى تضام في جلوسه و سجوده او بمعنى استوفز و فيه أيضا استوفز في تعدية انتصب فيهما غير مطمئن او وضع ركبتيه و رفع البقيّة او استقلّ على رجليه و لمّا يستو قائما و قد تهيّأ للوثوب انتهى و في بعض نسخ التهذيب تحتقن بالقاف و النّون من الاحتقان بمعنى الحبس فالمراد الّذى عن حبس البول او الغائط او الريح اى مدافعتها و ثالثها رواية الكافى باب الخشوع في الصّلاة في الحسن بإبراهيم مع صحيحة محمد بن مسلم فهي صحيحة او لا تقصر عن الصحيحة عن زرارة قال قال ابو جعفر عليه السلام اذا قمت الى الصّلاة فعليك بالإقبال على صلاتك فانما يحسب لك منها ما اقبلت عليه و لا تعبث فيها بيدك و لا براسك و لا بلحيتك و لا تحدّث نفسك و لا تتتاءب و لا تتمطّ و لا تكفّر فانما يفعل ذلك المجوس و لا تلثم و لا تحتقن و تفرّج كما يتفرّج البعير و لا تقع على قدميك و لا تفترش ذراعيك و لا تفرقع اصابعك فان ذلك كله نقصان من الصّلاة الحديث و العجب انّ فيما راينا من كتب الاستدلال اقتصر على التمسّك بالروايتين الأوليين و لم يتعرّضوا لتلك الرّواية مع ترجيحها على الثّانية المرسلة و كانهم غفلوا عنها و اذ قد نقلنا الرّوايات فنقول انّ في المسألة مقامين احدهما حرمة التكفير كما هو المشهور او كراهته كما نقل عن ابى الصّلاح و استوجهه المحقق في المعتبر و قريب منه ما نقله في الذكرى عن ابن الجنيد انه جعل تركه مستحبّا و الثانى انه على تقدير الحرمة هل يكون مبطلا للصّلاة ام لا و لا يخفى انه يمكن الاستدلال على الحرمة بظاهر النهى في تلك الروايات و كذا يظهر الامر في صحيحة

ص: 254

التّهذيب الباب المذكور و الكافى القيام و القعود في الصّلاة عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام و فيها و ارسل يديك فانّ ظاهره وجوب الارسال المقابل للتكفير و يمكن الاستدلال بها على المقام الثانى أيضا فانه اذا امر بالارسال في الصّلاة و نهى عن التكفير فيهما فقد امر بالصّلاة بالارسال و نهى عن الصّلاة بالتكفير فيكون الصّلاة بالتكفير باطلة لانها خلاف المأمور به و العبادة المنهىّ عنها و قد تقرّر عندهم ان النهى في العبادات يوجب الفساد و منه يظهر ضعف ما اورده الشارح في شرح الإرشاد من ان النهى هاهنا عن وصف منفكّ عن اجزاء الصّلاة فلا يلزم منه الابطال و ذلك لانه على ما قرّرنا يكون النّهى عن الصّلاة بالتكفير فلا يكون عن الخارج و انّما يكون كذلك لو نهى عن التكفير مطلقا من غير تقييد بالصّلاة اذ حينئذ لا يلزم من مخالفة النهى و التكفير في الصّلاة بطلان الصلاة لانه امر خارج عن الصّلاة و أيضا قد عرفت ان المأمور به هو الصّلاة بالارسال فالصّلاة بالتكفير خلاف المامور به فلا يكون مجزئة و على ما قررنا فلا حاجة الى ما ذكره الشارح في الجواب من التمسّك بالاجماع المركّب لان كل من قال بالتحريم قال بالابطال فاذا ثبت التحريم لزم القول بالابطال حذرا من احداث قول ثالث على ان الاجماع المذكور ممّا لم يظهر لنا و المحقق الاردبيلى رحمه الله حكم بانّ الظاهر عدم البطلان للاصل و الاستحباب و عدم دليل البطلان فان النهى لا يدلّ عليه قال و هو ظاهر مع انّ منع دلالة النّهى على البطلان في العبادات ليس دابه رحمه الله فكان حكمه بعدم دلالته هنا على البطلان و ورود ما نقلنا من سؤال الشارح و عدم ثبوت ما نقل في جوابه من الاجماع المركّب عنده و صاحب المدارك أيضا جعل المعتمد التحريم دون الابطال و كانّ نظره رحمه الله أيضا الى ما ذكرنا و انت قد عرفت جواب السؤال فالقول بالبطلان لا يخلو عن وجه ثمّ قال المحقق المذكور بعد ما نقلنا عنه بل قد يستدل بالرّواية الدّالة على النّهى على الصحة حيث ترك الامر بالاعادة و البطلان مع عدم جواز التأخير فتأمل انتهى و لا يخفى ضعف الاستدلال فان عدم جواز تاخير البيان لو سلم انما هو عن وقت الحاجة و لا يظهر من الرّوايات المذكورة صدور الفعل عن احد حتى يحتاج الى بيان الحكم و يلزم بيان بطلان صلاته و امره بالاعادة امّا ما نقله من مرسلة حريز و ما نقلنا من الرّواية الاخيرة فظاهر و امّا صحيحة محمّد بن مسلم فانه يمكن ان يكون غرضه مجرّد السّؤال عن جواز وضع اليد لا عن حال من فعل ذلك و ربما يؤيد هذا التعبير فيها بيضع بصيغة المضارع لا الماضى و حينئذ فيكفى في الجواب النهى عنه و لا يلزم بيان انه لو وضع كان مبطلا اذ لا يلزم جواب في السّؤال عن مسئلة بيان جميع ما يتعلق بها و أيضا ربما كان دلالة النهى في العبادات على الفساد امرا ظاهرا بينهم كما هو المشهور بين الاصحاب فلا حاجة له الى بيان و منه يظهر ضعف الدليل على تقدير حمل الخبر على السّؤال عن حال من فعل ذلك أيضا على ان الرّجل ربما كان جاهلا للحكم و كان معذورا فيما فعله فلا يلزم الّا نهيه عن الفعل بعد ذلك و قد فعل و كانّ قوله رحمه الله فتأمل اشارة الى بعض ما ذكرنا او جميعه فتأمل و الشيخ رحمه الله في الخلاف استدلّ على عدم جواز التكفير بالمعنى الذى ذكره و هو مطلق وضع اليدين على الاخرى كما نقلنا عنه سابقا باجماع الفرقة قال فانهم لا يختلفون في انّ ذلك يقطع الصّلاة و أيضا افعال الصّلاة يحتاج ثبوتها الى الشرع و ليس في الشرع ما يدلّ على كون ذلك مشروعا و طريقة الاحتياط يقتضى ذلك لانّه لا خلاف في انّ من ارسل يده في صلاته ماضية بالاجماع و اختلفوا اذا وضع احداهما على الاخرى فقال الاماميّة ان صلاته باطلة فوجب بذلك الاخذ بالجزم ثمّ نقل روايتى حريز و محمد بن مسلم و لا يخفى انه لو ثبت ما نقله من الاجماع لدلّ على المقامين و قد نقل في المعتبر و هى و غيرهما دعوى الاجماع المذكور عن السّيد المرتضى رحمه الله أيضا في وضع اليمنى على الشمال فعلى القول بحجية الاجماع المنقول بخبر الواحد فلا كلام و لا يقدح عدم تعرّض بعض الاصحاب له كابن ابى عقيل و سلّار على ما نقله في الذكرى و هو ظاهر و لا ظهور مخالف كما نقلنا لانه معلوم النسب فيمكن علمهم بانعقاد الاجماع قبله او

مع مخالفته و امّا من لم يقل بحجّيته فكانه يصلح عنده مؤيّدا و مؤكّدا لما يدلّ عليه ظاهر الرّوايات و امّا ما ذكره المحقق الاردبيلى رحمه الله ان الاجماع المنقول عن السّيد و الشيخ مع وجود الخلاف غير ظاهر و يحتمل ارادة معنى آخر و لا يفيد القول بان القائل نادر او معلوم النّسب فان الندرة تضرّ و كذا المعلوم ففيه ان استدلال الشيخ به و كذا السّيد على ما نقل في المعتبر يأتى عن حمله على معنى آخر كالشهرة و انّ وجه ما ذكره من ضرر المعلوم غير معلوم هذا و امّا ما ذكره الشيخ ثانيا فلا يخفى ضعفه لان المحتاج الى الثبوت انما هو التحريم الذى قالوه او رجحان التكفير كما يقوله العامة و امّا مجرد الجواز فهو مقتضى الاصل لا حاجة له الى دليل بل من منع منه لا بدّ له من دليل فان تمسّك بالأدلة الدالة على تحريم التكفير كما فعله في المنتهى فهي على تقدير تمامها تكفى دليلا و يصير هذا الدّليل لغوا محضا فتأمل و امّا ما ذكره ثالثا من الاحتياط ففيه ان بمجرّد الاحتياط الحكم بالتحريم لا يخلو عن اشكال نعم الاولى العمل بالاحتياط على ان الاحتياط هاهنا اذا لم يفعل في عدم فعله و امّا اذا فرض فعله عمدا فليس الاحتياط في الحكم ببطلان الصّلاة و قطعها كما هو مقتضى قولهم سيّما مع ضيق الوقت بل في اتمامها و اعادتها او قضائها و هو ظ و امّا ما ذكره في المعتبر من ان الاحتياط اذا لم يوجد ما يدلّ على الجواز لكن الاوامر المطلقة بالصّلاة دالّة باطلاقها على عدم المنع او انّه تقول انّ الاحتياط اذا لم يعلم ضعف مستند المانع و مستند المانع هاهنا معلوم الضعف و قوله عندنا يكون الصّلاة باطلة قلنا لا عبرة بقول من يبطل الّا مع وجود ما يقتضى البطلان امّا الاقتراح فلا عبرة فيه فلا يخفى ما فيه من الاحتياط مع تعارض دليل الجواز و الحرمة اذ لو لم يكن دليل على الجواز اصلا تعيّن الحرمة و لا احتياط فيه و ان اراد انّ الاوامر المطلقة دليل قطعى او قوىّ جدّا على الجواز بحيث لا ينبغى الالتفات الى الاحتياط معه فظاهر انه ليس كذلك و كذا كون مستند المانع معلوم الضعف ليس كذلك و من اين علم ضعف الاجماع الذى نقله مثل السّيد المرتضى و الشيخ مع ظاهر النواهى الواردة في الروايات الثلاثة مع صحة اثنتين منها و كيف بعد القول بالبطلان مع ذلك اقتراحا فتأمل و استدل أيضا العلّامة في المنتهى بانه فعل كثير ليس من افعال الصّلاة فيكون مبطلا و في المعتبر نقل هذا الاستدلال عن السّيد المرتضى و حكم بانه في غاية الضّعف لان وضع اليدين في الركبتين ليس بواجب و لم يتناول النهى وضعها في موضع معيّن فكان للمكلّف وضعهما كيف شاء و كانّ مراده ان هذا الدليل انما يتم لو كان وضعهما على الركبتين كما يقوله المانعون من التكفير واجبا اذ حينئذ يكون وضعهما بعنوان التكفير في تمام حال القراءة فعلا كثيرا خارجا عن الصّلاة فيكون مبطلا و ليس مذهبهم الوجوب بل انما قالوا باستحبابه و حينئذ فلا نسلّم كونه خارجا عن الصّلاة اذ لا بدّ في الصّلاة من وضع اليدين بوجه و لمّا لم يكن دليل على تعيين وضع خاص فهو مخيّر بين جميع

ص: 255

الأوضاع و من جملتها التكفير فليس التكفير فعلا خارجا حتى يكون مبطلا بكثرته نعم فيه خلاف الافضل حيث ان الافضل وضعهما على الركبتين و انت خبير بانه اذا لم يثبت حرمة التكفير فالامر كما ذكره من عدم اتجاه هذا الاستدلال و اما لو ثبت حرمته بالرّوايات و اريد بهذا الدليل اثبات كونه مبطلا فعلا كثيرا خارجا لكان له وجه و لم يرد عليه ما اورده نعم يبقى ان الفعل الكثير المخرج عندهم هو ما يخرج به عرفا عن الصّلاة و كون وضع اليد بعنوان خاصّ كك غير ظاهر و ان كان خلاف ما امر به و كان محرّما فافهم و استدل أيضا في المنتهى بانه سنّة المجوس فيجب تركه لقوله عليه السلام خالفوهم و الامر للوجوب و كونه سنّة المجوس غير ظاهر لنا الّا باعتبار الحديثين السّابقين و معهما لا حاجة الى تجشم هذا الدليل مع ان حديث الامر بالمخالفة أيضا ممّا لم يظهر لى الآن حاله و احتج المحقق رحمه الله في المعتبر لما اختاره من الكراهة بانّها لمخالفته لما دلّت عليه الاحاديث من استحباب وضعهما على الفخذين محاذيين للركبتين و استشكل التحريم لان الامر بالصّلاة ممّا لا يتضمّن حال الكفّين فلا يتعلق بهما تحريم قال و الاجماع غير معلوم لنا خصوصا و قد وجد من الاكابر الفضلاء من يخالف في ذلك و الرواية ظاهرها الكراهة لما تضمّنه من قوله انه تشبه بالمجوس و امر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمخالفتهم ليس على الوجوب لانّهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد الالهيّة و انّه و انه فاعل الخير فلا يمكن بحمل الحديث على ظاهره و لا يخفى ان تعليله لا يفيد الا كونه خلاف الافضل لا الكراهة بالمعنى المصطلح نعم ما ذكره ثانيا من ان الرّواية ظاهرها الكراهة لو تمّ يصلح حجّة له و قوله و الروايات جواب عما نقله من الشيخ في الخلاف من الاحتجاج برواية محمّد بن مسلم و انه سنّة المجوس فيكره لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خالفوهم و انت خبير بانّ ما نقله لا يطابق ما في الخلاف على ما نقلنا فان الدليل الثانى على ما قرره ليس في الخلاف و انما فيه رواية حريز المشتملة على حكاية المجوس ثمّ ما ذكره في الجواب لا يجرى في رواية محمد بن مسلم و هو ظاهر و ليس في باقى كلامه ما يصلح جوابا عنها فكان كونه سنّة المجوس اشارة الى رواية حريز المشتملة عليها و قوله فيكره اى يحرم تتمة اضافها لتقوية التمسّك بالرواية و حمل النهى فيها على الحرمة و الجواب جواب عن الروايتين بحمل النهى فيهما على الكراهة بقرينة التعليل الوارد في الرواية الثانية ثمّ لا يخفى ان ما ذكره في تعليل عدم امكان حمل الامر المذكور على الوجوب لو تم لدلّ على عدم امكان حمله على الندب بل على الجواز أيضا اذ لا يجوز مخالفتهم فيما هو واجب فلا محيص الا بارتكاب تخصيص في الامر المذكور بان يخصّص بما يثبت وجوبه او رجحانه او جوازه و بعد ارتكاب التخصيص فيمكن حمل الامر على الوجوب الذى هو ظاهره بالتخصيص الاخير و حينئذ فالتكفير لما لم يعلم جوازه فيكون داخلا في الحكم بوجوب مخالفتهم فيه نعم يبقى ان تعليل المنع لمجرّد انّ فيه تشبّها بالمجوس ظاهره الكراهة كما ذهبوا اليه في كثير من نظائره لاستبعاد ان يكون مجرّد التشبّه بقوم سوء في فعل سببا لحرمة ذلك الفعل و فيه بعد تسليم ذلك الاستبعاد كليّا انه لا ظهور للخبرين في انّ علّة المنع هو الحذر عن التشبه بالمجوس بل يمكن حملهما على ان التكفير لا يفعله الا المجوس اى لا يشرع الا عندهم فلا تفعله و حينئذ فلا ظهور لها في الكراهة نعم اقترانه في الخبرين بسائر ما نهى عنه من المكروهات ربما كان ظاهرا في حمل النهى فيه أيضا على الكراهة لكن بمجرّد هذه القرينة صرف النهى عن ظاهره مع عدم وجود القرينة في الرواية الاولى و شهرة التحريم بين الاصحاب لو لم يثبت الاجماع لا يخلو عن اشكال فكان القول بالتحريم و البطلان اظهر و اللّه تعالى يعلم بقي الكلام في انّه هل يعم الحكم وضع احدى اليدين على الاخرى مطلقا او يخصّ بوضع اليمنى على اليسرى فنقول الاجماع على ما نقله الشيخ في الخلاف صريح في تعميم الحكم في وضع كل من اليدين على الاخرى و امّا على ما نقله المرتضى فليس عندى كتابه حتى يظهر منه حقيقة الحال و في المعتبر و هى عنون المسألة بوضع اليمين على الشمال و نقل فيه دعوى الاجماع عنه فلا يظهر منه الّا دعوى الاجماع فيه و ان امكن ان يكون كلامه عامّا كما

انّ كلا الشيخ عامّ مع انه في المنتهى انما نقل منه دعوى الاجماع في خصوص ما عنون المسألة به لكن نقل فيه عن الشيخ حرمة وضع الشمال على اليمين أيضا و تردّد فيه كما نقلنا سابقا و ظاهره عدم تعرض السيّد له و الا لكان الظاهر نقله عنهما و امّا الرّوايات ففى الرّوايتين الاخيرتين اطلاق النّهى عن التكفير كما ذكره الشارح هاهنا لكن قد عرفت انه لا يمكن حمله على معناه اللغوى و كونه حقيقة شرعيّة في مطلق وضع احدى اليدين على الاخرى على ما ادّعاه في شرح الارشاد غير ظاهر و الذى يعلم عن الرّواية الاولى كون وضع اليمين على الشمال تكفيرا فالرّوايات دليل على الحكم فيه و يبقى غيره على الاصل و كانه لهذا حكم صاحب المدارك بانه ينبغى قصر التحريم على وضع اليمين على الشمال لكونه مورد الخبر و لقائل ان يقول ان التكفير لغة يشمل وضع كل من اليدين على الاخرى و يشمل غيرها أيضا فاطلاق النهى عن التكفير في الروايتين يشمل الجميع غاية الامر انه يخرج عنه ما علم عدم تحريمه و هو ما يكون بغير وضع احدى اليدين على الاخرى و اما وضع الشمال على اليمين فلا دليل فيه على عدم تحريمه فالروايتان تنهضان باثبات تحريمه فالرّواية الاولى لا دلالة لها على الاختصاص التكفير بوضع اليمين على الشمال كما يظهر ممّا نقلنا عن المنتهى في وجه التردد الذى فعله في وضع اليمين على الشّمال لان بناءه اما على جعل قوله عليه السّلام ذلك التكفير تفسيرا للتكفير بذلك و هو غير معلوم لجواز ان يكون المراد مجرّد كونه تكفيرا و صدق التكفير عليه و هو لا ينافى صدقه على شي ء آخر و امّا على فهم الحصر من ذلك باعتبار تعريف الخبر قد يكون للحصر و امّا كونه دالّا عليه كليّا فلا كما يظهر من موضعه و بما ذكرنا يظهر انه يمكن الاستدلال بالرّواية الاولى أيضا على المنع من وضع الشمال على اليمين أيضا لان المستفاد منها انّ المنع عن وضع اليمنى على اليسرى انما هو لكونه تكفيرا و كون التكفير منهيّا عنه فاذا كان التكفير لغة عامّا في الصورتين و لا يظهر من الرّواية تخصيصه شرعا باحدهما كما ذكرنا فيدلّ على المنع فيها فافهم هذا اذا كان الرواية فلا تفعل بالفاء على ما في التهذيب و امّا على رواية لا تفعله بدون الفاء كما في الخلاف فظاهره أيضا ما ذكرنا لكن يمكن حمله على النهى عن خصوص ذلك التكفير و الاشارة الى ان التكفير و الخضوع في الصّلاة و ان كان حسنا لكن لا تفعل ذلك التكفير لكون خصوصه منهيّا عنه و حينئذ فلا دلالة له على المنع في غير الصّورة المفروضة هذا و بما فصّلنا تعلم ما في كلام المحقق الاردبيلى رحمه الله حيث نقل عن هى التردّد فيما نقله عن الخلاف من تحريم وضع الشمال على اليمين حال القراءة اذ رواية محمد بن مسلم تضمّنت العكس و رواية حريز تدل على المنع من التكفير و رواية محمّد بن مسلم ان التكفير هو وضع اليمين على الشمال فحسب فيطالب الشيخ بالمستند و قال فيفهم من رواية محمّد الحصر و هو بحسب الظاهر كذلك انتهى و انت تعلم أيضا ان طلب العلامة من الشيخ المستند مع صراحة كلامه في الصورتين لا يخلو عن غرابة لان الاجماع

ص: 256

الذى اعتقده يكفى مستندا له و ما يذكره من سائر الأدلّة انما يذكره استظهارا و يكفى فيه دلالة الخبرين على بعض ما ادّعاه خصوصا اذا كان ذلك البعض هو العمدة في غرضه لكونه محلّ النزاع بينه و بين العامة هذا و امّا سائر ما ذكره الشارح من التعميمات بناء على اطلاق النهى عن التكفير الشامل بجميع ذلك فقد ظهر ممّا تلونا عليك ان الامر كما ذكره و قال في المدارك و لا يبعد اختصاصه بوضع الكفّ على الكف لانه المتعارف و لا يخفى بعده ثمّ لا يخفى ان التحريم و الابطال انما هو مع العمد و امّا مع السّهو او النسيان فلا لعدم التكليف معهما فلا حرمة فلا بطلان اذ قد عرفت انه لا دليل على البطلان فيه سوى دلالة النهى على الفساد او الاجماع على ما نقله من الخلاف و اذ لا نهى مع السهو و النّسيان فينتفى الاول و ظاهر أيضا انه لا اجماع معهما على البطلان لتقييد كثير من الاصحاب الحكم بالعمد فالظاهر ان مراد من اطلق كالشيخ رحمه الله في الخلاف في دعوى الاجماع على البطلان كما نقلنا عبارته سابقا ذلك و ان لم ار تصريحا منهم بالاجماع على التقييد و امّا التمسّك في القيد برفع السّهو و النسيان و وضعهما كما فعله بعض الاصحاب فقد عرفت ما فيه مرارا فتذكّر

قوله الّا لتقيّة

لا ريب في الجواز مع التقية للعمومات الواردة في التقية كما نقلها في اصول الكافى في باب التقية من كتاب الايمان و الكفر لكن هل يتقيّد ذلك بما اذا اضطرّ الى الصّلاة في تلك الحال او يعم اذا امكنه الصّلاة في وقت آخر لا تقيّة فيه الظاهر من اطلاقهم التجويز معها هو الثانى و لكن عمومات التقية كانها لا تدل الا على الاوّل و لم ار في كلامهم التعرض لتحقيق ذلك ثمّ على تقدير التقييد لا ريب أيضا انه اذا حضر من تيقنه في اثناء الصّلاة فله استعمال التقية و لا يجب عليه اعادة و ان امكنه الاعادة بدون التقية لصحة الصّلاة الاولى و عدم دليل على وجوب الاعادة و كذا في جوازها اذا صلّى معهم و ان لم يضطرّ اليها للرّوايات الدّالّة على فضيلة الصّلاة معهم كصحيحة حماد بن عثمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال من صلّى معهم في الصّف الاوّل كان كمن صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الصّف الأوّل و لا يبعد أيضا اطلاق الحكم في الصلاة في مساجدهم و ان لم يصلّ معهم لظاهر صحيحة زيد الشحّام عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال له يا زيد خالقوا النّاس باخلاقهم صلّوا في مساجدهم و عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم الحديث و امّا في غير ذلك فالاحوط فعلها في وقت لا يحتاج فيه الى التقية اذا امكنه و اللّه تعالى يعلم

قوله فيجوز منه ما تأدّت به

فلو تأدّت التقية بالتكفير في ركعة مثلا فلا يجوز له التكفير الا فيها و قال المصنف في الذكرى و لو وضع اليسرى على اليمنى عند التقية احتمل البطلان لانه لم يأت بالتقية على وجهها فيكون المحذور سليما من المعارض و الصحة اذا تأدت بها التقية انتهى و لا يخفى ضعف الاول و قوة الثانى فانا لم نؤمر بفعل ما يفعلونه عند التقية بل بالتقية فكل ما حصل به التقية يكفى الامتثال و يمكن حمل كلام الشارح على هذا المعنى اى يجوز منه ما تأدّت به التقية و ان لم يكن على ما يستحبونه من وضع اليمنى على اليسرى كما قال في شرح الارشاد و يجب عليه معها فعله على وجه يتأدّى به التقية سواء كانت على الهيئة المسنونة عندهم ام غيرها

قوله عند ظنّ الضرر بتركها

ظاهر عبارته هنا و في شرح الارشاد ان الظرف متعلق بالوجوب انما هو عند ظن الضرر بتركها و امّا الجواز فلا يتقيد به فكانه يكتفى فيه بالشّكّ أيضا او بمجرّد احتمال الضّرر عادة و ان كان مرجوحا و الحكم بالجواز في غير صورة القطع او الظن لا يخلو عن اشكال خصوصا مع كون احتمال الضرر مرجوحا سيّما اذا امكنه الصّلاة في وقت آخر بدونها و ظاهر كلام الفاضل الاردبيلى رحمه الله ان جواز التقية و وجوبها هاهنا متلازمان فانه قال و على تقدير القول بالبطلان و التحريم لا شكّ في استثناء صورة التقية و انّه يجب حينئذ ذلك انتهى و لا يخلو عن وجه يمكن حمل كلام الشارح هاهنا على ذلك بان يجعل الظرف متعلقا بالجواز و الوجوب جميعا لكن حمل عبارته في شرح الارشاد على ذلك كانّه بعيد جدّا حيث قال بل قد يجب باضافة قد الظاهر في التعليل فتأمل و بعد ما كتبت ذلك رايت انه رحمه الله قال في شرح الارشاد في بحث الوضوء و اعلم ان الحالة الموجبة للتقية ان يحصل للمكلف العلم او الظن بزوال الضّرر بتركها به او ببعض المؤمنين قريبا او بعيدا سواء كان ذلك في واجب عندهم او مستحب او مباح و لو لم يخف ضررا عاجلا و توهّم ضررا آجلا او ضررا سهلا استحبّت و كذا لو كانت التقية في المستحبّ كغسل الوجه باليدين معا حيث لا ضرر معلوما و لا مظنونا و لا يبطل الفعل بتركها هنا قطعا و قد يكره كالتقية في المستحبّ حيث لا ضرر عاجلا و لا اجلا مع خوف الالتباس على عوامّ المذهب و قد يحرم حيث لا يتحقق الامن من الضرر بفعل الواجب عاجلا و آجلا و لا يتصوّر اباحتها في العبادات امكنت في الجملة كالتقية في بعض المباحاة التى يرجحها العامة و لا يحصل بتركها ضرر فهي اذن منقسمة انقسام الاحكام الخمسة و لا اختصاص لها بهذا الباب و ان امكن فرض الاربعة فيه انتهى و لا يخفى ان كلامه صريح في استحباب التقية مع توهّم ضرر المخالفة آجلا فمع الشكّ بطريق اولى و كذا مع الشّكّ فيه او توهّمه عاجلا و على هذا فيجب حمل كلامه هاهنا و في شرح الارشاد في هذا البحث على ما ذكرنا انه ظاهرهما و لكن لم اقف على مأخذ ما ذكره من التفصيل فتأمل

قوله بخلاف المخالفة في غسل الوضوء بالمسح

قال في شرح الارشاد و لو ترك التكفير مع التقية قيل كان كترك الغسل في مسح الوضوء فتبطل الصّلاة لتحقق النهى و فيه نظر لان النّهى هنا عن وصف خارج عن افعال الصّلاة بخلاف ما سبق فان النهى فيه متعلق بركن من اركان الوضوء فلا يبطل الصّلاة بتركه هنا و ان بطل الوضوء و توضيح ما ذكره من النّظر موافقا لما ذكره هنا ان التكفير و ان كان محرّما لكنه وصف منفكّ عن اجزاء الصّلاة كما نقلنا عنه سابقا في بحث عدم دلالة النّهى هنا على الفساد فترك التكفير و ارسال اليد ليس واجبات الصّلاة و افعالها فالنهي عنه حال التقية نهى عن امر خارج عن افعال الصّلاة فلا يقتضى الفساد بخلاف النهى عن المسح في الوضوء في صورة التقية فانه متعلّق بركن من اركان الوضوء فيوجب البطلان و فيه ما اشرنا اليه سابقا انّ هذا انما يستقيم لو وقع النهى عن التكفير مطلقا غير مقيّد بحال الصّلاة و ليس كذلك بل انما وقع النهى في الرّوايات عن التكفير في الصّلاة و لا ريب انه يتضمّن وجوب تركه فيها و قد نقلنا أيضا ورود الامر بارسال اليد فيها في صحيحة زرارة و على هذا فيكون ترك التكفير و ارسال اليد من واجبات الصّلاة و اجزائها او شرائطها فالنهي عنه في حال التقية يوجب فساده لانه نهى في العبادة و يلزم منه فساد الصّلاة لان فساد الجزء او الشرط يوجب فساد الكل او المشروط و على هذا فما نقله عن القيل لا يخلو عن وجه و العجب من المصنف رحمه الله في الذكرى حيث نقل في بحث تحريم التكفير و كونه مبطلا عن المحقق في المعتبر انه اجاب عن استدلال الشيخ بالاحتياط بانّ الاحتياط معارض بان الاوامر المطلقة بالصّلاة دالّة باطلاقها على عدم المنع و اعترض عليه بانّ الامر بالصّلاة مقيّد بعدم التكفير الثابت في الخبرين المعتبرى الاسناد اللّذين عمل بهما معظم الاصحاب و ذكر هاهنا انه لو ترك الوضع عند التقية فكترك الغسل في مسح الوضوء و قد سلف و اولى هاهنا بالصحة

ص: 257

لأنّه خارج عن الصّلاة بخلاف الغسل و المسح فانّ الجزئيّة محققة فيهما فيتحقق النهى عن العبادة في الجملة و الاقرب هنا الجزم بعدم البطلان انتهى و غفل عن انه اذا كان الامر بالصّلاة مقيّدا بعدم التكفير فالمط هو الصّلاة كذلك فاذا فعل ذلك على وجه منهىّ عنه كما في حال التقية كان فاسدا على قاعدتهم من فساد العبادة المنهى عنها فكيف حكم بان الاقرب الجزم بعدم البطلان لا يقال عدم التكفير يمكن ان يكون شرطا للصّلاة لا جزءا كما ذكرت بل هو بالشرط اشبه و لعلّهم لا يسلمون ان فساد الشرط يوجب فساد المشروط اذ يجوز ان يكون الشي ء شرطا في شي ء و يكفى في صحته حصوله و ان حصل على وجه منهى عنه كما يقولون في مقدمة الواجب نعم المسلم ان النهى عن نفس العبادة او جزئها يوجب فسادها لانا نقول حكمهم بفساد العبادة المنهىّ عنها باعتبار انّهم يحكمون بامتناع كون شي ء واحد مامورا به و منهيّا عنه و ظاهر انه لا يتفاوت في ذلك الحكم الجزء و الشرط فكما ان الامر بالاجزاء عندهم امرا بها على وجه لا يكون منهيّا عنه فاذا دخل جزء يكون منهيّا عنه لم يكن من افراد المامور به و كان باطلا فكك الحكم في الشرط أ لا ترى ان المحقق رحمه الله في المعتبر في بحث عدم جواز الصّلاة في الحرير المحض و بطلانها به استدلّ على البطلان في صورة كونه ساتر العورة بانه منهىّ عن التستر به و النهى يدلّ على فساد المنهىّ عنه ثمّ اعترض بان النهى عن الستر به لا يرتفع معه السّتر لانه فعل حقيقى لا ينبغى بالنهى كما لو قال لا تقم فان النهى لا يرتفع اسم القيام مع تحققه فيكون شرط الصّلاة حاصلا لانّا لا نم ان السّتر مراو كيف كان بل السّتر المامور به و الا لزم كون السّتر مامورا به منهيّا عنه باعتبار واحد و هو محال انتهى و منه يظهر انه لا فرق عندهم بين الجزء و الشرط في كون النهى عنه موجبا للفساد فالظاهر ان يقال في الفرق ان شرطية عدم التكفير او جزئيته انما هو في حال عدم التقية فمع التقية ليس ذلك بشرط و لا جزء فحصوله على وجه منهىّ عنه لا يوجب فساد الصّلاة و لا نم أيضا كون التكفير حينئذ شرطا او جزءا حتى يبطل الصّلاة بعدم تحقق شرطها او جزئها بل التقية ربما كانت واجبة على حدة لا خصوصية لها بالصّلاة و غيرها فكان تاركها مطلقا آثما و ان لم يضرّ بما تركها فيه كالصّلاة و هذا بخلاف الوضوء اذ لا بدّ فيه من المسح او الغسل فاذا مسح في حال التقية لم يحصل شي ء منهما امّا الغسل فظاهر و امّا المسح فلبطلانه باعتبار كونه منهيّا عنه حينئذ و لعل لأحد حمل كلامهم في الفرق على ما ذكرناه و ان كانت عباراتهم قاصرة و ربما امكن المناقشة فيه أيضا بان جزئية المسح للوضوء انما هو مع عدم التقية و اما معها فيسقط اعتباره و لا نم جزئية الغسل حينئذ بل هو واجب على حدة لا يضرّ تركها بالصّلاة الّا ان يثبت جزئية احد الامرين بالاجماع او يقال ان التقية لا توجب سقوط اعتبار المسح فانها يحصل بالغسل و الغسل مشتمل على المسح مع امر زائد فوجوب المسح ثابت مطلقا فاذا فعل حال التقية على وجه منهىّ عنه و هو المسح بدون الغسل كان باطلا هذا و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله بعد ما نقلنا في الحاشية السّابقة في وجوب التقية و الظاهر عدم البطلان على تقدير تركها لان التكفير ليس بشرط و لا جزء للصلاة حتى تفسد بتركه بخلاف تركه مثل غسل الرّجل حال التقية بالكلية فتأمل في الفرق فانه ظاهر انتهى و كانه مراده ما ذكرنا في الوجه الظاهر و ان كان ما ذكره لا يخلو عن اجمال و اخلال فتأمل و قال المحقق الشيخ على رحمه الله في شرح القواعد لو وجب عليه التكفير للتقية مخالف ففى ابطال الصّلاة تردّد نظرا الى وجوب التقية و الإتيان بالواجب اصالة و مثله ما لو وجب الغسل في الوضوء و المسح على الخفّين و نحو ذلك و قد يمكن الفرق بين التكفير و ما ذكر بانّه فعل خارج عن الصّلاة لا جزءا و لا شرطا فلا يتعدى النهى بسببه انتهى و كلامه أيضا موافق لكلام المصنف و الشارح في ان ظاهره ما ذكرنا في توجيه كلام الشارح اوّلا و انه يمكن حمله على ما ذكرنا في الوجه الظاهر فتدبّر بقي ان الشارح رحمه الله في شرح الارشاد في بحث الوضوء احتمل الصحة في الوضوء أيضا اذا مسح فيه مع

التقية معلّلا بانّ النهى لوصف خارج و كان نظره امّا الى ما ذكرنا في المناقشة على ما ذكرنا في الوجه الظاهر من عدم تسليم جزئية المسح و كذا الغسل مع التقية او الى ان النّهى في ان النّهى في حال التقيّة ليس من المسح بل عن ترك التقيّة و المسح ملزوم للترك لا عينه و ان المسلم ان النّهى عن الشي ء في العبادات يوجب فساد النّهى عنه بذاته لا فساد ما هو ملزوم او الى ان النهى عن العبادة انما يوجب فسادها اذا تعلق بخصوصها لا بامر عامّ بشملها و ما نحن فيه ليس كذلك فانّ النّهى وقع عن ترك التقية مطلقا لا عن خصوص الصّلاة بدونها و الحاصل تخصيص الحكم بالفساد بما اذا كان بين جهة الوجوب و الحرمة عموم و خصوص مطلق لا من وجه كما ذكره بعض الاصوليّين لكن الظاهر من اصحابهم انهم لا يقولون بهذا الفرق كما يظهر من استدلالاتهم في موارد استعمال تلك المقدّمة كما انّهم يستدلّون على فساد الصّلاة في المكان المغصوب بالنّهى مع ان النهى هناك عن الغصب و هو امر عامّ لا عن خصوص الصّلاة المكان المغصوب و كذا في السّتر بالثوب المغصوب كما نقلنا آنفا عن المحقق رحمه الله فتأمل

قوله و الالتفات الى وراءه

هكذا ذكره المصنف رحمه الله هنا و سيجي ء منه أيضا انه يكره الالتفات يمينا و شمالا بالصّبر و في الدروس عدّ من مبطلات الصّلاة الالتفات دبرا و في البيان عدّ منها الانحراف عن القبلة و لو يسيرا قال و لو كان الى محض الجانبين او مستدبرا بطلت و ان كان سهوا الّا ان يستمر السّهو حتى يخرج الوقت فلا قضاء فيهما على الاقرب ثمّ عدّ من المكروهات الالتفات يمينا و شمالا و ان كان بوجهه ما لم ير ما رأوه قال و في خبر زرارة عن الباقر عليه السلام يقطعها اذا كان بكلّه و لا يضرّ رؤية ما رواه حال ركوعه و قال في الذكرى يحرم الانحراف عن لقبلة و لو يسيرا فلو فعل عمدا ابطلها و ان كان ناسيا و كان بين المشرق و المغرب فلا ابطال و ان كان الى المشرق و المغرب او كان مستدبرا فقد اجرياه في المقنعة و ية مجرى الظّاهر ان في الاعادة في الوقت اذا كان اليهما و مطلقا ان استدبر و توقّف فيه الفاضلان ثمّ نقل عن الشيخ في التهذيب ما يدلّ على ذهابه الى كون استدبار القبلة سهوا مبطلا و عن المبسوط ما يدلّ على كونه غير مبطل ثمّ قال ذلك ان تقول ان الصّلاة الى دبر القبلة غير الاستدبار سهوا في الصّلاة لان الاستدبار سهوا يصدق على اللحظة التى لا يقع فيها شي ء من افعال الصّلاة و جاز ان يغتفر هذا القدر كما اغتفر انكشاف العورة في الاثناء فلا يكون للشيخ في المسألة قولان انتهى و في دلالة ما نقله عن التهذيب على ما ذكره تامّل و كذا في جمعه بين كلامى الشيخ لكن لم يتعلق لنا غرض بذلك في هذا المقام و سنفصّل القول فيه بعد ذلك انشاء اللّه تعالى ثمّ قال و اعلم ان الالتفات الى محض اليمنى و اليسرى بكله كالاستدبار كما انه يحكمه في الصّلاة مستدبرا على اقوى القولين فيجي ء القول بالابطال و لو فعله ناسيا اذا تذكّر في الوقت و ان فرقنا بين الالتفات و بين الصّلاة الى اليمين و اليسار فلا ابطال انتهى و لما كان كلامه لا يخلو عن انغلاق و تعقيد فلا باس بتوضيحه فنقول الظاهر انه اراد بالانحراف عن القبلة الصّلاة منحرفا لانّ الالتفات في اثنائها فانّ ما نقله من المقنعة و ية انما هو فيمن صلّى ساهيا كذلك لا من التفت في اثناء الصّلاة و توقف الفاضلان أيضا فيه و وجه توقفهما احتمال

ص: 258

ان يكون كالعامد كما سبق تفصيله في بحث القبلة ثمّ ما نقله عن التهذيب بيان انّه عدّ نفس الاستدبار في الاثناء من المبطلات و لو سهوا ثمّ ما ذكره بقوله و اعلم بيان حكم نفس الالتفات الى المشرق و المغرب في الاثناء و حاصله انّ حكم الالتفات في الاثناء الى المشرق و المغرب حكم الاستدبار كما ان حكم من صلّى الى احدهما حكم من صلّى مستدبرا على اقوى القولين و هو قول السّيد المرتضى من تساوى حكم الصّلاة مستدبرا و الى المشرق و المغرب في وجوب الاعادة فيهما مع التّذكر في الوقت دون خارجه و امّا على القول الاشهر من الفرق بين من صلّى مستدبرا و من صلّى الى احدهما فاوجبوا للاعادة و القضاء في الاوّل و الاعادة فقط في الثانى فليس حكمهما واحدا و على هذا اى على اقوى القولين يمكن القول بالابطال بالالتفات الى احدهما و ان كان سهوا اذا تذكّر في الوقت بناء على القول بكون الاستدبار مبطلا مطلقا كما قال الشيخ نعم لو قيل بالفرق بين الصّلاة مستدبرا و بين الاستدبار في اثناء الصّلاة و ان الموجب للبطلان سهوا هو الأول دون الثانى كما ذكره في توجيه كلام الشيخ فلا ابطال بالالتفات و لا يخفى انه على ما قرّرنا كان ينبغى ان يقول و ان فرقنا بين الالتفات الى الدّبر و بين الصّلاة مستدبرا فلا ابطال بالالتفات اى مع السّهو و امّا مع قوله و ان فرقنا بين الالتفات و بين الصّلاة الى اليمين و اليسار فلا يظهر له وجه الا ان يقال انه اشارة الى التردّد فيما ذكره اوّلا من ان الالتفات الى اليمين و اليسار كالاستدبار لاحتمال ان يقال ان الصّلاة الى اليمين و اليسار كالصّلاة مستدبرا و امّا الالتفات الى احدهما فلا نم انه كالاستدبار فحينئذ لا يلزم من الابطال بالاستدبار سهوا الابطال بهما أيضا كذلك فتأمل و المحقق رحمه الله في الشرائع عدّ في مبطلات الصّلاة التى لا يبطلها الّا عمدا الالتفات الى ما وراءه و في المكروهات الالتفات يمينا و شمالا و مثله العلّامة في القواعد و كذا في الارشاد بزيادة بالوجه بعد الالتفات المكروه و قال المحقق في المعتبر الالتفات يمينا و شمالا ينقص ثواب الصّلاة و الالتفات الى ما وراءه يبطلها لان الاستقبال شرط صحة الصّلاة و الالتفات بكلّه تفويت لشرطها و يؤيّد ذلك رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا استقبلت الى آخر الرواية التى سننقلها ثمّ قال و امّا كراهة الالتفات يمينا و شمالا بوجهه مع بقاء جسده مستقبلا فلرواية الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فاعد فاذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهّدت فلا تعده و روى زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال الالتفات يقطع الصّلاة اذا كان بكله و قال العلّامة رحمه الله في المنتهى الالتفات يمينا و شمالا ينقص ثواب الصّلاة و لا يبطلها و عليه جمهور الفقهاء و الالتفات ما وراءه يبطلها امّا الابطال بالالتفات بالكلية فلانّ الاستقبال شرط في صحة الصّلاة و مع الالتفات بالكلية يفوت الشرط و يؤيّد ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة انه سمع ابا جعفر عليه السلام يقول الالتفات و يقطع الصّلاة اذا كان بكلّه و في الحسن عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا استقبلت الى آخره و امّا النقص من الثواب في الالتفات الى احد الجانبين مع بقاء الجسد مستقبلا فلما رواه الجمهور عن ابى ذرّ قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يزال اللّه مقبلا على احد و هو في صلاته ما لم يلتفت فاذا التفت انصرف عنه و ليس ذلك للتحريم لما رووه عن ابن عباس قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلتفت يمينا و شمالا و لا يلوّى عنقه خلف ظهره و من طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن عبد الملك قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الالتفات في الصّلاة أ يقطع الصّلاة قال لا و ما احبّ ان يفعل و انما اشار عليه السلام بذلك الى الالتفات يمينا و شمالا و عن الحلبى في الحسن عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا التفتّ الى آخره انتهى و قال رحمه الله في النهاية الالتفات الى ما وراءه مبطل مع العمد دون النسيان لان الاستقبال شرط و الاستقبال بجملته مفوّت له و لقول الباقر عليه السلام اذا استقبلت الى آخره و قال الباقر عليه السلام الالتفات يقطع الصّلاة اذا كان بكله امّا الالتفات يمينا و شمالا فانه مكروه غير مبطل لدلالة مفهوم قوله اذا كان بكله عليه

انتهى و اذ قد وقفت على نبذ من عبارات الاصحاب التى يظهر منها مذاهبهم في هذه المسألة فبالحرىّ هنا ان يذكر ما هو التحقيق فيها فنقول و باللّه التوفيق و يستمدّ منه الالتفات انّ الالتفات امّا بكل جسده او بالوجه خاصة مع بقاء جسده مستقبلا ففى الاوّل الظاهر بطلان الصّلاة بادنى التفات عمدا عمّا يجوز الصّلاة اليه من حدّ القبلة بدون العذر و ان لم يبلغ حدّ الاستدبار بل و لا اليمين و اليسار بناء على ما هو المشهور من عدم سعة القبلة لما بين المشرق و المغرب الّا لذوى الاعذار فانه لا خلاف في شرطية الاستقبال في الفريضة و يدل عليه أيضا الآية الكريمة و الروايات فمتى التفت الى حدّ يخرج عن القبلة و لم يجز الصّلاة اليه فقد انتفى الشرط و انتفى بانتفائه المشروط و يمكن المناقشة فيه بان المسلم بالاجماع و الرّوايات انما هو الاستقبال في جميع زمان الصّلاة عما يأتى فيه بشي ء من اجزائها و امّا جميع زمانها و ان لم يقع فيه شي ء من اجزائها فلا و حينئذ فاذا التفت لحظة لم يأت فيها بشي ء من اجزاء الصّلاة و ليس لها طول بقدر ما ينافى المتابعة الواجبة في الصّلاة فبطلان الصّلاة به غير ظاهر و يدلّ أيضا على ذلك صحيحة التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة في شرح قول المفيد و من التفت في صلاة حتى يرى من خلفه وجب عليه اعادة الصّلاة عن زرارة انه سمع ابا جعفر عليه السلام قال سألته هل يلتفت الرّجل في صلاته فقال لا و لا ينقض اصابعه و كون المنع في نقض الأصابع للكراهة لا يوجب حمله في الاوّل أيضا عليها مع ظهوره في التحريم لكن ليس ببعيد جدّا حمل المنع على الكراهة بالقرينة المذكورة و حمل الالتفات على ما اذا لم يكن بكلّه و بالجملة فهذه الرواية تصلح دليلا لأحد المسألتين و امّا الثانى و هو الالتفات بالوجه خاصّة فامّا اذا ما رواه اوّلا بل يكون ميتا منا او ميتا سرا بحيث لا يبلغ اليمين و اليسار او يبلغهما و لكن لا يتجاوز عنه الى ما رواه فعلى الاوّل قد عرفت تصريح جماعة من الاصحاب ببطلان الصّلاة بتعمّد الالتفات كذلك و استدلوا عليه بما في المعتبر و هى و ية من شرطية الاستقبال و لا يخفى ما فيه فان الاستقبال الذى هو شرط الصّلاة امّا ان يكون هو الاستقبال بالجسد او بالوجه أيضا فعلى الاول لا يضرّ الالتفات بالوجه فقط مع بقاء الجسد مستقبلا و ان بلغ ما بلغ و على الثانى فينبغى ان يقولوا بالبطلان بانحراف الوجه عما يجوز استقباله من القبلة مطلقا و ان كان متيامنا او متياسرا بحيث لا يبلغ ما وراه كما قالوا في الالتفات بتمام الجسد و لم يقولوا به و بهذا يظهر أيضا ضعف ما في المنتهى و ية من التأييد بصحيحة زرارة و الاستدلال بها و في التهذيب أيضا من الاستدلال بها على ما نقلنا من عبارت المفيد فانه انما يفيد اطلاق قطع الصّلاة بالالتفات بكلّه و اين هو من الحكم بقطعها بالالتفات بالوجه خاصّة الى ما وراه بل هى بمفهومها تدلّ على خلاف ذلك و كانّ بناء كلامهم على ان الانحراف بالوجه كذلك يستلزم الانحراف بكل البدن فالبطلان لذلك و اما اذا لم يبلغ الى الحدّ المذكور فلا يكون

ص: 259

مبطلا اذا كان بالوجه خاصّة و لا يخلو عن تكلّف و مع ذلك ففيه ما اشرنا اليه من المناقشة و امّا على ما ذكره الشارح من امكان الالتفات بالوجه خاصّة الى الحدّ المذكور مع استقبال القبلة بسائر الجسد و ان كان بعيدا فلا اتّجاه لما ذكروه اصلا و سيجي ء الكلام في تحقيق الاستلزام المذكور فانتظر و امّا ما في المعتبر و هى من التأييد بحسنة زرارة بإبراهيم و في التهذيب من الاستدلال بها على ما في المقنعة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلّب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فانّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله في الفريضة فولّ وجهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره و اخشع بصرك و لا ترفعه الى السّماء و لكن حذاء وجهك في موضع سجودك و رواها في الكافي أيضا باب الخشوع في الصّلاة و ذكر في الفقيه أيضا باب القبلة بعد نقل رواية عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال و في حديث آخر ذكره له ثمّ استقبل القبلة بوجهك و لا تقلّب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان اللّه عزّ و جلّ يقول لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله في الفريضة فولّ وجهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره و سند الفقيه الى زرارة صحيح على ما في الخلاصة فهو و ان كان اقوى من اصل الدّليل الذى في المعتبر و هى لكن يتوجّه عليه انّ الاستقبال و التقلب فيها و ان نسبا الى الوجه خاصة لكن لا يبعد حملهما على استقبال تمام البدن و تقلّبه كذلك بقرينة الاستشهاد في الآية اذ الامر فيها بتولية الوجه محمول على تولية كل البدن و على هذا فلا تصلح دليلا كيف و لو صلحت لذلك فالآية الكريمة اولى بذلك فلم لم يتعرّضوا لها و أيضا يتوجّه عليه انها لو دلّت على المنع من تقليب الوجه عن القبلة مطلقا و فساد الصّلاة به كذلك فلا وجه للتخصيص بصورة كونه الى ما وراءه و هذا أيضا مما تصلح مؤيّدا لحملها على ما ذكرنا لا ما ذكروه الا ان يقال ان التخصيص فيها للجمع بينها و بين رواية عبد الملك الآتية الدّالّة على كراهة الالتفات و فيه ان الرّواية المذكورة مع عدم وضوح صحة سندها بل دلالتها أيضا كما سنشير اليه لا تصلح لتخصيص تلك الرّواية و كذا ساير الرّوايات الآتية الدّالة على فساد الصّلاة بالالتفات بالوجه مطلقا مع اعتضادها بظاهر الآية الكريمة فالوجه امّا القول بالبطلان بالالتفات بالوجه مطلقا كما سننقله عن فخر المحققين او حمل الالتفات في الجميع على الالتفات بتمام البدن و انحرافه عن القبلة و الثانى اولى للاصل و مفهوم صحيحة زرارة و ندور القول المذكورة و شهرة خلافه بين الاصحاب لو لم يكن اجماعيا و استدل أيضا لهم بحسنة الكافى بإبراهيم باب ما يقطع الصّلاة و التهذيب باب كيفية الصّلاة و صفتها عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و قال اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فاعد الصّلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كان قد تشهّدت فلا تعد وجه الاستدلال ان الالتفات الى ما وراه فاحش قطعا و فيه ان كون المراد بالالتفات فيه الالتفات بالوجه و كون فاحشيّة ما ذكر غير ظاهر لاحتمال ان يكون المراد به الالتفات بتمام الجسد الى ان يخرج عن سعة القبلة التى يجوز الصّلاة الى كل جزء منها فيكون التقييد بالفاحش للاشارة الى سعة جهة القبلة و انه لا يخرج بالالتفات اليسير منها و الظاهر انه لو لم يكن هذا الاحتمال اظهر من الاوّل فليس الاول اظهر منه فالاصل يرجح حمله عليه و كذا مفهوم صحيحة زرارة كما اشرنا اليه و ربّما يستدلّ لهم أيضا بصحيحة التهذيب اواخر باب كيفية الصلاة و صفتها من الزيادات عن على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظنّ ان ثوبه قد انخرق او اصابه شي ء هل يصلح له ان ينظر فيه او يمسّه قال ان كان في مقدم ثوبه او جانبيه فلا باس و ان كان في مؤخره فلا يلتفت فانه لا يصلح و فيه ان ظاهر قوله عليه السلام فانه لا يصلح هو الكراهة لا الحرمة و الابطال و كما يمكن ارتكاب التاويل فيه لحمله التحريم يمكن ارتكابه في النّهى او النفى بحمله على الكراهة و كون الاول اظهر من الثانى غير ظاهر بل الاصل يرجح الثانى و لو قيل انه يمكن حمله على الكراهة اذ لا يستقيم تخصيص الكراهة بما اذا كان في مؤخره و نفى الباس

فيما عداه لعموم كراهة الالتفات و لا اقل من ثبوتها فيما اذا بلغ احد الجانبين كما سيظهر فنقول ان المذكور في الخبر عدم الباس بالنظر او المسّ فيما اذا كان الخرق او الاصابة في مقدّم ثوبه او جانبيه و استلزامها في الصورتين للالتفات بالوجه غير ظ و حينئذ فلا نم كراهته اذ المسلم هو كراهة الالتفات بالوجه خاصّة الى ما وراه كما هو المط فهذه هى الروايات التى وقفنا عليها في هذا الباب و قد ظهر لك بما اوردنا ان الحكم بالحرمة و الأبطال في خصوص الصّورة المذكورة لمجرّد تلك الرّوايات لا يخلو عن اشكال الا ان يثبت اجماع عليهما و لم ينقل ذلك فيما راينا من كلامهم لكن لما كان القول بهما مشهورا بين الاصحاب فلا ريب ان الاحتياط في تركه فلو فرض وقوعه فالاحوط اتمام الصّلاة و اعادتها و اللّه تعالى يعلم و امّا الثانى و هو ان لا يكون الالتفات بالوجه الى ما وراه بل الى اليمين و اليسار فالمش انه لا يحرم ذلك بل ظاهر ما نقلنا عن هى عدم الخلاف فيه حيث لم ينقل فيه خلافا من الاصحاب و نسبه الى جمهور الفقهاء أيضا لكن حكموا بكراهة الالتفات يمينا و شمالا و هو يحتمل وجهين كراهته اذا بلغ حدّ اليمين و الشمال خاصّة فاذا لم يبلغ احدهما فلا كراهة أيضا او كراهته الى احد الجانبين سواء بلغ احدهما ام لا و ما استدلّوا به على الكراهة يعطى الثانى و يظهر من كلام جماعة كالمحقق الثانى و الشارح و المحقق الاردبيلى رحمه الله ان المراد هو الاول و نقل في الذكرى عن بعض مشايخه المعاصرين انّ الالتفات بالوجه يقطع الصّلاة كما يقول به بعض الحنفيّة و الشارح رحمه الله أيضا نقل في شرح الارشاد في شرح قول مصنّفه و يكره الالتفات بالوجه يمينا و شمالا عن ولد المصنف انّه حرّمه و ابطل الصّلاة به و الظاهر انه الشيخ المعاصر للمص و قوله أيضا يحتمل ما ذكرنا من الوجهين في الكراهة و ما استدلوا به يعطى الثانى حجة المشهور على عدم الحرمة الاصل و مفهوم صحيحة زرارة المتقدمة و على الكراهة برواية التهذيب في الباب المذكور في شرح القول المذكور من المفيد عن عبد الملك و فيهما اشتراك و في الاستبصار عن عبد الحميد بن عبد الملك و على هذا فلا يبعد ان يكون عبد الحميد بن ابى العلاء بن عبد الملك الثقة فيكون السّند صحيحا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الالتفات في الصّلاة أ يقطع الصّلاة فقال و ما احبّ ان يفعل و لما ثبت عندهم الحرمة و الابطال فيما اذا كان الى ما وراه فيحمل ذلك على غيره و على ما ذكرنا لما لم يثبت ذلك الا في الانحراف بتمام البدن بحمل هذا على غيره و هو الالتفات بخصوص الوجه مطلقا و هو اوفق باطلاق الرّواية لكن لا يخفى على الوجهين من دلالته على اطلاق الكراهة سواء بلغ الى اليمين او اليسار ام لا و احتجوا للقول المنقول بحسنة زرارة المتقدمة لا تقلّب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك و برواية العامة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا تلتفتوا في صلاتكم فانه لا صلاة لملتفت و لا يخفى دلالة الروايتين أيضا على ما ذكرنا من اطلاق الحكم من غير تقييد بما اذا بلغ احد الجانبين و اجاب الشارح في شرح الارشاد بانه يحمل القلب على بلوغه حدّ الاستدبار و الالتفات على كونه بكلّه كما قيّده في رواية زرارة السّالفة جمعا بين الاخبار خصوصا مع ضعف هذا الرواية

ص: 260

انتهى و انت خبير بان ضعف رواية العاميّة ممّا لا يضرّ اذ ورد في رواياتنا صحيحا ما يدلّ على اطلاق الحكم ببطلان الصّلاة بالالتفات و المنع عنه كما سبق من صحيحة عمر بن يزيد و صحيحة محمد بن مسلم نعم حمل الجميع على ما اذا كان بكله كما ذكره لا يخلو عن وجه جمعا بين الاخبار و امّا الحسنة الدّالة على فساد الصّلاة بتقليب الوجه فقد ورد مثلها روايات اخرى أيضا منها حسنة التهذيب بإبراهيم في شرح القول المذكور عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و في آخرها فان لم يقدر على ماض ينصرف بوجهه او يتكلم فقد قطع صلاته و منها ما في الفقيه أيضا متّصلا بصحيحة عمر بن اذينة السّالفة انّ في رواية ابى بصير عنه عليه السلام ان تكلّمت او صرفت وجهك عن القبلة فاعد الصّلاة و منها رواية التهذيب باب احكام السّهو من الزيادات عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته و قد سبقه بركعة فلمّا فرغ الامام خرج مع الناس ثمّ ذكر انّه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك اذا لم يحوّل وجهه عن القبلة فعليه ان يستقبل الصّلاة استقبالا و قد روى هذه الرواية بالسّند المذكور بادنى اختلاف فيه في باب احكام السّهو من الاصل أيضا و فيه اذا حوّل فاذا حوّل وجهه بكليّته بزيادة بكليّته و لا يضرّ وجود هذه عن محمّد في الباب المذكور من الزّيادات بسند صحيح بدون قوله يجوز له ذلك الى آخره اذ عدم ذكر بعض الرّواة الزّيادة فلا يقدح في رواية من ذكرها و لا يخفى ان تخصيص جميع تلك الاخبار بما اذا بلغ حدّ الاستدبار للجمع بين الاخبار على ما ذكره مشكل جدّا اذ ليس في اخبارنا ما يشهد بذلك التخصيص و التفصيل سوى مفهوم حسنة الحلبى حيث قيّد فيها الحكم باعادة الصّلاة بالالتفات بما اذا كان الالتفات فاحشا و لا يخفى ضعف دلالته اذ يمكن ان يكون المراد بالفاحش ما اذا تجاوز عن سعة جهة القبلة و ان كان الحكم بعد ذلك مطلقا كما قلنا سابقا حيث حملناه على الالتفات بتمام البدن و حينئذ فليس فيهما ما يدل على تخصيص تلك الاخبار اصلا و امّا رواية عبد الملك فعلى تقدير تسليم صلاحيّتها لمعارضة تلك الاخبار ليس فيها ما يشبهه باختصاصها بصورة الالتفات الى غير ما وراه فحملها على ذلك و حمل تلك الاخبار على ما اذا كان الى ما وراه الجمع بينهما انما هو بمجرّد التشهّى و الرّجم بالغيب على انه و يمكن ايضا حملها على الالتفات بالنظر و حينئذ فلا معارضة لها مع تلك الاخبار اصلا نعم الرّواية العامية عن ابن عباس كما نقلنا سابقا عن هى لا يخلو عن دلالة على ذلك التخصيص و لا عبرة بها فالاظهر كما اشرنا اليه امّا القول بعموم البطلان بالالتفات بالوجه كما نقل من القول المذكور او حمل تغليب الوجه او صرفه او تحويله في تلك الاخبار على تغليب تمام البدن و صرفه و تحويله لا خصوص الوجه و هذا اظهر كما اشرنا اليه و يمكن تأييده بصحيحة التهذيب اواخر باب كيفية الصّلاة و صفتها من الزّيادات عن الفضيل بن يسار قال قلت لابى جعفر عليه السلام اكون في الصّلاة فاجد غمرا في بطنى او اذى او ضربانا فقال انصرف ثمّ توضّأ و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصّلاة متعمّدا فان تكلّمت ناسيا فلا شي ء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصّلاة ناسيا قلت و ان قلّب وجهه عن القبلة قال نعم و ان قلّب وجهه عن القبلة فيحمل على ما ذكرنا على تقليب الوجه خاصّة و لا حاجة الى تخصيصه بما اذا لم يكن الى ما وراه و على المشهور لا بدّ من ذلك التخصيص لكن يمكن أيضا حمله على ما اذا وقع ذلك سهوا كما ذكره في الكلام و حينئذ يمكن صحة اطلاق الحكم و ان لم يجوّز تقليبه عمدا مطلقا او الى ما وراه بل و ان حمل تقليب الوجه على تقليب تمام البدن فتفطّن و بما تلونا عليك من الاخبار ظهر ضعف ما ذكره الشارح في شرح الإرشاد في شرح قول مصنفه و الالتفات الى ما وراءه حيث نقل عن ولدي المصنف انّه ابطل الصّلاة بالالتفات بالوجه خاصّة و ان كان على ما دون الاستدبار ثمّ قال و هو ضعيف لان الاخبار امّا مطلقة في عدم الابطال او مقيّدة بالالتفات بكله او بالفاحش و لا يتحقق بذلك نعم هو مذهب بعض العامة محتجا بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا تلتفتوا في صلاتكم فانه

لا صلاة لملتفت و الرّواية ضعيفة عندهم لانّ راويها عبد اللّه بن سلام و هو ضعيف و يمكن حملها على الالتفات بكله كما رواه زرارة انتهى و ذلك لما سمعت من الاخبار الكثيرة التى يمكن ان يستدلّ بها على القول المذكور فالاخبار لم تنحصر فيما نقله و القول المذكور ليس بمكان من الضعف على ما ذكره و اللّه تعالى يعلم هذا كله في الالتفات عمدا و اما اذا وقع ذلك سهوا فان لم يبلغ الى احد الجانبين فلا شي ء عليه مطلقا و لا يظهر منهم خلاف في ذلك و ان بلغ احدهما ففيه اوجه احدها ان لا شي ء عليه مطلقا سواء بلغ الاستدبار أيضا ام لا و سواء كان بكل البدن او بالوجه خاصّة و سواء خرج الوقت عند تذكره ام لا و هذا هو الظاهر من كلام العلّامة رحمه الله في المنتهى فانه قال بعد ما نقلنا عنه من حكم الالتفات فرع لو التفت الى ما وراه ناسيا لم يعد صلاته لقوله صلّى اللّه عليه و آله رفع عن امّتى الخطأ و النّسيان و ما استكرهوا عليه انتهى و ثانيها وجوب الاعادة عند تذكرة في الوقت لا القضاء اذا تذكر خارجه سواء بلغ حدّ الاستدبار ام لا كما هو المختار فيمن صلّى ظانّا او ناسيا الى غير القبلة كما سبق و هذا هو الذى ذهب اليه الشارح رحمه الله في شرح الارشاد لكنه انما حكم به فيما اذا كان الالتفات بالبدن فانه قال و لو كان الالتفات بالبدن فان وقع عمدا ابطل الصّلاة مطلقا لمنافاته الاستقبال الذى هو شرط و ان كان سهوا و كان يسيرا لا يبلغ حد اليمين و اليسار لم يضرّ و ان بلغه اعاد في الوقت لا في خارجه كمن صلّى جميع الصّلاة كذلك انتهى فعلى القول بحرمة الالتفات بالوجه خاصة أيضا الى ما وراه يمكن أيضا ان يكون حكمه مع السّهو ذلك من وجوب الاعادة في الوقت لا خارجه بل على قول ولد المصنف رحمه الله من حرمة الالتفات بالوجه الى اليمين و اليسار ايضا او مطلقا يمكن ان يكون حكمه ذلك اذا تجاوز ما بين المشرق و المغرب و ثالثها وجوب الاعادة في الوقت لا القضاء خارجه الا مع الاستدبار فيجب مطلقا كما هو المشهور فيمن صلّى ظانّا او ساهيا الى غير القبلة و هذا الوجه و ان لم نظفر بقائل به صريحا لكن يحتمل ذلك بناء على القول بعدم الانحراف عن القبلة في الاثناء و الصلاة منحرفا و اتحاد حكم الجزء و الكل و هذا و ان كان قد ذكروه في الانحراف بكل البدن لكن على المشهور من جزئية الالتفات بالوجه الى ما وراه أيضا يمكن ان يكون حكمه ذلك و كذا على مذهب ولد المصنف يمكن ان يكون حكمه وجوب الاعادة في الوقت مطلقا بشرط التجاوز المذكور و وجوب القضاء أيضا مع الاستدبار هذا و في الذكرى نقل عن التهذيب انه لما روى الحسين بن ابى العلا عن الصادق عليه السلام فيمن سبقه الامام بركعة في الفجر فسلّم معه ثمّ اقام في مصلاه ذاكرا حتى طلعت الشمس يضيف اليها ركعة ان كان في مقامه و ان كان قد انصرف اعاد قال الشيخ يعنى به اذا كان قد استدبر القبلة و هذا ذهاب منه الى ان استدبر القبلة يبطل اذا وقع سهوا و اختاره المحقق في المعتبر و قال الشيخ في المبسوط بعد عدّ تروك الصّلاة و عدّ الاستدبار منها و الفعل الكثير و الحدث و هذه التروك على ضربين احدهما متى حصل عمدا او سهوا ابطل و هو جميع ما ينقض الوضوء و قد روى انه اذا سبقه

ص: 261

الحدث جاز الوضوء و البناء و الاحوط الاوّل و القسم الآخر متى حصل ساهيا او ناسيا او للتقية فانه لا يقطع الصّلاة و هو كل ما عدا نواقض الوضوء و هو تصريح منه بان الاستدبار سهوا لا يقطع ذلك ان تقول ان الصلاة الى دبر القبلة غير الاستدبار سهوا في الصلاة فان الاستدبار سهوا يصدق على اللحظة التى لا يقع فيها شي ء من افعال الصّلاة و جاز ان يغتفر هذا القدر كما اغتفر انكشاف العورة في الاثناء فلا يكون للشيخ في المسألة قولان على هذا انتهى و فيه تامل اما اولا ففيما ذكره من ان هذا ذهاب منه الى ان استدبار القبلة يبطل اذا وقع سهوا فان الانصراف المذكور في الخبر الذى حكم بوجوب الاعادة معه ظاهره وقوعه عمدا لكن مع ظن اتمام الصّلاة فهو عمد مع شائبة سهو و للاصحاب فيه قولان احدهما انّ حكمه حكم العمد المحض و الثانى الحاقه بالسهو المحض فبناء كلامه في التهذيب على القول الاوّل و قد ذهب في ية الى مثل ذلك في الكلام كما نقلنا عنه في بحث الكلام و ما نقل عن المبسوط من عدم قطع الصلاة به مع السّهو و النسيان انما هو اذا وقع سهوا محضا فلا منافاة بين كلاميه و قد صرّح في المبسوط بوجود القولين في المسألة التى ذكرنا و قد حكم اولا بالاول ثمّ جعل الثانى اقوى فقال في فصل احكام السّهو الذى هو بعد فصل تروك الصلاة الذى نقل عنه ما نقل في الذكرى و من نقص ركعة او ما زاد و لا يذكر حتى يتكلم او يستدبر القبلة اعاد و في اصحابنا من قال انه اذا نقص ساهيا لم يكن عليه اعادة الصّلاة لان الفعل الذى يكون بعده في حكم السّهو و هو الاقوى عندى انتهى و امّا ثانيا ففيما ذكره من وجه الجمع بين كلامى الشيخ فانّ حمل كلام المبسوط على خصوص ما ذكره من الاستدبار سهوا مع بعده جدّا كما يظهر لمن نظر في كلام المبسوط لا يجدى في الجمع بين كلامى الشيخ فان فيما ذكره في ذيل الخبر في التهذيب أيضا استدبار الصّلاة سهوا الذى ذكره لا الصّلاة الى دبر القبلة و مع ذلك قد حكم فيه بوجوب القضاء فلا يمكن الجمع بين كلاميه بما ذكروه فالصواب فيه ما ذكرنا و به يندفع أيضا ما يتوهم من التناقض في كلام العلامة رحمه الله في الارشاد فانه جعل اوّلا الالتفات الى ما وراه من المبطلات عمدا لا سهوا ثمّ ذكره بعيده انه لو نقص الركعة او ما زاد سهوا اتمّ ان لم يكن تكلم او استدبر القبلة او احدث و كذا كلام ابن حمزة في الوسيلة فانه أيضا قريب من كلام الارشاد الا انه ذكر بدل استدبار القبلة الانحراف عن القبلة و ذلك لان ما ذكرنا من وجه الجمع بين كلامى الشيخ يجرى بعينه في كلامهما أيضا و يؤيد ذكرهما التكلم أيضا لنقلهم الاتفاق على انه لا يبطل الا عمدا فالبطلان به ليس الا باعتبار وقوعه عمدا و ان كان مع ظنّ الفراغ و قال الشارح رحمه الله في شرح هذا الكلام و لو فعل احد هذه او غيرها من المنافيات بطلت لحصول المنافى في اثناء الصلاة و هذا الحكم في المنافى عمدا و سهوا كالحدث و الاستدبار ظاهر امّا في المنافى عمدا لا غير فيشكل الحكم بالبطلان معه لان المفروض و قوله سهوا فلا يزيد على فعله في اثناء الصلاة اللّهمّ الا ان يزيد بحيث يخرج به عن كونه مصلّيا فيتجه البطلان و قد مرّ مثله في الفعل الكثير انتهى و فيه تامّل امّا اولا ففى جعله كون الاستدبار مبطلا عمدا و سهوا امرا مسلّما مع ما فيه من الكلام الّا ان يكون مختار العلامة ذلك كما هو ظاهر كلامه في النهاية و هذا لا ينافى تقييد الالتفات الى ما وراه بالعمد فانه على تقدير استلزامه للانحراف بكليّته عن القبلة على ما يظهر من المنتهى و ية كما اشرنا اليه سابقا لا يستلزم استدبار القبلة بالبدن فلا منافاة بين الحكم بكون الاستدبار اى بالبدن مبطلا عمدا و سهوا و كون الالتفات الى ما وراه لا يبطل الا عمدا و امّا ثانيا ففى قوله لان المفروض وقوعه سهوا فلا يزيد على فعله في اثناء الصّلاة فان الظاهر ان المفروض وقوعه عمدا لا سهوا لكن مع ظن الفراغ فهو عمد مع شائبة سهو فلا استبعاد في جعل حكمه حكم العمد و الفرق بينه و بين السّهو المحض في اثناء الصّلاة كما قلنا في توجيه كلامى الشيخ فتأمل و قد وجد مثل التناقض المذكور في كلام العلّامة رحمه الله في هى أيضا و لا

يمكن توجيهه بما ذكرنا فانه ذكر في بحث الالتفات ما نقلنا عنه من الفرع و قال في بحث الخلل لو سلّم ثمّ تيقّن النقيصة كمن سلّم في الاوليين من الثلاثيات او الرّباعيّات او صلّى ركعة في الغداة و سلم ساهيا اتى بما نقص و تشهّد و سلّم و سجد سجدتى السّهو الا ان يفعل ما ينافى الصّلاة عمدا و سهوا كالحدث و الالتفات على ما وراه فانّه يبطل صلاته حينئذ و ان فعل ما يبطل الصّلاة عمدا لا سهوا كالكلام ففيه خلاف بين علمائنا فبعضهم ابطل الصّلاة و اوجب الاعادة و بعضهم لم يبطلها و القولان للشيخ و كان الاقرب الثانى لانه فعل صدر عن سهوا فلا يكون مبطلا انتهى و قد فعل مثل ذلك في ية أيضا فانه بعد ما حكم اولا في بحث الالتفات ان الالتفات الى ما وراه يبطل مع العمد دون النسيان كما نقلنا عنه سابقا قال بعده بورقة و نصف تخميننا و لو نقص من عدد صلاته ناسيا و سلّم ثمّ ذكر تدارك اكمال صلاته و سجد للسّهو سهوا فعل ما يبطلها عمدا كالكلام اولا امّا لو فعل فعل المبطل عمدا و سهوا كالحدث و الاستدبار ان الحقنا به فانّها تبطل لعدم امكان الاتيان بالغاية من غير خلل في هيئة الصّلاة و لقول احدهما عليه السلام اذا حوّل وجهه عن القبلة استقبل الصّلاة استقبالا انتهى لكن قوله ان الحقنا به كانّه اشارة الى تردّد منه في المسألة فقد رجع فيه من الجزم الى التردد مع نوع ترجيح لخلاف ما حكم به اولا بقرينة استدلاله بالخبر بخلاف المنتهى فانه حكم فيه في الموضعين من غير تردّد و يمكن توجيه ما في ية بالفرق بين الاستدبار و الالتفات كما ذكرنا في توجيه كلام الشارح في شرح الارشاد لكن هذا التوجيه لا يجرى في كلام هى حيث مثّل بالالتفات دون الاستدبار الا ان يحمل الالتفات هنا على خصوص الاستدبار و لا يخلو عن بعد ان كان في علامة هناك بعد ما نقلنا ما يشعر به حيث ايّد أيضا ما جعله اقرب من التعليل المذكور بروايات ثمّ قال و هذا كلّه يدلّ على وجوب الاعادة مع الاستدبار و الظاهر انه اشارة الى الدلالة على ما ذكره سابقا من البطلان بالالتفات عمدا و سهوا فالتعبير عنه بالاستدبار يشعر بانه المراد بالالتفات الذى ذكره لكن لا يخفى ما فيه من التعسّف و الظاهر ان يحمل الاستدبار الذى ذكره على استدبار الوجه بناء على انه المراد بالالتفات الى ما وراه كما سننقله عن الشارح و يؤيده ان من نظر في الروايات التى نقلها علم ان الدالّ منها على ما ذكره ليس سوى روايتين احداهما رواية محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته و قد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع النّاس ثمّ ذكر انه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك اذا لم يحوّل وجهه عن القبلة فاذا حوّل وجهه فعليه ان يستقبل الصّلاة استقبالا و ثانيتهما صحيحة جميل قال سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام قال يستقبل قلت فما يروى الناس فذكر له حديث ذى الشمالين فقال ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يبرح من مكانه و لو برح استقبل و لا يخفى

ص: 262

انّ الرّواية الاولى تدلّ على البطلان و بتحويل الوجه عن القبلة مطلقا و الوجه يحتمل ما ذكرنا سابقا من الوجهين و على الوجهين لا اختصاص له باستدبار البدن بل يشمل استدبار الوجه أيضا اما اذا حمل الوجه على ظاهره فظاهر و امّا اذا حمل على ما يواجه من بدنه فلاستلزام استدبار الوجه تحويل البدن عن القبلة فالظاهر ان يحمل الاستدبار في كلامه على ما يشمل استدبار الوجه و هذا ربما يخدش توجيه كلام النهاية أيضا بما ذكرنا من الفرق بين الاستدبار و الالتفات لانه فيها أيضا تمسّك بالرواية الثانية فلا يدلّ على البطلان اذا برح من مكانه و لا يظهر منها العلّة فيمكن ان يكون هى استلزامه الاستدبار غالبا او التحويل عن القبلة مطلقا او الفعل الكثير فالاستدلال بها على خصوص احدها مشكل جدّا و اعلم انه في المنتهى هاهنا وقع سهو غريب فانه نقل فيه آخر الرّواية الثانية على ما في النسخ التى عندنا هكذا ثمّ قام قال يستقبل ما لم يبرح من مكانه مع ان الرواية في التهذيب في باب كيفية الصّلاة من الزّيادات على ما نقلنا و هذا هو الصحيح و عليه بناء كلامه رحمه الله أيضا فلا تغفل و لنرجع الى ما كنا فيه فنقول الظاهر من الوجوه المذكورة في هذا الفرع هو الوجه الاوّل للاصل و عدم دليل صالح على خلافه و يمكن أيضا ان يحتج له بعموم رواية الكافى باب ما يقطع الصّلاة و التهذيب باب كيفية الصّلاة و صفتها من الزيادات عن ابى بكر الحضرمى عن ابى جعفر و ابى عبد اللّه عليهما السلام انّهما قالا لا يقطع الصّلاة الّا اربع الخلاء و البول و الرّيح و الصوت و ربما يؤيده أيضا عموم آية فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ و امّا الاستدلال عليه بحديث رفع الخطاء و النسيان على ما نقلنا في المنتهى فقد عرفت مرارا ما فيه من المناقشة بامكان حمله على رفع المؤاخذة و ان ترتّب عليهما بعض الاحكام الوضعيّة و يمكن تأييده أيضا بصحيحة فضيل بن يسار المتقدمة و قوله عليه السّلام فيها و ان قلّب وجهه عن القبلة بحمله على التقليب سهوا كما ذكرنا و امّا الوجه الثانى فممّا يمكن ان يستدلّ به عليه امّا على عدم وجوب اذا تذكّر خارج الوقت فالأصل أيضا كما ذكرنا لان القضاء فرض مستأنف فلا بدّ له من دليل و لا دليل فينتفى بالاصل و امّا على وجوب الاعادة اذا تذكر في الوقت فقول ابى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة الالتفات يقطع الصّلاة اذا كان بكله فانه بعمومه يشمل العمد و السّهو و كذا قول ابى عبد اللّه عليه السلام في حسنة الحلبى المتقدمة اذا التفّت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فاعد الصّلاة اذا كان الالتفات فاحشا فانه بظاهره يشمل العمد و السّهو أيضا و امّا قوله عليه السلام في صحيحه عمر بن اذينة المتقدمة فان لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصّلاة و في حسنة الحلبى المتقدمة فان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه او يتكلم فقد قطع صلاته و في رواية محمد بن مسلم المتقدمة فاذا حوّل وجهه فعليه ان يستقبل الصّلاة استقبالا ففى ظهور شمولها للسّهو تامّل بل الظاهر منها كما يظهر منه بالتّامّل فيها انما هو الالتفات و الانصراف و الصّرف و التعويل عمدا فلا يمكن الاستدلال بها و لا يخفى ان الرّواية الاولى من الرّوايتين اللّتين استدللنا بهما مقيدة بما اذا كان بكله و الثانية بما اذا كان فاحشا و لا يبعد بقرينة الرّواية الأولى حمل الفاحش أيضا على ما اذا كان بكله او تقييد الرواية الثانية أيضا بما اذا كان بكلّه بقرينة الرواية الأولى و حمل الفاحش على التفات يخرج به عن سعة جهة القبلة الى حدّ اليمين و اليسار ليصحّ حمله على ما يشمل السهو أيضا لما نقلنا سابقا من عدم ظهور خلاف منهم في انه لا شي ء في الالتفات سهوا اذا لم يبلغ الى احد الجانبين لكن على هذا يشكل الاستدلال بها على شمولها للسهو لمن حكم بقطع الصّلاة بما دونه عمدا كما هو المشهور اذ كما يمكن حمل الفاحش على ما ذكرنا يشمل الصّورتين و ان قطع الصّلاة بما دونه يمكن ان يحمل على ما اذا خرج به عن سعة جهة القبلة التى يجوز الصّلاة اليها اختيارا و يخصّ بصورة العمد لئلّا يحتاج الى العناية المذكورة و كون الاوّل اظهر من الثانى غير ظاهر و منه يظهر ان الاستدلال بالرّواية الأولى أيضا لا يخلو عن اشكال اذ على تقدير حملها على ما يشمل السّهو لا بدّ من تقييدها في صورة العمد بالخروج عن سعة القبلة و في السّهو بما اذا

بلغ احد الجانبين و هو لا يخلو عن تكلّف فلا يبعد تخصيصها بصورة العمد فقط و حمل الالتفات على الخروج المذكور سابقا لئلا يحتاج الى التكلف المذكور و بالجملة فالحكم بوجوب الاعادة بهاتين الروايتين في صورة على المشهور من ان القبلة لا تسع ما بين المشرق و المغرب الا مع العذر لا يخلو عن اشكال و على تقديره فينبغى الاقتصار فيه على ما اذا كان بتمام البدن كما نقلنا سابقا عن الشارح و امّا جعله شاملا للالتفات بالوجه ايضا الى ما وراه على القول بحرمة الالتفات بالوجه كذلك كما هو المشهور او الى اليمين و اليسار أيضا على قول ولد المصنف فضعيف جدّا لعدم دلالتهما عليه اصلا فتأمل و يمكن ان يستدل أيضا بانه اخلّ بشرط الواجب مع بقاء وقته و الاتيان به على شرطه ممكن فيجب كما لو اخلّ بطهارة الثوب و فيه ان الشرطية مطلقا غير مسلّم بل المسلم بالاجماع و الآية و الروايات ليس الا عدم صحة الصّلاة مع الاخلال بالقبلة في شي ء من اجزاء الصّلاة فلا بدّ له من دليل بل قد اشرنا سابقا الى ان بطلانها بذلك اى بالاخلال بها فيما لم يقع فيه شي ء من اجزاء الصّلاة مع التعمد أيضا غير ظاهر هذا مع الالتفات بتمام البدن و امّا في صورة الالتفات بالوجه خاصة الى ما وراه مطلقا فلو تمسّك بهذا الدليل يصير في دائرة المنع فتأمل و يمكن ان يستدل أيضا بصحيحة في باب وقت الصّلاة في يوم الغيم و التهذيب باب القبلة و كذا باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصّلاة عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا صلّيت و انت على غير القبلة و استبان لك انك صلّيت و انت على غير القبلة فاعد و انّك فانك الوقت فلا تعد و رواها في التهذيب في الباب الاول عن عبد الرحمن المذكور بسند غير صحيح أيضا بادنى تفاوت في المتن وجه الاستدلال انه تشمل باطلاقها السّاهى فيجب عليه الاعادة مع التذكر في الوقت و على تقدير ان يكون الظاهر منه هو الظان بناء على انه الغالب فنقول انه اذا وجب الاعادة في الظّان ففى السّاهى بطريق اولى لتقصيره بخلاف الظانّ و لهذا ذهب بعض الاصحاب في مسئلة من صلّى الى غير القبلة الى وجوب القضاء فيه على السّاهى اذا تجاوز ما بين المشرق و المغرب و لم يبلغ الاستدبار مع اجماعهم على عدم وجوب القضاء على الظّانّ لغير المستدبر كما سبق تفصيله هناك و فيه ان الظاهر من الرّواية وقوع كل الصّلاة الى غير القبلة و شمولها لمن وقع بعض صلاته الى غيرها غير ظ على انّ اولوية السّاهى بوجوب الاعادة من الظان غير مسلّم بل لكل منهما اولوية بوجه كما يظهر بالتّامل فتأمل و اعلم انّ في الفقيه روى عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه و طريقه اليه صحيح انه سئل الصّادق عليه السلام عن رجل اعمى صلّى على غير القبلة فقال ان كان في وقت فليعد و ان كان قد مضى الوقت فلا يعد قال و سألته عن رجل و هى متغيّمة ثمّ انجلت فعلم انه صلّى الى غير القبلة فقال ان كان في وقت فليعد و ان كان الوقت قد مضى فلا يعد و لا يخفى ان الظاهر

ص: 263

من تخصيص السّؤال بالأعمى و بالمتغيّمة انه ليس ذلك على جهة السّهو بل امّا بالغلط في التّحرى او بالصّلاة الى جهة واحدة من غير تحرّى فلا يمكن الاستدلال باطلاقها فيما نحن فيه إلا اذا ثبت اولوية السّاهى بالنسبة الى الظان و قد عرفت حالها و ربما امكن ان يجعل رواية هذه قرينة على روايته على ما في الكافي و التهذيب ايضا على احد الصّورتين فتأمل و بما قرّرنا يظهر أيضا حال الاستدلال بموثقة التهذيب بابان في الباب الاول عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا صلّيت على غير القبلة فاستبان لك قبل ان تصبح انّك صلّيت على غير القبلة فاعد صلاتك فان الكلام عليه أيضا مثل ما في سابقها و ظهر أيضا حال الاستدلال بالاخبار الواردة مع تبيّن الخطاء في الوقت الظاهرة في المظان كصحيحة يعقوب بن يقطين و سليمان بن خالد المتقدمتين في ذلك البحث اذ لا يمكن الاستدلال بها الّا بدعوى الاولويّة المذكورة و هى ممنوعة و على تقدير تسليمها فيتوجّه عليه ان الظاهر منها وقوع كل الصّلاة الى غير القبلة و شمولها لمن التفت في بعض صلاته غير ظاهر ثمّ لا يخفى ان الظاهر من هذه الرّوايات أيضا هو الصّلاة الى غير القبلة بتمام بدنه فلو تمسّك بها في الالتفات بالوجه خاصة ايضا الى ما وراه او مطلقا لكان فيه ضعف في ضعف فتأمل و امّا الوجه الثالث فلا يظهر دليل له سوى اجرائه مجرى الظان في الاعادة في الوقت اذا كان الى اليمين و اليسار و مطلقا مع الاستدبار و قد عرفت في بحث القبلة حجتهم على ذلك و قد عرفت أيضا ان الظاهر على القول به الحاق السّاهى و الجاهل أيضا بالظّانّ و ان كان للمناقشة في الحكم به مجال كما يظهر بالتّامّل فيما ذكرنا لكن قد عرفت ضعف القول المذكور من اصله و ان الظاهر عدم الفرق بين المستدبر و غيره في عدم وجوب الاعادة الا في الوقت و لو سلّم فهو اذا صلّى ظانا او ساهيا جميع صلاته الى غير القبلة لانه مورد الروايات و امّا اذا التفت ساهيا في اثناء الصّلاة فكون حكمه حكم ذلك غير ظاهر خصوصا اذا لم يقع شي ء من اجزاء صلاته وقت الالتفات ثمّ لو تنزّلنا عن جميع تلك المراتب فكأنّه لا يمكن الحكم بذلك الّا في الالتفات بكل البدن و امّا في الالتفات بالوجه خاصة الى ما وراه او مطلقا فلا فان الروايات التى استدلوا بها في الظّان لو دلّت فانما تدلّ على اعادة المستدبر بتمام بدنه و لا يشمل المستدبر بالوجه خاصة كما يظهر بالتامّل فيها فتأمل و من تضاعيف البحث يعلم انّ هاهنا احتمال وجه رابع و ان لم نجد له ذكرا في كلامهم هاهنا و هو الاعادة في الوقت و خارجه مطلقا امّا بشرط التجاوز عما بين المشرق و المغرب او مط الحاقا له عمن صلّى الى غير القبلة ساهيا على القول بذلك فيه كما نقلنا عن العلّامة في بحث القبلة و هو ضعف في ضعف و ربما يمكن أيضا الاستدلال بقوله عليه السلام في حسنة الحلبى المتقدمة اذا التفّت في صلاة مكتوبة فاعد الصّلاة بناء على حمل الاعادة على ما يشمل القضاء و فيه أيضا ضعف في ضعف و امّا صحيحة زرارة المطلقة في الاعادة لمن صلّى الى غير ما بين المشرق المتقدمة في بحث القبلة فقد ذكرنا هناك انه امّا ان يحمل الاعادة فيها على الاعادة في الوقت و يشمل حينئذ المستدبر و غيره او يحمل الاعادة على ما يشمل القضاء أيضا و يخصّ بالمستدبر او بالسّاهى فعلى الاول يمكن التمسّك بها هاهنا أيضا لهذا الوجه الثانى و على الثانى الوجه الثالث و على الثالث الوجه الرابع لكن مع التجاوز عمّا بين المشرق و المغرب و على التقادير فيظهر جوابه مما ذكرنا في نظائرها من ان الظاهر منها وقع كل الصلاة الى غير القبلة و شمولها لمن التفت الى بعض صلاته غير ظاهر و أيضا الظاهر منها هو الصلاة الى غير القبلة بتمام بدنه فلو تمسّك بها في صورة الالتفات بالوجه خاصّة أيضا الى ما وراه او مطلقا لكان ضعف في ضعف فتأمل هذا و قد ظهر بما تلونا عليك انّ الوجه الأول اقوى الوجوه بحسب الدّليل لكن الاحتياط في الاعادة اذا استبان في الوقت مطلقا و ان كان الالتفات بالوجه و ان لم يكن الى ما وراه و القضاء اذا استبان خارج الوقت مع الاستدبار بل مطلقا و ان كان بالوجه خاصة و لو تبيّن له الالتفات سهوا في اثناء الصّلاة فان لم يقع فيه شي ء من اجزاء الصّلاة فالاقوى انه يكفى اتمامها بدون اعادة و لو اعادها أيضا

لكان احوط سيّما اذا كان بتمام البدن و خصوصا اذا بلغ الاستدبار و امّا اذا كان ركنا فلا يعيده بل يقتصر على اتمامها ثمّ يعيدها احتياطا و لو خرج الوقت بعد اتمامها في شي ء من الصور المذكورة فالاحتياط في القضاء بدل الاعادة مؤكدا فيها أيضا فيما أكد فيه في الإعادة و اللّه تعالى يعلم

قوله لو التفت مكرها احتمل القول بالصّحة مطلقا و هو الظاهر من كلام المنتهى في الفرع الذى نقلنا عنه سابقا حيث استدل على عدم الاعادة مع النسيان بالخبر المشتمل على ما استكرهوا أيضا فالظاهر حكمه به فيه أيضا و قد عرفت ان الخبر لا يدل الا على رفع المؤاخذة لا الى سقوط الحكم رأسا و صحة ما فعله لكن اذا ثبت ذلك فيمكن ان يستدل فيه أيضا بما ذكرنا في السّاهى من الاصل و عدم دليل صالح على خلافه و عموم رواية ابى بكر الخضرميّ و عموم آية فاينما تولّوا و يحتمل أيضا على قياس ما ذكرنا من الوجه الثانى في الساهى القول بوجوب الاعادة اذا زالت الاكراه مع بقاء الوقت مستدلّا بما ذكرنا في السّاهى أيضا من صحيحة زرارة الالتفات يقطع الصّلاة اذا كان بكلّه و كذا حسنة الحلبى اذا التفّت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فاعد اذا كان الالتفات فاحشا فانّهما بظاهرهما يشملان ما مع الاكراه أيضا لكن الرّواية الاولى كما ذكرنا هناك مقيّدة اذا كان بكله و الثانية بما اذا كان فاحشا و قد عرفت ان الظاهر حمل الفاحش أيضا على ما اذا كان بكلّه او تقييد الرواية الثانية أيضا بما اذا كان بكلّه بقرينة الرواية الاولى و حمل الفاحش على التفات يخرج به عن سعة جهة القبلة فالحكم بالاعادة فيه اذا كان بكله الى ما يخرج عن سعة القبلة لا يخلو عن قوة و ما ذكرنا هناك من انه بعد حمل الرّوايتين على ما ذكرنا لا يمكن الاستدلال بهما بشمولهما للسّهو لما بيّنا هناك كانه لا يجرى هاهنا اذ بناء ما ذكرنا هناك على ما نقلنا من الاتفاق على عدم وجوب الاعادة في الالتفات سهوا اذا لم يبلغ المشرق و المغرب و هاهنا الاتفاق على عدم دخولها فيما لم يبلغهما غير ظاهر و امّا اذا كان الالتفات بالوجه خاصّة فلا لعدم دلالتهما عليه اصلا و ان كان الاحتياط في الاعادة فيه أيضا و يمكن الاستدلال هاهنا أيضا بما ذكرنا هناك من شرطيّة الاستقبال و يرد هاهنا أيضا ان شرطية الاستقبال مطلقا غير مسلّم انّما المسلم عدم صحة الصّلاة مع الاخلال به اختيارا امّا مع الاكراه فلا و لو سلّم فانما هو مع وقوعه جميع الصّلاة او قدر معتدّ به منها الى غير القبلة و امّا في جزء يسير منها او في لحظة لم يقع فيها شي ء من اجزاء الصلاة فلا بل البطلان في اللحظة المذكورة مع الاختيار أيضا غير ظاهر و امّا الوجه الثالث الذى ذكرنا هناك و هو وجوب القضاء أيضا مع الاستدبار فلا يجزى لانّ الرّوايات التى استدلوا بها على الاعادة مع الاستدبار كما رايت لا تشمل المكروه اصلا مع ما عرفت من ضعف التمسّك بها من اصله و امّا الوجه الرابع الذى ذكرنا هناك

ص: 264

و هو الاعادة و القضاء مطلقا فيجرى هاهنا أيضا لكن قد عرفت ضعفه جدّا و اللّه تعالى يعلم و لو كان الالتفات جهلا فالقول فيه أيضا مثل المكروه لشمول رواية الرفع له أيضا و باقى الكلام أيضا يجرى فيه المثل فتأمل ثمّ بعد ما كتبت هذه التتمة رايت ان العلّامة رحمه الله تردّد في المكره فانه قال المصلّى على القبلة لو ماله انسان قهرا و طال الزمان احتمل البطلان لفقد الشرط و الصحة لزوال التكليف عند الاكراه فاشبه الراكب و كذا الشارح رحمه الله في شرح الارشاد مع ترجيحه للصّحة فانه قال و انما يبطل الالتفات في مواضعه لو وقع على وجه الاختيار امّا لو وقع اضطرارا بهواء او غيره ففى ابطاله نظر من ان الاستقبال شرط فيبطل المشروط بفواته و لا فرق فيه بين الحالين كالطهارة الا ما اخرجه النصّ من العفو كما استكره الناس عليه للخبر و هذا هو الظاهر انتهى و لا يخفى انه على احتمال البطلان يكون الأمر دائرا بين ما ذكرنا من الوجه الثانى و الرابع اى الاعادة مع زوال الاكراه في الوقت فقط او الاعادة فيه و القضاء مع زواله بعده و لا يظهر من كلامهما تعيين احدهما لكن قد عرفت قوة الاول و ضعف الثانى فتذكر و المحقق الاردبيلى رحمه الله بعد ما فصّل الكلام في هذه المسألة اى مسئلة الالتفات قال هذا كله في العمد و الاختيار و العلم و اما مع النسيان فالظاهر الصحة و الاولى منه و لتوجّه الخطاب بالنهى الى العالم الذاكر المختار فقط و لصحة الصّلاة الى غير القبلة في الجملة و للاصل و عموم الأوامر و اما الجاهل المقصّر فهو ملحق بالعامد و يمكن الصحة في الكلّ مطلقا لقوله تعالى فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ و يحتمل التفصيل بالعلم بها زوال الاكراه قبل خروج الوقت و بعده فيبطل و يعيد في الأوّل دون الثانى لبقاء الوقت مع فوت الشرط و امكان الاستدراك مع عدم المحذور و يدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه و نقل الصحيحة المتقدمة و لو صلّى ناسيا الى غير القبلة فيمكن الحاقه بمن صلّى باجتهاده فظهر الغلط و البطلان مطلقا و الظاهر التفصيل المقدّم في صحيحة عبد الرحمن و فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ دليل الصحة في الجمع و بالجملة الذى يقتضيه النظر الصحة في المكروه و عدمها في غيره و مع ايقاع فعلها الى ما بين المشرق و المغرب و القبلة مع بقاء الوقت و الصحة بدونهما انتهى و لا يخفى ان ما ذكره من الوجوه الصحّة مع النسيان و الاكراه يجرى كلّها في الجاهل أيضا سوى ما ذكره من لزوم التكليف الكثير الشّاقّ في بعض الاوقات و ذلك ان يقع الاكراه او النسيان مكرّرا و لا يخفى ان هذا الوجه ليس له زيادة وقع فمع جريان باقى الوجوه في الجاهل أيضا التفرقة تحكّم و أيضا بعد حكمه بتوجّه الخطاب بالنهى الى العالم الذاكر المختار فقط لا وجه لإلحاق الجاهل بالعامد و الحكم بكونه مقصّرا لعدم توجّه خطاب اليه يكون مقصّرا بمخالفته و لمجرّد تقصيره في عدم تحصيل العلم يشكل الحكم بالحاقه بالعامد مع عدم توجّه الخطاب اليه سيّما في وجوب القضاء عليه لان القضاء فرض مستانف و لا بدّ له من دليل آخر و ليس على انه يمكن اجراء ما ذكره من لزوم التكليف الكثير الشّاق في بعض الاوقات أيضا فيه لانه اذا فرض ان الجاهل صلّى لجهله صلاته مدّة مديدة الى غير القبلة فايجاب القضاء عليه تكليف شاق جدّا مع ان الناسى أيضا قد يكون مقصّرا و الجاهل قد لا يكون مقصّرا الّا ان يخصّ الكلام بالجاهل المقصّر و يكون الوصف في كلامه مقيّدا لا كاشفا ثمّ ما ذكره رحمه الله من دلالة صحيحة عبد الرّحمن على ما ذكره يرد عليه ان الصحيحة المذكورة لا تشمل بظاهرها المكره و لا جاهل الحكم فلا وجه للتمسّك بها فيهما الّا ان يكون تعويله على مجرّد ما ذكره من الشرطية و يكون مراده دلالة الصحيحة على ما احتمله من التفصيل و ان كان في غيرهما من الظان و الناسى فيصير مؤيّدا لاجرائه فيهما أيضا بناء على ما ذكره من الشرطية لجريانه في الجميع او يكون مراده بما ذكره من التفصيل الحكم به في الجميع و يكون ذكره الجاهل و المكره على سبيل المثال او بالعلم ما يتناول التّذكر فيكون ذكر الصحيحة للدلالة في البعض و هو النّاسى ثمّ لما كان ما ذكره من التفصيل على سبيل الاحتمال فلا يقدح فيه ما اوردنا سابقا على حديث الشرطية لانه لا يدفع الاحتمال و هو ظاهر و لا يرد أيضا ان مورد الصّحيحة هو

من صلّى الى غير القبلة و ظاهره وقوع كل صلاته الى غيرها لا الملتفت في اثنائها و الكلام فيه و لا يلزم من عدم الصحة في الاول مع التّذكر في الوقت عدم الصحة في الثانى أيضا و طرح ما ذكر من الوجوه للصحة مطلقا فيه لان ما ذكر انما يقدح في الحكم بالتفصيل في الملتفت أيضا امّا في احتماله فلا اذ يكفى فيه احتمال ان يكون حكم الجزء أيضا حكم الكلّ فافهم ثمّ قوله رحمه الله و لو صلّى ناسيا كلام مشوّش مضطرب فانه ذكر اوّلا حكم النّاسى و ان الظاهر فيه الصحّة و كذا ثانيا في احتمال التفصيل على تقدير شموله له أيضا على ما ذكرنا اخيرا لاستيناف الكلام له ثانيا على وجه يظهر من سياقه عدم تعرّضه له اصلا قبله كما ترى و لو اراد ذكر احتمال آخر غير ما ذكره اوّلا فكان ينبغى ان يشعر بذلك الّا ان يقال ان حكمه اوّلا في الالتفات سهوا و هذا فيمن صلّى كل الصّلاة سهوا الى غير القبلة و فرقان بينهما و لا يلزم من الحكم بالصّحة في الأولى الحكم بها في الثانية كما اشرنا اليه بل الظاهر انّه لم يقل احد بالصحة فيها بمعنى عدم وجوب شي ء من الاعادة و القضاء و هذا و ان كان ظاهر قوله و لو صلّى ناسيا الى غير القبلة لكن يخدشه ان مسئلة فعل كل الصّلاة ساهيا الى غير القبلة قد سبق في بحث القبلة فلا وجه لإعادة الكلام فيها هاهنا و كيفما كان فلا يخفى ان التفصيل المقدم في صحيحة عبد الرحمن هو حكم من صلّى باجتهاده فظهر الغلط فجعل ذلك احتمالا ثالثا للالحاق و البطلان كما ترى هل هو احتمال الالحاق بعينه الا ان يقال ان التفصيل المقدّم عبارة اخرى للالحاق وقعت موقعه لكن انما غير الاسلوب اشارة الى انه على تقدير الالحاق ينبغى ان يحكم في الملحق و الملحق به بالصحيحة المذكورة مطلقا اى حتى في صورة الاستدبار كما هو المشهور من الحكم بالقضاء ايضا في صورة الاستدبار كما سبق تفصيله ثمّ قوله و بالجملة الذى يقتضيه النظر الصحة في المكره الى آخره لا يظهر وجه جعله مجمل ما سبقه كما هو ظاهر لسياق اذا لم يظهر مما سبقه ما يقتضى ذلك بل ذكر اولا خلافه حيث حكم اولا بان الظاهر الصحة مع النسيان و ذكر له ما ذكر من الوجوه فالظاهر ان يجعل هذا أيضا بحمل القول في مسئلة من صلّى الى غير القبلة الذى ذكره آخرا على ما ذكرنا في توجيه كلامه آخرا الا في مسئلة الالتفات الذى كان الكلام فيه و حينئذ فما ذكره لا يخلو عن وجه اذ شمول الصحيحة لحكم الالتفات غير ظاهر كما نقلنا القول فيه فيحكم فيه بالصحّة مطلقا مع الاكراه و السّهو لما ذكر من الوجوه و اما من صلى الى غير القبلة فمع ورود الصحيحة فيه لا يحكم فيه بمقتضى الوجوه المذكورة بل يقتضى النص لعدم صلاحية الوجوه المذكورة لمعارضة النصّ الصحيح و لا يخفى ان الصحيحة تشمل باطلاقها الظانّ و السّاهى أيضا فيحكم فيهما بالتفصيل المذكور و الجاهل أيضا كانه لم يقل احد بكونه اقوى في العذر

ص: 265

من السّاهى فينبغى الحكم فيه أيضا بمثل السّاهى فيبقى المكره غير داخل في الصحيحة فيحكم فيه بالصحّة لمثل الوجوه التى ذكرها في الالتفات و امّا تخصيص الحكم بالبطلان بما اذا لم يكن الى ما بين المشرق و المغرب فللروايات الدالة على انّ ما بينهما قبلة فيعمل بها مع العذر مطلقا و التقييد ببقاء الوقت لان بعد خروجه لا يحكم بالقضاء كما هو مقتضى الصحيحة فكانه يحكم حينئذ بصحة ما فعله هذا غاية توجيه كلامه و فيه بعد انه اذا حكم في مسئلة الالتفات بالحاق الجاهل المقصّر بالعامد ففى هذه المسألة بطريق اولى و الصحيحة بظاهرها لا تشمله فلا وجه للحكم بالتفصيل فيه بل ينبغى ان يحكم فيه بالاعادة في الوقت و خارجه أيضا و ما ذكرنا من وجه الحاق الجاهل بالسّاهى لا يدلّ الّا على الحاقه به في الاعادة في الوقت و لا كلام فيه انما الكلام في انه لم لم يحكم فيه على مقتضى ما ذكره اوّلا في الالتفات بالاعادة خارجه أيضا و لا يظهر مما ذكرنا وجه ذلك الا ان يخصّ غير المكره في كلامه بغير الجاهل أيضا بقرينة ما ذكره من حكم الجاهل اوّلا و بالجملة فكلامه رحمه الله هاهنا غير منقح جدّا فتأمل و لما كان هذه المسألة من مشكلات الفنّ كما ذكره بعض محققى الاصحاب و كلامهم لا يخلو فيها عن قصور او تشويش و اضطراب طوّلنا فيها الكلام و لم تكثرت من الاطناب و الاسهاب و اللّه الموفّق للصواب في كل باب و ينبغى ان يعلم بعد انه لا فرق فيها بين القول بالتضييق في امر القبلة او التوسعة اذ الاعتبار بالالتفات عن غرض ما يجوز الصّلاة اليه مع الاختيار و حينئذ لا يتفاوت المال بسعته و ضيقه فما ذكره المحقق الاردبيلى رحمه الله في آخر تلك المسألة بعد ما فصّل القول فيها بقوله هذا كله بناء على فهم من كلامهم من التضييق في امر القبلة و امّا على ما تقدم في بحث القبلة من الوسع فيها فلا كما ترى نعم لو قيل بالتوسعة في القبلة و انّها ما بين المشرق و المغرب بدون العذر أيضا فحينئذ يتضيّق دائرة بحث الالتفات في الجملة و يسقط بعض الشقوق و هو الالتفات الى ما بينهما و امّا باقى الكلام فبحاله فتدبّر بقي في المقام فرع آخر قد اشرنا الى الخلاف فيه في تضاعيف الكلام سابقا و لا بدّ من تحقيق القول فيه لانه مسئلة مهمّة و هو ما لو استدبر القبلة و انصرف عنها و ان لم يبلغ الاستدبار في اثناء الصلاة باعتبار انه ظن اتمام الصّلاة فسلّم و استدبر القبلة او انصرف عنها ثمّ ظهر نقصها فهل يبطل ذلك صلاته و لا يجوز له البناء فنقول قد اختلف الاصحاب فيه فقال الشيخ في المبسوط و من نقص ركعة او ما زاد عليها و لا يذكر حتى يتكلم او يستدبر القبلة اعاد و في اصحابنا من قال انه اذا نقص ساهيا لم يمكن عليه اعادة الصّلاة لان الفعل الذى يكون بعده في حكم السّهو و هو الاقوى عندى و سواء كان ذلك في صلاة الغداة او المغرب او صلاة السّفر او غيرها من الرّباعيات فانه متى تحقق ما نقص قضى ما نقص و بنى عليه و في اصحابنا من يقول انّ ذلك يوجب استيناف الصلاة في هذه الصّلوات التى ليست رباعيّات انتهى و لا يخفى انه يظهر منه ان فيه ثلاثة اقوال الاعادة مطلقا و هو الذى حكم به اوّلا و عدمها مطلقا و هو الذى قوّاه ثانيا و الاعادة في غير الرباعيّات و هو الذى نقله آخرا عن بعض اصحابنا و في النهاية اختار القول الثالث فانه قال و من صلّى ركعة من صلاة الغداة و جلس و تشهّد و سلّم ثمّ ذكر انه كان قد صلّى ركعة قام فاضاف اليها ركعة اخرى ما لم يتكلم او يلتفت عن القبلة او يحدث ما ينقص الصّلاة فان فعل شيئا من ذلك وجب عليه الاعادة و كذا الحكم في المغرب فانه ان سلّم في التشهّد الاول ثمّ ذكر قام فاضاف اليه ركعة اخرى و سجد سجدتى السّهو انتهى و ذلك لان تخصيصه الحكم بصلاة الغداة و المغرب يدلّ على ما ذكرنا فيما هو المشهور من نسبة القول بالاعادة مطلقا الى الشيخ في النهاية فيه ما فيه و المشهور بين الاصحاب هو قطع الصّلاة و وجوب الاعادة مع فعل ما يبطلها عمدا و سهوا كالحدث و الاستدبار عند من عده من المبطلات عمدا و سهوا لان فعله حينئذ لا ينقص عن السّهو فيكون مبطلا كما في السّهو و امّا ما يكون مبطلا عمدا لا سهوا فذهب فيه على

كل من وجوب الاعادة و عدمه جماعة من الاصحاب نظرا الى انه وقع عمدا فيكون له حكمه و الى انه انما وقع باعتبار سهوه و ظنّه تمام الصّلاة فيكون حكمه حكم السّهو و قد ظهر لك ممّا تلونا عليك سابقا ان في الحكم بكون الاستدبار مما يقطع الصّلاة عمدا و سهوا تامّلا ثمّ على تقدير كونه كذلك ففى الحكم بانّ فعله حينئذ لا يقصر عن السّهو أيضا اشكال لجواز ان يكون للسّلام بظن اتمام الصّلاة تاثير في عدم الابطال به لا يكون ذلك في صورة السّهو المحض و لا استبعاد فيه عند العقل على انه لا سبيل له الى درك الاحكام الشرعيّة أيضا فيما لا مبطل الا عمدا معتمد كل من الفريقين بمجرّده لا يصلح للاعتماد فينبغى تفصيل القول في كل من تلك الاحكام حتى يظهر جليّة الحال فنقول الظاهر في الكلام على هذا الوجه هو عدم الابطال به كما حققنا لك في بحثه و اورد ما يدلّ عليه من الاخبار و امّا الاستدبار او مطلق الانحراف عن القبلة بعد السلام بهذا الظنّ قبل ظهور خلافه فالاظهر فيه أيضا عدم البطلان للاصل معتضدا بروايات منها صحيحة التهذيب باب السّهو من الزيادات عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل صلّى بالكوفة ركعتين ثمّ ذكر و هو بالمدينة او بالبصرة او ببلدة من البلدان انه صلى ركعتين و صحيحته أيضا الباب المذكور عن عبيد بن زرارة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعة من الغداة ثمّ انصرف و خرج في حوائجه ثمّ ذكر انه صلى ركعة قال فليتمّ ما بقي و صحيحته أيضا الباب المذكور عن محمد و الظاهر انه ابن مسلم كما صرّح به في الفقيه عن ابى جعفر عليه السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته و قد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثمّ ذكر بعد ذلك انه فاتته ركعة قال يعيدها ركعة واحدة و هذه الرواية الفقيه أيضا باب احكام السّهو في الصّلاة بحذف الاسناد عن محمد بن مسلم و في طريقه اليه كلام و فيه بدل يعيدها يعيد بدون الضمير و موثقته أيضا الباب المذكور بعبد اللّه بن بكير و هو ممن اجمعت العصابة عن عبد اللّه بن زرارة قال سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلّى الغداة ركعة و يتشهّد ثمّ ينصرف و يذهب و يجي ء ثمّ يذكر بعد انه انما صلّى ركعة قال يضيف اليها ركعة و هذه الرّواية في الفقيه ايضا عنه بحذف الاسناد و طريقه اليه فيه الحكم بن مسكين و لم يوثق و روى التهذيب مثلها في الباب المذكور من الاصل أيضا بسند آخر صحيح عن عبد اللّه عن عبيد و الظاهر بقرينة الرواية الاخرى انهما ابنا بكير و زرارة فيكون مثلها في السّند أيضا و منها موثقته أيضا الباب المذكور من الاصل عن عمار بن موسى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في آخرها و الرّجل يذكر بعد ما قام و تكلم و مضى في حوائجه انه انما صلى ركعتى في الظهر و العصر و العتمة و المغرب قال يبنى على صلاته فيتمّها و لو بلغ الصين و لا يعيد الصّلاة و في الفقيه الباب المذكور هكذا و روى عنه عمار ان من سلّم في ركعتين من الظهر الى آخره او العصر او المغرب او العشاء الآخرة ثمّ ذكر فليبن على صلاته و لو بلغ الصّين و لا اعادة عليه و انت خبير بانّ نقل الصدوق هذه الرّوايات بدون تعرّض لقدح فيها او تاويل ظاهرة العمل

ص: 266

بها خصوصا مع ما ذكر في اوّل الفقيه انه لم يقصد فيه قصد المصنّفين في ايراد جميع ما رووه بل قصد الى ايراد ما يفتى به و يحكم بصحته و يعتقد فيه انه حجة فيما بينه و بين ربّه تقدّس ذكره و نقل أيضا في الذكرى عنه انه قال في ان صلّيت ركعتين من الفريضة ثمّ قمت فذهبت في حاجة لك فاضف الى صلاتك ما نقض منها و لو بلغت الصّين و لا تعد الصلاة فانّ اعادة الصّلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرّحمن انتهى و لكن ليس ذلك فيما عندى من نسخة المقنعة بل فيه خلافه فانه قال و ان صلّيت ركعتين ثمّ قمت فذهب في حاجة لك فاعد الصّلاة و لا تبن على ركعتين و قيل لابى عبد اللّه عليه السلام ما بال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يقم من مجلسه انتهى و لا يخفى ان الظاهر من هذه الرّوايات عدم ضرر تخلّل المنافى مطلقا حتى الحدث فيتطهّر و يبنى و يحتمل جواز البناء ح اذا كان متطهّرا بان كان تطهّر قبل التذكر بخلاف ما اذا كان محدثا لاستلزام التطهر حينئذ الفعل الكثير بعد التذكر و هو حينئذ في حكم الصلاة بخلاف ما قبله فافهم و يؤيد أيضا ما يدل عليه تلك الروايات اطلاق روايات اخرى كصحيحة التهذيب باب احكام السّهو في الصّلاة عن محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في رجل صلّى ركعتين من المكتوبة فسلّم و هو يرى انه قد اتمّ الصّلاة و تكلّم ثمّ ذكر انه لم يصلّ غير ركعتين فقال يتمّ ما بقي من صلاته و لا شي ء عليه و موثقة ايضا باب احكام السّهو من الزيادات عن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و عن رجل صلّى ثلث ركعات و هو يظنّ انها اربع فلمّا سلّم ذكر انّها ثلث قال يبنى على صلاته متى ما ذكر و يصلّى ركعة و يتشهّد و يسلّم و يسجد سجدتى السهو و قد جازت صلاته و روايته أيضا الباب المذكور عن ابى سعيد القماط قال سمعت رجلا يسأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه او اذى او عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولى او الثانية او الثالثة او الرّابعة قال فقال اذا اصاب شيئا من ذلك فلا باس بان يخرج لحاجته تلك فيتوضّأ ثمّ ينصرف الى مصلّاه الذى كان يصلّى فيه فيبنى على صلاته من الموضع الذى خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصّلاة بكلام قال قلت فان التفت يمينا و شمالا او وليّ عن القبلة قال نعم كل ذلك واسع انما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة او ركعتين او ثلث من المكتوبة فانّما عليه ان يبنى على صلاته ثمّ ذكر سهو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و التأييد بهذا الخبر باعتبار اطلاق آخره و امّا قوله و ان التفت الى قوله انما هو الى آخره فيمكن توجيهه بان يحمل على ان الالتفات او التوالى عن القبلة كان للضرورة حيث لا يمكنه الوصول الى الماء للوضوء بدونه و يقال باعتقاده حينئذ للضرورة الشرعية فيكون حكمه حكم المكروه على القول به فيه كما سبق و حينئذ يخصّ قوله عليه السلام ما لم ينقض الصّلاة بكلام بالكلام الخارج عن الذى يضطرّ اليه لتحصيل غرضه او يقال بالفرق بين الكلام و غيره فلا يغتفر الكلام عمدا و ان اضطرّ اليه لذلك بخلاف الالتفات و التولّى و ان لم يظهر لنا وجه الفرق و اما حمل الالتفات و التولّى على ما يكون نسيانا او على ما لم يبلغ الاستدبار فكأنّه بعيد جدّا هذا و امّا اصل الحكم بالانصراف و الوضوء و البناء مع تخلّل الحدث فسيجي ء الكلام فيه في الفصل الخامس في التروك ان شاء الله تعالى و حجة القول ببطلان الصّلاة به و وجوب الاعادة ايضا روايات منها صحيحة التهذيب باب احكام السّهو من الزّيادات عن جميل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثمّ قام قال يستقبل قلت فما يروى الناس فذكر له حديث ذى الشمالين فقال انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يبرح من مكانه و لو برح استقبل و صحيحته أيضا فيه عن سماعة عن ابى بصير و وقف الاول و اشتراك الثانى معروف قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام فذهب في حاجته قال يستقبل الصّلاة فقلت ما بال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يستقبل حين صلّى ركعتين فقال انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

لم ينتقل عن موضعه و صحيحته ايضا فيه و كذا الكافى باب من تكلّم في صلاته عن زرعة في التهذيب و عثمان بن عيسى في الكافي عن سماعة و الثلاثة واقفيون عن ابى عبد اللّه عليه السلام و في آخرها قال قلت أ رأيت من صلّى ركعتين و ظنّ انها اربع فسلّم و انصرف ثمّ ذكر بعد ما ذهب انّما صلّى ركعتين قال يستقبل الصّلاة من اوّلها قال قلت فما بال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يستقبل الصّلاة و انّما أتمّ لهم ما بقي من صلاته فقال انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يبرح من مجلسه فان كان لم يبرح من مجلسه فليتم ما نقص عن صلاته اذا كان قد حفظ الركعتين الاوليين و هذه الروايات تدل على الاستقبال بمجرّد القيام عن مكانه او الانتقال عن موضعه او البروح عن مجلسه لكن لما لم يقل به احد لا بدّ ان يخص بما حصل المنافى كالانصراف عن القبلة او الفعل الكثير و يدل على خصوص الأوّل رواية التهذيب الباب المذكور من الزّيادات و كذا من الاصل عن محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته و قد سبقه بركعة فلمّا فرغ الامام خرج مع النّاس ثمّ ذكر انه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز له ذلك اذا لم يحوّل وجهه عن القبلة فاذا حول وجهه فعليه ان يستقبل الصّلاة استقبالا فهذه الرواية مع زيادة قوله يجوز له ذلك الى آخره قرينة سقوطها في صحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة في دلائل القول الأوّل فيسقط الاستدلال بها هناك لكن هذا انما يسلّم لو صحت سند المشتمل على الزيادة أيضا مع صحة الاوّل دونه فيشكل القول بتقييد الصحيحة به مع عدم صحّته على انه يمكن حمله على اشتراط عدم التحويل عن القبلة بعد التذكر فلا ينافى الرّوايات الاخرى هذا و انت خبير بان الصحيحة في الروايات الاولى اكثر منها في الروايات الاخيرة فالعمل بها اولى و يمكن أيضا الجمع بينهما بحمل الرّوايات الاخيرة على استحباب الاعادة مع القيام او الانتقال و ما في حكمها و حمل الروايات الاولى على جواز البناء و اما حمل الروايات الاولى على خصوص النّافلة كما فعله الشيخ في التهذيب و تبعه المصنف في الذكرى فلا يخلو عن بعد و ابعد منه حملها كما ذكره الشيخ أيضا في التهذيب على ما اذا لم يقع الاستدبار او على ما ذكره أيضا فيه من انه لم يذكر ذلك علما يقينيّا و انما يذكر ظنّا و يعتبر به مع ذلك شكّ و حينئذ يضيف اليه تمام الصّلاة استظهار الا وجوبا لما بيّن ان بعد الانصراف من الصّلاة لا يلتفت الى الشك هذا و الاحتياط واضح انه في البناء ثمّ الاعادة و اللّه تعالى يعلم

قوله و كذا بوجهه عند المصنف

اعلم ان الظاهر حمل الالتفات الى ما وراه في كلام من ذكر ذلك على الالتفات بخصوص الوجه اليه او على ما يعمّه و الّا بتمام البدن كما فعله الشارح هنا و ان كان الغرض الاصلي هو افادة الأول و امّا ما فعله في شرح الارشاد حيث قيّده بقوله و ان كان بكله و استدلّ له بصحيحة زرارة الدالة على التقييد بكونه بكله ثمّ نقل انه اختار جماعة من الاصحاب البطلان مع بلوغ الوجه حدّ الاستدبار و ان كان الغرض بعيدا و استدلّ لهم بحسنة الحلبى المقيّدة بالفاحش اذ لا التفات افحش مما يصير الى حدّ الاستدبار فلا يخفى ما فيه اذ مع التقييد بما ذكره لم يستقم التقييد بقوله الى ما وراه اذ الالتفات عمدا بكله موجب للبطلان مطلقا كما صرّح به هو نفسه في آخر كلامه فينبغى حمله على احد ما ذكرنا من الوجهين و بالجملة فكلام العلامة

ص: 267

ايضا موافق لما نقله من اختيار جماعة من الاصحاب و ليس قولا آخر كما يظهر من شرحه فتأمل

قوله و ان كان الفرض بعيدا

اعلم ان الشارح في شرح الارشاد و كذا المحقق الثانى في شرح القواعد حملا الالتفات بالوجه المبطل عندهم على تحريفه الى ان ينصر مستدبرا و لا ريب ان تحريف الوجه كذلك بدون تحريف البدن و لو امكن لكان بعيدا كما ذكره الشارح لكن في المقنعة على ما نقلنا سابقا جعل المبطل هو الالتفات بالوجه الى ان يرى من خلفه و مثله ما نقلنا عن البيان فان حملا على رؤية جميع ما وراه او ما يكون خلف المنكبين فيوافق ما ذكره هذان الفاضلان من اعتبار جعل الوجه مستدبرا و ان حملا على رؤية ما وراه في الجملة و لو بعضه مما يكون خلف احد منكبيه فهو لا يستلزم استدبار الوجه و لم يكن فرضه بدون تحريف البدن عن القبلة بعيد جدّا و قد ظهر بما نقلنا من أدلّة الاقوال انه ليس لهم دليل على ابطال خصوص هذا الفرد سوى خبر الالتفات الفاحش و لا يظهر منه المراد اذ على تقدير الحمل على ما ذكروه من الانحراف الفاحش عن القبلة و لو بالوجه خاصّة يمكن ادّعاء فحش كل من الوجهين و ان كان الاول افحش لكن حكمهم بكون خصوص هذا الفرد مبطلا و جعل ذلك مسئلة على حدة يؤيد كون المراد هو الثانى اذ على ما ذكروه الظاهر عدم امكان الالتفات بالوجه كذلك بدون تحريف الجسد عن القبلة فيدخل في كلّيته بطلان الصلاة بفوات الاستقبال الذى جعلوه من شروطها فلا حاجة الى التعرض له بخصوصه الا ان يقال كما اشرنا اليه سابقا ان اشتراط الاستقبال لا يدلّ على عدم جواز الاستقبال اصلا و لو بلحظة لم يأت فيها بشي ء من افعال الصّلاة فذكر هذه المسألة لبيان عدم جواز ذلك ايضا و الدليل الذى نقلنا عن المعتبر و هى من فوات شرط الصلاة به يدلّ على ما ذكروه لانه على تقدير صحّته انما يتم على تقدير استلزام ذلك لتحريف البدن عن القبلة و هو انما يظهر على ما ذكروه لا على ما ذكرنا و كذا ما نقلنا عن هى من الرّواية العامية عن ابن عبّاس هذا ثمّ على ما ذكروه فالالتفات المكروه عندهم المتنازع فيه بينهم و بين ولد العلّامة هو الانحراف بالوجه الغير البالغ حد الاستدبار و على ما ذكرنا الغير البالغ حدّا يمكن معه رؤية ما خلفه و على الوجهين فهل يختصّ بما اذا بلغ جانب اليمين و اليسار على ما ذكروه او الى حدّ يمكن معه رؤية ما على احد الجانبين على قياس ما ذكرنا في الالتفات الى ما وراه او يعمّ الحكم الميل الى احد الجانبين في الجملة وجهان و كلام الشارح في شرح الارشاد و كذا المحقق الثانى في شرح القواعد يدل على الاول و ادلة القولين على الثانى كما اشرنا اليه سابقا و قول الشارح هاهنا امّا الى ما دون ذلك كاليمين و اليسار الى آخره يحتمل الوجهين و ربما كان الثانى اظهر فتدبّر

قوله فيكره بالوجه و يبطل بالبدن

و امّا الالتفات بالنظر خاصّة يمينا و شمالا بدون تحريف البدن او الوجه فلا حرمة فيه قطعا و ان بلغ ما بلغ و هل يكره قال في شرح الارشاد انه مبنى على ان الخلاف المستحبّ هل هو مكروه ام لا و الاولى كونه خلاف الاولى و لا يختصّ بالالتفات بل بخروجه عن موضع سجود انتهى و الحق كما اختاره انه لا يلزم من كونه خلاف المستحبّ كونه مكروها بالمعنى المشهور كما يظهر لمن حقق الاصول لكن قد اشرنا سابقا انه يمكن حمل رواية عبد الملك على الالتفات بالنظر جمعا بين الاخبار فلو حملت عليه لدلّت على كراهية بل يمكن الاستدلال باطلاقها ايضا على كراهته و مثلها بالقول فيما نقلنا سابقا عن هى من الرواية العامية عن ابى ذر و كذا رواية اخرى لهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا تلتفتوا في صلاتكم فانّه لا صلاة لملتفت و لو حمل المنع فيما نقلنا سابقا من صحيحة محمد بن مسلم على الكراهة و حمل الالتفات فيها على ما لم يكن بكله فيمكن الاستدلال باطلاقها أيضا على كراهة الالتفات بالنظر أيضا فتدبّر

قوله و الاكل و الشرب

ظاهر كلام الشيخ في الخلاف اطلاق المنع عن الاكل و الشرب في الفريضة مستدلّا عليه بالاجماع و قال العلامة في المنتهى و هو عندى مشكل و الاولى ان مطلق الاكل و الشرب غير مبطل ما لم يتناول بحيث يدخل تحت الفعل الكثير فيكون ابطاله مستندا الى الكثرة لا الى كونه اكلا و شربا و مثله كلام المحقق رحمه الله في المعتبر فانه بعد ما نقل عن الشيخ انه قال في المبسوط و الخلاف الاكل و الشرب يفسدن الصّلاة و ان به قال الشافعى و ابو حنيفة و نقل احتجاجا منهما و ردّه قال فاذا الشيخ يطالب بالدلالة على ان مطلق الاكل و الشرب يبطلها نعم لو تطاول فعله امكن القول بالبطلان و اعترض على الاجماع الذى ادّعاه بانّا لا نعلم أيّ اجماع اشار اليه و انت خبير بانه ان ثبت الاجماع على الاطلاق فليتّبع و الّا فالظاهر ما ذكره العلّامة لعدم ظهور دليل آخر على المنع عنهما فالاصل جوازهما الا ان يشتملا على شي ء آخر يكون ممنوعا كالفعل الكثير فيمنع عنهما لذلك و و الظاهر عدم ثبوته بمجرّد قول الشيخ مع عدم صراحة كلامه في الاطلاق و العموم فالظاهر هو القول بالتفصيل و اما تعليل اطلاق المنع بما ذكره الشارح من الوجهين فلا يخفى ضعفه كما ذكره أيضا فتأمل

قوله امّا لمنافاتها وضع الصّلاة

هذان الوجهان ذكرهما العلّامة في النهاية حيث قال امّا الاكل و الشّرب فالاقرب الحافهما بالافعال الكثيرة اذ تناول الماكول و مضغه و ابتلاعه افعال متعدّدة و كذا المشروب و لانه ينافى هيئة الخشوع و يشعر بالاعراض عن الصّلاة انتهى

قوله اذ لا دليل على اصل المنافاة

هذا وجه ضعف الاول و كانّه لم يتعرض لوجه ضعف الثانى لظهوره بعد ما حقّقه سابقا من ان المعتبر من الفعل الكثير هو ما يخرج به فاعله عن كونه مصلّيا عرفا و لا عبرة بالعدد ان من الظاهر بعد ذلك ان كل اكل و شرب ليس بكثير بذلك المعنى المعتبر و ان امكن تحليله الى ثلاثة افعال بالعدد على ما فعله بل ربما كان قليلا بالنسبة الى كثير مما جوّز نقله في الصّلاة مما سبق تفصيله فافهم

قوله فالاقوى اعتبار الكثرة فيهما

هذا هو الاقوى كما اشرنا اليه و يمكن تأييده أيضا برواية ابى بكر الحضرمىّ المتقدمة حيث حصر فيها قاطع الصّلاة في اربعة الخلاء و البول و الرّيح و الصّوت فغيرها لا يكون قاطعا بمقتضى هذه الرواية المعتضدة بالاصل الا ما ثبت بدليل خارج و ظاهر ان الاكل و الشرب لا دليل فيهما الا مع اشتمالهما على الفعل الكثير عرفا فيجب تخصيص المنع بذلك و ان كان ظاهر كلام من اطلق ذكرهما هو التعميم اذ بعد التخصيص يدخل في الفعل الكثير الذى ذكروه فلا وجه لذكرهما على حدة و اعلم انه ذكر العلامة في المنتهى انّه لو ترك في فيه شيئا يذوب كالسّكر فذاب و ابتلعه لم تفسد صلاته عندنا و عند الجمهور تفسد لانه يسمّى اكلا امّا لو بقي بين اسنانه شي ء من بقايا الغذاء فابتلعه في الصلاة لم يفسد صلاته قولا واحدا لانه لا يمكن التحرز عنه و كذا لو كان في فيه لقمة و لم يبلعها الا في الصّلاة لانه فعل قليل انتهى و ظاهره اتفاق الاصحاب على عدم البطلان في الجميع و اتفاق الكلّ في الثانى لكن يشكل الحكم بعدم البطلان في الاول مع صدق الاكل عليه عند من اطلق المنع عن الاكل و الشّرب و لم يقيد بالكثرة كالشيخ و اضرابه الا ان يثبت

ص: 268

خروج هذا الفرد بالاجماع نعم ما ذكره على اعتبار صدق الفعل الكثير عليهما كما اختاره واضح و كذا التعليل الذى ذكره في الثالث انما يقيد عدم المنع بناء على اعتبار الكثرة فيهما سواء اعتبر الكثرة عرفا او عددا و اما على القول باطلاق المنع فلا اذ كونه فعلا قليلا لا يوجب تجويزه مع صدق الاكل عليه نعم لو منع صدق الاكل عليه اتجه عدم المنع منه عند الجميع و قال الشارح رحمه الله في شرح الارشاد بعد قوله و تعمّد الاكل و الشرب و هو في الجملة موضع وفاق لكن اختلف في السّبب الموجب للبطلان فقيل كونه اكلا و شربا فيكفى فيه مسمّاهما و اختاره الشيخ و فيه نظر لعدم الدليل الدّال على ذلك و قيل لكونه فعلا كثيرا فيتقيّدان بالكثرة فلا يبطل ازدراد ما بين الاسنان و لا تذويب سكّرة وضعها في فمه و نحوهما و هو اجود فلا خصوصيّة حينئذ للاكل و الشّرب بل للفعل الكثير انتهى و ظاهره تفريع عدم المنع في ازدراد ما بين الاسنان و تذويب السّكرة كليهما على القول الثانى و انه على القول الاول يشملهما المنع و لا يخفى منافاته لظاهر ما نقلنا عن هى في الامرين سيّما في الاوّل حيث ادّعى فيه عدم فساد الصّلاة به قولا واحدا اى من العامة و الخاصّة جميعا هذا مع ما في التكليف بالتّحرز عنه من العسر و الحرج بل الظاهر أيضا عدم صدّق الاكل عليه عرفا فكأنّه لا مجال للمناقشة في تجويزه نعم في تجويز السّكرة مجال للمناقشة فيه عند من اطلق المنع من الاكل الا ان يثبت اتفاق الكل فيه على عدمه كما هو ظاهر المنتهى و كلام العلامة في ية قريب ممّا ذكره الشارح فانه قال بعد ما نقلنا عنه سابقا بلا فصل امّا لو كان قليلا كما لو كان بين اسنانه شي ء او نزلت نخامة من رأسه فابتلعها فانه غير مبطل و لو وصل شي ء الى جوفه من غير ان يفعل فعلا من ابتلاع و مضغ بان يضع في فمه سكرة فتذوب و تسوغ مع الريق فالاقرب عدم البطلان لانه لم يوجد منه مضغ و لا ازدراد انتهى فان كلامه في السّكرة صريح في ان الاقرب عدم البطلان بناء على انه لم يوجد منه مضغ و ازدراد فيطابق ما ذكره الشارح فهما و كلامه في ابتلاع ما بين الاسنان أيضا يشعر بانّ تجويزه بناء على كونه فعلا قليلا كما ذكره الشارح فتدبّر ثمّ لا يخفى ما في نظر الشارح لعدم الدليل مع ما نقلنا من الشيخ من دعوى الاجماع و ان كان نظره الى عدم ثبوته او اطلاقه فكان ينبغى التعرّض له و القدح فيه كما فعله المحقق لا الحكم بعدم الدليل و الاقتصار عليه فافهم ثمّ انّه ذكر أيضا في المنتهى انه لو اكل او شرب في الفريضة ناسيا لم تبطل صلاته قولا واحدا و به قال الشافعى و احمد و عطا و قال الاوزاعى نفسد صلاته لنا عموم رفع احكام النّسيان احتج بانه فعل مبطل من غير جنس الصّلاة فاستوى عمده و سهوه كالفعل الكثير و الجواب المنع من ثبوت الحكم في الاصل انتهى و انت خبير بان دليله على عدم البطلان و ان كان فيه ما فيه كما اشرنا اليه غير مرّة لكن يكفينا اما نقله من عدم الخلاف فيه و ما نقله من الاحتجاج للاوزاعى كان مراده به انّه فعل مبطل من غير جنس الصّلاة اى ليس كزيادة شي ء من جنس الصّلاة كزيادة ركعة و ما كان كذلك فيستوى فيه العمد و السهو كالفعل الكثير بخلاف ما كان من جنس الصّلاة فانه لا يبطل الا مع العمد كما لو صلّى الظهر خمسا و الجواب المنع من مساواة العمد و السّهو في كلّ ما كان كذلك فان الكلام كذلك مع انهم اتفقوا على انه لا يبطل الا عمدا بل الفعل الكثير أيضا لا يبطل الا مع العمد و سيجي ء تحقيقه و يمكن حمل الاصل على خصوص الفعل الكثير بحمل الدليل على القياس و الاول اوفق بعبارة الدليل و الثانى بالجواب فافهم و لا يخفى انه على ما سيجي ء من الشارح اختيار البطلان بالفعل الكثير مع السّهو أيضا اذا استلزم انمحاء صورة الصّلاة رأسا يتجه التقييد هاهنا أيضا كما فعله في شرح الارشاد حيث قال لو فعل ذلك ناسيا لم يبطل مطلقا اجماعا ذكره في المنتهى الّا ان يوجب محو صورة الصّلاة رأسا فيجي ء فيه ما مرّ في الفعل الكثير انتهى و المكره فيمكن الحاقه بالنّاسى و كذا الجاهل لاشتمال الخبر الذى تمسّكوا به في الناسى لهما أيضا و يحتمل عدمه فهما بناء على ما ذكرنا من ان التّعويل في

الناسى على ما نقلنا من هى من عدم الخلاف فيه و لم اقف على ما يدلّ عليه فيهما و جعل المحقق الاردبيلى رحمه الله الظاهر الحاق المكره بالناسى بالطريق الاولى للعقل أيضا دون الجاهل لكونه مقصّرا و فيهما تامّل فتأمل و قال العلامة في الخلاف و لو كان ناسيا او مغلوبا بان نزلت النخامة و لم يمكنه امساكها لم تبطل و الجاهل بالتحريم عامد و هو مطابق لما نقلنا من المحقق المذكور لكن لا يعلم من كلامه الحكم في المكره كليّا بل في خصوص ما ذكره بان نزلت النخامة و لم يمكنه امساكها و عدم البطلان فيه كما ذكره متجه و ان لم يكن مغلوبا لعدم دخوله في الفعل الكثير فتأمل

قوله الّا في الوتر

الدليل عليه مع اصالة الاباحة و الصحة و عدم الدليل على المنع فيه لما عرفت من عدم دليل على المنع من مطلق الاكل و الشّرب الا الاجماع الذى نقله الشيخ و الظاهر انه لا اجماع هاهنا بل الاجماع على خلافه رواية التهذيب في اواخر باب كيفية الصّلاة من الزيادات من سعيد الاعرج قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام انى اتيت و اريد الصوم فاكون في الوتر فاعطش فأكره ان اقطع الدعاء و اشرب و اكره ان اصبح و انا عطشان و انا في قلة فيه بينى و بينها خطوتان او ثلاثة قال تسعى اليها و تشرب منها حاجتك و تعود في الدعاء نقل العلامة في المنتهى عن الشيخ انه قال لا باس بشرب الماء في النافلة و انه اصبح بالاصلية و برواية سعيد الاعرج و نقل الرواية ثمّ قال و الاقرب عندى مراعاة القلة فتصح الصلاة معها و تبطل بدونها و رواية السعيد محمولة عليه على انها وردت في رافعة مقيّدة بقيود ارادة الصوم و خوف العطش و كونه في دعاء الوتر و مع ذلك فهي واردة في صلاة الوتر انتهى و الظاهر ان مراده ان الاقرب مراعاة القلة في الجواز اى جواز الشرب ما لم يتضمّن الفعل الكثير و ح يستوى فيه الفريضة و النافلة و رواية سعيد محمولة عليه و كانه لم يجعل ما فرض في الرّواية من الحركة خطوتين او ثلثا و الشرب و ما يتوقف عليه و الرجوع الى مصلّاه فعلا كثيرا بناء على ان المعتبر عنده هو الكثير عادة و كون ذلك كثيرا عادة غير ظاهر على انه يحتمل عدم الحاجة الى الرّجوع و ان كان امكنه اتمام الصلاة فيها انتقل اليه هذا و كان مراده من العلاوة انه لو لم يقيد الجواز بالقلّة و قيل به مطلقا بناء على عدم التقيّد في الرواية ظاهرا فالرواية مقيّده بقيود فينتفى قصر الحكم علىّ ما تحقق فيه القيود فلا ينتفى ما فعله الشيخ من التعميم في النافلة مع كون الرواية في خصوص الوتر و من طلاقه الحكم من غير تقييد بارادة الصوم و خوف العطش مع التقييد بهما في الرواية و بما قررنا يظهر ان قوله و مع ذلك فهي واردة لا مستدرك لان سابقه متضمّن له أيضا فتأمل

قوله اذا لم يستدع منافيا غيره

قال الشارح في شرح الارشاد و اشترط بعض الاصحاب ان لا يفعل ما ينافى الصّلاة غير الشرب اقتصارا في الرخصة على موردها فلا يستدبر و لا يفعل فعلا كثيرا غير الشرب و لا يحمل النجاسة غير معفو عنها الى غير ذلك و اكثره مستفاد من الرواية لكن تجويزه ثلاث خطوات قد ينافى منع الفعل

ص: 269

الكثير الحاصل منها فان المصنف رحمه الله في كتبه عدّها كثيرة فان سلم ذلك قال أيضا مستثنى للرواية انتهى و لا يخفى ان ما نقله من العلامة من عدّه الخطوات الثلاث الكثيرة ينافى ما نقلنا عن المنتهى و حمل رواية سعيد على ما لا يتضمن الفعل الكثير و الحق ان تحديد الفعل الكثير بحسب العرف و العادة لا يخلو عن اشكال فالحكم بكون الخطوات الثلاث كثيرة محل تامّل فالظاهر ان ما ذكره في المنتهى مبنى على عدم تسليم ذلك و يؤيد هذا انه لم يحكم بذلك في المنتهى نعم قد صرح به في بعض كتبه الاخرى كما قال في النهاية فالفعلة الواحدة كالخطوة و الضربة قليل و كذا الفعلتان و امّا الثلث فكثيرة و بالجملة فلا ريب ان بناء الخبر على الترخّص في الخطوات الثلاث لكن تجويز مناف آخر غير ظاهر فيبقى الاقتصار فيه على ما لا يستلزم ذلك فتأمل

قوله و لا فرق فيه بين الواجب و الندب

اى في الصوم الذى يريده و هو ظاهر و لا في الوتر بان يكون واجبا بنذر و شبهه و في شرح الإرشاد صرّح بكلا التعميمين و الوجه فيهما اطلاق الرواية و عدم الاستفصال فيهما و هو دليل عموم الحكم و في الثانى مناقشة فان ترك الاستفصال يمكن ان يكون بناء على ما هو الاصل في الوتر من كونه نفلا فالحكم بمجرّد ذلك بالجواز فيما كان منه واجبا لا يخلو عن اشكال نعم يمكن ان يقال ان الظاهر ان النذر او شبهه لا يفيد الا وجوب الوتر عليه و لا يتغيّر به احكامه و شرائطه بل كلما ثبت له منها قبل النذر ثبت له بعده أيضا الا ما علم خلافه بدليل فحينئذ لما جاز الشرب في الوتر قبل النذر فالظاهر جوازه بعده أيضا و مثله القول في جواز النافلة جالسا و ماشيا و راكبا و الى غير القبلة و نحوها بعد النذر أيضا فتدبّر ثمّ الظاهر تخصيص الحكم بالوتر الذى هو مورد الرواية كما فعله الاكثر التعميم في النافلة مطلقا كما فعله الشيخ لعدم دليل عليه بل قال الشارح في شرح الارشاد انه يبقى للشيخ على حمله عنه تعديتهم لها الى صلاة الوتر مع تقييده في الرواية بكونه في دعائه و من ثمّ قصرها بعض الاصحاب الى موردها لا غير و هو حسن انتهى و التحقيق انه لا ان يعتبر في المنع عن الاكل و الشرب صدق الفعل الكثير عليهما ام لا فان لم يعتبر ذلك فلا يبعد القول بالتعميم في النافلة مط اذ النص و ان اختصّ بالوتر لكن لا دليل على المنع عن الاكل و الشرب اذا لم يشتمل على الفعل الكثير الا الاجماع الذى نقله الشيخ و هو خص الدعوى بالفريضة و لا بعد في الفرق لوجود الفرق بينهما في كثير من الاخبار و ان اعتبر في المنع صدق الفعل الكثير فامّا ان يحمل ما ورد في الوتر على ما لا يشتمل على الفعل الكثير كما نقلنا في المنتهى فحينئذ لا اختصاص للحكم بالوتر و لا بالنافلة بل يعم ساير الصّلوات الواجبة أيضا و هو ظاهر و ان قيل فيه بالجواز مطلقا و ان اشتمل على الفعل الكثير فالظاهر حينئذ تخصيص الحكم بمورد الرّواية اذ لا وجه لإلحاق غيره به فان ما ذكروه من المنع عن الفعل الكثير و الاجماع عليه بظاهره يشمل بالواجب و النّدب و كذا التعليل الذى ذكروه له كما نقلنا في بحثه لو صح يجرى في الكل فالحكم هاهنا بجواز الشرب في النافلة مطلقا من غير سند له لا وجه له و مجرّد اختلاف الفريضة و النافلة في بعض الاحكام لا يصلح شانه التخصيص الحكم هناك بالفريضة فتأمل

قوله انما ينافى الصّلاة مع تعمدها

اى يشترط التعمد في الجميع عند المصنف و في بعضها اجماعا كالكلام و القهقهة و الاكل و الشّرب فقد ادعوا فيها الإجماع على التقييد كما نقلنا سابقا و الظاهر ان البكاء و التطبيق و الكتف أيضا كذلك اذ لم ينقلوا خلافا فيها و ان لم ار دعوى الاجماع فيها

قوله لان الناسى غير مكلف ابتداء

و ان كلّف في بعض المواضع باستدراك ثانيا

قوله نعم الفعل الكثير

في حكمه السّكوت الطويل لما نقلنا سابقا عن الذكرى ان ظاهر الاصحاب انه كالفعل الكثير فيكون حكمه حكمه و قد تردد في الذكرى في تقييد الالتفات أيضا كما يظهر مما نقلنا عنه في بحثه و في الدروس نسب التقييد في الاستدبار و الفعل الكثير الى المشهور و ظاهره انه يقول بكونهما مبطلا مطلقا خصوصا في الاول حيث عدّه أيضا اولا في المبطلات الالتفات و برا و لم يقيده بالعمد فتأمل

قوله و نسب التقييد في الذكرى الى الاصحاب

قال فيه قال الاصحاب ان الفعل الكثير انما مبطل اذا وقع عمدا اما مع النسيان فلا لعموم قول النّبى صلّى اللّه عليه و آله رفع عن امّتى الخطأ و النّسيان قال و ربما يمكن ان يحتج بما رواه العامة و رواه الاصحاب أيضا من حكاية سلام النّبى صلّى اللّه عليه و آله على اثنين و قول ذى اليدين و رده بانه متروك بين الامامية و لا يخفى على تقدير صحته تحقق الفعل الكثير فيه غير ظاهر اذ لم ينقل فيه الّا سؤال النّبى صلّى اللّه عليه و آله بقوله اصدق ذو اليدين و مثل ذلك لا يعدّ فعلا كثيرا عرفا على ان ذلك ليس نسيانا بل عمد بعد السلام بظن التمام و عدم الفرق بينه و بين النسيان او كون النسيان اولى منه بالعفو غير ظاهر و بالجملة هذا الاستدلال ساقط جدّا و اما التمسّك بعموم حديث الرفع ففيه أيضا تامّل اذ الظاهر من الرفع كما سبق مرارا هو رفع المؤاخذة فقط لا عدم التأثير و ايجاب التلافى و التدارك رأسا فلا يدل على عدم بطلان الصلاة مع ان تعليلهم الحكم بالبطلان في صورة العمد لو تمّ يجرى في النسيان أيضا فالتفرقة نحكم نعم على ما ذكرنا من ضعف التعليل و ان التعويل انما هو على الاجماع اتجه الفرق اذ لو لم يكن اجماع على عدم البطلان مع النسيان فظاهر انه لا اجماع أيضا على البطلان فتأمل ثمّ لا يخفى ان المكره على الفعل الكثير أيضا يمكن ان يكون حكمه حكم الناسى و كذا الجاهل بالتحريم بناء على ورودهما أيضا في النص الدال على الرّفع عن الناسى و يحتمل عدمه فيهما بناء على ضعف دلالة النص و ان التعويل في الناسى على اجماع الاصحاب او الشهرة بينهم و لم يوجد ذلك في المكره و الجاهل بل لم اقف على من تعرّض لهما في الفعل الكثير و ظاهر بعضهم في غيره الحاق المكره بالناسى دون الجاهل لتقصيره كما نقلنا في الاكل و الشرب و فيهما تامل كما اشرنا اليه هناك و امّا الجاهل بالابطال مع علمه بالتحريم فاحتمال الالحاق فيه اضعف من الجاهل بالتحريم كما لا يخفى

قوله نعم لو استلزم الفعل الكثير

كانه اراد بانمحاء صورة الصلاة رأسا امرا زائدا على الخروج عن الصّلاة عرفا الذى اعتبروه في الفعل الكثير و ذلك كان يفعل بعد قراءة كل كلمة فعلا يعتد به و هكذا يهوى قليلا قليلا الى الركوع و السجود و يفعل فعلا كثيرا بين كل مرتين بحيث لا يصدق في العرف على قراءة القراءة و لا على ركوعه و سجوده الركوع و السجود و قال المصنف في الذكرى السّكوت الطويل الذى يخرج به عن كونه مصلّيا ظاهر الاصحاب انه كالفعل الكثير فحينئذ يشترط فيه التعمد فلو فعل نسيانا لم يبطل و يبعد بقاء الصّلاة على الصحة فيه و في الفعل الكثير المخرجين عن اسم المصلّى بحيث يؤدّى الى انمحاء صورة الصّلاة كمن يمضى عليه السّاعة و الساعتان او معظم اليوم انتهى و في بعض النسخ السّاعتان و السّاعات او معظم اليوم و هذا الكلام منه و يمكن حمله موافقا لما حملنا عليه كلام الشارح على استبعاد

ص: 270

الحكم في بعض صور السّكوت الطويل و الفعل الكثير المخرجين و يمكن أيضا حمله على استبعاد الحكم بالصّحة مع النسيان فيهما مطلقا بناء على انه اذا خرج بهما عن اسم المصلّى و ادّى الى انمحاء صورة الصّلاة فالحكم بالصحة بعيد و ان وقع ذلك نسيانا و قد ظهر لك بما حققنا سابقا حاله على الثانى و لا على الاول فالاستبعاد في بعض الصور و ان كان لا يخلو عن وجه كما ذكرنا لكن الظاهر بقرينة تمثيله انه ليس نظره الى مثل ما قرضنا من الصور بل الى مجرد طول الفصل كان يمضى عليه السّاعة و السّاعتان او معظم اليوم او السّاعتان و السّاعات و عندى الاستبعاد في الحكم بالصحة و ان طال ما طال ناسيا الا اذا فرض ما ذكرنا من عدم صدق بعض اركان الصّلاة عرفا على ما فعله و حينئذ اتجه البطلان لكن الظاهر ان كلام الاصحاب حيث حكموا بالصحة مع النسيان لا يشمل مثل تلك الصّورة و قال صاحب المدارك و لم اقف على رواية تدل بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير لكن ينبغى ان يراد ما ينمحى به صورة الصلاة بالكلية كما هو ظاهر اختيار المصنف في المعتبر اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع الوفاق و ان لا يفرق في بطلان الصلاة به بين العمد و السّهو انتهى و الظاهر انه اراد بانمحاء الصّورة الصّلاة به هو كونه مخرجا عن الصّلاة عرفا اذ لا يظهر من المعتبر كما نقلنا سابقا كلامه سوى اعتبار ذلك فالمراد ان الفعل الكثير و ان اطلق في بعض عباراتهم كعبارة هى لكن ينبغى ان يراد به ما يكون مخرجا عن الصلاة عرفا كما يظهر من تعليل الحكم بالبطلان به في المعتبر هذا و ما في حكمه بعدم الفرق حينئذ بين العمد و السّهو ما اشرنا اليه من انه انما يصح لو عوّل في الحكم على التعليل المذكور و اما اذا عوّل على الاجماع فيتجه الفرق فتأمل لكن الاصحاب اطلقوا الحكم اى التقييد بالعمد فيظهر منهم عدم البطلان مع النسيان مط و قد عرفت انه لو حمل انمحاء صورة الصلاة على ما ذكرنا في توجيه كلام الشارح فاستثناؤه متجه لكن الظاهر ان اطلاق الاصحاب لا يشمله و ان حمل على ما يظهر من تمثيل الذكرى فإطلاق الاصحاب يشمله و استثناؤه كانه لا وجه له فتأمل

[السابع الإسلام]

قوله فلا تصح العبادة مطلقا

هذا مما لا خلاف فيه و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد ان دليل عدم الصحة منهم عدم القربة التى شرط في العبادة بحيث تمكن ترتب اثرها انتهى و كان التقييد بقوله بحيث يمكن ترتب اثرها لدفع سؤال هو ان عدم القربة منهم انما يسلم فيمن لا يعرف باللّه تعالى كالدهرية و اما من اعترف به تعالى و كان كفره بجحد النبي صلّى اللّه عليه و آله او بعض شرائع الاسلام فلا لامكان قصد القربة منه فاجاب بان المراد قصد القربة بحيث يمكن ترتب اثرها و هو الثواب عليها و هو لا يمكن في الكافر مع خلوده في النار بحكم الآيات الكثيرة بل الضرورة من الدين أيضا و فيه تامّل فان المسلم من اشتراط القدرة في العبادات هو ايقاعها طلبا للتقرّب الى اللّه تعالى و نيل الثواب منه او ما يقرب من ذلك سواء حصل له ما نواه او يكون قابلا لذلك في نفس الامر ام لا و لا شك في امكان تحقق هذا القصد في بعض الكفار الذي ذكرنا و امّا اشتراط ايقاعها طلبا للتقرّب اليه تعالى بحيث يستحق الثواب عليه او يكون قابلا له فهو ممنوع لعدم دليل عليه كيف و لو اعتبر ذلك لزم عدم صحة عبادات المخالفين أيضا لانهم لا يستحقّون الثواب عليها على ما هو الشارح عندنا من انهم مخلّدون في النار و كما ينادى به الاخبار الكثيرة المتضافرة بل قال الشارح في شرح الارشاد ان الايمان شرط دخول الجنّة عندنا اجماعا مع انهم جزموا بصحة عباداتهم كالعتق و تامّلوا في بعض آخر و ان كان الاظهر فيها عندهم أيضا هو البطلان كما يدل عليه الاخبار و سنفصّل القول فيه انشاء اللّه في كتاب الحج ثمّ ان المحقق المذكور احتمل في الكفار حصول عوض له بسبب بعض افعاله الحسنة اما في الدّنيا او في الآخرة بتخفيف عقابها و هو ليس ببعيد و لا ينافى الحكم كليّا بعدم صحة عباداتهم فان المراد به نفى صحتها على وجه يستحق بها الثواب و هو العوض المقارن للتعظيم و التعجيل و لا يكون الا بدخول الجنّة و هذا لا ينافى حصول عوض له في الجملة على ان ذلك ليس في العبادات المشهورة بل في مثل البذل على الفقراء و اعانة المظلومين و اغاثة الملهوفين و امثالها فيمكن حمل كلامهم على نفى ترتب الاثر اصلا بدون الاسلام بتخصيصه بالعبادات المعهودة و لا يشكل بالزكاة فان المنوى لها مع الكفر لا يحصل له اثر ترتب عليها من حيث هى هى و لا يسقط عنه العقاب الترتب على تركه اصلا نعم ربما يحصل له عوض بازاء اصل البذل للفقراء و هو شي ء آخر فتدبّر

قوله و التمييز

كان هذا أيضا ممّا لا خلاف فيه و كانه يشهد به من له ادنى تمييز أيضا

قوله و كلاهما مروى

اما الرّواية الدالة على السّت فهي صحيحة التهذيب باب الصّبيان متى تؤمرون بالصّلاة من الزيادات عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام في الصبى متى يصلّى فقال اذا عقل الصّلاة قلت متى يعقل الصّبى و يجب عليه فقال لستّ سنين قوله و يجب عليه يمكن ان يحمل على الوجوب التمرينى فيكون اعادة لما سئل اوّلا بقوله متى يصلّى و يمكن ان يحمل على انه سؤال اخرى متى تجب الصّلاة عليه بعد موته و يمكن ان يكون الوجه في ضمّ هذا السؤال أيضا بهذه العبارة المشعرة بتقارنهما ما سمعه منهم عليه السلام من انه اذا عقل الصّبى الصّلاة صلّى عليه كما ورد في الاخبار و حسنته أيضا بإبراهيم باب الزيادات في صلاة الميّت عن الحلبى عن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الصّلاة على الصّبى متى يصلى عليه قال اذا عقل الصّلاة قلت الصّلاة يجب عليه فقال اذا كان ابن ستّ سنين و الصيام اذا طاقه و هذه الرّواية في الكافى ايضا هكذا في كلّ النسخ التى يرانى و انتسخت منه و قوبلت حتى النسخة التى من خط المير و يلاحظه المصنف رحمه الله تمت

ص: 271

[الفصل الثالث في كيفية الصلاة]

[في الأذان و الإقامة]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

قوله فنفتفر في الثّواب عليهما الى النيّة الّا ما شذّ

و هو النظر المعرف لوجوب معرفة اللّه تعالى فانه عبادة و لا تعتبر فيه النيّة لعدم تحصيل المعرفة قبله و كذا ارادة الطّاعة اعنى النية فانها عبادة و لا تحتاج الى النيّة و الا لتسلسل كما ذكره المصنف في قواعده و ذكر بعض العامة ان كل عبادة لا تلتبس بعبادته لا تفتقر الى النيّة كالإيمان باللّه و رسوله و اليوم الآخر و التعظيم و الاجلال للّه و الخوف و الرّجاء و التوكّل و الحياء و المحبّة و المهابة فانها متميّزة في انفسها بصورها التى لا يشاركها فيها غيرها و الحق بذلك الاذكار كلّها و الثناء على اللّه عز و جلّ بما لا يشارك فيه و الاذان و تلاوة القرآن قال المصنف في قواعده و هذا بالاعراض عنه حقيق فان اكثر هذا ممّا يمكن صدورها على وجه الرّياء و العبث و السّهو و النّسيان فلا تخصّص للعبادة الّا بالنّية امّا الايمان المذكور فانه لا لا يقع الا على وجه واحد فلم يجب فيه النيّة الا ان استحضار اوله الايمان في كل وقت يمكن ان يتصوّر فيه النيّة و كذا في عقد القلب و الاستدامة عليه و قد جاء في الحديث جدّدوا اسلامكم بقول لا اله الّا اللّه انتهى و انت خبير بان الايمان المذكور يجب ان يحمل على مجرد التصديق الجنانى و الا فالاقرار باللّسان و العمل بالاركان مما يقع على وجوه متعدّدة و هو ظاهر و ذلك التصديق ليس باختيارى و النية انما هى في الاعمال الاختياريّة و من هذا ظهر ما في قوله و كذا عقد القلب و الاستدامة عليه فتدبّر

قوله بل اوجبهما فيهما الحسن مطلقا

بل حكم ببطلان الصّلاتين بتركهما متعمّدا

قوله ما لم يركع في الاصح

و يمضى في صلاته ان كان متعمّدا و هذا هو المشهور و عكسه و هو الذى نقله الشارح هو قول الشيخ في النهاية و اختار ابن ادريس و اطلق الشيخ في المبسوط الاستيناف ما لم يركع

قوله و يرجع أيضا للاقامة

و في شرح الشرائع عكس الحكم فقال و كما يرجع ناسى الاذان يرجع ناسيهما بطريق اولى دون ناسى الاقامة لا غير على المشهور اقتصارا في ابطال الصّلاة على موضع الوفاق و الظاهر من الاخبار و هكذا كلام اكثر الاصحاب هو ما ذكره هاهنا بل ادّعى فخر المحققين الإجماع على عدم الرّجوع مع الإتيان بالاقامة فقول الشارح اقتصارا في ابطال الصّلاة على موضع الوفاق قريب منه رحمه الله جدّا

قوله و يسقطان عن الجماعة الثّانية

و هل السّقوط رخصة ام عزيمة ظاهر عبارة المصنف لعلّه هو الاول و كذا اكثر الرّوايات الواردة في الباب لا تدلّ على ازيد منه و ظاهر عبارة بعض الاصحاب كالمحقق رحمه الله هو الثانية و رواية ابى عبد اللّه تدلّ عليه حيث قال كنا عند ابى عبد اللّه عليه السلام فاتاه رجل فقال جعلت فداك صلّينا في المسجد الفجر و انصرف بعضنا و بقي بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فاذن فمنعناه و رفعناه عن ذلك فقال ابو عبد اللّه عليه السلام احسنت ارفعه عن ذلك و امنعه اشدّ المنع فقلت فان دخلوا و ارادوا ان يصلّوا فيه جماعة قال يقومون في ناحية المسجد و لا يبدر بهم امام بان يبقى منها و لو واحدا معينا و اعتبر بعضهم كالمحقق و العلّامة عدم تفرّق صفوف الاولى و لو تفرقت صفوفهم لم يسقطا عن الثانية و في بعض الاخبار بعض ما يدل عليها و في بعضها ما يقرب الى ما اعتبره الشارح

قوله و كذلك يسقطان عن المنفرد بطريق اولى

و ذلك لانهما اذا سقطا في الجماعة مع تاكدهما فيهما حتى قيل بوجوبهما فيها كما سبق فسقوطهما مع الانفراد بطريق اولى و فيه بعد ما اعترف به من الحكمة و ظهورها من فحوى الاخبار اشكال لا يخفى على المتامّل لكن روايتا ابى بصير و كذا حديث ابى على التى هى الاصل في هذا الباب يشمل المنفرد و الجامع جميعا بل روايتا ابى بصير ظاهرتان في المنفرد و حديث ابى على تدلّ معهما على المنفرد و الجامع جميعا على ما ذكره المصنف في الذكرى و الشارح في شرح الارشاد بل نقول يمكن المناقشة في دلالته على الجامع بخلاف المنفرد كما يظهر بالتامّل فيه و استفادة ما ذكره من الحكمة عنها مشكل و يمكن ان يكون الحكمة هى رعاية الفرقة الاولى بالاعتداد باذانهم و اقامتهم و يؤيد اعتبار عدم تفرقهم لا بقاء الامام فالأولى التعميم و ان كان رواية زيد بن على لا تدل الا في الجامع لكن كان في بعض الاخبار أيضا ما ينافيه نحو ما روى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل اذا ادرك الامام حين سلم قال عليه ان يؤذن و يقيم و يفتتح الصّلاة و في الذكرى نسب القول بعدم كراهة اذان المنفرد الى ابن حمزة و بما قررنا ظهر ان تخصيص المصنف السقوط بالجماعة الثانية ليس لبيان الفرد الخفى كما حمله الشارح بل الظاهر انه لتردّده في المنفرد او لان ظهور الحكم فيه عنده ليس كما في الجامع على ما يظهر من الذكرى فتأمل

قوله و يشترط اتحاد الصّلاتين او الوقت و المكان عرفا

مراده كما يظهر من شرح الشرائع انه يشترط امران احدهما احد الامرين من اتحاد الصّلاتين او الوقت و الآخر اتحاد المكان عرفا و على هذا فلو صلّت الجماعة الاولى العصر مثلا و الاخرى المغرب فلا يسقطان عنهم و لو صلت الاولى الظهر و الاخرى أيضا الظهر او العصر فلا يسقطان و لو صلّت الاولى في مسجد و الاخرى في مسجد آخر قريب منه فلا يسقطان

قوله و ظاهر الاطلاق عدم الاشتراط

و في شرح الارشاد و المدارك قوى اشتراط المسجد لكونه مورد الاخبار و يجوز ان يكون الحكمة هى رعاية جانب الامام الرّاتب للمسجد و انت خبير بانه و ان كان مورد اكثر الاخبار هاهنا هو المسجد لكن ما رواه الشيخ عن ابى بصير قال سألته عن الرّجل ينتهى الى الامام حين يسلم فقال ليس عليه ان يعيد الاذان فليدخل معهم في اذانهم فان وجدهم قد تفرّقوا اعاد الاذان مطلقة لا اختصاص لها بالمسجد و لم ينقل في الكتابين

قوله و يسقط الاذان في عصرى عرفة لمن كان بها و الجمعة

سواء صلّى الجمعة او الظهر كما هو ظاهر اكثر القائلين بالسقوط و قال ابن ادريس انما يسقط اذان العصر عمّن صلّى الجمعة دون من صلّى الظهر و نقل عن ابن البرّاج و المفيد في الاركان استحباب اذان العصر يوم الجمعة كسائر الأيّام

قوله و الحكمة فيه مع النص استحباب الجمع بين الصلاتين الى آخره

الظاهر من كلام الشارح ان المراد بالجمع المسقط للاذان هو فعل الصّلاتين في وقت فضيلة احدهما و لا يعتبر فيه شي ء آخر و يظهر من عبارة بعضهم كابن ابى عقيل انه يعتبر في الجمع عدم التنفّل بين الفريضتين حيث قال في باب الجمعة فان خاف الامام بالتنفل تاخير العصر عن وقت الظهر في ساير الايام صلّى العصر بعد الفراغ من الجمعة و تتنقل بعدها بستّ ركعات كما روى عن امير المؤمنين عليه السلام انه كان ربما يجمع بين صلاة الجمعة و العصر انتهى بل ظاهر هذا الكلام ان الجمع هو مطلق فعل الصّلاتين متّصلا احدهما بالآخر من غير تنفّل بينهما و كذا يظهر اعتبار عدم التنفل من عبارة المحقق في المعتبر حيث قال و يجمع يوم الجمعة بين الظهرين باذان و اقامتين كذا قال الثلاثة و اتباعهم لان يوم الجمعة تجمع بين الصّلاتين و يسقط ما بينهما من النوافل و كذا العلامة في المنتهى و ية حيث قال قال علماؤنا تجمع بين الظهرين يوم الجمعة باذان واحد و اقامتين لان يوم الجمعة تجمع بين الصّلاتين و يسقط ما بينهما من النوافل فيكتفى فيهما باذان واحد و قد نمسّك الشارح أيضا في الارشاد بهذا التعليل في اثبات سقوط اذان عصر يوم الجمعة ثمّ قال كذا علّله المصنف في المنتهى و النهاية انتهى و في عبارة المبسوط أيضا اتمام بما ذكر حيث قال و يستحب ان يصلّى ست ركعات عند انبساط الشمس و ستّ عند ارتفاعها و ستّ اذا قرب من الزّوال و ركعتين عند الزوال ثمّ تجمع بين الفرضين باذان واحد و اقامتين و ان فصّل بين الفرضين بستّ ركعات على ما ورد به بعض الروايات

ص: 272

و الباقى على ما بيّناه كان أيضا جائز او ان اخّر جميع النّوافل الى بعد العصر جاز أيضا غير ان الافضل ما قلناه فان زالت الشمس و لم يكن قد صلّى شيئا من النوافل اخّرها كلّها و جمع بين الفرضين فانه افضل انتهى و في بعض الاخبار أيضا ما يزيد ذلك كرواية محمد بن حكيم عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته يقول اذا جمعت بين الصّلاتين فلا تطوّع بينهما و صحيحة منصور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن صلاة المغرب و العشاء تجمع فقال باذان و اقامتين لا تصلّ بينهما شيئا هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رواية صفوان الجمّال قال صلّى بنا ابو عبد اللّه عليه السلام الظهر و العصر عند ما زالت الشّمس باذان و اقامتين و قال انى على حاجة فتنفّلوا قال أيضا في الذكرى و في هذا الخبر فوائد منها جواز الجمع و منها انه لحاجة و منها انه لحاجة و منها سقوط الأذان و النّافلة مع الجمع و ربما يظهر فعل النافلة مع سقوط الاذان من صحيحة ابى عبيدة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذا كانت ليلة مظلمة و ريح و مطر صلّى المغرب ثمّ مكث قدر ما ينفل الناس ثمّ اقام مؤذّنه ثمّ صلّى العشاء و احتمل لبعضهم سقوط اعتبار التعقيب ايضا في الجمع بناء على ان الاصل عدم سقوط الأذان و ليس بمعلوم السقوط الّا مع حذف النافلة و التعقيب ثمّ ما ذكره الشارح من كون الاذان لصاحبة الوقت و انه اذا جمع في وقت الاولى كان الاذان لها و ان جمع في وقت الثانية كان للثانية هو المشهور بينهم لكن في عبارة بعضهم كالمحقق و العلامة رحمه الله انه اذا كان في وقت الاولى كان الاذان لوقتها و ان كان في وقت الاخرى كان لوقتها لا لها على ما وقع في عبارة الشارح و عبارة الذكرى كما هنا و كذا عبارة المحقق الثانى في عد و على أيّ تقدير فالحكم لا يخلو عن اشكال اذ الأذان و ان كان اصله الاعلام لكنه صار سنّة مستقلّة و عبادة متبعة و لذا يتاتّى وظيفته بايقاعه سرّا كما اعترف به الشارح و استحب في القضاء أيضا مع انه لا اعلام هناك و على هذا فالحكم بكونه لصاحبة الوقت مشكل بل يمكن ان يكون لكل منهما و يمكن ان يكون الاولى مطلقا و هو ظاهر عبارة الشيخ في المبسوط حيث قال لو جمع بين صلاتين اذان و اقام الاولى منهما و يقيم الاخرى سواء كان في وقت الاولى او الثانية و اختاره صاحب المدارك و يؤيده ظاهر صحيحة ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال السّنة في الأذان يوم عرفه ان يؤذن و يقيم للظّهر ثمّ يصلّى ثمّ يقوم فيقيم العصر بغير اذان و كذلك في المغرب و العشا بمزدلفة و الاولى عدم التعرض في النيّة لذلك اصلا هذا و يتفرع على ما ذكره عدم استحباب الأذان اذا خرج وقت الفضيلة الصّلاتين و امّا على ما ذكرنا فلا و عمومات الاذان متصادفان قال المحقق الاردبيلى بعد ما ذكر أن كون الاذان للوقت غير معلوم و لهذا لو صلّى بما في وقت واحدة منهما مع عدم الجمع بان يفصل بينهما بزمان كثير يشترط عدم خروج تلك الواحدة يؤذن لهما و يقيم الا ان يقال ان هذا داخل في الجمع و لكنه غير معلوم و لا يقال لغة له الجمع و لا عرفا و شرعا غير ظاهر انتهى و من هنا ظهر انه لا بدّ من اعتبار قيد آخر أيضا في الجمع و عدم الفاصلة المعتدّ به بين الصّلاتين بل يحتمل ان يكون عدم الفصل كافيا في الجمع و سقوط الاذان و ان كان كل من الصّلاتين في وقت الفضيلة بان صلّى الاولى في آخر وقت الفضيلة و الأخرى في اوله فتأمل و قال ابن ادريس في السّرائر و حدّ الجمع ان لا يصلّى بينهما نافلة فامّا التسبيح و الادعية فمستحبّ ذلك و ليس بمانع للجمع انتهى و كلام الاكثر خال عن التعرّض لتحقيق معنى الجمع و لذا قد اطلنا فيه الكلام و خرجنا عما هو مقتضى المقام

قوله و اختلف كلام المصنف

فالذى ذكر في الذكرى اوّلا مسئلة الجمع و انه يسقط فيه الاذان في الثانية و ان سقوط الاذان بعرفة و مزدلفة أيضا مندرج في هذا لا لخصوصية التقية بل لمكان الجمع ثمّ قال و هل يكره الاذان هنا و ظاهره ان المراد به مطلق الجمع لا لخصوص الثلاثة بل لم يذكر عصر الجمعة يعد لم اقف فيه على نص و لا فتوى و لا ريب في استحباب ذكر اللّه على كل حال فلو اذن من حيث انه ذكر اللّه فلا كراهة ثمّ قال و لا الاذان لعصر يوم الجمعة فقال الشيخ في النهاية و لا يجوز و في المبسوط و قال ابن ادريس انما يسقط اذان العصر عمّن صلّى الجمعة لا المصلّى ظهرا فلا و نقله عن المفيد و ابن البرّاج ثمّ قال و احتج الشيخ على الكراهة بما ذكرناه من جمع النّبى صلّى اللّه عليه و آله و ظاهر انه لا تصريح فيه بالكراهة و الاقرب الجزم بانتفاء التحريم و لانه يكره في مواضع استحباب الجمع لو اتفق الجمع مع عدم استحبابه فانه يسقط اذان الاعلام و يبقى اذان الذكر و الاعظام انتهى و لا يخفى ما في العبارة من الخلل فانه قال و في المبسوط و لم ينقل المقول و الصواب بعده و يكره و كانّه سقط من القلم و أيضا قال و لانه يكره و الظاهر بانه يكره ثمّ بما نقلنا يظهر ان ما ذكره الشارح من قوله توقف في كراهته في الثلاثة ليس كذلك بل توقّفه و عدم وقوفه على نصّ و فتوى بالكراهة انما هو في مطلق الجمع كما ذكرنا لا في خصوص الثلاثة كيف و قد تعمل القول بالكراهة في عصر الجمعة عن الشيخ و أيضا قد نقل القول بالحرمة أيضا فيه عنه و قد قال جماعة أيضا منهم العلّامة بالحرمة في الثلاثة و المتبادر من مثل هذا القول عدم النصّ و الفتوى بالحرمة أيضا كما لا يخفى على من له رويَّة باساليب الكلام و أيضا اذا حمل على ما ذكرنا فلا ينافى ما ذكر في الدروس بقوله و ربّما قيل بكراهته في الثلاثة و خصوصا في الاخير يعنى عصر الجمعة و أيضا قوله ثمّ حكم بنفى الكراهة كان سهوا في الظاهر ثمّ حكم بالكراهة و جزم بانتفاء التحريم فيها كما ظهر مما ذكرنا فتأمل

قوله نعم قد يقال ان مطلق البدعة ليس بمحرم

و يمكن الاستدلال على حرمة كلّ بدعة بما روى صحيحا في نافلة شهر رمضان جماعة انها بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة مصيرها الى النّار و ما رواه في كتاب عيون الاخبار من كتب الرّضا عليه السلام للمؤمنين من شرايع الدّين حيث فيه انه لا يجوز ان يصلّى تطوّعا في جماعة لانّ ذلك بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و ما رواه في اصول الكافى عن الفضل بن شاذان رقّعه عن ابى جعفر عليه السلام و ابى عبد اللّه عليه السلام قالا كل بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها الى النّار و ما رواه أيضا عن عبد الرحيم القصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كل بدعته ضلالة و كل ضلالة في النّار و امّا ما تخيّل من امور هى بدعة و ليست بحرام على ما وقع في كلام بعض العامة فمدفوع بان البدعة ليست مطلق المحدث بعد عهد النّبى صلّى اللّه عليه و آله بل عبادة لم يكن في زمانه صلّى اللّه عليه و آله و لا يستفاد من شريعته لا بالخصوص و لا من العمومات الواردة فيها اذ كل حكم لتستفيد من الشريعة ليشمل نحو توريث الاباعد و منع الاقارب مثلا و على الوجهين فلا نم تحقق بدعة لا يكون محرمة و لو سلم فيخصّص العام بدليل من خارج لا يخرج عن الحجية على ما حقق في الاصول نعم يمكن المناقشة حينئذ بان عدم ايقاع الشارع لها في هذه المواضع لا يدل على كونها بدعة بل عمومات الاذان نقلها يكفى للحكم بشرعيته مطلقا هذا و الاولى ان يستفسر و يقال ان اريد بالبدعة مطلق المحدث بعد عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله و عليه يبنى كلام ذلك البعض من العامة فكونها بدعة مسلمية لكن لا نم حرمة كلّ بدعة و ان اريد البدعة باحد المعنيين اللّذين ذكرناهما فلا نم كونها بدعة بمجرد عدم ايقاع الشّارع لها فتدبّر

قوله و غيره يقتصر عنه

اى يقف في مكان اسفل من مكان الراتب او يجعل صلاته اخفض منه و يحتمل ان يكون المراد مجموع الامرين

[في واجبات الصلاة]

[القيام]

قوله و يلحق البدل حكم المبدل منه في الرّكنيّة

زيادة و نقصانا مع القصد

ص: 273

و قيل مطلقا قال سلطان العلماء اى سواء قصد البدلية او لا فلو زاد تغميضا بطل صلاته و ان لم يقصد انه يدل من الركوع او السجود و الحاصل انّه على هذا القول يصير التغميض مطلقا بمنزلة الركوع في السّجود في هذه الصّلاة فلو زاد و نقص بطل الصّلاة مطلقا كسائر الاذكار في الصّلاة انتهى و لا يخفى ان بطلان الصّلاة بزيادة الركوع و السّجود الحقيقيين أيضا بدون قصد كونهما ركوعا او سجودا غير معلوم بل قال في الذكرى انه يجب ان يقصد لهوية الركوع فلو هوى بسجدة العزيمة او غيرها في النافلة او هوى لقتل حيّة او لقضاء حاجة فلم انتهى الى حدّ الركوع

قوله و ان لم يجعله ركوعا لم يخبره فيجب عليه الانتصاب ثمّ الهوى للركوع و لا يكون ذلك زيادة ركوع انتهى و فيه حكم بعدم البطلان بزيادة صورة الركوع بدون القصد و قال في بحث السجود يجب الهوى للسّجود فلو هوى لأخذ شي ء او قتل حيّة او عقرب لم يجز الا ان يعود الى القيام و الهوى و لو صار بصورة السّاجد و الحالة هذه احتمل البطلان لزيادة صورة السّجود انتهى و فيه تردّد فلعلّ بناء كلام القائل على زيادة صورة الركن مبطلا مطلقا لما احتمل في الذكرى ثمّ جعل حكم البدل حكم المبدل مطلقا فتأمل

[النية]

قوله و لما كان القصد متوقفا على تعيين الى آخره

لا يخفى ان القصد لا يتوقف الا على يقين المقص بوجه ما لا بوجه يمتار عن جميع ما عداه فحينئذ لا يلزم قصد الأداء و القضاء و كذا الوجوب او الندب و ان اراد ان النيّة هى القصد الى الصّلاة المعيّنة اى المعيّنة بالوجه الممتاز و القصد المذكور يتوقف على تعيين المقص بوجه يمتاز به عن جميع ما عداه فلا نم الاول ان كون النيّة هى القصد الى الصّلاة المعيّنة بالوجه المذكور لم لا يجوز ان يكون قصد الصّلاة مطلقا اعمّ من ان يكون اداء و قضاء واجبة او مندوبة مجزيا و هل الكلام الّا فيه و بالجملة وجوب تعيين هذه الامور في النية مما لا دليل على اعتباره و الاخبار خالية عنه و كذا كلام متقدم الاصحاب فلا يبعد الاكتفاء بيقين الفعل بوجه القربة مع قصد الاختيار و لكن الاحتياط في التعيين

قوله و الظاهر ان المراد به المجعول غاية

قال سلطان العلماء رحمه الله لا يخفى ان في جعل الوجوب غاية فعل الصّلاة تجوّزا ظاهرا فان غاية الفعل لا بدّ ان يكون مرتبا عليه مؤخرا عنه في الوجوب فلا شك ان الوجوب ليس مرتّبا على فعل الصّلاة بل كان مقدّما عليه فالغاية الاتيان بما هو واجب لا اصل معنى الوجوب و هو مرتب على فعل الصّلاة في اصل النيّة انه اصلّى صلاة كذا ليحصل منى الإتيان بالواجب و لفظ لوجوبه اشارة الى هذا المعنى و حينئذ أيضا يصح تعليله بالقربة فان اصل الوجوب لا يعلل بالقربة و يظهر ان قربة الى اللّه تعليل للتعليل لا الاصل الفعل و لا يحتاج الى ما ارتكبه الشهيد في الذكرى في وجه عدم حرف العطف على التعليل بناء على انه تعليل لأصل الفعل فتأمل انتهى و لا يخفى ان من جعل الوجوب غاية فعل الصّلاة لم يجعله علة غايته حتى يرد الاشكال و يحتاج الى ارتكاب التجويز بل جعله مفعولا له من قبيل قعدت عن الحرب جبنا و لا اشكال فيه و لا حاجة الى ما ارتكبه من التّجوز البعيد جدّا نعم في تصحيح التعليل الثانى بلا حرف العطف يحتاج الى توجيه و ما افاده من كون القربة تعليلا للتعليل نقله المصنف في الذكرى عن بعض النّحاة من الاصحاب لكن لا يخفى فساده ظاهرا فان القربة لا تصلح غاية للوجوب و أيضا ليست فعلا لفاعله فلا تصح نصبها و ما افاده هذا الفاضل يصلح توجيها له لكنّه بعيد جدا و ما ذكره المصنف في الذكرى لدفع الاشكال مما لا يظهر له محصل كما يظهر بالمراجعة الّا ان يتكلف و يرجع حاصله الى ان العطف انما يجب اذا كان المفعولان لاجلهما من قسم واحد و امّا اذا كان من قسمين كما فيما نحن فيه فلا و ذكر الشارح في شرح ان الحقّ منع تعدّد المفعول لاجله هنا لان المجرور باللّام ليس مفعولا لاجله كما لا يخفى و لو سلم منعنا وجوب توسّط حرف العطف لفظا بل حذفه جائز قاعدة مطردة كما نقله ابن هشام في المغنى و ذكر له شواهد هذا كله مع عدم وقوع الاشكال اصلا فانه لا تعلق له بالنسبة الشرعية التى هى القصد بل متعلقه الالفاظ التى لا مدخل لها في المقص كما اشار اليه في الذكرى و مع هذا فلم يقع النسبة في هذا الوجه في نصّ بل انما هى ممّا شاع في السّن الناس فلو خير لورد عليه اشكالا فتأمل

قوله لانّ قصد الفرض

لا يقال ان قول المصنف معينة الفرض لا بدّ ان يكون اشارة الى تعيين نوع الصّلاة كما ذكره الشارح أيضا او لا حيث قال من ظهر او عصر و لا يمكن حمله على القصد قصد الفرضى كما ذكره هاهنا و الا لم يكن تعيين نوع الصّلاة مذكورا في كلامه مع انه من المميّزات المعتبرة عندهم لانا نقول ان الشارح حمل اوّلا قوله المعيّنة الفرض على تعيين نوع الفرض بعنوان انّه فرض كما يقال في النسبة فرضى الظهر مثلا و حمل آخر على مجرّد تعيين نوع الصّلاة بدون ملاحظة الفرض او النفل و كلا منهما يحتمل و حينئذ يستقيم جميع ما ذكره و لا ايراد عليه فتدبّر

قوله و على اعتبار الوجوب المعلل

اى لو حمل الوجوب الّذى ذكره المصنف على الوجوب الغائى

قوله ما قبله الواجب اى ما قبل الوجوب الذى في عبارة المتن او لوجوبه الذى يذكر في النيّة

قوله و يكون قصده

اى قصد الواجب او المكلّف بالاضافة الى الفاعل او المفعول

قوله وجوب ذلك امر مرغوب عنه

حينئذ هذا انما يستقيم اذا تعيّن عليهم نيّة الوجه و ليس كذلك بل قالوا بالتخيير بين الوجوب و الندب و وجههما و حينئذ فانخطب سهل اذ يمكن للعموم اختيار الاول

قوله و لو جعلها للّه

اى غاية الصّلاة او الصّلاة و على الأول فيه مسامحة او فعل بعض المنافيات كذلك اى و لو في بعض مميّزات المنوى او و لو في ثانى الحال قبله

[القراءة]

قوله او التسبيح بالاربع المشهورة

مستنده ما رواه الشيخ عن زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السلام ما يجزى من القول في الركعتين الاخيرتين قال بقول سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله الا اللّه و اللّه اكبر و تكبّر و تركع و قد وصف العلّامة في المنتهى هذا الرّواية بالصحة و تبعه الشارح في شرح الارشاد و المحقق الاردبيلى أيضا فيه و في سنده محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان و فيه كلام مشهور و فيما رواه الفقيه في عليّة افضلية التسبيح في الركعتين أيضا ما يؤيد هذا القول

قوله على ما دلّت عليه رواية حريز

هى ما رواه الصدوق في الصحيح عن حريز عن ابى جعفر عليه السلام انه قال لا تقرأ في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت او غير امام قلت فما اقول فيهما فقال ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله الّا اللّه ثلث مرات تكمله تسع تسبيحات ثمّ تكبّر و تركع و في الزائد نقل هذه الرّواية من كتاب حريز و ليس فيه لفظ او وحدك بعد قوله اماما و كذا لفظة تكمله تسع تسبيحات و مثله في المعتبر و قد نقل في المنتهى و في الارشاد أيضا بهذا الوجه ماخوذا منهما و استدل الشارح بهذه الرّواية على قول العشر ثمّ قال و هذه الرواية اخصّ من المدعى فلا تدلّ عليه صريحا و كانه حمل قوله ثمّ تكبر على التكبير لعمل الثلاثة غير تكبير الركوع فيصير عشر او الظاهر ان المراد به تكبير الركوع فهي دليل على التسع كما ذكرنا و يؤيده ما نقل عن حريز في كتابه انه قال بالتسع و العجب في شرح الارشاد نقل قول التسع أيضا و قال و رواه الصدوق في كتابه و لعله اشارة الى ما نقلنا من كتاب حريز لكنه لم ينقل بعنوان انه مذهبه و الرواية التى نقلت عنه هى ما نقلناه فتأمل

قوله بتكرير الاربع ثلاثا

و اختار في شرح شرائع و الإرشاد تبعا للمحقّق الثانى اجزاء الجميع ما عدا التّسع

ص: 274

لسقوط التكبير فيه و يرد عليه مما اشار اليه هنا

قوله و يردّد الصحيح بها لا يذهب عليك انّه لم يوجب في الكتب المتداولة نصّ دالّ على خصوص الثالث و الرّابع اصلا فضلا عن الصحيح و قد اعتبرت صاحب المدارك و المحقق الأردبيلى و غيرهما أيضا بعدم الوقوف على مستند لهذا القول نعم رواية التّسع صحيحة كما نقلنا و امّا رواية الاربع فعلى ما اشرنا اليه و يمكن ان يكون منظور الشارح ان نصّ الاربع يكفى الاجتزاء بالعشر و الاثنتي عشرة أيضا لاشتمالهما عليهما مع زيادة و لا باس بها مع وجود القول بها و قد تردّد المحقق الاردبيلى فيه بناء على انه لا دليل على عدم ضرر الزيادة أ لا ترى انه لو زاد الفاتحة لاحتمل الضرر و البطلان و كذا لو زاد التسبيح على الثلاثة و مجرّد وجود القائل لا يجعله راجى فقال فنقول بعض الاصحاب بانه احوط و بعضهم بانه مستحبّ محتمل القائل و انت خبير بان الاخبار الواردة في التسبيح في الركعتين الاخيرتين من صحة بعضها تدل على التوسعة فيه جدّا و الظاهر اجزاء كل واحد من هذه الطرق بل و غيرها أيضا مما وقع في النص الصحيح كما ذهب اليه المحقق في المعتبر و لا مجال لاحتمال ضرر الزيادة لا سيّما مع ما ورد من عموم الاذان في الكلام بالدّعاء و الذكر في الصلاة و يمكن أيضا التمسّك في اضافة التكبيرة الواحدة او الثلث الى التسع بورود التكبير في بعض الرّوايات و ان لم يكن على هذا الطريق ما ورد في صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام في اكثر حديث و في الاخيرتين لا تقرأ فيهما انما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قراءة و ما ورد فيما رواه ثقة الاسلام بطريق حسن بإبراهيم بن هاشم عن فضيل بن يسار عن ابى عبد اللّه عليه السلام في اثناء الحديث فاصاب النّبى صلّى اللّه عليه و آله في الصّلاة سبع ركعات هى ستّة ليس فيهنّ قراءة انما هو تسبيح و تهليل و دعاء و مثله في صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام و اعلم انه قد روى الصدوق في كتاب عيون الاخبار في باب ذكر عبادة الرضا عليه السلام انه كان يسبّح في الآخرين و يقول سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله الّا اللّه و اللّه اكبر و حينئذ فيوافق التّسع و اللّه تعالى يعلم

قوله و في البيان جعلهما سواء

و روى في كتاب الاحتجاج في جملة التوقيعات الواردة عن صاحب الامر عليه السلام انه سئل عن الركعتين الاخيرتين و قد تكثرت فيهما الرّوايات فبعض يروى ان قرائه الحمد فيهما افضل و بعض يروى ان التّسبيح افضل فالفضل لأيّهما لنستعمله فاجاب قد نسخت قراءة امّ الكتاب في هاتين الركعتين و التسبيح الذى نسخ التّسبيح قول العالم كلّ صلاة لا قراءة فيها فهي جناح و هذا حديث غريب في مقابلة الاخيار المتكثرة جدا و الاجماع على ما ادّعوه و اللّه تعالى يعلم

قوله و الافضل التام ثمّ الحسن ثمّ الكافى على ما هو مقرر في محلّه

المشهور بينهم على ما ذكر في حينئذ الخبرى انه ان لم يتم معنى الكلام الا بما بعده فالوقف عليه قبيح و ان تمّ فان لم يكن له تعلّق بما بعده اصلا فالتام و ان كان له تعلق بما بعده فاما ان يكون له تعلق به بحسب المعنى دون اللفظ فالكافي او من جهة اللفظ أيضا فالحسن و امّا احتمال ان يكون له تعلق بما بعده لفظا لا معنى فكانه غير متصور و لا يخفى ان قول الشارح و هى ما ثمّ لفظه و معناه او احدهما كانّه لا ينطبق على هذا الاصطلاح و أيضا على هذا الاصطلاح ينبغى ان يكون الوقف على الكافى فضل له الحسن فلهذا حكموا في الحسن بوجوب الاعادة و المنع من الابتداء بما بعده الا في رءوس الآي لورود السّنة بالوقف على العالمين و الابتداء بالرّحمن على ما ذكروا و هاهنا اصطلاح آخر ذكره السّيد الشريف في شرح الكشاف و هو ان الوقف على ما لا يفيد معنى مستقلا قبيح و على ما يفيده حسن فان استقل ما بعده أيضا يسمى تامّا و الّا يسمى كافيا و حسنا غير تام فالوقف على بسم قبيح و على اللّه او الرّحمن كاف و على الرحيم تامّ و على هذا فالحسن جنس لغير القبيح و لا يمكن حمل كلام الشارح عليه و لم اطلع على اصطلاح آخر يوافق ما ذكره و اللّه يعلم

قوله و لم يخصّ التفصيل بسور المفصّل

كما هو المشهور فانّهم خصّوا التفصيل بمطولات المفصّل و هى من سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله الى عمّ و متوسّطاته و هى من سورة عمّ الى الضّحى و قصاره و هى من الضحى الى آخر القرآن على ما ذكروا

قوله بخصوصه عندنا

و انما رواه الجمهور من عمر بن الخطّاب كما ذكر في المدارك

قوله و المراد به ما بعد محمد صلى الله عليه و آله

الظاهر حذف لفظ البعد و ما قبله فان المفصّل كما ذكر في كتب الفقه و اللغة من احد من هذه السور الى آخر القرآن لا من بعدها و لو وجّه كلام الشارح فيما بعد الاول بان يجعل عطفا على ما بعد الا على ما بعده ففيه انه حينئذ يصير ما بعد محمّد صلّى اللّه عليه و آله هو ما بعده بعينه فتبصر

قوله و روى ان من تركهما فيها

اى في الجمعة بمعنى الصّلاة او اليوم و على الاول فالاستدلال بها في صلاة الجمعة ظاهر و اما في ظهرها فكانه لشيوع اطلاق الجمعة على ما يشمله أيضا لكن الاستدلال بمجرد ذلك مشكل و امّا على الثانى فلا يظهر اختصاص لها بالصلاتين نعم احتمال الاختصاص بالجمعة و هو ظاهر و اعلم ان الرواية على ما نقلت في الذكرى و شرح الارشاد للشارح و المحقق الاردبيلى رحمه الله ليس فيها لفظة فيها و تمامها هكذا روى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال انّ اللّه تعالى اكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشارة لهم و المنافقين توبيخا لهم فلا ينبغى تركهما و من تركهما متعمّدا فلا صلاة له و لا يخفى انه لا يبعد ادّعاه ان الظاهر ان يكون المراد منها في صلاة الجمعة و امّا ادخال الظهر أيضا فلا شاهد له بل لو لم يحمل على خصوص الجمعة لكان الظاهر في جميع صلاتها او فيها في الجملة و لا فيها في الجمعة فبعيد هذا ثمّ لا يخفى ظهور لفظ ينبغى بل سننها أيضا في الاستحباب فتأمل

قوله فلا منع من الاقتداء به

اى بهذا القائل هنا من هذه الجهة اى من جهة فعل السجود كما في صورة الاقتداء بالمخالف فان هذا القائل لا يسجد لها في الصّلاة بل من جهة فعل ما يعتقد الماموم الابطال به و هو اصل قراءة السورة و هذا اذا كان الماموم مجتهدا معتقد البطلان الصّلاة بقراءة العزيمة و ان لم يسجد ففيه اشكال فان الامام لما كان معتقد الجواز قراءتها في الصّلاة فصلاته صحيحة عنده و في نفس الامر و الماموم هو نفسه لا يقرأ السورة و مجرد اعتقاده بطلان الصلاة به لا يوجب بطلان هذه الصّلاة فكانه لا دليل على منع الاقتداء به و لهذه المسألة نظائر كثيرة فمن حكم فيها بمثل هذا الحكم فعليه الاشكال فلا تغفل ثمّ انه يظهر ممّا علقه سلطان المحققين على هذه العبارة انه حملها على معنى آخر غير ما ذكرنا و هو انه على مذهب هذا القائل لا منع من الاقتداء بالمخالف من جهة القراءة بل من حيث فعله السّجود الذى يعتقد الماموم الأبطال به و هذا مع ان المتأمّل يشهد بانه ليس غرض الشارح بل غرضه هو مما ذكرنا مما لا يرجع الى محصّل اذ لا منع من الاقتداء بالمخالف على مذهب غير هذا القائل أيضا من جهة القراءة و اذ ليس هو اقتداء حقيقة بل هو صورة الاقتداء و يقرأ الماموم فيه فلا منع من الاقتداء من جهة القراءة على شي ء من المذهبين اصلا بل المانع فيهما هو السّجود و هو أيضا ليس مانعا من الاقتداء كما هو ظاهر كلام الشارح بل من الاعتداد بذلك الصّلاة بخلاف ذلك على التوجيه الاول فان المانع فيه مانع من الاقتداء فتأمل

قوله و كذا قيل في غيرها

قال المحقق الثانى في حينئذ عد في ضابط الجهر و الاخفات في الصّلاة ان كل صلاة يختصّ بالنّهار و لا نظير له ليلا فالسّنة فيها الجهر كالصّبح و كل صلاة يختصّ بالليل و لا نظير له

ص: 275

نهارا ان السّنة فيها الجهر كالمغرب و كلّ صلاة تفعل نهارا و لها نظير في اللّيل فيما يفعل نهارا و السّنة فيها الاخفات كالظهرين و ما يفعل ليلا السّنة فيها الجهر كالعشاء و الجمعة و العيدان السّنة فيهما الجهر لوقوعهما نهارا و لا نظير لهما ليلا و الكسوف يستحب الاسراء لانها انما تفعل نهارا و لها نظيره بالليل هى صلاة خسوف فيجهر فيها استحبابا و صلاة الاستسقاء كالعيد عندنا و الظاهر ان الغدير كذلك و نوافل النهار تابعة لصلاتها كما انّ صلاة الليل كك قال في التذكرة و ية لا قراءة في صلاة الجنازة عندنا و مقتضى ذلك عدم تعلق الجهر و الاخفات بها و يمكن ان يقال البحث فيها عن حال الدعاء و الاذكار و لم بخد تصريحا باحد الامرين و كل منهما ممكن لانّها تفعل ليلا و نهارا انتهى و لا يذهب عليك انه يمكن ان يجعل ما لا يختص بالنهار و لا باللّيل كصلاة الزّلزلة داخلا فيما له نظير فيكون السنة فيها اذا فعلت بالنّهار الاخفات و في الليل الجهر و حينئذ فيكون ضابطه حاصر الجميع الاقسام لكن قوله اخر في صلاة الجنازة و كل منهما ممكن الى آخره ظاهر التردد فيهما و حينئذ يكون ما فعل في كل منهما خارجا عن الاقسام غير مذكور فيهما و يمكن حمله على اشكال كلّ منهما جميعا اى الجهر في الليل و الاخفات في النهار ليطابق ما ذكرنا لكنه بعيد و امّا الشارح فقد جعل الزلزلة فيما لا نظير له فكانه حمل ما له نظير على ان يكون نظيره صلاة اخرى مشبهة به الا ان يكون له جنس تلك الصّلاة بعينه و التفاوت بمجرّد الفعل في الليل و النهار و جعل مما سوى ذلك ممّا لا نظير له هذا و لا اعرف مستندة لهذه القاعدة ليعلم منه وجه تحريمهما و في مرسلة ابن فضال عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال السّنة في صلاة النهار بالاخفات و السّنة في صلاة اللّيل بالاجهار و يمكن حمل صلاة النهار و صلاة الليل على ما يختصّ في واحد منهما او ما يفعل بواحد منهما و لا يجزى الاحتمالات أيضا فيما روى من طريق العامة عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله ان صلاة النهار عجماء اى اخفاتية و يؤيده أيضا ما روى في الفقيه ان يحيى بن اكتم سأل ابا الحسن عليه السلام عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة و هى من صلاة النّهار فقال لانّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يفلس بها فقرأها من الليل و اللّه يعلم ثمّ لا يخفى ان المحقق الثانى زعم اختصاص الخوف بالليل كما هو الغالب فحكم باستحباب السّر في الكسوف و الجهر بالخسوف و الشارح حكم بان الاقوى في الكسوفين الجهر لعدم اختصاص الخسوف بالليل و لا يخفى ان الحكم بالجهر مطلقا في الخسوف مبنى أيضا على طريقة الشارح حيث جعل الزلزلة مطلقا في الجهريّات و امّا ما يستفاد من كلام المحقق فينبغى الجهر بها اذا فعلت في اللّيل و الاخفات اذا فعلت في النهار و التردّد فيها مطلقا هذا و الأقوى ما ذكره الشارح من استحباب الجهر في الكسوفين مطلقا و ان جاز السّر أيضا فيهما مطلقا اجماعا على ما ذكر في التذكرة ان الخلاف في الاستحباب لا الوجوب فلو جهر في الكسوف و خافت في الخسوف جاز اجماعا و ذلك لانه ادعى الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة على ان السّنة في صلاة كسوف الشمس هى الجهر و اذا ثبت ذلك فيه فلا نزاع في الخسوف و العلّامة نسبت في المنتهى و كرة استحباب الجهر بالكسوفين الى علمائنا و هو أيضا يؤذن بالاجماع و لا اقل من الشهرة العظيمة و لما رواه الكلينى بسند قوى جدا بل صحيح على ما ذكر في المنتهى عن زرارة و محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام و يجهر بالقراءة و الكلام في صلاة الكسوف و هذه الرواية نقلها الشيخ أيضا قريب عن الكلينى و استدل في التذكرة من طرق الخاصة لقول الشيخ في الخلاف روى عن علىّ انه صلى كسوف الشمس فجهر فيها بالقراءة و قال الشيخ و عليه اجماع الفرقة و يظهر من هى ان هذه الرواية عامية و استدلّ فيه من رواية الخاصّة برواية الكلينى على ما نقلنا بقي شي ء و هو انه في التذكرة نقل القول باستحباب السّر في الكسوف و الجهر في الخسوف عن بعض العامة ثمّ قال و هذا القول عندى لا باس به لقول الباقر عليه السلام في حديث صحيح و لا يجهر بالقراءة و هو اصح حديث بلغنا في هذا الباب انتهى و كانه لم يثبت عنده

ما نقله من الشيخ الاجماع ثمّ الرواية التى نقلها لم اطّلع عليها و لا يبعد ان يكون هذه الرّواية المنقولة و قد زيد فيها في نسخة التى عنده رحمه الله خال لصبغها لفظة لا و اللّه تعالى يعلم و امّا المصنف رحمه الله فقد صرّح في شي ء باستحباب الجهر في صورة الآيات ليلا و نهارا و قال في الذكرى و ثالثها استحباب الجهر فيها سواء كانت خسوفا او كسوفا و قد رواه العلامة و كذا باقى الآيات

قوله لعدم اختصاص الخسوف باللّيل

بل يمكن وقوعه في النّهار بعد طلوع الصبح لكن قبل طلوع الشمس في جهة المغرب او بعد غروب الشمس قبل ذهاب الحمرة على القول به في طرف المشرق و اما في غير هذين الوجهين فلا يمكن الخسوف في النهار على قواعدهم الا تحت الارض و عبّره به

قوله و ان الشي ء الواحد

و لا يخفى ضعفه فان الشي ء الواحد بعينه اصلا و بدلا و هاهنا ما يكون اصلا غير ما هو بدل بالشخص و ان اتحدا بالنوع و أيضا الشي ء الواحد لا يكون اصلا و بدلا عن شي ء واحد و هاهنا هو اصل لنفسه بدل للغاية الذى هو غيره و لا محذور فيه فتدبّر

قوله و يجب مراعاة الترتيب

بهذا لو كان البدل من غير الجهر فظاهر لو كان منهما فرعاية الترتيب انما هى في القصد فلا تغفل

قوله من البدل و المبدل

الظاهر بدل المبدل الاصل فان المبدل هو الفائت و لا ترتيب بينه و بين البدل فتأمل

قوله بل قيل بإجزائه

اى القراءة من المصحف او كلّ من المبالغة و القراءة و في الذكرى نقل القول بالاجزاء بالقراءة من المصحف اختيارا عن الفاضلين ثمّ قال و لو تتبع ثاريا اجزأه عند الضرورة و على قولهما يجزى اختيارا و حروفهما مائة و خمسون لا يخفى انه اما ان تعبر الحروف الملفوظة او المكتوبة فعلى الأول غايته مبلغ الحروف مائة و تسعة و ثلثون و ذلك صلّى تقدير الوقف على الرحيم و العالمين و نستعين و عدّ المدّ حرفا و المشدّد حرفين و الّا فينقص منه أيضا و على الثانية اصل الحروف مائتا و اثنان و اربعون و اذا اضيف التشديدات الاربعة فيصير مائة و ستّة و خمسون و لو اعتبر المدّ أيضا حرفا كما هو الظاهر فيزيد حرفا آخر و على التقادير لا يستقيم ما ذكره الشارح اللّهمّ الا ان يقال انه اعتبر المكتوبة و اضاف الى الحروف الاصول التشديدات التى لم يكتب معها الحروف المدغم دون البواقى فانه بعد اعتبار المدغم و المدغم فيه على حرفين لا وجه لاعتبار التشديد معهما حرفا آخر اذ لا يزيد المدغم و المدغم فيه على حرفين لو لم ينقصا منه و التشديدات المذكورة خمسة فيصير المجموع مائة و سبعة و اربعين و اعتبر المدّ أيضا و كذا اعتبره همزة الاسم فانّها لا تترك في الكتابة الّا في خصوص البسملة لكثرة الاستعمال فاعتبر الاصل و كذا الفي اللّه و كذا الرّحمن فان القاعدة تقتضى كتبه مثلهما و انما شاع تركهما في خصوصهما فان عبّر فيهما أيضا الاصل و كذا اللام و الهمزة من اللّه فان الاصل فيه كما قيل ان يكتب التى يكتب الّا اللّه و باللّه لكنهم نقضوا الهمزة لالتباسه بالنفى فصار للّه فاستكرهوا اجتماع ثلاث لايات فحذفوا احدها فصاروا اذا اعتبر جميع ما ذكرنا فيبلغ الى ما ذكرنا لكن اعتبار الحروف المكتوبة بعيد جدّا و الظاهر ان الاعتبار هاهنا بالحروف الملفوظة و يحتمل ان يكون الشارح أيضا اعتبر الملفوظة لكن ملفوظة كلّ

ص: 276

كلمة على التقدير التلفظ بها منفردة بالابتداء بها و الوقف عليه و هو موافق ما ذكرنا من اعتبار المكتوبة فان القاعدة في كتبه كل كلمة هو كتبه ما يتلفّظ به منه على ذلك التقدير الّا انه خولف ذلك في بعض المواضع لنكتة كما ظهر ممّا تلونا عليك فاذا اعتبر المكتوبة على القاعدة المذكورة بنوافى الملفوظة على ذلك الوجه ضمّ التشديدات الخمسة و حرف المدّ يبلغ ما ذكره لكن اعتبار الملفوظة على هذا الوجه أيضا كانه بعيد و اللّه تعالى يعلم

قوله و على التقديرين في الاصحّ

و نفى الشيخ في التبيان قضاء لحق الواحدة و لان الشاهد على الواحدة اتّصال المعنى و البسملة تنفيه و قال في المعتبر ان كانتا سور بنى وجب البسملة و و ان كانت واحدة فلا بسملة للاتفاق على انها ليست اثنتين عن سورة واحدة سوى النّمل و قال في الشرائع و لا يقتصر الى البسملة بينهما على الاظهر و الاقوى ما ذكره الشارح

[الركوع]

قوله كالانخناس

الانخناس التأخّر و المراد هاهنا كما ذكر في الذكرى الرّاجع الى الوراء و تقويس الركبتين حتى يصل كفاه اليهما بل انحناء او مع ضم انحناء أيضا لكن بحيث لو لا الانحناء لم يبلغ الراحتان الى الركبتين

قوله و مثله القول في التسبيحة

قال سلطان العلماء اى مثل القول المذكور في التخيير بين الكل و الجزء القول في التسبيحة الكبرى اى سبحان ربّى العظيم و بحمده مع كون بعضها ذكرا تامّا و هذا في صورة كفاية الاطلاق فانها حينئذ مخيّرة بين سبحان ربّى مثلا او سبحان ربّى العظيم لكون كل منهما حينئذ ذكرا تامّا كافية و الغرض دفع الاستبعاد من التخيير بين الجزء و الكلّ انتهى و الاظهر ان تفسير التسبيحة الكبرى هاهنا سبحان ربّى العظيم فقط و ان كان خلاف المصطلح حتى يختلف الممثل و الممثل به و مع ذلك لا يخفى ما في العبارة من الحزازة و الركاكة و كان الظاهر ان يقول و مثله القول في سبحان ربّى العظيم و كذا في التّسبيحة المكررة على القول بعدم اليقين فتأمل

قوله و معنى سبحان ربّى

العظيم تنزّها عن النقائص يمكن ان يكون المعنى اسبّح تسبيح ربّى العظيم و الغرض بيان ان التسبيح هو الرّب العظيم او اسبّح اللّه تسبيح كذا اى تسبّحه هذا النوع الكامل من التسبيح و يحتمل ان يكون اضافة السبحان من الاضافة الى المفعول او الفاعل اى تسبيحا ينبغى لربّى العظيم و يليق به او تسبيحا يسبّح ربّى العظيم نفسه و امّا قوله و بحمده فهو على ما ذكره الشارح متعلّق بالعامل المحذوف اى مثله فان التقدير على ما ذكره سبّحت اللّه تسبيح كذا و سبّحته بحمده و هذا أيضا يحتمل الاضافة الى الفاعل او المفعول اى سبّحته بحمدى له او بحمده الّذى حمد به نفسه و يحتمل ان يكون المعنى و سبّحته متلبّسا بحمده على الاضافة الى المفعول او الفاعل او مستعينا بحمده على الاضافة الى الفاعل او المفعول و يحتمل ان يكون التقدير و ان متلبّس بحمده على ما وفقنى له من تنزيهه و عبادته على ما قيل كان المصلّى لما اسند التنزيه الى نفسه خاف ان يكون في هذا الاسناد نوع توبيخ بانه مصدر لذلك الفعل فتداركه بقوله و انا متلبّس بحمده على ان صرنى اهلا لتسبيحه و الواو حينئذ واو الحال او العاطفة لكن يصير من عطف الجملة الاسميّة على الفعليّة و يحتمل ان يكون و بحمده عطفا على مقدّر يعلم من نظم الكلام اى سبّحت سبحان ربّى العظيم بصفات عظيمة و بحمده على ان يكون من الاضافة الى الفاعل و يحتمل على بعد الى المفعول و يحتمل ان يكون الواو زائدة كما قيل و يكون المعنى حينئذ سبّحته بحمدى له او يحمده نفسه او بمثله او متلبّسا بحمده على الوجهين او مستعينا به على الوجهين و امّا ما ذكره الشارح آخرا من قوله او بمعنى و الحمد للّه في صلة ان يكون المعنى سبّحته تسبيح كذا بحمد اللّه اى و الحمد للّه على ان وقع متى هذا كما يقال فعلت كذا و كذا هو الحمد للّه كما ذكر بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ان معناه ما انت بمجنون و النعمة لربّك كما يقال سبحانك اللّهمّ و بحمدك اى و الحمد لك

قوله و هو خبر معناه الدّعاء لا ثناء على الحامد

قال المحقق الثانى في شرح عد و هاهنا شي ء و هو ان سمع اللّه لمن حمده دعاء بل هو او ثناء كل محتمل و لم اظفر في كل احد بتصريح باحدهما انتهى و الظاهر ان مراده بالثّناء الثّناء على اللّه تعالى لا على المحامد كما ذكره الشارح هاهنا اذ لا يناسب المقام و هذا حسن في شرحى الشرائع و الارشاد حيث اطلق الثناء كما في شرح عد ثمّ حكم الشارح بكونه دعاء لما رواه الكلينى في كتاب الدّعاء باسناده الى الفضل قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك علّمنى دعاء جامعا فقال لى الحمد للّه فانه لا يبقى احد ان يصلّى الّا دعا لك بقول سمع اللّه لمن حمده و هو نصّ على الباب على انه دعاء لا ثناء كما ذكره في شرح الارشاد

قوله او في كمّيه

ظاهره انه عطف على بارزتين فلا كراهة في ادخال الكمّين أيضا و هذا هو المشهور الذى نقل في الذكرى عن الاصحاب و حكم الشيخ في المبسوط باستحباب لكن يكون يداه بارزتين او في كمّيه و نقل عن ابى الصّلاح انه قال يكره ادخال اليدين في الكمين او تحت الثياب و لو جعل قوله او في كمّيه عطفا على تحت ثيابه لأطبق على مذهب ابى الصّلاح لكنه بعيد جدّا و مخالف لما في الذكرى و في صحيحة محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن الرّجل و لا يخرج يديه على ثوبه قال ان خرج يديه فحسن و ان لم يخرج فلا باس فلا يبعد ظهورها في افضلية الاخراج عن الثوب و يمكن الاستدلال على كراهة الادخال تحت الثوب بناء على ما شاع بينهم من اطلاق المكروه على خلاف الأولى و لا يبعد ادخال الإدخال في الكمّ أيضا على ما فعله ابو الصّلاح و امّا استحباب كونهما في الكمّين على ما ذكره الشيخ او عدم كراهة فلم اقف من النصوص على ما يدلّ عليه و روى عمّار في الموثق عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرّجل يصلّى فيدخل يده في ثوبه قال ان كان عليه ثوب آخر ازار او سراويل فلا باس و ان لم يكن فلا يجوز له ذلك و ان ادخل يدا واحدا و لم يدخل الأخرى فلا باس و لا يخفى ان حمل الجواز على الكراهة في الروايات ممّا لا بعد فيه لكن يفهم منها اختصاص الكراهة بما اذا لم يكن تحتها ثوب آخر و عبارة اكثر الاصحاب مطلقة نعم نقل عن ابن الجنيد انه قال لو ركع و يداه تحت ثيابه جاز ذلك اذا كان عليه مئزرا او سراويل و لا يبعد ان يكون لفظة ثيابه في عباراتهم بلفظ الجمع المضاف المفيد للعموم اشارة الى هذا اى اختصاص الكراهة بما اذا كان تحت جميع الثياب و لم يكن تحتها ثوب آخر لكنّه بعيد ثمّ لا يخفى ما في دلالة الرواية على اختصاص الكراهة بادخال اليدين جميعا دون احدهما و لفظ يداه بصيغة التثنية في عبارة المصنف و كذا في عبارة بعض آخر يوافقه لكن في عبارة بعضهم وقعت مفردة فلا تغفل ثمّ لا يخفى اطلاق الرّوايتين و عدم اختصاصهما بحال الركوع فلعل لهم في خصوص الركوع نصّ آخر لم يصل الينا و اللّه تعالى يعلم

[السجود]

قوله و لا بدّ مع ذلك من الانحناء الى ما يساوى موقفه

المعتبر مساوات موضع جبهته لتوقفه على ما ذكره الاكثر و اعتبرها المصنف في جميع المساجد و هو الظاهر من كلام الشارح هاهنا حيث لم يخص بموضع الجبهة و في شرح الارشاد حكم بان ما اعتبره الشهيد رحمه الله اولى و قال أيضا فيه فلا فرق في ذلك بين ما لو كان الارتفاع و الانخفاض بسبب الباء و الفرش و نحوهما او من اصل الارض كالمنحدرة لإطلاق النصوص و الفتاوى

قوله و ليس هذا تخوية

قال في الصّحاح خوى البعير تخوية اذا جاء في بطنه عن الارض في بروكه و كذلك الرجل في سجوده تخوية تجافى و فرج ما بين عضديه و جبينيه

ص: 277

و في مه فيه انه اذا كان سجد خوى اى جاء في بطنه عن الارض و رفعها و جاء في عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك و انت خبير بان هذه الكلمات تدل على ان المراد بالتخوّى هو المعنى الآخر و امّا المعنى الذى ذكره اوّلا فلا يظهر اطلاقهم؟؟؟ وى عليه و الظاهر من الحديث أيضا هو المعنى الاخير كما ذكره في مه فلعلّ البعير الضامر تجافى بطنه عند البروك دون غيره و اما المعنى الاول فكل بعير يسبق بيديه قبل ركبتيه و لا اختصاص له بالضّامر الا ان يقال التقييد بالضامر لبيان الحكم و ان ذلك مع التّأنى و الطمأنينة كما في البعير الضامر لا على سبيل العجلة و الاضطراب او يقال انه حمل التّخوي على التجافى المذكور و استفاد سبق اليدين منه بان حمل البروك على الاخذ فيه و حينئذ فسبق اليدين لا يستلزم تجافى البطن بخلاف سبق الركبتين و لعل ذلك في البعير الضّامر اظهر فيجعل ذلك كفاية تعسّف و الظاهر حمل الحديث على المعنى الاخير و الاستدلال به على استحباب التجافى و الصّحيح كما دلّ عليه رواية حمّاد أيضا و الاستدلال على استحباب سبق اليدين بالاحاديث الذى تدل عليه صريحة كصحيحة محمّد بن مسلم قال رايت ابا عبد اللّه عليه السلام تضع يديه قبل ركبتيه اذا سجد و اذا اراد ان يقوم رفع ركبتيه قبل يديه و غيرها من الاخبار و في صحيحة زرارة ما يدل على استحباب المعنيين جميعا

قوله لانه القاء الخوى الى آخره

لا يخفى ان الاظهر ان يكون الخوا ههنا بالمدّ بمعنى الخوا و الخلا كما ذكر في اللغة و اما لو كان بالقصر كما في النسخ فيكون بمعنى الخلا لكن لا يخلو عن توسّع حيث يظهر من اللغة ان الخوا بالقصر بمعنى خلوّ الجوف من الطعام لا مطلق الخلوّ فلا تغفل

قوله و في الذكرى سماها تخوية

اى يسمى التجافى حيث عدّ في سنن السّجدة التجافى في السّجود و قال و يسمّى تخوية أيضا لانه القاء الخوى بين الاعضاء و في بعض النسخ سمّاها اى سمى كلام من سبق اليدين و التجافى و هذا اظهر فان في الذكرى سمى كلا منهما تخوية كما ذكره الشارح امّا الثانى فكما ذكره و امّا الاوّل فلانه قال في السنن و منها التخوية في الهوى اليه بان يسبق بيديه ثمّ يهوى بركبتيه لرواية حفص عن الصّادق عليه السلام قال كان على عليه السلام يتخوى كما يتخوّى البعير الضّامر بمعنى بروكه

[التسليم]

قوله و يعتقد

مذهب السّلام علينا هذا من تتمة كلام الذكرى و المراد انه يعتقد المصلّى مذهب السّلام علينا و وجوب الصيغة الاخرى و يحتمل العبارة ان يكون المراد انه يعتقد المحقق في الكتاب الذى اشار اليه ذلك لكن لم اطلع على كتاب له ذهب اليه فيه بل الذى اختاره في كتب الثلاثة هو التخيير بينهما و انه بايّهما بدء استحب الآخر فتدبّر

قوله و ما جعله احتياطا قد ابطله

هذا ايراد على ما ذكره من مذهب السلام علينا و وجوب الصيغة الاخرى و بناءه على وجوب نية الخروج بالسّلام الواجب اذ لو خرج بالسّلم المستحب فلا وجه لوجوب سلام آخر بعد الصّلاة و على هذا فينوى الخروج بالسلام الاخير ينافى ما ذكره في الالفية من وجوب جعل المخرج ما يقدمه و انه لو جعل الثانية لم يخبر و انت خبير بانه يمكن منع المتقدمة المذكورة و القول بوجوب السّلام الاخير و ان خرج عن الصّلاة بالاوّل و ان بعد لكن المصنف في الذكرى قد اعترف بها قبل ذلك حيث قال في بيان الاحتمالات التى يمكن الذهاب اليها في السّلام الواقع وجوب السّلام عليكم علينا لإجماع الأمة على فعله و ينافيه ما دلّ على انقطاع الصّلاة بالصيغة بالاخرى مما لا سبيل الى ردّه فكيف يجب بعد الخروج من الصّلاة انتهى و من هنا ظهر ان ما ذكره مع انه مناف لما ذكره في الألفية مناف لما ذكره في الذكرى أيضا قبل ذلك اللّهمّ الا ان يكون كلامه هذا اشارة الى منع المقدمة المذكورة و فيه بعد و يمكن ان يقال ان الاحتياط الذى اشار اليه انما هو في الاتيان بالصيغتين جميعا بناء على القول بالوجوب في كل منهما امّا الثانية فكما هو المشهور و امّا الاولى فقد نقله عن يحيى بن سعيد في الجامع و ما ذكره من الاعتقاد ليس من الاحتياط هو لكونه اقوى عنده حيث ذكر ان القول بوجوب الصيغة الاولى لم يعلم به قائل سوى يحيى بن سعيد بل هو خروج عن الاجماع من حيث لا يشعر و لعله لهذا غير الاسلوب و لم يقل و اعتقاده بنية الخروج ليكون عطفا على الاتيان و يدخل تحت الاحتياط كيف و الاعتقاد لا يحصل الا بدليل و لا معنى للحكم بان الاحتياط في ان يعتقد كذا و هو ظاهر هذا مع تردّده في الذكرى في وجوب نية الخروج فلعلّ بناء كلامه هاهنا بل على عدم الوجوب و بعد ذلك فلا ريب في انّ الاحتياط في الإتيان بهما بناء على ما ذكرنا و امّا الاعتقاد المذكور فلقوّة دليله عنده فتأمل

قوله ثمّ يومئ بمؤخّر عينيه

مثال هو من الذى يلى الصّدغ و مقدّمها يلى الانف يقال نظر اليه بمؤخر عينيه و بمقدم عينيه كذا في الصحاح و لا يخفى ليس في تثنية العين هاهنا في عبارة المصنف و اكثر الاصحاب نظر و ذلك لان الايماء عن اليمين بمؤخر العينين مما لا يتصوّر نعم يمكن بمؤخر اليمنى و مقدم اليسرى فلعلّ في الكلام اطلاق المؤخر على مقدم اليسرى تبعا لمؤخر اليمنى لشرفها على سبيل التغليب او وقع سهوا و الصواب عنه كما وقع في عبارة الذكرى فتبصّر

قوله و بالثانية مقصده

اى مقصد الامام او المصلّى او مقصد نفسه و هو مقصد المصلّى يعنى الانبياء و الملائكة

[الفصل الرابع في باقي مستحباته]

قوله قد ذكر في تضاعيفها

اى تضاعيف كيفية الصّلاة التى ذكرت في الفصل السابق و قبلها من الفصلين الاولين و القول بوجوبه فيه زيادة يمكن ان يقرأ بالرفع على انه مبتدأ و قوله زيادة خبره اى و القول بوجوب الرفع في تكبير الاحرام دون الركوع وجه زائد على ما ذكر في الوجه الاوّل من انه اول التكبيرات فيبقى ان يذكر الرّفع فيه و مجال الباقى عليه و بذلك لانه اذا تحقق القول بالوجوب فيه فلقد كان بيانه بخصوصه فيه اهمّ و يمكن على تاويل ان يقرأ بالكسر فان يدخل عليه الام و يقرأ قوله زيادة بالنّصب على الحال او المصدر اى و القول بوجوبه فيه زيادة على ما ذكر في الوجه الاوّل او على الاستحباب هذا و لعل القائل بذلك هو ابن الجنيد حيث قال اذا اراد ان يكبّر في الركوع و السّجود و رفع يديه مع نفس لفظة بالتكبير و لو لم يفعل أجزأه و ذلك الّا في تكبيرة الأحرام لان الظاهر كما ذكر في الذكرى وجوب الرّفع فيها خاصّة و لعلّك قد قرع سمعك في طى طوامر الفقه قول السّيد المرتضى بوجوب الرفع في تكبيرات الصّلاة كلها بل ادّعاه انفراد الامامية بذلك و حينئذ فالوجه كما ترى الا ان يراد القول بالوجوب في تكبيرة الاحرام اكثر و ازيد حيث ان ابن الجنيد أيضا موافق للمرتضى و حينئذ فربما ينطبع في مزاياه و اذهان الناظرين وجه آخر لقوله زيادة على ما ذكر على الوجهين فانظر

قوله و قيل يضمهما اليهما مبتديا به عند ابتداء الرفع و بالوضع عند انتهائه على اصح الاقوال

فان في الذكرى و الاصح ان التكبير يبتدئ به في ابتداء الرفع و ينتهى عند انتهاء الرّفع لا في حال القرار مرفوعين و لا حال ارسالهما كما قاله بعض الاصحاب و لا يخفى انه يمكن ان يكون القولان الاخيران توسيعا لوقت التكبير بانه من حال الرفع منضما اليه حال القرار او حال الارسال او تخصيصا لوقته بحال القرار او حال الارسال و ظاهر هو عبارة الدروس الثانى حيث يبتدئ بالتكبير عند ابتداء الرفع و ينتهى عند انتهائه و لا يكبر عند وضعهما في الاصح و لا حال قرارهما و مثله عبارة الشارح في شرح الإرشاد هذا و لا عبارة الشارح هاهنا فظاهرها ان المراد انه يبتدئ بالتكبير

ص: 278

عند ابتداء الرفع و بوضع اليدين عند انتهاء التكبير و هذا لا ينطبق على المذهب الثانى بناء على الاحتمال الأول و فيه بعد حيث ان المشهور و مختار المصنف في كتبه و الشارح في شرح الشرائع و الارشاد هو المذهب الاول بل قال في المعتبر لا اعرف فيه خلافا و امّا على الاحتمال الثانى فلا ينطبق على المذهب الثانى أيضا كما لا يخفى و يمكن ان يكون مختاره هو المذهب الاول و يقال انه لما لم يكن في كلامه حديث حال القرار اصلا بل انما ذكر الرفع و الوضع حكم بانه يبتدئ به عند ابتداء الرفع بوضع اليدين عند انتهاء الرفع اى يتم التكبير عند انتهاء الرفع و على هذا ينطبق على المذهب المختار بلا كلفة لكن فيه من التكلف ما لا يخفى انه لا يظهر من عبارة الذكرى ان ما نفاه من حال القرار و يكون قولا بل يمكن ان يكون احتمالا نفاه و يكون قوله كما قاله بعض الاصحاب متعلق بالاخير فقط كما هو ظاهره و ظاهر عبارة الدروس أيضا هذا حيث ذكر على الاصح في الاوّل دون الثانى و حينئذ فقوله هاهنا على اصحّ الاقوال و تصريحه في حينئذ الارشاد بكونه قولا ان كان بناءه على ما يفهم من كلام المصنف في الكتابين فكما ترى الا ان يطلع على تحقق الأقوال من موضع آخر و اللّه تعالى يعلم و اعلم ان ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد ان الظاهر من الاخبار ان رفع اليدين حين التكبير و لا يبعد ان يكون الانتهاء برجوعها الى محلّهما و قول البعض بانتهائه بانتهاء الرفع غير واضح مع ان الغالب انه لم ينته التكبير بانتهاء الرفع انتهى و ما افاده لا يخلو عن وجه و استدلال الشارح في شرح الارشاد على المشهور برواية عمّار قال رايت ابا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح ضعيف كما لا يخفى و كذا استدلال صاحب المدارك بان الرفع بالتكبير لا يتحقق الّا بما ذكروه لكن روى الشيخ بسند حسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا افتتحت الصّلاة فارفع يديك ثمّ ابسطهما بسطا ثمّ كبر ثلث تكبيرات ثمّ قال الحديث و ظاهره ان التكبير بعد رفع اليدين و بسطهما و يصلح سند الأحد القولين الاخيرين بناء على الاحتمال الثانى فتأمل

قوله سرّا مطلقا

اى في جميع السّت و اما التكبيرة الاحرام فقال استحب بها الامام و السّر للماموم و يتخير المنفرد و نقل عن الجعفى انه اطلق استحباب رفع الصوت بها و لم يظهر مأخذه

قوله و هى مؤنثة سماعية

اى الاصبع مؤنثة سماعيّة قال في القاموس الأصبع مثلثة الهمزة و من كل حركة بتثليث الباء تسع لغات و العاشر اصبوع و قد مرّ بذكر

قوله فلذلك أكدها بما يؤكد به الى آخره

لا يخفى انه لو لم يكن الاصبع مؤنثة أيضا يجوز تاكيد جمعها لأن الجمع المذكر الغير العاقل يجوز عليه اجزاء جميع احكام جمع المؤنث من التأكيد و ارجاع ضمير جمع المؤنث اليه و وصفه بجمع المؤنث و غير ذلك ممّا صرّحوا به قال الشيخ الرضى رحمه الله في مبحث التأكيد يجوز ذلك اخراج جميع الجموع الّا جمع المذكر السّالم مجرى جمع المؤنث نحو بالقصور و الدور كلهنّ جمع كتع بتع بصع كما تقول بالنسوة و بالربيبات كلّهن جمع كتع بتع بصع

قوله و ذكر الابهام لرفع الايهام

او كرفعه لكان الطف

قوله و بعدها اللّهمّ

اى في الفضيلة او في الرتبة كما ذكره بعض العلماء في ترتيب القنوتات قال المصنف و افضل التكبير ثلثا ليس المراد ان هذا التكبير افضل التعقيبات حتى ينافى ما سيذكره من افضلية تسبيح الزّهراء عليها السلم بل المراد ان الافضل في التعقيب الابتداء بالتكبير ثمّ التهليل اه

قوله قائلا فيهما الحمد للّه شكرا شكرا مائة مرة

و ذكر الشيخ في المصباح ان علىّ بن الحسين عليه السلام كان يقول فيهما مائة مرّة الحمد للّه شكرا و لا ينبغى ان ظاهر هذا الكلام ان المكرّر هو المجموع فيكرّر شكرا مائتى مرّة و الشارح هاهنا تبع الكفعمى و الاولى متابعة الشيخ

قوله و عدم فائدة التامين

قال سلطان المحققين لا يخفى قبح هذا الشّق مع فرض الدعاء بالفاتحة كما هو الظاهر من لفظ بها فكان المفروض قصد الدعاء بكلمة التامّين و تانيث ضمير بها باعتبار كلمة التامّين و حينئذ لا قبح في هذا الشق انتهى لا يقال بل يقبح الشق الاول فان قصد الدعاء بالقرآن هو بعينه قصد الدعاء بالفاتحة فلا وجه لان يقال ان ذلك موجب لاستعمال المشترك في معنييه على تقدير هذا لانا نقول المراد قصد الدعاء بالقرآن من حيث انه قران اى مع قصد القرآن و قصد الدعاء بالفاتحة اعمّ و حينئذ يستقيم الكلام فتأمل

[الفصل الخامس في التروك]

قوله و في اطلاق الترك على ترك الترك

لا يخفى ان الظاهر من كلامه في اصل الشرح و الحاشية ان ترك الترك ليس فعل الضّد ففى اطلاق الترك علته تجويز و ليس كذلك بل هما متلازمان نعم يمكن ان يقال من الظاهر انه لم يتعلّق تكليف ترك الترك على حدة حتى يقال انه يجب ترك الترك بل ليس الا هو الا التكليف بفعل الضّد و هو الواجب فجعل ترك الواجب مما يجب تركه مسامحة و يرجع حاصله الى وجوب فعل الواجب هذا و للمتكلف حمل كلام الشارح أيضا على هذا و يؤيد هذا ما نقله الشارح بقوله على نحو ما قيل ممّا لا يظهر له ارتباط اصلا لسابقه بناء على ظاهره بخلاف ما لو حمل على ما ذكرنا فانّ له حينئذ وجه ارتباط كما لا يخفى ثمّ بعد ذلك يرد عليه بعد فساد ما قيل كما لا يلتبس على من حقق الاصول انه على هذا يلزم ان يكون جميع ما حكم في الفصل لوجوب تركه يرجع الى الوجوب فعل ضدّه فلو كان تجوّز لكان في الجميع و لا اختصاص له بترك الترك فتدبّر

قوله و اعتذر المصنف عنه في الذكرى

قال في الذكرى و يجب في كل ركعة سجدتان هما معا ركن تبطل الصّلاة بالاخلال بها عمدا و سهوا و جهلا و لو اخلّ لواحدة منهما سهوا لم تبطل ثمّ قال و هنا خلاف في موضعين و ذكر الاوّل ثمّ قال ان الاخلال بالسجدة الواحدة غير مبطل و اذا كان سهوا و عليه معظم الاصحاب بل هو اجماع في كلام ابن ابى عقيل ايماء الى ان الاخلال بالواحدة مبطل و ان كان سهو الصدق الاخلال بالركن اذ الماهيّة المركبة تفوت بفوت جزء فيها و الجواب ان انتفاء الماهيّة هنا غير مؤثر مطلقا و الا لكان الاخلال بعضو من اعضاء السجود مبطلا و لم يقل به احد بل المؤثر هو انتفائها بالكلية و لعل الركن مسمى السجود لا يتحقق الاخلال به الا بترك السجدتين معا انتهى و لا يخفى ان ما ذكره في الجواب يصلح للحمل على جوابين كما فعله الشارح ما اورده الشارح على الثانى من انه خروج عن المتنازع فيه امر سهل اذ لعل ذلك عدول عما اختاره اولا من ركنية المجموع و لا يضر ذلك اذ الكلام هاهنا مع ابن ابى عقيل في بطلان الصّلاة بالسّجدة الواحدة لا في تحقيق الركنية و اثباتها على الوجه الذى ذكره اوّلا و امّا ما اورده من انه يستلزم بطلانهما بزيادة واحدة فيمكن دفعه بما اعتبر به الشارح نفسه من فساد الكلية في طرف الزّيادة و امّا ما اورده على الجواب الاول لقوله فيه ما مرّ و اشار به الى انه خروج عن المتنازع فيه فلا وجه له اذ مدار هذا الجواب على كون الركن هو المجموع لكن يقول من انتفاء الركن مطلقا اى سواء كلّا او بعضا غير مؤثر بدليل ما ذكره بل المؤثر هو انتفاء ماهيّة الركن بالكليّة و حينئذ فانتفاء احدى السّجدتين لا يوجب الا انتفاء الركن بعضا و هو غير مبطل بل المبطل هو انتفاءه بالكليّة بان لا يسجد اصلا و على هذا فليس فيه خروج عن المتنازع نعم يرد عليه انه لا بدّ لهم من القول بان انتفاء الركن مطلقا مبطل و الا لزم عدم البطلان بترك بعض التحريمة او النية سهوا مع انهم لا شكّ انهم يقولون بالبطلان فيها اللّهمّ الا ان يفرّق بين الأركان في بعضها التّرك بالكلّية و لعل في لفظه هنا في عبارة المصنف اشارة اليه و لا مشاحة فيه اذ بناء الاركان على الاصطلاح و ليس في النصوص منها اثر و بعد ما علم حكم كل منهما من كلامهم فلا مناقشة في اطلاق الركن على الجميع مع ما فيها من بعض

ص: 279

الاختلافات هذا لكن ما يمسك به من حديث الاخلال بعضو من الأعضاء غير الجبهة مدفوع بما قرّره الشارح من الفرق فتأمل

قوله لتخلفه في مواضع كثيرة لا تبطل بزيادته سهوا كالنيّة

يمكن ان يجاب عنه من قبل المشهور بان النيّة التى هى ركن هل استحضار جميع الصّلاة و قصدها قيل لعلّها و لا يمكن زيادة النيّة بهذا المعنى فانه متى شرع في الصّلاة يمضى بعضها فالنيّة المتجدّدة لا تكون الّا نيّة بعضها او يقال ان الركن هو النية المقارنة لتكبيرة الاحرام و لا يمكن حينئذ الزيادة في النيّة فقط فتدبّر

قوله فان زيادتها مؤكدة

فهي ممّا لا تبطل زيادتها عمدا أيضا لكن الشارح قيد بالسّهو ليستقيم في جميع ما ذكره

قوله لنيابة الاستدامة الحكمية

تعليل للتاكيد لا جعله له

قوله و هى مع التكبير

يمكن ان يقال ان التكبير الذى هو ركن في كلّ صلاة و هو ما قصد به الدخول في اصل تلك الصّلاة و تكبيرة الاحتياط او صلاة اخرى ليس كذلك فزيادتها لا توجب زيادة الركن و لا زيادة النيّة فيه فظهر رفعها بما ذكرنا في سابقه فتأمل

قوله و الركوع فيما لو سبق به الماموم

او سبق بالرفع منه فانه يركع ثمّ يرفع مع الامام و كذا الحال في السّجود

قوله و ان كان التحقيق يقتضى كونها بالشّرط اشبه

قد استدلّوا على الشرطية بان الشرط ما يتوقّف عليه تاثير المؤثر او ما يتوقّف عليه صحة الفعل او ما يكون مصادفا للفعل الى الفراغ منه و لو حكما و هذه المعانى موجودة و بانّ اوّل الصّلاة التكبير لقوله صلّى اللّه عليه و آله تحريمها التكبير و النيّة مقارنة او سابقة فلا يكون جزءا و بانها لو كانت جزء لافتقرت الى نيّة اخرى و يتسلسل و بانّها معلّق بالصلاة فلو كانت جزء التعلق الشي ء بنفسه و بان قوله صلّى اللّه عليه و آله انّما الاعمال بالنيّات يدل على مغايرة العمل لنيّته و بان الاصل عدم دخولها في الماهية و توقف الصّلاة عليها اعم من الجزئية و استدلوا على الجزئية بان الجزء ما لا تلتئم منه الماهية و ما يشتمل عليه الماهيّة من الامور الوجودية المتلاحقة و النيّة مقارنة للتكبير الذى هو جزء فلا يبعد انتظامها في الاجزاء خصوصا عند من اوجب بسطها على التكبير او حضورها من اوّله الى آخره و بانه يشترط فيها ما يشترط في الصّلاة من الطهارة و الاستقبال و السّتر و غيرها و للشي ء من الشروط كذلك و بان قوله تعالى وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مشعر باعتبار العبادة حال الاخلاص و هو المراد بالنيّة و لا نفى بالجزء الّا ما كان منضما مع الشي ء بحيث تشتمل الكل حقيقة واحدة و لا يخفى ضعف هذه الوجوه و ان الاشبه هو الشرطية و ان ضعف اكثر دلائلها أيضا و كيفما كان فالنزاع قليل الجدوى على ما اشار اليه في شرح الشرائع للاجماع على توقف الصّلاة عليها و بطلانها بتركها عمدا و سهوا فلا ثمرة في النزاع الا نادرا كما لو نذر الصلاة في وقت معيّن فاتفق مقارنته التكبير لاوّله كما هو المشهور و امّا عند من يقول ببسطها على التكبير فلا يتمشى هذه الفائدة و هو ظاهر و قد فرّعوا عليه امور اخرى لا يسع المقام ذكرها و تحقيقها و اعلم ان القول الثالث في المسألة الذى اشار اليه الشارح بقوله هو احد الاقوال كانّه هو التردّد بين الجزئية و الشّرطية بناء على تعارض دلائلهما كما فعله المحقق في النّافع و ان حكم بكون الشرطية اشبه و اما الركنية فهي من فروع الجزئية كما لا يخفى

قوله كقبض غريم

في جعل هذه الصّور من الضرورة المقابلة للاختيار تعسّف اذ لا ضرورة عقلا في شي ء منها و الضرورة الشرعية أيضا منتفية في بعضها كما اعترف به فالظاهر ان يقال يحرم قطعها اختيارا الا فيما استثنى من الصور المذكورة و يمكن توجيه كلامه بان يخصّ الصّور المذكورة بما اذا وجبت فيه القطع شرعا فيكون المراد بالضّرورة و امّا الضّرورة الشرعية و لا يأبى عن ذلك قوله و لو بسريان النجاسة الى ثوبه و بدنه اذ يمكن ان يفرض ذلك أيضا ممّا يضرّ بحاله بحيث يجب شرعا قطعه و لا يقال ان قوله فيجوز القطع المراد به الجواز المتحقق في ضمن الوجوب و انما عبّر به لكونه في مقابلة التحريم او يقال المراد به ما يعمّ الوجوب و حينئذ فالمراد بجميع ذلك جميع اجناس الصور المذكورة لا انواعها التى فرضت اوّلا ليدخل فيه ما لا ضرورة فيه شرعا و كذا قوله يجب لكثير من هذه الاسباب و يباح لبعضها المراد بهذه الاسباب جنس الاسباب المذكورة و على هذا فيكون كلامه من قوله فيجوز او من قوله و قد يجب الى آخره اشارة الى جواز القطع في غير صورة الضرورة أيضا ففيه نوع مؤاخذة على المصنف و لا يخفى ما في امثال هذه التوجيهات من السّخافة و الركاكة

قوله و يستحب لاستدراك الاذان المنسى

هذا اذا كان مع نسيان الاقامة و الا فلا قطع كما قطع به الشارح هاهنا على ما اختاره في شرح الشرائع بقطع الاذان واحدة أيضا على ما نقلنا فتذكّر

قوله و المراد تحويل وجه قلبه

و يمكن حمله على ظاهره أيضا

[الفصل السادس في بقية الصلوات الواجبة و ما يختاره من المندوبة]

[أما الواجبة]

[منها صلاة الجمعة]

قوله هذا قيّد في الاجتزاء بالفقيه

الظاهر ان هذا اشارة الى قوله مع امكان الاجتماع في الغيبة و لا يخفى ظاهر ان الظنّ حينئذ حذف قوله حال الغيبة الا ان يكون اشارة الى كونه مرادا هناك لا انه اكتفى عنها بالتقييد بالقيد فافهم و يحتمل ان يكون هذا اشارة الى قوله مع امكان الاجتماع و جعل قوله في الغيبة متعلقا بقوله و لو كان فقيها لا بالامكان او الاجتماع و على هذا حال الغيبة في محلّه لكن فيه من البعد ما لا يخفى و هاهنا وجه آخر و هو ان يكون هذا اشارة الى قوله في الغيبة و يكون الفرض انه متعلّق بقوله و لو كان لا بالامكان او الاجتماع و على هذا أيضا حال الغيبة كما في الوجه الأول بل لا وجه له حينئذ اصلا و يخدشه أيضا ان الجزم بتعلقه بذلك مما لا وجه بل لا يبعد تعلقه بالامكان او الاجتماع أيضا بل هو اقرب لفظا و ان كان الأول اقرب معنى و لعل هذا هو منظور الشارح هذا و قوله لانه تعليل للاجزاء بالفقيه او لكون الفقيه نائبا على ما ظهر من عبارة المصنف فتأمل

قوله من اطلاق القرآن الكريم بالحث العظيم المؤكّد بوجوه كثيرة

منها تخصيص النداء بالمؤمنين و سوق الكلام على طريق الخطاب للاشعار بان ما يذكر فيه امر مهمّ عظيم الشأن لا يليق ان يخاطب به غير المؤمنين الحاضرين ليلقوا اليه السّمع و يستمعوا له و لهذا اذا اخبر عن الذى تركوا استماع خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و انفضّوا الى اللّهو و التجارة لم يخاطبهم و قال و اذا رأوا تجارة على صيغة الغيبة و لعلّه لذلك بعينه خاطب الاولين بقوله ذلكم خير لكم و لم يكلّم مع هؤلاء بل امر النبي صلّى اللّه عليه و آله ان يكلّمهم حيث قال قلما عند اللّه خير من اللّهو و منها الامر بالسعى الدالّ بظاهره على وجوب المبادرة و الاستباق مصدرا بفاء الجزاء الذى اصله فاء التعقيب بلا مهلة و منها التعبير عنها بذكر اللّه اشارة الى انّها الفرد الكامل و منها النهى عما يضادّها حيث قال و ذروا البيع و لعلّ التخصيص بالبيع انه الشائع المتعارف في يوم الجمعة حيث يجئ من البوادى و الغرى الى الامصار للبيع و الشّراء و لوقوع التفرق للبيع منهم على ما نقل في مثال نزول الآية و منها قوله تعالى ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ و قوله تعالى إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ حيث فسّر بانه ان كنتم من اهل العلم فافعلوا ما امرتم و انتهوا عما نهيتم عنه فهو مزيد تاكيد للسّابق و اللّه تعالى يعلم

قوله لانّ ذلك لم يتفق

كانّه تعليل للتعبير بامكان الاجتماع و بيان فائدة التقييدية يعنى ان التعبير بامكان الاجتماع و المراد به الاجتماع على امام عدل الاشارة الى انه قد لا يمكن الاجتماع كما زمن ظهور الائمة غالبا و هو اى عدم

ص: 280

امكان الاجتماع على العدل في تلك الازمنة هو السر في عدم اجتزاء الاصحاب بالجمعة عن الظهر مع ما نقل من تمام محافظتهم عليها اى المحافظة الفعليّة بان كانوا يفعلون مع اهل الخلاف و لا يحتزءون بها او القولية و المراد بعدم الاجتزاء حينئذ هو تركهما و لعل الاول اظهر و من ذلك سرى اى من عدم اجتزاء الاصحاب بها في زمان الائمة عليه السلام سرى الوهم بان في حال الغيبة لا يصح مطلقا فان امكن الاجتماع مع الغيبة بناء على توهم ان عدم اجتزائهم انما هو لعدم كفاية الفقيه لأمامة الجمعة بل لا بدّ من الامام عليه السلام و ليس كذلك بل عدّ الاجتزاء انما هو لما ذكر من عدم امكان الاجتماع من تلك الازمان هذا ما سرا اليه الوهم في توجيهه هذا الكلام و فيه ان ما ذكره انما يصلح منشأ للتوهّم لو توهم ان في زمان الحضور لا يجوز الصّلاة لغير الامام عليه السلام ليس كذلك بل ظاهرهم الاتفاق على ان في زمان الحضور يجوز للغائب الخاص امامة الجمعة و بعد ذلك فكيف يتوهم انه مختصّة بالإمام عليه السلام لا يقال المراد انهم توهّموا من عدم الاجتزاء لا بدّ امامة الامام او نائبه الخاص مما اتفقوا عليه و هذا هو منشأ التوهّم على هذا التوجيه حيث توهّموا ان في زمان الغيبة أيضا الامر كذلك و لا يخفى ان لا يدخل في ذلك التوهم لعدم تيسّر الجمعة في زمان الحضور بل لو فرض انه كان شايعا متعارفا أيضا لكان منشأ التوهم باقيا لانه لم يكن لأحد ان يصلّى الجمعة في ذلك الزمان الّا باذن الإمام بخصوصه فتوهّموا انّ في زمان الغيبة أيضا الامر كذلك الا ان يقال انهم اذا استدلّوا بعدم الاجتزاء على اشتراط الامام او نائبه الخاص امكنهم توهم كلية الحكم و الحكم بعدم جوازها في الغيبة فامّا لو لم يكن كذلك بل كان حكمهم باشتراط الإمام او نائبه الخاص في زمان الحضور لدليل آخر فلعله لا يمكنهم توهم كلية الحكم اذ لعلّ الدليل ممّا له اختصاص بزمان الحضور فافهم هذا غاية ما يمكن ان يقال في هذا المقام نعم يمكن اجزاء هذا الكلام في زمان الغيبة بلا كلفة بان يقال ان الفقهاء لا تمكنهم امام الجمعة غالبا لكونهم في زمن المخالفين؟؟؟ سرى الوهم من المتاخرين ان ذلك انما هو لعدم جواز الجمعة في الغيبة و ليس كذلك بل الوجه هو ما ذكر من عدم الامكان و حمل كلام الشارح على هذا بان يرجع الضّمير في اجتزائهم و محافظتهم الى الفقهاء بعيد كما يظهر على من له درّية باساليب الكلام و اللّه اعلم بحقيقة المرام

قوله لم يؤد جميع مال الكتابة

امّ ولد كذا في اكثر النسخ و لعلّه من سهو النّاسخين و الصواب تركه كما في بعضها

قوله او فيما دون فرسخ

قال في القاموس دون بالضّم فقيض فوق و بمعنى امام و وراء فوق ضدّ انتهى و لا يخفى انه يستقيم المعنى هاهنا على اى معنى حمل من المعانى المذكورة لكن يجب ان تعبر ذلك بالنسبة الى الموضع الذى تنعقد الجمعة فيه الجمعة الّذى بينه و بين ذلك البعد ازيد من فرسخين و انما اشترط ذلك لئلا يجتمع جمعتان في فرسخ فصار حاصل كلام الشارح ان سقوط الجمعة المعتقدة اى في موضع يبعد عنها بفرسخ و امّا اذا تيسّر ذلك فلا يسقط الجمعة عنه مطلقا بل يجب عليه اقامة الجمعة و ان لم يجب الذهاب الى الجمعة المعتقدة لكن لا يخفى انّ وجوب الاقامة أيضا انما هو اذا تيسّر ذلك فيما بينه و بين فرسخين لا ازيد و الشارح لم يقيد به لظهور انه اذا لم يجب الذهاب الى الجمعة المعتقدة اذا بعد عنها بازيد من فرسخين فلا يجب الاقامة كذلك بطريق اولى

قوله في الحاشية الأولى ان يراد بالامام و يحتمل ان يراد به الامام المعصوم بل هذا اظهر لعدم الحاجة حينئذ الى تخصيص باختصاص الامام باحد الاقوام و اجتماع العدد عنده بخلاف ما لو حمل على ما حمله الشارح كما اشار اليه فتأمل

قوله و بين اقامتها عنده او فيما دون الفرسخ

كما في الشّق الاوّل

قوله في الحاشية فيلزم تفويتها لا يخفى انه على هذا التقرير تحريمه أيضا يستلزم الدّور مع انه بضد و اثباته فالصواب اسقاط قوله فيجب الاتمام الى قوله دور حتّى يوافق ما قصده نعم من رام ايراد شبهة في هذا المقام فتقريرها هكذا فتأمل

قوله باداء التخلّف الى آخره

في جعل هذا من الاضطرار العقلى تامّل بل الظاهر ان امثال هذا أيضا من الاضطرار الشرعى و الاضطرار العقلي هو ان يذهب بدون اختياره فتأمل

قوله عشرين كلّها للجمعة

يعنى الجميع نافلة و ظاهره ان المراد صلاة الجمعة و حينئذ يفيد ان من لم يصلّ الجمعة لم يصلّ النوافل على هذا النهج على قياس ساير الأيّام و بهذا يشعر عبارة العلامة أيضا في أنه حيث ذكر في وجه زيادة اربع ركعات في نوافل الجمعة على ساير الأيام ان السّبب فيه ان السّاقط ركعتان فيستحب الإتيان ببدلهما و النّافلة الراتبة ضعف الفرائض فان صاحب المدارك بعد نقل هذا الكلام من العلّامة و مقتضى ذلك اختصاص استحباب الزيادة لمن صلّى الجمعة و الاخبار مطلقة و فيما ذكره من اطلاق الاخبار تامّل و في اكثر الاخبار الواردة في تعين اوقات تلك الركعات ان بعضها قبل الجمعة و بعضها بعد الجمعة و في بعضها قبل الفريضة و بعد الفريضة و كان الظاهر منها أيضا هى الجمعة و لكن الظاهر من كلام الأصحاب انّ النافلة نافلة يوم الجمعة و لا ربط لها بالصّلاة و يؤيّده أيضا ما وقع في رواية مراد بن خارجة عن ابى عبد اللّه عليه السلام حيث قال ثمّ صلّيت الظهر ثمّ صلّيت بعدها ستّا و كذا بعض الاخبار الذى وقع مط كرواية سعد بن سعد الاشعرى و الظاهر متابعة المشهور و ما وقع في الاخبار من التقييد امره سهل و كذا اشعار ظاهر عبارة ية كما لا يخفى و يمكن حمل كلام الشارح على انّ الجميع نافلة يوم الجمعة و الفرض انّها نافلة احدى صلّ اليوم لا لصلاتها فتأمل

[منها صلاة العيدين]

قوله محمول على العلّة جمعا

يمكن أيضا القول باستحباب كل منهما على البدل و لو اريد الجمع بينه و بين الاخبار الدّالة على عدم جواز اكل الطّين مطلقا او خصوص التّربة المشرّفة الّا الاستشفاء فلا يبعد التخصيص ايضا كما في الافطار يوم عاشورا لكن الرواية المذكورة لشذوذها لا تصلح سندا للتخصيص نعم لا باس للعمل بهما مع العلة لعلّة روايات اخرى و لعلّ نظر الشارح رحمه الله أيضا الى هذا فتدبر

قوله في الحاشية و كذا بعدها فانه يكره اذا كان عند قيام الشمس اى وصولها الى دائرة نصف النهار او ما قاربها

قوله نعم لو صلّيت

قال في الذّكرى الفاضلان جوّز صلاة التّحية اذا صلّيت في مسجد لعموم الامر بالتحية قلنا الخصوص مقدم على العموم و فيه تامّل يظهر بادنى تامّل فتأمل

قوله استحبّت صلاة التحية

و التحيّة و ان كانت يتأدّى بصلاة العيد أيضا لكن الافضل عدم التّداخل كما سبق

[منها صلاة الآيات]

قوله علامات على اهوال السّاعة

او على وقوع الآفات و البلايا

قوله و اللام للعهد الذهنى

بناءه على اصطلاح بعض النحويّين كما نقلنا فيما يتعلّق بقوله في الخطبة و الجهر فضله فتذكّر

قوله و اراد بالسّماء

هذا لا ينفع في ادخال الزلزلة فيها الّا ان يتمسّك بالتغليب كما في الوجه الأول و حينئذ فلعلّ التفاوت بين الوجهين باعتبار التفاوت في جهة التغليب فانه في الاول غلبا لبعض باعتبار الاشهريّة او نحوها و في الثانى غلب اكثر الافراد و كان في قول الشارح في الاوّل باعتبار كون بعضها فيه اشارة الى ما ذكرنا و حينئذ فيتمم كلامه في الثانى فيكون باعتبار كون اكثرها فيه فتدبّر

قوله او المنسوبة

في العبارة مسامحة و المراد بالسّماوية المنسوبة

قوله و نحوه

كجاعل السماء او فاطرها و لو تركت نحوه لكان اولى

قوله لإطلاق نسبته

هذا تعليل لصحة اطلاق المنسوبة الى خالق السماء عليها مع ان

ص: 281

لكلّ منها سببا في علم الامكان يجب ان ينسب اليها على ما فصّل في الحكمة و حاصله انه يطلق بين الناس نسبة كل منهما الى اللّه تعالى كثيرا لغرابتها و كفى به لصحّة النّسبة هاهنا أيضا و هذا مع انه لا يلائم طريقة المتشرعين على ما لا يخفى ممّا لا دفع له اذ لا يكفى لصحة النسبة الى اللّه تعالى انتهاء السّلسلة اليه تعالى و ان كان بعضها سبب بعض و لا حاجة الى التمسّك بالشيوع غرفا و يحتمل ان يكون المراد بيان نكتة لتخصيص هذه الآيات بكونها سماوية اى منسوبة الى خالق السّماء مع ان جميع الاشياء منسوبة اليه تعالى و حاصل النكتة انّه و ان كان كذلك لكن شاع بين النّاس نسبة امثال هذه الآيات الى اللّه تعالى لعظمتها و غرابتها بخلاف بعض الاشياء الاخرى و هاهنا وجه آخر و هو ان يكون الغرض بيان نكتة للنسبة الى السماء حين ارادة النسبة الى خالقها دون النسبة الى شي ء آخر من مخلوقاته و حاصل النكتة انه يطلق نسبة الى نسبة السماء بتاويل الى اللّه تعالى كثيرا لعظمتها و كثرة ما فيها من لطائف الصنع و بدائع الحكمة بخلاف ساير مخلوقاته تعالى فتأمل و قد يقال انه تعليل لصحة اطلاق السّماوى و ارادة المنسوبة الى خالقها مع انه لا يتعارف النسبة الى المضاف اليه و ارادة النسبة الى المضاف اى انما صحّ ذلك لانصراف نسبة الى السماوى الى اللّه تعالى كثيرا اى يفهم في العرف السّماوى الالهى كما يقال هذه آفة سماويّة اى الهيّة و فيه مع بعده انه حينئذ لم يزد فيه شيئا على المدعى و لم يظهر منه وجه الصحة بل ليس فيه الا دعوى شيوع ذلك و هو غير مستحسن فتدبّر

قوله و هو قرينة كونها غير ركعات

هكذا في بعض النسخ و الظاهر غير ركعات على ما في بعضها و وجه كون ذلك قرينة على كونها غير ركعات ان في رفع الراس من ركوع الركعة لا يكبّر بل يسمع فالتكبير بعد الرفع من الركوعات الثمانية و التسع في الباقين قرينة كون الصّلاة ركعتين كما اشار اليه بعد ذلك أيضا بقوله تنزيلا للصّلاة منزلة ركعتين

قوله في الخامس و العاشر خاصة

اى من غير تكبير و الا في البواقى و الاول اولى اذ قد اشار الى الثانى اولا

قوله على القول بانه الأخذ في الانجلاء

كما هو المشهور

قوله نعم لو جعلناه الى تمامه

كما هو مذهب المصنف في الدروس و المحقق في المعتبر

قوله و الّا فالاقوى وجوب القضاء

لاستناد فواتها الى تقصيره المتقدم و يحتمل في صورة تاخير الحاضرة عدم القضاء لإباحة التّأخير كما ذكر في شرح الشرائع و ينبغى ان يقيّد بعدم علمه و ظنّه لوقوع الآية آخر الوقت و الا ففى اباحة تاخير الحاضرة اشكال و اما اذا اخّر صلاة الآيات الى ان تضيّق وقت الحاضرة فيجب القضاء فلا مجال لاحتمال اباحة التأخير حينئذ و على هذا فقول الشارح فالاقوى اشارة الى ان الاقوى في صورة التفريط جميعا هو القضاء و مقابل الاقوى عدم القضاء في احدى صوريته فافهم

قوله و هو السّابع و العشرون من رجب على المشهور

اى الحكم باستحباب الغسل فيه على المشهور من غير الاطلاع على رواية فيه كما في نصف رجب لانّ البعث هو السّابع و العشرون على المشهور اذ لم ينقلوا خلافا فيه

قوله انّه يوم تزول الشمس الحمل

و قيل انه عاشر آياته و قيل انّه اوّل يوم من شهر فروردين القديم الفارسى

قوله و نبه بالتسوية على خلاف المفيد رحمه الله

ما نقل عن المفيد رحمه الله هاهنا انما هو التخصيص بالكبائر ليخرج الصغائر فانه لا يقول باستحباب الغسل للتوبة عنها و الظاهر ان ما ذكره المصنف من التسوية بين الفسق و الكفر لا يصلح تبينها على خلافه نعم ربما قال بعضهم من اطلاق الفسق في مثل عبارة المصنف الرّد على قول المفيد حيث خصّه بالكبائر و فيه ان الظاهر كما اشار اليه الشارح أيضا ان المراد بالفسق ليس مطلق الذّنب بل ما يخرج به عن العدالة و الصّغيرة لا توجب ذلك الا مع الاصرار و معه يلحق بالكبائر فظاهر الكلام موافق لمذهب المفيد لا ردّ عليه و اما استحباب الغسل للتوبة عن الكفر فلم ينقلوا عن المفيد فيه خلافا بل ظاهر بعضهم كالمحقق رحمه الله في المعتبر اتفاق الاصحاب عليه و انما نقلوا الخلاف فيه عن مالك حيث يقول بالوجوب فلا تغفل

[أما المندوبة]

[منها صلاة الاستسقاء]

قوله و لو جعل مع ذلك اعلاه اسفله

لا يخفى ان جعل اليمين يسارا او بالعكس يستلزم البتة امّا جعل الاعلى الاسفل او الظاهر باطنا لا يجتمع معهما قطعا ففى ما ذكره الشارح سهو ظاهر و قد وقع منه هذه الغفلة في شرح الشرائع أيضا حيث قال بعد ذكر تحويل ما على الايمن و الايسر و لا يشترط تحويل الرّداء باطنا و بالعكس و لا اسفل اعلى و بالعكس و ان كان جائزا و حمل كلامه هناك على انه لا بشرط خصوص شي ء من الطريقين بعيد جدّا و أيضا لا حاجة حينئذ الى قوله و ان كان جائزا على ان بملاحظة كلامه هاهنا لا يبقى ريب في انّ بناء كلامه هناك أيضا على الغفلة فلا تغفل

[منها نافلة شهر رمضان]

قوله و لعلّ السّر في تقديم ركعتى القيام

اى ما ظهر مما ذكرنا من ان تقديم ركعتى القيام تحصل المطابقة في صورة تذكّر انها اثنتى و بتقدم ركعتى الجلوس لا تحصل المطابقة اصلا هو السّر في تقديم ركعتى القيام اذ لا ريب انّ المطابقة مهما امكن و اولى

[الفصل السابع في بيان أحكام الخلل الواقع في الصلاة الواجبة]

قوله و على ما اخترناه لا يظهر المخالفة

قال سلطان العلماء رحمه الله اى من وجوب تقديم الركعتين قائما على الركعتين جالسا لا يظهر المخالفة بنى ما فعل و الناقص لا في الفرائض الاوّل من فروض المخالفة و هو انه ذكر انّها ثلاث مع انه قدم في الاحتياط ركعتين قائما لان فروض المخالفة على ما ذكره الشارح ثلاثة الاوّل ما ذكرنا و الثانى ما لو ذكر انّها اثنتين مع انه قدم الركعتين جالسا و الثالث ما لو ذكر انها اثنتين مع انه قدم الركعة قائما مقام الركعتين جالسا ان جوّزناه و المخالفتان الاخيرتان لا يقع على تقدير وجوب تقديم الركعتين قائما و هو ظاهر و فرض المطابقة واحدة و هى ما لو ذكر اثنتين مع انه قدم في الاحتياط ركعتى القيام و لا اشكال في هذه الصور انما الاشكال في صور المخالفة و فروضهما و قد علمت انّه على ما اخترناه لا يتصوّر من صور المخالفة الّا صورة واحدة و امر المخالفة في هذه الصور أيضا سهل لانه ليس فيها الّا فقدان التشهد و الجلوس عقيب الركعة الاولى التى تجب عوضا عن الفائتة و هو اسهل من المخالفات التى بين الركعتين جالسا و بين ما يكون عوضا عنه في جميع الصور من النية و التكبير و الركوعات الزائدة و غيرها هذا و لا يخفى ان ظاهر عبارة ما نقل منه في الحاشية في بيان وجه الاسهلية يشعر انه في هذه الصور المخالفة باعتبار زيادة التشهد لا باعتبار نقصانه كما قرّرنا انتهى و هذا ممّا لا وجه له فليحمل كلامه على ان الجلوس للتشهّد ليس و كنا اجماعا و ما يحصل به الزيادة في الاحتياط من الاركان اعظم من الجلوس فاغتفار زيادة تلك الاركان يوجب اغتفار نقص الفعل الذى ليس بترك اجماعا بطريق اولى و لا يخلو عن بعد

قوله ان لا يذكر الّا المشهور بين الاصحاب

كما صرّحوا به في آخر الكتاب

قوله عدم الالتفات الى ما شك فيه

هذا معنى عدم الحكم للشك مع الكثرة

قوله نعم لو كان المتروك

و كنا هذا استدراك عن اصل المسألة و حاصله انه لو ترك ركنا سهوا لم تؤثر الكثرة في عدم البطلان بل تبطل صلاته بترك الركن و ان كان كثير السّهو كما انه لو ترك الفعل سهوا و ذكر في محلّه استدركه و لا توجب الكثرة عدم الالتفات اليه لكن لا يخفى ان هذه العبارة لا تناسب هذا الموقع بل كان ينبغى ان يقول بعد قوله تلاقاه من غير سجود لو كان المتروك الى قوله و يبنى

ص: 282

على الاكثر و يمكن ان يكون ذكره هاهنا الاشارة الى انه بعد البناء على وقوعه لو ظهر تركه فان كان ركنا لم تؤثر الكثرة في عدم البطلان فتدبّر

قوله و سقوط سجود السّهو

هذا معنى عدم الحكم للسّهو بمعناه الحقيقى مع الكثرة و ربما يجرى في الشّك أيضا

قوله و يتحقق الكثرة في الصّلاة الواحدة

قال سلطان العلماء رحمه الله الفرض انه لا يكفى في كثرة السّهو السّهو عن افعال متعدّدة متّصلة دفعة كما لو سها عن سجدتين مثلا بان يتوهم ان السّهو عن اشياء متعددة سهوات متعدّدة متكثرة بل لا بد من الفاصلة بين السهوات بغير ما هو سهو و هو مراده من تخلل الذكر و انما قيد بقوله في الصّلاة الواحدة لان اتّصال الافعال المنسى عنه في الصّلاة المتعدّدة بعيد جدّا انتهى و قال المصنف في الذكرى لو نسى القراءة مثلا لم يجب عليه لكل حرف منسى سجدتان و ان كان لو انفرد لاوجب ذلك و لان اسم القراءة يشملها و لو نسيها في الركعات نسيانا مستمرّا لا تذكّر فالظاهر انها سبب واحد و لو تذكر ثمّ عاد الى النسيان فالاقرب تعدّد السّبب و كذا لو تكلّم كلاما تامّا متوالية او متفرّقة و لم يتذكر النّسيان فكلام واحد فلو تذكر تعدّد انتهى و لا يخفى انه يظهر منه ان المناط في تعدّد السّهو تذكره فمتى سها و تذكر انه سها ثمّ سها سهوا آخر فمتعدّد و ان لم يذكر انه سها فهما واحد سواء تخلل بينهما فعل غير سهوا ام لا فعلى هذا الكلام الشارح محمول على ذلك ظاهره لا على ما ذكره هذا المحقق لكن أيضا ان الحكم بذلك على الاطلاق لا يخلو عن اشكال بل لو سها عن الركوع في ركعة و السجود في اخرى مثلا فالظاهر تعدّد السّهو و ان لم يتخلل التذكر بينهما نعم لو كان بين السّهوين جامع تعلق السهو به حقيقة كالسهو عن القراءة او الركوع مثلا في كل ركعة فلا يبعد ان يكون الضّابط فيه ما ذكر من تخلّل التذكر و عدمه و امّا اذا لم يكن بينهما جامع كذلك فالظاهر ما ذكره هذا التحقق من تعدد السّهو اذا تخلّل بينهما فعل غير سهو و وحدته اذا لم يتخلل و يمكن تخصيص كلام الذكرى أيضا بما ذكرنا فانما ذكره من المثالين مما تحقق فيه الجامع لامثال القراءة فظاهر و امّا امثال التكلم لكلمات متوالية او متفرقة فلانه يرجع حقيقة اى السّهو عن كون الكلام مخلّا و كذا ما ذكره في فرع آخر حيث قال لو نسى اربع سجدات من اربع ركعات قضاها و سجد لكل واحد سجدتين و يحتمل الاجتزاء بسجدتين اما على القول بالتداخل فظاهر و اما على عدمه فلدخوله في خبر الكثرة ان تعدّد السّهو اما لو كان في سهو متّصل فالظاهر انه لو يدخل في الكثرة انتهى و ذلك لانه أيضا مما تحقق فيه الجامع فانه راجع الى السّهو عن احدى السجدتين في الركعة هذا اذا كان المراد بقوله و اما على عدمه انّه انما يدخل في يدخل في حين تكرر السّهو اى صدور سهوين منه ان تعدد السّهو بان يتخلل بينهما تذكر امّا لو كان في السّهو متّصل بان لا يتخلّل بينهما تذكر فالظاهر انه لم يتعذر منه السّهو بل هو سهو واحد فلا يجب عليه الّا سجدتان و الحاصل ان كلامه فيما اذا نسى الأربع و لم يتخلّل التذكّر بينهما فلذا اوّلا بوجوب اربع سجدات و السّجود لكل واحد بناء على تعدد السّهو ظاهر التخلّل غير السّهو بينهما ثمّ احتمل الاجتزاء بسجدتين اما على التداخل فظاهر و امّا على عدمه فلما رجحه من ان تعدد السّهو انما هو مع تخلل التذكر و اما اذا لم يتخلّل فالسّهو واحد هذا لكن في حكمه اوّلا بوجوب السّجود لكل واحد منهما اشكل فانه يصير كثير السّهو في الثالث و الرابع على الخلاف و بعد الكثرة لا سجود للسّهو و يمكن حمل كلامه على انه يسجد لكل واحدة الى تحقق الكثرة اى ثلاث مرّات او اثنين لكنّه لم يقيّد بذلك اعتمادا على ما ذكره في بحث كثرة السّهو و على هذا لا اشكال عليه لكن ما نقله بعد ذلك من الخلاف حيث قال لا نصّ لأصحابنا فيها ففيه المذهب بطلان الصّلاة ان قلنا باشتراط سلامة الركعتين الاوليين و الّا اتى بما ركع و سجد للسهو اربع مرّات يتوجّه عليه ما ذكرنا من الاشكال و بما قررنا ظهران ما ذكره الشارح في شرح الألفيّة من انه احتمل المصنف في الذكرى الاجتزاء بسجدتين مجي ء بدخوله في حدّ الكثرة و ليس بواضح لان اللّازم هى الكثرة وجوب ستّة او اربع ان قلنا بسقوط الحكم في الثالثة كما ذهب اليه بعض و فيه مع ما فيه من البعد حيث لم يرجح في مسئلة الكثرة هذا القول بل ذكر كلا من الاحتمالين و لم يرجح احدهما فالحكم هاهنا بناء على احد الاحتمالين و عدم التعرّض للآخر اصلا بعيد جدّا ان قوله اما على القول بالتداخل فظاهر يأبى عن هذا فان

على القول بالتداخل انما يجب سجدتا السّهو مرة لا مرتين و حمله على انه ظاهر اذ لا يجب عليه ازيد من مرّة فضلا عن مرّتين تعسّف جدّا و قد يجعل بناء كلامه رحمه الله على ان الكثرة تحصل بالثانى حيث نقل في بحث الكثرة حديث انه ليس على الاعادة اعادة و هذا يظهر منه ان السهو يكثر بالثانية الا ان يقال يخصّ بموضع وجوب الاعادة و لا يخفى ان هذا احتمال لم يذهب اليه احد من الاصحاب الا ان يختصّ بموضع وجوب الاعادة كما ذكره و معه لا يفيد هاهنا فجعل بناء كلامه عليه كما ترى على ان قوله امّا لو كان في سهو متّصل ان لا يأبى عن الحمل على التوجيهين كما يشهد به من له اولى درية باساليب الكلام بل يبقى عليهما ان يقول و امّا اذا لم يتعدّد فظاهر فافهم

قوله فالمراد به الشّك في موجب السّهو

او الشّك في حصوله اى الشّك في انه هل صدر منه سهوا ام لا فلا شي ء

[الفصل الثامن في القضاء]

قوله المصنف و الكفر الاصلى

قال في المدارك يستفاد ان الكافر لا يخاطب بالقضاء و ان كان مخاطبا بغيره من التكليف لامتناع وقوعه منه في حال كفره و سقوطه باسلامه و فيه تامّل فانّه ان اراد انه لا يصلح تكليفه بالقضاء لانه تكليف بما لا يطاق اذ لا يمكنه الاتيان به على الوجه الصحيح في حال كفره و بعد اسلامه يسقط فلا يوجد حال يمكنه الاتيان بالمامور به فيه ففيه انه لم يكلف بقضاء الفائتة في زمان كفره بشرط كونها في زمان كفره بل انّما كلّف بقضاء الفائتة مطلقا لكنه باختياره كفر فصار ما فاتته زمان كفره فلم يمكنه الاتيان بها و لو كان مسلما لكان امكنه قضاء جميع ما فاتته و لا استحالة في التكليف بما لا يطاق اذا صار ما لا يطاق باختيار المكلّف و فعله كما في التكليف بالواجب عنه فوات مقدمة لا يمكن الاتيان بها في وقت الواجب اذا كان فوات المقدّمة باختيار المكلف كما في التكليف بالحجّ يوم النحر للنائى عن مكة على ما حقق في الأصول على انه هاهنا و ان لم يمكنه الامتثال لكنه يمكنه اسقاط التكليف عنه بالاسلام و مع ذلك فلا مجال لتوهم امتناع مثل هذا التكليف كما لا يخفى و ان اراد انه لا فائدة بمثل هذا التكليف اذ لا يقبل منه في زمان الكفر و يسقط بعد اسلامه فلا فائدة لتعلق هذا التكليف بالكافر فجوابه انه يمكن ان يكون فائدة تكليفه ترتب العقاب على تركه و لو لم يسلم هذا و يمكن ان يكون حكمهم باشتراط الخلق من الكفر باعتبار سقوطه مع الكفر اذا اسلم لا عدم وجوبه معه اصلا فتأمل

قوله و كذا ما صلاه فاسدا عنده

اما لو كان صحيحا عنده فلا قضاء عليه و ان كان فاسدا عندنا كما صرّح به في الذكرى و دلّ عليه بعض الاخبار و في الذكرى حكم اوّلا بانه لا اعادة لما هو صحيح عندنا و ان كان فاسدا عنده ثمّ احتمل الاعادة لعدم اعتقاد صحبة فعل الخمس عشرة و لو قضى خمسة ايّام حصل الترتيب قطعا و ان كان اخف

ص: 283

قوله و لو اضيف اليها سادسة

لا يخفى ان السّادسة احدى الخمس و ترتيبها على مثلها لا يزيد الاحتمال فلا يرتقى الاحتمالات الى سبعمائة و عشرين بل الظاهر ان الاحتمالات في هذه الصّور ثلاثماةة و ستّون و ذلك لان الفائت اذا كان ظهرين و عصرا و الاحتمالات ثلاثة و اذا اضيف اليها مغرب صارت اثنتا عشرة حاصلة من ضرب عدد الثلاث في الاربع فاذا اضيفت العشا اليها صارت ستين و اذا اضيفت صبح اليها صارت ثلاثماةة و ستين و على هذا فصحته على الاول على من سبع و اربعين فريضة و ذلك لان في صورة كون الفائت ظهرين و عصرا مثلا صحته من خمسة ثمّ اذا اضيف رابع فصحته من احدى عشر حاصلة من فعل الخمس قبل الرابع و بعده ثمّ اذا اضيف خامس فمن ثلاثة و عشرين فاذا اضيف سادس فمن سبع و اربعين هذا و حمل كلام الشارح على ان يكون المراد بالفريضة الزائدة غير اليوميّة كصلاة الكسوف مثلا بعيد جدا و مع ذلك يصير حينئذ ما ذكره بقوله و يمكن فيه ظاهر الفساد كما لا يخفى

قوله و يمكن فيه بخمسة ايام

هذا على اطلاقه محل تامّل فانه اذا فرض ان الفريضة الزائدة هى العشاء مثلا و فرض من الفائت اولا في نفس الامر هو العشاء ثمّ العشاء أيضا ثمّ المغرب ثمّ العصر ثمّ الظهر ثمّ الصبح في صلاة خمسة لأيّام كيف و الختم بالفريضة الزائدة لا يحصل الترتيب كما لا يخفى الى غير ذلك من الصّور نعم لو اشترط ذلك الابتداء بالفريضة الزائدة اى ان يبدأ بها في كل يوم ثمّ يأتى بباقى صلاته فيصلّى في المثال المفروض اولا العشاء اولا ثمّ الصّبح ثمّ الظهر ثمّ العصر ثمّ المغرب و هكذا في ساير الايام ثمّ يختم بالعشاء فكانه صحيح يحصل به الترتيب على جميع الاحتمالات كما يظهر بالتامّل فتأمل

قوله و لو كان في وقت العشاء

و على هذا في لفظة الفائتة في صدر المسألة توسّع اى لو علم انه لم يصل واحد من الخمس عنها و حينئذ فاذا بقي وقت العشاء يردّد في الرّباعية و بين الاداء و القضاء و لا يخفى انه يجرى هذا الاحتمال في الظهرين أيضا فذكر العشاء لعلّه على سبيل التمثيل او حمل الخمس على ما هو المتعارف من صلاة يوم و لا ليلته المتاخرة عنه و حينئذ لا يجرى احتمال الاداء و الترديد الا في العشاء نعم لو كان في وقت المغرب و احتمل كونها الصّلاة التى لم يصل نوى الاداء بلا ترديد ثمّ قد استشكل في هذا الحكم بناء على انه اذا بقي الوقت فلا بد من فضل العشاء لان سقوطها بعد ثبوتها يتوقف على العلم بفعلها و فيه انا نم وجوب العلم بالاتيان بها لكنه يحصل بفعل الفائتة على النحو المذكور و اما وجوب الاتيان بها بخصوصها فيغرم به فتأمل

قوله فان امهل بما يمكنه القضاء قبل قبله قضى

و صحّ منه بناء على القول بقبول توبته باطنا و طهارة بدنه و اجراء احكام الوجوب عليه وجوب الغسل و ما يتبعه و امّا على القول بعدم توبته باطنا ايضا فلا يصح منه و هل يحل عليهم ظاهرهم ذلك و قد توقف في وجوب القضاء عليه حينئذ بل في غيره من العبادات أيضا بناء على انه لا يمكنه الاتيان بها و فيه تامّل

قوله و الاقوى قبول توبته مطلقا

لا يذهب عليك ان الشارح و ان ادعى في كتاب الحدود من هذا الكتاب الاجماع على عدم قبول توبة المرتد الفطري ظاهر لكن صرّح في شرح الشرائع بان الحكم بالتفرقة بين المرتد الفطري و الملّى هو المشهور بين الاصحاب و انه يظهر من ابن الجنيد ان الارتداد قسم واحد و انه يستتاب فان تاب و الا قتل و حكم بان عموم الادلة المعتبرة يدل عليه الا على ان المشهور بل المذهب هو التفصيل المذكور فقوله هنا على المشهور بهذا الاعتبار و ما قواه هو مذهب ابن الجنيد و توهم توجيه عبارته هاهنا بحث لا ينافى دعوى الإجماع المذكور ساقط جدّا فتأمل

قوله و لرواية زرارة

لا يخفى ان فاقد الطهورين لم يصل اصلا لا انه لغير طهور فلا يشمله هذا الحديث اللّهمّ الا ان بين الكلام على مذهب من اوجب الصّلاة على فاقد الطهور بغير طهور ثمّ الاعادة لكنه قول نادر بل قال في المدارك لا اعلم به قائلا و مع ذلك فلا ريب ان الظاهر فمن صلّى بغير طهور صلّى كذلك مع وجود الطهور عمدا او سهوا بل سهوا فقط بقرينة قوله عليه السلام اذا ذكرها لاما اذا صلى كذلك مع فقده كيف ما كان فكيف يكون هذا الجزء دالّا على الظاهر صريحا كما هو ظاهر قول الشارح و غيرها من الاخبار الدّالة عليه صريحا فتأمل و لا يخفى ايضا ان ما اشار اليه في الدليل الاول من الامر بقضاء الفائت انما يتوجّه على المذهب المشهور لا على القول الآخر فتدبّر

قوله لانفكاك كل منهما

اى وجوب الاداء بدون القضاء كما في الكافر و بالعكس في النّائم و كذا في صوم الحائض فيجب الاعادة كالمتيمّم اذا وجد الماء و هو في الصّلاة فيعيدها على رأى او تيمّم اوّل الوقت على القول بجوازه و صلّى ثمّ وجد الماء في الوقت فيجب الاعادة على مذهب ابن الجنيد و ابن ابى عقيل و الظاهر ان التمثيل هاهنا انما هو بالاعتبار الثانى كما لا يخفى

قوله لوقوع الصّلاة

ظاهره ان مذهب ابن الجنيد جواز الصلاة عاريا اوّل الوقت اذا لم يوجد السّاتر لكنه اذا وجد في الوقت يجب عليه الاعادة و حينئذ فيما ذكره في الدليل في موقعه لكن سيجي ء نقل القول بوجوب تاخير اولى العذر الى آخر الوقت عن ابن الجنيد و حينئذ فيمكن ان يكون حكمه بالاعادة هاهنا بناء على مذهبه ذلك فيكون مستحبّا و لا يرد عليه ما ذكره نعم الكلام معه في تلك المسألة و أيضا ينبغى حينئذ ان يحكم بوجوب الاعادة آخر الوقت و ان لم يوجد السّاتر أيضا ثمّ ان التمثيل بالمتيمم في كلامه على هذا لا يجب ان يجعل اشارة الى ما فرضناه في الصورتين بل يجوز ان يكون التمثيل بمتيمّم تيمّم اوّل الوقت من عدم جوازه ثمّ وجد الماء في الوقت بل يمكن ان يكون ما نقل عنه من اعادة التيمم في الوقت أيضا في صورة عدم جواز التيمّم اوّل الوقت اللّهمّ الا ان يوجد بصريح في كلامه يكون ذلك في صورة الجواز اوّل الوقت و ذلك اذا غلب على ظنه عدم التمكن آخر الوقت ثم بان خلافه فان مذهبه على ما نقله عنه في المختلف و كرى انه يعتبر في التأخير عدم الطمع في التمكن من الماء فان تيقن او ظنّ فوته الى آخر الوقت فان الواجب التيمّم في اوّله و لا يخفى انه يمكن ان يكون حكمه هاهنا أيضا بالاعادة في الوقت يكون فيه تصريح بان الكلام في صورة جواز الصّلاة اول الوقت عاريا و ذلك اذا ظنّ عدم وجدان السّاتر آخر الوقت فان الظاهر ان مذهبهم وجوب تاخير اولى الاعذار مع رجاء الزوال على ما هو ظاهر عبارة كرى و كما نقل عنه صريحا في التيمّم لكن الظاهر انه لم يوجد ذلك فالظاهر في الرّد عليه هو التفصيل فتأمل

قوله و في الذكرى نقل عن المحقق

الى ان الولد يجب عليه قضاء ما فات من الميّت من صلاة و صيام لا قضاء ما فات اياه من الصّلاة كما هو المذكور هاهنا و حينئذ فلا اشكال فيما ذكر و هو ظاهر و عبارة المحقق على ما نقل من الذكرى هكذا الذى ظهر ان الولد يلزمه قضاء ما فات الميّت من صلاة و صيام لعذر كالمرض و السّفر و الحيض الى آخره و من هنا حكم المصنف بان عبارة المحقق يؤذن بالقضاء عن المرأة و نفى عنه الباس كما نقله الشارح

قوله و من خالف حكمه اوّله بان المراد بالبناء الاستيناف

قال سلطان العلماء قال العلامة في المختلف الجواب المنع من صحة السّند فان في طريقه عبد اللّه بن بكير و هو فطحى سلّمنا لكنّه يستحيل انه اتى

ص: 284

بمقدمات الصلاة من الأذان و الاقامة و التكبيرات و الادعية بينهما و لم يدخل في الصلاة فتجدّد حدثه فانه تتوضأ حينئذ و يستانف انتهى و الظاهر ان مراده بالاستيناف الابتداء بالصّلاة و البناء على ما مضى من مقدمات الصّلاة و على هذا لا يرد عليه ما اورده الشارح من الايرادين الا ان يكون كلام الشارح على غير هذا التاويل انتهى اقول اما عدم ورود الايراد الأوّل فظاهر و امّا عدم ورود الايراد الثانى فلانه لم يحمل البناء على الاستيناف بمعناه الظاهر حتى يكون منافيا لمذهبهم بل حمله على الابتداء بالصّلاة حين وقوع الحدث سابقا عليها و لا شبهة فيه و فيه انه حينئذ و ان لم يناف مذهبهم من حيث الحكم باستيناف اى الابتداء بها لكن تبقى المنافاة من حيث الحكم بالوفاء فانهم حكموا باعتبار ما يتجدّد من الحدث بعد الوضوء سواء وقع في الصّلاة ام قبلها على ما نقله الشارح فلا وجه للحكم بالوضوء عليه اللّهمّ الا ان يحمل على الاستحباب او يقال انه حمل الخبر على صورة التمكن من حفظ الناس و به يندفع الايراد الثانى من الشارح كما ذكرنا في الحاشية الاخرى و غرضه من حمل البناء على ما ذكره توجيه ظاهر لفظ البناء ليدفع الايراد الاول أيضا من الشارح لكنه بعيد ان يكون نظر سلطان العلماء رحمه الله الى هذا حيث لم يتعرّض له فتأمل

قوله مع انهم لا يوجبون الاستيناف

قد ذكروا ان في صورة التمكن من حفظ النفس يجب الاستيناف فلعلّ به حمل البناء على استيناف حمل الخبر على هذه الصّورة فتأمل

قوله مصادرة

اذ لا نسلّم استلزام نقض الطّهارة نقض الصّلاة بل هو عين المتنازع فيه و فيه انّ المستدل قد استدل عليه بان المشروط عند عدم شرطه و بعد الاستدلال عليه ما لا يراد بانه مصادرة كما ترى نعم يمكن القدح في دليله بانّ المسلم هو كون الصّلاة مشروطة بالطهارة مطلقا و لا اشتراطها بطهارة واحدة مستمرّة فلا و حينئذ نقول على القول بالبناء قد تحقق شرط الصحة و هو الطهارة في كل شطر من الصّلاة و الحدث لم تبطل الطهارة السّابقة بل انما ابطل حكمها فيما بعد زمان حدوثه و قد اتى بطهارة اخرى لذلك فقد تحقّق شرط الصحة في كل شرط فلا يلزم بطلان المشروط فافهم

قوله و الاخبار الدالة على قطع مطلق الحدث

و فيه ان مراد المستدل ان ما صدر عن البطلان لو كان ناقضا للوضوء لكان حدثا لما روى انه لا ينقض الوضوء الّا حدث و اذا كان حدثا فكان قاطعا للصلاة للاخبار الدالة على ان الحدث يقطع الصّلاة و على هذا فما ذكره الشارح من الاخبار المذكورة مخصوصة بالمستحاضة و السّلس اى مخصّصة بسببها و هذا الفرد يشاركهما في النّص الصّحيح فلا بعد في القول بتخصيصها به أيضا كما ترى قال المستدل لا يسلم كون ما يصدر من المستحاضة و السّلس بعد الطهارة حدثا كيف هو و لا يوجب نقض الطهارة عندهم فلا اشكال فيه فلا حاجة الى ارتكاب تخصيص كما في البطن نفسه على مذهبه فانه لا يجعله قاطعا للصّلاة و ليس ذلك الا لعدم تسليم كون ما صدر عنه بعد الوضوء حدثا على مذهبه فانه لا يجعله ناقضا للوضوء فيمكنه منع ذلك بخلاف ما لو جعل ناقضا للوضوء كما هو المذهب الآخر هذا و لو حمل كلام الشارح على دعوى الاتفاق على ان الاستحاضة و السّلس لا ينقضان الصّلاة مع كونهما حدثا يندفع ما ذكرنا لكن الكلام حينئذ في اثنائه فتأمل

[الفصل التاسع في صلاة الخوف]

قوله و النص محكم فيهما

اى في الفرد المجرّد عن الخوف و الخوف عن الفرد فلما لم يعمل لظاهر الآية في الاول للنص و كذا لا بد ان لا يعمل في الثانى أيضا للنّص

قوله و لتكليف الثانية بالجلوس

عطف على قوله تأسّيا فيكون دليلا ثالثا على ما اختاره من الافضل او على قوله باستدعائه فيكون معارضا لما استدلّوا على افضلية تخصيص الاولى بالاوليين و حاصله انه اذا صلّى مع الاولى ركعتين فيكلف الفرقة الثانية بالجلوس للتشهّد الاول لا مع الامام بخلاف ما لو صلّى مع الفرقة الاولى ركعة فان الفرقة الثانية يجلسون للتشهد الاوّل حين جلوس الامام للتشهّد الثّانى و هذا على مقتضى الكلام الاول نوع تخفيف كما ذكره المصنف في الذكرى او الغرض ترجيح هذا الطريق باعتبار كثرة متابعة الامام فيه دون الطريق الآخر و لا يخفى ما فيه من النظر الواضح على ما اشار اليه سلطان المحققين فانه يجوز ذلك اشتراك الاولى مع الامام في التشهّد الاول على التقدير الآخر بخلاف التقدير الاول بل تقول على التقدير الآخر تدرك الفرقة الاولى مع الامام كمال التشهّد الاول و هو ظاهر و اما على تقدير الاول فتدرك الفرقة الثانية مع الامام قدرا يسيرا منه فان الامام يطول تشهّده بقدر ما يتشهّدون و يصلّون ركعة في التشهد و يلحقون به في السّلام فهم يدركون من تشهّده نذرا يسيرا و كفى به ترجيح للتقدير الآخر و فيه انه كما يجوز للامام اطالة التشهّد كذلك يجوز له ان يتشهّد ثمّ يسكت حتى يلحق به الفرقة الثانية على ما استقر به المصنف في الذكرى و حينئذ فعلى التقدير الاول أيضا يمكن ادراك الفرقة الثانية كمال التشهّد الاول مع الامام بل نقول على التقدير الآخر أيضا كما يمكن ان تدرك الفرقة الاولى مع الامام كمال التشهد الاول كما ذكرت بان ينتظر الامام الفرقة الثانية في قراءة الثالثة كذلك امكن ان لا تدركوا الّا نذرا يسيرا منه فانه يجوز للامام اطالة التشهد حتى تفرق الفرقة الاولى من الصّلاة و تلحق الفرقة الثانية به كما حكم به العلّامة فليس بين التقديرين فرق يعتد به في هذا المعنى هذا و يمكن الايراد على ما ذكره الشارح بوجه آخر و هو انه اذا جاز سكوت الامام فلا يبعد على التقدير الآخر جواز ان يسكت قبل التشهد حين تلحق به الفرقة الثانية في التشهد الاول او الثانى ثمّ يتشهد معهم و حينئذ فعلى الاول يكون التكليف الثانية للجلوس للتشهد الاول مع الامام فلا يتمشى ما ذكره و على الثانى و ان لم يتشهّدهم الاول مع الامام لكن يكون تشهّدهم الثانى معه فيعارض ذلك كون تشهدهم الاول مع الامام على التقدير الاوّل فتأمل

[الفصل العاشر في صلاة المسافر]

قوله او بلدة التى لا يخرج عن حدوده

عطف على مفعول استوطنه كما قال سلطان العلماء او على قوله ملكه لكن حينئذ يفوت التعرض للتعميم في الاستيطان و على الاول يفوت التعرض للتعميم في البرور على المنزل الظاهرة المرور على المنزل نفسه و لا يشمل المرور على موضع لا يكون في محله الترخص بالنسبة اليه فافهم ثمّ الظاهر على الوجه الاول عود الضمير في بلده الى العقار و على الثانى يحتمل عوده اليه و الى المتاخر أيضا و لترجيح كل منهما وجه يظهر بالتامّل فتأمل

قوله او يمضى عليه اربعون يوما

و ذلك لان مناط رفع كثرة السّفر هو ان يتم الصّلاة عشرة ايّام في موضع يقصر فيه المسافة فاذا مضى عليه ثلثون متردّدا يبتدئ بالتمام و بعد اكمال الاربعين يتم التمام عشرة ايام فيرتفع كثرة السفر و من هذا يظهر ان ما ذكره اوّلا من تعريف كثير السفر لا يخلو عن قصور و كانه اكتفى به هناك اعتمادا على ما ذكره هنا فتأمل

قوله و يشترط ح

اى في صورة العكس و هو ان تزول قصد المعصية في الاثناء كون الباقى مسافة و لو بالعود اى و لو منضما الى العود لا يضمّ ما في الذهاب و هو ما مضى من الذهاب اليه اى الى الباقى المذكور و الحاصل انه لا يكفى بلوغ المسافة بضم شي ء مما مضى من الذهاب بل لا بد من عود الباقى اليها امّا منفردا او مع ضمّ العود و فيه ردّ

ص: 285

على المصنف في الذكرى حيث قال و لو قصد المعصية في اثناء السّفر المباح لقطع ترخّصه فلو عاد الى الطاعة فالظاهر انه يعود ترخّصه و لا يشترط مسافة متجدّدة لانّ المانع كان المعصية و قد زالت و لا يخفى ان الظاهر من كلامه و ان كان كفاية بلوغ المجموع من سفره اى ما قصد به المعصية او غير مسافة لكن الظاهر انه لم يقل به قبل مراره كفاية بلوغ المجموع من سفره اى ما قصد به المعصية او غيره مسافة لكن الظاهر انه لم يقل به قبل مراره كفاية بلوغ المجموع لا قصد به المباح اولا و آخرا فانه حكم قبل ذلك متّصلا به بانه لو رجع عن المعصية في اثناء السفر اعتبرت المسافة حينئذ فلو قصر الباقى اتمّ انتهى و ظاهر انه مع تجويز ضم ما قطع بعنوان المعصية لا وجه لما ذكره و تجويز ذلك في الفرض الثانى دون الاول مما لا وجه له اصلا فالظاهر ان مراده ما ذكرنا و كيف كان فالش هاهنا لما حكم بعدم الضّم لم يكن عليه ان يفيد باقى الذّهاب بالمباح بل الحكم بالعموم اولى و ان كان القائل بالضّم يقول به في بعض الصّور فتدبّر هذا هو الظاهر من السّياق و لا يخفى ان الحكم بضم العود هاهنا لا ينافى ما سبق منه من عدم الضم لتخالف المسألتين بانه في المسألة الاولى لم يقصد المسافة في السّابق فلم يصدق عليه المسافة اصلا و هاهنا تحقق المقصد و صدق السفر و لكن بعنوان المعصية فلا يبعدان يحكم فيه لوجوب القصر اذا زال المانع مع بلوغ المنافى المسافة ذاهبا و آئيا بخلافه هناك فان ما يعد تحقق القصد هو اوّل السّفر و لا نزاع في عدم تلفيق المسافة من الذهاب و العود في اول السفر لا لمريد الرّجوع من اليوم بخلاف ذلك في الاثناء أ لا ترى انه قد حكم جماعة منهم العلّامة بان المسافة اذا قام في غير بلده عشرة ايام ثمّ خرج ما دون المسافة عازما للعود بدون الاقامة يقصر ذاهبا و آئيا و انت خبير بانه ليس ذلك الا باعتبار ضمّ الذهاب الى العود هذا لكن الظاهر من فتاوى الشارح انه لا يقول بضم الذهاب الى العود اصلا و حينئذ فيجب ان يحمل قوله و لو بالعود على ان المراد و لو بعنوان العود اى و لو كان الباقى هو مسافة العود فانه يجب عليه التقصير فيه و حينئذ فلك ان يحمل قوله لا يضم الى آخره على ما يتبادر اليه الأفهام من ان المراد لا يضمّ باقى الذهاب الى العود ليكون المجموع مسافة بناء على ما ذكرنا من انه لا يقول بالتلفيق لكن كان الظاهر على هذا ان يقول ان لا يضمّه اليه و لم يكن حاجة الى التصريح بباقى الذهاب فهذا ربما يؤيّد حمله على هذا أيضا على ما حملنا او لا هذا مع ان من المستبعد من داب الشارح و ديدنه ان لا يتعرّض في هذا المقام للرّد على ما ذكره المصنف او القبول له من المستبعد ايضا ان يكتفى في الرّد بما يمكن ان يستفاد من اشتراط كون الباقى مسافة بدون التصريح لانه لا يكفى ضم ما مضى اليه كما يشهد به المنع و لا مسئلة عدم ضم العود الى الذهاب فكانها ليس الاهتمام و بالتعرّض لها في هذا المقام بتلك المثابة فتأمل

قوله و ان يتوارى عن جدران بلده

مستندا الحكم صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام رجل مريد السّفر فيخرج متى تقصر قال اذا توارى من البيوت فظاهر الرواية و كذا عبارة المصنف هنا كما ترى اعتبار موارات الجدران اعتبارها عنه بان لا يراها بينهما من البون ما لا يخفى

قوله و مستند الحكم

اى الحكم بالتمام في هذه المواطن محلّا على وجه يحتمل ان يكون على سبيل التخيير كما هو المشهور او التحتم كما هو ظاهر المرتضى رحمه الله و اما اختيار كونه على سبيل التخيير فللجمع بين تلك الاخبار و الاخبار الدّالة على وجوب التقصير في بعض الاخبار أيضا ما يدلّ على التخيير و افضلية الاتمام

قوله و في بعضها انها من مخزون علم اللّه

هو رواية حماد بن عيسى عثمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال من مخزن علم اللّه الاتمام في اربعة مواطن حرم اللّه و حرم رسوله و حرم امير المؤمنين و حرم حسين بن على عليهم السلام و قد حكم العلّامة في المختلف لصحة الرّواية قال في المدارك و هو غير بعيد

[الفصل الحادي عشر في الجماعة]

قوله في صلاة العيدين

على نسخة العيدين يكون قياسا و على نسخة العيد لا يخلو عن وجه لورود ما يدل على شرعية الجماعة في العيد على الاطلاق لكنّه لم يحضرنى الآن من الرّوايات ما يدلّ عليها نعم ورود ما يدل على شرعية الجماعة في النافلة على الاطلاق و نقل العلامة في المختلف و كره عن ابى الصّلاح انه روى استحباب الجماعة في صلاة الغدير

قوله لكن على وجه الكراهة

اى لكن جعلها على وجه الكراهة و الاظهر ان يقال على الوجوب و الاستحباب

قوله للامر بالانصات لسامع القرآن

قال سلطان العلماء رحمه الله لا يخفى انه لو تمّ لدلّ على حرمة القراءة في غير صورة الاتمام أيضا لو سمع القرآن و الحكم به بعيد الا ان يقال انه خارج بالاجماع فيبقى الدليل فيما نحن فيه تماما فتأمل انتهى اقول و كذا الحديث الصحيح الدال على ان المراد بالآية الشريفة هو حال قراءة الامام فتدلّ الآية على ما نحن فيه بلا اشكال

قوله او في الفريضة غير مقصورة

و هذا على ما اختاره في البيان

قوله بالمهاجر و هو المدنى المقابل للاعرابى

المشهور بين اهل اللغة ان المنسوب الى المدينة المعروفة و مدنى و الى غيرها مدنى و قيل الانسان مدنى كالطّاير و نحوه مدنى و لعلّ بناء كلام الشارح على هذا

قوله او على من عرف ذلك

الظاهر حذف على كما لا يخفى

قوله و هو الذى يبدل حرفا بغيره

هكذا فسّره الشيخ في المبسوط و في الذكرى و هو الذى لا ما يجعله قاله الفراء و في المدارك هو الذى يجعل الراء عينا او لاما و في القاموس بالضم محرك اللسان من السّين الى التاء او من الراء الى الغين او اللام او الياء او من حرف الى حرف او ان لا يتم دفع لسانه و فيه ثغل ثغَّ كفرح فهو الثغ

قوله و بالمثنّات من تحت و هو الذى لا يبيّن الكلام

و فرق او يرجع كلامه الى اليا و هو الذى لا يحسن تأدية الحرفين الى التّاء و الفاء و هذا التفسير من الشيخ رحمه الله في المبسوط و قال في المعتبر و امّا التّمتام و الفاء فالاتمام بهما جائز لانه يكرّر الحرف و لا يسقط و على هذا فالتمتام هو الذى يكرر الفا اى لا تيسّر لهما الثاء و الفاء الّا بتردّدهما ممر بين فصاعدا كما صرح به في التذكرة و حكم فيه بكراهة الاتمام بهما لمكان هذه الزيادة و ذكر في الشرائع التمتام مثال لما يبدل الحرف و في الصّحاح ان التمتام الذى في لسانه تميمة و هو الذى يرد و في التاء و هو يوافق ما في التذكرة و في القاموس التمتمة ردّ الكلام الى التاء و الميم او ان يسبق كلمة الى حنكه الاعلى فهو تمتام و المعنى الاوّل يوافق ما في الشرائع و في الصّحاح رجل فافاء على وزن فعلال و فيه فافأة و هو ان يرد في الفاء اذا تكلم و هو أيضا يوافق ما في التذكرة و فرق الفافا كفدفد و بلبل مردد الفاء و يكثر في كلامه و هذا يحتمل الترديد و التبديل جميعا فلا تغفل

قوله اولى منهم و من الراتب

لا يخفى ان اولويّة صاحب المنزل في منزله و الراتب في مسجده فلو صلّى الراتب في المنزل فلا اولويّة له فلو لم يتعرّض لكون صاحب المنزل اولى من الراتب لكان اولى فافهم

قوله و اولوية هذه الثلاثة

اعترض بان هذا اجتهاد في مقابلة النّص و اشار الى النقل الذى هو مستند الحكم بالاولوية و هو قوله عليه السلام في رواية ابى عبيدة لا يقتد من احدكم الرّجل في منزله و لا صاحب سلطان في سلطانه

[كتاب الزكاة]

[الفصل الأول تجب زكاة المال على البالغ العاقل]

قوله و ان اذن له المولى لتزلزله

لاحتمال الرّجوع و لا يخفى ضعف التمسّك بمجرد امثال هذه التعليلات نعم يمكن التمسّك بما رواه الفقيه في الصحيح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته رجل و انا حاضر عن مال مملوك

ص: 286

عليه زكاة قال لا و لو كان له الف درهم و لعلّ مراد الشارح ذكر النكتة بعد ورود النصّ

قوله و تانيثها هنا تبعا للنّص

حيث قال خمس بدون التاء و مثلها في الغنم حيث قال احدى و واحدة و قد يجعل التأنيث باعتبار لفظ الابل حيث ذكر الجوهرى انها مؤنثة لانّها لا واحد لها من لفظها و اسماء الجموع التى لا واحد لها من لفظها اذا كانت لغير الآدميّين فالتانيث لازم لها و كذا في الغنم باعتبار لفظ الغنم حيث ذكر الجوهرى انه اسم مؤنث موضوع للجنس حيث يقع على الذكور و الاناث و هذا اقرب مما ذكره الشارح كما لا يخفى

قوله بزيادة واحدة

قال بعض الفضلاء و قد يظن ان هذا لا حاجة اليه ضرورة ان الستة و العشرين بزيادة واحدة و دفعه ان الغرض الردّ على العامة حيث اكتفى في الزيادة بالجزء من واحد كما نقله في التذكرة بعد ان قال لو كانت الزيادة بجزء لم يتغيّر الغرض اجماعا و فيه ان هذا انما يتم لو قال المصنف فان زادت عن الخمس و العشرين فبنت مخاض لان الزيادة يتحقق بالجزء الواحدة امّا بعد قوله ستّ و عشرون فلا و دفعه ان هذا في دفع مجرّد الوهم كاف او يقال ان العامة يعدون ستّا و عشرين و الامر سهل انتهى و فيه ان في التذكرة و غيره نقل الاكتفاء في الزّيادة بالجزء من واحدة عن بعض العامة و هو ان ابن سعيد الاصطخري في الزيادة على المائة و العشرين لانّها بل ظاهر كلامهم اتفاقهم على عدم كفاية زيادة الجزء فيما سواه من الفروض فجعل غرض الشارح في هذه الزيادة هنا الردّ على العامة مما لا وجه له نعم لو جعل الفرض التصريح بما ظهر من المتن من اشتراط زيادة الواحدة و التأكيد له حتى لا يتوهم كفاية زيادة الجزء من واحدة كما وقع لبعض العامة في مسئلة المذكورة لكان له وجه و ان بعد و الامر هيّن

قوله و لو لم يطابق احدهما يجزى اقلّهما عفوا

قال سلطان العلماء اى لا يجزى غيره فيجب اعتبار اكثرهما استيعابا مراعاة لحق الفقراء كما يفهم من كلامه في شرح الشرائع و غيره و ان كان في العبارة قصور و الأولى يجب بدل يجزى انتهى و الظاهر ان لفظ يجزى تصحيف و الصواب تجزى و حينئذ فلا قصور في العبارة

قوله اذ لا قائل بالواسطة

بين الثّلاثمائة و واحدة و أربعمائة بان يوجب الاربع فيهما و يوجب الثلث فيما بينهما او بين القول بالوجوب الاربع في الثلاثمائة و واحدة فصاعدا الى ان يبلغ خمسمائة و القول بوجوب الثلث فيهما الى ان يبلغ أربعمائة بان يوجب الاربع فيها و يوجب الثلث بعدها الى أربعمائة و بالجملة فلما حكم المصنف بوجوب الاربع في الثلاثمائة و واحدة يظهر من انّ بعدها أيضا يوجب الاربع الى خمسمائة لظهور انه لا قول بوجوب الاربع فيها و الثلث فيما بعدها فافهم

قوله و منه يظهر فائدة النصابين

قال سلطان العلماء رحمه الله اى تعدّد النصّابين انتهى و كانه حمل النصّابين على ثلاثمائة و أربعمائة على المشهور او الاول مع مائتان و واحدة على القول الآخر و حينئذ فالمراد فائدة تعدّد النّصابين كما ذكر و الاظهر ان المراد بهما النصاب الاخير في كل قول اى الاربعمائة على المشهور و الثلاثمائة و واحدة على القول الآخر و حينئذ فلا حاجة الى ما ذكره

قوله فان وجوب الاربع

و اذا جعل أربعمائة نصابا آخر كما هو رأى المصنف رحمه الله فلو تلف منها شي ء يسقط من الزكاة بالنسبة و ان بقي الثلاثمائة و واحدة بحالها و اذا لم يجعل نصابا على حدة فلا يسقط شي ء لبقاء النصاب و هو ثلاثماةة و واحدة بحاله و الباقى حينئذ عفوا الى خمسمائة و من هنا يظهر ان كثرة الغنم ربما يوجب نقصان المستحق لانّه على رأى المصنف اذا نقص من الاربعمائة و خلف شي ء لم يسقط من الزكاة شي ء لبقاء النّصاب و اذا بلغ اليها و تلف شي ء يسقط من الواجب بحسابه كما ذكرنا على هذا فقس القول الآخر فتدبّر

قوله و علم القابض بالحال

عطف على قوله بقائها و في العبارة قصور اذ مع عدم بقاء العين كيف يمكن له استرجاع و ان فرض علم القابض بالحال و لعل المراد انّ له حينئذ طلب العين فاذا تحقق تلفه فله المثل او القيمة

قوله و على الأولين

قال سلطان العلماء رحمه الله اما على المذهب الاول فلان السّخال حينئذ في نفسه مشتمل على الاربعين و امّا على المذهب الثانى فلإكمال النصاب الذى بعد نصاب الامّهات لكن حينئذ هل يجب ما يجب في النصاب الثانى اى الشّاتان و شاة واحدة عبارة الشارح اعلى اللّه درجته دالّ على الثانى حيث قال يجب آخرون و وجهه انه على هذا المذهب بعض الحول مشترك بين الاولى و الثانية و قد يجب واحدة عند تمام حول الاولى و الحول الثانى يحول على شي ء يزكّى بعضه في بعض الحول الاول و هو الامّهات فلا يجب ما يجب لاجل النصاب الثانى بالتمام فيجب واحدة اخرى بازاء تتمة حول الامهات و كل حول السخال فتدبّر انتهى و الظاهر ان الاحتمال الثّانى و هو ان يكون لكل منها حول بانفراده كما في صورة المستقل فيخرج عند انتهاء حول الامهات شاة و عند انتهاء حول السّخال شاة اخرى و هكذا دائما مثلا اذا كان ابتداء حول السّخال في المثال المفروض بعد ستة اشهر من حول الأمّهات و في كل ستة اشهر يجب شاة هذا و امّا ما ذكره هذا الفاضل من انه بناء على هذا الاحتمال يخرج عند انتهاء الحول الثانى شاة لتتمة حول الامّهات و تمام حول السّخال فبعيد جدا كما يظهر يشهد به المتامل و ابعد منه ما احتمله اولا من اخراج شاتين في الحول الثانى كما يظهر أيضا بالتامل لكن صاحب المدارك جعل احد الاحتمالات ذلك فكانه حمل هذا الاحتمال الثانى في كلام الشارح هنا و في شرح الشرائع عليه و الا لكان عليه ان يتعرض له أيضا هذا و لما كانت الاحتمالات المذكورة منها مخرجة فعليك بالنظر في المقال الا الى من قال فانظر فتبصّر

قوله و الدرهم نصف المثقال و خمسه

و ذلك لان الدرهم اذا كسر اسباعا فهو سبعة اسباع و المثقال زائد عليه بثلث اسباع كما مرّ فالمثقال عشرة اسباع درهم و نصفه خمسة اسباع و خمسة سبعان و المجموع سبعة اسباع تمام الدّرهم

قوله و قد استفيد من فحوى الشرط

لعلّه لم يرد به المعنى المصطلح و هو المفهوم الموافق كما هو المفهوم من لفظ الفحوى بل اراد بفحوى الشرط و هو مدلول الشّرط و غرضه رحمه الله انه يستفاد من هذا الاشتراط ان تعليق الوجوب هو عين الانعقاد و ذلك لان الشرط في وجوب الزكاة انما هو التملّك حين تعلّق الوجوب فمن ذهب الى ان تعلّق الوجوب هو حين الانعقاد فيشترط التملك قبله فاذا ملك قبله كان الزكاة على المشترى و بعده على البائع و من ثمّ ذهب الى ان وقت الوجوب هو صيرورة احد الاربعة اشتراط التملك قبل ذلك الوقت فاذا ملك قبل الصّيرورة كان الزكاة على المشترى و بعده على البائع هذا و لو حمل فحوى الشرط على المفهوم المخالف بقرينة لفظ الشرط لامكن توجيهه بان يقال قوله و يشترط التملك قبل انعقاد الثمرة يرجع الى قولنا و يجب الزكاة ان يملك قبل الانعقاد و منطوق ذلك صحيح على المذهبين و لكن مفهومه المخالف و هو عدم الوجوب بعد ذلك انما يصح على مذهب من يقول متعلق بوجوب وقت الانعقاد او من يجعل وقت الوجوب هو عين للصيرورة فلو ملك بعد الانعقاد قبل الصيرورة فيجب الزكاة ايضا على المشترى عنده هذا و لا يخفى ما فيه من التعسّف فان مفهوم الشرط اصطلاحا هو ما اذا كان بلفظ ان و نحوه و امّا اذا خرج بلفظ

ص: 287

الاشتراط كما فيما نحن فيه فدلالته على عدم الحكم عند عدم الشرط بالمنطوق فارجاعه الى المفهوم تعسّف جدّا فتأمل

قوله و مضروب ستّين

قال سلطان العلماء رحمه الله لما كان المنّ المعمول الشاهى بدار السّلطنة اصفهان في سنه ثلثين و الف عبارة عن الف و مائتى مثقال صيرفى كل واحد ضعف درهم شرعى يكون النّصاب في الغلّاة على ما ذكره مائة و ستّة و اربعين منّا و ربع منّ بالمنّ المذكور فتدبّر انتهى و لا يخفى ما فيه فان عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعيّة كما هو المشهور المعروف و المثقال الشرعى ثلاثة ارباع الصيرفى فزيد المثقال الصّيرفى على درهمين و الا لكان عشرة دراهم ستة مثاقيل و ثلثى مثقال شرعى فالصّحيح على ما ذكروا من ان الصّاع تسعة ارطال بالعراقى و ما هو المشهور من ان الرطل العراقى مائة و ثلثون درهما فهو الف و مائة و سبعون درهما كما ورد في بعض الأخبار ان الصّاع ثمانمائة و تسعة عشر مثقال شرعى و هو ستّمائة و اربعة عشرة مثقال صيرفى و ربع مثقال فيزيد على نصف المنّ الشّاهى اربعة مثقال و ربع مثقال صيرفى و يصير النصاب مائة و ثلاثة و خمسين منّا و ستمائة و خمسة و سبعين مثقالا صيرفيا و هى نصف منّ و ثمنه بالمن المذكور فاعتبر فتبصّر

قوله و المخرج من النصاب و ما زاد العشر ان سقى بالماء سيّما الماء الجارى

قال في شرح الشرائع اعلم انه قد يورد على التفصيل سؤال و هو ان الزكاة لا تجب الا بعد اخراج المؤنة فأيّ فارق بين ما كثرت مئونته و قلّت و اجيب بان ذلك مدافعة للنص فلا يسمع و يمكن بيان الحكمة بان ما احتاج الى مؤنته كثرة فانّها و ان استثنيت الا ان اخراجها معجل و استثنائها فلا يجره فناسبت الحكم التخفيف على المالك لما عجّله من الغرامة و ان استعمال الاجزاء على السقى و الحفظ كلفة متعلّقة بالمالك زائدة على بذله الاجرة فناسب الحكم بالتخفيف انتهى اقول و أيضا منفعة المالك هى ما يبقى بعد اخراج المؤنة و ظاهر انه اذا كثرت المؤنة بكون ما يبقى له بعد المؤنة اقلّ ممّا يبقى فيما قلّت المؤنة فناسب ذلك التخفيف له على انّ القلّة فيما سقى بالدّلو و نحوه اقل عادة مما سقى سيحا و نحوه فناسب ذلك التخفيف فيه أيضا فافهم

قوله و الزمان

اى و يحتمل اعتبار الزّمان و قوله مطلقا متعلق بكلا الاحتمالين ففى المسألة ثلاثة احتمالات ذهب الى كل منها جماعة

[الفصل الثاني إنما تستحب زكاة التجارة]

قوله و ان نقص بالآخر

الاظهر ان يقال و ان بلغ بالآخر ليظهر الفرق بين صورة النّفل و الفرض الذى هو الفرض فافهم

قوله من الحصر

دلالة الحصر المذكور على ما ذكره تامّل نعم ربما يفهم ذلك من الاكتفاء بالشروط المذكورة و عدم التعرض لقصد الاكتساب فتأمل

قوله مع احتمال العدم

لا يخفى ان النهى عن النقل على تقدير القول به خارج عن العبادة فلا يدلّ على الفساد و ان قيل به في غيره هذا مع دعوى العلّامة الاجماع على الاجزاء حيث قال في المنتهى لو قلنا بتحريم النقل فنقلها اجراء اذا وصلت الى الفقراء ذهب علمائنا اجمع و للشافعى قولان و عن احمد روايتان انتهى و بعد ذلك فلا مجال لذلك الاحتمال

قوله و امّا نقل قدر الحق

لا يتوهمّن ان هذا تكرارا لقوله و الا فالذاهب من ماله الى آخره لان الاول لبيان سقوط شي ء من الواجب بتقدير النقل بقرينة العزل و الثانى لبيان جواز النقل لماله حيث لم يتحقق العزل و بينهما فرقان كذا قيل

قوله و انما تظهر الفائدة في امور نادرة

قال في شرح الشرائع كما لو نذر او وقف او اوصى للأسوإ حالا فان الآخر لا يدخل فيه و كذا العكس بخلاف العكس فافهم

قوله في صحيحة ابى بصير

فيه مع قطع النظر عن اشتراك ابى بصير ان من جملة رواتها عبد اللّه بن يحيى و كانه الكاهل الغير الموثق نعم قد روى الكلينى هذا المضمون بسند صحيح عن محمّد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام

[الفصل الثالث في المستحق]

قوله لانه قال الفقير الذى لا يسأل

لعل المراد ان الفقير الذى احتياجه بمرتبة يحتاج الى السّؤال و المسكين اجهد منه بان يضطرّ الى السؤال و اللّه تعالى يعلم

قوله و يتحقق مناسبة الحال في الخادم بالعادة او الحاجة

الظاهر انّ المراد انه يعتبر العادة و الحاجة جميعا فلو كفاه الواحد مثلا بحسب عادة امثاله لكنّه يحتاج الى ازيد منه لكثرة خدماته فالمحتاج اليه من المؤنة و كذا في عكسه فافهم

قوله و لو زاد احدها

قال سلطان العلماء رحمه الله الكمية و الكيفية و الكيفيّة او الحاجة و العادة انتهى و في الاحتمال الاخير تامّل فتأمل

قوله لعدم اقتضاء ذلك الاسم

يعنى كون هؤلاء الفرق المستحقين للزكاة لا يقتضى اطلاق اسم المؤلّفة قلوبهم للامكان ردّها ما عدا الاخير الى سبيل اللّه و الاخير الى العمالة فلا ينبغى دخولهم في المؤلفة قلوبهم نسبه المصنف رحمه الله الى المفيد هذا و كان هذا منزل من الشارح و الا فالظاهر انه لا وجه لإطلاق المؤلفة على ما عدا الثانية منهم الا بتكلّف و تعسّف فتدبّر

قوله جعل الرّقاب ظرفا للاستحقاق

يريد ان في الآية الكريمة ادخال اللام الدال على الملكيّة او الاختصاص على الفقراء و ما بعدهم تنبيه على انهم يستحقّون نصيبهم على وجه التملك الاختصاص المطلق يتصرّفون فيه ما شاء و لهذا قيل باشتراط الحرية في العامل لان العبد لا يملك و ان كان فيه ما فيه و ادخال في على الرقاب و ما بعدهم يدل الى انهم ليسوا الّا موضوعا للصّدقة و محلّا لها بحيث يصلح صرفها اليهم في الجملة لا بان يصير ملكا لهم او مختصا بهم اختصاصا مطلقا يمكنهم التصرف فيه كيف شاءوا بل يجب صرفها في كل نصيب الى مصرف خاص ففى الرقاب في عنقهم و في الغارمين في اداء ديونهم و هكذا في سبيل اللّه لانه قد لا يصير الصدقة فيه ملكا لأحد او مختصا به بل يصرف في مصارف عامة كبناء المسجد و في ابن السّبيل فانه لا يصير ملكا لهم بل تاخذ منها ما يليق بحاله من الماكول او الملبوس الى ان يصل بلده فان بقي شي ء من الصدقة يجب عليه ردّها هذا فالمصنف قد تبع الآية الشريفة في افحام لفظه هاهنا و في سبيل اللّه اشارة الى ما ذكر لكن لا يخفى ان ذلك انما يناسب اسلوب الآية الشريفة حيث سبقت لبيان استحقاق الصّدقات و امّا عبارة المصنف رحمه الله فلا لانّه وقعت لبيان المستحق و لا يناسب ان يقال المستحق في الرّقاب و في سبيل اللّه فيبقى حذف حرف الجرّ كما صنع في بعض كتبه هذا و لا يبعد ان يقال ان المعتبر بهذه العبارة مع ان الكلام في بيان المستحق ادخل في التنبيه على ما ذكروا دلّ عليه و ليس ذلك قصورا في العبارة كما لا يخفى و لا يخفى أيضا انّه بناء على ما ذكر كان على المصنف ان يقول و الغارمين حتى يدخل عليه في و يكون على مساق في الرقاب فكانه لم تنبّه بما ذكر من التنبيه او ذهل عنه هناك فتنبّه

قوله و معه من سهم سبيل اللّه

قال في شرح الشرائع هذا التفصيل انما يتوجّه عندنا في نادر بسط الزكاة على الاصناف او لمريد الاستحباب اذا عين السّهم بالنية عند الدفع و الا لم يتوجّه انتهى و على هذا فلو لم يرد البسط فيجوز شراؤه و ان لم يكن في شدة مطلقا و ان وجد المستحق و الظاهر من كلام المشترطى عدم الاستحقاق المستحق في جواز الشراء عند عدم الشدة انه اذا وجد المستحق لم يجز صرف الزكاة اليه اصلا او انه لا يجوز صرف جميعها اليه سواء اراد البسط او لم يرد و ليس في الروايات أيضا ما يدل على هذا التفصيل بل منها ما يدل على جواز شراء العبد من الزكاة مطلقا من غير تفصيل و تعرض لوجود المستحق و عدمه و منها ما لو دل لدلّ على ما ذكرنا انه الظاهر من كلامهم لا ما ذكره الشارح من التفضيل و الاقوى كما ذهب اليه جمع من الاصحاب جواز شراء

ص: 288

العبد من الزكاة مطلقا في شدّة ام لا وجد المستحق ام لم يوجد لكن في صورة وجود المستحق و عدم الشّدة لعلّه يكره ذلك اما مطلقا او صرف الجميع اليه و اللّه تعالى يعلم

قوله و ينبغى تقييده

فيشترط في الحاجّ و الزائر مثلا الفقر و كونه ابن السّبيل او ضعيفا و الفرق بينهما حينئذ و بين الفقير ان الفقر لا يعطى الزكاة ليحج بها من جهة كونه فقيرا و يعطى لكونه في سبيل اللّه كذا افاده في شرح الشرائع و لم اقف على ماخذ ما ذكره في سبيل اللّه في الآية و الرّوايات عام فيجب ابقائها على عمومها و لم يرتكب التخصيص بلا دليل على ما فعله مع ما فيه من التعسّف كما ترى فتأمل

قوله قال المصنف و هو المنقطع به

قال في القاموس انقطع به مجهول عجز عن سفره و على هذا فلا سبيل لإرجاع ضمير به في كلام المصنف الى السّبيل كما رايته بخطّ بعض الاعاظم فتدبّر

قوله الى ان يصل الى بلده و بعد قضاء الوطر

يشير الى انه لا تجي ء عليه المبادرة الى الرجوع الى بلده بل بعد قضاء الوطر المطلوب من السّفر

قوله اشتراط العدالة

فليس ذلك قولا آخر كما ظنه القائل به و مع ذلك فلا دليل على اعتبار العدالة أيضا و بالجملة فلا وجه لهذا القول اصلا

قوله من حيث الفقر

اذا استقر في وطنه و اما اذا اراد السّفر فيجوز اعطاء الزائد على نفقة الحضر من سهم الفقراء أيضا كما يشير اليه آخر

قوله يستلزم الايجاب عليهم

اى على صاحب الاموال و هو ابتداء ممنوع و بعد الطلب لا ينفعها

قوله و غيره مما يتعذر

كانه مرفوع عطف على احتسابها اى جاز الاحتساب و غير الاحتساب أيضا مما يتعذّر الاشهاد عليه كان يعطى الى الفقير خفيّة فلا يعلم الا من قبله و امّا جعله مجرورا معطوفا على الدين فكانه توجيهه يحتاج الى تمحل فتأمل

قوله و قيل تعين لفظ الصّلاة لذلك

اى الاتباع و دلالة الامر او الدّعاء فالأول اظهر

[الفصل الرابع في زكاة الفطرة]

قوله او اسلم الكافر

في اقحام الكفر منها مناقشة اذ الكلام فيما لم يتحقق الشروط عند الهلال ثمّ حضرت بعده و في حق الكافر ليس كذلك كما لا يخفى

[كتاب الخمس]

[و يجب في سبعة أشياء]

[الأول الغنيمة]

قوله و ترجيحهم في ساير المراتب

اى باقى مراتب الترجيح غير التخصيص المذكور يعنى كما يستحب الترجيح بالتخصيص كذلك يستحب في ساير المراتب من الكمية او الكيفية ان لم يخصّصوا ثمّ الظاهر ان الضمير راجع الى اهل الفضال و يحتمل عوده اليهم مع القرابة و الجار هذا هو الظاهر في توجيهه العبارة و ربما يحتمل وجها آخر يظهر بالتامّل فتأمل

قوله من اموال اهل الحرب

فيخرج به ما لم يكن مالهم كان يكون غصبا من مسلم او معاهد او امانته من احدهما و اموالهم تشتمل ما حواه العسكر و ما لم يحوه بخلاف مال البغاة على القول بوجوب الخمس فيه فانه يختص بما حواه العسكر كما قيّده به الشارح

قوله من منقول و غيره

كالارض و العقارات كما صرّح به في هى و غيره و اعلم ان كلامهم في هذا المبحث مطابقة في وجوب الخمس فيها من في الارضين ارضا لكن الذكر في بحث قسمة الاراضى في كتاب الجهاد و احياء الاموات كما سيجي ء في هذا الكتاب اطلقوا انّ الامام يصرف حاصل الاراضى المفتوحة عنوة المحياة حال الفتح في مصالح المسلمين الغانمين و غيرهم و لم يتعرضوا الاستثناء الخمس منها فكانهم نسوا ما ذكروه هاهنا او اعتمدوا عليه ثمّ ان اكثرهم أيضا وقفنا عليه اهملوا حكم الخمس فيها انه هل الامام عليه السلام يقرّره و يقسمه بين اربابه او يبقى متاعا و يصرف حاصله و نماؤه بينهم في كل سنة و كلام العلامة في التحرير في كتاب الاحياء يدل على الثانى فانه ذكر انّ ما اخذ عنوة من الارضين امّا عامرة حال الفتح و امّا الاموات فالعامرة للمسلمين قاطبة المقاتلة و غيرهم و الامام يقبلها لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف او الثلث او غيرهما و على المتقبل اخراج ما قبل به يخرج عنه الامام الخمس لأربابه و الباقى يضعه في بيت المال من المسلمين يصرف في مصالحهم من سدّ الثقور و تجهير العساكر و بناء القناطر و غير ذلك من المصالح و كلام المسالك في بحث الخمس الارض التى هى اشتراط الّذى من مسلم يدل على الاوّل كما سننقله هناك و هو الظاهر كباقى الغنيمة الا ان يظهر دليل يدل في خصوص الارض على ما ذكره و لم يظهر لنا ثمّ انه على الوجهين يتفرّع فروع سنشير اليها في بحث تحليل المساكن زمن الغيبة فانتظر

قوله عند الاكثر

و قيل بوجوب ردّها الى مواليها و اختاره المصنف في هذا الكتاب في كتاب الجهاد و لا حاجة بنا الى تحقيق القول فيه فان ذلك عند حضور الامام و هو اعلم بالحكم

قوله و ما اخرجناه من الغنيمة بغير اذن الامام

اى بسبب ان يكون بغير اذن الامام او بان يكون بالسرقة و الغيلة فيه الخمس أيضا فليس اخراجها لعدم وجوب الخمس فيها بل لانها لا تدخل في الغنيمة بالاصطلاح المشهور بقرينة ما سيذكر في كتاب الجهاد من تسميتها على ما فصّلوه فما اخرج لا يقسم على ما ذكروه لان الباقى بعد الخمس في الاول للامام خاصة و في الثانى لآخذه و اعلم ان المشهور في الاوّل و هو ما يغنم بغير اذن الامام انه للامام و استدلّوا برواية عباس الورّاق عن رجل سماه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا غزوا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام و اذا غزوا بامر الامام فغنموا كان للامام الخمس و هى ضعيفة بالارسال و غيره و ابن ادريس ادّعى الاجماع عليه و المحقق رحمه الله شنّع عليه بعدم ثبوته و يظهر منه في النافع التوقف فيه قال و قيل إذا غزا قوم بغير اذنه فغنيمتهم له و الرواية مقطوعة قال في المدارك و قوى العلّامة في هى مساوات ما يغنم بغير اذن الامام لما يغنم باذنه و هو جيّد لإطلاق الآية الشريفة و خصوص حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرّجل من اصحابنا يكون في ادائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة فقال يؤدى خمسنا و يطيب له انتهى و ما نقله عن العلامة كانه اخذه مما ذكره في كتاب الخمس فانه قال فيه و اذا قاتل قوم من غير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة للامام ذهب اليه الشيخان و السّيد المرتضى و اتباعهم قال الشافعى حكمها حكم الغنيمة مع اذن الامام لكنّه مكروه و قال احتج الاصحاب بما رواه العباس الورّاق و نقل الرواية ثمّ قال و احتج الشافعى لعموم قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ الآية و هو يتناول المأذون فيه و غيره ثمّ اجاب عنه بانه غير دالّ على المط اذ الآية تدلّ على اخراج الخمس في الغنيمة لا على المالك و ان كان قول الشافعى فيه قوة انتهى و ذلك لكنه رحمه الله في كتاب الجهاد من هى قال لو غزا جماعة من الكفار بانفرادهم فغنموا كانت الغنيمة للامام عليه السلام عندنا لان كل من غزا بغير اذن الامام اذا غنم كانت غنيمته للامام عندنا و ظاهر قوله عندنا اتفاق اصحابنا عليه و اعلم ان ظاهر كلام القائلين بان ما غنم بغير اذن الامام عليه السلام له ان كلمة له و عدم وجوب خمس فيه اصلا و اكتفائهم فيه بما اطلقوه اوّلا من وجوب الخمس في الغنيمة بعيد اذ وجوب الخمس فيه مع الحكم بكون كلّه للامام لا يخلو عن غرابة فلو قال بهم لكان عليهم ان يتعرّضوا له و لا يكتفوا باطلاق السّابق على ان في كلام بعضهم لا اطلاق في الاوّل كما في الدروس حيث قال و يجب في سبعة الاول ما غنم من دار الحرب على الاطلاق الا ما غنم بغير اذن الإمام فله او سرق او اخذ غيلة فلاخذه فهو كالصّريح في عدم وجوب الخمس فيه و كلام الشارح في شرح الشرائع أيضا يوافق ذلك فانه قال بعد قول المصنف رحمه الله غنائم دار الحرب اراد بها ما غنم باذن النبيّ و الامام عليهم السلام و الا كان المغنوم باجمعه له كما سياتى و هو اشارة الى ما ذكره بعد مصنفه

ص: 289

بقوله و ما يغنمه المقاتلون بغير اذنه فهو له و قال هذا هو المشهور بين الاصحاب و به رواية مرسلة عن الصّادق عليه السّلام منجبرة بعمل الاصحاب انتهى و بالجملة لم ار في كلامهم التصريح بوجوب الخمس فيها سوى ما ذكره الشارح لكن ما نقلناه عن هى في وجوب الشافعى كانه انما يتم على القول به اذ لو قالوا بعدم وجوب الخمس فاتجه استدلال الشافعى بعموم الآية و لم يتجه ما ذكره العلامة في جوابه بل لا بد في الجواب من التزام تخفيفها بالخبر و اجماع الاصحاب لو كان لكن يبقى حينئذ ما ذكره العلامة من قوة قول الشافعى و لا يظهر له وجه اذ لو قيل بوجوب الخمس فيه أيضا فلا يتجه الاستدلال في ردّه بعموم الآية كما ذكره و لكن يظهر دليل آخر عليه و بهذا يظهر ان ما استدلّ به صاحب المدارك لما استحوذه من اطلاق الآية الشريفة تدل على نفى ذلك القول ثمّ ان القول بوجوب الخمس عليه عليه السلام مع كون كلّه له عليه السلام و ان كان لا يخلو عن غرابة لكن ليس بما لا يمكن القول به فانه يرجع الى القول بان اربعة اخماسه له عليه السلام لوقوعه بغير اذنه و كون الخمس الباقى منقسما بينه عليه السلام و بين ساير الشركاء كسائر الغنائم كانه لا خير فيه كما اذا فرض انه عليه السلام وجد كثيرا او اخذ شيئا من معدن فان الظاهر ان الحكم فيها كما ذكرنا و الرواية المرسلة التى استدلّوا بها و ان كان يتراءى مخالفة ظاهرها له حيث انّ فيها كانت الغنيمة كلها للامام لكن لا يبعد جدّا حمل الكل على ما سوى حصة الشركاء جمعا بينها و بين الادلة الاخرى على انه يمكن ان يكون اطلاق الكل فيها باعتبار ان الخمس أيضا وجب دفعه اليه و ان كان عليه قسمة و يؤيد هذا قوله عليه السلام في آخر الرواية و اذا غزوا بامر الامام فغنموا كان للامام الخمس اذ ظاهره تمام الخمس فلا بد من حمله على ما ذكرنا هذا و امّا الحسنة التى استدلّ صاحب المدارك فيمكن الجمع بينها و بين المرسلة المذكورة المعتضدة بعمل الاصحاب بان اكتفاؤه عليه السلام بالخمس يمكن ان يكون باعتبار عفوه عن حصة الخاص به و هو ما سوى الخمس فلا يلزم منه كون الباقى لهم فتدبّر

قوله و الثانى لآخذه

هذا ممّا لا خلاف فيه و لكن ما ذكره من وجوب الخمس فيه أيضا قد اختلف فيه فكلام المصنف رحمه الله في الدروس كما نقلنا يدل على عدم خمس فيه و كان وجهه عدم دخوله في الغنيمة بمعناها الظاهر قال في المدارك و ربما قيل بالوجوب و يدل عليه فحوى ما رواه الشيخ في الصحيح عن حفص البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال خذ مال النّاصب حيث ما وجدته و اذا ادفع الينا الخمس و عن ابى بكر الحضرمى على المصلّى خذ مال الناصب حيثما وجدت و ابعث الينا الخمس انتهى و المراد بالفحوى هو المفهوم الموافق و فيه تامّل فان الاولوية في غير الناصب من الكفار ممنوع لعدم ظهور وجه لها على انه يمكن ان يكون ايجاب الخمس في مالهم لاهل البيت عليه السلام و اقاربهم و عمّالهم باعتبار نصيبهم لهم عليه السلام و لا يمكن الحكم به في ساير الكفار و أيضا يمكن ان يكون الناصب باعتبار كونهم اشدّ الكفار لا يحلّ مالهم لأحد الا بعد اخراج الخمس منه كالمال المختلط بالحرام بخلاف مال غيرهم من الكفار بان لا يحتاج في حليته لأخذه الى تحليله بالخمس و أيضا كون المراد بالخمس في الروايتين الخمس فيه بخصوصه بمثل الغنيمة كما هو ظاهر القول المنقول غير ظاهر بل يمكن ان يكون المراد الخمس فيه باعتبار كونه من الارباح فتأمل

قوله فيصح اخراجه منها

اى من الغنيمة بالمعنى المشهور هاهنا المراد

قوله يقدم عليه

الظاهر ان المراد ان الاقوى تقديم الجعائل على الخمس فكان الظاهر تذكير الضمير و حمله على انه يقدم المؤن على الخمس كانه باعتباران الغنيمة في الحقيقة هى ما يبقى بعد اخراج المؤن و قيل بتقديم الخمس عليها نظرا الى صدق الغنيمة على الكل ظاهرا و امّا الاحتمال الذى ذكرنا من تقديم الجعائل على المؤن فكانه انما يصح فيما اذا جعل الجعل شيئا معينا من اموالهم فالظاهر حينئذ وجوب اعطائه في الجعالة لا المؤن و امّا اذا جعل الجعل حصة معينة كالعشر مثلا فيجرى فيه أيضا الاحتمالان اللذان ذكرنا في الخمس و المؤن فتفطّن

[الثاني المعدن]

قوله المعدن بكسر الدال

كمجلس من عدن بالمكان اذا قام به في الارض و منه جنّات عدن كذا في شرح الشرائع و لا يخفى ان المناسب على ما ذكره ان يكون المعدن هو الأرض التى هى منبت ما يخرج منها لإقامته فيها لا ما استخرج كما فسّره به هاهنا و في شرح الشرائع و المناسب لذلك ان يقال ان تسميته به لاقامة اهله عنده دائما و في القاموس فسّره بمنبت الجوهر و وجه التسمية باحد الوجهين و هو الوجه

قوله كالملح و الجصّ و طين الغسل و حجارة الرحى

اعلم ان وجوب الخمس في المعادن و هو ممّا لا ريب فيه للاجماع و الاخبار المستفيضة و لا ريب أيضا في صدق المعدن على البعض كمعادن الجواهر و الذهب و الفضة و الحديد و النحاس و امثالها و لكن في صدقه على بعض آخر كهذه الاربعة و امثالها تامّل لكن الملح قد ورد بخصوصه في صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الملاحة فقال و لا الملاحة فقلت ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال هذا المعدن فيه الخمس فقلت و الكبريت و النّفط يخرج من الارض قال فقال هذا و اشباهه فيه الخمس و كذا في التهذيب و في الفقيه نقل الرواية بعينها الا ان فيه بعد قوله فيصير ملحا فقال هذا مثل المعدن فيه الخمس و انت خبير باختصاص هذه الرواية بهذا القسم من الملح و اما الملح الذى يستحيل اليه الجر فالظاهر انه اقرب منه في صدق المعدن اما الثلاثة الاخرى التى ذكرها الشارح رحمه الله فقد جزم في الدروس بكونها من المعدن و توقف في المدارك فيها و في امثالها للشّك في اطلاق اسم المعدن عليها على الحقيقة و انتفاء ما يدل على وجوب الخمس فيها على الخصوص و له وجه و امر الاحتياط واضح و اعلم ان المعدن ان كان في ملك احد فهو ملكه لكن ما اخرجه منه يجب فيه الخمس و لو اخرجه غيره فهو أيضا له و عليه الخمس و ليس للمخرج شي ء و لا ليحتسب حينئذ فعله من المؤنة الا ان يستجيره لذلك فاجرته من المؤنة و ان كان في ارض مباح فمن اخرج منه شيئا فهو له خمسه الا ان يكون استأجره احد لذلك فما اخرجه حينئذ يكون لمن يستأجره و الخمس عليه و ربما توقف بعضهم في صحة تلك الاجارة بناء على ان المباحات تصير بمجرّد الحيازة ملكا لمحرزه فلا تصير ملكا للموجود و هو ضعيف كما سنذكره في الكنز و كذا اذا كان مملوكا فان ما اخرجه لمولاه لان منافعه له و الخمس على المولى كذا اطلقه في كرّه و قال في المنتهى اذا اخرجه على انه للسيّد او للعبد و قلنا ان العبد لا يملك و امّا اذا اخرجه لنفسه باذن المولى و قلنا ان العبد يملك فالصحيح انه كذلك خلافا للشافعى لنا العموم و المحقق الاردبيلى رحمه الله قال في قوله او للعبد و قلنا ان العبد لا يملك تامّل و كان وجهه انه اذا اخرجه لنفسه و قلنا انه لا يملك فالظاهر انه لا يملكه هو لعدم صلاحيته للملك فينبغى ان لا يملكه المولى أيضا لعدم قصده له و فيه انّ الظاهر ان منافع العبد للمولى من غير اعتبار قصد فيه لعدم دليل عليه ثمّ قال و في قوله امّا اذا قلنا انه يملك الى آخره أيضا تامّل لعدم تسليم العموم الشّامل له لصورة النزاع بل ظاهر العموم الدّال على انه يخرج الخمس و كون الباقى للواجد نعم اذا اخرجه مطلقا او باذن السيّد بان يخرج له يكون للسيّد لانه منفعة ماله

ص: 290

و امّا مع الاذن بالاخراج لنفسه مع القول بملكه على ما هو المفروض فالظاهر انه له و حكمه حكم التمليك و يدلّ على الابقاء له عموم المؤمنون عند شروطهم و ذمّ ترك العمل بالقول الا ان يقال انه للسّيد و بمجرد الاذن باخراج ما لم يخرج ما صار ملكا له فتأمل قوله فان كونه للعبد مقتضى القوانين انتهى و يمكن دفع ما ذكره في وجه التأمّل اولا بان ما ذكره العلّامة بناء على ما نقله بكون المخرج بالحقيقة هو السّيد و العبد بمنزلة الآلة فيكون الباقى للمخرج على ما ذكره لكن ما ذكره من الظاهر على تقدير الاذن بالاخراج لنفسه مع القول بتملكه متجه و كانه لا يبعد حمل قول العلامة فالصحيح انه كذلك على ان الصحيح انه كما شرطه يكون للعبد و يجب الخمس لا ان الصحيح كونه للمولى في هذه الصّورة أيضا كما في الصّورتين السّابقتين و حينئذ فيوافق ما جعله هذا الفاضل ظاهرا خلاف الشافعى كانه في هذه الصورة زعمه عدم وجوب الخمس على العبد كما نقله عنه في الفرع السابق عليه القول بعدم وجوبه على المكاتب فاحتج عليه في الموضعين بالعموم و هو متجه فروع الاوّل قال الشيخ يمنع الذمّى من العمل في المعدن لنفسه فان خالف و اخرج شيئا ملك و اخرج خمسه و لم اقف على دليل على ما ذكره من المنع و العلامة في المنتهى نقل عنه ذلك و سكت عن القول فيه و انما تعرض لتحقيق وجوب الخمس عليه على التقدير المذكور فصل الخلاف فيه من الشافعى انه لا يؤخذ منه شي ء ورد عليه بالعمومات الواردة لوجوب الاخراج من المعادن و نقل احتجاج الشافعى بانّ الماخوذ زكاة و لا زكاة على الذّمى و اجاب بمنع المقدّمتين و منع المقدمتين بناء على ما سلف منه من اثبات الخمس و ان الزكاة تجب على الكافر ايضا لما ثبت في الاصول من تكليفهم بالفروع أيضا كالاصول و كون الكفّار مخاطبين بالعبادات و ان لم يصح منهم لانها مشروطة بينة القرية و هى لا تصح منهم و اذا اسلموا اسقطت منهم لان الاسلام يجبّ ما قبله الثانى الظاهر وجوب اخراج الخمس من العين و اخراج القيمة لا بدّ له من دليل و لم يظهر و لم اقف في كلامهم أيضا على التصريح بجوازه بل صرح في المنتهى بان الخمس متعلق بعين المعدن لا بقيمته و ظاهره وجوب دفع العين و ان احتمل ان يكون المراد عدم تحتم دفع القيمة فافهم الثالث الظاهر ان اخراج الخمس بعد تصفيته من الخالص و لو اخرج خمس التراب لم يجز لجواز الاختلاف في الجواهر الا ان يعلم التساوى الرابع الغوص قال في المنتهى و هو كل ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ و المرجان و العنبر و غير ذلك و يجب فيه الخمس و هو قول علمائنا اجمع انتهى و منه يظهر ما في عبارة الشارح من القصور لاحتمالها التخصيص بما عدوه و ما روينا من الاخبار روايات منها صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن العنبر و غوص اللؤلؤ قال عليه الخمس و منها رواية محمد بن على عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألت ابا الحسن عليه السلام عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزّبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل فيه قال اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس كذا في التهذيب و في الكافي هكذا عن محمد بن على عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و المرجان الياقوت و الزّبرجد و عن معادن الذهب و الفضة ما فيه قال اذا بلغ ثمنه دينارا ففيه خمس و منها مرفوعة احمد بن محمد قال الخمس من خمسة اشياء الكنز و المعادن و الغوص الحديث و منها رواية حماد بن عيسى قال روى الى بعض اصحابنا ذكر عن العبد الصّالح ابى الحسن الاوّل عليه السلام قال الخمس من خمسة اشياء من الغنائم و منها الكنوز و من المعادن و الملاحة و في رواية يونس العنبر و ما في بعض كتبه هذا الحرف وحده العنبر و لم اسمعه و لا يخفى اختصاص الصحيحة بالعنبر و غوص اللؤلؤ و ضعف استناد الباقية مع اختصاص الاولى أيضا منها بالثلاثة المذكورة فيها فالتعويل في الحكم بالعموم على الاجماع و الذهب و الفضة التى ليس عليها اثر درهم لم ار هذا التقييد في كلام غيره و لم يذكره هو أيضا في المسالك و كانه اخذه هاهنا مما ذكروه في الكنز حيث اشترط الاكثر فيه ان لا يكون عليه اثر الاسلام و حكموا بانه اذا كان عليه اثر الاسلام فهو لقطة

و سيظهر لك ان هذا الاشتراط هناك ليس له دليل صالح فكيف به هاهنا اذ الظاهر عدم صدق اللقطة ما يخرج من البحر و صدق الغوص عليه فان الظاهر من اللقطة هو ما يؤخذ من وجه الارض و لا يشمل ما يخرج من البحر و امّا الغوص فلا ريب في شموله لكلّ ما يخرج من البحر فالظاهر من كلام العلماء الدّين عدوا احد اقسام ما يجب فيه الخمس الغوص و ادّعوا الاجماع عليه و اطلقوا و لم يتعرضوا لهذا التقييد شمول الحكم للذهب و الفضة المذكورين أيضا و هاهنا كلام آخر و هو انه روى الشعرى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضه بالغوص و اخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال امّا ما اخرجه البحر فهو لاهله البتّة اخرجه لهم و امّا ما اخرجه الغوص فهو لهم و هم احقّ بهم به و ظاهر الشيخ في النهاية العمل بمضمونها فافتى به المحقق أيضا لكن قال بعد و رواية فيه ضعيف و ذكر في المسالك انّ وجه ضعف سندها انّ فيه اميّة بن عمرو هو واقفى و الظاهر ان المراد بالشعر اسماعيل بن زياد و المشهور بالسّكوت و هو عامى لكن لا يلزم من حكم المص لضعف سندها ردّ حكمها لأنّه كثيرا ما يجبر الضعف بالشّهرة و غيرها و الامر كذلك و ابن ادريس ردّ الرواية على اصله و حكم بان ما اخرجه البحر لأصحابه و ما تركه آيسين منه فهو لمن وجده و غاص عليه لانه بمنزلة المباح كالبعير يترك من جهد في غير كلاء و لا ماء فانه يكون لواجده و ادّعى الاجماع على ذلك و الاصح ان جواز اخذ ما يتخلف مشروطة باغراض مالكه عنه قطعا و معه يكون اباحة لآخذه و لا يحل اخذه بدون الاعراض مطلقا عملا بالاصل انتهى و لا يخفى انه على تقدير العمل بالرّواية فلا وجه لما ذكره الشارح هاهنا اصلا و لو لم يعمل به و قيل بما اختاره من التفصيل فالظاهر ان ذلك فيما اذا علم صاحبه و اما اذا لم يعلم صاحبه و لا يظهر طالب فالحكم بوجوب التعريف على ان يظهر له طالب محترم و لم ييأس منه مع ان الظاهر انه ايس و اعرض مشكل جدا لا سيّما اذا لم يقولوا بالخمس فيه للرواية المذكورة و انما قالوا به في غيره مما اخرج بالغوص و لم يعلم انه متى وجد و من اى حصل و يحتمل ان يقال ان عدم تعريفهم له بناء على ما ذكروه في باب الخمس و حكموا به فالغوص مطلقا و لو اراد احد الاحتياط في الذهب و الفضّة المذكورين بما ذكره الشارح أيضا فان الاحتياط ان يعرّفا سنة و ان لم يظهر صاحب خمسه و ملك الباقى انشاء و ان ظهر صاحب فالاحتياط ان يتفقا على اخراج الخمس و يتصالحا في التتمة و من بذل كلّها لصاحبه و لم يأخذ منها شيئا فهو له احوط و القابض كانه اولى بذلك

[الثالث الغوص]

قوله و العنبر

قد اجمع الاصحاب على وجوب الخمس في العنبر و هو منصوص بخصوصه في صحيحة الحلبى التى نقلناها في الحاشية السّابقة و اختلف كلام اهل اللغة في حقيقته فقال في القاموس العنبر من الطيّب روث دابّة بحريّة او نبع عين فيه و نقل ابن ادريس في السرائر عن الجاحظ في كتاب الحيوان انه قال العنبر يقذفه البحر الى جزيرة فلا يؤكل منه شي ء الا مات و لا ينقره منقاره و طائرا لا يصل فيه منقاره و اذا وضع رجليه فيه فصلت اظفاره و حكى المصنف في البيان عن اهل اللغة جماجم يخرج من عين في البحر اكثرها وزنه الف مثقال و نقل في هى عن الشيخ انه نبات في البحر

قوله و المفهوم منه الاخراج من داخل الماء

ص: 291

و ظاهره اخراجه بغوص المخرج في الماء لكن قال في المسالك و في حكم الغوص ما يخرجه من داخل الماء بآلة مع عدم دخول المخرج في الماء فللتأمّل فيه مجال بل لا يبعد ادخال ذلك في المكاسب

قوله و التفصيل حسن

اى التفصيل بانه لو اخرج من داخل الماء و كان غوصا و الا فمن المكاسب و قال الشيخ في المبسوط الحيوان المصاد من البحر لا خمس فيه فان اخرج بالغوص او اخذ تعنا على وجه الخمس و الظاهر ان المراد بالمصاد ان يصاده من وجه الماء بطعنه و ضربة عليه او اخذه منه حيّا او باخراجه من الماء بآلة حينا و بما اخرج بالغوص ان يخرج بدخول الماء و اخراجه منه و ما اخذ قضيا او مذبوحا فكان نظره الى ما يصاد منه على احد الوجوه المذكورة لا تسمى في العرف غوصا بل صيدا بخلاف ما دخل المخرج في الماء و اخراجه بانه يسمّى غوصا و كذا ما اخذ من وجه الماء مذبوحا بناء على ان ما يؤخذ من وجه الماء أيضا غوص اخرج منه ما صيّد منه فيبقى الباقى و قال العلامة في المنتهى بعد نقل كلام الشيخ و فيه بعد و الاقرب الحاقه بالارباح و الفوائد التى يعتبر فيها مئونة السنة لا الغوص كيف كان و لا يخفى ان ما ذكره فيما اخذ مذبوحا على وجه الماء هو الوجه لان المط عدم صدق الغوص على ما اخذ من وجه الماء و امّا ما اخرج بالغوص من داخل الماء ففيه تامّل لصدق الغوص عليه الا ان يقال ان الغوص لا يطلق عرفا على الحيوان و ان اخرج كذلك بل يطلق عليه الصّيد مع انك قد عرفت انه لا نصّ صحيح في عموم الغوص و بعض الاخبار الذى ظاهره العموم ليس بصحيح و تحقيق الاجماع على وجه يشمل الحيوان غير ظاهر فكان الحكم بادخاله في الارباح اظهر و ان كان ما ذكره الشيخ احوط ثمّ ان المحقق الاردبيلى رحمه الله بعد نقل ما نقلنا من المبسوط و هى نقل عن هى أيضا انه قال السّمك لا شي ء عليه و هو قول اهل العلم كافة الا في رواية عن احمد بن عمرو بن عبد العزيز لنا انه صيد فلا شي ء عليه كصيد البرّ ثمّ قال و يمكن ادخاله تحت الفوائد و المكاسب بل صيد البر أيضا خصوصا اذا كان على وجه الكسب و الاكتساب و يدل عليه قوله قبل هذا و الاقرب بالارباح و الفوائد التى تعتبر فيها مئونة السنة الا بالغوص كيف كان الا ان يستثنى بالاجماع فتأمل و سيجي ء دليل الاكتساب و يمكن الوجوب من جهة الغوص ايضا على تقدير اخذه به كما دلّ عليه كلام المتقدم للشيخ الا ان يكون الاجماع اخرجه انتهى و كتبت عليه في سالف الزمان ان عندنا ثلث نسخ من هى و في واحدة منها السّمك كما نقله و في اثنتين منها المسك و هو الصحيح موافقا لما عندنا من كره و كانه ذكر في قسم الغوص مع عدم دخوله فيه استطرادا للعنبر لا يشم منهما من رائحة المناسبة و المراد المسك الذى يؤخذ مع فاره بعيد الظبى الحامل له و قوله كصيد البرّ اى كسائر صيوده او المسك الذى يؤخذ في البرّ من اماكن الظبيات الحاملة له او مماتها و حينئذ فلا يحتاج الى التمحّل المذكورة و قال في التذكرة لانه من الصيد فلا شي ء عليه فيه و على هذا فلا ينافى ما نقله سابقا من الشيخ و لا حاجة الى التمسّك بخروجه بالاجماع نعم فيه أيضا على الوجهين و يجوز في مطلق الصّيد احتمال الالحاق بالفوائد لو قيل بالتعميم فيها لكل ما يستفاد و يمكن ان كلامه على وجه عدم وجوب الخمس فيه بخصوصه كما تعتبر فتدبّر انتهى و في هذه الاوان رايت ان الشيخ ذكر في الخلاف ان كل ما يخرج من البحر من لؤلؤ او مرجان او درّ او عنبر او ذهب او فضّة فيها الخمس الا السمك و ما يجرى مجراه و نقل ذلك عن بعض العامة و نقل عن الشافعى و مالك و ابى حنيفة و محمد بن الحسن ان كل ذلك لا شي ء فيه الا الذهب و الفضة فان فيهما الزكاة و قال دليلنا اجماع الفرقة فانهم لا يختلفون فيه و أيضا قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ و هذا غنيمة و على ما نقلنا فلا يبعدان يكون استثناء السّمك اجماعيا و يصحّ نسخة السّمك أيضا ثمّ لا يبعد استثناء من باب وجوب الخمس فيه بالخصوص فلا ينافى دخوله في الارباح و وجوب خمسها فيه أيضا و قال المصنف في الدروس و صيد البحر يلحق بالمكاسب على الاصح و في قول لا خمس فيه و في وجه من الغوص و قال في البيان الحيوان المصيد من البحر من الارباح و قال الشيخ لا خمس فيه و الظاهر انه اراد نفى كونه من الغوص و كان بعض من

عصرناه يجعله من الغوص و منه يظهر انه لا اجماع في صيد البحر فيكون ما ذكره الشيخ رحمه الله في الخلاف فتوى منه و حينئذ فالصحيح في عبارة هى هو المسك كما ذكرنا لا السّمك فتدبّر

[الرابع أرباح المكاسب]

قوله ممّا يكتسب من غير الانواع المذكورة قسيمها

و امّا ما اكتسب من تلك الانواع فهو داخل فيها فلا حاجة الى جعله قسمة على حدة بل لا يصح لاختلاف هذه القسمة مع ساير الاقسام في الشرائط فلا يصح ادخال ما دخل فيها فيه و هو ظاهر و بعض اعاظم الفضلاء لما رأى صدق ذلك على الميراث و الصدقة و الهبة مع انّه سيجي ء الخلاف فيها فلا يحسن الحكم بالجزم هاهنا بالعموم جعل قوله قسيمها تخصيصا المكاسب بما جعلوه قسيما للانواع السّتة المذكورة بان يكون منصوبا على الحال او مجرورا بالبدلية من غير الانواع و لا يخفى ان هذا مع ما فيه من التعسّف فيه ما فيه اذ الغرض تعريف هذا القسم و اذا عرف بهذا الوجه فلا يخرج عن الجهالة لانا لا تعرف بعد ان ما جعلوا لها قسيما ما هو بل ليس الكلام الا في تعينه و تميزه و امّا ما بعثه على ذلك فالامر فيه هيّن اذ يمكن ان يكون اجماله هاهنا بناء على ما سيفعله بعد ذلك او يكون بناء على ان مختاره الوجوب فيها أيضا او بناء على ان منشأ الخلاف هناك دخولها تحت الاكتساب و عدمه فمن قال بدخولها فيه اوجب الخمس فيها و من لم يقل لم يوجبه و لهذا رجّح هناك القول بالوجوب لظهور كونها من الاكتساب و على هذا فعلى القولين يصحّ ما ذكره من الكلية فافهم ثمّ ان العلامة في التذكرة و المنتهى نقل الاجماع على ذلك قال في التذكرة الصّنف الخامس اى مما يجب فيه الخمس ارباح التجارات و الصّناعات و الزّراعات و ساير الاكتسابات بعد اخراج المؤنة السّنة له و لعياله عن الاقتصار من غير اسراف و لا يقتصر عند علمائنا كافة خلافا للجمهور كافة و قال في المنتهى الصنف الخامس ارباح التجارات و الزراعات و الصّنائع و جميع انواع الاكتساب و فواصل الاقوات من الغلّات و الزراعات حسن مئونة السّنة على الاقتصاد فهو قول علمائنا اجمع و قد خالف فيه الجمهور كافة انتهى و الشيخ أيضا ادعى الاجماع على ذلك في الخلاف و كذا ابن زهرة في الغنية و لكن المحقق في المعتبر نقل الخلاف فيه فانه قال الرابع ارباح التجارات و الصّنائع و الزراعات و جميع الاكتسابات و قال كثير من الاصحاب فيها الخمس بعد المؤنة على ما يأتى و قيل ابن ابى عقيل و قد قيل الخمس في الاموال كلها حتى على الخيّاط و التجار و غلّة الدار و البستان و الصنائع في كسب جديدة لان ذلك من اللّه و غنيمته و قال ابن الجنيد و اما ما استفيد من ميراث او كديدن او صلة اخ او ربح تجارة او نحو ذلك فالاحوط اخراجه لاختلاف الرواية في ذلك و لان لفظ قرضه يحتمل هذا المعنى و لو لم يخرجه الانسان لم يكن كتارك لزكاة التى لا خلاف فيها انتهى و لا يخفى ان ظاهر كلام ابن الجنيد وجود الخلاف فيه و صريح في عدم حكمه بالوجوب و كذا ظاهر كلام ابن ابى عقيل حيث نسب الحكم الى القيل و لهذا قال المصنف في البيان و ظاهر ابن الجنيد و ابن ابى عقيل العفو عن هذا النوع فانه لا خمس فيه و كان مراده بالعفو عفو اللّه تعالى عنه

ص: 292

و عدم ايجابه فيه فيكون قوله عليه السلام و انه لا خمس للتفسير لا ظاهره و هو عفو الائمة عنه بعد وجوبه من اللّه تعالى فانه لا ظهور لكلامهما فيه الا ان يبيّن ذلك على عموم الآية الكريمة و شمولها للجميع فلا بد ان يكون اسقاطه فيه على تقدير القول به بعنوان العفو عنهم عليه السلام و حينئذ فيكون و انه لا خمس فيه اى بعد العفو لكن فيه ان قولهما بعموم الآية غير ظاهر لاحتمال ان يجعلاها مختصة بغنيمة الجهاد و يعتقدا ثبوت الخمس في غيرها بالاخبار و يعتقدا عدم وجود اخبار ثبت لها الحكم في هذا الصنف فلم يحكما بالوجوب فلا يلزم ان يكون ذلك بعنوان العفو و كيف ما كان فيظهر منهما الخلاف فلا ثمرة مهمّة في تحقيق انه على أيّ وجه من الوجهين المذكورين و العجب من العلامة انه مع نقله الاجماع كما نقلنا عنه نقل في هى عن بعض الفروع ما نقل من عبارة ابن الجنيد و لم يتعرض اصلا لمنافاته للاجماع الذى نقله و دفعها و نقل أيضا عبارة ابن ابى عقيل و لكن بدون قوله و قد قيل على ما نقله لا ينافى الاجماع الذى نقله ثمّ انه قال بعد نقلها و يدل عليه قوله عليه السلام في رواية عبد اللّه بن سنان حق الخياطة ليخيط قميصا الى آخره و لا يخفى انه لا وجه لنقلها و لا الاستدلال لها فانه موافق لما ذكره هو و ادعى عليه الاجماع و استدل عليه بالرّوايات فلا وجه لذكر عبارته بالخصوص و الاستدلال لها فتأمل ثمّ انهم احتجوا لذلك تارة للاجماع و قد عرفت ما فيه و قد حكم المص في البيان و تبعه صاحب المدارك بانعقاد الاجماع في الازمنة السّابقة لزمانهما و لا ادرى انهما من اين حكما به و بالجملة فلم يظهر ذلك لنا و تارة بالكتاب و الاخبار امّا الكتاب فبأية الغنيمة وجه الاستدلال كما ذكره في هى ان الغنيمة اسم للفائدة فكما يتناول غنيمة دار الحرب باطلاقها تناول غيرها من الفوائد و فيه ان الظاهر ان الغنيمة كما جاءت بمعنى مطلق الفائدة كذلك جاءت بمعنى خصوص ما اخذ بالحرب قال في القاموس الغنيمة و الغنم بالضم الفي ء و الفوز بالشى ء بلا مشقّة و قال في يه قد تكرّر فيه ذكر الغنيمة و الغنم و المغنم و الغنائم و هو ما اصيب من اموال الحرب و اوجف عليه المسلمون بالخيل و الركاب و في المغرب للمطرزى عن عبيد ما ينل من الشرك عنوة و الحرب قائمة و حكمها ان يخمس و سايرها بعد الخمس للغانمين و الفي ء ما ينل منهم بعد ما يضع الحرب اوزارها او يصير الدار دار الاسلام و حكمه ان يكون لكافة المسلمين و لا يخمس و النقل ما ينقله الغازى ان يعطاه زائدا على سمه و هو ان تقول الامام او الامير من قتل قتيلا فله سلبه اى قال للسرية ما اصبتم فهو لكم او ربعه او نصفه و لا يخمس و عن علىّ بن عيسى الغنيمة اعم من النقل و الفي ء اعم من الغنيمة لانه اسم لكلّ ما صار للمسلمين من اموال اهل الشرك انتهى و قال في مجمع البيان الغنيمة ما اخذ من اموال اهل الحرب من الكفار بقتال و الفي ء ما اخذ بغير قتال و هو قول عطا و مذهب الشافعى و ابو سفيان و هو المروى من ائمتنا عليه السلام و قال قوم الغنيمة و الفي ء واحد و ادّعوا ان هذه الآية ناسخة لآية الحشر مِمّٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ* الآية انتهى و على هذا فلا يمكن الحكم في المعنى العام بلا قرينة و لا قرينة هاهنا بل الظاهر بقرينة الآيات السّابقة و اللاحقة هو ارادة المعنى الخاص و لو سلم ان معناها الحقيقى هو العام فقط فالظاهر منها في الآية هو خصوص ذلك الفرد بالقرينة المذكورة فيشكل الحكم بها في المعنى العام بعمومه و يؤيد ذلك أيضا عند الحمل على المعنى العام يحتاج الى تخصيصات عند الاكثر و هو خلاف الظاهر بخلاف الحمل على المعنى الخاص فانه لا يحتاج الى مخصّص و يؤيده أيضا ان الظاهر من الآية الكريمة ثبوت الخمس في كل شي ء من الغنيمة قلّ او كثر و على تقدير الحمل على غنيمة اهل الحرب يبقى ذلك على عمومه بخلاف ما اذا حمل على العموم فانه لا بد من التخصيص بما اذا بلغ حدّ النصاب في ثلاثة اصناف منها و ربما يبقى بعد المؤنة في الارباح فالحمل على المعنى الخاص انسب بعموم الآية الكريمة على ان كون معناها العام هو مطلق الفائدة تستفاد بلا مشقة فلا يتناول الارباح التى تحصل بالكسب و الحمل و

العجب من صاحب مجمع البيان انه بعد ما نقلنا عنه ذكر في المعنى انه قال اصحابنا ان الخمس واجب في كل فائدة تحصل للانسان من المكاسب و ارباح التجارات و الكنوز و المعادن و الغوص و غير ذلك ممّا هو مذكور في الكتب و يمكن ان يستدل بهذه الآية على ذلك فان في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك الاسم الغنيمة و الغنم انتهى و كانه مراده انها صارت في عرف اللغة ظاهرة في المعنى العام و يتبادر منهما ذلك و لكنه محلّ تامل فتأمل و قد استدلوا من الكتاب بآية يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّٰا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ فالاستدلال على ما ذكره في هى انه قد اتفق اكثر الفقهاء على ان المراد بالمخرج من الارض المعادن و الكنوز و المتفق منها هو الخمس على ما تقدم فكذا في المعطوف عليه انتهى و فيه تامّل فان الظاهر ممّا اخرجنا هو الغلّات و الثمرات أيضا و هو حمله على المعادن و الكنوز جدّا و ما ذكره من اتفاق ذكر الفقهاء اى علماء التفسير على ان المراد به هو المعادن و الكنوز كانه ليس كذلك قال في مجمع البيان انفقوا اى تصدّقوا من طيّبات ما كسبتم اى من حلال ما كسبتم بالتجارة عن ابن مسعود و مجاهد و قيل من حيازة و جيازة و نظيره قوله تعالى لَنْ تَنٰالُوا الْبِرَّ حَتّٰى تُنْفِقُوا في سبيل اللّه مِمّٰا تُحِبُّونَ ثمّ بعد نقل كلام فاختلفوا في ذلك على وجوه فقيل هذا امر بالنفقة في الزكاة عن ابن عبيدة و السّليمانى و الحسن و قيل هو في الصدقة المتطوّع بها لان المفروض من الصدقة له مقدار من القسمة ان قصر عنه كان دينا عليه الا ان يؤدى بتمامه و اذا كان مال المذكى كله فجائز له ان يعطى منه عن الجبائى و قيل و هو الاصح انه يدخل فيه الفرائض و النوافل المراد به الانفاق في سبيل الخير و اعمال البرّ على العموم و فيه دلالة على ان ثواب الصدقة من الحلال المكتسب منه اعظم منه من الحلال الغير المكتسبة و انما كان ذلك لانه يكون اشق عليه و ممّا اخرجنا لكم من الارض اى و انفقوا من الغلات و الثمار مما يجب فيه الزكاة و لا يتمّموا الخبيث منه تنفقون اى لا تقصدوا الرديّ من المال مما اكتسبوه و اخرجه اللّه لكم من الارض فتنفقون منه و قيل المراد بالخبيث هاهنا الحرام يبقى القول الاوّل قوله وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّٰا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ لان الاغماض لا يكون الا في الشي ء الرّدى دون ما هو حرام انتهى و منه يظهر ان المعروف بينهم هو تفسير ما اخرجنا بالغلات و الثمار لا بالمعادن و الكنوز كما ذكره نعم قد احتمل بعضهم حمل الانفاق المذكور على ما يعم الخمس ايضا و حينئذ يكون ما اخرجنا شاملا للكنوز و المعادن و فيه تكلف و اما التخصيص بالخمس و حمل ما اخرجنا على خصوص الكنوز و المعادن فلم اقف عليه في التفاسير المعروفة لا يقال الامر حقيقة في الوجوب فالظاهر حمله عليه و الظاهر أيضا ان حمل الكلام على ما اجمال فيه اولى من حمله على المجمل و حينئذ فالظاهر و حمل الطيب على الحمل و حمل ما اخرجنا على ما ذكرنا وجوب الخمس حينئذ في القسمين بلا اجمال فيه و هذا بخلاف ما اذا حمل على الصدقة المندوبة او الأعم اذ حينئذ لا يمكن حمل الامر على الوجوب و كذا اذا حمل على خصوص الصّدقة للزوم الاجمال لانّها ليست واجبة في جميع ما اكتسب و لا في جميع ما اخرجنا فيكون مجملا لانا نقول حمل الانفاق على خصوص الخمس و حمل ما اخرجنا على خصوص المعادن و الكنوز بعيد جدّا و محل الكلام عليه

ص: 293

ليس باظهر من حمله على الندب او ما يعمّه او حمله على الصدقة الواجبة و ان كان فيه اجمال اذ امثال هذه الاجمال في الكتاب العزيز ليس بعزيز نحو اقسم الصّلاة لدلوك الشّمس الى غسق الليل مع ما فيه من كمال الاجمال بل في اطلاق الانفاق و ارادة الخمس و كذا ارادة المعادن و الكنوز من مطلق ما اخرجنا نهاية الاجمال و أيضا الظاهر من سياق الآية الكريمة انه ليس الغرض الامر بالانفاق الواجب او النّدب بل يكون الانفاق اذا انفقوا بالطيّبات لا بالخبيث اى الحرام او الرّدى و حينئذ لا اجمال فيه غاية الامر انه اذا حمل الطيّب على الجيّد يحتمل الامر على الاستحباب و لا ريب انه اظهر جدّا من حمل الامر على الوجوب و حمل الانفاق على الخمس و حمل ما اخرجنا على ما ذكر فتدبّر و اما الاخبار فادّعى في هى تواترها و ذكر منها انه روى الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام على كل امرء اغنم او اكتسب الخمس ممّا اصاب لفاطمة عليه السلام و لمن يلى امرها من بعدها من ورثتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يضعوا حيث شاءوا و حرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق قلنا منه دانق الا من احللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة انه ليس عند اللّه يوم القيمة اعظم من الزنا انه يقدم صاحب الخمس فيقول يا ربّ سل هؤلاء بما ابيحوا و كان وصفها بالصّحة كما فعله فيه و في المختلف أيضا سهو منه لان في سندها في التهذيب و الاستبصار عبد اللّه بن هاشم الحضرمى و قال هو في الخلاصة واقفى و كان كذا ما روى من الغلّات و لا خير فيه و لا يعتدّ بروايته و ليس بشي ء و في جش كذاب غال يروى عن الغلاة و لا خير فيه و لا يعتدّ بروايته و في هى اشكال فانه تدلّ على انه لفاطمة عليه السلام وحدها في زمانها و الائمة عليه السلام بعدها و هو غير معروف بين الاصحاب و ليس مذهب العلّامة و اضرابه قطعا و أيضا مخالف للآية الغنيمة على تقدير حمل الغنيمة فيها على كل فائدة على ما نقلنا عنه و ذكر المحقق الاردبيلى رحمه الله انّ فيها دلالة أيضا على عدم اخراج المؤنة في الكسب و معلوم انه ليس كذلك و عدم وجوبها على الشّيعة و انّ عدمه موجب للزنا و عدم وقوع نكاح حلال و هو في غيرها من الاخبار أيضا و فيه تامّل واضح فتأمّل انتهى و فيه تامّل فانه استفاد دلالتها على عدم اخراج المؤنة من الحكم فيها بانّ المانة دافق من غير ذكر المؤنة و استثنائها فالامر هيّن اذ يمكن عدم التعرض له اعتمادا على ما ذكرهم في ذلك في احاديثهم الاخرى اذ لا يجب في كل حديث يشتمل على حكم ان يذكر فيه جميع شرائطه و خصوصيّاته و ان استفاد مما ذكره من دلالتها على ان عدم تحليله موجب الزنا فانه انما يتم على تقدير عدم استثناء المؤنة اذ على تقدير استثنائها كل ما صرف في النكاح لكونه من المؤنة يكون مستثنى فيكون مباحا و لا يلزم وقوع زناء ففيه ان المستفاد منه ليس الا ان عدم تحليلهم موجب لوقوع الزنا منهم في الجملة او كثير الا انّه موجب للزنا كليّا و لعدم وقوع نكاح صحيح اصلا كما ذكره و هو ظاهر و حينئذ انه يكفى في ذلك علمهم عليه السلام بان كثيرا من الشّيعة لا يحتاطون في الخمس و لا يؤدونه و هذا موجب لوقوع الزنا منهم اذا صرفوا ما فضل من مئونة سنتهم في المشهور و اثمان الجوارى في سنة اخرى و اذا صرفوا فيها في السّنة أيضا زائدة على الاقتصار الذى هو المستثنى في المؤنة كما يقول العلماء و أيضا يمكن ان يكون المراد بالتحليل تحليل قدر المؤنة لا تحليل كل الخمس بان يكون الواجب عليهم بحسب اصل الشرع كل الخمس بدون استثناء المؤنة لكنهم عليه السلام حلّلوا للشيعة حقهم في قدر مئونتهم حذرا من الزنا ممن علموا انهم لا يؤدونه و حينئذ فلا ريب في وقوعه منهم كثيرا لو لا التحليل و أيضا لا يبعد ان يكون اباحة المؤنة لهم مشروطا بان يكون ممّن يؤدى الخمس من الفاصل و اما من لا يؤدّيه فيكون جميع تصرّفاته حراما باعتبار ما خالطه من الخمس الذى لا يؤدّيه لعدم امتيازه في حقه فيكون تحليلهم عليه السلام لعدم وقوع الزنا منهم و امّا ما ذكره من دلالته على ان عدمه موجب الزّنا و عدم وقوع نكاح حلال و ان فيه تامّلا فان كان

تامله في الاول فقد ظهر رفعه بما قررناه من الوجوه و ان كان تامّل في لزوم عدم وقوع النكاح حلال اصلا فهو متجه بل لا ريب في عدم لزومه لكن قد عرفت ان الرواية لا دلالة لها على ذلك بل انما تدل على لزوم الزنا في الجملة و كثيرا على تقدير عدم التحليل هذا و اعلم ان ابيحوا في آخر الرّواية فيما رايناه من التهذيب و كذا في شرح الارشاد للفاضل الاردبيلى فعل ماض مجهول من الإباحة فكانه على الخلاف و الايصال اى ابيح لهم حقى و صرفه اى ابيح لهم النكاح و صرف حقى فيه و هو انسب بسياق السّابق في نسخته عندنا من هى انتجوا و كانه فعل ماض معلوم من الانتاج اى بما ولد و انكحوا و حصلوا الولد بذلك و يؤيده ان في الاستبصار نكحوا فتكون السؤال عن الوالدين و يمكن ان يكون السّئوال من الماضى المجهول فيكون السؤال عن المولودين و على التقديرين فلعل التعبير بهذه اللفظة الثانية في الدّواب الاشارة الى انهم كالدّواب و في نسخة عندنا من كرة تبحوا بلا نقطة و هو أيضا يوافق ما نقلنا من نسخة هى بان يكون تبحوا معلوما او مجهولا قال في الصحاح نتجت الناقة ما لم يسمّ فاعله تنتج نتاجا و قد نتجها اهلها و قال في القاموس نتجت الناقة كعتى و انتجت و قد نتجها اهلها و اما انتج المعلوم فهو شايع ذائع كما يقال في الضّروب و غيرها و الظاهر انه على احد الوجهين و ما في الاستبصار اظهر مما في نسخ التهذيب و لا يبعدان يكون ما فيه تصحيفا من النّساخ لانتجوا على ما نقلنا من نسخة هى و اليه يعلم قال و في الصّحاح عن محمد بن الحسن الاشعرى قال كتب بعض اصحابنا الى ابى جعفر الثانى عليه السلام اخبرني عن الجميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على ايضاح و كيف ذلك فكتب بخطه الخمس بعد مئونته و كانه اراد الصحة الى محمّد و امّا محمد بن الحسن الاشعرى فهو غير معلوم و الصّفّار و ان كان كذلك لكن يبعد كونه في الرّواية لان الراوى عنه هو ابن مهزيار و الصّفار قد يروى عنه و امّا روايته عنه فغير معهود و أيضا لم يبعد التعبير عن الصّفار بذلك بل انما يطلق له محمد بن الحسن او يقيّد بالصّفار او يطلق الصّفار و على تقدير احتماله فلا يمكن الحكم به و كانه لهذا قال في المختلف رواية محمّد و لم يصفها بالصحّة و قال الفاضل الاردبيلى رحمه الله بعد الاعتراض عليه في السّند بما ذكرنا و الدلالة أيضا غير صريحة و هو ظاهر و فيه ان الاستدلال بها لا يتوقف على كونها صريحة بل يكفى فيه ظاهرة و كانها لا يخلو عن ظهور فلان الظاهر ان السّؤال كان عن الخمس هل هو على جميع ما يستفيده الرّجل من ضروب الاكتساب من قليل او كثير او لوضع منه شي ء و يشترط فيه نصاب خاص فالجواب بقرينة السؤال رجوعه في الجميع بعد المؤنة و انه لا يوضع منها الا المؤنة فيصح الاستدلال يعم المؤنة يحتمل ان يكون مئونة السّنة او مئونة الاستفادة و هو لا يضرّ بما هو الغرض من الوجوب في جميع الفوائد بل هو مقام آخر و يبين فيه بقرينة الروايات ان المراد مئونة السنة أيضا فتدبّر ثمّ قال و عن علىّ بن مهزيار قال قال لى ابو علىّ بن راشد قلت له أمرتني بالقيام بامرك و اخذ حقك فاعلمت مواليك بذلك فقال لى بعضهم و أيّ شي ء حقهم فلم ار ما اجيد فقال يجب عليهم الخمس فقلت في أيّ شي ء فقال في امتعتهم و ضياعهم قلت فالتاجر عليه

ص: 294

و الصّانع بيده فقال اذا امكنهم بعد مئونتهم انتهى قال الفاضل الاردبيلى رحمه الله ابو علىّ بن راشد غير مصرح بتوثيقه بل قيل انه وكيل مشكور و كانّه لذلك ما سمّيت بالصّحة و يمكن كونها حسنة فتأمل انتهى و ما ذكره اخذه في الروضة في ترجمة ابى على بن راشد فانه قال كان وكيلا مقام على حسين بن عبد ربه مع ثناء و شكر له و اقتصر عليه و لكن في كتاب الغنية للشيخ و رجال الكشى روايات تدل على عظم منزلته زائدا على التوثيق و مع ذلك فقد وثق في الخلاصة و رجال الشيخ عند ذكر اسمه و هو الحسن بن راشد و على هذا فالرّواية صحيحة و عدم وصف العلّامة لها بالصحة كانه وقع غفلة و يمكن ان قوله في الصحيح في الرواية السّابقة يجب عليها أيضا و صاحب المدارك أيضا غفل عما ذكرنا و ذكر ان ابا على لم يوثق صريحا و قوله عليه السلام في امتعتهم كانه لا بد من حمله على امتعتهم التى يتحيّرون بها و ان الخمس في ربحها او على ما ارتفع قيمة امتعتهم فالخمس في ارتفاعها على القول به و قوله فالتاجر عليه اى عليه الخمس و قوله الصنائع بيده في اكثر نسخ التهذيب و الصّانع مع الواو و هو اظهر و غرضه من ذلك ان يؤكد قوله عليه السلام في امتعتهم و صنايعهم على الوجه الاوّل الذى ذكرنا لقوله عليه السلام في امتعتهم و على الوجه الثانى يكون قوله فالتاجر عليه ناسيا و قوله و الثانى تاكيدا و في بعض نسخ التهذيب بل اكثرها بدل صنايعهم ضياعهم و على هذا يكون الاول على الاول تاكيدا و الثانى ناسيا و الثانى يكون كل منهما ناسيا و قوله عليه السلام اذا امكنهم و في اكثر نسخ التهذيب ذلك اذا امكنهم اى امكن الايصال الينا و قوله عليه السلام بعد مئونتهم ظاهره مئونته و مئونة عياله كما يقوله الاصحاب و يحتمل مئونة العمل و في بعض نسخ التهذيب مئونتها و هو ظاهر في الثانى و في المدارك نقل الرواية هكذا فقال في امتعتهم و ضياعهم و التاجر عليه و الصّانع بيده و ذلك اذا امكنهم بعد مئونتهم و ظاهره انه كان في نسخة هكذا و بما ذكرنا يظهر توجيهه و لكن لم ار في نسخ التهذيب ما يوافقه و حكم صاحب المدارك بان هذه الرواية أيضا كالاولى في الدلالة اى تدلّ على اختصاص الحكم بالائمة عليه السلام و هو خلاف المعروف و لا يخفى ان قولهم عليه السلام يجب عليهم الخمس لا يدلّ على كونه بيانا لحقه بانه هو الخمس بل يمكن ان يكون بيانا لحقه باعتبار ما هو المعلوم من حقه عليه السلام في الخمس و على تقدير ان يحمل على انه تفسير لحقه بالخمس فالامر فيه هيّن اذ يكفى فيه كون نصفه له و كون اختيار خصيصة النّصف الباقى اليه عليه السلام و هذا بخلاف الرواية الاولى لكونها كالصّريح في كون الجميع لهم عليه السلام ثمّ قال في المنتهى و من على بن مهزيار و قد اختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الصّناع الخمس بعد المؤنة مئونة الضيعة و خراجها لا مئونة الرجل و على عياله فكتب و قراءة على بن مهزيار عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و خراج السّلطان انتهى و صدر الرواية في التهذيب هكذا علىّ بن مهزيار قال كتب اليه ابراهيم بن محمد الهمداني اقرأني على كتاب ابيك فيما اوجبه على الاصحاب عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و خراج السّلطان الضياع انه اوجب عليهم نصف السدس بعد المؤنة و انه ليس على من لم تقم ضيعة بمئونته نصف السدس بعد و لا غير ذلك و اختلف من قبلنا الى آخر ما نقله قال الفاضل الاردبيلى رحمه الله الطريق الى علىّ بن مهزيار صحيح مع توثيقه و لكن المكتوب اليه غير صريح و ابراهيم مجهول لعله يضر لان الظاهر انه يحكى انه كتب و قرء على و ان كان صدر الرواية يدل على انه لا يضرّ حيث فحكم ان الحاكى هو على مع انه مناف لكتابه و المتن لا يخلو عن اجمال مع انها مكاتبة انتهى و لا يخفى ان حكاية كتاب ابيه الى على صريح في ان المكتوب اليه هل ولد ابى جعفر الثانى عليه السلام لان ذلك الكتاب الى على هو منه كما سيجي ء فلا يحتمل سوى ابى الحسن الثالث او اخيه موسى و احتمل كونه موسى و نقل علىّ بن مهزيار كتابه مع جلالة شانه و عظيم منزلته عند ابى جعفر و ابى الحسن عليه السلام و توكيل لهما بعيد جدا

فالظاهر بل المعلوم انه الامام ثمّ حكمه بكون ابراهيم مجهولا مطلقا كما هو ظاهر كلامه رحمه الله و ليس بجيد لان العلامة رحمه الله في الخلاصة ذكر انه وكيل كان حجج اربعين حجّة و انه روى الكشى عن ابى محمد الرّازى قال كنت انا و احمد بن ابى عبد اللّه البرقي بالعسكر فورد علينا رسول من الرجل فقال لنا العامل اى العمرى ثقة و ايّوب بن نوح و ابراهيم بن محمد الهمداني و ابن حمزة و احمد بن اسحاق ثقات جميعا انتهى فكان عليه اشارة الى كونه ممدوحا ثمّ حكموا بكون ذلك مضرّا و ان الظاهر انه الحاكى لانه كتب و قراءة على بن مهزيار كما ترى فانه حينئذ لا ينتظم الرّواية عن على اصلا بل يجب ان يكون الحاكى هو علىّ بن مهزيار لكنه في قوله و قراءة علىّ بن مهزيار عن نفسه لعلىّ بن الحسين و قد يفعل ذلك في المحاورات او انه قال و قراءة فغيره الرّاوى عنه الى قراءة على بن مهزيار لئلا يشتبه على احد ان القاري هو علىّ بن مهزيار و اما كونه منافيا لكتابة ابيه فكانه باعتبار انه قد حكم فيه بوجوب الخمس بعد المؤنة و في كتاب ابيه عليه السلام اوجب نصف السدس في كل عام و هى مندفع بما سنذكره في حينئذ تلك الصحيحة عن ايجابه عليه السلام نصف السّدس تخفيف منه عليه السلام فيما وجب باصل الشرع من حصة من الخمس و هو نصفه على ما هو المشهور و الاكتفاء بنصف السدس او تخفيف في جميع على ان يكون لهم الاختيار في امثال ذلك و حينئذ يحمل على ما ذكره هنا من الخمس على انه بيان لما هو الواجب باصل الشرع فانه الخمس و ان لم يستغفر بالتخفيف منهم عليه السلام في نصف السّدس في الكلّ او في حقهم عليه السلام هذا اذا جعل التخفيف هناك عاما شاملا لسائر الازمان و ان حمل على انه تخفيف منه عليه السلام في خصوص زمانه فلا يبعد حمله على وجوب الخمس كله في زمانه بان لم يرض عليه السلام بالتخفيف المذكور في زمانه هذا و ما ذكره من عدم خلوّ المتن عن اجمال لا يظهر له وجه اذ لا اجمال فيه الا عدم التعرّض في الكتاب لمئونته الضيعة و استثنائها و الامر فيه هين فان الظاهر انه لم يكن استثناءها محل خلاف بل كان الخلاف في مئونة الرّجل و عياله و ربما كان خراج السّلطان أيضا محل اشتباه عندهم فصرّح بان الخمس بعدهما و اما كونه بعد بما مئونة الضيعة أيضا فلمّا لم يكن محل الخلاف فلم يكن حاجة الى ما ذكره و اما كونه مكاتبة فهو كذلك لكن المكاتبة و ان قصرت عن المشافهة فهو حجة أيضا سيّما اذا كان الراوى مثل على بن مهزيار و اعلم ان هذه في الكافى هكذا سهل عن ابراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت الى ابى الحسن عليه السلام اقرانى علىّ بن مهزيار كتاب ابيك عليه السلام فيما اوجبه على اصحاب الصّناع نصف السّدس بعد المؤنة و انه ليس على من لم تقم ضيعة بمئونته نصف السّدس و لا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الصنّاع الخمس بعد المؤنة مئونة الضّيعة و خراجها لا مئونة الرّجل و عياله فكتب عليه السلام بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السّلطان و لا يخفى ان فيه تصريحا بان المكتوب اليه هو ابو الحسن عليه السلام و لكن الراوى هو ابراهيم فجهالته تفرقية زائدا على سهل ضعف أيضا لكن يصح التأييد رواية التهذيب الرّاوى فيها على بن مهزيار كما ذكرنا فتدبّر ثمّ قال في المنتهى و عن حكيم بن مؤذ بن عيسى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ فان هى دالة لإفادة يوم بيوم الا ان ابى جعل شيعتنا من ذلك في حلّ

ص: 295

ليزكوا انتهى و في سنده علىّ بن الحسن بن فضّال و هو معروف بالتوثيق و العظمة و حسن بن علىّ بن يوسف و هو غير مذكور في كتب الرّجال و محمّد بن سنان و هو أيضا معروف بالضعف و لكن قد وثقه الشيخ المفيد رحمه الله و عن الصمد بن بشير و هو على ما في الخلاصة لعنة اللّه و حكيم ذكر في اصحاب الصادق بلا مدح و ذمّ قال المحقق الاردبيلى السّند ضعيف و ليس بمعلوم و وثقه واحدة فيه و أيضا الحصر في افادة يوما فيوما ليس بمذهب و كذا العموم انتهى و ضعف السند كما ذكره و لكن الثقة الواحدة موجودة فيه ذكرنا الا ان يكون رايه اشتراط تعديل اثنين و عدم الاكتفاء بتوثيق واحد و ان وثق اثنتين و امّا ما اورده في ذيل أيضا من الوجهين فكانه لا يتوجه الوجهان معا بل انما يتوجه احدهما فانه ان حمل الافادة يوما بيوم على الافادة اى الاستفادة في كل يوم بدل يوم اى الاستفادة المستمرة له في كل يوم كما في ارباب الصنائع فالحصر المستفاد من تعريف الخبر و توسيط ضمير الفعل ليس بمذهب لثبوت الخمس في غير تلك الاستفادة أيضا من الضروب الاخرى للخمس لكن حينئذ لا يتوجه كون العموم ليس بمذهب لان ثبوت الخمس في كل استفادة كذلك مذهبهم و ان كان نظره الى انه يمكن فرض استمرار الميراث و الهبة و الهدية لأحد مع ثبوت الخمس فيها على المشهور ففيه ان ذلك فرض نادر فيمكن حمل الخبر على الافراد الشائعة لتلك الاستفادة لو حملها على ما يكون من شانه الاستمرار عرفا كما في الصّنائع و ظاهر ان الميراث و اخويه ليس من شأنها ذلك و ان حمل الافادة يوما على الاستفادة في كل يوم جاء بدل يوم اى كل استفادة وقعت في كل يوم من الايام فالحصر هو المذهب و يكون مفاده الجرح ان المراد بالغنيمة ليس هو غنيمة دار الحرب بل كل استفادة و حينئذ فلا خدشة في الحصر و لكن يتوجه ان عموم الخمس في كل استفادة ليس بالمذهب المشهور نعم لو وافق مذهب ابى الصّلاح فان الظاهر ان مذهبه عموم الخمس في كل فائدة و ان كان المنقول منه التعميم بالنسبة الى الثلاثة المذكورة فيما سيجي ء او الاربعة باضافة الصدقة أيضا على ما نقله في شرح س اذ الظاهر ان مستنده في التعميم المذكور ليس الا عموم الفوائد في الاخبار لكن لما كان جعل الفوائد التى لا يوجبون فيه الخمس في المشهور هى هذه الثلاثة او الاربعة فنقل عن التعميم بالنسبة اليها فتدبّر ثمّ قال في المنتهى و الاحاديث في ذلك كثيرة تدل على المطلوب انتهى و كان الاحاديث التى اشار اليها منها ما رواه في الكافي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن سماعة و هو ثقة واقفى قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال في كل ما افاد الناس من قليل او كثير و منها ما رواه أيضا عن عدّة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى بن يزيد قال كتبت جعلت فداك الفداء تعلمنى ما الفائدة و ما عدّها رايك القاك اللّه ان تمنّ علىّ ببيان تلك كى لا اكون مقيما على حرام لا صلاة لى و لا صوم فكتب الفائدة مما يفيد اليك في تجارة من ربحها و حرث بعد الغرام و جائزة واحد هذا لم يذكر في كتب الرّجال و لم يذكر المكتوب اليه لكن ظاهر السياق انه الامام و المراد بالغرام المؤنة لا مئونة التجارة و الحرث و حينئذ فالظاهر ان يكون او جائزة فردا اخر للفائدة التى تجب فيه الخمس فيوافق ما سننقل من مذهب ابى الصلاح و المراد ما يلزمه من مئونة السنة و حينئذ فالجائز يحتمل ما ذكرنا و يحتمل أيضا ان يكون المراد و بعد جائزة اى و بعد عطاء أيضا يعطيها و ان لم يكن من المؤنة الازمنة فافهم و منها رواية على بن مهزيار قال حدثنى محمد بن علىّ بن الشجاع النيشابورى انه سئل ابا الحسن الثالث عليه السلام عن رجل اصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ ما يزكّى فاخذ منه العشرة عشرة اكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضّيعة ثلثون كرّا و بقي في يده ستون كرّا اما الذى يجب لك من ذلك و هل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي ء فوقّع لى منه الخمس مما يفعل من مئونته و ظاهر هذه الرواية اختصاص هذا الخمس بالامام و سندها الى محمد بن على صحيح و لكنه غير مذكور في كتب الرجال الا ان رواية علىّ بن مهزيار عنه لا يخلو عن دلالة على اعتبار رواية

و منها رواية الرّيان بن الصّلت قال كتبت الى ابى محمد عليه السلام ما الذى يجب علىّ يا مولاى في غلة رحى في أرض قطيعة لى و في ثمن سمك و بردى و قصب ابيعه من أجمة هذه القطيفة فكتب يجب عليك فيه الخمس انشاء اللّه تعالى لكن القطيفة على ما ذكره في الصحاح طائفة من ارض الخراج و قال في القاموس محال ببغداد اقطعها المنصور اناس من اعيان دولته ليعمروها و يسكنوها و قال أيضا و اقطعها قطيفة اى طائفة من ارض الخراج و على هذا فيجوز ان يكون الخمس فيها باعتبار انّها كانت من غنائم اهل الحرب و لم يخرج خمسها و بما ذكر يظهر وجه ضعف ما ذكره في هى حيث قال بعد نقل الحديث التقييد بالقطيفة لبيان الواقع لا لخصوصية في غلّتها كما قد يتوهم ذلك يشهد صدق التأمل فلا يخلو للتشكيك في دلالته على ثبوت الخمس في الغلّات و من هذه الجهة انتهى و منها صحيحة الحارث بن مغيرة النصرى على ما في المدارك عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له انّ لنا اموالا من غلّات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقا قال فلم احللنا اذا لشيعتنا الا لنطيب ولادتهم و كل من والى بابائهم فهم في حلّ مما في ايديهم من حقنا فليبلغ الشاهد فان الظاهر ان حقه عليه السلام هو الخمس الذى ورد في الرّوايات الاخرى التى نقلناها و ان امكن ان يكون حقه في الغلّات باعتبار كون الاراضى التى كانوا يزرعونها كانت مفتوحة العنوة و وجب الخمس منها اكمالها الامام و ان يكون حقه في التجارات باعتبار كون رأس مالها من الاموال التى يجب فيها الخمس و هذا بعيد جدّا و منها صحيحة زرارة و محمد بن مسلم و ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام هلك الناس في بطونهم و فروجهم لانهم لم يؤدوا الينا حقنا الّا و لانّ شيعتنا من ذلك و آبائهم في حلّ وجه الاستدلال بها أيضا هو ما ذكرنا من ظهور كون حقهم عليه السلام هو الخمس في الفوائد فانه الحق الذى يوجب هلاك كل الناس بسبب عدم ادائه امّا ساير ضروب الخمس فانه ليس بذلك العموم و من هذا القبيل روايات اخرى أيضا و منها صحيحة الصّفار عن احمد بن محمّد و عبد اللّه بن محمد عن علىّ بن مهزيار قال كتبت الى ابو جعفر عليه السلام و قرأت انا كتابة اليه في طريقة قال الذى اوجبت في شي ء هذه و هذه سنة عشرين و مأتين فقط المعنى من المعانى اكثره تفسيره المعنى كله خوفا من الانتشار و سافر بعضه لك انشاء اللّه تعالى ان موالى أسأل اللّه صلاحهم او بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فاجبت ان اطهّرهم و ازكّيهم بما فعلت في عامى هذا من امر الخمس قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ وَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ وَ وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلىٰ عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و لم اوجب عليهم في كلّ عام و لا اوجب عليهم الزكاة التى فرضها اللّه عليهم و الخمس في سنتى هذه في الذّهب و الفضة الّتى قد حال عليها الحول و لم اوجب ذلك عليهم في متاع و لا ابنية

ص: 296

و لا دوابّ و لا خدم و لا ربح ربحة في تجارة و لا ضيعة الّا ضيعة سافر لك امرها تخفيفا منى عن موالى و منا منى عليهم لما يقبل السّلطان من اموالهم فلا يتوهمهم في ذاتهم فاما الغنى و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة لغنمها المرء و الفائدة يفيدها و الجائزة من الانسان للانسان التى خطر و الميراث الذى لا يحتسب من غير اب و لا ابن و مثل عدوّ يضطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب من ضرب ما صار الى موالى من اموال الحربيّة الفقه فقد علمت ان اموالا عظاما صارت الى قوم من موالى فمن كان عنده شي ء من ذلك فليوصل الى وكيلى و من كان نائبا بعيدا لشقّة فليعتمد لإيصاله و لو بعد حين فانّ نيّة المؤمن خير من عمله فامّا الذى اوجب من الصنّاع و الغلات في كل عام فهو نصف السّدس مما كانت ضيعة لقوم بمئونته و من كان ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك و لما كان هذا الحديث الشريف من الاحاديث الصعبة المستصعبة كتبت في سالف الزمان حواش ترفع عنه غباء الخفاء و تدفع الاشكالات التى توهّمها فيه المحققون من الفضلاء فلا باس بنقلها هاهنا بعينها اذ بعد التأمّل فيها يظهر أيضا وجه الاستدلال الذى ذكرنا و هى هذه قال اليه ابو جعفر عليه السلام الظاهر ان فاعل قال كلّ واحد من احمد بن محمّد و عبد اللّه بن محمّد و كذا فاعل قرأت و ضمير اليه في الموضعين الى علىّ بن مهزيار و يحتمل ان يكون فاعل قال علىّ بن مهزيار و هو قال اليّ لكن نقله الراوى بالمعنى و قال اليه و امّا قوله و قرأت فالظاهر على هذا الوجه أيضا انه من كلام كل واحد من الراويين و على أيّ وجه فلا ريب ان المكتوب اليه هو علىّ بن مهزيار فما ذكره المحقق الاردبيلى من ان فيها بعد الامور المنافية للاصل مع عدم ظهور المكتوب اليه كما ترى و على تقدير تسليمه فهو ممّا لا يؤثر بعد ظهور ان الكاتب هو الامام و هو ظاهر قوله عليه السلام سافر لك بعضه كان اشارة الى ما سيسفره من علمه عليه السلام بتفسير الشيعة و انه احبّ تطهيرهم و تزكّيهم بما اوجب عليهم و ان ذلك تخفيف منه عنهم و من عليهم لما يغتال السّلطان من اموالهم و لما يتوهمهم و امّا البعض الذى لم يفسّر خوفا من انتشار فلا يبعدان يكون علمه عليه السلام بوفات تلك السّنة فلذا انهم لوقوع ذلك فيها و اللّه يعلم قوله ان موالى او بعضهم يمكن ان يكون هذا الترديد منه عليه السلام لئلّا يكسر قلوب الشيعة قوله عليه السلام قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ الآية و انت خبير بان الكلام في الخمس و الآية الشريفة انما هى في الصدقة هى الزكاة على ما هو رأى الاكثر او صدقة كفارة الذنب الذى صدر عن ابى لبابة و اصحابه حيث تخلف عن الجهاد على ما نقل عن بعضهم كالحسن الصيقلى وجه مناسبته ذكرها فيه ان يقال ان ذلك بناء على علمه عليه السلام بشمول الآية للخمس أيضا و لو على سبيل التوسّع او يقال انه بناء على مشاركتهما في بعض المقص كالتطهّر و التزكية ثمّ انه قد اورد على ظاهر هذا الحديث الاشكالات و لعلّه لاجلها توقف فيه بعض الرافعين عليه و حكم بعض الفحول بمخالفته للاصول الاول ان المعهود المعروف من احوال الائمة عليه السلام انهم خزنة العلم و حفظة الشرع يحكمون بما استودعهم الرسول صلّى اللّه عليه و آله و اطلعهم عليه و انهم لا يعرفون الاحكام بعد انقطاع الوحى و انسداد باب النصّ فكيف يستقيم قوله عليه السلام اوجبت في سنتى هذه و لم اوجب ذلك عليهم في كل عام الى غير ذلك من العبادات الدّالة على انه يحكم في هذا الحق بما شاء و اختار الثانى ان قوله عليه السلام و لا وجب عليهم الّا الزكاة فرضها اللّه تعالى هنا فيه قوله بعد ذلك فامّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام الثالث ان ايجاب الخمس في الذّهب و الفضّة التى قد حال عليها الحول ممّا لا يظهر له وجه اذا الحول انما اعتبر في

الزكاة لا الخمس و كذا قوله عليه السلام و لم اوجب ذلك عليهم في متاع و لا ابنية و لا خدم فان تعليق الخمس بهذه الاشياء غير معروف الرّابع ان ايجاب نصف السدس في الصّناع و الغلّات في كلّ عام لا يظهر له وجه بل الواجب هو الخمس و ذكر بعض المحققين ان الاشكال الاوّل مبنى على ما اتفقت عليه كلمة المتاخرين من استواء جميع انواع الخمس في المعروف و لا دليل عليه بل في الاخبار ما يؤذن بخلافها و ان خمس الغلات و نحوها من الارباح مختص بالامام و يعزى الى جماعة من القدماء ما يليق ان يكون ناظرا الى ذلك و على هذا فيندفع الاشكال الاول فانّ له على المتصرّف في ماله باى وجه شاء اخذ او ترك و بهذا يتحل الاشكال الرّابع و انما يتوجّه السّؤال على وجه الاقتصار من حقه على ما شاء قال و امّا الاشكال الثانى فمن شاء نوع اجمال في الكلام اقتضاء تعلّقه يدلّ بامر معهود بين المخاطب و بينه عليه السلام كما يدلّ عليه قوله عليه السلام بما فعلت من عامى هذا و سوق الكلام يشير الى البيان و بينه على ان الحصر في الزكاة إضافي مختصّ بنحو الغلات و منه يعلم ان قوله عليه السلام و الفوائد ليس على عمومه بحيث يتناول الغلات و نحوها بل هو مقصود على ما سواها و يغرب ان يكون قوله و الجائزة و ما عطف عليه الى آخر هذا الكلام تفسيرا للفائدة و تبنيها على نوعها و لا ريب في مغايرته لنحو الغلّات التى هى متعلّق الحصر هناك ثمّ ان في هذه التفرقة بمعونته ملاحظة الاستشهاد بالآية و قوله بعد ذلك فليعتمد لإيصاله و لو بعد حين دلالته واضحة على ما قلناه من اختلاف حال انواع الخمس او ان خمس الغنائم و نحوها مما يستحقه اهل الآية ليس للامام ان يرفع عنه و يضع على حدّ ماله في خمس نحو الغلّات و ما ذلك الا الاختصاص هناك و الاشتراك هنا انتهى و كان محصّله انه جعل قوله عليه السلام و لذا وجب عليهم الا الزكاة مخصوصا للغلّات و نحوها من الارباح و هذا لا ينافى وجوب الخمس في ساير الغنائم الذى هو المراد من قوله عليه السلام فامّا الغنائم و الفوائد و انما جعل الحصر اضافيا لانه حكم عليه السلام في آخر الخبر بوجوب نصف السّدس في الضياع التى تقوم بمئونته فلا يستقيم الحكم بعد وجوب ما سوى الزكاة في الغلّات فجعل الحصر اضافيا بالنسبة الى الخمس فقوله عليه السلام و لا اوجب عليهم في الغلّاة الّا الزكاة و لا اوجب اى لا اوجبت فيها الخمس و هذا لا ينافى وجوب نصف السّدس فيها في كل عام هذا و لا يخفى ما فيه من التكلف قال و بقي الكلام على الاشكال الثالث و محصّله ان الاستثناء التى عددها عليه السلام في ايجابه للخمس و نفيه اراد بها ما يكون محصّلا ممّا له فيه الخمس اى من نحو الغلّات فاقتصر في الاخذ على ما حال عليه الحول من الذهب و الفضة لان ذلك امانة الاستغناء عنه فليسوا في الاخذ منه ثقل على من هو بيده و ترك التعرض لهم في بقية الأشياء المعدود طلبا للتخفيف كما صرّح عليه السلام انتهى و على ما هو المشهور المعروف بين الأصحاب من استواء جميع انواع الخمس في التصرف يمكن أيضا دفع الاشكالات بان يخصّ الكلام بنصف الخمس الذى هو حقه عليه السلام فله الحكم فيه بما شاء و لا يلزم منه تغيير الاحكام بعد انقطاع الوحى بل لو قيل تفويض في الجميع اليهم عليه السلام و ان لهم الرّخصة في التخفيف فيه بقدر ما رأوا من المصلحة امكن ذلك و لا استبعاد فيه سيّما على ما هو المشهور من انه مع الاعواز يجب العوز عليهم عليه السلام و حينئذ فيندفع الاشكال الاول و هو ظاهر و كذا الثالث و الرابع فانه اذا كان له الحكم في حقه او في الجميع بما شاء

ص: 297

و رأى المصلحة فيه فيق انّه رأى المصلحة في الاقتصار من السّنة المذكورة على اخذ الخمس مما وجد عندهم من الذهب و الفضّة التى قد حال عليه الحول الذى هو امارة الاستغناء عنه و ترك ما سواء تخفيفا منه على و منا عليهم و كذا الاقتصار على نصف السّدس في الغلات عوضا عن تمام الخمس فيها او نصفه و امّا الاشكال الثانى فنقول في دفعه ان المراد انى اوجبت ما اوجبت في هذه السنة من الخمس من الذّهب و الفضّة المذكورين و لم اوجب عليهم في السّنوات الآتية الّا الزكاة التى فرضها اللّه تعالى اذ لا يتعلق بهما في اصل الشّرع الا الزكاة و انما اوجب عليهم في هذه السّنة خاصّة عوضا عما بقي عندهم من الخمس في السّنوات الماضية اذ ربما كان ذلك اقل من هذا يكثر ليكون تخفيفا عليهم و انت خبير بان ما حكم بنفى الخمس فيه من المتاع و الأبنية الى آخره أيضا يمكن ان يخصّ بما اذا كان محصّلا بما وجب فيه الخمس كما ذكره هذا المحقّق و يمكن ان يحمل على العموم و الاشكال بان تعلّق الخمس بهذه الاشياء غير معروف على ما سبق مما لا وقع له كما لا يخفى لا سيّما في هذا المقام فانه ليس من موارد الخمس المقررة في الشرع بل انما اقتصر عليه عوضا عما في اموالهم من حقوقه فلو جعل ذلك في جميع اموالهم من المنقول و غيره لكان له ذلك لكن لم يجعل له ذلك و جعله في الذّهب و الفضّة المذكورين خاصة منا عليهم و لا يبعد ان يقال ان اخذه عليه السلام الخمس من اموالهم عوضا عما عليهم من الحقوق مأخوذ من وجوه الخمس في الحلال المختلط بالحرام فلعله صار اموالهم كذلك بحيث لا يمكنهم التخيير و حينئذ فكان له اخذ الخمس من جميع اموالهم لكنه عليه السلام اقتصر على ما اقتصر تحقيقا عليهم هذا و لعله على هذا يحتمل ان يكون تقصير للشيعة او بعضهم كان في باب الخمس و الزكاة جميعا و كان غرضه عليه السلام تطهير اموالهم من الجميع فاوجب ما اوجب لذلك و لا استبعاد في تفويض الامر في مثل ذلك كله اليهم عليه السلام و بهذا يظهر وجه الاندفاع ما اوردنا اوّلا من عدم مناسبة ذكر آية الصّدقات في هذا المقام فتدبّر ثمّ ان الظاهر ان قوله عليه السلام و لا ربح ربحة في تجارة انما هو بيان الحكم في السنة المذكورة اى انه في تلك السنة اقتصر من حقوق الماضية و من حقوق تلك السّنة على الخمس من الذهب و الفضّة المذكورين و لم يوجب في شي ء آخر من اموالهم المذكورة و لا ربح ربحة في تجارة تلك السنة و هذا لا ينافى وجوب الخمس في ارباح التجارات على ما هو المشهور و يستفاد من قوله عليه السلام فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام بناء على ما هو الظاهر من حمله على العموم و امّا قوله الا ضيعة سافر لك امرها فهو اشارة الى ما سيجي ء منه عليه السلام من قوله فاما الذى اوجب من الصنائع اه و الظاهر انه بقرينة ما ذكره انه عام يشمل هذه السّنة و السنوات الآتية و يمكن ان يجعل ذلك مختصّا بالسنوات و يحمل الاستثناء هاهنا على الانقطاع اى لم اوجب في هذه السنة ضيعته الا ضيعة سافر لك امرها من وجوب نصف السّدس فيها في السنوات الآتية و فيه بعد و اما قوله و امّا الغنائم و الفوائد فكانه على عمومه بيان لما اوجب شرعا من الخمس في كل عام و لا بدّ لهم من اخراجهم في السّنوات الآتية الّا انه عليه السلام اقتصر منه مما بقي في السّنوات الماضية و في تلك السنة على ما اقتصر لما راه من المصلحة و حينئذ فقوله فهي الغنيمة يغنمها المرء يكون عاما لكل استفادة و الفائدة يفيدها اى يستفيدها عطفا تفسيريّا عليه و الجائزة و ما بعدها من قبيل ذكر الخاص بعد العام و يمكن ان يخصّ الغنيمة بغنيمة الحرب و حينئذ يكون قوله و الفائدة يفيدها تعميما بعد تخصيص و ما بعده بالعكس و ان ظهر ان تخصيص الغنيمة بما ذكر و يحتمل الفائدة تقيدها على الاكتسابات الشائعة من التجارات و الزراعات و الصّناعات و يحمل على ما ذكر بعدها على اشياء اخر لا تعدّ اكتسابا في العرف و فيه أيضا الخمس و لا يبعد ان يكون المجموع تفسير الغنيمة المذكورة في الآية بناء على علمه بان المراد بها المعنى العام و انه ما فصله فافهم و قوله عليه السلام و مثل عدو يضطلم لعل المراد به من كان

اهل الحرب فان مال الحربى في ء للمسلمين فمن اخذ منه شيئا من غير قتال فهو له و عليه الخمس لانه غنيمة و المراد انه اصطلم اى استأصل و اهلك بسبب من الاسباب فيمكن اخذ من اخذ ماله فاخذه او المراد ما يعم كون الاخذ قاتلا ايضا فان القتل الذى صدر عن آحاد النّاس لا للدعوة الى الاسلام بل لأخذ المال و نهيه مثلا ليس من الجهاد و القتال الذى فصل حكم غنائمه فلو قتل احدا احدا منهم و اخذ ماله فالظاهر انه انما يجب فيه الخمس و الباقى لآخذه و لو قيل ان حكمه أيضا حكم الجهاد الذى وقع بغير اذن الامام كما احتمله بعض الاعلام و قيل فيه ان الكل للامام كما هو الظاهر فلا خير كما سيظهر وجهه عن قريب و قوله عليه السلام و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب يمكن حمله على الكنز او اللقطة بعد التعريف و التملّك و امّا ما اخذ من الغير حلالا او حراما ثمّ نسى صاحبه فالمش فيه كما تشهّد به روايات كثيرة انه مع اليأس مصدق لمالكه لكن لا يبعد حمل الرّواية عليه أيضا بل هى ظاهرة فيه فليحمل اخبار التصديق على التصدق بالباقى بعد الخمس المعلوم لهم من خارج او على التصدق بالجميع و و يكون ذلك اذنا منهم عليه السلام في تصدق الخمس الذى هو حقهم أيضا امّا بناء على ان يكون هذا الخمس مختصّا به و على ان يكون لهم الاختيار في نصيب الشركاء ايضا لكن القول بالخمس في ذلك غير معروف بين الاصحاب الا اذا فرض اختلاطه بالحرام اما مطلقا كما وقع في عبارة جمع من الاصحاب او بحيث لا يمكن التميّز و جهل قدره كما حققه المحققون منهم و يمكن حمل الرّواية على هذه الصورة هذا و اما قوله عليه السلام فمن كان عنده شي ء من ذلك فيحتمل ان يكون بيانا للحكم في السنوات الآتية لا في السنة المذكورة و ما سبق عليها فانه اقتصر فيها على ما اقتصر و يحتمل ان يكون متعلقا بضرب ما صار اليهم من اموال الخزومية و بيانا لعدم تناول التخفيف و انه وجب عليهم ايصال خمسه اليه عليه السلام و لو بعدهنّ و لعلّ هذا اظهر ثمّ لو قيل في مثله انه من الغنيمة بغير اذنهم عليه السلام و قيل فيها ان كلّها لهم عليه السلام لا خمسها فالامر هيّن اذ بعد تسليم الامرين لعلّ اقتصاره عليه السلام على الخمس من باب التخفيف و يحتمل أيضا ان يحمل الكلام على ان الغنائم و الفوائد واجبة عليهم في كل عام لكن الواجب في بعضها الخمس و في بعضها الجميع و لعل الاول اظهر و اللّه تعالى يعلم ثمّ ان المحقق الاردبيلى بعد ما نقل عن ابى الصلاح الحلبى انه ذهب الى ان الميراث و الهبة و الهدية فيه الخمس و نقل عن ابن ادريس انه انكر ذلك و قال هذا شي ء لم يذكره احد من اصحابنا عن ابى الصّلاح قال و يمكن ان يحتج لابى الصّلاح بما رواه الشيخ في الصحيح عن علىّ بن مهزيار و نقل بعض هذه الرواية ثمّ قال و هذه مكاتبة طويلة و فيها احكام كثيرة مخالفة للمذهب مع اضطراب و قصور عن دلالتها على مذهبه لعدم ذكر الخمس صريحا و رجوع ضمير هى الى الزكاة على الظاهر و دلالة صدر الخبر على سقوط الخمس عن الشيعة و قصرها في الذهب و الفضة مع حول الحول و السّقوط عن الرّبح و للتقييد ببعض الارث و بالجملة هذا الخبر مضطرب بحيث لا يمكن الاستدلال به على شي ء انتهى و لا يخفى على المتامّل ان رجوع الضمير الى الزكاة ممّا لا مج له بعد ما نقل آية الخمس بعده ثمّ فصّل الغنائم و الفوائد بما فصّل بل لا ريب انّ

ص: 298

الضّمير راجع امّا الى الخمس و امر التذكير و التأنيث سهل كما هو المشهور او الى الغنائم و الفوائد و المراد لوجوبها في كل عام وجوب اخراج الخمس منها و الاعمّ من الخمس و الجميع على ما ذكرنا من الاحتمال و اما ما ذكره من دلالة صدر الخبر الى قوله و السقوط فقد ظهر سقوطه بما تلونا عليك فلا حاجة الى اعادته و كذا قوله و السقوط عن الرّبح فقد ظهر حاله في الاعادة و امّا ما افاده من التقييد ببعض الارث فهو كذلك لظهور تقييدها ببعض الأرث و كذا الجائزة فالاستدلال بها على ما نقل عن ابى الصّلاح الظاهر في العموم لا يخلو عن اشكال و اما القدح فيها لهذا الاعتبار لعدم انطباقها على مذهب احد من الاصحاب و لو سلّم انحصار المذهب فيمكن دفعه بان التخصيص لعلّه على سبيل التخفيف منهم عليه السلام فينطبق على مذهب ابى الصّلاح و منه يظهر توجيه الاستدلال بها على مذهبه كما لا يخفى او يحمل الخمس في بعض الموارد المذكورة على الاستحباب فينطبق على المشهور فتأمل و قال صاحب المدارك و اما رواية علىّ بن مهزيار فهي معتبرة السّند لكنها متروكة الظاهر من حيث اقتضائها وجوب الخمس فيما حال عليه الحول من الذهب و الفضة و مع ذلك فمقتضاها انه رباح الجائزة الخطرة و الميراث ممن لا يحتسب و المال الذى لا يعرف صاحبه و ما يحل تناوله من مال العدد في اسم الغنائم فيكون مصرف الخمس فيها مصرف خمس الغنائم و امّا مصرف السّهم المذكور في آخر الرّواية و هو نصف السّدس في الصناع و الغلّات فغير مذكور صريحا مع انا لا نعلم بوجوب ذلك على الخصوص قائلا انتهى و ما في التذكرة لبيان كونها متروكة الظاهر من قوله من حيث اقتضائها الى قوله و مع ذلك فقد ظهر حاله مما قرّرنا و اما قوله و مع ذلك فمقتضاها فالظاهر انه ليس قدحا في آخر الرواية بل المراد مجرد تحقيق ان المستفاد من الرواية ان التصرّف فيما سوى القسم الاخير هو مصرف خمس الغنائم و امّا مصرف السّهم الاخير فغير مذكور صريحا فيمكن ان يكون موافقا لباقى الاقسام و يحتمل ان يكون مخصوصا بالامام عليه السلام و امّا قوله مع انا لا نعلم الى آخره فالظاهر انه قدح في الرّواية باعتبار القسم الاخير اى لا نعلم بوجوب نصف السّدس على الخصوص في الضياع قائلا و قد ظهر لك دفعه بما حققنا و يمكن ان يكون غرضه القدح في القسم الاوّل أيضا امّا باعتبار تقييد الجائزة و الميراث كما ظهر وجهه مع وجه دفعه او باعتبار القسمين الأخيرين أيضا لكن قد عرفت انه يمكن توجيهها بحيث لا يكون مما لا يعلم القائل به فتذكّر و تبصّر انتهى ما كتبت سالفا من الحواشى على هذا الحديث الشريف و اذ قد سمعت ما تلوناه عليك من حجج القول المشهور فنقول ان كلّا منها و ان كان يمكن المناقشة فيه في السّند او المتن او الدلالة لكن من جميعها يحصل الظّن القوى بوجوبه في الارباح في الجملة فهو فمع الشهرة العظيمة بين الاصحاب فيما قالوه كانه يصلح حجة للقول المشهور و كانه يشهد به الاعتبار أيضا فانه تعالى لما حرم الزكاة علىّ بن هاشم فلا بدّ ان يجعل لمستحقّيهم عوضا عنها و قد عوّض لهم كما يشهد به اخبار الخمس و ظاهر انه لو لم يجب الخمس في الارباح فالاقسام الباقية للخمس ليست الا نذرا يسيرا لا يفى بمئونتهم فالظاهر وجوبه فيها على الوجه المشهور لا اقل هذا و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله في المسألة من المشكلات لعدم صراحة الآية الشريفة و عدم صحته غير دالّ على المط على انها اذا اخذت لعمومها تدل على اكثر ممّا قالوه و تجد في الايجاب مع كونه خلاف الاصل و خلاف عموم بعض الآيات مثل نساؤكم و غيرها و كذا الاخبار و عدم دليل صريح عسرا و ضيقا و مثلهما منفى غالبا في الشريعة السّهلة و الإجماع المدعى غير معلوم فان الظاهر ان ابن الجنيد مخالف كما نقل عنه في المنتهى و المختلف انتهى و قد عرفت ان كلا من الادلة و ان كان يمكن المناقشة فيه لكن من مجموعها يحصل الظن القوىّ بما ذكروه و ما ذكره من انه لو اخذت بعمومها تدلّ على اكثر مما قالوه اى الوجوب في كل فائدة انما يتجه في بعضها و هو بمجرّده لا يكفى حجة بل مجموعها على ما ذكرنا يصلح حجة لما قالوه و هو لا يدل على اكثر مما قالوه و اما كونه خلاف عموم بعض الآيات مثل نساؤكم و غيرها فكانه باعتبار انّ نسائكم في امهات

نسائكم نعم نساء اهل الخلاف اللذين لا يخمسون مع عدم صحة انكحتم باعتبار كون امورهم كلّا او بعضا من مال الخمس و لذا حكم في الاخبار المذكورة بكونهم اولا وارثا و كذا القول في مثلها من الآيات و الاخبار كما ورد منها في ميراث الازواج و الاولاد و غيرها و فيه تامّل فان كون ذلك خلاف عموم تلك الاخبار غير ظاهر اذ لا ريب انّ نسائكم عامة في كل زوجة شرعيّة لهم و لا يشمل من ليست زوجة شرعا فاذا لم يكن زوجة احد منهم زوجة شرعا باعتبار فساد نكاحها لم يدخل في عموم نسائكم و لا يضرّ هذا بعمومها و كذا القول في امثالها من الاولاد و غيرهم فان قيل لا ريب في حرمة نساء اهل الخلاف عليهم باعتبار دلالة تلك الآيات و لو قلنا بالايجاب المذكور فمن فصل منهنّ نكاحها لمكان الخمس لم تشملهما الآية فلا تعمّها الحرمة التى تستفاد منها و هو المراد بكون الايجاب المذكور خلاف ذلك بل يمكن ان يكون باعتبار اجراء الحكم على كل من قيدين بدين على مقتضى دينهم فيهم لما اعتقدوا صحة نكاحهم و دانوا بها فاجرى عليهم احكام النكاح الصحيح فان فسد في الواقع و قد وقع في الشريعة كثيرا و امّا ما ذكره من حديث العسر و الضيّق فكانه ليس بحد يحكم بنفيه في الشريعة فانه لما كان وجوب الخمس في الارباح فيما فصل من جملتها بعد اخراج مئونة السنة فالظاهر انه لا عسر و لا ضيق فيه جدا اذ ليس في ضبط ارباح السنة اجمالا و انّه ما زاد هاهنا على مئونتها فيها و بقي له زائدا على ما صرفه في مئونته فيها عسر و ضيق زائد يمكن الحكم بنفيها في الشريعة السّهلة نعم لو وجب الخمس في زائد كل ربح ربح بخصوصه على التفصيل فربما كان فيه ما ذكره من العسر و امّا ما ذكره من عدم معلومية الاجماع فهو كذلك لكن الشهرة العظيمة بين الاصحاب تصلح مؤيدا و مؤكدا لسائر الادلة بحيث يصلح الجميع مناطا للحكم و اللّه تعالى يعلم و اعلم ان في مصرف الخمس تردّد انه هل هو مصرف خمس الغنائم كما هو ظ الاكثرين او يختصّ بالامام عليه السلام كما هو ظاهر بعض الاخبار التى تلونا عليك لكن الامر فيه سهل اذ الظاهر كما سيجي ء ان حق الامام عليه السلام في زمان الغيبة يجوز صرفه في المستحقين من الذرّية الظاهرة فاذا صرف كل ذلك الخمس فمنهم جاز على الاحتمالين هذا و اما ما نقل سابقا عن ابن الجنيد من اختلافات الرّوايات في هذا الخمس و انّه بسبب ذلك يكون اخراجه احوط فلم اقف على رواية تدلّ على عدم وجوبه فيها بالخصوص نعم كثيرا من الرّوايات لا تشملها و هذا ليس اختلافا للروايات فيه و يمكن ان يكون نظره الى صحيحة عبد اللّه بن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول ليس الخمس الا في الغنائم و فيه ان الغنائم لا بدّ ان يحمل على مطلق الفوائد و الّا لأشكل بما اتفق على وجوبه فيه غير غنائم كالمعادن و الكنوز و هو اولى من ارتكاب التخصيص فيه بغير ذلك و لا بعد ان يكون ذلك القول منه عليه السلام حين السّؤال عن الأرباح و يكون محمولا على التقية لان العامّة قاطبة متفقون الخمس فيها او يكون المراد ان الخمس بنصّ القرآن ليس الا في الغنائم بناء على ان الغنائم في الآية ليست نصّا في غنائم اهل الحرب فتدبّر

قوله حيث نفاه في الارتفاع

و قال في المنتهى لا فرق بين جميع انواع الاكتسابات في ذلك فلو زرع عن سافر

ص: 299

فزادت قيمته لزيادة نمائه يجب عليه الخمس في الزيادة اما لو زادت قيمته السّوقية من غير زيادة فيه و لم يبعه لم يجب عليه شي ء ثمّ نقل صحيحة الرّيان بن الصلت التى نقلناها سابقا و كان نقلها للاحتجاج على ما ذكره اوّلا و اما بالتفصيل الذى ذكره في الارتفاع فكانه اخذه من العرف اذ في العرف قد يطلق الاكتسابات و الاستفادة بمجرّد ارتفاع القيمة السّوقية ما لم يبعه و يجعل فيه ربح بالفعل فتأمل

[الخامس الحلال المختلط بالحرام]

قوله الحلال المختلط بالحرام

قال في المنتهى ذكر اكثر علمائنا لأنّ منعه من التصرّف فيه ضرر عظيم و التسويغ له بالكلية اباحة للحرام و كلاهما منفيان فلا بد من طريق الى التخلّص و انه اخراج خمسه الى الذريّة و يؤيده ما رواه الشيخ عن الحسن بن زياد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان امير المؤمنين عليه السلام اتاه رجل فقال يا امير المؤمنين انى اصبت ما لا اعرف حلاله من حرامه فقال له اخرج الخمس من ذلك المال فان اللّه تعالى قد رضى من المال بالخمس و اجتنب ما كان صاحبه بعمل و روى السكونى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ان رجلا اتى امير المؤمنين عليه السلام فقال انى كسبت مالا اغمضت في مطالبه حلالا و حراما و قد اردت التوبة و لا ادرى الحلال منه من الحرام و قد اختلط علىّ فقال امير المؤمنين عليه السلام تصدّق بخمس مالك فان اللّه قد رضى من الأشياء بالخمس و ساير المال لك انتهى و انما نسب القول به الى الاكثر لان جمع من القدماء لم يذكروا هذا القسم من اقسام الخمس كابن ابى عقيل و ابن الجنيد و شيخنا المفيد على ما نقل عنهم في المختلف و الظاهر انهم لم يقولوا به ثمّ لا يخفى ضعف ما استدل به و اما الروايتان فلضعف سندهما يشكل اثبات الحكم بهما و لا دلالة أيضا على انّ مصرف الخمس هو مصرف ساير الاقسام لاحتمال ان يكون المراد باخراج الخمس اخراجه صدقة الا ان يقال ان الخمس الذى رضى اللّه به من المال هو الخمس المعهود فالظاهر ان المراد بهذا الخمس هو ذاك و ان الرّواية الثانية صريحة في التصدّق فحمله على الخمس بالقرينة المذكورة مشكل جدّا و قال في الفقيه جاء رجل الى امير المؤمنين عليه السلام فقال يا امير المؤمنين اصبت مالا اغمضت فيه أ فلي توبته قال ايتنى بخمسه فاتاه بخمسه فقال هو لك ان الرجل اذا تاب طاب ماله و لم يذكر سند الرواية و ليس فيما ذكروه من الخلط بل يحتمل ذلك و يحتمل ان يكون اغماضه باعتبار خصوص عدم اداء خمسه و حينئذ فلا دلالة فيه على ما ذكروه و قوله عليه السلام اذا تاب الرجل تاب ماله معه اى تطهر و تصير حلالا لان توبته لا يكون الا بادائه عليه و اذا ادّى ذلك فيصير الباقى له حلالا و لا يخفى ان امر المصرف فيه أيضا مثل الرواية الاولى من احتمال الصدقة أيضا لكن امره باتيانه به دون اخراجه كانه يؤيد الحمل على الخمس و كيف ما كان فالامر في ذلك الاحتمال هيّن لان الظاهر انه لا يجب في الدفع الى الخمس تعيين نيّة الخمس او الصّدقة بل يكفى دفعه اليه بقصد القربة بنيّته ما يعم الخمس و الصّدقة اذا لم يعلم انه ايّهما و ايضا الظاهر جواز دفع مال الامام في زماننا الى المستحقّين سيّما السادات منهم و أيضا الظاهر عدم حرمة هذه الصدقة على بنى هاشم اذ لا دليل على حرمة الصدقة غير الزكاة عليهم و على هذا اذا اعطى الجميع مستحقى الصّدقات من غير تعين خمس او زكاة يحصل الامتثال سواء كان خمسا او صدقة نعم على قول من يقول بحرمة الصدقة الواجبة مطلقا على بنى هاشم كما هو ظاهر المصنف في البيان يشكل الامر و الاحوط ان يعطى من تعذّر كفايته من ساير اقسام الخمس لاجزائه على التقدير فتدبّر ثمّ انه لو لم يعمل بالروايتين فالمطابق للاصول كما ذكره صاحب المدارك وجوب عزل ما يتفق انتفاء عنه و التفحّص على مالكه الى ان يحصل اليأس من العلم به فيتصدّق به على الفقراء كما في غيره من الاموال المجهولة المالك قال و قد ورد بالتصدّق بما هذا شانه روايات كثيرة يؤيده بالاطلاقات المعلومة و ادلة العقل فلا باس بالعمل بها انتهى و لا يخفى انه يحصل باعطاء الخمس ايضا على ما ذكر بالعمل بتلك الرّوايات أيضا فيما يعطيه فالاحوط دفعه على ذلك الوجه و لا يتقى الثمرة للنزاع الا اذا كان اقل من الخمس و احتمال زيادته الى الخمس فما زاد فانه على ما ذكر لا يجب ما زاد منه و على القول بوجوب الخمس يجب دفع الزائد الى الخمس و لا ريب ان الاحوط فيه دفع الخمس بل الاحوط دفع ما زاد أيضا ان يحصل الى اليقين بالبراءة و امّا اذا تيقّن نقصانه او زيادته فيجب استثنائه عن الحكم و انه لا يجب في الاول دفع الزائد و لا يكفى في الثانى دفع الخمس بل ما يجب عليه ما تيقن زيادته أيضا و على هذا فلا يظهر التّفاوت الا فيما ذكر فتدبّر ثمّ العلامة

في المنتهى ذكر بعد ما نقلنا عنه فروعا الاول انه لو عرف مقدار الحرام وجب عليه اخراجه سواء قل من الخمس او كثر و كذا لو عرفه بعينه و لو جهله غير انه عرف انه اكثر من الخمس وجب عليه و ما يغلب على الظنّ في الزائد الثانى لو عرف صاحبه وجب بالخروج اليه فان كان حيّا دفعه اليه و ان كان ميّتا دفعه الى وارثه فان لم يجد له وارثا كان للامام الثالث لو ورث مالا ممّا لا يحترز في اكتسابه و يعلم انه حلالا و حراما و لم يتميّز اخرج منه الخمس أيضا الرابع روى الشيخ في الصحيح عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرّجل اصحابنا يكون في ادائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسا و تطيب له و هو دالّ على ما تقدم من الاحكام أيضا انتهى و لا يخفى ان الصحيحة لا تدلّ على شي ء من الاحكام التى ذكرها لا على اصلها و لا على فروعها و انما تدل على وجوب الخمس في الغنيمة التى اصابها معهم مع كونها بغير اذن الامام و انه ليس له عليه السلام فيه تمامها الدّال الا ان يحمل ذلك على انه يتبرّع منه و قد سبق تفصيل القول في تلك المسألة فتذكّر

قوله كان للحرام حكم مال المجهول المالك

و هو ما نقلناها عن المدارك من وجوب الصدقة به للاخبار الكثيرة الدالة عليه مثل رواية علىّ بن حمزة في حكاية صديقه الذى كان من كتاب بنى اميّة و اصاب مالا كثيرا و يذمّ عن ذلك و سئل ابا عبد اللّه عليه السلام انه هل له مخرج منه فقال عليه السلام اخرج من جميع ما اكتسبت من ديوانهم ممن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف فصدّقت به له و رواية هشام بن سالم قال سئل خطاب الاعور الى ابراهيم و انا جالس فقال انه كان عند ابى اجير لعمل عنده بالاجرة ففقدناه و بقي له من اجرته شي ء و لا نعرف له وارثا قال فاطلبوه قال فطلبناه فلم نجده قال فقال مساكين و حرّك يديه مال فاعاد اليه قال اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا فهو كسبيل مالك حتى له طالب فان حدث بك و اوصى به الّا جاء له طالب يدفعه اليه و الظاهر ان مراده عليه السلام بقوله مساكين و تحرك يديه تجويز الدفع اليهم لا الامر به حتما فلذا عاد السّائل السؤال ليظهر له الاحتمال الآخر الذى يجوز له عليه السلام فذكر عليه السلام له ذلك و هو ان يكون كسبيل ماله او يحفظ كما يحفظ ماله و ان حدث به حدث فيوصى به ان جاء اللّه طالب فيدفع اليه اى عينه ان قامت و الا فعوضه و الاول وفق بآخر الكلام و الآخر باوله فافهم و رواية فيض بن حبيب صاحب مال كتبت الى عبد صالح عليه السلام قد وقعت عندى مأتا درهم و اربعون درهما و انا صاحب فندق و مات صاحبها و لم اعرف له ورثة فرأيك في اعلامى حالها و ما اصنع بها فقد صنعت بها ذرعا فكتب اعمل فيها و اخرجها صدقة قليلا قليلا حتى يخرج و كان امره بالعمل فيها و اخراج الصدقة قليلا لعلمه عليه السلام بحاجته فامره بالعمل لينتفع به و يخرج الصّدقة قليلا من منافعه حتى يخرج و موثقى اسحاق بن عمار قال

ص: 300

سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن رجل نزل في بعض بيوت فوجد فيها نحوا من سبعين درهما مدفونة فلم تزل معه و لم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال يسأل عنها اهل المنزل لعلهم يعرفونها قلت فان لم يعرفونها قال يتصدق بها و صحيحة يونس بن عبد الرحمن قال سئل ابو الحسن الرضا عليه السلام و انا حاضر فيق له السّائل جعلت فداك رفيق كان لنا بمكة فرحل عنا الى منزله و رحلنا الى منازلنا فلما ان صرنا الى الطريق اجبنا بعض متاعه معنا فأيّ شي ء تصنع به قال فقال يحملونه حتى تحملوه الى الكوفة قال لسنا تعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع قال اذا كان فبعه فتصدق بثمنه قال له على من جعلت فداك قال على اهل الولاية و يؤيده هذه الرّوايات روايات وردت في اللقط كرواية حسين بن الكثير عن ابيه قال سئل رجل امير المؤمنين عليه السلام عن اللقطة فقال يعرفها فان جاء صاحبها دفعها اليه و الا احبسها ولد فان لم يجئ صاحبها او من يطلبه تصدّق بها فان جاء صاحبها بعد ما تصدق بها انشاء اغرمها الذى كانت عنده و كان الاجر له و ان كره ذلك احتبسها و الاجر له و موثقة زرارة بن بكير و هى كالصحيحة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن اللقطة قال ما رانى خاتما في يده من فضة قال ان هذا مما جاء السبيل و انا اريد ان اتصدّق به و رواية محمد بن رجاء الحنّاط قال كتبت اليه انى كنت في مسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت اليه لآخذه فاذا انا بآخر ثمّ بحثت الحصى فاذا أنا بثالث فاخذتها فعرفتها فلم يعرفها احد فما تامرنى في ذلك جعلت فداك فكتب اليّ فهمت ما ذكرت من امر الدّينارين تحت ذكرها موضع دينارين ثمّ كتب قصّة الثالث فان كنت محتاجا فتصدّق بالثالث و ان كنت غنيّا فتصدّق لكلّ و لا يخفى ان تقريره له و عدم انكاره عليه في اخذ لقطة الحرم ثمّ ظاهره جوز ذلك كما هو احد القولين بحمل اخبار النهى على الكراهة ثمّ الحكم بتصدق الثالث فقط عند كونه محتاجا لا ينافى ما هو المشهور من عدم جواز تملك لقطة الحرم بعد تعريف الحول أيضا وجوب التصدّق به اذ لعلّ ذلك عند عدم حاجة الملتقطة و اما عند حاجته فيكون اخذه من حكم التصدّق لكن ينبغى له التصدّق بالثالث على غيره وجوبا او استحبابا و رواية علىّ بن ابى حمزة عن موسى ابن جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فاخذ قال بئس ما صنع ما كان ينبغى له ان يأخذه قال قلت قد ابتلى بذلك قال ستعرفه قلت فانه قد عرفه فلم يجد له باغيا قال يرجع الى بلده فيتصدّق به على اهل بيت من المسلمين فان جاء طالبه فهو له ضامنا و رواية حفص بن قياس قال سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين اودعه رجل من اللصوص دراهم او متاعا و اللص مسلم هل يرده عليه فقال لا يرده فان امكنه ان يرده على اصحابه فعل و الا كان في يديه بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان اصاب صاحبها ردّها عليه و الا تصدّق بها فان جاء صاحبها بعد ذلك خيّره بين الاجر و العزم فان اختار الاجر فله الاجر و ان اختار العزم عزم له و كان الاجر له و رواية ابان بن تغلب قال اصبت يوما ثلثين دينارا فسئلت ابا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال لى ابن اميّة قال فقلت له كنت منصرفا الى منزلى فاصبتها قال فقال صر الى المكان الذى اصبت فيه فعرفه فان جاء طالبه بعد ثلاثة ايام فاعطه و الا تصدّق به و كان الاكتفاء بالتعريف ثلاثة ايّام بناء على ان تعريف الحول انما يجب اذا اراد التملّك و اما اذا لم يرد التملك و يتصدّق به فيجوز له ذلك مع الضمان بدون تعريف السنة كما ذهب اليه جمع من الاصحاب فيكون حينئذ التعريف ثلاثة ايّام او يحمل ذلك على الاستحباب و رواية ابن ابى يعفور قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام جاء رجل من اهل المدينة فسألنى عن رجل اصاب شاة قال فامرته ان يحبسها عنده ثلاثة ايام و يسأل عن صاحبها فان جاء صاحبها و الّا باعها و تصدّق بثمنها هذا ما التقطه من الروايات الدالة على ما ذكرنا و لكن في بعض الاخبار ما يخالف ذلك كرواية معاوية بن وهب عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له على رجل حق ففقد و لا يدرى اين يطلبه و لا يدرى ا

حيّ هو ام ميّت و لا يعرف له وارثا و لا نسبا و لا ولدا قال اطلب قال فان ذلك قد طال فتصدّق به مال قوله و يمكن حمله على علمه عليه السلام في خصوص ذلك بانه اذا طلب يظفر بصاحبة او على ان طالبه لم يمكن بقدر ما يئس منه فامره بالطلب الى ان يئس منه و كرواية الهيثم الى روح صاحب المال قال كتبت الى عبد صالح عليه السلام انى اتقبّل الفتاوى فينزل عندى الرّجل فجاءة لا اعرفه و لا اعرف بلاده و لا ورثته فيبقى المال عندى كيف اصنع به و لمن ذلك المال فكتب اتركه على حاله و هذا أيضا يمكن حمله على تركه على حاله الى ان ييأس و امّا الاحتمال الاوّل فهو بعيد فيه جدّا و يمكن أيضا الجمع بين هذين الخبرين و الاخبار الاوّلة بان التصدّق انما سوّغ له مال فيمن له ان جاء صاحبه و امّا من مال له فتعيّن له ان يتركه بحاله و يطلب صاحبه عسى ان يظفر به و روى الفقيه عن هشام بن سالم قال سئل حفص الاعور ابا عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر فقال كان لابى اجير و كان له عنده شي ء و هلك الاجير فلم يدع وارثا و لا قرابة و قد صنعت بذلك كيف اصنع قال رايك المساكين فقلت انى صنعت بذلك زرعا قال هو كسبيل مالك فان جاء طالب اعطيته قال الصّدوق رحمه الله و روى في خبر آخر انه ان لم تجد له وارثا و عرف اللّه منك الجهد فتصدّق بها و قوله عليه السلام هو كسبيل مالك يحتمل الوجهين اللذين ذكرناهما في مثله من رواية هشام بن سالم التى ذكرناها اوّلا و على الوجهين فيمكن ان يكون هذا تجويز لذلك أيضا و ان جاز له التصدّق فلا ينافى اخبار التصدّق و لو حمل قوله عليه السلام كسبيل ماله على المعنى الاوّل و هو انه يحفظ كما يحفظ ماله فيمكن أيضا ان يكون منعا عن التصدّق أيضا باعتبار انه كان معثرا لا يمكنه اداء عوضه اذا جاز صاحبه بعد التصدّق و لم يرض به هذا و صحيحة علىّ بن مهزيار الطويلة التى نقلناها سابقا ظاهرها ان المجهول المالك أيضا ما يجب من جملة ما يجب فيه الخمس كما ذكرناه هناك و لما صحّت الرواية فكانه لا يبعد القول به و حمل باقى تلك الاخبار من التصدق و التملّك لو قيل به التصدّق او التملّك في الباقى بعد الخمس و بحمل الضمان الوارد فيها أيضا على ضمان الباقى الذى تصدّق به او يملكه و امّا الخمس فلا يكون فيه ضمان و ان ظهر صاحبه او كانه حينئذ عليهم عليه السلام و يمكن أيضا حمل التصدّق او التملك على التصدّق بالجميع او تملك الجميع بان يكون ذلك في الخمس اذنا منهم عليه السلام في صرف حقّهم فيه امّا بناء على ان يكون هذا الخمس مختصّا بهم عليه السلام او على ان يكون لهم اختيار حق الشرط أيضا و حينئذ فيمكن حمل الضمان اذا ظهر صاحبه على ضمان الجميع سواء قيل بضمان للخمس اذا ظهر صاحبه او لم يقل به لجواز ان يكون اذنهم عليه السلام في التصدق او التملّك في الخمس بشرط الضمان لمصلحة رواها فيه و ان كان لهم الاذن بدون ذلك أيضا لكونه حقهم عليه السلام لكن القول بوجوب الخمس لم اظفر به في كلام الاصحاب و قد ذكرنا هناك لتاويل الصحة وجوها اخر فتذكر و روى محمد بن القاسم بن فضيل بن يسار عن ابى الحسن عليه السلام في رجل صار في يده مال لرجل ميّت لا يعرف له به وارثا كيف يصنع بالمال قال ما اعرفك لمن هو يعين نفسه و هذا يدلّ على

ص: 301

ان كلّه للامام عليه السلام كالانفال و ربما امكن حمل ما في الصحيحة أيضا على هذا كما اشرنا اليه هناك و لو قيل به فيمكن الجمع بينه و بين الاخبار الدّالة بما ذكرنا من كون ما ورد فيها اذنا منهم عليه السلام في صرف حقّهم كذلك و لا حاجة حينئذ الى بمحل الصحيح ذلك في حصة الشركاء بل لا يبعد ان يكون ما ورد فيها نفيه عليه السلام في اظهار كون ذلك حقهم لئلا يشتهر ذلك فبلغ الى من يخافون منه و لا يخفى ان ذكر المساكين في الرواية الاولى من هشام مهملا و في الرواية الثانية نسبتهم الى رايه يمكن تنزيله على ذلك فيكون اشارة حقيقة الى ان التصدّق الذى اشتهر عنهم في الاخبار ليس هو محل الحكم الشرعى فيه و اللّه تعالى يعلم و يمكن حمل هذه الرواية على من لا يعلم وجود وارث له فيكون له عليه السلام بحكم الأصل و لو فرض ظهور وارث له بعد ذلك فله مطالبة منه عليه السلام و حينئذ فلا ينافى الاخبار الاوّلة فانها فيما يعلم وجود مالك له و كان مجهولا و اللّه يعلم

قوله دفع اليه الخمس

علّله في التذكرة بان هذا القدر جعله اللّه مطهرا و فيه اشكال اذ جعله مطهرا ربما اختصّ بمورده و هو ما لم يعلم صاحبه و لا قدره و الاحوط ان يدفع اليه ما تيقن به البراءة و يحتمل الاكتفاء بدفع ما تيقن كونه منه و كيفما كان فلو عرف صاحبه بعينه و ابى من الصّلح فالامر سهل اذ يمكن التخلص منه باحد الوجوه المذكورة و اما اذا عرفه في جملة قوم محصورين و ابوا عن الصلح فيشكل الامر لتوقف البراءة حينئذ على دفع ما قلنا بدفعه الى كل واحد منهم و هو خسران عظيم لكن لا بعد في اذنه عليه عقوبة لما صنع من الخلط بالحرام

قوله ان لم يعلم زيادته

و لا نقصانه بقرينة قوله او نقصانه و المراد بالعلم ما يشمل الظن الغالب اذا الظاهر انه مع الظن الغالب بالزيادة عليه دفع الزائد و مع الظن الغالب بالنقصان يكفيه دفع ما غلب على ظنّه و يمكن ان يكون مراده الاكتفاء بالخمس ما لم يعلم زيادته و كذا وجوب دفعه ما لم يعلم نقصانه و اما اذا علم احدهما فج يجب مع العلم بالزيادة دفع ما غلب على ظنه ثبوته عندنا و ربما امكن توجيهه بان فيه عملا باطلاق الروايتين ما لم يثبت خلافه و لم يثبت ذلك الا فيما علم زيادته او نقصانه لكن الظاهر من طريقتهم هو ما ذكرنا من البناء على من يغلب على ظنه مطلقا فتدبّر

قوله صدقة لا خمسا

كان بناء على ما هو الظاهر عنده من كونه في غير مورد النصّ صدقة و الّا فاحتمال الخمس الذى ذكره في الثقتين الآتيين يأتى هاهنا أيضا لكنه ضعيف في الجميع كان احوط

قوله و يحتمل قويّا كون الجميع صدقة

و احتمل أيضا ذلك كون الجميع خمسا و هو بمكان من الضعف و ان كان احوط على ما سنذكره

قوله و تصدّق بالزائد و لو ظنّا

اى و لو كان الزائد زائدا بحسب ظنّه و لو تيقن فيه اشارة الى ان المراد بالعلم الذى مرّ ذكره سابقا ما يشمل الظنّ او المراد و لو كان التصدق بحسب ظنّه اى يكفى ذلك و لا يجب التصدّق بكل ما احتمل الزيادة و على هذا يمكن حمل العلم السّابق على ظاهره كما ذكرنا من الاحتمالين في عبارة السّابقة فتذكّر

قوله اقتصر على ما تيقن به البراءة

و يحتمل جواز الاقتصار على دفع ما تيقن انه ليس منه و ما ذكره احوط

قوله و هو الاحوط

فان الاقوى عند الشارح كما سبق منه في كتاب الزكاة ان هذه الصّدقة و يجوز دفعها الى مستحق الخمس و ليست من قبيل الزكاة التى لا يجوز دفعها و الظاهر ان نصب الامام عليه السلام ايضا يجوز دفعه في هذا الزمان الى مستحق السّادات فلو دفع الجميع اليهم يحصل البراءة سواء كانت صدقة او خمسا و هكذا بخلاف ما اذا وقع صدقة الى غير مستحق الخمس و هو ظاهر نعم على رأى بحرمة الصدقة الواجبة مطلقا على بنى هاشم يشكل الامر و الاحوط حينئذ ما ذكرنا سابقا من اعطائه لمن يعون كفاية من ساير اقسام الخمس و اعلم ان ما ذكره الشارح من التفصيل هو المشهور بين المحققين حيث لم يعلموا باطلاق الروايتين و نزلوهما على ما ذكره جمعا بينها و بين الاصول الشرعية و هو جيّد و قال الشيخ في المبسوط و ان اختلط مال حرام بحلال حكم فيه بحكم الاغلب و ان كان الغالب حراما احتاط في اخراج الحرام منه و ان لم يتميز له اخرج الخمس و صار الباقى حلالا و لك ان ورث ما لا يعلم ان صاحبه جمعه من جهات محظورة من غصب و رباء و غير ذلك و لم يعلم مقدار ما خرج من الخمس و استحلّ الباقى فان غلب على ظنّه او علم ان الاكثر حرام احتاط في اخراج الحرام منه هذا اذا لم يتميز الحرام فان تميز له بعينه وجب اخراجه قليلا كان او كثيرا و ردّه الى اربابه اذا تميزوا فان لم يتميّزوا فيتصدّق به عنهم انتهى و مراده بقوله و ان لم يتميز له عدم تميز قدره بالاغلبية و عدمهما لا عدم تميّز عنهما فان ما ذكره اوّلا انما هو في صورة تميز قدرها بالاغلبية و عدمها لا في صورة تميّز عنه اذ مع تميز العين يجب اخراجه مطلقا قليلا كان او كثيرا كما ذكره في آخر كلامه فهو في التفصيل الاخير موافق للمشهور و اما تفصيله الاول و هو الفرق بين ما علم اغلبيته و عدمه فلم اقف على مشاهد له فينتفى اما ان يصرح على الروايتين و اطلاقها او التفصيل بما هو المشهور الذى هو مقتضى الاصول الشرعية فتأمل

قوله خمسه بعد ذلك بحسبه

اى بحسب حكمه من الشرائط في القسم الذى كان منه

قوله اجودهما ذلك

منشأ الاحتمالين انه تصرّف بغير اذن المالك فيضمن و انه بالاذن من الشارع فلا يستعقب الضمان و في المدارك قوى الثانى فكان ما ذكره الشارح اجود فيما سوى الخمس لان اذن الشارع في التصرّف فيه ما لم يظهر صاحبه لا ينافى ضمانه او اظهر كما سبق لك فيما سبق من الرّوات في التصدّق او التملك في المال المجهول المالك و اما ضمان قدر الخمس مع الحكم بوجوبه شرعا فلا يخلو عن اشكال الا ان يجعل ذلك عقوبة لما وقع منهم من الخلط او يقال ان الروايتين لعدم صحة سندهما لا تنهضان حجة باثبات سقوط حق صاحبه اذا ظهر غاية الامر ان يتمسّك بهما في جواز التصرّف في الباقى بعد اداء الخمس و ان استعقب ذلك ضمانه اذا ظهر صاحبه فمن لم يرض به فليحفظه الى ان يحصل البأس عن ظهورها بالكلية و كيف ما كان فلا ريب ان الضمان احوط

[السادس الكنز]

قوله و هو المال المدخور تحت الارض قصدا

كلامهم خال عن ذكر القصد بل في كلام بعضهم كالعلامة في المنتهى انه المال المدفون في الارض و في كلام بعضهم كالمحقق في الشرائع انه المال المدخور تحت الارض لكن الظاهر منهما كون ذلك بالقصد و لذا قيده الشارح به هاهنا و قال في المسالك يعتبر في الاذخار كون ذلك مقصود ليتحقق الكثرة فلا عبرة باستتار المال بالارض بسبب الصّناع بل يلحق باللقطة و يعلم ذلك بالقرائن الحالية كالوعاء انتهى و لا يخفى انه كما ان الظاهر عدم اطلاق الكنز على المال الصنائع على ما ذكره كذلك الظاهر عدم اطلاق اللقطة أيضا عليه اذ الظاهر ان اللقطة هى ما يؤخذ من وجه الارض فالحكم بكونه ملحقا باللقطة لا يخلو عن اشكال و كان الحاقه بالكنز اظهر الّا ان يكون قريبا من وجه الارض جدا و استتر تراب يسير فان الظاهر انه قد لحقه بعد ما كان ظاهرا على وجه الارض فحينئذ الحاقه باللقطة اظهر ثمّ انه لا خلاف في وجوب الخمس في الكنز بين اهل العلم كافة كما ذكر في هى و غيره قال في المدارك و الاصل فيه من طريق الاصحاب ما رواه الشيخ رحمه الله في الصحيح عن الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس قال و سألت

ص: 302

عن الكنز كم فيه قال الخمس و على المعادن كم فيها قال الخمس و في الصحيح عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن المعادن كم فيها فقال كلّما كان ركازا ففيه الخمس و الركاز على ما ذكره اللّه تعالى في المعادن اى احدثه و دفين اهل الجاهلية و قطع الذّهب و الفضة من المعدن قاله في القاموس و في هى اقتصر في الاستدلال من طريق الخاصة على الرواية الثانية و فيه تامّل لان تتمة الرواية في التهذيب هكذا و قال ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج اللّه منه من حجارته مصفى الخمس و لا يخفى ان الظاهر منه ان المراد بالركاز فيه هو المعنى الاوّل و الثّالث و المراد انما اخرج من المعادن مما كمل جوهره و لا يحتاج الى علاج ففيه الخمس من عينه و ما يحتاج الى علاج بان يخرج حجارة و يصفى ليخرج منه ذهب او فضّة ففيه الخمس مما اخرج من حجارته مصفى فليس فيه حديث الكنز اصلا و حمل الركاز فيه على ما يشمل دفين اهل الجاهلية بعيد جدّا فلا استدلال به كما ترى لكن الجوهرى في صلّى اللّه عليه و آله ذكر انّ الركاز دفين اهل الجاهلية كانه ركز في الارض ركزا و في الحديث في الركاز الخمس و كان الحديث الذى ذكره من طريقهم و ليس فيه التتمة المذكورة و حينئذ فيكون المراد منه ما ذكره نعم لو كان المعروف من الركاز ما ذكره و كان العينان اللذان ان ذكرا في القاموس نادر جدا كما يظهر من الصّحاح حيث لم يتعرض لهما فلا يبعد حمل الركاز في الصحيحة أيضا عليه بان يكون غرضه بيان كيفية وجوب الخمس في معادن الذّهب و الفضّة فذكر توطئة له ان كل ذهب او فضّة دفنت في الارض و اخرجت منها ففيه الخمس من عليها و ما يخرج الى علاج كتصفية الحجارة ليخرج منها ذهب او فضة فالخمس من المصفّى منه او يقال ان المراد بالركاز فيه مطلق ما يركز في الارض او اخفى فيها سواء كان جعل اللّه تعالى او بفعل غيره و يكون المعنى ان كل جوهر اخفى في الارض و اخرج منه ففيه الخمس من عينه و ما يحتاج الى علاج و تصفيته ففيه الخمس مما اخرج منه مصفّى فتدبّر و أيضا صحيحة البزنطى الدّالة عليه فانتظر

قوله في دار الحرب مطلقا

اى سواء كان عليه اثر الاسلام ام لا قد قطع الاصحاب فيه بوجوب الخمس و كون الباقى لواجده امّا الاول فلا دلالة وجوب الخمس في الكنز و الاخبار كما سبق و امّا الثانى فلان الاصل في الاشياء الاباحة و حرمة التصرّف في مال الغير انما ثبت اذا ثبت كون المال المحترم او ورد به نهى خصوصا او عموما و الكل منتف هاهنا قال في المدارك و يؤيده صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال و سألته عن الورق يوجد في دار فقال ان كانت الدار معمورة فيها اهلها فهي لاهلها و ان كانت خربة فانت احق بما وجدت و كان وجه التّأييد ان الورق كما ذكره في الصحّاح و القاموس هى الدّراهم المضروبة و هى تشتمل ما عليه اثر الاسلام بل المعهود فيها هو ذلك و حينئذ فالرواية تدل على انه لا منع من التصرّف فيها كليّا و اما الحكم فيها بكونها لا كليّا فلا ان يخصّ بغير الحربى لما ثبت من اباحة مالهم لنا في دار الحرب باىّ وجه يمكننا اخذه هذا و قال في المسالك و في حكم دار الحرب دار حربى معيّن في دار الاسلام و انت خبير بانه يشكل ذلك مع الامان له او شبهه او الظاهر انهم لا يجوزون حينئذ اخذ ماله بغير اذنه فاذا كان المدفون في داره من جملة ماله كما هو ظاهر الصحيحة المذكورة ايضا فينتفى ان لا يجوز لنا اخذه بمجرّد وجدانه بل يجب لنا تعريفه كغيره فلو لم يثبت الانفاق على الالحاق المذكور لم يخل الحكم به عن اشكال نعم لو كانت الدار الحربى معين لم يكن له زمان و لا شبهة او كان له ذلك لكنه حين وجدان الكنز في داره مات او انتقل من دار الامان اتجه الالحاق المذكور و نقل الفاضل الاردبيلى رحمه الله عن هى انه لو وجد الكنز في ارض مملوكة لحربىّ معيّن كان ركزا و فيه الخمس و به قال ابو يوسف و قال و لعلّه لعموم ادلة الخمس في الكنز و يظهر عدم الخلاف و عندنا حيث ما نقل الّا خلافهم و كانه يريد بالحربىّ من لا حرمة لما له و فيه تامّل لان الظاهر من الكنز الذى يجب خمسه عدم كونه لشخص بعينه و الا فهو بمنزلة اخذ ماله قهرا و حقيقة من بيته خصوصا اذا كان مدفونا في بيته او ملكه مع علمه نعم انه يمكن على مذهب من يحصل الخمس في كل مال مستفيد انتهى و كانه رحمه الله اشار بقوله و كانه يريد بالحربى من لا حرمة لماله الا به يندفع الاشكال الذى اوردنا و امّا المتامّل ذكره ففيه تامل لان المفروض من وجدان الكنز في ملكه من غير علم بانه هو دافنه او غيره و حينئذ فلا اشكال في دخوله في عمومات الكنز و ليس بمنزلة اخذ ماله قهرا و خفية نعم لو علم كونه من ماله و اخذ ذلك مع حضوره قهرا و خفية لكان من ذلك و كان مفروضهم لا يشمل ذلك فتأمل قوله ثمّ انه نقل أيضا عن هى انه اذا وجد في قبر من قبور الجاهلية فكك و قال و البحث كما تقدم انتهى و الظاهر ان الحاقه بالكنز صحيح و لا مجال للبحث فيه اذا كان قبرا جديدا و علم دافنه فيه و كان موجودا فان في ادخاله في الكنز حينئذ تامّل فتأمل

قوله و لا اثر عليه

اى ليس اثر الاسلام عليه كاسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله واحد ولدة الاسلام

قوله فلقطه على الاقوى

هذا قال الشيخ في المبسوط و تبعه اكثر المتاخرين و ذهب الشيخ في جملة من كتبه و ابن ادريس و جماعة الى عدم الفرق بين ما عليه اثر الاسلام و عدمه فانه اذا وجد في ارض مباحة فهو لواجده بعد الخمس و هو اظهر و ذلك لان دليلهم فيما ليس عليه اثر الاسلام هو ما ذكرنا في الحربى من انتفاء دليل على حرمة التصرّف في مثله و هو يجرى فيما عليه اثر الاسلام ايضا فان اثر الاسلام لا يدل على جريان يد مالك مسلم عليه البتة اذ يمكن صدوره من غير المسلم أيضا كما اعترفوا به فيما وجد في دار الحرب حيث حكموا بجواز اخذه و ان كان عليه اثر الاسلام و يؤيده أيضا عمومات وجوب الخمس في الكنز و يؤيده أيضا صحيحة محمد بن مسلم السّابقة لانها باطلاقها تشمل الكنز أيضا و تشمل ما عليه اثر الاسلام و ما لم يكن و منها صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال سألت عن الدّار يوجد فيها الورق فقال ان كانت معمورة فيها اهلها فهو لهم و ان كانت خربة قد جلد عنها اهلها فالذى وجد المال احق به و حملها فيما عليه اثر الاسلام على الاحقية بعد التعريف بعيد جدا و تخصيصهما ايضا بغير المدفون بعدم ذكر المستحق الخمس فيهما بعيد اذ لا بعد في الاستغناء عنه مما ورد من عمومات الخمس في الكنز فبمجرّد ذلك لا يمكن تخصيصها بغير المدفون على انه سيجي ء من الشارح في بحث اللقطة ان الموجود في الخربة لواجده سواء كان مدفونا فيها او وجد على وجه الارض لإطلاق النص و الفتوى و اراد بالنص هاتين الصحيحتين فعلم انهم لم يخصّوها بغير المدفون هذا و احتجوا للقول الاول اما على ما ليس عليه اثر الاسلام فنحو ما ذكرنا و اما على ما كان عليه اثر الاسلام فبان ما عليه اثر الاسلام يصدق عليه انّه مال صنايع عليه اثر الملك انسان و وجد في دار الاسلام فيكون لقطة كغيره و بانّ الاثر يدلّ على ما سبق يد مسلم و الاصل بقاء الملك و بما رواه الشيخ في الموثق عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال فنفى على عليه السلام في رجل وجد ورقا في خبرته ان يعرفها فان وجد من يعرفها و الا تمتع بها و الجواب عن الاول ان الظاهر من اللقطة هو ما يوجد على وجه الارض فلا تشمل المدفون على انه لو شمله يلزم عدم الفرق بين ما عليه اثر الاسلام و غيره و هم لا يقولون به و عن الثانى بما ذكرنا من ان اثر الاسلام لا يدل على جريان يد مالك مسلم و عن الرواية بانها لا تدل على ما ذكروه من التفصيل

ص: 303

و لا يمكن الحكم بمجرّد الجمع بينها و بين صحيحتين بمجرّد الاحتمال من دون شاهد بل الظاهر في الجمع بينهما حملهما على ما يوجد على وجه الارض لموافق الاخبار اللقطة و حمل الصحيحتين على ما وجب مدفونا فيها لئلا تنافيا تلك الاخبار و حينئذ فلا حاجة الى التقييد بما لا يكون عليه اثر الاسلام يدفن شاهد على ذلك فان قلت عنده ان الموجود في الخربة واجده احقّ سواء وجد على وجه الارض او مدفونا فيها فالحكم في آخر الصّحيحين عام فحينئذ فيبعد تخصيص اوّلهما بالمدفون بل الظاهر حمله أيضا على المشمول للمدفون و غيره فلا يمكن الجمع بينهما و بين الموثقة و ما ذكرت من التخصيص فلذا جمعوا بينهما بالتفصيل المذكور قلت لو كان ما ذكروه اجماعيّا لكان كذلك لذلك وجه لكن الاجماع عليه غير ظاهر فالكلام عليهم انهم حملوا الصحيحتين على العموم حتى يلزم الجمع بينهما و بين الموثقة بما ذكروه بلا شاهد له بل كان يبقى لهم حمل الصحيحين على المدفون و حمل الموثقة على الموجود على وجه الارض ليطابق الاخبار العامة الواردة في اللقطة على انه لا يبعد ان يقال ان من عمّم الحكم في الخربة بان الموجود فيه لواجده سواء مدفونا فيها او وجد على وجه الارض بما اراد بما وجه الارض ما لم يكن مدفونا على نحو الكنز لكن كان المعلوم او الظاهر كونه من اهل الخربة اما انه سقط فيها حديثا بان كان عليه اثر قدمته اذ الحكم بكونه لواجده متجه فيهما و امّا ما وجد على وجه الارض كان المعلوم او الظاهر سقوطه فيها حديثا فالحكم باخراجه عن الحكم العام اللقطة بانه لواجده باعتبار وجد انه في الخربة و لا يظهر له وجه اعتبار اصلا و على هذا فيمكن حمل الموثقة على ما وجد على وجه الارض مع عدم العلم او الظن المذكورين و حمل الصحيحين على المدفون او الظاهر على الوجه الآخر لئلا تتنافيا فتأمل و اعلم ان كلام الفاضل الاردبيلى رحمه الله في شرح الارشاد لا يخلو عن تشويش و اغلاق و يتراءى ظاهرا خلاف ما نقلناه من المذهبين من العلماء فلا باس بنقله صحيحا و توضيحه لئلا يتوهم منه متوهم ذلك فنقول انه رحمه الله ذكر في صورة علم الورثة او اعترافهم بانه ليس من مورثهم انه ينقل الى المالك المقدم على المورث و حكمه حكم الثانى و هو انه يعرف المالك الاوّل فالاول حتى تنتهى فان عرفه مالك مطلقا فهو له بغير نيّة و لا يمين لانه تحت يده مع دعواه له بغير منازع و لكن ينبغى له عدم اخذه مع قرائن الخلاف و ظنّه و ان لم يعرفه مالك او عدم المالك و لا امارة فهو لقطة مع كونه في دار الاسلام و اثره فيه قيل المراد به سكة الاسلام بنحو الشهادة و اسم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و السّلطان المسلم بل ما يدل على ملكية من ماله قرينة و كذا يجوز اخذه بدون اذنه مطلقا مع عدم العلم بزوالها و ظاهرهم عدم الخلاف فيه لصدق اللقطة و ان صدق عليه الكنز أيضا و لكن الظاهر ان المعتبر في الكنز الذى يتملّك بعد اخراج الخمس عدم العلم بكونه ملكا لمن لا يجوز اخذ لماله و الظاهر انه يكفى حينئذ الاثر الدالّ على ذلك مع عدم العلم بالزوال و امّا ما لم تكن عليه العلامة و لم يعلم كونه ما لا لمن لا يجوز التصرّف في ماله فالظاهر كونه مطلقا للواجد بعد الخمس لعموم ادلة الخمس مع عدم العلم بملكية لمن لماله حرمة و ان مجرد الملك في الوجود لا يدلّ عليه و ان كان في دار الاسلام لعدم ظهور مالك يصلح لذلك و لاحتمال كونه ملكا لمن يجوز التصرّف في ماله مستقلا او تبعا للارض خصوصا مع القرائن و ظهور المالك الحىّ مع انكاره له و قيل انه لقطة لصدق تعريفها هذا مع ظنّ كون المال او الارض لمن لماله حرمة غير بعيد فتأمل انتهى و يتراءى ظاهره ان قوله بل ما يدل على ملكية الى آخره انه تعميم بعد ما نقله من التخصيص و المراد انه لقطة مع وجود الاثر الذى نقله و كذا مع كل ما هو مثله مما يدل على ملكيته من لماله حرمة و ان ظاهرهم عدم الخلاف فيه و أيضا يتراءى اى من قوله و ان مجرّد الملك اه ان مجرد علامة الملك في الوجود و لا يكفى و ان كان في دار الاسلام بل لا بدّ من علامة لكونه لمن لماله حرمة و يرى ان القول الذى نقله من انه لقطة هو فيما دلّ على مجرد كونه ملكا و ان

النزاع بينهم في كونه لقطة ام لا انما في هذه الصورة و لا فيما عليه اثر الاسلام الوجه الذى ذكره اولا فلا خلاف بينهم في كونه لقطة كما ذكره اولا و هذا كله فاسد كما نقلنا من خلافهم فيما عليه اثر الاسلام بالمفتى الذى ذكره اوّلا و أيضا لا قول بكونه لقطة مع وجود علامة لمطلق الملكية بل لا بد من علامة لكونه ملك مالك محترم و الذين قالوا بكونه لقطة مع سكّة الاسلام زعموا ان سكّة الاسلام تدل على جريان ملك مسلم عليه فالظاهر ان مراده بقوله بل ما يدل الى آخره الاضراب عما نقل من القائل من معنى اثر الاسلام و انه لا يكفى ذلك في الحكم بكونه لقطة بل لا بد على ملكيته من لماله حرمة و الاثر بالمعنى المذكور لا يدل عليه و مراد بقوله و ظاهرهم عدم الخلاف فيه عدم الخلاف في كونه لقطة فيما عليه اثر الاسلام بالمعنى الذى حققه اى ما وجد معه ما يدل على انه ملك مالك محترم و الظاهر ان قوله و ان مجرد الملك في الوجود سهو و الصحيح ان مجرد السّكة في الوجود اى السّكة الاسلامية لا يكفى ثمّ نقل القول بكفايتها و انّها لقطة معها و حكم برفع البعد عنها مع ظنّ كون المال او الارض لمن لماله حرمة فان لم يكن الجزم و على هذا فليس في كلامه ما يخالف ما نقلناه فتأمل

قوله و لو في وقت سابق

كان المالك ملكا للواجد في الحال و لكن انتقل اليه ببيع او نحوه من غيره فيجب عليه اعلام المالك الذى انتقل منه اليه و ذكر في المدارك انه يمكن المناقشة في وجوب اعلام المالك سواء كان مالكا في الحال او مالكا سابقا اذا احتمل عدم جريان يده عليه لأصالة البراءة من هذا التكليف مضافة الى اصالة عدم التقدم قال و لو علم انتفائه من بعض الملك فينبغى القطع بسقوطه تعريفه لانتفاء فائدته و لا يخفى انه لو كان اعلام المالك لاحتمال ان يكون ملكه فاعترف دفع اليه و الا اعلم المالك السّابق عليه و هكذا على ما ذكره العلماء فما ذكره من المناقشة الاولى متّجه لعدم دليل تامّ على وجوب هذا الاعلام و الاصل البراءة منه اذا احتمل عدم جريان يده و ما اضاف اليها من اصالة عدم التقدم وضع الكنز أيضا على ملكه اذ الاصل في كل حادث تاخره الا ان يعلم اوّل ملكه فحينئذ الاصل تأخره على وضع الكنز فيه و كذا بناء على ما ذكروه و اذا علم انتفاؤه عن بعض الملاك فينبغى القطع بسقوط اعلامه لكن هاهنا شي ء و هو ان ظاهر صحيحتين محمد بن مسلم السابقين على تقدير حملهما على الكنز كما هو الظاهر على ما ذكرنا او العموم كما يظهر مما نقلنا من العلماء انما وجد من الكنز في تلك معمور فيه اهله فهو له اى ملك له و ان لم يعرفه و لا استبعاد فيه و انه اذا جاز بحكم اللّه تعالى بكونه لواجده مجانا بلا تعريف او بعد التعريف فلم لا يجوز ان يحكم بكونه لمالك الملك الذى وجد فيه بان يكون ذلك من توابع الملك الذى و منافعه و حينئذ فمن وجد في ملك احد وجب عليه دفعه اليه او يصير ملكا له و ان لم يعرفه و يسقط اعلام من سبقه على تقدير عدم معرفته و عمومات وجوب الخمس لا ينافى ذلك اذ ليس فيها وجوب الخمس على الواجد فيجوز ان يجب فيما وجد من ملك احد عليه و فيما وجد في ارض مباحة على واجده و يؤيد ما ذكرنا

ص: 304

انهم اطلقوا الحكم بان ما وجد احد في ملكه الذى لا يشاركه فيه غيره حلّ للمالك الواجد لانه من توابع ملكه المحكوم له و قال الشارح فيما سيجي ء في كتاب اللّقطة هذا اذا لم يقطع بانتفائه عنه و الا اشكل الحكم بكونه له بل ينبغى ان يكون لقطة الا ان كلامهم هاهنا مطلق كما ذكره المصنف و انت خبير بانه اذا حكم فيما وجد في وجه الارض بكونه له و ان علم انتفائه منه كما هو ظاهر اطلاق كلامهم و وجه ذلك بانه لعله من توابع الملك فيجزى مثله في الكنز الموجود في ملكه أيضا بالطريق الاولى و يكفى ظاهر الصحيحتين حجة له لو لم يثبت الاجماع على خلافه و هو لم يثبت لنا و يمكن الاستدلال لما ذكره العلماء بموثقة اسحاق بن عمار قال سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة فوجد فيها نحوا من سبعين درهما مدفونة فلم تزل معه و لم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال فيسأل اللّه عنها اهل المنزل لعلّها يعرفونها فان لم يعرفوها قال يتصدّق بها اذ لا يخفى ان ظاهرها ما ذكره العلماء من ان اعلام المالك لاجل انه ادعاء دفع اليه لا انّه ملك له لكنه انما يدل على اعلام المالك في الحال و لا يدل على تتبّع من سبقه من الملاك على ما ذكروه و حمل المنزل على كل من علم انه اهله بالترتيب على ما ذكره العلماء بعيد جدا و كانه لهذا حكم العلّامة في عد فيما لو وجده في ملك انتقل اليه من غيره لوجوب اعلام المالك السّابق و انه لو عرفه فهو احقّ به و الّا فهو لواجده و استشكل في وجوب تتبع من سبقه من الملاك و ظاهر كلام الشيخ في يه أيضا هو كفاية اعلام المالك الاول لكن هذه الرواية لعدم صحة سندها كانها لا يقادم بمعارضة ظاهرا لصحيحتين و يمكن حملها على انه لو لم يعرفها اهل المنزل استحبّ لهم ان لا يأخذوها لا انه يجوز لهم اخذها و تملكها و حينئذ يحمل الصحيحتان على ان لاهل الدّار يملكه و هم احق به ان شاءوا و ربما يؤيد هذا الحمل على ان الحكم بالتصدّق الذى وقع في هذه الرواية لا بدّ من حمله على الاستحباب فانه ان لم يكن عليه اثر الاسلام فلا خلاف في انه يجوز لو اجد تملكه و ان كان عليه اثر الاسلام فكك على القول الاظهر و على القول الآخر يجب تعريفه و بعد التعريف اذا لم يظهر طالب يتخيّر بين تملكه و التصدّق به فالحكم بخصوص التصدّق مطلقا لا بدّ ان يحمل على الاستحباب و اذا حمل ذلك على الاستحباب فلا بعد في حمل ما يظهر منه من عدم اخذ اهل المنزل له على تقدير عدم معرفتهم به أيضا على الاستحباب هذا و اعلم انه يمكن الجمع بين الصحيحتين و هذه الموثقة بحملهما على انهما في الموجود على وجه الارض و الموثقة صريحة في المدفون فلا تنافى بينهما لجواز ان يكون الموجود على وجه الارض في ملك احد لمالكه و المدفون فيه يجب ان يعرف مالكه فان عرفه فهو له و الا فلا لكن لما ذكرنا في وجه الجمع بين الصّحيحتين و الموثقة السّابقة ان الوجه فيه ان تحملا على المدفون و تحمل الموثقة على الموجود على وجه الارض موافقا للاخبار اللقطة فلا يتأتى هاهنا هذا الجمع و لكن هاهنا كلام آخر و هو انه يمكن الجمع بين الصّحيحتين و هذه الموثقة بانّها لو فيما وجد في دار كانت ملكا لاهلها كما هو الغالب و هذه الموثقة فيما وجد في بيت من بيوت مكّة شرّفها اللّه و هى ليست ملكا لاهلها و لا يجوز لهم يبيعها و اجارتها سواء فيه العاكف و الباد لشمول المعسر لجميع الحرم بدلالة آية الاسرى و غيرها فيجوز ان يختلف حكمها بان يكون الموجود في ملك احد ملكا له بتبعيّة الملك و الموجود في بيت مكه لا يكون ملكا لاهلها لعدم مالكيتهم لها بل يكون من حقهم ان يعرفوا فان عرفوه دفع اليهم و الّا فلا فتأمل و تفصيل حكم الكنز على ما ظهر لك مما تلوناه عليك انه ان وجد في دار الحرب فهو بواجده مطلقا و كذا ان وجد في دار الاسلام في ارض مباحة على القول الأظهر و على القول الاشهر بين المتاخرين فان لم يكن عليه اثر الإسلام فهو لقطة و كان حكمه حكمهما و ان وجده في ارض مسلوكة فاما ان يكون ملكا للواجد او لغيره فان كان ملكا للواجد فاما ان يملكه بالإلجاء او بالميراث او بالانتقال اليه من غيره ببيع و

نحوه فان ملكه بالالجاء فحكمه حكم ما لو وجد في المباح و ان ملكه بالميراث فان احتمل ان يكون لمورثه فالظاهر انه يكفى في جواز و ان لم يحتمل ذلك فعلى المشهور يعرف المالك و هكذا الى آخر من يتمكن من معرفته فان اعاده واحد منهم دفعه اليه بلا حاجة الى بيّنة او حجة يظهر منها صدقة و ان ابوا جميعا فالاقوى انه يجوز تملكه انشاء و ان لم يشاء يتصدّق به سواء كان عليه اثر الاسلام ام لا و عليه الخمس ان كان بقدر النصاب و على القول الآخر ان لم يكن عليه اثر الاسلام فكك و ان كان عليه اثر الاسلام فيعرف سنة فان جاء طالب و له بيّنة او شاهد عادل و يمين يدفع اليه و لا خمس عليه و الّا فهو مخيّر بين ان يتملكه او يتصدق به و لا خمس في الصورتين و على ما نقلنا عن عد و ية يحتمل الاكتفاء باعلام المالك الذى قبله فقط فان ادّعاه دفع اليه فان لم يدعه فله ان يتملكه مطلقا على قول و كذا على القول الآخر ان لم يكن عليه اثر الاسلام و ان كان عليه اثر الاسلام فيعرف سنة الى آخر ما ذكرنا و ان تعدّد وارث ذلك الملك و اتفقوا تجويز كونه لمورّثهم او عدمه فالامر واضح و ان اختلفوا فيه فلكل منهم حكم نفسه و ان انتقل اليه من غير ببيع و نحوه فعليه اعلام المالك السّابق على التفصيل الذى ذكرنا في صورة عدم تجويزه ان يكون لمورّثه و على ما نقلناه عن المدارك يسقط من جميع الصور اعلام كل مالك قطع بانتفائه عنه و يحتمل سقوط اعلام مالك احتمل انتفائه عنه و على هذا فهو لواجده و عليه الخمس الا اذا علم كونه لمالك من ملّاكه فيدفع اليه و لا خمس فيه على هذا ما ذكره العلماء من المذاهب و امّا على ما هو ظاهر الصحيحتين اللتين نقلناهما فالظاهر انه في جميع الصور لمالك الارض و لا اعلام عليه و لا تعريف حتى انه لو كان الملك لمورّثه و كان له في ميراثه شريك و اقتسموا المال ثمّ ظهر المال في حصّة احدهم فالظاهر اختصاصه به و عدم شركة باقى الورثة معه فيه الا ان يعلموا ان ذلك كان لمورّثهم فحينئذ لشرك فيه الكل و ان وجده في ملك غيره فعليه اعلام مالكه فان ادّعاه دفع اليه بلا حاجة الى حجة و ان لم يدعيه فعليه اعلام المالك السّابق عليه و هكذا الى آخر مالك يتمكن من معرفته فان ابوا جميعا فله تملكه مطلقا على الاظهر و كذا على القول الآخر فيما لم يكن عليه اثر الاسلام و امّا ما كان عليه اثر الاسلام فلقطة لا بدّ من تعريفه سنة فان ظهر طالب و اظهر حجيّة شرعية دفع اليه و الا فله يملكه ان شاء و ان لم يشاء يتصدّق به و على ما ذكره العلامة في يه يحتمل كفاية اعلام مالكه في الحال فقط فان ادّعاه دفع اليه و الا فله تملكه مطلقا على الاظهر او على التفصيل المذكور على القول الآخر و امّا ما نقلناه عن المدارك يسقط اعلام من قطع بانتفائه عنه عن الملّاك و يحتمل سقوط اعلام كلّ من احتمل انتفاءه عنه فيكون لواجده الا اذا علم لواحد منهم فيدفع اليه هذا على ما ذكره العلماء و اما على ظاهر الصحيحتين فيجب دفعه الى مالكه في الحال و له تملكه مطلقا سواء عرفه او لم يعرفه و سواء كان عليه اثر الاسلام ام لا و ظاهرها عدم خمس عليه حيث لم يذكر فيهما لكن الاحوط له اخراج الخمس لعمومات الخمس في الكنز او اطلاقه و ان لم يرد تملكه فله ان يتصدّق به و لكن الاحوط له اخراج الخمس و التصدّق بالباقى ان اراده بما تلونا عليك يظهر انه اذا وجد في ملك احد فوجوب اعلامه قوىّ جدا و كذا وجوب الدفع اليه اذا ادّعاه و اما اذا لم يدعه و لكن اراد تملكه باعتبار انه وجد في ملكه

ص: 305

و انه من توابع ملكه ففيه اشكال بظاهر الصحيحتين و لفتوى العلماء بخلافهما و الاحوط ان يقع صلح بينه و بين الواجد فان الظاهر على تقدير عدم كونه للمالك كونه للواجد و ما ذكروه من اعلام المالك السابق و هكذا لا دليل عليه يصلح للتعويل و لكن الاحوط لهما الاتفاق على اخراج الخمس و الصّلح في الباقى و كمال الاحتياط ان لا يتنازعا في هذه الصورة و تتّفقا على اعلام المالك بالترتيب الذى ذكروه فان ادعى احد منهم دفع اليه بلا حاجة الى حجة لكن عليه فيما بينه و بين اللّه تعالى ان لا يدعيه الا اذا علم كونه له و ان لم يدعه احد منهم فان لم يكن عليه اثر الاسلام فالاحوط ان يتفقا على التعريف فان ظهر طالب و اقام حجة دفع اليه و الّا اخرجا الخمس و اصطلحا في الباقى و اللّه تعالى يعلم

قوله فان تعددت الطبقة

اى كان من كان في الطبقة الواحدة متعدّدا

قوله و مثله الموجود في جوف الدابة

ظاهره انه مثله في تمام الحكم فيجب اعلام المالك السّابق فان ادّعاه فيدفع اليه بمجرّد دعواه و الا فالمالك السّابق و هكذا الى آخر مالك يتمكن من معرفته فان ابوا جميعا فعليه الخمس و له الباقى ان لم يكن عليه اثر الاسلام و الّا ففيه الخلاف السّابق و الاقوى عندى كونه لقطة و مستندهم في ذلك صحيحة بن عبد اللّه بن جعفر قال كتبت الى الرّجل أسأله عن رجل اشترى جزورا او بقرة للاضاحى فلما ذبحه وجد في جوفها صرّة فيها دراهم او دنانير او جوهر لمن يكون ذلك قال فوقع عليه السلام عرّفها البائع فان لم يمكن يعرفها فالشى ء لك رزقك اللّه اياه و لا يخفى ان ظاهرها كفاية اعلام البائع الذى باعه و عدم وجوب ببيع الملاك قبله و حمل البائع على كل باب لك قبله بعيد جدّا و هذا ربما يؤيد الاحتمال الذى نقلنا عن العلّامة و قلنا انه ظاهرية من كفاية اعلام المالك السّابق في المسألة السّابقة و كذا الظاهر فيه عدم الفرق بين ما كان عليه اثر الاسلام و عدمه لإطلاق الحكم بل الظاهر كون الدراهم في ذلك الوقت مسكوكة بسكّة الاسلام و كانّه لهذا انّ بعضهم ممن فصّل في المسألة السابقة اطلق الحكم هاهنا و قال الشارح فيما سيجي ء من كتاب اللقطة ظاهر الفتوى و النصّ عدم الفرق بين وجود اثر الاسلام عليه و عدمه و الاقوى الفرق و اختصاص الحكم بما لا اثر له عليه و الا فهو لقطة جمعا بين الادلة و لدلالة اثر الاسلام على يد المسلم سابقا و لم يظهر لى دليل على كونه لقطة سوى ما ذكره من دلالة اثر الاسلام على يد المسلم سابقا و قد عرفت ضعفه هذا و العجب من الفاضل الاردبيلى رحمه الله انه لم ينقل الصحيحة التى هى مستند حكمهم بكونه للمشترى على تقدير عدم معرفة البائع و ناقش فيه باحتمال كونه لقطة الا ان يقيد بعدم العلامة و قال و مع ذلك محل التأمل أيضا لظهور كونه للمسلمين على تقدير وجوده في دار الاسلام و آثار تصرّفهم انتهى و اما وجوب الخمس فيه فلا يستفاد منها بل ظاهرها خلافه فيه و لكنهم قطعوا به و ظاهرهم اندراجه في الكنز و هو بعيد نعم لا يبعد دخوله في الارباح فتدبّر

قوله و له سمكة مملوكة بغير الحيازة

كان نشأت في ماء محصور مملوك للبائع و كانت فيه الى وقت البيع فانها حينئذ كالدابة المعلوفة اما المملوكة بالحيازة فلو اجده و ليس عليه تعريف لعدم قصد البائع المحيّز الى ما في بطنها اذ لا يعلمه و هو شرط الملك في حيازة المباحاة و لا يخفى ان الحكم بعدم قصده مشكل و عدم علمه به لا يفيد ذلك لجواز ان يقصد الى تملك ما في بطنه أيضا ان كان في بطنه شي ء و عدم كفاية ذلك القصد من تملكه و اشتراط العلم به ليس بمط بل الظاهر كفايته فيه فالاظهر ان يقال ان ذلك القصد من المحيّز غير معلوم و انما المعلوم منه مجرد الحيازة للسمكة و هو لا يفيد الملك لما في جوفها بدون القصد اليه و اذا لم يظهر قصده اليه فالاصل عدمه و يلوح من كلام العلامة في التذكرة الميل الى الحاق السّمكة بالدابّة لأن القصد الى حيازتها يستلزم القصد الى حيازة جميع اجزائها و فيه ان ما في الجوف ليس من اجزائها و دعوى الاستلزام فيه أيضا غير ظاهر فالظاهر ان للواجد يملكه اما مطلقا كما هو الظاهر اذا لم يكن اثر الاسلام و الا فلقطة على ما هو المختار عند الشارح كما اشار اليه فيه أيضا في كتاب اللقطة و من هذا يظهر انه لا بد من تقييد الدابة في كلامهم بالمعلوفة كما هو مورد الرّواية و اما اذا كانت و خشية كالضّبى المصاد من البرّ فحكمها حكم السّمكة المحازة ذلك ان تحمل قول الشارح مملوكة قيد المطلق لا لخصوص السّمكة و حينئذ ففى كلامه اشارة الى التقييد في كل منهما و اما من اطلق الحكم فيهما فكانه بنى كلامه على ما هو الغالب في كل منهما ثمّ ان الشارح ذكر في كتاب اللقطة انما ذكروه في الموجود في السّمكة أيضا من انه لواجده انما هو اذا لم يكن عليه اثر الاسلام و الا فلقطة كما اذا كان عليه اثر الاسلام مع عدم احتمال عدم الحكم له فيهما لإطلاق النصّ و الفتوى و قد ظهر لك ان الاظهر هو الاحتمال الذى ذكره لعدم صدق اللّقطة على الموجود في جوف الدّابة او السّمكة و الا لوجب و ان لم يكن عليه اثر الاسلام و هم لا يقولون به و كونه في حكمها باعتبار دلالة اثر الاسلام على سبق يد مسلم قد عرفت ضعفه هذا ما سمعت من ظهور صحيحة عبد اللّه بن جعفر في عدم الفرق و ثمّ هاهنا شي ء آخر و هو ان اطلاق حكمهم في الموجود في السّمك بانه لواجده يمكن ان يكون في السّمكة التى اخذت من البحر او من الانهار التى لها طريق الى البحر و يكون بناء حكمهم بعد ما ذكروه من شرط التملّك بالحيازة على ان الموجود في جوف سمكة كذلك ان امكن حصوله في البحر كالدّر و العنبر فلا يظهر كونه مملوكا لأحد اصلا فيجوز تملكه و لا وجه لاحتمال اللقطة فيه اصلا و ان لم يكن كذلك بل علم كونه مملوكا كالدرة المثقوبة او المموهة بالذهب فان لم يظهر كونه ملكا لمسلم فيجوز عندهم تملكه أيضا اذا لم يظهر كونه ملكا لمسلم كالدرهم و الدينار اللذين عليهما اثر الاسلام فيمكن ان يكون حكمهم فيه أيضا بانه لواجده بناء على ان ما غرق في البحر يخرج عن ملك مالكه و يجوز لمن اخرجه بملكه كما هو احد القولين مستندا الى ما نقلناه سابقا من حديث الشعيرى و على هذا فلا جوف السّمك لا يمكن الحكم بوجوب تعريفه و ان كان عليه اثر الاسلام فان غاية ذلك ان يدل الأثر على كونه مسلم و لا عبرة به بعد غرقه في البحر و ابتلاع السّمكة له من هناك لخروجه بذلك عن ملك احد مالكه الا بعد الاعراض عنه فيمكن ان يكون بناء حكمهم على ان الظاهر فيما عرف في البحر اعراض صاحبه رئاسة منه و ان ذلك يكفى في عدم وجوب تعريفه لأصالة البراءة الا ان يعلم خلافها و امّا السّمكة الماخوذة من ساير الانهار التى لا طريق لها الى البحر فان كانت من الانهار العظيمة التى كان حكمها حكم البحر في حصول التى عما سقط فيمكن ان يعتقدوا جريان حكم البحر فيها أيضا بناء على اتحاد الطريق و امّا ساير الانهار التى ليست كذلك و كان الظاهر شمول اللقطة للمأخوذ منها فلا يبعدان يخصّص كلامهم بما سوى ذلك كما خصّصه الشارح بالسمكة المملوكة بالحيازة فتدبّر و اعلم ان العلامة رحمه الله في عد قال في كتاب اللقطة ما يؤخذ في المفاوز او خربة قد باد اهلها فهو لواجده من غير تعريف ان لم يكن عليه اثر الاسلام و الا

فلقطة على اشكال و كذا المدفون في ارض لا مالك لها و لو كان لها مالك فهو له و لو انتقلت عنه بالبيع اليه عرّفه فهو احق به و الا فهو لواجده و هل يجب تتبع من سبقه من الملاك اشكال و كذا التفضيل لو وجده في جوف دابة امّا لو وجده في جوف سمكة فهو لواجده و تحته رقيقه انتهى و لا

ص: 306

يخفى ان ما ذكره من حكم ما عليه اثر الاسلام على اشكال يمكن ان يكون حائرة عنده في الدّار و السّمك أيضا و انما لم يصرح به فيهما احالة على ما ذكره في سابقهما و يمكن ان لا يحكم به فيهما و يقول بعدم الحاجة الى التعريف لظاهر الصحيحة المذكورة في الدابة و مثلها السّمكة بل اولى و يحتمل ان يقول بجريانه في الدابة بخلاف السمكة لما ذكرنا من الفرق بينهما فيكون اطلاق فهو لواجده اشارة الى هذا لكنه رحمه الله في كتاب الخمس جعل الاقرب اشتراط عدم اثر الاسلام في الجميع ثمّ انّ شارحه المحقق حكم بان عبارته غير محرّرة لان الموجودة في جوف السّمكة لا يكون لواجده و هو مشتريه من الصّياد على اطلاقه كما هو مقنع اوّل الكلام و مع ذلك فقوله و تحته دقيقه لا ينطبق على ذلك لان الدقيقة هى ان يملك المباح يحتاج الى النيّة و هذا انما يكون في المخلوق فيكون مباحا بالأصالة فلا ينتظم مع اوّل الكلام انتهى و كان غرضه من الايراد الاوّل ان الموجود في جوف السّمكة لا يكون لواجده مطلقا بل يجب ان يريد بما اذا لم يؤخذ من ماء محصور فيه و الامر فيه هيّن اذ لا بعد في تنزيل كلامه على ما هو الغالب و يمكن ان يحمل على عدم صحّة الاطلاق بناء على ما نقل عنه في كتبه الاخرى حيث نقل عن كرة في الموجود في جوف السّمكة اذا كان درهم او دنانير او درّة مثقوبة بها ذهب او فضّة او غير ذلك مما يكون اثر الآدميّ انه نقل عن احمد انه لقطة و نفى عنه البأس و نقل عنه في التحرير انه حكم بوجوب التّعريف فيه سواء وجده الصياد او المشترى ثمّ قال و اطلق علمائنا القول في ذلك فوجود التعريف البائع فان عرفه فهو له و الّا اخرج الخمس و حلّ له الباقى و لم يجعلوه كاللّقطة و نقل عن المختلف ان الموجود ان يكون عليه اثر الاسلام اوّلا فان كان وجب تعريفه من البائع و غيره لسبق ملك مسلم و يكون حكمه حكم اللقطة لان مال مسلم ضائع فوجب التعريف حولا و الحيوان هنا كالآلة و ان لم يكن عليه اثره فقال بعد كلام طويل و ليس عندى بعيدا من الصواب القول بوجوب التعريف لما يجد في بطن الدّابة مطلقا سواء كان عليه اثر الاسلام ام لا و كذا ما يجده في بطن السمكة ممّا ليس اصله البحر اما اذا كان اصله البحر فلا انتهى فما اطلقه هنا لا يطابق شيئا من اقوال المقولة فلا بد من تقييد كان يقيد بما كان اصله البحر ليطابق ح ما في المختلف و لا يخفى ما فيه اذ لا بعد في ان يكون مختاره في كتاب مخالفا لمختاره في الكتب في الاقوى اذا كان له وجه قد عرفت انّ لإطلاق الحكم بكونه للواجد في السّمكة في الماء الغير المحصور وجها لا يبعد الاستتار اليه على ان كلامه لا يأبى عن التقييد بما لا يكون عليه اثر الاسلام و حينئذ يكون حكمه بالتملّك فيه بناء على عدم ظهور مالك مسلم له فالاصل جواز تملكه بخلاف ما عليه اثر الاسلام فانه بزعمهم امارة جريان يد المسلم عليه فيجب تعريفه لذلك و يكون الفرق بينه و بين الدّابة الرّجوع الى المالك في الدّابة لظهور كون ما وجد في بطنه قد ابتلعه في ملكه بخلاف ذلك في السّمكة اذ الظاهر فيه ان يكون قد ابتلعه في البحر او ما في حكمه فيسقط احقية البائع فيه هذا و اما ايراده الثانى فلا يخفى ما فيه اذ الدقيقة التى اشار ليست دليلا على الحكم حتى لا يطابق الدعوى لعدم جريانها في غير المخلوق من البحر بل مراده من الدقيقة ان من الحكم في السّمكة بكونه لواجده تظهر دقيقة و هى ان المباحاة لا تملك بمجرد الاخذ بل لا بد فيه من نيّة التملّك او العلم به لا اقل اذ لو كفى مجرّد الاخذ فينبغى ان يكون في ما جوف السمكة من الدرّة و نحوها للصّياد الحائز لها فلا يستقيم اطلاق الحكم بكونه لواجده و على هذا فلا ايراد عليه و لا يخفى انه لو حمل كلام العلامة رحمه الله على الفرق ان الدابة و السّمكة فيما عليه يظهر الاسلام أيضا في وجوب التعريف فيه في الدابة دون السمكة فيمكن ان يكون الدقيقة اشارة الى ما ذكرناه من وجه الفرق بينهما فتدبّر و كتب فخر المحققين رحمه الله في الايضاح على قول والده ما لو وجده في جوف سمكة الى آخر الفرض ان ذلك الشي ء الموجود في السّمكة مباح في الاصل و الدقيقة

هى افتقار يملك المباحات الى النية لانه ان كان المباح يملك بمجرّد دخوله في يد من له اهلية تملكه و كان الصّياد لك ملك الصيّاد ذلك الشي ء لكن الثانى باطل فلرواية فالمقدم مثله انتهى و لا ادرى فالرواية التى اشار اليها و اللّه تعالى يعلم و اعلم ان حكمهم بكونه للمشترى لا يخلو عن ظهور دليل على تملك المباحاة بمجرد الاخذ مع عدم الشعور و نيّة التملك فالاصل عدمه و حينئذ فالاصل جواز تملكه له و عدم حرمة تصرّفه فيه فما ذكره الفاضل الاردبيلى رحمه الله من عدم دليل واضح على ما ذكروه و ان الظاهر كون السّمكة و ما معها ملكا للصّائد المقيض و ان كان فيه اثر الاسلام لان الظاهر انه و ان كان للمسلم الا انه معرض عنه لوقوعه في البحر الّا ان يظهر خلافه فيكون لقطة و احتمل كون المشترى ملتقطا لعدم شعور الصّائد به و كونه ملتقطا لعدم اشتراط الشعور ليس بشي ء و ما ذكروه كان اقرب يمكن حكمهم بوجوب الخمس فيه أيضا و لا يظهر له وجه و كانهم جعلوه مندرجا في الكنز كما ذكرنا في الموجود في الدابة و لا يخفى بعده كما ذكرنا هناك و يحتمل هنا الحاقه بالغوص أيضا و هو أيضا بعيد نعم لو قيل بعموم الارباح اتجه الحكم بوجوب خمسها فيه فتأمل و احفظ فروع في الكنز الاوّل قال في المنتهى لو استأجر اجيرا ليحضر له في الارض المباحة لطلب الكنز فوجده فهو للمستأجر لا للاجير لانّه استأجره لذلك فصار بمنزلة ما لو استأجره للاحتطاب و الاحتشاش و ان استأجره لأمر غير ذلك فالواجد هو الاجير و الكنز له انتهى و قال الفاضل الاردبيلى رحمه الله و في صحة الاستيجار بمثله تامّل لعلّ تغير مقدور الحفر و لما قيل من عدم جواز الاستيجار للمباحات لاحتمال دخولها في الملك بغير اختيار و الظاهر الجواز و توقف الملك بعدم قصد ملكية الغير و بعدم ملكية منفعة لغيره على تقدير عدم احتياجه الى النية كما هو الظاهر و سيجي ء تحقيقه انتهى و الظاهر انّ قوله لعلّه سهو تغير من النسّاخ و الصّواب العدم تعيين ثمّ لا يخفى ما فيه اذ يمكن فرض تعين مقدار يكون ظن المستاجر وجد انه فيه او تعيينه بحسب الزمان كيوم او يومين و امّا ما نقله عن القيل فما قاله عليه من الظاهر حسن لكن في حكمه يكون الظاهر عدم احتياجه الى النية تامّل بل الظاهر خلافه لأصالة عدم ملكه ما لم يثبت خلافه و لم يثبت ذلك بدون النيّة فتدبّر الثّانى قال في المنتهى ما يجده العبد من الكنز لمولاه يخرج منه الخمس و الباقى له لانه اكتساب فاشبه الاختشاش و الاصطتاب و الاصطياد لان قوله عليه السلام و في الركاز الخمس يدلّ بعمومه على وجوب الخمس في كل ركاز و بمفهومه على ان الباقى لواجده انتهى و فيه تامّل فانه اذا قيل ان مفهوم من ان الباقون لواجده و لعمومه لا يشمل ذلك لان الباقى فيه على ما ذكره ليس بواجد بل لمولاه الا ان يقال ان الواجد حقيقة فيه هو المولى و العبد لعدم تملكه بمنزلة الآلة ثمّ لا يخفى ان اطلاق كلامه هاهنا يؤيد ان مراده بما نقلنا عنه في المعدن ما فهمه الفاضل الاردبيلى رحمه الله من ان الصّحيح انه مع الاذن و القول بملك العبد أيضا يكون ما وجده لمولاه كما وعدناك هناك لكن الحكم به بعيد جدا فالظاهر حمل كلامه هناك على ما حملنا و تنزيل كلامه هاهنا على التفصيل المذكور هناك احالة ما ذكره هناك نعم لو قيل بالفرق بين المباحاة في الاصل كالاختشاش و الاحتطاب و بين اللقطة فانها ليست مباحة

ص: 307

في الاصل و اذن المولى في التملك انما يفيد تملكه في المباحاة في الأصل لا فيما كان ملكا لأحد اتجه حينئذ اطلاق الحكم بانه للمولى و ان اذن له السّيد و قلنا بملكه اى في الجملة لا في خصوص هذا أيضا لكن هذا لا يلائم كلام العلامة رحمه الله لانه حكم اولا بانه اشتبه الاحتشاش و الاحتطاب فتدبّر الثّالث قال اذا استأجر دارا فوجد فيها كنزا فهو للمالك و قال بعض الجمهور و هو للمستاجر لنا ان المالك يده ثابتة على الدار فهي ثابتة على ما فيها فيقضى له به و هذا قول ابى حنيفة و محمد بن الحسن و احتج المخالف بان الكنز لا يملك بملك الدار و هو قول ابو يوسف بطلانه واضح الرابع قال لو اختلف المستاجر و المالك في ملكه قال الشيخ القول قول المالك و به قال المزنى و للشيخ قول آخر ذكره في الخلاف ان القول قول المستاجر و به قال الشافعى و عن احمد روايتان كالقولين و الاحتجاج للاوّل ان دار المالك كيده فيقضى له به و لان الدفن مانع للارض و للثانى انه مال مودّع في الارض و ليس منها فيكون القول قول من يده على الارض كما في الدار من الاقمشة و لأن المالك لا تكرى دارا فيها دفين الّا نادرا اما لو اختلفا في مقدار فالقول قول المستاجر على القولين لانه منكر انتهى و قد ذكر في التذكرة أيضا هذين الفرعين بلا تفاوت الا في العبادات و انت خبير بان الظاهر منه انه فرعان مختلفان و لا يظهر له وجه الا ان يقال انّ النزاع في الاوّل في دعوى كل واحد له باعتبار تبعيّة لملكه او لما استأجره مع اعتراف كل منهما بعدم معرفته له و عدم وضعه فيها و النزاع في الثانى في ان كلا منهما يدعى انه وضعه فيها و لا يخفى انه على هذا لا يتجه شي ء من القولين في النزاع الاوّل على مقتضى ما فصّله اصحابنا فانهم لم يحكموا بتبعيّة الكنز للدّار حتى يقال انه هل للمالك او للمستاجر بل قالوا انه يعرف البائع فان اعترف به فهو له و الا فيعرف المالك و هكذا فان لم يعترف به احد منهم فهو لواجده اما مطلقا و اذا لم يكن عليه اثر الاسلام و الا فلقطة او انه يكفى اعلام المالك ان يقال ثمّ يأتى هذا التفصيل و على هذا فاذا اعترف كل منهما بعدم معرفة لا يحكم لواجد باعتبار تبعية ملكه او لما استأجره و هو ظاهر نعم لو قيل بما قلنا انّه ظاهر الصحيحتين اللتين نقلنا سابقا و هو ان الكنز لاهل الدار و ان لم يعرفوه اتجه تحقيق ان اهل الدار هل هو مالكها او يكتريها حين وجدان الكنز و كان الاول اظهر و اللّه تعالى يعلم و انت تعلم ان كلام العلامة رحمه الله لا يمكن حمله على هذا الخلاف اذا لم يسلف منه ما يدلّ على بطلان ما ذكره المخالف في هذه الصورة هى ما سلف منه و هو بطلانه حين ادّعاه المالك معرفته من غير نزاع للمكترى معه و الفاضل الاردبيلى رحمه الله لم يذكر الّا فرعا واحدا فانه قال لو استأجر دارا فوجد فيها كنزا فهو للمالك و قال بعض للمستأجر و هو بعيد فالمالك ذوا اليد و على المستاجر الأثبات لو ادّعيا انتهى و هو الفرع الثانى على ما ذكرنا و لم يتعرض للاوّل امّا لعدم اتضاح المقص منه او لجعلها فرعا واحدا بان يكون في الثّانى زيادة تفصيل للاوّل ينقل الى الشيخ و احتجاجه لهما ثمّ حكمه يبعد القول الثانى مط لا يخلو عن اشكال بل يخلو عن وجه لما نقل من احتجاج الشيخ و يؤيده أيضا اصالة عدم تقدم وضع الكنز على الاجارة اذا علم كما هو الغالب نعم ربما يبعد دعوى المكترى بالقرائن الموجدة فيما وجد الدّالة على سبق وجوده على اكراه و لكن ربما وجدت تلك بالنسبة الى المالك أيضا فالظاهر عند وجود القرائن لاحدهما الحكم بها و النّزاع انما هو في المجرّد عنها و حينئذ يكون القول قول المكترى و هذا اظهر كما اختاره الشارح في ملك و مثله القول في كل ما وقع النزاع بين ذى اليد السّابقة و اللاحقة كالمعير و المستعير مع سلب الملك عنهما ثمّ انّى بعد ذلك رايت ان العلامة رحمه الله في الارشاد في آخر البحث قال و القول قول مالك الدّار و قال هذا الفاضل يعنى لو تداعى مالك الدار و مستاجرها في كنز وجد فيه فالاكثر على ان القول قول المالك فالمستأجر خارج و عليه البيّنة و على المالك اليمين لان الملك له فهو واضع اليد

عليه فكذا جميع ما فيه فهو تحت يده و نقل عن الشيخ ان القول قول المستاجر لانه واضع اليد على المالك بحسب الظاهر و المنفعة له فيكون واضعا يده شرعا على ما فيه و هو بعيد لانه ما وضع الّا بما اباح له المالك و هو منفعة البيت التى الكنز خارج عنها جزما و قد مرّ أيضا انتهى و لا يخفى ان هذا بعينه هو الفرع الذى مرّ ذكره هناك و ما نقله من دليل الشيخ هو الدليل الاوّل الذى نقلنا له و حمله على ان الكنز من جملة المنافع فيكون يده شرعا عليه لتسليط المالك عليها فاعترض عليه بما ذكر و انت خبير بانه ليس بناء الدليل على ما ذكره بل على ان الدار بالفعل بيده و يتبعها جميع ما فيها و هو ما وجد من الكنز منها و يحتمل ان يكون الواضع له فيها فيحكم له به بمقتضى اليد في الحال كما في الاقمشة التى وجد فيها و حينئذ لا يرد عليه اعتراضه فتدبّر الخامس قال المكاتب عليك الكنز لانه اكتساب فكان كغيره من انواع الاكتسابات يخرج منه الخمس و الباقى له لان تسلّط سيّده على مكتسباته منقطع بالكتابة السادس قال الصّبى و المجنون يملكان اربعة اخماس الركاز و الخمس في الباقى لمستحقيه يخرجه الولى عنهما عملا بالعموم و كذا المرأة و حكى عن الشافعى ان المرأة و الصّبى لا يملكان الكنز و احتج لمختاره بما تقدم من انه اكتساب و هما من اهله السّابع قال يجب الخمس في الكنز على من وجده من مسلم او ذمىّ حرّا او عبد صغير او كبير ذكر او انثى و عاقل او مجنون الا ان العبد اذا وجد الكنز فهو لسيّده و هو قول اهل العلم فانهم اتفقوا على انه يجب على الذمى الا الشافعى و قال الفاضل الاردبيلى رحمه الله في الدليل تامّل و لعدم دليل العموم عموم الأدلة و يكون المكلف بالإخراج الولى غير المكلف انتهى و وجه التأمل ان اتفاقهم عدا الشافعى على وجوب الخمس على الذمّى لا يصير دليلا على تمام العموم الذى ذكره و لا على اتفاقهم عليه و كان مراد العلّامة اتفاقهم على جميع ما ذكره الا الخلاف من الشافعى في وجوب الخمس على الذمى فلا عبرة به فيصلح الدليل دليلا على اتفاقهم و كذا على الحكم لكن الظاهر انّ مراد العلامة هو الدليل على اتفاقهم لا دليل الحكم فانه قال بعد ما نقلنا و نقله هذا الفاضل بعد قوله الا الشّافعى فانه قال لا يجب الخمس الّا على من تجب عليه الزكاة و له في ايجاب الزكاة على الذّمى قولان سلفا عموم قوله عمّه و في الركاز الخمس و قول الباقر عليه السلام و كلما كان ركازا ففيه الخمس و لانه مال مطهور عليه فيجب فيه الخمس كالمسلم و الغنيمة و احتجاج الشافعى بانه زكاة ضعيف انتهى فجعل دليل الحكم هو ما ذكره العلّامة من الاستدلال بعموم الحديثين و امّا دليله الاخير فهو استدلال بالقياس على الشافعى القائل به ثمّ قال هذا الفاضل و لعله يريد بالصّبى و المجنون من فقد على التّملك بتميز ما و يحتمل الملك لهما بالاخذ و بالقبض او بالولاية و الارث انتهى و ظاهر كلام العلامة هو الاحتمال الثانى الذى ذكره و هو تملكهما بمجرد الاخذ و القبض و لو قيل بوجوب نيّة المالك في المباحاة فليحمل على انه بمجرد اخذهما يجب على الولى ان ينوى تملكهما لهما و اخراج الخمس لمستحقيه و اما الاحتمال الثالث الذى ذكره و هو تملكهما بالاولوية اى اذا اخذها الولى بالولاية او لنفسه ثمّ مات فارثه لهما لانهما بمكان من الظهور لا يصلحان للذكر سيّما الاخير

ص: 308

قوله ان بلغ عشرين دينارا

هذا هو المعروف بين الاصحاب و لم يذكروا فيه خلافا و مستندهم صحيحة البزنطى الآتية و مقتضاها كما ذكرنا كما سيجي ء الاكتفاء ببلوغ احد النصّابين و لكن اكثرهم اقتصروا على ذكر نصاب الذهب كما فعله المصنف و العلامة في المنتهى و كرة صرّح بان عشرين دينارا معتبر في الذّهب و الفضة يعتبر فيها مائتا درهم و ما عداهما يعتبر فيه قيمته باحدها

قوله المثقال

اى المثقال الشرعى الذى هو ثلاثة ارباع المثقال الصيرفى كغيره اى كما في غير هذا الموضع فانه كلّما ورد فيه الدينار فهو المثقال

قوله لان صحيح البزنطى

رواه ابن بابويه عن احمد بن محمد بن ابى نصير عن الرضا عليه السلام قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس و لا يخفى ان عبارة الجواب يشمل بعمومها المعدن أيضا لكن يحتمل بقرينة السّؤال التخصيص بالكنز فالكنز اولى بالقطع فيه من المعدن كما اشار اليه الشارح هذا و لا يخفى انه يمكن ان يستفاد من الرواية اعتبار النصاب الثانى في الخمس ايضا لكن العلّامة في المنتهى و كرة صرّح بانه ليس للركاز نصاب آخر بل لا يجب الخمس فيه الّا ان يكون عشرين مثقالا فاذا بلغها وجب الخمس فيه و فيما زاد قليلا كان الزائد او كثيرا و لم يذكر خلافا فيه و الرّواية لا تأبى للحمل الحمل

قوله قيل و المعدن كذلك

هذا قول الشيخ في أنه و المبسوط و اختاره ابن حمزة و عامة المتاخرين و هو المعتمد اشار اليه الشارح من صحيح البزنطى و هو ما رواه الشيخ عنه في الصّحيح قال سألت ابا الحسن عليه السلام عما اخرج من المعدن من قليل او كثير هل فيه شي ء قال ليس فيه شي ء حتى يبلغ ما تكون في مثله الزكاة عشرون دينارا

قوله مع ان الرواية هاهنا لا تدلّ عليه

لكن قد عرفت ان صحيحته في الكنز يشمل بظاهره المعدن أيضا لكن لا يبعد تخصيصه بالكنز بقرينة السّؤال و كان بناء كلام الشارح على هذا فلا تغفل و هو ظاهر الاكثر فانهم لم يتعرّضوا لذكر النصاب له فالظاهر انهم لم يعتبروا فيه نصابا و ابن ادريس أيضا في السّرائر صرّح بعدم اعتبار النصاب فيه و ادّعى اجماع الاصحاب عليه و قال العلّامة دعوى الاجماع في صورة الخلاف ظاهر البطلان نظرا الى الاسم اى صدق اسم المعدن القليل و الكثير فعموم الادلّة يشمل الجميع و الرواية حجة عليهم لانّها لصحّتها تصلح مختصّة للعمومات

قوله استنادا الى رواية قاصرة

و هى ما رواه الشيخ عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن محمّد بن علىّ بن ابى عبد اللّه عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزّبرجد و عن معادن الذهب و الفضّة هل فيه زكاة فقال اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس و في سنده قصور لجهالة محمد بن على المذكور و لكن ابى نصر ممن اجتمع العصابة على تصحيح ما يصح عنه و رواه في الفقيه أيضا مرسلا عن الكاظم عليه السلام و هو أيضا قاصر بالارسال و قال الشيخ في التهذيب ليس بين الخبرين تضادّ لان الخبر الاول تناول حكم المعادن و الثانى حكم ما يخرج من البحر و ليس احدهما هو الآخر بل لكلّ واحد منهما حكم على الانفراد انتهى و هو كما ترى فانّ السّؤال في الثانى تناول المعادن أيضا فكان مراده انما يحمل الجواب في الثانى على انه جواب عما يخرج من البحر خاصّة و لا يخفى بعده و قال العلّامة في المنتهى في الجواب عن الاحتجاج لقول ابى الصّلاح و هذه الرّواية و الجواب يحتمل ان يكون المراد ما يخرج من البحر و الاوّل تتناول المعادن خاصة قال الشيخ و أيضا فان دلالة حديثنا على ما اعتبرناه من النصاب اقوى من دلالة حديثكم و أيضا فحديثنا يتناول المعادن و هو لفظ عام و حديثكم تناول معادن الذهب و الفضة خاصّة و اذا احتمل كان الاستدلال بحديثنا اولى على ان حديثنا معتضد بالاصل و هو براءة الذمة و نفى الضّرر انتهى و أيضا من قوله و أيضا انه ليس نظره في كون دلالة حديثه اقوى الى احتمال حديثهم فان قوله عليه السلام فيه ففيه الخمس يحتمل الاستحباب و امّا الوجه الثانى الذى ذكره العلّامة فكانه اراد به ترجيح مذهبه بان حديثنا يدل على تمام مذهبنا و حديثهم يدلّ على بعض مدعاهم فيبقى البعض الآخر بلا دليل و قوله و اذا احتمل كانه مبنى على الوجه الذى نقله عن الشيخ و الوجه الاوّل منه دون الوجه الثانى الذى ذكره اذ لا يرتبط به الا ان يقال مراده انّه اذا احتمل حديثكم الاختصاص بالبعض المذكور فيه و لا يكون عاما فاستدلالنا بحديثنا اولى لإفادته العموم بخلاف حديثكم و على ما قرّرنا يمكن ان يكون مراد الشارح بقصورها قصورها بحسب الدلالة أيضا فافهم و اعلم ان الرّواية رواها المفيد أيضا في المقنعة مرسلا و فيها يدلّ من اللؤلؤ كاللؤلؤ و حينئذ فلا اختصاص لها بالمعدن و لكن لا يمكن التعويل عليها مع مخالفة الكتابين

قوله نعم يعتبر الدينار او قيمته في الغوص قطعا

كان دعوى القطع بذلك لثبوت الاجماع على ذلك كما يظهر من هى أيضا حيث قال ذهب اليه علمائنا او لما ذكره في المدارك من ان اعتبار النصاب فيه موضع وفاق بينهم و لا قائل باعتبار ما دون ذلك و لو لا الاجماع فلا يظهر في الاخبار حجة لذلك سوى رواية محمد بن على المتقدمة و هى لضعف سندها بمكان من افادة القطع سيّما في عموم الغوص مع اختصاص الرّواية على ما في الكتابين بالبعض المذكور فيها هذا و سننقل بعد ذلك عن المفيد انه جعل نصابه عشرين دينارا و هو يخالف ما نقلنا عن هى و لكن لم يظهر له مستند اصلا و لو لم يثبت الاجماع على اعتبار الدينار لكان القول بعدم اعتبار نصاب فيه قويا للعموم قال في المنتهى و لا يعتبر في الزّائد اى عن الدّرهم نصاب اجماعا بل لو زاد قليلا او كثيرا وجب الخمس

قوله و اجرة الغوص في الغوص

هذا اذا استأجر اجيرا للغوص له و امّا اذا غاص احد لنفسه فليس فيه وضع شي ء للاجرة و هو ظ

قوله و اجرة الحفر و نحوه في الكنز

هذا اذا حفر لوجدان الكنز امّا لو حفر لغرض آخر فظهر كنز فلا يحتسب من المؤنة اجرة ما حفره و هو ظ

قوله و لا يعتبر اتحاد الاخراج

لعموم الأدلة و عدم دليل على اعتباره

قوله و اعتبر العلّامة عدم نيته للاعراض

اى اعتبر في الوجوب مع اتحاد الاخراج عدم نية الاعراض فلو اخرج ما نقص من النصاب و نوى الاعراض ثمّ بدا له و اخرج ما كمل به النصاب لم يجب عليه في الأول شي ء و كذا في الثّانى اذا نقص هو أيضا منفردا عن النصاب و نوى الاعراض ثانيا و كانه لا يبعد دعوى فهم ذلك في العرف من اخراج النصاب و يؤيده أيضا انه لو اخرج ما نقص عن النصاب و اعرض عنه فالظاهر انه يجوز له لملك الجميع و صرفه فيما شاء و لا يجب عليه اقرار الخمس الى آخر عمره لئلا يبدوا ثانيا العود اليه و حينئذ فاذا بدا له ثانيا و اخرج ما كمل به النصاب فالحكم لضمانه و اغترامه لما اتلفه من الخمس مع اصالة عدمه لا بدّ له من دليل و لو كان مجرد العمومات لا يصلح دليلا كذلك لذلك و هذا مع ما في التكلّف يضبط حساب ما اخرجه بحيث يمكن معرفته اذا اتفق له اخراج آخر الى آخر عمره من العسر و الحرج هذا و اذا حمل الاعراض على نيّة تركه بالكلية و لكن الظاهر من كلام العلّامة رحمه الله في هى و كرة انه لم يرد ذلك فانه ذكر اذا اشتغل بالعمل و انما تركه بين الدفعات للاستراحة مثلا و الاصطلاح آلة او طلب اكل و ما اشبهه فالاقرب وجوب الخمس اذا بلغ النصاب المتعدّدة النصاب و اما اذا ترك العمل بينها ترك اهمال فلا يضم بعض الدّفعات الى بعض و الظاهر منه انه اراد بترك الاهمال في مقابل ما ذكره اولا تركه زمانا يعتدّ به بحيث يقال له في العرف انّه تارك له و ان اراد العود اليه بعد حين او لم يخطر بباله شي ء من العود و عدمه او كان متردّدا بينهما و الحاصل اراد الاتّصال العرفى و عدمه و على

ص: 309

هذا فكانه يسقط ما ذكرنا من التأييد بعدم الضمّ في صورة الاعراض و لكن لا يبعد أيضا دعوى فهم ما ذكره من اخراج النصاب عرفا فافهم

قوله اجودهما اعتباره في الكنز و المعدن

لا يظهر وجه يعتدّ به للتفرقة بينهما و بين الغوص و الظاهر عدم اعتباره في شي ء فيضم بعض الانواع الى بعض في الجميع الا ان يقع بينهما فصل يمنع ذلك من الحكم بالضمّ و في الدروس في بحث المعدن و لا فرق بين ان يكون الاخراج دفعة او دفعات كالكنز و ان تعددت نوعهما او انواعهما و اعلم انه ذكر العلّامة ذكر ما نقلنا عنه من الكتابين في المعدن لا في الثلاثة كما هو ظاهر كلام الشارح بل قال في المنتهى في بحث الركاز لو وجد ركاز دون النصاب ثمّ وجد ركازا آخر دون النصّاب فاجتمعا نصابا ففى وجوب الخمس اشكال اقربه عدم الوجوب لان الركاز لا يوجد شيئا بعد شي ء فكانه بمنزلة ما التقط لقطا كثيرة كلّ واحدة اقلّ من درهم و كلامه في التذكرة أيضا قريب منه و الظاهر ان مراده انه يكفى في وجدان الكنز و تعلق الخمس به وصول اليه بحيث يتيسّر الاخذ منه و ان لم يأخذ بالفعل و على هذا فاذا وجد كنزا فاذا كان بمقدار النصاب وجب عليه الخمس و الّا فلا فلو وجد كنزا فهو بمنزلة ما لو وجد لقطة بعد لقطة اخرى فانه لا يضم احدهما الى الاخرى و هذا بخلاف المعدن فانه لا يملك منه الا ما اخذه منه و لا يجب الخمس عليه الا مما اخذه فاذا اخذ شيئا فشيئا يأتى فيه ما ذكره من التفصيل في الكنز نعم الظاهر انه يجرى في الغوص أيضا بان يجعل ما يخرج دفعات بالغوص بمنزلة الاخذ من المعدن دفعات هذا و الظاهر ان ما ذكره في الكنز من انه لو وجد كنزا آخر فهو بمنزلة لقطة اخرى انما يتجه مع اختلاف مكانهما عرفا و اما مع اتحادهما بان فرض حفر مكان الى ان يظهر فيه شي ء ثمّ حفر قدرا آخر الى ان يظهر شي ء و هكذا فهو وجدان الكنز دفعات و يتأتى فيه الحكم باعتبار النصاب في المجموع و التفصيل فيه باعتبار نيّة الاعراض و عدمه بل الظاهر ان ما ذكره من الحكم في اللقطة بتعدّدها أيضا انما هو مع اختلاف مكانها عرفا و امّا مع اتحاده عرفا بان وجد فيه شيئا ثمّ تفحّص يوجد فيه شيئا آخر و هكذا فالظاهر ان الجميع لقطة واحدة و بلوغ الدّرهم انما يعتبر في الجميع لا في كل واحد الا مع اختلاف الزمان عرفا و احتمال سقوطهما من شخصين فتأمل و ما نسبه الشارح الى العلامة من موافقة له في التفصيل الذى ذكره لم اقف عليه بل كلامه في هى صريح في خلافه فانه قال و لو اشتمل المعدن على جنسين كالذّهب و الفضّة مثلا ضمّ احدهما الى الآخر و كذا ما عداهما و قال بعض الجمهور لا يضم احدهما الى الآخر و قال آخرون لا يضمّ في الذهب و الفضّة و يضم فيما عداهما حملا على الزكاة و يكون المخرج خمس لا زكاة و هو معتبر بالقيمة فلا اعتبار باتحاد الجنس بخلاف الزكاة انتهى و هو صريح في خلاف ما ذكره الشارح في المعدن و دليله يجرى في الكنز أيضا الا انه لا يتعرض لهذا الفرع أيضا فيه و لا في الغوص و في التذكرة أيضا ذكر في المعدن مثل ما نقلنا عن هى من الحكم بالضمّ مطلقا و نقل القولين عن الجمهور الا انه لم يتعرض لدليل مختاره و يبعده وجود التفصيل فيه في كتاب غيرهما و اللّه تعالى يعلم

[السابع أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم]

قوله و ان تضمّن بعض الاخبار

لفظ الشراء يفهم منه ان فيه اخبارا أيضا او خبرا لا اقلّ ليس فيه خصوص لفظ الشراء و ليس كك فانّهم لم يذكروا فيه الا رواية ابى عبيدة التى سيشير الشارح فانها هكذا قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول ايما ذمّى اشترى من مسلم ارض فان عليه الخمس و اعلم انّ الرّواية في التهذيب في باب الخمس و الغنائم و سندها هكذا سعد بن عبد اللّه عن احمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن ابى ايّوب ابراهيم بن عثمان عن ابى عبيدة الحذاء و رواها في باب زيادات الخمس ايضا و فيه بدل احمد بن محمّد ابى جعفر و هو أيضا احمد بن محمد فان احمد بن محمد بن عيسى على ما ذكروه في كتب الرّجال مكنى ابى جعفر و العلامة رحمه الله في المختلف عدها موثقة و كانه سهو منه فان ما نقلناه من السند صحيح غاية الصحّة و ليس في احد منهم من يتوهم كونها بموثقة باعتباره الّا ان في ابى ايّوب الخزّاز في كتب الرّجال اختلافا انه هل هو ابن عثمان او ابن عيسى و هاهنا تصريح بانه ابن عثمان و في رواية صحيحة في قنوت الجمعة تصريح بانه ابن عيسى و على التقديرين فهو ثقة كريم المنزلة يروى عنه الحسن بن محبوب فالاختلاف المذكور لا يخرجها عن الصحة الى التوثيق و الشارح أيضا فيما سيجي ء عدها موثقة و كانها تبع المختلف من غير مراجعة الى التهذيب و في فوائد القواعد استضعفها و هو أيضا مبنى على ذلك فانّ رايه رحمه الله استضعاف الموثقات

قوله كالمفتوحة عنوة

قال في المسالك يتصور بيع المفتوحة عنوة تبعا للآثار المتصرّف ببناء و شجر و بهذا الاعتبار يخرج خمسها لا باعتبار نفس الارض و لا فرق في وجوب الخمس فيها بين ان يكون قد ضمنت او لا انتهى و الظاهر انه اذا لم يخمسها اهل الغنيمة وجب على الذمى فيه خمسان باعتبار وجوبه في اصل الغنيمة و قد اهمله اربابها و خمس باعتبار شرائه من المسلم اذ لا دليل على سقوط الاوّل بازاء الخمس الذى يجب عليه بالشراء لكن ينبغى ان يكون الخمس الثانى من الباقى بعد اخراج الخمس الاول لا من كل ما اشتراه فتأمل و ذكر في المدارك انه يتصور بيع الارض المفتوحة عنوة في مصالح العسكر و من ارباب الخمس اذا اخذوا منها شيئا على هذا الوجه و امّا بيعها تبعا لآثار المتصرف كما ذكره جمع من المتأخرين فمشكل لعدم دخول الارض في ملك المتصرّف بتلك الآثار قطعا و من انتفى الحكم امتنع تعلق البيع بها كما هو واضح انتهى و الظاهر ان من جوّز بيعها يقول بتعلق ملكه بها تبعا و دعوى القطع بخلافه لا بدّ له من دليل نعم الكلام في دليلهم على التجوز المذكورة و اما ما ذكره في تصوير البيع المذكور فهو حق و لكنه ليس فيه مظنة فرق بينه و بين ساير الصور التى يحتاج الى التعميم المذكور اذ بعد اخذها على احد الوجهين المذكورين يصير ملكا لآخذه لسائر الأملاك و لا يتخيّل بينه و بين ساير الاراضى احتمال فرق حتى يصرح بالتعميم لدفعه فالظاهر ان نظر القسمين الى ما ذكر في المسالك ثمّ لا يخفى ان ظاهر كلام لك و صريح المدارك جواز اعطاء خمس ملك الاراضى الى اربابه بان يصير ملكا يتصرفون فيه تصرّفهم في ساير الاملاك و هو الظاهر كما خمس في ساير الغنيمة لكن كلام العلامة رحمه الله في الدروس كما نقلنا في اوّل هذا الكتاب يدل على ان الخمس فيها بازاء خمس نمائها في كل سنة الى اربابه و هو اعلم بما قال و الفاضل الاردبيلى رحمه الله أيضا حكم بالتامّل فيما ذكروه لعدم الملك المطلق بل لآثار المتصرّف و تلك ليست بارض فوجوب الخمس فيها محلّ التأمّل و قال و لو قيل بالملكية بتبعيّة الآثار أيضا فيه تامّل فان الظاهر انها نزول بزوالها و يلزم اخراج خمسها مرتين فتأمل و على تقدير الوجوب بالشرائط كسائر الأراضى انتهى و ما ذكره في وجه التأمّل اولا هو ما نقلناه عن المدارك و فيه ما فيه و ما ذكره ثانيا ففيه ان كون الظاهر انّها تزول بزوالها لا يصلح وجها للتامّل في الحكم المذكور و لم لا يجوز ان يجب عليه اخراج الخمس بمجرد بيعه منه بالتبعيّة و ان خرج عن ملكه بعد زوال الآثار و حينئذ فان اخراج الخمس من الارتفاع يخرجه ما بقي الآثار فان زالت يصير ملكا للمسلمين و يزول مالكية و يسقط عنه الخمس و ان اخرجه من العين فهو يملك الباقى ما بقي الآثار فان زالت عادت ملكا للمسلمين و كذا الخمس ملك لأربابه ما بقي الآثار و بعد الزوال يزول ملكهم أيضا و يصير ملكا للمسلمين و لا محذور في شي ء من ذلك و ما ذكره من لزوم اخراج خمسها مرّتين فان اراد به بان المفتوحة عنوة يجب اخراج خمسها اولا فاذا وجب اخراج خمس أيضا

ص: 310

بعد شراء الذّمى يلزم اخراج خمسها مرّتين ففيه أيضا انه لا محذور فيه و اى محذور في وجوب اخراج الخمس اولا من الكلّ ثمّ وجوب اخراج خمس أيضا مما اشتراه ذمّى من الباقى و ان اراد انه اذا وجب اخراج الخمس منه اذا اشتراه تبعا فاذا فرض زوال آثاره و خروجها من ملكه بذلك فلو فرض تجديده للآثار فيجب عليه اخراج خمس آخر بناء على ما قيل من وجوب الخمس في مطلق الانتقال اليه و ان لم يكن بعنوان الشراء ففيه ان وجوب الخمس في مثل ذلك الانتقال الذى يكون بتجديد الآثار بعد زوالها غير ظاهر و لو سلّم فلا محذور فيه أيضا فانه ان اخراج الخمس من الارتفاع فلا يلزم الا وجوب اخراج خمس الارتفاع بعد التجديد كسابقه و ان اخرج من نفس الارض فيلزم ان يجب عليه حينئذ اخراج خمس ما بقي له بعد اخراج الخمس و هكذا ابدا و لا محذور فيه أيضا ثمّ قوله بالشرائط بالباء كما في النسخ التى راينا كانه سهو و الظاهر فالشرائط و المراد ان الشرائط فيه أيضا مثل ساير الأراضى المنتقلة الى الذمّى من مسلم فان اشترط فيها ان تكون معدة للزراعة اشترط في ملك الذّمى التى من المفتوحة عنوة أيضا و ان لم يشترط فيها لم يشترط في تلك أيضا و كذا لو شرط فيها شرط آخر كعدم اقالة المسلم على القول به فتدبّر

قوله و خصّها في المعتبر

بالثانى فانه قال و الظاهر ان مراد الاصحاب ارض الزراعة لا المساكن و قال العلامة رحمه الله في هى هل هذا الحكم مختصّ بارض الزراعة او عام فيه و في المساكن اطلاق الاصحاب يقتضى الثانى و الاظهر ان مرادهم بالاطلاق الاول و قال في المدارك بعد نقل ما نقلنا عن المعتبر و هو جيّد لانه المتبادر و جزم الشارح تناوله لمطلق الأرض سواء كان بياضا او مشغولة بغرس او بناء عملا بالاطلاق و هو ضعيف انتهى و لا يخفى انه على تقدير حمل الرواية على ما حمله الاصحاب الظاهر هو ما ذكره الشارح فاطلاق الأرض فيها و ما ادعاه من التبادر كانه بناء على ما ذكره المحقق الاردبيلى من ان المسكن لا يقال له عرفا الأرض بل المسكن و قال نعم اذا اشترى ارضا ليجعلها مسكنا يجي ء البحث و لا يبعد الوجوب و لا يخفى ان ما ذكره يجرى في البستان و نحوه أيضا و لا يبقى لمورد الحكم سوى الأرض التى تصلح للزراعة لكن فيه ان الوارد البستان و نحوهما اذا اخذا مع البناء و الاشجار لا يطلق عليها الارض بل يقال لهما الدار و البستان و اما اذا اخذ ارضها وحدها فيطلق عليها الأرض فيق ارض هذه الدار و هذه البستان و كذا جريبا او قفيزا و الحكم هنا على اصل الارض فتشتمل باطلاقها ارض المساكين و البساتين جميعا

قوله ان تقوم مشغولة بما فيها

يعنى ان الارض المشغولة كالأرض الدار مثلا لا يقوم على انها ارض بياض فان ارض البياض لصلاحيتها لكل تصرّف اراد المالك تزيد قيمتها عن مثل تلك الارض التى لا بدّ ان تكون مشغولة فيها لصاحبها و لا تقوم أيضا على ان يكون مشغولة بما فيها مجّانا بلا اجرة لمالك الارض اذ النقل بهذا الوجه يحيط غالبا بضميمته الارض اى يسقط قيمتها بالكلية و يوجب ان لا يأخذ اصلا لتعطّلها بذلك و عدم انتفاع مالكها بها اصلا فلا بدّ ان تقوّم على انها مشغولة بما فيها باجرة لمالكها اى على ان يدفع صاحب البناء اجرة الارض الى مالكها فان لمثل هذه الارض قيمة تبدّل بها باعتبار تلك الاجرة و مالكها لا يستحق سوى تلك القيمة و ان كانت ناقصة عن قيمتها لو كانت بياضا ثمّ الحاجة الى هذا التقويم لو اخذ من الذمى قيمة الخمس كما هو المعهود في زماننا ظاهر لكن لم اقف على تصريح منهم لجواز ذلك و لا منعه و ظاهر كلام الشارح حيث حكم بتخيّر الحكم بين اخذ خمس العين و الارتفاع عدم جواز اخذ القيمة بعقد آخر كبيع او مصالحة وقع على الخمس لكن الظاهر حينئذ ان يجب عليه خمس آخر من ذلك الجنس و هكذا و امّا اذا اخذ العين و الارتفاع فعلى تقدير اخذ الارتفاع أيضا يحتاج الى التقويم المذكور فان الظاهر ان المراد بالارتفاع هو اجرة مثل الارض و ما لم يعلم كيفيّة الارض و قيمتها لا يعلم اجرة مثلها حتى يؤخذ هذا من الذمى و لا اذا اخذ العين فالحاجة الى التقويم المذكور لانّ من اخذ العين لا بدّ له امّا ان يترك الارض للذمى و ماخذ منها اجرة مثلها فيحتاج الى التقويم المذكور او يترك الذمّى البناء له و يأخذ منه اجرة مثله او تراضيا بالدفع الى ثالث و اخذ كل منهما اجرة مثل حقه و كل ذلك انما تبيّن كما هو حقه بالتقويم المذكور و اعلم انه اذا وقع الاشتراك بين اثنين في دار او بستان بان تكون الارض من احدهما و البناء و الشجر من الآخر فحق كل واحد منهما من الاجرة بتلك النسبة التى ذكرناها بمقتضى الاعتبار و اما هاهنا حيث و لانها حكم الشارع بوجوب الخمس على الذمى اذا اشترى ارضا من مسلم و حمل على خمس الارتفاع فيحتمل ان يكون المراد اجرة مثل اجرة مثل الارض البياض اذ لا بعد في ابحاث الشارع ذلك عليه بسبب الشّراء المذكور لكن لما كان الاصل البراءة لا يمكن الحكم به بل يقتصر على ما ذكرنا لانه المتيقّن بناء على حمل الحديث على ما حملوه على ان هذا الاحتمال انما يتوجّه اذا حمل على اخذ خصوص الأجرة و امّا اذا كان مخيرا بين اخذ خمس العين او الارتفاع و الظاهر في صورة اخذ العين حصول الاشتراك على الوجه المذكور و اخذ الاجرة بتلك النّسبة فالظاهر في صورة اخذ الاجرة أيضا اخذها بتلك النسبة فتدبّر

قوله و عليه المصنف في الدروس

فانه بعد ما حكم بسقوط النيّة عن الذمى قال و في وجوبها على الإمام او الحاكم قولان اقربهما الوجوب عنهما لا عينه عند الاخذ و الدّفع اى اقربهما الوجوب عنهما عند اخذهما من الذمى او عند رفعهما من المستحق و كان وجه اقربيّة وجوبها عند الاخذ لئلا يكون اخذ مال بان يعين و عند الدفع ليحصل الامتثال لوجوب دفعه الى اهله و هذا بناء على ان متولّى ذلك الإمام او الحاكم و امّا اذا فرض عدم حضورهما فان جوّزنا اخذ مستحق الخمس له من الذمى و قدر على ذلك فالاقرب الوجوب عليه عند الاخذ لما ذكرنا و من هذا يظهر ان مراد الشارح من الاخذ هو الامام او الحاكم ليطابق ما في الدروس او الاعم بناء على ما ذكرنا

قوله و لا يسقط ببيع الذمى لهما قبل الاخراج

فيبطل معه في الخمس و يكون للمشترى الخيار في الباقى

قوله و لا باقالة المسلم له في البيع الاول

فلا يصح اقالته و كانه كان عليه الاشارة

قوله لكن لما كان من حينه

اى حين الاقالة و امر التذكير سهل يعنى لما كان الفسخ من حين الاقالة لا من الاصل او وجوب الخمس من حين البيع ضعف احتمال سقوطه

قوله و هذه الارض لم يذكرها كثير من الاصحاب

يمكن ان يكون عدم ذكرهم لها باعتبار عدم ظهور الرّواية في وجوب الخمس بالمعنى المعروف لذهاب مالك و جمع من العامة الى ان الذّمى يمنع من شراء ارض المسلم اذا كانت عشيرته لانه يمنع الزكاة فان اشتراها ضوعف عليه و اخذ منه الخمس و ظاهرهم انه يؤخذ في زكاتها الخمس و حينئذ يمكن ان يكون الرّواية و وردت على وفق مذهبهم اما تقيّة لان المعروف بين العامة في زمان الباقر عليه السلام هو مذهب مالك او يكون ما ذكره حقا في الواقع و يظهر من صاحب هى و كذا صاحب المدارك ظهور الرواية في ذلك و بعدها عما حملها الاصحاب عليه و يمكن ان يقال ان هذا اختلاف ظاهر الرّواية او ظاهرها عموم الخمس في كل ارض اشتراها ذمّى من مسلم و لو حمل الخمس على هذا يجب تخصيصها بالاراضى العشريّة و هو خلاف الظاهر فالظاهر حملها على ما حملها الاصحاب و لو قيل انه على هذا الاحتمال أيضا لا يجب التخصيص بالعشريّة لجواز ان يكون الحكم في الواقع وجوب الخمس في زكاة كل ارض اشتراها

ص: 311

ذمّى من مسلم و ان لم يكن عشرية و كان زكاتها ضعف العشر غاية الامر ان يجعل زكاتها في العشرية ضعف الضّعف و لا محذور او يقال ان ذكر الخمس ربما كان على سبيل التمثيل مما هو الفرد الشائع الغالب و هو الاراضى العشريّة و يكون المراد صيرورة زكاتها الضّعف ففى العشريّة تصير الخمس و فيما فيه نصف العشر تصير العشر الّا انه اقتصر على التمثيل بالأوّل فنقول انه بعد ذلك أيضا لا يسلم العموم اذ يخرج الارض التى لم تزرع او لم يكن غلّتها بقدر النصاب و هذا بخلاف ما حمله الاصحاب اذ بناء عليه يعم الحكم الجميع و لقائل ان يقول انه يمكن حمل الرواية على وجوب الخمس في الزكاة لاهل الزكاة في كل ارض كذلك و ان لم يكن عشرية او بقدر النصاب او لم تزرع اصلا مكافات لما قصده من الاضرار باهل الزكاة حيث ضوعف بذلك قدر الزكاة او زاد على الضعف أيضا و عمّم أيضا الوجوب عليه في الاراضى التى لم تجب فيها الزكاة أيضا في غير هذه الصورة و يكون المراد بالخمس خمس القلّة الزكوية في صاحبها و خمس اجرة المثل في غيرها او خمس اجرة المثل مطلقا كما ذكرنا في خمس الارتفاع على طريقة الاصحاب لكن هذا الاحتمال لما لم يذهب اليه احد من الاصحاب فلا يمكن المصير اليه و تعين حمل الرّواية على ما حمله جمّ غفير منهم بل ظ كلام العلامة في المنتهى و كره اجماعهم عليه حيث نسب الحكم الى علمائنا الظاهر في العموم و ما ذكر من كون ذلك مكافات لفعل الذمّى يجرى على ما حملوها أيضا فانه يكفى في المكافات انه بسبب ما فعله اوجب عليه خسران زائد و ان لم يصل نفع ذلك اما ملك المستحقّين بل الى غيرهم لمصلحة اوجبت ذلك فانه لما صار مانعا لزكاة مستحقّيها فاوجب تعالى عليه بازاء ما فعله الخمس لاهله الذى غلبوا كمال الغلبة و لم يكن ما اوجبه عليه لهم الصّدقة التى فيها تذلل لهم بل جعله حقّا لهم يأخذونه بالقهر و الغلبة فيحصل المكافات و التلافى على ابلغ وجه هذا و لما كان في نقل بعض عبارات اصحابنا في هذا القسم و تحقيق ما يظهر منها تاكيدا لما فصّلنا و ثبت له فلا باس علينا بنقلها و التكلم فيها و ان اوجب طول الكلام فنقول قال المحقق في المعتبر الخامس ان مما يجب فيه الخمس روى جماعة من الاصحاب ان الذّمى اذا اشترى ارضا من مسلم فان عليه الخمس ذكر ذلك الشيخان و من تابعهما و رواه الحسن بن محبوب عن ابى ايّوب ابراهيم بن عثمان عن ابى عبيدة الحذاء قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول ايّما ذمّى اشترى من مسلم ارضا فان عليه فيها الخمس و قال مالك يمنع الذمى من شراء الارض المسلم اذا كانت عشرية لانه يمنع الزكاة فان اشتراها ضوعف عليهم العشر و اخذ منهم الخمس و هو قول اهل البصرة و ابى يوسف و روى عن عبد اللّه بن الحسن العنبرى و ظاهر هذه الاقوال يقتضى ان يكون مصرف ذلك مصرف الزكاة عندهم له مصرف خمس الغنيمة و قال الشافعى و احمد يجوز بيعها من الذّمى و لا خمس عليه و لا زكاة كما لو باع السّاعة من الذّمى لان الذمى لا يؤخذ منه الزكاة و الظاهر ان مراد الاصحاب الارض الزّراعة لا المساكن انتهى و يظهر منه انه لم يثبت عنده اجماعا من اصحابنا و قوله و ظاهر هذه اى الاقوال التى نقلها عن العامة لا ما نقله من اصحابنا أيضا فانّه لا ظهور فيما ذكره و الظاهر انه حمل الحسن في كلام الاصحاب على ظاهره لكنه اقتصر على نقل قولهم من غير حكم به و نقل ما نقله عن العامة مخالفا لهم و لا يبعد ان يكون فيه اشارة الى نوع تردّد له فيه لإمكان حمل الرّواية التى هى مستندهم على ما يوافق ما قالوه فلا يكون حجة لهم و قال العلامة رحمه الله في التذكرة الضعف السّابع الذمى اذا اشترى ارضا من مسلم وجب عليه الخمس عند علمائنا لقول الباقر عليه السلام ايما ذمى اشترى من مسلم ارضا فان عليه الخمس و قال مالك ان كانت الارض عشرية منع من شرائها و به قال اهل المدينة و احمد في رواية فان اشتراها ضوعف العشرة عليه و وجب عليه الخمس و قال ابو حنيفة تصير ارض خراج و قال الشافعى و الثورى و احمد في رواية اخرى تصحّ البيع و لا شي ء عليه و لا عشر أيضا و قال محمّد بن الحسن عليه العشر انتهى و هو صريح في ان مذهب

علمائنا وجوب الخمس بالعين المعهود انّهم حملوا الرّواية عليه و ما نقل عن العامة اقوال مخالفة لما ذكروه و قال في المنتهى الضّعف السّابع الذمى اذا اشترى ارضا من مسلم وجب عليه الخمس ذهب اليه علمائنا و قال مالك منع الذمى من الشراء اذا كانت عشرية و به قال اهل المدينة و احمد في رواية اخرى تصح البيع و لا شي ء عليه و لا عشر أيضا و قال محمد بن الحسن عليه العشر لنا ان في اسقاط العشر اضرار بالفقراء فاذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم فاخرج الخمس و يؤيده ما رواه الشيخ عن ابى عبيدة الحذاء نقل الرّواية و هو أيضا صريح في انّ مذهب علمائنا وجوب الخمس بالمعنى المعروف و ان ما نقله عن العامة اقوال مخالفة و لكن ما استدلّ به لهم كما ترى مجرّد كون ما تعرض الذمى و اضرار بالفقراء من اين لنا الحكم بوجوب المكافات تعيينها و اما وجوب الخمس بالمعنى المعهود و لم لا يجوز ان يكون هى ما قاله مالك و كان تعويله على اجماع اصحابنا و ما ذكره تغريب للحكم و بيان لسرّه بعد ثبوته لانه استدلال به له و جعل الرّواية مؤيدة لا دليلا يمكن ان يكون باعتبار ما ذكرنا من احتمال حملها على ما يوافق قول مالك و يمكن ان يكون للاشارة الى انّ اتفاقهم يكفى في ثبوت الحكم و لا حاجة فيه الى دليل آخر فالرواية مؤيّدة فتدبّر قوله قد نقلنا سابقا عن العلامة رحمه الله انه صرّح بوجوب الزكاة على الكفار و ما ذكره هاهنا من ان شراء الذمى لها اضرار بالمستحقين يدل على عدم وجوبها عليهم و الا فلا اضرار فانه اذا وجبت عليهم فلهم اخذها منهم كما يؤخذ ساير الحقوق و الجواب ان هذا الكلام يدلّ على عدم تكليفهم باداء الزكاة و هذا لا ينافى وجوبها عليهم او يكفى في ثمرة الوجوب ترتب عقاب على تركها أيضا لو ماتوا على مذهبهم و لعلّ عدم تكليفهم بادائها كان معلوما عندهم من خارج كقوله عليه السلام من طرقهم فليدعهم الى الجزية فان اطاعوا فاقبل منهم و كفّ عنهم و من طرقنا صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في اهل الجزية يؤخذ من اموالهم و مواشيهم شي ء سوى الجزية قال لا و على هذا مخصوص الزكاة لو قيل باخذها منه كما قاله المالك و احتملنا حمل الرواية عليه يكون مستثنى منه باعتبار انها مكافات لما قصده من الاضرار و امّا الخمس فكلام من قال بهذا الخمس صريح في وجوبه على الذمى و انه يؤخذ منه و قد صرّحوا بذلك في بعض الاقسام الأخرى أيضا و كان السرّ في الفرق الخمس في ان الحقيقة حق وضعه اللّه تعالى ابتداء لاهله ليس شي ء يخرج من قال وجب عليه الخمس بل يجب عليه ايصال ذلك الحق الى صاحبه بخلاف الزكاة فانها فضلة تخرج من ماله فلا بعد في ان لا تكليف به بعد التزام الجزية و اللّه تعالى يعلم و اعلم انه يشكل الحكم بوجوب هذا الخمس لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول ليس الخمس الا في الغنائم خاصة و اجاب عنه في هى بانا أيضا فقول بموجب هذا الحديث اذ جميع الفوائد غنيمة تدخل تحت هذا الحديث و لا يخفى ضعفه فان الغنائم لو لم يحمل على ظاهرها و هى الغنائم المكتسبة بالجهاد و حمله على مطلق الفوائد فالظاهر من الفائدة هى المنفعة المستفادة بلا عوض و لا يشمل ما يشتريه احد و الا لما اختص الحكم بالأرض المذكورة بل و لزوم وجوب الخمس فيما يشتريه الذمى من غير المسلم و من غير الارض أيضا بل في كل ما يشتريه المسلمون و لم يقل به احد نعم هذا الجواب انما يتأتى لورود

ص: 312

الاشكال في باقى اقسام الخمس غير الغنيمة بانّ الحديث المذكور ينفى وجوبها بناء على حمل الغنائم الجهاد فياتى الجواب بحمل الغنائم فيه على مطلق الفوائد فيشمل ساير الاقسام على هذا القسم نعم بعد حمل الغنائم فيه على مطلق الفوائد يمكن دفع الاشكال عن هذا القسم بتخصيص رواية بن سنان بما يجب على المسلمين جمعا بين الصحيحين او بحملها على التقية لانّ وجوب الخمس بالمعنى المعهود في الارض المذكورة ليس من مذهب العامة و الشيخ رحمه الله في التهذيب وجّه صحيحة ابن سنان بان المراد بها ليس الخمس بظاهر القرآن الا في الغنائم خاصة لان ما عدا الغنائم اوجبنا فيه الخمس انما يثبت ذلك كله بالسّنة و لم يرد عليه السلام انه ليس فيه الخمس على كل حال و في الاستبصار ذكر هذا التوجيه و ذكر ما نقلنا عن العلامة ايضا لكن قد عرفت ان ذلك في ساير اقسام الخمس غير هذا الارض متجه و امّا فيها فالظاهر ان يتمسك فيه بعد الحمل المذكور باحد الوجهين اللذين ذكرنا فتأمل

قوله و رواه ابو عبيدة الحذّاء في الموثق

قد عرفت انه سهو و الصّحيح الصّحيح

[أوجبه أبو الصلاح في الميراث و الصدقة و الهبة]

قوله و الصّدقة و الهبة

في البيان بدل الصّدقة الهدية و في الدروس جمع بينهما و هى نقل كما في البيان و في المختلف كما هنا ثمّ ان ظاهره اختصاص الاضافة بهذه الثلاثة او الأربعة فلا يشمل بعض الفوائد الاخرى كعوض الخلع و الصّداق و لا يخفى ان ما ذكره الشارح من الحجّة لا يلائم هذا لإفادتها عموم و الواجب في كل فائدة و يمكن ان يكون عرضه التعميم في كلّ فائدة و يكون ذكر هذه او الاربعة لكونها عمدة الفوائد التى لا تدخل فيما ذكر في المشهور و حينئذ فالجملة المذكورة يلائمه

قوله محتجّا بانه نوع اكتساب

ظاهره ان هذا الاحتجاج من ابى الصّلاح نفسه و ظاهر المختلف ايضا هو هذا فانه قال بعد نقل مذهبه احتج بانه نوع اكتساب فدخل تحت عموم الاغتنام لكن الظاهر انه لم ينقل عنه نفسه حجة و غرض العلّامة ذكر حجة له من قبله و يؤيد هذا انّه في هى ايضا نقل مذهبه و لم ينقل عنه حجة و قال يمكن ان يحتج له بصحيحة علىّ بن مهزيار ثمّ انه في المخ اجاب عن الحجة يمنع المقدمة الاولى و لا يخفى ان المنع يتوجّه في الميراث و امّا في غيره مما يتوقف على القبول فيتجه عليه ما ذكره الشارع و كان الشارع اضاف الفائدة ايضا ليتم في الميراث ايضا فلا تغفل و اعلم انه روى في الكافي عن علىّ بن الحسين بن عبد ربّه قال شرح الرضا عليه السلام بصلة الى ابى فكتب اليه ابى هل على فيما سرحت الى الخمس فكتب اليه لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس و لا يخفى انه يفهم منه ثبوته في الجائزة اذا لم يكن من صاحب الخمس لكن في سنده سهل بن زياد و على هذا ايضا لم يذكر في كتب الرجال و كان هذه الرواية ايضا مما يؤيد كون هذا القسم من الخمس كله حق للامام و الا فليس لعدم كون الخمس اصلا فيما صرّح به صاحب الخمس وجه ظاهر و روى ايضا بسند فيه سهل عن علىّ بن مهزيار قال كتبت اليه يا سيدى رجل رفع اليه قال يحج به هل عليه في ذلك المال حين يصير اليه الخمس او على ما فصّل في يده بعد الحج فكتب عليه السلام ليس عليه الخمس و الظاهر ان ما دفع اليه كان هبة اليه ليحج بها و لا اقل من شهور لها فنفيه عليه السلام الخمس فيه الظاهر في نفيه عليه السلام مط حتى فيما فضل عنه عن الحجّ يدل على عدم الخمس الا ان يقال الظاهر منه نفى الخمس فيه بخصوصه و هو لا ينافى كونه من الارباح التى فيها الخمس بعد المؤنة فتأمل و قد نقلنا سابقا رواية احمد بن محمد بن عيسى المشتملة على الجائزة و ما فيها من الاحتمالين فتذكر

قوله لظهور كونها بالمعنى الاعمّ كونها غنيمة بالمعنى الاعمّ

ظاهر لكن كون المراد بها في الآية الكريمة المعنى الاعمّ غير ظاهر كما سبق ثمّ ان بعد ظهور ذلك و ثبوت ان المراد بها المعنى الاعم يكفى ذلك و لا حاجة الا ان يقرع عليه لحوقها بالمكاسب كما فعله بل ينبغى ان يجعل دخولها في المكاسب ايضا دليلا آخر فيكون استدلاله بالآية و الاخبار جميعا ثمّ انه قد ظهر لك مما تلونا عليك من الاخبار انه ليس الاكتساب الا في خبر عبد اللّه بن سنان على كل امرئ غنم او اكتسب الخمس و هو لما اشتمل على غنم ايضا فيكفى ايضا دخولها في الغنيمة للاستدلال به و لا حاجة الى مئونته اثبات دخولها في الاكتساب الا ان يقال ان الظاهر من العطف بأو فيه مغايرة الاكتساب للغنيمة فيكون المراد بالغنيمة فيه معناها الاخص فلا بدّ من الاستدلال به من اثبات دخولها في الاكتساب او يقال ان اثبات ذلك ليظهر دخولها في الافادة اى الاستفادة التى وقعت في رواية مؤذن بني عبس و كذا ما يستفيد الذى وقع في رواية محمد بن الحسن الاشعرى اذ غاية الامر في الاستفادة ان يعتبر فيها الاكتساب ثمّ لا يخفى ان اثبات الوجوب فيها بتلك الرواية ايضا مع عدم صحة سندها و قصور دلالتها كما سبق مفصّلا مشكل جدا لأصالة البراءة خصوصا مع شهرة خلافه بين الاصحاب و اللّه اعلم بالصّواب

قوله و في صحيحة على بن مهزيار ما يرشد الى الوجوب

هى الصّحيحة الطّويلة التى نقلناها و لا يخفى انه ان كان مذهبه عموم الوجوب في كل فائدة و ارشادها الى الوجوب فيما يمكن ان يكون بعموم قوله عليه السلام فيها و الفائدة يفيدها و لا ينافيه تخصيص الميراث بمن لا يحتسب و الجائزة بالخطيرة اذ يمكن ان يكون تخصيصها بعد التعميم لزيادة التأكيد فيهما او للاشارة الى عفوه و تحقيقه في غير محلّ التخصيص و يكون ذكر ستار ما فضل ايضا لمزيد التأكيد فيها لاختصاص الوجوب بها لمنافاة ذلك لعموم الفائدة المذكورة و فيه انه كما احتمل ذلك احتمل حمل الفائدة على الاكتساب الشّائعة المشهورة و حينئذ يخص الوجوب بما ذكر في الرّواية و كون الاوّل اظهر من الثانى غير ظاهر الا ان يتمسّك بعدم القائل بالفصل فاذا لم يمكن حملها على المشهور فلا بدّ من حملها على المذهب الآخر و هو العموم في كل فائدة بناء على الفرض المذكور لكن اثبات الاجماع في المسألة لا يخلو عن اشكال و اما لو كان مذهبه الاختصار في الاضافة على الثلاثة او الاربعة فيمكن ان يكون الارشاد فيها الى مذهبه باعتبار دلالتها على الوجوب فيما ذكر فيها من الميراث و الجائزة فلا ينطبق على المشهور فلا بدّ من القول الآخر بناء على عدم القول بالفصل و حينئذ يحمل ما فيها من التخصيص في الميراث و الجائزة على انه لمزيد التأكيد فيها او الإشارة الى العفو و التخفيف منه عليه السلام و غيرهما و لكن يحمل الفائدة يفيدها على الاكتساب الشائعة المشهورة لا على كل فائدة كما ذكر في الوجه الاوّل لكن قد عرفت ما في ثبوت الاجماع المركّب من الاشكال و اذا لم يثبت ذلك فالاظهر حمل الفائدة على ما ذكر من الاكتساب الشائعة و تخصيص الوجوب في غيرها بخصوص ما ورد في الرّواية فلا تدخل الصدقة و لا الجائزة الغير الخطيرة و لا على الميراث الغير المحتسب فتبقى على اصالة البراءة و لا يبعد ان يكون هذا التفصيل منه عليه السلام لعلمه عليه السلام بكون المراد من الغنيمة في الآية الكريمة هو المعنى العام او الجائزة الغير الخطيرة لا تعد غنيمة و كذا الميراث المحتسب اذ الظاهر من الغنيمة بالمعنى العام ان يكون الى خطر و كذا ان لا يكون محتسبا و كذا الظاهر عدم اطلاقها على الصدقة لما فيها من الذّل و المهانة هذا فيما ذكر في الوجهين السّابقين من حمل التخصيص بالخطيرة و غير المحتسب على ان يكون للتخفيف منه عليه السلام في غيرهما كلام و هو انه اذا حمل ذلك على التخفيف منه عليه السلام في غير الخطيرة و المحتسب فينبغى ان يكون ذلك ابدا و لا يختصّ بزمانه عليه السلام لا لسنة المكاتبة على ما صرّح به فيها هى سنة عشرين و مأتين و هى سنة وفاته عليه السلام فيبعد حمل قوله عليه السلام فامّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام ثمّ تفصيل الغنائم و الفوائد بما فصّل

ص: 313

على ان يكون ذلك التفصيل في خصوص تلك السّنة و لا يشمل الاعوام التى بعدها و اذا كان التخفيف عاما فلا يمكن الحكم بالوجوب في غير الخطيرة و المحتسب و لا يهمّنا تحقيق ان ذلك هل كان بحسب اصل الشرع او بتخفيف عنهم عليه السلام و بالجملة فالحكم بمذهب اهل الصّلاح المخالف للاصل لتلك الصّحيحة ايضا مع ما فيها من الإشكالات بحسب الظاهر كما سمعته مشكل جدّا خصوصا مع شهرة خلافه بين الاصحاب وفّقنا اللّه و ايّاكم للصواب و سيجي ء في بحث التحليل رواية سالم بن مكرم و ظاهرها وجوب الخمس من الميراث و الهبة و العفو عن الشيعة فانتظر فائدة قال المصنف في البيان في بحث الأرباح العسل المأخوذ من الجبال و المنّ ذكره الشيخ و ابن ادريس و جماعة هل هو قسم بانفراده او قبيل المعادن او من قبيل الارباح ظاهر الفاضل انه من قبيل الأرباح و قال السيّد المرتضى رحمه الله لا خمس فيه فيحتمل نفى الماهيّة و يحتمل نفى الخصوصيّة انتهى و كلام العلّامة في المختلف صريح في اختيار انه من الاكتسابات فانه نقل عن السيّد المرتضى انه نفى الخمس في العسل ثمّ قال و قال الشيخ في ط العسل الذى يؤخذ من الجبال و كذلك المنّ يؤخذ منه فيه الخمس و اختاره ابن ادريس و ابن حمزة و قطب الدّين الكيدرى و هو حسن لنا انّه من الاكتسابات و نقل روايتى عبد اللّه بن سنان و محمد بن الاشعرى المتقدّمين في جملة ادلة الخمس في الارباح ثمّ قال اذا عرفت هذا فلا وجه لتخصيص العسل و المنّ بل كلّ ما يجتنى كذلك كالترنجبين و الشيرخشك و الصّمغ و غير ذلك لان ذلك اكتساب انتهى و الظاهر انّ اخذ كل واحد منها و من امثالها ان اتخذ ضعفه فهو من الاكتسابات و تشمله ادلة الخمس فيها و امّا اذا وقع ذلك اتفاقا احيانا ففى شمول تلك الأدلة تامّل و امر الاحتياط واضح و امّا جعل امثال ذلك من المعادن فبعيد جدّا و جعلها قسما على حدة يحتاج الى دليل و ليس بظاهر

[و اعتبر المفيد في الغنيمة و الغوص و العنبر]

قوله للرّواية عن الكاظم عليه السلام

قد عرفت ان الرّواية مع ضعف سندها لا عموم لها و انّ صاحب المدارك ادّعى الاتفاق على اعتبار النصاب و لم يظهر قائل بما دون ذلك و لا باكثر من ذلك سوى ما نقل عن المفيد و لم يظهر له سند ايضا فتعيّن العمل بما هو المشهور

قوله فان دخل فيه

و ذلك بان اخراج من داخل الماء فيحكمه في ان نصابه دينار قال في المدارك و يشكل بانتفاء ما يدلّ على اعتبار الدّينار في مطلق المخرج بالغوص انتهى و ذلك لما عرفت من اختصاص الرّواية بالمذكورات فيها و لا يدلّ على العموم في كل غوص و فيه انه قد وجه في بحث الغوص القول المشهور كما نقلنا عنه بان اعتبار النصاب فيه موضع وفاق و لا قائل بما دون ذلك و هذا آت في العنبر ايضا على تقدير دخوله في الغوص فلا وجه لاستشكاله فيه

قوله و الّا فان اخذ من السّاحل او من وجه الماء

و ما على ما قراه الشارح من ان ما اخذ باحد الوجهين لا يدخل في الغوص فبحكم المكاسب اى حكمه حكمها لدخوله فيها ففيه الخمس بعد المؤنة بلا اعتبار نصاب فيه و ظاهر كلام الشيخ في يه ان العنبر ايضا نوع ممّا يجب فيه الخمس و انه لا يعتبر فيه نصاب و لا يخلو عن وجه لورود الخمس فيه في صحيحة الحلبى المتقدمة من غير ما ذكر نصاب له و على تقدير اخذه لغير الغوص فهذا فيه اظهر و نقل في المدارك عن الاكثر انه ان يجي ء من وجه الماء او من الساحل كان له حكم المعادن و استشكل بمنع اطلاق المعدن على ما يجي ء من وجه الماء و لا يخفى ان المنع يتوجّه على ما اخذ من السّاحل ايضا الا اذا كان من موضع يتحلق فيه العنبر او يجمع فيه غالبا فان كان كذلك فيتجه ادخاله في المعدن و الّا فبالمكاسب كما ذكره الشارح او يجعل قسما على حدّة بلا اعتبار نصاب فيه كما نقلناه عن ظاهر النهاية و هو احوط و لا يخفى انه لو كان على وجه الماء ايضا موضع كذلك فالظاهر دخوله في المعدن لا الأرباح

قوله و كذا كل ما انتفى فيه الخمس من هذه المذكورات

اى انتفى الخمس فيه بخصوصه مع كونه من احد اصناف المذكورة لفقد شرط من شرائطه الوجوب في ذلك الصّنف فيدخل في المكاسب و يجب فيه الخمس بشروطها و لو بالنّقصان عن النصاب فان بلوغ النصاب انما هو شرط لوجوب الخمس فيه باعتبار كونه من الصنف الّذى اشترط فيه ذلك لا لوجوب الخمس فيه مطلقا فلا ينافى وجوب خمس الارباح لكونه منها و هو ظاهر

[و يعتبر في وجوب الخمس في الأرباح إخراج مئونته و مئونة عياله]

قوله اخراج مئونته و مئونة عياله

اى مئونة السّنة و ذكر في هى و كره انه قول علمائنا اجمع و قد نقلنا عبارتهما سابقا عند ذكر الارباح و تدل عليه من الروايات رواية علىّ بن مهزيار المتقدّمة الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السّلطان و رواية علىّ بن راشد المتقدّمة اذا امكنهم بعد مئونتهم و رواية محمد بن الحسن الاشعرى المتقدمة الخمس بعد المؤنة و رواية محمّد بن علىّ بن شجاع لى منه الخمس عمّا يفضل من مئونته و لا يخفى ان الاولى صريحة في مئونته و مئونة عياله و لكن ليس فيما ذكر السّنة و لا يبعد دعوى ان المتبادر منها هى مئونة السّنة كما ادّعاه الفاضل الأردبيلى رحمه الله و الرّواية الثانية ظاهرها ايضا ملك المؤنة لإضافتها اليهم و مثلها الرّواية الرّابعة و امّا الثالثة فيحتمل مئونته العمل ايضا لكن بقرينة الأوليين تحمل على مئونتهم و الصحيحة الطّويلة المتقدمة من علىّ بن مهزيار ايضا تدل عليه لكن في خصوص الصّيغة اذا لم تقم بمئونته كما يظهر بالرّجوع اليها و روى ايضا ان الفقيه ان في توقيعات الرّضا عليه السلام الى ابراهيم بن محمّد الهمداني ان الخمس بعد المؤنة و هى كالرّواية الثّالثة و مثلها ما في الكافي من صحيحة ابن ابى نصر قال كتبت الى ابى جعفر عليه السلام الخمس اخرجه قبل المؤنة فكتب بعد المؤنة و تقييد المؤنة بالاقتصاد هو المعروف بينهم و قد وقع ذلك في عبارة هى و كره اللذين فيهما انه قول علمائنا اجمع فالظاهر عدم الخلاف في اعتباره و لا يخفى ان التبادر منه وسط يليق بحال كل شخص وزير بل التبادر من مطلق المؤنة ايضا هو ذلك فما ذكره المحقق الاردبيلى ان الظاهر انه لا يشترط الاقتصاد الّا ان يريد به عدم الاسراف الذى هو خارج عن الحدّ و حرام فيه ما فيه و امّا ما يصرفه في الحرام فلا يجب من المؤنة و ان كان ما يصرفه في امثاله و اقرانه ايضا اذ الذى لا يعتبر في الحرام و هو ظاهر ثمّ ان المحقق المذكور بعد نقل الرّواية الاولى التى فيها و بعد خراج السّلطان قال و الظاهر انه لم يسقط عن خراج الظّالم مثل العثور في التجارات بل هو مال مشترك بين المالك و صاحب الخمس فالاخذ مطالب به من جهتهما فكل ما حصل منه يكون فيه الخمس فمعنى كونه بعد خراج السّلطان امّا خراج العادل الحق او عدم وجوب خمس ما اخذ من المالك عليه لا انه ما لا خمس فيه بالكليّة و مثل الآخر معنى ما يدل على اجزاء الزكاة و الخمس اذا اخذه الظالم ان علمنا به و قد مرّ و مثله ما قال في الفقيه و سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاته او خمس غنيمته او خمس ما يخرج له من المعادن أ يحسب ذلك من زكاته و خمسه فقال نعم انتهى و مراده انه ليس المراد بكون الخمس بعد خراج السّلطان اذا حمل السلطان على الجائز انه يسقط الخمس عما يأخذ به السّلطان بالكليّة مثل المؤنات التى يسقط عنهما الخمس بالكلية بل ما يأخذ خمسه من ارباب الخمس و الباقى من المالك فهو غاصب منهما و مشغول الذمة بحقّها فكل ما حصل من الريح فيه الخمس لكن خمس ما اخذه السّلطان عليه و هل يجب دفعه الى ارباب الخمس و خمس الباقى للمالك على المالك فاما ان يحمل السّلطان على العادل و حينئذ يحمل السّقوط على السقوط بالكلية عن المالك و ان الخمس لا يجب عليه انما هو بعد وضع الخراج اى ان الخراج الذى يؤخذ منه ليس خمسه

ص: 314

عليه بل على الأخذ و لا يخفى ان الظاهر هو الثانى و ليس فيه تكلّف في هذه الرّواية و امّا ما ذكره من ان ما يدلّ على اجزاء الزكاة و الخمس اذا اخذه الظالم يحمل على الآخر مثل الروايات التى وردت بذلك في الزكاة و قد مرّ منه في بحث الزكاة و مثل ما نقله هاهنا عن الفقيه في الزكاة و الخمس كليهما فحمله على ما ذكره بعيد جدّا بل الظاهر من الرواية التى نقلنا هناك انه اذا اخذ السّلطان منه الخراج يسقط عنه الزكاة اما مطلق او اذا اخذه بعنوان الزكاة و الرّواية الواردة بذلك الزكاة كثيرة و لكن تعارضها روايات اخرى و لذا وقع الخلاف فيها بين العلماء و ترجيح احد الطرفين توقعه هناك و اما في الخمس فلم اتذكّر رواية بذلك غير ما نقله هناك عن الفقيه و لم ار ايضا بذلك قوله من العلماء بل لم يذكروا الّا كونه بعد المؤنة و الخراج و هو لا يدل الّا على سقوط خمس ما اخذ منه عنه فتدبّر

قوله فبأىّ اسرف حسب عليه ما زاد

لا ريب في هذا و امّا انه اذا قتر حسب له ما نقص ففيه تامّل اذ لا يبعد ان يكون المراد بالاستثناء قدر الاقتصاد استثناء ما بذله في مئوناته ما لم يتجاوز الاقتصاد لا انه يستثنى له قدر الاقتصاد حتما فالأحوط موضع التقصير الاكتفاء باسقاط ما بذله فقط

قوله او يصانع به الظالم اختيارا

المصانعة كما ذكره الجوهرى الرّشوة و المراد ما يبذل الى الظالم اختيارا ليعينه عند الحاجة اليه و لئلّا يقصده بظلم

قوله و الحقوق اللازمة له بنذر

و كذا كل عزم له في ذلك اذا لم يكن بتقصير منه في موجبه امّا لو كان بتقصير له فيه كإتلاف مال احد عدوانا و لزوم عرضه عليه فليس من المؤنة كما يصرفه في الحرام كما ذكرنا الا اذا لم يكن ما ليس له عوض له اصلا في جملة المؤنة و وضع من الارباح قبل الخمس كما قلنا في الحجّ الذى وجب قبل عام الارباح فتذكّر

قوله و الّا وجب في الفضلات السابقة على عام الاستطاعة

اى لم يستطع عام الاكتساب فيجب الخمس في فضلات كل عام و لا يسقط لان يجمع الى ان تحصل به الاستطاعة بل يؤدى خمس فاضل كل عام الى عام الاستطاعة و كان مئونة الحج في ذلك العام من جملة مئونة تلك السّنة ثمّ انه في عام الاستطاعة لو لم يحتج مع قدرته عليه فهل له وضع مئونة الحج من الأرباح يحتمل ذلك للزومها شرعا عليه فلو وضعها من الارباح و عدم ذهابه الى الحج انما يوجب اثمه و هو لا يقدح في ذلك و في المسالك حكم بذلك بما بعنوان انه الظاهر و قال انه مع عدم السّفر بمنزلة التقصير و فيه تامّل الظاهر خلافه فان الظاهر من المؤنة ما وقع عليه لا ما لزم عليه اذا لم يؤده و لانّ ذالك ارفاق من الشارع له بتجويز وضع مئونة من الارباح فاذا لم يؤده لا بعد في عدم ترخّصه في ذلك لعدم استحقاقه الإرفاق فيه فتأمل و اما لو استطاع الحج قبل عام الارباح و لم يحج فالظاهر انه ليس له وضع مئونتها من ارباح هذا العام بل لا بد من جعلها من تالد امواله ان كان له تالد لكن الظاهر ان ذلك فيما زاد من مئونة الحج على مئونة حفره فله وضعه من الارباح و امّا لو لم يكن تالد او لم يف بها فالظاهر انه ان وفى بها حصّة منها بعد الخمس و هى الاربعة الاخماس الباقية و ليس له ايضا وضعها قبل الخمس بل عليه صرف حصة فيها و ان لم يف حصة بها فله وضع الزائد قبل الخمس كما سنذكره في الذين المتقدّم

قوله و سفر الطّاعة كذلك

بل الظاهر ان كل سفر مباح ايضا كذلك لكن يشترط في الجميع و كذا في الحج الواجب رعاية القصد فيها فلو زاد على ذلك فالزّائد لا يحتسب من المؤنة و ان كان في الحج الواجب و الظاهر ان كل ما بذله في سبيل اللّه كالصّدقات و بناء الخيرات و نحوهما فله وضع جميعها من الارباح و انه لا يعتبر فيها قصد فلو تصدّق مثلا ما يزيد ان تصدّق امثاله فله وضع جميعه من الارباح اذ لم يعتبر القصد في مثله

قوله و الدّين المتقدّم و المقارن بحول الاكتساب

الظاهر في الدّين المتقدم انّه انّما يحتسب من المؤنة اذا لم يكن له مال تالد يمكنه اداؤه منه و امّا اذا كان له ذلك فليس له ان يحتسب ما بقي به التألّد من مئونة هذا العام و امّا الدّين المقارن فالظاهر انه انما يحتسب من مئونة هذه السّنة اذا اسند له لمئونته فيها و امّا اذا لم يكن لذلك كان اسند انه لشراء ضيعة مثلا فالظاهر انه ليس من المؤنة التى تقدم على الخمس فتدبّر

قوله و لا يجبر التألّف من المال بالربح

لان التّالف لا يسمّى مئونة نعم لو كان التالف مما يحتاج اليه و احتاج الى شراء بدله فيجب قيمة ذلك من المؤنة

قوله و به قطع المصنف في الدروس

و كانه الوجه فان الظاهر من ربح التجارة في كل سنة هو ما يحصل له من الربح لجملة التجارة في تلك السنة زائدا على اصل المال و اذا ربح في بعض و خسر في بعض فلا يقال انه ربح التجارة في تلك السّنة الا بعد وضع الخسران و حصول ربح له بعده و كذا الحال في خسران الصّناعة و الزراعة و بالجملة يحبو كل خسران لحقه في عام بسبب الارباح التى يحصل له في ذلك العام

قوله و لو كان مال آخر لا خمس فيه

امّا لكونه مخمّسا او لانتقاله اليه بسبب لا يوجب الخمس كالميراث و الهبة و الهدية و المهر و عوض الخلع كذا في المسالك و الظاهر ان مراده بالخمس ما خمس في هذا العام كالكنز و المعدن و الذى وجده في هذا العام و خمسه فيه و على هذا فيظهر منه انّ المراد بمال آخر هو المال الذى حصل له في تلك السّنة لا ما يعم ماله الذى كان له من الزمان السابق عليها و الا لما احتاج الى التمثيل بالمذكورات اذ لا خفاء في امكان وجود مال سابق له و كان وجهه ان الظاهر من كون الخمس بعد المؤنة هو وضع المؤنة من تلك الفوائد التى يجب فيها الخمس و لو نزل عنه فالظاهر وضعها من مطلق منافع تلك السّنة لا ما يشمل المال القديم ايضا لكن المصنف في الدروس قال و المؤنة ماخوذة من تلاد المال في وجه و من طارفه في وجه و منهما بالنسبة في وجه و هو صريح في جعل المال الآخر هو التّالد و اتيان الوجوه الثلاثة فيه و لا يخفى ان القوة الوجه الاوسط حينئذ اظهر لما ذكرنا و يمكن حمل كلام على ما يعم الطارف و التالد و حمل الخمس على الخمس في السّابق و ما لا خمس فيه على الاعم من الطارف و التالد لكنه بعيد جدا فتدبّر ثمّ على تقدير اجزاء الوجوه في المال التالد ايضا فالظاهر انه لا بدّ من تخصيصه بمال لا يحتاج اليه في التجارة او زراعة او صناعة كان يكون له مقدار غلة يمكنه صرفه في مئونته زائدا على ما يتّجر به او يحتاج اليه في الزراعة او الصّناعة فكانه لا مجال لاحتمال جعل مئونة السّنة منه او التقسيط و كان هذا مراد الفاضل الاردبيلى حيث قال الظاهر ان اعتبار المؤنة من الارباح على تقدير عدمها ثمّ غيرها فلو كان عنده ما يمون به من الاموال التى تصرّف في المؤنة عادة فالظاهر عدم اعتبارها ممّا فيه الخمس بل يجب الخمس من الكل لانّه احوط و لعموم ادلة الخمس و عدم وضوح صحة دليل المؤنة و ثبوت اعتبار المؤنة على تقدير الاحتياج بالاجماع و نفى الضرر و حمل الأخبار عليه و لتبادر الاحتياج من بعد المؤنة الواقع في الخبر و لانه قد يئول الى عدم الخمس في اموال كثيرة مع عدم الاحتياج الى صرفها اصلا مثل ارباح التجارات السّلاطين و زراعاتهم و الاكابر من التجار و الزرّاع و هو مناف الحكمة شرع الخمس في الجملة و يحتمل التقسيط و لكنه غير مفهوم من الاخبار الا انه احوط بالنسبة الى اخراجها من الارباح بالكليّة و بالجملة التقسيط ليس بمفهوم من الاخبار و ليس باحوط بل الاحوط و الاظهر اعتبارها كما دللناه و ان تبادر

ص: 315

الى الذّهن في اوّل الامر اعتبارها من مال الخمس فتأمل انتهى و لا ريب انما ذكره احوط لكن في جعل الاحتياط دليل الوجوب تامّل و ما ذكره من عموم ادلّة الخمس فيه ايضا تامّل اذ شمول الآية الكريمة لها غير ظاهر و ليس في الاخبار دالّة على وجوب الخمس في الارباح رواية عامة لا تقبل المناقشة امّا في المتن او السّند على ما ذكره هو رحمه الله عند نقل الاخبار الدالة عليه و عمدة الأدلة الإجماع الذى ادّعوه و هو ان ثبت يدل على الوجوب مع استثناء المؤنة فان كان ظاهر الاستثناء هو الاستثناء من تلك الارباح كما ذكرنا فلا يثبت الوجوب الا في ذلك بمجرّد احتماله ايضا و لو على التّساوى لا يثبت الا ذلك و عدم وضوح صحة دليل المؤنة فيه ان الظاهر كما ذكرنا سابقا صحة رواية على بن مهزيار المشتملة على كتابة ابراهيم بن محمد و صحيفة الاخرى ايضا مشتملة عليها في الصّناع لكن فيها ما سبق من الاشكالات التى يمكن دفعها كما عرفت و باقى الاخبار دالة على وجوب الغير المشتمل على استثناء المؤنة لا يخلو عن قصور في السّند او الدلالة او عمومها و بالجملة فدلالة استثناء المؤنة لا يقصر جدا عن ادلة عموم الخمس هذا مع اعتضادها باصالة البراءة و اقتضائه الاقتصار في الوجوب على ما يعلم عدم استثنائه و امّا تبادر الاحتياج من بعد المؤنة ففيه ايضا تامّل بل الظاهر الاطلاق و امّا ما ذكره من الاعتبار فهو بمجرده لا يصلح مناطا للاحكام الشرعية سيّما ان ذلك لا يوجب سقوطا بيّنا في الخمس بحيث يوجب فوات مصلحة شرع الخمس اذ ما يبقى وجوده بعد الاستثناء على ذلك الوجه ايضا قدر خطير لو دفعوه و لم يمنعوه و كون الاعتبار الذى ذكره احوط و امّا كونه اظهر فغير ظاهر بل الاظهر هو ما قاله انّه يتبادر الى الذّهن اوّل الامر و العلم عند اللّه و رسوله و اولى الأمر و اعلم انه اذا حمل كلام الشارح على ظاهره كما حملنا يدل على ان مال الخمس لا يجب في بقية خمس الارباح و للتّامل فيه مجال لانه اذا وقع الامر بالخمس و الكنز في المعدن مثلا و ايضا وقع الامر به في الفوائد بعد المؤنة فيحتمل وجوب الخمس منهما على المخصوص و خمس آخر من جملة الفوائد التى من جملتها ما استفاده من بقية ذلك المعدن او الكنز بعد اخراج ذلك الخمس فان هذا الخمس نوع آخر غير الخمس الاوّل و متعلقه شيئا آخر غير متعلق الاوّل فلا بعد في اجتماعهما و لا يمكن الحكم بسقوط الثّانى عما تعلق به الاول على القول بوجوب الخمس في جميع الفوائد بل الاظهر و الاحوط جمعها و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله و اعلم انه يمكن اجتماع بعض هذه الاصناف خصوصا على ما تقدّم من احتمال كون المراد بالمعدن ما كان من ذلك الجنس أخذ من معدنه ام لا فلو كان كنزا معدنيا و غنيمة بل لصدق على مثل الغير بناء على ما مرّ انه لو اخذ بالغوص المعدن و الغوص ففى وجوب الجميع و ترجيح ما هو مصلحة لاهل الخمس و التخيّر احتمالات و الظاهر اعتبار الغنيمة مع اجتماع مطلقا لصدقها و وجودها في الآتية و الوجوب بالاجماع و عدم الشّك في لحوق ساير احكام الغنيمة فيها و كذا الغوص اذا اجتمع مع الغير و الظاهر عدم اجتماع المعدن و الكنز و على تقديره ينبغى اعتبار كونه معدنا لانه احوط مع اعتبار كون نصابه دينارا و عدم وصوله الى عشرين دينارا و قدر ما يدل على عدم تعدّد وجوب الخمس في بحث الزكاة من عدم وجوب حقين في مال واحد فتذكر و امّا اجتماع المكاسب على غيره فالظاهر انه يمكن بان يعمل في ارض لأن يجد كنزا او معدنا فالظاهر الوجوب في الآخرين انتهى و ما ذكره من احتمال كون المراد بالمعدن ما كان من ذلك الجنس سواء اخذ من المعدن ام لا ضعيف جدّا و الظاهر بل المعلوم انّ المراد به ما اخذ من المعدن و على هذا فلا يمكن اجتماع الكنز و المعدن و كان قوله و الظاهر عدم اجتماع المعدن و الكنز اشارة الى ما ذكرنا فلا ينافى ما ذكره اوّلا من احتمال كنز معدنى و غنيمة فانّها بناء على الاحتمال المذكور ففى كلامه الاخير اشارة الى ضعف الاحتمال المذكور و امّا في اجتماع الكنز و المعدن مع الغنيمة فالظاهر انه ان وجد الكنز او ظهر المعدن قبل قسمة ارض الغنيمة فهو ايضا من جملة الغنيمة و يكون خمسه لأرباب الخمس و الباقى لاهل الغنيمة و احتمال وجوب خمس آخر ايضا فيه باعتبار

كونه معدنا او كنزا بعيد جدّا و كذا التخيير فيه بين الخمسين ثمّ في المعدن اذا عمل كل منهما في حصة فيجب عليه الخمس فيما حصل له و لا بعد في وجوب الخمس على الامام عليه السلام ايضا كما اشرنا اليه في اوّل هذا الكتاب و اذا كان ظهور المعدن بعد القسمة ففى اى نصيب ظهر ذلك ان تصير ملكا لصاحبه و عليه فيما اخذ منه و كذا الكنز فانه يصير ملكا له اذ لا حاجة هنا الى التعريف المالك السّابق و يحتمل فيهما اشتراك الصّنفين فيه ايضا لان اصله كان من الغنيمة التى يشترك فيه الصّنفان و ان كان ظهوره بعد القسمة و الاختصاص و على التقديرين فالظاهر انه ليس فيه الا خمس واحد و لا يتخير و امّا اجتماع الكنز او المعدن مع الغوص فالظاهر فيه وجوب خمسين فيه او رعاية المستحق بعيد جدا و كيف يحتمل ان يكون في المعدن او الكنز متى وجدا خارج الماء خمس واحدا و خمس يكون نصابه اكثر و اذا وجدا في قعر البحر مع ما فيه من التعب و النصيب يجب فيه خمسان او خمس يكون نصابه اقلّ يبقى اجتماع المعدن او الكنز مع الفوائد و هو الفرض الذى ذكرناه اولا فالظاهر فيه كما ذكرنا وجوب الخمسين و يحتمل الاكتفاء بخمس المعدن او الكنز و امّا احتمال التخيير بينه و بين الخمس الفوائد فساقطة جدا كما لا يخفى وجهه و هذا ما ذكره هذا في آخر كلامه بقوله فالظاهر الوجوب في الاخيرين يعنى الوجوب في الاخيرين فقط و سقوط خمس الفوائد لما مرّ من عدم وجوب حقّين في مال واحد لكن لا اتذكر مما مرّ منه شيئا يلائم هذا سوى ما يدل على انه اذا ادّى خراجها الى السّلطان فليس عليه زكاة اخرى و ان المال لا ينقى على هذا ان يزكيه مرّه و لا يخفى انه ليس ذلك من العموم الذى ذكره هنا و انه لا يمكن الاستدلال به على عدم وجوب الخمس هاهنا و ليس له مجال تفحّص تامّ لسوابق كلامه فلك الرجوع و التّفحص التام عسى ان يكون فيها شي ء يدلّ على ما ذكره هذا و اما قول هذا الفاضل بان يعمل في ارض فيجد فيه كنزا او معدنا كان فرضه كذلك لان يدخل ما وجده في المكاسب على جميع المذاهب اذ لو وجده اتفاقا فوجوب خمس المكاسب فيه على المشهور غير ظاهر لانهم خصّوا وجوب الخمس بالتجارات و الزراعات و الصّناعات و هو اذا لم يفرض كون ذلك صفة لم تدخل في شي ء منها نعم لو قيل بوجوب الخمس في الفوائد مطلقا كما يظهر من دليل ابى الصّلاح في عموم الغنيمة في الآية المباركة لوجب خمس الارباح في هذا ايضا و ان لم يصرّح هو ايضا بدخوله فيها فتدبّر

قوله سواء اخرج الخمس ام لا من العين او القيمة

فلا يتوهم انه في الصّورة الاولى لا خمس لانه قد خمّس مرة و ذلك لان الخمس الاول كان من اصله و هذا من الزيادة فلا يخمس شي ء واحد مرتين

قوله ما يعلم زيادته عليها

اى يظن ذلك ليلائم ما بعده

قوله فانّها مع تعجيله تخمينة

و ظاهر ان في التخمين قد يحصل التفاوت بالزيادة و النقصان و يظهر من لك وجود قول بالمنع من التعجيل احتياطا للمستحق لاحتمال نقصان المؤنة ورد عليه بان تعجيل الاخراج عن الزائد المعلوم لا يسقط الوجوب فيما تجدد علم باذنه فان التقديم مبنى على التخمين و الظن فمتى فضل شي ء عن المؤنة وجب اخراج خمسه سواء كان بسبب نقص النفقة ام لغير ذلك انتهى و على ما ذكرناه فيمكن حمل القول منه هاهنا اشارة الى دفع هذا القول ايضا ثمّ انه على تقدير نقصان المؤنة لا اشكال فانه يدفع

ص: 316

قيمته الخمس بقدر النّقصان كما ذكرنا و امّا اذا ظهر زيادتها فالظاهر ان عليه يحتمل الخسران و ليس له ان يحسبه في ارباح السّنة التى بعدها فلو اراد الفرار منه فلو دفعه الى ارباب الخمس بعنوان القرض ثمّ يجب عليه الخمس بقدر ما وجب عليه الا ان يتم و هل له ان يسترده ممّن دفعه اليه اذا امكنه الظاهر ذلك و مع بقاء العين او اعلامه بذلك اولا و امّا مع انتفاء الامرين فلا قال في المسالك و في جواز رجوعه مع بقاء العين او علمه بالحال نظر و قد تقدّم مثله في الزكاة الا انّ عدم الرجوع هنا مطلقا متوجّه و لم اجد بما تيسّر لى من التفحّص في الجملة في كلامه مثل النظر الذى ذكره و ما وجدته فيه انّه قال مصنّفه و لو اخرج عن ماله الغائب ان كان سالما فقد بان تالفا جاز نقلها الى غيره على الاشبه و قال الشارح وجه الجواز تقييد الاخراج على وجه معيّن و قد ظهر خلافه فيبقى على ملكه فيصرفه الى ما شاء و وجه العدم فوات محل النية و هو حالة الدفع و الاصح التفصيل و هو ان الشرط المذكور ان كان قد صرّح به بحيث علمه القابض جاز نقله الى ما شاء لتبيّن عدم انتقاله عن ملكه بتلف المال سواء كانت عين المدفوع باقية ام تالفة و محل النيّة باق لما تقدم من جوازها بعد الدفع على التفصيل و ان نواه من غير اعلام القابض جاز النقل مع بقاء العين خاصة انتهى و لا يخفى ان النظر الذى ذكره هناك غير النظر الذى اشار اليه هاهنا فان ما ذكره هناك جيّد و يأتى في الاسترداد ايضا و ما ذكره من ان عدم الرّجوع هنا مطلقا متوجّه لم يظهر لى وجه بل الظاهر هاهنا ايضا جواز الرّجوع مع احد الشرطين و لا يظهر لى فرق بين الزكاة و الخمس او بين خصوص الصورتين و قد سبق من الشارح في هذا الشرح في بحث الحصول و حصوله بمضى احد عشر شهرا انه هل يستقر الوجوب بذلك ام يتوقف على تمامه قولان اجودهما الثّانى فيكون الثانى عشر من الاوّل فله استرجاع العين لو اختلت الشرائط فيه بقاءها او علم القابض بالحال كما في كل دفع متزلزل او معجّل او غير المصاحب للنيّة انتهى فاخراج الخمس المذكور من كلية التى ذكر لا بدّ له من وجه و لم يظهر لى و في المسالك ايضا ذكر انه على تقدير كون تمام الشهر الثانى عشر شرطا لاستقرار الوجوب انه لو كان قد دفع المالك الزكاة ثمّ تجدّد السّقوط فيه رجع على القابض مع علمه بالحال او بقاء العين و لم يتعرّض لنظر في ذلك فتأمل

قوله عليهما

اى على الربحين و هو متعلّق بتوزّع و يختصّ اى يختصّ الربح المتجدد و بالباقى اى مئونة الباقى في المدّة بعد تمام المدة المشتركة الى تمام حول ربح الثّانى و هكذا و في المسالك ايضا حقق استثناء المؤنة على هذا الوجه و علّله بان المراد بالنّسبة هنا ما تجددت بعد الربح لا تحسب اختيار المكتسب و قال في المدارك و في استفادة ما ذكر من الاختيار نظر و لو قيل باعتبار الحول من حين ظهور شي ء من الرّبح ثمّ احتساب الارباح الحاصلة بعد ذلك الى تمام الحول و اخراج الخمس من الفاضل عن مئونة ذلك الحول كان حسنا انتهى و كان نظره في تعيين الطريق الذى ذكره و انه يجوز اعتباره على الوجه الذى ذكره ايضا امّا في جواز اعتبار على ذلك الوجه اذ لا ريب ان عنده كاعتباره على ذلك الوجه يحصل الامتثال و اعتبر الحول في كل ربح لكن فيه تعبا و زحمة و الطريق الذى ذكره هو ايضا يحصل به العلم بالاخبار و هو سهل المؤنة جدّا فلو قيل بجوازه اعتباره على هذا الوجه ايضا كان حسنا و ما ذكره من ان المراد بالنسبة ما تجددت بعد الربح لا يجب اختيار المكلف لم و لكن لا يظهر من الأخبار اعتبار ما يتجدّد بعد كل ربح بل يكفى في العمل بها اعتبار ما يتجدّد بعد ظهور الربح الاول الى تمام السّنة و اعتبار مئونتها و حسابها من كل ربح يتجدد فيها و ليس هذا ايضا بحسب اختيار المكلف بل السّنة فيه ايضا متعيّنة و هى ما يتجدد بعد الربح الاول فتأمّل

قوله و الوجوب في الارباح مضيّق

و ينبغى بناء على ذلك ان يكون الوجوب في الأرباح ايضا مضيّقا بعد تمام الحول و انما يكون التوسعة فيها باعتبار جواز التأخير فيها الى تمام الحول لما ذكر من الاحتياط و لكن الاكثر لم يتعرضوا لما ذكره من التضيّق في الخمس اصلا و لكن يستفاد من كلام جماعة منهم حيث منعوا من نقله من بلده مع وجود المستحق فيه معلّلا بانه منع للحق مع مطالبة المستحق بشاهد الحال فيكون حراما و يكون ضامنا لعدوانه و مع ذلك ذكر الشارح في المسالك ان الاصح جواز النقل مطلقا خصوص لطلب المساواة بين المستحقين و هو ينافى حكمه هاهنا بالتضيّق و قد حكم جماعة في الزكاة ايضا بحرمة النّقل مع وجود المستحق للعلة المذكورة و الشارح جزم فيها بجواز تاخيرها شهرا و شهرين خصوصا للبسط او لذى المزية و جوز الشهيد في الدروس تاخيرها لانتظار الافضل و زاد في البيان تاخيرها لمعتاد الطلب منه الى ما لا يؤدى الى الاهمال و قال ابن ادريس في السرائر اذا حال الحول فعلى الانسان ان يخرج ما وجب عليه اذا حضر المستحق فاذا اخّر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضر فلا اثم عليه بغير خلاف الا انه ان هلك قبل وصوله الى من يريد اعطاه اياها يجب على ربّ المال الضمان و الاخبار الصحيحة تدلّ على جواز تاخيرها مطلقا شهرين و ثلاثة بل ازيد ايضا و هو المعتمد و يعلم منه فساد الدليل المذكور فالظاهر ان يكون الخمس ايضا كك اذ لا يظهر دليل فيه ايضا على ما ذكر و قد ظهر ضعفه نعم مع التأخير اذا هلك فالمتجه الضمان اذا لم يكن لطلب مرجح و ينبغى ايضا فيهما ان لا يؤدى التأخير الى الاهمال و اللّه تعالى يعلم

[يقسم الخمس ستة أقسام]

قوله و يقسم الخمس ستة اقسام على المشهور و مقابل المشهور

انه يقسم خمسة اقسام كما هو مذهب اكثر العامة و قالوا ان سهم اللّه و رسوله واحد و انما اضيف الى اللّه تعالى تعظيما له او للتيمّن او التّبرك او المراد ان الخمس كله ينبغى ان يؤدى للّه عز و جلّ و للتقرب اليه و ما بعد ذلك تفصيل لمستحقه و و الاظهر ان يقال انه للاشارة الى ان ما للرّسول صلّى اللّه عليه و آله فهو للّه تعظيما للرّسول و حثّا على طاعته كما في قوله تعالى الأنفال للّه و للرّسول و كذا كثير من الآيات الّتى اضيف فيها ما اضيفت الى الرّسول اوّلا الى اللّه تعالى للنكتة المذكورة نحو اسْتَجِيبُوا لِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذٰا دَعٰاكُمْ لِمٰا يُحْيِيكُمْ لٰا تَخُونُوا اللّٰهَ وَ الرَّسُولَ الى غير ذلك احتجوا للقول المشهور بظاهر الآية الكريمة فان ظاهرها القسمة ستة اقسام فانّ اللام يفيد الملك او الاختصاص و ظاهر العطف الاشتراك الجميع على السّواء اذا لم يصرح بتفاصيل و ما ذكره من الوجوه لتصحيح الخمسة بعيد و لا يخفى ان الوجه الذى ذكرنا ليس ببعيد ثمّ ان الحمل على ما ذكروه انما يتجه على القول بوجوب القسمة ستة اقسام و وجوب صرف كل ثلث من الشطر الآخر الى صاحبه كما نقل عن ابى الصّلاح و اما على ما هو المشهور بين المتاخرين من عدم وجوب استيعاب الطوائف الثلاثة و على تقدير الاستيعاب عدم وجوب التساوى بينهم بل جواز ان يعطى طائفة ازيد من ثلث ذلك الشطر و طائفة اقل فالظاهر حمل الآية على بيان المصرف و حينئذ فلا تدلّ على كون القسمة الى ستة او خمسة بل لا بدّ في تعين ذلك من دليل آخر فتدبّر و احتجوا ايضا بروايات منها موثقة عبد اللّه بن بكير عن بعض اصحابه عن احدهما عليه السلام في قول اللّه تعالى و اعلموا الآية قال خمس اللّه عز و جلّ للامام و خمس الرّسول صلّى اللّه عليه و آله للامام و خمس ذى القربى لقرابة الرّسول للامام و اليتامى يتامى الرّسول و المساكين منهم و ابناء السّبيل منهم فلا يخرج منهم الى غيرهم و منها رواية احمد بن محمد رفع الحديث قال الخمس من خمس اشياء الى

ص: 317

ان قال و امّا الخمس فيقسم على ستة اسهم سهم للّه و سهم للرّسول و سهم لذى القربى و سهم لليتامى و سهم للمساكين و سهم لابناء السّبيل فالّذى للّه فلرسوله صلّى اللّه عليه و آله فرسول اللّه احق به فهو له و الذى للرّسول هو لذى القربى و الحجة في زمانه فالنّصف له خاصة و النصف لليتامى و المساكين و ابناء السّبيل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله الّذين لا تحل عنهم الصّدقة و لا الزكاة عوضهم اللّه تعالى و كان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و لم يكفهم اثمه لهم من عندهم كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان و منها رواية حماد بن عيسى قال رواه الى بعض اصحابنا ذكره من العبد الصّالح ابى الحسن الاوّل عليه السلام قال الخمس من خمسة اشياء الى ان قال و يقسم بخمس على ستة اسهم سهم للّه عز و جلّ و سهم لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سهم لذى القربى و سهم لليتامى و سهم للمساكين و سهم لابناء السّبيل فسهم اللّه و سهم رسوله لرسول اللّه و سهم اللّه و سهم رسوله لأولى الأمر بعد رسول اللّه وارثه فله ثلاثة اسهم و سهمان وارثه و سهم مقوّم له من اللّه فله نصف الخمس كلّا و نصف الخمس الباقى بين اهل بيته سهم لأيتامهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكفاف و السّعة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنهم شي ء يستغنون عنه فهو للوالى و ان عجز او نقص عن استغنائهم كان الوالى ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انما صار عنهم ان بموتهم لان له ما فصل عنهم و انما جعل اللّه هذا الخمس خاصّة لهم دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها لهم من اللّه تعالى لقرابتهم من رسول اللّه عليه السلام و كرامة لهم عن اوساخ الناس فجعل خاصة من عنده ما يغنيهم به عن ان يصرهم في موضع الذّل و المسكنة الحديث هذه الرّوايات التى احتجوا بها اى ضريحة في المط و لكنها جميعا ضعيفة الأسناد كما ترى و يمكن ايضا الاحتجاج لهم برواية زكريّا بن مالك الجعفر عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن قول اللّه عزّ و جلّ و اعلموا انّما غنمتم الآية فقال اما خمس اللّه عز و جلّ فللرسول صلّى اللّه عليه و آله يضعه في سبيل اللّه و اما خمس الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فلأقاربه و خمس ذى القربى فهم اقرباؤه و اليتامى يتامى اهل بيته فجعل هذه الأربعة اسهم منهم و اما المساكين و ابن السّبيل فقد عرفت انا لا تاكل الصّدقة و لا تحل لنا فهي للمساكين و ابناء السّبيل و السّند الى زكريّا صحيح و امّا هو فلم يذكروا له في كتب الرّجال الا ان زكريّا بن مالك الجعفى الكوفى قال و ايضا صحيحة الكافى عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن الرّضا عليه السلام قال سئل عن قول اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ فقيل له فما كان للّه فلمن هو فقال رسول اللّه و ما كان لرسول اللّه فهو للامام الحديث و هذه و ان لم يكن صريحة في المط لكن لا يخفى ان ظاهرها مغايرة ما كان للّه لما كان للرّسول و الا فكان ينبغى ان يقال في الجواب انه هو ما كان للرّسول او مثله ممّا يفيد اتحادهما احتجوا للقول الثانى بظاهر الآية الكريمة بناء على ما ذكرنا من الوجوه و انت خبير بانّ ما ذكره من الوجوه اى يفيد جواز حمل الآية ظاهرة بينهما و الاحتمال الذى ذكرنا و حكمنا بعدم بعده ليس ايضا بحيث يحكم بكون احتمال من التقسيم الى السّتة بل غرضنا ان حمل عليه ايضا ليس ببعيد و لا يمكن الحكم بكون ظاهر الآية خلافه فافهم و احتجوا ايضا له بصحيحة ربعى بن عبد اللّه بن الجارود عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اذا اتاه الغنم اخذ صعوه و كان ذلك ثمّ تقسم ما بقي خمسة اقسام و يأخذ خمسة ثمّ تقسم اربعة اخماس بين الناس الذى قاتلوا عليه ثمّ قسم الخمس الذى اخذه خمسة اخماس يأخذ خمس اللّه عزّ و جلّ لنفسه ثمّ تقسم الاربعة الاخماس بين ذوى القربى و اليتامى و المساكين و ابناء السّبيل يعطى كل واحد منهم جميعا و

كذا الامام يأخذ كما اخذ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و اجاب عنهما الشيخ في الاستبصار بانها انما تضمّنت حكاية فعله و ان يكون اخذ دون حقه توفيرا للباقى على المستحقّين قال في المدارك و هو بعيد جدّا لان قوله عليه السلام و كذلك الامام يأخذ كما اخذ الرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأبى ذلك و لا يخفى ان الاباء غير ممنوع لم لا يجوز ان يكون الامام عليه السلام ايضا يأخذ دون توفيرا للباقى على المستحقين تاسّيا بالنّبى صلّى اللّه عليه و آله نعم حمل الحديث على هذا لا يخلو عن بعد و احتمل ايضا المحقق الاردبيلى رحمه الله ان يكون ذلك للاعواز قال و هو حينئذ متّفق عليه و لا يخفى ان قوله صلّى اللّه عليه و آله و كذلك الامام يبعد حمله عليه اذ ظاهره انّا ناخذ كذلك دائما و يبعد جدا ان يكون الاعواز دائما على هذا الا ان يقال المراد بانه كذلك الامام يأخذ او يأخذ مثله و هو تحقيق الاعواز دائما على هذا ايضا لا يخلو عن بعد لكن كانه لا باس للحمل احد الوجهين للجمع بين الاخبار فانه اولى من اطراح تلك الرّوايات مع كثرتها و شهرة العمل بها بين الاصحاب و الاظهر عندى حمل الصحيحة على التقية لان قسمة خمسة اقسام هو المعروف بين العامة كما قلنا و كذلك ما هو ظاهره من كون المراد بذى القربى جميع اقرباء الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و لا ينافى ذلك قوله و كذلك الامام عليه السلام فان العامة اختلفوا في سهم الرّسول صلّى اللّه عليه و آله بعد رحلته فذهب ابو حنيفة الى انه يسقط بموته و قال الشافعى انه يصرف في المصالح كبناء القناطر و عمارة المساجد و اهل العلم و القضاة و اشبه ذلك و قال بعضهم لولى الامر بعد فكانه عليه السلام في مقام التقية اختار المذهب الاخير الذى هو الميل للحقّ و اميل اليه حكّامهم و بالتعبير بالامام دون وليّ الامر او الخليفة او نحوهما الذى هو الشائع عندهم تلميح الى ان المراد بالحق مع امكان الحقّ على ما زعموه و كانه كان يكفى للتقية فافهم و على ما ذكرنا يظهر قوّة قول المشهور على ان ابن ادريس في السرائر ادعى اجماع اصحابنا عليه و هو ظاهر كلام السّيد المرتضى ايضا في الانتصار و ابن زهرة و في مجمع البيان نسبه الى اصحابنا قال و روى ذلك الطبرسى عن على بن الحسين زين العابدين و محمد بن علىّ الباقر عليهم السلام حكم بشذوذ القول الآخر و عدم العلم بقائله لكن هاهنا رواية اخرى يمكن الاحتجاج بها للقول بالخمسة و هى موثقة محمّد عن ابى جعفر عليه السلام بان فيها تفسير الفي ء و الأنفال و ان كلها للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و بعده للإمام و ان في الآية الاولى في سورة الحشر هو هذا قال و ما افاء اللّه على رسوله من اهل القرى فهو بمنزلة الغنم كان ابى يقول ذلك ليس لنا فيه غير سهمين سهم للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سهم القربى ثمّ نحن شركاء النّاس فيما بقي و لا يخفى ظهوره في الغنم نصيب الامام و في الغنم هو السهمان لا الثلاثة كما هو المشهور فلا بد امّا من القول بالقسمة الى الخمسة او القول بانّ سهم اللّه ليس للرّسول صلّى اللّه عليه و آله بل عليه ان يضعه من سبيل اللّه كما هو ظاهر رواية زكريّا بن مالك السّابقة و يكون ذلك على الامام ايضا و لما لم يظهر قول بالثانى تعيّن الاوّل و يشكل الحمل على التقيّة ايضا لانه حينئذ لا يتجه الحكم بالسّهمين لهم اما اذا حمل لنا على خصوص الائمة كما هو ظاهر فظاهر و اما لو حمل على جميع اقارب الرّسول فلانّ لهم سهما لا سهمين ثمّ لا يخفى ان ظاهر الموثقة يخالف ظاهر الصحيحة فان الموثقة ثبوت السّهمين للامام و ظاهر الصحيحة ثبوت سهم واحد له و يمكن الجمع بحمل ذوى القربى في الصحيحة على الامام عليه السلام باعتبار الازمان و حمل قوله عليه السلام ثمّ قسّم الاربعة اخماس على انه امر بذلك و لزم بذلك من قسمة لا انه قسم كذلك في زمانه صلّى اللّه عليه و آله بالفعل و حينئذ فيمكن تطبيقها على ما في الموثقة بان يكون المراد بقوله و كذلك الامام ان الامام عليه السلام ايضا يقسمه خمسة اقسام كما فعله هو صلّى اللّه عليه و آله لكن يكون له

ص: 318

سهمان سهم القربى اصالة و سهم الرّسول وراثه و على هذا فيحصل للقول بالخمسة لكن يمكن ان يقال انه لا يتعين حمل الموثقة على ذلك بل يمكن حمل السّهمين فيهما على انه باعتبار ان سهم اللّه كان يضعه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و كذا الامام عليه السلام في سبيل اللّه فالّذى له للصّرف في مئوناته ليس الّا السّهمان و كان حمله على هذا اظهر ليحصل الجمع بينها و بين روايات السّتة و يحتمل الصحيحة ايضا على احد الوجوه التى ذكرنا في تاويلها فيجتمع ذلك بين جمع الرّوايات و حينئذ يكون الترجيح للقول الستة كما هو المشهور فتدبّر ثمّ انه لما كان في تفسير آيتي الحشر اختلافا بين المفسّرين و كلام اكثرهم قاض عن تفصيل القول فيه و تحقيقه فلا باس ان نذكر الوجوه المستفادة فيه من كلامهم و نشير الى ان الموثقة المذكورة تنطبق على أيّ منهما فنقول ان طائفة منهم حملوا الفي ء فيهما على ما يأخذ من الكفار بغير قتال فمنهم من جعل الآية الثانية بيانا للاولى و تفصيلا لحكمها و قالوا ان كل في ء بهذا المعنى فهو للّه و للرّسول و ما كان للّه فهو للرّسول فكلّه للرّسول لكن ينبغى للرّسول ان يقسم على الوجه الذى فصّل في الآية الثانية اى السّتة او الخمسة على اختلاف القولين فيه و ربما قيل بوجوب القسمة عليه على احد الوجهين و ان هذا لا ينافى الحكم او لا يكون الجميع للرّسول صلّى اللّه عليه و آله لجواز ان يوجب على احد صرف مال خاصّ له في مصرف خاص و منهم من حكم بان الأولى في خصوص ما اخذ من بنى نظير و جعل ضمير منهم راجعا اليهم و حكم بان ذلك كله للرّسول و الثانية في سائر ما افاء اللّه بالمعنى المذكور و حكم بانه يجب او ينبغى قسمته على الوجه المذكور فيهما و ظاهر كلام الشّيخ في التبيان ان هذا هو المعروف بين اصحابنا و طائفة من المفسّرين حمل الفي ء في الآيتين على الغنيمة و حكم بوجوب قسمتها على ما فصّل في الآية الثانية اى الاقسام الخمسة كما هو المعروف بين العامة او السّتة كما هو المشهور عندنا و لما كان ظاهرها وجوب القسمة كله على الوجه المذكور و هو ينافى آية الغنيمة من تخصيص تلك القسمة بالخمس فجعلوا آية الفي ء منسوخة بآية الغنيمة و ربما احتمل بعضهم تقدير خمسه بعد وفاته و يمكن ايضا حمل ما افاء اللّه على خصوص الخمس فانه الراجع الى الرّسول حقيقة و الباقى للمقابلة فلا رجوع له اليه اصلا و مع هذا ينطبق آية الفي ء ايضا على آية الغنيمة ايضا هذا و لا يخفى ان ظاهر هذا الحديث هو ما نقلنا من المعروف بين اصحابنا ان الآية الأولى في بنى نظير و ان كله للرّسول و الثانية في ساير ما افاء اللّه و انّه يقسم على ما ذكر فيها و قوله عليه السلام بمنزلة الغنم اى بمنزلة الخمس في الغنم فكما ان هاهنا يقسم الخمس بالقسمة المذكورة هاهنا يقسم كل الفي ء كذلك فلا تنافى بين الآيتين و لا حاجة الى القول بالنّسخ فتأمل ثمّ ان هاهنا خلافا آخر و هو ان المشهور بين الاصحاب ان المراد بذى القربى هو خصوص الامام و نقل عن بعض اصحابنا ان المراد به جمع قرابة النبي صلّى اللّه عليه و آله من بنى هاشم و هو مذهب الشافعى و جماعة من العامة الا انهم اضافوا بنى المطّلب أخي هاشم ايضا لكنهم لم ينقلوا ان هذا البعض ما هو من القائلين بالمشهور يقسم الخمس عنده ستة اقسام و كان اثنان منهما للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و كلاهما للرّسول في حياته و ينتقل عنه صلّى اللّه عليه و آله الى الامام عليه السلام بالولاية و السّهم الثالث لجميع اقارب النّبى صلّى اللّه عليه و آله من بنى هاشم و الثّلاثة الباقية للاصناف المذكورة فيكون للامام ثلث الخمس و ان كان قائلا بالثانى فيكون للنبىّ سهم واحد من الخمسة و ينتقل منه بعد رحلته صلّى اللّه عليه و آله الى الامام بالولاية و الأربعة الباقية كما ذكر في الأوّل فيكون للامام خمس الخمس و لا يخفى انه على الوجهين لا بدّ اما من جعل الثلاثة الأخماس عامة لأقاربه صلّى اللّه عليه و آله و غيرهم من ساير النّاس كما هو مذهب بعض الاصحاب لظاهر عموم الثلاثة في الآية الكريمة او يجعل ايضا مختصة بهم و لكن يجعل سهم ذى القربى عامّا للاغنياء منهم ايضا اذ لو لم يقل باحد الوجهين لم يحصل التقابل بين الاقسام كما هو ظاهر عموم ذوى القربى و قال السّيد الاجل

المرتضى رض في الانتصار فان قيل فمن حمل ذوى القربى في الآية على جميع ذوى القربات من بنى هاشم يلزمه ان يكون ما عطف على ذلك من اليتامى و المساكين غير الاقارب لان الشي ء لا يعطف على نفسه فقد تعطف صفة على صفة اخرى و الموصوف واحد لانّهم يقولون جاءنى زيد العاقل الظريف و الشجاع و الموصوف بهما واحد و قال الشاعر الى الملك القوم و ابن الهمام و ليث الكنية في المرخوم و الصفات كلها لموصوف واحد و كلام العرب مملوّ من نظائر ذلك انتهى و لا يخفى ان بما ذكره و ان امكن لصحيح العطف لكن فيه انه حينئذ لا يظهر من الآية الكريمة تعدد السّهام الأربعة الاخيرة بل الظاهر منها سهم واحد للموصوف بجميع الصفات الأربعة الا ان يقال ان هذا القائل لعلّه لا يثبت تعدد السّهام من الآية بل بدليل آخر كالإجماع و الاخبار و يثبت ايضا عدم اعتبار اجتماع جميع الاوصاف بدليل من خارج فلازم عنده ليس الّا اجتماع صفة ذى القربى مع واحد او اثنين من الاوصاف الثلاثة الباقية و لا يلزم اجتماع الجميع و على ما ذكره في تصحيح العطف انما هو التصحيح عطف ما ذى القربى مع كون الموصوف لكلّ من الثلاثة لا بدّ ان يكون هو ذى القربى فصحّح ذلك بان عطف الثلاثة عليه باعتبار تعدّد الوصف و ان اتّحد الموصوف فحمل الآية على تعدد السّهام بعدد الاوصاف و ان اتّحد الموصوف في كل اثنين منها و لا يخفى ما فيه من التعسف و الظاهر في توجيه مذهبه ما ذكرنا من احد الوجهين ثمّ اعلم انّ العلّامة رحمه الله بعد ما نقل عن السّيد المرتضى رحمه الله انه نقل عن بعض علمائنا ان سهم ذى القربى لا يختصّ بالإمام بل هو لجميع قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بنى هاشم قال و رواه ابن بابويه في المقنعة و كتاب من لا يحضره الفقيه و هو اختيار ابن الجنيد فانه قال و هو مقسوم على ستة اقسام سهم للّه يلى امره على امام المسلمين و سهم رسول اللّه لأولى النّاس به رحما اليه و اقربهم اليه نسبا و سهم ذوى القربى لأقارب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بنى هاشم و بنى المطلب بن عبد مناف ان كان من بلدان اهل العدل انتهى و لا يخفى ان ابن الجنيد غير البعض الذى نقل عنه السّيد فان ذلك البعض خصّ لقرابة بنى هاشم و ابن الجنيد اضاف بنى المطلب ايضا موافقا للشافعى فمراده ان جعل القرابة اعم من الامام و عدم التخصيص به اختيار ابن الجنيد ايضا و ان اختلفا بعد ذلك فيما ذكرنا من انه لم يذكروا ان هذا البعض أ هو من القائلين بالستة او الخمسة انما هو في البعض الأول و امّا ابن الجنيد فهو من القائلين بالستة كما هو صريح كلامه فلا يتوهّمن منافات ذلك لما ذكرنا لكن الظاهر البعض الذى نقل السّيد ايضا من القائلين بالمشهور فانه في الانتصار جعل مما انفرد به الاماميّة وجوب الخمس في الاشياء التى فصّلها و لم يذكر في كيفية القسمة الا القسم ستة اقسام و ان ثلاثة منها السهمان الاولان و سهم ذى القربى ثمّ قال و فيهم من لا يخص الإمام بسهم ذى القربى و يجعله لجميع قرابة الرّسول من بنى هاشم و هو ظاهر فيما ذكرنا بل ظاهر كلامه بعد ذلك دعوى الاجماع على التقسيم بالستة و الظاهر ان القائل بالخمسة ايضا يقول بهذا القول لانه ظاهر الصحيحة التى هى حجته كما اشرنا اليه و كلام العلّامة في المنتهى في الخلاف السابق ظاهره ذلك فانه قال و قال بعض اصحابنا يقسم خمسة اقسام سهم اللّه لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سهم ذى القربى لهم و الثّلاثة الباقية للبواقى فان ظاهر قوله لهم دون لهم و كذلك و كانه نظر الى هذا جعل الفاضل الاردبيلى المشهور بين الاصحاب قسمة ستة اقسام نصفه للرسول صلّى اللّه عليه و آله و بعده للامام عليه السلام و نصفه لباقى المذكورين

ص: 319

و جعل مقابلة قول بعض الأقسام بانه مقسوم خمسة اقسام سهم له و للإمام بعده و الأربعة لغيرهم و ذكر انه احتج بما في صحيحة ربعى فان ما نقله لم ينقل صريحا من القائل بالخمسة و انما المنقول هو ما فصّلنا من الخلاف في المقامين و لكن حجة القول بالخمسة و عبارة هى ظاهرها ما ذكره فتدبّر ثمّ ان ظاهر كلام ابن الجنيد هو عدم سهم للامام عليه السلام فان قوله سهم اللّه يلى امره الامام ظاهره ان يلى امره في صرفه في سبيل اللّه لا انه و كانه قال بذلك في زمان الرّسول ايضا اخذا من رواية زكريّا المتقدمة امّا خمس اللّه عز و جل فللرّسول يضعه في سبيل اللّه فحكم في الامام ايضا لانه ولى الامر بعده و اما سهم الرّسول فجعله ميراثا و جعله لأقرب الناس اليه نسبا فكانه حمل قوله عليه السلام في الرّواية المذكورة و اما خمس الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فلاقاربه على ذلك و على هذا التقدير يكون للامام و قد يكون لغيره و امّا الاربعة الباقية فظاهر و لا يخفى انه لو كان مذهبه هذا الذى يظهر من كلامه فهو مذهب شاذّ غاية الشّذوذ و لا عبرة به فتدبّر حجّة القول المشهور المراسيل الثلاثة للمتقدمة فانها صريحة في الظاهر و نقل في المعتبر و هى عن الشيخ دعوى الاجماع عليه و استدل ايضا في المعتبر على اختصاص سهم ذى القربى بالإمام بانه لفظ مفرد فلا يتناول اكثر من واحد فينصرف الى الامام لان القول بان المراد واحد مع انه غير الامام منفى بالاجماع لا يقال اراد الجنس كما قال و ابن السّبيل لانا نقول تنزيل الموضوع الواحد على الجنس محال و حقيقة ارادة الواحد فلا يعدل عن الحقيقة و ليس كذلك قوله و ابن السّبيل لان ارادة الواحد هنا اخلال بمعنى اللفظ اذ ليس هناك واحد متعيّن يمكن حمل اللفظ عليه و وافقه في هذا الاستدلال على الوجه المذكور العلّامة ايضا في المنتهى و المختلف و اورد عليه في المدارك ان لفظ ذى القربى حقه إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي الْقُرْبىٰ و غير ذلك من الآيات الكثيرة فيجب الحمل عليه الى ان يثبت المقتضى للعدول عنه و مع ذلك فارادة الواحد من هذا اللّفظ هنا يتوقف على قيام الحجة بذلك و أمّا بدونه فيكون ممتنعا كما في ابن السّبيل انتهى و كان قوله و مع ذلك تتمة السّابق اى و مع ذكرنا من صلاحيته للجنس بل كونه هو المتبادر فارادة الواحد منه اى حمله عليها يتوقف على قيام حجة و ليس و لو حمل على ظاهره و هو ان يكون ايراد آخر بعد تسليم ان يكون موضوعا للواحد و هو انه مع ذلك حمله على واحد معين يتوقف على قيام الحجة و ليس فيرد عليهم انهم في الاستدلال تعرضوا لذلك و هو ان غير الامام منفى بالاجماع في جعل الآيتين شاهد العموم ذى القرابة تامّل اذ يحتمل ان يكون المراد بذى القربى فيهما ايضا هو ذى القربى الرّسول و يكون المراد به الامام بل فيهما ورد من احاديثنا في تفسير الآيتين ما يدلّ على ذلك هذا ثمّ لا يخفى انه يستفاد من دليلهم و كذا من الردّ عليهم عليه ان مراد هذا البعض من الاصحاب من جميع القرابة هو كون الجميع مصرف هذا السّهم لانه يجب استيعاب الجميع بذلك كما هو ظاهره اذ لو كان المراد ذلك فلا ريب انه كان ينبغى لفظ الجميع لا المفرد سواء اريد به الواحد او الجنس و لا حاجة الى ابطال احتمل الجنس حتى يرد عليهم الردّ المذكور و كانهم استفادوا ذلك عن ان استيعاب الجميع متعسّر بل متعدّد الّا في اوائل زمن نزول الآية الكريمة فكيف يحمل الحكم الدائم عليه الا ان يخفى بمن حفر و لما لم يتعرّض للتخصيص فالظاهر ان مراده كون الجميع هو المصرف ثمّ لا يخفى ان حمل اللام على العهد ليس خلاف الظاهر فاذا دلّت الاخبار على كون المراد خصوص الامام فيمكن ان يكون باعتبار ان اللام في القربى كان للعهد فلا يمكن الحكم بكونه خلاف الظاهر بل يمكن ايضا ان يكون باعتبار الاضافة فانهم قالوا ان الاضافة الى المعرفة تفيد تعريفا و الى النكرة تخصيصا و قال نجم الأئمة انما افادت تعريفا مع المعرفة لأن وضعها يفيد ان لواحد مما دلّ عليه المضاف مع المضاف اليه خصوصية ليست للباقى معه مثلا اذا قلت غلام زيد راكب و لزيد غلمان كثيرة فلا بد ان يشير به الى غلام من بين غلمانه له مزيد خصوصية بزيد اما بكونه اعظم غلمانه او اشهر بكونه غلاما له معهودا

بينك و بين المخاطب و بالجملة بحيث يرجع اطلاق اللفظ اليه دون ساير الغلمان و كذا كان نحو ابن الزّبير و ابن عبّاس قبل العلمية هذا اصل وضعها ثمّ قد يقال جاءنى غلام زيد من غير اشارة الى واحد معيّن و ذلك كما ان ذا اللّام من اصل الوضع لواحد معيّن ثمّ قد يستعمل بلا اشارة الى معيّن كما في قوله و لقد امرّ على اللّئيم يسبّنى و ذلك خلاف وضعه فلا تظنن من اطلاق قولهم في مثل غلام زيد انّه بمعنى اللام ان معناه و معنا غلام لزيد واحد من غلمانه غير معيّن و معنا غلام لزيد الغلام المعين من غلمانه ان كان له غلمان جماعة او ذلك الغلام المعلوم لزيد ان لم يكن الّا واحد او تخصيصا مع النكرة نحو قولك غلام رجل اذ تخصيص من غلام امراة انتهى و على هذا فالظاهر من ذى القربى معهود معين لا كلّ ذى القربى و فيه تامّل اذ الظاهر ان ما ذكروه في المضاف الى المعرفة انما هو في الاعلام نحو غلام زيد و اما المعرف بلام الجنس فالظاهر انه في حكم النكرة و ان غلام الرّجل اذا اريد به المعين لا يفيد الا تخصيصه من غلام المرأة و على هذا فاذا كان الظاهر من لام القربى الجنس فلا يفيد الاضافة اليه تعريفا انما يفيد تخصيصها من ذى غيرها و انما يفيد التعريف اذا كان لواحد معين و حينئذ فلا بدّ من التمسّك بالوجه الاوّل و يمكن ان يقال انه لو حمل لام القربى على انه للجنس فيلزم استحقاق كل ذى قربى بالنّسبة الى احد فلا بدّ من التخصيص بذى القربى للرّسول صلّى اللّه عليه و آله و حينئذ فجعل اللام في القربى عوضا عن المضاف اليه فيكون المعنى ذى قربا الرّسول حتى لا يحتاج الى تخصيص او تقدير كانه اظهر و حينئذ فتفيد الاضافة التعريف على خصوص اللام كما تدلّ عليه الرّوايات و ليس فيه خلاف ظاهر بل هو مطابق لأصل وضعها و يكون اظهر من حمله على جنس ذى القربى لاحتياجه الى التخصيص الذى هو خلاف الظاهر و هذا بخلاف ابن السّبيل اذ حمله على الجنس لا يحتاج الى تخصيص حتى يكون خلاف الظاهر و لا يخفى ان حمل ذى القربى على ما ذكرناه ايضا و ان كان يحتاج الى قيام حجة كما ذكره لكن غرضنا انه لو كان ذلك خلاف الظاهر لاحتاج الى حجة تقادم ظاهر الآية و الاحاديث المذكورة لضعفها ربما قيل بعدم صلاحيتها لذلك و اما اذا لم يكن فيه خلاف ظاهر بل كان اظهر من الاحتمال الآخر فكان الرّوايات المذكورة تصلح شاهدا له بل نقول تنزيل الآية مردد بين حمل ذوى القربى على الجنس و التخصيص بذى القربى او تقدير الرّسول او حمله على ذى قربى الرّسول و كون المراد منه خصوص الامام و الثانى اظهر لعدم حاجة الى التخصيص او التقدير فالحمل عليه اولى ثمّ لا يخفى انه بعد الحمل على جنس ذى القربى للرّسول ايضا يمكن ان يتمسّك في تخصيص الامام عليه السلام بذلك بالاحتياط فانه يحصل به الامتثال سواء كان للواحد او الجنس بخلاف ما اذا صرف في غيره فانه لا يحصل به الامتثال على تقدير ارادة الواحد اذ على ذلك التّقدير يتعيّن الامام عليه السلام احتج ابن الجنيد على ما نقل في المختلف برواية زكريّا بن مالك المتقدمة و امّا خمس الرّسول فلا قاربه و خمس ذوى القربى فهم اقرباؤه و اجاب عنه بانّا نقول بموجبه فان الامام عليه السلام من الأقرباء بل هو اقرب اليه من غيره و فيه ان الامام عليه السلام من اقاربه كما ذكره لا اقاربه بلفظ الجمع كما ورد في الرّواية و يمكن دفعه بان لفظ الجمع يمكن ان يكون باعتبار تعدّد الأئمة بحسب الازمان و ليس في الخبر كونه لأقاربه في زمان واحد و على تقدير هذا خلاف ايضا للجمع بينها و بين الرّوايات السّابقة

ص: 320

و تلك الرّوايات و ان كانت مرسلة لكن يجب ذلك بشهرة العمل بها بين الاصحاب على ان زكريّا ايضا حاله غير معلوم اذ لم يذكر له الا ان زكريّا بن مالك الجعفى الكوفى ثقة و ايضا لو حملت على ظاهرها يلزم ان لا يكون عليه السلام سهم اصلا اذ فيها في سهم الرّسول صلّى اللّه عليه و آله ايضا انه لأقاربه و في سهم اللّه انه للرّسول صلّى اللّه عليه و آله يضعه في سبيل اللّه فيلزم ايضا ان لا يكون للرّسول ايضا سهم لنفسه اصلا و الاوّل و ان كان ظاهر كلام ابن الجنيد القول به كما ذكرنا سابقا فالثانى كانه لم يقل به احد و خلاف ما صرّح به في صحيحة ربعى المتقدمة و كلامه ايضا ينادى بخلافه اذ جعل الاقارب الوارثين يرشد الى قوله بانه للرّسول صلّى اللّه عليه و آله نفسه حتى ينتقل عنه الى ورثته و حينئذ فيرد عليه ان التفرقة بين الاقارب و الأقرباء و حمل الاول على الوارثين و الثانى على العموم بعيد جدّا و كان حمل كل فيهما على الائمة اظهر من ذلك و الاظهر ان يحمل كون ذوى القربى هم الاقرباء على التقيّة لانّ مذهب العامة كافة و على هذا ان يحمل كون خمس الرّسول لأقاربه ايضا على التقيّة و ان يكون المراد انه لهم بعد رحلته و يكون ذلك فردا من المصالح الذى قال قوم منهم انه يصرف فيه بعد رحلته كما نقلنا عن الشافعى فيتدبّر ثمّ ان من قال بهذا القول غير ابن الجنيد ان كان من القائلين بالستّة و كان مذهبه كون الثلث للامام فالظاهر ان حجته ايضا و هذه الرّواية ان يستفاد منه عموم ذوى القربى لكن لا بدّ له في حمل قوله عليه السلام في سهم اللّه فللرّسول يضعه في سبيل اللّه على ان ذلك تبرّع منه عليه السلام و حمل الاقارب في سهم الرّسول على الائمة و حينئذ يرد عليه حينئذ ان التفرقة بين الاقارب في سهم الرّسول على الائمة عليه السلام و يرد عليه حينئذ ان التفرقة بين الاقارب و الاقرباء كافة تحكم فاذا حمل الأوّل على الائمة فالظاهر حمل الثانى ايضا او حمل كل منهما و حمل الكلام في كل منهما على التقية كما ذكرنا و ان كان قائلا بالخمسة فيمكن الاحتجاج له بظاهر صحيحه ربعى بنى عبد اللّه المتقدمة فان ظاهر قوله عليه السلام فيها ثمّ يقسم الاربعة الاخماس بين ذوى القربى اشتراك الجميع فيه و الجواب ما ذكرنا من امكان حمله على التقية جمعا بين الاخبار هذا و بما فصّلنا ظهر ان ما فعله في المدارك حيث نقل عن السيّد المرتضى انه نقل عن بعض علمائنا انه سهم ذى القربى لا يختص بالامام عليه السلام بل هو بجميع قرابة الرّسول من بنى هاشم و نقل عن المختلف انّه قال و رواه ابن بابويه في كتاب المقنع و كتاب من لا يحضره الفقيه و هو اختيار ابن الجنيد قال و يدل عليه مضافا الى اطلاق الآية الشريفة قوله عليه السلام في صحيحة ربعى المتقدّمة ثمّ يقسم الأربعة لأخماس بين ذوى القربى و اليتامى الى آخره و ما رواه ابن بابويه عن زكريّا بن مالك الجعفى و نقل الرّواية ليس على ما ينبغى فانه لا ينبغى الاستدلال بالرّوايتين معا بل ان كان من القائلين بالسّتة قبيحة له الاستدلال برواية زكريّا بن مالك و ان كان قائل بالخمسة قبيحة له الاستدلال بالصّحيحة و اعلم ان ما ذكره من انه رواه ابن بابويه في الكتابين اشارة الى رواية زكريّا بن مالك التى ذكر بعد ذلك انه احتج بها ابن الجنيد كما نقله عنه فان ابن بابويه في الكتابين لم ينقل فيما يتعلّق بذلك رواية غيرها و هذه الرّواية رواها الشيخ ايضا فكان غرضه بقوله و رواه ابن بابويه في الكتابين الإشارة الى ان الظاهر كون ما نقله السّيد عن بعض العلماء مذهب ابن بابويه ايضا فان رايه العمل بما يرويه سيّما اذا لم ينقل لم ما يعارضه و على هذا فلا يتوهم ان في كلام المختلف قصورا حيث قال و رواه ابن بابويه في الكتابين و مع ذلك اختار القول المشهور و لم يتعرّض لنقل ما رواه في الكتابين و الجواب عنه و من هذا يظهر قصورا اخر فيما نقلنا عن المدارك فافهم و امّا تمسّكه باطلاق الآية الشّريفة فقد ظهر حاله ممّا فصّلنا سابقا فتذكر و بما تلونا عليك ظهر ان القول المشهور في المقامين لا يخلو عن قوة للرّوايات المذكورة و جبر ضعفها بشهرة عمل الاصحاب بها و امكان التّأويل فيها يعارضها بخلاف تلك الرّوايات اذ لا مجال للتّاويل فيها و مع ذلك

فالخطب فيه سهل اذ في زمن الامام عليه السلام هو اعلم بالحكم و في زمان الغيبة الاظهر عندى جواز صرفه في مستحقّ بنى هاشم و على هذا فلو صرف الجميع فيهم جاز ذلك سواء كان سهم الإمام النّصف و الثلث و الخمس نعم على الاقوال الاخرى الّتى سيذكر في ماله عليه السلام لا بدّ من تحقيق سهمه عليه السلام فتدبّر و اعلم ان المصنف في الدروس بعد ما حكم بالتّنصيف بين الامام عليه السلام و الثلاثة الباقية قال و في رواية ربعى له خمس الخمس و في اخرى له الثلث و كانه اراد بالرّواية الاخيرة رواية زكريّا اذ ليس في الرّوايات التى وردت ما يتوهم دلالته على الثّلث سواها و قد عرفت انها بظاهرها لا ينطبق على الثلث و انما ينطبق عليه بعد التّأويل و معها يمكن تطبيقها على النّصف ايضا و اشار بها الى الموثقة المذكورة بناء على تاويلها بما ينطبق به على القول بالستة كما ذكرنا فتدبّر

قوله ثلاثة منها للامام عليه السلام المشهور

بينهم ان هذه الثلاثة للنّبى صلّى اللّه عليه و آله في زمانه و بعده للامام عليه السلام و هذا في السّهمين الاوّلين ظاهر و اما السّهم الثالث فالظاهر كونه لذى القربى في زمانه عليه السلام ايضا و اذا كان ذوى القربى عندهم هو الامام فيكون هو لأمير المؤمنين عليه السلام الذى هو الإمام بعده صلّى اللّه عليه و آله و لا يلزم ان يكون استحقاقه للسّهم المذكور ايضا صلّى اللّه عليه و آله بعده فكان لهم كان دليل على ذلك و لا ثمرة مهمّة في تحقيق ذلك لكن على ما ذكرناه لا اشكال في اضافة السّهم الى ذى القربى و امّا على ما ذكروه فلا يخلو عن اشكال فانه اذا كان هذا السّهم ايضا في زمان الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و انما ينتقل اليه عليه السلام بعده كسهم الرّسول فانه ايضا مثله فيهما فلا وجه للتفرقة بينهما باضافة احدهما الى الرّسول و الآخر الى ذى القربى و يمكن ان يقال انّها للدلالة على ان الاوّل سهم الرسول اصالة و انما ينتقل الى الإمام بعده لكونه خليفة و ولى الامر بعده و الثانى سهم الامام اصالة و لكن في حيوة الرّسول جعل لكونه الاصل و ولّى الامر قبله او اريد به بذى القربى كلّ من الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و الامام عليه السلام كل في زمانه لكونه ذى القربى بالنّسبة الى الآخر او اريد به الرّسول صلّى اللّه عليه و آله لكونه بالنسبة الى الآخر او اريد به الرّسول لكونه بالنسبة الى الامام فيكون له السّهمان باعتبارين ثمّ ينتقل ذلك السّهم ايضا الى الامام لكونه ولى الامر بعده كالسّهمين الاوليين و يحتمل ان يكون المراد بذى القربى هو هذا القربى الكاملة الى اللّه تعالى و هو في زمن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله هو و بعده هو الامام ففى كل زمان كان لصاحبه اصالة و السهمان الأوّلان في زمانه صلّى اللّه عليه و آله له احدهما اصالة و الامر بالتّبع و بعده كلاهما للامام عليه السلام بالتّبع لكونه خليفته عليه السلام و لا يخفى ما في الوجوه من التكليف سيّما الثّانى و الثّالث

قوله يصرف عليه السلام ان كان حاضرا

لا اشكال في وجوب الصّرف لسهم الامام عليه السلام عند حضورها لأنه حقّه فيجب ايصاله اليه كسائر الحقوق و انما الخلاف في السّهام الاخرى فذهب بعضهم الى وجوب دفعها ايضا اليه عليه السلام ليصرفها في مستحقيها و جوّز بعضهم لمن وجب عليه صرفها الى مستحقّيها بنفسه الّا في الغنائم فانه لا خلاف في عدم جواز صرفها في مصارفها الّا الامام عليه السلام و لا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك فان مع حضورها عليه السلام يمكن الرّجوع فيه اليه عليه السلام

قوله او الى نوّابه و هم الفقهاء

كون الفقهاء مذكورين هم نوّاب الامام عليه السلام هو المعروف بين الأصحاب و لا يظهر لهم مستند فيه سوى ما في مقبولة عمر بن حنظلة عن ابى عبد اللّه عليه السلام حيث منع فيها من التحاكم الى السّلطان و القضاة و فيها بعد ذلك قلت فكيف يضعان اى المتحاكمان قال ينظر الى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانما استخف بحكم و علينا ردّ و الرّاد علينا رادّ على اللّه و هما على حدّ الشرك باللّه الحديث و رواية

ص: 321

ابى خديجة قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام ايّاكم ان يحاكم بعضكم بعضا الى اهل الجور و لكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فانّى قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه و في مستند الأولى في الكافى محمّد بن الحسين عن محمّد بن عيسى و في سند الاولى في الكافي محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى و في كتب الرّجال محمّد بن الحسين عن العزيز روى عن محمد بن الطلحى و لم يذكر لنا جرحا و لا تعديلا و لكن ذكر و في محمد عيسى الطلحى انه له دعوات الايام نسب اليه يقال ادعية الطلحى و بقرينة ذلك الظاهر ان ما سنداهما و في التهذيب بدل محمد بن الحسين محمد بن الحسن بن شمعون و هو على ما في الخلاصة واقفى ثمّ غلا و كان ضعيف جدا فاسد المذهب و اضيف اليه احاديث في الوقف و هو لا يلتفت اليه و لا الى مصنّفاته و ساير ما ينسب اليه و مثله في جش ايضا و محمّد بن الحسين على هذا مشترك و في السّند بن داود بن حصين و نقل في الخلاصة عن الشيخ انه واقفى و كذا عن ابن عقدة و نقل عن النجاشي انه ثقة قال و الاقوى عندى التوقف في روايته و امّا عمر بن حنظلة نفسه فلم ينصّ الاصحاب عليه بجرح و لا تعديل و لكن الشارح في شرح الدّراية قال و لكنه قد حقق توثيقه من محل آخر و مستنده فيه على ما نقله عنه ولده المحقق صاحب المعالم هو رواية التهذيب عن يزيد خليفه قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام ان عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت فقال عليه السلام اذا لا يكذب علينا و يزيد هذا لم يوثقوه و قالوا انه واقفى و مع ذلك فلا يدل الرّواية على عدم كونه مطلقا بل يحتمل عدم كذبه في خصوص ما رواه من الوقت فلو كان مستند الشارح هو تلك الرواية على ما نقله ولده فلا عبرة بما حققه و بالجملة فهذه الرواية مع ما فيها من ضعف السّند قد تلقاها الاصحاب بالقبول حتّى انها اشتهرت بمقبولة عمر بن حنظلة فاعتقدوا ان ضعفها منجبر بذلك و اما الرّواية الثانية فهي ايضا ضعيفة السّند جدّا لأن فيه معلّى بن محمد و في الخلاصة انه مضطرب الحديث و المذهب و انه قال ابن الغضائري تعرف حديثه و تنكره و يروى عن الضّعفاء و يجوز ان يخرج شاهدا و ابو خديجة هو سالم بن مكرم و قال الشيخ في ست انّه ضعيف و في جش انه ثقة و في الخلاصة الوجه عندى التوقف فيما يرويه لتعارض الاقوال فيه و بالجملة فلا اعتماد على سند هذه الرّواية ايضا لكن ينجبر ذلك عندهم بشهرة عمل الاصحاب بها ثمّ ان غاية ما يدل عليه الروايتان وجوب العمل بحكم الفقهاء من اصحابنا في المنازعات و الخصومات و اما كونهم وكلاء لهم في ضبط اموالهم و حقوقهم كما توهّمه عبارة الشارح فلا دلالة لهما عليه و كان غرض الشارح ايضا ليس ذلك بل التعليل لتصحيح كونهم نوّابا لانهم وكلاؤه عليه السلام في الحكم بين النّاس اذ لو اعتقدوا كونهم وكلاء ايضا ليس في ضبط اموالهم و حقوقهم فينبغى الحكم بوجوب دفعها اليهم مع انهم لم يحكموا به بل جوّزوا ضبط من وجب عليه بنفسه كما اشار اليه المصنف ايضا بقوله و يحفظ و شرحه الشارح و على هذا فجواز الدفع اليهم باعتبار ان الواجب حفظه بنفسه او بدفعه الى ثقة يحفظه للامام فلو كان الثقة فقيها فهو اولى بجواز الدفع اليه و اما تجويز ان يعمل فيه الفقيه على رايه و عدم وجوب الحفظ البتة فلما اعتقدوا ان للفقيه العمل برايه في كل باب و لانه اذا جعلوه حاكما على النّاس فيدل بالفحوى على رضاهم بحكمه في اموالهم ايضا و ان لا يردّدا عليه حكمهم فيها و للمناقشة فيها مجال و اللّه يعلم

قوله فمن يذهب منهم الى جواز صرفه الى الاصناف على سبيل التتمة

اعلم ان لأصحابنا في حكم الخمس في زمان الغيبة اختلافا كثيرا كما فصّله شيخنا العلّامة في المقنعة و قال اختلف الاصحاب في حديث الخمس عند الغيبة فلكلّ فريق منهم الى مقال فمنهم من يسقط فرض اخراجه بغيبة الامام بما تقدم من المرخّص فيه في الاخبار و بعضهم الى كنزه و بتاول خبر وارد ان الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الامام و انّه اذا قام دلّه اللّه على الكنوز فياخذه من كل مكان و بعضهم يرى صلة الذّرية و فقراء الشيعة على طريق الاستحباب و لست اوقع قرب هذا القول من الصواب و بعضهم يرى عزله لصاحب الامر عليه السلام فان خشى ادراك الموت قبل ظهوره وصّى به الى من يثق به في عقله و ديانته فيسلمه الى الامام عليه السلام و هذا القول اوضح عندى من جميع ما تقدم من ان الخمس حق وجب لصاحب لم يرسم فيه قبل غيبته حتى تجب الانتهاء اليه فوجب حفظه عليه الى وقت ايابه و التمكن من ايصاله اليه او وجود من انتقل بالحق اليه و يجرى ذلك مجرى الزكاة التى يقدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدم ذلك سقوطها و لا يحل التصرّف فيها على حسب التصرّف في الاملاك او يجب حفظها بالنفس او الوصية بها الى من تقوم بايصالها الى مستقبلها من اهل الزكاة من الاصناف و ان ذهب ذاهبا الى ما ذكرناه في شطر الخمس الذى هو خالص للامام و جعل الشطر الارض لأيتام آل محمّد و ابناء سبيلهم و مساكينهم على ما جاء في القرآن لم يبعد اصابته الحق في ذلك بل كان على صواب و انما اختلف اصحابنا في هذا الباب بعدم ما يلجأ اليه فيه من صريح الالفاظ و انما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع اقامة الدليل بمقتضى العقل و الاثر من لزوم الاصول في خطر في غير المملوك الّا باذن المالك و حفظ الودائع لاهلها و ردّ الحقوق انتهى و حجّة من قال بالسّقوط هى الاخبار الدالة على الرخص كما اشار اليه و هى كثيرة و قد تقدم في كلام المفيد طرف عنها و انا اذكر جميع ما وقفت عليه منها فمنها ما تقدم في صحيحة الحرث بن المغيرة النصرى على ما في المدارك عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له ان لنا اموالا من غلّات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقا قال فلم احللنا اذا لشيعتنا الّا لتطيب ولادتهم و كلّ من والى آبائي فهم في حلّ مما في ايديهم من حقّنا فيبلّغ الشّاهد الغائب و لا يخفى ان ظاهر العبارة سيّما مع التعليل الذى للتحليل يدل على كون التحليل عاما جميع الائمة عليه السلام و عدم الاختصاص بخصوصه عليه السلام لكن لا يعلم منه الا تحليلهم حقهم عليه السلام في الارباح و لا ظهور له في تحليل سائر اصناف الخمس ايضا لا ظهور له في ذلك فان ضبط خمس الارباح لا يخلو عن عسر و ينتقل ايضا على اكثر الناس اداؤه فيتسابلون فيه فامكن ان يصير ذلك سببا لتحليلهم حقهم للشيعة و لتطيب ولادتهم و امّا ساير الاصناف فلما لم يكن فيها ما ذكر من العسر و الحرج فربما لم يحللوها لهم و ايضا فلا ظهور لها الا في تحليل حقهم فان كان خمس الارباح مخصوصا بهم عليه السلام كما يستفاد من طرف من الأخبار كما اشرنا اليه سابقا فيكون التحليل في الكل و ان كان حكمه ايضا حكم خمس الغنائم من وجوب قسمة هى الامام و ساير المذكورين كما هو ظاهر الاكثر فلا كلام في دلالتها على حقهم عليه السلام منه و امّا ساير السّهام فيمكن بقرينة التعليل كون التحليل شاملها ايضا بان يكون لهم عليه السلام الاختيار في امثال هذا لكن لا يمكن الحكم ما ذكر ثمّ ان ظاهره اطلاق التحليل لحقّه او مطلقا لكن يمكن بقرينة التحليل تخصصه بما يتعلق بالولد فالحكم باطلاق التحليل لا يخلو عن اشكال هذا كله في اوّل الخبر و اما قوله عليه السلام في آخره فهم في حلّ ممّا في ايديهم من حقنا فيحمل العموم و يحتمل ايضا ان يكون الاضافة فيه للعهد و يكون المعهود هو الحق المذكور في سابقه فلا يمكن الاستدلال به على العموم و اللّه تعالى يعلم و منها الصّحيحة المتقدمة ايضا من زرارة و محمد بن مسلم و ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام هلك الناس في بطونهم و فروجهم لانهم لم يؤدّوا الينا حقّنا الّا و ان شيعتنا من ذلك و آباؤهم في حل و هذا مطلق في حقهم عليه السلام و لا ظهور

له في خصوص الارباح لكن يمكن التخصيص بحقهم في الارباح بقرينة ما ذكرنا في العسر و الثقل فيه دون غيره و ليس

ص: 322

فيه ما ذكرنا من قرينة التخصيص بالمناكح بل ظاهره تحليل المناكح و المآكل ايضا لا يبعد التخصيص بها بقرينة التعليل الوارد في الاخبار الاخرى و يكون تحليل الماكل باعتبار مدخليتها ايضا في طيب الفطنة هذا و اما اختصاصه بحقهم عليه السلام او شموله لحق ساير الشركاء ايضا فالكلام فيه كما في الحديث السّابق و فيها روايتا عبد اللّه بن سنان و حكم سود بن عيسى المتقدمتان و قد تكلّمنا هناك فيما يستفاد منهما فلا حاجة الى الاعادة و منها صحيحة التهذيب عن ضريس الكناسى قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام ا تدرى من اين دخل على الناس الزّنا فقلت لا ادرى فقال من قبل خمسنا اهل البيت الّا لشيعتنا الأطيبين فانه حلّل لهم و لميلادهم و هذا ايضا ظاهر في مطلق الخمس و لكن يمكن التخصيص بالارباح كما ذكرنا في سابقه و في عموم التحليل او تخصيصه بالمناكح مثل الحديث الاوّل بوجود قرينة التخصيص فيه ايضا في عموم التحليل بجميع الخمس او لحقهم عليه السلام مثل الأولين و منها ما رواه الصدوق في الفقيه عن محمد بن مسلم و ظاهر بعضهم تصحيح طريقه اليه و لكن فيه كلام عن احدهما عليه السلام قال ان اشدّ ما فيه النّاس يوم القيمة ان يقوم صاحب الخمس فيقول يا ربّ خمسى و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم او لتزكى ولادتهم و رواها الشيخ ايضا في التهذيب ضعيفا و فيه بدل او لتزكّوا ولادتهم و لتزكّوا اولادهم و الكلام فيه كما في سابقه و منها ما رواه الشيخ في الخمس و لو شاذ عن ابى سلمة سالم بن مكرم و في توثيقه و ضعفه خلاف و في الخلاصة توقف فيما يرويه لتعارض الاقوال فيه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال رجل و انا حاضر حلّل الى الفروج ففرع ابو عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل ليس يسألك ان يعترض الطريق انما يسألك خادما يشتريها و امرأة تزوّجها او ميراثا يصيبه او تجارة او شيئا اعطيه فقال هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميّت منهم و الحق و ما يولد منهم الى يوم القيامة فهو لهم حلال اما و اللّه لا يحلّ الا لمن احللنا و لا و اللّه ما اعطينا احدا ذمّة و ما عندنا لأحد عهد و لا لأحد عندنا ميثاق و ظاهره وجوب الخمس في التجارات و كذا في الميراث و الهبة فيؤيد مذهب ابى الصّلاح ثمّ ان ظاهره تحليل حقهم ثمّ في المناكح مطلقا و كذا في الميراث و التجارة و الهبة فيدلّ على التحليل في مطلق الارباح لعدم القول بالفصل بين التجارة و غيرها من الارباح و لا تعرض فيه لباقى الاقسام في غير المناكح و امّا اختصاص التحليل بحقهم او شموله لجميع الخمس فمثل الرّوايات السّابقة و منها رواية التهذيب عن داود بن كثير الرّقى و في سندها جهالة و في داود اختلاف و رواه الصدوق ايضا في العلل بسند كذلك و في الفقيه ايضا بخلاف السّند و في طريقه ايضا جهالة كما ذكرنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول الناس كلّهم يعيشون في فضل مظلمتنا الّا انّا احللنا شيعتنا من ذلك و الظاهر ان المراد مفضل مظلمتهم هو مطلق الخمس او خمس الارباح الذى اشتراك النّاس في منع حقّهم عليه السلام منه اكثر و اظهر و على التقديرين على تحليل ذلك للشّيعة و لا دلالة فيها على حق الشركاء ايضا و منها رواية التهذيب في الحسن الوشاء عن الفضيل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال من وجد برد حبنا في كبده فليحمد اللّه على اوّل النعم قال قلت جعلت فداك ما اوّل النعم قال طيب الولادة ثمّ قال ابو عبد اللّه عليه السلام انا احللنا امّهات شيعتنا لآبائهم فانه يشمل التحليل لتطيبوا و الاستدلال بامر الحديث لما فيه من اطلاق تحليل امّهات التبعة لآبائهم فانه يشمل التحليل من الخمس لكنه يختصّ بالمناكح و في اختصاصه بحقهم عليه السلام او شموله لحق الشركاء ايضا ما تقدّم و امّا اول الخبر فيدلّ على الفي ء و المشهور بين اصحابنا كما ذكره الشيخ في التّبيان غير الغنيمة الف فيها الخمس و هو كل ما اخذ من الكفار من غير قتال و انجلى اهلها و كان ذلك كله للنّبى صلّى اللّه عليه و آله و لكن يضعه في المذكورين في الآية الكريمة و هم ارباب الخمس ايضا فتحليله لا يدلّ على تحليل الخمس الا ان يتمسّك بالتعليل المذكور و لكن فيه اشكال و هو انّهم قالوا ان الفي ء بعده لامير المؤمنين لا لفاطمة عليه السلام فلا وجه لتكليفه بها عليه السلام بالتحليل

المذكور الا ان يقال ان ما ذكر من كونه بعده للائمة عليه السلام انما هو بعدها عليه السلام لكن نقله زمانها لم يتعرضوا له و اللّه يعلم و منها صحيحة التهذيب و الفقيه عن علىّ بن مهزيار قال قرأت في كتاب لابى جعفر عليه السلام الى رجل يسأله ان يجعله في حلّ من مأكله و مشربه من الخمس فكتب بخطه عليه السلام من اعوزه شي ء من حقّى فهو في حلّ و هو عام في حقه عليه السلام من الخمس و غيره لكن يختصّ بمن اعوزه شي ء من حقه اى يحتاج اليه و منها رواية التهذيب عن يونس بن يعقوب قال كنت عند ابى عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه رجل من الفاطميين فقال جعلت فداك يقع في ايدينا الارباح و الاموال و تجارات تعرف ان حقّك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال ابو عبد اللّه عليه السلام ما انصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم و في السّند محمد بن سنان و هو ضعيف في المشهور و رواه في الفقيه ايضا عن يونس بن يعقوب بحذف الاسناد و سنده اليه لم يذكر في المشيخة و ذكر في هى ان الصدوق رواية في كتابه عن ابيه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن الحسين ابى الخطاب عن الحكم بن مسكين عن يونس بن يعقوب ثمّ نقل ايراده في الفقيه ايضا و جعل مقوّيا لسنده باعتبار ما ذكره في ديباجته كما هو المشهور و لم يسمّ الكتاب الذى نقله عنه و كانه سقط من قلمه و ليس هو الفقيه كما يظهر مما نقلنا و كذا المقنع اذ ليس فيه ذلك و لكن كتب الصدوق كثيرة و ليس لى مجال تفحصها حتى اخذ انه في أيّ فيها و ما نقله من رجال السّند لا باس بهم غير الحكم بن مسكين فانه لم يوثق في كتب الرّجال لكن قالوا انّ له اصلا يرويه ابن ابى عمير عن الحسن بن محبوب عنه هو يدلّ على اعتبار سيّما مع ما ذكروا في ابن ابى عمير ممن اجمع العصابة على تصحيح ما يصح عنه ثمّ ان عدم الانصاف في تكليفهم ذلك اليوم يمكن ان يكون باعتبار شدّة التقيّة في زمانه عليه السلام و الخوف على الشيعة في ايصال الماء اليهم عليه السلام او باعتبار كثرة ما يقع فيه من التحميل عليهم و قلة ما يصل اليهم من حقوقه و كان الثانى اظهر و كيفما كان فظاهره مخصوص بحقّهم عليه السلام و لا يشمل باقى السّهام و مخصوص بزمانه عليه السلام بشدة الخوف او زيادة التّحميل عليهم و حرمانهم في حقوقهم بمرتبة لا يكون مثلها في بعض الأزمان قبل قيام القائم عليه السلام ايضا فيشكل الحكم في ساير الأزمان الى ظهورها عليه السلام و هو ظ و منها ما رواه الصدوق في كتاب العلل في الصحيح عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام انه قال ان امير المؤمنين عليه السلام حلّلهم من الخمس يعنى الشيعة ليطيب مولدهم بظاهره تحليل كلّ الخمس مطلقا و يمكن التخصيص بالمناكح بقرينة التعليل و منها رواية التهذيب في الصّحيح عن عمر بن يزيد قال رايت ابا سياد مسمع بن عبد الملك بالمدينة و قد كان حمل الى ابى عبد اللّه عليه السلام ما لا في تلك السّنة فردّه عليه فقلت له لم ردّ عليك ابو عبد اللّه عليه السلام المال الذى حملته اليه فقال انى قلت له حين حملت اليه المال انى كنت ولّيت العوض فاصبت أربعمائة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت ان احبسها عنك او اعرض لها و هى حقّك الذى جعله اللّه تعالى كذلك في اموالنا فقال و مالنا من الارض و ما اخرج اللّه منها الا الخمس يا با سيار الارض كلّها لنا فما اخرج اللّه منها في شي ء فهو لنا قال قلت له انا احمل اليك المال كله فقال لى يا با سيار قد طيبناه لك و حللنا لك منه فضم اليك مالك و كلما كان في ايدى شيعتنا من الارض فهم فيه محللون تحلّل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا فيحسبهم طسق ما كان في ايديهم سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من ايديهم و يخرجهم عنها صغرة و مسمع ممدوح و نقل عن الحسن بن على بن فضال توثيقه و لا عبرة بتوثيقه لكن يؤكّد مدحه فالحديث حسن و انت خبير بانه انما يدل

ص: 323

على تحليله لخصوص مسمع و لا يدل على العموم و لكن يظهر منه ان الامام اختار تحليل كل الخمس كما احتملنا سابقا و آخره يدل على تحليل خصوص الارض لكل الشّيعة فلا يفيد في غيرها ثمّ ان قولهم فيحسبهم طسق ما كان في ايدى سواهم كما ترى و قال في المنتهى ينبغى ان يكون صرف المضارعة فيه مضموما على انه من احينى بزيادة الهمزة لتعدية الفعل للتعدى الى مفعول ثان بمعنى تصيرهم حياة لخراج ما كان في ايدى غير شيعة و لا يرد على هذا التّوجيه خلو ما يخطر من كلام اهل اللّغة عن ذكر استعمال احينى في هذا المعنى بملاحظة ما تقرّرنا محلّه من انّ زيادة الهمزة في مثله لمعانيها المعهودة موقوف على السّماع لأنّا نجيب بانّ وقوعه في نحو هذا الحديث وجه من السّماع و احتمال خلافه يخرج الكلام عن الافادة فلا يصار اليه انتهى و لا يخفى انه على ما قرأه ايضا بعد تسليم صحته لا يظهر للكلام معنى يقبله الطبع و كان في ظنّى ان فيه سقطا و الصحيح فتحسبهم طسق ما كان في ايديهم و اما كان في ايدى سواهم فان كسبهم او نحو ذلك مما يؤدى هذا المعنى ثمّ بعد ذلك وجدت هذا الحديث في اصول الكافى في باب ان الارض كلها للامام عليه السلام في الصحيح ايضا و العبارة فيه هكذا و كلّ ما كان في ايدى شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون حتى يقوم قائمنا عليه السلام فتحسبهم طسق ما كان في ايديهم و ترك الأرض في ايديهم و امّا ما كان في ايدى غيرهم فان كسبهم من الأرض حرام الى آخره فحمدت اللّه تعالى على ما اراني من حسن ظنى و انه لم يكن من بعض الظن ثمّ ان زاد في آخر الخبر قال عمر بن يزيد فقال لى ابو سيار ما ارى احد اصحاب الضياع و لا ممن يلى الاعمال يأكل حلالا غيرى الا من طيّبوا له ذلك و منها رواه في التهذيب في الصّحيح و رواه في المقنعة ايضا عن الحكم بن علىّ الاسدى و قد ذكره في الخلاصة و اقتصر في حاله على نقل هذا الحديث عنه قال و ليت البحرين فامليت بها مالا كثيرا فانفقت و اشتريت ضياعا كثيرة مقنعة و اشتريت رقيقا و امّهات اولاد و ولد لى ثمّ خرجت الى مكّة فحملت عيالى و امّهات اولادى و نسائى و حملت خمس ذلك المال فدخلت على ابى جعفر عليه السلام فقلت له و ليت البحرين فامليت بها مالا كثيرا و اشتريت متاعا و اشتريت رقيقا و اشتريت امّهات اولاد و ولد لى و انفقت و هذا خمس ذلك المال و هؤلاء امهات اولادى و نسائى قد اتيتك به فقال اما انه كله لنا و قد قبلت ما جئت به و قد حللتك من امهات اولادك و نساءك و ما انفقت و ضمنت لك علىّ و على ابى الجنّة و لا يخفى ان التحليل فيها يختصّ بالحكم و ظاهر كلامهم عليه السلام ان كل ذلك الى خمسه و يمكن ان يكون ذلك باعتبار ان ما اصيب في اعمال الظالمين يكون كله للامام عليه السلام و حينئذ ليس فيه تحليل الخمس فتدبّر و قريب من هذه الرّوايات ما رواه في التهذيب بسند فيه ارسال عن ابى حمزة و رواه في المقنعة بحذف الاسناد عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول من احللنا له شيئا اصابه من اعمال الظّالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام و منها رواية التهذيب عن الحرث بن المغيرة النصري بسند ضعيف قال دخلت على ابى جعفر عليه السلام فجلست عنده فاذا نجيّة قد استأذن عليه فاذن له فدخل فجثا على ركبتيه ثمّ قال جعلت فداك انى اريد ان أسألك عن مسئلة و اللّه ما اريد بها الا فكاك رقبتى من النار فكأنّه رقّ له فاستوى جالسا فقال يا نجيّة ان لنا الخمس في كتاب اللّه و لنا الانفال و لنا صغوا الاموال و هما و اللّه اوّل من ظلمنا حقنا في كتاب اللّه و اوّل من حمل الناس على رقابنا و دماؤنا في اعناقهما الى يوم القيمة بظلمنا اهل البيت و ان الناس يستقلّون في حرام الى يوم القيمة بظلمنا اهل البيت فقال نجيّة انّا للّه و انّا اليه راجعون ثلث مرّات ملكنا و ربّ الكعبة قال فرفع فخذه عن الوسادة و استقبل القبلة فدعا بدعاء لم افهم منه شيئا الّا انا سمعناه في آخر دعائه و هو يقول اللّهمّ انا قد احللنا ذلك لشيعتنا قال ثمّ اقبل الينا بوجهه و قال يا نجية ما على

فطرة ابراهيم عليه السلام غيرنا و غير شيعتنا و ظاهره تحليل مطلق حقوقهم المذكورة و منها رواية التهذيب ايضا عن معاذ بن كثير بسند ضعيف عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال موسع على شيعتنا ان ينفقوا مما في ايديهم بالمعروف فاذا قام قائمنا حرم على ذى كنز كنزه حتى يأتوه به يستعين به و لا اجد فيه دلالة على تحليل الخمس او غيره من حقوقهم عليه السلام بل انما يظهر فيه تكلّف آخر عليهم عند قيام القائم ليس عليهم ذلك قبله و هو ان يأتى كل ذى كنز يكنزه اليه يستعين به و المراد بالكنز يمكن ان يكون معناه المعروف ان المال المدفون و قد جاء بمعنى الذهب و الفضة و كان حمله عليهما فيهما اظهر و الظاهر ان يكون ذلك في اوّل قيامه عليه السلام قبل تسلطه و منها ما رواه الصدوق في كتاب اكمال الدّين عن محمد بن عصام الكلينى قال حدّثنا محمد بن يعقوب الكلينى عن اسحاق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمرى رض ان يوصل الى كتابنا قد سألت فيه عن مسائل اشكلت على ردها بالتوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام امّا ما سألت عنه على ان قال و امّا التلبسيون فمن استحل منها شيئا فاكله قائما يأكل النّيران و امّا الخمس فقد ابيح لشيعتنا و جعلوا فيه في حلّ الى وقت ظهور امرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث الحديث و محمد بن محمد و اسحاق المذكور ان لم يذكر في كتب الرجال و ظاهره اباحة كل الخمس و يحتمل التخصيص بحق الامام عليه السلام فيه و تخصيصه بالمناكح بقرينة التعليل كما ذكرنا في بعض الرّوايات السّابقة و منها ما رواه في الكافي ان عبد العزيز بن نافع و في السّند محمد بن سنان و المشهور ضعفه و يونس بن يعقوب و فيه اختلاف و عبد العزيز المذكور لم يذكر في كتب الرّجال الا ان عبد العزيز بن نافع الاموى مولاهم كوفى ق قال طلبنا الاذن على ابى عبد اللّه عليه السلام و ارسلنا اليه فارسل الينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت انا و رجل معا فقلت للرجل احبّ ان تستأذن بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك ان ابى كان ممن سباه بنوا اميّة و قد علمت ان بنوا اميّة لم يكن لهم ان يحرموا و لا يحلّلوا و لم يكن لهم مما في ايديهم قليل و لا كثير و انما ذلك فاذا ذكرت الذى كنت فيه دخلنى من ذلك ما يكاد يفسد على عقلى ما انا فيه فقال له انت في حلّ مما كان من ذلك و كل من كان في مثل مالك من ورائى فهو في حلّ من ذلك و لا يخفى انه انما يدل على تحليله في نفسه و ماله مع كونه مسبيا لبنى اميّة و يلزمه ان يكون كله او بعضه للامام عليه السلام و وجود خمس في ماله غير معلوم فعلى الاوّل لا دلالة فيه على تحليل الخمس اصلا و على الثانى فيدلّ على تحليل الخمس المتعلّق بنفسه و لكن يختصّ به و بمن كان في مثل حاله و لا يدل على عموم تحليل الخمس مع ان في آخر الحديث قال فقمنا و خرجنا فسبقنا ميّت الى النصر القعود الذين ينتظرون اذن عبد اللّه عليه السلام فقال لهم قد ظهر عبد العزيز بن نافع بشي ء ما ظهر بمثله قط قيل له و ما ذلك ففسّره لهم فقال اثنان فدخل على ابى عبد اللّه عليه السلام فقال احدهما جعلت فداك ان ابى كان من سبايا بنى اميّة و قد علمت ان بنى اميّة لم يكن سهم من ذلك قليلا و لا كثيرا و انا احب ان تجعلنى من ذلك في حلّ فقال

ص: 324

و ذلك الينا ما ذلك الينا مالنا ان تحل و لا ان تحرم فخرج الرّجلان و غضب ابو عبد اللّه عليه السلام فلم يدخل عليه احد في تلك اللّيلة الا يداه ابو عبد اللّه فقال أ لا تعجبوا من فلان يحسبنى فيستحلنى ممّا صنعت بنوا اميّة كانه يرى ان ذلك لنا و لم ينتفع احد في تلك اللّيلة بقليل و لا كثير الّا الأوّلين فانهما غنيا بحاجتهما و لا يخفى انه صريح في عدم عموم التحليل الّا ان يقال انه عليه السلام ربما علم عدم كونه من الشيعة في الباطن و ان ما اظهره كان بمجرّد اللّسان و لا يبعد ان يقال ان التحليل ربما كان تخلص الشّيعة لا لعامتهم و الرجل الاخير لعلمه لم يكن من الخلّص و منها رواية في عن علىّ بن مهزيار و في السّند سهل بن زياد قال كتبت اليه يا سيدى رجل وقع اليه مال يحج به هل عليه في ذلك المال حين يصير اليه الخمس او على ما فضل في يده بعد الحج فكتب عليه السلام ليس عليه الخمس و لا يخفى ان غاية ما يدل عليه نفس الخمس في الهبة لا في الارباح مطلقا على انه يمكن ان يحمل على نفى الخمس فيما فضل بخصوصه و هو الينا في دخوله في الأرباح و وجوب الخمس في جملتها بعد مئونة السّنة و منها رواية حماد بن عيسى في الحسن بإبراهيم بن هاشم في الكافي و بسند آخر ضعيف في التهذيب و في كليهما عن بعض اصحابنا عن العبد الصّالح قال الخمس من خمسة اشياء من الغنائم و الغوص و من الكنوز و المعادن و الملاحة الحديث و كان وجه الاستدلال عدم ذكر الارباح فيه و لا ثبت وجوبه فيها بادلّة السّابقة فليحمل عدم ذكرها على انه للعفو عنها للشّيعة و لا يخفى ضعفه اذ ربما كان الغرض حصر ما وجب فيه الخمس بخصوصه و الارباح ليست كذلك و منها ما سبق في رواية علىّ بن راشد فان فيها فقال ذلك اذا امكنهم بعد مئونتهم اذ في زمان الغيبة لا امكان فان الظاهر انّ المراد بالامكان هو امكان الايصال لا امكان دفعه بان لا يضطرّ اليه لان قوله بعد مئونتهم يغنى عنه فان مع الاضطرار اليه يكون من المؤنة الا ان يحمل الثانى على المراد بالامكان هو ان لا يحتاج اليه في المؤنة و فيه تكلّف و فيه ان الاضطرار اليه يمكن ان يكون بعد السّنة و حينئذ فاستثناء المؤنة لا يفيد السّقوط اذ المراد بها مئونة السّنة و على هذا فلا يفيد الا العفو عند الاضطرار اليه نظير رواية علىّ بن مهزيار المتقدمة من اعوزه شي ء من حقي فهو في حلّ و لا يمكن عكسه سابقا كما ذكرنا سابقا حمل مئونتهم على مئونتهم في العمل و يؤيده مئونتهما في بعض النسخ التهذيب بانّها فيه اظهر و حينئذ فلا يغنى عنه لكن الظاهر من مئونتهم هو مئونة السّنة و مئونة العمل و الظهور يكفى في الاستدلال لكن يبقى اختلاف النسخ و في هى بين دلالة هذا الحديث على السقوط في زمان الغيبة بان ظاهر سوق الحديث اراده امكان الوصول الى الوكيل الخاص و الموكل اولى في الحكم كما لا يخفى بخلاف الوكيل العام و ظاهره انه يقول يكون الفقيه وكيلا عاما في اخذ الخمس ايضا لكنه يقول ان الظاهر من الإمكان امكان الوصول الى الموكل عدم كفايته بطريق اولى بخلاف الوكيل العام الذى هو الفقيه و فيه بعد ما عرفت من عدم ظهور وكالة الفقيه في ذلك و انه خلاف ما يفهم من كلامهم ايضا ان الظاهر من اذا امكنهم تفيد وجوب الخمس عليهم بامكان ايصالهم و لا يفهم منه خصوص الوكيل الخاص بل مطلق الايصال المعتبر شرعا في ايصال حق احد اليه و لو كان الفقيه وكيلا عاما في ذلك لكان امكان الايصال اليه ايضا امكان ما يدخل في اذا امكنهم فتدبّر على اى وجه الاستدلال يرد عليه ان هذا التقييد لا يدل على السقوط بالكلية مع عدم الامكان و هذا لا يأبى عن وجوب حفظه و التربّص به الى تحقق الامكان كما في كل احد لا يمكن ايصاله اليه و يتوقع امكانه بعد ذلك هذا جملة ما وقعت مما يمكن الاستدلال به على تحليل الخمس في زمان الغيبة و قد تعارض تلك الأخبار باخبار اخرى تدل على خلافها منها صحيحة علىّ بن مهزيار الطويلة المتقدمة فانها تدل على وجوب الخمس في الغنائم و الفوائد في كلّ عام و اذا وجب فيها ففى غيرها بطريق اولى و حمل ذلك على كل عام من زمانه عليه السلام و تخصيص ذلك في عموم التحليل مع

التصريح في بعضها بثبوته الى يوم القيمة بعيد جدا و منها رواية التهذيب و المقنعة عن محمد بن يزيد الطبرى بحذف الأسناد و هو غير مذكور في كتب الرّجال قال كتب رجل من تجار فارسى من بعض موالى ابى الحسن الرضا عليه السلام يسأله الاذن في الخمس فكتب اليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم انّ اللّه واسع كريم ضمن على العمل الثواب و على الخلاف العقاب لا يحل مال الا من وجه احلّه اللّه ان الخمس عوننا على ديننا و على عيالنا و على موالينا و ما تبذل و نشترى من اعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزوره عنّا و لا تحرموا انفسكم دعاؤنا ما قدرتم عليه فان اخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و لا تمهدون لانفسكم يوم فاقتكم و المسلم من يفى اللّه بما عاهد عليه و ليس المسلم من اجاب باللّسان و خالف بالقلب و السّلام و رواه في الكافي يتغير في بعض الالفاظ لا يتغير به المراد عن سهل عن احمد بن المثنّى عن احمد بن يزيد الطبرى و في بعض نسخه زيد بن يزيد و كانه الصواب فان في كتب الرجال ضعف سهل بن زياد و يمكن الجمع بينه و بين الاخبار ادلّة بحمل هذا على علمه عليه السلام بان الرّجل لم يكن من الشيعة في الباطن و انما يظهر الموالاة باللسان او بانه لم يكن من خلص الشيعة بناء على ما احتملنا من اختصاص التحليل بخلّصهم او بان يقال ان التحليل فيها مخصص ببعض الخمس كخمس الارباح كما يظهر من بعضها او بالمناكح كما يظهر من كثير منها و سؤال الرّجل كان لتحليل كل الخمس فردّ سؤاله كان ذلك لان في القدر الذى حلّلوه لعموم الشيعة و يمكن ايضا ان يكون مع تحليله لهم بسنة مؤكدة عليهم و كان فيه خير دنياهم و آخرتهم فيحمل ما في هذا الخبر على ذلك ثمّ لا يخفى ان قوله عليه السلام ما قدرتم عليه نظير قوله الخبر السّابق اذا امكنهم فيمكن الاستدلال به ايضا على السقوط في زمان الغيبة لعدم القدرة عليه بتقريب ما تقدم و يرد عليه ايضا ما اوردنا هناك و منها ما رواه في الكافي بالاسناد المذكور قال قد قدم قوم من خراسان على ابى الحسن الرضا عليه السلام فسألوه ان يجعلهم في حلّ من الخمس فقال ما امحل هذا تمحضونا بالمودّة بالسنتكم و تزوده عنا حقّنا جعله اللّه لنا و جعلنا له بجعل لأحد منكم في حلّ و رواه في التهذيب ايضا عن يزيد السّابق و في آخره لا تجعل بلا تكرار احد منهم في حلّ و في المقنعة بالتكرار ثلثا كما في الكافي واحدا كما في التهذيب و فيهما و هو الخمس بعد قوله و جعلنا له و انت خبير بان ما ذكرنا من الوجهين الأوّلين في الخبر السّابق يأتى فيها ايضا و في قوله تمحضونا بالمودة بالسنتكم ربما كان اشعار بما ذكرنا في الوجه الاول و منها ما رواه في الكافي عن ابى بصير و هو يحيى بن القاسم الواقفى الثقة بقرينة رواية علىّ بن ابى حمزة عنه قال الظاهر انه فائدة و هو واقفى ضعيف جدا عنه عن ابى جعفر عليه السلام قال كل شي ء قوتل عليه شهادة ان لا اله اللّه و ان محمّدا رسول اللّه ص فان لنا خمسه و لا يحل لأحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل الينا حقّنا و اوّل الحديث في خمس الغنيمة و يمكن حمل آخره ايضا بقرينة السّابق عليه و حينئذ فلا يفيد في غيره و يمكن ايضا تخصيص المنع فيه بغير المناكح او تخصيص المنع مطلقا بغير من حلّلوه له من الشيعة او خلّصهم و منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول من اشترى شيئا من الخمس لم يقدّره اللّه اشترى ما لا يحلّ له و منها ما رواه الصّدوق في كتاب اكمال الدين عن محمد بن احمد الشّيبانى

ص: 325

و علىّ بن احمد بن محمد الدّقاق و الحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المؤدب و علىّ بن عبد اللّه الورّاق رض قالوا حدّثنا ابى الحسين محمد بن جعفر الاسدى قال كان فيما ورد على من الشيخ ابى جعفر محمد بن عثمان العمرى قدّس اللّه روحه في جواب مسائلى الى صاحب الزمان عليه السلام و امّا ما سألت عنه من الصّلاة الى ان قال و امّا ما سألت عنه من امر من يستحل ما في يده من اموالنا لم يتصرّف فيه تصرّفه في ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه و كتبت لعنة الى يوم القيمة فقد قال النّبى صلّى اللّه عليه و آله المستحلّ من عترتى ما حرّم اللّه ملعون على لسانى و لسان كل شي ء فمن ظلمنا كان في جملة الظّالمين ثمّ فيه بعد الجواب عن سؤالين آخرين و امّا ما سألت عنه من امر الضّياع الّتى لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفعل من دخلها الى النّاصبيّة احتسابا للاجر و تقرّبا اليكم فلا يحل لأحد ان يتصرّف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحلّ ذلك في مالنا من فعل شيئا من ذلك بغير اذننا فقد استحلّ فيها ما حرم عليه و من اكل من اموالنا شيئا فانما يأكل في بطنه نارا و سيصلى سعيرا الحديث و لا خدشة في سند هذا الحديث الا باعتبار ابى الحسين الاسدى فان ادعاه الصّدوق كما ذكره يدلّ على حسن حاله عنده و قد ذكر الشيخ ايضا في كتاب الغيبة انه قد كان في زمان السّفراء المحمودين اقوام ثقات ترد عليهم التّوقيعات من قبل المنسوبين للسّفارة من الاصل منهم ابو الحسين محمد بن جعفر الاسدى ما روى خبرى يدلان على ذلك و قال و مات الاسدى على ظاهر العدالة لم يتغير و لم يطعن عليه في شهر ربيع الآخر سنة احدى عشر و ثلاثمائة في محمد جعفر الاسدى يكنى ابا الحسن الرّازى كان احد الابواب و في ست محمد بن جعفر الاسدى يكنّى ابا الحسين له كتاب الردّ على اهل الاستطاعة و قال العلّامة في الخلاصة محمد بن جعفر بن عون الاسدى ابو الحسين الكوفى ساكن الرّي كان ثقة صحيح الحديث الّا انه روى عن الضّعفاء كان يقول بالجبر و التشبيه فانا في حديثه من المتوقفين و كان ابوه وجها و روى منه احمد بن محمد بن عيسى و مثله في جش ايضا الى قوله و التشبيه و كان ابوه وجها روى عنه احمد بن محمد بن عيش له كتاب الجبر و الاستطاعة انتهى و بالجملة فاقوالهم فيه مضطربة و لا يخفى ان ما ذكر من التشديد في المنع انما هو اذا لم يكن التصرف بامرهم عليه السلام فلا يكون موردا للمنع و منها ما رواه الصّدوق ايضا في الكتاب المذكور في الصحيح عن علىّ بن ابى حمزة عن ابى بصير و السّند اليهما صحيح و اما هما فقد ذكرنا حالهما آنفا قال قلت لابى جعفر عليه السلام اصلحك اللّه ما اشتر ما يدخل به العبد النّار قال من اكل مال اليتيم درهما و نحن اليتيم ثمّ قال قال مصنف هذا الكتاب معنى اليتيم هو المنقطع القرنين في هذا تسمّى النّبى بهذا المعنى يتيما فكك كل امام بعده يتيم بهذا المعنى و الآية في اكل اموال اليتامى ظلما فيهم نزلت و جرت من بعدهم في ساير الأيتام و الذّرية اليتيميّة انما سميّت يتيميّة لانها كانت منقطعة القرن و هذه الرّواية في الفقيه ايضا عن ابى بصير بحذف الأسناد و فيه السّير بدل الشر و ليس فيه ما نقلنا عنه من المعنى انما هو اذا كان بغير اذنهم فلو ثبت التحليل منهم عليه السلام فالاكل منه باذنهم فلا منع منه و منها ما رواه الصدوق ايضا في الكتاب المذكور عن ابى جعفر محمّد بن محمّد الخزاعى رض قال حدثنا ابو على بن ابى الحسين عن ابيه رضى اللّه عنهما و رواه الطبرسى في كتاب الاحتجاج عنه قال ورد على توقيع من الشيخ ابى جعفر محمد بن عثمان العمرى قدّس اللّه روحه ابتدأ لم يتقدّمه سؤال بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لعنة اللّه و الملائكة و النّاس اجمعين على من استمل من مالنا درهما قال ابن الحسين الاسدى رض فوقع في نفسى ان ذلك في جميع من استمل محرما فأيّ فضل في ذلك الحجة عليه السلام على غيره قال في الذى بعث محمّدا بالحق بشيرا فقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب الى ما وقع في نفسى بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لعنة اللّه و الملئكة و النّاس على من اكل من

مالنا درهما حراما قال ابو جعفر محمّد بن محمّد الخزاعى اخرج الينا ابو علىّ بن ابى الحسين الاسدى هذا التوقيع حتى نظرنا اليه و قرأناه و لا يخفى ان ظ دعاء الصّدوق لكل من الثلاثة يدل على حسن حالهم لكن الاول لم يذكر في كتب الرجال و الثانى ذكر مهملا و الثّالث و هو ابو الحسين الاسدى قد نقلنا آنفا ما فيه من اضطراب الاقوال ثمّ انه صريح في تخصيص بمن اكل حراما فلو ثبتت التحليل بالاخبار الاولة فكل ما ثبت التحليل فيه ليس من ذلك هذا و قد عد في المختلف من المعاوضات رواية ابراهيم بن هاشم قال كنت عند ابو جعفر الثانى عليه السلام اذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل و كان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيّدى اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ فانى انفقتها فقال له انت في حل فلمّا خرج صالح قال ابو جعفر عليه السلام احدهم يثبت على اموال آل محمّد و ايتامهم و مساكنهم و فقرائهم و ابناء سبيلهم فياخذها ثمّ يجي ء فيقول اجعلني في حلّ أ تراه ظن انى اقول لا افعل و اللّه ليسألنّهم اللّه تعالى عن ذلك يوم القيمة سؤالا حثيثا و لا يخفى ان الظاهر ان سؤاله كان لتحليل ما انفقه مما كان بيده من مال الوقف الذى وقف على التفصيل الذى اشير اليه في جعله عليه السلام فيما عليه ضابطا له لا عن الخمس بالمنع فيه لا يدلّ على المنع في الخمس و ايضا فالظاهر انه كان ممّن يتقى عليه السلام منه بقرينة حكمه عليه السلام بالتحليل في وجهه و التّصريح بخلافه بعد خروجه و حينئذ فلا يعارض الأخبار الدالة على التحليل للشّيعة هذا و قد وقفت على مما تلونا عليك من الاخبار من الطرفين يظهر لك ان ملاك الأمر في هذا المقام النظر في ثبوت التحليل بالاخبار الاوّلة و انه في اى شي ء يثبت فنقول الظاهر ثبوته فيما يتعلق من الاولاد من الارباح بكثرة الاخبار الدّالة عليه و اما غير ذلك فلا يمكن الحكم بالتحليل و الظاهر عدم تحليل حقوقهم فيه سواء كان باعتبار الخمس او باعتبار كون جميعه حقا لهم كالغنيمة بغير اذنه على قول من يقول بذلك و اما ثبوته في مهام الشركاء ايضا ففيه اشكال الظاهر التعليل الوارد في الرّوايات و لان الظاهر من تحليلهم حقوقهم و لا تحليل حقوق غيرهم ايضا و اما في غير ذلك فليس الحكم بالتحليل ظهور بمجرّد عموم بعض الاخبار او اطلاقها فان ذلك لا ينهض لمعارضة عموم الاخبار الواردة بذلك و كذا ظاهر الاخبار الواردة في المنع و التشديد فيه بل بعموم الآية الكريمة المؤكدة بوجوه التأكيد ان فسّر الغنيمة فيها بالمعنى العام كما هو ظاهر الاكثر و اخبار في المنتقى عموم التحليل في خمس الارباح لظهور عموم التحليل الوارد في بعض الرّوايات السابقة و بنى ذلك على كون هذا الخمس كله للامام عليه السلام كما يستفاد من طرف من الاخبار كما اشرنا اليه في كل ما يستفاد منه ذلك و نقل عن بعض القدماء و ذهابهم الى عدم وجوب اخراج هذا القسم بخصوصه في زمان الغيبة و جعل بناؤه على ما حققه و انت خبير بان ما ذكره و ان كان ظاهر بعض الاخبار لكن ليس ظهورها بمرتبة يمكن ان يكون باعتبار اذ بعضه حق لهم و اختار الاخذ و الاعطاء ايضا في الباقى لهم و ايضا التحليل الوارد فيها و ان كان الظاهر في بعضها كونه للكل لكن لا يبعد ايضا حمله على تحليل ما هو حقهم فالذهاب الى ما ذكره بمجرّد ما ذكر من الظهورين مع شهرة خلافه بين الاصحاب بل ظاهر هى و كره الاتفاق على تساوى الانواع في المصرف مشكل جدا و ايضا صحيحة على بن مهزيار الطويلة المتقدمة صريحة في وجوبه عليهم في الغنائم و الفوائد في كل عام و هو من

ص: 326

الامام المتأخر فينبغى العمل عليه على انه ينافى الاخبار الدّالة على التحليل الى يوم القيمة فهي يقدح فيها و ايضا ما ذكرنا سابقا من شهادة الاعتبار بوجوب الخمس في الأرباح يشهد ايضا بعدم العفو عنه فيها بالكليّة فانه مع العفو عنها بالكلية للشيعة لا يبقى لبنى هاشم من الخمس الّا سائر اقسامه و ظاهر انه بمرور لا يفى بمئونات مستحقيهم مع ان الظاهر تشهد به الاخبار ان الخمس جعله اللّه تعالى لهم عوضا من الزكاة ليكفى في مئونتهم و يستغنوا به عن الزكاة بل يحتمل كما اشرنا اليه سابقا ان يكون العفو الوارد في الاخبار فيه هو باعتبار استثناهم عليه السلام بالمئونة و ان يكون ذلك عفوا منهم عن الشيعة لتطيب بهم ولادتهم و لا يكون ذلك بالنصّ من اللّه تعالى و حينئذ فلا يمكن الحكم بعفو امر زائد على المؤنة المستثناة فلا ينبغى لأحد منهم شي ء ممّا زاد عليها اذ لا يبعدان يصير به ممن يشمله اللّون الوارد في توقيع الاسدى و يكون الأئمة عليه السلام خصماؤه و يناله ايضا لعنة اللّه و الملائكة و النّاس اجمعين كما ورد في التوقيع الآخر نعوذ باللّه منه هذا ما يتعلق بالسقوط و لقد اطنبنا فيه ليظهر سقوطه و انه ليس بسديد فلا يهوى اليه هوى من هو لحبّ الخير لشديد و اما من ذهب الى كنزه فلا يظهر له سند يمكن السّناد اليه و مجرد امكان تاويل الخبر الذى ذكروه به لا يصلح حجة عليه ما لم يكن الخبر صريحا او ظاهرا فيه نعم لو صح الخبر و علم انه بالدفن يبقى محفوظ الى زمان ظهوره عليه السلام امكن جعل ذلك في نصفه عليه السلام فرد الحفظة و ايصاله اليه عليه السلام و لكن من اين هذا العلم اذ المدفون كثيرا ما يفسد او يخرج و امّا القول الذى اختاره المفيد فليس ببعيد لما قرّر في توجيهه و لكن بعد تخصيصه بما هو حق الامام و اما حق الباقى فالظاهر وجوب ايصاله الى مستحقيه كما اشار اليه في الوجه الصّواب و ذلك لانه لا دليل على وجوب ضبط سهامهم ايضا او جوازه مع كونها حقا لهم و وجودى الحق و امكان ايصاله اليهم مع شدّة حاجتهم اليه و تضرّرهم بتاخيرهم كمال الضّرر و ما ذكروا من استحباب دفع تمام الخمس الى الامام عليه السلام كما هو المشهور او وجوبه على قول النقى انما يسلم في حال الحضور لا في حال الغيبة ايضا لعدم ما يدل عليه فيه و النقى الذى قال بالوجوب اختار هاهنا صرف النّصف الى الآخر للامام عليه السلام فعلم منه اختصاص حكمه بحال الحضور هذا و لكن الاظهر و الاحوط عندى صرفه في مستحقى بنى هاشم من الشيعة لما يظهر من اخبارهم صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين كمال شفقتهم و لطفهم على المؤمنين و رغبتهم في اعانه فيحتاجهم و كفاية مئونتهم و ترغيب الناس اليه و حثهم عليه حتى انه عقد صلتهم عليه السلام لا سيّما الذرية الظاهرة و ما ورد في فضل صلتهم و من كان على هذا الشّأن فظاهر من حاله الرّضا يعرف ماله الذى لا يمكن ايصاله اليه عند غيبته في هذا المصرف و انه احبّ اليه من ضبط له على الوجه المذكور و وصوله اليه في وقت لا يكون له كثير حاجة اليه من انه يحكم الزمان الخوان و ما نشاهد من ابناء ابنائه مظنة التلف بل مانعة في اقصر زمان و اقرب اوان فكيف عند تطاول القرون و الاعصار و ملاحق الدهور و الأدوار و يؤيده ايضا ما نقلنا من الرّوايات الدالة على التحليل فانه اذا حلّل للشّيعة ان لا يؤدى الخمس فيحلّل لهم صرفه على هذا الوجه بطريق اولى و ايضا فقد نقلنا سابقا روايتى احمد بن محمد و حماد بن عيسى و فيهما ان الامام يعطيهم ما فيه كفايتهم في السّنة فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و لم يكفهم ائمة من عنده و على هذا فاذا صرف كذلك بان يعطى من مستحقى بنى هاشم و لا يصل اليه شي ء من السهام الأخرى مئونة سنة او يعطى من لا يكفيه ما يصل اليه بمئونة سنة فتتمة مئونة سنته فقد صرف في اداء حق لازم عليه عليه السلام فكيف لا يرضى به و اما ما ذكره ابن ادريس في السرائر من حمل قوله عليه السلام من عنده فيهما على من يجب يده اى من بيت المال فان بيت المال بعد طبع مصالح المؤمنين فينفق منه على جميع المحتاجين سواء كانوا هاشمين او عامين و حينئذ فلا دلالة لهما على جواز صرف حقه عليه السلام فيه ففيه ان قوله

عليه السلام في مرسلة حماد و انما صار اليه ان يمونهم لأن له ما فضل عنهم و كذا ما في المرسلة الاخرى فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم ائمة لهم من عنده كما صار اليه الفضل كذلك يلزمه النقصان يأبى عن الحمل على ما ذكره كما لا يخفى ثمّ ان هاتين الرّوايتين و ان ضعف سندهما لكن سننقل عن المحقق رحمه الله في المعتبر ما يدلّ على وثوقه بهما على ان الحق ان مثل هذه الرّوايات و ان لم يصلح لتاسيس الحكم به كل من لا يعلم صحة اسناده من خارج لكنه يصلح للتأييد و التأكيد و هاهنا كذلك لان التعويل على ما ذكرنا فيما ذكرنا من ظهور رضائه عليه السلام بهذا و كونه احوط من الدفن او الضّبط و انما ذكرنا الروايتين لتأييد ذلك و تقويته لا لتاسيس الحكم بهما فلا ايراد بما ذكر يظهر ضعف ما ذكره ابن ادريس في السرائر حيث حكم بتحريم ذلك و بالغ فيه مستند انّ مال احد لا يجوز دفعه الى غيره بحكم العقل و الشرع قال لا نجده مصنفا من اصحابنا بعد ذكره لهذه المسألة الّا و يودع في كتابه و يفتى و يقول ان نصف الخمس يوصى به لصاحبه او يحفظ لصاحبه او يودع لصاحبه على اختلاف العبارات فلو اراد انه يستحقه غيره مع بينة و يسلم الى من سواه لكانوا مناقضين في اقوالهم و ذلك لان ما ذكرنا من العلم برضا المالك يصرفه على هذا الوجه طريق شرعى لجواز ذلك و امّا ما ذكره من انه لا نجد مصنّفا من اصحابنا الّا ما قد حكم فيه بما ذكره فليس كذلك لان القول بجواز دفعه الى فقراء الشيعة سيّما الذّرية الطاهرة بل استحبابه و افضليته من جملة الاقوال في هذه المسألة من القدماء ايضا كما يظهر مما نقلنا عن المصنفة حيث عده من مذاهب اصحابنا و قال و لست ادفع قرب هذا القول من الصواب او ان رجح بعد ذلك القول الأخير على انه في الرسالة الغرية على ما نقل عنه في المنتهى و المعتبر و المختلف ذهب الى هذا القول و هذه عبارته على ما نقله في هى و المعتبر و متى فقد امام الحقّ و حلّ الى اللسان ما يجب فيه الخمس فليخرجه الى يتامى آل محمّد و مساكينهم و ابناء سبيلهم و ليوفر قسط ولد ابى طالب لعدول الجمهور عن صلتهم و لمجي ء الرّواية عن ائمة الهدى عليه السلام بتوفير ما يستحقونه من الخمس في هذا الوقت على فقراء اهلهم و ايتامهم و ابناء سبيلهم انتهى و لا يخفى ان كلامه ظاهر في ورود رواية عنهم عليه السلام بتوفير نصيبهم من الخمس في ذلك الوقت على فقراء اهلهم و ايتامهم و ابناء سبيلهم و كان المراد باهلهم آل ابى طالب و لا يخفى انه لو وردت رواية بهذا المضمون فهي ايضا مما يؤيد جواز دفعه في زمان الغيبة ايضا اليهم لكن لم اقف على رواية كذلك فيما رايناه من الكتب و في عبارة الرّسالة على ما نقل في المختلف زيادات على ما نقلنا و فهم مضمون الرواية منها لا يخلو عن اشكال لكن في دلالتها على مذهب المفيد متطابقان فارجع اليه هذا و ابن حمزة ايضا اختار هذا القول فانه قال في الوسيلة و اذا لم يكره الامام حاضرا فقد ذكر فيه اشياء و الصحيح عندى انه يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من اهل الفقر و الصّلاح و السّداد و اما اصحابنا المتاخرون فاكثرهم استجودوا هذا القول لكن ظاهر بعضهم وجوب الصّرف في ذلك و منهم المحقق رحمه الله فانه قال في المعتبر بعد ما نقل المفيد في الرّسالة و ما ذكره المفيد رحمه الله حسن لما اسلفناه من وجوب اتمام ما يحتاجون اليه من حصة عند وجوده و اذا كان هذا لازما له في حضوره كان لازما له في غيبته لانّ

ص: 327

ما وجب بحق اللّه مطلقا لا يسقط بغيبة من يلزمه ذلك و بعضهم خيّروا بين ذلك و بين الحفظ و الايصاء و منهم العلّامة رحمه الله في اكثر كتبه قال في المنتهى و ما اختاره المفيد رحمه الله في الرّسالة جيّد لما بنينا من وجوب الاتمام عليه في حال حضوره و اذا وجب في حال حضوره وجب في حال غيبته لان الغيبة ممن عليه الحق لا يسقط عنه و لو عمل احد من جمهور اصحابنا من ايداع حصته عليه السلام و قسمة الباقى في مستحقّيه كان حسنا امّا الإباحة و التصرّف فيه على وجه التحليل كما ذهب اليه بعض اصحابنا و هو غلط في المختلف بعد ما حكم بكون القول بالسّقوط بعيد عن الصواب استضعف القول بالدّفن ايضا و كذا القول بضبط الجميع و الايصاء جعل الأقرب قسمة الخمس نصفين و صرف النّصف في مستحقيه و حفظ نصف الامام على الوجه الذى ذكروه ثمّ قال و هل يجوز قسمته في المحاويج من الذّرية كما ذهب اليه جماعة من علمائنا الأقرب ذلك لما ثبت بما تقدّم من الاحاديث اباحة البعض للشّيعة حال حضورهم فانه يقتضى اولوية اباحة انصابهم عليه السلام مع الحاجة حال غيبة الامام لاستغنائهم و حاجتهم و لما سبق من ان حصّهم لو قصرت عن حاجتهم لكان على الامام عليه السلام الاتمام من نصيبه حال ظهوره فان وجوب هذا حال ظهوره يقتضى وجوبه حال غيبته عليه السلام فان الواجب من الحقوق لا يسقط بغيبة من عليه الحق خصوصا اذا كان الحق للّه تعالى و منهم المصنف ايضا في الدروس فانه قال و في غيبته قيل هو يدفن او يسقط او لصرف الذّرية و فقهاء الإمامية مستحبّا او يوصى به و الاقرب صرف نصيب الاصناف و التخيير في نصيب الامام بين الدفن و الايصاء و عليه الاصناف مع الاعواز باوّل نائب الغنيمة و هو الفقيه العدل الامامى الجامع للشرائط الفتوى و كذا في البيان فانه قال و مع الغيبة اقوال اصحّها صرف النصف الى الأصناف الثلاثة وجوبا او استحبابا و لا يجب التّسوية بينهم و حفظ نصيب الامام الى حين ظهوره و لو صرفه العلماء الى من يقصر حاصله من الاصناف كان جائز الشّرط استجماع صفات الحكم فيهم نعم الشيخ في طوية نقل اختلافهم و لم ينقل هذا القول و اقتصر على نقل الاقوال الباقية و هذه عبارة المبسوط و امّا حال الغيبة فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم فيما يتعلّق بالاخماس و غيرها ممّا لا بدّ من المناكح و المتاجر و المساكن و اما ما عدا ذلك فلا يجوز فيه على حال و ما يستحقونه من الاخماس في الكنوز و المعادن و غيرهما في حال الغيبة فقد اختلف اقوال الشيعة في ذلك و ليس فيه نصّ معين فقال بعضهم انه جاز في حال الاستتار مجرى ما ابيح لنا من المناكح و المتاجر و هذا لا يجوز العمل عليه لانه ضدّ الاحتياط و تصرّف في مال الغير بغير اذن قاطع و قال قوم انه يجب حفظه ما دام الانسان حيّا فاذا حضرته الوفاة وصى به الى من يثق به من اخويه ليسلم الى صاحب الامر ان اظهر و يوصى به كما وصى اليه الى ان يصل الى صاحب الامر و قال قوم يجب دفنه لان الأرضين يخرج ما فيها عند قيام القائم عليه السلام و قال قوم يجب ان يقسم الخمس ستة اقسام فثلاثة اقسام للامام تدفن او تودع عند من يثق بامانته و الثلاثة الاقسام الاخر تفرق على ايتام ال محمد صلّى اللّه عليه و آله و مساكينهم و ابناء سبيلهم لانهم المستحقون لها و هم ظاهرون و على هذا يجب ان يكون العمل لأن مستحقها ظاهر و انما المتولّى لقبضها و تفريقها ليس بظاهر فهو مثل الزكاة في انه يجوز تفريقها و ان كان الذى يحيى الصّدقات ليس بظاهر فان عمل عامل على واحد من القسمين الاولين من الدّفن او الوقاية لم يكن فيه باس و اما القول الاول فلا يجوز العمل به على حال و كلامه في ية ايضا موافق ما في المبسوط الّا انه حكم فيها بان القول الاوّل ضدّ الاحتياط و الاولى اجتنابه و قال في القول الاخير و هذا ممّا ينبغى ان يكون العمل عليه لا انه على هذا يجب ان يكون العمل كما في المبسوط و ابن البراج ايضا على ما نقله في المختلف وافق المبسوط فانه نقل عنه انه قال ينبغى لمن لم يجب عليه اخراج الخمس بقسمه ستة اقسام ثلاثة منها الى من يستحقه من الاصناف المذكورين فيما سلف و الثلاثة الاخر للامام عليه السلام و يجب عليه ان يتحفّظ بها

ايام حياته فان ادرك ظهور الامام عليه السلام دفعها اليه و ان لم يدرك ذلك دفعها الى من يوثق بدينه و امانته من فقهاء المذهب و وصاه بدفع ذلك الى الامام عليه السلام ان ادرك ظهوره و ان لم يدرك ذلك وصّى الى غيره بذلك و قد ذكر بعض اصحابنا انّه ينبغى ان يدفن و عوّل في ذلك على الخبر الذى يتضمّن ان الارض تظهر كنوزها عند ظهور القائم عليه السلام و الذى ذكرناه هو الاحوط و الاقوى في البراءة الذمة قال و ذكر بعض اصحابنا انما يختصّ لغير المساكن و المناكح و المتاجر يجوز التصرّف فيه و انه يجرى مجرى ما يختصّ بالمساكن و المناكح و المتاجر و هذا لا يجوز التعويل عليه و لا العمل به انتهى و فيه زيادة على ما في المبسوط يختص من يدفع اليه بالثقة من فقهاء اهل المذهب و الاحوط في ترجيح ما ذكره على الدّفن و هو كذلك و انت خبير بان عدم ذكر الشيخ و ابن البراج القول المذكور و لا يدل على عدم القول به مع نقل مثل المفيد له و حكمه بانه لا يدفع قربه من الصواب و ذهابه اليه في الرّسالة نعم القول بوجوب الحفظ و الايصاء كان اشهر في زمان الشيخين و من تبعهما الى عصر المحقق و العلّامة ثمّ صار ذلك القول اشهر و امّا القول بالسقوط فلا نعم قائلا على التعيين الّا سلّار بن عبد العزيز فان ظاهر كلامه ذلك فان بعد ما ذكر كون الأنفال له عليه السلام وعدها قال فليس لأحد ان يتصرّف في شي ء من ذلك الا باذنه فمن تصرّف في شي ء من ذلك باذنه فله اربعة اخماس المستفاد و للإمام الخمس و في هذا الزمان قد احلونا ما تتصرّف فيه من ذلك كرما و فضلا لنا خاصة و لا يخفى ان ظاهره عموم التحليل و قد عرفت ان المحقّقين من اصحابنا عولوا عليه و منهم من قال انه لا يجوز العمل به على حال و منهم من حكم بكونه غلطا و منهم من قال انه لا يجوز التعويل عليه و لا العمل به و مثل هذا يشكل مصير احد اليه و ان رجّح دليله في نظره فكيف مع عدم ظهور رجحانه كما ظهر لك ممّا تلونا عليك ثمّ ان عمدة تعويلنا فيما اخترناه من جواز دفعه الى الفقراء على شهادة الحال برضائه عليه السلام به و كونه احبّ اليه من حفظه له عليه السلام على ما ذكروه و امّا حديث وجوب الاتمام عليه مع الأعواز فقد جعلناه مؤيّدا له و ليس الاعتماد التّام عليه امّا اوّلا فلضعف ما يدل عليه من الرّوايات و ان تلقاها الاصحاب بالقبول فان ذلك لا يفيدها الا صلاحيتها للتأييد و التأكيد كما اشرنا اليه و امّا ثانيا فلان لزوم ذلك عليه عليه السلام يمكن ان يختصّ بزمان حضوره عليه السلام باعتبار انه يجمع عنده الأخماس و يفرقها بين مستحقّيها فاذا اعوز يكون من اعوزه متعيّنا و ربما كان نذرا يسيرا فاوجب عليه السلام اتمامه من عنده و اما في حال الغيبة فلا يجتمع عند الفقهاء ذلك و انما يتفق احيانا ان يدفع اليهم خمس فالحكم بوجوب اداء حق الامام الى كل من علم انه لا يصل اليه من الخمس ما يكفيه لسنته لا يخلو عن اشكال فانه يوجب صرف حق الإمام ابدا فيهم و ان لا يبقى له عليه السلام شي ء اصلا و ظاهر ان ما لزم عليه في زمان حضوره ليس كذلك على انه مع قطع النظر عن ذلك ايضا لا بعد في ان يكون الحكم المذكور مختصّا بزمان حضوره عليه السلام و لا يكون واجبا عليه في ماله مطلقا اذ لا ظهور في الروايتين المذكورتين فيه و على هذا فالظاهر جواز الدفع الى الفقراء غير الهاشميّين ايضا كما يدل عليه كلام المقنعة و الوسيلة لكن الأولى و الاحوط الاقتصار على الهاشميّين و امّا لو عوّل فيه على الوجه الاخير فيختصّ بالهاشميّين لان ما كان لازما على الامام عليه السلام اتمامه انما هو للهاشميّين لا لغيره فلا يجوز

ص: 328

للفقيه الّا اداء ذلك و عبارة الرّسالة تفيد ذلك و الظاهر من المعتبر و هى هذا فانه فيهما استحسن ما في الرّسالة و علّلا بذلك الوجه كما نقلنا لكن العلّامة في المختلف بعد ما استقرب جواز قسمته في المحاويج من الذّرية للوجه التى نقلنا عنه قال و هل يجوز التفريق في فقراء الشيعة غير الهاشميين كلام المفيد و ابن حمزة يقتضى ذلك و نحن فيه من المتوقفين و كان توقفه لما اشرنا اليه فان وجهه الاوّل الذى ذكره يفيد الجواز في غيرهم ايضا و الوجه الثانى لا يفيد الا الجواز للهاشميّين فتوقف باعتبار توقفه في جواز التعويل على الوجه الاول فقط و لا ريب ان الاحوط هو الاقتصار على الهاشميّين و ايضا الظاهر على ما ذكرنا من الوجه العمدة جواز دفع المالك بنفسه الى المستحق و عدم اشتراط الدفع الى الفقيه لكن الاكثر لم يجوزوا قسمة حق الامام الا للفقيه و هو بناء على ان تعديلهم على لزوم ذلك عليه في زمان الحضور فيجب في زمان الغيبة ايضا فيكون ذلك من قبيل اداء دين على الغائب من ماله و لا يجوز ذلك لغير الفقيه يشهد بذلك كلام العلامة في هى فانه قال فرع اذا قلنا تصرّف حصته عليه السلام في الاصناف فانما يتولّاه من اليه النّيابة عنه عليه السلام في الاحكام و هو الفقيه المامون الجامع لشرائط الفتوى و الحكم على ما يأتى تفاصيلها من فقهاء اهل البيت عليه السلام على جهة التتمة لم يقصر عنه ما يصل اليه عما يفطر اليه لانه نوع من الحكم على الغائب فلا يتولاه غير ما ذكرناه انتهى و في عبارته سوء ادب جرى به القلم و ينبغى فيها ما ذكرنا و في المختلف ايضا مع انه علّل جواز قسمته في الذّرية بما ذكرنا من الوجهين حكم بان المتولّى لذلك من اليه الحكم على الغائب لانه قضاء حق عليه كما يقضى على الغائب و هو الفقيه المأمون الجامع لشرائط الفتوى و الحكم فان تولى ذلك غيره كان ضامنا و لا يخفى ان بناء ما ذكره على الوجه الثانى الذى ذكره و اما على الوجه الاول ففى عدم جواز تولى غير الفقيه تامّل غاية الامر ان يتوقف جواز ذلك له على ان يسمع من المجتهد فتواه بجواز ذلك كما في ساير الاحكام و لكن لا ريب ان رعاية ما ذكروه اولى و احوط و لا يبعد ان يكفى اذنه للمالك بان يدفعه بنفسه ان علم استحقاقه كما يدلّ عليه ما نقلناه سابقا عن س لكن الدفع اليه اولى حتّى في حصّة الاختلاف ايضا لانه ابصر بمواقعه و الظاهر كثير من عباراتهم كالتى نقلنا عن هى آنفا و عبارة الشارح هاهنا و في المسالك ايضا

قوله على حسب ما يراه من بسط و غيره

اعلم انهم اختلفوا في وجوب حق الاصناف عليهم او جواز تخصيص واحد من الاصناف به فالمشهور بينهم هو الثانى قالوا ظاهر الشيخ في المبسوط بوجوب البسط فانه قال و على الامام ان يقسم هذه السهام بينهم على قدر كفايتهم و مئونتهم في السّنة على الاقتصار و لا يخصّ فريقا بينهم بذلك دون فريق بل يعطى جميعهم على ما ذكرناه من قدر كفايتهم ثمّ قال في آخر البحث و متى حضر الثلاثة اصناف لا يبقى ان يخصّ بها قوم دون قوم بل يفرق في جميعهم و ان لم يحضرنى في ذلك البلد الا فرقة منهم جاز ان يفرق و لا ينظر غيرهم و لا يحمل الى بلد آخر انتهى و لا يخفى ان هذا الكلام يحتمل وجهين احدهما ان يكون تفصيلا لما ذكره اولا و ان المنع الذى ذكره فيه انما هو مع حضور كل الاصناف في البلد و امّا ما لم يحضر الجميع فيجوز الاقتصار على الحاضر منها و ظاهر ان ظاهر لا ينبغى هو الكراهة فيحمل المنع الذى ذكره اوّلا ايضا عليها فيكون مذهبه استحباب البسط لا وجوبه كما قالوا ان ظاهر المبسوط و ثانيهما ان يكون ما ذكره اولا مخصوصا بالإمام و يكون الحكم فيه عدم جواز التخصيص و تتبع الحاضر الغائب جميعا و ما ذكره ثانيا يكون حكم غيره و يكون الحكم فيهم استحباب البسط و جواز الاقتصار على الحاضر و كأنّهم حملوه على الوجه الثانى ظاهر كلامه الاوّل عدم جواز تخصيص الامام جميع الاخماس بالبعض بان لا يعطى احد الاصناف شيئا من الخمس اصلا و يفرق جميعه على بعض الاصناف لا انه يجب في كل خمس تفريقه على جميع الاصناف فان كان الكلام في الاوّل فما ذكره يتجه لا سيّما مع حضور الكل و ما ذكره المتاخّرون ليس بسديد و ان كان في الثانى فالظاهر هو ما ذكره المتاخرون لكن كلام الشيخ لا يدل على خلافه نعم نقل عن ابى الصّلاح انه قال و يلزم من وجب عليه خمس اخراج شطره للامام و الشّطر الآخر للمساكين و اليتامى و ابناء السّبيل كل صنف ثلث الشطر و لا يخفى ان نزاع المتاخّرين معه متجه احتجوا للشيخ بظاهر الآية فان اللام للملك او الاختصاص و العطف بالواو يقتضى التشريك في الحكم و اجيب بان الآية مسوقة لبيان المصرف كما في آية الزكاة و اورد عليه ان الحمل عليه خلاف الظاهر فلا يصار اليه الا بدليل كذا في المدارك و شرح الارشاد و لخالى الفاضل المحقق السّبزوارى طاب ثراه و فيه ما فيه و الحق ان بين الاحتجاج بآية الكريمة على ان اللام حقيقة في الملكية كما في قولهم المال لزيد و حينئذ فبضميمة الواو تدل على اشتراك الجميع فيها فلا يجوز التخصيص فيها و يدل عليه منع انحصار اللام فيها بل الاختصاص ايضا من معانيها لقولهم الجنّة للمؤمن و المفتاح للباب و الجلّ للفرس بل جلّ موارده من هذا القبيل و اذا كان للاختصاص فلا يفيد بضميمة الواو الا اختصاصه بهذه الاصناف و اشتراك الجميع فيه و عدم استحقاق غيرهم له و حينئذ فلا يفيد وجوب البسط الا ان يثبت كون اللام حقيقة في الملكية و مجازا في غيرها و انى لهم باثبات ذلك او الاختصاص اذ الاختصاص ايضا معنى شايع ذائع و ليست الملكية اظهر منه بل الظاهر من كلام محقق اهل العربية انها حقيقة في مطلق الاختصاص فقط و ان استعمالها في الملكية باعتبار انها نوع من الاختصاص و من حمل الآية على بيان المصرف ليس مراده ان اللام يستعمل فيه حتى يقال انه خلاف الظاهر و يتوقف على دليل بل مراده ان اللام يمكن ان يكون للاختصاص و حينئذ فلا يفيد الّا بيان المصرف و انحصاره فيهم و لا يفيد وجوب بسط عليهم و ليس فيه ارتكاب خلاف ظاهر اصلا و كذا الكلام في آية الزكاة و مما يؤيد حمل الآيتين على بيان المصرف انه لو حملنا على الملكية لهم لزم وجوب القسمة على جميع افراد كل صنف و عدم جواز القسمة الّا باذن الجميع و عدم جواز تصرّف الملك قبل القسمة فيه الا باذنهم و وجوب اداء العين و عدم اجزاء القيمة و كل ذلك خلاف مذهبهم ثمّ اورد في المدارك انه لو حمل على بيان المصرف يلزم ان يجوز الصرف الجميع الى صنف واحد على أيّ وجه كان و لا ريب في عدم جواز صرف سهام الامام ايضا الى البواقى و دفع سهامهم ايضا الى الامام و فيه انه اذا حمل على بيان المصرف لا يلزم ان لا تدل الآية على المنع و صرف الجميع في البعض على أيّ وجه كان لا ان

تدل على جواز ذلك كيفما كان و حينئذ فلهم ان يلزموا عدم دلالة الآية على ذلك و ان اختصاص الامام بالنّصف و البواقى بالباقى علم بدليل من خارج كالاجماع و الاخبار نعم يرد عليهم انه لو حمل على بيان المصرف فلا يتجه حكمهم بالتقسيم الى الستة مستندا بالآية الكريمة كما اشار اليه سابقا اذ على تقدير الحمل على بيان المصرف لا يستفاد منه ذلك و ظنا ان حملها على بيان المصرف متجه و ان استدلالهم بها على التقسيم الى الستة ليس بشي ء على انه لو حمل على ذلك لكان وجوب صرف كل ثلثين من النصف في طائفة كما نقلنا عن ابى الصلاح و هو خلاف المشهور ثمّ انه في المدارك بعد تتميم الاستدلال بالآية الكريمة بزعمه بما نقلنا عنه قال نعم يمكن ان يقال ان الآية الشريفة انما تدل على جعل

ص: 329

خمس جملة الغنائم لهذه الاصناف الستة و لا يلزم ان يكون كل جزء من اجزائها كذلك و اختصاص الامام بالنصف ان ثبت فبدليل من خارج و فيه ان الظاهر ممّا غنمتم هو كل غنيمة لا مجموع الغنائم على انك قد عرفت ان ظاهر كلام الشيخ ايضا هو ما سلم دلالة الآية عليه فلا ايراد عليه و الأولى الاحتجاج لما ذكره الشيخ على تقدير حمله على ما ذكرنا من ان ظاهر كلامه بمرسلتى احمد بن محمد و حماد بن عيسى المتقدمين فانهما تدلّان على ما ذكره و هما حجة على الاكثرين اللذين تلقوها بالقبول ان كانوا معارضين للشيخ و يشهد به الاعتبار ايضا فان فيه رعاية نظام العالم و امّا التسوية بينهم في الحصص كما نقلنا عن ابى الصّلاح فلا دليل عليه سوى دعوى ظهور الآية الكريمة فيه و قد عرفت انّه ليس كذلك و الاعتبار ايضا يشهد بخلافه فانه بعد حد تساوى سهم الفقراء مع سهم كل من الآخرين مع كونهم اضعافا مضاعفة لكل منهما الا ان يقال ان وجوب التسوية بينهم انما هو مع حاجة كل صنف الى سهمه في سنة و اما اذا زاد على حاجة في سنة فيجوز صرف الزائد في الصّنف الذى لا يفى سهمهم بمئونة سنتهم هذا و احتجوا للمشهور برواية ابى بصير عن ابى الحسن عليه السلام انه سئل عن قول اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ الى ان قال فقيل له ا فرأيت ان كان صنف اكثر من صنف و صنف كيف يصنع به فقال ذاك الى الامام رايت رسول اللّه كيف صنع انما كان يعطى على ما يرى كذلك الامام و لا يخفى انها تصلح حجة لهم على ردّ قول الشيخ فانها لا دلالة فيها على جواز التخصيص ببعض الأصناف دون بعض انما تدل على عدم وجوب التسوية بينهم فهي انما تصلح لردّ ما نقل عن ابى الصّلاح هذا و اما الطعن في سندها كما في المدارك لاشتماله على ابنى فضال و هما فطحيان ففيه ان سند التهذيب و ان كان كذلك لكن الرواية في الكافي و سندها فيه صحيح و سند التهذيب ايضا موثق فهو مؤيد و مؤكد جدّا له فلا طعن فيها من جهة السّند اصلا و بما قررنا ظهر ان الظاهر في الامام هو وجوب البسط على الاصناف و لكن لا ثمرة في تحقيق ذلك و امّا في غيره فان كان فقيه في بلد يدفع اليه اهله جميع اخماسهم فالظاهر فيه ايضا وجوب بسطه على جميع الاصناف مع وجودهم فيه و الا فعلى الموجودين و اما من يدفع خمس ماله و الفقيه الذى قد يدفع اليه بعض الاخماس فالظاهر فيه جواز التخصيص بالبعض لكن الاحوط رعاية البسط ما استطاع هذا في البسط على الاصناف و امّا افراد صنف واحد فهل يجب البسط على جميعهم او تخصيص بعضهم به الظاهر في الامام وجوب البسط على جميع من حضر منهم للروايتين المذكورتين و كذا على فقيه يقسم جميع اخماس بلد بقدر ما امكن و امّا من يدفع اليه بعض الاخماس فالظاهر جواز التخصيص بل لا يمكن له البسط على الجميع في البلدان العظيمة لكن بسطه بقدر ما يستطيع احوط و المصنف في الدروس بعد ما ينظر في اعتبار تعميم الاصناف قال اما الاشخاص فيعم الحاضر و ظاهر وجوب البسط على الحاضرين و انت تعلم ان هذا في البلاد العظيمة لا سيّما في المساكين الّا للامام عليه السلام و ظاهر سياق كلامه ان ما ذكره في عد الامام فانه ذكر صورة وجود الإمام بعد ذلك و حكم فيها بانه يصرف الكل اليه فيعطى الجميع كفايتهم و الفاضل له و للعوز عليه ثمّ لا يخفى ان اعتبار تعميم الاصناف الحاضرين الظاهر من اعتبار تعميم الحاضرين صنف فما يظهر من كلامه من كون الامر بالعكس ليس بجيّد و قال في المبسوط و الظاهر يقتضى انه يفرق في جميع من تناوله الاسم في بلد الخمس كان و في غيره من البلاد قريبا كان او بعيدا الّا ان ذلك يشقّ و للاولى ان نقول يخصّ به من حضر البلد الذى فيه الخمس و لا يحمل الى غيره الا مع عدم مستحقه و لو ان انسانا حمل ذلك الى بلد آخر و وصل الى مستحقه لم يكن عليه شي ء الا انه يكون ضامنا ان هلك مثل الزكاة انتهى و كان كلامه في غير الامام و مراده ان الظاهر من الآية الكريمة تفريقه في جميع افراد الاصناف الا ان ذلك يشق و كان تتمة كلامه فالظاهر الاكتفاء بالبعض الا انه لم يذكر لانه الظاهر حيث لم يعين وجه آخر و قوله و الأولى

مسئلة اخرى و هى ان الأولى ان يخصّ به الحاضرين في البلد و لم ينقله و لكن لو نقله و وصل الى مستحقه في موضع آخر فليس عليه شي ء الا انه كان يضمنه لو تلف و كان من هذا ايضا يستنبط ما هو تتمة كلامه السّابق و انه هو ما ذكرنا فافهم ثمّ لا يخفى ان هذا كله في سهم الاصناف و الكلام هنا في حق الامام على رأى من جوّز صرفه الى الاصناف و على هذا فترديد الشارح بيّن و ان يرى البسط و غيره كانه باعتبار انه اذا جاز صرفه الى سبيل الاصناف على سبيل التتمة و اللازم عليه عليه السلام التتميم لكل من يبقى له تتمة فيحتمل ان يرى جواز صرفه في التتمة و لو للبعض لان وجوب اتمام الجميع عليه عليه السلام كان مقدورا له عليه السلام فاوجب عليه ذلك و امّا حقه من الخمس الذى يؤديه الفقيه فالغالب سيّما في بلاد العظيمة انه لا يفى بذلك فالظاهر انه يكفى فيه صرفه في التتمة في الجملة غاية الامر ان يستحب بسطه بقدر ما استطاع و رعاية المؤنة في التّخصيص باعتبار زيادة الاستحقاق و غيرها من المزايا و كان الثانى اظهر و اما على ما ذكرنا من تجويز الصّرف اليهم بناء على شهادة الحال برضائه عليه السلام بذلك فالظاهر جواز صرفه في كل مستحق من الذّرية او مطلقا بقدر ما احتيج اليه في سنة بشهادة الحال بالرضاء بذلك فلا وجه لاحتمال وجوب الاستيعاب نعم الظاهر ان رعاية البسيط او المزية يكون اولى و افضل فتأمل

قوله فاذا حضرته الوفاة إلى آخره

و على ما نقلنا من ابن البرّاج المعتبر كونه فقيها ايضا و هو احوط كما ذكرنا

قوله و ليس له اخراجه بنفسه الى الأصناف مطلقا

اى سوء وجد نائب الامام اولا فاذا لم يوجد يجب عليه الحفظ و الابداع على ما ذكره و قد عرفت ان هذا انما هو لو قيل بجواز الدفع لكونه اداء حق لازم عليه عليه السلام و اما اذا قيل بجواز دفعه بشهادة الحال برضاه فالظاهر جواز اخراجه بنفسه لكن الدفع الى الفقيه مع وجوده احوط لشهرة اشتراطه بين المحققين كالمحقق و العلامة و من تاخر عنهما

قوله فان تولاه غيره ضمن

فانه اذا لم يجز صرفه على ما اختاره فلا عبرة بصرفه فيكون ضامنا و يجب عليه اداء عوضه الى الامام عليه السلام او نائبه و امّا على احتمال جوازه على ما ذكرنا فلا ضمان و هو ظاهر لكن المشهور في المسالك قال انه لو تولى ذلك غيره كان ضامنا عند كل من اوجب صرفه الى الاصناف و اذا لا اعلم من اين حكم بذلك مع ان حديث الفقيه لم يذكر اصلا في المقنعة التى نقل فيها هذا القول و لا في الوسيلة التى حكم فيها بذلك و لا فيما نقل عن عبارة الرسالة الا ان تلك الرسالة ليست عندنا فربما كان ذلك في موضع آخر منها لكن المصنف في البيان افتى اوّلا بجواز صرف العلماء الى من يقصر حاصله من الاصناف بشرط استجماع صفات الحكم فيهم ثمّ قال بعد كلام و ظاهر المفيد في الغرية انه لا يشترط فيه الحاكم انتهى و لا ريب ان الاحوط ان لا يتولاه غير الفقيه مع وجوده

قوله حال الغيبة شي ء لغير فريقه

و هو الامام عليه السلام او من رأى نائبه و جواز دفعه اليه

قوله فتباح هذه الثلاثة مطلقا

اى بدون الصّرف الى النّواب و دفعهم او سواء كان مما فيه الخمس او مما كان جميعه حقهم عليه السلام او لكل الشيعة الفقراء منهم و الاغنياء

قوله الامة المسبية حال الغيبة

مع ان جميعها للامام عليه السلام على المشهور و بعضها على قول و لا يخفى انه على المشهور و هو من الانفال و المشهور فيها

ص: 330

على ما سيذكره الشارح اباحتها للشّيعة مطلقا سوى ميراث من لا وارث له فلا وجه لتخصيصها بالإباحة و ذكر العلّامة في المنتهى انه قد اباح الائمة عليه السلام لشيعتهم المناكح في حالتى ظهور الامام و غيبته و عليه علمائنا اجمع ثمّ قال و الحق الشيخ بها المساكن و المتاجر و قال في التذكرة و قد اباح الائمة عليه السلام لشيعتهم المناكح و المساكن و المتاجر في حال ظهور الامام و غيبته و لا يخفى انه على ما ذكره التخصيص بها تبعه اذ اباحة ساير الأنفال على المشهور مختص بزمان الغيبة و على هذا يمكن حمل قول المشهور مط على هذا التعميم اى سواء كان في حال الحضور او الغيبة ليوافق ما ذكره العلّامة و لا يشكل امر التخصيص لكن المحقق في الشرائع خصّ اباحة هذه الثلاثة بزمان الغيبة فانه قال ثبت اباحة المناكح و المساكن و المتاجر في حال الغيبة و ان كان باجمعه للامام عليه السلام او بعضه فلا يجب اخراج حصة الموجودين منه لكنه لا يظهر منه القول باباحة الانفال مطلقا حال الغيبة فيمكن ان لا يقول به فلا اشكال في التخصيص في كلامه و اما على القول الثانى فلا اشكال في الاستثناء فان المعروف بينهم استثناء هذه الثلاثة فقط في الخمس ثمّ ان مستندهم في استثناء المناكح مع الاجماع كما ادّعاه العلامة هو ما سيق من الرّوايات الدالة على التحليل للشّيعة لتطيب ولادتهم و لا يخفى انه لا اختصاص لها بزمان الغيبة بل يشمل زمان الحضور ايضا ثمّ انه على المشهور الامر ظاهر و اما على القول الآخر فهل يتعلّق التحليل بحقهم عليه السلام من الخمس فيها او يشمل حق البواقى ايضا ظاهر التعليل هو الثانى و قد عرفت انه لا بعد في ان يكون لهم عليه السلام الاختيار في امثال حقوق غيرهم ايضا لكن الحكم به لا يخلو عن اشكال لاحتمال ان يحمل التحليل في الاخبار على ما هو الظاهر في تحليل كل واحد و هو تحليل حقه لا حق شركائه ايضا لكن الظاهر من كلام العلماء اباحة الجميع فلو ثبت الإجماع على ذلك فهو يدل على كون الجميع لهم عليه السلام و ان لهم عليه السلام الاختيار في الجميع و اللّه تعالى يعلم

قوله و ثمنها و مهرها من الارباح

قلت لا يخفى ان الثمن و المهر المذكورين داخلان في المؤنة و قد استثنوا مطلق المؤنة كما سبق فلا ينبغى حمل المناكح المستثناة على حدّه على ذلك الا ان يقال باستثنائها مطلقا و ان لم يكن في عام الربح او زاد اللائق بحاله و هو غير معلوم فتأمل انتهى و الشارح على المالك فسر المناكح بالاول ثمّ ذكر هذا التفسير بعنوان انه ربما يفسّر به و قال هذا التفسير راجع الى المؤنة المستثناة و قد تقدّم الكلام فيها و انه مشروط بحصول الشراء و التزويج في عام الربح و كون ذلك لائقا بحاله و لا يخفى انه يظهر منه انه على التفسير يختص الاباحة بما اذا كان على الشرائط السابقة و لا يخفى انه على هذا يتجه عليه ما اوردنا لكن يمكن محل كلام من فسّر بذلك على استثنائها مطلقا و ان لم يكن على الشرائط السّابقة بناء على ظاهر التعليل الوارد في الاخبار فانه لو لا ذلك لم يعم طيب الولادة جميع الشيعة و فيه ان الأخبار المذكورة و التعليل الوارد و ان كان لهما ظهور في الجملة في اطلاق الإباحة من غير اشتراط لشرائط المؤنة المستثناة لكن يشكل الحكم به اذ لا يبعد جدّا فتنزيلها على التحليل باستثناء المؤنة لهم لئلا يتعسّر لهم طيب الولادة و لا يشيع الزنا فيهم لا التحليل لهم مطلقا بحيث ابيح لهم صرف حقهم عليه السلام فيها باى وجه اراد و ان لم يكن حاجة اليه اذ ليس لتلك الاخبار صراحة و لا ظهور تامة في ذلك و يكفى للامتثال المستفاد منها استثناء المؤنة و تحليلها فانّه منّة عظيمة و لا يقدح فيها عدم اطلاق التحليل و هو ظاهر و في الدروس بعد ما ذكر اقسام الخمس ذكر ان الانفال للامام عليه السلام وعدها ثمّ قال و لا يجوز التصرف في حقه بغير اذنه و في الغيبة تحل المناكح كالأمة المسبيّة و لا يجب اخراج خمسها و ليس من باب تبعيض التحليل بل تمليك للحقيقة او للجميع من الامام و الاقرب ان مهور النساء من المباح و ان تعددن و رواية السّالم ما لم يؤد الى الاسراف كاكثار التزويج و التفريق انتهى و انت تعلم ان ظاهره اباحة ذلك من جميع حقوقهم عليه السلام من غير اختصاص كما ذكره الشارح هاهنا و هذا ظاهر كلام العلامة ايضا في هى و كرة و على هذا فلا يرد عليهم ما اوردنا على تفسير الشارح هاهنا و يظهر ايضا مما نقلنا عن س انه لا اختصاص للمناكح المستثناة بما يكون بقدر المؤنة المعتضدة بل يشمل الزائد عليها ايضا ما لم يؤد الى الاسراف و بهذا ايضا يندفع الايراد المذكور عنه كذا في احتجاجه على ذلك برواية سالم تامّل فانها رواية ابى سلمة المتقدمة في بحث التحليل و هى كما ترى ممّا لا تدل الا على تحليل خادم يشتريها او امراة يتزوجها و لا ظهور لها في تحليل المتعددة ايضا فالأولى الاحتجاج له بالرّوايات المشتملة على التحليل المذكور خصوصا حسنة فضل المتقدمة لعموم قوله عليه السلام فيها انّا احللنا امّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا فتدبّر

قوله و من الثانى ثمن المسكن منها ايضا

يرد عليه ايضا ما اوردنا على سابقه فان ثمن المسكن ايضا من المؤنة المستثناة فلا وجه لاستثنائه على حدة الا ان يقال فيه ايضا مثل ما قلنا هناك من عدم اشتراط شرائط المؤنة فيه او قيل بعدم الاختصاص بالارباح كما ذكره الشارح فيه بل اباحته ممّا فيه الخمس من غيرها ايضا كما هو ظاهر كلام العلّامة في المنتهى و كرة حيث اطلق اباحة هذه الثلاثة في حالتى ظهور الامام و غيبته و لم يقيد بكونها من الارباح و الشارح في المسالك فسر اوّلا المساكن مما يتخذه منها في الارض المختصّة به عليه السلام كالمملوكة بغير قتال و رءوس الجبال قال و هو مبنى على عدم اباحة مطلق الانفال حالة الغيبة ثمّ ذكر هذا التفسير و قال و هو راجع الى المؤنة ايضا كما مرّ انتهى و على ما نقلنا عن العلامة من اباحة المساكن حالة الغيبة و الحضور جميعا لا حاجة الى بناء التفسير الاول على ما ذكره فان اباحة الانفال على القول بها انما هى في حال الغيبة و لا يشمل حالة الحضور فيصحّ استثناء المساكن منها و قال في الدروس بعد ما نقلنا عنه في المناكح و محل المساكن امّا من المختص بالامام عليه السلام كالتى انجلى منها الكفار او من الارباح بمعنى انه يستثنى من الارباح مسكن فما زاد مع الحاجة و لا يخفى ان ظاهره تخصيص الاباحة بحالة الغيبة و صريحة يخصّصه بالارباح فلا بد من جعله بناء كل من التفسيرين على ما ذكره في المسالك فكان نظر الشارح اليه هذا و اما حجتهم على هذا الاستثناء فهي على ما في هى روايتا ابى خديجة سالم بن مكرم و الحرث بن المغيرة البصرى المتقدّمتان و انت خبير بان الأولى لو دلت لا تدل الا على الاباحة الخمس من الارباح فتشمل ما يشترى به المسكن منها و لا اختصاص لها بالمساكن فلا حجة فيها للتفسير الاوّل و انما تصلح حجة بعمومها للتفسير الثانى و لكن لا تظهر منها التّقييد بمعنى الحاجة على ما نقلنا عن س بل اذا دلّ على اباحة الخمس منها مطلقا فلا اختصاص لها بالمساكن فضلا عما يحتاج اليها منها و امّا الرواية الثانية فهي تدل امّا على اباحة خمس الارباح مطلقا او خصوص المناكح او على اباحة مطلق حقوقهم عليه السلام للشيعة فلا يظهر منها شي ء لخصوص المساكن فالاستدلال بها لإباحة خصوص المساكن ليس بشي ء و كذا ساير الرّوايات المتقدمة في بحث التحليل سوى رواية ابى سيّار فان فيها و كلما كان في ايدى شيعتنا من الارض فهم محلّلون الى ان يقوم فانه يدلّ على تحليل ما في ايدى الشيعة من الارض حالة الحضور و الغيبة الى قيام القائم عليه السلام لكن لا اختصاص لها بالمساكن بل تشتمل اراضي الزراعة و غيرها ايضا فتدبّر

قوله و من الثالث الشراء ممن لا يعتقد الخمس

كالمخالفين او ممن لا يخمس و نحو ذلك

ص: 331

كسائر الانتقالات غير الشراء و في المسالك جعل اوّلا المراد بالمتاجر ما يشترى من الغنائم المأخوذ من اهل الحرب حالة الغيبة و ان كانت باسرها او بعضها للإمام ثمّ ذكر بعد ما ذكره هاهنا من الشراء ممن لا يعتقد الخمس و لا يخفى ان الاول على القول الاول من الانفال فلو حمل الاستثناء عليه فلا بدّ من جعل بنائه على رأى من لا يقول باباحة الانفال حالة الغيبة كما ذكرنا في تفسيره الاوّل للمساكن و امّا على القول الثانى فيتجه استثنائه و يمكن جعل ما ذكره هاهنا شاملا له ايضا فان الشراء من تلك الغنيمة الذى استثنى امّا ممن لا يعتقد الخمس او ممن لا يخمس اذ لو كان ممن يعتقد الخمس فلا يتجه الاستثناء اذ لا مجال لتوهم عدم صحة الشراء منه حتى يحتاج الى الاستثناء كسائر ما يشترى منه مما اخذه من المعدن و نحوه هذا ثمّ ان حجتهم على هذا الاستثناء ايضا على ما في هى هى المتقدّمتان فان قوله في رواية سالم او تجارة يشمل ما يشترى من الغنائم المذكورة ما يشترى ممّن لا يعتقد الخمس او لا يخمس جميعا و قوله او لا خادما يشتريها صريح في الخادم و يشمل القسمين و قوله في رواية الحرث و تجارات ايضا يشمل القسمين ثمّ قوله عليه السلام فهم في حلّ مما في ايديهم من حقنا عام في جميع حقوقهم لكن قد عرفت انه يمكن تخصيص الاوّل بما يتعلق بالولادة بقرينة التحليل و حمل الحق المضاف على المعهود المذكور و يؤيده رواية ابى بصير المتقدمة من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره اليه اشترى ما لا يحل له بالجمع بينهما بتخصيص المذكور في الاولى و حمل الثانية على غيرها و يمكن الاحتجاج ايضا لاستثناء المتاجر برواية يونس بن يعقوب المتقدمة لاشتماله على التجارة صريحا لكن قد عرفت اختصاصها بكل زمان يكون مثل زمانه عليه السلام و هو غير معلوم لنا و كون كل زمان قبل ظهور القائم عليه السلام مثله غير ظاهر فتذكر و قال الشارح في المسالك و قد علّل اباحة هذه الثلاثة من الاخبار بطيب الولادة و صحة الصّلاة و حمل المال و انا لم اقف فيها على التعليلين الآخرين و هو اعلم بما قال و اعلم ان الظاهر ان مرادهم بالمناكح هو ما ذكره الشارح اوّلا و بالمساكن ايضا هو ما نقلنا عن المسالك اولا و ما ذكره من كونه مبنيّا على عدم اباحة مطلق الانفال كك لكن كون المشهور منهم اباحة الانفال مطلقا كانه ليس كذلك المشهور هو اباحة التصرّف في خصوص الاراضى الموات و ما يتعلق بها و نحوها من رءوس الجبال و بطون الأودية و ما يوجد فيها من الاشجار و نحوها و اما الغنيمة بغير اذنه فليس المشهور فيه على تقدير كونه من الانفال هو كذلك بل المشهور منهم اباحته منها هو المناكح و المساكن اما الاول فلكثرة الروايات الدّالة عليه و التعليل الوارد فيها لظهورهما انه لولد اباحتها و لم تحل المسبيّة بدون اذنها مع كونها بكلها او بعضها حق الامام و يوجب ذلك شيوع الزّنا فهم عليه السلام اباحوا ذلك تفضّلا على الشيعة و ضامنهم عليهم و اما الثانى فكان مستندهم فيه لزوم العسر و الحرج لو لا اباحة اذ كثير من البلاد مما فتحت بدون اذنهم عليه السلام فيكون كلّها او بعضها لهم فلولا اباحتهم المساكن يلزم ان لا يجوز سكناها و لا تصح الصّلاة فيهما و الظاهر انه عسر و حرج على اهلها اذ لا تيسّر لهم تركها و انجلاء منها و كذا على من غيرها و اما تفسيرهما بما يرجع الى المؤنة فليس بشي ء لاستثنائهم المؤنة على حدة و حمله على استثناء ما زاد على الاقتصار ايضا فيهما مع عدم الاشعار به بعيد و مع ذلك فلا دليل لهم على ذلك لا سيّما في الثانى هذا و اما المتاجر فالظاهر ان المراد بها هو ما يشترى من الغنائم حالة الغيبة و كذا ممن لا يعتقد الخمس اذ لا تريهم مستندهم فيه مع ما اشرنا اليه من الروايات لزوم العسر و الحرج ايضا على تقدير عدم اباحته لظهور ان في المنع من شراء هذه كلها و كذا ما حكم الشراء من الانتقالات حرجا عظيما فنفيها في الشريعة السّمحة السّهلة دليل على اباحتهم عليه السلام لها ثمّ ان استثناء الاوّل مشهور جدا و لا يبعد ان يكون مجمعا عليه كما نقلنا عن هى لشذوذ المخالف و ندوره و اما الاخيران فليس بمشهور بها بتلك المرتبة بل ظاهر كلام المفيد هو استثناء المناكح فقط فانه في المقنعة بعد ما اورد طرفا من الرّوايات الدالة على التحليل و الرّوايات المعارضة

كما نقلنا قال و اعلم ارشدك اللّه انّ ما قدمته في هذا الباب من الرّخصة في تناول الخمس و التّصرف فيه انما ورد في المناكح خاصة للعلّة التى سلف ذكرها في الآثار عن الائمة عليه السلام لتطيب ولادة شيعتهم و لم يرد في الاموال و ما اخترته عن المتقدّمة مما جاء في التشديد في الخمس و الاستبداد به فهو مختص بالاموال و الشيخ اضاف المساكن و المتاجر ايضا فانه في المبسوط بعد ما ذكر الانفال و عدّدها و انه يختص بالنّبى صلّى اللّه عليه و آله و بعده للامام عليه السلام في كل عصر قال و لا يجوز التّصرف في شي ء من ذلك الا باذنه ثمّ قال هذا اذا كان في حال ظهور الامام عليه السلام و انبساط يده و اما في حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التّصرف في حقوقهم فيما يتعلق بالاخماس و غيرها مما لا بدّ له من المناكح و المتاجر و المساكن فامّا ما عدا ذلك فلا يجوز التّصرف فيه على حال و ما يستحقونه من الاخماس في الكنوز و المعادن و غيرهما في حال الغيبة فقد اختلف اقوال الشيعة فيه الى آخر ما نقلنا عنه عند نقل كلامهم في الخمس حال الغيبة و مثله في ية ايضا و لا يخفى انه صريح في اختصاص التحليل بالثلاثة و انه ليس عاما في الأنفال و كان في قوله مما لا بدّ منه اشارة الى ما ذكرنا من ان التحليل في الثلاثة لانها لا بدّ منها للانسان و لو لا اباحتهم لها للشّيعة لزم عليهم العسر و الحرج المنفيان و قال ابن ادريس في السرائر و قد رخّصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلّق بالاخماس و غيرها مما لا بدّ لهم من المناكح و المتاجر و المراد بالمتاجر ان يشترى الانسان ممّا فيه حقوقهم عليه السلام و يتّجر في ذلك و لا يتوهّم متوهم انه اذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس فليحصل ما قلناه فربما اشبه انتهى و فيه تصريح بانه يكفى في كونها ممّا لا بدّ منه حاجتهم اليه في التجارة و يحصل الربح فان ذلك امر لا بد منه لكثير من الناس و هو جيد و قال المحقق في المعتبر و في حال الغيبة لا باس بالمناكح به و قال المفيد و الحق الشيخ المساكن و المتاجر اما المناكح فلانها مصلحة عامة يعسر التفصى عنها فوجب في نظرهم عليه السلام الاذن في استباحة ذلك من دون اخراج حقهم لا بمعنى ان الواطى يطأ الحصّة المختصّة بالاباحة بل ان الذى يجب عليه الخمس يجوز ان يخرج القيمة فكان الثابت في الذمة هو قدر قيمة الحصّة فاذا عفى الامام ملك الحصّة مالك الامة و وطى ما للملك التام ثمّ استدل بالرّوايات المنضمة لإباحة المناكح ثمّ قال و امّا المساكن و المتاجر فربما يكون الشيخ قد اعتمد على رواية مسمع بن عبد الملك و رواية سالم بن مكرم و لا يخفى ان ظاهر هذا الكلام توقيعه في المساكن و المتاجر و اما اباحة الانفال مطلقا فليس في كلامه اصلا و كلام العلامة في المنتهى قريب من كلام المعتبر في المناكح الا انه اضاف اليه دعوى اجماع العلماء عليه ثمّ قال و الحق الشيخ به المساكن و المتاجر ثمّ قال و الدليل على الاباحة رواية سالم بن مكرم و رواية الحرث بن المغيرة النضري و يظهر منه ميل الى الحاق المساكن و المتاجر ايضا و لا يخفى ان الروايتين المذكورتين تخصان بالمتاجر و لا دلالة فيهما على المساكن اصلا فينبغى ان يذكر لها رواية مسمع كما نقلنا عن المعتبر فانّ فيها اباحة الارض و لكنها مطلقة و لا اختصاص لها بالمساكن و اما الحكم باباحة الانفال مطلقا حال الغيبة فليس فيه ايضا و قال في التذكرة و قد اباح الائمة عليه السلام لشيعتهم المساكن و المناكح و المتاجر حال ظهور

ص: 332

الامام عليه السلام و غيبته لعدم امكان التخلّص من الاثم بدون الإباحة و ذلك من اعظم من اقوى الحاجة و لقول الصّادق عليه السلام و نقل رواية الفضيل المتقدمة ثمّ قال و امّا المتاجر فقال ابن ادريس المراد بها ان يشترى الانسان ما فيه حقوقهم عليه السلام و يتجر ذلك و لا يتوهم اذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس ثمّ نقل رواية الحرث بن المغيرة المتقدّمة و لا يخفى انه يظهر منه الفتوى بالثلاثة و ان اعتماده فيه على ما استدل به اوّلا و لذا لم ينقل من الرواية ما يدل على المساكن ثمّ انه ليس فيه ايضا حديث اباحة الأنفال مطلقا حال الغيبة ليس بمعروف بينهم و لا ممّا ذهب اليه الاكثر نعم هو ظاهر المصنف في البيان فانه بعد ما عدا الانفال قال و لا يجوز التصرّف في شي ء من ذلك بغير اذنه فلو تصرّف متصرف اثم و ضمن و مع الغيبة فالظاهر اباحة ذلك لشيعته و هل يشترط في المباح له الفقر ذكره الاصحاب في ميراث فاقد الوارث امّا غيره فلا و لا يخفى ان اباحة جميعها و كذا في الدروس فانه قال و الاشبه تعميم الإباحة الانفال حال كالتّصرف في الارضين الموات و الآجام و ما يكون بها من معدن و شجر و نبات لفحوى رواية يونس و الحرث نعم لا يباح الميراث الا لفقراء بلد الميّت فان ظاهره ايضا تعميم الاباحة حيث استند بالروايتين و ظاهرهما عموم الاباحة لم يقيدها بقسم خاص و لكن ليست صريحة فيه قد يظن لقوله تعميم الاباحة فان الظاهر بقرينة اخرى كلامه انه ليس المراد تعميم الاباحة بالنسبة الى جميع اقسامها بل تعميمها فيما ابيح بالنسبة الى الفقير و الغنى جميعا ثمّ على انى وجه حمل كلامه فالظاهر انه ليس مراده بالفحوى ما هو المصطلح فيه اى المفهوم الموافق اذ ليس فحوى في الروايتين يدلّ على ما ذكره بل اراد به المفهوم الظاهر فان ظاهر الرّوايتين التعميم الى الغنى و الفقير و كذا بالنسبة الى جميع حقوقهم فقد ظهر مما تلونا عليك ان استثناء الثلاثة هو المشهور بينهم بخلاف تعميم اباحة الانفال فاستثناؤها في كلام كل من ذكره لا باس بان يحمل على ما يخص بالانفال فان قال بتعميم الاباحة فيها اذ يمكن ان يحمل ذلك على ثبوت ذلك الاستثناء مع قطع النظر عن مذهبه ايضا و لذا ان المصنف ايضا في الدروس حكم باستثناء الثلاثة و فسر المناكح بكل من التفسيرين و كذا المساكن ثمّ ذكر بعد ذلك ما نقلنا عنه من كون الاشبه تعميم الإباحة مثله في البيان ايضا فتدبّر

قوله لانه قول جماعة من الاصحاب

الّذى وقفت به من القائلين به و هو ابو الصّلاح على ما نقل عنه و هو انه قال و يلزم من يعين عليه شي ء من اموال الانفال ان يضع به ما بيّناه في شطر الخمس لكون جميعها حقا للامام عليه السلام فان اخل المكلف مما يجب عليه من الخمس و حق الانفال كان عاصيا للّه سبحانه و مستحقّا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم الى ظالمى آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و اجّل العقاب لكونه مخلّا بالواجب عليه لأفضل مستحق و لا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها لان فرض الخمس و الانفال بنصّ القرآن و الاجماع من الامّة و ان اختلف فيمن يستحقه و لإجماع آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله على ثبوته و كيفية استحقاقه و حملهم اليهم و قبضهم اباح و مدح مؤديه و ذمّ المخل به و لا يجوز الرّجوع عن هذا المعلوم بشاذّ الاخبار انتهى و لا يخفى ان استثناء المناكح الرّوايات فيه مستفيضة و لو لم يثبت الاجماع عليه فلا اقل من الشهرة العظيمة فلا باس بالمصير اليه و اباحتهم عليه السلام لها لا ينافى ما يدل على الوجوب من الكتاب و الاجماع بل يؤكده و كيف يتمسّك بالاجماع على المنع مع انه لو لم يثبت الاجماع على خلافه فلا ريب في عدم وجود الإجماع عليه بل الشهرة العظيمة في خلافه و امّا المتاجر و المساكن فاستثناؤهما ايضا و ان لم يكن ظهوره في تلك المرتبة لكن قد ظهر لك ظهورهما ايضا و ليس فيه ايضا ما ينافى الكتاب و الاجماع حتى لا يمكن الحكم بالظهور لكونه مخالفا لهما هذا و لعل في المعتبر عن ابن الجنيد انه قال لا يصلح التحليل الا لصاحب الحق في زمانه ان لا يسوغ تحليل ما يملكه غيره و قال و هذا ليس بشي ء لان الامام عليه السلام لا يحلل الا ما يعلم ان له الولاية في تحليله و لو لم يكن له ذلك اقتصر في التحليل على زمانه و لم يقيده بالدوام و يؤيد ذلك ما رواه ابو خالد الكابلى قال قال ان رايت صاحب هذا الامر يعطى كل ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلن قلبك شي ء فانه انما يعمل ما مرّ اليه انتهى و لا يخفى ان ظاهر ما نقله اختصاص التحليل بزمان امام نقل منه التحليل و لا يشتمل بعده كزمان الغيبة اذ لم ينقل تحليل عن صاحب الامر فيه و ما اورده عليه السلام متجه و لكن العلّامة في المختلف نقل عن ابن الجنيد انّه قال و تحليل من لا يملك جميعه عندى غير مبرئ من وجب عليه حقّ منه لغير المحلل لان التحليل انما هو مما يملكه المحلل لا مما لا يملك و انما اليه ولاية قبضه و تفرقته في اهله الذى سمّاه اللّه لهم انتهى و لا يخفى ان ظاهر هذا الكلام غير ما نقله المحقق فان ظاهر هذا اختصاص التحليل منهم عليه السلام بما هو حقهم و عدم شموله لسهام البواقى ايضا لاختصاصه بزمان المحلّل و عدم شموله لما بعده كما هو ظاهر ذلك الكلام فالظاهر ان كلا من الكلامين كان في كلام ابن الجنيد او ان في احد النقلين وقع خطأ و كيف ما كان فلا يتجه على هذا الكلام منه ما نقلنا عن المحقق و في المختلف فقد عنه الاحتجاج بان التحليل يكون مما يختصّ بالمحلّل ان لا يسوغ تحليل ما ليس بمملوك اذ هو تصرّف في ملك الغير بغير اذنه و اجاب بان الامام عندنا معصوم و قد ثبت اباحة ما اباحوا مطلقا و هو لا يفعل غير السائغ فوجب ان يكون سائغا و لا نم ان باقى الاصناف يملكون النصف من الخمس ملكا مستقرّا و انما الآية سيقت لبيان المصرف فله عليه السلام التصرف فيه بحسب ما يراه من المصالح انتهى و لا يخفى انه لو ثبت بالروايات السابقة شمول التحليل للسهام الباقية ايضا فما ذكره العلّامة متجه اذ الامام عليه السلام لا يفعل غير السائغ فيعلم منه ان في الامتياز في امثال ذلك و الا لم يقع التحليل لكن في ثبوت ذلك تامّل اذ لا يبعد ان يقال ان الاخبار المذكورة لا يظهر منهما الا تحليل حقهم عليه السلام اذ الظاهر من تحليلهم هو تحليل حقهم عليه السلام لا تحليل حق الشركاء ايضا لكن التحليل المذكور في المناكح ظاهرة الشمول للجميع فلا يبعد الحكم به فيها لاحتمال ما ذكرنا من الاخبار لهم او لان يكون ما وقع من السّبى بغير اذنهم كله للامام عليه السلام كما هو المشهور فيكون تحليل الجميع تحليل حقهم عليه السلام و امّا المتاجر فشمول

الاخبار المذكورة فيها للجميع لا يخلو عن ظهور لكن الحكم به لا يخلو عن اشكال و الاحوط أداء سهامهم فيما يشترى مما فيه الخمس مما لا يعتقد الخمس او علم عدم ادائه و امّا المساكن فلا يخفى ان ظاهره عليه السلام في حسنة مسمع و كلما كان في ايدى شيعتنا من الأرض فهم فيه مجلّلون عموم التحليل لا تحليل خصوص حقهم و ما ذكرنا من لزوم العسر و الحرج في خلافه كانه ايضا يأتى في الجميع ممن استند اليهما في استثناء المساكن فينبغى له استثناء الجميع على ان عامة الاراضى كلها للامام عليه السلام اذ الموات من جميعها له عليه السلام و رخّصوا للشيعة حال الغيبة احيائها و التّصرف فيها تصرّف المالك و ما سلمت الى المسلمين و طوعا ايضا كلها للامام و ما فتحت عنوة بغير اذنه عليه السلام كما هو الظاهر في اكثر بلاد الاسلام فالمشهور فيها ايضا كما عرفت كون كلّها للامام عليه السلام نعم على القول الآخر يكون له شركاء فيها فلا يبعدان يحمل الخمسة المذكورة على اختياره عليه السلام في مثل ذلك او يكون مؤيدة للقول المشهور و امّا ما فتحت عنوة في عهد النّبى صلّى اللّه عليه و آله او بعده باذن المعصوم لو وقع ذلك التى حكموا فيها بكونها للمسلمين بعد الخمس فقد عرفت ان فيها احتمالين احدهما ما نقلناه عن المسالك و المدارك و هو ظاهر ان يضرر عنها الخمس لأربابه و يكون الباقى لجميع المسلمين اى يكون في يد

ص: 333

الوالى و يصرف نمائها في مصالح المسلمين و الثانى ما نقلناه عن التحرير ان يبقى الخمس فيها مشاعا و يقسم الوالى خمس نمائها بين ارباب الخمس و يصرف الباقى في المصالح المذكورة و على الاوّل لا اشكال اذ الخمس قد افرز منها و الباقى مصرفها مصالح المسلمين فلعلهم رأوا المصلحة في تحليل ما في ايدى الشيعة لهم او لما ورد في الرّوايات الاخرى من انه اذا ظهر الحقّ لأصابهم اكثر مما في ايديهم و امّا على الثانى فيكون الخمس في كل ارض منها فلا بد من حمل التحليل في كلها كما في ظاهر الحسنة كما ذكرنا من اختيارهم عليه السلام في مثل ذلك و اعلم ان هذا كله حق ان علم كونها عامرة في حال الفتح و امّا فيما لم يعلم ذلك و احتمل كونها مواتا في ذلك الوقت و احياها بعد ذلك محيى و كان في يد احد بعنوان الملك فالظاهر جواز بيعها و شرائها بمجرد الاحتمال المذكور و على هذا فلا اشكال في شي ء من اراضي البلاد المفتوحة في الازمنة السابقة اذا كانت في يد واحد و ادعى ملكيّتها لقيام ذلك الاحتمال فيها اذ في كل قطعة يأتى احتمال ان يكون مواتا حال الفتح و ان كانت في وسط البلد المفتوح كذلك و احياها محا بعد ذلك و صارت ملكا الى ان انتقلت اليه و ايضا في البلاد المفتوحة باذن المعصوم احتمل بناء على الاحتمال الاول من الاحتمالين المذكورين فيها ان يكون هذه القطعة من الخمس المؤدى الى احد من اربابه و بقي ملكا الى ان انتقل اليه و مجرد الاحتمال كاف كما ذكرنا نعم لو فرض في زماننا فتح بلدة عنوة ينافى الاشكال المذكور في تحليل حصر حصة غير الامام لو قيل بذلك و لا بد ان يتمسّك بظاهر الحسنة كما ذكرنا و الأولى رعاية الاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله و الظاهر الاول

و يمكن ان يقال ان عدم تعرضه لها لان تفسير الاولين بما يكون من الخمس رجع بها الى استثناء المؤنة و قد ذكره فلا حاجة الى التعرض و اما في الثالث فالتفسير الذى ذكره الشارح لا حاجة ايضا استثنائه في كلام المصنف لان كلامه في الخمس الذى وجب على احد ابتداء و جواز الشراء ممن لا يعتقد الخمس او لا يخمس مسئلة اخرى و هو في هذا المختصر كثيرا ما يترك مثلها من الفروع و امّا تفسير انها الاخرى فهي متعلقة بالأنفال و المصنف هاهنا اقتصر على عدها و لم يتعرض لحكم لها اصلا فليكن هذا ايضا من ذلك فافهم

قوله لانه نقل في البيان اطباق الاماميّة

ذكر هذا في الرّد على ابن الجنيد فانه بعد ما ذكر انّه رخّص حال الغيبة الثلاثة قال و قول ابن الجنيد بان الاباحة انما هى من صاحب الحق في زمانه عليه السلام فلا يباح في زماننا ضعيف لان الروايات ظاهرها العموم و عليه اطباق الامامية و ظاهر ان مراده اطباق الإمامية على كونها للعموم في جميع الازمان اذ لم يظهر منهم مخالف في ذلك اذ من عمل منهم بها عمل بها في جميع الازمان و لكن حملوها على التحليل للشّيعة مطلقا او في خصوص الارباح او في خصوص الثلاثة و من ردها منهم ايضا حملها على العموم في جميع الازمان و ردها بزعم منافاتها للقرآن و الاجماع فيخصّصها بزمان المحلّل كما فعله ابن الجنيد خلاف ما اطبقوا عليه و على هذا فكانه لا يحتاج الى الاعتداد الذى ذكره الشارح اذ لا يظهر مخالف لما ذكره حتى يقال انه لم يعبأ به لشذوذه من الهاشميّين هنا ثلاث مقامات اوّلها ان هذه الثلاثة ليست على عمومها بل لا بدّ من تخصيص فيها و ثانيها انها تخصيص بالهاشميّين و لا يشركهم المبطلون ايضا الثالث ان الهاشمى من انتسب الى هاشم بالاب فلا يكفى الانتساب اليه بالأمّ اما الاول فهو المعروف بين الاصحاب و الجمهور قاطبة على خلافه و انه يشرك اليتامى و المساكين و ابناء السّبيل من كلّ الناس و لا اختصاص بطائفة خاصة و نقل عن ابن الجنيد من اصحابنا انه يقدم الهاشميون المطلبون منهم على غيرهم لكن اذا فضل منهم يصرف في الاصناف الثلاثة من غيرهم و احتج العلامة في المنتهى لأصحابنا في مقابل قول الجمهور بان حق الخمس عوض عن الزكاة فيصرف الى من منع منها فبان لبنى هاشم مشرفا على غيرهم فيخصون بالأشراف كما اختص غيرهم بالأدنى و بانّ اهتمام النّبى صلّى اللّه عليه و آله غير حال ببنى هاشم امم من اهتمامه لغيرهم لقربهم و شرفهم فلو شاركهم غيرهم لكان الاهتمام بغيرهم اتم او قد اختلفوا بالزكاة و مشاركوهم في الخمس و لا يخفى ضعف الوجوه و عدم صلاحيّتها لتاسيس الحكم بها ثمّ قال و يؤيده ما رواه الشيخ عن زكريا بن مالك الجعفى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و ذكر الرّواية المتقدمة عنه في بحث تقسيم الخمس الى السّتة و كذا مرسلة عبد اللّه بن بكير و مرفوعة احمد بن محمد المتقدمتين هناك و مثلها مرسلة حماد بن عيسى المتقدمة هناك ايضا لكنه لم يذكرها و ذكر ايضا رواية سليم بن قيس الهلالى عن امير المؤمنين عليه السلام قال سمعت يقول كلاما كثيرا ثمّ قال و عصم من ذلك كلّه سهم ذى القربى الذى قال اللّه تعالى إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعٰانِ نحن و اللّه عندى بذوى القربى و الذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيه فقال فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منا خاصة و لم يجعل لنا في سهم الصّدقة نصيبا اكرم نبيه و اكرم منا ان يطعمه اوساخ ايدى الناس و هذه الرّوايات و ان يصح اسنادها لكنها مع الشهرة العظيمة بين الاصحاب التى كاد ان يكون اجماعا منهم كانها يكفى الأسناد و يؤيّدها ايضا رواية في عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ قال هم قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الخمس للّه و للرّسول و لنا مستند الجمهور عموم الآية الكريمة و الجواب لنا ان تخصيصه مما نقلنا من الرّوايات و تلك الشهرة بين اصحابنا على انه يمكن ان يكون الام و الاضافة فيها للعهد و يكون المعهود هو ما اخبر عنه في تلك الروايات و لا يخفى ان صحيحة ربعى المتقدمة في الاحتجاج للتقسيم الى الخمسة ايضا لا يخلو عن ظهور في العموم في الثلاثة فالامر فيه اسهل مما في الآية الكريمة كما لا يخفى و اما قول ابن الجنيد فلا يظهر لنا حجة لما ذكره التفصيل و قال في المنتهى بخلاف ابن الجنيد لا يعتدّ به اذ لا نعرف له موافقا لنا و امّا المقامات الآخران و تفصيل القول فيهما على اشهر القولين متعلق بكلا الفرعين لأنه خير من الاشتراك قلت هذا في الاشتراك اللفظى ممنوع و اما في المعنوى اذ في المشترك المعنوى فلا فلعل ما يكن فيه من قبيل الثانى الا ان يدعى ثبوت استعمال اهل اللغة الهاشمى مثلا في المنتسب بالاب بخصوصه فيكون حقيقة فيه بخصوصه و حينئذ فلا مجال للاشتراك المعنوى لم يكن اللفظ

حقيقة لكن تحققه في ضمن هذا الفرد لكن اثبات هذا الدعوى مشكل جدّا فكان الغلط نشأ من اشتراك اللفظ فافهم انتهى ثمّ لا يخفى انه ليس في شي ء من الروايات التى يمكن الاحتجاج بها لاختصاص حديث للهاشمى و الاختصاص به سوى مرسلة حماد و هى صريحة في المط كما سنذكره فلا حاجة فيه الى تحقق معنى الهاشمى و اما الروايات الاخرى فليس فيها حديث الهاشمى اصلا بل مرسلة ابن ابى بكير و مرفوعة احمد بن محمد تدلان علىّ الاختصاص مال الرّسول فينبغى تحقيق ان آله صلّى اللّه عليه و آله هل يختصّ بالمنتسبين الى الهاشم بالاب او يشمل المنتسب اليه بالأم ايضا بناء على ما ورد في الرّوايات من الخاصة و العامة بمنع بنى هاشم كما وقع في ظرف او منع بنى عبد المطلب كما وقع في ظرف آخر من الزكاة و كان معلوما عندهم ان الخمس عوضا عن الزكاة و على هذا فان اختصّ بنو هاشم او بنوا عبد المطلب بالمنتسب اليهما بالاب اختص ايضا الخمس بهم و ان شمل المنسوب اليهما بالأم ايضا

ص: 334

مشتركة في الخمس فلا بد من تحقيق الهاشمى و نحوه كما فعلوه و بعد تحقيق ذلك يظهر معنى الأول و ما في معناه ايضا الواردة في الرّوايات المذكورة فتدبّر

قوله و في الرواية عن الكاظم عليه السلام ما يدلّ عليه

و هى مرسلة طويلة من حماد بن عيسى و سندها الى حماد ضعيف جدا في التهذيب و لكن في الكافي حسن بإبراهيم بن هاشم و على هذا فلا باس بغير الارسال و عندهم يتخيّر ذلك باشتهار العمل بها بين الاصحاب على ان حماد اعلى ما ذكره الكشى ممن اجمعت العصابة و هذا ايضا يحتمل جبر ارساله به بناء على ما هو ظاهره هذا ثمّ انّ فيها بعد ما ذكر من ان ثلاثة اسهم و هى نصف الخمس كملا للامام و نصف الخمس الباقى بين اهل بيته سهم لأيتامهم و سهم لمساكينهم و سهم لابناء سبيلهم و انه يقسم على الكفاف و السّعة على ما فصل فيها قال و هؤلاء الذين جعل اللّه لهم الخمس هم قرابة النّبى صلّى اللّه عليه و آله الّذين ذكر اللّه عز و جل قال اللّه تعالى وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و هم بنو عبد المطلب انفسهم ذكر الذكر و الأنثى منهم ليس فيهم من اهل بيوتات قريش و لا من العرب احدا و لا فيهم و لا منهم في هذا الخمس مواليهم و قد تحلّ صدقات الناس لمواليهم هم و النّاس سواء و من كانت من بنى هاشم ابوه من ساير قريش و ان الصّدقة تحل له و ليس له من الخمس شي ء لان اللّه يقول ادعوهم لآبائهم الحديث و لا يخفى صراحته في المط و لكن التوقف فيه باعتبار السّند و اما الاشتهار بالآية الكريمة لو لم يثبت كونه من الامام فليس بشي ء يمكن التعويل عليه كما لا يخفى على المتامّل

قوله و على الثانى اصالة عدم الاستحقاق

فيه تأمّل فان ظاهر الآية الكريمة استحقاق جميع اليتامى و ابناء السّبيل فلا يختصّ الا بما ثبت استحقاقه و هو غير الهاشمى و المطّلبى للاجماع عليه فيبقى المطلق تحت العموم لعدم اجماع فيه فالاولى الاقتصار في الاحتجاج على ما دل على عدمه من الأخبار مثل مرسلة بن حماد المتقدمة آنفا فانها صريحة في الاختصاص ببنى عبد المطلب فلا يدخل بنو المطلب و مثل الرّوايات الواردة بمنع الزكاة فانها انما وردت بمنع بنى هاشم كما في بعضها او بنى عبد المطلب كما في بعض آخر و على هذا ظاهرها اختصاص المنع بهم و عدم شموله لغيرهم اصلا فلا يشمل بنى المطلب و بضميمة ما ذكرنا آنفا من ان الخمس انما هو عوض الزكاة يثبت اختصاصه بهم و عدم شموله للمطلبى

قوله و استضعافا لما استدل به القائل منها

اى من الاخبار فانه استدلّ بما رواه الجمهور عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال انا و بنو المطلب لم تفرق في جاهلية و لا اسلام و مشبّك بين اصابعه و بما رواه ايضا انه قال انما بنو هاشم و بنو المطلب شي ء واحد و وجه استضعافهما ظاهر و كذا قصورهما عن الدلالة اذ يمكن ان يكون عدم افتراقهما و وحدتهما في نصرة كل منهما للآخر و لا يلزم ان يكون من كل وجه حتى في استحقاق الخمس و حرمان الزكاة و هذا ما استدل به الشافعى فانه وافق المفيد في استحقاق المطلبى و استدل المفيد برواية زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال انه لو كان العدل ما احتاج هاشمى و لا مطلبى الى صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعيهم و في السّند علىّ بن الحسين بن فضّال و ابراهيم بن هاشم فهي موثقة حسنة و استضعافها بناء على ما هو رأى الشارح من استضعاف الموثقات و اما قصورها عن الدلالة فلانه يمكن ان لا يكون المراد بما جعل اللّه لهم في كتابه هو خصوص الخمس بل ما يشمله و يشمل ما امر به من ايتاء ذى القربى حقه مطلقا بان يكون المراد الامر بصلة الرّحم مطلقا فلو ظهر العدل لما احتاج هاشمى و لا مطلبى الى الصّدقة باعتبار الى الامام يتكفّل مئونتهم و لو من ماله في بعضهم امتثالا لما امر اللّه تعالى به من ايتاء ذى القربى مطلقا و لو سلم فهي لا تعارض ما ذكرنا من الروايات الواردة في الزكاة و يمكن حملها على التقية المجمع بين الاخبار فالاقوى هو القول المشهور و لا ريب ايضا ان الاحتياج في العمل به

قوله بل هو اعم منها و من المجاز

قلت كون الاصل في الاطلاق الحقيقة مش بين الاصوليين و المنع عليه مع عدم المعارض غير مسموع عندهم لكن كانه لا يخلو عن وجه كما اشرنا اليه فيما علّقناه على شرح مختصر الاصول و اما في صورة وجود المعارض فلا ريب في الحاجة فتدبّر انتهى و وجه توجه المنع الذى اشرنا اليه انهم صرحوا بان المجاز اكثر اللغة و اطبقوا على انه ابلغ من الحقيقة فكيف يحصل بمجرّد استعمال اللفظ في معنى الظنّ بانه معنى حقيقى له نعم اذا كان استعمال اللفظ في معنى قد شاع و ذاع و تكثر و تكرر بما يحصل الظن بانه معنى حقيقى له و تحقيق ذلك في اكثر المواضع التى تمسكوا فيها بهذا الاصل معلوم الانتفاء و كان ما نحن فيه من ذلك اذ فيما نقل عن السيّد في الاستدلال باطلاق ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الحسنين عليه السلام ليس فيه التمسّك بكون الاصل في الاطلاق الحقيقة و الكلام فيه على ما نقل عنه هكذا و ممّا يدل على ان ولد البنت يطلق عليه اسم الولد على الحقيقة انه لا خلاف في تسمية الحسن و الحسين بانهما ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و انهما يفضلان بذلك و يمدحان و لا فضل و لا مدح في وصف مجاز مستعار فثبت انه حقيقة انتهى و لا يخفى انه لم يتمسّك فيه باصالة الحقيقة بل بانه انما كان يقال ذلك في مقام تفضيلهما و مدحهما فوجب ان يكون ذلك على الحقيقة اذ لا فضل و لا مدح في وصف مجازى و هو كما ترى فان الوصف المجازى ايضا يكفى في التفضيل و المدح لدلالة على انه بمنزلة الابن و في حكمه و كفى به فضلا و منقبة كيف و لو لم يصلح الوصف المجازى للتفضيل و المدح لم يصح مدح احدهما الاسد او البحر او للسحاب مع شهرة المدح بهما و بامثالها نعم قد تمسّك بذلك الاصل بعد ذلك فانه قال على ما نقل عنه و ما زالت العرب في الجاهلية تنسب الولد الى جدّه اما في موضع مدح او ذمّ و لا يتناكرون ذلك و لا يحتشمون منه و قد كان ايضا ابو عبد اللّه عليه السلام يقال له ابدا انت الصّديق لان امّه بنت القسم بن محمد بن ابى بكر و لا خلاف بين الامة في ان عيسى من بنى آدم و ولده و انما ينسب اليه بالاموّة دون الابوّة ثمّ اعترض على نفسه فقال ان قيل اسم الولد يجرى على ولد البنات مجازا و ليس كل شي ء يستعمل في غيره حقيقة قلنا الظاهر من استعمال الحقيقة و على من ادّعى المجاز الدلالة انتهى و لما كان التمسّك بالاصل المذكور يجرى في استدلاله الاول ايضا و كان اقوى مما يمسك بهناك فجعل الشارح بناء ذلك الاستدلال عليه ما اورد عليه صاحب المدارك نقل كلام السّيد كما نقلنا ثمّ قال و يتوجّه عليه ان الاستعمال كما يوجد في الحقيقة كذا يوجد في المجاز فلا دلالة على احدهما بخصوصه و قولهم ان الاصل في الاطلاق الحقيقة انما هو اذا لم يستلزم ذلك الاشتراك و الّا فالمجاز خير منه كما قرر في محله انتهى و لا يخفى ما فيه فان وجود الاستعمال في الحقيقة و المجاز جميعا لا ينافى كون الاصل فيه الحقيقة و دلالته عليهما انما اذا ثبت خلافهما و ما ذكره من ان ذلك الاصل انما هو اذا لم يستلزم الاشتراك عليه يرد عليه مثل ما اوردنا على قول الشارح فيما سبق آنفا لأنه خير من الاشتراك لان الاشتراك الذى قرر محله ان المجاز خير منه هو الاشتراك اللفظى لا المعنوى و لا نم لزوم الاشتراك اللفظى هاهنا لم يجوز الاشتراك المعنوى بل الظاهر على تقدير القول بكونه حقيقة في ولد البنت ايضا هو الاشتراك المعنوى لا اللفظى هذا و قد احتج المرتضى ايضا على ما نقل عنه بانه لا خلاف بين الامة في ان ظاهر قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ حرّم علينا بنات اولادنا فلو لم يكن بنت البنت بنتا على الحقيقة لما دخلت تحت هذه الآية و لا يخفى انه لو ثبت الاجماع على

ص: 335

ما ذكره لكفى حجة لما ذكره لكن لم يثبت ذلك لنا و انما غاية ما ثبت لنا الإجماع على انّ البنات في هذه الآية تشمل البنات بلا واسطة و بواسطة سواء كانت من الابن او البنت و اما ان ذلك بظاهر اللفظ فلا يظهر لنا اجماعهم عليه بل قد صرّح كثير منهم بان الابناء و البنات لا يشمل ابناء الابناء و بناتهم حقيقة فكيف لا بناء البنات و بناتهن و احتجوا لذلك بوجود علامات المجاز في الولد بواسطة فانه يقال ليس ابن بل بنت ابن او بنت بنت و على هذا فغاية ما يثبت لنا اطلاق البنات في الآية الكريمة على ما يشمل بنات البنات و هو لا يفيد الا ان يتمسّك فيه ايضا باصالة الحقيقة كما في ساير ادلته و حينئذ ففيه ايضا ما فيها و قد احتج لقول المرتضى لصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام انه قال لو لم يحرم الناس ازواج النبي صلّى اللّه عليه و آله لقول اللّه عز و جلّ مٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ وَ لٰا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً حرم على الحسن و الحسين عليه السلام لقول اللّه عز و جلّ وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ دلّت الرواية على ان اب حقيقة اذ لو لا ذلك لما اقتضت الآية بمجردها تحريم زوجة الجدّ على ولد البنت فيكون ولد البنت ولدا حقيقة للتضايف بينهما كما هو واضح و لا يخفى قوة هذا الوجه و لكن يمكن المناقشة فيه بان الحديث المذكور يمكن ان يكون باعتبار ما علم من اطلاق الأب حقيقة شرعية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالنسبة الى الحسنين عليه السلام تعظيما لهما كما اطلق عليهما الابناء في آية المباهلة و لا يلزم من هذا ان يكون للأب حقيقة لغوية في الجدّ الامّى و لا ان يكون حقيقة شرعية فيه مطلقا بل هذا يؤيد عدم كونه حقيقة لغويّة فيه لما كان لهذه الافادة منه عليه السلام وقع فتدبّر و قد يؤيد ايضا قول السّيد رض بما رواه الطبرسى في كتاب الاحتجاج في حمل حديث طويل عن موسى ابن جعفر عليه السلام في حكاية ما جرى بينه و بين الرشيد لما ادخل عليه ثمّ قال يعنى الرشيد لى جوزتم للعامة و الخاصة ان ينسبوكم الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يقولون لكم يا بن رسول اللّه و انتم بنو علىّ و اما ينسب المرء الى ابيه و فاطمة عليه السلام اذا هى وعاء و النّبيّ جدكم من قبل امكم فقال يا امير المؤمنين لو ان النّبى يشير فخطب اليك كريمتك هل كنت نجيبه فقال سبحان اللّه و لم لا اجيبه بل افتخر على العرب و العجم و قريش بذلك فقلت له لكنه صلّى اللّه عليه و آله لا يخطب الى و لا زوجة فقال و لم فقلت لانه ولدنى و لم يلدك فقال احسنت يا موسى ثمّ قال كيف قلتم انما ذرية النّبى صلّى اللّه عليه و آله و النبيّ لم يعقب و انّما العقب للذكر لا ليعسوبهم و الأنثى و انتم ولدا لابنته و لا يكون لها عقب فقلت أسأله بحسن القرابة و الصرفية الا اعفاني عن هذه المسألة فقال لا او تخبرنى بحجتكم فيه يا لولد و انت يا موسى اما زمانهم كذا اليّ و لست اعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تاتينى فيه بحجة من كتاب اللّه و انتم تدعون ولد معشر ولد على انه لا يسقط عنكم منه شي ء الف و لا واو الا تاويله عندكم و احتججتم بقوله عز و جلّ مٰا فَرَّطْنٰا فِي الْكِتٰابِ مِنْ شَيْ ءٍ و استغنيتم عن رأى العلماء و قياسهم فقلت مأذون في الجواب فقال هات فقلت اعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسىٰ وَ هٰارُونَ وَ كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيّٰا وَ يَحْيىٰ وَ عِيسىٰ من ابو عيسى يا امير المؤمنين فقال ليس لعيسى اب فقلت انما الحقناه بذرارى الانبياء من طريق مريم عليه السلام و كذلك الحقناه بذرارى النّبى صلّى اللّه عليه و آله من قبل امّنا فاطمة عليه السلام ان يدك يا امير المؤمنين قال قلت هات قول اللّه عز و جل فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَى الْكٰاذِبِينَ و لم يدع احد انه ادخل النبي صلّى اللّه عليه و آله تحت الكساء عند مباهلة النّصارى الّا علىّ بن

أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و نسائنا فاطمة و انفسنا علىّ بن أبي طالب عليه السلام الحديث و لا يخفى ان هذا الحديث الشّريف ايضا لا يدل الا على حجة اطلاق الذرارى عليهم كما وقع مثله في الذرارى عليهم كما وقع مثله في القرآن المجيد في عيسى عليه السلام و ايضا لانه اطلق في الكتاب العزيز الابناء على الحسين و لا ريب في صحّته فيلزم صحة اطلاق الذرارى عليهم عليه السلام و اما ان له ذلك كان بطريق الحقيقة اللغوية فلا يدل عليه بل يحتمل صحة بالتّجوز المقبول او الحقيقة الشّرعية و بالجملة فالمسألة لا يخلو عن اشكال و الاحتياط ان لا يدفع الى المنتسبين بالأمّ الخمس و لا الزكاة و اللّه تعالى يعلم

قوله و قال المفيد رحمه الله

و في هى جعل ذلك قول ابن الجنيد واحد قولى المفيد

قوله لأن الخمس عوض الزكاة

يدل عليه مرفوعة احمد بن محمّد فان فيها فالنصف لليتامى و المساكين و ابناء السّبيل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله اللذين لا تحلّ لهم الصدقة و لا الزكاة عوضهم اللّه مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و لم يكفهم ائمة لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان و مرسلة حماد بن عيسى الطّويلة عن الكاظم عليه السلام فان فيها فله نصف الخمس كلا و نصف الخمس الباقى بين اهل بيته سهم لأيتامهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكفاف و السّعة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنه شي ء يستغنون عنه فهو للوالى و ان عجز او نقص عن استغنائهم كان على الوالى ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انما صار عليه ان بمئونتهم لان له ما فضل عنهم و انما جعل اللّه هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها لهم من اللّه تعالى لقرابتهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كرامته لهم عن اوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن ان يصيرهم في موضع الذّل و المسكنة الحديث

قوله في غير من نصّ على عدم اعتبار فقره

كالمؤلفة و العاملين

قوله و لان الامام يقسمه بينهم

و الدليل عليه ايضا الروايتان المتقدمتان و اعلم ان في آخر الرواية الثانية ما هو اوضح دلالة على اعتبار الفقر مما ذكروه فان في آخرها و ليس في مال الخمس زكاة لان فقراء الناس جعل ارزاقهم في اموالهم الناس على ثمانية و لم يبق منهم و جعل الفقراء قربات النّبى صلّى اللّه عليه و آله نصف الخمس الى آخره و حمله على انه جعل لهم نصيب من نصف الخمس يكفيهم بعيد جدّا فافهم

قوله و المعوذ عليه

كانه اسم فاعل من اعوذه الشي ء اذا احتاج اليه و قوله فيه نظر بيّن اما في الاول فلضعف الروايتين اللتين استندوا اليهما فيه اما الاولى فلانها مرفوعة و المرفوع اليه ايضا غير مذكور فربما كان غير الامام و اما الثانية فلإرسالها و احتمل جبره بما نقلنا من اجماع العصابة في حماد لا يمكن التعويل عليه مع احتماله للمعنى الآخر و لو سلم فكون العوض في حكم العوض في اعتبار جميع ما اعتبر في المعوض فيه ايضا ممنوع لا بدّ له من دليل و لو سلم فاعتبار الفقر في الزكاة فيما اعتبر فيه من اصناف مستحقيها يدل على اعتباره في ذلك الصنف ايضا من ارباب الخمس و اليتامى ليس من اصناف مستحقيها الزكاة فلا يمكن الحكم فيه ايضا باعتبار الفقر ا لا ترى ان الامام عليه السلام من اربابه و عمدتهم و لم يعتبر الفقير فيه و يؤيد هذا ان في الحديث الثانى قال و انما جعل اللّه هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم فاقتصر فيه على ذكر الصنفين و لم يذكر معهما اليتامى و هو يؤذن بعدم كونه عوضا عن الزكاة فيهم و الحديث

ص: 336

الأوّل و ان كان ظاهره شمول الحكم لليتامى ايضا لكن يمكن بقرينة ذلك الحديث جعل قوله الذين تحل لهم الصّدقة الى آخره وصفا للاخيرين لا الثلاثة و امّا في الثانى فلما ذكرنا ايضا من ضعف الرّوايتين الدّالتين عليه و ايضا في لزوم انتفاء النّصيب بانتفاء الحاجة نظر سنشير اليه عند نقل قول الشيخ بعدم اعتبار الفقر في اليتيم فانتظر و اعلم ان المحقق في المعتبر بعد ما اعترف بضعف الروايتين قال و الذى ينبغى العمل به اتباع ما نقله الاصحاب و افتى به الفضلاء و لم يعلم من يأبى الفضلاء ردا لما ذكر من كون الامام يأخذ ما فضل و يتم ما اعوز و اذا سلم النقل من المعارض و من المنكر لم يقدح ارسال الرواية الموافقة لفتواهم فانا نعلم مذهب ابى حنيفة و الشافعى و ان كان الناقل عنهم واحدا و ربما لم نعلم النّاقل عنه بلا فضل و ان علما نقل المتاخرين له و ليس كلما اسند عن مجهول لا نعلم نسبته الى صاحب المقالة و لو قال الانسان لا اعلم مذهب ابى هاشم في الكلام و لا مذهب الشافعى في الفقه لانه لم ينقل سندا كان متجاهلا و كذا مذهب اهل البيت عليه السلام ينسب اليهم بحكاية بعض شيعتهم سواء ارسل او اسند اذا لم ينقل عنهم ما يعارضه و لا ردّه الفضلاء منهم انتهى و حاصله ان نسبة قول الى شخص قد يعلم او يظن و ان كان الناقل له عنه واحدا او ضعيفا مجهولا بقرينة شهرة ذلك بين اتباعه و اصحابه و ساير ما انضم اليه من القرائن مثل عدم تعلق غرض لأحد في جعل ذلك و نسبته اليه من هذا القبيل ما نقله من مذاهب ابى حنيفة و الشافعى و اخوانها مع عدم عدالة الراوى عنهم بل جهالة الرّاوى عنهم بلا فصل و ذلك لشهرة نقل مذاهبهم بين اصحابه و عدم ظهور ادلة منهم و ما نحن فيه كذلك لان الروايتين و ان ضعفنا لكن قد اشتهر العمل بها بين اصحابنا و افتى بمضمونها المفيد و الشيخ و جماعة من فضلاء اصحابنا و لم يظهر و ان لمضمونها من قدماء اصحابنا الّذين تقدموا على ابن ادريس و التعويل على عملهم و ردّهم دون المستحدثين الذين لم يظفروا بما ظفر به الأقدمون من القرائن على صحة النقل و لا يخفى ان مثل هذه الشهرة و لم يعد العلم بصحة مضمونها فيفيد الظنّ القوىّ بها سيّما مع ضميمة عدم ظهور فائدة في اختلاف ذلك و جعله بما قررنا يظهر ضعف ما ذكره صاحب المدارك حيث قال بعد نقل كلام المعتبر و ما ذكره من ان النقل اذا سلم من المعارض و عن المنكر لم يقدح ارسال الرّواية غير واضح فان انتفاء ذلك لا يقتضى قبول المرسل التى يحتمل كون المرسل عنه عدلا و فاسقا مع ان الاصل و الاطلاقات يكفى في المعارضة هنا و اذا كانت الرواية مطابقة لمقتضى الاصل و العمومات يكون الحجة في ذلك لا في نفس الرواية اما نعلم ما ذهب اليه ابو حنيفة و الشافعى و ان كان الناقل عنهم غير معتمد فجيّد فان ذلك من باب التواتر و هو يتحقق باخبار العدل و غيره و مثل ذلك العلم يكون المسح و المتعة و نحوهما مذهبا لاهل البيت عليه السلام الا ان ذلك يتفق في آحاد المسائل لا في مثل هذه المسألة كما يشهد به الوجدان انتهى و بعد ما قرّرنا لك في بيان مراد المحقق يظهر لك ضعف كلماته بادنى تامّل فيها فلا حاجة الى تطويل الكلام بالتعرض له فتأمل ثمّ انه خالف في هذا الحكم ابن ادريس فقال لا يجوز له ان يأخذ فاضل نصيبهم و لا يجب عليه اكمال ما نقص لهم بل المراد نصيبهم عن سدّ خلتهم في السّنة كان على الإمام القيام عليه بحفظه الى ان يوجد مستحقه و حمل كلام من قال بان الفاضل له و كذا ما في الروايتين على تقدير العمل بهما على ذلك قال و قد يضاف الشي ء الى الغير بان يكون قائما عليه و متوليا لحفظه فيقال انه كقوله تعالى وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ التى فاضاف تعالى الاموال الينا لأنّا القوّام عليه و الحفاظ له و مثله في كلام العرب كثير و ان نقص نصيبهم عن استغنائهم كان على الوالى ان يتفق من عنده اى من تحت يده اى بيت مال المسلمين بقدر ما يستغنون به لانه موضوع بجميع مصالح المسلمين و هذا منها و حمل ما في الحديثين على تقدير العمل بهما و لا يخفى بعد كل من الحملين فعلى تقدير العمل بالحديثين يجب حملهما على ظاهرهما الا ان يقدم

دليل على خلافه و نقل المحقق في المعتبر الاستدلال لقوله بوجوه ثلاثة الاوّل ان مستحق الاصناف يختصّ بهم فلا يجوز التّسلّط على مستحقّهم من غير اذنهم لقوله عليه السلام لا تحلّ مال امرء مسلم الا عن طيب نفس عنه و اجاب عنه بانا لا نسلم استحقاقهم له كيف كان بل استحقاقهم له بسدّ خلّتهم على وجه الكفاية و لهذا يمنع الغنى عنهم و اعترض عليه صاحب المدارك بان مقتضى الآية الشريفة و الأخبار الكثيرة استحقاق كل من الاصناف السّتة مطلقا و كون النصف للاصناف الثلاثة و ما اعتبره من القيد غير مستفاد من هذا الاطلاق فيتوقف على دليل صالح لذلك و معنى الغنى في تلك الاصناف ان يثبت فهو بدليل من خارج و فيه انّ الملكية و الاستحقاق الاعمّ منها كل منهما من معانى اللام و على هذا يتعيّن دلالة الآية الكريمة الا على الثانى و هو استحقاق كل من الاصناف الثلاثة و اذا ثبت معنى الغنى فيثبت ان استحقاقهم انما هو بقدر غناهم في السّنة فاذا زاد نصيبهم على ذلك فلا يتعين له مصرف في الآية فاذا دلت الرّوايتان على انه للامام مع صلاحيتها للاستناد على ما نقلنا عن المحقق فيحكم به و ليس فيه مخالفة لظاهر الكريمة حتى يردد في العمل بهما لذلك نعم لو دلّت الآية على الملكية للاصناف الثلاثة لكان الحكم بكون الفاضل للامام لا يخلو عن اشكال باعتبار مخالفته و ظاهر اطلاق الآية على انه لا باس به ايضا بناء على ما حققه المحقق من حجية الخبرين و كذا الكلام في الاخبار الكثيرة على ما ذكره هذا و اعترض عليه خال المحقق طاب ثراه في شرحه للارشاد بان مقتضى الآية الشريفة استحقاق كل من الأصناف الثلاثة لشى ء من الخمس اما استحقاق كل صنف لسدس منه فغير واضح من الآية و امّا الاخبار فلا اعلم فيها ما يدل على ذلك سوى اخبار ثلاثة قد مرّت في محله و اثنان منها دالّان على التقييد الذى ذكره المحقق و غيره فادّعاء اقتضاء الاخبار الكثيرة لما ذكره محل تامّل و ايراده الاول جيّدا و لم يقل بوجوب القسمة ستة اقسام كما هو المشهور او خمسة كما في القول الآخر و اما لو قيل باحدهما فالظاهر من الآية استحقاق كل صنف لجميع سهمه لا لشى ء منه كما لا يخفى و امّا ما افاده من الانحصار الاخبار في الثلاثة التى ذكرها فقريب منه طاب ثراه لوجود اخبار مطلقة كرواية زكريا بن مالك الجعفى و رواية سليم بن قيس الهلالى و صحيحة بن ربعى بن عبد اللّه الجارود و صحيحة علىّ بن مهزيار الطويلة و قد تقدم كلها فهي مع رواية ابى بكر المطلقة التى هى احد الثلاثة روايات كثيرة كما ذكره و الثانى من الوجوه المذكورة ان اللّه سبحانه و تعالى جعل للامام قسطا و للباقين قسطا فلو اخذ الفاضل و اتمّ الناقص لم يبق للتقدير فائدة و اجاب عنه بانا لا نم انّ تعداد الاصناف لبيان مقادير الاستحقاق بل كما له يحتمل ذلك يحتمل ان يكون لبيان

ص: 337

المستحقّين كما في آية الزكاة و لهذا لا تجب قسمته عليهم بالسّوية بل يجوز ان يعطى صنفا اكثر من صنف نظر الى سدّ الخلّة و تحصيلا للكفاية و تدلّ على ذلك رواية احمد بن محمّد بن ابى نصر عن ابى الحسن عليه السلام قيل أ رأيت ان كان صنف اكثر من صنف او اكمل من صنف كيف يصنع قال ذلك الى الامام رايت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كيف صنع اذا كان يعطى كما ترى و كذلك الامام و هذا صريح بان التعداد ليس لبيان النّصيب و ان كل نصيب يستحقه واحد لا لشركه الآخر و اعترض عليه في المدارك بان مقتضى اللّام الاستحقاق و واو العطف الاشتراك في الاستحقاق و كون التعدّد لبيان المصرف خاصة يتوقف على دليل من خارج كما وجد في آية الزكاة مع ان ذلك لو تم لاقتضى جواز صرف الخمس كله في احد الاصناف الستة و هم لا يقولون به و فيه تامّل اذ قد عرفت انه على تقدير كون اللام للاستحقاق ينطبق على كون التعداد لبيان المصرف و ليس فيه مخالفة ظاهر حتى يحتاج الى دليل من خارج و ما ذكره من انه لو تم ذلك لاقتضى الى آخره فيه ان عدم جواز ذلك يمكن ان يكون بدليل من خارج كالاجماع و لا يلزم ان يكون بدلالة و قد تبعه في الايرادين خالى المحقق رحمه الله ايضا لكن زاد بعد قوله و هم لا يقولون به الا ان يقال قد ثبت نفيه بالإجماع لا بمجرد الآية و هو جيّد كما ذكرنا ثمّ قال و الصواب في الجواب ان يقال المستفاد من الآية مجرد استحقاق كل صنف لا استحقاق كل صنف بمقدار السّدس و يمكن تنزيل كلام المحقق عليه انتهى و فيه تامّل لأنه ان كان في حمل الآية على اشتراك الجميع في اصل الاستحقاق و كونه مصرف الخمس خلاف ظاهر الآية بل هو اولى بذلك من آية الاولى و ان لم يكن في الثانى خلاف ظاهر فلم يكن في الأوّل ايضا ظاهر بل هو اولى بذلك من آية الاولى فالحكم بكون الصواب هذا ذلك كما ترى و امّا الايراد الثانى لصاحب المدارك فيرد مثله على ما ذكره ايضا لأنه لو تم لاقتضى جواز صرف شي ء قليل من سهام الاصناف الثلاثة فيهم و بذل الباقى للامام مع حاجتهم الى تمام سهامهم و كذا بذل شي ء من قليل من سهام الامام عليه السلام و صرف الباقى و ان لم يحتاجوا اليه و لم يقل احد بشي ء منهما و لو قيل ان عدم جوازهما ثبت بدليل من خارج كالاجماع فهو مجرى فيما ذكره المحقق رحمه الله ايضا فلا ترجيح لذلك الوجه الصواب على ما ذكره ايضا فتدبّر قال المحقق بعد ما نقلنا عنه لا يقال قد اجمعنا على وجوب قسمة ستة اقسام و ان لكل صنف قسما و قد ذهب الى ذلك جماعة من الاصحاب قلنا لا ريب انه يقسم ستة لكن اذا فضل عن قوم نصيبهم جاز صرفه الى غيرهم انتهى و قوله اوّلا قد اجمعنا ثمّ قوله و قد ذهب الى ذلك جماعة من الاصحاب كما ترى فكانه اراد بالاجماع معناه اللغوى اى غير منّا عليه و ذهبنا اليه او اراد ان جماعة من الاصناف ذهبوا الى الاجماع المذكور اى اعتقدوه و ادعوه ثمّ ان الظاهر ان نظره في الايراد الى انه اذا حملت الآية على بيان المصرف لا لبيان مقادير الاستحقاق و جاز تفاضل بعضهم الى بعض فليجر ايضا ان يخصّ به بعض الاصناف دون بعض و حينئذ لا معنى للقول بوجوب قسمة ستة اقسام او خمسة و حاصل ما ذكره في الجواب بعد المسامحة في لفظ قلنا انا لا نقول بكونها لبيان المصرف و انه يجوز التفاضل بينهم كيفما كان و انه يجوز ان يخص به البعض دون البعض بل نقول ان الآية لبيان المصرف لكن علم من خارج وجوب قسمته ستة اقسام لكن اذا فضل نصيب بعضهم عن مرتبتهم يصرف الفاضل الى غيرهم فلا يجوز التفاضل الى غيرهم فلا يجوز التفاضل الا بهذا الوجه و الا يجوز تخصيص البعض بالكلّ الا مع عدم وجود البعض الآخر و اما مع وجوده فلا بدّ من صرف نصيبه اليه بقدر حاجته في السنة و كانه حمل رواية ابن ابى نصر ايضا على اختيار الامام في التفاضل بينهم على هذا الوجه لا مطلقا و على هذا فما ذكره في الجواب يدفع ايراده لكن يبقى ايراد آخر و هو انه اذا حمل الآية على بيان المصرف و قيل بجواز التفاضل بينهم و لو على الوجه المذكور فلا فائدة ايضا في الحكم بوجوب قسمته ستة اقسام

او خمسة اقسام بل كان ينبغى ان يحكم بوجوب اعطاء الاصناف الثلاثة كفاية سنتهم و كون الباقى للامام عليه السلام و يمكن دفعه بانه ربما كان فائدته بيان شرف لكل من الاصناف بان السّدس و الخمس مسمّى له من اللّه تعالى و ان النقص احيانا بقصورهم و زيادة صنف آخر فيرد منهم اليهم هذا في الاصناف الثلاثة و اما في الامام فيمكن ان يكون فائدة النيّة على ان سهامه فريضة من اللّه له و انما يعطيه اليهم عند الاعواز انفاق منهم عليه السلام عليهم و له اجر بذلك و ان لا يجب ذلك في خصوص فريضة من الخمس بل فيما له مطلقا هذا اذا قلنا بوجوب التتمة عليه من ماله و امّا لو قلنا بوجوبه من بيت المال كما نقلنا عن ابن ادريس فالامر اظهر فتدبّر و الوجه الثالث ان الذى يجب عليهم الانفاق عليهم محصورون و ليس هؤلاء من الجملة فلو اجبنا عليه اتمام تردنا فيمن يجب عليه الانفاق فريقا لم نقم دليلا عليه دلالة و اجاب عنه بانا لا نم ان الاتمام يستلزم وجوب النفقة لانا بيّنا ان خصّصهم الثلث تبسط عليهم بالكفاية لا بالقسمة و لا يستسقى فاضل قيل له بل يقسم على الصنفين الآخرين ان كان بعضهم لا يجب عليه نفقة البعض الآخر فكذا الامام و اعترض عليه صاحب المدارك بالفرق بين مستحقه عليه السلام و مستحق الاصناف بان الاول مقدر فلو وجب الاتمام لاقتضى وجوب الانفاق بخلاف الثانى فان كلامه الاسهم الثلاثة غير مقدر فلا يلزم من عدم استيفاء فاضل قيل لهم وجوب انفاق بعضهم على بعض قال و الحق انه لا ضرورة في التزام هذا اللازم لو ثبت مستنده لكنه موضع الكلام انتهى و الظاهر ان المحقق لا يقول بكون سهم الامام عليه السلام مقدار بل يقول ان سهمه حقيقة ما يبقى بعد وضع النفقات و ما كان لإزائها فهو مقدر من اللّه لهم فليس ذلك من وجوب انفاقهم على الامام و على هذا فلا يرد عليه ما اورده لكن ما ذكره في حق الجيّد اذ لا باس ايضا بالقول لوجوب انفاقهم عليه كما ذكرنا فهو لا ينافى ما يظهر كما من كلامهم من حصر واجب النفقة فيمن ذكروه و كان ذلك في واجبى النفقة بالنسبة الى عامة الناس فلا باس بان يؤيد الامام من يجب عليه نفقة غيرهم ايضا و ما ذكره من انه لا بدّ من ثبوت مستنده صحيح و لكن ثابت عند المحقق كما ظهر مما نقلنا عنه في تصحيح بالحديثين مع ضعفهما و الحق ان المسألة لا يخلو عن اشكال لكن لا ضرر فيه اذ في زمان الحضور الامر اليه عليه السلام و في زمان الغيبة الظاهر عندى جواز صرف كل نصيبه عليه السلام في مستحقى ببنى هاشم بحكم شاهد الحال و لا يتوقف ذلك على تحقيق حال تتمة المعوز نعم اذا وجبت التتمة عليه عليه السلام لكان اكد للتجويز المذكور لا انه يتوقف التجويز عليه فتأمل

قوله و من ثمّ ذهب جماعة

و منهم الشيخ في المبسوط و ابن ادريس و لا يخفى ان الشيخ قال بانه يقسم بين الاصناف على قدر الحاجة و الفاضل للامام و اذا كان اليتيم غنيا فلا حاجة اليه فيشكل تجويز الدفع اليه و ايضا حينئذ لا يكون ضابطة لما يجوز دفعه الى الباقى حتى يكون الفاضل للامام و يمكن ان يقال ان التقسيم بقدر الحاجة لعله فيما اعتبر فيه الحاجة و اما اليتيم فلما لم يعتبر فيه الفقر لإطلاق الآية و مقابلته للمسكين فلم يعتبر فيه حاجة و يمكن ان يكون الضابطة فيما يجوز الدفع اليه مقدار الحاجة في السّنة لمئوناته

ص: 338

فيدفع اليه من الخمس بقدر مئونته سنة يصرف فيها و يحفظ مال نفسه و يكون ذلك رعاية له من اللّه لمكان يتمه و جبرا له فافهم

قوله و هو يقتضى المغايرة

قلت كان المراد بالمغايرة هو المباينة الكلية و الضمير في عدمه راجع الى اقتضاء المغايرة و في انها الى كونه قسيما و امر التذكير و التأنيث سهلة لا سيّما في المصادر على ما هو المشهور و حاصله ان اليتيم قسيم المسكين في الآية و هو يقتضى المباينة فيجب ان يعتبر فيه عدم الفقر و لو سلم عدم ذلك الاقتضاء نظرا الى كونه قسيما لا يقتضى المباينة بل انما يقتضى المغايرة في الجملة فعند عدم المخصّص يدل على مخصّص يحمل على عمومه و يحتمل ان يكون المراد ان عند عدم المخصص الذى يدل على تخصيص اليتيم بمن كان فقيرا يبقى العموم اى لو سلم عدم اقتضاء المباينة نظرا الى ان كونه قسيما لا يقتضى المباينة فلا اقل من الحمل على العموم عند عدم المخصّص بالفقير و يحتمل ان يكون قوله عدم اعتباره على سبيل القلب و المراد اعتبار عدمه و حينئذ فضمير عدمه يمكن ان يكون راجعا الى اعتبار عدم الفقر المقدّر في نظم الكلام على ما قررنا و على الوجهين يمكن حمل المغايرة على اطلاقها و اجمالها و حينئذ فهو اوّلا اثبت من المغايرة اعتبار عدم الفقر ثمّ نزل عنه نظر الى ان المغايرة لا يقتضى المغايرة و تمسّك بظهور العموم عند عدم المخصّص و على هذا فضمير انّها راجع الى المغايرة كما هو الظاهر و على الوجه الاوّل ايضا يمكن ان يكون ضمير انها راجعا الى المغايرة على سبيل الاستخدام الى المغايرة اللازم للتقسيم لا يقتضى المباينة التى هى مرادكم من المغايرة و هذا اما انه لا يمكن حمل المغايرة في كلامه على المباينة الكلية اذ لم يقل احد باعتبار عدم الفقر و هو يقتضى العموم من وجه على ما قيل ففيه انه ان اراد ان احدا لم يحمل اليتيم في الآية على غير المسكين فهو ممنوع و لا يجوز حمله عليه و ان اراد ان اليتيم الفقير ايضا مستحق للخمس و لم يقل احد بخروجه عن مستحقيه فهو ممنوع لكنه يجوز ان يكون ذلك باعتبار فقره لا يتمه و لو سلم فلعله بدليل آخر غير الآية هذا و لك ان تحمل المباينة في كلامه على المباينة الجزئية و حينئذ فالاظهر ان يقال المراد ان كونه قسيما له يقتضى المغايرة بينهما بان لا يدخل احدهما تحت الآخر مطلقا و لو سلم عدم ذلك الاقتضاء نظرا الى انّها اى كونه قسيما بتقريب ما ذكرنا لا يقتضى المباينة بل يكفى له المغايرة في الجملة المتحققة في ضمن العموم و الخصوص مطلقا او نظرا الى انها اى المغايرة اللازمة للتقسيم لا يقتضى المباينة بل هى المغايرة في الجملة المتحققة مع العموم المطلق ايضا فعند عدم المخصّص يبقى العموم و الحاصل انه لو سلم عدم تمامية الدليل المذكور لعموم اليتيم فلا ريب في عمومه لفظا و عدم ظهور مخصّص له فيحمل على العموم هذا و انت خبير بان سياق التسليم و التنزّل على الوجه الاول انس منه على هذا الوجه لكن ادّعا ان كونه قسيما يقتضى المباينة الجزئية كما ذكر في هذا الوجه اظهر من ادعاء اقتضاء المباينة الكلية لما ذكر في الوجه الأول على ان توجيه ادعاء ذلك من القائل لعدم اعتبار الفقر في اليتيم يحتاج الى غاية كما اشرنا اليه فلعلّ هذا الوجه اظهر فتدبّر

قوله و توقف المصنف في الدروس

و له وجه باعتبار اطلاق الآية الكريمة و مقابلته للمسكين و لظاهر الروايتين الدالتين على التقسيم بقدر الحاجة و جبر ضعفها بشهرة عمل الاصحاب بهما و كما انه يمكن الجمع بينهما بتوجيه قدر الحاجة في اليتيم بما ذكرنا مئونة سنة و ما يحتاج اليه لها لو لم يكن له مال كذلك يمكن الجمع بحمل ذكر اليتيم في الآية مقابل المسكين مع دخوله فيه بناء على اعتبار الفقر فيه على تخصيصه للتاكيد فيه كما في حافظوا على الصّلوات و الصّلاة الوسطى فلتوقف وجه و لكن الاحتياط في اعتبار الفقر و عدم الدفع اليه مع الغنى و اللّه تعالى يعلم

قوله و الا كان دليل اليتيم آتيا فيه

قلت لا يخفى ان حديث كونه يتيما و انه يقتضى المغايرة لا يأتى هاهنا او كونه غنيا في بلده يكفى المغايرة و صحة التقسيم نعم لو كان فقيرا في بلده ايضا يشكل اى التقسيم بناء على اشتراط المباينة بين الاقسام كما هو ظاهر المستدل قبل التسليم و لعله حينئذ لم يجعله داخلا في ابن السّبيل بل في الفقراء و يجعل ابن السبيل مختصا بالغنى في بلده هذا فكان ما ذكر اخيرا من حديث العموم جاز هاهنا فان ابن السبيل في الآية عام لكل مسافر و لا دليل على تخصيصه بالفقير في السبيل بل المعنى فيه ايضا داخل في العموم فتأمل فيه و قلت في الحاشية وجه التأمّل ان هذا انما يتم لو كان ابن السّبيل بمعنى المسافر مطلقا كما يستفاد من كلام بعض اهل اللّغة و التفسير قيل و انما سمّى به لملازمة السّبيل كما سمّى القاطع ابن الطريق لكن المستفاد من كلام بعض آخر انه المنقطع به كما هو المشهور في تفسيره في كتب الفقهية اى عجزه عن سفره قال في القاموس و ابن السّبيل ابن الطريق اى الذى قطع عليه الطريق انتهى و قيل انما سمّى المسافر المنقطع به ابن السّبيل لملازمته للطريق و كونه فيه فكان الطريق ولدته و يوافقه ما روى علىّ بن ابراهيم في التفسير عن القائم عليه قال و ابناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة اللّه تعالى فينقطع عليهم و يذهب مالهم فعلى الامام ان يردهم الى اوطانهم من مال الصّدقات و لا يخفى انه حينئذ لا عموم فيه بل اعتبر في مفهومه العجز الا ان اعتبار العجز في مفهومه لغة ايضا لا يستلزم اعتبار الفقر فيه اذ يمكن ان يكون عجزه من وجه آخر و حينئذ فيجرى ما ذكر من حديث العموم نعم لو صحت الرواية المذكورة فكانت ظاهرة في اعتبار فقرهم فيه فتدبّر هذا كله اذا كان كلام الشارح في وجوب اعتبار فقر في بلد التسليم الذى استفيد من قوله و يكفى ابن السّبيل الفقر في بلد التسليم و كذا من قوله بشرط ان يتقدر الى آخره و يمكن ان يكون كلامه في عدم اعتبار فقره في بلده و حينئذ يكون غرضه ان ظاهرهم عدم الخلاف فيه و الّا لكان ما ذكر من الدليل على اعتبار فقر اليتيم آتيا فيه اى في اثبات اعتبار فقره في بلده و لا يخفى سخافته جدا

قوله بغير خلاف مع وجوده

اى الاجماع على اعتبار الأيمان في الزكاة انما هو مع وجود المؤمن و امّا لو لم يوجد فيجوز دفعها الى غير المؤمن من المستضعفين و مخالفى الحق الذين لا يكونون نواصب في احد القولين و القول الآخر المنع مطلقا فينتظر وجوده و على هذا فاعتباره في الخمس ايضا ينبغى ان يكون على هذا التفصيل فافهم

قوله و فيهما نظر

اما في الاول فلان كون الخمس عوضا ممنوع كما تقدّم و على تقدير تسليمه بوجوب اشتراك العوض مع المعوض في جميع الاحكام ممنوع و امّا في الثانى فلان المخالف بعيد عن الصّلاة و الموادة من حيث انه مخالف و اما من حيث كونه قريب النّبى صلّى اللّه عليه و آله او من شانه الهداية فليس ببعيد و امّا قوله تعالى لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فقد فسر ايضا بذلك اى الحبلى عن الموالاة في الدين فانّها لا تجتمع مع الايمان و الظاهر ان قوله بعد ذلك و لو كان آبائهم او اخوانهم او عشيرتهم لا يلائمه فان الغالب في الفروض المذكورة موادتهم باعتبار النسب لا باعتبار الدّين و الظاهر ان يكون المنع فيه ايضا و يمكن ان يكون وجه النظر فيه منع كون الموادة و موالات بل هو من قبيل اداء مالهم فان المخالفين ايضا على مقتضى ظاهر اطلاق الآية

ص: 339

شركاء في خصوص غير الامام اذا كانوا من احد الاصناف المذكورة فاعطاء شي ء فيهما اليهم اعطاء لحقهم اليهم و ليس فيه موادة و للقائل فيه مجال و لا ريب ان الاحوط اعتبار للايمان كما ذكره الشارح خصوصا مع وجود المؤمن و يؤيده اعتباره رواية ابراهيم الاوسى عن الرّضا عليه السلام قال سمعت ابى يقول كنت عند ابى يوما فاتاه رجلا فقال انى رجل من اهل الرى و لى زكاة قال من ادفعها فقال الينا فقال أ ليس الصّدقة محرّمة عليكم فقال بلى اذا دفعتها الى شيعتنا فقد دفعتها الينا فقال انى لا اعرف لها احدا فقال ما تنتظر بها سنة قال فان لم اصيب لهما احدا قال انتظر بهما سنتين حتى بلغ اربعين سنين ثمّ قال له ان لم تصب لها احد نصرها صربا و اطرحها في البحر فان اللّه عزّ و جلّ حرم اموالنا و اموال شيعتنا على عدونا و لا يخفى ان آخر الخبر عام يشمل الخمس ايضا لكن سنده ضعيف جدا و انما يدل على حرمته على عدوهم و لا يشمل جميع المخالفين ان لم نقل بكون جميعهم عدوا و امّا الامر بالطرح في البحر فحمله على من تيقن عدم امساك ادائه الى المؤمن و لو بعد حين و الا فعليه حفظها الى ان يوجد المستحق و لا يتقدر بقدر و يمكن حمله على المبالغة في المنع من اعطاء العدوّ حتى ان الإلقاء في البحر خير منه لكنه بعيد عن سياق العبارة و اللّه يعلم و اعلم ان المحقق رحمه الله في الشرائع تردّد في اعتبار الأيمان و قال المحقق الشيخ على ما ذا منشأ التردد من اطلاق الآية و من ان المخالف بعيد جدا عن ذلك و من العجائب هاشمى مخالف يرى رأى بنى اميّة فيشترط الايمان لا محالة و كان مراده ان المخالف بعيد من ان الواجب للّه شيئا و يحكم برعايته و الاحسان اليه و اراد بقوله و من العجائب انه قد ظهر من الاخبار تخصيص الاصناف في الآية بالهاشمى و الهاشمى المخالف الذى يرى رأى بنى اميّة و يقدم على امير المؤمنين عليه السلام غيره و يقول بامامة معاوية معه عليه السلام الى غير ذلك من عقائد المخالفين عجيب جدا و يستبعد جدا وجود هاشمى كذلك فالظاهر المتبادر من الهاشمى هذا هو المؤمن من بنى هاشم فالظاهر حمل الهاشمى الذى خصّص به الاصناف الثلاثة بمقتضى الاخبار على ما هو الظاهر المتبادر منه و يمكن ان يكون غرضه ان هذا دليل القدح في نسبه و انه ليس هاشميّا فافهم

قوله و الأنفال

جمع نفل بفتح الفاء و سكونه بمعنى الزياد فيق نفلتك كذا اذا زدته و قيل بمعنى العطية و نفلتك اى اعطيتك كذا في مجمع البيان و في القاموس فسّره بالغنيمة و الهبة و قال الازهرى النفل ما كان زيادة عن الاصل سمّيت الغنائم بذلك لان المسلمين فضّلوا بها على ساير الامم الذين لم تحل لهم الغنائم و سمّيت صلاة التطوّع نافلة لانها زائدة عن الفرض و قال تعالى وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً اى زيادة على ما سئل انتهى و الظاهر ان اصل معناه لغة هو الزيادة و العطية كما نقلنا عن المجمع و اطلاقه على الغنيمة باعتبار انها زيادة عن الاصل كما هو الظاهر و زائدة عن الاصل كما نقلنا عن الازهرى او عطية من اللّه تعالى لهم و اطلاق النافلة على صلاة التطوّع باعتبار معنى الاول انسب فانها زيادة على الاصل كما هو الظاهر و زائدة عن الاصل كما نقلنا عن الازهرى و يمكن ايضا جعله من المعنى الثانى فانها عطية من اللّه تعالى لمن وفق لها فافهم

قوله هى المال الزائد للنبى صلّى اللّه عليه و آله و الإمام بعده على قبيليهما

اى مقابلهما من شركاء الخمس و كانه لا حاجة الى هذا التخصيص بل يمكن اعتبار زيادتها بالنسبة الى ساير الناس و لا يخفى انه يمكن اخذها من المعنى الثانى ايضا فانها عطية من اللّه لهما عليه السلام

قوله و قد كانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حياته بالآية الشريفة

لم يرد ان كون الانفال له صلّى اللّه عليه و آله بالمعنى الذى ذكره مستفاد من الآية الشريفة بل اراد ان الآية الشريفة تدل على كون الانفال له صلّى اللّه عليه و آله و يعلم باحاديثنا كون المراد بالانفال هو ما ذكروه و على هذا فما ذكره لا ينافى عليه اكثر المفسّرين من ان المراد بالانفال منها هى الغنيمة و انها كانت في غنيمة بدر نزلت باختصاصها كلها باللّه و الرّسول صلّى اللّه عليه و آله ثمّ نسخت بآية الغنيمة و منهم من لا يقول بالنسخ بحمل الأولى على ان حكمها الى اللّه و الرّسول و هو ما فضل في الآية الغنيمة و على ما ذكره اصحابنا في تفسير الأنفال يمكن الجمع بينه و بين ما نقلنا عن المفسّرين بان يكون غنيمة بدر ايضا وقت نزول الآية في اقسام الانفال بالمعنى الذى ذكروه و كانت مختصة باللّه و بالرّسول ثمّ نسخت و عدم عدّهم اياها من الانفال بناء على ان غرضهم عدما استقر كونه منهما و ما هو منهما في زماننا فافهم

قوله الّذى يريد به عن قبيله

غرضه الاشارة الى مناسبة المعنى الاصطلاحى لمعناه اللغوى تاكيدا بما ذكره سابقا و قد عرفت انه لا حاجة الى جعل الزيادة بالنسبة الى قبيله بل يمكن اعتبارها بالنسبة الى جميع النّاس فتذكر

قوله ارض انجلى عنها اهلها

تدل على كونها من الانفال موثقة زرارة بعلى بن الحسين بن فضال عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له ما تقول اللّه يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ و هى كل ارض بلا اهلها من غير ان يحمل عليها بخيل و لا رجال و لا ركاب فهي نفل للّه و للرّسول يدل عليه ايضا عموم بعض الاخبار الآتية و امّا رواية محمد بن مسلم قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن الأنفال فقال كل قرية يهلك اهلها و في بعض النسخ يهلكها اهلها و يجعلون عنها فهي نفل اللّه عز و جلّ نصفها يقسم بين الناس و نصفها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فهي ضعيفة باسماعيل بن سهل فلا تعارض تلك الاخبار و لم ينقل قول عمومها فيمكن حمله على ان ذلك التقسيم تطوع منهم عليه السلام

قوله او سلمت للمسلمين طوعا من غير قتال

تدل عليه موثقة محمد بن مسلم بابن فضال عن ابى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول الفي ء و الانفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و اعطوا بايديهم و ما كان من الارض خربة او بطون اودية و هو كله من الفي ء فهذا للّه و لرسوله فما كان للّه فهو لرسوله يصنعه حيث شاء و هو الامام بعد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و قوله تعالى مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمٰا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لٰا رِكٰابٍ ا لا ترى و هو هذا و اما قوله مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ فهذا بمنزلة الغنم كان ابى يقول ذلك و ليس لنا فيه غير سهمين سهم الرّسول و سهم القربى ثمّ نحن شركاء النّاس فيما بقي و موثقته ايضا بابن فضال و فيها ابراهيم بن هاشم ايضا عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سمعته يقول ان الانفال ما كان في ارض لم يكن فيها حراقة دم او قوم صولحوا و اعطوا بايديهم و ما كان من ارض خربة او بطون اودية فهذا كله من الفي ء و الانفال للّه و للرّسول فما كان للّه فهو للرّسول صلّى اللّه عليه و آله يصنعه حيث يجب و رواية محمد بن على الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الانفال قال ما كان من الارضين باد اهلها و في غير ذلك الانفال هو لنا و قال سورة الانفال فيها جدع الانف و قال وَ مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمٰا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لٰا رِكٰابٍ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ قال الفي ء ما كان من انفال لم يكن فيها هراقة دم او قتل و الانفال مثل ذلك هو بمنزلته و كان في نقل الآية الكريمة سهوا من احد الرّواة فان في القرآن العزيز في هذه الآية منهم لا من اهل القرى و انما هو في الآية التى بعدها مطابقا

ص: 340

لما وقع في رواية محمّد بن مسلم التى نقلناها آنفا الا ان يكون بيان المرجع الضمير في منهم و يكون نفلا بالمعنى او يكون المنزل هكذا في هذه الآية ايضا ان يجوّزنا امثال هذه التغييرات كما ورد في الاخبار الكثيرة و حينئذ تحمل رواية محمد بن مسلم على انها على طبق ما في المصاحف و اللّه تعالى يعلم و مرفوعة احمد بن محمد فان فيها و ما كان لمن فتح لم يقاتل عليه و لم يوصف عليه بخيل و لا ركاب الا عن اصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملتهم عليه النّصف او الثلث او الرّبع او ما كان لسهم خاصة و ليس لأحد فيه شي ء الا ما اعطاه هو منه و بطون الاودية و رءوس الجبال و الموات كلها هى له و هو قوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ و ما كان من في ء القرى و ميراث من لا وارث له فهو له خاصة و هو قوله عزّ و جلّ مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ قوله عليه السلام و ليس هو يسألونك عن الأنفال اى المراد بقوله تعالى يسألونك هو ما ذكرنا من سؤال ان يعطيهم منه الا ما هو ظاهره من السؤال عن انها ما هى او لم هى او ما حكمها لانّ سؤالهم في الواقع كان كذلك لا على احد هذه الوجوه و ذكر علىّ بن ابراهيم في تفسيره ان قراءة اهل البيت عليه السلام يسألونك عن الانفال بدون لفظة و مثله في مجمع البيان و على هذا فالظاهر ان يكون في هذه الرّواية وقعت سهوا من الراوى و النسخ بناء على ما في المصاحف التى عندنا و حينئذ يكون ما نقل من التفسير مطابقا لظاهره و يكون قوله عليه السلام و ليس يسألونك عن الانفال ظاهرا لا حاجة الى التكلف في توجيهه هذا و الكلام في نقل من اهل القرى في هذه الرواية السابقة فلا حاجة الى الاعادة و مرسلة حماد بن عيسى الطويلة فان فيها و له بعد الخمس الانفال و الانفال كل ارض خربة قد باد اهلها و كل ارض لم يوجد عليها بخيل و لا ركاب و لكن صولحوا عليها و اعطوا بايديهم على غير قتال و له رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام و كل ارض ميّتة لا ربّ لها و له صوافى الملوك مما كان في ايديهم من غير وجه الغصب لان المغصوب كله مردود و هو وارث من لا وارث له و عليه ينزل كل من لا حيلة له ثمّ فيها بعد كلام و الانفال الى الوالى كلّ ارض في زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله الى آخر الأبد ما كان افتتح بدعوة النبي صلّى اللّه عليه و آله من اهل الجور و اهل العدل لان ذمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الأوّلين و الآخرين ذمّة واحدة فانّ المسلمون اخوة يتكافأ دمائهم يسعى بذمتهم ادناهم الحديث و كان فيه سقط او الظاهر و الانفال و غير الانفال الى الوالى الى آخره و المراد ان الامر في كلّ الاراضى المفتوحة الى الوالى الى آخر الابد و لا اختصاص لما تقرر من حكمها بزمان دون زمان فما كان من الانفال يكون للوالى في أيّ عصر فتحت و ما كان للمسلمين بعد الخمس يكون كذلك و يكون امرها الى الوالى و اختيارها بيده متى فتحت الى آخر الابد و يمكن ان يكون للسّاقط لفظ فقط و يكون المراد ان الانفال للوالى كما ذكرنا و غير الأنفال مما فتحت على الوجه الذى ذكرنا يكون اختيارها الى الوالى الى آخر الابد و منه يظهر ان الأولى ايضا يكون للوالى الى آخر الابد و لو كان صحيحا فيحمل الى الوالى على الوالى و تخص الأرض بما ذكر سابقا و هو ما لم يرجف عليهما بخيل و لا ركاب و بعد ما كتب ذلك رايت ان ما في الكافى و الأنفال الى الوالى و كل ارض و هو ينطبق على ما ذكرنا من السّقط الاول فتأمل و حسنة حفص البخترى في الكافى بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال الانفال ما لم يرجف عليه بخيل و لا ركاب او قوم صالحوا او قوم اعطوا بايديهم و كل ارض خربة و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو للامام من بعده يصنعه حيث يشاء

قوله كبلاد البحرين

تدل على كون البحرين من ذلك موثقة سماعة قال سألته عن الانفال فقال كل ارض خربة او شي ء كان للملوك فهو خالص للامام ليس للناس فيها سهم قال و منها البحرين لم يرجف عليها بخيل و لا ركاب و هذا ينافى ما سيجي ء من الشارح في كتاب الاحياء حيث جعل البحرين هما اسلم عليهما طوعا كالمدينة المشرفة فيكون لاهلها و لا يبعد ان يكون ما ذكره هناك مستند الى نقل اهل التواريخ لكنه ليس لى مجال الرّجوع اليها عسى ان يظفر منها شي ء

قوله و باد اهلها

قد مرّ ما يدل عليها في رواية الحلبى و كذا رواية محمد بن مسلم التى نقلناها فيما كتبنا على قول ارض انجلى و كذا المرسلة الطويلة لحماد و لكن فيها كلّ ارض خربة قد باد اهلها فقد قيّد بالخربة فلا يشمل مطلقهما على ما ذكره الاصحاب

قوله و كذا مطلق الارض الممات

تدل عليه رواية محمد بن مسلم على من يستحقه يهلكها اهلها و كذا موثقتاه المتقدمتان بعدها و كذا مرسلة حماد الطويلة و كذا حسنة حفص بن البخترى

قوله التى لا يعرف لها مالك

و في هى قيدها بما لم يجبر عليها ملك احدا و باد اهلها اذا جرى عليها ملك احدا و باد اهلها و يوافق ما هنا و قال بعض الاصحاب عموم الحكم لكل موات و هو ظاهر العلامة و الارشاد و لا يخفى ان الرّواية الأولى على ما في النسخة ظاهرها العموم في كل ما ترك اهلها عمارتها حتى خربت و الموثقتان ظاهرهما العموم في كلّ خربة و كذا الحسنة و اما مرسلة حماد فقوله عليه السلام فيها اولى و الانفال كل ارض خربة قد باد اهلها يدل على اشتراط هلاكة اهلها و الظاهر انه فيما اذا جرى عليها ملك مالك و حينئذ يكون حجة للتقييد و قوله ثانيا فيها و كل ارض ميتة لا ربّ لها فان حمل الرّب فيه على المالك فهو يوافق القول الاوّل و ان حمل على مالك يقوم بتربة عمارتها فيشمل ما يعرف بها مالك ايضا اذا تركها و لم يقم بعمارتها اصلا و لا يخفى انه لا ثمرة لتحقيق القول في ذلك اذ لا يترتب عليه الا جواز الاحياء و عدمه في زمان الغيبة فان ما ثبت كونه ملكه عليه السلام يجوز لنا احياؤه بعمومات ما يدل على تحليل على حقوقهم للشيعة و ما لم يثبت فيه ذلك و قيل ببقائه بعد الخراب في ملك مالكه فلا يمكن الحكم بجواز احيائنا له و اصحابنا جعلوا ذلك الفرع اصلا و فصلوا القول فيه في كتاب الاحياء بما لا مزيد عليه و لا يحتاج معه الى تحقيق ما ذكر هنا و يظهر مما ذكروه هناك ذهاب بعضهم الى انه بعد الخراب يجوز احياؤها و يملكها المحيى و يبطل حق السابق و هذا هو الذى قواه الشارح هناك الدلالة اخبار كثيرة عليه و ذهاب آخرين الى انه بالخراب لا يخرج عن ملك السابق بل هو له و لوارثه بعد ما حيي باد و بحيث لا يعرف منهم احد و عليه لا يجوز احياؤه الا باذن المالك ما لم يبلغ الى ذلك الحد لكن صرّح جمع منهم بانه يجوز احياؤها و يصير المحيى احق لها ما دام قائما بعمارتها و عليه طسقها لأربابها مستندا ببعض الرّوايات و الاقوى عند الشارح انه ان قيل بخروجها عن ملكه بالخراب جاز احياؤها بغير اجرة و الا لم يجز التصرّف فيها بدون اذنه و ذكر ان موضع الخلاف ما اذا كان السّابق قد ملكها بالاحياء بالشراء و نحوها لم يزل ملكه عنها اجماعا على ما نقله العلّامة في التذكرة عن جميع اهل العلم و على هذا فالاخبار العامة هاهنا في الخربة انها من الانفال يؤيد قول البعض اولا الذى قواه الشارح و القول الاول في المرسلة و كذا الثانى بناء على احتمال الاول يؤيد مذهب الاخيرين لكن على ما نقل عن التذكرة ينبغى تخصيص الاخبار العامة هاهنا بما كان الاول ملكها بالاحياء و لا يخفى بعده و الاظهر حملها على الخربة التى لا يعرف لها مالك كما فعله المقيدون فتدبّر ثمّ ان المصنف في كتاب الاحياء ذكر ان الموات هو كل ارض لا تنتفع

ص: 341

بها لمعطلتها او لاستيجائها او لعدم الماء عنها او لاستيلاء الماء عنها و ذكر الشارح هناك انه لا فرق بين ان يكون قد سبق لها احياء ثمّ ماتت و بين موتها ابتداء و انه لا يعتبر في تحقق موتها العارض ذهاب رسم العمارة رأسا بل ضابطة العطلة و انما بقيت آثار الانهار و نحوها الصدقة معها عرفا خلافا لظاهر التذكرة و الظاهر من الخربة ما هو ذكروه و امّا الموات فالظاهر فيها و ظاهر كرة فتدبّر

قوله و الآجام بكسر الهمزة

تدل عليه مرسلة حماد الطويلة و ما نقله في المعتبر من رواية الحسن بن راشد عن ابى الحسن الاول عليه السلام قال و له رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام قال و الراوى ضعيف

قوله و هى الارض المملوة من القصب و نحوه

هذا هو المعروف في معناها و قال من معناها و قال في القاموس الاجمة محركة الشجر الكثير الملتفت و كان سقط عنه ذات

قوله في غير الارض المملوكة

اى المراد بالآجام هى الآجام التى في غير الارض المملوكة و امّا ما كان منها في ارض مملوكة فهي تابعة لها فان كانت مملوكة بشخص معيّن فهي له و ان كانت مملوكة للمسلمين قاطبة كالمفتوحة عنوة فهي لهم و كان المراد غيره احدثت في الارض المملوكة فما كانت مستاجمة قبل ملك الارض فهي له عليه السلام و لا يتبع الارض بعد ما صارت ملكا للمسلمين او لشخص معين يدل عليه كلام ابن ادريس في السرائر فانه قال فيما عدّه من الانفال و الآجام التى ليست في املاك المسلمين بل التى كانت مستاجمة قبل فتح الارض و على هذا فما ذكر من التقييد يتجه على رأى من يقول ان ما جرى عليه ملك مسلم فهو له و لوارثه و لا ينتقل عنه بصيرورته مواتا و اما على رأى من يقول ببطلان حق مالكه بذلك و انه يصير ملكا لمن احياه بعد ذلك فيتجه ان يحكم بالعموم و انه بعد ما صار اجمة يصير ملكا له عليه السلام و من جملة الانفال الا ان يقال ان من قال بذلك يمكن ان يقول به فما صار خرابا لا ينتفع به و اما الاجمة فينتفع بهما بما يحدث فيها من القصب و الاشجار فترك المالك عمارتها يمكن ان يكون اكتفاء منه بتلك المنفعة فلا يمكن الحكم بخروجها عن ملكه مع اصالة الاستحباب اذ الروايات الدالة على جواز الاحياء بعد ما صار مواتا لا يبعد حملها على الموات الذى صار بامرة خربة و لا ينتفع به اصل هذا و اما حمل كلام الشارح على تخصيص الاجمة مطلقا بما كان في غير الارض المملوكة و ان ما كانت فيها فهي تابعة للارض سواء كانت لشخص معين او لجميع المسلمين و ان كانت اجمة قبل ان يجرى عليه مسلم فهو و ان كان ظ العبارة كانه لا يقول به احدا و للاكثر اطلقوا كون الآجام من الانفال و ابن ادريس الذى قيّده كلامه ما ذكرنا و هو لا يدل على ذلك و ايضا يصير عد الاجمة من الانفال لغوا محضا بل هى في كل ارض تابعة للارض و يكون ملكا لمالكها فلا اختصاص لها بالامام حتى تعد من الانفال فتأمل

قوله و رءوس الجبال و بطون الاودية

تدل عليهما مرفوعة احمد بن محمد و مرسلة حماد و رواية حسن بن راشد و تدل ايضا على الثانى موثقتا محمد بن مسلم و حسنة حفص بن البخترى

قوله و المرجع فيهما

اى في الجبال و الاودية كما ذكره في المسالك و كذا في الرءوس و البطون و لا يبعد حمل كلامه هاهنا على ما يشملها

قوله و ما يكون بها من شجر و معدن و غير هذا

اذ الظاهر من كونهما من الانفال كونهما مع ما يكون بهما فيها

قوله و ذلك في غير ارضه المختصّة به

قلت كالمفتوحة عنوة و اما في ارضه المختصة به قوله كالأرضين الّتى عدّت في الانفال فظاهر انه له عليه السلام لكن ليس بمقصورة هاهنا بل الحكم على الارضين المذكورة بانها للامام يشمل جميع اجزائها و ما يتعلق بها من جبل واد و ما يكون بها فتعيّن ان يكون المراد هاهنا ما يكون من الجبال و الاودية في ساير الارضين سواء كانت مشتركة بين جميع المسلمين او مختصر بمالك كما يظهر من اطلاق العبارة هذا في الارض المختصة به عليه السلام من حيث انه امام و اما في الارض المختصة به عليه السلام لا من حيث انه امام بل للبيع و الهبة مثلا فيمكن ان يكون داخلا في الحكم المذكور هنا لعدم سبقه و حينئذ فيكون مراد الشارح بارضه المختصة من حيث انه امام و يمكن ان يكون خارجا عنه فيكون حكمه مهملا في الآية الا على الظهور انه اذا كان الجبال و الاودية في ملك غيره له عليه السلام فبطريق اولى ما كان في ملكه عليه السلام و حينئذ فلا حاجة الى اخذ الحيثية في كلام الشارح لكن فيه انه لا وجه لاخراجه من الحكم المذكور و التمسّك بالحوالة على الظهور بل لو حمل كلام المصنف على العموم بحيث يشمل جميع الاودية سواء كانت في ارضه عليه السلام اى ارض كانت او في ارض غيره لكان اولى او من شمول الحكم الارض للجبال و الاودية التى فيها خفاء لا يخفى و يمكن ان يكون مراد الشارح هو بيان الفرد الخفى اى ذلك في غير ارض المختصة به عليه السلام ايضا و اما فيها فظاهر فتأمل انتهى و الظاهر ان مراد الشارح هو ما ذكرنا آخرا و غرضه الرد على ابن ادريس كما فعله المصنف في البيان فانه بعد ما عدّ من الانفال رءوس الجبال و بطون الاودية قال و منع ابن ادريس من اختصاص الامام برءوس الجبال و بطون الاودية على الاطلاق بل قيد ذلك بما يكون في موات الارض او الارض المملوكة للامام و هذا القول يقتضى الى التداخل و عدم الفائدة في ذكر اختصاصه بين من النوعين انتهى فما ذكره الشارح ايضا اشارة الى ما ذكره و ان ذلك في غير الارض المختصة به عليه السلام ايضا و الا فلا فائدة في التخصيص و ان عبارة ابن ادريس في السرائر في تضاعيف عدّ الانفال هكذا و رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام التى في ملاك المسلمين بل التى كانت مستاجمة قبل فتح الارض و المعادن التى في بطون الاودية التى هى ملكه و لك رءوس الجبال فامّا ما كان من ذلك في ارض المسلمين و يد مسلم عليه فلا يستحق عليه السلام بل ذلك في الارض المفتحة عنوة على المعادن التى في بطون الاودية التى هى ملكه و كذلك رءوس الجبال انتهى و لا يخفى ان ما نسبه المصنف اليه و اعترض عليه لا يظهر من كلامه بل اولا مطلق في رءوس الجبال و بطون الاودية و قوله و المعادن التى في بطون التى هي ملكه و كذلك رءوس الجبال لا ينافى ذلك الاطلاق و لا يدل على تخصيص بطون الاودية و رءوس الجبال اللتين عدهما من الانفال بما كان منها في ملكه عليه السلام بل يجوز ان يكون ذلك صفة كاشفة و قوله في بطون الاودية مما هى له ايضا يمكن ان يكون مما هى له صفة موضحة اى الكانية مما هى له و من جملتها و على هذا فلا يدلّ عليه تخصيص في رءوس الجبال و بطون الأودية اصلا بل انما تدل على تخصيص المعادن بمكان في ملكه عليه السلام بخصوصه او في بطون الاودية و رءوس الجبال اللتين هما ملكه عليه السلام باعتبار الامامة او في الارض المفتوحة عنوة التى يشترك فيها المسلمون و يخرج المعادن التى كانت في ملك احد من المسلمين و كانت يده عليه و على تقدير ان يحمل مما هى له على التخصيص و التقييد فالظاهر فيه ايضا التخصيص بمثل ما ذكر في المعادن اى ما كان منهما في الارض المختصة به عليه السلام بخصوصه او في الارض المفتوحة التى تشترك فيها المسلمون فلا يخرج منها الامام كان منها في الارض المختصة باحد المسلمين كما ظهر من كلامه في الآجام ايضا و على هذا اوّلا يرد عليه ما نقلنا عن البيان اذ يكفى في فائدة تخصيصها بالذكر او حال ما كان منهما في الارض المفتوحة عنوة علىّ بن ادريس لا يقول باخبار الآحاد فلعلّ ما ثبت عنده كونه من الانفال بالاجماع هو القدر الذى ذكره و لم يثبت ذلك فيما كان في ملك احد من المسلمين و الروايات و وجوب

حملها على العموم

ص: 342

حذرا من اللغوية لا تصير حجة عليه لعدم تواترها و يمكن دفع هذا بان مراد المصنف ليس الردّ على ابن ادريس بمخالفة مذهبه لتلك الروايات حتى يرد عليه بل مراده انه على طريقتهم من العمل باخبار الآحاد و لا يمكن الذهاب الى ما ذهب اليه ابن ادريس فانه حينئذ بلغو التخصيص في الرّوايات المذكورة فلا يرد عليه الا ما ذكر اولا من عدم لزوم اللغوية المذكورة في العموم و للاطلاق فعلى تقدير العمل باخبار الآحاد لا وجه للتخصيص المذكور سوى ان الظاهر و الاصل فيما كان في ملك احد من المسلمين بان كان في ملكه و اسلم طوعا بقاؤه في ملكه كذلك و عدم انتقاله منه فالحكم بانتقاله اليه بمجرّد عموم تلك الروايات او اطلاقها لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد ترجيح الاصل و الاستصحاب و فيه ان يكون رءوس الجبال و بطون الاودية تابعا للارض مطلقا و كونهما ملكا لمن كان حجة فيه فكان العمل بعموم الرّوايات المذكورة اولى لعدم ظهور معارض لها هذا هو الكلام في ايراد البيان على ابن ادريس و اما الكلام الشارح فان حمل كلام ابن ادريس أيضا على العموم فيهما فليس فيه اشارة الى ردّ عليه بل غرضه مجرد عموم الحكم و عدم اختصاصه بما كانا في ملكه بخصوصه او بالامام و ان حمل كلام ابن ادريس على التخصيص الذى ذكرنا فان حمل كلام الشارح على ان ذلك في غير الارض المختصة به عليه السلام مط فيكون اشارة الى الرد على ابن ادريس حيث لم يقل بذلك الاطلاق و ان حمل على انه في غير الارض المختصة به عليه السلام ايضا في الجملة لئلا يرى تنتفى فائدة تخصيصها بالذكر فهو ينطبق لا على القول باطلاق و على قول ابن ادريس ايضا فانه ايضا يقول بشمولهما لما كان في الارض المفتوحة عنوة و هى ليست مختصّة به عليه السلام و لكن ظاهر كلامه الاطلاق و في هى و له رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام و كل ارض ميّتة لا ربّ لها قال ابن ادريس المراد برءوس الجبال و بطون الاودية ما كان في ملكه عليه السلام و الارض المختصة به عليه السلام فاما كان من ذلك في ارض المسلمين و يد مسلم عليه فلا يستحقه عليه السلام فلا يخفى انه يفهم منه انه ايضا حمل كلام ابن ادريس على ما حمله في البيان و مع ذلك فظاهره التردّد فيه حيث لم يصرّح بردّ و لا قبول و قد عرفت ان كلام ابن ادريس لا يدل على التخصيص بما كان في ملكه عليه السلام بل كلامه في المعادن صريح في شمولها لما كان في الارض المفتوحة عنوة و يبعد جدّا ان يكون تخصيصها به عليه السلام ازيد من تخصيص الجبال و الاودية نعم ما ذكره بقوله فامّا ما كان لا يبعد ان يكون ظاهر كلامه ثمّ ان تردّده كانه ليس في موقعه خصوصا على ما حمل كلام ابن ادريس عليه لما عرفت من ظهور الرّوايات في العموم و عدم ظهور معارض لها يصلح لتخصيصها بما ذكره و هى لا تقتصر من العمومات التى عملوا بها في كثير من المسائل و قال المحقق في المعتبر قال الشيخان رءوس الجبال و الآجام من الانفال و قيل المراد بها كان في الارض المختصة به و ظاهر كلامها الاطلاق و لعل مستند ذلك رواية الحسن بن راشد و نقل الرواية التى نقلناها عنه سابقا في الآجام و الظاهر ان القيل اشارة الى ابن ادريس لا يدل على ما فهمه لا هنا و لا في الآجام بل كلامه في الآجام ابعد مما فهمه من كلام هنا منه كما يظهر بالتامّل فيما ذكرنا هناك فتذكر و امّا تردده فقد ظهر حاله و قال صاحب المدارك عند قول مصنّفه رءوس الجبال و ما يكون بها و كذا بطون الاودية و الآجام اطلاق النص و كلام اكثر الاصحاب يقتضى اختصاصه عليه السلام بهذه الانواع الثلاثة من أيّ ارض كانت و منع ابن ادريس من اختصاص الامام بذلك على الاطلاق بل قيده بما يكون في موات الارض و الارضين المملوكة الامام و رده الشهيد في البيان بانه يقتضى الى التداخل و عدم الفائدة في ذكر اختصاصه بهذين النوعين و هو جيد لو كانت الاخبار المتضمنة لاختصاصه عليه السلام بذلك على الاطلاق صالحة لاثبات هذه الحكم لكنها ضعيفة السّند فيتجه المصير الى ما ذكره ابن ادريس قصرا لما خالف الاصل في موضع الوفاق انتهى و قد عرفت ما في حمل كلام ابن ادريس على ما فهّموه سيما في الآجام و المصنف ايضا في البيان لم يتعرّض لنقل خلاف عن ابن ادريس في الآجام

و ردّ عليه بل انما فعل ذلك في رءوس الجبال و بطون الاودية كما تنادى به عبارة ما نقله هو ايضا حيث قال بهذين النوعين فنسبة ذلك في الثلاثة الى ابن ادريس و نسبة ردّه مع قوة اسناد بعضها على ما لا فائدة فيه مشكل جدا و ما ذكره من قصر الحكم المخالف للاصل على موضع الوفاق لا يخلو عن خفاء فانه ان اراد انتقال هذه الثلاثة الى الامام مخالف للاصل فيقتصر فيه موضع وفاق و ما كان في الموات او الارضين المملوكة للامام ففيه ان كون الاصل ذلك غير ممنوع لما عرفت من احتمال ان يكون الجبال او الاودية دائما للحجة في زمانه و هو يأتى في الآجام ايضا اذا كانت مستاجمة في للاصل و لو سلم هذا فانما يتم فيما كان فيما اسلم عليه اهله طوعا و اما في المفتوحة عنوة فكما انّ الانتقال الى الامام خلاف الاصل و كذا الانتقال الى المسلمين و ليس بشي ء منهما موضع الوفاق فلا ترجيح للثانى على الاول و ان اراد ان الاصل في هذه الثلاثة ان تكون تابعة للارض التى هى فيها فالحكم بها لغير صاحب الارض مخالف للاصل فيقتصر فيه على موضع الوفاق ففيه بعد تسليم اصل المذكور انّه ليس على هذا موضع وفاق وقع فيه خلاف الاصل المذكور اذ على ما اختاره هذه الثلاثة تابعة للارض مطلقا و كون لصاحبها فلم يقع فيه مخالفة لذلك الاصل اصلا و يمكن اختيار الاوّل بناء على تسليم الاصل المذكور بان يقال ان ذلك لترجيح قول ابن ادريس فيما اسلم عليه اهله طوعا بأن فيه اقتصار الحكم المخالف للاصل و هو اختصاص الامام على موضع الوفاق و اما ترجيحه في المفتوحة عنوة فكانه باعتبار امر آخر و هو موافقة قوله الاصل بتبعيتها للاصل بخلاف القول المشهور فانهم يحكمون فيهما بكونهما للامام مع كون الارض للمسلمين فتدبّر و كلام خالى المحقق طاب ثراه في شرح الارشاد قريب منه مما نقلنا عن المدارك لكنه لم يرجّح قول ابن ادريس بل ذكر ان ظاهر كلام الاصح اختصاص هذه الثلاثة بالامام من غير تقييد ثمّ نقل ما نقلنا عن ابن ادريس بعبارته ثمّ نقل ردّ الشهيد عليه ثمّ نقل عبارة المعتبر ثمّ قال و يظهر منهما الميل الى قول ابن ادريس و قال و لا يخفى ان المستند غير منحصر في الرواية المذكورة بل مرسلة حماد و مرفوعة احمد بن محمّد ايضا و اللتان عليه و المسألة محل تردد فيمكن ترجيح المشهور نظرا الى تكثر الرّوايات الواردة به و ان لم يكن شي ء منها ففى السند و يمكن ترجيح قول ابن ادريس قصرا للحكم المخالف للاصل على القدر المتيقن انتهى و يظهر لك بما فصّلنا حال ما ذكره و انه اقتصر على المنقول و لم يمعن النظر له ما وقع لهؤلاء الفحول من الغفول و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله يمكن ان يكون المراد برءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام كونها مطلقا في أيّ موضع كان كما في املاك الناس المحترم مالهم كما هو ظاهر الروايات و العبارات لكنه بعيد الظاهر ان كان في ملكهم و ايديهم لهم كسائر اموالهم الا ان يقال الارض لم تملك الا بالاحياء و لا احياء فيها غالبا و على تقدير الوجود المراد الموات منها و يمكن ان يكون المراد ما لا يكون في ملك الغير و تحت يده و قيده به كالأموات منها و ترك الظهور كما قال المصنف في هى قال ابن ادريس المراد برءوس الجبال و بطون الاودية ما كان في ملكه و الارض المختصّة به ما كان من ذلك في ارض مسلم و يد مسلم عليه ما يكون في ملك من لماله حرمة و مع ذلك يلزم

ص: 343

ان يكون ذكر بطون الاودية و نحوها بعد ذكر الارض المختصّة به عليه السلام لغوا و يمكن كونه لدفع توهّم انها لا يملك قال في شرح الشرائع لا يخفى ان المراد بها ما كان في غير ارضه عليه السلام المتقدمة و المرجع في الجبال و الأودية الى العرف ففيه تامّل انتهى و ما ذكره من البعد لا وجه له اذ لا دليل تام على ان كل فيما ملكهم و ايديهم لهم و لا على ان احياء الارض احياء لما فيها من رءوس الجبال و بطون الاودية ايضا نعم ما قيل الأحياء منهما بنفسه و وقع احياؤه و لا يبعد ان يحكم بكونه له و يخص الحكم بكونهما للامام بالموات كما ذكره لانه هو الغالب فيهما و حينئذ فتخصيصها بالذكر كانه باعتبار عدم ظهور شمول الموات لهما و منه يظهر ان الاحتمال الآخر الذى ذكره و هو التقييد و ان يكون تركه للظهور فيه ما فيه لعدم ظهور له و ما ذكره في دفع اللغوية يتجه عليه انه مع احتمال انها لا تملك لا يمكن الحكم بالظهور الذى ذكره فالظاهر فيها ورد بكونهما للامام هو العموم و الاطلاق لا التقييد الذى حكم بكون تركه للظهور و هو ظاهر وجه تامّله فيما نقله عن لك انما حكم بعدم خفائه ليس كذلك لما ذكره من احتمال التقييد بما كان في ارضه عليه السلام و قد عرفت بعد ذلك الاحتمال و انه يوجب لغوية ذلك التخصيص فيتجه ما ذكره الشارح فتدبّر

قوله و صوافى ملوك الحرب

و قطائعهم في اكثر عباراتهم صفايا الملوك و قطائعهم و الصّفايا جمع صفية و الظاهر منها كل ارض اختارها الملك لنفسه لنفاستها او مطلقا و يمكن ان يكون عاما في كل عين كذلك من غير اختصاص بالأرض و القطائع جمع قطيعة و قطعة و الظاهر منها ايضا الارض التى ابانها الملك و افوزها لنفسه و يمكن ايضا عمومها لكل عين كذلك و لا يبعد عموم الاول و خصوص الثانى و اما العكس فيبعد جدا كما يظهر تتبع استعمالاتهم و على هذا فلو حمل كل منهما على العموم و الخصوص يكون الثانى تاكيد الاول و لو عمم في الاول و خصوص الثانى يكون الثانى ذكرا للخاص بعد العام لزيادة تاكيد فيه او يكون المراد بالاول بقرينة المقابل ما عدا الارض و قال في المسالك عند قول مصنّفه من قطائع و صفايا الضّابط ان كل ما كان لسلطان الكفر من مال غير مغصوب من محترم المال فهو لسلطان الاسلام و قد قيل ان الصّفايا ما ينقل من المال و القطائع ما لا ينقل انتهى و كانه لما كان في كون كل منهما لغة للعموم و الخصوص او بالتفريق خفاء لم يتعرض ليتحقق ذلك بل ذكر ضابطا لما هو مرادهم من مجموعهما و انه هو ما ذكره فيجب حملها على ما ينطبق على ذلك ثمّ نقل ما قيل من التفصيل الذى هو احد الوجوه التى ينطبق على ما هو مرادهم و سكت عليه اما لاستحبابه له و العدم حاجة الى تحقيق الامر فيه بعد العلم بمرادهم و الظاهر ان بناء ما قيل في تخصيص الاول مما ينقل على مرتبة مقابلة قلنا في ان الظاهر معه ما لا ينقل لان الظاهر من الصّفايا منفردا هو خصوص ما ينقل فانه لا يظهر ذلك من اطلاقاتهم و المصنف اورد بدل الصّفايا الصوفى او هى جمع الصّافية و قال الازهرى يقال لضياع التى يستحقّها السّلطان الخاصة الصوفى او على هذا فالظاهر من كل التخصيص بالارض و يمكن حملها على كل ملك خالص للمالك و حمل الثانية ايضا على العموم او حمل الثانية على العموم كما هو ظاهره و حمل الاولى على الخالص مما ينقل بقرينة المقابلة كما ذكرنا و قال المحقق في المعتبر و من الانفال صفايا الملوك و قطائعهم و معنى ذلك اذا فتحت ارض من اهل الحرب و ما كان يختص به ملكهم مما ليس بغصب من مسلم بكون الامام كما كان للنّبى صلّى اللّه عليه و آله و قال في المنتهى و من الانفال صفايا الملوك و قطائعهم مما كان في ايديهم على غير جهة الغصب بمعنى ان كل ارض فتحت من اهل الحرب فما كان يختصّ بملكهم فهو للامام اذا لم يكن غصب من مسلم او معاهد لان ذلك قد كان للنّبى صلّى اللّه عليه و آله و قد ثبت ان جميع ما كان للنبى صلّى اللّه عليه و آله فهو للامام بعده و لا يخفى ان كلا هاهنا في التذكرة تدل على الثانى فانه قال و منه صفايا الملوك و قطائعهم التى كانت في ايديهم على وجه غير الغصب على معنى ان كل ارض فتحت من اهل الحرب و كانها لملكها مواضع مختصّة به غير مغصوبة من مسلم او معاهد بان ملك المواضع للامام عليه السلام ان ما راينا من الرّوايات في هذا الباب هو صحيحة داود بن فرقد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قطائع الملوك كلها للامام ليس للناس فيها شي ء و مرسلة حماد الطويلة المتقدمة و ان فيها و له صوافى ملوك ما كان في ايديهم غير وجه الغصب لان الغصب كله مردود و مضمرة سماعة الموثقة قال سألت عن الانفال فقال كل ارض خربة او شي ء كان للملوك و هو خالص للامام ليس للناس منها سهم و لا يخفى ان الاولى يختصّ بالقطائع فلا بدّ من تحقيق معناها و الثانية يحتمل وجهين احدهما ان يكون قوله عليه السلام ما كان في ايديهم من غير وجه الغصب تفسيرا للصوافى و حينئذ تدل على العموم و الثانى اما يكون تخصيصها للعموم بما كان في غير الغصب ايديهم على وجه غير الغصب و حينئذ لا بدّ عن تحقيق معناه لغة هذا على ما في الكافي و في التهذيب مما كان في ايديهم و هو ظاهر في الثانى و الثالثة ظاهرها و لا يخفى ان الحكم بالعموم كما فعله الشارح بمجرد تلك الرواية مع اضمارها و عدم صحتها مشكل جدا فالظاهر بناء الحكم على عموم القطائع و الصوافى او خصوصهما و امّا ما ذكروا العلامة من ان ذلك كان للنّبى صلّى اللّه عليه و آله فلم اقف على ما يدل عليه

حتى ينظر في دلالته على العموم او الخصوص على انه لا ثمرة مقيدا بها و تحقق ذلك و بما تلونا عليك ظهر لك ان التعبير بالصوافى كما فعله المصنف اولى من الصّفايا لورودها في الخبر بخلاف الصّفايا فتدبّر و اعلم ان من الانفال ايضا ما يصطفه النبي صلّى اللّه عليه و آله او الامام عليه السلام من الغنيمة من الفرس الجواد و الثوب المرتفع و الجارية الحسناء و السّيف العامر و ما اشبه ذلك ما لم يجحف بالقائمين قال في المنتهى ذهب اليه علماؤنا اجمع ما استدل عليه برواية ابى الصباح الموثقة قال ابو عبد اللّه عليه السلام نحن قوم فرض اللّه طاعتنا لنا الانفال و لنا صنعوا بمال الحديث و رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألت عن صفو المال مال للامام تؤخذ الجارية الروقة و المركب الفارة و السيف القاطع و الدّرع قبل ان يقسم الغنيمة هاهنا صنعوا المال فيدلّ عليه ايضا صحيحة ربعى التى نقلناها في بحث تقسيم الخمس فتذكر

قوله و ميراث فاقد الوارث

هذا هو مذهب علمائنا اجمع على ما ذكره في هى و خالف فيه الجمهور كافة و قالوا انه للمسلمين اجمع و يدل على ما ذهب اليه الاصحاب من الروايات المتقدمة مرسلة حماد الطويلة فان فيها و هو وارث من لا وارث له و لا مولى عتاقه فيمن جريرته فماله من الانفال و رواية تغلب عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و لا وارث له و لا مولى هو من اهل هذه الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ و رواية اخرى عنه و رواية الحلبى قال يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ قال ممن مات و ليس له مولى فماله من الانفال و لا تعارض هذه الرّوايات ما روى مرفوعا الى امير المؤمنين عليه السلام في الرّجل يموت و ترك ما لا و ليس له وارث فقال امير المؤمنين عليه السلام اعط همشاريجه و ما روى ايضا مرسلا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال مات رجلا على عهد امير المؤمنين عليه السلام لم يكن له وارث فدفع امير المؤمنين عليه السلام ميراثه الى همشيرجه على انهما بعد تسليم سندهما يمكن حملها على ان ذلك كان عطية منه عليه السلام لهم فلا يلزم ان يكون حقا لهم شرعا و لا يخفى انه على هذا لو اتفق ذلك في زماننا و جوّزنا دفع للامام عليه السلام الى المستحقين بشهادة الحال كما هو الظاهر فالاولى دفعه الى المستحقين من همشاريجه مع وجودهم و هو ظ

ص: 344

و لا فرق في ذلك بين المسلم و الكافر كما صرّحوا به

قوله و الغنيمة بغير اذنه

قد فصّلنا الكلام فيه في اوّل الكتاب فارجع اليه

قوله و المشهور ان هذه الانفال مباحة حال الغيبة

هذا يدل على ان المشهور يفرق بين الخمس و الانفال و انهم يحكمون مما سبق من انه لا يحيل منه شي ء حال الغيبة بغير و خصة الا ما استثنى هناك من المناكح و المساكن و المتاجر و الانفال مباحة على الغيبة مطلقا و قد نقلنا سابقا اكثر عباراتهم و ظاهرها كما يظهر لك بالنظر فيها عدم الفرق بينهما و ان من اقتصر في التحليل على الثلاثة قال بذلك في الخمس و ساير حقوقه عليه السلام و من عم التحليل فقد عمّه و لجميع يعم المشهور في خصوص الاموات جواز اخفائها و حال الغيبة لكل من اراد اخبارها بل الظاهر انه لا خلاف فيه للرّوايات الواردة بان من احيى ارضا ميتة فهي له لكن يظهر من بعضها ان ذلك له الى ان يظهر القائم عليه السلام ما ذا ظهر فله اخذها منه و امّا ساير الانفال من الاراضى و غيرها فلا يظهر من كلام اكثرهم فرق بينهما و بين الخمس نعم كلام المصنف في البيان و الدروس تدل على الفرق بانه في البيان ذكر في آخر بحث الخمس انه رخّص حال الغيبة المناكح و المساكن و المتاجر و فسّرها ثمّ انه ذكر انه يلحق بالخمس الانفال وعدها ثمّ قال و مع وجوده لا يجوز التّصرف في شي ء من ذلك بغير اذنه و لو تصرّف متصرّف اثم و ضمن و مع الغيبة فالظاهر اباحة ذلك لشيعته و هل يشترط في المباح له الفقر ذكره الاصحاب في ميراث فاقد الوارث اما غيره فلا و لا يخفى دلالته على ما ذكرنا و في الدروس ذكر بعد بحث الخمس ان الانفال للامام عليه السلام وعدها ثمّ قال و لا يجوز التصرف في حقه بغير اذنه و في الغيبة تحل المناكح و فسّرها ثمّ ذكر المساكن و فسّرها ايضا ثمّ المتاجر كذلك و بعض التفسيرات التى ذكرها ينطبق على الخمس و بعضها عد الانفال ثمّ قال و الاشبه تعميم اباحة الانفال حال الغيبة كالتّصرف في الارضين الموات و الامام و ما يكون بها من معدن و شجر و بنات الفحوى و رواية يونس و الحرث نعم لا يباح الميراث الا الفقراء بلد الميّت انتهى و ظاهره انه رخص التحليل بالثلاثة و الخمس و الانفال جميعا كما هو المشهور ثمّ اختار تعميم اباحة الانفال دون الخمس و انا لم اقف على دليل لذلك الفرق في غير الموات كما ذكرنا و ما تمسّك به من فحوى رواية يونس و الحرث ففيه ما فيه فان رواية يونس كما نقلنا سابقا هكذا قال كنت عند ابى عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك يقع و ايدينا الارباح و الاموال و تجارات تعلم ان حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصّرون فقال ابو عبد اللّه عليه السلام ما انفقناكم ان كلفناكم ذلك اليوم و لا يخفى انها ظاهرة في الخمس او شاملة للانفال ايضا فاذا دلت على التحليل في زمان الحضور و قلنا بدلالتها عليه في زمان الغيبة ايضا بالفحوى بما فيه من زيادة تعذر الايصال اليه عليه السلام و سلم ذلك في جميع ازمنة الغيبة فتدل على ذلك امّا في خصوص الخمس او في الجميع فالتحصيل بالانفال دون الخمس لا وجه له اصلا و رواية الحرث كما نقلنا سابقا ايضا هكذا قال قلت له اى لابى عبد اللّه عليه السلام انّ لنا اموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقا قال فلم احللنا اذا لشيعتنا الا لتطيب ولادتهم و كل من والى آبائي فهم في حلّ مما في ايديهم من حقّنا فليبلغ الشاهد الغائب و الكلام فيها ايضا مثل ما ذكرنا في الرواية الاولى فالاستشهاد بهما للفرق المذكور من مثل المط الذى هو علم في التحقيق و التدقيق غريب جدا و في المسالك ذكران ظاهر عبارة المتن تحريم الصّرف في الانفال حالة حضوره و غيبته الا ما يستثنيه و هو المناكح و قسيمه و الاصح اباحة الانفال حالة الغيبة و اختصاص المنع بالخمس عدا ما استثنى و هو اولى بما ذكره هاهنا حيث لم يذكر منه كونه مشهورا لكن في كونه اصح ايضا تامّل بل الظاهر عدم الفرق الا في الموات كما ذكرنا

قوله بفقراء بلد الميت و جيرانه للرّواية

الواردة هى ما نقلنا من الروايتين و ليس في شي ء منهما ذكر خصوص الجيران فالظاهر حذفه لانهم ان كانوا من اهل البلد فداخل فيهم و ليس فهم ذكر في الرواية بالخصوص حتى يحمل ذلك على مزية لهم على ساير اهل البلد و ان لم يدخل فيهم عرفا بان نزلوا في جوازه من غير قصد الاستيطان في ذلك البلد فالظاهر انهم ليسوا الهمشاريج و الهمشيرج مع احتمال صدق الجيران عليهم فلا يعطفون على مقتضى الرّواية مع ان ذكرهم على الخصوص يدل على جواز اعطائهم ثمّ انه لا دلالة على ما في الرواية على اختصاص بالفقراء بالتمسّك بها على اعتبار الفقراء لا وجه له فالحق انه ان تمسّك فيه بالعمومات الدالة على تحليل حقوقهم فالظاهر عدم اعتبار الفقر و ان تمسّك بشهادة المال برضاهم عليه السلام فينبغى اعتبار الفقر فتدبّر

قوله و هو قوى

لا وجه للحكم بقوله مع اعتقاد اباحة التصرّف في الانفال حال الغيبة مطلقا لغيره اى لغير الميراث كسائر الانفال و بناء كلام هذا القائل ايضا على عدم اعتبار الفقر في ساير الانفال و قد عرفت انه على تقدير القول به ما لقوّة لهذا القول لعدم امور مخصّص فيه بالفقر فتدبّر

قوله و اما المعادن الظاهرة و الباطنة

كلامهم في تحقيق معادن الظاهرة و الباطنة مشوّش جدّا و الذى يظهر من الشارح في فتاويهم ان الظاهرة هما ما يبدو جوهرها من غير عمل اى لا يحتاج الى حفر شي ء من الارض لظهوره و لا الى عمل و معالجة لحصوله و ان احتاج الى عمل و تعب في حفرة و اخذه و الباطنة هى التى يحتاج الى احدهما اما بان يكون في قعر الارض كالياقوت الكائن في الارض او يكون على وجه الارض لكن تحتاج الى عمل ليظهر ذلك الجوهر كما في الذهب يظهر بعد اذابة حجره او ترابه و هذا الاختلاف القسمين و الاحكام كما سيجي ء في كتاب الاحياء

قوله فالنّاس فيها شرع

اى متساوون لا فضل لاحدهم فيها على الارض و هو مصدر بفتح الراء و سكونها و يستوى فيه الواحد و الاثنان و الجمع و المذكر و المؤنث كذا في النّهاية

قوله و قيل هى من الانفال ايضا

هذا القول نقله في المعتبر عن الشيخين و قالا فان كانا يريدان ما يكون في الارض المختصة به امكن اما ما يكون في ارض و لا يختص بالامام عليه السلام ما توجه انه لا يختص به لانها اموال مباحة تستحق بالسبق اليها و الاخراج لها و الشيخان يطالبان بدليل ما اطلقاه انتهى و كان ما ذكره من انها اموال مباحة مبنى على ما ذكره الشارح من اصالة عدم الاختصاص اذ لا يظهر دليل آخر له و في المنتهى نقل غير المعادن من الأنفال من الشيخين و نقل عن ابن ادريس انه منع الاطلاق في ذلك بل له من المعادن ما كان في الارض المختصة له اما ما كان في الارض المشتركة بين المسلمين او لمالك معروف فلا اختصاص له به قال و الوجه ما قاله ابن ادريس و لم نقف للشيخين على حجة في ذلك و قال الفاضل المحقق خالى طاب ثراه لعل مستند الشيخين ما رواه علىّ بن ابراهيم بن هاشم في تفسيره عن اسحاق بن عمّار في الموثق قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال بنى القربى التى قد ضربت و انجلا اهلها فهي للّه و للرّسول و ما كان لمملوك فهو للامام و ما كان في ارض خربة لم يرجف عليها بخيل و لا ركاب و كلّ ارض لا ربّ لها و المعادن فيها و من مات و ليس له مولى فماله من الانفال و الترجيح للعمل بهذا الخبر لانه معتبر قد عمل به جماعة من القدماء انتهى و لا يخفى ان التّقييد بقوله قد ضربت في اوّل الخبر لا يخلو عن اشكال اذ الارض التى انجلا اهلها من الانفال و ان كانت عامرة الا ان يراد بخرابها مجرّد انجلاء اهلها عنها و بقاؤها بلا ربّ و كذا التقييد

ص: 345

بالخربة فيما لا يرجف بخيل و لا ركاب و لا يظهر له وجه فان ما كان كذلك من الانفال و ان كانت عامرة ثمّ انه قد قيّد المعادن فيه بقوله فيها فلا يصلح حجة لما اطلقه الشيخان بل يكون شاهد العدم الاطلاق و في بعض النسخ التفسير المذكور منها يدل فيها و حينئذ يحتمل التقييد و الخربة فلا يصلح ايضا للاحتجاج به للاطلاق الذى ذكره الشيخان القيام احتمال التقييد و اعلم ان قوله عليه السلام و ما كان للمملوك ظاهره العموم فيمكن الاحتجاج به الظاهر على ما ذكره الشارح سابقا من العموم لكن لا يبعد حمله على الاراضى بقرينة سابقه و لاحقه و يؤيد ايضا ضمير هى هذا ثمّ انه طاب ثراه قال و ربما يتوهم ان الاخبار الواردة في وجوب الخمس في المعادن تدل على خلاف قول الشيخين اذ لا معنى لوجوب الخمس في ماله على الغير و جوابه انه يجوز ان يكون الحكم في المعادن من ان اخراجه باذن الامام يكون خمسه للامام و الباقى كما صرّح به الكلينى و سلّار و معنى كونه عليه السلام مالكا للمجموع ان له التصرف في المجموع بالاذن و المنع فمعنى الاخبار الدالة على ان في المعادن ان من اخرجها على الوجه الشرعى كان عليه الخمس و هو انما يكون مع اذن الامام عليه السلام و ما ذكروه من تصريح الكلينى هو كما ذكره فانه بعد ما ذكر انه ما لم يرجف عليه بخيل و لا ركاب فهو من الأنفال قال و كذلك الآجام و المعادن و البحار و المعادن هى للامام خاصة فان عمل فيها قوم يأذن للامام ملتهم اربعة اخماس و للامام عليه السلام خمس و الذى للامام يجرى مجرى الخمس و من عمل فيها بغير اذن الامام و الامام يأخذه كله و ليس لأحد فيه شي ء و كذلك من عمر شيئا او اجرى قناة او عمل في ارض خراب بغير اذن صاحب الارض فليس له ذلك فان شاء اخذها منه كلّها و ان شاء تركها في يده انتهى و ظنّى ان ما ذكره تعسّف و الاظهر ان يقال ان اخبار الخمس لا تدل الا وجوب الخمس في المعادن و ليس فيها تعيين من وجب عليه و انه غير الامام فاذا قلنا ان المعادن كلها للامام فلا يعد في القول بوجوب الخمس عليه عليه السلام و كون الباقى عليه السلام ثمّ يقسم الخمس فيكون لهم عليهم السلام منه له ايضا و يكون سهم الباقين لهم و ليس في العقل غضاضة على ذلك بل الظاهر كما اشرنا اليه في الكتاب فيما وجد عليه السلام لزم ان يكون حكمه كذلك و كذا فيما اذا اخذ شيئا من المعادن على القول يكون الناس فيه شرعا سواء على هذا فلم لا يجوز ان يكون الامر على القول بكونهما له عليه السلام ايضا كذلك و ايضا فيما عمل فيهما احد بغير اذنه عليه السلام ان قال بكون الجميع له عليه السلام من غير خمس كما هو ظاهر كلامه فتحدسه عمومات الخمس و ان قال بكون الجميع له بعد اخراج الخمس فلم لم يتخير القول به مطلقا و اما من عمل فيها باذنه عليه السلام فان كان في زمان الحضور فينبغى في ذلك مقتضى اذنه و ان كان في زمان الغيبة بناء على ما يدل من الاخبار على عموم تحليلهم عليه السلام حقوقهم لشيعتهم عليه السلام على القول به فيحكم بحلية الجميع غير سهم الباقى من الخمس و اما سهم الباقى فالظاهر وجوب صرفها فيهم و اللّه تعالى يعلم

قوله اما الارض المختصّة به

هذا اعم من ان يكون اختصاصا باعتبار المالكية بالخصوص او باعتبار الامامة كما ظهر من قول الشارح سابقا و ما يكون بهما من شجر و معدن

قوله في غير المعادن المملوكة تبعا

اى المملوكة ملكا خاصا لأحد او قوم على هذا فما يكون الناس فيه شرعا سواء هو ما يكون في الاراضى المفتوحة عنوة لعدم كونها ملكا لأحد بل تصرّف غلّتها في مصالح المسلمين و لا يخفى انه ان حكم تبعيّة ما في الارض لها فالظاهر الحكم به مط فيكون في المفتوحة عنوة تابعا لها بان يصرف حاصلها في مصالح المسلمين كسائر غلّتها و ان لم يحكم به فيها فلا يحكم به في شي ء منها فيكون الناس في الجميع شرعا سواء فالتّفصيل الذى ذكره الشارح حسن فيه فاحسن التأمّل

قوله او بالاحياء

اى باحياء خصوص المعدن في الاراضى المباحة بدون احياء الارض بان يحضر الارض الى ان يبلغ نيل الجوهر او يعمل عملا يحصل به الجوهر كان يساق الماء الى الارض الملحة فينعقد ملحا هذا و اعلم انه قد نقلوا عن المفيد انه عد البحار ايضا من الانفال و كان ذلك فيما نقلنا عن الكلينى ايضا و لم يظهر له مستند و اللّه تعالى يعلم

[كتاب الصّوم]

[ما هو المراد بالصوم]

كتاب الصّوم

و اما دخله من حيث جعله كفّار و هو امر عدمى حمل الترك على الكف و الامساك كما هو معنى الصوم لغة فلذا حكم بانه امر عدمىّ و المشهور بين الاصوليين ان الكف امر وجودى و لذا الحكم ذهبت الاشاعرة الذين لم يجوّز و التكليف بالامر العدمى بان المط في النهى هو الكف و حينئذ فيمكن حمل الكف هاهنا ايضا لكن في تحصيل معناه اشكال و كانه يمكن حمله الى ما ذكره الشارح من العزم و التوطين فتأمل ثمّ الظاهر انه لا محذور في التزام كونه امرا عدميّا و جعل الصوم المامور به عبارة عنه و كذا في التزام صحة الاخلال به و منع عدم وقوع الاخلال الا بالفعل كل ذلك يظهر لمن حقق الأصول

[موارد قضاء الصوم في غير الكفارة]

قوله في الماء دفعة واحدة عرفيّة

المراد بالدفعة مقابل التعاقب بان يغمس نصف رأسه مثلا اوّلا ثمّ يخرجه و يغمس النصف الآخر لا مقابل التدريج اذ لا ريب في حصول الارتماس هنا و ان وقع تدريجا في زمان طويل

قوله يقع فاسدا

ذكر في المسالك ان هذا انما يحسن ان وقع الغسل في حال الاخذ اما لو وقع في حال الاخذ في رفع الراس من الماء فانه يجب الحكم بصحته لان ذلك واجب محض لم يتعلق به نهى اصلا فيبقى المقتضى الفساد

قوله و لو نسى صحّ

و الجاهل عامدا كذا في شرح الشرائع التعلم على بعض الوجوه و الكلام فيه مجال بل لا يبعد القول النهى الى الجاهل و عدم انحصار اثمه في التقصير في التعلم و كانه ذهب الى ان تارك الواجب بترك المقدمة انما يأثم بترك المقدمة فقط و هو بعيد كما يظهر لمن حقق الاصول

[القول في شروطه]

قوله و الاولى كونه تمرينا لا شرعيّا

اختلف الاصحاب في عبادة الصّبى هل هى شرعيّة بمعنى انها مستندة الى امر الشارع فيستحق عليها الثواب ام لا بل هى تمرينيّة فذهب الشيخ و جماعة الى الاول بناء على ان الامر بالشى ء امر بذلك الشي ء بمعنى ان الظاهر من حال الامر كونه مريدا لذلك الشي ء و قال بعضهم كالعلامة في المختلف الى كونها تمرينية بناء على منع المقدمة المذكورة و تمسكا بان التكليف مشروط بالبلوغ و مع انتفائه ينتفى الشروط و قد نوقش في اعتبار هذا الشرط على اطلاقه فان العقل لا يأبى عن توجه الخطاب الى الصّبى المميّز و المعلوم من الشرع انما هو توقف التكليف بالواجب و المحرّم على البلوغ بحديث رفع القلم و نحوه اما التكليف بالمندوب و ما في معناه فلا ثمّ الظاهر انهم فرعوا على ذلك وصف العبادة الصّبى منه بالصحة و عدمها فان قيل بالشرعية جاز الوصف بالصحة و لو قيل بالتمرينية فلا يوصف بصحة و لا فساد ذكر الشارح رحمه الله ان الصحة من احكام الوضع فلا يقتضى الشرعية فيجوز القول بالتمرينية و الصحة و فيه مع ان الصحة في العبادات عبادة اما عن موافقة الامر او سقوط القضاء و ظاهر ان شيئا منهما لا يعقل في فعل ما لم يتعلق به امر و خطاب من الشارع نعم الصحة من المعاملات بمعنى ترتب الاثر و هو لا يقتضى الشرعية الا ان يمنع كون عبادة الصّبى عبادة و يقال ان الصحة فيها ايضا بمعنى ترتب الاثر كخروج الولى عن العهدة مثلا و حينئذ فلا يقتضى الشرعية و هو بعيد فتأمل و اما الايراد على الشارح بان الصحة بمعنى موافقة الامر ليست من خطاب الوضع بل يعرف بمجرد العقل ككونه مؤدّيا للصّلاة و تاركا لها على ما صرّح به ابن الحاجب و غيره كما اورده صاحب المدارك فلا وقع له هاهنا اذ ليس هاهنا مقام تحقيق هذه المسألة و يكفى لحكم الشارح بكونها من خطاب الوضع ذهاب

ص: 346

بعض الاصوليّين اليه و القول بكونها ليست من خطاب الوضع بل هى عقلية لا يضرّ بما هو فرضه هاهنا بل يؤكده فلا وقع كثير المثل هذا الايراد عليه هنا على ان ذلك انما يتوجه على تفسير الصّحة بما فسره و اما لو فسرت بالتفسير الآخر فلا يبعد القول بكونها من خطاب الوضع كما قيل و حكم ابن الحاجب كونها عقلية على التفسيرين منظور فيه ثمّ بما ذكرنا من توجيه كلام الشارح لدفع ما اوردنا عليه يندفع هذا الايراد ايضا اذ الصحة بمعنى ترتب الاثر من خطاب الوضع كما هو المشهور فتأمل

قوله و يدخل في غسل الصبح

اى لو قدمت غسل الفجر ليلا

قوله و ان كان النذر في حال السفر

اى يجب قصد خصوص السفر و ان كان النذر في حال السّفر فلا يتوهم كفاية الاطلاق فيه و الأولى ان يقال يؤخر هذا عن قوله الا اذا اطلق او يذكر بعد قوله منفردا او منضما

قوله بالاطلاق لذلك

اى الشمول للسّفر ايضا و صحة الصوم فيه او لما ذكرنا من ان لإطلاق تتناول السفر اى تمسكا بذلك و هذا اظهر

قوله في غسل الاموات

اى بناء على مذهب المصنف و الاجتزاء تنبيه في الثلاثة لو اراد الغاسل الاحتياط بتعددها لكل غسل فانه لا يتم الى آخره و قد يقال المراد انه يأتى مثله عند المصنف حيث اجتزاء في الثلاثة بنيّة و جعل التعدد اولى كما هنا لو اراد المصنف من الاولوية الاحتياط بتعددها فانه لا يتم الى آخره و فيه بعد و لم نجد ايضا تصريح المصنف باولوية التعدد فيه في شي ء من كتبه

قوله ليفرق بين العدل و غيره

فيه تامّل فانه يمكن ان يجعل مناط الفرق هو افادة ذلك الظن و عدمه فان افاد فهو شياع و ان كان من قول اثنين غير عادلين و ان لم يفد ذلك فلا يقبل الا من عدلين فتأمل

قوله ناقصا مطلقا

مبتدأ من أيّ شهر كان لا من خصوص المحرم كما ذكر في الجدول و يظهر من شرح الشرائع دخول العدول بهذا المعنى ايضا في الجدول

قوله و العلوّ و ان تاخرت غيبوبة بعد العشاء

و قال ابن بابويه و اعلم ان الهلال اذا غاب قبل الشفق فهو لليلة و ان غاب بعد الشفق فهو لليلتين و ان رأى فيه ظل الراس فهو لثلاث ليال و نقل عن المرتضى رض في بعض رسائله انه قال اذا رأى الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية و قال في المختلف الاقرب اعتبار ذلك في الصوم دون الفطر

قوله قال المصنف و التطوّق

قال في المدارك بعد حكم مصنفه بعد اعتبار التطوق هذا مذهب الاصحاب لا اعلم فيه مخالفا

قوله و ما نوى فيه الاقامة قبله

اى قبل القدوم اما لو نوى بعد القدوم فيعتبر قدومه من حين النيّة فان كان قبل الزوال و لم يتناول شيئا وجب الصوم و الا فلا فالمراد بالقبلة ما يتناول المقارنة بقرينة جعله مقابلا للبعد فانه لو نوى الاقامة مقارنا ايضا فتحقق القدوم حينئذ و يحتمل ايضا ارجاع الضمير الى كل من رؤية الجدار و سماع الاذان و المعنى على التقديرين واحد و اما ارجاع الضّميرين الى الزوال كما فعله سلطان المحققين فهو كما ترى فتبصّر

قوله و ان كان افضل

اى الترتيب و تقديم الاول فالاول افضل و قال في الدروس هل يستحب نية الاول فالاول فيه اشكال و انت خبير بانه لم يوجد في الروايات ما يدل على استحباب ذلك فالاولى عدم التعرض في النيّة لذلك اصلا

قوله و كذا لا ترتيب

و نقل في الدروس عن ابن ابى عقيل انه لا يجوز صوم النذر و الكفارة لمن عليه قضاء رمضان و قال في موضع آخر من س و في وجوب تقديم القضاء على الكفارة اشكال

[مسائل]

[الأولى من نسي غسل الجنابة قضى الصلاة و الصوم في الأشهر]

قوله على ما عدا النوم الاول

الظاهر ان اليوم باليا و حينئذ فالمعنى ظاهر و يمكن ان يكون بالنّون كما وقع في بعض النسخ و يكون المراد حينئذ انه يحمل الخبر الدّال على وجوب القضاء على ما عدا النوم الاول اى في صورة نسيان وقع ليلا بعد الانتباه من النوم الاول فلا ينافى حكمهم المذكور و في حمل العبارة عليه تكلّف لكنه لا يخلو عن وجه و في شرح الشرائع تعرض لكلا الوجهين حيث قال و اجيب بحمل ما هاهنا على النّاسى ليلا بعد الانتباه او على ما عدا اليوم الاول على تقدير النّسيان بعد فوات محل الغسل جمعا بين النصوص

قوله لاشتراكهما في المعنى اشتراكهما في المعنى إن لم يكن أولى

فالأولوية بطريق اولى فهذا الجمع لا يخلو عن وجه و لعلّ وجه الاولوية التى تنزل عنها فهو قلة المشقة في قضاء البعض و وجه المنع الذى اشرنا اليه ظاهر

قوله اى يتخير في المدة

قال سلطان العلماء اى يتخير المكلف في المدة بين المكلف حال حكمنا عليه و بين الزوال و هذا حاصل المعنى المراد لا عين مفهوم العبارة اذ الضمير في بينه على ما ذكره اذ لا عائد الى الزمان الذى هو ظرف المكلف المخيّر لا الى المكلف حال حكمنا عليه لكن مفادهما واحد انتهى و الظاهر ان هذا مفهوم العبارة و ما ذكره اولا هو بيان حاصل المراد

قوله كقضاء النذر المعين

و قد طرد بعض الاصحاب في قضاء كل صوم واجب بناء على اطلاق بعض الروايات حيث جعل مناط الحكم فيه قضاء و الفريضة

قوله الا قضاء رمضان

الاولى حذف هذا الاستثناء كما لا يخفى

[الثالثة لو استمر المرض الذي أفطر معه في شهر رمضان إلى رمضان آخر فلا قضاء]

قوله اجودهما وجوب الكفارة

يعنى ان الاجود وجوب الكفارة اى مع القضاء مع التأخير لا لعذر بان لم يكن اصل سفره او استمراره ضروريّا و وجوب القضاء مع دوام العذر بان يكون سفره المستمرّ ضروريا و لا يخفى انه في الصّورة الاولى يلزم ان يكون الامر على المسافر اشدّ من غيره فان في غيره التفصيل بالتهاون و عدمه و فيه الحكم بالفدية و القضاء جميعا مطلقا و هو بعيد جدا الا ان يكون ذلك بناء على ما قواه بعد ذلك لا على ما اختاره المصنف ثمّ لا يخفى انه حينئذ يصير ما جعله اجود هو الحكم بعدم التعدى الذى هو احد الوجهين لكن مع زيادة هى بيان الفرق بين السفر الضرورى و غيره و تفصيل حكم كل منهما على تقدير عدم الالحاق هذا ما يبدو في بادئ الرّأي و التحقيق ان المراد تعدى ما ذكر في هذه المسألة اى مسئلة المرض المستمر و كذا فيما ذكر في المسألة الآتية اى البرء بينهما في غير المرض مثلا لو استمر السّفر فهل يتعدى اليه حكم المرض المستمرّ ام لا و ان فاته رمضان بسبب سفر مثلا ثمّ قدر على القضاء بين الشهرين فهل يتعدى اليه حكم من برء بينهما ام لا و ما اختاره من الاجود هو التفصيل بالتعدى في المسألة الآتية فانه اذا وجبت الفدية مع القضاء في المرض الذى هو اقوى الاعذار ففى غيره بطريق اولى و هذا بناء على ما قواه في تلك المسألة و اما على ما اختاره المصنف فيجب التفصيل فيه ايضا بالتهاون عدمه و عدم التعدى في هذه المسألة لعموم آية القضاء و اختصاص ما دل من الاخبار على سقوطه و الفدية بدله بالمرض و بطلان قياس الاضعف على ما ذكره الشارح في شرح الشرائع و حينئذ فما فصله من الاجود في موقعه لكن ينبغى اسقاط المستمرّ في قوله كالسفر المستمر على ما وقع في الدروس فان التقييد بالمستمر انما هو في احدى المسألتين دون الاخرى فالاولى اطلاق السفر حتى يجرى فيهما جميعا لكن ينبغى تقييد السّفر بالضرورى كما وقع في كلام بعضهم فان احتمال التعدى الى غير الضرورى بعيد جدا و لعل في لفظ العذر في كلام المصنف استعار بما ذكرنا نعم لا يبعد ادخال السّفر الواجب شرعا ايضا في الضرورى هذا و في قوله اجودهما ايضا خرازة فان هاهنا وجهين احدهما الذى في كلتا المسألتين و ثانيهما عدم التعدى اصلا و ما ذكره من الاجود وجه ثالث فالاجود بدله فالاجود الى آخره و عبارة س و شرح الشرائع خالية عن هذه الخرازة كما يظهر

ص: 347

بالمراجعة لكن كلامه ايضا في شرح الشرائع في هذا المقام لا يخلو عن شي ء كما يظهر بالمراجعة و فصلناه فيما علّقناه عليه

[الخامسة لو صام المسافر حيث يجب عليه القصر عالما أعاد]

قوله و الّا اتم

قال سلطان العلماء اى و ان كان تجاوز الحدّين بعد الزوال اثم في الافطار و ان كان اول الخروج قبل الزوال انتهى و الظاهر ان اثم تصحيف و الاصح اثم من التمام اى و ان لم يكن مجاورة الحد قبل الزوال اتمّ الصوم و ان قصر الصّلاة

[السادسة الشيخان ذكرا و أنثى إذا عجزا عن الصوم أصلا أو مع مشقة شديدة]

قوله من ان عجزهما عنه لا يرجى زواله

هذا و ان لم يكن كذلك كثيرا مما يمكن فرض قدرتهما على القضاء اذا فرض شهر رمضان في الصّيف فيمكن قدرتهما على القضاء في الشتاء

قوله الظاهر المأيوس من برئه كذلك

المستفاد من كتب اللغة ان ايس لازم و حينئذ فلا يصح المأيوس بل الصحيح الآيس او الماسى او المايس لكن قد وقع المأيوس في بعض خطب نهج البلاغة و كفاه حجة فكانه مفعول بمعنى الفاعل كما قيل في قوله تعالى إِنَّهُ كٰانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا و قوله عزّ و جلّ حِجٰاباً مَسْتُوراً او بمعنى من اصابه البائس كالمسلول و ان شذّ و الاظهر ان يقال ان تعديته بحرف الجر كالمرور به و انه وصف بحال المتعلق اى ذو العطاش الذى برئه مأيوس منه و عبارة نهج البلاغة هكذا الحمد للّه غير مقنوط من رحمته و لا مخلوّ من نعمته و لا مأيوس من مغفرته و لا مستنكف عن عبادته و لعل توجيه المأيوس فيه و كذا المقنوط و كذا المستنكف بالفتح هو احد الوجوه المذكورة فيكون على الاولين حالا عن الحامد و على هذا يمكن ايضا في المستنكف ان يقرأها بالكسر لئلا يحتاج الى توجيه و على الاخير و هو الاظهر يكون حالا عن المحمود و المعنى ان مغفرته ليس المأيوس منها و رحمته ليست بمقنوط و عبادته ليست بمستنكف عنها و اما المخلو فتعديته لا يحتاج الى توجيه و اذا جعل حالا عن المحمود فهو ايضا وصف بحال المتعلق و المعنى ان حامده ليس بمخلو عن نعمته فتأمل

[الثامنة يجب تتابع الصوم الواجبة إلا أربعة]

قوله و ان كان الاصل متتابعا

ذكر المصنف في الدروس ان كل الصوم يلزم فيه التتابع الا خمسة و ذكر منها قضاء رمضان و قضاء النذر المعيّن ثمّ قال و لو كان قد شرط فيه التتابع ففى وجوبه في قضائه وجهان اقربهما الوجوب فظهر ممّا نقلنا ان قول الشارح و ان كان الاصل متتابعا الى آخره متعلق بالنذر المعين فقط و برمضان هذا ما نقله في الدروس فانه مخصوص بالنذر كما نقلنا بل القول بوجوب التتابع في قضاء رمضان لم ينقل فيما رايناه من الكتب نعم المشهور استحبابه كما سبق

[التاسعة لا يفسد الصيام بمص الخاتم]

قوله بل ينبغى

كذا في بعض النسخ التى رايناها و في بعضها بضم بالضاد المعجمة و الظاهر بدلهما يصوم او يضم و كانه وقع سهو من النساخ

قوله و يجوز للمسافر التناول

قال سلطان المحققين حين كونه قاصدا دخوله الى بلده او بلد الاقامة اما في الخروج فلا يجوز التناول قبل محلّ الترخّص انتهى و اطلاق عبارة الشارح امّا اعتماده على الظّهور او دلالة على قوله و ان علم بوصوله قبله فانه كالصّريح التقييد و انه لا يطلق المسافر على من لم يبلغ حدّ الترخص

قوله الصّبى

بغير اذن الوالد بل الوالدين كما وقع في رواية هشام بن الحكم التى هى مستند الحكم

[الثانية عشرة لا يصوم الضيف بدون إذن مضيفه]

قوله لما روى

انت خبير بان هذه الرواية و هى رواية هشام بن الحكم تدل على كون هؤلاء موصوفين بتلك الصّفات اذا صاموا بدون اذنهم لا مع نهيهم فجعل ذلك تعليلا لما ذكره المصنف من اولوية عدم الانعقاد مع النهى كما ترى

قوله و العبد آبقا

كذا في بعض النسخ و في الرّواية في الفقيه على ما راينا و كان العبد فاسدا و في بعض النسخ باضافته عاصيا و في الكافي و كان العبد فاسقا عاصيا

قوله و في الدّروس استقرب إلى آخره

و في المدارك ادعى الاجماع على عدم الصّحة بدون الاذن في الزّوجة و المملوك و النسب و ذلك نسب في الاول الى المعتبر و عبارة المعتبر على ما راينا تدل على دعوى الاجماع فيهما و كذا في الضّيف بدون اذن المضيف مع انه في الشرائع حكم بالكراهة في الضيف و ان الأظهر عدم الانعقاد مع النهى و قد اطلق الكراهة فيه جماعة منهم العلامة و ظاهر بعض عباراتهم كعبارة هذا و س عدم ثبوت الاجماع في شي ء و اللّه يعلم

قوله و لا فرق بين كون الزوج و المولى حاضرين و غائبين

و خصّص الشافعى اشتراط اذن الزّوج بصورة حضوره

[كتاب الحج]

[الفصل الأول في شرائطه و أسبابه]

قوله بما يناسبه

متعلق بالراحلة و اما الزاد فقد ذكر في شرح الشرائع ان المعتبر فيه ما يليق بامثاله بحسب حاله من رفقة و غيرها و كثر منهم ما زادوا على اعتبار الزاد انما تعرضوا لذلك التفصيل في الراحلة حسب فتدبّر

قوله قوّة و ضعفا

فلو كان قويا بحيث يمكنه الاستمساك على الراحلة من غير تحمل و لا يلحقه من ذلك مشقة و لا ضرر كفى في تحقق استطاعة وجدان الراحلة و ان لم يمكنه ذلك الا بمشقة فيعتبر وجدان المحمل ايضا و هكذا لو فرض انه يشق عليه ركوب المحمل ايضا فمحتاج الى الكيفية

قوله لا شرفا و ضعة

و يظهر من العلّامة في التذكرة اعتبارهما و لعلّ الاقوى ما ذكره الشارح لعموم الادلة الدالة على وجوب الحج على من استطاع اليه سبيلا و الظاهر صدق الاستطاعة لغة و عرفا على من وجد الزاد و الراحلة و ان لم يكن على ما يناسب حاله في الشرف و في الاخبار ايضا لم يعتبر في تفسير الاستطاعة ازيد من الزّاد و الرّاحلة مطلقا من غير تقييد بالمناسب بل في بعض الاخبار الصحيحة و الحسنة انه من عرض عليه الحج فهو من يستطيع و لو على حمار ابتر بل يظهر من الاخبار وجوب الحج على من اطاق المشى ايضا و اللّه يعلم

قوله فما يفتقر الى قطع المسافة

هذا ايضا متعلّق بالراحلة و احترز به من اهل مكة و ما قاربها ممن يمكنه السّعى من غير راحلة حيث لا يشق عليه عادة فان الراحلة حينئذ غير شرط و امّا البعيدة فيعتبر في حقه وجود الراحلة و ان سهل عليه المشى لكن في تحقيق القرب و البعد خفاء و لا يبعد الرجوع الى العرف و اما الزاد فيعتبر في الجميع فمن لم يجده لم يلزم الحج كما صرح في شرح الشرائع نعم في القرب يكفيه اليسير من الزاد بنسبة حاجته كما ذكر في هى هذا لكن ينبغى جعل قوله و ان سهل المشى الى آخره متعلّقا بالزّاد و الرّاحلة لكن لقول قوله او لسؤال اشارة الى حكم الزاد فتدبّر

قوله اوقع به صورة الوضوء

ثمّ طاف به و لو في حال طوافه ان لم يمكنه المشى انتهى اقول كانه يمكن حمل كلامه هاهنا على ما يوافق ذلك اى حمله الولى و لو كان على المشى في طواف نفسه و فيه بعد

قوله و يندفع باشتراطه بالموافاة عليه

بدليل قوله تعالى وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كٰافِرٌ فَأُولٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمٰالُهُمْ و لعل قول الشارح و الآية اشارة الى هذا و الاستدلال باعتبار المفهوم و يمكن ان يكون اشارة الى نحو قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ إِنّٰا لٰا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا و قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ و اللّه يعلم

قوله و النصوص خالية من القيد

اى قوله الّا ان يخلّ بركن

قوله ليحجّ به مطلقا بنفسه

في جعل هذا مقابل للاذن الصّريح تامّل

[الفصل الثالث في المواقيت]

قوله المصنف و حج الافراد بمنزلة

اى اذا كان حجة الاسلام و الا فيمكن حج الافراد لغير حاضرى مكة فميقاته احد المواقيت الا ان يكون منزله بين مكة و الميقات فميقاته و لا يخفى ان من كان كذلك فلو حج التمتع ايضا ندبا مثلا فميقاته لعمرته منزله و كذلك اذا كان فريضة بان كان بعد منزله عن مكة مرحلتين او ازيد و مع ذلك وقع ما بين مكة و الميقات ككثير من القرى التى بين الحرمين فميقاته منزله و لا يلزمه الخروج الى ذى الحليفة فالضّابط ان من كان منزله خلف الميقات سواء كان عمرة التمتع او حج الافراد و من كان منزله بين مكّة و الميقات فميقاته منزله فيها فافهم

قوله و يشكل بإمكان زيادة

لا يخفى ان مراد المصنف ليس الا ان ميقات حج الافراد و قد يكون منزله كما سبق من قوله

ص: 348

و احرامه من الميقات او من دويرة اهله ان كانت اقرب الى ان ميقاته دائما منزله و الا لكان منافيا لما سبق و حينئذ فلا اشكال بما ذكره الشارح و ايضا لو حمل على ما حمله لا بد ان يخصّ بحج الافراد الذى يكون حجة الاسلام حتى يصح اطلاق الحكم يكون ميقاته منزله كما ذكرنا في الحاشية السّابقة و على ما ذكرنا فلا يحتاج الى تخصيص فتأمل

[الفصل الرابع في أفعال العمرة]

قوله ليكون منهيّا عن العبادة به

قال سلطان العلماء فيه بحث ان لا يلزم من تجويز المصنف ادخال غير الملوثة في المسجد تجويزه في الصواب فانه عبادة براسه كالصّلاة و ربما اعتبر فيه ما لا يعتبر في الصّلاة و لا يلزم ان يكون وجهه المنع من ادخال النجاسة في المسجد تجويزه في الطواف ايضا و ان لم يكن بناء الحكم عليه فيه حتى يرد ما اورده و هو ظ

قوله فالزيادة يستحق عليها ثواب في الجملة و ان قل

بناء على ما زعمه الشارح تبعا للمحقق الثانى من ان الكراهة في العبادات بمعنى اقلية الثواب و فيه تامّل بل الظاهر انها فيه بالمعنى الثانى المتعارف و قد فصّلنا القول فيه حواشى شرح المختصر الاصول

[الفصل الخامس في أفعال الحج]

قوله و ظاهر العبارة ان المراد ظهور المخالفة فيها بعد الذبح

توضيحه انه يفهم من قوله يكفى الظن الى آخره انه يكفى الظن بالسّمن و لو ظهر الهزال بعده يجزى و من قوله بخلاف ما لو ظهر ناقصا انه لا يجزى الظن بالتمام بل يجب العلم به فلو ظهر ناقصا لا يجزى فحينئذ يجب ان يكون مراده كفاية الظن قبل الذبح و اجزاء المهزول بعده و كذا وجوب العلم بالتمام قبل الذبح و عدم اجزاء الناقص بعده اذ لو كان مراده قبل الشراء و بعده لم يصح في المسألة الثانية اشترط العلم بالتمام قبل الشراء اذ لو لم يعلم التمام بل ظن النقص ايضا قبل الشراء ثمّ ظهر التمام بعد الشراء قبل الذبح اجزاء قطعا و بهذا التقريب ذكر ان الحكم في المسألة الاولى ايضا و هو انه لو ظن السّمن قبل الشراء ثمّ ظهر الهزل بعده يجرى ليس متفقا عليه بل فيه قولان هذا ما تفطنت في خال هذه العبارة في اوائل زمن السرّ بمدح و عبادى ايام التحصيل حين اشتغاله بمباحثة هذا الكتاب عند والدى العلّامة ادام اللّه ظلال افاداته ثمّ بعد مدة رايت حاشية من بعض اعاظم الفضلاء المعاصرين حفظهم اللّه تعالى كل هذه العبادة بما يرجع الى ما ذكرنا و انا اقول الآن فيه تامّل امّا اولا فلانّه بما ذكرنا يظهر انه لا بد ان يكون مراد المصنف كذا لا انه ظاهر عبارته كذا كما ذكره الشارح و قد تفطنت بهذا في ذلك الزمان ايضا لكن بنت على المسامحة و جعلت الامر فيه هاهنا و هو كذلك و امّا ثانيا فلان قول المصنف بخلاف ما لو ظهر ناقصا يفهم منه كفاية الظنّ بالتمام مطلقا و اشتراط العلم فكان ينبغى ان يقال بخلاف ذلك في التمام و حينئذ فالفرق بين مسئلتى السّمن و التمام فكانه الظن في الاول و ان ظهرت المخالفة و عدم كفايته في الثانى لو ظهرت المخالفة و حينئذ فكما يمكن حمله على قبل الذبح و بعده يمكن حمله على ما قبل الشراء و بعده ايضا نعم لو حمل على الثانى فما ذكره في المسألة و لعله كان مختاره اما لو حمل على الوجه الاول فيكون كلا الحكمين متفقا عليه و اما ثالثا فلانه على ما قرر يكون مراد المصنف اشتراط العلم بالتمام قبل الذبح فحينئذ لو لم يحصل له العلم بالتمام بل اكتفى بالظن ثمّ ظهرت الموافقة فيلزم عدم الاجزاء و لعل الظاهر من كلماتهم هو الاجزاء و مفهوم عبارة المصنف ايضا ينادى بذلك كما اشرنا و يمكن توجيه الكلام بحذف حديث اشتراط العلم بان يقال الظاهر ان المصنف بصدر بيان اقل مما يعتبر في السمن و التمام من العلم و الظن و على هذا فقوله و يكفى فيه الظن بيان لاقل ما يعتبر في السمن و قوله بخلاف ما لو ظهر ناقصا اى لا يكفى فيه الظنّ لو ظهر ناقصا نعم يكفى لو ظهرت الموافقة بيان لاقل ما يعتبر في التمام فاقل الواجب في الاول ظن السمن و في الثانى ظن التمام مع ظهور الموافقة فالمعتبر في الاول القدر المشترك بين العلم و الظن و في الثانى القدر المشترك بين العلم و الظن مع ظهور الموافقة و على هذا فلا يمكن حمل الكلام على قبل الشراء و بعده اذ لا يعتبر الظن بالتمام قبل الشراء اصل بل لو ظن النقص ايضا ثمّ ظهر تامّا فيجزى قطعا و هذا هو الذى ذكره الشارح و ايضا لا يعتبر الظن بالسمن بالشراء بل يكفى الظن بعده و ان ظهر الهزال قبله و هذا مما لم يتعرض له الشارح و لو فعل بالعكس لكان اولى كما لا يخفى نعم لو حمل على انّه ليس بيانا لاقل القدر الواجب بل على مجرّد كفاية الظن بالسّمن قبل الشراء و ان ظهرت المخالفة و عدم كفايته في مسئلة التمام لو ظهرت المخالفة فيستقيم الكلام بناء على احد القولين لكن يبقى فيه اخلال جدا اذا لم يظهر منه تفصيل القدر المعتبر و هو ظاهر بخلاف ما لو حمل الكلام على بعد الذبح و قبله اذ يحمل الكلام على ان اقل الواجب في مسئلة السمن هو الظن قبل الذبح و هو احد الاقوال فيمكن ان يكون مختار المصنف و في مسئلة التمام الظن مع ظهور الموافقة و حينئذ فلا اخلال اصلا و لعلّ الشارح رحمه الله رأى حمل الكلام على ما يوجب الاخلال بعيدا فلم يتعرض له بل حمله على الوجه للاول و اورد ما اورد على حمل الكلام على قبل الشراء و بعده هذا غاية ما يمكن ان يقال في هذا المقام و لنعم ما فعله سلطان المحققين حيث كتب العبارة لا يخلو عن قصور و اقتصر فتدبّر و هاهنا وجه

آخر و هو ان يكون مراده انه لو كان المراد بعد الشراء و قبله لا يصح اطلاق الحكم بعدم الاجزاء لو ظهر ناقصا او يجوز ان يظهر النقصان بعد الشراء ثمّ يظهر التمام بعده قبل الذبح و انه يجزى قطعا و قد خطر هذا ببالى في ذلك الزمن و لم ارتض به لسخافته و ركاكته ثمّ بعد ذلك كانى رايت ان الشيخ الاجلّ بخل الشارح رحمهما اللّه وجه الكلام على هذا الوجه و وجدته حاشية ايضا من بعض سادة الفضلاء كتب كل هذه العبارة على هذا الوجه و اقول الا ان الظاهر جريان مثل هذا الاحتمال في صورة الحمل على بعد الذبح ايضا اذ لو ذبحه على انه تام ثمّ ظهر النقص بعد الذبح ثمّ ظهر التمام فالظاهر الاجزاء بهذا الايراد لو توجه فهو مشترك بين الاحتمالين نعم لو قيل بوجوب العلم بالتمام قبل الذبح فلعلّه لا يتوجه ذلك حينئذ لكنه مخالف لما يستفاد من كلماتهم كما اشرنا اليه و يمكن ان يحمل ظهور التمام على صيرورته تامّا بعد ما ظهر ناقصا بان ظهر مثلا بياض على عينه ثمّ زال قبل الذبح و صار تامّا و حينئذ فلا يجزى مثل هذا الاحتمال في صورة الحمل على بعد الذبح و لعله حينئذ ليس بتلك السّخافة ايضا هذا و لا يخفى قوله الاوّل مما اوردنا على الوجه السّابق يرد على هذا الوجه ايضا على أيّ معنى حمل الظهور و لكن الامر فيه هيّن كما اشرنا اليه فتأمل

قوله المصنف بعد التلبس بالحج

و لو بعمرته و قيل التلبّس باصل الحج

قوله و لو من اول ذى الحجة

و قيل لا يجوز قبل السّابع و على القولين فلا يجزى قبل ذى الحجة و ان يلبّس بالحج قوله في الحاشية فيبقى ان يكون مجزئة بطريق اولى فيه تامّل امّا اولا فلان الأولوية على الوجه الذى ذكره ممنوعة بناء على ما حققه من اشقية الارسال فيمكن ان يكون كفارته هى ذلك الّا الاشق لا الاسهل و ان كان اقوى حالته نعم يمكن ثبات الاولوية بوجه لا يرد عليه هذا و هو ان الشاة يجزى مع تحرك القرح كما سبق فيجرى مع عدم التحرك بطريق اولى و امّا ثانيا فلان مما ذكره انما يظهر اجزاء الامرين الآخرين لكونهما

ص: 349

بدلا عن الارسال باعتبار كونهما بدلا عن الشّاة التى هى اقوى منه و كان الشارح تفطن بهذا افراد قوله و انما اوجبناهما الى آخره لدفع ذلك و فيه انه اذا ثبت عدم الخلاف في وجوبهما فهو الحجة فبلغوا جميع ما مهّده لاثبات اجزائهما اللّهمّ الا ان يكون غرضه بيان السر لحكمهم بوجوب الامرين مع عدم دليلهم فبين ان وجهه انهم علموا وجوب بدل الارسال و لم يعلموا خصوصه فحكموا لوجوب الامرين لما ذكره من بدليتهما للشّاة فيعلم صلاحيتهما لبدلية الارسال بطريق اولى و لا يخفى ما فيه من التعسّف اذ لو لم يظهر خلاف في ذلك فينبغى اتباعهم حذرا من مخالفة الاجماع و لا حاجة بناء الى اختلاف مثل هذه الحجة لهم فتدبّر

[الفصل السادس في كفارات الإحرام]

قوله فلا خلاف في وجوبهما

قال سلطان العلماء فلا ينتقل حينئذ بالعجز من البدنة الى الصوم بل لا بدّ من البقرة او الشّاة بخلاف ما بعد طواف الزيارة فانه مع العجز عن البدنة ينتقل الى الصوم و لا حاجة الى البقرة او الشاة انتهى و كانه سهو اذ لم يذكر هاهنا صوما بدلا عن البدنة اذا عجز عنها و لم ان ذلك في كلام غيره ايضا فالفرق بين ما قبل طواف الزيارة و ما بعد ان فيما قبله اذا عجز عن البدنة تجب عليه بقرة او شاة بالتخيير او الترتيب و فيما بعده لم يحكم بانتقاله الى ذلك فالظاهر عدم وجوب شي ء كما في كل عاجز عن شي ء لم يجعل له بدلا عن العجز

قوله و غيره خير بين البقرة و الشاة

موافقا لما جعله الشارح اولى

قوله على اختلاف ترتيبه

حيث ان في الدروس جعل الثلاثة مترتبة و غيره حكم بالترتيب اولا ثمّ التخيير بين الاخيرتين

قوله و انما اطلق في بعضها الجزور

اى وقع ذلك في مطلق من واقع قبل طواف

قوله و في بعضها الشاة

لم اجد رواية بالشاة بخصوصها بل في بعضها مطلق الدم فيمن واقع قبل ان يزور البيت و هم قد حملوا المطلق على المقيّد و اما التفصيل المشهور فلم ار ايضا رواية تدل عليها

[الفصل السابع في الإحصار و الصد]

قوله و قيل سقوط القضاء على تقدير وجوبه

بدون هذه الفائدة كما ذكره صاحب المدارك ماخوذ مما ذكره الشيخ في التهذيب نقل رواية داود البرقي قال كنت مع ابى عبد اللّه عليه السلام بمنى اذا دخل عليه رجل فقال قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج فقال انشاء اللّه العاقبة قوله قال الا عليهم ان يهريق كل واحد منهم دم شاة و يحلق و يحج عليهم الحج من قابل ان انصرفوا الى بلادهم و ان اقاموا حتى يمضى ايام التشريق بمكة ثمّ خرجوا الى بعض مواقيت اهل مكة فاحرموا منه و اعتمروا فليس عليهم الحج من قابل و حملها اولا على ان يكون حجته حجة النوع فلا يلزمه الحج من قابل و انما يلزمه اذا كان حجته حجة الاسلام و حمل قوله عليه السلام في اول في الخبر عليهم الحج من قابل ان انصرفوا الى بلادهم على الاستحباب ثمّ قال و يحتمل ان يكون الخبر مختص بما اشترط في حال الاحرام فانه اذا كان اشترطه لم يلزمه الحج من قابل و ان لم يكن قد اشترط لزمه ذلك في العام المقبل و استشهد لذلك بصحيحة ضريس بن اعين قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة الى الحج فلم يبلغ مكة الى يوم النحر فقال تقيم على احرامه و يقطع التلبية حتى يدخل مكة فيطوف و يسعى بين الصّفا و المروة و حلق رأسه و ينصرف الى اهله انشاء و قال هذا لمن اشترط على ربّه عند احرامه فان لم يكن اشترط فان عليه الحج من قابل و العلامة في المنتهى نقل القائلين و استحسن الاول و اعترض على الثانى بان الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المتّصل بمجرد الاشتراط و ان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط و انت خبير بان عدم السقوط الواجب بالاشتراك كانه لا ريب فيه بل لا خلاف فيه بين المسلمين كما هو ظاهر كلام العلامة في المنتهى في موضع آخر و اما عدم وجوب القضاء في المندوب مع الاشتراط فهو و ان اختاره العلامة و استدل بوجوه قبل ذلك الاعتراض لكن لم يظهر منه اجماع اصحابنا عليه نعم لم ينقل فيه خلافا منهم و انما نقله عن ابن عبّاس و جمع من العامة و لا يظهر منه اجماع عليه بل قول اصحابنا ربما يرشد الى خلافه و ادلته على ما اختاره ليست بشي ء كما يظهر بالتامل فيهما و انما المسلم في المندوب انّه لا يمكن الحكم بالقضاء فيه اذا لم يدل عليه دليل فلا بعد فيه اذ الحج المندوب يصير واجبا بالشروع فيه فلا استبعاد فيه ان يوجب الشارع قضاه اذا فات بعد الشروع و حينئذ فلما كان ظاهر صحيحة حريس وجوب القضاء مع عدم الاشتراط فيه و سقوطه به فلا بعد فيه اذ الحج المندوب و ينبغى حمل كلام الشيخ عليه لا على الحج الواجب كما هو ظاهر كلامه بما نقلنا من الاجماع على خلافه و حينئذ فيكون حاصل كلامه انه اولا حمله على الجمع المندوب و مطلقا و ثانيا حمله على الحج المندوب بالتفصيل المذكور اى وجوب القضاء مع عدم الاشتراط و سقوط معه حينئذ يكون كل من التاويلين على سبيل الاحتمال لا الحكم بكل منهما و يكون بناء الثانى على ظاهر قوله عليه السلام بالصحيحة عليه الحج من قابل لظهوره المذكور اذ لا يبعد احدا حمله على الاستحباب فالظاهر ان الشارع ايضا حمل كلام الشيخ رحمه الله عليه و اشار بقوله على تقدير وجوبه بدونه الاشتراط الى تردّده فيه كما اشرنا اليه في توجيه كلام الشيخ و اعلم ان المراد بالواجب هو الواجب المستقر و اما غير المستقر فحكمه حكم المندوب فتدبّر

قوله و هذه الفروض يمكن إلى آخره

كان مراده ان هذه الفروض كلها يحتمل وقوعها في الحصر مطلقا لظاهر ان الحصر لا ينفق ان يكون عاما و ان يكون خاصّا و هذه الفروض انما يمكن في الخاص لا العام اذ لا ينفق عادة مثلا صد الجميع عن خصوص الطّواف او السعى او طواف النساء في عمرة الافراد و هو ظاهر

[كتاب الجهاد]

قوله اما الاول فلأنهما لطف

لا يقال اللطف اى فعل المقرب الى الطاعة و المبعد عن المعصية لو وجب عقلا و انما يجب من امر بشي ء او نهى لا على غيره فلا يلزم الا وجوب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر عليه تعالى لا علينا كما هو المدعى لانا نقول بناؤه على قاعدة اللطف بالنسبة الى اوامر اللّه تعالى و نواهيه و يلزم منه وجوبهما عليها فافهم

قوله اللازم فيه خلاف الواقع

ان قام تعالى به يلزم ان لا يقع منكر و لا نزول معروف و هو خلاف ان لم يقم به فهو منافى حكمته تعالى لما ذكر من وجوب اللطف على الحكيم و كون الامر بالمعروف و النهى عن المنكر لطفا و حاصل الجواب ان قيامه تعالى علمهم على المعروف منه و منعهم عن المنكر كذلك يستلزم الالجاء و هو ممتنع في التكليف فلذا لا يجبان في حقه تعالى بخلاف ذلك في امرنا و نهينا فانه لا يوجب الالجاء فلا مانع منه فبقى وجوبهما عينا بمقتضى قاعدة اللطف و فيه تامّل فان هذا انما يدل على وجوبهما في حقه تعالى بعنوان يوجب إلجاء المكلفين لكن يمكن في حقه تعالى ايضا امرهم و نهيهم بمراتب اخرى بقربهم الى فعل المعروف و ترك المنكر بحيث لا يوجب الالجاء كان ليسودّ وجهه على ترك المعروف او فاعل لمنكر او ينزل عليه بلاء شديد عند ذلك بحيث يعلم قطعا انه اثر ما فعله او بتركه و لا ريب ان ذلك بقربهم جدا الى فعل المعروف و ترك المنكر فيكون لطفا مع عدم قيامه تعالى به فالحق ان مرتبة اللطف فيهما مما لا يتعين عقلا و لا يمكن الحكم بوجوبهما عقلا بناء على تلك القاعدة بل التعويل في الحكم بوجوبهما على الشرع فتأمل

[كتاب الكفارات]

قوله ظاهر الرواية اعتبار الكل لإفادة الجمع

ذكر المحقق الدين منصور بن فلاح اليمنى في كتابه المغنى ان نحو تمر و تمرة قد اختلف فيه فذهب الكوفيون الى انه اى التمر جمع تكثير و ذهب الى الاكثر الى انه اسم مفرد واقع

ص: 350

على الجنس و ليس بجمع تكسير و منهم من قال انه اسم للجمع ثمّ يقال حجة الكوفيّين و ردهما و قوى كونه مفردا لتصغيره على لفظه نحو تمر و لو كان مكسر الردّ في التصغير الى واحدة فلعل الشارح اختار مذهب الكوفيّين او اختصر في العبارة و المراد ان الجمع المعرف او المضاف و ما يلحق بهما كاسم الجنس المعرف او المضاف يفيد العموم فافهم

قوله المصنف و كفارة ضرب العبد

قال في شرح الشرائع هذا الحكم ذكره الشيخ و اتباعه و المستند صحيحة ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال من ضرب مملوكا حدّا من الحدود من غير حدّ اوجبه المملوك على نفسه لم يكن لضاربه كفارة الا عتقه انتهى و انت خبير بان ما ذكره في هذه المسألة و بين ما يدل عليه هذه الرواية بعيدا فلا تغفل

قوله فيما يجب عليه ذلك

و لا يخفى ان المصنف ذكر المعتق في المرتبة بيقين هكذا و ظاهر ان المراد انه فيما يجب فيه العتق تعيينا بيقين العتق هكذا ثمّ ذكر ان مع العجز يصوم ستّين يوما و مع العجز عنه يطعم ستّين مسكينا و هذا صحيح على اطلاقه فان المرتبة التى ذكرها المصنف يجب فيه العتق تعيينا ليس الا كفارة الظهار و قتل الخطاء و الحكم فيها صحيح و اما كفارة قضاء شهر رمضان و كفارة اليمين فلا يجب العتق في الاول اصلا و امّا الثانى فالمصنف لم يذكرها في المرتبة و لم يجب فيه العتق تعيينا بل تخييرا فهو خارج اولا و لذلك صحّ قوله و مع العجز يصوم شهرين متتابعين و اما بعد ذلك الحكم فالحكم باطعام ستّين مسكينا صحيح على اطلاقه و بالجملة فما ذكره الشارح من التقييد هاهنا مما لا وجه له نعم لو تعرض لما ذكرنا من التقييد في اول الكلام لكان له وجه هذا ثمّ في التمثيل لكفارة شهر رمضان و النذر هاهنا نظر لان الكلام في المرتبة و هما من الخيرة في خيرة المصنف و المشهور الا ان يكون التمثيل بناء على مذهب من يقول بالترتيب فيهما كما رأى ابن عقيل في الاول و ظاهر سلار و الكراجكى في الثانى لكن الثانى كانه من الاقوال النادرة فيبعد جعل بناء الكلام عليه فتأمل

قوله و عدم صحته في الكفارة المخيرة

و كذا في المرتبة فان صوم السّتين في المرتبة ليس الا في بدل النعامة و في كفارة الظهار و قتل الخطاء و ما يشاركهما في الحكم و ظاهر ان في الاول صوم الستين انما هو بعد العجز عن اطعام الستين فلا يصح ما ذكره فيه و اما الثانى فالظاهر ان من عجز عن صوم ستين اذا قدر على اطعام ستّين مسكينا لا يكفى له صيام ثمانية عشر بل يجب الاطعام المذكور نعم اذا عجز عنه ايضا فلعله يصوم ثمانية عشر يوما فلم يصح ما ذكروه فيه ايضا لكن في شمول الحكم المذكور و في هذا المسألة لهذا القسم نظر او لم اجد صريحا تصريحا بذلك فلعله مختص بالمعينة و المخيرة دون المرتبة او يشمل ايضا المرتبة التى وقع فيها صوم الشهرين في المرتبة الاخيرة كبدل النعامة لا غير و على التقديرين يكون القسم الثانى المذكور من المرتبة خارجا في المرتبة بقرينة ان بدل صوم السّتين فيه موجود و ايضا لا يصح اطلاق المذكور ايضا بل لا بد من التقييد بالعجز عن اطعام السّتين ايضا كما ظهر مما قررنا و لم يفعلوا و لعل عدم التعرّض المشهور ايضا للمرتبة لذلك هذا ثمّ على اي تقدير فيخصص الشارح عدم صحة الحكم المذكور بالكفارة المخيرة كانه بالنسبة الى المعينة فانه يصح فيها لكن كانه ليس في الكفارات ما وجب فيه صوم الستين تعيينا الا في كفارة الجمع فلعل نظر الشارح اليها او يقال ان الحكم المذكور ليس مخصوصا بالكفارة على ما يشعر به كلماتهم بل يعم النذر و شبهه ايضا كما هو مقتضى اطلاق و حينئذ فيتحقق صوم السّيف الواجب تعيينا ظاهر فتأمل

[كتاب النذور و توابعه]

قوله و الكافر مطلقا

هذا فيمن اعترف باللّه تعالى و كان كغيره بجحد النّبى صلّى اللّه عليه و آله او بعض شرايع الاسلام ثمّ لانه ان اراد بنيّة القربة المتعذّرة في حقه نية انقطاع الفعل طلبا للتقرب الى اللّه او نيل الثواب منه او ما يقرب من ذلك سواء حصل له ما نواه او يكون قابلا لذلك في نفس الامر ام لا فتعذرها في حق الكافر المذكور ممنوع نعم يتعذر ذلك فيمن لا يعترف باللّه تعالى كالدهرية و هو ظاهر و ان اراد بها ايقاعه طلبا للتقرب اليه تعالى بحيث يستحق الثواب عليه ان يكون قابلا له باعتبار مثل هذه القربة في النية لعدم الدليل عليه و لو اعتبر ذلك لزم عدم صحة عبادة المخالف ايضا لانه لا يستحق الثواب عليها عندهم مع انهم صرحوا بصلحه بعض عباداته كالعتق و تامّلوا في بعض آخر هذا و عليك بمحافظة ما ذكرنا فانه ينفعك في كثير من المواضع

قوله و على هذا لا وجه لاختصاص الحكم بالولد

روى الصدوق في الفقيه في كتاب النكاح في باب حق المرأة على الزوج عن عبد اللّه بن سنان و طريقه اليه صحيح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ليس للمرأة مع زوجها امر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها الا باذن زوجها الا في حج او زكاة او برّ والديها او صلة قرابة و انت خبير بانه يمكن ان يكون مستندهم في اعتبار اذن الزوج في النذر و هذه الرواية لكن لا يخفى ان ما تضمنت الرواية من اعتبار اذن الزوج في غير النذر ايضا من الامور المذكورة مما لم يذهبوا اليه فلعلّهم حملوها على الاستحباب فليحمل عليه في الجميع و يمكن ان يقال ان الحمل على الاستحباب في غير النذر لضرورة لا يوجب الحمل عليه فيه ايضا لعدم المقتضى له اذ يمكن حمله على الاستحباب لكن لا يخفى ان الظاهر ان الحمل على الاستحباب في الجمع كانه ليس ما بعد من ذلك فاثبات اشتراط الاذن و تخصيص العمومات بمجرد هذه الرواية مشكل و ايضا لا يخفى اختصاصها بالنذر في المال و عدم عمومها على ما ذكروه الا ان يتمسّك بعدم القائل بالفصل فتأمل

قوله في الدين أو الدنيا

هذا الكلام يدل على انه ليس المراد بالطاعة ما يشمل كل راجح دينى و الا فكان ينبغى ان يخص المباح الراجح بالراجح الدنيوى ليكون مقابلا لها و حينئذ فلعل المراد بها هو العبادات المعهودة لكن كلامه في شرح قوله و لا بد من كون الجزء طاعة لا يخلو عن تشويش و ذلك لان قوله بان يجعله احد العبادات المعلومة يوافق ما ذكرنا ثمّ قوله فلو كان مرجوحا او مباحا لم ينعقد يدل على شمول الطاعة لكل راجح و الا فكان ينبغى ان يضم اليها الراجح الذى ليس بطاعة ايضا بل هو الى التعرض اصرح لكونه شقيا خفيّا و كلامه في شرح الشرائع ايضا لا يخلو عن هذا التشويش كما يظهر بالمراجعة

قوله فعلا او قوة

الظاهر انه لا حاجة الى هذا التعميم بل ينهض ما سبق بافادة ما قصده

قوله و البيع مباح

الا ان الاظهر ان يقال و عدم البيع مباح ليوافق ما في الرواية السّابقة ثمّ ان كان المراد بالطاعة اخص من الراجح الدينى و كان الفرض الاستدلال به على عدم وجوب كون متعلقة الطاعة فلا يخلو عن وجه و اما اذا كان فرض الاستدلال به على جواز تعلّقه بالمباح المتساوى الطرفين كما هو صريح س يتوجه عليه اولا ان عدم بيع المملوك لعله كان راجحا دينا مطلقا و لو سلم فيحتمل الاقتران بعوارض مرجحة كما اشار اليه الشارح فلعله كان في الواقعة المذكورة في الحديث و علمه الامام فاجاب على مقتضى علمه ثمّ الثانى عبارة س في النسخة التى راينا نقل عبارة الحديث للّه على ان ابيعها بدون لفظ لا و حينئذ فلا يتوجه عليه الايراد الاول نعم يرد عليه عدم مطابقة ما نقل لما نقل في الرواية على ما في التهذيب و اللّه يعلم

[كتاب القضاء]

قوله و في بيان استعمالها

كانه اشارة الى مثل ما نقل في الاصول مثلا ان اصل مقدمة الواجب يستعمل في مثله كذا و كذا و ان الامر بالشى ء نهى عن ضده

ص: 351

ينفع في كتب و كتب و هكذا او الى ما يذكر في كتب الفقه المدللة من الاستدلالات اذ به يعرف طريق استعمال المقدمات فتأمل

قوله لان الاستثناء هو المجموع لا الافراد

و لا يخفى التنافى في عبارة المصنف هو قاضى التحكيم و المستثنى منه هو القاضى مطلقا و حينئذ فلا وجه لعبارة الاصل لا وجه لما كتبه سلطان العلماء في الحاشية ايضا و هو الظاهر يدل قوله الاستثناء او مستثنى منه او يدل قوله هو المجموع من المجموع انتهى بل الظاهر ان يقال لان مخالفة المستثنى للمستثنى منه انما هو في اعتبار مجموع الشرائط من حيث المجموع لا كل فرد نعم لو لم يحمل الاستثناء على معناه الاصطلاحى بل حمل على معنى التخصيص و ما قرب لامكن توجيه العبارة بحمل الاستثناء على المستثنى منه كما في الحاشية و يمكن حينئذ حمله على المستثنى ايضا فتأمل

قوله و الانصاف لكل منهما إلى آخره

كانه حمل الانصاف على التلافى و الاعتذار وقع منه من زبر و انتهار فانه يجب التّسوية بينهما فيه بمعنى انه لا يجوز له ان يفعل ذلك لاحدهما لو وقع منها ما يقتضيه اليه بالنسبة اليه او حمل الانصاف على الزبر و المنع اذا وقع من احدهما مثلا بالنسبة الى الآخر ما يقتضيه فانه يجب التسوية في ذلك ايضا على رايهم بالمعنى الذى ذكرنا فتأمل

قوله لما فيه من الترجيح الذى اقل مراتبه الكراهة

لا يخفى انه على هذا يجب على المصنف ان يحرم ذلك لقوله بوجوب التسوية فتأمل

قوله و على تقدير كون الدعوى

لا يخفى ان قول المصنف ترك جزاء لقوله فان ادعى الاعسار ترتب عليه على الصور الثلاثة جميعا و على توجيه الشارح رحمه الله يختص بصورة كون الدعوى ليست مالا فيخرج عن الكلام عن الانتظام فلا تغفل

قوله فحلف ان لا حق له قبله

على صيغة الماضى من القبول فيكون جزاء الشرط و يمكن ان يقرأ قبله بمعنى عنده فيكون متعلقا بقوله لا حق و يكون جزاء الشرط هو قوله فان و يكون قوله و ان قام متعلقا به مقدما عليه هذا على ما نقلت الرواية هاهنا و اما على ما راينا في الكتب فليست هكذا بل في الفقيه الذى وقعت رواية فيه صحيحة هكذا قال اذا رضى صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف ان لا من له قبله ذهبت اليمين بحق المدعى و لا دعوى له قلت و ان كان له بيّنة عادلة قال نعم و ان اقام بعد ما استحلفه خمسين قسامة ما كان له حق فان اليمين قد ابطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه و يقرب من هذا ايضا عبارة في و التهذيب لكن السّند فيهما ليس بصحيح و على هذا فالعبارة واضحة كما لا يخفى

قوله و ان اقام بعد ما استحلفه إلى آخره

كان المراد و ان اقام الشهود بعد و خمسين قسامة اى اقام خمسين شاهدا

قوله و في هذه الادلة نظر بيّن

اما الاول فلانا لا نجعل النكول دليلا على ثبوت الحق بل لحكمه به للرواية الصحيحة و لو لا حجة شرعية لم يكن الحكم بثبوت الحق بعد اليمين ايضا الى الاحتمال الكذب و بعد قيامها فالعمل على مقتضاه و امّا الثانى فمع عدم صحة سنده لانه عام لعله باعتبار ردّ المنكر و لا نزاع فيه انما الكلام في صورة امتناعه عن الرد و منه يظهر الجواب عن الثالث ايضا لحمل الاخبار على ما ذكرنا جمعا بينهما و بين الصحيحة المذكورة بل لعل ظاهرها هو ذلك كما يظهر بالرّجوع اليها و اما الرابع و هو حديث الاحتياط و لا يضع اليه بعد ورود الصحيحة على خلافه و بعد هذا كله و لا ريب ان العمل على الاول اولى فتأمل

قوله فان اصرحكم بنكوله على قول من يقضى

قال سلطان العلماء رحمه الله كان الشارح حمل كلام المصنف على انه حكم على المدعى عليه بالحق بسبب النكول و لذلك جعله مبنيا على القول بالقضاء بمجرد النكول و لا يخفى عدم ملائمته لفتوى المصنف رحمه الله سابقا من رجوع اليمين الى المدعى فالاولى جعل الباء في قوله بالنكول صلة للحكم اى يحكم عليه بانه فاكل من غير تعرض لحكم الناكل من انه هل يقضى عليه بالحق ام لا لما مر آنفا فتأمل انتهى و لا يخفى ان الحكم بالنكول جار على القولين حينئذ فالعبارة كما ترى فينبغى ان يقدر بعد قوله حكم بنكوله قولا لنا و ثبوت الحق او يقال ان الباء في قوله بنكوله للسببية لا صلة حكم و المعنى حكم بثبوت الحق بسبب النكول اى بمجرده هذا ثمّ ان تمام كلام الشارح كانه تفصيل لما ذكره المصنف من الحكم بالنكول و بيان انه بعد الحكم بالنكول كيف الحكم لا انه حمل كلام المصنف على القول الاول حتى يرد عليه انه غير ملائم لفتوى المصنف سابقا من رجوع اليمين الى المدعى فتأمل

قوله من ظاهر النهى في الجزء

لا يخفى ان الخبر الثانى المذكور هاهنا مخصوص بالدعوى و لا الاول فيمكن ان يقرأ لا يختلف فيه بالتشديد من باب التفعيل ليصير مخصوصا بالدعوى فالاستدلال به على عموم الحكم لا يخلو عن اشكال ثمّ بعد حمل الخبر على الكراهة كيف يمكن الاستدلال به على التحريم في الدعوى هذا و يمكن ان يكون نظر الشارح الى خبر آخر غير ما ذكر هنا فان في بعض الاخبار ما يدل على ظاهره على عموم الحكم فتأمل

قوله ثمّ الغائب على حجته لو حضر

هكذا ورد في رواية جميل بن درّاج عن جماعة من اصحابنا عنهما عليه السلام قال الغائب يقضى عليه اذا قامت عليه البيّنة و يباع ماله و يقضى عنه دينه و هو غائب و يكون الغائب على حجته اذا قدم و انت خبير بان هذا على تقدير عدم توجه اليمين على المدعى متوجه و اما على القول بتوجه اليمين على المدعى مع البينة كما هو رأى المصنف هاهنا فالظاهر كما يستفاد من غير كلمات المشهور في شرح الشرائع انه لا يبقى للغائب بعد ذلك حجية لا سيّما اذا لم يكن له بينة و على هذا فحكم الشارح بذلك في تضاعيف شرح كلام المصنف كما ترى فتدبّر و اللّه تعالى يعلم

قوله بناء على ترجيح بينة الخارج

هذا هو الاشهر و قيل انما يقتسمانه نصفين بناء على ترجيح بينة الداخل فلكل منهما مرجّح باليد على نصفه تقدمت بيّنته على ما في يده و قيل انما يقسم كذلك بناء على تساقط البيّنتين بسبب التساوى و بقي الحكم كما لو لم يكن بيّنة و تظهر الفائدة في اليمين على من قضى له فعلى الاخير يلزم كلا منهما اليمين لصاحبه لان تساقط البينتين يوجب الرجوع الى اليمين كما لو لم يكن بيّنة و على الثانى لا يمين على احدهما لان ترجيح البينة بسبب اليد اوجب العمل بالراجح و ترك الآخر كما لو تعارض خبر ان و يترجح احدهما و على الاول الظاهر ايضا عدم اليمين لمثل ما ذكرنا في سابقه لكن العلامة في التحرير مع انه قوى القول بتقديم بينة الخارج و القضاء هنا لكل منهما في يد صاحبه قوى ثبوت اليمين على كل منهما و احتمل عدمه كذا في شرح الشرائع و اعلم ان كون العين في يدهما يتصوّر على وجهين احدهما ان يكون يدهما على السّواء كان يكون مثلا في ملك مشترك بينهما و الثانى ان يكون في يد كل منهما نصفه و انت خبير بان في الصورة الثانية للنزاع فائدة ظاهرة سوى ما ذكره الشارح فكانه حمل الكلام على الوجه الاول فتصدى لبيان الفائدة بما ذكره لكنه في مسئلة اخرى عند قول المحقق لو ادعى كل منهما ان الذبيحة له و في يد كل واحد بعضها و اقام كل منهما بينة قضى لكل واحد بما في يد الآخر قال انما يقضى لكل واحد بما في يد الآخر على تقدير كون البعض الذى في يد كل منهما منفصلا عن الآخر ليتحقق اختصاص اليد به اما لو كان متصلا كان بينهما نصفين على الاشاعة كما لو اقام المدعيان بينتين و العين في يدهما انتهى و كلام العلامة ايضا في التحرير في تلك المسألة مطابق لما ذكره حيث قال لو تداعيا شاة مذبوحة و في يد كل واحد منهما بعضها منفصلا و لا بينة قضى لكل واحد بما في يده بعد الاحلاف و لو اقاما

ص: 352

بيّنتين حكم لكل واحد بما في يده الآخر الى آخر ما ذكره لكن كلامه هاهنا يحمل على نحو ما ذكر هاهنا و انت خبير بانه على هذا يجب حمل هذه المسألة على ان يكون ما في يد كل واحد منفصلا عن الآخر و لا يخفى بعده و التعليل الذى ذكره بقوله ليتحقق اختصاص اليد به يتوجه عليه ان حكمهم بان لكل واحد منهما ما في يد الآخر انما هو لتصحيح فائدة ان البيّنة للخارج و يكفى فيه تحقق نصفين على الاشاعة يد كل واحد منهما على احدهما فيحكم لكل واحد منهما بما في يد الآخر بناء على القاعدة المزبورة و ان لم يتفاوت الحال لو حكم لكل واحد منهما بما في يده ايضا من حيث الملكية و ان تفاوت الحكم من حيث اليمين و عدمه و القول بعدم التمايز بين النصفين المشاعين و انه بعد الحكم له بما في يد صاحبه لا يحكم له الا بالنصف المشاع و قد كان في يده مدفوع بانه يكفى الامتياز بكون احد النصفين ملكا له و الآخر لصاحبه فيحكم بانتقال كل منهما الى الآخر بناء على الاصل المذكور و لزوم الامتياز الزائد على ما ذكر محل نظر و لو سلم و الحكم بوجوب الانفصال مما لا وجه له بل لو كان في يد واحد منهما نصفه و بيد الآخر نصفه الآخر و ان كان متصلا احدهما بالآخر تحقق الامتياز قطعا و يجرى فيه الخلاف المذكور الا ان يجعل ما ذكروه من الانفصال شاملا لذلك ايضا فتأمل

قوله فذو اليد من صدقة

اى يحكم له مع اليمين و الا فاليمين لا اثر له في صيرورته زائد و هو ظ

قوله و لو انكرهما قدم قوله

و لو قال هى لاحدهما و لا اعرفه احتمل قويا القرعة فيحلف من خرجت له فان نكل حلف الآخر و ان نكلا قسمت بينهما كذا في شرح الشرائع

قوله و لو كان لاحدهما بينة في جميع هذه الصورة

قال في الدروس و لو كان لاحدهما بينة فهي له في الصور كلها و لم يذكر اليمين و انت خبير بانه يشكل و لك في صورة احدهما خاصة فانه ذو اليد على ما ذكروه حينئذ فلو كانت البينة له فينبغى على القول بان البينة في الخارج و عدم اعتبارها اذ ليس وظيفة الاثبات و مثله الاشكال في صورة تصديقها اذ حينئذ يصير كل منهما ذو اليد على النصف فعلى القول بان البيّنة للخارج يشكل سماع فبيّنة في النصف الذى بيده و الجواب انه يظهر من كلامه في الدروس انه اختار ان صاحب اليد اذا جاءت بالبينة اعترف بينته و كفته عن اليمين اذا لم يكن للمدعى بيّنة و الظاهر انه ليس بيّنة بناؤه على القول بترجيح بيّنة الداخل في صورة تعارض بيّنتين بل مطلق و حينئذ فما ذكروه مبنى عليه هذا و اما ما ذكره الشارح من اضافة اليمين ففيه اشكال اذ في صورة تصديق احدهما و صيرورته ذا اليد ان كانت البينة من المصدق له فاما ان يتعين عليه اليمين و بيّنته كما هو مختاره في هذا الكتاب او تسمع بينته لدفع اليمين عنه على ما اختاره في الدروس و كيف ما كان فلا وجه للجمع بين البيّنة و اليمين و ان كانت البينة من الآخر فوظيفته بالبيّنة و لا حاجة له الى اليمين الا ان يقال ان كلامه مبنى على القول بان في صورة ترجيح الداخل او الخارج على القولين لا بد من الحلف ايضا على ما اشار اليه و التحرير حيث قال و اى البينتين قدمناها ففى استحلاف صاحبها نظر ينشأ من تساقط البينتين عند التعارض فيبقى كما لو لم يقم بينته و حينئذ عدم التّساقط مع رجحان احدهما فيحكم بالراجح كما لو تعارض خبر ان انتهى فلعل الشارح اختار الاول و لا يخفى ان الحكم بالحلف على القول بترجيح البينة الداخل لا يخلو عن وجه بناء على ان تحكم بتعارض البينتين فيبقى كما لو لم تقم بيّنة فيحكم بيمين ذى اليد و لما في رواية اسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قيل و ان كان في يد واحد منهما و اقاما جميعا البينة فقال اقضى بها للحالف الذى بيده و اما على القول بترجيح الخارج فلا وجه له اذ ليس بناؤه على التعارض اذ لو بنى عليه و حكم بسقوطهما فلا يبقى رجحان يحكم به للخارج و لو سلم لزوم الحلف في الصورة المفروضة فلا ريب و اختصاصه بصورة اقامة البينة من الطرفين و لا فيما نحن فيه فلا وجه له اصلا و كل من ادعى ما لا في يد احد و اختصّ باقامة البيّنة عليه يحكم له به من غير حلف و ما نحن فيه ليس الا منهما و ايضا لا معنى لسماع بيّنة الداخل في صورة اختصاصه باقامة البينة مع الحلف اذ لا ريب في كفاية اليمين له فالبينة لغو فعلم ان ما احتمله من ثبوت اليمين على القولين انما يختص باقامة البيّنة من الجانبين هذا و يرد عليه الاشكال في صورة انكارهما فان كلا من الطرفين حينئذ خارج فتكفى البينة له فلا وجه لليمين و اما في صورة تصديقهما فالظاهر انه يصير كل منهما ذا اليد على النصف فالظاهر بينته بالنسبة الى النصف الذى في يد صاحبه لا على القول ببينة الخارج فظاهر و اما على القول الآخر فلان الظاهر ان النزاع في ترجيح الداخل انما هو في صورة اقامة البينة من الجانبين و اما اذا قام المدعى وحده البينة فتسمع بينته و لا في النّصف الذى في يده فلو قبل بما اختاره في الدروس من سماع بينة الداخل اذا لم يكن للمدعى بينة فيكفى البينة فيه ايضا كما اشرنا اليه و اما لو لم يقل به بل حكم بان وظيفة اليمين كما اختاره في هذا الكتاب فلا بد من اليمين فالحكم بالبينة مع اليمين في هذه الصّورة لا يخلو عن وجه و مثله القول في الصورة التى فرضها اولا بقوله لو تداعيا ما في ايديهما كما لا يخفى فظهر مما قررنا ان ما احتمله سلطان العلماء من جعل هذه الصّورة اشارة الى الصور الاخيرة من تصديقهما او انكارهما الى آخره مما لا يسمن و لا يغنى من جوع لورود الاشكال في صورة انكارهما ايضا على ما عرفت و ايضا جعل صورة حلفهما و كذا نكولهما من الصور و الحكم فيهما مما ذكره كما ترى فالظاهر اذن ان يجعل جميع الصور اشارة الى الصور الثلاثة الاخيرة من تصديق احدهما و تصديقهما و انكارهما لكن يتوجه عليه الاشكال في صورتين منها على ما قررنا و اما صورة كونهما في ايديهما التى اشار اليها

اولا فهي و ان صح ما ذكره فيها ايضا فكان الظاهر ادخالها ايضا ليعلم حكم الجميع و لا يلزم الاهمال في البيان لكن عبارة المصنف لا يحتمل الشمول لها و هو ظاهر و لو قطع النظر عنه و قيل ان الشارح غيرته نظم الكتاب فينبغى النظر الى مجموع العبارتين لا الى عبارة المتن وحدها ففيه ان جعل ذلك شاملا لها ثمّ تخصيص ما ذكرناه بعده بقوله و لو اقاماها بالصور الأخيرة تعسّف جدّا فالظاهر جعل ذلك ايضا اشارة الى الصور الاخيرة خاصة و ان لزم الاجمال المذكور فتأمل اما ما ذكره بعد ذلك بقوله و لو اقاماها الى آخره ففيه ايضا اشكال اما اولا فلان في صورة تصديق احدهما و صيرورته ذا اليد ترجع المسألة الى المسألة الآتية من تشبّث احدهما و يأتى لها الخلاف من ترجيح الداخل و الخارج فلا وجه لتغير الحكم فيه و هذا يتوجه على قوله فيما سيجي ء و لو اقاماها بينة فللمستوعب بل ينبغى ان يحكم فيه بانه ان كان المصدق له هو يدعى النصف فالحكم هو ما حكم به في المسألة السّابقة عليه و هو قوله و لو اقاما بينة فهي للخارج الى آخره و ان كان هو مدعى الكل فالكل له على القول بترجيح بينة الداخل و على القول الآخر يقسم بينهما نصفين و يمكن ان يقال ان الحكم بصيرورة احدهما ذا اليد على تقدير تصديقه انما هو في صورة عدم اقامة البيّنة من الجانبين و امّا فيها فلا لتحقق الخلاف فيه قال في التحرير لو اقر الثالث بها لاحدهما مع تعارض البيّنتين المتساويين عدالة و عددا هل منزل اقراره منزلة اليد

ص: 353

حتى ترجح البيّنة ان قلنا بترجيح بيّنة ذى اليد او ترجّح الاخرى ان قلنا بترجيح بينة الخارج فيه نظر فان قلنا ان اقراره ليس كاليد فهو مرجح به صاحب التصديق الاقرب العدم لان هذه يد مستحقة الازالة بالبينتين انتهى مع انه قد ذكر في المسألة السابقة سابقا عليه انه لو كانت العين في يد ثالث حكم لها لمن صدقه الثالث بعد الاحلاف من المدعى عليه و على الثالث اليمين لو ادعى الخصم علمه بالملك لفائدة العزم مع الاعتراف لا القضاء بالعين و لا يخفى بعده فان الظاهر من قوله فيما سيجي ء صار صاحب اليد صيرورته ذا اليد مطلقا و الظاهر عند الاعتبار هو ذلك و قد اختاره في التحرير في مسئلة دعوى احدهما الكل و الآخر النصف فتأمل و اما ثانيا فلان في صورة تصديقهما يصير كل واحد منهما ذا اليد فمرجع المسألة الى ما كان في ايديهما و اقاما بينة و قد حكم فيه بالقسمة نصفين و الحكم لكل منهما بما في يده فلا وجه لتغيير الحكم فيه ثمّ لا يخفى ان ما ذكر في المسألة السابقة ان كان المراد بكونهما في ايديهما ما يشمل الوجهين فالأمر ظاهر و ان كان على ما يظهر في شرح الشرائع في مسئلة الذبيحة فان كانت العين في يد الثالث منفصلا احد نصفه عن الآخر و صدق لكل واحد منهما لاحدهما فالامر كذلك و ان لم يكن كذلك بل كان متصلا و صدق بها لهما على الاشاعة فينبغى الحكم ايضا بالقسمة نصفين على الاشاعة كما لو كان في ايديهما كذلك على ما ذكره في تلك المسألة حيث قال اما لو كان متصلا كان بينهما نصفين على الاشاعة و على أيّ وجه كان فلا وجه لتغيير الحكم فيه و الحكم بالترجيح فيه بما ذكره هذا الاحتمال تخصيص الحكم بصيرورة المصدق ذا اليد بصورة عدم اقامة البينة من الجانبين امره كما عرفت فتدبّر ثمّ الظاهر ان ما ذكره الشارح رحمه الله في حل عبارة المصنف ليس بشي ء و الظاهر في علة ان يقال المراد بقوله و لو خرجا هو بيان حكم اذا خرجا بدون تصديق من في يده لاحدهما اما بان لا يكون في يد ثالث او كان و لم يصدق احدهما فحينئذ الحكم ما ذكره من انها لذى البيّنة مع اختصاصها باحدهما و ما اضافه الشارح من قوله مع يمينه يجب تركه و قوله بعد ذلك سواء كانت في يد ثالث اه بيان ما اذا خرجا و صدق من في يده احدهما سواء ادعى كل منهما الكل او احدهما الكل و الآخر النصف فحينئذ حكمه ان المصدق لو صار صاحب اليد فيترتب عليه ما فصل سابقا من انه لو تشبّث احدهما فاليمين عليه و لا يكفى بينة و لو اقاما ففى الحكم لأيهما خلاف فحينئذ ان ادعى كل منهما الكل فالامر ظاهر و ان ادعى احدهما النصف فالنزاع انما هو في النّصف فحينئذ صدق به له فهو ذو اليد فاليمين عليه و البينة على صاحبه و لو اقاما بينة ففى الحكم خلاف على قياس سابقه و امّا ما ذكره الشارح من قوله و لو اقاما بينة فليس في محله و عليك بالتامل في هذا المقام

قوله المصنف و لا يكفى بينته

قال سلطان العلماء ذكر هذا الحكم بلا خلاف و كذا كثير من الاصحاب مع انهم نقلوا الخلاف في مسئلة تعارض البينتين في انه هل يرجح بينة الداخل و هو المتشبّث او الخارج من غير مرجح و لا يخفى انه من قال بترجيح بينة المتشبّث على تقدير تعارض بينة الآخر من غير يمين بمحض انه يرجح بينة بانه ذو اليد فلا بد له من الحكم باعتبار بينة على تقدير عدم معارض له بطريق اولى انتهى و لا يخفى ان الناس حكم بتقديم بينة الداخل باعتبار انه يرجع الى تساقط البينتين فيرجع الى تقديم ذى اليد لا يرد عليه اشكال فانه حكم فيه ايضا باليمين و حكم له لاجلها و اما على القول بترجيح بينة في نفسه و تقديمه بغير يمين فيتراءى انه يتوجه عليه ما ذكره من القياس بطريق الاولى لكن قد ظهر مما ذكرنا في الحاشية السابقة انهم حكموا ايضا بسماع بيّنة الداخل لدفع اليمين عنه ما نقلنا عن س و اختاره العلامة فلا ايراد على انهم لو لم يقولوا بذلك و قالوا بتعين البينة كما اختاره في هذا الكتاب فيمكن ان يقال بينة الداخل خلاف الاصل فيقتصر فيه على مورد النص و هو صورة تعارض البينتين على ما ورد في روايتى غياث بن ابراهيم و جابر فلا اشكال فتأمل

قوله فلا يخلو من رجحان

انت خبير بانه ليس في الاخبار التى يدل على اعتبار الخروج او الدخول ما يدل على رجحان هذا القول بل منها ما يدل على رجحان الخارج اما مطلقا او مع تسبيبها و هو رواية منصور و منها ما يدل على رجحان الداخل مطلقا مع الحلف و هو رواية اسحاق بن عمار و منها ما يدل على رجحان الداخل مع تسبيبهما و هو روايتا جابر و غياث بن ابراهيم و يمكن ان يقال برجحانه مع انفراده بالسبب بطريق اولى كما هو القول الرابع و في المسألة اخبار اخرى لا يوافق شيئا من الاقوال المذكورة

قوله و الا فلا يخلوا من نظر

قال سلطان العلماء لا ريب في الحكم على تقدير اليقين لان النصف الآخر مخصوص بمدعى الكل بلا كلام فالمدعى به هو النصف المعين على السّواء فيقسم هذا النصف بعد التحالف لا على تقدير دعوى النصف المشاع فما حكم المصنف فيه محلّ نظر لعين الوجه المذكور في صورة التعيين لان النصف المشاع لمدّعى الكل بلا كلام و النّصف الآخر اى نصف فرض فنسبتهما اليه بالتصرف على سواء فلا وجه لاختصاص احدهما بالحلف لان الغرض اشاعة التصرف ايضا فالنظر يقتضى في هذا التقدير ايضا التحالف و قسمة النصف كما في صورة التعيين و ما ذكر في بيان الفرق ان كل جزء على تقدير الاشاعة يدعى كل منهما تعلق حقه به و لا ترجيح ممنوع اذ المرجح موجود فان كل جزء فرض يكون نصفه بالاشاعة متعلقا بمدعى الكل بلا كلام و الدعوى في نصفه الآخر فليس بسببهما الى الكل على السواء حتى يقسم الكل بل الى النّصف فيقسم الا انه قال الشارح لم يذكر و الخلاف في هذا الحكم و كان نظر الشارح الى ما قلناه فتأمل انتهى و انت خبير بانهم ذكروا في باب الصلح انه لو كان بيدهما درهمان فادعاها احدهما و ادعى الآخر احدهما خاصة فالثانى نصف درهم و للاول الباقى و استندوا في ذلك الى رواية عبد اللّه بن المغيرة عن الصادق عليه السلام و مثله ما رواه في التهذيب في باب زيادات القضايا و الاحكام عن محمد بن ابى حمزة عمن ذكره عنه و لا يخفى انه و ان يكن الجمع بين ما ذكروه هاهنا و ما حكموا به هنا و يحمل كلامهم هاهنا على صورة الاشاعة كما ذكره الشارح و يخصص كلامهم بصورة كون احدهما المدعى به معينا كما هو ظاهر الحال لكن ذكر المصنف رحمه الله هناك و في الدروس و سننقله الشارح انه يشكل ذلك اذا ادّعى الثانى النصف مشاعا فانه يقوى القسمة نصفين و يحلف الثانى للاول و كذا في كل مشاع و انت تعلم ان الظاهر منه انه حمل كلامهم على صورة الاشاعة و التعين جميعا و حينئذ فيكون منافيا لحكمهم هاهنا و ما قواه هو الموافق لما ذكر هاهنا و يرد عليه ما اشير اليه من النظر و لا يمكن العذر من قبله بعدم ذكرهم الخلاف في الحكم على ما ذكره الشارح فتدبر و انت خبير مال ما ذكر من النظر و ان توجه على ما ذكره الشارح من الفرق لكن يمكن ان يقال ان المفروض تساويهما في اليد على سبيل الاشاعة و حينئذ فيكون في يد كل واحد منهما نصف مشاع من العين و لذا حكموا بانه لو اقاما بيّنة فهي للخارج على القول بيّنة و على القول الآخر يقسم بينهما نصفين و حينئذ نقول مدعى النصف يده ثانية على ما يدعيه و مدعى الكل يده خارجة عنه فحينئذ لو لم يكن بيّنة فلا يتوجّه على صاحب اليد الى اليمين فيحكم له بالنصف بيمينه كما ذكروه و هذا بخلاف صورة التعين اذ لا نزاع في النصف الآخر و النصف المتنازع فيه يدهما عليه على السّواء و قد سبق انه

ص: 354

يقسم نصفين بعد حلف كل واحد منهما لصاحبه فتأمل ثمّ لا يخفى ان هذا كله انما هو اذا كان تشبّثهما بالنسبة الى الكل على السواء و اما لو كان في يد كل واحد منهما نصف منه فان ادعى مدعى النّصف ما في يده فلا ريب في توجه اليمين عليه و القضاء له بعدها و ان ادعى ما في يد الآخر فيتوجه اليمين على الآخر و يحكم له بالكل بعدها و ان ادعى النصف مشاعا فلا نزاع في ثبوت النصف مشاعا من كل منهما لصاحب الكل انما النزاع في النصف الآخر منهما فينبغى القول بتوجه اليمين على كل منهما في نصف النصف الذى بيده فتدبّر

قوله لمدعى الكل خارج عنه

هذا انما يفيد القضاء له بالنصف الذى في يد صاحبه و لا النصف الذى في يده فلا و كانهم نظروا الى عدم التنازع فيه و فيه نظر و هاهنا احتمال آخر و هو ان يحكم على هذا القول ايضا بالقسمة بينهما نصفين بناء على القضاء لكل منهما بما في يد صاحبه لترجيح بينة الخارج كما في صورة النزاع في كل اليمين هذا على ما هو الظاهر من كلامهم من كون حكمهم في تلك المسألة جاريا على الوجهين جميعا و اما على ما نقلنا عن شرح الشرائع فقد ظهر انهم لم يحكموا في صورة النزاع في الحمل اذا كان يدهما عليه على السواء بانّ لكلّ واحد منهما ما في يد الآخر بل بالقسمة بينهما نصفين على الاشاعة لعدم الترجيح و حينئذ فيمكن ان يقال فيما نحن فيه ايضا على قياس ما سبق ان ترجيح الخارج يستدعى ان الحكم له بشي ء لم يكن حاصله في يده و اذا حكم له بالنصف المشاع الذى في يد صاحبه فقد كان ذلك في يده و لا تمايز بينهما فيجب ان يحكم في هذه الصورة لمدعى الكل بالكل اذ حينئذ النصف الآخر لم يكن بيده فحكم به للخارج لكن قد عرفت ما فيه ايضا و ايضا يحصل في كلامهم حينئذ التشويش اذ الظاهر ان يكون الغرض في المسائل الثلاثة على نحو واحد و على هذا لا بد ان يحمل تلك المسألة و سابقها على ان يكون يد كل منهما على اليمين على السّواء و المسألة السابقة على ان يكون في يد كل منهما النصف منفصلا هذا و يحتمل ثالث و هو ان يقال لا نزاع فيحكم به لمدعى الكل و قد تعارضت البيان في النصف الآخر فيحكم بتساقطهما و يقسم ذلك النصف بينهما نصفين بعد حلف كل واحد منهما لصاحبه كما في قبل في صورة النزاع في الكل لكن لم اجد في كلامهم التعرض لهذين الاحتمالين و انما ذكروا ما ذكره المصنف من الاحتمالين و نقلوا عن ابن الجنيد قولا ثالثا و هو القسمة بينهما ثلاثا سواء اقاما بينة او لم يقم شي ء منهما نظرا الى القول ثمّ لا يخفى ان الظاهر ان ما ذكروه انما هو في و اما لو كان النصف المتنازع فيه معينا فالحكم ما ذكرنا في الاحتمال الثالث من قسمة النصف نصفين لكن يحتمل في وجهه ما ذكر من الاحتمالات في مسئلة التنازع في الكل مع اقامتها البيّنة من جعل بنائه على ترجيح بيّنة كل منهما على ما في يده او يد صاحبه او الحكم بالتساقط و القسمة نصفين بعد حلف كل واحد منهما لصاحبه فتأمل هذا كله اذا كان يدهما على الكل على السّواء كما فرض في المسألة السّابقة و اما لو كان في يد كل منهما نصف معين فان ادعى مدعى النصف ما في يده فالحكم ما ذكروه من انه على القول بترجيح الخارج يحكم بالجميع لمدعى الكل و على القول الآخر يقسم نصفين و هو ظاهر و ان ادّعى النّصف الذى يد صاحبه فالامر بالعكس كما لا يخفى و ان ادعى النصف مشاعا فعلى القول بترجيح الخارج يحكم له بالنّصف المشاع مما في يد صاحبه و على القول الآخر بالنّصف المشاع مما في يده و الباقى لمدعى الكل فتأمل

قوله و على القول الآخر يقسم بينهما نصفين

اما بيمين مدعى النصف على مذهب من يقول بترجيح الداخل بناء على التساقط و الرّجوع الى اليمين او بدونها على مذهب من يقول بترجيحه نفسه

قوله و لو اقام احدهما خاصة بينة حكم بها

لا يخفى انه لو كان اقامة البيّنة من مدعى الكل فلا ريب في سماع بيّنة في النصف الذى بيد صاحبه بناء على ترجيح بينة الخارج و لا في النصف الذى بيده فلو قيل بما اختاره في الدروس من سماع بينة الداخل اذا لم يكن للمدعى بيّنة كما نقلنا سابقا فلا اشكال ايضا و اما لو لم يقل به بل حكم بان وظيفة اليمين كما اختاره في هذا الكتاب فلا يخلو عن اشكال الا ان ينظر الى عدم النزاع فيه و فيه نظر و الاولى اضافة اليمين لذلك و اما على القول الآخر فالظاهر انه لا اشكال ايضا في النصف الذى بيد صاحبه اذ الظاهر ان النزاع في ترجيح الداخل انما هى في صورة اقامة البيّنة من الجانبين و اما اذا اقام المدعى وحده البيّنة فتسمع بينته على ما اشرنا اليه سابقا و لا في النصف الذى بيده على ما نقلنا من س من سماع بينة الداخل لدفع اليمين عنه لا اشكال ايضا و اما لو قيل بعدم سماع بينة الداخل هاهنا و انما اقتصر فيه على صورة الاقامة من الجانبين فلا يكفى البينة له بل لا بد من اضافة اليمين ايضا الا ان يبنى على النظر المذكور فتدبّر و اما لو كانت البينة لصاحب النصف فعلى القول بسماع بينة الداخل فيه لا اشكال اما على الاحتمال الآخر فلا بد من اليمين الا ان يقال بسماع بينته و الحكم بالنصف الذى في يد صاحبه على ما ذكرنا من الاحتمال في صورة الاقامة من الجانبين و اما على القول بترجيح الخارج فلا اشكال ايضا على ما نقلنا عن س و اما على ما اختاره في هذا الكتاب فيتوجه ان وظيفته حينئذ اليمين و لا يكفى البينة الا ان يقال بسماع بينته للحكم له بل في يد صاحبه كما ذكر في الاحتمال المذكور و هذا كله اذا كان يدهما على الكل على السّواء و ادعى مدعى النصف النصف المشاع و اما اذا ادعى النصف المعين فلا نزاع في النصف و انما المتنازع فيه النصف الآخر و بيد كل منهما نصفه فعلى القول بترجيح الخارج لا ريب في سماع بينة كل منهما في نصف النصف المذكور الذى بيد صاحبه و اما في نصفه الآخر الذى بيده فيسمع ايضا على ما اختاره في الدروس و على مختار الكتاب لا بد من اليمين و امّا على القول الآخر فالظاهر ايضا ان الامر كما ذكرنا كما ظهر مما قررنا في سابقه و لو كان بيد كل منهما نصف معين فان ادعى صاحب النصف النصف المشاع من كل منهما فهو محل النزاع و حكم بسماع البينة من الطرفين يظهر على قياس ما سبقه و ان ادعى النصف المعين فان ادعى ما في يده فلا ريب في سماع بينة الكل حينئذ كما ذكرنا سابقا و لا بيّنة الآخر فتسمع على ما اختاره في الدروس و اما على مختار الكتاب فلا بد له من اليمين و ان ادعى النصف الآخر فالامر بالعكس فتأمل

قوله و لو اقاما بينة فللمستوعب

قد ظهر مما تلونا عليك ان هذا انما يتوجه على تقدير عدم تصديق احدهما و اما في صورة تصديق احدهما و الحكم بانه ذو اليد ففى الحكم بسماع بينة او بينة الآخر الخلاف المذكور سابقا فتذكر

قوله في اجزاء غير معينة

فكل واحد من اجزائها فلا يخلو عن دعوى كل منهما باعتبار الاشاعة فلا يتم ما ذكروه من خلوص النصف لمدعى الكل بل كل جزء يدعى مدعى النّصف نصفه و مدعى الكل كله و نسبة احد الدعويين الى الاخرى بالثلث فيقسم العين اثلاثا و فيه ان مدعى الكل يسلم له نصف مشاع بغير نزاع و هو كاف في الظاهر و ان وقع النزاع في كل جزء معينا هذا و لا يخفى ان هذا القول تحرير في صورة كون العين في يدهما ايضا حيث لا بيّنة فعلى المشهور

ص: 355

يقسم نصفين و على هذا القول اثلاثا و نقل عن ابن الجنيد انه قال بالقسمة اثلاثا في صورة كونه بيدهما سواء اقاما بيّنة او لم يقيماها فتدبّر

قوله و كلّ موضع حكمنا

ظاهره ان الحكم بتقدم من كان تاريخ بينة اقدم في جميع الصور المذكورة سواء كان في يد واحد منهما او في يد ثالث و صدق احدهما ام لا و لا يبعد ان يكون الحكم بذلك في صورة ان لا يكون في يد واحد منهما و لم يصدق من في يده احدهما و اما اذا كان في يد واحد منهما فيكون الحكم ما فصل سابقا من ترجيح الداخل او الخارج و كذا اذا كان في يد ثالث و صدق احدهما فان المصدّق له صار صاحب اليد و يترتب عليه ما فصل بل الظاهر ان الدليل الدال على تقديم بينة الخارج لو تم يدل على تقديم بينة مطلقا و عدم سماع البيّنة صاحب اليد اصلا فعلى القول به ينبغى القول بتقديمه مطلقا و عدم الاعتبار بسبق التاريخ و اما على القول بتقديم بينة الداخل فيمكن ان يجعل سبق التاريخ مرجحا على الاطلاق و يمكن ان يخص ذلك بما اذا لم يكن احدهما صاحب اليد كما ان اعدلية الشهود و اكثريتها ايضا من المرجحات عندهم في غير هذه الصّورة و اما فيها فالمدار على ترجيح الداخل و الخارج و لا يبعد ان يقال ان الحكم بترجيح الداخل بناؤه اما على تعارض البينتين و تساقطهما و الرجوع الى تقديم ذى اليد او على ترجيح بينة في نفسه بناء على ما ورد في بعض الاخبار من ترجيح بينة الداخل فعلى الاول كما لوحظ ترجيح صاحب اليد من جهة اليد ينبغى ان يلاحظ منها ترجيح الخارج ايضا باعتبار سبق الملك لو فرض ذلك و قيل بكونه مرجحا فمن رجح الملك السابق على اليد في الحال بناء على قوة الملك بالنسبة الى اليد كما هو احد قولى الشيخ باختياره المحقق فينبغى هاهنا ايضا ان يرجح الخارج و من رجح اليد عليه باعتبار تحققها الآن و جواز زوال الملك السابق كما هو القول الآخر للشيخ فينبغى ان يرجح الداخل امّا على الوجه الثانى فيمكن ان يكون الحكم بتقديم الداخل تعبّدا فترجيح الآخر من جهة سبق الملك لا عبرة به لكن لا يخفى ان ما دل من الاخبار على ترجيح بيّنة الداخل لا دلالة له على ترجيحها في صورة سبق تاريخ الآخر كما يظهر بالرجوع اليه فالقول ترجيحها في هذه الصورة من جهة النصّ بمكان من الضعف فتأمل و قال في شرح الشرائع المسألة مفروضة فيما اذا كان المدعى في يد ثالث و اما اذا كان في يد احدهما او قامت بيّنتان مختلفتان التاريخ فان كانت بينة الداخل اسبق تاريخها فهو المقدم لا محاله و ان كانت بينة الآخر اسبق تاريخها فان لم يجعل سبق التاريخ مرجحا و كذلك يقدم الداخل و ان جعلناه مرجحا ففى ترجيح ايهما و عدمه اوجه احدهما ترجيح اليد لان البينتين متساويتان في اثبات الملك السّابق و اليد اقوى من الشهادة على الملك السّابق و لهذا لا يزال بها و الثانى ترجيح السبق لان مع احدهما ترجيحا من جهة البيّنة و مع الاخرى ترجيحا من جهة اليد و الثالث انهما متساويتان لتعارض البينتين انتهى و لا يخفى ما فيه من الاخلال فان جميع ما ذكره انما يتوجه على القول بترجيح الداخل فلم يتعرض للحكم على تقدير ترجيح الخارج اصلا و هو ظاهر ثمّ قوله و اليد اقوى من الشهادة بالملك السّابق انما يتوجه على القول احد قولى الشيخ و اما على القول الآخر و هو الذى اختاره المحقق فالملك السابق اقوى من اليد كما اشرنا اليه و اما ما ذكره من الوجه الثانى فلا يخفى سخافته على تقدير صحته انما يتوجه على القول بترجيح بينة الداخل باعتبار تعارض البينتين و تساقطهما و الحكم بالترجيح باليد و اما على القول بترجيح بينة الداخل في نفسها فلا اتجاه له اصلا فتأمل

قوله و تحققه الآن

فيه انه لو كان التحقق في الآن مرجحا و كان ينبغى ان يرجح في المسألة السّابقة ايضا بينة من شهدت له بالملك في الآن على بينة من شهدت له بالملك السابق و لا اقل من ان لا يقدم عليه بينة الآخر و هو ظ ثمّ نقل القولين عن الشيخ في صورة تقدم الملك مع الجزم بترجيح الملك السابق على اللاحق من غير نقل خلاف لا يخلو عن غرابة لانه اذا قدم الملك السابق على الملك اللاحق مع فوته فان يقدم على اليد التى هى اضعف من الملك اولى و الحق ان في كلام الشارح في هذه المسألة اخلالا جدا اذا علم ان ترجيح الشهادة بالملك القديم على الملك في الحال ليس مجمعا عليه بل هو مشهور بينهم و فيه وجه آخر ذكره في شرح الشرائع هو عدم الترجيح بذلك و الحكم بالمساوات بينهما ثمّ الظاهر على القول به انه انما هو في صورة شهادة البينة بالملك السّابق و في الحال ايضا ما لو شهد بذلك الملك السابق فقط و لم يتعرض للحال فالحكم بتقدمه على ما يظهر من كلام بعضهم ضعيف جدا نعم المشهور انه يكفى ان تشهد البينة بالملك السّابق مع اضافة انى لا اعلم له مزيلا و لا يلزم الشهادة بالملك في الحال و هذا ايضا محل تامل و على هذا فلا يبعد ان يكون قول الشيخ هاهنا بتقدم اليد المتاخرة على الملك السابق انما هو في صورة اكتفى البيّنة بالشهادة على الملك السّابق و لم تضف اليه ما اعتبر من الاضافة و امّا على القول بتقديم البينة بالملك القديم على البينة بالملك في الحال بدون اشتراط الاضافة و القول بتقديم بيّنة اليد في الحال على بيّنة الملك السابق فغير معقول و كذا لا يبعد ان يكون ما ذكره من ترجيح بينة الملك لتحققه الآن انما هو في صورة شهادة البينة باليد السابق فقط لا مع اضافة اليد في الحال ايضا و حكمه سابقا بترجيح الملك السابق على الملك في الحال كانه انما هو مع الاضافة المذكورة فاندفع الاشكال الاول فتأمل

قوله ليس حد البيع إلى آخره

كان هذا بناء على القول بثبوت الشفعة مع زيادة الشركاء على اثنين كما هو مذهب العامة و بعض الاصحاب ايضا كابن الجنيد اذ يمكن حينئذ ان يفرض الشركاء اكثر من اثنين و فرض القسمة بين الاثنين منهما و لو برضى الثالث و حينئذ لو فرض كون القسمة معا فلا ثالث دعوى الشبهة عليهما او فرض وقوع القسمة بين الجمع و فرض ان بعضهم اسقط من شفعة فلم لم يسقط ان يطلب الشفعة حينئذ و لو فرض كون القسمة بيعا او يفرض ان الشركاء اثنان لكن الثالث شركه في طريق الملك المشترك فيه او نهره فبعد قسمتها الملك له دعوى الشفعة عليهما او يفرض ان الثالث تمييز حصة و و افردها سابقا و بقي حصة الشريكين مشاعا فبعد قسمتها له دعوى الشفعة عليهما بناء على القول بثبوت الشفعة في المقوم كما هو مذهب ابن ابى عقيل او يفرض ان الثالث يدعى الشفعة باعتبار الجواز بناء على ثبوت الشفعة بالجواز كما هو مذهب بعض العامة هذا و لما كان القول بكون القسمة بيعا من العامة فلا استبعاد في كون بناء بعض الاحتمالات التى ذكرنا على مذهبهم كما لا يخفى و لا يخفى ايضا ان جميع هذه الاحتمالات و ان كان صحيحا في بيان ثمرة الخلاف باعتبار الشفعة لكن عبارة الشارح حيث جعل ثبوت الشفعة فيها للشريك تابى عن بعضها فتأمل

قوله عدا الثالث في السّيف

لا يخفى ان الجواهر ايضا مما ينفع بقسمته غالبا و لو في المعاجين و نحوها نعم العضائد كانه يمكن فرضها صيغه جدا بحيث لا ينتفع بقسمتها اصلا

قوله و لو اختلف

قسم على اقل مثلا اذا كان ارض بين ثلاثة لاحدهم النصف و الآخر الثلث و للآخر السدس فيقسم الارض ستة اسداس و يجعل لهما اول و ثان و هكذا الى الآخر و يكتب اسماء الشركاء في ثلث

ص: 356

رقاع فمن خرج اسمه اوّلا اعطى في الاول و اكمل نصيبه مما بعده ان احتاج الى ذلك و هكذا فلو خرج اسم صاحب النصف مثلا اعطى السّهم للاول و الثانى و الثالث ثمّ يخرج وقعة اخرى فان اخرج اسم صاحب الثلث اعطى سهم الرابع و الخامس و يبقى السّادس لصاحب السّدس و لو خرج اسم صاحب السدس اولا اعطى السهم الاول و يخرج رقعة اخرى فان اخرج اسم صاحب الثلث اعطى الثانى و الثالث و يبقى الثانى لصاحب النصف و هكذا في جميع الصور و لا يكتب اسماء السهام حذر من التفريق فانه ربما خرج لصاحب السدس السهم الثانى او الخامس فيفرق سهام احد الامرين لا يخلو و ايضا اذا خرج سهم لصاحب النصف مثلا فاما ان يقال يخرج و تعين اخريين و ما خرج فيعطى له و حينئذ فكثير اما يحصل التفريق بان يخرج له الاول مثلا ثمّ الثالث ثمّ الخامس الى غير ذلك من الصور او يقال اذا خرج سهم فيكمل نصيبه متصلا به فلا حاجة الى اخراج و تعين اخريين له بل تخرج و تعين اخريين الشريكين الآخرين و يلغى البواقى و حينئذ فربما يحصل النزاع اذ ربما خرج لصاحب النصف مثلا السّهم الرابع فيقول اخذه و سهمين بعده و يقول الآخر بل خذه و سهمين فله بهذا و لا يخفى ان المحذور التفريق الذى ذكرنا اولا يمكن التخلص منه بالتزام ان لا يخرج اولا باسم صاحب السّدس بل يخرج باسم الاخيرين لكن ما ذكرنا آخر من لزوم التفريق او التنازع مما لا مدفع له الا باعتبارات لا دليل على اعتبارها الا ان يرضى الشركاء فتدبّر

[كتاب الشهادات]

[الفصل الأول الشاهد]

قوله قال المصنف ان يجتمعوا على مباح

لعلّ المراد المباح بالنسبة الى غيرهم من المكلفين و الا فلا تكليف في حقهم و لم اقف في الروايات على ما يدل على هذا الاشتراط و لكن روى هاهنا فعلى مقتضى الرواية يسقط اعتبار عدم الرجوع الذى هو من حمله الشرائط كما سيجي ء لكن التهجيم على الدماء في غير محلّ الوفاق مشكل ففى صورة عدم رجوعهم لما كان الحكم بشهادتهم اجماعيا فلا اشكال فيه و اما في صورة رجوعهم و اختلاف قولهم فلما لم يقع الاتفاق فالحكم باخذ اول قولهم و الحكم به مستندا الى الرواية ليس بجيد هذا و لعل المراد بالوفاق هو الشهرة او وفاق القائلين بقبول شهادتهم الصبى مط كلى انه اختاره الشيخ فخر الدّين في شرحه

قوله شهادة اهل الذمة

اى على ملتهم لا على المسلمين ايضا و حينئذ فلو اكتفى بقوله عليهم كان اولى لكن كانه نظر الى انه لو اكتفى به يتبادر منه قبول شهادتهم عليهم للمسلمين فقط و لا يشمل شهادتهم عليهم لهم فاضاف ذلك ليدل عليها صريحا فتأمل

قوله و يظهر من العبارة عدمه

حيث لم يعبره الا وقت الاداء لكن لا يخفى انه يمكن ان يستفاد من قوله بعد ذلك و لو ظهر للحاكم سبق القادح في الشهادة على حكمه نقض اعتبار استمرار الشروط الى عين الحكم كما اختاره في الدروس فلا تغفل

قوله ترجوا شفاعة من لا يقبل شهادته

الظاهر ان المراد به المجذوبون و من فيه شوب من الجنون و البلاهة لا كثير السهو فتدبّر

قوله المصنف و لا يشهد الا على من يعرفه

الظاهر ان مراد المصنف انه لا يشهد اى لا يصير شاهدا الا على من يعرفه و المراد معرفته نسبته فلا يكفى انتسابه له لجواز الترديد و لكن ينبغى ان يخص ذلك و اذا كان الغرض الاشهاد على منسوب اما لو كان الغرض الاشهاد على عينه فيكفى معرفة عينه ليشهد عليه و اما على ما ذكره الشارح فيحمل الكلام على انه لا يشهد اى لا يؤديها الا على من يعرفه بنسبة اى العلم ان نسبته هو نسب من صار شاهدا عليه او بعينه اى يعلم انه عين من صار شاهدا عليه فلا تكفى انتسابه له في ذلك الوقت للشهادة على المنسوب بذلك النسب او لا يصيره تحمله الا على من يعرفه بنسبته اذا كان الغرض الاشهاد على المنسوب او بعينه اذا كان الغرض الاشهاد على العين فلا تكفى انتسابه له للاشهاد على المنسوب بذلك النسب و عن الوجهين ففيه من التكليف ما لا يخفى

قوله ليحصل الفرق

فيه تامّل فانه يمكن ان يكون الفرق باعتبار اشتراط حصول الظن المتاخم للعلم و العلم في الاستفاضة و عدم اشتراط في العدلين فلو حصل ذلك الظن او العلم من غير العدلين ثبت و لو لم يحصل لم يثبت الا بالعدلين نعم من اكتفى لمطلق الظن كانه اعتبر الظن الحاصل بالعدلين او بازيد منهما و لم يعتبر مطلق الظن فتأمل

قوله المصنف و يكفى

اى في حكم الحاكم بها و كذا في ان يشهد الشاهد بها اذا استندت شهادته الى الاستفاضة و قول الشارح في الخبر بهذه الاسباب ظاهر في الاخير و قوله حتى لو سمع من شاهدين عدلين صار متحملا صريح فيه فافهم و على المختار لا يشترط العدالة لا وجه للتخصيص بالمختار بل الامر على المذهبين الآخرين الظاهر كذلك نعم على المذهب الآخر لو انحصر المخبر في الاثنين فكانهم اعتبروا فيهما ما اعتبر من الشاهد و اما اذا اراد عليهما و لا و يمكن ان يكون نظر الشارح و التخصيص الى ذلك فتأمل

[الفصل الثاني في تفصيل الحقوق]

قوله و ضابط هذا القسم إلى آخره

كان غرضه الاشارة الى ما يستفاد منه الحاق المصنف هذه الاربعة بحقوق اللّه تعالى و ذلك لان ضابط هذا القسم فيما كان من حقوق الآدمي ما ليس ماله و لا المقصود منه المال و هذه الضابط لا يدخل تلك الحقوق الاربعة اذا جعلت من حقوق الآدمي اذ لا ريب الا المقصود منها المال فلا ان يقال ان ادخالها في هذا القسم بناء على الحاقها بحقوق اللّه كما ذكره فتدبّر و هذا الضابط لا يدخل قال سلطان العلماء اى تعرض اصحاب المذكور لا بعد هذه الاربعة في هذا القسم و ان كان داخلا في هذا القسم بناء على ضابطته انتهى و لا يخفى ما فيه فتأمل

قوله فانه من القسم الثالث

الصواب الرابع الا ان يريد ثالث هذا القسم و فيه تكلف و يكون غرضه الاشارة الى دخوله في الثالث دون الرابع بناء على ما ذكر فيهما من الضابطة و لا يخلو عن تعسّف

قوله و لو افرده قسما إلى آخره

و يشترك معه في الاحكام الاستهلال الذى هو داخل في الضابط و لذلك جعلهما في الدروس قسما على حدة و الاوسط اوسط يحتمل الاوسط بحسب تحرير الدعوى او الدليل و الظاهر من حكمه بالحاق الخنثى بالمرأة ان المراد هو الاول

قوله و كذا القول فيما لا يثبت

كما اذا كانت المرأة اثنتين او ثلاثة و مثله ما اذا لم يكن للمدعى اثبات الحق و يعلم القرار على الصلح فيؤيد في الدعوى ليستقر الصلح على حقه

[الفصل الثالث في الشهادة على الشهادة]

قوله و هذا و ما بعده

ينبغى ان يخص منه احد قسمى الوصيّة و هو الوصيّة لها فانه من الحقوق المالية و يمكن ان يجعل الخبر هو قوله و بينهما لا من افراد و حينئذ لا حاجة الى تخصيص في الكلام فافهم

قوله فثبت بشهادته

اى يثبت شهادة احد الاصلين بشهادة الاصل الآخر مع آخر هو شهادة فرع او يثبت الحكم بهما

قوله بشرط ذكر الاصل للسبب

ان يقول انا اشهد ان الفلان على فلان كذا من ثمن ثوب او عقار مثلا

[الفصل الرابع في الرجوع عن الشهادة]

قوله لم يضمنا

اذا لا يخفى ان الحكم بالضمان انما هو اذا كان قبل الدخول و قبل الدخول لا يتصور الطلاق فلا محصل لهذا التحقيق و الفرق الا ان يقال المراد انه اذا شهد الشاهدان بالطلاق الرجعى اى ذكر الرجعية في الشهادة فحينئذ يمكن القول بعدم الضمان اصلا لتقصيره بعد الرجوع فلو فرض انه لم يرجع و تصدى لاثبات عدم الدخول فحينئذ يمكن القول بعدم الضمان بناء على انهما ما شهدا الا بطلاق الرجعى و يمكنه اظهار الرّجوع فتركه تقصير منه هذا غاية توجيه الكلام في هذا المقام و لا يخفى انه اذا شهد بطلاق ايضا و يمكن التمسّك بالرّجوع فيحتمل عدم القول بالضمان حينئذ و اما اذا لم يمكنه التمسّك به كما اذا كان عدم الدخول معلق عند الحاكم

ص: 357

فحينئذ يتوجه القول بالضمان فتأمل

[كتاب الوقف]

قوله فلو اعتبر لم يقع

اى للبطن الثانى لان المعتبر من القبول هو المتصل بالايجاب و لم يتحقق ذلك بالنسبة اليه فيلزم ان لا يقع له مع وقوعه اتفاقا فيعلم عدم اعتبار قبوله

قوله مع احتمال قيام وارثه

لا يخفى بعد اعتبار قيام وارث الموقوف عليه مقامه في القبض اذا لم يكن له حق فيه كما اذا لم يكن هو من الموقوف عليهم و يحول قبل حصول نما اوسط اذا قلنا بان القبض شرط الصحة كما هو المشهور بل المجمع عليه ما يظهر من شرح الشرائع و هاهنا احتمال اظهر من هذا و هو قيام البطن الثانى مقامه في القبض و في شرح الشرائع احتمل هذا و نقل عن مه في السرائر انه يوقف في صحته اذا قبض البطن الثانى و لم يذكره في غيره و لا غيره و لم يتعرض للاحتمال الذى ذكره هاهنا و يمكن حمل الوارث هاهنا على البطن الثانى لكنه بعيد فتأمل ثمّ الفرق من موت الواقف و الموقوف عليه ان بموت الواقف ينتقل المال الى وارثه و ذلك يقتضى البطلان كما لو نقله في حياته بخلاف موت الموقوف عليه فان المال بحاله و لم ينتقل الى غيره كذا في حينئذ الشرائع

قوله و صرح غيره و هو ظاهره في الدروس انه شرط الصحة

المراد بكون القبض شرط الصحة ان انتقال الملك مشروط و لا يحصل بالعقد بدونه فهو جزء السّبب فيجوز نسخه قبله و يبطل بالموت قبله و النماء المتخلل بين العقد و القبض الواقف كما اشار اليه الشارح رحمه الله لا انه يبطل العقد في نفسه و لا يصح بدونه

قوله فيرجع الى الواقف

و قبل يرجع الى ورثة الموقوف عليه و قيل يصرف في وجوه البرّ

قوله حين انقراض الموقوف عليه

متعلق بقوله وارثه لا بقوله فرجع بقرينة قوله فيحتمل اه

قوله و قد يغاير الاول في القبض

لا يخفى ان ما ذكر سابقا هو القبض بالاذن لا الاذن في القبض في مغايرة ذلك الاقباض تامل كما قيل الا ان يقال انه يجوز ان يأذن في القبض و لم يرفع يده منه بل يكون الملك بعد في تصرف عماله فانتزعه القابض منه صبرا فحينئذ تحقق القبض بالاذن و لم يتحقق الاقباض الذى هو تسليط الواقف القابض عليه و رفع يده عنه و لا يخفى ما فيه من التكليف و الظاهر الاكتفاء بما سبق نعم لورود الاقباض قبل القبض لكان له وجه فتأمل

قوله فلا يصح وقف المنفعة

الاشتراك

قوله و يحتمل اعتباره

كانه تطويل بلا نفع لاستفادته مما سبقه

قوله لانّه عقد صدر من صحيح العبارة

استدل القائلون بالصحة بان الوقف عقد صدر من صحيح العبارة و لا مانع فيه الا وقوعه بغير اذن المالك و قد زال المانع باجازته و اعتبار الشارع لها في البيع مع كون ساير العقود مساو له في المعنى فدخل تحت الامر العام بالوفاء بالعقود مع احتمال عدم الصحة تمسك بان عبارته الفضولى لا اثر له من حيث عدم الملك و قبح التّصرف في الغير و تاثير الاجازة غير معلوم في غير موضع النصّ و فرق بين البيع و الوقف لان البيع سبب لانتقال الملك و الوقف فكك الملك في كثير من مورده فماهية من حيث هى مغايرته للبيع و ان وافقه في بعض الافراد فلا يلزم من تاثير الاجازة في البيع تاثيرها فيه هذا تفصيل ما أجمله الشارح هاهنا فتدبّر

قوله لعدم صحة التقريب

كان للمنع فيه مجالا اذ ربما يظن وقفه فضولا سببا لإجازة المالك و انتفاع المستحقين فنوى القربة بل لا يبعد الاكتفاء في ذلك بالاحتمال فتأمل

قوله لعدم استلزام التخلية التصرف في ملك الغير

القبض في غير المنقول ليس الا التخلية نعم تصرف الموقوف عليه موقوف على اذن الشريك و هو امر آخر لا دخل له في تمامية القبض بخلاف ذلك في المنقول فان قبضه هو النقل فتوقف على اذن الشريك ايضا

قوله و يشترط في المشروط له النظر في العدالة

هذا اذا كان المشروط له غيره اما اذا شرط لنفسه فلا يعتبر عدالته كما صرح به في التذكرة لانه انما نقل ملكه عن نفسه على هذا الوجه فيتبع شرطه و احتمل في شرح الشرائع اشتراطها ايضا لخروجه بالوقف عن الملك و مساواته لغيره فلا بد من اعتبار الثقة في التولية كما يعتبر في غيره

قوله بان يبدأ به و يجعله من الطبقة الاولى

لا يخفى ان الظاهر انه لا يصح الوقف على المعدوم ابتداء اى بان يجعله في الطبقة الاولى اصلا و اما اذا جعله بعد الطبقة الاولى او في الطبقة الاولى تبعا لموجود بان توقفه على زيد و جعل من يتحد من ولده لو تجد و شريكا له في طبقة فالظاهر الصحة و على هذا فيمكن حمل قول المصنف ابتداء على الطبقة الاولى و قوله تبعا على ما بعدها من المراتب لكن حينئذ ينبغى التخصيص في الحكم الاول و يمكن حمل قوله ابتداء على اصالة و قوله تبعا على مطابقه و ينبغى حينئذ التخصيص الكلام بالطبقة الاولى و يمكن حمل قوله ابتداء على ما يعم الامرين اى اصالة التى يكون في الطبقة الاولى و قوله تبعا على ما يقابله و حينئذ لا حاجة الى تخصيص لكنه لا يخلو من بعد و اما كلام الشارح فلا يخلو عن خلل اذ الظاهر من قوله بان يبدأ به الى آخره لا يصح جعل المعدوم في الطبقة الاولى اصلا و قوله بان يوقف عليه و على من يتجدد من ولده ظاهره انه يصح جعله تابعا في الطبقة الاولى لكن بقرينة ما تقدمه يمكن حمله على ان يكون ما يتجدد من ولده طبقة ثانية و حينئذ ففيه ما فيه و لو لم يكن كلمة من في قوله من الطبقة الاولى الا كمن تطبّقه على ما ذكرنا كما لا يخفى

قوله امّا ما لا يمكن وجوده كذلك كالميّت لم يصح مطلقا

و هذا اذا جعل كلا من الموجود و المعدوم اصلا و قصد الشركة بينهما من الابتداء ظاهر و الظاهر فيما يمكن وجوده ايضا اذا جعله اصلا كذلك هو و لك و اما اذا جعله تبعا بان يوقف عليه و على ميّت لو وجد بان يكون الكل له ما لم يوجد و انما يشتركه لو وجد فيحتمل القول بالصحة في الجميع غايته ان يكون الضميمة لغوا كما لو وقف عليه و على من يتجدد من ولده لو تجدد فرض عدم تجدد ولد له و اللّه تعالى يعلم

قوله على الاقوى

كان مقابل الاقوى هو احتمال البطلان في الجميع

قوله و من يجوز ان يتولد منهم المسلمون

و ان يسلمه انفسهم

قوله المصنف اذا وقف على اولاده اشتراك اولاد البنين و البنات

هذا يشتمل على حكمين دخول اولاد الاولاد في الاولاد و عدم الفرق بين اولاد الذكور و الاناث في ذلك فقوله لاستعمال الى قوله و الاجماع دليل على الاول و قوله الى آخره دليل على الحكمين كما اشار اليه بقوله و هذا لاستعمال الى آخره و قد يتمسك بامثال قوله يا بنى آدم و يا بنى اسرائيل على الحكم الثانى ايضا بناء على شموله لمن ليس بمنسوب الا بالام كعيسى عليه السلام و يمكن حمل كلام الشارح ايضا على ذلك فتأمل

قوله المصنف و لو قال على من انتسب

ذكره في شرح الشرائع ان هذا هو الاظهر و قد تقدم خلاف المرتضى رحمه الله في ذلك و انه حكم بدخولهم في الاولاد حقيقة و هو يقتضى انتسابهم اليه بطريق اولى و انت خبير بانه لو صح ما ذكره كما هو الظاهر ففيه اختاره المصنف في المسألتين مناف لكن كان للمنع فيما ذكره مجالا الا ان الظاهر من كلماتهم التسليم له و عدم النزاع فيه كما يظهر من تتبع ما ذكروه فيما يتعلق بهذه المسألة في كتاب الخمس و هذا الكتاب و احتملنا بادئ الرأي ان يكون عبارته هناك كانت هكذا اذا وقف على اولاد اولاده اشترك كما وقع في عبارة غيره فسقط لفظ الاولاد من القلم و مثله ليس بعزيز و لعل سياق العبارة ايضا ينادى بذلك كما يحكم به من له ادنى درية باساليب الكلام و حينئذ فالكلام فيه لكن بعد المراجعة الى س ظهر عدم سقوط شي ء حيث قال فيه و يدخل في ان له اولاد البنين و البنات

ص: 358

و الذكر كالأنثى على الاظهر و لو قال على من انتسب الى اشترط فيه الاتصال بالذكر انتهى و هو موافق لما ذكروه هاهنا على ما في النسخ كما لا يخفى و العجب من المصنف انّه ذكر في شرح الارشاد عند قول مصنفه و لو قال من انتسب الى خرج اولاد البنات على رأى هذا مذهب الشيخ نجم الدين و المصنف رحمه الله الى قوله و ذهب المرتضى الى دخول ابناء البنات لاستعماله فيه و الاصل في الاستعمال الحقيقة امّا الصّغرى فلقول النبي صلّى اللّه عليه و آله مشيرا الى الحسنين هذان ابناي امامان قاما او قعدا و لقوله تعالى ذرّية داود الى قوله و عيسى و الياس و من المعلوم انّ عيسى عليه السلام لا ينتسب الا بامّه و اما الكبرى فمحققه في الاصول و الجواب نقض الكبرى ايضا في الاصول انتهى حيث اكتفى في جواب السّيد بما ذكره و لم يتعرض عليه بان صدق الولد او الذرية حقيقة لا يستلزم صدق الانتساب حقيقة مع ما ذهب اليه في الدروس فتأمل

[كتاب التجارة]

[الفصل الأول ينقسم موضوع التجارة إلى محرم و مكروه و مباح]

قوله المصنف ينقسم موضوع التجارة

الظاهر ان المراد بالموضوع هنا هو المجال و ما يتعلق به الشي ء لا المعنى الذى يراد من موضوع العلوم كما يستفاد من كلام الشارح اذ موضوع التجارة اى عملها هو اصل التجارة و التكسب اذ يبحث فيها عن عوارضها اللاحقة لها من حيث الحكم الشرعى لا ما يكتسب به اذ لا يختص البحث في التجارة به بل لا يبحث عنها اصلا و ما يتراءى بحثنا عنه فهو بحث حقيقة عن الاحوال المعارضة للتجارة باعتباره فتأمل

قوله و ضابطها المسكر

قال سلطان العلماء الظاهر رجوع ضمير ضابطها الى الانبذة اذ لا يصح ارجاعه الى الاعيان النجسة لان الحيثية ليست نجسة اجماعا و لا يخفى ان جعلها من الانبذة ايضا لا يخفى حينئذ عن تعسّف مع ان الظاهر حيث قال الاعيان النجسة ان المنظور و الضّابط في هذا الكلام النجاسة و ذكر الخمر و النبيذ من حيث نجاستها لا من حيث السكر و ادخال الحشيشة في هذا الكلام غير مناسب انتهى و لا يخفى انه على هذا لا يصح جعل النّبيذ عطفا على الخمر اذ النبيذ بهذا المعنى الاعم لا يدخل تحت اعيان النجسة و ظاهر انه لا يصحّ ايضا عطف على الاعيان النجسة اذ حينئذ لا وجه لعدّ الفقاع و باقى ما عدّه من الاعيان النجسة على حدة و جعلها معطوفة عليها او على المعطوف عليها ثمّ لا يخفى ان في كلام المصنف مع قطع النظر عن ذلك خلدا و هو انه ان اراد بالاعيان النجسة ما هو الظاهر منها اى النجسة بالذات فلا يصح عد المائع النجس منها اذا كانت نجاسة عرضية مع ان الغرض من افراده بالذكر ليس الا لبيان حاله و ان اريد الاعم فيدخل الجامد المتنجس فيها مع جواز بيعه فكانه اراد بها ما لا يمكن تطهيرها الا بعد خروجها عن مسمّاها و فيه بعد لكنه حينئذ يستقيم الكلام بان يكون النّبيذ و ما يعطف عليه الى قوله و الآن اللهو عطفا على الخمر و قوله الآن اللهو و ما بعده عطف على الاعيان النجسة فتدبّر

قوله و قصد بيعها المنفعة

الظاهر ان قصد فعل ماض مبنى للمفعول و يصح عطفه على النفى اعنى لم يفرض لفساد المعنى كذا على المنفى لفساد اللفظ و المعنى جميعا الا ان يكون الواو بمعنى او فيستقيم المعنى لكن يبقى الفساد في اللفظ فكانه عطف على تقع بتقدير ان او بان يكون قصد مصدرا منوّنا او مضافا بتوسّط الجار و المجرور بين المضاف و المضاف اليه على ما جوّز و الاظهر ان يكون الجملة حالية بتقدير قد اى لم يفرض لها نفع آخر فحلل و قد قصد بيعها تلك المنفعة المحللة فالنفي ورد على المجموع من حيث المجموع و ذلك اما بان لا تكون لها منفعة اخرى فحلله او يكون لكن لم يقصد تلك المنفعة المحللة فافهم

[الفصل الثاني في عقد البيع و آدابه]

قوله الهبة المشروط فيها مطلق الثواب

اى مطلق العوض بان لا يعين عوضا معلوما في نفس العقد بان يقول وهبتك هذا على ان تهبنى بازائه شيئا او بعوض و لم يعين و هذا و ان انصرف الى المثل او القيمة كما سيجي ء في بحث الهبة لكن ليس هذا التعيين في اصل العقد

قوله و يرد على تعريف اخذ اللفظ جنسا

اذ بيع الاخرس لا لفظ فيه فيختل عكس التعريف و من هذا ظهر ان فيما ذكره سابقا من ان اللفظ جنس بعيد و الايجاب و القبول جنس قريب مسامحة اذ الجنس ماخوذ في القريب فلا يتحقق القريب بدونه مع تحقق الايجاب و القبول بدون اللفظ كما ذكره هاهنا فتأمل

قوله لتعبيره بجواز فسخها الدّال على وقوع امر يوجبه

اى يوجب الفسخ اى الحاجة اليه و ليس ذلك الا العقد اذ لو كان اباحة محضة فلا حاجة الى الفسخ

قوله و كلها كانت حاصلة إلى آخره

لا يخفى انه اذا اعترف بان رضاء المالك من الشرائط فاذا حصل عمل السّبب التام اثره فيلزم ان لا يتحقق اثره و هو نقل الملك الا عند حصوله فهذا دليل على نقيض ما دامه و كانه زعم ان الشرط ما يتوقف عليه التأثير و لكن ليس جزء للمؤثر بل تحققه يوجب تحقق تاثير السبب في وقت تحققه و ان كان قبل تحقق الشرط بخلاف الجزء فانه لا بد من مقارنته و مدخليته في التأثير و هذا كما ترى نعم يمكن ان يقال ان السّبب الناقل للملك هو العقد لعموم الامر بالوفاء بالعقود و ما دل على اشتراط رضاء المالك لا يدل على اشتراطه في اللزوم لا في اصل العقد فاصل العقد يكفى للنقل نعم قبل الاجازة يجوز الفسخ فتأمل

قوله و لو جعلناهما ناقلة فهما للمالك المجيز

الظاهر على القول بالنقل ان نماء الثمن للمشترى و نماء المبيع للبائع اذ على القول به يبقى قبل الاجازة كل على ملك صاحبه فيكون نمائه له فقوله فهما للمالك المجيز كما ترى الا ان يفرض كون العقد فضوليا من الطرفين و يكون المراد بكونهما للمالك المجيز كون كل منهما لمالك اصله المجيز و فيه تكلف او يقال ان المراد ان كل منهما للمالك المجيز و لو في صورتين فنماء المبيع للبائع عند كونه فضوليا من قبله و نماء الثمن للمشترى اذا كان فضوليا من قبله و لم يتعرض لنماء الطرف الآخر لظهوره بالمقايسة و لا يخفى بعده و يمكن ان يقال في صورة كون احد الظرفين فضوليا ان الظرف الآخر قدر صريحا من حين العقد فوقع الانتقال من ظرفه انما يبقى التزلزل من الظرف الآخر فلا ينتقل منه الا بعد الاجازة و حينئذ فيكون نماء كل منهما قبل الاجازة للمالك المخبر و فيه اشكال و الظاهر على القول بالنقل ان الانتقال لا يقع في شي ء من الظرفين الا بعد الاجازة كيف و على الوجه المذكور يلزم في صورة عدم اجازة المالك ايضا ان يكون النماء المتخلل بين العقد و الحكم بعدم الاجازة للظرف الفضولى و الظاهر انه لم يقل به احد الا ان يقال الانتقال المذكور انتقال متزلزل يتوقف لزومه على الاجازة فعند عدم الاجازة يفسخ من اصله كأصله فافهم

قوله و هذا القيد وارد على ما اطلقه إلى آخره

الظاهر ان الشارح حمل المثمن على المبيع الاول و الثمن على ثمنه و لو بواسطة فيصير حاصل ما ذكروه من الضابطة انه ان ورد المجاز على المبيع الأول صح و ما بعده او على الثمن الاول و ما قبله و لا يخفى انه يجب ان يكون تخصيص هذا بما اذا ورد جميع العقود على المبيع او الثمن اذ لو ورد بعضها على المبيع و بعضها على الثمن فلا يتمشى ما ذكروه كما يظهر بالتامّل ثمّ بعد هذا التخصيص يرد عليه ما اورده الشارح اذ في صورة التى فرضها ورد جميع العقود على الثمن مع ان اجازة الاخير لا يقتضى صحة ما سبقه هذا و الظاهر ان مراد الاصحاب ترتب العقود بحيث يرد على كل عقد على ثمن سابقه او مثمنه و حينئذ لا يرد ما اورده اذ في الصورة التى فرضها ورد العقد الثانى على الثمن الاول و الثالث على المثمن الثانى و كذا الرابع نعم يبقى حينئذ انه لا يعلم من كلامهم حال ما اذا ورد بعض العقود على الثمن و بعضها على المثمن و مثل ذلك يرد على ما حمله الشارح ايضا كما اشرنا اليه و الامر فيه هيّن اذ لعلّهم احالوه على ظهور استنباطه مما ذكروه

ص: 359

فانه اذا لوحظ كل عقد بالنسبة الى سابقه فان كان واردا على مثمنه فلا يصح ما قبله و ان ورد على ثمنه فيصح و اذا قيس كل عقد الى ما بعده فبالعكس فانه اذا ورد على مثمنه فيلزم من صحة السّابق صحته و اذا ورد على الثمن فلا بل كل عقد اذا قيس الى اى عقد مما سبقه سواء كان سابقا عليه بواسطة او بلا واسطة اذا صدق عليه احد القسمين فحكمه ما ذكر نعم اذا كان بلا واسطة يمكن ان لا يكون من احد القسمين كما يظهر بالتامّل اذا عرفت هذا فنقول في الصّورة التى فرضها الشارح ان البيع الاخير وقع على مثمن العقد السّابق عليه فاذا اجازته لا يوجب صحة السّابق و اما اذا قيس الى العقد الاول و هو بيع مال المالك بثوب فقد وقع على ثمنه و كذلك ان اجازته يوجب صحة ذلك البيع و حينئذ فلا ايراد فتأمل

قوله متصلا كان او منفصلا باقيا كان ام هالكا

الظاهر ان الترديد الثانى يتوجه على كلا شقّى الترديد الاوّل و لا يختص الشق الثانى كما يظهر مما فعله س فانه ارجع ضمير كان الى المنفصل

قوله فلا يرجع به لرجوعه إلى آخره

الظاهر ان المراد بالعوض الراجع اليه هو المبيع و تلفه لا اثر له فانه لما اشترى المبيع بذلك الثمن فقد رضى بهذه النقصان عند تلفه سواء في ذلك البيع الصحيح و الفاسد فلا وجه للحكم بالرجوع فيه بخلاف الزائد و اما جعل العوض هو الثمن على ما فعله سلطان العلماء فهو كما ترى فان الثمن الذى رجع به هو في ماله و المفروض هاهنا انه يأخذ المالك مثل هذا الثمن الى المشترى لتلف العين فيتوهم جواز الرجوع به ايضا و يدفع التوهم بوصول عوضه اليه و هو المبيع فلا يجمع بين العوض و المعوض و لا الثمن الذى رجع به اولا فهو لا يصلح لجعله عوضا عن ذلك كما لا يخفى و كانه جعل المنع في مقابلة الثمن الاول الذى دفعه الى البائع و جعل ارجع به من الثمن في مقابلة ما دفع الى المالك بقدره فحكم بانه لو رجع بهذا القدر ايضا يلزم الجمع بين العوض و المعوض و حينئذ يستقيم ما ذكره لكن الاظهر في دفع التوهم هو ما ذكرنا من الاعتبار فاعتبر

قوله و وقف فيما لا يملك على اجازة مالكه إلى آخره

لا يخفى ان هذا التفصيل لا يلائم ما فرض اولا بقوله و لم يخبر المالك و حمله على معنى بدون اجازة المالك و ان صح بعد ما اضافه الشارح رحمه الله لكن لا يصح في عبارة المتن منفردة فلا تغفل

قوله و انما يعتبر قيمتهما

لا يخفى ان الظاهر من عبارة المصنف انه لو رضى المشترى باخذ المملوك بحصته من الثمن و باخذ ثمن المثمن من البائع و حينئذ فما ذكره الشارح من انه لا يستحق مالك كل واحد ماله الا منفردا حجة عليه لا له لانه حينئذ لا يستحق المالك الا قيمته ماله منفردا فيجب ان يعطى بتلك النسبة من الثمن و يبقى الباقى للمشترى و كذا ما ذكره من الفرق بين ما اذا كان لمالكين او لمالك واحد مما لا يظهر له وجه و الظاهر انه غفل عما ذكره المصنف في شرحه و زعم انه حكم بانه يرجع الى البائع بتلك النسبة كما وقع في عبارة غيره كالشرائع و حينئذ و اعتراضه ان مالك كل واحد لا يستحق الا ماله منفردا فلا ينبغى ان نريد للمالك ما زاد بسبب الاجتماع و الفرق حينئذ بين المالك و المالكين انه اذا كان لمالك واحد يمكن ان يقال بضمان المشترى ما وقع من النقص في حسنه لم يجزها كما في الغصب اذ لو غصب ما ينقصه التفريق كالخفين او المصراعين فتلف احدهما قبل الردّ ضمن قيمة التلف مجتمعا مع الآخر و نقص الآخر فلو كان قيمة المجموع عشرة و قيمة كل واحد مجتمعا و منفردا ثلاثة ضمن سبعة لان الحاصل في يده مستندا الى تلف عين مضمونة عليه و ما نقص من قيمة الباقى في مقابله الاجتماع فهو بفوات صفة الاجماع في يده كما سيجي ء في كتاب الغصب و اما احتمال ما قيده فبناء على احتمال اختصاص ذلك الغصب و الفرق بينه و بين البيع الفضولى ثمّ لا يخفى ان قول الشارح و انما اخذ بنسبته القيمة الى آخره ايضا ينادى بالغفلة المذكورة فانه في المثال المفروض انما يلزم الجمع بين الثمن و المثمن و هو ظاهر و لا يخفى ايضا ما ذكره سلطان العلماء ايضا من ان ما ذكره الشارح ظلم و ما ذكره القوم اظلم مبنى على الغفلة المذكورة كما يظهر بالتامل فيه فتأمل و لا تغفل هذا و التحقيق ان كلمات الشارح و ان كانت تنادى بالخلط الا ان ايراده وارد على ما ذكروه سواء كان على ما ذكر في الشرائع او في هذا الكتاب و الصواب على قواعدهم انما يتوزع على اعيان المبيع لا على الصفات و الهيئات الا اذا كان قواتها عينا كما يظهر للمبيع قال الشارح في بحث خيار التدليس المشترى لو شرط صفة كمال كالبكارة او توهما كمالا ذاتيا كتحمير الوجه و وصل الشعر فظهر الخلاف تخير بين الفسخ و الامضاء بجميع الثمن و الارش لاختصاصه بالعيب و الواقع ليس بعيب بل فوات امر زائد و قال في شرح الشرائع في بحث تلف بعض المبيع اما لو كان وصفا كما لو كان العبد كاتبا فنسى الكتابة قبل القبض فللمشترى الردّ خاصة او الامساك بجميع الثمن لان الفائت ليس جزء من المبيع و من ثمّ لو شرط كونه كاتبا فظهر بخلافه لم يستحق سوى الرد و قال المصنف في الدروس في مسئلة البيع بشرط العتق لو انعتق قهرا لم يكف و للبائع الفسخ و الرّجوع بالقيمة و قيل له الرجوع بما يقتضيه شرط العتق و يضعف بان الشرط لا يوزع عليه الثمن انتهى اذا عرفت هذا ظهر لك ان الثمن في المثال المفروض لا بد ان يوزع على كل واحد من المصراعين مثلا منفردا الا عليهما و على الهيئة الاجتماعية و حينئذ فالصواب في طريق التوزيع هو ما ذكره الشارح و ما يتخيل له لزوم الظلم على المشترى يندفع بانجباره و من هذا ظهر ان ما اورده الشارح من الايراد على ما ذكره ليس بناؤه على لزوم الظلم على المشترى حتى يرد عليه انه على ما ذكره و ان تحققت الظلم لكن يبقى في الجملة بل بناؤه على ان مقتضى التقسيط على قواعدهم ليس على ذلك فان الثمن اذا وقع بازاء كل واحد منفردا فلا وجه لاعتبار قيمتها مجتمعا اذ يلزم حينئذ اختصاص ما وقع بازاء الهيئة باحد الطرفين لا بالمالك على ما ذكر في الشرائع او بالمشترى على ما ذكره هنا مع انه يلزم حينئذ تقسيط الجميع عليهما بالنسبة فلا بد من تقويم كل واحد منفردا و حفظ نسبة احدهما الى الآخر ثمّ توزيع الثمن عليهما بتلك النسبة و هو المطابق لما قرره و اما ما ذكره من الفرق بين المالك و المالكين فهو مبنى على ما ذكرنا من احتمال قياس ذلك على الغصب كما اشار اليه في شرح الشرائع فتأمل جدّا

قوله المصنف و الخنزير عند مستحله

هذا مع علم المشترى بكونه خنزير او لو فرض انه ليس على المشترى بكونه خنزيرا فظن الخنزير شاة مثلا او الخمر خلافا لظاهر انه يقوم مثله لو كان شاة او حدا على ما هو عليه من الاوصاف كما في الخمر لكن يشكل ذلك في صورة عدم امكان كونه بتلك الأوصاف فتأمل

قوله فيشكل صحة

الا ان يفرض علمه بما يوجبه التوزيع كما اشار اليه في شرح الشرائع

قوله في يده امانته في قول

و القول الآخر ان الزائد مضمون فلو تلف عنده كان ضامنا

قوله بان يبيع

اى يبيع مال من له الولاية عليه من نفسه او من له الولاية عليه او يبيع مال من له الولاية عليه من نفسه او يبيع مال نفسه ممن له الولاية عليه و انما فسر جواز تولى طرفى العقد بما ذكر لا بمباشرتهم الايجاب و القبول كما هو الظاهر مع انه ايضا قد يجعل مسئلة بقرينة ما ذكر بعده من الاستثناء و ما يعقبه فتدبّر

قوله و مسبية المنفرد به

اى المنفرد ذلك المسمى بالسبى او المنفرد سابيه به و على الوجهين فالمراد انه مسبيا وحده لا مع احد ابويه فانه حينئذ يلحق بسابيه في الاسلام كما هو مذهب الشيخ و جماعة و قيل انما يلحق به في الطهارة فقط و قيل بانتفاء التبعية مطلقا و اما اذا كان مسبيا مع ابويه فيلحق بهما لا به و كذا لو سبى مع احدهما على ما صرح به الشيخ و فيه احتمال الالحاق بالسابى ايضا هذا و لا ما كتبه سلطان العلماء حيث يظهر منه

ص: 360

ان المراد المنفرد ساببه بالسبى اى لا يكون فيه شريك كافر فهو سهو نشأ من الغفلة عن المسألة المذكورة

قوله مئونته نقله من موضع

الكسر لو كان مملوكا و طلب مالكه نقله منه او ما في حكم النقل كدفنه مثلا و حينئذ فالمراد بمئونته النقل او ما في حكمه او المعنى لو كان موضع الكسر مملوكا او ما في حكم المملوك من المساجد و المشاهد مما لزم نقله منه و هذا اظهر و قد حمل بعضهم على ان يكون المبيع مملوكا و طلب مالكه نقله فاعترض عليه بان المفروض كون مكسوره لا قيمة له فكيف يقال هنا لو كان مملوكا قال ثمّ ما ذكر من احتمال كونه على المشترى لانه من فعله و زوال المالية عنهما يؤيد الاعتراض و يمكن الجواب بان المراد بعدم القيمة عدم اعتبار البيع و لا يلزم من عدم اعتبار البيع الخروج عن الملكية كما في الحبّة و الحنطة و لا عليك ان هذا الجواب لا يفى بدفع الاشكال لذكر الاحتمال المصرح بنفى المالية عنهما فلا بد من زيادة تكلف في الجواب و اظنه لا يسمن و لا يغنى من جوع انتهى و على ما حملنا لا اشكال اصلا فتأمل

قوله لو رضى المشترى بعد الكسر

فعلى القول بالفسخ من اصله لا يفيد ذلك لملك المشترى و على الثانى يفيد و نظر الشارح انه على القولين يحكم بالبطلان و لكن الخلاف في وقته و لا اثر لذلك الرضاء و الظاهر ان من جعل الفائدة ذلك لا يسلم الحكم ببطلان بناء على القول الثانى بل حمله على اختيار المشترى في الفسخ فاذا رضى سقط ذلك و كان الشارح لا يجوز ذلك بناء على ما اشار اليه من انه مناف لمقتضى العقد و اكل مال بالباطل فلا بد من القول بالبطلان على التقديرين و حينئذ فلا اثر للرضا فتأمل

قوله يجوز بيع المسك

قد يقال ان صحة البيع هنا محلّ اشكال فان اصالة السّلامة انما يكفى مع المشاهدة من دون الوصف و الوصف هنا لا مشاهدة و لا وصف بل ظاهر الاصحاب لزم الشم من المشموم فالجهالة حاصلة اللّهمّ الا ان يقال الاجماع هاهنا هو المصحح للبيع مضافا الى عموم الاخبار او يقال ان المشاهدة للفارة كافية و لا يخفى ما فيه هذا و انت خبير بان ظاهر الاصحاب طهارة الجلادة مع انفصالها من الغزال و لم يشترط العلم بالتذكية و قد تقدم منا في كتاب الصّلاة ذكر حديثا في فارة المسك و هنا نوع فائدة فليراجع

[الفصل الثالث في بيع الحيوان]

قوله لتظافر الاخبار

قد تداول كتابته بالظاء المعجمة الذى يظهر من كتب اللغة انه بالضاد المعجمة قال في الصّحاح و تظافروا على الشي ء تعاونوا عليه و في القاموس تظافروا على الشي ء تظافروا

قوله و يرد رقّا لمولاه

يمكن ارجاع الضمير الى المأذون فيطابق ما ذكروه الاصحاب و يكون الرد باعتبار الرد الى اصل الرقبة و ان كان لمولى آخر

قوله و لاشتمالها على مضى الحجة

للصحة يكفى في الحكم بمضيها عدم منازع فيه لاعتراف وارث الدافع بصحتها و عدم منازع على انه يحتمل مضيها في الواقع باعتبار علمه عليه السلام بوقوعها باذن مولاه و اعتراف الجميع به

قوله مع ان ظاهر الامر حجة بنفسه و لم يفعل

يمكن ان يكون مح من باب الافعال فيطابق ما فعله

قوله لو تنازع المأذونان

اعلم ان في المشهور فرض المسألة في المملوكين المأذونين اذا اتباع كل واحد منهما صاحبه فمنهم من حكم بمسح الطريق و الحكم بالسّبق لمن كان له طريقه اقرب و مع التساوى ببطلان العقدين على ما ورد في رواية اخرى الى خديجة بالشروط المستفادة منهما و منهم من حكم بالقرعة مع التساوى على ما ورد في رواية على ما حكاها الشيخ في كتابى الحديث حيث روى اولا عن ابى خديجة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجلين مملوكين مفوض اليهما يشتريان و يبيعان باموالهما و كان بينهما كلام فخرج هذا يعدو الى مولى و هذا الى مولى هذا و هما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد الآخر و انصرفا الى مكانهما فتشبث كل واحد منهما بصاحبه و قال انت عبدى قد اشتريتك من سيدك قال يحكم بينهما من حيث افترقا تدرع الطريق فايهما كان اقرب فهو الذى سبق الذى هو ابعد و ان كانا سواء فهما رد على مواليهما جاءا سواء و افترقا سواء الا ان يكون احدهما سبق صاحبه فالسابق هو له ان شاء باع و ان شاء امسك و ليس له ان يضربه ثمّ قال و في رواية اخرى اذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فايهما وقعت القرعة به كان عبد الآخر و قال في الاستبصار و هذا عندى احوط لمطابقته لما روى من ان كل مشكل يرد على القرعة فما اخرجه القرعة حكم له به و هذا من المشكلات و ذهب الشيخ رحمه الله في يه الى ان البيع للسابق منهما فان اتفق ان يكون العقدان في حالة واحدة اقرع بينهما فحينئذ خرج اسمه كان البيع له و يكون الآخر مملوكه قال قد روى انه اذا اتفق العقدان في حالة واحدة كانا باطلين و الاحوط ما قدمناه انتهى و لم يذكر حكم صورة الاشتباه و قال العلامة في المختلف و التحقيق ان يقال ان اشتبه السبق او السّابق حكم بالقرعة و ان علم التقارن و كان شراء كل منهما نفسه و قلنا انه يملك بطل العقدان ان قلنا انه لا يملك او كان كل منهما اشترى لمولاه فان كانا وكيلين صح العقدان او كان كل منهما عبد المولى الآخر و ان كانا ماذونين فالاقرب القاف العقدين على الاجازة فان اجازه الموليان صح العقدان و انتقل كل واحد منهما الى مولى الآخر لان كل واحد منهما قد بطل اذنه ببيع مولاه له فاذا اشترى الآخر لمولاه كان كالفضولى و ان فسخه الموليان بطلا انتهى و لا يخفى ان في صورة الشّراء لنفسه اذا قلنا انه لا يملك ينبغى الحكم ببطلان العقدين و لا وجه للتفصيل بكونهما وكيلين او ماذونين و لعلّ مراده تحقيق القول في المسألة المشهورة التى وقع فيها الخلاف بينهم و حينئذ فالمراد انه اذا كان لنفسه و قلنا انه لا يملك فبطلان العقدين ظاهر فلا يصح حمل المسألة المتنازع فيها عليه فينبغى حملها على الشراء للسيّد فعلى هذا و كذا على تقدير كون الشراء للسيد و ان قلنا بملك العبد فالحكم فيه التفصيل بكونهما وكيلين او ماذونين هذا ثمّ حكمه بصحة العقدين على تقدير كونهما وكيلين و الوقوف على الاجازة على تقدير كونهما ماذونين كانه مبنى على عدم بطلان الوكالة ببيع مولاه له كما هو مختاره بخلاف الاذن اذ لا شك في بطلانه بالبيع لانه بايع الملك و اما على القول بالبطلان اى بطلان الوكالة بالبيع كالاذن كما هو المشهور فلا فرق بين الوكالة و الاذن لبطلان كل منهما بالبيع فينبغى اتصاف العقدين على الاجازة و فيه ان البيع لا يتم الا بالقبول و على هذا فالانتقال عن الملك و بطلان الوكالة او الاذن انما هو بعد تمام الصّيغة و العقدان وقعا و من الملك قبل الانتقال فيبقى الحكم بصحتهما و لزومهما و انتقال كل من العبدين الى مولى الآخر و يحتمل ان يكون بناء كلامه على الفرق بين الوكالة و الاذن و ان الوكالة لا تبطل الا بعد البيع بخلاف الاذن فانه يبطل بمجرد شروع السّيد في الايجاب اذ المتبادر منه اخراجه من كونه ماذونا في التصرفات بعد ذلك على ما قيل و فيه تامل اذ الظاهر انه لا دلالة لقصد اخراج العبد عن الملك على القصد الى منعه من التصرّفات باحدى الدلالات حتى لو شرع في العقد فحصل مانع من اتمامه بقي الاذن و انما المزيل له خروج عن ملكه عملا بالاستصحاب و تمسكا ببقاء المقتضى كما ذكره الشارح في شرح الشرائع و على هذا فالظاهر انه لا تبطل الوكالة و الاذن الا بعد تمام الصيغة و انتقاله من ملكه و حينئذ فالظاهر صحة العقدين و لزومهما على تقدير المقارنة

سواء كانا وكيلين او ماذونين فينتقل كل منهما الى مولى الآخر و العجب من الشارح في شرح الشرائع انه حكم بانه اذا

ص: 361

اقترن العقدان بطلا اى لم يمضيا بل يكونان موقوفين على الإجازة لاستحالة الترجيح ثمّ حقق ان الاقتران انما يتحقق بالاتفاق في القبول بان يكملاه معا لانّ به يتم السّبب و يحصل الانتقال عن الملك الموجب لبطلا اذن المتاخر لا بالشروع في العقد لعدم دلالة قصد الى آخر ما نقلناه عنه ثمّ الحكم بالقرعة في صورة اشتباه السبق او السابق مطلقا محل تامّل بل يجرى فيهما ايضا ما ذكره من التفصيل من كون الشراء لنفسه او لسيّده فالتفصيل التام ان يقال الشراء اما لنفسه او لسيّده فعلى الاول ان احلنا ملكه بطل العقدان مطلقا و ان اخبرناه فان علم السّابق صح و بطل حق اللاحق و ان علم السبق دون السابق او اشتبه السبق ايضا فالظاهر القرعة و ان علم الاقتران فيحتمل بطلان العقدين لاستحالة صحتهما و عدم المرجح و لرواية ابى خديجة و يحتمل القرعة للرّواية الاخرى المعتضدة بالرواية المطلقة الواردة فيها و على الثانى فان علم سبق احدهما فلا اشكال في صحته و لزومه و اما الآخر فمع الاذن فضولى و كذا مع الوكالة ان قلنا ببطلانها ببيع العبد و الا فيصح الآخر ايضا و ان اشتبه السبق او السابق فالظاهر القرعة و ان علم الاقتران فمع الوكالة يبنى على القولين من بطلان الوكالة بالبيع و عدمه فعلى الاول يحكم بوقوفهما و على الثانى بلزومهما هذا على ما ذكره الشارح في شرح الشرائع و اما على ما حققنا فالظاهر على القولين لزومهما و انتقال كل من العبدين الى مولى الآخر و اما مع الاذن فلو قيل يتبادر الاخراج عن الاذن بمجرد الشروع في البيع فيحكم بالقاف العبدين اذا قيل بعدم بطلان الاذن الا بعد تمام الصيغة على ما حققنا فيحكم بلزومهما هذا و اما في هذا الكتاب فقد فرض المسألة في تنازع المأذونين في دعوى السّبق و هذا خروج عن مورد الروايتين و فتوى الاكثر اذ ليس فيهما و لا في كلامهم حديث دعوى السبق من كل منهما اصلا بل ليس الا التنازع بينهما باعتبار شراء كل منهما صاحبه فتخصيص المسألة بما ذكر من الصّورة و نقل القولين كما ترى نعم يمكن تعميم الحكم بحيث يشملها بان يجعل قرب الطريق دليلا شرعيا على السّبق و التساوى على الاقتران للنص و يحكم مع التساوي بالبطلان على الرواية الاولى و القرعة على الرواية الثانية لكن الحكم به مشكل و شمول كلامهم لهذا الصورة غير ظاهر بل الاظهر الرجوع فيها الى الاصول الشرعية فيحكم بالتحالف و مع حلفهما او نكولهما هذا اذا كان الشراء لأنفسهما و احرما الملك على ما يظهر من الروايتين و ان احلناه فيحكم بالبطلان من غير تحالف و لو كان للمولى فاذا حكم بالتحالف فالحكم بين الموليين اذا ادّعا السّبق او التأخر اذ لا عين للغير و مع حلفهما او نكولهما فالظاهر القرعة و يحتمل الحكم بلزوم العقدين على القولين في صورة المقارنة اذا كان الشراء للسّيد على ما حققناه او بايقافهما على الاجازة على القول به فيها كما ذكره العلّامة و يحتمل الرجوع الى الروايتين في اعتبار الاقربية و مع التساوي الحكم بلزومهما او ايقافهما على الاجازة فتأمل

قوله و لا بيّنة لهما إلى آخره

الاول لرفع الايجاب الكلى و التالى للسّبب الكلى و لا يقر صحة الاكتفاء بالآخر على انه لو اكتفى به لربما توهم منه رفع الايجاب الكلى فافهم

قوله و القائل بها

ره بل بعض القائلين بها خصهما بصورة تساوى الطرفين كما نقلنا عن الشيخ في الاستبصار و بعضهم خصّها بصورة اشتباه السابق او السبق كما نقلنا عن العلامة و بعضهم خصّها بصورة الاقتران كما في ية فالقول بالقرعة مط من دون تقييد غير معلوم هذا لو كان الكلام في المسألة المشهورة و اما على ما فرضها المصنف فيمكن ان يقال انها من صورة اشتباه السّابق اذ كل منهما يدعى السّبق و لا بيّنة فيشتبه السابق سواء علم السّبق و صدق احدهما فلا اشتباه في السبق او لا فيشتبه السبق ايضا الا ان يقال ان هذا اشتباه السابق عند الحكم لا عند المدعيين او كل منهما يدعى العلم بسبقه و القرعة انما هى اذا اشتبه السّبق او السّابق عند المدعيين و فيه ان عند الاشتباه عند الحاكم ايضا لا يبعد القول بالقرعة لانهما لكل امر مشتبه فلا يبعد حمل الاشتباه المذكور في كلام القائل على ما يشمله لكن الظاهر ان المراد بهذا القائل هو العلّامة و قد عرفت ان كلامه في المسألة المشهورة و ليس فيها حديث دعوى السبق من كل منهما فشمول الحكم بالقرعة التى ذكرها لهذه الصّورة غير ظاهر لكن هذا لا يختص بهذا القول بل القول الآخر ايضا شموله لهذه الصّورة غير ظاهر كما اشرنا اليه فتذكر

قوله و لو كانا وكيلين صحا معا

هذا على القول بعدم بطلان الوكالة بالبيع و اما على القول بالبطلان كما هو المشهور فلا فرق بين الوكالة و الاذن اصلا في هذه الصورة كما اشرنا اليه فتذكر

قوله و اعلم ان القول بالقرعة

قد ظهر مما ذكر سابقا انّ هذا الكلام انما يلائم تحرير المسألة على الوجه المشهور و اما على لو فرضنا المصنف فلا احتمال للاقتران و لم يتعرض له اصلا

قوله لانها لاظهار المشتبه و لا اشتباه

هذا على تقدير كون الشراء للسّيد كما هو ظاهر كلام الشارح هاهنا ظاهر فانه امّا ان يبطل الاذن او الوكالة في كل منهما فيقع كل منهما فضوليا او يبقى في كل منهما فيلزم كلاهما و ينتقل كلا منهما الى مولى الآخر على ما فصلناه و على الوجهين لا وجه للقرعة و اما اذا كان لأنفسهما اذا قلنا بملك العبد كما هو ظاهر الرواية و كذا ظاهر كلام ية الذى خص القرعة بصورة الاقتران فلانه لا اشتباه ايضا بل يبطل العقدان لعدم الترجيح و هذا الكلام اورده ابن ادريس على ما ذكره الشيخ في يه و اجاب عنه المحقق في النكت يجوز الترجيح احدهما في نظر الشرع فاستند الى القرعة ليخرج الى القرعة ما لعلّه يكون مرادا و استشكله المصنف في الدروس بان التكليف منوط باسبابه الظاهرة و الا لزم بالمحال و ليس كالقرعة في العبيد لان الوصية بالعتق بل نفس العتق قابل للابهام بخلاف البيع و ساير المعاوضات و فيه ان القرعة ايضا اذا امر بها من الاسباب الظاهرة لكنها كاشفة عما هو الراجح في نظر الشرع و انما يلزم التكليف بالمحال اذا كلف برعاية ما هو الراجح في نظر الشرع و لم يجعل دليل عليه و عدم قبول العقود لمثل هذا الابهام ممنوع اذ لا ابهام في الثمن و لا في المثمن بل جميع شرائط الصّحة موجود في كل من العقدين الا انهما اتفقا في وقت واحد و لا يمكن وقوعهما جميعا و لا اولوية لاحدهما ظاهرا فامر بالقرعة لاستخراج ما هو الاولى في نفس الامر و عدم قبول العقود لمثل هذا الابهام مما لا اجماع عليه و لا دليل آخر و الرواية الدالة على البطلان هاهنا ضعيفة السند جدا لا يصح للاعتماد لكن ما ذكرنا كله استيساس للقول بالقرعة و رفع الاستبعاد عنه فينبغى النظر في مستنده فلو صح ما اشتهر بينهم من رواية كل مشكل يرد الى القرعة على ما نقلناه عن الشيخ في الاستبصار و ان القرعة لكل امر مشتبه على ما وقع في كلام بعضهم فلا اشكال و لا اشتباه لكن لم يصل الينا هذه الرواية مستندة على وجه يصلح للاعتماد نعم روى الشيخ في التهذيب عن محمد بن حكيم قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن شي ء فقال كل مجهول ففيه القرعة لكن في سنده من هو مجهول و من هو مشتبه و روى عن ابراهيم بن عمر عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل قال اوّل مملوك املكه فهو حرّ فورث ثلثه قال يقرع بينهم فمن اصابته القرعة اعتق و القرعة سنة و سندها كانه لا باس به الا ان عموم قوله عليه السلام و القرعة سنة غير ظاهرة و روى بسند صحيح عن عاصم بن حميد عن بعض اصحابنا عن ابى جعفر عليه السلام انه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلى عليه السلام ليس من قوم تنازعوا ثمّ فرضوا امرهم الى اللّه الا خرج بهم المحقق و روى ايضا في تضاعيف ما روى من مكالبة بين الطيار و زرارة

ص: 362

انه قال له زرارة انما جاء الحديث بانه ليس من قوم فوضوا امرهم الى اللّه ثمّ اقرعوا الا خرج سهم الحق و الظاهر من هاتين الروايتين جريان القرعة في كل منازعة علم وجود المحق فيها و اما فيما لا يعلم كما في نحن فيه لاحتمال بطلان كل من العقدين فلا يظهر بينهما جريان القرعة فيه و لعل من قال بان القرعة للإخراج ما هو معلوم في نفس الامر مشتبه ظاهر و بعضها مما لا تعيين له في نفس الامر ايضا كالقرعة في العبيد اذا اوصى لعتق ثلثهم او قال اول مملوك لملكه فهو حرّ فورث ثلثه او سبعة جميعا و هذا موارد مخصوصة بشكل لمتعدى كل منهما الى غيرها بقي الكلام في خصوص الرواية الواردة في هذه المسألة فنقول ذكر المحقق في النكت معترضا على ما ذهب اليه الشيخ على ما نقلنا ان القرعة لا تستعمل الا في موضع الاشتباه قال و على ما ذكرناه دلّ كلام الشيخ في التهذيب ثمّ قال بعد نقل كلامه في نقل الروايتين و هذا يدل على ان القرعة انما يكون في موضع الاحتمال لان تساوى المسافة لا يدل على التساوى ببقاء فيه تامّل اذ ربما حصل العلم بالاقتران من الثانية على ما نقلها الحكم بالقرعة في صورة تساوى المسافة و غيرهما مما فرض في الرواية الاولى و الظاهر من الرواية الحكم بالقرعة في صورة تساوى المسافة مطلقا سواء استلزم علم الاقتران ام لا نعم الظاهر التخصيص بصورة عدم علم بسبق احدهما كما اشير اليه في الرواية الاولى و الا فيحكم للسّابق و يؤيد ما ذكرنا ان في صورة تساوى المسافة لا ريب انه يحتمل الاقتران ايضا فلو لم يصح القرعة في صورة الاقتران لكان ينبغى بتثليث الرقاع كما اشير اليه الشارح مع ان ظاهر الرواية الاكتفاء برقعتين كما اعترف به في شرح الشرائع و يظهر مما قررنا ان الرواية الخاصة هاهنا مؤيدة للرواية المطلقة و ان القول بالقرعة في صورة الاقتران ليس باقصر في القوّة من القول بالبطلان و ان ما ذكره الشارح في شرح الشرائع من رواية ان الرّواية بالقرعة ذكرها الشيخ و فرضها في صورة تساوى المسافة اشتباه الحال فيه ما فيه

قوله كما ان القول بوقوفه مع الاقتران كذلك

قد عرفت ان مع الاقتران و الشراء للسيّد الظاهر لزوم كل منهما فتذكر

قوله ليحكم بالوقوف

هذا على ما ذكره و اما على ما ذكرنا من لزوم العقدين مع الاقتران فالرقعة الثالثة ليحكم بلزوم كل منهما معه فتذكر

قوله اما لو كان لأنفسهما كما يظهر من الرواية

حيث قال انت عبدى فهذه الرواية مما يدل على ملك العبد فان احلنا ملك العبد هذا هو الصواب على ما اشرنا اليه و اما ما ذكره في الشرائع حيث قال و ان احلنا الملك لو كان شرائه لسيّده صح السابق و كان الثانى فضوليا لبطلان اذنه فيقف على اجازة من اشترى فهو كما ترى اذا ذكره انما يتجه في صورة الثانية اى الشراء لسيّده و اما في الصورة الاولى و هى الشراء لنفسه مع اصالة ملكه فالحكم بصحة السابق و جعل الشراء لسيّده بعيد جدا و ابعد منه جعل الثانى فضوليا لانه لم يعقد مولاه حتى يتجه الحكم بالتوقف على اجازته مع انه خرج حين العقد عن ملكه و صار ملكا لغيره و بطل اذنه له ايضا فلا ربط بينهما حتى يحكم بال شرائه الذى قصده لنفسه يقع له و يتوقف على اجازته و هو ظاهر و يمكن توجيه كلامه ايضا بما اشرنا اليه في توجيه كلام المخ و هو ان يكون غرضه تحقيق القول في المسألة المشهورة التى وقع فيها الخلاف بينهم و حينئذ فالمراد انه ان كان الشراء لنفسه و قلنا بملكه فالحكم كذا و ان احللنا الملك فالمسألة لا يقبل النزاع فلا بد من حملها على هذا القول على الشراء للسيّد و على هذا كذا على تجويز الملك و غرض ان الشراء كان للسيّد الحكم كذا فافهم

قوله اذ لا يتصوّر ملك العبد لسيّده

لا يخفى ان هذا مع اللحوق ظاهر و امّا مع المقارنة فانما يفيد عدم صحة العقدين جميعا و لا يخفى بنفى احتمال صحة احدهما و الاخراج بالقرعة و كانه لما لم يستقم عنده القول بالقرعة مع الاقتران لعدم الاشتباه على ما نقلنا عن ابن ادريس فلم يتعرض له و اكتفى في الدّليل بما ذكره يظهر ان الاولى ان يجعل ما ذكره من عدم تماميّة القول بالقرعة شاملا لصورة الشراء للسّيد ايضا و يجعل قوله هذا اذا كان شراء مما لمولاهما متعلقا بقوله و الحكم للسّابق الى آخره لا بما ذكره ايضا مما بعد و اعلم لكن قد ظهر مما حققنا ان القول بالقرعة مع الاقتران في صورة الشراء لأنفسهما ليس ببعيد فالحكم بتحتم البطلان على ما ذكره الشارح مشكل جدّا فتأمل ثمّ انه لم يذكر حكم صورة الاشتباه على هذا التقدير لكن يمكن استفادته بالمقايسة الى ما ذكره في سابقه فههنا ايضا مع الاشتباه و القول بملك يتجه القرعة لكن مع اشتباه السّابق يستخرج برقعتين و مع اشتباه السّبق و الاقران لا بد من ثلث ايضا حينئذ احدهما الاقران فيحكم بالبطلان معه هذا على طريقة الشارح من الحكم بالبطلان مع الاقران و اما على القول بالقرعة معه فيكفى الرقعتان مطلقا لكن لا يخرج الرقعة على السّابق بل يكتب الرقعتان باسم العبدين و يخرج احدهما بينة صحة بيعه او عدم صحة و يحكم بمقتضاها او يكتب في احدهما صحة البيع و في الاخرى عدم الصّحة و يخرج احدهما بينة احد العبدين و يحتمل بمقتضاها فتأمل

[الفصل الرابع في بيع الثمار]

قوله المصنف للاولى لا يجوز بيع الثمرة إلى آخره

اعلم ان هاهنا مسألتين احدهما عدم جواز بيع الثمرة على اصولها و هذا هو الذى ذكره هاهنا و النّهى فيها مختصّ بالمراتبة و هى مختصّ بحكم الصحيحة المذكورة و نص اهل اللغة بالنخل و بيع حملها بالتمر و حينئذ فلا وجه للمنع في غير النخل اصلا و لا فيها من بيع حملها بالرطب نعم بعضهم قد علل المنع بتطرق احتمال الزيادة في كل من العوضين الرّبويين و لو صح هذا التعليل يجرى في النخلة و غيرها باليابس و الرطب جميعا لكن التعليل المذكور عليك كما سننقله عن شرح الشرائع و ثانيهما المنع من بيع الرطب بالتمر و هو بظاهره يشمل ما كان على الاصول ايضا و سيجي ء هذا و قد ورد المنع منه في روايات معللا بنقصانه عند الجفاف و لا يخفى انه لا يبعد الحاق باقى الثمار ايضا نظرا الى العلة المنصوصة كما ذكره الشارح و اختاره المصنف فيما سيجي ء و من هذا يظهر ان ما ذكره الشارح من الاجماع في الاول انما هو في اليابس و اما في الرطب فلا اجماع بل لم ينقل بالمنع فيه الا من علل بالتعليل المذكور و قد عرفت حاله بل الشهرة و في الثانية فيه ايضا غير ظاهر بل هو فرع التعليل و كون العمل به مشهورا غير ظاهر و يظهر ايضا ان ما ذكره من النظر في الحاق الرطب و عدم تعرضه للنظر في الاصل ايضا ليس على ما ينبغى اذ لا تطهير وجه المنع عن بيع الرطب بالرطب في النخل ايضا سوى ما ذكر من احتمال الزيادة في كل من العوضين الربويين و قد رده في شرح الشرائع و لو لم يعتبر هاهنا رده فلا وجه للنظر في الحاق الرطب ايضا و يظهر ايضا ان قول المصنف و يسمى في النخل مزابنة لا يصح على الاطلاق بل انما يسمى بها اذا بيع في التمر فتدبّر

قوله مع التساوى

اى التساوى في القدر و كون كل منهما رطبا او تمرا اما ببيع الرطب بالتمر او بالعكس فلا يجوز لا مع التساوى في القدر لما ذكروه في المسألة الآتية و لا مع التفاوت ليحقق الربا بالفعل

قوله و تطرق احتمال

هذا وجه يجرى في البيع في الرطب و اليابس جميعا بخلاف الاول لاختصاصه بالبيع باليابس لكن قد رده في شرح الشرائع بمنع كون التمرة على الشجرة و ان كانت من جنسه لانهما ليست مكيلة و لا موزونة و انما تباع جزافا و هو متجه

قوله و لا فرق بين في المنع

ص: 363

بين كون الثمن منها و من غيرها

قال سلطان العلماء المراد بكون الثمن منها اى من التمرة التى هى المثمن ان يدفع المشترى الى البائع المقدار الذى جعله ثمنا لما على الاصل من عين هذه التمرة على اصل مال اقتطعها من الاصل فدفع المذكور الى البائع سواء كان بقي له شي ء او لا و هذا اظهر في المنع من ان يدفع الثمن من غيره لان هذا في الحقيقة بيع الشي ء بنفسه او يجزئه انتهى و ايضا قد فسر بعضهم المزابنة ببيع حمل النخل بتمر منها فعلى ما ذكروه يختص المنع به و بهذا يظهر الا ما ذكره الشارح من الاجماع في الاول غير ظاهر في اليابس ايضا مطلقا بل الاجماع انما هو في بيعه بتمر منها فتأمل

قوله المصنف بخرصها تمرا من غيرها

ظاهره اشتراط كونه تمرا من غيرها و لا يظهر له وجه بل الظاهر انما هو عدم الجواز عند اشتراط كونه منها ثمّ ان المستثنى على ما ذكره هو بيع العربة بالتمر فبيعها بالرّطب يبقى على المنع لو قيل فيه بالمنع على ما عممه الشارح في صدر المسألة لكن قد عرفت ان التعميم المذكور لا يتجه الا على التعليل المذكور و هو عليل فالمتجه عدم التحريم في بيعها بالرطب و على هذا فيكون هذا التخصيص في العربة باعتبار اختصاص الحرمة في غيرها ببيعه بالتمر و صرح باستثنائها و انه يجوز ذلك فيها لا التخصيص الجواز به فافهم

قوله و ان لم يقبض في المجلس

ورد على ما نقل عن الشيخ من اشتراط التقابض في المجلس تخلصا عن الربا و ذكر في شرح الشرائع ان الاقوى لعدم الاصل و الظاهر ان توهم الرباء الذى اراد التخلص منه انما باعتبار انه اذا اخّر التقابض فبتأخير ما اخر يحصل الزيادة المعنوية كالاجل فلا يجوز و فيه منع كون التمرة على الشجرة ربوية كما نقلنا عن شرح الشرائع و لو سلم فانما يسلم الزيادة المعنوية اذا اشترط التأخير لا ما اذا وقع اتفاقا وقع فيكفى في التخلص على الربا اشتراط كونه حالا كما ذكره الشارح و لو سلم فلا يلزم الا وجوب تقابضهما معا و اما التقابض في المجلس فلا الا ان يقال ان ما في العربة مقبوض باعتبار كونه في داره او بستانه كما هو الظاهر فاعتبر قبض الآخر ايضا في المجلس و لا يخفى ان ما نقلنا عن شرح الشرائع في رده من التمسّك بالاصل انما يتجه بعد رد متمسّك الشيخ فالتمسك به من غير تعرض له كما ترى الا ان يقال انه احاله على الظهور و لا يخفى ايضا ان اشتراط كونه حالا الذى ذكره الشارح لا يظهر له وجه سوى لزوم الربا على تقدير كونه مؤجّلا و بما نقلنا عن شرح الشرائع يظهر ما فيه ايضا فتأمل و قوله او بلغت خمسة اوسق اشارة الى ما ذكره ابن الأثير في نهايته حيث خصّ الرخصة بما اذا كانت دون خمسة اوسق و وجه الردّ اطلاق ما دل على الجواز من غير تقدير تعبّد

[الفصل السابع في أقسام البيع]

قوله و اعلم ان دخول المذكورات

كان المراد ان المذكورات لا تدخل بمجرد ذكرها قبل الصّيغة و الاصل لم يدخل عند الصيغة اذ العبرة انما هى بالصيغة لا بما ذكر قبلهما بل فائدة ذكرها اعلام المشترى بذلك ليمكن ادخالها في الصيغة فيدخل بذلك ان في قوله بعتك بما اشتريت تامّل فانه لا يشمل غير الثمن الا ان يقال ذكرها قبل الصّيغة و اشتراط دخولها يكفى في صحة ادخالها فيما اشتريت و ان كان مجازا و انه لا حجر بمثله من المجازات في الصّيغ فتأمل

[الفصل التاسع في الخيار]

قوله المصنف فان قال المستامر فسخت

بعد امر الاجنبى المستثار بالفسخ فانفسخ البيع و ان قال اجزت مطلقا فلزم و لا يلزم في لزوم البيع اختيار المستامر بالكسر اللزوم و الاجازة بل ان سكت و لم يستامر اذا استأمر و امر بالفسخ و الاجازة و لم يعمل بمقتضاه الاقرب اللزوم لان اللزوم مقتضى العقد و قوله و لا يلزم الاختيار و قوله و كذا كل من جعل له الخيار قرينة على ارادة هذا المعنى من العبارة لا المعنى الاول لان اللزوم المنفى ليس الا عمن جعل و شرط له الموامرة لغيره و هو المستامر بالكسر اذ المستامر بالفتح ليس له الاختيار بالفسخ و الالتزام و انما اليه الامر و الرأي خاصة و لان المجهول له الخيار هو المشروط له الموامرة لان خطا من الخيار عند امر الاجنبى المستامر لان الغرض من الموامرة الانتهاء الى امره لا جعل الخيار له بل الظاهر انه لا يتعين على المشروط له الموامرة الفسخ ان امر المستامر بالفسخ بل جاز له الفسخ و الالتزام حينئذ لان الشرط مجرد استيماره لا التزام قوله بخلاف من جعل له الخيار لانه انفسخ او اجاز نفد فاندفع اشكال الشارح بناء على تحقيقه فتأمل انتهى و قال ولده سلطان العلماء لا يخفى انه اى المشروط له المواردة هو المستامر بالكسر فلا يصح حينئذ لتشبيه في قوله و كذا من جعل له الخيار لانه حينئذ عين المسألة السّابقة فالصواب تعميمه بان يكون المراد كل من جعل الخيار له سواء كان اجنبيّا او احد طرفى العقد و حينئذ يتم ما افاد والدى و يندفع اشكال الشارح و كان الشارح حمل قوله و لا يلزم الاختيار على انه لا يجب عليه قبول الاختيار و كذا من جعل له الاختيار و لا شك ان عدم وجوب قبول الاختيار انما يصح بالنسبة الى الاجنبى لا بالنسبة الى طرفى العقد بعد ما فرض وقوع خيار الشرط لهما و لاحدهما و لا يخفى انه يمكن حمله على ما قال والدى انه لا يلزم في لزوم العقد اختيار المستامر بالكسر و كذا كل من له الخيار بل يكفى سكونه في لزوم العقد فيكون توضيحه لقوله فان سكت فالاقرب اللزوم فتأمل انتهى و لا يخفى انه ليس مراد والده بقوله و لان المجعول له هنا الخيار هو المشروط له الموامرة ان المراد بقول المصنف و كذا من جعل له الخيار هو المشروط له الموامرة حتى يرد انه هو المستامر بالكسر فلا يصح التشبيه و يصير عين المسألة السابقة بل لما ذكر الشارح ان قوله و كذا كل من جعل له الخيار يدل على ان المراد هو المستامر بالفتح اذ هذا التعميم انما يستقيم اذا كان للمستامر الذى ذكر حكمه او لا خيار حتى يكون حكمه اولا على ذى خيار مخصوص ثمّ يكون غرضه التعميم في كل من له الخيار و الخيار هاهنا على زعم الشارح انما هو المستامر بالفتح فينبغى ان يقر المستامر في كلام المصنف بالفتح حتى يتلائم اجزاء الكلام فغرض والده رحمه الله انه ليس كذلك بل من جعل له الخيار هاهنا هو المستامر بالكسر اذ له حظ من الخيار عند امر الاجنبى المستثار بالفسخ و اما المستامر بالفتح فانما له الامر لانجبار و اذا كان كلام المصنف هاهنا في المستامر بالكسر يستقيم ما ذكره من التعميم بعد التخصيص فقوله و لان المجعول له الخيار هنا اى في المسألة السّابقة لا في قوله و كذا من جعل له الخيار فلا وجه لما اورد عليه ولده اصلا هذا و لكن يمكن ان يناقش على الشارح مع قطع النظر عما ذكره والده انه ليس في كلام المصنف لفظ الكل فيمكن ان يكون حكمه اولا على المستامر بالكسر الذى ليس له خيار ثمّ يكون غرضه التشبيه لمن له الخيار فلا تصير قرينة لما ذكره نعم لو وجد لفظ كل لكان مقتضاه ان يكون المذكور سابقا ايضا له خيار و ليس فليس فتأمل ثمّ اعلم انه رحمه الله اشار بقوله و كان الشارح حمل قول المصنف و لا يلزم الاختيار الى آخره الى مال جعل قوله و لا يلزم الاختيار الى آخره بناء على هذا الحمل قرينة على قراءة الفتح فانه اذا لم تصح بالنسبة الى طرفى العقد فلا يصح قراءة المستامر بالكسر اذ المستامر بالكسر هو احد طرفى العقد هذا و لا يخفى انه اذا اراد بقبول الاختيار قبوله بان نختار احد الشقين اى الفسخ او الالتزام فظاهر انه لا يجب بالنسبة الى طرفى العقد ايضا و ان اشترط لهما الخيار بل يجوز لهما ان يسكتا الى ان ينقضى مدة الخيار لكن بعد ذلك يلزم العقد و هو كذلك في صورة سكون الاجنبى ايضا و ان

اراد قبول ثبوت الخيار له فالظاهر انه اذا شرط الخيار لأحد و ان كان اجنبيّا ثبت له في نفس الامر الخيار سواء قيل ام لا و الحكم بعدم وجوب القبول عليه لا طائل تحته و هو ظاهر فالظاهر ان الشارح حمل قوله و لا يلزم الاختيار على المعنى

ص: 364

الأول اى لا يلزم على المستامر بالفتح اختيار احد الطرفين بل له السكوت و حكمه يكون هذا قرينة على قراءة الفتح باعتبار ان الخيار للمستامر بالفتح فالحكم بعدم لزوم اختيار احد الطرفين انما يناسب له و ايراد والد هذا الفاضل عليه ان الخيار انما هو للمستامر بالكسر فالحكم بعدم لزوم الاختيار يناسب لكن لا يخفى ان الظاهر مع الشارح اذ الخيار الذى للمستامر بالكسر و هو الخيار بعد اختيار المستامر بالفتح الفسخ ليس بمذكور في كلام المصنف فحمل الكلام عليه لا يخلو عن بعد بل الظاهر ان مراده هو اختيار المستامر بالفتح اى حكمه بترجيح احد الطرفين و امره به كما حمله الشارح هذا و لا يخفى انه يمكن على تقدير قراءة المستامر بالكسر ان لا يجعل مفعول يلزم هو ذلك بل تقدير المستامر بالفتح لكنه بعيد و يمكن ايضا ان يحمل قوله و لا يلزم الاختيار على انه لا يلزم على المستامر بالكسر اختيار قول المستامر بالفتح اى في صورة امره بالفسخ بل له الالتزام بالبيع كما ذكره الشارح لكن يأبى عنه قوله و كذا كل من جعل له الخيار فان الظاهر انهم يقولون لوجوب اختياره ما اختاره من له الخيار كما اشار اليه الشارح فتأمل ثمّ ما ذكرنا من الاحتمالين بناء على ان يكون قوله و لا يلزم بالواو كما في كثير من النسخ و نقله الشارح و اما اذا كان بالفاء كما في بعض النسخ فلا يتاتى ذلك بل يكون تفريعا على قوله و ان سكت فالاقرب اللزوم و تاكيدا فلا يتوجه ما ذكر من الاحتمالين كما لا يخفى

قوله و لو سكت عن الاستيمار او بعد الاستيمار

كما ذكره سابقا

قوله و نبّه بالاطلاق على خلاف بعض الاصحاب

و هو على ما ذكره المصنف في شرح الارشاد المفيد و المرتضى و سلّار و من تبعهم

قوله لانتقال المبيع اليه

اى انتقالا لازما لا خيارا للبائع فيه فهو ملك طلق للمشترى فيكون تلفه منه كالوديعة بخلاف ذلك بعد الثلاثة لثبوت الخيار بعدهما للمشترى فليس ملكا طلقا له فيكون تلفه من البائع على مقتضى قاعدتهم و يرد على الاول ان قاعدتهم كون التلف قبل القبض من قال البائع مطلقا فلا يسمع هذا التفصيل في مقابلها و يرد على الثانى ان من قواعدهم ان التلف في زمان الخيار اذا اختص الخيار باحد الطرفين من مال الذى لا خيار له و لم يقيد و اذ لك بما اذا قبض المبيع و على هذا يجب ان يكون التلف هنا من مال المشترى نعم لو لم يقل احد بثبوت الخيار بعد الثلاثة كما هو المشهور بل قال ببطلان البيع كما هو ظاهر ابن الجنيد و الشيخ و هو ظاهر الاخبار ايضا اتجه حينئذ القول بكون التلف من البائع و لا يخفى ان ظاهرهم ان الحكم بكون التلف بعد الثلاثة من البائع مما لا خلاف فيه و قد صرح المصنف في الدروس بالاجماع عليه و حينئذ فلا يجدى المناقشة فيه نعم ما نقلنا من القاعدة يصلح وجها لترجيح القول بالبطلان على القول بالخيار الا ان يلتزموا التقييد الذى اشرنا اليه بقرينة ما ذكره هاهنا فتأمل

قوله و كون التأخير لمصلحته

هكذا ذكره في شرح الشرائع و لم ار هذه الضميمة في كلام غيره و لا يخفى ان المسألة غير مفروضة في خصوص هذه الصورة فالحكم بكون التأخير لمصلحة المشترى مطلقا كما ترى نعم في المسألة مذهب آخر ذهب اليه ابن حمزة قالوا و هو ظاهر ابى الصّلاح ايضا و هو ان البائع ان غرض على المشترى فمن مال المشترى و الا فمن مال البائع فلو ذكر هذا الكلام في الاحتجاج لهذا المذهب لكان له وجه لكن حمل ما نقله الشارح هاهنا عليه بعيد جدا لانه ان اطلق الحكم بكون التلف من المشترى فهو انما ينطبق على ما نقلنا من المفيد و اضرابه لا على هذا القول على ان تعرضه لهذا القول النّادر و تركه لنقل ذلك القول الذى هو اشهر لا يخلو ايضا عن بعد الا ان يكون اشارة الى ضعيفة ذلك و في شرح الشرائع لم ينقل الا قول المفيد و من تبعه و استدل لهم بهذا الوجه كما هذا فلا مجال فيه لما ذكر من التوجيه اصلا و يمكن ان يقال ان نظره في هذا الكلام الى خصوص رواية التى تمسكوا بها في المشهور و هى رواية عقبة بن خالد عن الصّادق عليه السلام في رجل اشترى متاعا من رجل و اوجه ميزانه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال آتيك غدا انشاء اللّه نصرف المتاع من مال من يكون قال من مال صاحب المتاع الذى هو في بيته حتى يقبض المتاع و يقبضه من بيته فالمتاع ضامن لحقه حتى يرد اليه ماله فان ظاهرها وقوع التأخير لمصلحة المشترى و مع ذلك حكم فيها بضمان البائع فاراد المستدل بهذا الكلام القدح في الرواية و ضعف التمسك بها لمخالفتها للاعتبار مع ضعفها و بعد ذلك فيستند في عموم الحكم الجزء الاول و لا يخفى ما فيه من التعسّف فتأمل

قوله المصنف خيار ما يفسد ليومه

هذا الخيار للبائع فيما اذا باع ما يفسد من يومه و ترك المشترى عنده و ذهب ليجي ء بالثمن و لم يجئ الى الليل به فله الخيار في فسخ البيع و التّصرف في البيع كيف يشاء لدفع الضرار اذ ربما لم يجئ المشترى بالثمن و يفسد متاعه عنده و لا يخفى انه يشكل بما ذكره الشارح

قوله في خيار التدليس

و ان اختلف في الثلاثة لا يخفى انه اذا ثبت الخيار بمجرد ظهور النقصان و لا يسقط الزيادة بعدها في الثلاثة فيزول موجب الخيار عند ظهور النقصان و عدم توقفه على انقضاء الثلاثة اذ لا يظهر وجه لذلك سوى انه ربما يؤيد بعد ذلك في الثلاثة فيزول موجب الخيار فاذا لم يوجب ذلك سقوط الخيار فلا وجه لذلك التوقف فافهم

[الفصل العاشر في الأحكام]

قوله و احتمل تقديم صاحب الثمرة

قال سلطان العلماء مشتريا كان او بايعا كما صرح به في موضع من س و اطلق في موضع آخر و لا يخفى ان الوجه الذى ذكره الشارح هنا و اسبق حقه لا يجرى فيما اذا كان المشترى صاحب الثمرة و هو ظاهر فالتعميم لا يناسب كلام الشارح فلا بد من حمل صاحب الثمرة في كلامه على البائع على ما صرح بلفظ البائع في شرحه على الشرائع و ذكر الوجه المذكور لكن في نسبة القول المذكور بالتعليل المذكور الى الدروس نظر لما عرفت انه لا يجرى في صورة كون المشترى صاحب الثمرة بل ينافيه او سبق الحق حينئذ يقتضى تقديم البائع مع ان الشهيد ذكر في هذا الاحتمال تقديم صاحب الثمرة مطلقا مصرحا بالتعميم و كانه وقع نظر الشارح رحمه الله على الموضع من س الذى ليس فيه التعميم صريحا فحمله على البائع و علل بالوجه المذكور و الذى يظهر من س من ملاحظة كلا الموضعين ان مناطا حد الاحتمالين ملاحظة جانب المشترى مط سواء كان صاحب الاصل او الثمرة من حيث انه اقدم البائع على ضرر نفسه و مناط الاحتمال الآخر ملاحظة جانب صاحب الثمرة بايعا كان او مشتريا انتهى و الظاهر ان يجعل مناط احد الاحتمالين هو تقديم المشترى مطلقا باعتبار ان البائع اقدم على ضرر نفسه و مناط الاحتمال الآخر هو تقديم البائع مط باعتبار كون حقه اسبق لعل الشارح ايضا جعل جعله هكذا و تخصيصه هنا المشترى بصاحب الاصل و كذا البائع بصاحب الثمرة و كانه بناء على ان المصنف فرض المسألة هكذا و اما القول بتقديم صاحب الثمرة مطلقا كما نقل من س فلا يظهر له وجه و لم يحضرنى الآن عبارة س حتى ينظر فيها فتدبّر حيث يوجب نقصا في الاصل يحيط بقيمة الثمرة و زيادة لا يخفى ان الاشكال المذكور على ما قرره سلطان المحققين مما لا وقع له و اى محذور في دفع مثل هذا الضرر العظيم عن المشترى مجانا بعد تسليط البائع له عليه نعم لو قيل بترجيح مصلحة المشترى مطلقا سواء كان مالك الاصل او الثمرة يشكل في صورة كونه مالك الثمرة بما اذا وجب السقى نقصا في الاصل يحيط بقيمة الثمرة و زيادة اذ يمكن دفع الضرر عن المشترى بدون ان يصل الى البائع مثل هذا الضرر العظيم بان

ص: 365

يقدم مصلحة البائع مع ضمانه لقيمة الثمرة فيندفع عنه القدر الزّائد من الضرر عن قيمة الثمرة و كذا يرد هذا الاشكال على القول بتقديم صاحب الثمرة مط سواء كان بايعا او مشتريا في صورة كونه مشتريا و يرد مثله ايضا في صورة كونه بايعا كما لا يخفى لكن لا يخفى انه لا يمكن حمل كلام الشارح على ما ذكرنا حيث خصّ المشترى بصاحب الاصل حيث قال ببيع الاصل الا ان يحمل ذلك على التمثيل و يكون غرضه هاهنا ايراد الاشكال على الصورة الاخرى اى صورة تكون المشترى صاحب الثمرة كما قررنا و فيه بعد و حينئذ يكون ضمير في قوله فينبغى تقديم مصلحة راجعا الى البائع و فيه ايضا بعد و في بعض النسخ مصلحة البائع و بعد ذلك لا يبقى الا البعد الاول و ينطبق على ما قررنا من الاشكال هذا و عبارته و في شرح الشرائع ايضا في النسخة التى راينا قريبة من تلك العبارة على النسخة الاولى و بالجملة فالمناسب في تقرير الاشكال هو ما ذكرنا لو كان القول بتقديم المشترى مما لما كما هو الظاهر لكن حمل عبارة الشارح عليه مشكل و امّا الاشكال الذى يستنبط من كلام الشارح هاهنا و في شرح الشرائع فسخيف جدا فتأمل

[كتاب الدين]

قوله سواء كان الفائت مما يتسقط عليه الثمن

و ذهب اكثر الاصحاب الى انه ان لم يكن للفائت قسط من الثمن و كان الفوات بآفة من قبل اللّه فليس للبائع الا الرضا بالموجود على ملك الحال او الضرب بالثمن و بالجملة القول بالفرق انما هو في الصورة الاخيرة و اما في الصورة الاولى فلا خلاف عنه فاعلى ما صرح في الشرائع في اطلاق الحكم فيه بتخيير البائع بين ان يأخذ الباقى بحصة من الثمن و يضرب مع الغرماء بحصة التالف و بين ان يضرب بجميع الثمن فتدبّر

قوله لانه اما مساو

لا يخفى انه بعد ما حكم المصنف بالضرب فيه و انحصار ما يفرق في الضرب فيما يحدث من الاجنبى لا من اللّه تعالى هذا الترديد سمح جدا بل كان ينبغى ان يقال ان النص الحاصل بفعل المفلس اما مساو لما يحدث من الاجنبى او له لما يحدث من اللّه تعالى ايضا فالتخصيص به فقط لا وجه له نعم لو كان القول بالفرق على عكس ما ذكر ايضا لكان هذا الترديد متوجها و ليس فليس و يمكن ان يقال ان هذا بالنسبة الى ما اختاره المصنف كذلك لكن فيما لو كان النقص بفعل المفلس قول آخر من جمع من الاصحاب كالمحقق في شرح الشرائع و هو ان يكون كالفوات من قبل اللّه تعالى فغرض الشارح الاشارة الى هذا المذهب و ان تخصيص النقص بفعل المفلس لا يظهر له وجه على شي ء من المذاهب فانه على ما اختاره المصنف مساو لما يحدث من الاجنبى و على المذهب الآخر مساو لما يحدث من اللّه تعالى هذا على تقدير الفرق بين ما يحدث من الاجنبى و امّا على القول القوى من عدم الفرق فحكم الجميع سواء فلا يصح افراد بكون المفلس على شي ء من المذاهب فافهم

قوله ان وفى

ليس مراده احتياج ما اطلق في المتن الى التقييد بالوفاء لصحة الحكم بالقسمة على تقدير عدم الوفاء ايضا بل غرضه تفصيل ما اجمله فيه و انه ان وفى فذاك او طريق القسمة واضحة و الا فعلى نسبته اموالهم فافهم

[كتاب الضمان]

قوله و كون الخصومة حينئذ مع الضامن و المضمون عنه

كذا في الفسخ و الظاهر له يدل عنه و قد وقع هذا في عبارة شرح الشرائع ايضا و يمكن ايضا توجيهه بان المراد ان الخصومة المضمون له حينئذ مع كل من الضمان و المضمون عنه و قد حلف في منازعة مع المضمون عنه و به ثبت ما ادعاه في تلك المنازعة و هذا لا يستلزم ان يلزم الخصم الآخر ايضا و هو الضامن ما ثبت له في تلك المنازعة لاختلاف المنازعة فثبوت الدعوى في احدهما لا يفيد ثبوتها في الاخرى و ربما يؤيد هذا التوجيه انه قال الخصومة مع الضامن و المضمون عنه اذ لو كان مراده ما حملناه عليه اولا و قلنا انه ينبغى تبديل المضمون عنه بالمضمون له لكان الظاهر ان يقول بين الضامن و المضمون له فلا تغفل

[كتاب الإجارة]

قوله لفساد الشرط

فساد الشرط ممنوع و كذا مخالفته للمشروع و مقتضى الاجارة فان التضمين بدون الشرط غير و اما معه فلا نسلم عدم مشروعيته و الاجارة ليست بمقتضية لعدم التضمين حتى يفسد الشرط بمنافاته لمقتضى العقد و الا لنا في جميع الشروط التى لا يقتضيه العقد و كفاك شاهدا لما ذكرنا حكمهم في العارية و عدم ضمانها الا مع الشرط فالاظهر صحة الشرط هاهنا ايضا بعموم المؤمنون عند شروطهم و اما بعد تسليم بطلان الشرط فبطلان العقد بفساد الشرط و ان اختلف فيه فقيل بصحة العقد دون الشرط لكن الظاهر القول العقد ايضا كما اختاره المصنف لان الرضا لم يقع بالعقد الا بالشرط اللهمّ الا اذا علم ان الموجود ممن يذهب اليه فساد الشرط دون العقد اذ الظاهر حينئذ ان اتيانه بالعقد مع حكمه بفساد الشرط يدلّ على الرضاء به مطلقا هذا و على القولين لو تلف عند المستاجر فلا ضمان عليه اما على القول بصحة العقد دون الشرط فظاهر و اما على القول ببطلانهما فلاصالة البراءة و امّا تقر و عندهم ان كل ما يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده و روى موسى بن بكر عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل استأجر سفينة من ملّاح فحملها طعاما و اشترط عليه ان نقص الطعام فعليه قال جائز قلت انه ربما زاد الطعام فقال يدعى الملاح انه زاد فيه شيئا قلت لا فقال هو لصاحب الطعام الزيادة و عليه النقصان اذا كان قد اشترط عليه ذلك و قد ذكر المحقق الاردبيلى ان فيها دلالة على صحة الشرط و الضمان و لا يخفى ما فيه فان الرواية في العين المستاجر عليها و عدم الضمان فيهما غير ظاهر لخلاف الاخبار فيها على ما سنفصّل القول فيه و الكلام في العين المستاجرة قد حكموا فيها قوله واحدا بعدم الضمان فيهما الا ان يقال قوله اذا كان قد اشترط عليه ذلك يدلّ بمفهوم الشرط على عدم الضمان مع عدم الاشتراط و حينئذ يصلح نظرا لما نحن فيه الا ان يحمل ذلك على تقدير اعتبار المفهوم على استحباب عدم التضمين بدون الاشتراط و اللّه يعلم

قوله هو اشتراط الخيار

و لا يخفى انه لا ضرر في اشتراط الوكيل او الوصى الخيار لنفسه و لو حمل عبارة المصنف على الاعم ينبغى ان يراد انه ليس لواحد منهما اشتراط الخيار للمستاجر و لا لنفسه بحيث يفسخ اذا اراد كما فعله الشارح اى اشتراط خيار لنفسه بتعقبه الفسخ اذا اراد و يرجع حاصله الى انه ليس له الفسخ اذا اراد الا مع الاذن او ظهور الغبطة في الفسخ هذا و اما اذا اريد انه ليس لهما اشتراط الخيار للمستاجر فلا حاجة الى تكلف في تصحيح الكلام لكن لا يخفى ان الظاهر ح محل الظهور الغبطة على ظهور الغبطة في الاشتراط بان لا يجد من مستاجره بدون الاشتراط مع اقتضاء المصلحة الاجارة او نحو ذلك و لا احتمال ظهور الغبطة في الفسخ فلا يظهر له وجه فحمل الشارح على الغبطة في الفسخ بعد ذلك فحينئذ يجوز اشتراط الخيار للمستاجر بناء على ظهور الغبطة في الفسخ و على هذا فيجرى ما حمله الشارح على كل من الاحتمالين فتأمل

قوله بقرينة الاعتبار

فانه قوله من اعتبارها يدل على ان الكلام فيما لا بد منه من الاعتبار في غيرها فاعتبر

قوله و يثبت اجرة المثل على المشهور

ثبوت اجرة المثل على التقديرين كما هو ظاهر العبارة هاهنا و فيما سيجي ء من قوله بل اللازم عدم ثبوت شي ء و ان حمل المتاع الى المكان المعين في غير الزمان بناء على ما سيشير اليه الشارح من تنزيل الاصحاب المسألة على انه جعل كلا التقديرين متعلق الاجارة

ص: 366

لكن على ان لا يكون اجرة على احد التقديرين و حينئذ فاذا بطلت الاجارة تثبت له اجرة المثل على التقديرين و اما على تقدير تنزيلها على ما ذكره المصنف و جعل متعلق الاجارة احد التقديرين فكما يتجه ما اورده المصنف من انه لا وجه للحكم بالبطلان يتجه ايضا انه على تقدير التنزّل و الحكم بالبطلان لا وجه لثبوت اجرة المثل على التقدير الاخير بل ينبغى الاقتصار على الحكم بثبوتها على التقدير الذى هو متعلق الاجارة الباطلة فتدبّر

قوله في الحاشية لان الثابت إلى آخره لا يخفى انه على تقدير بطلان الاجارة انما يثبت اجرة المثل اذا فعل ما تعلق به الاجارة الباطلة الا اذا فعل شي ء آخر لم يكن متعلق الاجارة فاذا كان متعلق الاجارة هاهنا الموافاة في اليوم المعين و لم يفعلها فلم يستحق اجرة المثل و ان وافاه في اليوم الآخر فالحمل على العلم ببطلان الاجارة لا يجرى على ما يوافق القواعد الشرعية نعم يمكن ان يقال انه عليه السلام ربما علم ان غرض المستاجر تعلق بالموافاة مطلقا و تخصيص الموافاة في اليوم المعين ايضا لمصلحة زائدة فيها فايهما وقع كان يأمره لكن الاجارة وقعت على خصوص الثانية فحينئذ ثبت عليه اجرة المثل على التقدير الآخر سواء كانت الاجارة المذكورة صحيحة او باطلة فتأمل و حينئذ فتنزيله على شرط الى آخر كان المراد انه على ما ذكرنا من ان اسقاط الاجرة على التقدير الآخر قرينة عدم جعله مورد الاجارة سقط ما حكم به الاصحاب من تنزيله على جعل التقديرين مورد الاجارة لكن يحتمل بعد ذلك ان يحمل كلامه على انه تاكيد للشرط قضية العقد و بيان ان متعلق الاجارة هو ذلك التقدير فلا يستحق الاجرة على التقدير الآخر و حينئذ تصح الاجارة و يستقيم ما ذكره المصنف و يمكن ان يحمل على مجرد بيان الاجارة وقعت على كذا و لم يقع على كذا و حينئذ يبطل العقد لتخلل امر اجنبي بين الايجاب و القبول كما لو قال بعتك هذا العبد و لم ابعك ذاك فقيل المشترى اذ لا يصح العقد بتخلل الاجنبى بين الايجاب و القبول و على هذا فلا يصح ما ذكره المصنف و يتجه ايضا فتوى الاصحاب لكن الحمل على الاول او لا غاية لأصالة الصحة فيتوجه ما ذكره المصنف

قوله ان لم نقل باقتضاء المطلق الامر الفور

و اما لو قيل به فيمكن ان يستدل على ما ذكره بالامر بالوفاء بالعقود و اعترض عليه في شرح الشرائع بعد تسليم ذلك بان الامر بالشى ء انما يقتضى ان نهى عن ضده العام و هو الامر الكلى لا الامر او الخاصة سلمنا لكن النهى عن العبادات لا يدل على الفساد عندهم و لا يخفى انه جعل بناء الدليل على تقدير القول المذكور على ان الامر بالفور يقتضى النهى عن ضدّه دون النهى يقتضى الفساد فاورد ما اورد و الاظهر في تقرير الدليل على القول المذكور ان يقال انه اذا وجب شرعا الفور بالوفاء بالعقود فالاجارة مع الاطلاق بضميمة حكم الشرع بمنزلة ما عين فيه المدة فكما لا يصح فيه الاجارة الثانية باعتبار انه تصرف في ملك الغير فلا يصح بدون اذنه فكذا هنا كما في حج و لا يخفى ان هذا التقرير و ان كان اظهر مما نخيله لكن للمناقشة فيه محال اذ حكم الشارع بوجوب الاجارة الفور لا يقتضى الاجارة اليه بل يمكن حمل الاجارة على الاطلاق كما هو ظاهره و يكون الفور واجبا على حده فلا يترتب على الاخلال به الا الاثم لا بطلان ما ينافيه و لا عدم صحة الاتيان بموجبها بعده و مجرد الحكم بذلك في الحج لا يصير حجة للحكم به مطلقا اذ لعل لهم فيه حجة اخرى اى كالاجماع فتأمل

قوله و الا فعليه من المسمى

قال سلطان العلماء و هذا على القول بعدم الارش موجه لانه بقدر ما مضى من المدة كانه استوفى المنفعة و رضى به فعليه بقدره من المسمى و اما على القول بان له لا ارش على تقدير الرضا فلا يبعد ان يقال ان عليه اجرة المثل لما مضى فتأمل انتهى و الظاهر على تقدير القول بالارش ان عليه من المسمى بنسبته ما مضى مع اسقاط الارش عنه بتلك النسبة ايضا و اما ثبوت اجرة المثل مطلقا فلا وجه له كيف و اجرة المثل بما زادت عن حصة المسمى بدون الأرش فكيف معه فالقول بالارش لا يوجب الحكم بثبوتها الا ان يوافق ما ذكرنا فلم يحتمل على تقدير الفسخ ان يكون عليه اجرة المثل مطلقا سواء قيل بالارش على تقدير عدم الفسخ ام لا لابطاله الاجارة بالفسخ فيثبت عليه اجرة المثل لما مضى فتأمل

قوله و ان كان بعد استيفاء شي ء من المنفعة

و اما بعد استيفاء كلها فلا خيار على ما ذكروه لثبوت كل المسمى حينئذ مع الفسخ فلا معنى للفسخ نعم على القبول بالارش له مطالبة الارش و اسقاطه من المسمى و اما على احتمال ثبوت اجرة المثل عليه في الكل فتأمل

قوله و ما لم يستوفيه منها لا يتحقق فيه التصرف

انما حصل التصرف في المستوفى كذا في شرح الشرائع و ظاهره ان مراده ان تصرفه انما حصل في القدر المستوفى لا في الذى لم يستوفيه فلا يسقط خيار الفسخ اذ الفسخ حقيقة انما يتعلق بما بقي و لم يتصرف فيه و ما تصرف فيه لا فسخ فيه حقيقة لان على تقدير الفسخ عليه من المسمى بقدر ما مضى كما ذكره و لا يخفى ان الظاهر ان التصرف في بعض المبيع ايضا سقط للخيار لإطلاقهم فيه القول بالسقوط خيار العيب مع التصرف و لان جواز الفسخ فيما لم يتصرف فيه مستلزم لتبعض الصّفقة فهم لا يجوّزون الزامه فلعل ما ذكره مخصوص بالاجارة عندهم و انهم جوزوا الفسخ فيه فيما لم يتصرف فيه لدليل يخصه لكن لم اقف على نص منه في ذلك

قوله بناء على ضمان ليتلف بيده

اى بفعله سواء كان بفعله او بغير فعله مع التعدى او التفريط او بدونها كما هو احد الاقوال و قوله او مع قيام البينة انما هى في صورة ما لم يكن بفعله بناء على القول بعدم ضمانه حينئذ الا مع التفريط الشامل للتعدى كما اختاره المحقق في الشرائع فانه حينئذ لا يضمن الا مع قيام البينة على تفريطه او نكوله على اليمين و استثناء قوله الا مع التهمة على الاول بالوجهين متوجّه و اما على الثانى فلا وجه لانه استثناء مستوعب اذ مع قيام البينة يتحقق التهمة البتة الا ان يمنع ذلك و يقال انه ربما لم يمكن منهما عنده و ان اقام البينة على تفريطه لكمال حسن ظنّه به بحيث لا يعارضه قول البيّنة او يحتمل على التهمة بتقصيره عمدا فيكون مفاده فيما لم يكن بفعله مع تفريطه مطلقا سواء

قوله الا مع التهمة بتفريطه

عمدا و اما الوجه الثالث و هو نكوله عن اليمين و الاستثناء المذكور عنه فمتوجه ايضا فانه اذا ادعى تلفه و لم يكن له بيّنة بوجه عليه اليمين فاذا نكل يجوز تضمينه لكن مع كراهته الا مع التهمة و كذا اذا ثبت تلفه و لكن لا يعلم عدم تفريطه يتوجه عليه اليمين على عدم تفريطه فاذا نكل يجوز تضمينه لكن مع كراهته الا مع التهمة فافهم

قوله فان انكر مع ذلك

ظاهر كلامه هاهنا و في شرح الشرائع لزوم حلف آخر على عدم للاذن غير الحلف على نفى الاجارة اذا دخل ايضا في الحلف الاول و وجهه ان نفى الاجارة لا يستلزم ثبوت اجرة المثل لاحتمال الاول في التصرّف مجانا فلا بدّ له من حلفه على نفير ايضا و يحتمل الاكتفاء باليمين على نفى الاجارة لان المتصرّف لم يدع الاجارة و قد انتفت بيمينه فيثبت اجرة المثل بالتصرف الا ان يدعى بعد ذلك الاذن في التصرف مجانا و سمع منه فحينئذ يتوجه عليه اليمين لنفيه ايضا فتأمل

قوله و ان زادت عن المسمى

ظاهره انه فرد خفى و غير خفى انه ليس كذلك بل الفرد الخفى هو ان يكون

ص: 367

اجرة المثل اقل من المسمّى بزعم الآخر و حكم بانه لا يستحق سواها فافهم

قوله و هو ينكر

و جوز بعضهم اخذ المالك اذا كذب نفسه

قوله و يفى ذلك باجمعه مجهولا

لكن للمتصرّف مقاصة ما دفعه منه فان بقي يكون مجهول المالك

قوله و لو اعترف به

اى بالاذن في التصرّف لكن لا مجانا

قوله فلا ضمان

للعين

قوله و ان كان المنكر المتصرف

هذا اذا لم يدع الاذن في التصرّف مجانا و الا فله ايضا اليمين على المالك بعدم الاذن بغير عنوان الاجارة

قوله لم يكن له

اى للمتصرّف المطالبة به ان كان دفعه و يجب على المالك دفعه فان لم يمكنه لامتناع المتصرّف منه فيبقى عنده مجهول المالك

قوله ليس للمالك قبضه

فيبقى عند المتصرف مجهول المالك الا ان يكذب نفسه فيجوز حينئذ قبضه على قول

قوله و تبطل الاجارة

فان كان قبل استيفاء المنفعة فلا اشكال و ان كان بعد استيفائها فلا يخلو اما انه استوفى من القدر الذى ادعاه الموجر او المستاجر فعلى الاول يحتمل ثبوت اجرة المثل او اقل الامرين منها و من الاجرة المسماة و الاخير اظهر و على الثانى يحتمل ايضا ثبوت اجرة المثل او اكثر الامرين منها و من الاجرة المسماة و الاخير اظهر و ان كان في اثناء المدة فيحتمل في الصورتين اجرة و في الصورة الاولى اقل الامرين منها و من الحصة و الاول فيها فتأمل

قوله لان كلا منهما مدع و منكر

لا يخفى ضعفه و قوة الدليل الاول نعم لو لم يكن بين دعوتيهما من مشترك كان يدعى اجازة عين و الآخر اجازة عين اخرى فحينئذ احتمل التخالف مع ان فيه ايضا تامّلا كما سنشير اليه فانتظر

قوله و في هلاك العين المستاجر عليه حلف الاجير

و قيل عليه البينة و هو المشهور بين الاصحاب بل ادعى عليه الاجماع كما ذكر في شرح الشرائع و يمكن الاستدلال على الاولى بما رواه الشيخ في التهذيب عن بكر بن حبيب قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام اعطيت جنية الى القصار فذهبت بزعمه قال ان اتهمته فاستحلفه و ان لم تتهمه فليس عليه شي ء و ما رواه ايضا عن بكر بن حبيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا يضمن القصار الا ما جنت يداه و ان اتهمته احلفته و يمكن الاستدلال على الثانى مضافا الى عموم البينة على المدعى بما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال في الصائغ و القصار ما سرق منهم شي ء فلم يخرج منه على امرين انه قد سرق فلكل قليل له او كثير فهو ضامن و ان فعل فليس عليه و ان لم يفعل و لم يقم البينة و زعم انه قد ذهب الذى ادعى عليه فقد ضمنه الا يكون له على قول البيّنة و عن رجل استأجر له حيرا فاقعده على متاعه فسرقه قال هو مؤتمن لعل المراد به الردّ على الرأي حيث قال فرقه و بيان ان مثل هذا ليس بسرقة لا يترتب عليه حكمها لعدم صدق الحرز بالنسبة اليه بل هو خيانته من الذى ائتمن و ما رواه في الحسن بإبراهيم عن ابا عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن رجل استكرى منه ابل و بعث معه يترتب الى ارض و زعم ان بعض ارقاق الزيت الخرق فانما الزيت ما فيه فقال انه انشاء اخذ الزيت و قال انه انخرق و لكنه لا يصدق الا ببينة عادلة و ما رواه في الصحيح عن ابى بصير و فيه اشتراك لكن الظاهر انه الراوى الثقة بقرينة رواية مسكان عنه قال سألته عن قصار رفعت اليه ثوبا فزعم انه سرق من بين متاعه قال فعليه ان يقيم البينة انه سرق من بين متاعه و ليس عليه و ان سرق متاعه فليس عليه شي ء و هذه الرواية في الفقيه ايضا و فيه في اوله عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال و في آخره و ان سرق مع متاعه بزيادة لفظ مع قوله و ان سرق متاعه اى ان علم انه سرق متاعه و كان الثوب فيه ليس عليه شي ء و اما اذا ادعى انه سرق متاعه و كان فليس عليه شي ء اى بينة و ان اجاز تحليفه ام يحمل على نفى الحلف ايضا استحبابا و على الثانى لا يدل الا على جواز التكليف بالبيّنة مع التهمة و الاول اظهر لظاهر قوله و ان سرق و لانه على الثانى لا بد من ارتكاب تكليف في قوله فليس عليه شي ء كما اشرنا اليه و ايضا لا بدّ من تخصيصه بما اذا لم يكن تهمة من وجه آخره و الا فعدم من هذه المظنة لا يوجب انتفاؤها رأسا فتدبّر و ما رواه في الصحيح عن ابن مسكان عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه قال لا يضمن الصانع و لا القصار و لا الحائك الا ان يكونوا متهمين فيخوف بالنسبة و يستخلف لعله يستخرج منه شيئا في رجل استأجر مما لا انكر الذى يحمل او يهريقه يقال على نحو من العامل ان كان مامونا فليس عليه شي ء و ان كان عزما مامون فهو ضامن من قوله عليه السلام فيخوف بالبيّنة و يستحلف لعل البيّنة لاثبات التلف و الحلف على عدم التقصير او الاستحلاف يدل على البيّنة على تقدير رضى المالك به او البينة في صورة دعوى التلف و الاستحلاف في صورة النقص و العيب على عدم كونه بفعله او بتفريطه و على الوجوه فيختص الحكم بما اذا لم يكن مامونا و هذه الرواية في الفقيه في الصحيح عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في جمال يحمل معه الزيت فيقول قد ذهبا و اهرق او قطع عليه الطريق فان جاء عليه بيّنة عادلة ان قطع عليه او ذهب فليس عليه و الا ضمن و قال عليه السلام و الغسال و الصّواغ ما سرق منهم من شي ء فلم يخرج ببينة على امر بين انه قد سرق و كل قليل له او كثير فان فعل فليس عليه شي ء و ان لم يقم بينة و زعم انه قد ذهب الذى ادعى عليه فقد ضمنه ان لم يكن له على قول بينة و روى عن رجل جمّال اكترى منه ابل و بعث منه بزيت الى ارض فزعم ان بعض زقاق الزيت انخرق و اهراق الزيت قال انه ان شاء اخذ الزيت و قال انخرق و يمكن لا يصدق الا

ببينة عادلة و لا يذهب عليك ان الروايتين الاولين مع عدم صحة السند و لا تصلح لمعارضة هذه الرّوايات و حكم المحقق في الشرائع باشهرية روايته ايضا غير ظ فالاقوى ثبوت البينة على الاجير فان لم يكن له بينة ضمن الا ان يدعى علم المستاجر بالتلف فله احلافه على عدم علمه و يمكن حمل الروايتين على تجويز احلافه اذا رضى بذلك و ان جاز له ان يرضى و يطلب البينة مع انه يمكن حمل الاخير على حدوث النقص و العيب لا التلف فيكون احلافه على عدم تفريطه لكن يبقى التعارض بين هذه الروايات باعتبار اطلاق بعضها في لزوم البينة و دلالة بعضها على اختصاص طلب البينة بل الحلف ايضا بما اذا لم يكن مامونا و يمكن الجمع بحمل المجمل على المفصل او حمل المفصّل على افضلية اسقاط البيّنة و الحلف اذا كان مامونا و اما ما استدل به الشارح من الدليلين و فيه تامّل لا الاول فلانه ان كان المراد بالامين انه اعتمد عليه و وقع اليه شي ء و لم يأخذه تعديا و قهرا كالعاهب يكون الاجير امينا مسلم لكن لا نم كليته قبول قول الامين اذا لم يظهر دليل على ذلك و ان اريد بالامين ان المال عنده امانة شرعا و حكمه حكم الوديعة فلا نم كون الاجير امينا بهذا المعنى لعدم ورود نص عليه و لو سلم فقبول قول الودعى الص بيمينه فحمل كلامه للخلاف بل المسلم ان الودعى اذا تلف عنده الوديعة تعتبر بعدد تفريط لا يجوز تضمينه و تغريمه و هو لا يفيد فيما نحن فيه اذ الكلام ليس في تضمينه بعد الثبوت بل في عدم حاجته الى الاثبات بالبينة و قبول قوله باليمين و بالجملة فما تكرر في كلامهم قبول قول اليمين باليمين مما لا يظهرها معناه و لم اقف على دليل صالح عليه و لم احلفه

ص: 368

في الروايات على ما يتعلق به سوى حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و صحيحه قال ليس على مستعير عارية ضمان و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن و رواية غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام انى بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه فقال انما هو امين و الحق و لا يخفى ان الرواية الاولى ليس فيها الحكم المؤتمن اصلا و ظاهر الرواية الثانية بقرينة اول الخبر نفى الضمان عنه لا قبول قوله و اما الرواية الثانية فمع ضعف سندها انما وردت في حمامى وضعت عنده الثياب و الظاهر انه بالنسبة اليها و دعى و مع ذلك فليس فيها الا نفى الضمان عنه لا قبول قوله باليمين فالحكم بقبول قول الامين مطلقا مستندا الى هذه الروايات في غاية الضعف بل غاية ما تدل عليها ففى الظاهر ان في كل ما ثبت شرعا انه مؤتمن او امين لعدم ظهور معناهما نعم امكن القول بقبول قوله في خصوص الودعى باعتبار ما ذكروه من انه محسن محض و انه لو لم يقبل قوله لأرى الى عدم قبول احد الا مانته لعدم نفع فيه مع او انه الى الضرر و فيه من الضرر و الحرج ما لا يخفى و ظاهر ان هذا الوجه لا يجرى في المستاجر و نحوه لاستيجاره لانتفاع نفسه فتأمل و اما الدليل ففيه ان عدم قبول قوله لا يستلزم تخليده في الحبس لجواز الزامه بالبدل اما ابتداء او بعد مؤاخذته و مطالبته بالعين و ان ادت الى الحبس للاستظهار الى ان يحصل الباس من العين فياخذ بالبدل و لا بد من التمسّك بذلك في صورة دعوى الرد و الا لزوم ما ذكره من التخليد فيه ايضا لامكان صدقه في الرد اذا جاز ذلك فيه فينجر هاهنا ايضا و القول بانه في صورة دعوى الردّ انما يؤاخذ لعدم اشهاده عليه مع امكانه بخلاف التلف اذ ربما لم يكن الاشهاد عليه ففيه انه في صورة الرد ايضا ربما لم يمكنه الاشهاد و لو سلم فغاية الفرق بين الصورتين بالتقصير و عدمه و هو لا يقدح فيما ذكرنا اذ الغرض انه ان كان التخليد في الحبس غير مجوز فكيف تجوز في صورة دعوى الردّ و ان جاز ذلك في صورة الرد او دفع لزومه بالرّجوع الى البدل على احد الوجهين فلو لم يجز هاهنا ايضا او لم يدفع هاهنا ايضا بذلك و لا يجدى الفرق بالتقصير و عدمه اذ المجوز للمطالبة في الصّورتين هو كونه مدعيا مع عدم البينة هى وظيفته و هو قائم في الصّورتين و لا دليل على اعتبار ظهور التقصير و جواز المطالبة معه لا بدونه فافهم هذا ما يتعلق بقبول قوله في دعوى التلف و اما ثبوته بالبينة او اليمين على الرائين او اعتراف المالك بدون منازعة فان كان بفعل الاجير او بتعديه او تفريط فهو ضامن اتفاقا على ما نقله جماعة من الاصحاب و كذا القول فيما اذا نقص او عاب في يده بفعله او تفريطه قال العلامة في عد و يضمن الصانع ما يجنيه كالقصار بخرق الثوب و الحمال يسقط حمله على رأسه او يتلف بعثرته و الجمال يضمن ما تلف بقوده و سوقه و انقطاع حبله الذى يشد به حمله و الملاح يضمن ما يتلف من يده او جدفه او ما يعالج به السفينة و قال المحقق في شرحه للنصّ و الاجماع في ذلك كله سواء قصر ام لا لان اتلاف مال الغير بغير حق و لا اذن لا يسقط وجوب ضمانه عدم التقصير في حقه و مثله قال في شرح الشرائع ايضا ما سننقله و لا يخفى ان دعوى الضمان بمجرد كون الاتلاف من غير اذن مع كون التصرّف باذن المالك بل بامره و عدم تعد فيه و لا تفريط مشكل جدا سيّما مع حذاقته فالتعويل على الاجماع و اطلاق الروايات كصحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطى الثوب ليصيغه فيفسده فقال كل عامل اعطيته اجرا على ان يصلح فيفسد فهو ضامن و حسنته ايضا بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن القصار يفسده قال اجر يعطى الاجر على ان يصلح فيفسد فهو ضامن و رواية ابى الصباح عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته ارفعه الى القصار فيخرقه قال اعرفه فانك انما دفعته اليه ليصلحه و لم تدفع اليه ليفسده و رواية اسماعيل بن الصباح قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن القصار يسلم اليه المتاع فخرقه او غرقه ا يغرمه قال نعم غرمه ما جنت

يداه فانك انما أعطيته ليصلح لم يعط ليفسد و اسماعيل بن الصباح غير مذكور في كتب الرجال و لا يبعدان يكون سهوا و ان توافق الفقيه و التهذيب و يكون الصّواب اسماعيل عن ابى الصباح كما في الرواية الاولى التقارب الروايتين مع ان الراوى فيهما على بن الحكم عن اسماعيل و اللّه يعلم ولى الفقيه بعد هذه الرواية و قال ابى عليه السلام كل من يدعى الاجر ليصلح فيفسد فهو ضامن أ لا يضمن القصار و الصواغ ما افسده و كان على بن الحلبى ينفصل عليهم و رواية ابى الصّباح قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن القصار هل عليه ضمان فقال نعم كل من يدعى الاجر ليصلح فيفسد فهو ضامن و رواية السكونى عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام دفع اليه رجل استأجر رجله ليصلح بابا فضرب المسمار فانصدع الباب فضمنه امير المؤمنين عليه السلام و رواية عمرو بن خالد عن زيد بن على عن آبائه عليه السلام انه اتى بحمال كانت عليه قارورة فيها دهن فكسرها فضمنها اياه و كان يقول كل عامل مشترك اذا فسد فهو ضامن عن سالبة عن المشترك فقال الذى يعمل لى ذلك و لذا و انت خبير بان المعروف بين الاصحاب انه لا فرق في الحكم بين العامل المشترك و غيره كما نقلنا عن شرح الشرائع فالتخصيص بالمشترك في هذه الرواية كانه محمول على التقية لموافقته لمذهب جماعة من العامة حيث من قوا بين المشترك و غيره و حكموا بالضمان في المشترك دون المنفرد و يمكن ان يقال ان الظاهر من العامل المشترك هاهنا على ما فسره هو من كان عمله و شغله ذلك كالجمال و المكارى و الملاح فتارة يعمل لى و تارة لك و تارة لذا و كل منهم عامل مشترك و ان اجر نفسه يده معلومة لمباشرة عمل معلوم بنفسه بحيث لا يمكن ان يعمل لغيره فيها و على هذا فالعامل المشترك بهذا المعنى اعم من الاجير المشترك باصطلاح الاصحاب و هو الذى يستأجر لعمل مجرد عن المباشرة او عن المدة او عنهما على ما سبق تفسيره في الشّرح فتخصيص الحكم هاهنا بالعامل المشترك بهذا المعنى لا ينافى ما هو المعروف بينهم من التعميم في المشترك او المنفرد على اصطلاحهم لكن تخصيص الحكم بالعامل المشترك بهذا المعنى ايضا بمجرد هذه الرواية مع ضعف سندها لا يخلو عن اشكال لعموم الروايات المعتبرة في كل عامل يعطى الاجر او كل اجر كذلك الا ان يقال ان الحكم بالضمان مع اذن المالك على خلاف الاصل سيّما مع حذاقته فلا يبعد التخصيص بمجرد هذه الرّواية اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع اليقين و حمل العموم تلك الروايات على من كان شغله و عمله ذلك كما هو الشائع و اما من لم يكن عاملا مشتركا و لم يعط الاجر فالحكم بضمانه مع اذن المالك و عدم تفريطه كانه لا وجه له سيّما مع حذاقته و اللّه تعالى يعلم ثمّ لا يبعد ان يقال ان الظاهر من الافساد الذى يظهر من هذه الرّوايات كونه موجبا للضمان هو ان يصدر عند خطاء يوجب الفساد فالقول بالضمان فيما لم يصدر عنه خطاء اصلا و انما صار فعله سببا لفساده باعتبار تهيّؤه و استعداده لذلك كما اذا دق القصار الثوب فانخرق او عصره فانفرز و كان دقه

ص: 369

دق مثله و عصره عصر مثله كما يظهر من اطلاق كلامهم و صرح به الشيخ في المبسوط لا يخلو عن اشكال و شمول الانفاق ايضا لذلك غير ظاهر قال في التحرير في الختان و لو لم يتجاوز محل القطع مع حذفهم في الصفة فانفق التلف فانهم لا يضمنون و قال في المبسوط اذا استأجر من يخبز له في تنور او فرن فخبز له و احترق الخبز او شي ء منه فانه ينظر فان كان خبزه في حال لا يخبز في مثله لاستيقاد النار و شدة التلهّب ضمن لانه مفرط و ان كان خبزه في حال يخبز مثله فيه ينظر فان كان في يد صاحب الخبز فلا ضمان على الاجير بلا خلاف و ان لم يكن في يده فلا يضمن عندنا الا بتفريط و منهم من قال يضمن و ان لم يفرط و لا يخفى ان الظاهر من كلامهما اطلاق الحكم بعدم الضمان بلا تفريط و ان كان التلف مستندا الى فعلهما الا ان يقال في المثالين المذكورين لا يمكن ان يصير الفعل سببا للتلف الا مع تفريط و خطأ فالتلف بدونهما لم يكن بفعلهما فيكون مستندا الى امر اتفق و من خارج حينئذ فلا ضمان على ان الظاهر انه لا يحكم هاهنا بالضمان هاهنا الا مع العلم لسببه الفعل للتلف و ظاهر انه لا يمكن العلم بذلك في المثالين لا مع ظهور تفريطه او خطأ و انما يمكن سببه الفعل بدون الخطاء و التفريط للتلف و العلم به في مثل مثال القصار الذى ذكرنا و قد صرح الشيخ فيه بالضمان كما اشرنا اليه و قال المحقق الثانى في شرح عد بعد نقل كلام التحرير و هذا صحيح ان لم يكن التلف مستندا بفعلهم انتهى و بالجملة فلو لم يثبت عموم الاجماع فالظاهر تخصيص الحكم بالضمان بما اذا وقع منه خطأ ان لم يفرط فيه بل اتفق ذلك كما اذ اعثر الحال فتلف او عاب و نقص و اللّه يعلم و اعلم انه لا فرق في ضمان الاجير و الصّانع ما حدث بفعله بين ان يكون المال في يد مالكه و ملكه و لا ان يكون عمله في الصورة الاخيرة بين يدعى مالكه و حضوره ام في غيبته لعموم الاخبار و نقل عن جمع من العامة انهم ذهبوا الى ان ضمانه انما هو اذا نقله الى ملكه و لم يكن عمله بين يدى مالكه و حضوره و ظاهر كلام الشيخ في المبسوط ايضا ذلك لكن لم يتعرض الاصحاب لنقله منه نعم في صورة التلف لا بفعله يعتبر في ضمانه بالتفريط نقله الى ملكه و لا يبعدان يعتبر ايضا ان لا يكون بحضور المالك و ربما امكن حمل كلام الشيخ ايضا عليه فتأمل و اعلم ايضا ان جمعا من الاصحاب منهم العلامة رحمه الله في جملة الصناع الذين حكموا بضمانهم ما حدث بفعلهم او تفريطهم الطبيب و البيطار و الختان و الحجام و ان كان حذاقا و احتاطوا و اجتهدوا و لا يبعد المحقق رحمه الله في النكت و المصنف في شرح الارشاد ادعوا اتفاق الاصحاب على ان الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه مع ان ابن ادريس امكن ضمان الطبيب مع علمه و اجتهاده فلعل من ادعى الاجماع ظهر عنده وقوعه مخالفته و على هذا فلو ثبت الاجماع على الحكم مطلقا فهو الحجة و قد روى السكونى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام من يطيب او ينظر فليأخذ البراءة من وليّه و الا فهو ضامن لكنه لضعفه لا يصلح حجة و سيجي ء تمام الكلام فيه في الدّيات ان شاء الله و ذكر بعض المحققين انه يكفى في ضمان الطبيب العلم بترتب التلف على سقى الدّواء التى امر بها و ان لم يباشر السقى بيده لا مجرد وصفه ان الشي ء الفلان نافع لمرض كذا و المرض هذا و احتمل الضمان في الثانى ايضا اذ يقال في العرف انه تلف بدوائه و المتعارف من عمله ذلك لا الالزام و السّعى بل تعيين المرض و وصف دواء نافع له و انت تعلم انه على هذا يحتمل الضمان في الاول ايضا مع تعيين المرض انه مرض كذا لكن لما كان الظاهر ان الحكم بالضمان مع الاذن في معالجته بل الامر بها و حذاقته و احتياطه خلاف الاصل فينبغى الاقتصار فيه على موضع اليقين و هو المباشرة او الامر و ربما استشكل في الطبيب بانه قد يجب عليه و كذا الختان فان التضمين مع الايجاب بعيد و ايضا فلا اجرة له حينئذ اذ لا يصح الاجرة عندهم على فعل الواجب و ان كان كفائيا على ما صرح به المحقق الثانى و شرح

عد و لا يخفى جريان هذا الاشكال في كثير من الامور التى الظاهر وجوبها كفاية فالظاهر ان مثل هذا الوجوب لا ينافى التضمين و لا الاجراء الا فيما نص عليه و يؤيده ما حكموا من جواز الاستيجار للجهاد مع عدم اليقين على الموجر و المستاجر لشموله ما اذا وجب كفاية و تخصيصه بما اذا قام به من فيه كفاية بظنهما اذ كان الموجر ممن لا يجب عليه اصلا بعيد و اللّه تعالى يعلم ثمّ اعلم ان الظاهر من ضمان الحجام ضمانه بما حدث بفعله باعتبار خطائه في كيفية الحجامة و كونها مضمرة له و انما ضمانها حينئذ على الطبيب لو امره بها و الا فلا ضمان فتأمل ثمّ اعلم ان ما ذكرنا من ضمان الاجير ما حدث بفعله في المستاجر عليه بتعد او تفريط لا ريب في شموله لكل اجير كما في غيره و اما ما حدث بفعله بدونهما فلا ريب فيه ايضا اذا كان صانعا مثل الصّواغ و الصّاغ و القصار و التجار و امثالهم و اما في المكارى و الملاح ففيه اشتباه و قد صرح ابن ادريس في السرائر لشمول الحكم لهما ايضا و ادعى الاجماع فيه كما سننقله و قال العلّامة في الارشاد و يضمن الصّانع كالقصار بحرق الثوب او بخرقه و الطبيب و الختان و الحجام و ان حاذقا و احتاط و اجتهد و لو تلف في يده من غير سبب فلا ضمان و لا يضمن الملاح و المكارى الا بالتفريط و ظاهره الفرق بين الملاح و المكارى و الصناع في انهما لا يضمنان بدون التفريط و ان كان بفعلهما بخلافهم فانهم يضمنون ما حدث بفعلهم مطلقا و مثله ما سننقله عن المفيد ايضا و التحقيق انه ان ثبت الاجماع في الكل على ما ادعاه ابن ادريس فلا كلام و ان لم يثبت فان استند في الحكم بما نقلنا عن محقق الثانى و الشارح من اتلافهم مال الغير يوجب الضمان مطلقا و ان لم يكن بتفريط فيجب ايضا تعميم الحكم و ان لم يسلم ذلك اذا كان الفعل باذن المالك بدون تعد او تفريط و لم يستند اليه بل الى الروايات فيحتمل الحكم بالتعميم لعموم صحيح الحلبى و حسنته و بعض الروايات الاخرى ايضا نظرا الى ان كل عمل اعطى الاجرة عليه فالمقصود انه اصلاح في الجملة و يؤيده رواية زيد بن على عليه السلام و الحكم فيه بضمان الكمال لا فساده مع انه مثل المكارى في الاعتبار و يحتمل تخصيص الحكم بالصناع نظرا الى ان الظاهر من اعطاء الاجر لاصلاح شي ء و هو ما يختص بالصناع لا مثل المكارى و الملاح و رواية زيد لضعف سندها لا يصلح حجة و على هذا فان قلنا بالفرق فيحتمل كلام العلامة و اضرابه عليه و ان لم نقل فيه فيمكن حمل كلامهم على ان غرضهم من تفصيل المكارى و الملاح الاشارة الى انهما باعتبار اجارة الدابة و السفينة لا يضمنان لكل ما تلف باعتبارهما و ان لم يكن بفعلهما و لا تعد او تفريط منهما كما يدل عليه اطلاق رواية الحسن بن صالح المتقدمة بل انما يضمنان بهذا الاعتبار لما كان بسبب تفريط منهما في آلات الحمل و السّفينة اما اذا غرقت السفينة بسبب الريح من غير تفريط منه او عزمت الدابة فتلف ما حمله من غير ان يكون صارا بهما مباشرا للحمل و الدفع و القود و السوق فلا ضمان عليه و هذا لا ينافى ان المكارى و الملاح ايضا اذا استوجر المباشرة ملك الاعمال فما تلف في ايديهما بفعلهما كانا ضامنين و كسائر العمال و ان لم يظهر منه تفريط او تعد فيه و قال المحقق في الشرائع اذا فسد الصّانع ضمن و لو كان حاذقا كالقصار يخرق او يحترق او الحمام يحنى في حجامته او الختان يختن فيسيق موساه

ص: 370

الى الحشفة او يتجاوز حد الختان و كذا البيطار مثل ان يحيف على الحافر او يفصد فيقتل او يجني بما يضر الدابة و لو احتاط و اجتهدا ما لو تلف في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط و لا تعد لم يضمن على الاصح و قال الشارح في شرحه اما الضمان فيما تلف بيده فهو موضع وفاق و لا فرق في ذلك بين الحاذق و غيره و لا بين المختص و المشترك و لا بين المفرط و غيره لان ضمان مال الغير بالاتلاف من غير اذن يعطى الضمان و لا يدفعه عدم التفريط و اما عدم الضمان لو تلف من غير تفريط بغير فعله فقيل انه كان و ادعى عليه المرتضى الاجماع و ما اختاره المصنف اقوى لأصالة البراءة و لانهم امناء فلا يضمنون بدون التفريط و في كثير من الاخبار دلالة عليه و الاجماع ممنوع انتهى قوله و لان ضمان مال الغير كما ترى و الظاهر بدله و لان اتلاف مال الغير من غير اذن الى آخره و قوله فقيل انه كذلك اى يضمن ايضا كما في الشق السّابق و العبارة لا يخلو عن حر و الاولى حذف قوله عدم الضمان بالنسبة الى المرتضى سنتكلم عليه انشاء اللّه تعالى ثمّ قال المحقق و كذا الملاح و المكارى لا يضمنان الا ما يتلف عن تفريط على الاشهر و قال الشارح هذا هو الاقوى لما تقدم و لعدم دخولهما في اسم المصانع الذى وقع عليه الاجماع و الشيخ استند في ضمانهما الى رواية ضعيفة السند و لا يخفى انه ان حمل كلام المتن في المكارى و الملاح على ان حكمهما حكم الصناع لا يضمنان ما تلفت لا بفعلهما الا مع التعدى او التفريط كما يرشد اليه نسبة الخلاف الى الشيخ فقط اشارة الى ما ذكره في يه حيث قال و اذا استقل البعير و الدابة بحملهما فصاحبهما ضامن لما عليهما من المتاع و الظاهر انه استند فيه الى رواية الحسن بن صالح كما اشار اليه الشارح و صرح به العلامة في المختلف فترجيحه لعدم الضمان بما تقدم من اصالة البراءة و انهم امناء متوجه لكن قوله و لعدم دخولهما في اسم الصانع الذى وقع عليه الاجماع مما لا يرتبط به فان الاجماع وقع على ضمان ما كان يفعله و هما على هذا التوجيه مشتركان معه في ذلك و انما الغرض انه انهما لا يضمنان ايضا ما لم يكن بفعلهما الا بالتفريط كسائر الصناع فعدم دخولهما في الصانع الذى وقع عليه الاجماع لا نفع له في غرضه بل يضره على ان الاجماع كما سننقله عن ابن ادريس في المكارى و الملاح ايضا و حمله على ان الاجماع الذى ادعاه المرتضى انما هو في الصّانع و هما غير داخلين فيه فلا يتوجه اطلاق الحكم بضمانهما مستندا اليه بعيد عن العبارة كما لا يخفى و ان حمل كلام المتن على الفرق بينهما و بين الصانع فانهما لا يضمنان ما كان بفعلهما ايضا بدون التفريط بخلاف الصانع كما ذكرنا ظاهر عبارة الارشاد فحينئذ عدم دخولهما في الصانع الذى وقع عليه الاجماع لو صح مما ينفعه لكن لا يستقيم حكمه بكونه اقوى لما تقدم لان ما تقدم من اصالة البراءة و كونهم امناء و الامكنة به التمسّك هاهنا ايضا لكن ما تقدم منه من ان اتلاف مال الغير من غير اذن يقتضى الضمان و لا يدفعه عدم التفريط يجرى فيهما ايضا فيجب الحكم بضمان ما تلف بفعلهما ايضا مط على ان كون ما اختاره المصنف حينئذ اشهر غير ظاهر بل لا يعلم القول به صريحا و ان كان ظاهر بعض عباراتهم كما اشرنا اليه و لو سلم فلا يلائم نسبة الخلاف الى الشيخ فقط استنادا الى رواية ضعيفة و كيفما كان فقول النهاية و الرواية المذكور لا يشمل الملاح اختصاصها بصاحب البعير و الدابة فلا وجه لنسبة القول بضمانه ايضا الى الشيخ مستندا الى الرّواية اللهمّ الا ان يكون اشارة الى قول آخر من الشيخ لم اقف عليه ثمّ ان الشيخ في يه قال قيل ما نقلنا عنه و كل من اعطى غيره شيئا ليصلحه فافسده و تعدى فيه كان ضامنا له و ذلك مثل الصانع يعطى شيئا ليصلحه فيفسده او النجار يعطى بابا او غيره ليصلحه فيفسده او القصار يعطى ثوبا ليغسله فيخرقه او يحرقه و ما اشبه هؤلاء من الصناع فانه يلزمهم ما افسده هذا اذ لا فساد بشي ء من جهتهم او تفريط منهم و ما اشبه ذلك فان هلك من غير ذلك و الملاح ضامن لما يحمله اذا غرق بتفريط من جهته فاذا غرقت السفينة بالريح او غير ذلك من غير تفريط

منه لم يكن عليه شي ء او المكارى مثل الملاح يضمن ما يفرط فيه و ما لا يفرط فيه لم يكن عليه شي ء في هلاكه انتهى و لا يخفى ان ظاهره ايضا عدم ضمان المكارى و الملّاح الا بالتفريط فينافى ما ذكره آخره لو بل ظاهره عدم ضمان الصناع ايضا الا بالتعدى او التفريط و هو ينافى ما ادعوا عليه الاجماع من ضمانهم ما حدث بفعلهم مطلقا الا ان يحمل التعدى في كلامهم على مطلق الفساد فيندفع الثانى و اما الاول فيمكن دفعه اما بتخصيص المكارى فيه بغير صاحب البعير و الدابة اى الفرس بقرينة ما بعده او بان ما ذكره ثانيا رجوع عن الاول او بان غرضه منه نقل مضمون الرواية و ان كان فتواه على الاول و كانهم يفعلون ذلك كثيرا و اللّه تعالى يعلم هذا كله اذا علم كون التلف او النقص بفعله او تعد منه او تفريط و لو تنازعا في انه يفعله او في تعديه او تفريط فالظاهر ان القول قول الاخير بيمينه و انه منكر و ربما قيل بوجوب البيّنة عليه على انه ليس بفعله و لا تبعد منه او تفريط كما يظهر من تضاعيف ما نتلو عليك في الشّق الثانى فانتظر و ان تلف او عابت في يده و لكن لا يفعله و لا تبعد منه او تفريط فظاهر الاكثر انه لا ضمان عليه و نقلوا عن بعضهم القول بضمان كل ما تلف او نقص في يده مطلقا و ان لم يكن بفعله و لا تبعد او تفريط منه و نقل في شرح الشرائع عن السّيد المرتضى انه ادعى عليه الاجماع و عبارته على ما نقل في المختلف هكذا مما انفردت به الامامية القول بان الصناع كالقصار و الخياط و من اشبههما ضامنون للمتاع الذى يسلم اليهم الا ان يظهرها هلاكه و يشتهر مما لا يمكن دفعه او تقوم بينة بذلك ايضا و هم ايضا ضامنون لما جنته ايديهم على المتاع تبعد و غير تعد سواء كان الصانع مشتركا او غير مشترك انتهى قوله مما لا يمكن دفعه اى اشتهارا لا يمكن انكاره او هلاكه بما لا يمكن به دفعه و الّا فيضمن بتفريطه في عدم دفعه فعلى الاول يجب ان يعيد حكمه بعدم الضمان مع الاشتهار او البينة بما لم يكن بتفريط منه و على الثانى و حينئذ كلامه اشارة الى التقييد و على الوجهين فلا يدل كلامه الا على الضمان مع عدم الاثبات اى ان عليه الشارح على التلف اما مطلقا او بدون التفريط ليدفع عنه الضمان و لا يكفى اليمين كما هو المشهور بين الاصحاب كما اشرنا اليه سابقا لا انه ضامن لكل ما تلف في يده و ان لم يكن بفعله و لا بتفريط منه كما فهم الشارح و عبارة السرائر ايضا في هذا المقام لا يخلو عن تشويش و هى هكذا و اختلف اصحابنا في تضمين الصّانع و الملاحين و المكارى بتخفيف الياء فقال بعضهم هم ضامنون لجميع الأمتعة و عليهم البيّنة الا ان يظهر هلاكه و يشتهر مما لا يمكن رفاعه مثل الحريق العام و الغرق و النهب كذلك و ما تجنيه ايديهم على السلع فلا خلاف بين اصحابنا انهم ضامنون له و قال الغريق الاخيرين من اصحابنا و هم الاكثرون المحصلون ان الصناع لا يضمنون الا ما جنته ايديهم على الامتعة او فرطوا في حفاظه و كذلك الملاحون و المكارون و الرعاة و هو الاظهر من المذهب و العمل عليه لانهم امناء

ص: 371

سواء كان الصانع منفردا او مشتركا انتهى قال الظاهر من كلامه ان الغريق الاول قالوا بتضمين ما تلف في ايديهم مطلقا و ان لم يكن بفعله و لا تفريط منه لكن ما نقله منهم لا يدل الا على تضمينهم مع عدم البينة الا ان يظهر هلاكه و يشتهر بما لا يمكن رفاعه باحد المعنيين الذين ذكرنا في كلام المرتضى رض فتأمل و العلامة في المختلف نقل او لا عن المفيد انه قال القصار و الخياط و الصّباغ و اشباههم من الصّباغ ضامنون لما جنته ايديهم على السلع و يضمنون ما يسلموه من المتاع الا ان يظهر هلاكه و يشتهر بما لا يمكن رفاعه او يقوم لهم بينة بذلك و الملاح و المكارى و الحمل ضامنون للامتعة الا ان يقوم لهم بينة بان الذى هلك بغير تفريط منهم و لا تعد فيه ثمّ نقل عبارة المرتضى ثمّ نقل عن الشيخ في الخلاف و في المبسوط و ية انه قال لا ضمان عليهم الا فيما يهلك بما افسده او يكون بشي ء من جهتهم او بتفريط منهم و ما اشبه ذلك فان هلك من غير ذلك لم يمكن عليه شي ء من ذلك و به قال ابو الصّلاح و سلار ثمّ نقل كلام ابن ادريس ثمّ قال و للوجه اختيار الشيخ انتهى و انت خبير بان كلام المفيد و المرتضى و ابن ادريس موافق لما نقله من الشيخ من عدم ضمانهم الا لما افسدوه او يكون هلاكه لشى ء من جهتهم و لا مخالف فيه سوى ما نقله ابن ادريس عن الفريق الاول على ما فهمه فنقل هذه الاقوال جميعا و اختيار ما ذكره الشيخ من بينها كما ترى و ان كان غرضه ليس على الاجير البينة كما ذكره المفيد و المرتضى بل يكفيه اليمين ففيه ان الشيخ لم يتعرض لحديث البينة اصلا لا نفيا و لا اثباتا فباختيار ما ذكره الشيخ لا يظهر ما قصده ثمّ قال في المختلف لنا الاصل براءة الذمة و عدم الضمان فان ايديهم ليست عادته و هم امناء فلا يتعلق بهم ضمان الا مع تعد او تفريط كالمستودع و غيره و ما رواية معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الصباغ و القصار فقال ليس يضمنان و لا يخفى انه مدعاه عدم الضمان فيما لم يكن بفعله و ما بتفريط فما ذكره من التمسّك بالاصل متجه فان الاصل عدم الضمان و براءة الذّمة ما لم يثبت خلافه بدليل و اما اذا كان المدعى عدم الحاجة الى البينة لاثبات التلف و كفاية اليمين و دفع الضمان بها و قد ظهر لك بما حققنا سابقا ضعفه فتذكر و اما الاستدلال بالصّحيحة باعتبار اطلاق الحكم فيهما بعدم الضمان فانّما يتجه ايضا على التقدير الاولى فان الظاهر من عدم الضّمان هو عدم ثبوت الغرامة عليه بالتلف او النقص و العيب لا انه ليس عليه اثبات التلف و قبول قوله باليمين لكن هذه الرواية معارضة بما يدل ايضا على اطلاق الحكم بالضمان كما سنشير اليه و الى وجه الجمع بينهما ثمّ استدل بروايتى بكر بن حبيب التى نقلناهما اول البحث و وجه الاستدلال بهما على التقدير الثانى ظاهر و اما على التقدير الاول فوجه الاستدلال بالرواية الثانية ظاهر ايضا لقوله عليه السلام فيما لا يضمن القصار الا ما جنت يداه و اما بالرواية الاولى فلا فانها لا تدل الا على كفاية الحلف مع التهمة و عدم ثبوتها مع عدمها و ليس فيها دلالة على عدم الضمان فما تلف لا بفعله و تفريطه الا ان يقال ان اقتصاره عليه السلام على الحلف مع التهمة من غير الحكم عليه نعم بتغريم البدل بعدها و كذا حكمه عليه السلام بانه ان لم يتهمه فلا شي ء الشامل للحلف و غرامة البدل يدل على اطلاق الحكم بعدم الضمان و تغريم البدل فيحكم ما لم يثبت خلافه و لم يثبت ذلك فيما لم يكن بفعله و لا بتفريط ثمّ قال احتج المرتضى باجماع الفرقة و ان من خالفنا في هذه المسألة على ما هذه اقوالهم يرجعون فيها الى ما يقتضى الظن من قياس او خبر واحد و نحن نرجع الى ما يقتضى العلم فقولنا اولى و مما يمكن ان يعارضونه ما يروونه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله من قوله على اليد ما اخذت حتى تؤديه و هذا يقتضى ضمان الصناع على كل حال و اذا خصصوا احتاجوا الى دليل ما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصّادق عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام الاجير المشارك هو ضامن الا من سبع او غرق او حرق او لصّ مكابر و في الحسن عن

الحلبى عن الصّادق عليه السلام قال في رجل حمل مع رجل في سفينة طعاما فنقص قال هو ضامن قلت انه ربما زاد قال تعلم انه زاد فيه شيئا قلت لا قال هو لك و في الصحيح عن ابى بصير قال سألته عن قصار و قد نقلنا تمام الرواية اول البحث و لا يخفى ان معارضة بالحديث النبوي و كذا الحسنة الحلبى سواء حمل كلامه على ما ذكرنا من ان عليه اثبات التلف بالبيّنة او على ما ذكره الشارح من ضمان كل ما تلف في يده فان لم يكن بفعله و لا بتفريط منه فان الاستدلال بهما باعتبار ما يظهر منهما باطلاق ضمانه فيصح الاستدلال على الوجهين و اما المعارضة بحديث ابى بصير فانما ينطبق على ما ذكرنا لا على ما نقله الشارح كما لا يخفى و اما الاستدلال برواية مسمع فانما يتجه على ما نقله الشارح لو قال بالضمان مطلقا فيما سوى السبع و الغرق و الحرق و اللص المكابر و اما لو قال بالضمان مطلقا من غير استثناء كما نقله الشارح فلا ينطبق الحديث المذكور على مذهبه و اما على ما ذكرنا فلعلّ احتجاجه باعتبار اطلاق الحكم فيه بالضمان فيما سوى المذكورات و اما استثناء هذه المذكورات فلعله حمله على ما اذا اشتهر التلف بهذه اشتهارا لا يمكن دفعه كما ذكره فيما نقلنا من كلامه ثمّ ان الحكم في هذه الرواية ايضا مختص بالاجير المشارك هاهنا كما ذكرنا هناك اعم من المشترك باصطلاح الاصحاب فلا ما هو المعروف بينهم و صرح به السّيد من عموم الحكم للمنفرد و المشترك كما نقلنا ثمّ التخصيص بالمشارك بالمعنى الاعم اما باعتبار ان المراد بالضمان الضمان اذا لم يقم البينة كما حملنا عليه احتجاج السيّد فيمكن ان يكفى من غير المشارك اليمين او الضمان بمجرد احتمال التفريط كما هو محتمل كلام السّيد ايضا فيمكن ان يعتبر في ضمان غير المشارك او ضمان ما تلف في يده مطلقا و ان لم بتعد او تفريط كما حملوا عليه كلام السّيد فيمكن القول في غير المشارك بعدم الضمان الا اذا كان بفعله او تفريطه لكن التخصيص بمجرد هذه مع ضعف سنده لا يخلو عن اشكال الا فيما كان الحكم بالضمان فيه على خلاف الاصل فحينئذ لا يبعد التخصيص بالمشارك بمجرد هذه اقتصارا في الحكم المخالف للاصل على موضع اليقين كما ذكرنا سابقا فتدبّر ثمّ قال و الجواب منع الاجماع فانا قد ذكرنا الخلاف قوله عليه السلام على اليد ما اخذت حتى تؤدى مجاز و اما اولا فلان اليد لا يثبت عليها شي ء و اما ثانيا فلان الكلام لا يتم الا باضمار و هو اما يجب على اليد او ينتفى او يستحبّ فيبقى مجملا و امّا ثالثا فانا نقول بموجبه فان اليد يجب عليها ردّ ما اخذت مع قيامه فيها و بقائه و الاحاديث محمولة على التفريط و التعدى جمعا بين الادلة او على تاخير المتاع عن الوقت المشترط و ان كان نوع تفريط لما رواه الكاهلى في الحسن عن الصّادق عليه السلام قال سألته عن القصار يسلم اليه الثوب و اشترط عليه يعطى في وقت قال اذا خالف و ضاع الثوب بعد الوقت فهو ضامن انتهى و لا يخفى ان منع الاجماع على ما نقله الشارح من مذهب السيد و يستفاد من كلام العلامة ظاهر لذهاب معظم الاصحاب الى خلافه و اما على ما ذكرنا من ان مذهبه وجوب الاثبات بالبيّنة و عدم كفاية اليمين فلم يظهر مما ذكره الخلاف فيه و ما نشاء من المتاخرين كالمصنف و العلامة نفسه كانه لا يقدح فيما نقله السّيد من الاجماع و امّا ما ذكره في الجواب عن الاستدلال بالحديث النبوي فلا يخفى ضعف ما ذكره من الوجه الاول و امّا

ص: 372

الثانى ففيه ان الحمل على الابقاء و الاستحباب لا يخلو عن بعد و الاستدلال بالظاهر و امّا الثالث فانما يتوجه على ما فهمه من مذهب السيد و اما على ما ذكرنا فاطلاق الحكم بوجوب الردّ يكفى لتكليفه به ما لم يثبت تلفه بالبيّنة كما هو مدعى السيّد نعم لصح الاحتجاج به في الجملة و ان لم يثبت به تضمينه للبدل بعد ما لم يمكن تخصيص العين عنه الا ان يقال ان مراده ان المستفاد من الخير وجوب الرد عليه في نفس الامر مع بقائه و هو لا يفيد جواز تكليفه بالرّد مع عدم العلم بالحال لجواز التلف و سقوط الوجوب منه لكن لا يخفى ان حمل الخبر على وجوب الرد حتى تؤدى لا يخلو عن بعد بل الظاهر منه ضمانه لو تلف حتى يؤدى و تخرج عن الضمان كما استدل به الاصحاب في غير موضع و قد عرفت ان الاستدلال بالظاهر و اما ما ذكره من الجواب عن الروايات الخاصة من الحمل على التفريط و المتعدى او على تاخير المناع عن الوقت المشترط جمعا بين الادلة فانما يتوجه على ما فهمه من مذهب السّيد و اما على ما ذكرنا فالتاويل في الاخبار الدالة على ثبوت البينة انما يتوجه لو صلح ما يدل على كفاية اليمين لمعارضتها و قد عرفت عدم صلاحية لها فينبغى اطراحه و التاويل فيه فتأمل فقد ظهر مما تلونا عليك حجية القول بعدم الضمان فيما تلف او عاب بغير تفريط كما هو المشهور لأصالة البراءة و اطلاق صحيحة معاوية بن عمار و روايتى بكر بن حبيب كما نقلنا عن العلامة و ايضا قوله عليه السلام في صحيحة الحلبى المتقدمة و ان فعل فليس عليه شي ء و مثلها صحيحة ابى بصير التى نقلنا ما بعدها و اما ما يدل على اطلاق الحكم بعدم ضمان بحمل روايات الضمان على ما لم يثبت بالبينة او على ما كان بفعله او بتفريط منه و لو على الاحتمال على احتمال و روايات عدم الضمان على ما اذا ثبت ذلك اما بالبينة او اليمين على الرأي كما هو مورد بعضها و علم انه لم يكن بفعله و لا بتفريط منه اذ حلف على نفيه بناء على كفاية اليمين فيه كما هو الاظهر على ما اشرنا اليه و مثله القول في روايات اخرى مطلقة في الحكم بالضمان مما نقلناه كرواية يونس قال سألت الرضا عليه السلام عن القصار و الصانع يضمنون قال لا يصلح الناس الا بعد ان يضمنا و كان يونس يعمل به و يأخذه و رواية السّكونى عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علىّ عليهم السلام قال اذا استبرك البعير لجمله فقد ضمن صاحبه و رواية الحسن بن صالح على ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا استبرك و الدابة يحملهما فصاحبهما ضامن و يمكن ايضا حمل الروايتين الاخيرين على ضمان ما يتلف او يعيب و ينقص اصابته كما وقع في صحيحة داود بن سرحان عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل حمل متاعا على رأسه فاصاب انسانا فمات او انكسر منه شي ء ضامن اى لديه ذلك الانسان او لما انكسر منه و الظاهر من كلام الشيخ في يه و ابن ادريس في السرائر انها حملا قوله عليه السلام او انكسر منه شي ء على انه انكسر من المتاع حيث قال و من حمل متاعا على رأسه فصدم انسانا فقتله او كسر المتاع كان ضامنا لدية المقتول و لما انكسر من المتاع و الظاهر ان نظرهما الى هذه الرواية و هاهنا روايات اخرى تدل على عدم الضمان اذا كان مامونا كالصحيحة الثانية لابى بصير و الرواية الاولى لبكر بن حبيب المتقدمين او البحث و صحيحة ابن مسكان عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الجمال يكسر الذى حمل او يهريقه قال ان كان هو مامونا فليس عليه شي ء و ان كان غير مامون فهو ضامن و صحيحة جعفر بن عثمان قال حمل ابى متاعا الى الشام مع جمال فذكر ان حملا منه ضاع فذكرت لابى عبد اللّه عليه السلام فقال اتهمته قلت لا تضمينه و رواية بن خالد بن الحجال قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الملاح اعمله الطعام ثمّ اقبضه منه فنقص فقال ان كان مامونا فلا تضمينه و رواية حذيفة عن منصور قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحمل المتاع بالاجير فيضع المتاع فيطيب نفسه ان يغرمه لاهله ا يأخذونه فقال لى امين هو قال قلت نعم قال فلا تاخذون منه شيئا او بعد الجمع بين الاخبار السابقة بما فصّلنا يمكن الجمع بينهما و بين ما دل على الضمان مطلقا لا يحمل المجمل على

المفصّل كما حمله الشيخ في التهذيب او يحمل الروايات المفصلة على استحباب عدم الضمان اذا كان مامونا و يؤيد هذا صحيحة ابن بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال على عليه السلام يضمن القصار الصانع احتياطا به على اصول السّيد و كان ابو جعفر يتفضل عليه اذا كان مامونا ثمّ لا يخفى ان الفرق بين المامون و غيره و الحكم بعدم الضمان في المامون اما على الوجوب او الاستحباب انما يتوجه في صورة عدم الثبوت او احتمال ان يكون بفعله او بتقصير منه و اما اذا ثبت و علم انه لم يكن بفعله و لا بتقصير منه كما نقلوه عن السّيد فلا يظهر وجه للفرق بين المامون و غيره و على هذا فخلاصة ما يستفاد من الجمع بين ملك الاخبار انه اذا ثبت التلف و علم انه ليس بفعله و لا بتفريطه فلا ضمان و لو انتفى احد الامرين يحكم اما بالضمان مطلقا و يحمل الحكم بعدمه في المامون على الاستحباب او يحكم بالضمان اذا لم يكن مامونا و بعدمه اذا كان مامونا و قس عليه حال النقص و اجيب ايضا فتدبّر بقي في المسألة روايات اخرى منها صحيحة محمد بن الحسن الصّفار قال كتبت الى الفقيه عليه السلام في رجل وقع ثوبا الى القصار ليقصره فيدفعه القصار الى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار ان يرده اذا دفعه الى غيره و ان كان القصار مامونا فوقع عليه السلام هو ضامن الا ان يكون ثقة مامونا انشاء اللّه تعالى و ظاهرها كون القصار الثانى ثقة مامونا فلو حمل على ان القصار الاول لم يتعين عليه العمل بنفسه فهي من الروايات الدالة على الضمان ما لم يكن الصانع ثقة مامونا و ان حمل على انه كان متعينا عليه بنفسه فالحكم بالضمان في غير المامون ظاهر لكن يلزم الحكم به في المأمون ايضا اذ دفعه الى غيره مع عدم الاذن يوجب الحكم بالضمان مطلقا الا ان يحمل عدم الضمان في المامون على الاستحباب و اللّه تعالى يعلم و منها صحيحة يعقوب بن شعيب قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع للقوم بالاجرة و عليه ضمان ما لهم فقال اذا طابت نفسه بذلك انما هو من اجل انى اخشى ان يغرموه اكثر اكثر مما يصيب عليهم فاذا طابت نفسه فلا باس هذه الرواية تدل على كراهية التضمين بدون الاشتراط و يمكن القول بها مطلقا في كل ما يصح فيه التضمين او يختص بالمامون و يحمل الكراهة على ظاهرها او يحمل على الحرمة على ما سبق من الاحتمالين في المامون او يختص بما اذا لم يكن بفعله و لا تفريطه و يحمل الكراهة على ظاهرها بناء على جواز التضمين حينئذ على ما نقلوه قولا و منها رواية موسى بن بكر عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل استأجر سفينة من ملاح فحملها طعاما و اشتهر عليه ان نقص الطعام قال جائز قلت انه ربما زاد الطعام قال فقال يدعى الملاح انه زاد فيه شيئا قلت لا فقال لصاحب الطعام الزيادة و عليه النقصان اذا كان قد اشترط عليه ذلك و هذه الرواية تدل بالمفهوم على عدم كون النقصان عليه مع عدم الاشتراط و على تقدير اعتباره يمكن تنصيصه بالمفهوم او بما ظهر انه لم يكن بفعله و لا بتفريطه او يحمله على الاستحباب جمعا بين الاخبار فتأمل فرع الظاهر كما ظهره المحقق و العلامة ان الحمامى لا يضمن الا ما اودع و فرط في حفظه او تعدى فيه فلو لم يودع فلا ضمان عليه

ص: 373

سواء فرط في حفظه او لم يفرط ما لم يتعد فيه فنقله من موضعه الى موضع آخر لأصالة براءة و عدم دليل على ضمانه و لا على وجوب الحفظ عليه و لا فرق فيه بين ان يظنّ صاحبه انه يحفظه ام لا بل لا يضمن و ان امره صاحب الثياب بحفظها و سكت للاصل و كان سكوت اعم من القبول و اما اذا اودعه و قيل ذلك فحكمه حكم ساير مستودعين لا يضمن الا بتعد او تفريط و في قبول قوله ايضا في التلف او عدم حكمه حكمهم و قد ورد في خصوصه ما نقل سابقا من رواية غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابى عبد اللّه عليه السلام ان على عليه السلام اتى بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه و قال انما هو امين فان الظاهر من قوله وضعت عنده الثياب ان وضع الثياب عنده بعنوان الوديعة لا مجرد وضعها في حضوره و ان صح الحكم بعدم الضمان على ذلك التقدير ايضا و ما قيل ان ظاهرها ان مطلق الحمام امين لا يضمن الا بالتفريط او التعدى كما ترى اذ لا ظهور لها في ذلك بل يجوز ان يكون الحكم على الحمامى المذكور و هو الذى وضع عنده الثياب اودعت عنده كما هو ظاهره على ما ذكرنا فلا دلالة لها على ضمان الحمامى مطلقا بالتفريط كما هو ظاهر كلام هو القائل مع انه حكم اولا بعدم ضمانه ما لم يودع تمسكا بالاصل كما ذكرنا فلعله لم ار العمل بما هو ظاهر الخبر عنده لضعفه و يمكن ان يكون مراده ان مطلق الحمامى امين لا يضمن الا بالتفريط او التعدى و ان كان ضمانه بالتفريط في بعض الصور و هو ما اذا اودعت عنده على ما ذكره اولا و لا يخفى بعده و قال ابن ادريس في السرائر و صاحب الحمام اذا ضاع عنده شي ء من الثياب و غيرها لم يكن عليه ضمان الا ان يستحفظه صاحبها او يستأجره على حفاظها و على دخول حمامها فيلزم حفاظها و يجب عليه ضمانها اذا فرط في الحفاظ فاما اذا لم يستحفظه اياها و لم يستأجره على ذلك و ضاعت فلا شي ء عليه سواء فرط او لم يفرط راعها او لم يراعها انتهى و كانه رأسا و باستحفاظه استحفاظه مع قبوله و الا فبمجرد استحفاظه لا يجب عليه الحفظ و لا الضمان كما ذكرنا فتدبّر

قوله لدعوى المالك عليه ما يوجب الارش

يمكن معارضته بدعوى الخياط عليه ما يوجب الاجرة مع ثبوتها في جميع المواد بخلاف الارش اذ التغير ربما لا يوجب الارش و قال في شرح الشرائع و وجه تقديم قول الخياط ان المالك مدع عليه حقا و هو الارش فهو غارم فيقدم قوله في نفيه و ان لم يثبت له الاجرة انتهى و على ما ذكره يسقط ما ذكرناه من المعارضة لكن لا يخفى ان الحكم بحلف الخياط فقد كما هو ظاهر كما نقلوه و عدم ثبوت الاجرة له سخيف جدا و كيف يمكن الحكم بسقوط الاجرة بمجرّد دعوى المالك بلا يمين خصوصا مع يمين الخياط على خلافها فلو قيل بسقوط الارش و عدم ثبوت الاجرة ينتفى القول بالتخالف لا حلف الخياط فقط و العلامة رحمه الله في عد بعد ما حكم بتقديم قول المالك على رأى و على رأى قول الخيّاط فيسقط عنه الغرم و له اجرة مثله بعد يمينه اليمين لا المسمى ان زاد الا انه لا يثبت بقوله و لا يخفى اتجاه المعارضة على ما ذكره ايضا و لا يبعد حمل كلام شرح الشرائع ايضا على ما ذكره و حينئذ و ان كان الحكم بسقوط الاجرة ليس بذلك البعيد لكن لا يخلو عن بعد اذ اسقاط المسمى ايضا بمجرد دعوى المالك من غير يمين خصوصا مع يمين الخياط مما لا وجه له نعم انما يتجه ذلك مع التحالف و الشيخ في المبسوط فرع الحكم بسقوط الاجرة على القول الاول معللا بانه ثبت ان ذلك القطع غير ماذون له و لم يتعرض لسقوطها على القول الآخر اصلا فالظاهر على القول الآخر بقاء المسمى كما هو ظاهر كلام الشارح هاهنا و بما قررنا ظهر ان القول بالتحالف مع دعوى الارش و حلف الارش فيما لا ارش فيه ليس ببعيد الا ان يثبت الاجماع المركب على خلافه

قوله ارش الثوب ما بين كونه مقطوعا قميصا و قباء

لا ارش ما بين كونه مقطوعا قميصا و غير مقطوع لإذنه في القطع فالتفاوت باعتبار القطع ليس بفعل الخياط عدوانا بل الذى جعل بفعله هو التفاوت بين كونه قباء و قميصا و قيل بضمانه لذلك لان القطع على الوجه الذى يدعيه الخياط عدوان فعليه ما حصل من التفاوت بسببه و لا يقدح فيه ان قطعه على الوجه الذى امر به المالك ايضا يوجب ارشاد لعدم حصوله الا ان يكون قدر من قطعه اولا مشتركا بين قطعه قباء قميصا فحينئذ لا يجب ضمانه لا حدث من التفاوت بسببه و يستحق اجرة ذلك ايضا فافهم

قوله و الاقوى ان له نزعها

لكن عليه ضمان ما يحدث من الارش سببه ايضا كالثوب المغصوب اذا احدث فيه الغاصب عنا بان له نزعه اذا رده و عليه ارشه و ربما قيل نحو اذ النزع و ان كانت الخيوط للمالك لكن عليه ضمان ما يحدث من النقص في الخيوط ايضا فافهم

قوله و وجه المنع استدامة التّصرف في مال الغير

و ان الخيوط بزعم الخياط للمالك لزعمه وقوع الاجارة على ما فعله و اذا كان كذلك فالخيوط بعد الخياطة للمالك بناء على ان الخيوط على الخياط و انه لا يستحق الاجرة و قد ظلمه المالك بانكاره و يمكن رفع الاول بان منعه ايضا يستلزم التصرف في مال الغير بغير اذنه و وقوعه و انا لا يوجب سقوط مالية و جواز التصرف فيه غاية الامر جواز نزعه و عدم الالتفات الى ما يحدث فيه من نقص او اضمحلال مع ضمانه لما يحدث في الاصل من الارش جمعا بين الحقين و دفع التالى بانه و ان زعم ان الخيوط حينئذ للمالك لكن مطالبتها ظاهرا الزاما و التصرف فيها ما بينه و بين اللّه تعالى من حقه فافهم

قوله و في قدر الأجرة

و قال الشيخ في حينئذ فاذا اختلف المكرى و المكترى في قدر المنفعة او قدر الاجرة الذى يليق بمذهبها انه يستعمل فيه القرعة فمن خرج اسمه حلف و حكم له به الاجماع الفرقة على ان كل امر مشتبه برد من القرعة و لا اشتباه في ضعفه لعدم الاشتباه و الاشكال بعد وضوح حكم المدعى و المنكر شرعا فتأمل

قوله حلف المستاجر

و يثبت ما ادعاه لاتفاقهما على العقد المشخص بالعوض المعين و انحصاره فيما ادعاهما فاذا حلف المستاجر على نص ما ادعاه المستاجر يثبت ما ادعاه لقضيّة الحصر كما ذهب اليه نماء في الجعالة حيث حكم بحلف المالك و ثبوت اجرة المثل و يحلفه و ثبوت اقل الامرين منها و مما يدعيه المالك و هذا هو الذى حكم به المصنف هناك اولا و لا يخفى جريان هذه الاحتمالات هاهنا ايضا الا انهم لم يذكروا هاهنا و وجه الفرق غير ظاهر و ان كان ما ذكروه هذا اقوى فتأمل

قوله قيل يتخالفان كما لو اختلف

لم يذكر حكمه بعد التحالف فيحتمل البطلان كما ذكره في الصّورة السابقة بناء على انكار كل منهما وقوع الاجارة على النحو الذى مدعيه الآخر و حلفه عليه فبطل رأسا و حينئذ فان كان قبل استيضاء المنفعة لا اشكال و ان كان بعده فيحتمل اجرة المثل و اقل الامرين منهما و مما ادعاه الموجر من اكثر الامرين من الاجرة و مما ادعاه المستاجر الاخير اظهر و ان كان في الاثناء فيحتمل ثبوت اجرة المثل و اقل الأمرين منها و من حصة ما ادعاه الموجر و اقل الامرين من الحصة المذكورة و من اكثر الامرين من الاجرة و من حصة ما ادعاه المستاجر و الاول اظهر و يحتمل بقاء الاجارة و لاتفاقهما على ثبوتهما و انما النزاع بينهما في قدر الاجرة

ص: 374

و حينئذ فيحكم في الاجرة باحد الاحتمالات المذكورة و الاخير اظهر فتدبّر

قوله فحلف منكره

و لو اختلفتا في جنس الاجرة كان يدعى احدهما انها بفرس و الآخر انها بكتاب فالظاهر ايضا حلف المستاجر على نفى ما ادعاه الموجر كما سنذكره في الجعالة و الخلع و ذلك لاتفاقهما على الاجارة و صحتها و انما النزاع في الاجرة و المدعى فيه حقيقة ليس الا الموجر حيث يطلب الكتاب مثلا من المستاجر و هو منكر فيقبل قوله بيمينه و اما دعوى المستاجر لإنكاره له اخذه الا مقاصة و لا يتوجه على الموجر يمين بانكاره ما ادعاه المستاجر لان فائدة اليمين اما سقوط الدعوى عنه او نفيه ليمكنه طلب شي ء آخر من المدعى و هاهنا دعوى المستاجر الفرس اقرار في حق نفسه لا على الموجر و قد سقط دعوى الموجر بيمين المستاجر و لم يبق له مطالبة منه فحلفه على نفى ما ادعاه المستاجر مما لا وجه له اصلا و الشارح اختار في الجعالة في صورة الاختلاف في الجنس التخالف و الرجوع الى اجرة المثل لان كلا منهما منكر لما يدعيه الآخر و ليس هاهنا قدر يتفقان عليه و يختلفان فيما زاد عليه مجموع مما يدعيه كل منهما ينكره الآخر و هى قاعدة التحالف و على هذا فالظاهر هاهنا ايضا يحكم بالتحالف لجريان دليله و لعله ما ذكرناه اقوى منهما ثمّ في حكمه بالرجوع الى اجرة المثل بعد التخالف تامل سنشير اليه في بحث الجعالة ان شاء اللّه تعالى و لو كان النزاع في جنس العين المستاجرة فالظاهر ايضا على قياس ما ذكرنا حلف الموجود ثبوت وجه الاجارة على المستاجر و جواز اخذه لما يدعيه الموجود لمفاصلة حقه و على قياس ما ذكره الشارح التخالف و بطلان الاجارة كل ذلك يظهر بالتامّل فتأمل

[كتاب الوكالة]

قوله اذ المراد بالشريك هاهنا إلى آخره

كان المراد ان المعتبر شرعا في اطلاق الشريك و غيره من المشتقات هو الانصاف بالمبدإ بالفعل و ان سلم كونه حقيقة لغة فيما اتصف به في الماضى ايضا على ما ذهب اليه بعض الاصوليّين و حينئذ فوجه الدفع ان الاستحقاق المذكور يجب ان يكون للشريك بالفعل و الامر في البيع كذلك على ما ذكره و انت خبير بانه لو كان بدل قوله حال شركته حال استحقاقه لكان توجيه العبارة ظاهرا و اما على ما وقع في النسخ فيمكن ان يقال ان قوله المقتضى لكونه شريكا و قوله حال شركته اى كائنا في حال شركته اى لكونه شريكا بالفعل فقوله للشريك مع متعلقه صفة و قوله المقتضى خبر ان و يحتمل ان يكون كل منهما خبرا له و الحاصل ان الاستحقاق المذكور هو الاستحقاق الملزوم لكونه شريكا انما هو حال شركة اى المراد بالاستحقاق هنا هو الاستحقاق الكذائى و هو انما في حال الشركة هذا و لا يخفى انه يمكن ان يجعل قول المصنف رحمه الله في شركته اى في حال شركته متعلقا بالاستحقاق ليفيد كون الاستحقاق في حال الشركة و يدفع الايراد المذكور بلا حاجة الى مئونته ما ارتكبه الشارح مع ما فيه من مجال الكلام نعم يرد حينئذ ايضا ما اورده بقوله ايضا نعم يمكن ورود ذلك الى آخره بل لا حاجة الى تخصيص الكلام بفرض تعدد الشركاء على ما فرضه بل ينتقض بطروه بشراء احد الشريكين حصة بيعه من غيره مطلقا و بما قررنا ظهر ان الشارح لم يجعل قوله في شركته متعلقا بالاستحقاق فكانه جعله متعلقا بالمبيعة و حينئذ فلو حمل على معنى في حال شركته فيه اى كلها او حمله على معنى فيما هو مشترك فيه له و لم يكون حينئذ متعلقا بالحصة و يكون في بمعنى من او المراد دخول الجزء في الكل اى الحصة الكائنة فيما هو مشترك و حينئذ فيجب ان يخصص الايراد بالفرض المذكور و لعله لهذا لم يجعل الشارح متعلقا بالاستحقاق و الاظهر ان يدفع النقص بان المراد استحقاق الشريك من حيث انه شريك و حينئذ فيندفع النقص و كذا الايراد الاخير لوجهه و هو ظاهر الا انه لم يكن حينئذ لقوله في شركته فائدة احترازية و الامر فيه هين بل لا يبعد ان يحمل في قوله في شركته على السّببية ليفيد ما ذكرنا صريحا فتأمل قوله في الحاشية و ضعف سندها بالحسن بن سماعة فانه واقفى هذا على رواية الشيخ و رواها في الفقيه عن الحسن بن محبوب عن علىّ بن رباب و السند صحيح

[كتاب الشفعة]

قوله في اشهر القولين

هو قول الشيخ و اتباعه و نقل الشيخ فيه الخلاف فيه الاجماع

قوله و لما روى انها كحل العقل

اى كما كان عند حل العقل لا بد من اخذ البعير و امساكه و الا فنفلت منه و بفوته و كذا عند علم بالشفعة يجب الاخذ بها و الا فيسقط حقه منها و بفوته هكذا يفهم من س و يمكن ان يكون المراد زمانها قصير كزمان حلّ العقال و الاول كانه اظهر و ادق لانها شرعت لدفع الضرر نقل في الدروس المرتضى الذى هو من اجلة القائلين بالتراخى و نقل فيه الاجماع انه قال يزول الضرر بعرضه على الشفيع و بذله فاما ان يتسلّم او يترك الشفعة قال و في هذا المقام بالضرر لان غرضه في الحال اذا ترك بطلت

قوله و قيل على التراخى

هو قول ابن بابويه و ابن الجنيد و المرتضى و ابن ادريس و ادعى المرتضى الاجماع عليه

قوله و هو يؤذن بعدم التراخى إلى آخره

فيه تامل اما اولا فلانه يمكن قلب الدليل فانه تدل على جواز التراخى ثلاثة ايام و لا قائل بالفرق فيسقط جواز مطلقا و اما ثانيا فلان النزاع في فورية الاخذ بالشفعة و عدمها و الرواية على جواز التراخى في دفع الثمن ثلاثة ايام و لا دلالة فيه على شي ء منهما اذ ربما كان الاخذ فوريا و يسقط مع التراخى مط لكن اذا اخذ كان له انظاره بالثمن ثلاثة ايام و جاز له التراخى الاخذ مطلقا و لكن بعد الاخذ لم يجز له التراخى في دفع الثمن ثلاثة ايام و هو ظ

قوله اما تجوزا لكونه سببا في اثبات الشفيع

و يمكن ان يقرأ بالنصب على مفعول برضى و فاعله المشترى و تجعل قوله بكونه في ذمته بدلا من الشفيع اى رضى المشترى الشفيع اى يكون الثمن و يمكن ان يقرأ برضى من باب الافعال فيكون مفعوله المشترى

قوله و يشكل بمنع كون حكم المالك كذلك

هذا ايراد على الوجه الثانى و اما على الوجه الاول فلم يتعرض له و كانه لظهور ضعفه لمنع كون الاعرفية مرجحا لقبول قوله اذا امكن معرفة الآخر ايضا و لو باقرار ذلك عنده بل الظاهر الرجوع معها ايضا الى تقديم قول المنكر كما يدل عليه الخبر المستفيض و حاصل ايراده على الوجه الثانى منع كون حكم المالك تقديم قوله مطلقا كيف و الحال انه قد تقدم اى ذكر فيما سبق قبول قول المنكر في كثير من المورد و ان لم يكن مالكا و كان نزاعه مع المالك و هذا كما اذا اختلف الموجر و المستاجر في قدر الاجرة فيقدم قول المستاجر لكونه منكرا للزيادة مع كون الموجر هو المالك و كذا اذا اختلف المتبايعان في تعجيل الثمن و تاجيله او قدر الاجل و كان البائع مدعيا للاجل او لزيادته لمصلحة تقديم قول المشترى للاصل مع ان البائع هو المالك و كذا اذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن يقدم قول المشترى على مختار العلامة في التذكرة و قوله خصوصا مع تلف العين اشارة الى ما تقدم من انه في الصورة الاخيرة يقدم قول البائع مع قيام العين و قول المشترى مع تلفها على المشهور بل قيل انه اجماع لرواية وردت فيه و تقديم قول المشترى هناك في صورة التلف مش بل مجمع عليه مع انه ليس بمالك فكيف يحكم هاهنا بتقديم قول المشترى مطلقا لكونه مالكا و ربما قيل هاهنا ايضا بتقديم

ص: 375

قول المشترى مع قيام العين و مع تلفها يحكم بتقديم قول الشفيع قياسا على المبيع و هو ايضا ضعيف الضعف القياس بعد تسليم الاصل ثمّ لا يخفى انه على هذا القول الظاهر ان المعتبر هو قيام عين المبيع و تلفها كما في المبيع لا قيام عين الثمن و تلفه كما ذكره سلطان العلماء اذ لا وجه لاعتباره الا ان يقال ان الثمن هاهنا بمنزلة المبيع هناك اذ ما يبذل الشفيع هو عوض الثمن الذى بذله المشترى و لا يخفى ما فيه بل الظاهر انه عوض المبيع الذى يأخذه من المشترى و اما الثمن فقد اخذه البائع فعوضه ليس على الشفيع نعم عوض المبيع هاهنا لا بد ان يكون بقدر الثمن و هذا لا يوجب ان يكون عوضا عنه فالظاهر على قياس المذكور اعتبار قيام المبيع و تلفه ثمّ ان تلفه كانه يتصوّر فيما اذا كان شجرا او بناء بل في الارض ايضا اذا جحف به السّيل و نحوه فتأمل

قوله لانا نقول المعتبر في اخذه علمه بالقدر بحسب ما عنده

انما يكفى في جواز دعوى الشفيع الشفعة لا في ثبوت اخذه بالشفعة عند المشترى ايضا بل في ثبوت ذلك يحتاج الى علمه بالثمن الواقعى عند المشترى ما زعمه و لم يثبت علمه به فليس له دعوى اخذه بالشفعة في الواقع و ثبوت الثمن الواقعى في ذمّته و حينئذ لا يندفع ما ذكره لا يقال بذلك اذ يقول ان الشفيع حينئذ و ان كان مطالبة الشقص بناء على اخذه بالشفعة و علمه بالثمن على ما زعمه لكن المدعى فيه هو الشفيع و المشترى لو تركه الشفيع لتركه ايضا و لا يمكن مطالبة بشي ء فيستقيم حكمهم بحلف المشترى فالصواب في الجواب ان يقال ان المعتبر في صحة اخذه عند كل منهما علم الشفيع بالثمن الواقعى و اخذه بعد و حينئذ فاذا ادعى الشفيع ان القدر الواقعى هو ما زعمته و علمت به و اخذت بالشفعة بعد العلم و وافقه المشترى في اخذه بالشفعة لكن ادعى ان الثمن الواقعى الذى علمت به و اخذت بالشفعة بعد العلم هو ما ذكرته لا ما زعمته يستقيم المتنازع و يصير المدعى بالحقيقة هو الشفيع و لا يتجه الاعتذار المذكور لتوجه الحلف عليه و لا يتوهم ان هذه الدعوى من المشترى مما لا يسمع لظهور بطلانه فافهم

قوله و يمكن ايضا ان يتملك الشقص إلى آخره

قال سلطان العلماء لا يخفى عدم اندفاع ما ذكر فى لا يقال بهذا اذ حاصله انه لا يتصور الاختلاف في الثمن بعد الاخذ بناء على ان الاختلاف يقتضى الجهل بالثمن و الاخذ لا يتصور شرعا الا بعد العلم فمداره على منافاة العلم لاختلاف لا ان الاشتراط قبض الثمن قبل الاخذ يقتضى تعيين الثمن قبله فينا في الاختلاف فيه بعده حتى يجاب بانه يمكن تاخير القبض عن الاخذ برضى المشترى فيتصور الاختلاف حينئذ نعم لورود السؤال على هذا الوجه لكان هذا جوابا عنه بل يجاب ايضا بان اللازم قبض الثمن اللازم بزعم الشفيع لا ما يدعيه المشترى الا ان يثبته فهذا الكلام انما يناسب عبارته في شرح الشرائع حيث لم يذكر فيه حديث اشتراط العلم و منافاته للاختلاف بعد الاخذ بل اشار بهذا الكلام في اثناء الكلام الى رفع السؤال الثانى فتأمل انتهى و لا يخفى ان السؤال على الوجه الثانى مما لا اتجاه له فانهم كما حققه الشارح لم يقولوا باشتراط قبض الثمن قبل الاخذ بالشفعة حتى يتوجه ذلك بل قالوا باشتراط من تسليم المبيع الا ان يرضى المشترى و حينئذ لا يتوجه ذلك حتى يحتاج الى الجواب المذكور نعم ذكر في حينئذ الشرائع التردد في ان حصول الملك هل هو بمجرد الاخذ وجوب قبض الثمن و تسليم المبيع بعده حكم لازم بعده او ان ملك الشفيع لا يتم بدون تسليم الثمن بمعنى انه جزء السبب او انه كاشف من حصوله بالاخذ القولى و لا يخفى ان الاحتمال الثانى يحتمل وجهين احدهما ان يقال ان الاخذ بالشفعة كما لا يوجب الملك لا يوجب ايضا اداء الثمن على الشفيع بل ان اداءه بعده او رضى الشريك لتاخير ملكه و ان لم يؤيده فلا يمكن شرعا الزامه بالاداء بل يكون للمشترى حينئذ اسقاط شفعته اذا لم تكن له المهلة شرعا كما في الثلاثة الايام و ثانيهما ان الملك و ان توقف على تسليم الثمن لكن بالاخذ يجب تسليم الثمن الا ان يرضى المشترى التأخير و لو لم يرض المشترى فله الزامه شرعا بالاداء ان اراد ذلك او اسقاط حقه ان لم يرده و لا يخفى انه على الاحتمال الاول عن الاحتمالين الذين نقلنا و كذا على الوجه الثانى من الاحتمال الثانى لا يتجه السؤال المذكور لصحة المتنازع بينهما قبل الاخذ غير ان يرجع نزاعهما الى ما ذكره المعتذر و اما على الوجه الاول من الاحتمال الثانى فيتوجه السؤال المذكور فانه ما لم يحصل القبض لم يكن للمشترى عليه دعوى و انما الدعوى للشفيع فيتجه الاعتذار و لا يصح كلام الشارح بعد القبض لا معنى للتنازع المذكور و حينئذ فالجواب هو ما ذكره الشارح من انه يمكن ان يكون التنازع بعد تملك الشريك بدون القبض يرضى المشترى بالتاخير و حينئذ لا يتجه الاعتذار المذكور و اما ما ذكره هذا الفاضل بقوله بل يجاب ايضا فلا اتجاه له فان قبض الثمن بزعم الشفيع لا يفيد الا صحة دعوى الشفيع لا صحة دعوى المشترى ايضا في طلب الزيادة فان ملك الشفيع يتوقف على قبض الثمن الواقعى لا الثمن بزعم الشفيع و الثمن الواقعى عند المشترى هو ما ادعاه فان اقبضه فلا يبقى دعوى عليه و ان لم يقبضه فلم يصير ملكا له حتى يتوجه عليه دعوى المشترى للزيادة فالتنازع بينهما ليس الا باعتبار دعوى الشفيع عليه و اذا كان كذلك فيتجه الاعتذار المذكور و لا يرد عليه ما اورده الشارح هذا و لا يذهب عليك انه يمكن حمل قول الشارح و يمكن ايضا على انه جواب عن السؤال الثانى لا انه جواب آخر عن لا يقال و معنى قوله و ايضا انه كما امكن رفع لا يقال مما ذكرنا امكن ايضا ان يتملك الشقص برضى المشترى فيندفع ما يتوهم من سؤال آخر و ايضا و هو السؤال الثانى الذى ذكره هذا الفاضل و على هذا فيندفع عنه ما اورده من عدم اندفاع ما ذكره لا يقال بهذا الجواب فتأمل

قوله و تظهر الفائدة

لا يخفى ان الشائع استعمال هذه العبارة فيما لا يظهر لأصل المسألة فائدة و انما تظهر الفائدة فيما يترتب عليها و هاهنا ليس كذلك لظهور الفائدة في تعيين ان اليمين على المشترى او الشفيع فالاولى ان يقال و يترتب على هذا لو اقاما الى آخره ثمّ ان ما ذكره الشارح هاهنا بنى على ما يستفاد من الخبر المستفيض البينة على المدعى و اليمين على من انكر فاذا حكم حلف المشترى كما هو المشهور فيكون هو المنكر و يكون البينة الاخرى الذى هو الشفيع المشترى و لكن لم يحكموا في هذه المسألة على هذا الوجه بل القائلون بالقول المشهور اختلفوا فيه فحكم جماعة كابن ادريس و مه في بعض كتبه بتقديم البينة الشفيع لانه خارج و هو موافق لما ذكره الشارح و حكم جماعة كالشيخ في ف و المبسوط بتقديم بينة المشترى معللا بانه داخل و بان بينة تثبت زيادة الثمن و الشفيع ينكرها و رجحه المحقق في الشرائع و لا يخفى على انه على الخلاف في ترجيح بينة الداخل او الخارج ينبغى الخلاف هاهنا ايضا كما فعلوه لكن حكمهم في اصل المسألة بالحلف على المشترى محل اشكال كما حققه الشارح و بعد حكمهم فيه بذلك فالمتجه الحكم هاهنا على وفقه كما ذكره الشارح و لا يخفى ايضا على التعليل الثانى للقول الثانى ينبغى القول في اصل المسألة بحلف المشترى كما ذكره ابن الجنيد فالقول هناك بحلف الشريك و عدم العمل بالتعليل المذكور و هاهنا بتقديم بينة المشترى للتعليل المذكور كما ترى و قوى في المختلف

ص: 376

بترجيحه بيّنة المشترى لا لكونه داخلا بل لان تقديم قوله و هو مرجح سماع بيّنة و هذا بخلاف الداخل و الخارج لان بينة الداخل يمكن ان يستند الى اليد فلذا قدمنا بينة الخارج و في صورة النزاع البينة يشهد على نفس العقد كشهادة بينة الشفيع و اورد عليه الشارح في شرح الشرائع بانه يشكل بان تقديم بيّنة الخارج عند القائل به ليس لذلك بل لقوله عليه السلام البينة على المدعى و اليمين على من انكر و الخارج مدع فيكون بينته مرجحة و فيه تامّل فان القائلين بتقديم بينة الخارج و ان تمسكوا فيه بالخبر لكن العلامة رحمه الله ربما وافقهم في المدعى لما ذكره لكن لا في الدليل اذ لا يبعد حمل الخبر على ان المدعى لا بد من البينة و اليمين لا يسمع الا من المنكر او انه لا يمكن الزام المنكر بازيد من اليمين و هذا لا ينافى قبول بينة لو اتى به بل ربما كانت اولى بالقبول ثمّ انه لم يذكر الشارح هاهنا حكم ما لو اقام احدهما بيّنة و لا يخفى انه على وفق ما ذكره الشارح في صورة ما لو اقاما بينة ينبغى على المشهور ان يحكموا بسماع بينة الشفيع و عدم سماع بينة المشترى و على مذهب ابن الجنيد بالعكس و لو قيل بسماع بينة المنكر ايضا بناء على حمل الخبر على عدم لزومها عليه لا عدم سماعها منه فيقبل البينة من كل منهما مع انفرادها بها و لو جعل مبنى سماع البينة كونه خارجا او داخلا فعلى الاول بينة الشفيع لكونه خارجا و لا تسمع بينة المشترى لكونه داخلا و على الثانى الامر بالعكس

[كتاب الجعالة]

قوله سواء كان مع بذل إلى آخره

فان مع الاستدعاء على الوجهين يستحق الاجرة لكن مع البذل يستحق ما بذله و مع عدمه يستحق اجرة المثل لا عوض له مطلقا اى سواء قصد التبرّع او العوض ام لم يقصد شيئا منهما

قوله و لو ردّ بنية العوض مطلقا

اى عوض مطلقا من غير تعين شي ء خاص فيشمل ما بذله المالك

قوله و كان ممن يدخل في عموم الصّيغة

بان لا يخص في الصيغة العامل بشخص خاص غيره او من جماعة لا مدخل هو فيهم

قوله و قد وقع باذن الجاعل

اى في الواقع حيث اذن في ذلك و ان لم يعلم به العامل

قوله فقد وجد المقتضى

كون ما ذكره مقتضيا غير معلوم لعدم دليل عليه بل المعلوم ان ذلك مع سماع الصيغة و فعله له مقتضى للاستحقاق للاتفاق و اما بدون ذلك فلا و الاصل براءة الذمة ذمة المالك ما لم يثبت المزيل و مثله يشك في مانعيته لا يخفى انه كما ان مانعيته مما يشك فيه كذلك كون ما ذكر مقتضيا بدون العلم ممّا يشك فيه و انما المعلوم اقتضاء ذلك معه فالاصل براءة ذمة المالك و بالجملة لو دل دليل على كون ذلك مقتضيا اتجه ما ذكره فان الاصل اقتضاءه ما لم يعلم مانع و لا يقدح شكّ وجود مانع و امّا بدون ذلك فلا و ما نحن فيه لا دليل على ذلك و انما علم بالاجماع اقتضاء ذلك مع السّماع و فعله لاجله فلا يمكن الحكم بالاقتضاء الا فيه و يمكن ان يكون بناء كلامه على كون الجعالة من الايقاعات فانه على القول به ينبغى القول بكونه مقتضيا الا ان يثبت مانع كما سنذكره في فصل ثالث لا يخفى ان قصد العوض الذى ذكره يحتمل الوجهين احدهما قصد استحقاقه و ثبوته له شرعا بسبب ما فعله و ظاهر ان هذا مع عدم سماع الصيغة لا يتصور الا باعتقاد الاستحقاق خطأ بمجرّد الرد و ان كان بدون جعل الجاعل اذ لو لم يزعم ذلك فكيف يفعل ذلك بالقصد المذكور مع عدم سماع صيغته و حينئذ فالقول بالتفصيل لا يخلو عن وجه اذ مع سماعه ذلك لا يمكنه قصد العوض على الوجه اذ مع سماعه ذلك ايضا ان لا يكون متبرعا محضا بان يكون قصده استحقاق العوض تقدير جعله اى لو جعله الجاعل فحينئذ لا بد من المصير الى احد القولين الاخيرين نعم لو لم يقصده ذلك ايضا يكون متبرّعا محضا و ثانيهما ان يكون مراده قصد العوض و ان لم يكن بالاستحقاق الشرعى بل مجرد جعل الفعل وسيلة لبذل المالك في مقابله شيئا على سبيل مكافات الاحسان بالاحسان و يكون المراد ان بمجرّد ذلك ايضا يخرج عن التبرع الذى حكموا فيه بعدم استحقاق العوض و ان المراد به التبرع الذى لم يقصد العوض بوجه اصلا و على هذا فلا وجه للقول بالتفصيل اصلا اذ مع سماع ذلك يجوز قصد العوض بالوجه المذكور و هو ظاهر و اعلم انه قد اختلف كلام الاصحاب و غيرهم في ان الجعالة هل هى من قسم الايقاعات او العقود فذهب الى كل منهما فريق و لا يخفى انه على الثانى ينبغى ان يحكم بعدم استحقاق من لم يسمع الصيغة سواء قصد التبرع او العوض المغاير او المطلق اذ حينئذ لا بد من القبول و القبول الفعلى و ان كفى لكن فيه من فعله بسبب الاستدعاء و لاجل الرغبة فيه و الرضا كما قال الشارح سابقا يكفى فعل مقتضى الاستدعاء به اى بالاستدعاء و بسببه و مع عدم سماعه لا يتصور ذلك و على الاول الظاهر استحقاق كلّ من فعل الفعل على مقتضى استدعائه سواء قصد التبرع او العوض المغاير او المطلق لان المقتضى للاستحقاق على هذا القول هو الايجاب و قد حصل مانعية عدم سماع الصيغة غير معلوم و كذا قصد التبرع او العوض المغاير الا ان يثبت اجماع على مانعيتها و مانعية بعضها كقصد التبرع و لم يثبت لنا ذلك لكن لا يخفى انه لما لم يدل دليل على احد القولين فلا يمكن القول بالاستحقاق الا فيما علم الاجماع عليه و هو استحقاقه مع سماعة الصيغة و فعله للاجرة بسببه و اللّه يعلم و الشارح في شرح الشرائع نقل القولين في اول الجعالة ثمّ قال و يظهر الفائدة فيما لو فعل العامل بغير قصد العوض و لا قصد التبرع بعد الايجاب فعلى الاول يستحق العوض لوجود المقتضى له و هو الصيغة مع العمل و على الثانى لا و ان كان قد عمل لان المعتبر من القبول الفعلى ليس هو مجرد الفعل بل لا تدفعه من انضمام الرضاء و الرغبة فيه لاجله انتهى و الظاهر ان مراده ببعديته الايجاب بعد سماع الايجاب و تخصيص ظهور الفائدة حينئذ بما لو فعل بغير قصد العوض و لا قصد التبرع باعتبار انه حينئذ مع قصد العوض الاستحقاق ظاهر على القولين و مع قصد التبرع لا استحقاق و كانه كان ذلك معلوما عندهم من مذهبهم كما سننقل عنه حكمه جزما بعدم الاستحقاق و ان سمع الصيغة فيبقى ما ذكره و يبنى على القولين ثمّ قال و استقرب في الدروس استحقاق العوض لورد من لم يسمع الصيغة بقصد العوض و اذا كانت الصيغة يشمله و هذا و ان كان محتملا للامرين الا انه بالاول اشبه لان قصد العوض ممن لم يسمع الايجاب لا يعد

قبولا مطلقا و انما فائدة قصد العوض فيه الاحتراز عما لو قصد التبرع فانه لا يستحق و ان سمع الصيغة لكن يبقى ما خلا عن الامرين بفعل لا بقصد التبرّع و لا بقصد العوض و الذى يناسب الاكتفاء بالايجاب استحقاقه هنا لوجود المقتضى له انتهى و الظاهر انه احتمل اولا ان يكون ما استقربه في الدروس جاريا على القولين اما على الاول فظاهر و امّا على الثانى فبان يكون بناءه على زعم ان فعله مع قصد العوض فعلى هذا فيكون وجه استقرابه هو كونه حينئذ جاريا على القولين بخلاف ما اذا لم يقصد العوض فانه لا يستحق حينئذ الا على القول الاول و ترجيحه له و يكون اشتراط قصد العوض لا لكونه قبولا فعليا بل للاحتراز عن قصد التبرع فانه لا يستحق حينئذ و ان سمع الصيغة فهو مانع عن مقتضى الصيغة ثمّ ذكر انه يبقى ما لم

ص: 377

يقصد العوض و لا التبرع فانه لا يعلم حكمه مما استقربه المصنف على هذا التوجيه و المناسب للقول الاول الاستحقاق لوجود المقتضى و هو الصيغة و عدم ثبوت كون العقد ايضا مانعا كقصد التبرع و كانه لهذا لم يحمل كلام س على الاحتراز عنهما حتى لا يلزم اهمال في البيان فتأمل

قوله كمن امر غيره بعمل من غير ان يذكر له اجرة

فانهم قالوا العمل الذى امر به ان كان مما له اجرة عادة يجب على الامر اجرة المثل و بعض الاصحاب الى الاكتفاء في وجوب اجرة المثل بذلك او كون العامل من عادته ان يستأجر لمثل ذلك العمل كالقصار و الحلاف و الحكم بكل منهما لا يخلو عن اشكال لعدم دليل صالح مع اصالة براءة الذمة نعم اذا اجتمع الامران بان كان العمل مما له اجرة عادة و كان العامل من عادته ان يستأجر لذلك فالظاهر وجوب الاجرة على الامر لاقتضاء العرف ذلك فالامر مع العرف بمنزلة ان يقال اعمل هذا و لك على الاجرة فيكون جعالة او اجارة بطريق المعاطاة مع العلم بالاجرة و لو بالعرف و العادة او اجارة فاسدة يجب بفسادها اجرة المثل و اما دعوى اقتضاء العرف ذلك في مطلق الامر مع احد الشرطين او خصوص الاول فلا يخلو عن اشكال هذا في الامر و اما فيما نحن فيه و هو ان يستدعى الردّ من غير امر مشخّص معيّن و لو بمخاطبة اشخاص معيّنين فلا يظهر له وجه اصلا و الاصل براءة الذمة فالظاهر ما نقل عن القليل و امر الاحتياط واضح

قوله في المشهور

بل الشيخان في عة و ية اثبتا ذلك مع استعداد الردّ ايضا نظرا الى اطلاق الرواية

قوله و مستنده ضعيف

و العجب من ابن ادريس حيث ما تبع المشهور هاهنا مع عدم علمه باخبار الآحاد فكيف بمثل هذا الخبر الضعيف جدا كما اشار اليه في الحاشية الا ان يثبت اجماع عنده عليه

قوله و لو قيل بثبوت اجرة المثل

و اطراح الرواية لضعفها او حملها على الافضل كما فعله الشيخ في ط

قوله و يقوى الاشكال لو قصرت قيمتها

و صرح المحقق في العبد بثبوت الحكم و ان قصرت قيمته و حكم في البعير بعدم الضفر فيه بمستند

قوله و ينبغى حينئذ ان يثبت

لئلا يلزم الزام المالك بزيادة عن ماله لاجل تحصيله و انت خبير بانه مع العدول عن مقتضى الرواية و حمل الرواية على ما حمله من البناء على الغالب فالظاهر في هذه الصّورة الحكم باجرة المثل في غيره لا بما ذكره من اقل الامرين فتدبّر

قوله فلكل ثلث ما جعل له

هذا اذا تساووا في العمل او على القول بقسمته على الرءوس و الا فنسبته عملهم مثل اذا كان عمل احدهم بقدر النّصف و الآخر بقدر الثلث و الآخر بقدر السّدس فالاول نصف ما سمى له و للثانى ثلث ما سمّى له و للثالث سدس ما سمى له و كذا في نظائره

قوله للاصل و هو براءة ذمة من حق الجعالة

هذا مبنى على ما قيل من انه اذا حصل في يده قبل الجعل فلا يستحق الجعل لرده لوجوبه عليه فتأمل اذ لا يجب عليه رده على المالك بل يمكنه منه ان كان قد علم بوصوله الى يده و العلامة ايضا ان لم يعلم كما سبق من الشارح و على هذا فلو علق الجعل على رده و كان رده بعمل من العامل لا يجب عليه و ان قل فالظاهر ثبوت الجعل له باعتبار الرد بعد العلم بالجعل و ان كان حصوله في يده قبل الجعل او قبل العلم به نعم لو لم يرده حينئذ بل اقتصر على اخباره بالحصول في يده فلا يستحق الجعل لوجوب الاعلام و كذا لو علق الجعل على السعى في تحصيله فلا يستحق الجعل اذا كان حصوله في يده قبل الجعل او قبل علمه سواء كان بسعى ام لا لانه حينئذ لا يستحق الجعل بسبب حصوله في يده و هو ظاهر و لا بسبب الرد اذ لم يجعل له فيه فهو كالمتبرع و فعل العلامة في التذكرة فقال اذا رده من كان المال في يده قبل الجعل نظر فان في رده من يده كلفة و مئونته كالعبد الآبق استحق الجعل و ان لم يكن كالدراهم و الدنانير فلا فان ما لا كلفة فيه لا يقابل بالعوض و استحسنه الشارح في حينئذ الشرائع و الظاهر ما ذكرنا من لزوم الجعل اذا صدر عنه بعد العلم بالجعل عمل مقصور للعقلاء في الجملة لا يجب عليه و ان قل و لم تكن فيه كلفة بل و ان لم تكن له اجرة عادة و كذا في كل ما عين جعلا او اجرة بازاء عمل كذلك عملا بعموم المؤمنون عند شروطهم و اللّه تعالى يعلم

قوله او من غير سعى و ان كان بعد صدوره

هذا ايضا مبنى على ما اشرنا اليه فانه اذا كان حصوله في يده من غير سعى و ان كان بعد الجعل و العلم به فلا يستحق الجعل باعتباره لعدم صدور عمل منه و لا لردّه لوجوبه عليه و فيه ايضا ما اشرنا اليه من الشارح و الظاهر فيه ايضا ما ذكرنا من التفصيل فتذكر

قوله و لان العامل مدع للزائد

جعل هذا وجها آخر غير السّابق كما ترى فتدبّر

قوله اقل الامرين من اجرة المثل

و ذهب الشيخ و جماعة الى ثبوت اجرة بعد حلف المالك مط لان يمينه على نفى ما يدعيه العامل الا على اثبات ما يدعيه فاذا انتفى ما يدعيه العامل و لم يثبت ما يدعيه هو ثبت اجرة المثل للاتفاق على وقوع العمل بعوض و اجرة المثل عوض ما لم يثبت فيه مقدر و ذهب المحقق و العلامة الى انه بعد حلف المالك يثبت اقل الامرين من اجرة المثل و ما ادعاه العامل لان اجرة المثل ان كانت اقل منه فقد انتفى ما يدعيه العامل بيمين المالك فثبت اجرة المثل لما ذكر في قول الشيخ و ان كان ما يدعيه اقل منها فلاعترافه بعدم استحقاق الزيادة و براءة المالك منهما فكيف يثبت له و منه يظهر ضعف القول الاول كما ان بما ذكره الشارح من دليل مذهب المصنف يظهر ضعف هذا القول ايضا فالاقوى ما اختاره المصنف ثمّ الثانى اقرب من الاوّل و على جميع المذاهب حلف المالك على نفى ما يدعيه العامل لا على اثبات ما يدعيه العامل فتأمل

قوله ان لم ينتف بعضها بانكاره

بان كان ما يدعيه اقل منهما

قوله الا ان يزيد ما ادعاه المالك من اجرة المثل

اما لو زاد عما ادعاه العامل فلا تثبت الزيادة و ان اعترف استحقاق العامل بادعائه منكر لها و محصل ما اختاره المصنف ثبوت اقل الامرين و مما ادعاه العامل و من اكثر الامرين من اجرة المثل و ما ادعاه المالك فافهم و لا يخفى ان في الحكم بيمين المالك مطلقا على ما اختاره المصنف و كذا على القولين الاخيرين اشكالا و هو ان يمينه ليست لاثبات ما ادعاه لثبوته باعترافه بل انما هى لنفى ما ادعاه العامل فاذا كان ما يدعيه العامل بقدر اجرة المثل او ناقصا عنها فلا وجه ليمين المالك اذ بعد يمينه ايضا يعطى العامل ما ادّعاه فما فائدة اليمين و لاى شي ء يرضى المالك اذ بدون اليمين ايضا لا يؤخذ منه ازيد من ذلك نعم لو كان زائدا عن اجرة المثل فينبغى النفى الزائد مما ادعاه من اجرة المثل و قد اشار الى هذا الاشكال في شرح الشرائع لكن عبارته مختلة جدا كما اشرنا اليه فيما علقنا عليه فتأمل

قوله لأصالة عدم

هذا وجه آخر لحلف المالك فان الاصل عدم الزائد الذى يدعيه المالك فالمالك منكر فعليه اليمين و ما بعده وجه لثبوت ما ادعاه المالك و فيه ان الحصر في دعوهما و حلف المالك على نفى ما ادعاه العامل لا يوجب ثبوت ما ادعاه المالك اذ كما ان المالك منكر لما ادعاه العامل و يحلفه بنفى ما ادعاه كذلك العامل منكر لما ادعاه المالك فينبغى ان يحلف لنفى ما ادعاه ايضا ثمّ يحكم باحد المذاهب الثلاثة

ص: 378

و اقواها ما ذكره المصنف كما اشرنا اليه و الاولى في الاستدلال على هذا القول ان يقال ان المدعى في هذا النزاع ليس الا العامل حيث يطالب شيئا من المالك و المالك منكر لما يطلبه فيتوجه عليه اليمين و بيمينه يسقط دعواه ما ادعاه المالك فهو اقرار على نفسه فلذا يحكم به من غير حاجة الى اثبات و انكار الجاعل له لا يوجب ثبوت يمين عليه اذ هو ليس بشي ء يطالبه المالك منه حتى يتوجه عليه اليمين بانكاره و لم يبق له مطالبة من المالك حتى يفيد اليمين فيها بل اذا كان منكر لهذا فغاية الامر ان لا يؤخذ هذا ايضا و اما حلفه على نفيه مع عدم دعوى عليه و سقوط دعواه على المالك فلا وجه له و بما قررنا يظهر اندفاع ما اورده المحقق على شيخه ابن نما و نسبه الى الخطأ بسببه و هو ان فائدة يمين المالك اسقاط دعوى العامل لا ثبوت ما يدعيه الحالف و ذلك لما عرفت ان ثبوت ما يدعيه الحالف ليس باعتبار الحلف بل باعتبار انه اقرار على نفسه لان المدعى في مقابله ليس الا العامل و قد سقط دعواه فالحكم ثبوت شي ء آخر على المالك من اقل الامرين على ما ذكره المحقق او على ما ذكره المصنف او اجرة المثل على ما ذكره الشيخ مع عدم مدع في مقابله و اصالة براءة ذمته على الزائد ما اعترف به لا وجه له خصوصا بلا حلف الجاعل على نفيه و منه يظهر ان القول بالتخالف ثمّ الرجوع الى احد المذاهب اقل بعدا مما ذكره المصنف طاب ثراه فتأمل

قوله لان كلا منهما مدع

قد ظهر بما حققنا ان الدعوى حقيقة ليست الا من الجاعل و بانكار المالك و حلفه يسقط دعواه و انكار الجاعل ليس انكارا يتوجه به الحلف به فتدبّر

قوله و يثبت الأقل كما مرّ

اى على التفصيل الذى ذكره المصنف و قيل ايضا بعد التحالف بالاقل على ما نقلنا عن المحقق و به و باجرة المثل كما ذهب اليه الشيخ هناك

قوله ففيه الوجهان الماضيان في الاجارة

اى ما نقل عن ابن نماء و التحالف و الاقوى تقديم على ما نقل عن ابن نما و على القول بالتحالف يحكم بعده باحد المذاهب كما اشرنا اليه

قوله و ان كان اختلافهما في جنس المجعول

لا يذهب عليك ان ما ذكرنا من الدليل لمذهب ابن نماء جاز في صورة الاختلاف في الجنس سواء كان اختلاف في القيمة ام لا و ذلك لان المطالبة و الدعوى حقيقة ليست الا من الجاعل حيث يدعى شيئا على المالك و اما المالك قد يطلب منه شيئا و الجنس الذى يدعيه قد سقط بانكار المالك و حلفه و اما دعوى المالك فليس الا اقرارا في حقه حق نفسه فلذا يحكم بثبوته و انكار الجاعل له ليس انكار الواجب بيمينه اذ هذه الدعوى لا يرجع الى مطالبة شي ء من المالك حتى يلزم عليه اليمين بانكاره بل لا يفيد ذلك الا انه ان شاء الجاعل اخذ ذلك منه مقاصة لحقه بزعمه و ان لم يشاء فتركه فحلفه على نفيه لا وجه له لسقوط المطالبة عن المالك و عدم مطالبة المالك منه نعم لو ادعى الجاعل بعد ذلك شيئا آخر و سمع منه الدعوى فان كان المالك منكرا له توجه عليه يمين آخر فتدبر قوله و غاية ما يمكن ان يقال في الرد عليه اى اقدر المالك بالجعل و انكاره لما ادعاه الجاعل لو لا دعواه الآخر يرجع الى الاقرار باجرة المثل بناء على ان الظاهر ان يكون يجعل باجرة المثل لكن لما ادعى ان الجعل شي ء آخر فللجاعل الحلف على نفيه حتى ينتفى ذلك و يستقر اجرة المثل ليمكنه اخذ حقه منه مقاصة و اما انه بعد تحليفه للمالك لا يمكنه التقاص بناء على ما هو المعروف بين الاصحاب من حرمة التقاص بعد اليمين فيمكن دفعه بان حرمة التقاص لعلها اذا كان المنكر منكرا محضا لحقه و اما مع اعترافه به في الجملة فلعله يمكن التقاص مما اعترف به و هاهنا اعترف بثبوت شي ء منه حيث اعترف باصله الجعل فله الحلف على نفى ما ادعاه جعلا حتى يثبت عليه ما هو مقتضى اقراره من اجرة المثل لياخذ منه حقه مقاصة لكن لا يخفى ان الحكم باليمين بمجرد هذا لا يخلو عن اشكال خصوصا مع عموم النهى عن التقاص بعد اليمين و عدم تجويزه مع البينة التى هى اقوى فالحكم بما ذكره ابن نماء مطلقا حتى مع التحالف في الجنس اقوى و اللّه تعالى يعلم

قوله فالتحالف هاهنا متعين

و حكمه بعده الرجوع الى اجرة المثل على ما صرح في شرحه الشرائع و لا يخفى ان هاهنا يتاتى ما سننقله عنه من التفصيل على تقدير الاكتفاء بحلف المالك و كذا ما نذكره من الاحتمال و يحكم بعدم بعده فانتظر

قوله و ليس بواضح

قد وضح مما قررنا ان التشريك بينهما في الحكم بما نقلنا عن ابن نما اقوى متين لكن الشارح في شرح الشرائع لم يعد ذلك من المذاهب و لم ينقل مذهب ابن نما لا في صورة الاختلاف في القدر مع ان الظاهر من كلام المحقق ثبوت هذا القول من ابن نما في الصورتين و ايضا المعروف بين الاصحاب بحيث لم يظهر فيه مخالف على ما سيجي ء حكمهم في الصورتين و لا يظهر فرق بين الخلع و الجعالة فالحكم هاهنا ايضا في الصورتين متجه بل يتوجه على من فرق بين المسألتين و حكم هاهنا بغير ما حكم به هناك سؤال وجه الفرق فانه غير واضح كما سنشير اليه هناك ايضا انشاء اللّه و اما التشريك بينهما على مذهب المصنف و المحقق او الشيخ فليس ببعيد ايضا و ان كان اصل مذهبهم لا يخلو عن ضعف على ما اشرنا اليه و ذلك لان في صورة الاختلاف في الجنس ايضا قد اتفقا على وقوع جعالة صحيحة و انما الخلاف بينهما في الجعل فيحكم بصحة الجعالة التى لا نزاع فيها و ينفى ما ادعاه العامل من الجعل بيمين المالك و لما لم يثبت ما ادعاه المالك بمحقق دعواه فلا بد من المصير الى احد المذاهب فتأمل و اعلم ان الشارح في شرح الشرائع على القول بالاكتفاء بحلف الجاعل اختار في حكمه بعد حلفه و نفى ما ادعاه العامل تفصيلا غير المذاهب الثلاثة و هو ثبوت اجرة المثل مطلقا على مغايرتها جنسا لما عيناه و مع موافقتها لدعوى العامل بان كان ما ادعاه من النقد الغالب الذى عليه بناء اجرة المثل اقل الامرين منها و مما يدعيه و مع موافقتها لدعوى المالك بان كان ما يدعيه من النقد الغالب فاكثر الامرين منهما و مما يدعيه قال و اما اخذ كل من الدعويين باعتبار القيمة و نسبتها الى اجرة المثل و اعتبار الاقل او الاكثر فيفيد لعدم اتفاقهما على ما يوجب الزامهما بالزائد هذا ما حققه و لا يخفى ان اعتبار القيمة و الاخذ بالاقل و الاكثر و ان كان بعيدا لكن لا يبعد احتمال آخر و هو ان يقال ان المالك على مذهب المحقق مخير بين اعطاء عين ما يدعيه العامل او اجرة المثل سواء كان ما يدعيه من جنس اجرة ام لا و كذا على مذهب المصنف بكون المالك مخيرا بينهما لكن بكون للعامل ايضا الاباء عن اجرة المثل اذا اعطاها المالك و مطالبة عين ما يعترف به المالك سواء كان من جنس اجرة المثل ام لا لياخذ حقه مقاصة بتقريب مثل ما ذكر من دليل المذهبين فتأمل

قوله و يبقى في القول بالتخالف مطلقا

اى سواء قيل به في المتخالفين جنسا او قيل به في المتفقين ايضا او في القول به مطلقا سواء تساوت الاجرة و ما يدعيه المالك او زاد ما يدعيه عنها او زادت الاجرة عليها اذ لا وجه لحلف العامل في الاوليين في ذلك لان العامل بعد تحليفه في الصّورتين لا يعطى ازيد ممن اعترف به المالك بل اما ان يعطى ذلك او اقل منه و يكفى لاعطائه ذلك لو كان تحليفه على اثباته لامكن ان يقال انها مؤكدة لاعتراف المالك اما تحليفه على

ص: 379

نفيه ليعطى بعد الحلف ذلك او اقل منه فلا معنى له و لاى شي ء يقبل العامل ذلك و يأتى به اذ لو لم يحلف ايضا يثبت له ما اعترف به المالك الا ان يكون ازيد مما ادعاه فيقتصر على ما ادعاه و بعد الحلف ايضا ليس الحكم الا هذا فلا وجه لتحليفه و لا لقبوله الحلف هذا على قول المصنف و قس عليه القولين الآخرين اما على قول الشيخ فيقول به اذ بعد الحلف في الصّورتين لا يعطى الا الاجرة و هى لا مساوية لما اعترف به المالك او اقل منه فلا وجه لتحليفه على نفيه حتى يعطى الاجرة التى هى مساوية لما نفاه او اقل منه و كذا على قول المحقق رحمه الله لا يعطى بعد الحلف الا اقل الامرين من الاجرة او مما ادعاه العامل و في الصورتين الاجرة لا مساوية لما ادعاه المالك او اقل منه فلا معنى لتحليفه على نفيه لاثبات ذلك اذ قبول دعواه لا يوجب معه مما يعطى بعد الحلف نعم حلفه على المذاهب انما يتجه في صورة زيادة اجرة المثل على ما ادعاه المالك لينفى ما ادعاه بالحلف فثبت له اجرة المثل او الاقل منه و مما ادعاه العامل فتأمل و لا يخفى ان على القول بالتخالف مطلقا يرد الاشكال السابق ايضا و هو انه لا وجه للحكم بحلف المالك مطلقا بل ينبغى ان يخص مما اذا كان ما يدعيه العامل زائدا عن اجرة المثل لما فصّلناه و هو ظاهر

[كتاب الوصايا]

[الفصل الأول في تعريف الوصية]

قوله و اصلها الوصل

و منه ارض واصية اى متصلة النبات

قوله و ينتقض في عكسه إلى آخره

هذا بناء على انه لو حمل التسليط على التّصرف على خصوص الوصاية و يمكن ان يحمل على الاعم منها و من بعض افراد الوصية فيشمل جميع ما ذكره الشارح من موارد النقص و هذا في غير التدبير ظاهر و اما فيه فلانه يمكن ان يقال انه تسليط للعبد على التصرف كيف يشاء ثمّ القول بكون التدبير وصية بالعتق كانه فيما كان متعلقا بموت المولى و اما المعلق بموت من غيره من الزوج او المخدوم لو قيل بصحته فكانه لا يتجه ادخاله في الوصية و ان شاركها في الخروج من الثلث و في بعض صورة و هو اذا مات ذلك الغير بعد موت المولى او معه فلو فرض القول بادخال هذا القسم ايضا في الوصية فلك التحمل في ادخاله في التعريف ايضا فتأمل

قوله فانّه وصية به عند الاكثر

و يدل عليه ظاهر بعض الاخبار و قيل انه عتق معلق و هو مستثنى من عدم جواز التعليق في العتق و يظهر من كلام بعضهم كالمحقق في الشرائع و كذا من بعض الاخبار انه ايقاع براسه يشابه الوصية في بعض الاحكام و هو اظهر

قوله تاخره من الحياة

لو قال و يمكن ان يؤيد تاخره عن الوفاة و مقارنته لها لكان احضر و اظهر

قوله لانه يرى جواز تقديم

قال في الدروس و لا يشترط في القبول الاتصال بالإيجاب بل لو قيل بعد الوفاة جاز و ان تراخى القبول ما لم يردد قال ابن زهرة لا قبول الا بعد الوفاة لان التمليك بعدها فكيف يقبل قبله و اختار الفاضل في المختلف و ابن ادريس و المحقق جواز الامرين و لو رده في حيوة الموصى فله القبول بعد وفاته على المشهور و انت خبير بانه لا يظهر منه الى ما ذكره الشارح بل يحتمل التوقف ايضا احتمالا ظاهرا و في الشّرح لم يتعرض لهذه المسألة و انما تعرض المسألة الرد و قطع بعدم اعتبار الرد حال الحياة ثمّ ما نسبه الى الفاضل في المختلف و عد اختار مذهب ابن زهرة نعم في التحرير جواز الامرين

قوله و الثانى للمشهور

هو على مقتضى كلامه عدم جواز تقديم القبول على الوفاة لكنه في شرح الشرائع جعل اعتبار القبول في حال الحياة ايضا مذهب الاكثر و لعلّ ما ذكره هاهنا اظهر فان الشيخ ذهب الى الاول كما صرح في المبسوط و الاكثر تابع له في الاكثر لا يبعد ان يكون اكثر المتاخرين على الثانى

قوله و مبنى الوجهين

لم يراع الترتيب من المبنى و المبنى عليه

قوله لفوات احد ركنى العقد حال اعتباره

فيه انا لا نم ان فوات ركنى العقد في بعض اوقات اعتباره مع الاتيان به في البعض الآخر مما يؤثر في البطلان فكان المراد بفوات احد ركنى اى القبول حال اعتبار تحقق منا فيه و هو الردّ و هو موجب للبطلان لابطاله الايجاب السابق و حينئذ فيكون قوله بل يمكن الى آخره بيانا و تفصيلا لهذا الوجه لا انه وجه آخر فتدبّر

قوله مبنى على الحكم المشهور السّابق

اى عدم جواز تقديم القبول على الوفاة و فيه ان جمعا من القائلين يجوز التقديم غير المصنف ايضا صرحوا بهذا الحكم كالمحقق في الشرائع و العلّامة في السرائر و يبعد غفلة الجميع عن المبنى فلا يصح الحكم بالبناء المذكور على اطلاقه نعم البناء المذكور في كلام من قال بعدم اعتبار القبول حال الحياة متوجه فتأمل

قوله اذ لا اثر للقبض من دون القبول

قد سبق منه انه يكفى في القبول الفعل الدال عليه كالاخذ و التّصرف فلعلّ مراده هاهنا عدم تاثير القبض الذى لم يقترن بامارة القبول كقبضه قبل الاطلاع على الوصيّة وديعة او عارية فافهم

قوله بناء على ان القبض شرط في صحة الملك

قال الشيخ في المبسوط متى ردها بعد القبول قبل القبض فانه يجوز و في الناس من قال لا يصح الرد لانه لما قيل ثبت ملكه اما بالموت او الشرطين و اذا حصل في ملكه لم يكن له الرد و الصحيح ان ذلك يصح لانه و ان كان قد ملكه بالقبول لم يستقر ملكه عليه ما لم يقبضه فصح منه الرد كما ان من وقف عليه شي ء فانه متى ردّ صحّ ذلك و ان كان قد ملك الرقبة و المنفعة او احدهما انتهى و هو صريح في انه لم يجعل القبض شرط صحة الملك كما ذكره الشارح بل جعله شرط اللزوم فيصح الرد قبله و يؤيد هذا انهم في مسأله انتقال الملك نقلوا الاقوال الثلاثة المشهورة كما سيشير اليه الشارح ايضا و لم يتعرض التبعيض اصلا فالظاهر انه لا خلاف بينهم في عدم اشتراط القبض في اصل الملك هذا لكن لا يخفى ان التشبيه بالوقف في كلام الشيخ لا يخلو عن شي ء اذ ظاهرهم الاتفاق على ان القبض في الوقف شرط الصحة لا اللزوم على ما صرح به الشارح في شرح الشرائع و ظاهر كلام الشيخ ايضا في بحث الوقف الذهاب فالاولى التشبيه بالهبة بناء على كون القبض فيها شرط اللزوم كما هو مذهب ابى الصّلاح و العلامة في المختلف و جماعة ثمّ كيفما كان فالحكم بكون القبض في الوصية شرط الصّحة او اللزوم لا بد له من دليل اذ الظاهر من الوصية التى حكم في الآية الشريفة باعتبارها و تقدمها على الارث هو مجرد الايجاب و لو نزل عنه فبعد ضم القبول ايضا اما على الجزئية او الكشف اذ اعتبار شي ء آخر لا بد له من دليل و لا دليل عليه على ما راينا سوى القياس على الهبة او الوقف لاشتراكهما في كونهما عطية تبرعا بها مع اولوية الحكم في الوصية من حيث ان العطية من الهبة و ما في معناها منجزة و في الوصية مؤخرة و الملك في المنجز اقوى منه في المؤخر بقرينة نفوذ المنجر الواقع من المريض من الاصل على قول بخلاف المؤخر و هو كما ترى لبطلان القياس و الاولوية المذكور لا يفيد الحكم المتنازع هذا مع وقوع القول المذكورة في المؤخر ايضا و ان نذر فتدبّر

قوله و اصالة عدم الزوال بذلك و استصحاب حكم الملك ثابت

هذا مع ما نقله من القائل من الذهاب الى كون القبض فيه شرط صحة الملك كما ترى اذ لم يثبت عنده في الصّورة المفروضة ملك حتى يتمسك باصالة عدم زواله بذلك و استصحاب حكم الملك نعم انما يتمشى هذا على القول بكونه شرط اللّزوم على ما نقلنا من الشيخ فالصواب التمسّك بالآية الشريفة على ما اشرنا اليه او بعموم الامر بالوفاء بالعقود الشامل لموضع النزاع على ما فعله في حينئذ الشرائع فتأمل

قوله و ينتقل حق القبول

اعلم ان كلامهم في تجويز هذه المسألة مشوّش جدّا فالمحقق في موضع من الشرائع المسألة

ص: 380

موت الموصى له قبل القبول و حكم بانتقال حق القبول الى وارثه و لم يشر الى الخلاف و مثله العلامة في عد و هكذا في التحرير و لكن فيه قبل القبول و الردّ بالردّ باضافة و الردّ و في موضع آخر من الشرائع جعل موته قبل الموصى و لم يتعرض للقبول و نقل عنه قولين احدهما بطلان الوصيّة و الآخر انه ان يرجع الموصى بطل الوصية سواء رجع قبل موت الموصى له او بعده و ان لم يرجع كانت الوصية لورثته الموصى له و هو اشهر الروايتين و في النكت ايضا جعل النزاع ما اذا مات الموصى له قبل الموصى و نقل قول بعض الاصحاب بانتقال الوصية الى ورثته الموصى له ما لم يرجع الموصى ثمّ نقل رواية محمد بن مسلم و قال هذه انسب بالاصول لان الموصى له لا يملك الا بعد موت الموصى اجماعا فلا ينتقل الى وارثه ما لا يملكه فينبغى ان يكون العمل بهذه و ذكر العلامة في المختلف ان المشهور ان الموصى له اذا مات قبل الموصى و لم يرجع الموصى عن وصيته فان الوصية تنتقل الى ورثته الموصى له ثمّ نقل عن المفيد ما يوافقه ثمّ قال و رواه ابن بابويه في كتابه و هو مذهب مشهور بين الاصحاب ثمّ نقل عن ابن الجنيد انه قال اذا كانت الوصية لأقوام يعنهم و اذا مات احدهم قبل موت الوصى بطل سهمه ثمّ قال و لا باس بهذا القول عندى لان الوصية عقد يفتقر الى الايجاب و قبول و قد بينا ان القبول المعتد به هو الذى يقع بعد الوفاة فقبل الموت لا عبرة به ثمّ ايّده بالروايتين ثمّ قال و باقى علمائنا احتجوا برواية محمد بن قيس قال في التذكرة لو مات الموصى له قبل الموصى و قبل القبول فالمشهور بين علمائنا ان الموصى اذا مات بعد ذلك قبل رجوعه من الوصية فان الوصية تنقل الى ورثة الموصى له قبل الموصى و لا باس و قال المصنف في الدروس و لو مات قبل القبول فلو ارثه القبول سواء كان موته قبل الموصى او بعده و هو اختيار المعظم و قيل يبطل الوصية و اختاره في المختلف و هو حق ان علم تعلق غرضه بالمورث لا غير و به يجمع بين الرّوايات و قال المحقق ان مات الموصى له قبل الموصى بطلت و ان مات بعده فلو ارثه و لا يخفى ان كلام المختلف على ما نقلنا و ان كان مخصوصا بما اذا مات قبل الموصى لكن يمكن استفادة الحكم بالبطلان فيما اذا مات بعده ايضا قبل القبول مما ذكره من الدليل و ان يحرفيه التأييد بالروايتين فلعله لذلك نسب اليه الحكم بالبطلان مطلقا و امّا ما نسبه الى المحقق رحمه الله و كانه ماخوذ من النكت لكن قد عرفت ان الظاهر من كلامه على ما نقلنا انه لا نزاع فيما اذا مات بعده بل النزاع فيما اذا مات قبله و المختار عنده البطلان و قال العلامة في الارشاد و لو مات الموصى له اولا فالاقرب البطلان و قيل ان لم يرجع الموصى فهو لورثته الموصى له و قال المصنف في شرحه اقرب المذهبين البطلان لان انتقال الموصى به اليهم اما عن الموصى له او عن الموصى و لا سبيل الى احدهما امّا الاول فلان المنتقل اليهم اما القبول او متعلقه و الثانى باطل اجماعا ضرورة عدم دخوله في ملكه الا بالايجاب و القبول و الوفاة و لم يحصل سوى الايجاب و الاول ايضا لان القبول في العقود لا يورث كقبول البيع و الهبة و غيرهما و لا انه لا سبيل الى الثانى و هو انتقاله عن الموصى فلان الموصى لم يقصدهم بالوصية اذ المقصود انما هو مورثهم ثمّ ايّده برواية محمد بن مسلم و انت خبير بانه ينبغى جعل بناء كلامه على انه جعل محل النزاع الموت قبل الموصى و قبل القبول موافقا للتذكرة او على ان القبول قبل موت الموصى لا عبرة به على ما هو مختار العلامة لكن ما ذكر من الدليل على البطلان فيما اذا مات بعد الموصى ايضا و قبل القبول و بالجملة فيما ذكره لو تم يدل سواء مات قبل الموصى او قبل القبول و اذ قد سمعت ما تلونا عليك فنقول لا يخلو اما ان يكون موت الموصى له قبل الموصى او بعده و على التقديرين اما ان يكون قبل القبول ايضا او بعده فهنا صور اربع الاولى الموت قبل الموصى و قبل القبول و لا شك في تحقق الخلاف فيه فالمشهور هو القول بالانتقال و ذهب جماعة كابن الجنيد و العلامة في التذكرة و عد و المصنف في

النكت الى البطلان و الثانية الموت قبل الموصى و بعد القبول و لا ريب ان المشهور فيه ايضا هو المشهور و الظاهر لمحقق القول بالبطلان فيه ايضا لإطلاق ما نقل ابن الجنيد و كذا ما نقلنا عن النكت و لجريان ما ذكره من وجه الأنسبية ايضا نعم كلام العلامة رحمه الله في التذكرة لا يشمل هذه الصورة و كلامه في المختلف يشعر بان حكمه مطلقا فيما اذا مات قبل الموصى انما هو بناء على قوله بعدم اعتبار القبول حال الحياة فلو قال احد باعتبار فله ان يخصص الحكم بالبطلان بما اذا مات قبل القبول ايضا و لا يخفى ان التمسّك بالروايتين للقول بالبطلان يجرى في الصورتين لإطلاقهما و الثالثة الموت بعد الموصى و قبل القبول و المشهور فيهما ايضا هو المشهور و كلام س ظاهر في وجود القول بالبطلان فيها ايضا لكن لم اقف على قائل به بخصوصه و الروايتان لا يجرى في هذه الصورة لكن بعض دلائلهم يجرى فيها ايضا و هو ما نقلنا عن المختلف و كذا ما نقلناه عن الشرع و لكن بادنى تعسر يظهر بالتامل الرابعة الموت بعد الموصى و بعد القبول و كانه لا خلاف بينهم حينئذ في انتقال الملك الى الموصى له و منه الى ورثته اللهمّ الا على احتمال اشتراط الملك بالقبض على ما نقله الشارح سابقا فانه حينئذ لا ينتقل الملك الى الموصى له قبل القبض لكن لا شك في ثبوت حق له بالقبول و الموت و ينتقل الى ورثته لكن حصول الملك لهم موقوف على قبضهم و اما اذا قيل ان القبض للاستقرار لا حصول الملك فتنقل الملك الى الورثة لكن لهم الخيار في الرد قبل القبض كورثتهم فتأمل تحط باطراف الكلام و للّه التوفيق المرام

قوله و مستنده رواية تدل

هى رواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال قضى امير المؤمنين عليه السلام في رجل اوصى لآخر و الموصى له غائب فتوفى الذى اوصى له قبل الموصى قال الوصية لوارث الذى اوصى له قال و من اوصى لأحد شاهدا و غائبا فتوفى الموصى له قبل الموصى فالوصية لوارث الذى اوصى له الا ان يرجع في وصيّته قبل موته و لا يخفى ان هذه الرواية مخصوصة بما اذا مات الموصى له قبل الموصى و اذا ثبت الحكم فيه ثبت فيما اذا مات بعده بعدم القائل بالفصل لكن ليس فيها تصريح بكون ذلك قبل القبول و لذا قال الشارح تدل باطلاقها عليه و لا يخفى ان الجزء الاول من الرواية قضية في واقعة فلا اطلاق فيه و الجزء الآخر عام فلو قال الشارح بعمومها لكان اظهر و اقوى و من هنا ظهر ان ما ذكره في شرح الشرائع من ان الرواية نص في الباب فيه ما فيه فتأمل و مما قررنا ظهر انه يمكن الجمع بين الرّوايات تخصص تلك الرواية بما اذا مات الموصى له بعد القبول بناء على اعتبار الفتوى حال الحياة كما هو الاظهر و فرض غيبته في الرواية لا ينافى ذلك لكنه لا يخلو عن بعد كما لا يخفى و استدل ايضا على المشهور بان الوصية حق و الارث يشمل كل حق كما في الشفعة و الخيار فيشمل الوصية ايضا و تفصيل القول فيه فيما علقناه على شرح الشرائع

قوله و قيل تبطل الوصية

ظاهره على ما صرح به في حينئذ الشرائع ان هذا القائل لقول ببطلان الوصية بموت الموصى له قبل القبول سواء مات في حيوة الموصى له ام بعد موته لكن قد اشرنا الى ان القول بالبطلان فيما اذا مات بعد الموصى و ان دل عليه عبارة س لكن لم اقف على قائل به بخصوصه و ان استنادهم بالروايتين لا يصلح في هذه الصور للتصريح فيهما بموت الموصى له قبل الوصى و انما يصح في الصورة الاداء لكن لا يخفى انه ليس فيهما حديث الموت قبل القبول اصلا كما انه ليس في رواية محمد بن قيس ايضا و بالجملة فحينئذ نظر الى الروايات ينبغى له ان يعنون

ص: 381

المسألة بما اذا مات الموصى له قبل الموصى و يذكر الرّوايات من الجانبين اذ ليس فيها حديث القبول اصلا و في شرح الشرائع احتج لهذا القول مع الروايتين بان الوصية عقد يفتقر الى ايجاب من الموجب له فيبطل بموته و هذا يجرى في الصورتين لكن لا يخفى ما فيه فان كون الوصية عقد الصيغة الى ايجاب و قبول من الموجب له ممنوع بل غاية ما نسلمه في الوصية افتقارها الى قبول في الجملة و اما الى قبول الموجب له نفسه فلا دليل عليه نعم و حينئذ فلم لم يكف قبول وارثه و الحاصل ان الظاهر من الآية الشريفة تقدم الوصية على الميراث و الظاهر منها هو مجرد الايجاب و اعتبار القبول لا دليل عليه نعم علم بالاجماع اعتبار قبوله او قبول وارثه و استقرار الملك او اصله فنقول و اما اعتبار ما زاد على ذلك مما لا دليل عليه فلا وجه له فتأمل

قوله و فصل ثالث

هذا هو القول الذى نسبه في الدروس الى المحقق ممنوع لا يخفى انه قد تمسّك هذا القائل في البطلان في الصورة الاولى بالروايتين و في عدم البطلان في الصورة الثانية باصالة عدم البطلان و بشمول الارث لكل حق فيدخلن فيه الوصية ايضا كما اشرنا اليه و انما عدل عنهما في الصورة الاولى للروايتين هذا و قد حمل الشيخ في التهذيب الروايتين على ما اذا رجع الموصى و هو بعيد

قوله و الاقوى البطلان مع تعلق غرضه

الظاهر مع قطع النظر عن الروايات انه ان علم تعلق غرض الموصى بخصوص الموصى له فالظاهر البطلان و ان علم عدم تعلق غرضه بخصوصه فالظاهر انتقال الحق الى الوارث لما كان مشروطا بعدم تعلق غرضه بخصوص المورث فما لم يعلم انتفاء ذلك لا يحكم بالانتقال و يمكن ان يقال ان الاصل عندهم انتقال كل حق الى الوارث بناء على عمومات الميراث الا ان يعلم خلافه و هو ما اذا علم تعلق غرضه بخصوص المورث فيبقى الثانى تحت العموم و لعل هذا اظهر على طريقتهم و كانه لهذا اختار المصنف رحمه الله في الدروس البطلان اذا علم تعلق غرضه بالمورث لا غير و الصحة فيما عداه به جمع بين الرّوايات و من هذا يظهر ان كلام الشارح لا يخلو عن اجمال و اخلال فليحمل قوله مع تعلق غرضه بالمورث على ما اذا علم ذلك ليوافق ما في الدروس فتأمل

قوله في الحاشية و هو مشترك هذا مما ذكره العلامة في المختلف و قريب منه ما ذكره المحقق في النكت حيث و قيس حاله مشبهة و فيه ان الظاهر انه البجلى الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه و حينئذ فالظاهر انها حسنة بإبراهيم بن هاشم و هى معتبرة

قوله في الحاشية و ما قيل من احتمال الصحيحة الغير المطلوب من الصحة اى صحة الوصية يعنى كما يحتمل حمل الروايتين على ان الوصية لا شي ء يعتد به بمعنى بطلانها كذلك يحتمل حملها على صحة الوصية و ان الموت ليس بشي ء ينقضها و ذكر في حينئذ الشرائع ان هذا الاحتمال ربما كان انسب باسلوب الكلام و تذكر الضمير المستتر في الفعل و به يندفع التنافى بين الروايات فيكون اولى و انت خبير بان كونه انت باسلوب الكلام مما لا يظهر له وجه سوى ما ذكره من تذكر الضمير و الامر فيه هين و الظاهر عندى ان مع ذلك ظاهرها الاحتمال الاول كما ذكره هاهنا و اما ان به يندفع به التنافى بين الروايات ففيه انه كما يندفع التنافى بذلك يندفع ايضا بما اشرنا اليه من تخصيص الرواية الاولى بما اذا مات الموصى له بعد القبول و حمل هاتين الروايتين على ما اذا مات قبله و كون الاول اظهر من الثانى غير ظاهر هذا مع رجحان الرواية الثانية من حيث الصحة و تأييدها بالموثقة لكن يمكن تأييد ما ذكره من الجمع بالشهرة بين الاصحاب و بان الظاهر من الآية الشريفة تقدم الوصية على الميراث مطلقا و الظاهر من الوصية كما اشرنا اليه هو الايجاب فالظاهر عدم انتقالها الى الوارث ما لم يثبت خلافه و ثبوته فيما نحن فيه ممنوع و بان الظاهر انتقال امثال تلك الحقوق الى الوارث و يمكن تأييده ايضا بما روى في الكتب الاربعة عن محمد بن عمران الساباطى قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل اوصى اليّ و امرنى ان اعطى مما له في كل سنة شيئا فمات العم فكتب اعط ورثته و بما روى فيها ايضا عن عباس بن عامر عن مثنى قال سألته عن رجل اوصى له بوصية فمات قبل ان يقضها و لم يترك عقبا قال اطلب له ورثته وارثا و مولى فارفعها اليه قلت فان لم اعلم له وليّا قال اجهد على ان تقدر له على ولى فان تجده و علم اليه منك الجد فتصدّق بها و ليس في الكافى عن مثنى فالسند صحيح الا ان الظاهر سقوطه بقرينة الكتب الثلاثة و انّما حكمنا بالتّأييد لعدم صحة سندهما مع اضمار الثانية و الا كلا منهما حكم في واقعة فلا بعد في ان يكون بعد الموت و القبول و لا نزاع فيه او بعد الموت مطلقا فيكون مرجحا لما ذهب اليه المفصل الثالث او قبل الموت بعد القبول كما خصّصنا به الرواية الاولى على ان الرواية الثانية لو حمل على الموت قبل الموصى و قبل القبول اشكل الحكم بالمتصدق فيها الا ان يقال ان حق القبول ينتقل الى الامام مع عدم الوارث الآخر كما هو رأى ابن ادريس فحكمه بالتصدّق بناء عليه لكن معظم الاصحاب على ما نقله في الدروس على انه لو لم يخلف الموصى له وارثا رجعت الوصية الى ورثته الموصى و حينئذ فيشكل الامر و قد ظهر لك بما فصّلنا ان الاقوى في الصور الثلاثة الاخيرة من الصور الاربع و صحة الوصية و قيام الوارث مقام الموصى له و اما الصورة الاولى فللتوقف فيها مجال و ان كان القبول بعدم البطلان فيها ايضا لا يخلو عن قوة فتأمل

قوله لم يدخل العين في ملكه

لان انتقال الملك عن الموصى مشروط بموته

قوله هل هو كاشف عن سبق الملك من حين

و حينئذ فحكم قبول الوارث حكم قبوله لانه خليفته و نائب عنه فيكون كاشفا عن ملك مورثه من حين موت الوصى و ربما قيل على القول بالكشف ان قبول الوارث كاشف عن ملكه من حين موت مورثه و حينئذ لا يدخل في ملك مورثه و هو ضعيف لان دليلهم على القول بالكشف لو تم يأبى عنه كما فصل في حينئذ الشرائع

قوله ام ناقل له من حينه

اى من حين القبول فيكون القبول جزء السّبب فلا ينتقل الملك قبله فلا يدخل في ملك مورثه بل انما ينتقل الى الوارث من حين القبول

قوله ام الملك يحصل للموصى له بالوفاة

هذا على القول بانتقال اصل الملك بالايجاب و الوفاة و كون القبول شرط الاستقرار فانه حينئذ ينتقل بوفاة الموصى الى الموصى له اذا مات بعده لكن استقراره يتوقف على قبوله او قبول وارثه هذا و لا يخفى ما وقع منه من الغفلة حيث لم يذكر فيما يأتى هذا الوجه الثالث بل انما ذكر الوجهين الاولين و في شرح الشرائع نقل الاقوال الثلاثة و فصل الكلام فيها و نحن ايضا فيما علقناه عليه قد فصلنا الكلام بما لا مزيد عليه

قوله خلافا للشيخ

فانه قال في ية و اذا وجدت وصية بخط الميت و لم يكن اشهد عليها و لا أقرأها كان الورثة بالخيار بين العمل بها و بين تركتها و ابطالها فان عملوا بشي ء فيها لزومهم العمل بجمعها قال المحقق في النكت من اين اذا عملوا ببعضها لزمهم العمل بجميعها الجواب ربما يكون الشيخ نقل رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت كتابا فيه ما اراد ان يوصى به هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه و لم يأمرهم بذلك فكتب ان كان ولده ينفذون كل شي ء و يجدون في كتاب ابيهم في وجه البر و غيره و اقول هذه الرواية مكاتبة لا يتحقق حالها و المسئول فيها مجهول و ليس اذا جاز الورثة شيئا لوجه وجب اجارة الباقى لان للمنجز الخيرة فيما يجزى اذ ليس اجازته اقرار بالجميع و لو صرح انه اوصى بالبعض فاذن العمل بها ضعيف مع ان لفظها لا يعطى ما ذكره الشيخ انتهى و الرواية على ما نقله موافق

ص: 382

للتهذيب و الفقيه و حينئذ عدم اعطائها ما ذكره الشيخ ظاهر لكن العلامة في التذكرة نقل الرّواية و فيها هكذا و كتب ان كان ولده ينفذون شيئا منه وجب عليهم ان ينفذ و كل شي ء الى آخره و الظاهر ان العبارة كانت هكذا فتسقط عن التهذيب و الفقيه و حينئذ فيدل على ما ذكره الشيخ لكن لم اقف على ماخذ ما نقله من كتب الحديث و حملها العلامة على انهم اعترفوا بصحة هذا الخط فحينئذ يجب العمل بالجميع و في المختلف نقل الرواية عن الفقيه موافقا له فقال ليت صريحة فيما قاله الشيخ رحمه الله

قوله مع حفظ الشاهد له عنده

اى حفظ الشاهد المكتوب المذكور عنده ليأمن من التزوير

قوله و لكن لا قائل به هنا

يظهر من كلامه في شرح الشرائع وجود القول بذلك هنا ايضا و حينئذ فللكلام فيما تمسكوا به مجال و قد فصّلنا القول فيما علقناه على شرح الشرائع

قوله لزم بقاء الملك بعد الموت

اورد عليه في السرائر النقض بالتركة اذا كان على الميّت دين يحيط قال فانها بلا خلاف بيننا لا تدخل في ملك الغرماء و لا ملك الورثة و الميّت بعين ما ذكرتم فينبغى ان يكون موقوفة على انقضاء الدّين فالشى ء الموصى به بعد موت الموصى و قبل قبول الموصى له يبقى موقوفا على القبول لا يدخل في ملك احد مثل التركة سواء

قوله لان الميت لا يملك لخروجه عن اهليته

هذا لو سلم انما يسلم ابتداء و امّا اذا تملك في حال الحياة فلم لا يجوز ان يبقى على ملكه الى ان ينتقل الى الموصى لهم او الديان بشرائطه و ما ذكر من انتقال ماله عنه بالموت ممنوع ايضا اذ لا دليل عليه عقلا و لا شرعا نعم انتقاله بعد قبول الوصية و قضاء الدين معلوم بالضرورة من الدّين او الاجماع و اما قبل ذلك فلا نعلم ذلك فالقول ببقاء على ملكه او على حكم ملكه كما عبر به المحقق في باب الفرائض الى اداء الوصايا و الديون لا يخلو عن وجه

قوله و وجه الثانى ان القبول معتبر في حصول الملك

هذا ممنوع لجواز ان يكون القبول شرط الاستقرار كما هو القول الثالث الذى لم يتعرض له الشارح هاهنا الا ان يقال ان بناء الكلام هاهنا على الاعراض عنه فعرض كل من الفريقين اتمام حجته على الآخر و فيه بعد ذلك ايضا للمنع مجال اذ لعل اعتباره لكونه كاشفا فلا بد من التمسّك بما ذكره من حكم العقد و فيه ان يكون الوصية من العقود مما لا دليل عليه من اية اوجه و بمجرد تعارف ايراد الوصية في باب العقود بين المتاخرين او تصريح بعضهم بذلك لا يظهر منه اجماع على ذلك حتى يكون حجة فتدبّر

قوله و يشكل بان هذا إلى آخره

هذا اشكال على ما ذكره من جعل الموت شرطا من قبيل اجازة المالك في البيع فينبغى ان يجعل شرطا في انتقال الملك كالقبول و امّا اصل ما ذكره من ان كونها من العقود يرشد الى ان القبول جزء السبب فكانه متوجه عنده

قوله شرط في انتقال الملك

بمعنى عدم تحقق الانتقال قبله لا بمعنى ان له دخلا في الجملة فيشمل الكشف على ما ذكره الموجه كما يدل عليه جعله من قبيل اجازة المالك في الفضولى فلا يرد ان كونه مشترطا في الانتقال مما حكم به الموجه ايضا و انت خبير بانه يمكن حمل كلام الموجه ايضا على ما ذكره الشارح بل ظاهر حكمه بكون الموت شرط الانتقال هو ذلك و جعل من قبيل اجازة المالك لا ينافى ذلك اذ لعلّ مذهبه في الاجازة ايضا ان يكون مؤثرة في النفل لا كاشفة غاية الامر انه لم يجعل الموت و لا الاجازة جزء السّبب بل شرط رعاية لما هو المعروف بينهم احضر اجزاء العقود في الايجاب و القبول فافهم

قوله و بالجملة

هذا يحمل الكلام بعد ما ذكر من وجهى الطرفين و حاصله ان القول بالكشف متوجه لو لا ما ذكر في وجه ان كونها من العقود يرشد الى كون القبول جزءا فان من حكم العقد الافتقار الى الايجاب و القبول و قد عرفت ما فيه فتذكر

قوله و رفع الحجر

فلا يصح وصية العبد و لو عتق و ملك ففيه اشكال على ما ذكره العلّامة و لو علق الوصية على عتقه بان قال مثلا متى عتقت ثمّ متّ فثلثى لفلان فجعل الاقرب النفوذ و امّا المحجور عليه بالشفه فحكم العلّامة بنفوذ وصيته مطلقا تارة و منعها مطلقا تارة اخرى و ظاهر ابن حمزة ايضا منعها مطلقا و ذهب جماعة كالمفيد و سلّار و ابى الصّلاح الى انه بمعنى وصية في وجوه البرّ و المعروف خاصة و اما المحجور عليه بالفلس فيصح وصيّته اذ لا ضرر فيه على الغرماء كما صرّح به المصنف في س

قوله و سبيل الاحتياط

لو راعى الصّبى المذكور الاحتياط و لم يؤمن كان حسنا و لا بعد صدور الوصية منه فالتمسّك بالاحتياط للقول بعدم صحة وصيته مشكل لا سيّما مع النهى في القرآن عن تبديل الوصية بعد سماعها المتناول لعمومه لموضع النزاع

قوله او قتل لعله بموت

اى سبب قتل و ما يئول اليه و هذا على ما في التهذيب و في الكافي بدل قتل فعل و هو اظهر و يوافقه الفقيه ايضا الا ان فيه بعد ما احدث في نفسه جراحة او فعل او قول لعله يموت اى احدث الامارة ان يموت و الاول اظهر

قوله و من ثمّ لا يقع لا عليه الزكاة

هذا بناء على القول باشتراط استقرار الحياة في الذبيحة و سيجي ء الكلام فيه

قوله و اما دلالة الفعل على سفهه فغير واضح

و لو سلم فيجوز ان يفعل ذلك بنفسه لعارض زال به رشده ثمّ يرجع اليه رشده و من اعتبر وصية اشترط تيقن رشده بعد الجرح كما صرح به العلامة في عد على انك قد عرفت الخلاف في وصية السّفيه فتذكر

قوله فانه غير مانع من التصرّف مع تيقن رشده

و قياسه على عدم حلّ المذبوح فاسد لو سلم الحكم في الاصل و من ثمّ وجبت الفدية على قاتله في تلك الحال و ايضا لو صح ذلك يلزم عدم اعتبار وصية المريض ايضا اذا كان بهذه المثابة

قوله حيث تصح الوصية لحملها

بان كان مثلا ابوه مسلما و امّه ذميّا او كان ابوه ذميّا بناء على ما هو المشهور من صحة الوصية للذمى اما مطلقا او اذا كان رحما او كان حربيّا ايضا بناء على القول بجواز الوصيّة للحربي

قوله باستحقاقه بين الغايتين

اى بعد السنة الى اقصى الحمل و لا يخفى انه لو كانت المدة مدّة بحكم العادة بعدم تولده فيها كما اذا كانت سبعة اشهر او ثمانية مثلا فهذا القول لا يخلو عن وجه بناء على ترجيح الظاهر على الاصل لو قيل به و امّا اذا كانت قريبة من المدة المعتادة بحيث لا يستعدّ عادة تكونه فيها كما اذا تولد في الشهر التاسع او العاشر فلا وجه له اذ الاصل في عدم تكونه حال الوصية و الظاهر ايضا لا يعارضه اذ لا استبعاد في تكونه بعدها عادة ايضا و لعل القائل استحقاقه بين الغايتين في الجملة فليحمل على ما ذكرنا فتأمل و على كل تقدير فيشترط انفصاله حيّا هذا شرط الاستقرار فمتى الفصل حيا تحقق من حين موت الموصى و ان لم يكن ذلك الوقت حيا فالنماء المتخلل بين الموت و الولادة يتبع العين و لو صح ميتا تبين بطلان الوصية و ان كان حال الوصية في بطن امّه حيّا كذا في شرح الشرائع

قوله و قيل يعتبر قول وليه

اى قيل باعتبار القبول في الحمل ايضا فيقبل وليه

قوله لان العبد لا يملك

إلى آخره قد يقال انهم يجوزون وصية المولى له فيجوز ان يكون وصية الغير ايضا مثلها و لا يخفى ما فيه

قوله قال لا وصية

ذكر في حينئذ الشرائع انه يمكن ان يحمل على الوصي المملوك لغيره ان الوصية اسم مصدر يمكن اضافته الى الفاعل و المفعول

قوله في الحاشية اما الاشتراك محمد بن قيس فيه ان الظاهر انه البجلى الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه كما اشرنا اليه سابقا ايضا فالرواية حسنة بإبراهيم بن هاشم فهي معتبرة قوله في الحاشية او لانها واقعة حال فلا يعم لجواز ان يكون حكمه عليه السلام بجواز الوصية له بحساب ما اعتق منها و ظاهر ان اجراء الاحتمال المذكور

ص: 383

في جميع القضايا المذكورة في غاية البعد و على هذا فلا ريب ان المستفاد منه صحة الوصية بحساب ما اعتق منه مطلقا و يفهم منه انه اذا لم يعتق منه شي ء لم تصح الوصية اصلا على ان عدم القول بالفصل كان في اثبات ذلك فافهم

قوله استنادا الى رواية

و مع ضعفها لا دلالة لها على المط اصلا كما فصل في شرح الشرائع

قوله فيستقر ملك ولدها

استناد الى جزئها فيعتق عليه و يلزم منه انعتاق الجميع لعدم القول لا للسّير انه لعدم السّراية في غير الاختيارى و انما يتمسّك في عتق الباقى في غير هذه الصّورة ايضا بالاجماع او باطلاق النصوص

قوله الا ان تنفيذها اذ يتوقف على معرفة القيمة

فيه ان توقف تنفيذها على معرفة القيمة و وصول التركة الى الوارث و خروجها من ثلثها لا يجوز على تقدم ملك الوارث اذ يجوز ان ذلك على سبيل الكشف بل هو الظاهر فتاويهم فان وصل الى الورثة ما يخرج الوصية عن ثلثه تبين سبق ملك الموصى من حين الموت و الا فلا و ما ذكره سلطان العلماء من ان استقرار ملك الوارث للتركة يكون مقدما على استقرار ملك الموصى له للموصى به ظاهر الفساد اذ لا استقرار قبل الوفاء بالوصية قطعا الا ان يريد بالاستقرار اصل الملك فيوجه عليه ما اوردنا على اصل الشرح فتأمل

قوله في الحاشية فانه قال فيها ينعتق ثلث الميت وجه الاستدلال ان الحكم بعتقها من الثلث يدل على انه من الوصية و الا فلا وجه له و وجه التدافع ان هذا ينافى الحكم باعطائها اوصى لها الا ان يحمل ذلك على ما اذا فضل من الوصية شي ء و ربما دلت الرواية على ان نصيب ولدها كان بقدر الثلث او على انه اعتقها المولى في مرضه و اوصى لها بوصية بناء على اعتبار المنجزات من الثلث او على ان العتق ايضا كان بعنوان و لا يخفى بعدهما و نقل المصنف في شرح الارشاد عن ابن بابويه انه ذهب الى انها يعتق من ثلث الميت و تاخذ الوصية و حينئذ فظاهر و لصحيحة المذكورة حجة له و كذا ما رواه في التهذيب و في عن محمد بن يحيى عمن ذكره عن ابى الحسن الرضا عليه السلام في امّ الولد اذا مات عنها مولاها و قد اوصى له قال تعتق من الثلث و لها الوصية و روى فيهما في الصحيح عن البزنطى قال نسخت من كتاب بخط ابى الحسن عليه السلام في امّ ولد اوصى لها بالف درهم فكتب عليه السلام تعتق من الثلث و لها الوصية و رواه في الفقيه ايضا متصلا بصحيحة ابى عبيدة فان كان هذا ايضا مذهبا له فلا يبعد القول به لصحة الرواية و ان ثبت الاجماع على خلافه فيحمل على العتق و اعطاء الفاضل و على هذا فهذا ربما يؤيد حمل صحيحة ابى عبيدة ايضا على ذلك فتكون حجة لما ذهب اليه القائل و كذا الرواية الاخرى هذا و اما قوله و لكن ورد فيها اى في ام الولد الموصى لها او في الصحيحة المذكورة فهو اشارة ما في الكافي و التهذيب حيث ذكر بعد تمام الرواية و في كتاب المقياس يعتق من نصيب ولدها و يعطى من ثلثه ما اوصى لها به و انت خبير بان هذا نص فيما ذهب اليه المصنف و يمكن ان يكون قول الشارح لصحيحة ابى عبيدة اشارة الى هذه التتمة و الا فدلالة اصل الخبر عليه كما لا يخفى ان الاستدلال به بمجرّد وجوده في كتاب المقباس ما لا يصلح للاعتماد و سيما مع مخالفته لظاهر صدر الخبر مع صحة سنده و يمكن ان يكون نظره الى ما ذكره في شرحه للشرائع من ان الحكم فيها باعطائها الوصية كان في المط اذ عتقها حينئذ من نصيب ولدها و يستفاد من دليل خارج صحيح و كانه اراد به اطلاق النصوص الواردة في ان دم الولد تعتق من نصيب ولدها او الاجماع على انعتاقها فاذا لم تنعتق من الوصية فتنعتق من نصيب ولدها لكن لا يخفى انه لو لم يكن الجزء الاول من الرواية كان الامر ما ذكره امّا مع وجود الجزء الاول الصّريح في عتقها من الثلث فلا اذ حينئذ اعطاء تمام الوصية لا يظهر من الجزء اذ كما يحتمل حمل الجزء الثانى على ظاهره و التاويل في الجزء الآخر كما ذكرنا اولى بل هو اظهر كما لا يخفى و اظهر منهما حمل الخبرين على ظاهرهما الذهاب الى مذهب ابن بابويه و بالجملة فالظاهر من الخبر عتقها بالوصية او من الوصية فعلى الوجهين فالتمسّك بما ذكر في الاجماع ظاهر الفساد و اما اطلاق النصوص الواردة بانعتاق امّ الولد من نصيب ولد فالظاهر انها مع ما فيها من الكلام ما لا ينهض معارضة ظ تلك الصحيحة الخاصة مع تأييدها بالرواية الاخرى و اصالة عدم الجبر على الولد فتدبّر

قوله و الوصية لجماعة

هذا اذا كانت الجماعة محصورين كالقرابة و الاعمام و الاخوال فلو اوصى لقبيلة عظيمة كالهاشميّين او العلويّين لم يجب التسوية و لا الاستيعاب كما صرح به العلامة في يه المصنف في س

قوله و دلالتهما على ذلك

اما الاول فلان الظاهر من قطع الاسلام أرحام الجاهلية سقوط حق صلة ذويها لا انهم يخرجون عن القرابة مع صدق القرابة عليهم لغة و عرفا و لو سلم عدلك انما هو عند كفرهم و اما بعد اسلامهم فلا شك في صدق القرابة عليهم شرعا و ان انتهوا الى رحم الجاهلية و لو سلم فمساواة باقى اقسام الكفر للجاهلية ممنوع ثمّ بعد هذا كله ان كان مراد اشتراط امر زائد على ما اعتبره الاكثر من صدق القرابة عرفا و هو الانتهاء الى اب او امّ مسلمين كما يشعر به ظاهر عبارات الاكثر عند نقل هذا القول و منهم الشارح في شرح الشرائع فيتوجه عليه ايضا انا سلمنا اشتراط اسلام الاب و الام بما ذكر من الدليل على كفاية الانتماء الى اب او ام في الاسلام و ان بعد بحيث لا يصدق عليهم القرابة لغة و لا عرفا و ليس في استدلوا به دلالة على ذلك اصلا و اما الثانى فلانه لا يدل الا على انتفاء الاهلية عن ابن نوح و لا نسلم انه يلزم منه انتفاء القرابة ايضا على مطلق الكافر مع صدقها لغة و عرفا ثمّ لا يخفى ان الشارح هاهنا جعل الخبر دليلا على اشتراط الاسلام في الأب و الامّ اللذين اليهما الانتساب و جعل حكاية ابن نوح دليلا على مدعى آخر هو انه لا يعطى الكافر و ان انتسب الى مسلم و ليس هذا الاشتراط في كلام غيره ممّن نقل هذا القول و في حينئذ الشرائع استدل بهذه الآية ايضا على الدعوى الاولى و توجيهه انها لما دلت على نفى الاهلية عن ابن نوح و يلزم منه نفى القرابة عنه و عن كل كافر فيلزم منه نفى القرابة عن الأب و الام الكافرين ايضا فينتفى عمن يكون قرابته بسبب الانتهاء اليهما ايضا على مقتضى ما نخيله في الدليل الاول و حينئذ فيتوجه عليه ايضا كل ما اوردنا على الاول فتأمل

قوله المستند ضعيف

و ذكر في شرح الشرائع انه لم اقف لهم على مستند خصوصا لمثل ابن ادريس الذى وافقهم فيه مع انهم لم يقول في مثل ذلك على الاخبار الصحيحة و نحوها و العرف لا يدل عليه فكيف فيما لا مستند له و لعله عوّل فيما تخيله من الاجماع به كما اتفق له ذلك مرارا

قوله استنادا الى رواية عامية

هكذا ذكره جماعة من الاصحاب مع انه قد روى في الكافي في كتاب عشرة و ثلث روايات تدل على ذلك و قد نقلها في حينئذ الشرائع منها ما رواها في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن جميل درّاج عن ابى جعفر عليه السلام قال حد الجوار اربعون دارا من كل جانب من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و لو لا شذوذ هذا القول لكان القول به حسنا

قوله و غاصبهما على الظاهر

و في السرائر ترجيح عدم استحقاق الغاصب و توقف في المستاجر و المستعير

قوله و على المختار فالقسمة إلى آخره

قال في شرح الشرائع و الظاهر عدم الفرق بين صاحب الدار و من في عيلولة من ولد و زوجة و غيرهما لتناول الاسم للجميع و ان كان تناوله اقوى انتهى و لا يبعد الاختصاص بصاحب الدّار نظرا الى العرف و هذا يجرى على القول باعتبار الاذرع و الدور ايضا فلا تغفل

قوله و المخصص شاهد الحال

ص: 384

و يدل عليه ايضا رواية عبد اللّه بن صلت الحسنة بإبراهيم بن هاشم المنقولة في الكتب الاربعة اما لحقارته لفضلة الانسان اذا كان فضله الانسان مما يقبل الملك كما يظهر من كلامه فالظاهر صحة الوصية بها اذ قد تفضل لرتبة الزرع و حرمة لو ثبت بدليل من خارج كالاجماع لا ينافى ذلك و العلامة في القواعد صرح بجواز الوصية بالزبل و قال ابن حمزة في الوسيلة ان جنس ما يوصى به هو كلما يصح تملكه او الانتفاع

قوله لصحيحة عبد اللّه بن سنان إلى آخره

الرواية هكذا قال ان امرأة أوصت الى و قالت ثلثى يقضى به ديني و جزء منه لفلانة فسئلت عن ذلك ابن ابى ليلى فقال ما ارى لها شيئا ما ادرى ما الجزء فسئلت ابا عبد اللّه عليه السلام عنه بعد ذلك و خيرته كيف قال المرأة ربما قال ابن ابى ليلى فقال كذب ابن ابى ليلى لها عشر الثلث ان اللّه تعالى امر ابراهيم عليه السلام فقال اجعل على كل جبل منهنّ جزءا و كانت الجبال يومئذ عشرة فالجزء هو العشر من الشي ء و انت خبير بان الجزء في الرّواية و ان كان مضافا الى جزء آخر هو الثلث لكن استدلاله بحكاية ابراهيم و كذا قوله عليه السلام آخرا فالجزء هو العشر من الشي ء يعطى ان الجزء هو العشر مطلقا على ان اختلاف معنى الجزء عند اضافته الى جزء آخر او غيره مستبعد جدا فالرواية دليل آخر لمذهب المصنف لكن الشارح رعاية للاقتصار على ما هو المتيقن من مورد النصّ جعل مورده ما اضيف الجزء الى جزء آخر ثمّ حكم بكونه مرجحا آخر لمذهب المصنف فكان ينبغى له ان يخصص الجزء المضاف اليه بالثلث الذى هو صريح الرواية لا التعميم فيه و التمثيل بالثلث ثمّ الظاهر ان ما ذكره الشارح بناء على القول بالعشر الذى هو الراجح عند المصنف لان الحكم على القولين كذلك كما يوهمه ظاهر العبارة لاستبعاد اختلاف المعنى باختلاف الاضافة على ما ذكرنا و ان امكن تخيل وجه له بناء على تخيل اختصاص الرواية عبد اللّه بن سنان بصورة الاضافة الى جزء آخر مع صحتها بزعمه فحينئذ يمكن ان يفصل القائل بالسّبع بناء على العمل بالصحيحة في الموضعين هذا و اعلم انه قد وصف الرواية هاهنا بالصحة تبعا للمصنف في الدروس و ية في المختلف و هو انما يصح بناء على ما وردت في الاستبصار حيث رويت عن عبد اللّه بن سنان بلا واسطة بينه و بين الامام عليه السلام لكنهما على ما في الكافي و التهذيب و رويت عن عبد اللّه بن سنان عن عبد الرحمن بن سبابه و هو مجهول فلا يكون صحيحة و هما قرينة السقوط في الاستبصار و يؤيده ايضا ما ذكره في شرح الشرائع انه سئل ابن ابى ليلى في ذلك و من المستبعد جدا ان عبد اللّه بن سنان الفقيه الجليل الامامى يسأل ابن ابى ليلى في ذلك بل الموجود في الاخبار ان ابى ليلى كان يسأله و يسأل اصحابه مثل محمد بن مسلم و غيره عن كثير من المسائل ثمّ انه يدل على القول بالعشر موثقة معاوية عمار و رواية ابى بصير ايضا و على القول بالسّبع صحيحة اسماعيل بن همام فالاول يرجح بالكثرة و الثانى بالصحة فتأمل

قوله لحسنة صفوان

و مثله صحيحة ابن ابى نصر البزنطى المنقولة في التهذيب و الاستبصار فالاولى التعرض ايضا لو لم يكف بهما

قوله و انما ذكروها عليه السلام

على وجه التقريب يريد انهم لم يستدلوا على الحكم بهذه التعليلات حتى ترد انها لا تصلح للعلية لجواز ان يكون الجزء مثلا عاما كما هو المعروف و انما اتفق في قصة ابراهيم عليه السلام اطلاقه على خصوص العشر بل عملوا الحكم من خارج من الوجوه التى كان علمهم عليه السلام و انما هذه التعليلات للتقريب الى افهام المخاطبين و التمثيل لهم فلا اشكال و اعلم انه لو وقع هذه الالفاظ في كلام من كان عارفا باوضاع الشرع و احكامها فحملها على المعانى المذكورة متجه لكن فيما وقع الخلاف فيه كانه ينبغى ان يفصل و يقال ان علم مذهب القائل فينبغى الحمل عليه و الا فيحتمل الحمل على الاقل تمسكا بالاصل و يحتمل وجوب الحمل على ما هو الراجح عند المباشر من الوصى او الوارث او من يرجع الى قوله فيه بناء على وجوب حملها على هو الصحيح و الصحيح عنده هو ذلك و لو كان القائل ممن لم يعرف ذلك لكن على انه قصد الاتيان بها على مقتضى الشرع فانه واضح فانه يجب حينئذ على المباشر حملها على ما هو الراجح عنده او عند من يرجع الى قوله اما لو لم يعلم منه ذلك القصد فالحكم بوجوب حملها على هذه المعانى لا يخلو عن اشكال اذ الجزء مثلا لما كان في العرف في المعروف من اللغة عاما يصلح لكل جزء فالظاهر من القائل ارادة ذلك المعنى فينبغى ان يكون الوارث فيه بالخيار كما في القسط و النصيب و مشبهه لكن الاخبار و كلام الأصحاب على ما راينا مطلقة و بالجملة فالمسألة لا يخلو عن اشكال و الاولى رعاية الاحتياط مهما امكن و اللّه يعلم

قوله استنادا الى رواية

في شرح الشرائع نقل الرواية و قال و لا نعلم به قائلا و نسبته الشيخ الى وهم الراوى و انه سمعه ضمن اوصى بجزء من ماله فظنه بالسهم او ظن ان السهم و الجزء واحد

[الفصل الثاني في تعلق الوصية]

قوله و به نصوص

كان النص ليس الا رواية عن ابان عن علىّ بن الحسين عليه السلام لكن قد روى في الكافي و التهذيب بطريقين و روى في الفقيه ايضا و له الى ابان طريق آخر فاطلاق النصوص كانه بهذا الاعتبار و الكل ضعيف ان لم يرد و اما اذا زاد فيعتق من المملوك ازيد من ثلثه بقدر الزيادة حتى لو زاد الفاضل على المملوك بحيث بقي ثلثه لكل المملوك فيعتق كله فلا بد من التقييد المذكور و لا يخفى انه بعد ذلك التقييد ايضا يرد عليه انه يحتمل بعتقه الفاضل على عن المملوك و لا يصح حينئذ الحكم بعتق ثلث المملوك بل انما يعتق منه بقدر ثلث الفاضل و كان ينبغى ان يقول ان ساوى الفاضل قيمة المملوك و يمكن ان يقرأ ثلثه في كلام المصنف على ان يكون بدلا من الفاضل فيكون المعنى انه يعتق المملوك من ثلث الفاضل و يحمل على انه يعتق منه بقدر ما بقي ثلثه كلا او بعضا لا انه يعتق كله من ثلثه و حينئذ فلا حاجة الى تقييده فافهم

قوله و المعتبر صرفه الى الموجودين

قال في شرح الشرائع عند قول مصنفه فيدفع الى الموجودين في البلد لا يجب تتبع من غاب و يفهم منه وجوب استيعاب من في البلد منهم و وجهه ان الموصى لهم يستحقون على جهة الاشتراك لا على جهة بيان المصرف كالزكاة ثمّ اشار في شرح قوله و هل يجب ان يعطى ثلثه فصاعدا قيل نعم و هو الاشبه الى ان المراد انه اذا لم توجد الثلاثة في البلد وجب الاكمال من غير مراعات للفظ الجمع و الا ففى صورة الموجود في البلد يجب اعطاء الجميع بالغا ما بلغ و لا يخفى ما فيه من التعذر او التعسّر في بعض البلاد العظيمة و يظهر من كلام الشيخ في المبسوط جواز التخصيص ببعض الموجودين في البلد بشرط ان لا ينقص عن ثلثه و ان استحب التعميم و هذا هو الاظهر لا سيّما في البلاد العظيمة لما اشرنا من التعسر او التعذر فيها مع ان الظاهر من حال الموصى فيها هو عدم القصد الى الاستيعاب و لا يلزم منه كونه لبيان المصرف حتى يجوز اعطاء الواحد بل ظاهر اللفظ اعطاء جمع من الفقراء و كذا الظاهر من قصد الموصين في زماننا هذا ذلك فليحمل عليه فتأمل قوله سواء الدّائم و المنقطع و قال في المسالك و هل يختص بالدائم او يعم وجهان احدهما الاوّل وقوفا على موضع اليقين و اقتصار على من ثبت لها حقوق الزّوجية انتهى و لعلّ نظره هاهنا الى ان الخلاف الذى هو مستند الحكم يشمل المتعة ايضا لكن ظاهر الاكثر تخصيص الحكم بالدّائم كما يظهر في بحث وقوع الظهار بالمتعة فانتظر

ص: 385

[كتاب النكاح]

[الفصل الثاني في العقد]

قوله و دعواه زوجية الاخت متعلق بها و هو امر آخر

فيحكم في كل منهما بمقتضى القواعد و حينئذ فان حلف على النفى المذكور فذاك و يحكم عليه في دعواه بمقتضى القواعد بلا اشكال و ان لم يحلف و قلنا بثبوت الحكم بجواز النكول او بعد حلف المدعية تثبت زوجية المدعية و لا يسمع دعواه زوجية المرأة فان نكوله بمجرده او مع حلف المدعية بمنزلة اقراره بزوجيّتها فلا يسمع منه دعوى زوجية اختها و لو قيل ان النكول بمجرّده او مع حلفها بمنزلة البينة فالظاهر حينئذ سماع دعواه فيما لا يتعلق بحقها فيلزم على الاخرى ايضا مع اعترافها او بعد نكولها بمجرد ذلك او بعد حلفه ايضا حق الزوجية ظاهرا فلا تمكن من التزويج و يثبت عليه المهر و النفقة لها ايضا و لكن لا تمكن من الاستمتاع بشي ء منهما و يجبر لمنع الجمع على طلاق احدهما هذا اذا كان المدعى لزوجية المرأة هو الرجل و اما لو فرض ان المدعى فيه ايضا هو المرأة فادعت الاختان عليه الزوجية فعليه اليمين لكل منهما و مع نكوله بمجرّد ذلك او بعد حلفها لثبتت زوجية كل منهما ظاهرا و يجبر على طلاق احدهما و يحتمل حينئذ اخراج احدهما بالقرعة و اللّه تعالى يعلم

قوله للنص على ان الدخول بها مرجح لها فيما سياتى

فليكن مرجحا هاهنا ايضا فقدم به قول المدعية بيمينها عملا بالظاهر و سيظهر لك ضعف هذا الاحتمال

قوله و خلافه خرج بالنص

قال سلطان العلماء اى خلاف ترجيح الاصل حيث يأتى من تقديم بينة المدعى مع الدخول و ان كانت دعواها خلاف الاصل خرج من قاعدة تقديم الاصل بالنصّ الوارد في ذلك الموضع الذى انضم الى الظاهر الذى خلاف الاصل المبيّنة و النص منفى هنا اذ يمكن اختصاص حكم النص بتقديم الظاهر على الاصل بصورة تعارض البينتين و هنا بيّنة لا اصلا انتهى و لا يخفى ان فيما سياتى حكم بتقديم بينة المدعية مع الدخول و ليس فيه خلاف الاصل عندهم حيث جعلوا البينة على المدعى و اليمين على المنكر و لا حاجة فيه الى الاعتذار و اما هاهنا فالحكم بتقديم قول المدعى خلاف الاصل فلا يصار اليه و ان جوّزنا تعدى الحكم من المنصوص و كانّ بناء كلام الشارح رحمه الله هاهنا ايضا كما سياتى على انه حمل النص على تعارض البيّنتين و تساقطهما و الحكم بتقديم قول المدعية مع الدخول باعتبار ان الظاهر معه و حينئذ فيجرى مثله هاهنا ايضا الّا ان يعتذر بما ذكره من الاقتصار في خلاف الاصل على مورد النص و يمكن ان يكون بناء كلامه على ان النص الآتي يدل على ان الاصل فيما نحن فيه هو بيّنة قبول بينة الزوج لكونه مدعيا للصحة و لذا حكم بتقدمها الا في الصورتين و حينئذ فتقديم بينة المرأة مع الدخول ليس الا من ترجيح الظاهر على الاصل فيتجه ما ذكره من الاشكال هذا و بما ذكرنا يظهر ان اشكاله يمكن ان يكون باعتبار احتمال تقديم قول المدعية مع الدخول بدون يمين او مع اليمين قياسا على ما ذكره من الوجهين هناك لكنه في شرح الشرائع لم يتعرض هاهنا الا الاحتمال الرّجوع الى يمينها كما ذكرنا في الحاشية السّابقة فتأمل

قوله و يشكل ايضا مع معارضة دخوله بالمدعية

لا يخفى ضعف هذا الاشكال فان ما سياتى لا يدل على كون الدخول مرجحا على البينة بل على انه اذا تعارضت البيّنتان فالدخول مرجح لبيّنتها و لا يلزم منه كونه مع عدم بينتها و انفراده بالبيّنة مرجحا على بيّنة و هو ظاهر نعم يمكن ان يورد الاشكال هنا بناء على عدم العبرة ببينة المنكر بانه هاهنا منكر فكيف يعتبر بيّنة و الجواب انه و ان كان منكرا في دعوى الاخت لكنه مدعى في الدعوى الاخرى و قبول بينته انما هو في تلك الدعوى حيث يحكم بثبوت عقده على اختها فلا يخلو عن اشكال فيه و اما في دعوى الاخت فان حكم مع ذلك باليمين عليه كما استقربه المصنف رحمه الله فلا اشكال فيها ايضا و ان لم يحكم بذلك و اكتفى في سقوط دعوى الاخت بثبوت عقده على اختها فلا يخلو عن اشكال حيث اكتفى في سقوط الدّعوى بما يلزم ظاهرا من بينة المنكر فيمكن ان يجعل هذا ايضا وجها آخر لما استقربه المصنف و الاظهر ان يقال ان حكم المصنف في الصّورتين بناء على متابعة النص فانه يستفاد منه في صورة اقامة البيّنة من الجانبين اعتبار كل من البينتين و ترجيحه بمرجّح يخصّه فينبغى على وفقه في صورة الانفراد الحكم بالبينة في الصورتين و ان لم يطابق القواعد الشرعية في الرجل لكن ظاهر كلام الشارح هاهنا و في شرح الشرائع ان بناء الحكم فيها على القواعد الشرعية فتدبّر

قوله ان ذلك على خلاف الاصل

قد عرفت ان تقديم بينتها مع الدخول ليس على خلاف الاصل بناء على القول بكون البينة من المدعى فلا حاجة فيه الى الاعتذار و ان بناء على ما ذكره على حمل الخبر على تساقط البينتين و معه يحتاج الى ما ذكره من الاعتذار لكن الحمل على التساقط ايضا لا ينفع في دفع ما اوردنا عليه في الحاشية السابقة اذ بعد الحمل على التساقط لا يلزم الا كون الدخول مرجحا لها مع عدم البينة الا كونه مرجحا على البيّنة من الطرف الآخر و هو ظاهر و ما ذكرنا ثانيا في توجيه الاشكال السّابق ايضا لا يجرى هاهنا كما لا يخفى

قوله بل هو اعم منه

لجواز كونه عن شبهة او زنا فلا يدل على زوجية المدعية و عدم زوجية اختها

قوله فيقتصر في ترجيح الظاهر

هذا اما تفريع على ما ذكر في دفع الاوّل و تتمة له و حينئذ فلا يحتاج الى عناية او تفريع على الوجهين و نبّه بهما بان يقال ان ما ذكرنا من الوجهين لمنع كونه تكذيبا انما يصلح سندا لمنع كونه تكذيبا قطعا لا لمنع كونه تكذيبا ظاهرا لبعد الوجهين لندور الشبهة و بعد اقدام المسلم على الزنا فكان الظاهر مع وجود الاحتمالين مع الزوجة فينبغى تقديم قولها ترجيحا للظاهر لما في النص و حينئذ فيجب ان يتمسّك فيه ايضا بالاقتصار في ترجيح الظاهر على الاصل على مورد النصّ فتدبّر

قوله توجه اليمين على الآخر

يمكن ان يقال ان الظرف متعلق باليمين لا بالتوجّه و المراد ان اليمين و فاعل اليمين غير مذكور و هو صاحب البيّنة بقرينة المقام و فائدة ذكر متعلق اليمين الاشعار بما سيذكر الشارح من ان اليمين ليس على اثبات ما اثبت بالبيّنة بل على نفى العقد الآخر و الحاصل ان كلام كل من الطرفين محلل بكلامين و البينة على احد الكلامين و اليمين على الآخر فتأمل كذا افاده سلطان العلماء رحمه الله قوله لجواز صدق البيّنة الشاهدة لها بالعقد فيه نظر امّا اولا فلانه اذا شهدت البيّنة لها بالعقد و الاصل في العقود الصّحة فتثبت زوجيتها به و لا يقدح فيه احتمال عدم صحة العقد لاحتمال عقد على اختها سابقا عليها او غيره من الاحتمالات اذ الاصل عدمها و الا لما امكن الحكم بالبيّنة على العقد مع انكار الزّوج الزوجيّة في سائر المواضع لجريان مثل هذا الاحتمال في كل عقد نعم لو ادّعى الزوج فساد العقد لسبق العقد على اختها او غيره و ادعى علم الزوجة به توجه اليمين عليها على نفى علمها به لعل الاصحاب حيث لم يذكروا اليمين فرضوا المسألة في مجرد انكار الزوج زوجية الاخت و دعوى زوجية اختها و الحكم حينئذ ما ذكروه و لا ينافى هذا ثبوت اليمين عليها عند فرض ما ذكرنا لانه فرض زائد و اما ثانيا فلان ما ذكره في وجه توجيه اليمين انما يجرى فيما اذا شهدت البينة بمجرد العقد و اما اذا شهدت بكونها زوجة له في الحال فلا يجرى ما ذكره من الاحتمال

ص: 386

الا ان يقال انه لا يمكن الشهادة على الزّوجية اذ غاية ما يمكن ان يحصل العلم به هو العقد عليها و امّا صحة العقد و كونها زوجة فلا يمكن العلم بها الّا على البناء على اصالة الصّحة و عدم جريان المنافى و عند البناء على ذلك يتاتى ما ذكره من الاحتمال و فيه تامّل اذ قد يحصل العلم بالزّوجية بالعقد و قرائن الاحوال و ايضا يمكن استناده الى اقرار الزوج بها بل يمكن ان يكون بيّنة الاخت على اقرار الزوج بزوجيتها و حينئذ لا ينافى ذلك ما ذكره من الاحتمال فتأمل

قوله على من ادعاها

اى المرأة التى ادعاها الزّوج

قوله و ليس حلفها على اثبات عقدها

لكن حلفها على صحة زوجيتها فانه يدفع الاحتمال بل الظاهر انه يكفى حلفها على عدم علمها بفساد عقدها

قوله و انما حلفها على نفى عقد اختها

لا وجه له لتكليفها به لا على البت و لا على نفى العلم به لجواز ان تعلم عقد اختها سابقا و وقوع التفريق بينهما ثمّ وقوع عقدها فلو حلفت على النفى لكفى حلفها على نفى زوجية الاخت اما على البت او نفى علمها بها

قوله او على نفى العلم به

هذا هو الاقوى لانه يكفى لها وقوع عقده عليها و عدم علمها بفساده بوقوع عقده على اختها سابقا عليه و لا يضرها احتمال ذلك ما لم تعلم ذلك كما لا يخفى

قوله لان بدونه لا يزول الاحتمال

قد اشرنا الى ان مجرد الاحتمال لا يضرها ما لم يكن احتمالا يمكن علمها بوقوعه فيكفى حلفها على عدم العلم

قوله على نفى عقده على المدعية

متعلق بالحلف لا بالبيّنة

قوله جواز صدق بينته بالعقد على الأخت

و ايضا عقده على الاخت لا ينافى عقده ثانيا على اختها و صحته لاحتمال وقوع التفريق بينه و بين الاخت فلا يبعد توجه اليمين لرفع هذا الاحتمال و اصالة عدم وقوع التفريق كانّها لا تكفى في عدم سماع دعوى الزّوجة مع تعارضها باصالة الصّحة في العقود و كون الظاهر من حال المسلم عدم الاقدام على الجمع بين الاختين هذا اذا لم يدع الزوجة وقوع التفريق و كون العقد عليها بعده و اما مع دعواها ذلك فلا شك في توجّه اليمين لكن لا يخفى ان ما ذكرنا انما يتوجه اذا شهدت البينة له بمجرد العقد على الاخت في وقت و اما اذا شهدت لزوجية الاخت في الحال فلا يجرى هذا الاحتمال لكن لو صح ما ذكرناه في الحاشية السّابقة من عدم امكان الشّهادة بالزّوجية فيرد انّه هاهنا ايضا لا يمكن الشهادة بها بل جريانه هاهنا اظهر لان ما ذكرنا هناك في دفعه من احتمال الاستناد الى اقرار الزوج لا يجدى هاهنا لانه هاهنا مدع فلا عبرة باقراره فغاية ما يمكن الشهادة به هو مجرد العقد و معه يتجه ما ذكرنا من احتمال التفريق فتأمل

قوله مع تقدم عقده على من ادّعته

اى المرأة التى ادعته اى ادعت كونه زوجها و هى اخت من اقيم البيّنة على عقده عليها قوله و النص خال عنها لا يخفى ان النص كما سياتى انما هو في صورة اقامة البينة من الجانبين و الصورتان المذكورتان ليستا من مورد النص كما اعترف به الشارح فيها فخلوّ النصّ عن اليمين لا يقتضى الحكم بسقوطها مع فيهما العمل فيهما بمقتضى القواعد لا بالنصّ و كون اليمين من مقتضى القواعد على ما ذكره اوّلا ان يقال ان ما ذكر من الوجهين في ثبوت اليمين يجرى في صورة اقامة البينة من الجانبين ايضا كما سننقله عن سلطان العلماء رحمه الله و مع ذلك فالنصّ خال عنها فيها فيظهر منه عدم ثبوتها هناك فيحتمل عدم ثبوتها هاهنا ايضا نظرا الى قصور الوجه المذكور و الا لثبت اليمين هناك ايضا و حينئذ فيتوجه الاحتمال و ان كان ضعيفا فان الخروج عن القواعد في مورد النص به لا يقتضى الخروج عنها في غيره ايضا و فيه ما سنذكره من ان الوجه المذكور لا يجرى بعينه فيما سيجي ء بل الوجه لاحتمال اليمين فيه ما سيذكره الشارح فخلوا لنصّ فيه عن اليمين لا يقتضى عدم ثبوتها هاهنا ايضا لتغاير الوجه فتأمل

قوله فيحتمل عدم ثبوتها لذلك

اى لما ذكره اولا من عدم تبنيه الاصحاب عليها و لئلا يلزم تاخير البيان اى و لما ذكر ثانيا من خلوّ النص لئلّا يلزم تاخير البيان فهو تفصيل لما ذكره اوّلا من الوجه الثانى و بيان لوجه الاستدلال به على ما ذكره من الاحتمال و لو جعل ذلك اشارة الى كل من الوجهين السّابقين كما هو ظاهر فجعل خلوّ النص وجها مستقلا مع قطع النظر عما ذكره من تاخير البيان كانه يحتاج الى تمحل فتأمل

قوله او احدهما مطلقة و الأخرى مورخة

و هى اما بينة الرجل و المرأة فهذه صورتان

قوله مضافة الى ستة سابقة

و هى عدم بينتهما و بينة الرجل وحده او المرأة وحدها مع الدخول و عدمها فمجموع الصور ثمانية عشر

قوله و هل يفتقر من قدمت بينته بغير سبق التاريخ و اما من قدمت بينته بسبق التاريخ

فلا يحتاج الى يمين فان من حكم بتقديم بينته بالسبق في الرواية و كلام الاصحاب انما هو المرأة و ظاهر انه مع سبق تاريخ بينتها تثبت زوجيتها بالبينة الخالية عن المعارض في ذلك الوقت فلا حاجة الى يمين نعم لو ادعى التفريق و التزويج بعده باختها فعليه اثباته او تحليفها لو ادعى علمها به و هو فرض زائد و لا اثر فيه لدعوى زوجية الاخت بل ترجع المسألة الى التفريق بعد ثبوت النكاح و حكمه واضح و اما اذا فرض سبق تاريخ بينته فالظاهر انه لا يمكن الحكم بتقدم قوله بدون يمين بمجرّد ذلك لان بيّنتها اذا شهدت لها بالعقد فالاصل فيه الصحة و مجرد ثبوت عقده على اختها سابقا عليه لا يوجب الحكم ببطلان العقد اللاحق لما اشرنا اليه من احتمال وقوع التفريق اليه و وقوع العقد اللاحق بعده فلا بد من اليمين لنفيه و مجرّد اصالة بقاء التزويج الاول بالاستصحاب كانه لا يكفى في الحكم بطلان بدون اليمين مع معارضتها باصالة صحة العقد و كون الظاهر ايضا من خال المسلم ذلك كما اشرنا سابقا و ربما يؤيد ما ذكرنا اطلاق الحكم في الرّواية و كلام الاصحاب بتقديم بينة المرأة مع الدخول فانه يشمل ما اذا تقدم بينته و قد صرح به الشارح هنا و في شرح الشرائع ايضا فاذا حكم بتقديم بينتها مع سبق تاريخ بينة الرجل و اصالة استصحاب ما شهدت به بينته باعتبار ان الظاهر مع الدخول صدق المرأة و لا شكّ ان الظاهر مع العقد ايضا ذلك فالحكم بتقديم بينته بمجرد السبق بدون يمين مع اصالة صحة عقدها و كون الظاهر ايضا ذلك لا يخلو عن اشكال فاذا حمل النص على التقديم فيما قدم مع ضميمة اليمين لرفع الاحتمال فيما سياتى فيه احتمال فيتأتى ذلك في صورة سبق تاريخ بينته ايضا لرفع ما ذكره من الاحتمالين لكن الشارح رحمه الله في شرح الشرائع حكم بتقديم السابقة في الصورتين معلّلا بانه مع سبق تاريخ احدى البينتين تكون السابقة مثبتة للنكاح في وقت لا يعارضها فيه احد فتعين الحكم بها و قد ظهر لك ما فيه في الصورة الثانية لكن لك بقرينة ما ذكره هناك حمل قوله بغير سبق التاريخ على استثناء السّبق من الجانبين كما هو ظاهر و سيجي ء ايضا منه ما هو ظاهر فيه كما سنذكره هناك فتأمل

قوله وجهان

منشؤهما اه و يمكن اثبات توجيه اليمين بعين ما ذكره المصنف سابقا كذا افاده سلطان العلماء رحمه الله و فيه تامل فان بناء الكلام في الصورتين اللتين ذكرهما المصنف على ترجيح صاحب البينة باعتبار اقامة البينة و خلوّه عنها فحينئذ يتوجّه ما ذكره المصنف من ان مجرد البينة لا ينفى احتمال صدق الآخر فلا بد من اليمين و اما هاهنا فقد اقام كل منهما البينة و بناء الحكم على ترجيح بينة احدهما فلا يكفى في توجيه توجه اليمين مجرد ما ذكره المصنف بل لا بدّ من بيان ان ما لوحظ فيه من وجه الترجيح لا ينفى احتمال

ص: 387

صدق الآخر ايضا فلا بدّ من اليمين لنفيه و ذلك بما ذكره الشارح من ان المقدمة ان كان هو المرأة فالمرجح لها في غير صورة السّبق ليس الا الدخول و هو بمجرده لا يدل على الزوجية فلا بدّ من اليمين ايضا و ان كان هو الرّجل فلا مرجح له عند الحكم بتساقط البينتين الا كونه منكرا و كون الاصل معه و بمجرد ذلك لا يمكن الحكم له و ردّ قول المرأة بدون يمين فتأمل

قوله حيث تكونان متفقتين

اى في الاطلاق او في التاريخ

قوله خصوصا المرأة لانها مدعية محضة

لا يخفى ان المرأة اذا كانت مدعية محضة فتقديم بينتها موافق للاصل فلا بعد حينئذ في الحكم بالتقديم بدون اليمين و انما الاستبعاد في عدم اليمين على الرّجل في صورة تقديم قوله مع انه منكر و المنكر انما يقدم قوله باليمين و لا يغنى عنها البينة و يمكن الجواب بان بناء كلام الشارح على ان الرواية لا يمكن حملها على الاصل و هو اعتبار بيّنة المدعى اذ حينئذ يلزم في جميع الصور الحكم بتقديم بينتها الّا مع سبق تاريخ بينة الرجل كما يشير اليه في مثل الامّ و البنت بل ينبغى تنزيلها على الحكم بتساقط البينتين لتعارضهما كما اشار اليه اولا و ظاهر انه حينئذ الحكم بمجرّد قول المدعى بدون بينة و يمين مستبعد جدا بخلاف تقديم قول المنكر لاعتضاده بالاصل فتدبّر

قوله و خصوصا اذا كان المرجح لها الدخول

و خصوصا مع سبق تاريخ بيّنته لان الاستصحاب يقتضى بطلان العقد اللاحق فالعدول عنه بمجرد مرجح الدخول من دون يمين مشكل جدّا ثمّ لا يخفى انه فرض اولا الكلام فيمن قدّمت بينته بغير سبق التّاريخ و حينئذ فالمرجّح للمرأة ليس الا الدخول فالمراد ليس تخصيص اظهرية الحكم بهذه الصورة بالنسبة الى صورة اخرى بل المعنى انه خصوصا ان المرجح لها الدخول و هو بمجرده لا يدل على الزّوجية فافهم

قوله لزم تاخير البيان عن وقت الحاجة

كون الوقت الحاجة غير ظاهر اذ السّائل ربما كان سؤاله على سبيل فرض المسألة من غير حاجة اليها بالفعل فالظاهر الزام تاخير البيان عن وقت الحاجة او الخطاب كما فعله سابقا لكن في كون الثانى محذورا تامّل فتأمل

قوله و الاقوى هو الاول

اى الافتقار الى اليمين و لا يخفى ان اليمين هاهنا على القول بها لا يصح على نفى وقوع العقد الآخر لانه خلاف ما شهدت به البيّنة بل ان كان المقدم هو الرجل فعلى القول باليمين عليه كانه لا بد من يمينه على عدم وقوع عقد صحيح على المدعية و ان كان هو المرأة فكانه لا بدّ من يمينها على عدم وقوع عقد صحيح على الاخت او على عدم علمها به على قياس ما ذكر الشارح سابقا من الوجهين في حلفها و اما على ما ذكرنا هناك فان كان المقدم هو الرّجل فلا بد من حلفه على نفى زوجية المدعية و ان كان هو المرأة فلا بد من حلفها على صحة زوجيتها او على نفى علمها بعدم صحتها او على نفى زوجية الاخت اما على البت او مع عدم علمها بها و الاقوى هو الثّانى من الوجهين كما اشرنا اليه هناك هذا مع عدم سبق تاريخ بينة الرّجل و امّا معه و تقديم المرأة بالدخول كما اشرنا اليه سابقا فكانه لا بد من يمينها على صحة عقدها او نفى زوجية الاخت او على عدم علمها بفساد عقدها او بزوجية الاخت و الاقوى كفاية احد الامرين و كانه يكفى في صحة يمينها على هذا الوجه عدم علمها في وقت عقدها بوقوع العقد على اختها سابقا و احتمالها في هذا الوقت وقوع عقدها بعد التفريق على تقدير وقوع العقد على اختها او علمها بوقوع ذلك و اما لو فرض علمها في ذلك الوقت بوقوع العقد السّابق على اختها فكانه لا يصح تزوجها به بمجرّد احتمال ذلك و ان كان مع دعوى الزوج ذلك بل لا بد من ثبوت ذلك عندها و لو قيل بصحته بمجرد دعواه و احتمال ذلك فان امكنها اثبات دعواه فلا يمين و الا فيحلف على عدم علمها بفساد عقدها و اللّه تعالى يعلم

قوله تقديم بينته مع انه مدع

كذا فيما راينا من النسخ و لا يخفى فساده فان تقديم بينة المدعى ليس على خلاف الاصل عندهم فكان الصواب اما بدل انه مدع انها مدعية او بدل مدع منكر و على الوجهين يكون بناء الكلام فيها على ما هو مقتضى الاصل في الواقع مع قطع النظر عما نزلت الرواية عليه و ظاهر ان تقديم بينة الرّجل فيما قدم فيه بينة مع كون المرأة مدّعية و كونه منكرا خلاف الاصل و هذا لا ينافى ما ذكره سابقا بقوله خصوصا المرأة لانها مدّعية محضة لان بناء ذلك على ما نزل الرواية عليه كما اشرنا في توجيهه و اما تبديل بينته ايضا مع ما ذكرنا اولا مع من التبديل ببيّنتها و حينئذ يكون كلامه هاهنا ايضا على وفق سابقه و قوله الثانى بترجيحها بالدخول على الثانى محمول على ظاهره فان الضمير فيه راجع الى بينتها المذكورة كما هو الظاهر و اما على الاول فينبغى ارجاعها الى بينة المرأة بقرينة المقام لا البينة المذكورة لا يخلو عن تكلف هذا و اعلم انه على القول بتقديم بينة ذى اليد مع التعارض مع كونه منكرا كما ذهب اليه جماعة من الاصحاب يمكن القول هاهنا ايضا بتقديم بينة المنكر و كان هذا القول لا يخلو عن قوّة لاعتضاد قول المنكر بالاصل فيرجح بينته به و الحديث المستفيض الذى هو عمدة معتمدهم في تقديم بينة المدعى و هو البينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه يمكن حمله على احتياج المدعى الى البينة و كفاية اليمين للمنكر فلا يدل على عدم اعتبار بينة المنكر كما هو مطلوبهم و على هذا فيمكن تنزيل الرّواية على هذا بان يقال ان بيّنة على عقد الاخت بمنزلة البينة على فساد مدعى اختها بناء على ما هو الظاهر من حال المسلم فيقدم على بينة المدعى الا ان يعتضد بينة المدعى بسبق التّاريخ او الدخول كما ورد في الرواية و لا استبعاد في ترجيح بينة المدعى على الوجهين اما على الاول فظاهر و اما على الثانى فلغلبة الظن مع الدخول يصدق المدعى لبعد احتمال الشبهة و كون الظاهر من حال المسلم عدم الزنا و ربما كفى في ترجيح البينة مجرد هذا القدر و لا يحتاج الى نفى الاحتمال رأسا و على هذا فلا يتوجه الطعن على الرواية بمخالفة الاصل و اما ضعف سندها جدّا باشتماله على عدة من الضعفاء فينجبر عندهم بشهرة العمل بها بين الاصحاب بحيث لا يظهر فيه خلاف بينهم كما ادّعاه في شرح الشرائع و قال ربما ادعى على حكمها الاجماع بقي ان متن الرّواية لا يخلو عن شي ء فانه هكذا عن الزهرى عن علىّ بن الحسين عليه السلام في رجل ادعى على امراة انه تزوّجها بولىّ و شهود و انكرت المرأة ذلك و اقامت اخت هذه المرأة على هذا الرّجل البينة انه تزوجها بولى و شهود و لم يوقت وقتا ان البينة بينة الزوج و لا تقبل بينة المرأة لان الزوج قد استحق بضع هذه المرأة و تريد اختها فساد النكاح فلا تصدق و لا تقبل بينتها الا بوقت قبل وقتها او دخول بها و لا يخفى ان ما ذكر في تعليل عدم قبول بينة المرأة يمكن اجراؤه في العكس ايضا بان يقال ان المرأة قد استحقت الزوجية ببينتها و يريد الزوج فساد النكاح فلا يصدق و لا يقبل بينة الا بوقت قبل وقتها او دخول بها بالاخت الا ان يقال ان بيّنة الرجل لما اقيمت بلا معارضة بينة للطرف الآخر فيحكم بها و لا يلتفت الى بيّنة الاخت لانها تريد فساد العقد الثابت مع معارضة بينة بينتها الرّجل فلا يلتفت اليها و لا يمكن اجراء مثله في بينة المرأة لعدم ثبوت عقدها بها لمعارضتها بينة الرجل و هذا بناء على ان المفروض في الخبر ان البيّنة انما اقامها اخت المرأة المدعى عليها لا هى نفسها و اما لو فرض ان المرأة نفسها اقامت البيّنة على تزويج المدعى اختها فكانه لا يتفاوت الحال في جريان التعليل المذكور من الجانبين فتأمل و اعلم ان الرواية على ما نقلنا رواها الشيخ في التهذيب في موضعين من كتاب النكاح باسناده عن سليمان بن داود المنقرى عن عيسى بن يونس عن الاوزاعى عن

ص: 388

الزّهرى و رواها ايضا في كتاب القضايا و الاحكام بذلك الاسناد عن سليمان بن داود عن عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و اقامت اخت هذه المرأة على رجل آخر البيّنة انه تزوجها الى آخره و كذا في الاستبصار ايضا و قد حملها الفضلاء النّاظرون على السهو و زعموا ان الصحيح بدل رجل آخر هذا الرجل فكتبوا ذلك بدل ظاهر ثمّ جعل ذلك في بعض النسخ المتحدثة نسخة بدل و عندنا نسخة من التهذيب مصححة جدّا و فيها ايضا رجل آخر و فيها حاشية من المحقق الاردبيلى رحمه الله ان الصحيح عليه او على الرّجل و نحو ذلك و كانهم ارجعوا الضمير في تزوجها الى الاخت فكتبوا ما كتبوا و لا يخفى انه يمكن ارجاعه الى هذه المرأة التى هى اقرب و حينئذ يستقيم المعنى و لا يمكن الحكم بكونه سهوا نعم يظهر اختلاف في الرواية ربما يضعف به العمل بها مع ضعف السّندين سيّما الاول لكن شهرة تحرير المسألة بين الاصحاب على وفق الرواية الاولى تؤيد ان الرواية كانت عندهم على ذلك الوجه و ان احتمل ان يكون باعتبار انّهم في كتاب النكاح وجدوا الرواية كذلك فحرزوا المسألة كك و غفلوا عما في كتاب القضايا او انه لما لم يكن ذلك ايضا مخالفا لما حرروه في اصل الحكم لم يلتفتوا اليه في تحرير المسألة و بنوها على ما في كتاب النكاح ثم لا يخفى ان الاحتمال الذى ذكرنا من تنزيل الرواية على العلم من خارج بارادة الاخت فساد نكاح اختها على الوجه الثانى كانه اظهر منه على الوجه الاول فان دعوى ذلك مع عدم تعلق حق لها به يوشك ان يكون للارادة المذكورة و ان احتمل ان يكون لمجرّد الحسبة للّه تعالى و هذا بخلاف الوجه الاول فانه حينئذ يتعلق حقها بما ادعاه فليس للارادة المذكورة فيه ظهور ثمّ لا يخفى ان وجه ترجيح سبق التاريخ لبيّنتها على الوجه الاول هو ان البيّنتين تتعارضان و مع سبق تاريخ بينتها تثبت زوجيتها بالبينة الخالية من المعارض في ذلك الوقت فيحكم بالاستصحاب يحكم بزوجيتها له و يجرى مثل هذا في الوجه الثانى ايضا اذ مع تعارض البيّنتين فمع سبق تاريخ بينة الاخت يحكم بمقتضى الاستصحاب بزوجيتها للرجل الآخر و يرد بينة هذا الرّجل و اما وجه مرجحية الدخول على الوجه الاوّل فهو على ما ذكره في شرح الشرائع ان دخوله تكذيب لبيّنته ظاهرا فيرجح البينة الاخرى و كانه حمل النص على استثناء ما اذا ثبت دخوله بالاخت من خارج و كان الاظهر من النص استثناء ما اشتمل ببيّنتها على الدّخول بها و يمكن ان يكون الوجه فيه حينئذ ايضا ما ذكرنا فان مع اشتمال شهادة بينتها على الدخول يثبت الدخول بها بالبيّنة الخالية عن المعارض فيكون تكذيبا لبيّنته و يمكن ان يكون الوجه فيه ان الظن الحاصل بزوجيتها حينئذ اقوى من الظن الحاصل بزوجية اختها التى شهدت البينة بمجرد عقدها و لم تشهد بالدخول ايضا و اما على الوجه الثانى فالمراد بالدخول هو دخول الرّجل الآخر بالمراة و ترجيحه لبينة الاخت كانه ليس الا باعتبار الوجه الثانى فان الظن الحاصل سواء ثبت من خارج او اشتمل شهادة بينة الاخت عليه اقوى من الظن الحاصل بشهادة بينة الرّجل التى تشهد له بمجرّد العقد و لم تشهد على الدخول و لم يثبت ايضا من خارج هذا و لو فرض على احد الوجهين ثبوت دخوله ايضا بهذه المرأة او اشتمال شهادة بينته ايضا على الدخول فيمكن ان يحكم بسقوط المرجح لمعارضة الظاهر من الجانب الآخر ايضا فيحكم بما هو الاصل على مقتضى النص و هو تقديم بينته و يمكن ان يقال ان فعله انما يصلح مرجحا لخلاف دعواه و لا يصلح مرجحا لدعواه فان فعل احد لا يصلح حجة له فيبقى المرجّح بحاله فتدبّر

قوله و من اشتراك المقتضى

و هو امتناع الجمع بين المدعية و من ادّعاها الرّجل

قوله فتقدم بينتها

هذا هو الحكم على مقتضى القواعد بناء على القول بتقديم البينة المدعى و يجرى مثله في مسئلة الاخت لو لم يعمل احد بالرّواية كما قال في شرح الشرائع انه لو قطعنا النظر عن النص لكان التقديم لبينتها عند التعارض مط

قوله او سبق تاريخها

و كذا مع اتفاق تاريخها كما يظهر مما نقلنا عن شرح ئع و اما مع تقدم تاريخ بيّنته او انفراده بها فيقدّم بيّنته فتقييد الشارح هنا تقديم بينتها بما ذكره من الصور و في شرح الشرائع بعد التعارض للاحتراز عن هاتين الصورتين و يشكل ذلك بان ما اعتمدوا عليه في حكمهم بتقديم بينته يقتضى عدم العبرة ببينته المنكر اصلا و لذا حكموا بانه لا عبرة ببيّنة ذى اليد و انما عليه اليمين و ان انفرد بالبينة و على هذا فينبغى الحكم بتقديم بينتها مطلقا و الحكم بحلفه مع عدم بينتها و ان اقام هو البينة فتدبّر و كان بناء كلام الشارح في صورة انفراده بالبيّنة على ما ذكره سابقا من انه مع اقامة البيّنة فالعقد على الاخت له و استقرب في ذلك اليمين فالحكم ببينته في اثبات دعواه عقد المرأة باليمين لكونه منكر العقد الاخت و حينئذ لا ايراد عليه نعم لو اكتفى في انكار عقد الأخت ايضا بتلك البيّنة لتوجّه عليه الاشكال كما ذكرنا سابقا و اما في صورة سبق تاريخ بينة فكان بناء كلامه على ما نقلنا عنه سابقا من شرح الشرائع يحكم من بتقديم من سبق تاريخ بينته سواء كان هو المرأة او الرجل لكن قد عرفت ان الحكم به في الرجل مشكل و انما يتجه ذلك في المرأة فقط كما هو مورد النص و كلام الاصحاب فتذكر

قوله و مع عدمها

اى عدم البيّنة رأسا من شي ء من الجانبين و هو ظاهر و يمكن ارجاع الضمير الى الصور المذكورة فيكون المراد ان في غير هذه الصور يحلف هو و ذلك بعدم البيّنة اصلا او بان ينفرد هو بالبينة او يكون تاريخ بيّنته سابقا و على هذا فلا يرد عليه ما اوردنا من الاشكال لكن مع ما فيه من التكلف لا يطابق ما نقلنا عنه في شرح الشرائع من حكمه بتقديم من سبق تاريخ بينته سواء كان هو المراد او الرجل و كذا حكمه فيه بتقديم كل منهما مع انفراده بالبينة بل ظاهر كلامه هاهنا ايضا يطابق ذلك فيهما فتدبّر و انه نقل السيّد المحقق نجل الشارح رحمه الله في شرح الشرائع عن جدّه في المسالك ما نقلنا عنه انه لو قطعنا النظر عن النص لكان لبينتها عند التعارض مطلقا قال و وجه ذلك في اول كلامه بان الزوج منكر يقدم قوله مع عدم البيّنة و من كان القول قوله فالبينة بينة صاحبها قال و اقول ان ما ذكره من تقديم بينة الاخت المدعية لو قطعنا النظر عن النص مشكل لان كلا من الاخت و الزوج مدع فلا وجه لتقديم بيّنتها على بينة و الحق ان البينتين اما ان يتعارضا و يتكاذبا ام لا فان لم يتعارضا و امكن صدقهما فان كانتا مورختين و اتحد تاريخهما بان يفرض وقوع العقدين مع الزوج و وكيله في وقت واحد بطل العقدان و ان تقدم تاريخ احدهما على الآخر حكم بصحة العقد السابق و بطلان اللاحق و مع الاشتباه يرجع الى القرعة كما اذا ادعى اثنان شراء عين و اقام كل منهما بينته بدعواه و ان تعارضت البيّنتان بان تشهد بينة الزّوج و الاخت بوقوع العقدين مع الزوج في وقت واحد يرجع الى القرعة ايضا كما قرره الاصحاب في تعارض البينتين و اللّه تعالى يعلم انتهى و فيه انه اراد الزوج ايضا في دعوى الاخت مدّع باعتبار انه يدعى تزويج اختها فلا وجه لتقديم بينتها على بينة ففيه ان الزوج في هذه الدعوى منكر محض فانه ينكر ما ادعية الاخت و دعواه تزويج اختها دعوى اخرى متعلق باختها و هذا لا يوجب سماع دعواه و قبول بينته في هذه الدعوى أ لا ترى انه على القول بتقديم بينة المدعى الذى عليه بناء كلام الشارح اذا ادعى ذوا اليد ابتياع ما في يده او انه انتج في ملكه و اقام عليه البينة فلا تسمع بينته مع بيّنة

ص: 389

الخارج بل تقدم عليها بينة الخارج باعتبار كونه مدعيا و كون ذى اليد منكرا او ان البينة بينة المدعى فلا تسمع بينة ذى اليد باعتبار كونه المنكر حقيقة بالنسبة الى الخارج و ان اشتمل قوله على الدعوى في المتنازع فيه فعدم سماع قول الزوج هاهنا بطريق اولى لان دعواه ليس في المتنازع فيه بل لأمر آخر له ربط به و ان اراد ان الزّوج ايضا مدع فلا وجه لتقديم بينتها و عدم سماع بينته اصلا حتى في دعواه مع اختها فنقول الظاهر ان مرادهم بتقديم بينتها تقديمها في هذه الدعوى و عدم سماع دعوى الزوج و بينته فيها و انها لا تضرّ بثبوت عقد الاخت لا عدم سماعها اصلا بل يحكم عليه في الدعوى على اختها ايضا بمقتضى القواعد كما اشار اليه الشارح رحمه الله هاهنا في صدر الفصل بقوله و دعواه زوجية الاخت متعلّق بها و هو امر آخر و شرحنا كلامه هناك فالحكم مع اقامة البيّنة من الجانبين ايضا كذلك تثبت زوجية الاخت ايضا ببينة لو لم تعترف بها الاخت فيتعلق بكل منهما لكن لا يمكن من الاستمتاع منهما و يجبر على طلاق احدهما او يخرج بالقرعة كما ذكرنا هناك هذا و بما ذكرنا يظهر ما في الوجه الحق الذى ذكره فان قوله و مع الاشتباه يرجع الى القرعة ظاهره الرّجوع اليها و الحكم بزوجية ما أخرجته القرعة و بطلان دعوى الاخرى رأسا كما في النظير الذى ذكره و قد عرفت ان الامر هنا على مقتضى قواعدهم ليس ذلك بل يثبت ما ادّعته الاخت من المهر و النفقة و ان قلنا باستعمال القرعة بعد ذلك للاحتراز عن الجمع و كذا الحكم في صورة تعارض البيّنتين التى ذكرها اذ ظاهر الرجوع الى القرعة على ما ذكره هو الرجوع اليهما و بطلان زوجية الاخرى رأسا كما في نظائره مما حكم فيه الاصحاب بالقرعة عند تعارض البيّنتين و قد عرفت ان الحكم هاهنا على مقتضى عد ليس كذلك على ان الحكم بالقرعة بالآخرة ايضا لا يخلو عن اشكال لاحتمال ما ذكرنا من الجبر على طلاق احدهما فتأمل و اللّه تعالى يعلم و اعلم انه على تقدير القرعة الظاهر انه يكفى استعمال رقعتين و لا حاجة الى ثالثة لاحتمال البطلان في كل منهما بناء على جواز وقوع العقدين في وقت واحد المقتضى لبطلانهما و ذلك لان الاصل في العقود و الصحة فصحة احدهما مقتضى الاصل و انما خرجنا عنه في الآخر فتكفى الرقعتان لاخراجه و لا يجوز الحكم باخراج الآخر بالقرعة ايضا لمجرّد احتمال البطلان فيه ايضا مع اصالة الصّحة فتأمل ثمّ في حكمه اولا في الوجه الحق بان مع تقدم تاريخ احدهما على الآخر حكم بصحة العقد السّابق و بطلان اللاحق تامّل لما اشرنا اليه من ان في صورة سبق تاريخ بيّنة الزوج لا يمكن الحكم ببطلان عقد الزوجة الا باليمين لاحتمال وقوع التفريق بينه و بين الاولى و وقوع العقد الثانى بعد لا صحيحا فلا بد من اليمين لنفيه نعم في صورة سبق تاريخ بينة الزوجة يحكم لها بالزوجية بمجرّد البيّنة الا ان يثبت التفريق او يدعى علمها به و هو فرض آخر فلا اثر للبينة الاخرى في هذه الدعوى و مع ذلك فلا يحكم ببطلان العقد الآخر رأسا اذ لو فرض وقوع الدعوى بينه و بين الاخت ايضا فلها اثبات زوجيتها بتلك البينة و توجيه اليمين عليه بعدم وقوع التفريق بينه و بين اختها السّابقة ببيّنتها كما قلنا في اختها فتأمل

قوله و قيل

و القائل هو الشيخ رحمه الله في المبسوط يجب ذلك اى كل من المهر و النفقة في كسبه رحمه الله فانه قال في بحث المهر اذا تزوج العبد باذن سيّده حرّة و امهرها الفا كان المهر في ذمة العبد يستوفى من كسبه و لا يجب في ذمّة سيّده شي ء و ذكر في بحث النفقة و ان العبد ان كان مكتسبا فالنفقة في كسبه و يكون اذن السّيد في التزويج اذنا في تعلق نفقة الزوجة بكسبه فان كان بقدر كسبه فلا كلام و ان كان ازيد كان الزائد للمولى و ان كان انقص فحكم ما زاد من النفقة على كسبه حكم ما لو لم يكن العبد مكتسبا ثمّ ذكر حكم ما لو لم يكن مكتسبا فقال قوم يتعلق برقبة لان الوطى في النكاح بمنزلة الجناية و منهم من قال يتعلق بذمته لانه حق لزمه باختيار من له الحق و كان في ذمته كالقرض قال و الاول اليق بمذهبنا و على هذا فان امكن ان يباع منه في كل يوم بقدر ما يجب من النفقة فعل و ان لم يمكن بيع منه ما يمكن كالنصف و الثلث مقتصرا على ما يتادى به الفرض ثمّ الاقرب اليه فالاقرب فان لم يمكن ذلك بيع كله كما قيل في الجناية و وقف ثمنه ينفق عليها منه و قد انتقل ملك سيّده عنه الى سيّد آخر و من قال يتعلق بذمة العبد كان حكمها حكم زوجة المعسر و انت خبير بان ما ذكره من بيع العبد كله و وقوف ثمنه ينفق عليها منه و قد انتقل من ملك سيّده الى آخر لا يخلو عن غرابة اذ لا وجه للحكم بوجوب الانفاق من ماله مع انتقال الملك عنه فالظاهر على القول به انه اذا بيع الجميع يوفى من ثمنه قدر ما لزم من النفقة الى وقت البيع و يكون ما فضل للبائع ثمّ ان المشترى ان فسخ العقد فيما جاز له الفسخ و الا كان حكمه حكم المالك الاول باعتبار امضائه العقد او شرائه مثل هذا العبد و اذا فرض بيع البعض كالنصف او الثلث فالظاهر انه ينفق عليها من ثمنه مع بقاء العقد بقدر حصة لا بقدر حصة الآخر ايضا و يكون للآخر ايضا حكمه و العجب من العلّامة رحمه الله في المختلف و الشارح رحمه الله في شرح الشرائع انّهما نقلا هذا الكلام من الشيخ و لم يتعرضا لذلك اصلا و اللّه تعالى يعلم

قوله لان الاذن في النكاح اذن في توابعه إلى آخره

لا يخفى ضعفه فان النكاح لا يستلزم القدرة على المهر و النفقة بالفعل و الّا لم يصحّ نكاح المعسر و ذمة العبد تصلح لتعلقهما بها تتبعانها بعد العتق و اليسار كما نقله الشيخ عن بعضهم في صورة عدم الكسب او عدم وفائه و على هذا فالاذن في النكاح لا يقتضى الا عدم المنع من جهته لا التزامه للنفقة او المهر في ماله مع اصالة براءة ذمته و اما القول بثبوتهما في كسبه فقد استدلّ عليه في شرح الشرائع بان ذلك يجب في مقابلة عوض يستوفيه العبد في الحال و السيد لم يلتزمه في ذمته و لا هو مستوفى بدله و في شرح النافع بان المهر و النفقة من لوازم النكاح و لا يخفى ضعفهما اما الاول فلانه لو تم لم يدل الا على عدم وجوبهما على المولى لا على وجوبهما على العبد من كسبه فان استيفاء العبد منافع النكاح لا يوجب الحكم باستيفاء عوضهما من كسبه مع انه من مال المولى و هو لم يلتزمهما و اما الثانى فلان كون كسب العبد اقرب شي ء اليهما لا يستلزم الحكم بصرفه فيهما مع كونه من مال المولى و عدم التزامه لهما كما ذكرنا و الظاهر ان نظر القائلين بالكسب ايضا الى مثل ما ذكره الشارح من ان الاذن في النكاح اذن في توابعه لكنهم اعتقدوا انهم لا يفهم منه التزام المولى بهما من خاصة ماله و تعلقهما بذمته بل انما يفهم منه تجويز صرف الكسب فيهما و قطع المولى حقه منه بقدر ذلك لا بمعنى صرف خصوصه فيهما البتة بل بمعنى انه ليس له التصرف فيه الا باعطاء بدله فان لم يتيسّر له كسب او لم يف بهما لم يجب على المولى شي ء بل يتعلق بذمة العبد و منهم من زعم انه يفهم مع ذلك تجويز صرف الرقبة فيهما مع عدم الكسب او عدم وفائه فلذا حكموا بانه مع عدم الوفاء يتعلق برقبة كما اختاره الشيخ و على القولين فلا يجب على المولى شي ء ازيد من ذلك و على هذا فهذا القول اوجه من القول الاول لكن يتوجه عليه ان دعوى فهم الاذن في صرف الكسب او الكسب و الرقبة جميعا فيهما من الاذن في النكاح ممنوع بل لا يفهم من الاذن في النكاح الّا ما ذكرنا من عدم المنع من جهته لا التزامه للمهر و النفقة بوجه و الاصل براءة ذمة المولى حتى يثبت خلافها فالظاهر بالنظر الى هذه الادلة الحكم بثبوتهما في ذمة العبد مطلقا ان يكون حكمها حكم زوجة المعسر الا ان يثبت اجماع على احد القولين و نفى هذا الاحتمال

ص: 390

فينبغى المصير حينئذ الى القول الثانى و يتجه ما نقلنا من الدليلين عليه و امّا ما قيل ان الدّين لا بدّ له من ذمة يتعلق بها و ذمة العبد ليست اهلا لذلك فلا بدّ من تعلقه بذمة المولى فيمكن دفعه بمنع كون دفع ذمة العبد ليست اهلا لذلك اذ لا منع مع اذن المولى من تعلقهما بذمته بان يستوفى منه من كسبه على ما نقلنا عن الشيخ في المبسوط في المهر و لو سلم فلم لا يجوز ان يتعلق بذمة المولى لكن من خصوص الكسب او الرقبة لا مطلقا كما لو نذر احد ان يتصدق كل يوم بكذا ما دام له الملك المعيّن من منافعه على انه يمكن منع وجوب تعلقه بذمة لم لا يجوز ان يتعلّق بكسب العبد او كسبه و رقبة كما يتعلق ارش الجناية برقبة الجانى و ليس على منعه دليل لا عقلا و لا شرعا و قال العلامة في عد و على المولى مع انه مهر العبد و نفقة زوجته و يحتمل ثبوت المهر و النفقة في كسب العبد و ربح تجارته و لا يضمن السّيد بل يجب ان يمكنه من الاكتساب فان استخدمه يوما فاجرة المثل كان كالأجنبى و يحتمل اقل الأمرين من كسبه و نفقة يومه و يحتمل ثبوت النفقة في رقبته بان يباع كل يوم منه جزء بنسبته و لو قصر الكسب او لم يكن ذا كسب احتمل ثبوت النفقة في رقبة و في ذمة المولى و ان يخير بين الصبر و الفسخ ان جوزناه مع العسر انتهى و لا يخفى ضعف احتمال ثبوت النفقة في رقبة بالمعنى ذكر مع وفاء الكسب و امّا بدونه فهو ما ذكره بعده فالظاهر ترك هذا الاحتمال ثمّ انه زاد في صورة عدم الكسب او عدم وفاء الدين احتمالا آخر غير ما نقلناه عن الشيخ من المذهبين و هو التعلق بذمة المولى و على هذا فالتفاوت بينه و بين ما اختاره اولا من القول بتعلّقه بذمة المولى مط مع ظهور ان فيما يتعلق بالكسب لم يقل بوجوب صرف الكسب فيه بخصوصه بل يجوز للمولى اعطاء بدله فيئول الى التعلق بذمته و بتخير المولى فيما يفى به الكسب بين الاعطاء في الكسب او من غيره و هو بعينه القول بتعلّقهما بذمته مطلقا فانه ايضا لا يمنع من الاعطاء من الكسب فيما يفي به من ان من يقول بالكسب يقول بتعيين الكسب لذلك باعتبار تجويز المولى و انه لا يجوز للمولى التّصرف فيه بقدر ذلك الا باعطاء بدله لكن ليس للزوجة مطالبة المولى بهما اصلا فيما بقي به الكسب بل انما لها فيه مطالبة العبد فلو فرض ان العبد مع قدرته على الكسب لم يكسب و لم يعطها النفقة او المهر لم يجب على المولى شي ء الا ما زاد منهما على الكسب بخلاف ذلك على مذهب من يقول بتعلقهما بذمة المولى مطلقا فان لها مطالبة جميعهما من المولى فافهم و امّا ما ذكره من التخيير فهو اشارة الى ما نقلنا من مذهب التعلّق بذمة العبد يتبع به بعد العتق و اليسار فانه يتفرع عليه تخييرها بين الصّبر و الفسخ على رأى من يرى جواز الفسخ و اما على رأى من لم يجوز ذلك فلا تخير بل مع العسر يجب الصّبر الى ان يأتى اللّه بالفتح او امر من عنده ثمّ ان السّيد المحقق في شرح النافع بعد ما نقل القولين قال احتمل العلّامة في عد ثبوتهما في رقبة و المسألة قوية الاشكال لفقد النص فيها على احد الوجوه و اصالة براءة ذمة المولى من ذلك و الاحوط ان يعين في العقد كون المهر في ذمة المولى او في كسب العبد او في ذمته يتبع به بعد العتق و اليسار و لو قلنا ان العبد يملك مطلقا او على بعض الوجوه يثبت المهر و النفقة في ذمته من غير اشكال انتهى و لا يذهب ان ظاهر بعض كلماته عليك يوهم ان حمل ما نقله من مه و احتمال تعلقهما برقبة تعلقهما بذمة العبد يتبعانه بعد العتق و اليسار و قد ظهر بما نقلنا ان كلامه لا يحتمل ذلك فعليك ان لا تعتبر بذلك الابهام و يحتمل كلامه ايضا على ما هو الموافق لما نقلنا و لعل في كلامه ايضا على ما هو الموافق ما يرشدك اليه هذا و اما ما ذكره من ان الاحوط تعيين احد الشقوق التى ذكرها فانما يكون احوط اذا كان حكم الاصحاب بوجوبهما على السيّد او في كسبه بناء على ظهور اطلاق الاذن في هذا او ذلك اذ حينئذ مع التصريح لا يبقى الظهور و اما اذا كان بناءه على عدم صحة التعلق بذمة العبد بالاجماع

فيكون التصريح بالتعيين على ذمة العبد احوط غير ظاهر اذ كلام الاصحاب في اختيار احد القولين مطلق و كون ذلك في صورة الاطلاق لا مع التعيين ممّا لا يظهر من كلامهم اصلا فالحكم بحصول الاحتياط بالتعيين في ذمة العبد لا يخلو عن اشكال بل يحتمل حينئذ بطلان الاذن بناء على منافاة الشرط له او بطلان الشرط و الحكم بمقتضى الاذن من غير التفات الى الشرط فيلغو التعيين و كذا اذا كان بناء على القول بلزومهما على السيّد فالاذن في النّكاح ملزوم لالتزام لوازمه من المهر و النفقة و انه لا يصلح من غير ذمّة السّيد شي ء لهما كما هو ظاهر دليلهم فتعين الكسب كانه لا يجدى شيئا اذ مع وفائه الكسب بهما يمكن للمولى الاعطاء منه و ان لم يتعين و اذا لم يف بهما فكانه لا ينفع التعين في سقوط الزّيادة عن السّيد بل الظاهر على مذهبهم حينئذ امّا بطلان الاذن او الشرط كما ذكرنا نعم لو كان كسبه مما يفى بهما في بعض النساء يكون التعيين حينئذ قرينة انه يلزم على العبد ان لا يعدو عن مثلهما و حينئذ لا اشكال و حينئذ بالجملة فالاحوط في هذه المسألة ان يلتزم المولى المهر و النفقة و الّا فلا يأذن له و امّا ما ذكره من انه على القول بملك العبد لا اشكال في تعلّقهما بذمته و ان كان قويّا يرشد اليه الدّليل الذى ذكره الشارح حيث اخذ فيه ان العبد لا يملك شيئا لكن ليس بحيث لا يكون فيه اشكال اصلا اذ على تقدير القول بملكه ايضا اذا لم يكن مالكا لما يفى بهما لا بالفعل و لا بالقوة القريبة فلا ان يكون مذهبهم وجوبهما على السّيد او في كسبه بتعد على ما ذكروه من ان الاذن في التزويج اذن في توابعه و العبد غير قادر على ذلك فيجب على المولى و صلاحية العبد للمالكية مما لم يجدى اذا لم يكن قادر او الّا فعلى القول المشهور ايضا صالح لذلك باعتبار صلاحيته للعتق و ايضا اذا كان القول المعروف بين الاصحاب هو هذان القولان و لم يذكر قول آخر فالتخطّى عنهما و اختيار قول آخر بناء على القول بملك العبد لا يخلو عن اشكال ما لم يصرّحوا بان هذين القولين انما هو من القائلين بعدم ملك العبد فتأمل هذا ما يتعلق بكلام الاصحاب و اعتباراتهم و امّا الاخبار فلم يتعرضوا في هذه المسألة لاستدلال بها اصلا بل صرح بعضهم بفقد النصّ كما نقلنا عن شرح الشرائع و لم اظفر ايضا فيها الّا على روايتين تصلحان للتأييد في الجملة احدهما موثقة عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل اذن لغلامه في امراة حرة فتزوجها ثمّ ان العبد ابق من مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد فقال ليس على مولى العبد نفقة و قد بانت عصمتها منه لان اباق العبد طلاق امراته و هو بمنزلة المرتد عن الاسلام الحديث و هذه الرواية ربما تؤيد القول الاول اذ يستفاد عن سؤال عمّار كون المعمول في ذلك الزمان كون نفقة زوجة المملوك مع الاذن على المولى و يمكن تأييده ايضا بجوابه عليه السلام ايضا حيث لم يحكم بعدم وجوب النفقة على المولى مطلقا بل علل سقوطها بينونة عصمتها منه بالإباق و فيه تامّل اذ لا يمكن ان لا يكون الحكم بالبينونة تعليلا بسابقه بل يكون حكمه عليه السلام بانه ليس لها على مولى العبد نفقة حكما مطلقا و يكون قوله عليه السلام و قد بانت عصمتها منه حكما آخر مؤكدا للحكم السّابق فتدبّر و الأخرى ما رواه الشيخ في التهذيب في باب زيادات النكاح و في باب السّرارى و ملك الايمان عن علىّ بن حمزة عن ابى الحسن في رجل زوج مملوكا له امرأة حرة على مائة درهم ثمّ انه باعه قبل ان يدخل عليها قال فقال يعطيها سيده ثمن نصف ما فرض لها انما هو بمنزلة دين له استدانه باذن سيده على ما في الباب الاول او سيده بامر على ما في الباب الثانى و لا يخفى ان هذه الرّواية في المهر تؤيد احد القولين و ترد احتمال الثبوت في ذمة العبد بل ظاهر قوله انما هو بمنزلة دين الى آخره يؤيد القول الاول فان الدّين باذن السّيد في المشهور يتعلق بذمة

ص: 391

المولى لا بكسبه نعم ذهب بعضهم الى تعلّقه بذمة العبد يتبع به بعد العتق و لا يمكن تنزيل هذه الرواية عليه لكنها ضعيفة السّند باشتراك ابن ابى حمزة بين الثمالى الثقة و البطائنى الواقفى الضعيف على انه يمكن الفرق بين ما اذا زوّج ظاهر الرواية و بين ما اذا اذن في التزويج من دون امر بذلك او مباشرته بنفسه له فيحكم في الاول بوجوب المهر على المولى دون الثانى تمسّكا باستفادة التزام لوازمه في الاول دون الثانى ثمّ ان الحكم في الرواية تنصيف المهر امّا بناء على القول بان العقد انّما يجب نصف المهر و النّصف الآخر انما يجب بالدخول و حينئذ فلما لم يقع في ملكه الا العقد لم يلزم عليه الا النّصف فانه اوقع الدخول في ملك الثانى اما بامضائه العقد كما هو المشهور او بلا حاجة الى امضائه بناء على انه ليس للمشترى الخيار في الفسخ اذا كانت الزّوجة حرة كما ذهب اليه ابن ادريس فيجب النصف الآخر على المولى الثانى لإمضائه العقد او لشرائه مثل هذا العبد او بناء على سقوط النصف الآخر بالطلاق و علمه عليه السلام لوقوع الطلاق او بفسخ المولى الثانى بناء على اختياره كما هو المشهور على القول بالتنصيف بالفسخ ايضا مثل الطلاق كما ذهب اليه الشيخ و جماعة و ان خالف ابن ادريس فيه ايضا و حكم باختصاص التنصيف بالطلاق هذا بقي شي ء و هو انه على القول بوجوب كل المهر بالعقد اذا فسخ المشترى الثانى و هل يرجع نصف المهر اليه او الى المولى الاول و كذا على القول تقدير وقوع الطلاق بعد البيع فنقول قد اختلفوا فيما اذا طلق الصّبى الذى زوجه ابوه اذا بلغ و لم يدخل بها انه هل يرجع النصف الى الولد او الى الوالد اذ كان المهر لازما عليه كان الوالد معسرا فقيل انّه يرجع الى الولد و قيل انه اذا لم يدفعه الوالد لم يلزم عليه الا دفع نصف الزّوجة و اذا دفعه يرجع النصف الى الولد اذا عرفت هذا فنقول هاهنا على تقدير القول بلزوم المهر في ذمّة المولى الظاهر ان حكم الطلاق بعد البيع او الفسخ على القول به و بالتنصيف به حكم طلاق الصّبى بعد البلوغ فحمل هذه الرّواية على ان التنصيف باعتبار فسخ المشترى الثانى انما يتوجّه على القولين الاخيرين و امّا على القول الاول فالظاهر عود النّصف الى المولى الثانى الذى هو بمنزلة العبد في هذا الوقف فلا يمكن حينئذ حمل الرواية على التنصيف باعتبار الفسخ كما فعله الشيخ و من تبعه و كذا لو وقع الطّلاق بعد البيع لكن على تقدير حمل الرّواية على الطلاق لا يلزم فرض الطلاق بعد البيع بل يجوز فرضه قيل فيصح على جميع الاقوال و امّا على تقدير القول بلزومه في كسب العبد فلا اشكال في سقوط النصف انما الاشكال في لزوم النصف على المولى من ثمنه الا ان يحمل على ما اذا اخدمه المولى قبل بيعه بقدر نصف المهر فلذا حكم بوجوب دفعه عليه او يقال ان التخصيص بالكسب انما هو اذا لم يبعه و امّا مع بيعه فتعيّن عليه دفعه من ثمنه و حينئذ فلا بدّ من تعليل التنصيف باحد الوجوه التى ذكرنا اولا و لو قيل بثبوت المهر في رقبة العبد كما نقلنا من الاحتمال عن العلّامة في النفقة بل ليس فيه من البعد ما اشرنا اليه في النفقة فيمكن حمل الرواية عليه بل ربما كان ذلك اظهر من تنزيلها على احد القولين باعتبار الامر بالاعطاء من خصوص الثمن لكن حينئذ ايضا لا بد من توجيه النصف باخذ الوجوه التى ذكرنا اولا فافهم و اللّه تعالى يعلم

[الفصل الثالث في المحرمات]

قوله و هى كلّ امرأة

لا يخفى صدق التعريف على بينته فنازلا لبنت او لابن و كذا على بنت الاخ فنازلا كذلك و لو كان يدل احدهما احداهما بان يكون الضّميران راجعين الى الامرأتين المذكورين اى التى ولدها ابواه او احدهما لكان له وجه فافهم

قوله و امّا الاخت

فلا وجه الى آخره و امّا المتعة فالظاهر عدم جواز العقد على اختها لا بعد انقضاء عدّتها لصحيحة الحسين بن سعيد

قوله و لم يكن ثالثا

هذا اذا كانت العدة هى الاولى اذ يتحقق حينئذ التّسع حينئذ بالخامسة و العشرين بعد الدخول بعدها فلو توقف التحريم على طلاق آخر بعده و ليس ذلك الطلاق ثالثا بل ثانيا لزم جعل ما ليس بمحرم محرما فان المحرم مؤيدا هو التسع العدية و في هذه الصورة لم يحرم ذلك بل انما حرم الطلاق الذى بعدها و هو بعيد و ايضا لزم القول بالتحريم بدون طلاق موقوف على التحليل و هو الطّلاق الثالث او جعل المحرم هو الطلاق الثانى و هو ايضا بعيد و اما اذا كانت العدية هى الثابتة فعلى تقدير توقف التحريم على الطلاق الآخر يلزم ايضا المحذور الاول اذ فيها ايضا لم يحرم التّسع بل الطلاق الذى بعدها و لا يلزم المحذور الثانى اذ الطلاق بعدها و هو السّابع و العشرين ثالث يتوقف على التحليل و على هذا فقوله ثالثا و لم يكن انما تظهر فائدته في المحذور الاخير و يمكن ان يحمل جعل ما ليس بمحرم محرما على ان المحرم هو الطلاق و هاهنا يلزم ان يكون المحرم هو الطلاق الثانى و المحذور الثانى على ان الطلاق المحرم يلزم ان يتوقف التحليل بعده على المحلل و الطّلاق المحرم هاهنا كذلك ليس و حينئذ ففائدة القيد تظهر في الوجهين جميعا لكن المحذورين معا متقاربان جدا فجعلهما محذورين الغفلة عن المحذور القوىّ الذى اشرنا اليه الذى يلزم في الصّورتين لا يخلو عن بعد فتأمل

قوله و يبقى الكلام في الثانية عشر و الثامنة عشر كما مرّ

فان السّت يتحقق بالحادية عشر و التسع بالسابعة عشر فيلزم القول بالتحريم بعد الدخول بغير طلاق و لو توقف على طلاق آخر بعده لزم جعل ما ليس بمحرم محرما فان المحرم مؤبد و هو السّت او التسع و قد جعل هاهنا الطلاق الذى بعده و اما المحذور الآخر و هو الحكم بدون طلاق موقوف على التحليل فلا يلزم هاهنا اذ الطلاق الآخر و هو الثانى عشر او الثامن عشر يتوقف على التحليل هذا و لو حمل المحذور على الوجه الاخير فلا يرد شي ء منهما هاهنا كما لا يخفى قوله و ذهب جماعة الى عدم الى آخره كانه اشارة الى مرسلة بن فضال عن الصّادق عليه السلام لا يكون الظهار الا على مثل موضع الطلاق اذ لم اقف على ما نقل في كتب الاخبار نعم في شرح الارشاد للمصنف ايضا و كذا في المختلف كما نقله

[الفصل الرابع في النكاح المتعة]

قوله و لان المظاهر يلزم

و استدل ايضا في شرح الشرائع رفع بان امره باحد الامرين موقوف على المرافقة المتفقة على وجوب الوطى و التمتع بها لا حق لها في الوطى و اجاب عنه في شرح الشرائع بمثل ما اجاب به عن الدليل و هو ان الالزام باحد الامرين انما هو فيمن يمكن المرافقة و يكون اثر الظهار في غيره وجوب اعتزالها ما لم يكفر و لم يتعرض للجواب بتجويز المرافقة في المتمتع بها ايضا بناء على وجوب الوطى فيها ايضا كما سبق منه ان وجوب الوطى في كل اربعة اعم في الدائم و المنقطع و يظهر منه ان المعروف بينهم عدم الوجوب في المنقطع و المصنف رحمه الله في شرح الارشاد استدل اولا بالدليل الثانى المذكور هاهنا ثمّ قال على انه يتوقف على المرافقة من المتمتع بها و فيه ما فيه ثمّ استدل بمرسلة ابن فضال ثمّ قال و الحق ان الكل ضعيف جدّا و يمكن ان يكون قوله فيه ما فيه اشارة الى الجواب الذى ذكره المشهور عن الدليلين و يحتمل ايضا ان يكون اشارة الى الجواب الذى اشرنا اليه عن الدليل الثانى في كلامه فتأمل

قوله و روى زرارة

لا يخفى ان هذا الاستدلال لا يكاد يصح من جانب المصنف لان مذهبه كما سيجي ء في كتاب الطلاق ان عدة الأمة طهران فلا تغفل

قوله بحملها على الامة جمعا

و ذهب جماعة منهم المفيد و المرتضى الى عدة المتعة مطلقا شهران و خمسة ايّام نظرا الى اطلاق هذه الرّواية

قوله و لا قائل به

سينقل في بحث العدد القول بمساوات عدد الحرة و الامة في الدّوام و انها في كل منهما اربعة اشهر و عشرا و القائل به الصّدوق و ابن ادريس على ما صرح به في ذلك في بحث العدد فكيف يقول هاهنا انه لا قائل

ص: 392

بانّ عدّة الامة في الدوام كالحرّة و هذا غريب منه و التحقيق ان القائل بان عدّة الامة في المتعة اربعة اشهر و عشرا جماعة من الأصحاب منهم ابن ادريس و العلّامة في المختلف ما صرح به في ذلك و هؤلاء منهم من يقول بذلك في الدوام ايضا كابن ادريس و منهم من لا يقول به فيه كالعلّامة في المختلف فانه في بحث الدائم اختار ان عدّة الامة على النّصف في غير الولد و في بحث المتعة قال ان قول الشيخ يعطى ان عدّة الامة المتمتع بها شهران و خمسة ايّام و ابن ادريس قال عدتها يعنى المتمتع بها اربعة ايام سواء كانت حرّة او امة و حديث زرارة عن الباقر عليه السّلام يدلّ عليه و لا يخلو من قوة انتهى و على هذا فاشكال الشارح رحمه الله انما يتجه على المصنّف حيث لا يقول بمضمون الرّواية في الدوام فكيف يستند اليها في المتعة و على هذا فكان عليه ان يخص الاشكال بالمصنّف و يقول و ليس بقائل به الا ان يردد على كل القائلين بهذا القول كما هو ظاهر كلامه هاهنا و صريحة في ذلك و اما قوله فيهما و لا قائل به الظاهر في انه لا قائل به اصلا و من هؤلاء القائلين هذا و يمكن دفع الاشكال الأول عن الص بانه لا يطرح الرواية في الدوام بل يخصّها بامّ الولد المزوّجة بقرينة بعض الرّوايات الدّالة عليه و لا يلزم من تخصيصها في الدوام لدليل تخصيصها في المتعة ايضا بل اذ امكن حملها على الاطلاق فيها فليحمل عليه و ما اورده من المعارضة بالاخبار الكثيرة فيمكن دفعها ايضا بالتخصيص بالدوام جمعا فلا يبقى عليه الا ما ذكره من استيعاب و كون العدّة في المتعة اكثر من الدوام هذا توجيه الكلام من قبله و الاظهر ان يقال ان غرض العلّامة في بحث المتعة ان قول ابن ادريس لا يخلو عن قوة تمسّكا بصحيحة زرارة و ليس فيه بزيادة ضعف اى مطلقا لا في خصوص المتعة و ان كان الاقوى عنده ما اختاره من التنصيف في غير امّ الولد كما هو مذهبه في باب العدد و هو ايضا مطلقا في الدائم و المتعة اذ لم يخصّ كلامه فيه بالدّائم فتأمل

قوله و هذه مخالفة اخرى

يعنى ان الحكم فيها بالمساواة بين الحرة و الامة مطلقا في الدوام مخالف للاصول لمخالفته للاجماع اذ لا قائل به على ما ذكره ثمّ بعد طرح العمل به في الدوام و اقتصار الحكم بالمساوات على المتعة يلزم كون العدّة في الدائم اضعف من المتعة و هو مخالفة منها للاصول فافهم

[الفصل السادس في المهر]

قوله او مؤول بقبول الزّوج

عطف على قوله شاذّ و المراد انه مؤول هذا حتى لا يكون شاذّا اذ حينئذ يمكن توجيه قبول قوله بان المعهود في ذلك الزمان كان دفع المهر قبل الدخول او تطاول الزمان و حينئذ قول الزّوج موافق للظاهر فيقدم بناء على ترجيح الظاهر على الاصل و هو ليس بشاذّ بل قد ورد في موارد هذا و لا يخفى ان في صورة النّزاع في دعوى الزّوجة المهر و انكار الزّوج له فيما اذا ثبت الزّوجية دون المهر و ذهب ايضا جمع من الاصحاب الى قبول قوله تمسّكا بالبراءة الاصلية اذ بمجرد الزّوجية لا يعلم اشتغال ذمته بالمهر لجواز ان يكون عند العقل قوله لا معسرا و كان المهر في ذمّة ابيه او كان عبدا زوجه مولاه او جعل المهر عينا من الزوج ارسله اليها قبل العقد او كانت عنده من لا له فلا يعلم اشتغال ذمّته به حتى يحكم ببقائه بالاستصحاب و لكن ليس نظر الشارح رحمه الله الى هذا فانه حينئذ لا دخل للدخول او تطاول الزمان فان هذه الاحتمال يجرى بدون التطاول ايضا و اذا لم يقع الدخول تكون القول قوله يكون اظهر جدّا فلا وجه للاشتراط الدخول في قبوله فافهم و في قول الشيخ رحمه الله الظاهر ان نسبة هذا القول الى الشيخ باعتبار ما ذكره في ية فانه قال فيها و متى ادعت المرأة المهر على زوجها بعد الدخول لها لم يلتفت الى دعواها فان ادعت انها جعلته دينا عليه كان عليها البيّنة و عليه اليمين فكانه حمل قوله عليها البيّنة لتعيين ما جعلته دينا عليه و عليه اليمين على يمينه لسقوطه عنه بالايفاء و الابراء و حينئذ فيكون مذهبا شاذا اذ المعروف ان ما ثبت يحكم باستصحابه الا ان يثبت سقوطه بالبينة و لا يكفى اليمين فيه قال الشيخ في الكافي اذا اختلف الزوجان في قبض المهر فقال الزوج قد اقبضتك المهر و قالت اقبضته فالقول قولها سواء كان قبل الزفاف او بعده قبل الدخول بها او بعده و نقل الخلاف عن ذلك حيث قال ان كان بعد الدخول فالقول قوله و ان كان قبل الدخول فالقول قولها و عن جمع من العامة انهم قالوا ان كان بعد الزفاف فالقول قوله و ان كان قبل الزفاف فالقول قولها ثمّ قال دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم و ايضا قول النّبى صلى اللّه عليه و آله البيّنة على المدعى و اليمين على المدعى عليه و الزّوج قد اعترف بالمهر و ادعى انه قد اقبضها فعليه البيّنة و الا فعليها اليمين انتهى و لا يخفى انه مع ما نقلنا عنه يبعد جدّا ان يكون مذهبه في يه خلاف ذلك و الظاهر ان مراده انه اذا ادعت المهر بمجرّد ثبوت الزوجية فلا يلتفت الى دعواها اذ بمجرّد ذلك لا يمكن الحكم بخصوص او قدر و ايضا قد ذكر قبل ذلك انه ان لم يكن قد سمى لها مهر او اعطاها شيئا ثمّ دخل بها لم يكن شي ء لها سوى ما اخذته و ان لم يسم المهر و لم يعطها شيئا و دخل بها لزمه مهر المثل و حينئذ فيجوز ان يكون دعواها على الوجه الاول اى بان يكون قد اعطاها شيئا قبل الدخول فلا يلزم عليه بالدخول مهر يمكن الحكم بشغل ذمته بالمهر اصلا حتى يحكم ببقائه بالاستصحاب فلا يسمع دعواها الا اذا ادعت انها جعلت المهر المعين دينا عليه فحينئذ عليها البيّنة لاثبات ذلك و ان لم يكن لها بيّنة فعليه اليمين كما في ساير الدعاوى و على هذا فليس فيه خلاف ما هو المعروف بين الاصحاب و كانه لم ار احدا نسب خلاف القول المعروف هنا الى الشيخ حتى ان الشارح ايضا في ذلك لم ينسب ذلك اليه و انما نسبه الى ابن الجنيد و لى فيه ايضا تامّل كما بيّنا وجهه فيما علقناه على لك فارجع اليه و اما الرواية التى اشار اليها الشارح فهي رواية حسن بن زياد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا دخل الرجل بامراته ثمّ ادّعت المهر فقال قد اعطيتك فعليها البينة و عليه اليمين و انت خبير بانها ايضا يمكن حملنا عليه عبارة يه بان يكون المراد بقول الزوج قد اعطيتك شيئا قبل الدخول و لم يسم مهر فليس كذلك مهر سوى ذلك و حينئذ فاذا ادعت المرأة مع ذلك فعليها البينة لتعين مهر لها في الذمة فان لم يكن لها بينة فعليه اليمين لنفيه ففى كلام ية اشارة الى توجيه الرواية و تنزيلها على ما لا يخاف الاصول الشرعية و يمكن ايضا حملها على ما ذكره العلّامة في المختلف من ان العادة كانت في الزمن الاول ان لا يدخل

الرجل حتى يقدم المهر و حينئذ فيكون الرواية من ترجيح الظاهر على الاصل كما وقع في موارد و يكون المراد عليها البيّنة لتعيّن المهر و عليه اليمين لعدم شغل ذمة به بالابقاء او نحوه و يكون الحكم مخصوصا بما اذا كانت العادة كك فاذا انتفت تلك العادة كما في زماننا في بلادنا لا يجرى ذلك و يبنى على الاصول الشرعية فتدبّر لعموم قول الصادق عليه السلام في دعوى العموم مع وجود انما على القول يكونه للحصر و انه بمعنى ما و الا تامّل اذ مفاده حينئذ عموم الجزاء المنفى لا المثبت نعم على القول ان ما مؤكده لان و لا حصر فيه اتجه ذلك بناء على عموم اسم الجنس المعرف حيث لا عهد فيشمل المذكورات ما في المرأة و الرّجل لكن هذه الرواية رويت تارة كذلك و تارة بزيادة في سابقه و لاحقه هكذا قال في رجل يزوج الى قوم فاذا امراته عوراء و لم ينسبوا له قال لا ترد انما يرد النكاح في البرص و الجذام و الجنون و العقل قلت أ رأيت ان كان دخل بها كيف يضع بمهرها قال لها المهر بما استحلّ من فرجها و يعزم له و لها الذى انكحها مثل ما ساقه اليها و الظاهر ان الرّواية واحدة و قد افتقر في الاول على نقل البعض فلا يخفى

ص: 393

ان ظاهر انما في الرّواية الثانية للحصر و ان الكلام في عيوب المرأة و شمولها لما في الرّجل غير ظاهر نعم لا بدّ من حمل الحصر فيها على الاضافى لما ثبت من عدم انحصار العيب فها في الاربعة فتدبّر

قوله و منشأ الخلاف من عدم النصّ

هذا منه غريب فانه قد نقل آنفا صحيحه الحلبى المتضمنة للعقل و غفل عنه هاهنا فلا تغفل ان العفل ورد في رواية عن الرحمن ابى عبد اللّه و رواية ابى عبيدة ايضا و اما القرن فقد ورد في رواية ابى الصّلاح الكنانى و في رواية اخرى عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه و فسّر بالعفل و على هذا فالحكم بعدم النصّ في عفله و مساواته للقرن المنصوص في المعنى كما ترى و غاية توجيه كلام الشارح ان يحمل على عدم العفل بخصوص المعنى الذى ذكره اذ العفل في الروايات المذكورة يحتمل القرن بناء على ما نقله من بعض اهل اللغة لكن يمكن الحكم به ايضا للمساواة المذكورة و لو قيل انه كما يحتمل ذلك يمكن ان يكون المراد بالقرن في رواية ابى الصّباح هو العفل كما فسر به في الرواية الاخرى عن عبد الرحمن و حينئذ فيكون المنصوص هو العفل دون القرن على خلاف ما ذكره الشارح فنقول حمل القرن على خصوص العفل مع كون العظم اقوى منه بعيد جدّا فالظاهر حمل تفسير القرن بالعفل على ان العفل ايضا داخل في القرن لا ان القرن مختصّ به و هذا بخلاف حمل العفل على خصوص القرن اذ لا بعد فيه بناء على ما نقله عن بعض اهل اللغة فيبقى العفل في المعنى الاول غير منصوص فتدبّر

[الفصل السابع في العيوب]

قوله فيكون منصوصا

و لكن يكون المراد به القرن و حينئذ يصح الحكم بكون العفل بالمعنى المذكور منصوصا باعتبار النصّ الوارد في القرن و لكن لا يتمشى ما ذكرنا في غاية توجيه الشارح فافهم

[الفصل الثامن في القسم و النشوز و الشقاق]

قوله و هو منتف فيهما

انتفاءه في الصّغيرة غير ظاهر اذ المعتبر في التمكين عدم المنع من جانبها و لا خفاء في امكانه من الصّغيرة و لا يعتبر فيه التمكن بالفعل و عدم مانع منه من شرع او غيره و الا لم تستحق الرتقاء و القرناء و الحائض و النفساء و قد حكم آنفا باستحقاقهنّ و في شرح الشرائع علل الحكم في الصغيرة بانه لما كانت القسمة من جملة حقوق الزوجية و هى بمنزلة النفقة على الزوجة فمن لا يستحق النفقة لصغرها او نشوزها فلا قسمة لها و لا يخفى ضعفه ايضا

قوله و لو لم يخف من المجنونة

هذا بناء على كون الوجه في سقوط القسمة للمجنونة على ما ذكره من عدم التمكين فانه مع عدم الخوف لم ينتف التمكين و اطلق جمع من الاصحاب سقوط القسمة للمطيقة من غير تقييد بالخوف و علله في شرح الشرائع بانه لا عقل لها يدعوها الى الانس بالزوج و التمتع به ثمّ قال و الاولى تقييدها بما اذا خاف اذاها و لم يكن شعور بالانس و الا لم يسقط حقها منها و لعل ما هنا من تقييد السّقوط بالخوف احوط

قوله و على التنصيف يجب عليه الخروج

كان هذا اذ لم يبق له قسم او لم يكن له قسمة تلك الليلة و الّا فله ان يبيت البقية عند من يشاء و يمكن ايضا ان يكون بناء كلامه على ما هو المختار عنده من عدم وجوب القسمة الا بعد الابتداء بها و يكون وجوب الخروج مبنيا على عدم جواز القسمة باقل من ليلة على هذا القول ايضا كما صرح به في شرح الشرائع اذ لو لم يخرج يلزم عليه القسمة بينهنّ بقدر تلك البقية ليتحقق التسوية مع عدم جواز ابتداء قسمته كذلك او يكون مراده وجوب القسمة بعدها او اراد ابتداء قسمته تامة فانه حينئذ لا بد من الخروج و الا لوجب عليه التسوية بينهن و بقدر ملك التقييد ثمّ ابتدا القسمة ان شاء

قوله فانه يبيت عند الباقيات

اى و يجب عليه الخروج عندهنّ الى مكان خارج ليصح التشبيه و كان هذا مبنى على ما هو المختار عنده فانه اذا كان ذلك في ابتداء القسمة يبيت عند الباقيات مثلها او بحسابه ليتحقق التسوية ثمّ يستانف قسمة تامة ان شاء و ان لم يشاء فلا شي ء عليه و الخروج كانه اذا لم يرد القسمة بعدها او اراد قسمة تامة فانه حينئذ يلزمه الخروج اذ لو بات البقية عنه واحدة منهن و يلزمه التسوية بينهنّ فيها فلا يمكن ذلك او لعدم الجواز ابتداء بالقسمة ببعض الليلة بلا عذر و يحتمل ايضا عدم جواز ابتداء قسمة اخرى قيل تحقق التسوية فيما ابتداء به و ان كان في اثناء القسمة بان كان بعد بيتوتة ليلة عند واحدة منهن فيجب عليه الاتيان بقسم الممنوعة و كذا الباقيات على وجهه باعتبار ما ابتدأ بها من القسمة و يجب ايضا ان يبيت عند غير الممنوعة مثلها او بحسابه باعتبار ما مات عند الممنوعة من الليلة الناقصة لتحقق التسوية و عليه الخروج لأحد الوجوه المذكورة و اما على القول بالوجوب المطلق ففيه اشكال لما فيه من تبعيض حق الباقيات بدون ضرورة بل الظاهر حينئذ سقوط حق القضاء اذا لم يكن له فاضل يمكنه القضاء فيه الى ان يمكنه ذلك فياتى بحق الباقيات على وجهه ثمّ يستانف القسمة و لكن لو جوز ذلك فوجه الخروج ظاهر و قال في شرح الشرائع و الآن احتيج الى التبعيض بغير الظلم كما لو كان يقسم بين نسائه فخرج في نوبته واحدة لضرورة و لم يعد او عاد بعد وقت طويل فيقتضى لها من الليلة التى بعدها مثل ما خرج و يخرج باقى الليل الى المسجد و نحوه انتهى و لا يخفى ان القضاء من ليلة البعد لا باس بها على القول المختار في ابتداء القسمة لكن الحكم بوجوبها لا يخلو من اشكال و الظاهر التخيير بينها و بين ما ذكره هاهنا و لعل القضاء اولى او يقع القسمة تامة و ان وقعت للممنوعة ملفقة بخلاف ما هنا لنقصان قسم كل واحدة ح عن الليلة لكن كانه لا منع منه اذا كان لعذر في الابتداء كما ان جواز التلفيق ايضا لذلك و الحكم بالخروج على هذا الفرض فلعله اذا اراد القسمة بليلة كاملة بلا زيادة و نقصان و لم يرد استيناف قسمة اخرى او لم يردها ناقصة فانه حينئذ لو بات البقية عند المقتضى لها يصير كل واحدة ازيد من ليلة تامة بقدرها مع احتمال عدم جواز الزيادة كما هو احد القولين و لو باتها عند احد الباقيات فيلزم عليه الاتيان بقسمة اخرى ايضا بقدرها بعد اتمام القسمة الاولى و لم يرد ذلك مع احتمال عدم جوازها لكونها ناقصة بلا عذر بل عدم جواز ابتداء قسمة اخرى قبل اتمام الاولى مطلقا و اما اذا وقع التبعيض في الاثناء اى بعد بيتوتة ليلة كاملة عند احداهن فيشكل القضاء من حيث ان ليلة البعد تصيير حينئذ حق احدى الباقيات فتجويز تاخير حقها عنها يحتاج الى دليل و ليس و العذر المفروض كانه لا يصلح دليلا عليه اذ كما يصح عذرا له يصلح عذرا لتفويت حق من فات حقها الا ان يقال ان التأخير أهون من التفويت فيجب ان يصار اليه عند العذر و فيه ان هذا معارض بان من اتفق العذر في نوبتها احق بقبول العذر من غيرها و اما الحكم بالزّوج على هذا المتقدّر فلا احد الوجوه المذكورة ايضا و اما على القول المشهور فالحكم بالقضاء مشكل جدا ايضا كما ذكرنا لكنّها اهون مما ذكره هاهنا اذ لا يلزم فيه الا التأخير عن ليلة و تعطيل بعضها بخلاف ما ذكره هاهنا اذ يلزم فيه تاخير حقهن عن اربع ليال و تعطيل بعض كل منها و الحكم بسقوط القضاء الى ان يتيسر له ذلك كانه اظهر منه عن الحكم بالخروج على هذا لو قيل بالقضاء فيها فوجهه ظاهر ثمّ ان بعض الفضلاء نقل ما نقلنا عن شرح الشرائع و حكم بانه يأتى على المذهبين بخلاف ما ذكره هاهنا فان انطباقه على القول بالوجوب المطلق مشكل لانه لا يفى حق الزوجية التى منع من الاكمال عندها و هو الليلة الكاملة فقد ذكر انه لا يجوز جعل القسم اقل من ليلة للضرر و فيه تامّل امّا اولا فلان عدم جواز جعل القسم الاقل من ليلة انما يسلم عند عدم عروض ما يوجبه و اما عند عروضه فلعله لا منع منه و هذا

ص: 394

كما ان تلفيق الليلة ايضا لا يجوز و على هذا ما ذكره في شرح الشرائع فلو جوزه فليس ذلك الا للعذر فلا منع من تجويز التبعيض ايضا للعذر و اما ثانيا فلان عدم جواز جعل القسم اقل من ليلة مشترك بين القولين على ما ذكره في شرح الشرائع كان ذلك مانعا من الانطباق على القول المشهور لكان مانعا من الانطباق على القول الآخر ايضا فلا وجه لما ذكره من تخصيص عدم الانطباق المذكور بالقول المشهور لكن للتامل فيما نقلنا من شرح الشرائع مجال و اما ثالثا فلانه لا وجه لتخصيص عدم الوفاء الّذى ذكره بالممنوعة فانه يلزم عدم الوفاء بحق الباقيات ايضا مثلها و هو اشد محذورا و امّا رابعا فلما ذكرنا ان انطباق كل منهما على القول المشهور لا يخلو عن اشكال و ان كان الامر فيما ذكره هناك اهون هذا ما سنح لى في هذا المقام

قوله او مختص به

لا يخفى ان اختصاصه به على القول بعدم وجوبه ابتداء انما هو في الابتداء و امّا بعده فيصير مشتركا كما في القول بالوجوب المطلق قوله في الحاشية اى على واحدة منهنّ بعشر لعل وجهه ان الرابعة لا يستحق عليه حينئذ الا ثلث الاربعين التى لم يف بحقها منها فانه اذا قضى لها ثلثها و هو ثلث عشر و ثلث فيصير المجموع ثلاثة و خمسين و ثلثا فقد استوفت منها حقها الذى هو الربع كاملا ثمّ اذا اراد ان يفى بحق الباقيين غير المظلومة بها يجب ان ينظر الى ثلث ثلاثة و خمسين و ثلث فيوفيه لاحدهما حتى لها ربع المجموع و ثلث ذلك سبع عشرة و ثلثين و ثلث و قد قضى لها عشرا فيجب ان يوفى الباقى اذا اراد الوفاء للباقية ينظر الى ثلث المجموع الحاصل من اضافة الباقى الى ثلاثة و خمسين و ثلث المذكور و قد قضى لها عشرا فيوفى الباقى ثمّ ينظر الى ثلث المجموع الحاصل من ضم هذا الباقى الى ما قبله فيوفيه للمظلومة بها اولا و قد قضى لها ثلث عشرة و ثلثا فيوفى الباقى و هكذا حتى يتم لكل واحدة من الثلاثة عشر ثمّ يدخل المظلومة بها ايضا في القسمة على هذا النهج الى ان يتحقق تساوى الجميع فان اتفق ذلك التقسيم كيف شاء لكن لا يخفى ما في هذا الطريق من الكلفة وقوع التفريق بين قسم كل واحدة من الثلاثة و عدم ملاحظة نوبة كل واحدة منها و الظاهر ان يقال انه يبيت عند الرابعة عشرا في نوبتها من الدّورة الثانية و عشرا في نوبة المظلومة بها و عند كل من الباقيين عشرا في نوبتها و الظاهر ان نسبة هذه الحاشية الى الشارح غلط و المراد بما في الاصل العود عليهن جميعا

قوله بالعشر

كما هو ظاهره و على هذا فلا ريب في انه يقتضى للرابعة ثلاثة عشرة و ثلثا و لا لاستيفاء كل واحدة منهنّ مثله و يمكن ان يحمل كلام الشارح على ما في الحاشية على انه يقضى للرابعة ثلاثة عشرة و ثلثا التى هى ثلث الاربعين التى لم يف بحقها منه كما ذكرنا ثمّ يأتى لكل من الباقيين بعشر للنّوبة الثانية ثمّ يتم العشرة الثانية للرابعة بان يبيت عندها ستّة و ثلثين ثمّ يستانف التقسيم و حينئذ لا يخلو عن وجه فتأمل

قوله قضى لها عشرا خاصة

اى في الوقت الذى يمكنه ذلك فيه بطلاق او نشوز او نحوهما كما ذكره بعض الفضلاء و هذا على المشهور و اما على القول فيمكنه ذلك لانه قدر في حق الثلث من الدورة الاولى و لا يثبت لهنّ حق الا بعد ابتداء دورة اخرى فيمكنه القضاء قبل استيفائها

قوله لان قضاء الظلم يستلزم الظلم

للتجديد هذا على القول المشهور فانه ان جعل القضاء في نوبته الجديدة فيلزم الجود عليها و ان اسقط زمانها من الجميع يلزم الظلم على الجميع لكن لما كان الاحتمال الظاهر المتبادر الى الوهم القضاء في نوبته الجديدة باعتبار انها بدل من المظلومة بها التى وجب القضاء في نوبتها خصها بالذكر و اما على القول الآخر فيمكنه القضاء ذا لا إلا انه حينئذ يجب ان يوفى للجديدة في ايام القضاء ليلة من الاربع الا ان يفرغ منها فلو كان الظلم بعشر فيقضى في كل اربع ثلثا للمظلومة و يفى بليلة بالجديدة فيقضى في ثلث دورات تسعا للمظلومة و يبقى لها واحدة فيقضيها و يثبت بها ايضا للجديد مثلها ثمّ لا يجب عليه شي ء الا ان يستانف دورة اخرى باختياره فيجب عليه اتمامها للجميع فافهم

قوله و لو كان المظلم بعض ليلة

لا يخفى انه ان كان الظلم بعض اللّيلة بيتوتته عند اخرى وجب عليه ايقاعه في نوبة المظلومة بها و اكمال باقى الليلة عندها لا خارجا عن الازواج و ان كان الظلم بيتوتة منفردا فلا يمكن القضاء مع الاربع الا بطلاق او نشوز و نحوهما كما ذكرنا سابقا و معه لا وجه للخروج و كذا اذا نقص من الاربع فكان ما ذكره مبنى على القول المختار عنده فانه حينئذ يمكنه القضاء و اكمال باقى الليلة خارجا عن الزوجات كانه اذا لم يرد استيناف دورة او اراد استيناف دورة تامة فانه حينئذ يلزمه الخروج و الا فلا بد له من استيناف دورة ببعض ليلة او لعدم جواز القسمة ببعض الليلة بدون عذر كما مرّ مرارا فتأمل

قوله لان ذلك هو مقتضى التحكيم

هذا في الحكم الاول ظاهر و امّا في الحكم الثانى فلا لان مقتضى التحكيم ظاهرا هو عدم التوقف على اذن الزوج و الزوجة كما نقل عن ظ ابن الجنيد

[كتاب الطلاق]

[الفصل الثاني في أقسامه]

قوله و قيل ما لم يتزوّج الام

لا يخفى ان اشتراط عدم تزويج الام معتبر في القولين الأخيرين ايضا فانهم اتّفقوا على انّه اذا تزوّجت الامّ سقط حقها من الحضانة كما صرحوا به و سيشير اليه هاهنا ايضا و لم يظهر من كلام هذا القائل الّا هذا الاشتراط و امّا مع وجود الشرط فغاية ثبوت الحكم متى هى فلم يظهر منه فجعله قولا ثالثا مما لا وجه له و لو قيل انه لما لم يعين الغاية فظاهره ثبوت الحق الى زمان البلوغ للاجماع على سقوط بعده فيرجع الى القول بالتّسع لانه البلوغ في الأنثى و يمكن ان يقال الغرض من جعله قولا ثالثا نقل عبارتهم على ما فيها من الإجمال او يقال ان في القولين الاخيرين و ان اشترط عدم تزوج الامّ الا ان ذلك الاشتراط يختص بصورة وجود كما اختاره الشارح و اشار اليه هاهنا لا مطلقا كما هو ظاهر كلام القوم و امّا في هذا القول فالاشتراط المذكور مطلقا و بهذا يحصل الفرق بينه و بين القولين الاخيرين نعم انهم لم يعينوا ثبوت الحكم مع الاشتراط المذكور و الظاهر انه البلوغ على ما ذكر او يقال ان في هذا القول لما لم يعين الغاية فالظاهر ثبوت الحكم متى تحقق الشرط المذكور و انما الا ان مع البلوغ و الرّشد لا خلاف في سقوطه فقبله لا بدّ ان يثبت و حينئذ فالتفاوت بينه و بين القول بالتسع لا حضانة بعده اصلا و امّا على القول فقد ثبت بعد التسع اذا لم يحصل الرشد و شي ء من الوجوه لا يخلو عن بعد فتأمل

قوله و طلقها ثلاثا

لا حاجة الى انطلاق ثلثا بل يكفى طلاق واحد فكان المراد طلقها طلاقا يتيقن به الثلث الذى شك فيه و هذا اذا تيقن الاثنين و شك في وقوع الثالث كما هو الظاهر مما فرضه و امّا لو لم تيقن ذلك بل شك فيه ايضا بل في الواحد ايضا فيكفى طلاق آخر و ان لم يتيقن به الثلث و كان الاظهر ان يقول مع و طلقها طلاق آخر ليصحّ مط

قوله بل يكفى الإشارة مطلقا

اى سواء كانت باخذ القناع ام لا

ص: 395

[الفصل الثالث في العدد]

كتاب الطّلاق في الفصل الثالث في العدد

قوله و لا عدّة على من لم يدخل بها الزّوج

و كذا على اليائسة و الصّغيرة و ان دخل بهما على ما هو المشهور بين الاصحاب و ذهب السّيد المرتضى و ابن زهرة الى وجوب العدّة عليهما مع الدخول ثلاثة اشهر و الأوّل اقوى

قوله ان كانت امة

هذا اذا لم يكن امّ الولد لمولاها و امّا امّ الولد فالمختار عند الشيخ و جماعة منهم المصنف كما سيجي ء ان عدتها عدة الحرة اربعة اشهر و عشرا و ذهب اكثر القدماء الى ان عدة الأمة عن وفاة زوجها نصف عدّة الحرة مطلقا سواء كانت امّ ولد ام لا فالمذاهب ثلاثة

قوله و مستنده صحيحة محمد بن مسلم

و في معناها روايات اخرى كثيرة

قوله و تخصيصها بغيرها طريق الجمع

لا يخفى ان من الاخبار ما لا يمكن تخصيصها بغير الأمة لورودها في خصوص الامة كرواية سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عدة المملوكة المتوفى عنها زوجها اربعة اشهر و عشرا او للتصريح فيها بعموم الحكم للحرة و الأمة كصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام اذ فيها ثمّ قال يا زرارة كلّ النكاح اذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت او امة او على أيّ وجه كان النكاح منه متعة او تزويجا او ملك يمين فالعدة اربعة اشهر و عشرا و عدة المطلقة ثلاثة اشهر و الأمة المطلقة عليها نصف ما على الحرة و كذلك المتعة عليها ما على الأمة و ظاهر صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام التى سيجي ء في بحث عدم العداد على الامة كما سنشير اليه فلا يمكن الجمع بما ذكره نعم بعضها ورد في خصوص امّ الولد المزوّجة كصحيحة حسن بن محبوب او حسنته عن واهب بن عبد ربّه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل كانت له امّ ولد فزوجها من رجل فاولدها غلاما ثمّ ان الرّجل مات فرجعت الى سيّدها ا له ان يطأها قال تعتد من الزوج اربعة اشهر و عشرا ثمّ يطؤها بالملك بغير نكاح و صحيحة سليمان بن خالد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الامة اذا طلقت ما عدتها قال حيضتان او شهران قلت فان توفى عنها زوجها فقال انّ عليّا عليه السلام قال في امهات الاولاد لا يتزوجن حتى يعتددن اربعة اشهر و عشرا و هنّ اماء فلذا ذهب المصنف و جماعة الى الفرق بين امّ الولد و غيرها جمعا بين الاخبار و هو ايضا لا يخلو عن بعد اذ في الرّواية الاولى لا يظهر التخصيص بامّ الولد من كلام الامام عليه السلام نعم الراوى سئل عن خصوصها و امّا الرّواية الثانية فلا تدل ايضا الّا على انه عليه السلام قال ذلك في امّهات الاولاد لا انه عليه السلام خصّ الحكم بها اذ يجوز ان يكون انما سئل عنها فاجاب بذلك او اتفق حكمه عليه السلام بذلك في خصوص امهات اولاد فلا يدل ذلك على تخصيص الحكم بها بل ظاهر الاكتفاء بهذا النقل في جواب السّائل عن عدة الامة لو مات زوجها انها اربعة اشهر و عشرا مطلقا و الّا لكان ينبغى ان يتعرض عليه السلام لحكم غير امّ الولد ايضا و لعل قوله عليه السلام و هنّ اماء ايضا يشعر بما ذكرنا اى حكم بذلك فيهنّ و هنّ اماء فعلم ان حكم الاماء ذلك و على هذا فتخصيص الاخبار العامة في الاماء بهذين الخبرين مشكل جدّا و يمكن ان يقال ان حكمهم بذلك ليس للجمع بين هذين الخبرين و الاخبار العامة في الاماء حتى يتوجه ما ذكر بل للجمع بين الاخبار الدّالة على المساواة و الاخبار العامة في الاماء حتى يتوجه الدالة على التنصيف فانه احتمال مناسب للجمع بينهما به و ما ذكره من الخبرين ايضا لا يخلو عن تأييد له و على هذا فلا يتوجه ما ذكر لكن الحكم به بمجرد ذلك لا يخلو عن اشكال اذ يمكن ايضا الجمع بين الاخبار بحمل اخبار المساواة للحرة على الاستحباب او حمل اخبار التنصيف على التقية و لعله اظهر و اولى عملا بعموم الآية و رعاية للاحتياط و اللّه تعالى يعلم

قوله دائما كان النكاح ام منقطعا

هذا هو المشهور بين الاصحاب و ذهب بعضهم الى ان عدة المتمتع بها اذا مات زوجها عنها و هى في حباله شهران و خمسة ايّام و المعتمد هو الاول لعموم الآية و الاخبار و خصوص صحيحة زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السلام ما عدة المتعة اذا مات عنها الذى يتمتع بها قال اربعة اشهر و عشرا قال ثمّ قال يا زرارة كل النكاح الى آخر ما نقلنا سابقا و غيرها و الرّواية التى تدل على التنصيف مرسلة لا تصح للاحتجاج في مقابلتها و حملها الشيخ في التهذيب على انها كانت امة تمتع بها باذن مالكها و في رواية على بن يقطين عن ابى الحسن عليه السلام قال عدة المرأة اذا تمتع بها فمات عنها زوجها خمسة و اربعون يوما و هى ضعيفة و يمكن حملها على ما اذا مات الزوج بعد انقضاء ايامها و المراد ان عدتها خمسة هى و اربعون يوما التى هى عدتها و لا يتغير حكمها باعتبار الوفاة و قال الشيخ في التهذيب انه و هم من الراوى و يجوز ان يكون سمع متمتعة انقضت ايامها كان عليها خمسة و اربعون يوما فحمله على المتوفى عنها زوجها

قوله سواء انضبط عددا

كان رأت في اول كل شهر سبعة ايام الا كان رأت في اول شهر سبعة و في اول آخر ثمانية اما الاول فلا شبهة في استقامة حيضها و تحيضها برؤية الدم و رجوعها الى عادتها عند استمرار الدم و اما الثانية فهي ايضا بحسب اول حيضها مستقيمة العادة و يتحيض بروية الدم و انما الاشتباه في آخره فقيل انه يحكم لها بتكرار اقل العددين فترجع اليه عند الاستمرار و قيل انها بالنسبة الى الآخر مضطربة فيلزمه مع الاستمرار حكمها من الرّجوع الى التمييز او الى الاقران او الروايات لكن لما كان القرء هو الظهر على الاشهر في المعتبر في الاستقامة استقامة اول الحيض ليعلم به انقضاء الطهر فلذا جعل الشارح هذا القسم ايضا من المستقيمة و اما على رأى من جعل القرء هو الحيض فينبغى ان يخص المستقيمة بالمستقيمة وقتا و عددا معا هذا و اما المستقيمة عددا فقط كان رأت في اول شهر سبعة و في آخر شهر آخر ايضا سبعة فهي بحسب الوقت مضطربة و في تحيضها برؤية الدم خلاف فقيل انها كأختيها فيه و قيل انها كالمضطربة لا تتحيّض الا بعد ثلاثة و مع استمرار الدّم الظاهر ان حكمها حكم ناسى الوقت دون العدد و قد اختلفوا فيها فقيل انها تعمل في الزمان كله ما تعمل المستحاضة و تتجنب ما تتجنب الحائض و تغتسل للحيض في كل وقت و يحتمل انقطاع الدّم فيه و تقضى صوم عادتها اخذا بمجامع الاحتياط و ذهب الاكثر الى انها ترجع الى العدد و تتحيّض به في أيّ وقت شاءت من ايام الدم كمن تتحيّض بالروايات لكن هل هذا بعد الرجوع الى التمييز اصلا بل يحكم عليها ابتداء بذلك الظاهر من بعض كلماتهم هو الاول حيث يجعلونها داخلة في المضطربة و يحكمون في المضطربة مطلقا بالرّجوع الى التمييز ثمّ الى الروايات ثمّ يجعلون العادة العددية فيها بمنزلة الروايات و كذا من كلام الشارح هاهنا حيث لم يجعلها داخلة في مستقيمة الحيض و حكم في غير مستقيمة مطلقا بالرجوع الى التمييز ثمّ بالاشهر فكانه لم يعتبر فيها الأقراء التى هى بمنزلة الرّوايات كما لا يعتبر في العدة الرّوايات بل حكم فيها بعد التمييز بالاشهر و ذكر بعض المحققين ان ذاكرة العدد الناسية للوقت لو عارض تمييزها عدد ايام العادة لم ترجع الى التمييز بناء على ترجيح العادة على التمييز و لا يخفى انه اذا كان الاضطراب باعتبار عدم ضبط الوقت في الواقع لا نسيانه ايضا ينبغى ان يكون حكمه عنده حكم نسيان الوقت من عدم اعتبار التمييز فيه ايضا و فيه ان الظاهر مما ذكروه في مسئلة تعارض التمييز و العادة

ص: 396

و اختلافهم فيها هو العادة الوقتية دون العددية كما يظهر بالتامل فيها فمع عدم ضبط الوقت و وجود التمييز ينبغى ان تجعل ايام حيضها زمن التمييز لكن اذا كان زمن التمييز انقص من الاقراء مع التمييز و بدونها ثلاثة اشهر و يحتمل ايضا ان يكون هى عدد العادة المضبوطة فينبغى الحكم بالتخصيص بقية العادة ايضا و اذا كان ازيد عليه فينبغى التحيض بعده ايضا اذا لم يتجاوز العشرة و امّا مع تجاوزها فالاعتبار بالعادة و اذا كان زمن التمييز في شهر مرتين او ثلاثة و تخلل بينهما نقاء اقل الطهر فالظاهر تحيضها في كل مرة و ان كان العدد المضبوط منها في كل شهر مرّة و هو ظاهر هذا ثمّ انه لم ار في كلامهم التصريح بتعيين عدة ذات العادة العددية لكن قد اشرنا الى ان الظاهر من كلام الشارح ان عدتها هى الأقراء التى لها مطلقا بناء على العمومات الدّالة على ان العدّة هى ثلاثة قروء مع ما تقرّر عندهم من انها الاقراء لها شرعا و في صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عدة المرأة التى لا تحيض و المستحاضة التى لا تطهر و الجارية التى قد يئست و لم تدرك الحيض ثلاثة اشهر و عدّة التى لا يستقيم حيضها ثلث حيض متى ما حاضتها فقد حلت للازواج و في حسنته بإبراهيم بن هاشم عنه عليه السلام قال عدّة المرأة التى لا تحيض و المستحاضة التى لا تطهر ثلاثة اشهر و عدة التى تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء و في صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال في التى تحيض في كل ثلاثة اشهر مرة او في ستة اشهر او في سبعة اشهر و المستحاضة و التى لم تبلغ المحيض و التى تحيض مرّة و ترتفع مرّة و التى لا تطمع في الولد و التى قد ارتفع حيضها و زعمت انها لم تأيس و التى ترى الصّفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر ان عدّة هؤلاء كلّهن ثلاثة اشهر و في رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عدّة التى لم تحض و المستحاضة التى لا تطهر ثلاثة اشهر و عدّة التى تحيض و يستقيم حيضا ثلاثة قروء و القرء جمع الدم بين الحيضتين و انت خبير بان الظاهر من هذه الاخبار ان المستحاضة التى لا تطهر عدتها ثلاثة اشهر مطلقا من غير رجوع الى عادة او تمييز او اقران او روايات لكنّهم خصوها بمن لا عادة لها و لا تمييز و لا اقران في المبتدأة على ما ذكره الشارح بناء على ما ثبت عندهم في بحث الحيض من الرجوع الى هذه في التحيض و لم يعتبر و الرّجوع الى الروايات هاهنا مع اعتبارهم انهم ايضا هناك اذ لا يبقى حينئذ مستحاضة يعتدّ بثلاثة قروء فلذا جعلوا ثلاثة قروء هاهنا بمنزلة الرجوع الى الرّوايات هناك لكن يتوجه حينئذ اما اذا جاز مخالفة حكم العدة لما ذكروه هناك فلم لا تحمل الروايات على ظاهرها من اعتدادها بثلاثة اشهر مطلقا من غير رجوع الى شي ء مما ذكروه هناك اللّهمّ الا ان يثبت اجماع على خلافه و في الاخبار فلم ار ما يصلح لمعارضتها سوى ما نقله في التهذيب انه سئل محمد بن مسلم عن عدة المستحاضة فقال تنتظر قدر اقرائها او تنتقص يوما فان لم تحيض فلتنظر الى بعض نسائها فلتعتد باقرائها و مثله في الفقيه ايضا لكن فيه بعد اقرائها فتزيد يوما او تنقص يوما و هذه الرّواية تدلّ على الرّجوع الى عادتها و مع كونها مبتدئة على الرجوع الى عادة نسائها لكنها لجهالة سندها و عدم ذكر السؤال لا تصلح لمعارضة تلك الاخبار الكثيرة هذا مع ما في متنها من الاشتباه فان قوله او تنقص يوما لا يظهر معناه فقيل اى من ابتداء الحيض من باب الاحتياط و لعله اراد ان ينقص يوما من ابتداء الحيض الثالث و يضيفه الى ايّام العدّة من باب الاحتياط و لا يخفى بعده و امّا على ما في الفقيه فقيل ان هذه الزيادة و النقصان لاتمام ثلاثة اشهر اذ الغالب في العادات اختلافها مع ثلاثة اشهر بشي ء قليل و لعل هذا اذا وقع الطلاق في اول الطهر و كانت الاقراء هى الحيض و اما اذا وقع الطلاق في اواخر الطهر او كانت الاقراء هى الاطهار فالتفاوت يزيد على اليوم و اليومين سيما اذا وقع الطلاق في اواخر الطهر و كانت الاقراء هى الاطهار و هذا مع ما فيه من التعسّف يرجع الى اعتبار الاشهر لا الاقراء و قيل المراد ان زيادة يوم و نقصانه سابقا لا يضرّ في حصول الاقراء و اعتبارها و لا يخفى

ما في حمل العبارة عليه من التعسف و في مرسلة جميل عن بعض اصحابنا عن احدهما عليه السلام قال تعتد المستحاضة بالدم اذا كان في ايّام حيضها او بالشهور ان سبقت اليها فان اشتبه فلم تعرف ايّام حيضها من غيرها فان ذلك لا يخفى لانّ دم الحيض عبيط حارّ و دم الاستحاضة دم اصفر بارد و هذه الرّواية تدلّ على اعتبار العادة و التمييز الا ان سندها مع قطع النظر عن الارسال ليس بشي ء و يمكن ان يقال ان الآية الشريفة و الاخبار العامة بان العدّة ثلاثة قروء و يكفى مرجحا لحكمهم بانقضاء العدة بكل ما ثبت انه اقراء شرعا و لا وجه للعدول الا في موضع اليقين و ليس ذلك الا عند الرجوع الى الروايات على ما فعلوه و لكن مع ذلك الاحوط للمستحاضة التى لا تطهر التربّص ثلاثة اشهر مطلقا ثمّ في تفسير المستقيمة بما ذكره نظر اما اولا فلان الحكم بان من لها عادة مضبوطة وقتا تعتدّ بالاطهار لا يستقيم على اطلاقه فان من اعتادت الحيض فيما زاد على الثلاثة الاشهر و طلقت في وقت يبقى لها بعد الطّلاق ثلاثة اشهر لا يعتد بالاطهار و ان كان لها عادة مضبوطة وقتا و عددا و امّا ثانيا فلان من ترى الحيض و ان لم ينضبط كما اذا رأت الدم تارة في اول الشهر و تارة في وسطه و تارة في آخره سواء اتفقت في العدد ام لا اذا لم يكن شي ء منها اقل من الثلاثة و لا يتجاوز العشرة يحكم بحيض الجميع و تعتدّ ايضا بالاقراء لا بالشهور من غير ان يرجع الى تمييز مع انه على ما فسّره غير مستقيمة الحيض فيلزم ان يرجع الى التمييز ثمّ تعتد بالشهور على ما ذكره فالظاهر على فتاويهم ان يقال المستقيمة الحيض و هى من ترى الحيض في كل شهر على قياس عامة النساء على عادة مضبوطة تعتد بالاقراء و كذلك من لم تكن لها عادة مضبوطة لكن وجد في كل ما تراه من دم شرائط الحيض و تخلل بينهما نقاء اقل الظهر و اما من استمرّ دمها فذات العادة الوقتية ترجع اليها و تعتد بالاقراء و اما العددية فقد فصّلنا القول فيها و امّا المبتدئة و المضطربة فتعتدّ ان ايضا بالأقراء اذا حكم بحيضهما بالتمييز فيهما او الرجوع الى عادة نسائها في الاولى و امّا مع استمرار الدّم و فقد التمييز و كذا اختلاف عادة الاقران في المبتدأة فتعتد بالشهور و كذا من لا ترى الدّم و هى في سنّ من تحيض تعتدّ بالشهور الثلاثة و لو رأت في الاشهر الثلاثة مرّة او مرتين فحكمها ما فصّلوه و يمكن الاختصار في الكلام بان العدة فيمن هى في سنّ من تحيض امّا ثلاثة اقراء باعتبار ثلاثة حيض ثبت شرعا كونها حيضا في وقته لا باختيارها او ثلاثة اشهر لا ترى فيها حيضا على ذلك الوجه فايهما سبق تنقضى العدة به و لو انقضت ثلاثة اشهر و لم يحصل شي ء من الامرين فحكمها ما فصلوه من الصّبر الى حصول اتمام ثلاثة اقراء كذلك او انقضاء سنة على قول و خمسة عشر شهرا على قول آخر بقي الكلام في مسئلة اخرى و هى ان ما اشتهر بين القائلين بان العدّة هى الاطهار في روايات الاقراء من الحكم بانقضاء العدّة برؤية الدم الثالث ليس بظاهر على اطلاقه بل انما هو في من لها عادة مضبوطة بحسب الزّمان اذا وصل اليها و اما في غيرها فقد صرّح بعضهم بانها مع الاختلاف تصبر الى انقضاء اقل الحيض اخذا بالاحتياط اما بناء على القول بعدم الحكم بحيضها و وجوب العبادات عليها الى ان يمضى اقل الحيض كما اشرنا اليه سابقا او بناء على الفرق بين العبادات و العدة و وجوب زيادة الاحتياط في العدة بخلافها و لا يخفى انه على هذا يمكن الحكم في بعض فروض ناسى العدد دون الوقت ايضا ان لا يحكم بانقضاء العدد بمجرّد الحكم بتحيضها شرعا بل الى ما يصل الى ما يتيقن كونه وقت الحيض فلو علم انه آخره مثلا و تحيضت

ص: 397

قبله باحدى الرّوايات فربما لا يحكم بانقضاء العدة الا بالدخول في الثلاثة الاخيرة المتيقنة لا بما تحيضت قبلها ليطابق احدى الرّوايات عملا بالاحتياط و الظاهر ان حكمهم بانقضاء العدّة بمجرد رؤية الدّم الثالث في المضبوطة ايضا انما هو بحسب الظاهر بمعنى انه يجوز لها التزويج مثلا بمجرّده و اما لو فرض انقطاع الدّم قبل الثلاثة فيتبيّن بقاء العدّة و فساد الحكم الظاهر الى ان يتمّ العدة بوجه آخر فتدبّر

قوله سواء كانت مسترابة

المسترابة هى التى حصل فيها ريبة الحمل كما فيما اذا تاخر حيضها عن عادتها و كثيرا ما يطلق في كلام الاصحاب على من لا تحيض و هى في سنّ من تحيض مطلقا سواء كانت مسترابة بالحمل او تيقنت حملها او عدمه و من غير من الاصحاب هاهنا بالمسترابة اراد بها المعنى الاعم فافهم

قوله لعارض من مرض و حمل

هذا اذا كان الحمل من الزّنا فانّها لا عدّة عليها من الزّنا سواء كان سابقا على التزويج او بعده لكن علم كون الحمل من الزنا لبعد الزوج فحينئذ انما تعتد للزوج بالاشهر اذا لم تر الحيض و اما اذا كانت حاملا من الشبهة بان وطئت بعد التزويج بالشبهة و التحقق الولد بالواطى لبعد الزوج ثمّ طلّقت فتعتد للواطئ بها بوضع الحمل ثمّ تعتد للطلاق بعده بما هو حكمها من الاقراء او الاشهر على ما صرّح به في شرح الشرائع و لو كان الحمل من الزّوج فالعدّة انما هى وضع الحمل لا الاشهر كما سيجي ء

قوله ان طلقها عند الهلال

بان يبتدئ باللفظ قبل الغروب من ليلة الهلال بحيث يقترن الفراغ منه باوّل الشهر لا بابتدائه في اول الشهر لانه الى ان يتم لفظه يذهب جزء من الشهر فينكر كذا في شرح الشرائع في هذا البحث و قال في بحث السلام منه و اعلم ان المعتبر في الاوّليّة و الاثناء العرف لا اللغة فلا يقدح فيه اللحظة و السّاعة مع احتماله انتهى و الاولى رعاية ما هو الاحوط في كل باب فافهم

قوله بعد الهلالين على الاقوى

و قيل تعتد بهلالين بعد الشهر الذى وقع الطّلاق في اثنائه و تاخذ من الثالث بقدر ما مضى من الشهر المذكور و قيل بانكسار الجميع فيسقط اعتبار الاهلّة و هذا البحث آت في جميع الآجال كالسّلم و الدّين المؤجّل و غيرها و ما اختاره الشارح هو المشهور بين الاصحاب و لا يخلو عن قوة لكن الاولى رعاية ما هو الاحوط في كل باب هذا فيما قدر له الشهور شرعا كالعدة و امّا الآجال المشترطة بين النّاس المقدرة بالشهور فلو لم نقل بكفاية التتميم بقدر الفائت فلا ريب في كفاية الاكمال ثلثين فيها بناء على العرف و لا حاجة الى الاحتياط برعاية القول الثالث فتأمل

قوله و الضابط ان المعتدّة المذكورة

اى لغير الوفاة

قوله و ان كانت لها عادة مستقيمة فيما زاد عليها

يعنى انه اذا مضى ثلاثة اشهر بيض انقضت عدّتها به سواء لم تكن لها عادة مستقيمة او كانت لها عادة مستقيمة فيما زاد عليها فالواو و صلى و الظاهر من كلام الاصحاب ان الاعتداد بثلاثة اشهر بيض انما هو في غير المستقيمة و اما المستقيمة فانما تعتد بالاقراء و ان زاد عادتها على الثلاثة و هو اوفق بالآية الشريفة و الروايات الواردة في هذا الباب لكن جماعة منهم كالمحقق و العلامة رحمه الله حكموا بعد ذلك بان من رأت الدّم في كل خمسة اشهر او ستة تعتد بالاشهر فعلم منه ان حكمهم باعتداد المستقيمة بالاقراء انما هو فيما اذا كان عادتها فيما دون ذلك و كانهم لما رأوا ان الحكم باعتداد المستقيمة مطلقا بالاقراء يوجب فيما كانت العادة في كل خمسة فصاعدا ان تزيد العدة على السنة التى هى مختارهم في عدة المسترابة و هى اطول العدات على ما هو المعروف بينهم فلذا عدلوا عن اعتبار الاقراء فيها الى الاشهر التى هى بدلها و خصّوا اعتبار الاقراء بما اذا كانت العادة فيما دون ذلك و تفصيل الكلام في هذا المقام فيما علّقناه على شرح الشرائع قوله في الحاشية و المروى فيه خبر عمّار السّاباطى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل عنده امرأة شابة و هى تحيض في كل شهرين او ثلاثة اشهر حيضة واحدة كيف يطلقها زوجها فقال امر هذه شديد هذه تطلق طلاق السنة تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود ثمّ تترك حتى تحيض ثلث حيض متى حاضتها فقد انقضت عدتها قلت له فان مضت سنة و لم تحيض ثلث حيض قال يتربّص بها بعد السنة ثلاثة اشهر ثمّ قد انقضت عدتها قلت فان ماتت او مات زوجها قال فايّهما مات ورثه صاحبه ما بينه و بين خمسة عشر شهرا و الرواية موثقة بعمّار و متنها ايضا لا يخلو من قصور فان الاشتباه في امر هذه المرأة لو كان انما هو في عدّتها الا في كيفية تطليقها كما يظهر من السؤال و ايضا لا يظهر وجه لتخصصه عليه السلام طلاقها بطلاق السّنة اذ لا منع من طلاق العدّة ايضا فيها و يمكن حمل قوله كيف يطلقها عن السّؤال عن كيفية عدتها و قوله عليه السلام طلاق السّنة على السّنة بالمعنى الاعمّ او التخصيص بالسّنة باعتبار افضليتها مطلقا لا بسبب في خصوص هذه المرأة بل التفاوت بين هذه المرأة و غيرها ليس الا باعتبار ما ذكر في عدتها فافهم

قوله فيها و امّا التربّص تسعة إلى آخره

هذا منه رحمه الله غريب فان القول بالتسعة مستند الى رواية سورة بن كليب و و قد رواها الشيخ في التهذيب بعد رواية عمار متّصلة بها و هو رحمه الله في شرح الشرائع نقل الروايتين جميعا و هاهنا وقع منه هذه الفضلة و بالجملة فالرواية هكذا عن سورة بن كليب قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امراته تطليقة على طهر من جماع بشهود طلاق السنة و هى ممن تحيض فمضى ثلاثة اشهر فلم تحض الا حيضة واحدة ثمّ ارتفعت حيضتها حتى مضت ثلاثة اشهر اخرى و لم تدر ما رفع حيضها قال ان كانت شابة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة اشهر الا حيضة ثمّ ارتفع طمثها فانها تتربّص تسعة اشهر من يوم طلقها ثمّ تعتد بعد ذلك ثلاثة اشهر ثمّ تتزوّج ان شاءت و سند الرواية الى سورة بن كليب صحيح و اما هو فمشترك بين رجلين احدهما مجهول و الآخر فيه مدح في الجملة و في سند ما روى في مدحه حذيفة بن منصور و قد ضعّفه ابن الغضايرى و ان وثقه النجاشى و نقل توثيقه و مدحه عن شيخنا المفيد ايضا و امّا ما ذكره بعض المحققين من ان هذه الرّواية ضعيفة لان راويها و هو سورة بن كليب لم يرد فيه مدح يعتد به و قد ضعفه ابن الغضايرى فكانه اشتباه منه رحمه الله الا ان يحمل كلامه على تضعيف مدحه باعتبار تضعيف راويه و لا يخفى بعده ثمّ ان المحقق رحمه الله في النكت بعد ما ذكر انّ عمار افطحى فلا عمل على ما يتفرد به لكن الشيخ لا يطرح رواياته و يقول انه ثقة ذكر ان رواية سورة ارجح لسلامة طريقها و كانه اراد السلامة من فساد المذهب هذا ثمّ انه يستشكل على الروايتين بان التربص تسعة اشهر او سنة من حين الطلاق لا يطابق شيئا من الاقوال في اقصى الحمل لانّ مدّته انما تحتسب من آخر وطئ وقع بها لا من حين الطلاق فلو فرض انه كان معتزلا لها ازيد من ثلاثة اشهر تجاوزت مدة التربّص عن اقصى مدة الحمل على جميع الاقوال على رواية التسعة فكيف عن السنة و ايضا بعد العلم ببراءتها عن الحمل بالتسعة كما هو احد الاقوال و السّتة على قول آخر اعتدادها بثلاثة اشهر غير متجه لان مع طرو الحيض قبل تمام الثلاثة ان اعتبرت العدّة بالاقراء و ان طالت لم يتم الاكتفاء بالتسعة و الثلاثة و لا بالسّتة و الثلاثة اذا لم يحصل الاقراء بها و ان اعتبر مضى ثلاثة اشهر بيض بعد النقاء فالمعتبر بعدم العلم بخلوها من الحمل حصول الثلاثة كذلك و لو قبل العلم لان عدة الطلاق لا يعتبر القصد اليها

ص: 398

و قد مضى ثلاثة اشهر كذلك في التسعة فلا وجه للتربص ثلاثة اخرى و لو فرض اعتبار القصد فلا يكفى ايضا البلوغ الى سنة او ثلاثة بعدها ما لم يعتبر في الثّلاثة الاخيرة كونها بيضا و لم يعتبر ذلك في الرّوايتين و لا في فتوى الاصحاب و لا يخفى انه لو صحت الرواية فالامر في مثل هذه الاشكالات هيّن اذ براءة الرّحم و و ان كانت من مصالح العدة لكن قد اعتبر فيها مصالح اخرى ايضا كما يظهر من عموم عدة الوفاة و اختلاف الحرة و الامة في العدّة و على هذا فلا بعد في وجود مصلحة الاعتبار و التربّص تسعة اشهر او سنة من حين الطلاق و ان ظهر براءة الرحم في بعض الموارد قبلها باعتبار مصلحة اخرى او لا يرى انه اوجب الاعتداد بثلاثة اشهر بيض بعد الطلاق و ان ظهر البراءة من الحمل باعتبار مضى ثلاثة اشهر كذلك فصاعدا من حين الوطى قبله على انه ليس في الروايتين ان ذلك التربّص لظهور براءة الرّحم و انما وقع ذلك في كلام بعض الاصحاب كالمحقق رحمه الله حيث قال صبرت تسعة اشهر الاحتمال الحمل و لعلّ مراده الإشارة الى بعض مصالح الحكم لا انها منجّزة فيه و لا انها ايضا جارية في جميع الموارد اذ الظاهر انهم يعنون الحكم فيمن لا يحتمل فيها الحمل ايضا كما صرّح به الشارح رحمه الله هاهنا فاندفع الاول و امّا الثانى فيمكن دفعه ايضا بانا لا نم ان العدة لا بدّ ان يكون بالاقراء البتة و لا انه اذ لم يعتبر الاقراء حتما فيكفى مضى ثلاثة اشهر بيض مطلقا بل نقول ان احدهما يكفى للعدة اذا كانت الاشهر المذكورة في ابتداء الطّلاق و اما اذا كانت بعد حيضة او حيضتين فلعلّها لا تكفى في العدة بل لا بدّ من الأقراء او مضى سنة او ستة و ثلاثة بعدها كما تضمّنت الرّوايتان و ذكره الاصحاب على ان الحكم بوجوب التربّص تسعة ثمّ ثلاثة في الرواية الاخيرة لا يلزم ان يكون الاول للبراءة و الثانى للاعتداد بل يمكن ان تكون الجميع للبراءة بناء على ان اقصى الحمل ستة كما هو احد المذاهب لكن التفصيل للاشارة الى ان المدة الأولى ممّا لا بدّ منه لظهور البراءة و الثانية لرفع الاحتمال البعيد النّادر الّذى قد يتفق في بعض النساء هذا و اعلم ان هاهنا مسئلة اخرى و هى ما لو طلقت فادّعت الحمل و قد ورد فيها روايات فمنها صحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج قال سمعت ابا ابراهيم عليه السلام يقول اذا طلق الرّجل امراته فادعت حملا انتظر بها تسعة اشهر فان ولدت و لا اعتدت ثلاثة اشهر ثمّ قد بانت منه و لا يخفى ان هذه الرّواية مؤيّدة جدّا الرواية سورة لانه اذا وجبت التربّص تسعة ثمّ ثلاثة لادّعاء الحمل فلا بعد في وجوبه للاسترابة به ايضا و امّا ما يقال من انه يمكن حمل قوله و الا اعتدت ثلاثة اشهر الى آخره على انه جعلت عدتها ثلاثة اشهر من التسعة ثمّ قد بانت منه بعد الثلاثة من التسعة فلا يخفى بعده جدّا و منها رواية محمد بن حكيم عن ابى الحسن عليه السلام قال قلت له المرأة الشابة التى تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع حيضها كم عدتها قال ثلاثة اشهر قلت فانها ادّعت الحمل بعد ثلاثة اشهر قال عدتها تسعة اشهر قلت فانّها ادّعت الحمل الى سنة ثمّ ثلاثة اخرى بعد تسعة اشهر قال انما الحمل تسعة اشهر قلت تتزوّج قال تحتاط بثلاثة اشهر قلت فانها ادّعت الحمل بعد ثلاثة اشهر قال لا ريبة عليها تتزوج ان شاءت و هذه الرّواية تحتمل وجوها احدها ان يكون حكمه عليه السلام اولا بان العدّة تسعة اشهر و قوله عليه السلام انما الحمل تسعة اشهر محمولا على القدر الواجب من العدّة و قوله عليه السلام تحتاط بثلاثة اشهر محمولا على الاستحباب و ربما يؤيد لفظه الاحتياط و على هذا فتحمل الثلاثة في رواية عبد الرحمن بن الحجاج ايضا على الاستحباب بل في رواية سورة ايضا يمكن الحمل على الاستحباب بناء على ما ذكرنا من تقارب المسألتين من حيث الاعتبار و ثانيها ان يكون حكمه عليه السلام بوجوب التسعة بناء على صحة ما ادعته المرأة من الحمل و ان اقصى الحمل تسعة ثمّ لما سئل ثانيا انها ادعت الحمل بعد تسعة اشهر اشار عليه السلام الى فساد دعواها بان الحمل ليس الا تسعة اشهر ثمّ لما سئل عن جواز تزويجها اجاب بعدم جواز التزويج ما لم تحتط بثلاثة اشهر اخرى بناء على وجوب الاعتداد بثلاثة بعد اقصى الحمل و لفظ الاحتياط ليس بصريح في عدم الوجوب و على هذا

فيوافق ظاهر رواية عبد الرحمن و ثالثها ان يكون قوله عليه السلام عدتها تسعة اشهر بناء على ما هو الشائع الغالب في الحمل و كذا قوله عليه السلام انما الحمل تسعة اشهر فالمراد ان الظاهر بعد تسعة اشهر كذب دعواها ثمّ لما سئل عن تزويجها اجاب بانها تحتاط بثلاثة اشهر بناء على ان اقصى الحمل سنة و ان كان ذلك نادرا جدّا و على هذا فيمكن ان يكون الاحتياط على سبيل الوجوب و هو ظاهر او على الاستحباب بناء على كفاية تربّص المدة التى هى اقصى الحمل في الغالب و لا يخفى ان قوله عليه السلام في آخر الخبر لا ريبة عليها تتزوّج ان شاءت مما يؤيد الوجه الاخير اذ يفهم منه ان الحكم بتربّص الثلاثة لبقاء ريبة في الجملة هذا و على الوجوه فهذه الرّواية ايضا مؤيد لرواية سورة في اعتبار التسعة و كذا الثلاثة ايضا لكن اما على سبيل الوجوب او الاستحباب على ما فصّلنا و سندها و ان لم يكن صحيحا لكن كانه موثق حسن و منها رواية ابن حكيم ايضا عن ابى ابراهيم او ابيه عليه السلام انه قال في المطلقة يطلقها زوجها فتقول انا حبلى فتمكث سنة قال ان جاءت به الاكثر من سنة لم تصدّق و لو بساعة واحدة و هذه الرواية ظاهرة في ان اقصى الحمل سنة و لا تخلو عن تأييد للروايتين الاوليين و لرواية سورة كما لا يخفى و منها رواية محمد بن حكيم ايضا بسند موثق حسن عن العبد الصّالح عليه السلام قال قلت له المرأة الشابّة التى تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها ما عدتها قال ثلاثة اشهر قلت جعلت فداك فانها تزوّجت بعد ثلاثة اشهر فتبيّن لها بعد ما دخلت على زوجها انها حامل قال هيهات من ذلك يا بن حكيم رفع الطمث ضربان اما فساد من حيضه فقد حل لها الازواج و ليس بحامل و امّا حامل فهو يستبين في ثلاثة اشهر لانّ اللّه تعالى قد جعله وقتا يستبين فيه الحمل قال قلت له فانها ارتابت قال عدّتها تسعة اشهر قلت فانها ارتابت بعد تسعة اشهر قال انما الحمل تسعة اشهر قلت فتزوّج قال تحتاط بثلاثة اشهر قلت فانّها ارتابت بعد ثلاثة اشهر قال ليس عليها ريبة تتزوّج و هذه الرّواية يحتمل وجهين احدهما ان يكون الغرض من قوله عليه السلام هيهات من ذلك الى قوله قال قلت بيان فساد دعواها الحمل او عدم ظهوره الا بعد ثلاثة فان الحمل لا بدّ ان يستبين في الثلاثة و يكون المراد بقوله قلت فانّها ارتابت انّها ارتابت في الواقع فما حكمها و ان كانت كاذبة في دعوى عدم ظهوره في الثلاثة او انها تدعى الرّيبة و ان كانت كاذبة في احدى الدّعويين فما حكمها فاجاب عليه السلام بانّ عدّتها تسعة اشهر بناء على تحقق الحمل في الواقع او على احتماله بان تكون كاذبة في الدّعوى الاخرى و هذا الى آخره محمول على احد الوجوه التى ذكرنا في الرّواية الاولى منه و ثانيهما ان يكون قوله قلت له فانها ارتابت لم يكن سؤالا عن المرأة الاولى بل سؤال على حدة عن امرأة يطلقها زوجها فارتفع طمثها و ارتابت بالحمل فاجاب عليه السلام بما اجاب و تحمل على احد الوجوه التى ذكرنا في الرواية الاولى و على الوجهين فهذه الرّواية ايضا توافق الرّواية الأولى منه و منها رواية محمد بن حكيم ايضا قال سألت ابا الحسن عليه السلام فقلت المرأة التى لا تحيض مثلها و لم تحيض كم تعتدّ قال ثلاثة اشهر قلت فانها ارتابت قال تعتدّ آخر الاجلين تعتد تسعة اشهر قلت فانها ارتابت قال ليس عليها ارتياب لان اللّه عزّ و جلّ جعل للحبل وقتا فليس بعده ارتياب و الظاهر انّ لفظة لا تحيض من

ص: 399

سهو من النّساخ الا ان يحمل على القول بوجوب العدّة على الصّغيرة و يقال ان قوله قلت فانها ارتابت سؤال آخر عن المرأة التى ارتابت لا عن المرأة المفروضة اوّلا و لا يخفى بعده ثمّ لا يخفى ان هذه الرواية اظهر دلالة على الاكتفاء بالتسعة مع الارتياب و ان اقصى الحمل تسعة لكن ليس فيها حديث دعوى الحمل فيمكن ان يخصّ ما يدلّ على السّنة بصورة دعوى الحمل و ايضا بقرينة الرّوايتين الاخيرتين منه ربما يكون فيها مظنة الاكتفاء بنقل بعض الحديث و ترك تتمة و هو السّؤال عن التزويج و الجواب بالاحتياط بثلاثة اشهر و هذا مما يضعف التمسّك بها بدونها فتأمل قوله فيها تبين بالثلاثة من غير تفصيل اى بين الثلاثة المتّصلة بالطلاق و غيرها فظاهرها كفاية مضى الثلاثة البيض مطلقا و ان كان بعد حيضة او حيضتين و على هذا فيمكن الاستدلال بها على الاكتفاء بالتسعة بل بما دونها ايضا اذا مرّت عليها ثلاثة اشهر بيض و ان كان الحيضة او الحيضتين لكنه لما كان ظاهر الاصحاب الاتفاق على عدم انقضاء العدة بما دون التسعة فلا يمكن الجرأة على الحكم فيما دونها و امّا فيها فالحكم به لا يخلو عن قوة و لعلّ مراده بالاكتفاء بالتسعة هو الاكتفاء بالتّسعة و الثلاثة كما هو القول المشهور الظاهر سياق كلماته و لان ظاهر الاصحاب كما يرشد اليه كلام الشارح رحمه الله ايضا في اوّل الحاشية الاتفاق على احد القولين و لم ينقل القول بالاكتفاء بالتّسعة هو الاكتفاء بالتسعة عن احد نعم ذكر في شرح الشرائع ان طريق الروايتين قاصرة عن افادة مثل هذا الحكم لكن الشهرة مرجحة لجانبها على قاعدتهم و لو قيل بالاكتفاء بالتربّص مدّة تظهر فيها انتفاء الحمل كالتسعة من غير اعتبار مدة اخرى كان وجها و لعل ما ذكره احتمال استوجهه على تقدير القول به كما هو ظاهر كلامه لا انه قول لأحد فالظاهر حمل كلامه هاهنا على ما ذكرنا و يمكن حمله على ظاهره من الاكتفاء بالتسعة كما ذكره في شرح الشرائع بان يقال ان الاتفاق لم يظهر له الّا على عدم الانقضاء بما دون التسعة و هو و ان لم يعلم مخالفا للقولين لكنه احتمل القول بالاكتفاء بالتسعة و لم يظهر له انحصار القول فيهما و اللّه تعالى يعلم و امّا الرّوايات الّتى اشار اليها فحسنة زرارة هى ما رواه في الكافي و التهذيب في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة و هى كالصحيح و في الفقيه رواها عن ابن ابى عمير و البزنطى جميعا عن جميل عن زرارة و طريقه صحيح عن ابى جعفر عليه السلام قال امران ايّهما سبق بانت المطلقة المسترابة تستريب الحيض ان مرّت بها ثلاثة اشهر بيض ليس فيها دم ان بانت منه و ان مرّت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة اشهر بانت بالحيض قال ابن ابى عمير قال جميل و تفسير ذلك ان مرّت بها ثلاثة اشهر الّا يوما فحاضت ثمّ مرّت بها ثلاثة اشهر الّا يوما فحاضت ثمّ مرّت بها ثلاثة اشهر الا يوما فحاضت فهذه تعتدّ بالحيض على هذا الوجه و لا تعتد بالشهور و ان مرّت بها ثلاثة اشهر لم تحض فيها فقد بانت و لا يخفى دلالتها على ما ذكره فان قوله ع ان مرت بها ثلاثة اشهر بيض ليس فيها دم بانت به مطلق و لا اختصاص لها بالثلاثة الأولى و يؤكد اطلاقه قوله عليه السلام و ان مرّت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة اشهر بانت بالحيض فانه يدل على انه ان كانت بين الحيضتين ثلاثة اشهر بانت بالاشهر و لا حاجة الى الاقراء و الا فلا وجه للاشتراط المذكور و مثله ما نقل ايضا عن جميل في تفسيره فانه خص الاعتداد بالاقراء بمن مرت بها ثلاثة اشهر الا يوما فحاضت ثمّ هكذا في الثالثة و الثانية ثمّ قال و ان مرت بها ثلاثة اشهر لم تحض فقد بانت اذ لا يخفى ظهوره في ان مضى ثلاثة بيض يكفى في انقضاء العدة مطلقا و مثله ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول امران أيّهما سبق الى المسترابة انقضت به عدتها ان مرت بها ثلاثة اشهر بيض ليس فيها دم بالشهور و ان مرت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيض ثلاثة اشهر انقضت عدّتها بالحيض و ما رواه ايضا في الموثق بابن فضال و هو كالصّحيح عن زرارة عن احدهما عليه السلام قال أيّ الامرين سبق اليها فقد انقضت عدتها ان مرت ثلاثة اشهر لا ترى فيها و ما فقد انقضت عدّتها و ان مرت ثلاثة اقرأ فقد انقضت عدّتها لكن لا

يخفى انّ مورد تلك الروايات سوى موثقة ابن فضال هو المسترابة و هى على ما ظهر لك من معناها لا تشتمل مستقيمة الحيض التى لم تتخلف عادتها و لم تحصل فيها ريبة حمل و امّا موثقة ابن فضال فضمير اليها فيها و ان امكن عوده الى المرأة مطلقا لكن الظاهر بقرينة الرّوايات الاخرى عن زرارة رجوعه الى المسترابة و على هذا فالروايات المذكورة اوفق بما نقلنا من الاصحاب من الضابط و هو ان الاعتداد بثلاثة اشهر انما هو في غير المستقيمة و ان المستقيمة تعتد بالاقراء و ان زاد عادتها على الثلاثة لا ما ذكره الشارح من جعل الضابط شاملا للمستقيمة التى زاد عادتها على الثلاثة ايضا فتأمل و اما صحيحة ابى بصير فما وجدنا في هذا الباب الا ما رواه الشيخ عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال في المرأة يطلقها زوجها و هى تحيض كل ثلاثة اشهر حيضة فقال اذا انقضت ثلاثة اشهر انقضت عدتها يحسب لها كل شهر حيضة و هى صحيحة الى ابى بصير و امّا هو فالظاهر انه يحيى بن القسم الموثق الواقفى بقرينة رواية شعيب ابن اخته فالرواية موثقة و لا يخفى عدم موافقتها لما نقله الشارح فان ظاهرها كفاية ثلاثة اشهر و ان رأت فيها الحيض لا كفاية ثلاثة اشهر لا تحيض فيها على ما نقله الشارح و مثلها صحيحة محمد بن مسلم فانه روى عن احدهما عليه السلام قال في التى تحيض في كله ثلاثة اشهر مرة او في ستة اشهر او في سبعة اشهر و المستحاضة و هى التى لم تبلغ المحيض و التى تحيض مرة و ترتفع مرة و التى لا تطمع في الولد و التى قد ارتفع حيضها و زعمت انها لم تأيس و التى ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر ان عدة هؤلاء كلّهن ثلاثة اشهر اذ لا يستفاد منها ايضا التقييد بعدم الحيض في الثلاثة بل ظاهر في خلافه و كانه حمل الحيض في كل ثلاثة في الرّوايتين على رؤيته بعد كل ثلاثة على ما حمله الشيخ في الاستبصار جمعا بين الاخبار فنقلهما على وفق ما حملهما عليه و هو كما ترى هذا و هاهنا رواية اخرى لم يشر اليها الشارح و هى صحيحة ابى مريم عن ابى عبد اللّه عليه السلام عن الرجل كيف يطلق امراته و هى تحيض في كل ثلاثة اشهر حيضة واحدة قال يطلقها تطليقة في غرة الشهر فاذا انقضت ثلاثة اشهر من يوم طلقها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب و هى ايضا مثل الروايتين السابقتين و اعلم ان ترك الاصحاب العمل بهذه الرّوايات و اتباع رواية سورة او عمار اما لثبوت الاجماع المركب عندهم على احد القولين و اما لان روايات زرارة ان كانت ارجح سندا الا ان دلالتها على كفاية الثلاثة البيض مطلقا لا يخلو عن ضعف فان استفاده ذلك اما باعتبار الاطلاق او المفهوم كما اشرنا اليه و من رأيهم حمل المطلق على المقيّد فاذا استفيد من الروايتين عدم كفاية الثلاثة البيض مطلقا فيجب حمل روايات زرارة على الثلاثة المتّصلة بالطلاق جمعا و اما المفهوم فلا يعارض المنطوق و يمكن ان يقال ان اشتراط ان لا يكون بين الحيضتين ثلاثة اشهر ربما يكون لبيان استقلال ثلث حيض في انقضاء العدّة بها اذ لو كان بين الحيضتين ثلاثة اشهر فربما يتوهم ان انقضاء العدة باعتبار الثلاثة الاشهر التى بينهما و امّا الروايات الاخيرة فظاهرها متروك بالاجماع عندهم على عدم كفاية الثلاثة غير البيض و كذا بروايات زرارة على اشتراط البيض و بعد تاويلها بما نقلنا عن الاستبصار لا تصلح لمعارضة الروايتين اذ حينئذ لعل الحكم بكون عدتها ثلاثة اشهر انما هو اذا كانت بيضا متّصلة بالطلاق لئلا تخالف الروايتين على ان الظاهر ان مورد

ص: 400

تلك الرّوايات هى من ترى الحيض في كل ثلاثة اشهر بدون ريبة حمل و هى مستقيمة الحيض و مورد الرّوايتين و كذا روايات زرارة انما هى المسترابة فلا تعارض بينهما و لا وجه للاعتراض بها في هذه المسألة على ما نقلنا من الاصحاب و انما يعترض بها عليهم في مسئلة اخرى و هى وجوب رعاية الاقراء في المستقيمة مطلقا نعم على ما ذكره الشارح من الضابط من تعميم الحكم في المستقيمة ايضا يتجه الاعتراض هاهنا فافهم بقي التعارض بين الرّوايتين و لعلّ العمل برواية سورة ارجح لتأييدها بالشهرة بين الاصحاب و للرّوايات الاخرى الواردة في المسألة الاخرى على ما نقلنا و لانه يمكن حمل رواية عمّار على ضرب من الفضل و الاحتياط كما فعله الشّيخ في الاستبصار ثمّ هاهنا رواية اخرى لا باس ان نوردها و نتكلم عليها لما فيها من الاشكال و هى حسنة الحلبى بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال عدّته المرأة التى لا تحيض و المستحاضة التى لا تطهر ثلاثة اشهر و عدّة التى تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء قال و سألته عن قول اللّه ان ارتبتم ما الرّيبة فقال ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتدّ ثلاثة اشهر و لتترك الحيض و ما كان في الشهر لم تزد في الحيض عليه ثلث حيض فعدتها ثلث حيض هكذا في الكافي و في التهذيب و الاستبصار يدل عليه ثلاث حيض على ثلث حيض و الظاهر ما في الكافي و المعنى انّه ما كان حيضها في الشهر لم تزد المرأة في الحيض على الشهر اى لم تؤخّر حيضها عن الشهر ثلث حيض اى الى ثلاث حيض و اما على ما في الكتابين فالمعنى انه ما كان الحيض في الشهر لم يزد عليها فعدّتها ثلث حيض لكن وقع في البين كلام آخر و هو انه لم تزد المرأة في الحيض على ثلاث حيض اشارة الى انه اذا وقع الحيض في الشهر فيكفى في العدّة ثلاث حيض و ان وقعت جميعا في شهر واحد او المراد انه ما كان في الشهر لم تزد المرأة في الحيض اى على الشهر على ثلاث حيض اى على توالى ثلاث حيض فعدتها ثلث حيض فيطابق ما في الكافي و لا يخفى بعد الوجهين و بالجملة فحاصل الخبر ما ذكرنا و ظاهره ان الاعتداد بالاقراء انما هو اذا رأت المرأة الحيض في كل شهر الى ثلاثة اشهر و اما اذا زادت على الشهر بان لم تر الحيض في شهر منها فالاعتداد بثلاثة اشهر لا الاقراء و ان رأت فيها الحيض و هو يخالف ما هو المعروف بين الاصحاب و يستفاد من روايات زرارة و روايتى سورة و عمار جميعا و لا يمكن الجمع بينهما بما اشرنا اليه في روايات محمّد بن مسلم و غيره من اختصاصها بالمستقيمة الحيض بدون ريبة حمل و ورود روايات زرارة و الرّوايتين في المسترابة للتصريح في هذا الخبر بوجود الريبة و الاكتفاء بثلاثة اشهر معها الا ان يقال ان الرّيبة فيه ليست بمعنى الريبة التى ذكرنا من ظهور علامة الحمل بانقطاع الدّم عنها و تخلف عادتها بل بمعنى الشكّ في حال المرأة بسبب ان عادتها ليست على قياس العادة المعهودة بين النساء في الحيض في كل شهر و ان كان لها عادة مستقرة فيما زاد على الشهر و على هذا فيمكن الجمع بينه و بين الروايات الاخرى بمثل ما ذكرنا من تخصيص ذلك بمن كانت لها عادة مستقرة فيما زاد على الشهر و حمل تلك على من تخلفت عادتها بلا استقرار على عادة اخرى و لا يخفى بعده و الاظهر ما ذكره الشيخ في الاستبصار حيث قال الوجه في هذا الخبر انه اذا تاخّر الدم عن عادتها اقلّ من شهر فذلك ليس لريبة الحمل بل ربما كان لعلة فلتعتدّ بالاقراء بالغا ما بلغ فان تاخر عنها الدم شهرا فما زاد فانه يجوز ان يكون للحمل و غيره فيحصل هناك ريبة فلتعتدّ ثلاثة اشهر ما لم تر فيها دما فان رأت قبل انقضاء الثلاثة اشهر الدم كان حكمها ما ذكرناه في الاخبار الادلة سواء و حاصله ان المراد انه متى ترى المرأة الدّم في الشهر فلا ريبة فيها و اما اذا تاخّر الدّم عنها ازيد من شهر فهو ريبة فلتعتدّ بالشهور و ان وجب بعد ذلك رعاية ما يجب رعايته في الاعتداد بالشهور من عدم رؤية الحيض في الثلاثة بقرينة الرّوايات الاخرى فتأمل

قوله و لا فرق بين الزّوجة الكبيرة و الصّغيرة

هذا هو المشهور بين الاصحاب و في المبسوط نقل الخلاف فيه عن بعض العامة و هو يؤذن بعدم الخلاف فيه بين الخاصّة و قال ابن ادريس رحمه الله في السرائر و لى في الصّغيرة نظر لان لزوم الحداد حكم شرعى و تكليف سمعى و التكاليف لا يتوجّه الا على العقلاء و انما ذهب شيخنا ابو جعفر في مسائل خلافه الى ان الصّغيرة يلزمها الحداد و لم يدلّ باجماع الفرقة و لا بالاخبار و هذه المسألة لا نصّ لأصحابنا عليه و لا اجماع انتهى و انت خبير بان من قال بشمول الحكم للصّغيرة يقول بان التكليف فيها متعلق بالولى فيجب عليه حملها عليه كما في نظائره و يستند في ذلك بعموم الادلة فيندفع ما اورده من النظر لكن لا يخفى ان حمل الاخبار الحاكمة بوجوب الحداد على الزّوجة على العموم بمعنى وجوبها في الكبيرة عليها و في الصّغيرة على وليّها كانه ليس باظهر من تخصيصها بالكبيرة فالحكم بالشمول للصّغيرة بمجرّد ذلك العمومات لا يخلو عن اشكال و لا نصّ عليها بخصوصها و يمكن ان يكون نظر ابن ادريس ايضا الى ذلك فتدبّر

قوله الحامل و الحائل

و هل يجب ذلك في الحامل تمام المدّة و هو ابعد الاجلين او يكفى في اربعة اشهر و عشرا ظاهر بعض عبارات الاصحاب كعبارة هذا الكتاب هو الاول لكن الاخبار مطلقة في وجوب الحداد من غير تعيين المدة و في بعضها ان الحداد اربعة اشهر و عشرا كرواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال ان مات عنها و هو غائب فقامت البيّنة على موته فعدّتها من يوم يأتيه الخبر اربعة اشهر و عشرا لان عليها ان اتحد في الموت اربعة اشهر و عشرا فتمسك عن الكحل و الطّيب و الاصباغ و رواية زرارة ايضا عن ابى جعفر عليه السلام قال عدّة المتوفى عنها زوجها آخر الاجلين لان عليها ان تحد اربعة اشهر و عشرا و ليس عليها في الطلاق ان اتحد و انت خبير بان الروايتين و ان لم تدلا على نفى الحداد فيما زاد على ذلك انما تدلّان على لزوم الحداد في هذه المدة و انه لذلك جعل عدتها ابعد الاجلين و من حين بلوغ الخير لكن الفرض ان الروايات المصرحة بمدة الحداد و هى هاتان الروايتان و هما لا تدلان على ازيد من ذلك فافهم و اعلم انه لا فرق ايضا في الزوجة التى عليها الحداد بين الدائمة و المتمتع بها لعموم الاخبار و الفتاوى لكن لم يحضرنى الآن تصريح منهم بذلك و في حسنة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة هل عليها العدّة قال تعتدّ اربعة اشهر و عشرا اذا انقضت ايامها و هو حيّ فحيضة و نصف مثل ما يجب على الامة قال قلت فتحد قال فقال نعم اذا مكثت عنده ايّاما فعليها العدّة و تحد و اذا كانت عنده يوما او يومين او ساعة من النهار فقد وجبت العدّة كملا و لا تحد ثمّ انّهم اختلفوا في انه ان تركت الزّوجة الحداد فقد اثمت لكن هل يجب عليها استيناف العدة ام لا بل يكفى انقضاء المدة الاشهر هو الثانى للاصل و لانّ ادلة الحداد لا تدل الّا على وجوبه و لا منافاة بين الاثم بتركه و انقضاء العدة فيدخل في عموما لأدلة الدّالة على انقضاء العدة بعد المدة المضروبة كقوله تعالى فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ و نقل عن ابى الصّلاح و السّيد الفاخر ش الرّسالة انه لا يحتسب من العدة ما لا يحصل فيها الحداد من الزمان للاخلال بمراد الشارح فلم يحصل الامتثال و يجب الاستيناف و هو ضعيف و يمكن التمسّك لهما ايضا بالاستصحاب ما لم يعلم انقضاء العدة و لم يعلم ذلك بمجرّد انقضاء المدة اذ لعلّ في الحداد ايضا دخلا فيه و ربما يؤيّده ايضا الاخبار الدالة على ان العدة في الوفاة من حين بلوغ الخير لانها تحد عليه و بالجملة فلا ريب

ص: 401

انّ الأحوط رعاية ما ذكراه

قوله لأنه قال انّ الحرة و الامة سواء في العدة

ظاهره مساواتهما في مقدار العدّة كما هو مذهب البعض و لو اريد التطبيق على مذهب المصنف فليحمل على المساواة في اصل وجوب العدة عليها او يخصّ بالأمة التى هى امّ ولد لمولاها و على القول الآخر فلنحمل على الاول لكن التاويل فيها انما يتاتى على ما رواه الشيخ في التهذيب حيث روى ذلك بلا ضميمة سابقه و اما على ما رواه الكلينى من انه تتمة كلام سابق فلا يجرى فيها التاويل كما سننقله في مسئلة عدّة الذمّية فانتظر

قوله و فيه مع سلامة السّند انه عام

لا يخفى انه لا عموم فيه على ما نقله الشارح موافقا لط فكان كلام الشارح على تقدير التنزّل و في بعض الروايات العامية على ما نقله في شرح الشرائع لا تجد المرأة فوق ثلث الّا على زوج فانها تحد اربعة اشهر و عشرا و دعوى العموم فيه اقرب من دعواه فيما نقله و المصنف في شرح الارشاد استدل للشيخ و ابن ادريس بالرواية على ما نقلت هاهنا و قال في توجيه الاستدلال و قيل هو عام للاستثناء و لانه وصفت بصفة عامة و هى الايمان باللّه و اليوم الآخر و لانه ظاهر في الامة فلو لم يكن حكمها الحداد لزم تاخير البيان عن وقت الخطاب و اجاب بضعف التمسّك به اذ ليس من متّصلنا خصوصا من ابن ادريس فانه لا يتمسّك بالمتّصل فكيف بالمرسل انتهى و لا يخفى ان الاستثناء انما يفيد كون الحكم بالمنع من الحداد على الميّت عاما و ليس الكلام فيه بل في الحداد على الزوج و الاستثناء لا ربط له به اصلا و كذا التوصيف بالصفة العامة يقتضى كون الحكم الاول عاما في كل امراة و ليس الكلام فيه بل في الا على زوج و التوصيف المذكور لا يدلّ على عموم ذلك بوجه و اما قوله او لانه ظاهر الى آخره فلان المراد به انه ظاهر في احتمال الامة ايضا لانّها لو لم يكن عامة فظاهر انها مطلقة يحتمل الحرة و الأمة جميعا فلو لم يكن حكمها الحداد لزم التأخير البيان و لا يخفى ضعفه ايضا اذ بعد ما سلم عدم جواز تاخير البيان عن وقت الخطاب نقول الظاهر ان الغرض من الخطاب النهى عن حداد المرأة الا على الزوج و الحكم المستثنى منه المقصد عام ليس فيه تاخير من بيان اصلا و الكلام في ان الحكم المستثنى لا يلزم ان يكون عاما بل تنكير زوج ظاهر في عدم عمومه و القول بانه ايضا يجب ان يكون عاما و الا لزم تاخير البيان في غاية السّخافة اذ ظاهر انه لا منع في تاخير البيان في مثل هذا الحكم الذى لم يقصد بالبيان ثمّ على الوجوه لا يلزم من الخبر الا الجواز على الزّوج و تسليم عمومه لا يفيد في المقام اذ الغرض اثبات الوجوب على الامة لا الجواز و القائلون بعدم الوجوب قالوا بالاستحباب عليها فلا يمكن التمسّك بالاجماع المركب فتأمل ثمّ لا يذهب عليك انه يمكن الاستدلال لهم بعموم الروايات الخاصة الواردة في هذا الباب كرواية ابن ابى يعفور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها فقال لا تكتحل لزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا و لا تبيت عن بيتها و لا تمتشط بغسله و تحج و ان كانت في عدتها و رواية ابى العبّاس قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام المتوفى عنها زوجها قال لا تكتحل لزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا في الحديث الى غير ذلك من الاخبار و حينئذ فالجواب ما ذكره الشارح رحمه الله فتأمل

قوله و في الحديث دلالة عليه

و لكن فوق ثلث ليال للتصريح فيه بذلك و روى الشيخ عن ابى يحيى الواسطى عن بعض اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال يحد الحميم على حميمه ثلث او المرأة على زوجها اربعة اشهر و عشرا و هو ايضا صريح في الاباحة في الثلاثة في الحميم لو لم يستنبط منه ازيد منها فافهم

قوله بل مقتضاه انه محرم

لكنه كما ذكره العلامة رحمه الله في المختلف لم يصل الينا مسندا الى النّبى صلّى اللّه عليه و آله و انما رواه الشيخ مرسلا فلا حجة فيها و ظنّى انها عامية و لذا حرّم بعض العامة الحداد على غير الزوج زيادة على ثلاثة ايّام مستندا الى هذا الخبر كما نقله في شرح الشرائع

قوله و الاولى حمله على المبالغة

لعل المراد انه باعتبار عدم سلامة سنده لا يمكن العمل بظاهره فالاولى لو اريد عدم طرحه حمله على المبالغة في النفى اذ ليس فيه تاسيس حكم شرعى مستندا اليه او على الكراهة فوق ثلاث ليال للتّسامح في ادلتها كما في السّنن فيمكن التمسّك لها به و يمكن التمسّك لها ايضا و ما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن مسلم قال ليس لأحد ان يحد اكثر من ثلث الا المرأة على زوجها حتى تنقضى عدّتها

قوله و المشهور بين الاصحاب انّها تعتدّ عدّة الوفاة

اما بدون الطلاق كما هو مذهب الشيخين و المحقق و جماعة او مع الطلاق كما ذهب اليه العلّامة رحمه الله في عد و مقابل المشهور احتمال ان تكون العدة عدة الطلاق كما هو ظاهر الامر بالطّلاق في الاخبار المعتبرة لكن لا يظهر قائل به صريحا

قوله و في حسنة بريد

هذا على ما في الكافي و اما على ما في الفقيه و التهذيب فصحيحة

قوله لضعف مستنده

فان سماعة واقفى و الراوى عنه على ما في التهذيب عن زرعة و هو ايضا واقفى و ان وثقوهما و في الكافي عثمان بن عيسى و هو ايضا واقفى كان شيخ الواقفة و وجهها و ايضا لم يذكر فيه المسئول عنه فيحتمل من لا حجة في قوله لكن المحقق رحمه الله في النكت بعد ما ذكر ان زرعة و سماعة واقفيان و ان الرواية مرسلة قال لكن قد رويت من غير هذه الطريق ذكرها جماعة منهم البزنطى رحمه الله في كتاب الجامع فالعامل بها يتبع هذا النقل

قوله و الحداد و النفقة

فلو كانت عدّة وفاة لم تجب النفقة و لو كانت عدة الطلاق وجبت و امّا الحداد فلا يجب على الثانى و اما على الاول فيحتمل وجوبه كما اشار اليه العلامة رحمه الله في القواعد حيث قال هذه العدة كعدة الموت لا نفقة فيها على الغائب و عليها الحداد على اشكال هذا على القول بالاحتياج الى الطلاق و اما على القول بالاعتداد عدة الوفاة بدون طلاق بناء على ان الظاهر من حاله بعد البحث المذكور كونه قد مات فيحكم الحاكم بموته و يأمرها بالاعتداد كما يحكم به بمثل الشياع لان هذا البحث في معناه كما وجهه به الشارح رحمه الله في شرح الشرائع فالظاهر الحكم بالحداد فتأمل

قوله فاذا جاء المفقود

او ظهر حياته و ان لم يجئ و يحتمل تخصيص الحكم بصورة المجي ء التى هى مورد النصّ على ما فصّل في شرح الشرائع

قوله فهو املك بها

ظاهره عود الزوجية اليه قهرا و يمكن حمله على ان له الرجوع و النصّ انما هو على الثانى لا الاوّل فالاولى حمله عليه و امّا ما ذكره الشارح في شرح الشرائع في توجيه الاول من انه لتبيّن بطلان الطلاق و الاعتداد بظهور حياته لانهما مبنيّان على الظاهر من موته فيتوجه عليه انه لو صح ذلك لزم ان لا يفرق في الحكم بين اثناء العدة و بعدها مع ان في جعل الطلاق مبنيّا على الظاهر من موته تامّلا فان مع الموت لا وجه للطلاق فتدبّر

قوله فهو اصح القولين

و اليه ذهب الشيخ في المبسوط و اكثر المتقدمين و المتاخّرين و هو الاقوى

قوله و في الرواية السابقة دلالة عليه

و كذا في رواية سماعة لان فيها بعد ما نقله الشارح ثمّ تحل للرجال فان قدم زوجها بعد ما تنقضى عدتها فليس له عليها رجعة و ان قدم و هى في عدتها اربعة اشهر و عشرا فهو املك برجعتها و تخصيصها بما اذا تزوّجت بعيد جدا و لعل هذا الاحتمال لا يجرى في الرواية السّابقة اصلا فان قوله عليه السلام فيها فقد حلّت للازواج كالصريح في عدم تزوّجها فافهم

قوله و وجه الجواز

هو القول الثانى و اليه ذهب الشيخ في يه و الخلاف و قواه فخر المحققين في ئع و قال الشارح رحمه الله في شرحه و لم نقف عليها بعد التتبّع و كذا قال جماعة ممن سبقنا

قوله و هو يتجه ان لم توجب طلاقها

لا يخفى ان مستند القول بالاعتداد

ص: 402

بدون الطلاق هو رواية سماعة و قد عرفت ظهورها في ان لا رجوع له بعد انقضاء العدة مطلقا فكيف يتجه القول بالجواز بناء عليه و ايضا اذا قطع النّظر عن الرواية و بنى الحكم على انه مبنى على ظن الوفاة فاذا بطل ابطل ما يترتّب عليه ينبغى الحكم بالردّ الى الزّوج الأول بعد التزويج ايضا و الحكم ببطلان التزويج الثانى الا ان يقال ان مقتضى الدليل فيه ايضا ذلك لكن لم يعمل به فيه للاجماع و اما فيما لا اجماع فيه فيتعيّن العمل به و فيه ان الاجماع المذكور دليل على ضعف ذلك المبنى فافهم و لعل مراد الشارع ان القول به لو امكن فانما يمكن مع عدم ايجاب الطلاق و اما مع القول به فلا اتجاه له اصلا اذ بعد حكم الشارح بالطّلاق و وقوع الطلاق الشرعى لا وجه للحكم ببطلانه بدون دليل شرعى لكن العلّامة رحمه الله في المختلف اختار هذا التفصيل و حكم بان العدّة ان كانت بعد طلاق الولى فلا سبيل للزوج عليها و ان كانت بامر الحاكم بالاعتداد من غير طلاق كان املك بها و يتوجّه عليه ما اشرنا اليه فتأمل

قوله و امّا الثّانى فلرواية ابى بصير

لم نظفر بهذه الرواية نعم روى ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل اعتق وليدته عند الموت فقال عدّتها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها اربعة اشهر و عشرا و لا يخفى ان في وفاة سيّدها لا زوجها كما هو المدعى هاهنا و ليس نظر الشارح اليه اللّهم الا ان يكون لغفلة لكن روى الصّدوق في الصّحيح عن جميل و هشام بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلام في امة طلقت ثمّ اعتقت قبل ان تنقضى عدتها فقال تعتد بثلث حيض فان مات عنها زوجها ثمّ اعتقت قبل ان تنقضى عدتها فان عدتها اربعة اشهر و عشرا و هو نصّ في المط و في شرح الشرائع عند قول مصنّفه و لو مات زوج الامّة ثمّ اعتقت اتمت عدة الحرة تغليبا لجانب الحرية قال هذا الحكم ذكره الشيخ و اتباعه و منهم المصنف و توجيهه انها بعد العتق مامورة باكمال عدة الوفاة و قد صارت حرة فلا تكون مخاطبة بحكم الامة فيجب عليها اكمال عدة الحرة نظرا الى حالها حين الخطاب و لا ينظر الى ابتداء الخطاب بالعدة فانها كل يوم مخاطبة بحكمها و هو معنى قوله تغليبا لجانب الحرية انتهى و لم يتعرّض للنصّ اصلا و لا يخفى ضعفه و جريانه في الطلاق البائن فتأمل

قوله و لو كان بائنا اتمت عدة الامة

و بهذا التفصيل و الفرق بين الطلاق الرجعى و البائن يجمع بين الروايات فان صحيحة جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام في امة كانت تحت رجل فطلقها ثمّ اعتقت قال تعتد عدة الحرة و مثلها صحيحة جميل و هشام التى نقلنا في الحاشية السّابقة و في صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا طلق الرجل المملوكة فاعتدت بعض عدتها منه ثمّ اعتقت فانها تعتد عدة المملوكة فيحمل الاولان على الرجعى و الثالث على البائن لمناسبة الاعتبار و لرواية مهزم عن ابى عبد اللّه عليه السلام الدالة على التفصيل المذكور

قوله بعد العتق

الاظهر عند العتق

قوله بل لا نعلم القائل بخلافه

و المستند عموم الادلة المتناولة للمسلمة و غيرها و ايضا في الوفاة خصوص صحيحة يعقوب السّراج المنقولة في الكافي و التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له النصرانية مات عنها زوجها و هو نصرانى ما عدّتها قال عدّة الحرة المسلمة اربعة اشهر و عشرا و كذا تتمة رواية زرارة الآتية فان فيها بعد ما نقله الشارح قلت فان مات عنها و هى نصرانيّة و هو نصرانى فاراد رجل من المسلمين يتزوّجها قال لا يتزوّجها المسلم حتى تعتد من النصرانى اربعة اشهر و عشرا عدة المسلمة المتوفى عنها زوجها قلت له كيف جعلت عدتها اذا طلقت عدة الامة و جعلت عدتها اذا مات عنها عدة الحرة المسلمة و انت تذكر انّهم مماليك الامام فقال ليس عدتها في الطلاق مثل عدتها اذا توفى عنها زوجها ثمّ قال ان الامة و الحرة كلتاهما اذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة الا ان الحرة تحد و الامة لا تحد و لا يخفى ان الرواية على ما نقلت هاهنا ظاهرة في مساواة الحرة و الامة مطلقا في مقدار العدة في الوفاة و لا يمكن الحمل على المساواة في اصل العدة و لا التخصيص بامّ الولد كما ذكرنا سابقا اذ حينئذ لا يرتبط بسابقه امّا على الاول فظاهر و امّا على الثّانى فلان الذمية ليست بامّ ولد للمولى و القول بان قوله عليه السلام ان الامة و الحرة الى آخره لا يرتبط بسابقه بل جواب السّؤال ثمّ بالكلام السّابق و هو انّ عدّة الذمية في الطلاق ليس مثل عدتها في الوفاة بل عدتها في الوفاة عدة الحرة و ان كانت من مماليك الامام بخلاف ذلك في الطلاق من غير بيان وجه لذلك و قوله ان الحرة و الامة كلام مستانف فيتاتى فيه ما ذكر من التاويلين بعيد جدا بل الظاهر كما يشهد به من له دربة باساليب الكلام ان محصول الجواب ان عدة الامة في الطلاق ليس مثل عدتها في الوفاة اذ عدتها في الوفاة مثل عدة الحرة و انما الاختلاف في عدة الطلاق و يمكن ان يقال ان الذمية و ان كانت مملوكة الامام لكن يمكن ان يكون ملكا ضعيفا يشبه بملك امّ الولد و يكون حكمه حكمه و حينئذ فيمكن تخصيص الامة في الحديث بام الولد لان بمساواة امّ الولد للحرة في الوفاة يلزم مساواة الذمية ايضا و هذا و ان كان بعيدا لكن كثيرا ما نرتكب مثله في الجمع بين الاخبار فتأمل

قوله نعم روى زرارة في الصّحيح

هذه الرّواية على ما نقل هاهنا ما وجدناها الا في الكافي بطريق حسن بإبراهيم و هو كالصحيح و ليس بصحيح نعم آخر الرواية و هو ما نقلنا من قوله ثمّ قال ان الامة و الحرة الى آخره روى في الكافي و في التهذيب ايضا بهذا الطريق و بطريق آخر صحيح كما نقله الشارح سابقا و حكم بصحته فلا تغفل

قوله و العمل على المشهور

و حملت الرواية على انها مملوكة اذ لم ينص على انها حرة كذا في شرح الشرائع و كانه لم يتامّل الرواية بتمامها فان بعد قوله قال لا هكذا لان اهل الكتاب مماليك الإمام ا لا ترى انهم يؤدون الخبرية كما يؤدى العبد الضريبة الى مواليه قال و من اسلم منهم فهو حرّ بطرح عنه الخبرية ثمّ بعد ما نقله الشارح بقوله قلت فما عدتها الى آخره قال قلت له فان اسلمت بعد ما طلقها فقال اذا اسلمت بعد ما طلقها فان عدتها عدة المسلمة قلت فان مات عنها الى آخره ما نقلنا في الحاشية السّابقة و لا يخفى ان التعليل بان اهل الكتاب مماليك الامام يأبى عن الحمل المذكور انه على تقدير الحمل المذكور على انها مملوكة لا حاجة الى التعليل المذكور و ايضا على تقدير الحمل المذكور لا يتفاوت الحال على تقدير كفرها او اسلامها مع ان ظاهر السّؤال و الجواب المذكور الفرق بينهما و الحمل على اسلامها و اللحوق بدار الاسلام قبل مولاها حتى تصير حرّة ليكون فرق بين الصورتين بعيد جدّا فتأمل

قوله و تظهر فائدة الخلاف

الظاهر انه لو كان خلاف في المسألة لكان في الطلاق و اما في الوفاة فلا وجه للخلاف مع العمومات و خصوص صحيحة يعقوب التى نقلناها مع التصريح ايضا و في هذا الخبر الذى هو منشأ الخلاف في الطلاق بعدم الفرق في الوفاة و عدم ظهور شي ء آخر يصلح سندا للخلاف في الوفاة ايضا فالظاهر ان قول المصنف على الاشهر انما هو باعتبار الخلاف في الجزء الأول فتدبّر

قوله و يبقى الكلام في الطلاق

و الحكم فيه لا يخلو عن اشكال و الاحتياط رعاية المشهور

قوله لرواية اسحاق بن عمّار

هذا دليل المسألة الثانية و امّا دليل المسألة الأولى فهو ما فصّلناه سابقا و لا يخفى ان الرواية لا تدلّ الا على انّ عدتها لوفاة سيّدها هى عدة المتوفى عنها زوجها و اما التخصيص بالحرة فلا يظهر منها فيجوز ان تكون عدة الامة المتوفى عنها زوجها بل لعله اظهر باعتبار انّها امة و على هذا فيبنى على تحقيق المسألة لأمة المتوفى عنها زوجها فان كان ايضا اربعة اشهر و عشرا مطلقا فلا كلام و ان كان على النّصف امّا مطلقا او في غير امّ الولد فلا ينبغى يدل الخبر في صورة موت المولى ايضا على ازيد منه الا ان يتمسّك بعدم القول بين الاصحاب فيجب الحمل على الحرة او من في حكمها فيكون الغرض

ص: 403

من الاستدلال بها الرّد على ابن ادريس القائل بانه لا عدة عليها و انما عليها الاستبراء بقرء واحد كما فعله الشارح بقوله و قيل ثمّ يتمسّك بالاجماع المركب هذا و يمكن الاستدلال ايضا بالاخبار الاخرى الصّريحة في كون العدة عدة الحرة كصحيحة زرارة التى نقلناها اول البحث فان قوله عليه السلام فيها او ملك يمين صريح في ان عدّة الوفاة في ملك اليمين ايضا اربعة اشهر و عشرا حمله ان الزّوجة اذا كانت ملك يمين اى مملوكة بقرينة لفظ النكاح و لفظ الزّوج اولا فيكون تاكيدا لما ذكرا و لا بقوله او امة بعيد جدّا بل لو ارتكب تجوز فالظاهر ارتكابه في لفظ النكاح و الزوج لا فيه فتأمل و رواية زرارة ايضا عن ابى جعفر عليه السلام في الأمة اذا غشيها سيّدها ثمّ اعتقها فان عدتها ثلث حيض فان مات عنها و اربعة اشهر و عشرا و حسنة الحلبى بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له يكون الرجل تحت السّرية فيعتقها فقال لا يصلح لها ان تنكح حتى تنقضى عدّتها ثلاثة اشهر فان توفى عنها مولاها فعدتها اربعة اشهر و عشرا وجه الاستدلال بهما ان المراد بموته عنها فيهما موته بدلا عن الاعتاق لا بعد الاعتاق اذ حينئذ لا وجه للاعتداد اربعة اشهر و عشرا و ان كان الموت في اثناء العدة لان عدتها بائنة فليست في حكم الزّوجية فيها فليس عليها عدّة وفاة على اصولهم و يدل عليه ايضا صحيحة داود الرّقى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في المديرة اذا مات مولاها ان عدتها اربعة اشهر و عشرا من يوم مات سيّدها اذا كان سيّدها يطؤها قيل له فالرّجل يعتق مملوكته قبل موته بساعة او بيوم ثمّ يموت قال فقال هذه تعتدّ ثلاث حيض او ثلاثة قروء من يوم اعتق سيّدها لكن روى في الكافي في الحسن بإبراهيم عن جميل بن درّاج عن بعض اصحابه انه قال في رجل اعتق امّ ولده ثمّ توفى عنها قبل ان تنقضى عدتها قال تعتدّ باربعة اشهر و عشرا و ان كانت حبلى اعتدت بابعد الاجلين و هى صريحة في الاعتداد عدّة الوفاة بعد العتق لكنها مضمرة لا تصلح للاعتماد مع مخالفتها للاصول و للرواية المعتبرة و يمكن حملها على الاستحباب و على هذا فان امكن حمل الخبرين ايضا على ما يوافقهما ثمّ حملها على الاستحباب مثلها لكن لما لم يكن فيهما ضرورة تدعوا اليه فالظاهر حملهما على ما لا يحتاج الى تاويل و هو ما حملناه عليه على ان حملهما على ما يوافقهما لا يخلو عن بعد لاحتياجه الى التقييد بكون الوفاة في العدّة بخلاف ذلك على ما حملنا فتأمل ثمّ لا يخفى ان في شي ء من الرّوايات المذكورة ليس ما يدل على تخصيص الحكم بامّ الولد كما هو مذهب اكثر الاصحاب بل ظاهرها عموم الحكم في مطلق السّرية بل رواية اسحاق تعم الامة الغير المدخولة ايضا و على هذا فمن تمسّك بهذه الروايات لا وجه لتخصيصه الحكم بامّ الولد بل ينبغى القول به في السّرية مطلقا و لا يمكن التمسّك في التخصيص بامّ الولد بالاجماع لعدم ظهوره بل ظاهر كلام الشيخ في كتابى الاخبار الذهاب اليه في الموطوءة بملك اليمين مطلقا نعم يمكن اخراج الامة الغير الموطوءة بالاجماع مع عدم ظهور تناول الروايات ايضا لها الا رواية اسحاق كما اشرنا اليه و هى بمجرّدها كانها لا تنهض حجة هذا و امّا التمسّك بصحيحة سليمان بن خالد على ما اشار اليه في الحاشية من انها عامة في فوت سيّدها و زوجها ففيه ان الظاهر انه لا عموم لها بل يمكن ان يكون حكمه عليه السلام بذلك في فوت سيّدها و يمكن ان يكون في فوت زوجها فلا يمكن الاستدلال مع ان الظاهر من الرواية المذكورة على ما نقلنا سابقا انها في فوت زوجها حتى يصلح جوابا لسؤال سليمان بقوله فان توفى عنها زوجها الا ان يقال ان الظاهر من قوله عليه السلام في امّهات الاولاد كذا ان ذلك حكمهنّ في فوت مواليهنّ فيصلح للاحتجاج هاهنا و يكون جوابه عليه السلام هناك بناء على علمه عليه السلام ارادة العموم او انه لا فرق فيها بين وفاة المولى و الزوج لكن لا يخفى ان بعد هذا لا دلالة في الرواية الا على ثبوت الحكم في امّ الولد و اما التخصيص بها دون سائر الاماء الموطوءات فلا اذ يجوز ان يكون حكمه عليه السلام فيها بذلك بناء على ان السؤال وقع عنها او احتاج الى الحكم به فيها لا لقصر الحكم عليها فعلى هذا لا وجه لتخصيص الحكم بامّ الولد على ما ذكره الاكثر بل ينبغى تعميم الحكم

في مطلق الاماء الموطوءات على ما يستفاد من الرّوايات الاخرى التى نقلناها كما ذهب اليه الشيخ فتأمل

قوله كغيرها من امائه الموطوءات

هذا على ما هو المشهور بينهم و قد عرفت ان الظاهر في الجميع هو الحكم بكون عدتها عدة الحرة كما نقلنا عن الشيخ رحمه الله

قوله ان لم تعمل بالخبر الموثق

قد عرفت ان الدليل لم ينحصر في الخبر الموثق بل منه ما هو صحيح و منه ما هو حسن كالصحيح و الرواية الاخرى تصلح تأييدا لهما و كذا الموثقة و طرح جميع تلك الاخبار ممّا لا يمكن الجرأة عليه

قوله فان خبر اسحاق كذلك

فانه ثقة فطحى و اعلم ان فيه اشتباها فان العلّامة رحمه الله ذكر في الخلاصة ان اسحاق بن عمّار بن حيّان كان شيخا من اصحابنا ثقة و كان فطحيّا قال الشيخ الا انه ثقة و اصله معتمد عليه و قال الشيخ في الفهرست اسحاق بن عمار السّاباطى له اصل و كان فطحيّا الا انه ثقة و اصله معتمد عليه و هذا يعطى ان اسحاق هذا هو ابن عمار الساباطى و هو ابن موسى لا حيّان على ما ذكره العلامة الا ان يكون حيان او موسى جده لكن لم يذكروا في اسحاق و لا في اخوته يونس و يوسف و قيس و اسماعيل سوى ابن حيان و لم يذكروا في عمار السّاباطى و اخيه صبّاح السّاباطى الا ابن موسى و يحتمل ان يكون ابن حيان ايضا ساباطيّا لكن الظاهر ان السّاباطى في كلام الشيخ وقع سهوا من النساخ و اللّه تعالى يعلم

[الفصل الرابع في الأحكام]

قوله فلا عدة عليها قطعا

كانه للاجماع عندهم و ان دخل في العموم

قوله باعتداد امّ الولد

هذا على ما ذكروه و اما على ما ذكرنا فباعتداد الامة لان امّ الولد لم يذكر الا في رواية سليمان و قد عرفت انه لا اطلاق لها و انما الاطلاق للموثقة و هى في الامة و اما الرّوايات الاخرى التى اوردناها ففى الامة الموطوءة لكن لا يخفى ان شمولها لما نحن فيه غير ظاهر فالظاهر فيه الاكتفاء بالاستبراء بقرء واحد فتأمل

قوله و هو المنزل الذى طلقت و هى فيه

اشارة الى انه ليس المراد بمنزل الطلاق المنزل الذى وقعت الطلاق فيه كما يوهمه اللفظ بل المنزل الذى طلقت و هى فيه و الظاهر ان مرادهم به المنزل الذى هو منزلها و مسكنها وقت الطلاق لا ما اتفق كونها فيه وقته و ان لم تتخذه منزلا و مسكنا فان الظاهر من بيوتهنّ في الآية الشريفة الناهية عن الاخراج و الخروج منها و كذا بيتها في الاخبار الواردة بالمنع عن الاخراج و الخروج منه هو ما ذكرنا لا البيت الذى كانت فيه وقت الطلاق مطلقا و من هذا ظهر ان المراد بقوله و هى فيه انها ساكنة فيه وقته اى اتخذته منزلا و مسكنا وقته و ان لم تكن فيه بالفعل في ذلك الوقت فافهم

قوله و ان لم يكن مسكنها الاول

اى المنزل الذى كانت تسكنه قبل الطلاق فان كان اى المنزل الذى طلقت و هى فيه دون حقها فللزوجة طلب المنزل اللائق بحلها و افوقه و للزوج اخراجها الى الادون اللائق بها و ان كانت راضية به زمن الزّوجية في الاول او اسكنها فيه برضاه في الثانى فانه لا يلزم من الرضا تبرعا زمن الزوجية الرّضا زمن الطلاق فلها طلب حقها في كل وقت و كذا لا يلزم من بذل الزيادة في ذلك الوقت بذلها في وقت آخر فله الامتناع عن الزائد عن الواجب عليه فيه و من الاصحاب من تردّد فيه لعموم النهى عن اخراجهنّ من بيوتهنّ و عن خروجهن الشامل لموضع النزاع و لا يتضح الحكم فيه ما لم يتضح معنى الآية الشريفة و سنفصل القول فيه فانتظر

قوله و انما يحرم الخروج مع الاختيار

و الا فلا جرح كما في نظائره و يدل عليه ايضا مكاتبة محمد بن الحسن الصّفار حيث ذكر في الفقيه انه كتب الى

ص: 404

ابى محمد الحسن بن على عليه السلام في امراة طلقها زوجها و لم يجر عليها النفقة للعدة و هى محتاجة هل يجوز لها ان تخرج و تبيت من منزلها للعمل و الحاجة فوقع عليه السلام لا باس بذلك اذا علم اللّه منها الصحة

قوله و لا فرق بين منزل البدوية و الحضريّة

فان منزل البدوية و بيتها من صوف و شعر كمنزل الحضريّة من طين و حجر فاذا لزمتها العدة اعتدت في بيتها كالحضرية فان اضطرت الى الخروج كان ارتحلوا جميعا و لا يمكن اقامتها منفردة ارتحلت معهم للضرورة كما اذا اضطرت الحضرية فان ارتحل اهلها و بقي فيها جماعة يمكنها الاقامة فيه معهم فذكر فيه في شرح الشرائع وجهين احدهما وجوب الاقامة لعموم الآية و الثّانى ان تتخيّر بين ان تقيم و بين ان ترتحل لان مفارقة الاهل عسرة موحشة فيكون ضررا يجوز معه مفارقة المنزل و حكم بان الثانى اصح و لعل فيه وجها آخر اوضح منهما و هو وجوب الانتقال مع الزوج و الاهل فان الظاهر من عدم الخروج عن بيوتهنّ في البدوية هو ذلك و اللّه تعالى يعلم

قوله البريّة و البحريّة

فان من كان من سكّان السفينة كالملّاح فمنزله السّفينة فاذا كانت الزوجة منهم اعتدت في بيتها منها ان كان لها بيت منفرد من السفينة و الا ففى السّفينة كما كانت قبل العدة و اما اذا ركبتها مسافرة فطلقها فيها فهو كما لو طلقها مسافرة فيسكنها حيث شاء بعد القضاء الوطى من السّفر فتدبّر

قوله و لو اضطرت اليه لحاجة إلى آخره

هذا الحكم ذكر الشيخ و من تبعه من الاصحاب و يدل عليه موقوفة سماعة المنقولة في الكافي و التهذيب الموثقة او الحسنة قال سألته عن المطلقة اين تعتد قال في بيتها لا تخرج فان ارادت زيادة خرجت بعد نصف الليل و لا تخرج نهارا و ليس لها ان تحج حتى تنقضى عدتها و سألته عن المتوفى عنها زوجها كذلك هى قال نعم و تحج ان شاءت و اثبات الحكم بمجرد هذه الرّواية مع عدم صحتها و وقفها مشكل جدا مع انها معارضة باطلاق موقوفة محمد بن مسلم مع صحة سندها قال المطلقة تحج و تشهد الحقوق ثمّ لا يخفى اختصاصها بالزيادة و كونها مضطرة اليها غير ظاهر فالحكم به في صورة الضرورة مما لا وجه له فالظاهر جواز الخروج بمقدار الضّرورة مطلقا من غير تقييد كما يرشد اليه اطلاق المكاتبة السّابقة هذا و قوله عليه السلام و ليس لها ان تحج محمول على الحج المندوب لما سيجي ء من جواز خروجها في الواجب ثمّ الحكم فيه بان المتوفى عنها زوجها ايضا كذلك محمول على الاستحباب اذ الظاهر انه لا خلاف في اختصاص حرمة الخروج و الاخراج بالمعتدة الرّجعية و سنفصّل القول فيه انشاء اللّه تعالى و قوله و تحج ان شاءت يحمل ايضا بقرينة ما حمل عليه سابقه على الحج المندوب و الغرض بيان فرق بين المطلقة و المتوفى عنها زوجها بان الثانية تحج ندبا ان شاءت بخلاف الاولى و حينئذ فيكون الحجّ مستثنى من الحكم بان المتوفى عنها ايضا كذلك هذا و هذه الرواية في الفقيه ايضا هكذا و سئل سماعة ابا عبد اللّه عليه السلام عن المطلقة الى قوله سألته و حينئذ يخرج عن الوقف و في بعض نسخه بعد قوله نصف الليل زيادة و هى قوله و رجعت بعد نصف الليل او قبل نصف الليل على اختلاف النسخ و حينئذ لا يوافق ما ذكره الاصحاب من العود قبل الفجر و لا يخفى انه على ما في الكتابين ايضا ليس بصريح فيما ذكره الاصحاب اذ ليس فيه حكم الرجوع اصلا لكن ما ذكروه احوط الاحتمالات و سيجي ء مثل هذه الرواية في المتوفى عنها زوجها ايضا و فيها قلت ا رايت ان ارادت ان تخرج الى حق كيف تصنع قال تخرج بعد نصف الليل و ترجع عشاء و على هذا فيمكن ان يكون الحكم هاهنا ايضا كذلك خصوصا على ما تضمّنه هذه الرّواية من ان المتوفى عنها زوجها ايضا كذلك لكن الاحتياط في متابعة الاصحاب كما ذكرنا فتأمل

قوله و الا خرجت بحسب الضّرورة

للحرج و الضيق المنفيين عقلا و نقلا

قوله و استقرب في التحرير جوازه باذنه

و نقل ذلك عن ابى الصّلاح ايضا و يدلّ عليه ما رواه في الكافي و التهذيب في الحسن بإبراهيم عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا ينبغى للمطلقة ان يخرج الا باذن زوجها حتى تنقضى عدّتها ثلاثة قروء او ثلاثة اشهر ان لم تحضن و ما رواه في الكافي عن ابى العباس قال لا ينبغى الى آخر الحديث السّابق و لا يخفى ان سند الرواية الأولى معتبر جدا و مؤيد بالموقوفة ايضا و حملها على البائنة و على كراهة الخروج فيها بدون الاذن بقرينة لفظة لا ينبغى بعيد لا يصار اليه الا لضرورة سيّما ان الكراهة فيها غير مذكور في كلام الاصحاب و لا عليها شاهد اخر و استعمال لا ينبغى في الحرمة في الاخبار غير عزيز فلو كانت الآية الشريفة نصّا في عموم الحكم فتخصيصها بهذه الرواية بعيد كما ذكره الشارح رحمه الله خصوصا مع الاحتمال المذكور و اما اذا لم تكن نصّا فيه فالعمل بها لا يخلو عن وجه و يؤيده ايضا ما سننقله من رواية معاوية بن عمار في بحث خروجها الحج و على هذا فينبغى النظر في ذلك فنقول الآية الكريمة كما يحتمل الحمل على العموم و كون ذلك حقّا من حقوق اللّه تعالى كذلك يحتمل ان يكون الغرض منها ان الطلاق الرّجعى لا يخرجها عن الزّوجية و حكمها حكم الزوجة فلا يجوز للزوج اخراجها و لا للزوجة خروجها كما كانت قبل الطلاق فلا يتوهم جواز الاخراج او الخروج بعد الطلاق و حينئذ فيكون الغرض بقاء حقهما بعد الطّلاق الرجعى الى انقضاء العدة لا اثبات حق له تعالى عليهما و على هذا فلا منع عن الاخراج و الخروج برضاهما كما في زمن النكاح و لعل هذا الاحتمال ليس ببعيد مع قطع النظر عن الرّواية و مع ذلك فلا يمكن الحكم بوجوب حق اللّه تعالى عليهما بمجرّد الاحتمال مع اصالة البراءة فمع الرّواية بطريق اولى و ايضا الاخراج و الخروج عن البيت يطلق على معنيين احدهما الاخراج و الخروج مطلقا و ثانيهما الاخراج و الخروج بقصد المفارقة عند عدم العود اليه كما يقال خرج فلان عن هذه الدار و لا يقال ذلك الا عند مفارقة لها و الانتقال الى دار الاخرى لا اذا خرج الى السّوق مثلا او لحاجة مع قصد العود و كذا اذا خرجت الزوجة باذن زوجها لحاجة او في حق مع قصد المعاودة لا يقال انه اخرجها من بيته و على هذا فيمكن حمل الآية الشريفة على هذا المعنى و الرّواية على الخروج للحاجة و امثالها بقصد المعاودة فيكون منوطا بالأذن كما في زمن النكاح و حينئذ فلا تنافى بينهما نعم يبقى حينئذ انه اذا اخرجها بالكلية برضاها او خرجت كذلك برضاه فهل يجوز ذلك فالظاهر حينئذ الحكم بعدم الجواز لو حمل الآية على العموم و لم تحمل على الاحتمال الذى ذكرنا فتأمل و بعد ما كان يختلج ببالى هذان الاحتمالان في الآية الكريمة رايت في كلام الفضل بن شاذان رحمه الله ما يشيدهما حيث نقل عنه في الكافي انه نقل شبهة من اورد ان الطلاق على غير السنة كالطلاق في الحيض لم لا يكون محسوبا و ان كان معصية كما ان المرأة المطلقة اذا خرجت من بيته ايّاما ان تلك الايام محسوبة لها في عدّتها باجماع الامة و ان كانت للّه فيه عامية و اجاب عنها بالفرق بان الاخراج و الخروج ليس من شرائط الطّلاق كالعدة لان العدة من شرائط الطلاق و لا يحل للمرأة ان يخرج من بيتها قبل الطلاق و لا بعد الطلاق و لا يحل للرجل ان يخرجها من بيتها قبل الطّلاق و لا بعد الطلاق فالطلاق و غير الطلاق في خطر ذلك و منعه واحد و العدة لا تقع الا مع الطّلاق و لا تجب الا بالطلاق و لا يكون الطّلاق لمدخول بها و لا عدة كما قد يكون خروجا و اخراجا بل اطلاق و لا عدة فليس يشبه الخروج و الاخراج العدة و الطلاق في هذا الباب فكلما كان واجبا قبل الفرض و بعده فليس ذلك من شرائط الفرض

ص: 405

و كلّما لم يجب الّا مع الفرض و من اجل الفرض فان ذلك من شرائطه لا يجوز الفرض الا بذلك و اما ترك الخروج و الاخراج فواجب قبل العدة و مع العدّة و قبل الطلاق و بعد الطلاق و ليس هو من شرائط الطلاق و لا من شرائط العدة و العدة جائزة معه و لا تجب العدّة الا مع الطّلاق و من اجل الطلاق فهي من حدود الطّلاق و شرائطه ثمّ قال و بعد فيعلم ان معنى الخروج و الاخراج ليس هو ان يخرج المرأة الى ابيها او تخرج في حاجة لها او في حق باذن زوجها مثل ما تم او ما اشبه ذلك و انما الخروج و الاخراج ان تخرج مراغمة او يخرجها زوجها مراغمة فهذا الذى نهى اللّه عز و جلّ عنه فلو ان امراة استأذنت ان تخرج الى ابويها او تخرج الى حق لم يقل انها خرجت من بيت زوجها و لا يقال ان فلانا اخرج زوجه من بيتها انما يقال ذلك اذا كان على الزعم و السّخط و على انها لا تريد العود الى بيتها ثمّ ذكر انهم رخّصوا لها في الخروج الذى ليس على الزّعم و السّخط و اجمعوا على ذلك و ذكر لذلك شواهد من آثارهم و فتاويهم ثمّ قال و هذا كله يدلّ على ان هذا غير الخروج الذى نهى اللّه عز و جلّ عنه و انما الخروج الّذى نهى اللّه عز و جلّ عنه هو ما قلنا ان يكون خروجها على السّخط و المراغمة و هو الذى يجوز في اللّغة ان يقال فلانه خرجت من بيت زوجها و ان فلانا اخرج امراته من بيته و لا يجوز ان يقال لسائر الخروج الذى ذكرنا ان فلانه خرجت من بيت زوجها و ان فلانا اخرج امراته من بيته لان المستعمل في اللغة هذا الذى وصفنا و باللّه التوفيق هذه كلماته ملفقة و الظّاهر موافقة ثقة الاسلام رحمه الله له فيها فانه عنون الباب بانه باب الفرق بين من طلق على غير السّنة و بين المطلقة اذا خرجت و هى في عدتها او اخرجها زوجها و اكتفى فيه بذكر كلام الفضل من غير رد عليه و بيان فرق آخر فالظاهر موافقته له فيه و لا يخفى ان ما ذكره اولا ينطبق على ما ذكرنا اولا من الاحتمال في الآية الشريفة و ما ذكره ثانيا بقوله و بعد فليعلم ففيه اشارة الى ما ذكرنا ثانيا حيث قال و على انها لا تريد العود الى بيتها و فيه زيادة وجه ثالث ايضا و هو انّ الاخراج و الخروج لغة انما هو اذا كان على الزّعم و السّخط الا من الرّضا من الطرفين و لا يخفى ظهور الاخراج فيما ذكره و اما في الخروج فدعوى ظهوره فيما ذكره محل تامّل ثمّ كلماته في جواب الشبهة التى اوردها و ان كانت محل مناقشات لكن لم يتعلق لنا غرض بذلك هاهنا و انما الغرض من ذكرها تحقيق الحال في معنى الآية الكريمة الذى كنا فيه و قد حصل ذلك بما اوردنا ثمّ لا يخفى انه على الاحتمال الذى ذكرنا ينهدم كثير من الفروع المشهورة بين الاصحاب في هذا الباب كوجوب السّكنى في خصوص بيت الطلاق و ما يتفرع عليه بل يكون الواجب على الزّوج حينئذ اسكانها فيما شاء من المنازل اللائقة بحالها كما في زمن الزّوجية و كذا الواجب على الزّوجة عدم خروجها من المنزل الذى عينه الزوج لها اذا كان على الشرائط الا باذن زوجها كما في زمن النكاح و بالجملة فحكمها ما في العدّة حكمها في ايّام النكاح و يسقط باقى الفروع المشهور و لعله لا ضير فيه ما لم يثبت اجماع على شي ء منها و امّا الاخبار على ما راينا فليس فيها منها اثر زيادة على ما في الآية الكريمة سوى ما نقلنا من موقوفة سماعة فان فيها بعض الاحكام زيادة عليها كما رايت فتأمل

قوله وجب العود اليه على الفور

هذا على ما حملوا الآية الكريمة عليه و امّا على الاحتمالات الاخرى فيظهر حالها بالتامل فتأمل

قوله الا ان يكون في واجب

اى واجب مضيق كحجة الاسلام و امّا الموسع كالنذر المطلق فحكم حكم المندوب كما صرّح به في شرح الشرائع ثمّ لا يخفى ان بين عمومات النهى عن الخروج و الاخراج في العدة و بين عمومات وجوب الحج معارضة و ليس الحكم بتخصيص الاولى بالثانية اولى من العكس بل ربما يكون الامر بالعكس فانها مقيدة بالاستطاعة و المانع الشرعى كالعقلى فمع منعها شرعا عن الخروج يمكن ان يكون ان يقال انها لا تستطيع اليه سبيلا و يمكن ان يؤيده ذلك ايضا باطلاق ما سبق في موقوفة سماعة و ليس لها ان تحج حتى تنقضى عدّتها فحكم الاصحاب بجواز خروجها في الحجّ الواجب و ترجيح تخصيص العمومات الاولى كانه للاجماع عندهم و يؤيده ايضا ما رواه في الكافي و التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم قال المطلقة تحج و تشهد الحقوق و هى باطلاقها تشمل الرجعية بل الظاهر منها ذلك لانها محل توهّم حرمة الخروج فيها دون البائنة و هى و ان كانت موقوفة لكن رواية محمد بن مسلم عن غير الامام بعيد و احتمال ان يكون ذلك قول محمد بن مسلم نفسه رواه عنه العلا و ان لم يكن بعيد جدا لكن مع ذلك لا يخلو عن تأييد للحكم لظهور ان اقواله ماخوذة عنهم عليه السلام ثمّ ان الرواية و ان كانت مطلقة تحمل على خصوص الواجب الذى وقع عليه الاجماع اذ لا يمكن تخصيص الآية بمجرد اطلاق هذه الرواية و ليحصل الجمع بينها و بين موقوفة سماعة تحملها على المندوب هذا و امّا قوله و تشهد الحقوق فهو اما محمول على الواجبة او على الاعم و هو تخصيص لعموم النهى عن الخروج في الآية الكريمة على ما هو المشهور لكن الحكم به بمجرّد هذه الرواية مشكل خصوصا لو حمل الحقوق على العموم كما هو ظاهرها و لعلّه لهذا لم يتعرض لها الاصحاب و خصّوا الحكم بالضّرورة و الاضطرار لكن في كلام بعضهم ما يستفاد منه جواز الخروج لامتثال هذه ايضا كما قال شيخنا المفيد رحمه الله في المقنعة و لا تبيت المطلقة عن بيتها الذى طلقت فيه و لا تخرج منه الا لحاجة صادقة و لا يخفى ظهوره فيما ذكرنا هذا نعم لو حملت الآية الشريفة على المنع من الخروج بدون اذن الزوج فيحمل هذا على الشهادة باذنه و لا اشكال حينئذ في الحكم و يمكن حينئذ حمل الحجّ على ما يشمل المندوب ايضا باذنه و تحمل موقوفة سماعة المندوب بدون الاذن و كذا لو حملت على المنع عن الخروج بالكلية يحمل هذا على الشهادة التى لا يستلزم الخروج في تمام العدّة كما هو الظاهر من شهادة الحقوق و لا اشكال ايضا لكن على الوجهين التخصيص بشهادة الحقوق كانه لرجحانها او ما يحمل على التمثيل و ان ليس الغرض التخصيص بل المراد ان المنع عن الخروج ليس على اطلاقه فلا منع من مثل ذلك فافهم و امّا ما روياه في الموثق عن معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول المطلقة تحج في عدتها ان طابت نفس زوجها فهي و ان كانت ايضا مثل الرواية السّابقة مطلقة تشمل الرّجعيّة بل الظاهر منها ذلك بل التقييد بقوله عليه السلام ان طابت نفس زوجها يوجب الحمل على الرجعية البتّة اذ في البائنة لا يقيّد بذلك لكن لا يخفى انه يوجب ايضا حمل الحج على المندوب اذ الخروج الى الحجّ الواجب لم يقيّد بذلك عندهم فهذا يؤيد القول بجواز الخروج مع الاذن لكنها مخصوصة بالحج و هذا ما وعدناك هناك و على هذا فيحمل ما سبق في موقوفة سماعة من المنع عن الحج بعد الحمل على المندوب كما اشرنا على المنع منه بدون الاذن جمعا بين الاخبار هذا و لا يخفى انه ذا جاز الخروج الى المندوب مع الاذن ففى الواجب معه بطريق اولى و اما بدونه فلا اذ ربما كان المنع عن الخروج في العدة عن الخروج بدون الاذن مطلقا فيجوز مع الاذن مطلقا و لا يجوز معه مطلقا فالتعويل في تجويز الحج الواجب مطلقا كانه على الاجماع عندهم فتأمل هذا على تقدير حمل الآية و الاخبار على العموم على ما حملوه و امّا على الاحتمال الذى ذكرنا من ان المراد ان حكم زمن العدة حكم زمن الزوجيّة فالحكم بجواز الخروج الى الحج الواجب مطلقا و المندوب مع الاذن كما في زمن الزّوجية

ص: 406

ظ لا حاجة له الى شاهد اخر و امّا على الاحتمال الثانى الذى ذكرنا من كون المنع عن الخروج بدون قصد العود فالظاهر حينئذ ان من كان بمكة او ما والاها بحيث يمكنها الخروج الى بعض ايام العدّة و العود الى بيتها في العدة فيجوز لها الخروج بدون حاجة الى دليل و اما اذا كانت بعيدة بحيث يوجب الخروج اليه الخروج عن البيت بالكليّة و عدم العود اليه في العدّة اصلا فالحكم بجواز خروجها ايضا يحتاج الى مرجّح لتعارض العمومات فيها من الطرفين فترجيح تخصيص احدهما يحتاج الى مرجح فلا بدّ فيها من التّمسّك بالاجماع على ما ذكرنا اولا فتأمل

قوله اوجه من اطلاق النهى

لا يخفى ضعف الوجه الاول لان النهى عن الخروج عنه لا يوجب تحصيل الكون به نعم لو نهى عن الكون خارجا عنه اتجه القول بوجوب تحصيل الكون به اذا امكن و دعوى انه يفهم عرفا من النهى عن الخروج عن البيت الامر بالعود اليه اذا كان خارجا لو سلم فانما يسلّم فيما اذا كان خارجا لحاجة و نحوها لا فيما اذا سافرها عنه و لو سلم ففيما ادراك امكن الكون فيه و امّا فيما لا يمكن ذلك فلا و بالجملة فالحكم بوجوب العود من السفر و ان لم يمكنها ادراك جزء من العدّة في البيت سخيف جدا و مع امكان ذلك ايضا بعيد هذا على ما حملوا الآية عليه في المشهور او على الاحتمال الثانى الذى ذكرنا و امّا على الاحتمال الاول فحكمها حكم الزّوجة و يجب عليها عدم الخروج عن اذن الزوج و يستوى لها البيت و غيره مع الاذن فتدبّر ثمّ انّ هذا الحكم مختص بالمطلقة الرجعية كما اشار اليه المصنف و لا يشمل المطلقة البائنة و لا المتوفى عنها زوجها و كانه لا خلاف بين الاصحاب فيها و يدل ايضا و على الاول ما في الكافي و التهذيب من صحيحة سعد بن ابى خلف قال سألت ابا الحسن موسى عليه السلام عن شي ء من الطلاق فقال اذا طلق الرّجل امراته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها و ملكت نفسها و لا سبيل له عليها و تبيت حيث شاءت و لا نفقة لها عليه قال قلت أ ليس اللّه يقول لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ و لا يخرجن قال فقال انما عنى بذلك التى تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التى لا تخرج و لا تخرج حتى تطلق الثالثة فاذا طلقت الثالثة فقد بانت منه و لا نفقة لها و المرأة التى يطلقها الرّجل تطليقة ثمّ يدّعها حتى يخلوا اجلها فهذه ايضا تقعد في منزل زوجها و لها النفقة و السّكنى حتى تنقضى عدتها و موثقة ابى بصير عن احدهما عليهما السلام في المطلقة اين تعتد فقال في بيتها اذا كان طلاقا له عليها رجعة ليس له ان يخرجها و لا لها ان تخرج حتى تنقضى عدتها و ما في الفقيه من رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها و لا سكنى انما ذلك للتى لزوجها عليها رجعة و يدلّ عليه ايضا في خصوص المطلقة ثلاثا ما روى انه لا نفقة لها و لا سكنى كصحيحة الحلبى عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المطلقة ثلثا أ لها النفقة و السّكنى قال أ حبلى هى قلت لا قال فلا و مثله رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام و موقوفة سماعة مثلهما و موثقة عبد اللّه ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المطلقة ثلثا على السّنة هل لها سكنى او نفقة قال لا و في خصوص المختلعة ما رواه في الكافي في الموثق عن رفاعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المختلعة لا سكنى لها و لا نفقة و في الموثق عن داود بن سرحان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال في المختلعة قال عدتها عدة المطلقة و تعتد في بيتها و المختلعة بمنزلة المباراة و عن زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن عدة المختلعة كم هى قال عدة المطلقة و لتعتدّ في بيتها و المباراة بمنزلة المختلعة و لا يذهب عليك انّه و ان امكن المناقشة في دلالة الخبرين الاخيرين بمجرّدهما لكن تندفع ذلك بملاحظة الخبر الاوّل فتأمل و على هذا فما ورد في بعض الاخبار كحسنه الحلبى و موقوفة سماعة المتقدّمتين و غيرهما من اطلاق المطلقة يحمل على الرّجعية و امّا الآية الكريمة ففيها ما يرشد بانها في الرجعيّة و هو قوله تعالى لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك امرا حيث فسّرت بانه لعلّه ان يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها و قد ورد هذا التفسير في بعض الاخبار ايضا و امّا الثانية و هى المتوفى عنها زوجها اين تعتدّ في بيت زوجها او حيث شاءت قال حيث شاءت ثمّ قال ان عليا عليه السلام لما مات عمر اتى ام كلثوم فاخذ بيدها فانطبق بها الى بيته و موثقة عبد اللّه بن سنان و معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثله و رواية يونس عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت تمكث فيه شهرا او اقل من شهر ثمّ تتحول منه الى غيره ثمّ تمكث في المنزل الذى تحولت اليه مثل ما

مكث في المنزل الذى تحولت منه كذا ضيعتها حتى تنقضى عدتها قال يجوز ذلك لها و لا باس و ما في الكافي من رواية عبد اللّه بن سليمان قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المتوفى عنها زوجها أ تخرج الى بيت ابيها و امّها من بيتها ان شاءت فتعتدّ فقال ان شاءت ان تعتدّ في بيت زوجها اعتدّت و ان شاءت اعتدت في اهلها و لا تكتحل و لا تلبس حليّا و موثقة عبيد اللّه بن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام في المتوفى عنها زوجها أ تحج و تشهد الحقوق قال نعم و موثقة عبيد بن زرارة ايضا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها تخرج من بيت زوجها قال تخرج من بيت زوجها و تحج و تنتقل من منزل الى منزل و حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن المرأة يموت عنها زوجها أ يصلح لها ان تحج او تعود مريضا قال نعم تخرج في سبيل اللّه و لا تكتحل و لا تطيب و موثقة ابن بكير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن التى توفى عنها زوجها أ تحج قال نعم و تخرج و تنتقل من منزل الى منزل و ما في الفقيه من رواية عمار السّاباطى انه سئل ابا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحل لها ان تخرج من منزلها في عدّتها قال نعم و تختضب و تدهن و تمتشط و تصبغ و تلبس المصبغ و تضع ما شاءت بغير زينة لزوج و فيه بعده و في خبر آخر قال لا باس بان تحج المتوفى عنها زوجها و هى في عدتها و تنتقل من منزل الى منزل و فيه ايضا في آخر رواية عبيد بن زرارة و ليس للمتوفى عنها زوجها سكنى و لا نفقة هذا ما وجدنا من الرّوايات في هذا الباب و لا يخفى دلالتها على ما ذكرنا مع كثرتها و تضافرها لكن قد وردت روايات اخرى ايضا تنافى تلك الرّوايات و تعارضها فمنها ما يدل على ان حكمها حكم المطلقة كموقوفة سماعة المتقدمة على ما في الكافي و التهذيب اذ فيها فيهما و سألته عن المتوفى عنها زوجها أ كذلك هى قال نعم و مثله رواية ابى العبّاس المنقولة في الكافي و التهذيب و كانها موثقة قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام المتوفى عنها زوجها قال لا تكتحل لزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا و لا تخرج نهارا و لا تبيت عن بيتها قلت ا رايت ان ارادت ان تخرج الى حق كيف تصنع قال تخرج بعد نصف اللّيل و ترجع عشاء و لعل هذا بناء على انه يكفى للبيتوتة الكون فيه الى نصف الليل فيجوز الخروج بعده كما ورد في المبيت بمنى ايضا و على انه اذا خرج بعد النصف يجوز لها الكون خارجا عنه الى العشاء و لكن لا يجوز لها الخروج نهارا ابتداء او على ان الحق التى تخرج اليه لا بد فيه من المكث بقدر هذه المدّة و حينئذ فيتعيّن عليها اختيار هذا الطّريق لا الخروج اول اللّيل او النهار و اللّه تعالى يعلم و ما رواه في الكافي بسند حسن بإبراهيم بن هاشم عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها و تكون في عدتها

ص: 407

ا تخرج في حق فقال ان بعض نساء النّبى صلّى اللّه عليه و آله سألته فقالت ان فلانة توفى عنها زوجها فتخرج في حق ينوبها فقال لها رسول اللّه افّ لكن قد كنتنّ من قبل ان ابعث فيكنّ و انّ المرأة منكنّ اذا توفّى عنها زوجها اخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها ثمّ قال لا امتشط و لا اكتحل و لا اختضب حولا كاملا و انما امر تكن باربعة اشهر و عشرا ثمّ لا تصبرن لا تمتشط و لا تكتحل و لا تختضب و لا تخرج من بيتها نهارا و لا تبيت عن بيتها فقالت يا رسول اللّه فكيف تصنع ان عرض لها حق فقال تخرج بعد زوال الليل و ترجع عند المساء فتكون لم تبت عن بيتها قلت له فتحج قال نعم و هذا الخبر صريح في تاكّد البيتوتة و انها تتحقق بالكون الى نصف الليل و اما تجويز الكون خارجة الى العشاء فيحتمل الوجهين المذكورين في سابقه فتأمل و منها ما يدل على المنع من خصوص البيتوتة في غير بيتها مثل ما رواه في الكافي و التهذيب في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها اين تعتد قال حيث شاءت و لا تبيت عن بيتها و ما رواه في الكافي و التهذيب بسند كانّه موثق كالصحيح عن ابن ابى يعفور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها فقال لا تكتحل لزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا و لا تبيت عن بيتها الحديث و قد تقدم في بحث الحداد و ما رواه في الكافي بسند كانه موثق عن محمد بن مسلم قال جاءت امراة الى ابى عبد اللّه عليه السلام تستفتيه في المبيت في غير بيتها و قد مات زوجها فقال ان اهل الجاهلية كانت اذا مات زوج المرأة احدت عليه امراته اثنى عشر شهرا فلما بعث اللّه عز و جل محمّدا صلّى اللّه عليه و آله رحم ضعفهنّ فجعل عدّتهنّ اربعة اشهر و عشرا و انتن لا تصبرن على هذا و الشيخ رحمه الله في التهذيب بعد ما اورد طرفا من تلك الرّوايات على ما اشرنا اليه ذكر ان ما تضمن هذه الأخبار من ان المتوفى عنها زوجها لا تبيت عن بيتها محمول على جهة الاستحباب و الافضل و ان كانت لو بانت في غير بيتها لم يكن في ذلك باس جسما تضمّنه الروايات الاخرى و على هذا فيحمل ايضا المنع عن الخروج الّا لضرورة او حق كما في بعض الاخبار التى نقلناها على الافضلية لكن ربما كان البيتوتة اكد لكثرة رواياتها و يمكن ايضا الجمع بين الاخبار بحمل الاخبار الاخيرة على التقية لان مذهب بعض العامة وجوب السّكنى في جميع العدد سواء الرّجعية او البائنة و عدة الوفاة و لم يخصّوه بالرجعية كما هو مذهب اصحابنا و يمكن ايضا الجمع بينهما بحمل تلك الاخبار على وجوب بيتوتها في البيت التى تعتد فيه و ان لم يكن بيت زوجها او عدم الخروج عنه مطلقا الا لضرورة او حق او في سبيل اللّه و حمل الاخبار الدالة على عدم وجوب الاعتداد في بيت زوجها و انه يجوز لها الانتقال من بيت الى بيت و ان كانت كلما انتقلت الى بيت و اتخذه مسكنا يلزمها فيه ما لزمها في البيت الاول من البيتوتة فيه او عدم الخروج عنه مطلقا الا لضرورة او في سبيل اللّه و لعل شيئا من الاخبار المذكورة لا يأبى عن هذا الجمع بل صحيحة محمد بن مسلم ظاهرة في ذلك و حملها على انها تعتد حيث شاءت اى يجوز لها الخروج عن بيتها اى بيت زوجها نهارا و لكن الا تبيت بعيد جدّا نعم موقوفة سماعة ربما يأبى عن هذا الحمل اذا قيل يمنع المطلقة عن الخروج عن بيت زوجها مطلقا فان ظاهرها تساويهما في الحكم و الامر فيه سهل اذ يمكن حملها على ان المتوفى عنها زوجها ايضا كذلك في الجملة اى انها تعتد في بيتها لا تخرج الى آخر ما ذكر فيها و ان كان بينهما تفاوت في ان البيت فيها مبيت زوجها و فيها كل بيت تعتد فيه و لو قيل ان الواجب في المطلقة ايضا باعتبار العدة ليس الا ما حكم به في المتوفى عنها زوجها ايضا و ما زيد فيها من التكاليف انما هو باعتبار الزّوجية و لو رضى الزوج جاز لها ايضا الخروج و الانتقال من بيت الى بيت آخر فلا يبقى اشكال اصلا لكن لما لم ينقل هذا التفصيل من الاصحاب فلا يمكن الجرأة على القول به الّا ان الاولى لها مراعاة ذلك

و عدم الخروج عن البيت الذى تعتد فيه الا لضرورة او في سبيل اللّه و رعاية البيتوتة ما امكنت لكثرة رواياتها و صحة بعضها و امّا مع الاضطرار فلا حرج و يدل ايضا على جواز تركها مع الاضطرار ما نقله في الفقيه انه كتب محمد بن الحسن الصّفار الى ابى محمد الحسن بن على عليه السلام في امراة مات عنها زوجها و هى في عدة منه و هى محتاجة لا تجد من ينفق عليها و هى تعمل للنّاس هل يجوز لها ان تخرج و تعمل و تبيت عن منزلها في عدتها قال فوقع عليه السلام لا باس بذلك ان شاء الله تعالى و انت خبير بان هذا الخبر ايضا مما يؤيد ثبوت منع عن الخروج في المتوفى عنها زوجها فان سؤال الصّفار عن حال الضرورة و جوابه عليه السلام بعدم الباس بذلك من غير الدلالة على عدم المنع فيها مطلقا يستفاد منه ذلك و اللّه تعالى يعلم

قوله يجب بها الحد

و فسّر بعضهم بخصوص الزّنا و بعضهم بمطلق المعصية و على الوجوه فهو استثناء من الاول و قيل انه مبالغة في النّهى يعنى لا يجوز لها الخروج و لا تقع منها الا ان تفعل فاحشة هى الخروج و على هذا فهو استثناء من الثانى و تاكيد له

قوله ثمّ يرد اليه عاجلا

فيه انه لا دليل على وجوب الرّد و ان بنى ذلك على ان تجويز الاخراج انما هو لاقامة الحدّ و ضرورتها فيجب العود بعد رفعها ففيه انا لا نم ذلك لم لا يجوز ان يكون الاتيان بالفاحشة سببا لسقوط حقها و حرمتها فيجوز اخراجها بعده بلا عود و لو قيل ان احتمال ذلك كاف في الحكم اقتصارا فيما خالف الاصل على المتيقن فنقول ان هذا انما يتم لو كان النهى من الاخراج في معنى الأمر بإمساكها في البيت اذ حينئذ امكن ان يقال ان وجوب الامساك عام لا يحكم باستثناء شي ء منه ما لم يتيقن و الاستثناء المذكور لما احتمل ان يكون لضرورة اقامة الحد فيقتصر فيه على القدر المتيقن و هو ما كان الاقامة الحدّ اذ لا يقين فيما زاد عليه فبعد اقامة بحب ردّها لعموم الأمر بامساكها في البيت لكن الكلام ح في هذا الارجاع فانا لا نفهم من الآية الّا حرمة الاخراج الا مع الاتيان بالفاحشة لا وجوب الامساك الا معه فيجوز الاخراج معه و بعد ذلك فالحكم بوجوب ردّها يحتاج الى دليل سواء قلنا ان هذا التجويز لسقوط حرمتها او الضرورة اقامة الحد و لم يظهر لنا دليل على ذلك فالاظهر عدم وجوب الردّ كما ذهب اليه ابن ادريس و ان كان ما اختاره الشارح احوط فتأمل

قوله و في الثانى تخرج الى مسكن آخر إلى آخره

هذا بناء على انه حمل الآية الكريمة على انه لاثبات حقّ اللّه تعالى في زمن العدّة زيادة على السّكنى الواجب زمن الزوجية و ان الايذاء المستثنى ليس بحيث يوجب النشوز اذ حينئذ يتجه ما ذكره لان استثناء الاتيان بالايذاء فيها لا يوجب الا سقوط حقّه تعالى معه و امّا السّكنى الواجب في العدة كما في زمن الزوجية فلا دليل على سقوطه فيحكم بوجوبه لإطلاق الامر به كقوله تعالى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ لكن يكفى النقل الى مسكن مناسب كما ذكره هاهنا و لا يلزم رعاية الاقرب الى مسكن العدة فالاقرب كما حكم به الشيخ رحمه الله في المبسوط و تبعه الشارح رحمه الله في شرح الشرائع اذ لا دليل عليه هذا و اما لو حمل الايذاء على ما كان موجبا للنشوز فيسقط معه حق السّكنى ايضا اذ لا سكنى للناشزة و ان كان نشوزها في اثناء العدة كما صرح به الشارح في شرح الشرائع و كذا لو حملت الآية على انها لبيان بقاء حكم الزوجية في زمن

ص: 408

العدّة و وجوب السّكنى فيها ايضا كما في زمن الزّوجية فيفهم من الاستثناء سقوطه معه سواء حمل الايذاء على ما اوجب النشوز ام لا و حينئذ فيجب ان يقيد الادلة المطلقة ايضا بهذا التقييد لوجوب حمل المطلق على المقيّد فتأمل و اعلم ان البيضاوى ذكر اولا هذا التفسير و قال مستثنى من الاول و المعنى الّا ان تبدو على الزوج فانه كالنشوز في اسقاط حقها او الا ان تزنى فتخرج لاقامة الحدّ عليها و اعترض عليه المحقق الاردبيلى رحمه الله بقوله و فيه تامّل اذ يفهم انّ سبب سكناها كونها زوجة غير ناشزة و الظاهر انه ليس كذلك بل سببه النص و ان لم تكن مستحقة للنفقة لنشوزها بوجه لا يصدق عليه انه فاحشة و لهذا يجب ان يكون في البيت الذى طلقت به و هى فيه و انه لا يجب السكنى و ان كانت بائنة مع عدم استحقاقها للنفقة و السّكنى و هو ظاهر انتهى و الظاهر ان مراد البيضاوى ان الإتيان بالفاحشة على هذا التفسير سبب لسقوط الحق كما ان النشوز سبب لسقوط حقها من النفقة و السّكنى بخلاف ذلك على التفسير الثانى فانه ليس سببا لسقوط الحق بالكليّة بل تخرج لاقامة الحدّ عليها ثمّ تردّد اليه و هذا متوجّه سواء قيل ان السّكنى و عدم الاخراج حق اللّه تعالى كما ذكره هذا المحقق تبعا للمشهور بين المتاخرين او قيل انه حق الزوجة بناء على الاحتمال الذى ذكرنا في تفسير الآية و قوله في اسقاط حقها اى الحق الثابت في الزوجة سواء كان حقها او حق اللّه فيها اذ الاضافة يكفى فيها ادنى ملابسة على انه يمكن ان يقال ان قوله في اسقاط حقها متعلّق بالنشوز فقط لا بما نحن فيه ايضا و المعنى ان الاتيان بالفاحشة سبب لسقوط الحق هنا سواء كان حق اللّه تعالى او حق الزوجة كما ان النشوز سبب لاسقاط حقها من النفقة و السّكنى في غير هذا الموضع و على هذا فلا يتوجّه عليه ما اورده اصلا و لا يخفى ايضا ان الظاهر من قول البيضاوى فانه كالنشوز انه لم يحمل الايذاء على ما كان سببا للنشوز فيكون حكمه بسقوط الحق باعتبار كونها ناشزة و الحكم بسقوط الحق باعتبار كونها زوجة غير ناشزة كما حمل هذا المحقق كلامه عليه اذ حينئذ لا وجه للتشبيه بالنشوز بل كان ينبغى ان يقال فانه يسقط حقها حينئذ بالنشوز و لو حمله على ما اوجب النشوز يمكن توجيه كلامه بان النشوز الخاص هاهنا حكمه حكم النّشوز المطلق في غيره في انه سبب لاسقاط الحق و فيه اشارة الى ان نشوزها لو كان بوجه آخر لا يحكم بسقوط الحق هاهنا بخلاف ذلك في زمن الزوجية و لا يخفى ان هذا على تقدير الحق حق اللّه تعالى ظاهر و على تقدير كون الحق حق الزوجية ان عدم الاخراج باعتبار الزوجية فلا يخلو ايضا عن وجه اقتصارا في تخصيص العموم على ما هو مورد النّص عندنا و صريح التفسير عندهم لكن يمكن ان يقال ايضا ان هذا التفسير اشارة الى ان المراد بالاتيان بالفاحشة هو نشوزها باىّ وجه كان و لذا اختلف عبارات المفسّرين بهذا التفسير ففى احدى الرّوايتين اذاها لاهل الرّجل و سوء خلقها و في الاخرى ان تؤذى اهل زوجها و في عبارات سائر المفسّرين ايضا اختلاف و نقل عن قتادة انه فسّرها بالنشوز و كيفما كان فلا يرد عليه ما اورده المحقق ثمّ لا يخفى ان بناء كلمات هذا المحقق على ما حمل الآية عليه على المشهور بين المتاخرين و قد عرفت ان للكلام فيه مجالا و اما قوله و انه يجب السّكنى و ان كانت بائنة الى آخره فهو غريب منه رحمه الله لاختصاص الآية عندنا بالرجعية و عدم ظهور خلاف فيه بيننا مع انه رحمه الله ايضا اشار في اوّل تفسيره للآية الى ان موردها الرّجعية و لو قيل ان كلامه على البيضاوى و لعلّهم لم يخصّصوها بالرّجعية فالكلام الرامى معهم فنقول انهم ان لم يخصصوها بالرّجعية فلم يخصّص الحكم بالسّكنى ايضا بها على ما هو المشهور بينهم بل اثبتوها للبائنة فلا يصح قوله مع عدم استحقاقها للنفقة و السكنى فتدبّر

قوله و اعلم ان تفسير الفاحشة في العبارة إلى آخره

لعل المراد تفسير الفاحشة المطلقة في عبارة المصنف بالاول اى التى يجب بها الحد هو ظاهر الآية الكريمة حيث قيدت فيها بالمبنية اى الظاهرة او المظهرة فان الظاهر منها هو تلك الفواحش التى تظهر للناس بسبب اقامة الحدّ و تشهر صاحبها و ان كان مدلول الآية الفاحشة لغة اعم منها و ذكر في شرح الشرائع ان الظاهر من اطلاق الفاحشة عرفا هو المعنى الأول و على هذا فيمكن ان يكون مراده هاهنا ايضا ان تفسير الفاحشة بالمعنى الاوّل هو ظ الآية نظرا الى العرف و ان كان مدلولها لغة ما هو اعمّ منه و فيه انه اذا كان مدلولها لغة اعمّ منه فكون المعنى الاوّل ظاهر الآية موقوف على ترجيح العرف على اللغة و هو في الفاظ الكتاب غير ظاهر و اعلم انه قال في القاموس الفاحشة الزّنا و ما يشتدّ قبحه من الذنوب و كلّ ما نهى اللّه عزّ و جلّ عنه و قال في الصحاح الفحشاء و كلّ سوء جاوز حدّه فهو فاحش و قد فحش الامر بالضّم و تفاحش و يسمّى الزّنا فاحشة و على هذا فالمدلول اللغوى هو اعم هو المعنيان الاخيران اللذان في ق و كذا ما ذكر في الصّحاح من انّها من انها كلّ سوء جاوز حدّه هو و قريب من المعنى الثانى للقاموس و لعله الاصل في معنى الفاحشة و امّا اطلاقها على خصوص الزّنا فكانه باعتبار اشتهارها فيه لا انها موضوعة له بخصوصه لكن مع اشتهارها فيه او وضعها له بخصوصه الحكم في الآية الشريفة باستثناء غيره مشكل جدّا اذ الاصل بقاء النهى على عمومه و عدم خروج شي ء منه ما لم يتيقن و المتيقن بالنظر الى اللغة ليس الى الزنا لاحتمال الفاحشة له ان لم تكن ظاهرة فيه مطلقا فالظاهر ظهورها فيه اذا نسبت الى النساء و على هذا فاستثناء غيره من الذنوب التى اوجبت الحدّ او مطلقا يحتاج الى دليل نعم اذا توقف اقامة الحدّ على الاخراج فيكون الاخراج لها للظاهر لا باعتبار دلالة الآية مع ان فيه ايضا تاملا سنشير اليه فانتظر

قوله ففيه روايتان مرسلتان

احدهما ما رواه في الكافي و التهذيب عن علىّ بن ابراهيم عن ابيه عن بعض اصحابه عن الرضا عليه السلام في قول اللّه عز و جلّ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال اذاها لاهل الرّجل و سوء خلقها و الاخرى ما روى فيها ايضا بسند فيه ارسال و ضعف عن محمّد بن علىّ بن جعفر قال سئل المأمون الرضا عليه السلام عن هذه الآية قال يعنى بالفاحشة المبينة ان تؤذى اهل زوجها فاذا فعلت فان شاء ان يخرجها من قبل ان تنقضى عدّتها فعل و انت خبير بان الظاهر من الرّوايتين و كذا من كلام جمع ممّن فسر الآية بهذا التفسير ان المراد بها في الآية خصوص ذلك و لا اشكال فيه باعتبار مخالفته لكلام اللغويّين فان ذلك بخصوصه موضوعا له للفاحشة بل يجوز ان يكون باعتبار وضع الفاحشة المطلق الذنب او الذنب المتاكّد لكن يكون المراد في الآية خصوص هذا الفرد لا مطلقها و كان علم ذلك عنده عليه السلام و يمكن حملها كما وقع في كلام بعض آخر من المفسّرين بهذا الوجه على ان المراد شمول الآية لذلك ايضا فيكون من قبيل بيان الفرد الخفىّ كما فعله علىّ بن ابراهيم رحمه الله في تفسيره فانه قال و معنى الفاحشة ان تزنى او تسرق على الرّجل و من الفاحشة ايضا السّلاطة على زوجها فان فعلت شيئا من ذلك حل له ان يخرجها و قال الشيخ في ية و الفاحشة ان تفعل ما يجب فيه عليها الحد فاذا فعلت ذلك اخرجت و اقيمت عليها الحدّ و قد روى ان ادنى ما يجوز له معه اخراجها ان تؤذى اهل الرّجل فانه متى فعلت ذلك جاز له اخراجها و الظاهر ان الرّواية التى اشار اليها هى هاتان الروايتان

ص: 409

فقد حملها على الوجه الثّانى هذا لكن على الوجهين الرّوايتان باعتبار سندهما لا تصلحان للاعتماد و الحكم بجبر ضعفهما بالشهرة بين الاصحاب ايضا لا يخلو عن اشكال مع ما عرفت من اصالة بقاء النّهى على الاطلاق ما لم يتيقن خروج شي ء منه و على هذا فالحكم بجواز الاخراج مع البذاء و الايذاء باعتبار دلالة الآية لا يخلو عن اشكال نعم اذا قيل ان النّهى عن الاخراج ليس باعتبار حق اللّه في العدّة بل باعتبار بقاء الزّوجية و ان حكمها حكم الزوجة فمع البذاء و الايذاء بحيث تكونان ناشزة غير مستحقة للسكنى يجوز اخراجها بهذا الاعتبار و لعلّه يحتمل ان يكون تفسيره عليه السلام الآية بهذا الوجه باعتبار علمه عليه السلام بان جواز الاخراج في هذه الصورة بهذه الاعتبار و اللّه تعالى يعلم

قوله لكنّه مشهور بين الاصحاب

بل ادعى الشيخ رحمه الله في الخلاف الاجماع عليه لكنه نفسه في ية فسّره بالوجه الاول و نسب ذلك الى الرّواية كما نقلنا و عبارة الخلاف هكذا الفاحشة التى تحلل اخراج المطلقة من بيت زوجها ان تشتم اهل الرّجل و تؤذيهم و تبذو عليهم و به قال ابن عبّاس و اليه ذهب الشافعى و قال ابن مسعود الفاحشة ان تزنى فتخرج و تحد ثمّ ترد الى موضعها و به قال الحسن البصرى دليلنا عموم الآية و اجماع الامة و ايضا فان النّبى صلّى اللّه عليه و آله اخرجت فاطمة بنت قيس لما بذت على بيت احمائها و شتمهم فثبت ان الآية واردة في هذا انتهى و كان مراده بعموم الآية ان الفاحشة فيها عامة و تخصيصها بالزّنا يحتاج الى دليل فيجب ان يحمل على العموم ليشمل ما ذكرنا و هذا مبنى على انه ثبت عنده عموم الفاحشة و انها ليس في خصوص الزّنا حقيقة و على ان المراد بما فسّره شمولها له لا تفسيرها به بخصوصه كما ذكرنا ثانيا و نسبه في يه الى الرّواية او ان النهى في الآية عام لا يجوز تخصيصه ما لم يتيقن و الاخراج للزنا ليس كذلك بخلاف ما ذكره لتيقن جواز الاخراج له باعتبار النشوز و هذا بناء على ان تحمل الآية على الاحتمال الذى ذكرنا و كان هذا اوفق بقوله فثبت ان الآية واردة في هذا و فيه ان جواز الاخراج لاقامة الحد اذا قيل بالردّ بعد اقامته على ما نقله ايضا كانه متيقن لدخوله تحت الضرورة الا ان يقال ان هذا على تقدير توقف اقامة الحدّ على الخروج و عدم امكان اقامة في البيت مع ان من فسّره بذلك لم يقيّد بذلك و ايضا الحكم بدخول ذلك تحت الضّرورة محل تامّل فانه بعد ما ورد النهى العام عن اخراجها يمكن القول بجواز تاخير اقامة الحد الى انقضاء العدة كما جوز التأخير في موارد اخرى فافهم و امّا ما استدلّ به آخر من اخراج فاطمة بنت قيس فاورد عليه ان المروى انّ زوجها قد بت طلاقها و لم يكن رجعيّا و بها احتج الجمهور على استحقاق البائن للسّكنى كالرجعية مع انهم رووا ايضا عن الشّعبى انه قال دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة و سألتها عن قضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيها فذكر انه طلقها زوجها طلاقا بتا و انها خاصمة الى رسول اللّه في السّكنى و النفقة فلم يجعل لها سكنى و لا نفقة و امرها ان تعتد في بيت ابن امّ مكتوم و روى الزهرى ايضا عن عبد اللّه ان طلاقها كانت ثالثة و انها اتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لطلب السّكنى و النفقة فلم يجعل لها نفقة الا ان تكون حاملا و استأذنته في الانتقال فاذن لها فانتقلت الى بيت ابن ام مكتوم و لم تزل هناك حتى مضت عدتها فانكحها النّبى صلّى اللّه عليه و آله اسامة بن زيد قال فارسل اليها مروان بن الحكم قبيصة بن ذويب فسألها عن هذا الحديث ثمّ قال مروان لم يسمع هذا الحديث الا من امراة و ستاخذ بالعصمة التى وجد الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان بينى و بينكم القرآن قال اللّه تعالى لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ الى قوله لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً قال هذا لمن كانت له مراجعة و أيّ امر يحدث بعد الثلث و نقل في الكشّاف عن الحسن و حمّاد انهما قالا لا نفقة للمبتوتة و لا سكنى لحديث فاطمة بنت قيس ان زوجها ابت طلاقها فقال لها رسول اللّه لا سكنى لك و لا نفقة قال و عن عمر لا ندع كتاب ربّنا و سنّة نبيّنا لقول امراة لعلّها نسيت او شبه لها سمعت النّبى صلّى اللّه عليه و آله يقول لها السّكنى و النفقة و انت خبير بان مع وجود هذه الرّوايات استناد الشيخ بالرواية التى نقلها كما ترى و كان كلامه مع العامة القائلين بهذه الرواية و ترجيح تفسيره بناء عليها و ان لم يطابق هذا بناء على انها كانت مبتوتة و النهى عن الاخراج عندنا مختص بالرّجعية هذا و في مجمع البيان بعد ما نقل هذا التفسير عن ابن عباس قال و هو المروى عن ابى جعفر و ابى عبد اللّه عليه السلام و مثله في مختصر التبيان المنسوب الى ابن ادريس رحمه الله و انا لم اظفر بالرّواية عنهما عليهما السلام في هذا الباب و ليس عندنا اصل التبيان فمن كان عنده فليرجع اليه لعل الشيخ رحمه الله اوردها فيه

قوله و لا نفقة للبائن طلاقها

و في حكمها السّكنى فلا سكنى لها ايضا و قوله تعالى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ مع عمومها في الرجعيّة و المبتوتة مخصصة بالرجعيّة بالاجماع و بالاخبار التى اوردناها في بحث تخصيص الآية السّابقة الدّالة على المنع عن الاخراج و الخروج بالرّجعية فان اكثرها تدلّ على وجوب تخصيص هذه الآية ايضا كما يظهر بالتّامّل و امّا الشاهد الذى ذكرنا لتخصيص تلك الآية من نفسها و هو قوله تعالى لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً فلا يصير شاهدا على تخصيص هذه الآية ايضا للتفاوت بين مدلوليهما اما على المعنى المشهور للآية السابقة فظاهر و امّا على الاحتمال الذى ذكرنا من حملها على وجوب الاسكان مط كما في زمن الزوجيّة فلان النهى عن عدم الاخراج فيها على هذا التفسير و ان كان مفاده الامر بالاسكان المذكور في هذه الآية لكنها اشتملت على المنع عن الخروج ايضا فيمكن ان يكون تخصيصها بالرّجعية بهذا الاعتبار فيكون مفاد الآية الثانية ان الزّوجة مطلقا يجب اسكانها و لا يجوز اخراجها و مفاد الآية الاولى ان الرجعية لا يجوز للزوج اخراجها اما مطلقا او اذا طلبت السّكنى و لا للزوجة خروجها اما مطلقا او بلا اذن الزّوج و امّا البائنة فلعله يجوز لها الخروج لا الاخراج ايضا حتى يلزم تخصيص الآية الثانية ايضا فافهم

قوله لقوله تعالى وَ إِنْ كُنَّ أُولٰاتِ حَمْلٍ إلى آخره

فانه بعمومه شامل للرّجعية و المبتوتة و تخصيص ما سبقه و هو قوله تعالى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ بالرجعية بالاخبار و الاجماع على ما سبق لا يوجب تخصيص هذا مع عدم المخصّص و يؤكد ايضا عموم الآية عمق الاخبار المتضافرة نحو ما في الكافي و التهذيب من صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امراته و هى حبلى قال اجلها ان تضع حملها و عليه نفقتها حتى تضع حملها و حسنة محمد بن قيس بإبراهيم بن هاشم عن ابى جعفر عليه السلام قال الحامل اجلها ان تضع حملها و عليه نفقتها بالمعروف حتى تضع حملها و رواية ابى الصباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا طلق الرجل المرأة الحبلى انفق عليها حتى تضع حملها الحديث و ما في الكافي عن حسنة الحلبى بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها الحديث و ما في الفقيه من رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها الحديث و يؤكده ايضا خصوص مفهوم بعض الاخبار كصحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المطلقة ثلثا أ لها النفقة و السّكنى قال أ حبلى

ص: 410

هى قلت لا قال فلا و مثله رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام و موقوفة سماعة كما تقدّمت هذا كله مع عدم ظهور خلاف فيها

قوله للدّوران وجودا و عدما

هذا الدّليل ذكر الشيخ رحمه الله في المبسوط و هذه عبارته قد ثبت انه اذا طلقها طلاقا بائنا فان كانت حائلا فلا نفقة لها و ان كانت حاملا فلها النفقة لمن تجب النفقة قيل فيه قولان احدهما النفقة لها لاجل الحمل و هو اصحّهما عند المخالف الثانى النفقة للحمل و هو اقواهما عندى بدليل انها لو كانت حائلا لا نفقة لها و اذا كانت حاملا وجبت النفقة فلما وجبت بوجوده و سقطت بعدمه ثبت ان النفقة له كالزوجة لها النفقة ما دامت زوجة فاذا زالت الزوجية فلا نفقة لها و كانت النفقة لاجل الزّوجية انتهى و لا يخفى ان الدوران لو تم لا يدل الا على سببية الحمل للانفاق لا على ان الانفاق للحمل و دعوى ان الدّوران في الزوجية باعتبار استحقاق الزّوجية للنفقة فكذا هاهنا يكون باعتبار استحقاق الحمل لها على ما افاده سلطان العلماء فيه ان الدوران على تقدير اعتباره لا يفيد في شي ء منهما الا السّببية و اما كون محل الانفاق هو الزوجة او الحمل فلا لكن لما انحصر المحل في الدوران الثانى في الزوجة حكم بان الانفاق لها و في الدوران الاول لما تعدد المحلّ القابل و هو الحمل و الحامل فكل منهما محتمل و لا دلالة للدوران على انه للحمل البتة فلا عبرة به فتدبّر و استدل الشيخ في المبسوط ايضا بانه لما كانت النفقة للولد اذا كان منفصلا فكك اذا كان متصلا و لا يخفى ضعفه و بانّ اصحابنا رووا انه ينفق عليها من مال الحمل فدل على انه لا يجب لها و كانه اشار الى ما روى في المتوفى عنها زوجها من رواية ابى الصباح الكنانى انه ينفق عليها من مال ولدها الذى في بطنها فان الظاهر ان الانفاق عليها من مال الولد باعتبار وجوب الانفاق على الولد من ماله و توقف ذلك على الانفاق عليها فلذا ينفق عليها من ماله فالظاهر هاهنا ايضا ان الانفاق عليها بهذا الاعتبار لا لها و سيجي ء الكلام على هذه الرّواية و انها مع ضعفها معارضة باخبار اخرى لا تصلح هى لمعارضتها ثمّ على تقدير العمل بها فغاية ما يلزم منه جواز كون الانفاق هاهنا ايضا بهذا الاعتبار لا الحكم به البتة اذ لعلّ الانفاق هاهنا باعتبار بقاء اثر الزوجية في الجملة و استغنى به عن الانفاق باعتبار القرابة فلذا لم يحكم بانفاق الولد مع حيوة الزّوج و اما مع موته فلمّا وقعت البينونة التّامة و سقطت الانفاق باعتبار الزّوجية فحكم بالانفاق عليها من مال الولد على انه لا يلزم من وجوب الانفاق على الحمل من ماله وجوب الانفاق عليه من مال ابيه فهذا يصلح شاهدا لتجويز الاحتمال الاول لا لترجيحه و لو سلم انها تصلح مرجّحا له فلا ريب انه ليس في مرتبة المرجحات التى سنشير اليها للقول الثانى فتأمل

قوله كما لو ورث اخاه

او اوصى له بشي ء فقبل ابوه

قوله و لا وارث له الحمل

او كان و لم يكن اقرب منه قوله و اجيب بمنع بطلانه فيها لا يخفى ان تخصيص عموم الآية الدّالة على وجوب انفاق الازواج عليهنّ حتى يضعن حملهنّ بعدم يسار الولد بلا دليل بمجرّد احتمال ان يكون الانفاق للحمل او بما استدلّ به عليه من الدوران مع ما علم من حاله مشكل جدّا و كذا ايجاب النّفقة على الجدّ في صورة فقر الاب مع اصالة البراءة بمجرّد ما ذكر في غاية الاشكال فالظاهر هو القول الثانى و قد استدلوا ايضا عليه بانه لو كانت النفقة للحمل لوجب نفقته دون نفقتها و لما كانت نفقتها مقدرة بحال الزوج فيجب عليه بقدره و نفقته الاقارب غير مقدرة دلّ على انه لها لان نفقة الاقارب على الكفاية و لا يخفى ان من منع بطلان التّالى في الدليلين السّابقين يمنعه هاهنا ايضا و يلزم وجوب الانفاق بقدر الكفاية من غير مراعاة حال الزّوج فان التزامه اهون من الالتزامين السّابقين كما لا يخفى لكن قوله عليه السلام في حسنة محمد بن قيس و عليه نفقتها بالمعروف كان ظاهره رعاية حال الزوج فيشكل الالتزام المذكور هذا و الشيخ رحمه الله في المبسوط اورد الادلة الثّلاثة ثمّ قال و عندنا يسقط بيساره و مقتضى المذهب انّها تجب على الجدّ فيخالف في جميع ما قالوه و لعله اشار بقوله فتخالف في جميع ما قالوه الى التزام ما الزم في الدليل الذى نقلنا ايضا لكن لم يصرّح به ثمّ ما نقلنا و اشار اليه الشارح ظهر ان ما فعله السّيد المحقق رحمه الله في شرح النّافع حيث استدلّ بالدليلين الّذين نقلها الشارح على ما اختاره من القول الثانى و تمسّك في بطلان التّالى فيهما بالاجماع ليس بشي ء فتأمل ثمّ لا يخفى انه لو كانت النفقة للحمل يلزم ان يحكم بوجوب النفقة للزّوجة النّاشزة اذا كانت حاملا و كذا بوجوب نفقة الزّوجة الحامل على اب الزّوج مع فقره و لم ار في كلامهم التعرض لذلك بل حكموا بسقوط النفقة مع النشوز مطلقا و كذا بعدم وجوب نفقة زوجة الولد على ابيه و ان كان الولد معسرا مطلقا من غير تعرض لاستثناء الحامل فيهما فتدبّر و اعلم ان السّيد المحقق رحمه الله في شرح النّافع حكم بان القول الثانى اصح لانه المستفاد من الآية فان الضمير في عليهنّ يرجع الى الحامل بغير اشكال و انت خبير بانه يجرى مثله في التمسّك بالاخبار ايضا فانه قد صرّح فيها ايضا بانّه ينفق عليها و الضمير راجع الى الحامل لكن لا يخفى ان محصّل النزاع هاهنا يرجع الى ان الحكم بانفاق الحامل هل هو لاجل الحمل بمعنى انه يجب انفاق الحمل باعتبار القرابة و لا يمكن ذلك منفردا فحكم بانفاق امّها لذلك او هو لها باعتبار اثر زوجية فيها باعتبار الحمل و الانفاق باعتبار ذلك فيكون باعتبار الزوجية لا القرابة فالنزاع في تعيين المنفق عليه انما هو في تعيين المنفق عليه بالذات اى هل المقص بالذات انفاق الحمل و الحكم بانفاق الحامل باعتبار توقف ذلك عليه او المقص بالذات انفاق الحامل باعتبار انها في حكم الزّوجة مع الحمل كالرجعيّة و على هذا فرجوع الضمير في الآية او الاخبار الى الحامل ممّا لا يجدى هاهنا اذ لا ريب ان الانفاق على الحامل لكن الخلاف فيما ذكرنا و القول بانه يستفاد من الحكم بالانفاق عليها انها المقص بالذّات دون الحمل كانه ليس بظاهر ظهورا يصلح للاستناد عليه فالظاهر ان كلا من الاحتمالين محتمل و ترجيح احدهما يحتاج الى مرجح من خارج نعم لا يبعد ان يقال ان قوله عليه السلام و عليه نفقتها في صحيحة عبد اللّه بن سنان و حسنة محمد بن قيس ظاهره ان النفقة نفقة الزوجة فهو مع المرجحات الاخرى التى اشرنا اليها كانه يصلح مرجحا للقول الثانى و اللّه تعالى يعلم

قوله و شرط مولاه الانفراد برقّ الولد

هذا الشّرط ذكره المحقق رحمه الله في شرح الشرائع و تبعه الشارح رحمه الله هاهنا و لا وجه له سواء تعلّق بالفرضين كما يشعر به اقحام الانفراد ام بالاخير و ذلك لأن بيان ثمرة الخلاف على ما قرره لا يتوقف في شي ء منهما على الاشتراط المذكور كما اشار اليه سلطان العلماء رحمه الله اذ على القول بان النفقة للحمل لا نفقة على الزوج في شي ء من الفرضين سواء اشتراط الشرط المذكور ام لا اذا العبد لا تجب عليه نفقة اقاربه و انما الفرق بين الاشتراط و عدمه في شي ء آخر و هو انه في الفرض الاول اذا شرط مولاه الانفراد برق الولد يكون تمام النفقة عليه و اذا لم يشترط الانفراد يكون مشتركا بين السّيدين و على التقديرين لا يكون على العبد و في الفرض الثانى اذا شرط مولاه رق الولد لا تكون النفقة عليه لا على العبد لانه حرّ و ابوه مملوك فالنفقة

ص: 411

على الزّوجة نفسها لكونها حرّة فعلى التقديرين لا تجب على العبد و اما على القول الثانى فلا يتفاوت الحال اصلا في صورة الاشتراط و عدمه في شي ء من الفرضين فعلى التقادير تجب النفقة في كسب العبد او ذمّة مولاه و هو ظاهر فالاولى عدم التعرض لهذا الاشتراط هاهنا كما فعله الشيخ في المبسوط لو قيّد فالتقييد بعدم الاشتراط كانه اولى اذ حينئذ يظهر ثمرة الخلاف على كلا مذهبي القول الثانى كما لا يخفى بخلاف ذلك في صورة الاشتراط اذ حينئذ لا يظهر ثمرته على المذهب الثانى منهما اذ في كلا القولين على هذا المذهب يكون تمام النفقة في ذمة المولى لكن على القول الاول باعتبار ملكه للحمل و على القول الثانى على هذا المذهب باعتبار اذنه للعبد في التزويج و وجوب تحمل ما يجيب عليه فافهم

قوله و في الآخر في كسب العبد

فان لم يكن للعبد كسب او لا يفي ء بها يتعلق الفاضل او الجميع برقية العبد او ذمّة مولاه على ما فصّلنا سابقا فتذكّر و اعلم الظاهر في هذه الفروع مع القول الثانى ابقاء لعموم الآية و الاخبار على حاله اما في الفرض الاول فظاهر اذ لا يلزم فيه تخصيص فيهما على القول الثانى بخلاف القول الأوّل اذ لا بد عليه من تخصيصهما بما اذا لم تكن الزوجة امة على الشرط المذكور و امّا في الفرضين الآخرين فلان الظاهر من الآية الكريمة و كثير من الاخبار و صريح بعضها وجوب الانفاق على الزوج و ظاهر تمام الانفاق على القول الثانى كذلك فان انفاق المولى باعتبار انها في عدّة عبده في حكم انفاق العبد كما في زمن الزّوجية و ان تعلق بكسبه فالامر اظهر فلا يلزم تخصيص في الآية و الاخبار بخلاف ذلك على القول الاوّل اذ في بعض الصور لا نفقة على الزوج و لا على مولاه كما اذا تزوج بحرّة و لم يشترط رقّ الولد و في بعضها و هو ما اذا تزوّج بالامة بدون الشرط لا يجب التمام على الزّوج و لا على مولاه و انما يجب على المولى بعضه و في بعضها و هو ما اذا تزوّج بالحرة او الامة مع الشرط و ان وجبت على المولى لكن ليس ذلك و لا في صورة الانفاق البعض من جانب العبد حتى يكون في حكم انفاقه بل باعتبار ملكه للحمل فيلزم تخصيص الآية و الاخبار فتفطن ثمّ اعلم ان ما ذكروه في هذا الفروع مبنى على انه اذا كانت النفقة للحمل و يكون الحمل مما يجب انفاقه يكون حكمه حكم المنفصل فاذا كان ملكا يجب الانفاق على مالكه لا على ابيه و اذا كان ابوه مملوكا لا يجب عليه انفاقه كالمنفصل في الموضعين و فيه تامّل اذ يجوز ان يختص الحمل بوجوب انفاقه على ابيه و ان كان مملوكا كما هو مقتضى النصوص على هذا القول لا مالكه لعدم النص عليه و على هذا فما ذكروه في الموضع الاول من انه اذا شرط مولى الحرة رق الولد و جوّزناه فالنفقة عليه لا على الزّوج ممنوع و كونه ملكا لغيره لا ينافى ذلك اذ لا نم وجوب نفقته على المالك ما لم ينفصل و كذا ما ذكروه في الفرع الثانى من انه ان جعلناها للحمل فلا نفقة على الزوج لان العبد لا تجب عليه نفقة اقاربه ممنوع أيضا اذ المسلم انّ العبد لا يجب عليه نفقة اقاربه بعد الانفصال و امّا الولد الذى لم ينفصل فلا نم عدم وجوب نفقته عليه اى على سيّده او في كسبه كما هو مقتضى عموم الآية و الاخبار و يؤيد ما ذكرنا ان الشيخ رحمه الله في المبسوط مع قوله بان النفقة للحمل و تفريعه جميع هذه الفروع قال في موضع آخر منه العبد اذا تزوج بحرة ملك ثلث تطليقات و اذا تزوج بامة ملك تطليقتين عندنا و قال قوم لا يملك الا تطليقتين مطلقا فالحرة تبين بالثالثة و الامة بالثانية عندنا و عند المخالف تبين بالثانية على كل حال فاذا بانت فاذا كانت حائلا فلا نفقة لها و اذا كانت حاملا فمن قال ان النفقة لاجل الحمل لها قال هى لها عليه لان العبد ينفق على زوجته و من قال للحمل قال لا نفقة عليه لانّ العبد لا يجب عليه نفقة روى ارحامه و قد مضى ان على مذهبنا ان النفقة للحمل فعلى هذا لا نفقة عليه و ان قلنا ان عليه النفقة لعموم الاخبار في ان الحامل لها النفقة كان قويّا انتهى و كذا ما ذكر من انه في الفرض الاول اذا شرط مولاه الانفراد او برق الولد يكون تمام النفقة عليه و ان لم يشترط تكون مشتركا بين السّيدين انما يتم على تقدير كون الحمل حكمه حكم الولد المنفصل و هو ممنوع و كذا ما ذكر في الفرض الثانى من انه اذا شرط مولاه رق الولد يكون النفقة عليه ممنوع و السّند ما ذكرناه و لو قيل ان المراد من الخلاف في ان الانفاق للحامل او للحمل محصّله ان الانفاق هل هو للحامل باعتبار خصوصية فيها او للحمل بمعنى ان الحمل ايضا مما يجب انفاقه كالمنفصل و حكمه حكم المنفصل مط و الحكم بوجوب الانفاق على الزّوج مع البينونة بهذا الاعتبار و حينئذ فيتفرّع عليه ما ذكروه و ما ذكرت من الاحتمال ايضا من الاحتمالات كون الانفاق للحامل لا للحمل اذ المراد يكون الانفاق للحمل هو ما ذكرنا من كون الحمل حكمه حكم المنفصل مطلقا فنقول حينئذ القول بكون الانفاق للحمل ضعيف جدّا اذ بمجرّد الحكم بوجوب الانفاق الزوج على الحامل في

الآية و الاخبار كيف يمكن الحكم بانه للحمل و ان حكم الحمل حكم المنفصل مطلقا حتى انه اذا وجب انفاق المنفصل على المالك وجب انفاق الحمل ايضا عليه لا على ابيه و اذا لم يجب انفاق المنفصل على ابيه لا يجب انفاق الحمل ايضا عليه مع ما فيه من المنافاة لعموم الآية و الاخبار نعم لو كان الخلاف في ان هذا الانفاق الذى هو مدلول الآية و الاخبار هل هو للحامل او للحمل لكان كل منهما محتملا لكن حينئذ لا يتم ما ذكر من الفروع نعم يتفرع عليه بعض الفروع الاخرى كما سيجي ء فانتظر

قوله و تظهر الفائدة ايضا إلى آخره

هذا ايضا من الفروع الى ما ذكرها الشيخ رحمه الله في المبسوط و حكم بان الاقوى فيه ثبوت النفقة عليه و قد ظهر مما قررنا سابقا ان قوله و من خلعها للحمل فعليه انما يتم اذا استفيد من الآية و الاخبار كون الانفاق للحمل و ان حكمه حكم المنفصل مطلقا و قد عرفت ضعفه جدا و اما اذا لم يقل به فكون الانفاق للحمل في النكاح الصحيح كما حمل عليه الآية و الاخبار لا يستلزم وجوب الانفاق على هذا الحمل و ان وجب الانفاق عليه بعد الانفصال فافهم و قد ذكر في شرح الشرائع فروعا اخرى ايضا منها انه لو لم ينفق عليها حتى مضت مدّة المدّة او مجموع فمن قال بوجوبها للحمل لا يجب قضاؤها لان نفقة الاقارب لا تقضى و من قال انها لها وجب القضاء لأنّ نفقة الزوجة تقضى و اورد عليه ان القضاء انما هو للزوجة و فيه منع و يمكن الجواب بان النفقة حق مالى و الاصل فيه وجوب القضاء خرج القريب من ذلك بدليل من خارج لانه معونة لسدّ الخلة فيبقى الباقى على الاصل و منها لو كانت ناشزا حال الطلاق او نشزت بعده فعلى القول بان النفقة لها تسقط لان المطلقة حيث تجب نفقتها يكون حكمها حكم الزّوجة تسقط نفقتها حيث تسقط نفقة الزوجة و به تجب على القول بانها للحمل لا تسقط و منها لو ارتدّت بعد الطلاق فتسقط نفقتها على الثانى دون الاول و منها ضمان النفقة الماضية فيصح على الثانى دون الاول لاستقرارها في ذمة الزوج على الثانى فيصح الضمان عنه دون الاول و لا يخفى ان هذا من فروع ما ذكره من وجوب القضاء على الثانى دون الاول فلا يحسن جعله فرعا على حدة و منها اذا مات الزوج و هى حامل فعلى الاول يسقط لان نفقة القريب تسقط بالموت و على

ص: 412

الثّانى قولان يأتيان و سنفصّل القول في هذا الفرع و التفريع انشاء اللّه تعالى و منها لو ابراته على النفقة الحاضرة كما بعد طلوع الفجر من نفقة اليوم سقطت على الثانى دون الاول لما سياتى من ثبوتها للزوجة بذلك دون القريب و هو اشارة الى ما ذكره بعد ذلك من ان المقص من نفقة الزوجة القيام بحاجتها و سدّ خلّتها فالواجب منها ان يدفع اليها يوما فيوما اذ لا وثوق باجتماع الشرائط في باقى الزمان و الحاجة تندفع بهذا المقدار فيجب دفعها في صبيحة كل يوم اذا طلع الفجر و لا يلزمها الصّبر الى الليل ليستقر الوجوب لتحقق الحاجة قبله و لانها تحتاج الى الطحن و الخبز و الطبخ اذ الواجب عليه دفع الحبّ و مئونة اصلاحه لا عين الماكول مهيئا عملا بالعادة فلو لم يسلم عليها اوّل النهار لم تنله عند الحاجة انتهى و فيه تامّل اذ لا يلزم من عدم لزوم الصّبر الى الليل لتحقق الحاجة قبله و وجوب الدفع صبيحة كل يوم بل الظاهر انه لا يجب عليه دفع شي ء منها الا وقت الحاجة اليه عادة لا صبيحة كل يوم فلو دفع عين الماكول يجب دفعها في وقت الحاجة اليه عادة و لو دفع ما يحتاج الى الاصلاح و امكنها اصلاحه و كانت من اهله يجب دفعة قبله بقدر ما يتيسّر لها عادة اصلاحه لكن وجوب التقديم عليه حينئذ وجوب شرطى لا شرعى اذ لا يلزم عليه دفع ذلك بل يمكنه دفع عين الماكول مثلا و على هذا فالحكم بوجوب دفع النفقة عليه صبيحة كل يوم وجوبا شرعيّا مما لا وجه له و لا يخفى ان نفقة الاقارب أيضا كذلك و لا فرق بينهما في هذا المعنى لكن ما ذكره من ثمرة الخلاف لا يتوقف على ما ذكره بل يكفى فيها ان يقال انه اذا ابراته عنها وقت الوجوب و هو وقت الحاجة على ما ذكرنا سقطت على الثانى لانه ابراء ممن له الحق دون الاول لانه ابراء من غير من له الحق فتأمل و منها لو سلم اليها نفقة ليومه فخرج الولد ميتا في اوّله لم يسترد و ان قلنا لها و لا استردت و يحتمل استردادها على التقديرين و الاحتمال الذى اشار اليه كانه باعتبار ان الانفاق على الحامل أيضا بسبب الحمل و على هذا فيمكن ان يقال ان وجوب الانفاق عليها صبيحة كل يوم انما هو بناء على الظاهر من بقاء الحمل فبعد خروجه يعلم عدم وجوبه في نفس الامر فيسترد ثمّ ما ذكره بناء على ما حققه و اما على ما ذكرنا فينبغى ان يقال اذا سلم اليها نفقة وقت الحاجة اليها و خرج الولد عنده قبل صرفها لم يسترد اه و على الوجهين لا حاجة الى تخصيص الخروج بالخروج ميتا كما لا يخفى ثمّ الظاهر انه يتفرّع أيضا على القولين جواز الاسترداد النفقة المدفوعة اليها اذا لم يصرفها و ان انقضت مدّتها المضروبة لها بان عاشت من مال نفسها او بنفقة ثالث على القول بانه للحمل و عدم جواز الاسترداد و على القول بانه لها فان النّفقة على الاقارب ليس على وجه التمليك بل للامتاع فاذا تمتع بنفقة اخرى يجوز له استرداد ما اعطاها بخلاف نفقة الزّوجة فانها على وجه التّمليك فلا يسترد الا اذا دفع اليها نفقة مدة و خرج عن الزّوجية قبل انقضائها فيجوز استرداد ما بازاء المدة الباقية لا التى مضت و ان لم يصرفها فتدبّر و منها وجوب الفطرة ان قلنا انها للحامل دون الحمل و يحتمل الوجوب مطلقا لانها منفق عليها حقيقة على القولين فكيف لا يجب فطرتها و لا يخفى قوة ما ذكره من الاحتمال و منها لو اتلفها متلف بعد قبضها وجب بدلها ان قلنا للحمل و لم يفرط و لو قلنا لها لم يجب و لا يخفى ان في صورة التفريط بل فيما اتلفه نفسها أيضا يمكن وجوب البدل عليه اذا كانت للحمل لان الواجب عليه الانفاق عليه و لم يحصل بدفعه اليها فلا وجه لسقوطه عنه نعم عليها ضمان ما فرطت فيه او اتلفته فمع ايسارها يمكن اجبارها على الانفاق على نفسها لذلك و مع اعسارها تثبت في ذمتها الى ان ايسرت و يمكن ان يقال في الجميع انه لم يؤمر الّا بالانفاق عليهن و لو للحمل و قد حصل الامتثال فلا يجب البدل فتأمل هذه هى الفروع التى ذكرها في شرح الشرائع و قال الى غير ذلك من الفوائد المترتبة على القولين و لعلّ منها ما اذا اعتق الحامل و استثنى الحمل فعلى الاوّل يجب على المالك الانفاق عليها للحمل و على الثانى لا يجب و منها ما اذا بيع الحامل و

استثنى الحمل اذا جوّزناه كما هو المشهور فلو كانت النفقة للحمل يجب على البائع الانفاق له و لو كانت لها لم يجب لكن حينئذ كما يجب انفاق الحمل على البائع كذلك يجب انفاق الحامل على المشترى فهل يحكم بالسّقوط عن احدهما او بالاشتراك بينهما لم اقف في كلامهم على التعرض لذلك و هذا بناء على ما فرعوا عليه الفروع السّابقة من انها اذا كانت للحمل كان حكم الحمل حكم المنفصل مطلقا و اما على ما ذكرنا من انّه على القول الاول أيضا لا نحكم الا بوجوب الانفاق على الحمل في هذه المدة لا مطلقا فيسقط الفرعان فتأمل

قوله و لو انهدم المسكن إلى آخره

هذا و اكثر الفروع التى ذكرت بعده بناء على ما هو المشهور من حمل الآية و الاخبار على المنع عن الاخراج عن خصوص البيت الذى طلقت و هى فيه و اما على تقدير الحمل على الوجوب الاسكان كما في زمن الزوجية فيسقط كلها اذ حينئذ يجوز الاخراج الى مسكن يناسبها و ان لم ينهدم و لم يكن مستعارا و لا مستاجرا انقضت عدّتها و كذا لا يجب تجديده مع الامكان و لا تحرى الاقرب فالاقرب و كذا الاخراج الى مسكن آخر مناسب لا يتوقف على كون الاول غير مناسب و لا تجب تحرى الاقرب فالاقرب فتدبّر

قوله و لو مات فورث المسكن جماعة إلى آخره

هذا الحكم ذكره الشيخ رحمه الله في المبسوط و هذه عبارته اذا طلق زوجته فاستحقت السكنى في منزله المملوك له ثمّ مات المطلق في اثناء العدة و ورثه جماعة من الورثة فليس لهم ان يقتسموا الدّار حتى تنقضى عدّة المطلّقة لانها استحقت السكنى في الدّار على الصّفة التى هى عليها فاذا قسمت كان في قسمتها ضرر عليها فلم يجز ذلك كما لو اكترى جماعة دارا من رجل ثمّ ارادوا قسمتها لم يكن لهم ذلك لان المستاجر استحق منفعتها على صفتها و في قسمتها ضرر عليه انتهى مع انه قال فيه أيضا بعده بلا فصل ان المتوفى عنها زوجها لا تستحق النّفقة بلا خلاف و لا تستحق عندنا السّكنى و قال بعضهم اى بعض العامة تستحق و لما كان بين الحكمين منافاة حمل جماعة من الاصحاب كالمص ره و قبله المحقق و العلامة الحكم الاول على ما اذا كانت الزّوجة حاملا و قيل بالسّكنى لها مع موته كما ذهب اليه الشيخ رحمه الله في يه و اورد عليه الشارح في شرح الشرائع بانه على القول بوجوب نفقتها اذا كانت حاملا كما ذهب اليه الشيخ فانما يجب من نصيب الحمل على ما صرّح به الشيخ و الرواية الّتى هى مستند الحكم لا من مال الميّت مطلقا و الفرض في المسألة تعدّد الوارث و حينئذ فلا تتقدم بحق السكنى على ارثهم من المسكن اذ لا حق لها في نصيبهم بل في نصيب الحمل منه خاصة فلا يتم تقديمها بالمسكن مطلقا و لا تفريع عدم جواز القسمة بل غايته ان تطلب السّكنى من حق ولدها كما تطلب النفقة و ذلك لا ينحصر في مسكن الطلاق و انما هذا حكم مختصّ بالمطلقة حيث تستحق ذلك على الزوج قال و الاصل في هذه المسألة ان مذهب بعض الشافعيّة وجوب السّكنى في عدّة الوفاة كما تجب في غيرها من العدد البائنة و الرجعيّة و لا يخصون بالرّجعية كما يذهب اليه اصحابنا و جعلوا حق السّكنى من التركة و عليه يتفرّع ما ذكر هنا فتابعهم الشيخ

ص: 413

في العبارة من غير تقييد بما يناسب مذهبه و قيّدها المصنف العبارة بكونها حاملا و ذلك يتمّ في استحقاق اصل السكنى لا في صفتها للفرق بين سكنى المطلقة و المتوفى عنها زوجها الحامل على ما رايت انتهى و لا يبعد ان يكون بناء حكم الشيخ على ان المطلقة الرجعيّة اذا مات عنها زوجها لم يسقط حقها من النفقة و السّكنى استصحابا لما ثبت حتى يثبت خلافه و ما ذكره من ان المتوفى عنها لا النفقة و لا سكنى لها عندنا يحمل على ما اذا لم تكن مطلقة رجعيّة و حينئذ فلا حاجة الى التقييد بالحامل و لا يتوجّه عليه اشكال اللّهمّ الا ان يثبت الاجماع على انه تسقط النفقة و السكنى للمطلقة أيضا بعد الموت و اللّه تعالى يعلم

قوله حيث تنافى القسمة سكناها

اى على الوجه اللائق بحالها و ان لم تناف سكناها مطلقا و اما اذا فرض المسكن زائدا عليها بحيث يمكنها السكنى في بعض الاقسام بلا تفويت شي ء من حقها فلا منع من القسمة كما اشار اليه الشارح سابقا ان المنزل ان كان فوق حقها فللزوج اخراجها الى المناسب مع انه هاهنا لا يلزم الاخراج بل يمكن ان تسكن في بعض الاقسام بلا اخراج و لا يبعد حمل ما اطلقه الشيخ رحمه الله أيضا على هذا فانه كما نقلنا قيد بقوله فاستحقت السكنى في منزله المملوك له و فيما كان زائدا عليها لا يستحق السكنى فيه بل في بعضه هذا و يمكن ان يكون غرض الشارح الاشارة الى ما ذكره في شرح الشرائع من انه لا يمكن قسمتها اذا ترتب عليها تغيير صورتها باقامة الحدود و الجدران اما لو ارادوا التمييز بخطوطه ترسم من غير نقص و بناء فلا منع منه

قوله كما هو احد القولين في المسألة

المشهور بين متأخّري الاصحاب انه لا نفقة للمتوفى عنها زوجها سواء كانت حاملا او حائلا و قال الشيخ في يه انها اذا كانت حاملا انفق عليها من نصيب ولدها الذى في بطنها و نقله العلامة في المختلف عن ابن الجنيد و الصدوق في الفقيه و المقنع و ابى الصّلاح و ابن البرّاج و ابن حمزة ايضا و قال الشيخ في المبسوط المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها حاملا كانت او حائلا بلا خلاف و قال بعض الصّحابة انها اذا كانت حاملا كان لها النفقة و روى اصحابنا ان لها النفقة اذا كانت حاملا من نصيب ولدها الّذى في بطنها و هذا يحتمل وجهين احدهما و هو الاظهر ان يكون مراده بما ذكره اولا و ادعى عدم الخلاف فيه اى بين الاصحاب هو عدم ثبوت النفقة لها من اصل التركة فلا ينافى ما نسبه ثانيا الى الرواية و لا ان يكون مقتضى الرّواية مذهبا له كما اختاره في يه و ثانيهما ان يكون مراده عدم الخلاف بين الاصحاب في انه لا نفقة لها مطلقا و مراده بذكر الرواية الاشارة الى ورود رواية بخلاف ما اتفقوا عليه و ما اختاره في النّهاية و ذهاب بعض الاصحاب قبله اليه كانه لا ينافى ذلك اذ مثله في كتبه رحمه الله ليس بعزيز و كيفما كان فالسكنى في حكم النفقة هذا حجة القول الاول ما رواه في الكافي و التهذيب في الحسن بإبراهيم عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال في الحبلى المتوفى عنها زوجها انه لا نفقة لها و ما رواه فيها عن ابى الصّباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و ما رواه في التهذيب عن زيد ابى اسامة عنه عليه السلام و حجة القول الثانى ما رواه في الكافي و التهذيب و الفقيه عن ابى الصّلاح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذى في بطنها و لا يخفى انه و ان امكن الجمع بين الرّوايات بحمل الاولى على انه لا نفقة لها من اصل التركة فلا ينافى هذه الرّواية لكن اثبات مثل هذا الحكم المخالف للاصل بهذه الرواية مع ان في سندها محمد بن الفضيل و الظاهر انه الضّعيف بل جزم به المحقق رحمه الله في النكت مشكل جدا خصوصا مع معارضتها لظاهر الروايات الاولى مع ان فيها ما هو ارجح سندا و منها ما اتفق معها في السند و هو رواية ابى الصّباح و روى في الكافي و التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله و هذه الرواية بظاهرها ينافى كلا من المذهبين و جميع الرّوايات و حملها الشيخ في كتابى الاخبار على انها ينفق عليها من مال الولد اذا كانت حاملا قال و الولد و ان لم يجز له ذكر جاز لنا ان نقدره لقيام الدليل عليه كما يقدر في مواضع كثيرة من القرآن ثمّ استشهد برواية ابى الصباح التى نقلناها اولا و هو ما رواه في الصحيح عن احدهما عليه السلام قال سألته عن المتوفى عنها زوجها أ لها نفقة قال لا ينفق عليها من مالها و لا يخفى انه و ان امكن الجمع بين الرّوايات بحمل الاولى على الحامل على ما ذكره الشيخ و الثانية على غيرها لكن اثبات الحكم المخالف للاصل بمجرّد احتمال هذا الجمع مع بعده جدا و ضعف سند الرواية الشاهدة له في غاية الاشكال على انه لا يبعد ان يكون من مالها موافقا للرواية الاخرى فحرفت من احد من الرّواية او الناسخين الى ماله و مثل هذه التحريفات و ازيد منه في الاخبار اكثر من ان تحصى و أيضا يمكن حمل الصحيحة الاولى على التقية لموافقتها لمذاهب بعض العامة كما ظهر مما نقلنا عن المبسوط و يمكن حملها أيضا على المطلقة الرجعية التى توفى عنها زوجها بناء على الاحتمال الذى ذكرنا في توجيه كلام الشيخ من ثبوت النفقة و فيها من مال الزّوج للاصحاب و امّا ما رواه في الفقيه و التهذيب عن السّكونى عن جعفر عن ابيه عن علىّ عليهم السلام قال في نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من المال جميع حتى تضع و مع ضعفها بالسكونى العامى كما هو المشهور تحمل امّا على التقية و هو او على الاظهر المطلقة الرجعية التى توفى عنها زوجها على الاحتمال الذى ذكرنا في توجيه كلام المبسوط و حينئذ تحمل على انه اتفق فيه هذا القول في الحامل لا ان للحمل دخلا فيه او تحمل أيضا على مال الولد و يقال ان ذكر الجميع للاشارة الى انها من

جميع مال ولدها لا من خصوص نصيبه من ارث ابيه و حملها الشيخ في التهذيب على ان يكون محمولا على الاستحباب اذا رضى الورثة بذلك او على ان يكون الوجه فيه ان ينفق عليها من جميع المال لان نصيب الحمل لم يتميّز بعد و انما يتميّز اذا وضعت فيعلم اذكر هو ام انثى فحينئذ يعزل ماله فاذا تميز اخذ منه ما انفق عليها ورد على الورثة و قال ابن ادريس رحمه الله في السرائر و لا نفقة للمتوفى عنها زوجها اذا كانت حائلا بلا خلاف و ان كانت حاملا انفق عليها عندنا خاصة من مال ولدها الذى يعزل له حتى تضع على ما روى في بعض الاخبار و ذهب اليها شيخنا ابو جعفر في جميع كتبه و الذى يقوى في نفسى و يقتضيه اصول مذهبنا ان لا ينفق عليها من المال المعزول لانّ الانفاق حكم شرعى يحتاج الى دليل شرعى و الاصل ان لا انفاق و أيضا النفقة لا تجب للوالدة الموسرة و هذه الأمّ لها مال فكيف تجب النفقة عليها فان كان على المسألة اجماع منعقد من اصحابنا قلنا به و الا بقينا على نفى الاحكام الشرعية الّا بادلة شرعية و ما اخترناه و حرّرناه مذهب شيخنا محمد بن محمد بن النعمان المفيد في كتابه التمهيد فانه قال ان الولد انما يكون له مال عند خروجه الى الارض حيّا فاما فهو جنين فلا يعرف له موت من حيوة فلا ميراث له و لا مال على الايقان فكيف ينفق على الحبلى من مال من لا مال له لو لا السّهو في الرّواية او الادخال فيها انتهى و ما ذكره ابن ادريس رحمه الله من التمسّك بالاصل متجه و اما ما ذكره من ان النفقة لا تجب للوالدة الموسرة الى آخره ففيه ان الانفاق ربما كان للحمل لا للحامل فيندفع ما ذكره و اما ما نقله

ص: 414

من شيخنا المفيد من ان الجنين لا مال فيندفع بما اشار اليه ابن ادريس رحمه الله من ان المراد بمال الولد ما يعزل له من النصيب اجماعا فانه ملك له متزلزلا مشروطا بوضعه حيّا فان ولد حيّا فذاك و الا فيذهب ما انفق من الجميع كما لو انفق على الولد المنفصل ثمّ مات و بقي المال لباقى الورثة و بالجملة لو صحت الرواية لكان الامر فيما ذكراه هاهنا فليس الكلام الا في ذلك و قال العلامة رحمه الله في المختلف بعد نقل ما نقلناه عن ابن ادريس رحمه الله و التحقيق ان نقول ان جعلنا النفقة للحمل فالحق ما قاله الشيخ و ان جعلناها للحامل فالحق ما قاله المفيد انتهى و كان مراده ان النزاع هاهنا ينبغى ان يتفرع على الخلاف في الآية الشريفة ان الانفاق فيها للحمل او للحامل فان كان للحمل و الحمل مما يجب انفاقه فالحق ما اختاره الشيخ في يه من وجوب الانفاق عليه من نصيبه فانه اذا وجب الانفاق عليه كالمنفصل فليس شي ء اولى به من نصيبه كما في المنفصل و الرواية تصلح حينئذ مؤيدا للحكم و ان كان للحامل فالحق ما قاله المفيد اذ لا يمكن الحكم بوجوب الانفاق على الام من مال ولدها بمجرد هذه الرّواية مع عدم صحة سندها و هذا أيضا مثل من الفروع التى ذكرنا انها مبنيّة على حمل القول بانها للحمل على ان الحمل حكمه حكم المنفصل مطلقا و قد عرفت ما فيه و انه لا يلزم من الحكم بوجوب انفاق الاب على الحمل الحكم بوجوب الانفاق عليه مطلقا حتى من ممالكه كذا او من نصيبه على ان الام أيضا مما يحتاج الى النفقة كالولد و نفقتها على نفسها فالحكم في الحامل بوجوب كل النفقة من مال الولد و السّقوط عن الأمّ بدون مستند يصلح الاعتماد ممّا لا وجه له هذا و امّا ما ذكره السّيد المحقق في شرح النّافع من ان ما ذكره رحمه الله بعيد عن التحقيق اذ ليس في الروايات المتضمنة لهذا الحكم دلالة على ان النفقة للحمل بوجه و انما المستفاد منها انه ينفق على الحامل من نصيب الحمل فان وجب العمل بها تعيين المصير الى هذا الحكم مطلقا و ان رجّح ردّها اما لقصورها من حيث السّند او الدلالة او لما ذكره المفيد رحمه الله من ان الحمل لا مال له وجب نفى هذا الحكم رأسا كما ذكره المفيد و ابن ادريس و اما التفصيل فلا وجه فلا يخفى عليك ما فيه بعد ما قررنا من مراد العلّامة رحمه الله فان مراده كما ذكرنا انه ان قيل في تلك المسألة بان النفقة للحمل فهو يكفى للحكم بوجوب النفقة هاهنا أيضا من نصيبه و ان لم تكن رواية فكيف معها و ان قيل انها للحامل فلا يمكن الحكم بالوجوب هاهنا اذ لا يستفاد ذلك حينئذ من الآية الكريمة و الرواية لعدم صحتها لا تنهض حجة و على هذا فالقول انه ليس في الروايات المتضمّنة لهذا الحكم دلالة على ان النفقة للحمل بوجه لا يضر بالتفصيل الذى ذكره بل بعد ما حقق في تلك المسألة ان النفقة للحمل حكم هاهنا أيضا بانها له و لا يلزمه استفادة ذلك من هذه الرّوايات و ان اراد ان الرّوايات لا يمكن حملها على ان النفقة للحمل للتصريح فيها بانه ينفق على الحامل فضعفه ظ اذ الانفاق على الحامل يحتمل ان يكون لها لنفسها و ان يكون لحملها و كونه بحيث لا يمكن الانفاق عليه بالاستقلال فلذا ينفق عليها له كما ذكرنا سابقا فتذكّر و بعد ما احطت خبرا بالاقوال في هذه المسألة علمت ان تفريعها على نفقة الحامل على ما نقلنا من شرح الشرائع في الفروع التى ذكرها من انه اذا مات الزوج و هى حامل فلو كانت للحمل تسقط لسقوط نفقة القريب بالموت و لو كانت للحامل فقولان محل تامّل اذ القول بانها للحمل يوجب سقوط النفقة من اصل التركة لا من نصيب الولد و القولان من الاصحاب هما السّقوط و ثبوتها من نصيب الولد فكونها للحمل لا يوجب الحكم بالسّقوط و لذا ترى الشيخ مع قوله بانها للحمل ذهب الى الثبوت فالظاهر في التفريع ما ذكرنا نعم على طريقة العامة و هى السّقوط و الثبوت من اصل التركة يمكن ان يقال انه مبنى على القولين فعلى الاول تسقط و على الثانى يحتمل الثّبوت و السّقوط ان يكون الخلاف في كل منهما قول فتأمل

قوله و اشهر الرّوايتين إلى آخره

لا يخفى ما في كلامه رحمه الله هاهنا من الايجاز المخل حيث اشار الى احد القولين و لم يبين ان النفقة و السكنى فيه هل هى من اصل التركة او من مال الولد بل ظاهر كلامه انها من التركة مع انّه ليس كذلك ثمّ طوى ذكر القول الثانى و ذكر اشهر الروايتين باللفظ الموهم ان في المسألة روايتين مع تعدد الروايات كما نقلنا و اعرض عن الرواية الاخرى ثمّ نقل عن المختلف الجمع بين الاخبار بما نقله و ظاهر انه قول ثالث مع ان احد القولين و هو الذى اشار اليه ليس الا ذلك و لم يشر الى التصريح في احدى الروايتين بما نقله من كون النفقة من مال الولد مع انه العمدة في الباب و لعل ما ذكرناه بعض ما فيه من القصور و العبارة تقصر عن بيانه كما هو ثمّ ما نسبه من الجمع الى المختلف ليس الا ان في المختلف نقل عن الشيخ ما نقلنا عنه من تاويله لصحيحة محمد بن مسلم و هو أيضا كما ترى فتفطن

قوله و لا سكنى مطلقا

ظاهر ان الرواية تصريحا بالاطلاق و ليس كذلك ثمّ العبارة يوهم ان الاطلاق بالنسبة الى الحامل و غيرها و ليس كذلك بل المراد ان اشهر الروايتين اطلق انه لا نفقة للحامل المتوفى عنها زوجها و لا سكنى اى و في حكمها السّكنى و الا فالسكنى لم يذكر صريحا فافهم

قوله و تعتدّ زوجة الحاضر إلى آخره

مقتضى العبارة و كذا بعض العبارات الاخرى من الاصحاب الفرق بين زوجة الحاضر و الغائب بان الاولى تعتدّ من حين السبب مطلقا و الثانية تعتد في الطلاق من حين السّبب و في الوفاة من حين بلوغ الخبر و على هذا فقول الشارح و ان لم تعلم به ظاهره انه جار في الوفاة أيضا و الحاضر تعتد من حين الوفاة لا من حين العلم بها و فيه اشكال لان العلة المنصوصة في الغائب و هى الحداد تجرى في الحاضر أيضا مع عدم العلم و ليس في الاخبار ما يفيد تخصيصها بالغائب و تخصيص الغائب بالذكر فيها لا يفيد ذلك اذ يمكن ان يكون ذلك باعتبار ان في الحاضر فلمّا يتفق الفصل بين الموت و العلم به بخلاف ذلك في الغائب لا لانه لو فرض وقوع ذلك في الحاضر لم يكن حكمه حكم الغائب و يمكن ان يكون نظر المصنف و الشارح أيضا هاهنا الى ذلك و لم يكن الغرض الفرق بين الحاضر و الغائب بل الفرق بين عدة الوفاة و الطلاق كما يرشد اليه بعض عبارات الاصحاب لكن في الحاضر لما تقارن الوفاة و العلم بها عادة فلذا حكم فيه بانها تعتدّ من حين السّبب مطلقا بخلاف ذلك في الغائب ففصّل فيه هذا في الوفاة و امّا في الطلاق و الفسخ فكثيرا ما يقع في الحاضر أيضا الفصل بين وقوع السّبب و العلم به فلذلك استدرك الشارح رحمه الله ذلك فيهما و قال و ان لم تعلم به و مما يؤيّد هذا انه رحمه الله لم يذكر الوفاة مع الطلاق و الفسخ مع انه لو كان حكمها حكمها لكان احرى بالذكر ليظهر الفرق بين الحاضر و الغائب و الّا فلا فرق بينهما فيهما فافهم

قوله و ان لم يثبت شرعا

و ذلك لان في الاخبار علق اعتدادها ببلوغ الخبر و هو اعم مما يثبت به شرعا و يشكل ذلك بانه اذا كانت العلة وجوب الاحداد فكيف تحد بمجرّد بلوغ الخبر و تقصد به الوجوب و لو قيل ان وجوب الحداد ليس على حدّ الواجبات الاخرى بل يكفى فيه وقوعه و ان لم يكن بقصد الوجوب و يكفى في ايقاعه بلوغ الخبر فنقول حينئذ يمكن ان يقع الحداد اتفاقا من دون بلوغ الخبر و يمكن أيضا ان تحد

ص: 415

بمجرّد الاحتمال من دون بلوغ الخبر حتى ان بلغها الخبر لم يجب عليها تربّص ايام العدة فلم لا يحكم باعتدادها حينئذ من حين وقوع السّبب و يمكن دفعه بانه اذا وقع النّص باعتدادها من حين بلوغ الخبر فلا عبرة بما ذكر اذ يجوز ان يعتبر شرعا احدادها بعد بلوغ الخبر و ان لم تقصد الوجوب دون ما اذا لم يبلغ خبر اصلا و يجوز أيضا ان يجب عليها الحداد بمجرّد بلوغ الخبر و ان لم يثبت شرعا و حينئذ فلا اشكال لكن يبقى ان الاخبار كما سننقلها ليس بصريح في كفاية بلوغ الخبر مطلقا بل لا يبعد كثيرا حملها على بلوغ الخبر الذى يكون حجة شرعا و بالجملة فلا ريب ان الاحوط رعاية ذلك و الاعتداد من حين بلوغ الخبر الذى يكون حجة شرعا ثمّ على ما ذكروه لو ظهر صدق الخبر فذاك و ان ظهر حياته لغت تلك العدة فان ظهر موته بعد ذلك فعليها عدة اخرى و ان ظهر موته لكن بعد ذلك و بعد انقضاء ايام اعتدادها ففى الاكتفاء بتلك العدة او استيناف عدة اخرى وجهان و كذا الوجهان لو ظهر موته في اثناء اعتدادها مع زيادة وجه آخر هو البناء على ما وقع من عدتها بعد الموت و اتمامه تمام العدة و الاحوط في الصّورتين الاستيناف هذا اذا كان وصول الخبر الثانى اليها بعد موته اربعة اشهر و عشرا و الا فلا ريب في وجوب التربّص بقيّة المدة و يحمل الاستيناف و هو احوط و لم اقف في كلامهم على التعرض لهذا الفرع و هو يجرى في بلوغ الخبر بالبيّنة الشرعية أيضا لجواز السّهو و الغلط بل الكذب فيها أيضا فتأمل و اللّه تعالى يعلم

قوله لكن لا يجوز لها التزويج الا بعد ثبوته

و لو بادرت بعد انقضاء العدّة فنكحت بالخبر قبل ثبوته وقع العقد باطلا ظاهرا ثمّ ان تبيّن بعد ذلك صحة الخبر او موته قبل العدّة و ان كذب الخبر ظهر صحة العقد في نفس الامر و لم يفتقر الى تجديده فلا فرق في ذلك بين كونه عالما بتحريم الفعل قبله و عدمه و ان اثم في الاول كذا في شرح الشرائع و ذكر السّيد المحقّق في شرح النافع انه اذا كان جاهلين بالتحريم لم يبعد الحكم بصحة العقد لقصدهما على هذا التقدير الى ايقاع العقد و اجتماع شرائط الصحّة و اما مع العلم بالتحريم فينبغى القطع بالفساد لانتفاء القصد الى العقد الصحيح و فيه ان العلم بالتحريم لا يستلزم انتفاء القصد الصحيح ما لم يعتقد البطلان نعم مع اعتقاد البطلان أيضا ينبغى القطع بما ذكروه و اما اذا لم يعتقد البطلان لكونهما جاهلين بالمسألة او لتجويزهما صحة الخبر فبادرا الى العقد بقصد انه ان صح الخبر صح العقد و الا فلا فالحكم ببطلانه لا يخلو عن اشكال و هذا الفرع يجرى في صورة بلوغ الخبر بالطلاق أيضا بدون ثبوته اذا اعتدت ثمّ بادرت الى النكاح ثمّ ظهر صحة الخبر او لم تعتد لكن ظهر وقوع النكاح بعد الموت و انقضاء العدة و لا يخفى انه لو صح العقد بمثل الاحتمال الذى ذكرنا يلزم تجويز صحة العقد قبل بلوغ الخبر أيضا اذا وقع بمجرد احتمال وقوع الطّلاق و انقضاء العدة ثمّ ظهر كون الامر كذلك و هو في غاية الاشكال ثمّ لو فرض دخول الزّوج الثانى قبل العلم بالحال ثمّ ظهر ثبوت الخبر بالموت او الطلاق على ما ذكر من الفرضين لم تحرم عليه بذلك و ان كان قد سبق الحكم به ظاهرا لتبين انتفاء السّبب المقتضى للتحريم و اللّه تعالى يعلم

قوله و الفرق مع النص إلى آخره

النصوص الدّالة على ذلك كثيرة امّا ما يدل على ان في الطلاق تعتد من حين الطلاق فمنها ما رواه في الكافي و التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال ابو جعفر عليه السلام اذا طلق الرجل و هو غائب فليشهد على ذلك فاذا مضى ثلاثة اقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدّتها و منها ما رواه فيها في الحسن بإبراهيم عن زرارة و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن ابى جعفر عليه السلام انه قال في الغائب اذا طلق امراته انها تعتد من اليوم الذى طلقها و منها ما رواه فيها في الحسن بإبراهيم عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يطلق امراته و هو غائب عنها من اى يوم تعتد فقال ان قامت لها بيّنة عدل انها طلقت في يوم معلوم و تيقنت فلتعتد من يوم طلقت و ان لم تحفظ في أيّ يوم و في اى شهر فلتعتدّ من يوم يبلغها و منها ما رواه فيها في الموثق عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المطلقة يطلقها زوجها و لا تعلم الا بعد سنة فقال ان جاء شاهدا عدل فلا تعتد و الا فلتعتد من يوم يبلغها و منها ما رواه فيهما عن زرارة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امراته و هو غائب متى تعتد فقال اذا قامت لها بينة انها طلقت في يوم معلوم و شهر معلوم فلتعتد من يوم طلقت و ان لم تحفظ في أيّ يوم و أيّ شهر فلتعتد من يوم يبلغها و منها ما رواه في الكافي في الحسن بإبراهيم عن ابن ابى نصر عن ابى الحسن الرّضا عليه السلام قال في المطلقة اذا قامت البيّنة انه قد طلقها منذ كذا و كذا فكانت عدتها قد انقضت فقد بانت و منها ما رواه فيه عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا طلق الرجل امراته و هو قائم و قامت البينة على ذلك فعدتها من يوم طلق و منها ما رواه فيه عن ابى الصّباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا طلق الرّجل و هو غائب فقامت لها البيّنة انه طلقها في شهر كذا و كذا اعتدت من اليوم الذى كان من زوجها فيه الطلاق و ان لم تحفظ ذلك اليوم اعتدت من يوم علمت و امّا ما يدل على ان في الوفاة من حين بلوغ الخبر فما رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام في الرّجل يموت و تحته امرأة و هو قائم قال تعتد من يوم تبلغها وفاته و ما رواه فيهما في الحسن بإبراهيم عن زرارة و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن ابى جعفر عليه السلام انه قال في الغائب عنها زوجها اذا توفّى قال المتوفى عنها تعتد من يوم يأتيها الخبر لانها تحد عليه و ما رواه فيهما في الحسن بإبراهيم عن ابن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال المتوفى عنها زوجها تعتد حين يبلغها لانها تريد ان تحد عليه و في التهذيب له بدل عليه و ما رواه فيهما عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال ان مات عنها يعنى و هو غائب فقامت البيّنة على موته فعدتها من يوم يأتيها الخبر اربعة اشهر و عشرا لان عليها ان تحد عليه في الموت اربعة اشهر و عشرا فتمسك عن الكحل و الطّيب و الاصباغ و ما رواه فيهما عن ابى الصّباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال التى يموت عنها زوجها و هو غائب فعدتها من يوم يبلغها ان قامت البيّنة او لم تقم و ما رواه في الكافي في الصحيح او الحسن عن الحسن بن زياد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال في المرأة اذا بلغها نعى زوجها قال تعتدّ من يوم يبلغها انها تريد ان تحد له و ما رواه فيه عن رفاعة قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المتوفى عنها زوجها و هو غائب متى تعتد فقال يوم يبلغها الحديث و يدل على الحكمين جميعا ما رواه في التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا طلق الرّجل المرأة و هو غائب فلا تعلم الا بعد ذلك بسنة او اكثر او اقل فاذا علمت تزوّجت و لم تعتد و المتوفى عنها زوجها و هو غائب تعتد يوم يبلغها و لو كان قد مات قبل ذلك بسنة او سنتين و اعلم ان جمعا من الاصحاب كالمحقق رحمه الله في

الشرائع اطلق الحكم بانه لو علمت وقت الطلاق اعتدت منه و ان لم تعلم الوقت اعتدت عند البلوغ و قد سبق

ص: 416

في الاخبار ما يدلّ عليه و ذكر الشارح رحمه الله في شرح الشرائع انه انما تعتد من حين البلوغ حيث تجهل وقته على تقدير الجهل به بكل وجه فلو ثبت طلاقه في بلد و لم يعلم الوقت لكن علم ان وصول هذا الخبر من ذلك البلد لا يمكن في اقل من مدة كذا احتسب تلك المدة و يختلف ذلك بقرب البلاد و بعدها و سرعة حركة المخبر و بطؤها و بالجملة فكل وقت يعلم تقديم الطّلاق عليه يحتسب من العدّة و ما ذكره و ان كان خلاف ظاهر الاخبار لكنه قريب من حيث الاعتبار و لعلّه يمكن تنزيلها أيضا عليه بان تحمل اقامة البيّنة على انها طلقت في يوم معلوم على ما يعم كونها مطلقة في يوم معلوم بناء على شهادتهم و ان لم يكن يوم وقوع الطلاق فتأمل

قوله و قيل تشتركان في الاعتداد من حين بلوغ الخبر

هذا قول ابى الصّلاح على ما نقله عنه في المختلف و شرح الشرائع محتجا بكون العدة من عبادات النساء و افتقار العبادة الى نيّة تتعلّق بابتدائها و فيه مع اندفاعه بالاخبار المستفيضة على ما نقلنا منع كون العدة عبادة ثمّ كون كل عبادة مفتقرة الى نيّة و امّا ما ذكره الشارح رحمه الله من ان به روايات فكانه اشتباه منه رحمه الله اذ ليس في الروايات ما يدل عليه اصلا و لم يحتج له احد بالرّواية نعم هاهنا قول آخر ذهب اليه ابن الجنيد على ما نقله في شرح الشرائع و هو التّسوية بينهما في الاعتداد من حين الموت و الطلاق ان علمت الوقت و الا فمن حين يبلغهما فيهما و يدلّ عليه من الروايات ما رواه في التهذيب عن الحسن بن زياد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المطلقة يطلقها زوجها فلا تعلم الا بعد سنة و المتوفى عنها زوجها و لا تعلم بموته الا بعد سنة قال ان جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان و الا تعتدان و ما رواه في الصحيح عن عبد اللّه عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له امراة بلغها نفى زوجها بعد سنة او نحو ذلك قال فقال ان كانت حبلى فاجلها ان تضع حملها و ان كانت لست بحبلى فقد مضت عدتها اذا قامت لها البيّنة انه قد مات في يوم كذا و كذا و ان لم تكن لها بيّنة فلتعتد من يوم سمعت و لا يخفى انه يمكن الجمع بين الاخبار بحمل الاعتداد من حين البلوغ في الروايات السابقة في المتوفى عنها زوجها على الاستحباب و على هذا فقول ابن الجنيد لا يخلو عن قوة لصحة الرواية الاولى خصوصا على ما هو المشهور بين الاصحاب من ان ترك الحداد عمدا و ان حرم لا يخل بالعدّة و لا يوجب استينافها لكن مع كثرة الروايات الاولى مع صحة بعضها و كونها معللة و معاضدتها بالاحتياط و شهرة العمل بها بين الاصحاب شهرة عظيمة حتى ان ابن ادريس رحمه الله في السرائر ادعى عدم الخلاف بين اصحابنا في ان عدة الوفاة من حين بلوغ الخبر و نقل ذهاب بعض اصحابنا الى ان حكم المطلقة أيضا كذلك لكن المش المعوّل عليه الفرق و يشكل الجرأة على خلاف ظاهرها و قال الشيخ رحمه الله في التهذيب هذان الخبر ان شاذّان نادر ان مخالفان للاحاديث كلها و التفصيل الذى تضمن الحديث الاخير يخالفه أيضا الخبر المتقدم ذكره عن ابى الصّلاح الكنانى لانه قال تعتد من يوم يبلغها قام لها البيّنة او لم تقم فلا يجوز العدول عن الاخبار الكثيرة الى هذين الخبرين على انه يجوز ان يكون الراوى و هم فسمع حكم المطلقة فظنّ انه حكم المتوفى عنها زوجها لان التفصيل الذى يتضمنه الخبر الاخير اعتبار قيام البيّنة و انقضاء العدة عند وضع الحمل و غير ذلك كله معتبر فيهما و على هذا التاويل لا تنافى بين الاخبار انتهى و انت خبير بان مخالفة الخبرين للاخبار السّابقة ليس الا باعتبار ما فيهما من التفصيل و انه اذا قامت البيّنة تعتد من يوم الوفاة فجعل التفصيل مخالفة اخرى لخبر ابى الصباح كما ترى و أيضا لا اختصاص لذلك بالخبر الاخير اذ التفصيل موجود في الخبرين جميعا و يمكن ان يقال ان حكمه اوّلا بمخالفة الخبرين للاخبار باعتبار مخالفتهما لها باعتبار ما فيهما من التفصيل و اطلاق الاخبار السّابقة من دون تفصيل فانها ظاهرة في عدم التفصيل خصوصا ما وجه فيه التعليل و مراده ثانيا الاشارة الى انّ في خبر ابى الصباح تصريحا بنفى هذا التفصيل و امّا تخصيص التفصيل بالخبر الاخير مع وجوده فيهما فيمكن توجيهه بان المنافى لخبر ابى الصباح هو التفصيل الذى في الخبر الاخير حيث فصّل فيه في المتوفى و امّا الخبر الاوّل ففيه التفصيل الذى في الخبر الاخير الى آخره انه اذا جعل مورد الخبر المطلقة فيندفع الاشكال اذ التفصيل الذى ذكر فيه و ما حكم به على كلا شقى التفصيل كله معتبر فيها و لا مخالفة فيها حينئذ للاخبار اذ الحكم بان اجلها ان تضع حملها على اطلاقه انما يستقيم امّا المتوفى عنها فاجلها ابعد الاجلين فتأمل و اعلم ان من القائلين بالقول المش و هو ان الاعتداد في الوفاة من حين بلوغ الخبر فصّل الشيخ في التهذيب و قال انه اذا كانت المسافة قريبة من يوم او يومين و ما اشبههما جاز لها ان تبنى على يوم مات الزّوج و ان كان اكثر من ذلك لم يخبر الّا ان تبنى على يوم يبلغها فهذا قول رابع في المسألة و استدل على ذلك بما رواه عن منصور

قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول في المرأة يموت زوجها او يطلقها و هو غائب قال ان كان مسيرة ايام فمن يوم يموت زوجها تعتدّ و ان كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر لانها لا بدّ ان تحد له و لا يخفى ان هذه الرّواية و ان كانت مفصّلة و الروايات السّابقة مجملة و من قواعدهم حمل المجمل على المفصّل لكن حمل اطلاق الاخبار الكثيرة على التفصيل باعتبار خبر واحد و ان فرض صحته لا يخلو عن اشكال نعم اختلاف هذه الاخبار ربما يؤيد القول بجواز الاكتفاء بالاعتداد من يوم الوفاة ثمّ حمل الاعتداد من يوم البلوغ مطلقا على الاستحباب و فيما كان زائدا على مسيرة الأيام على تاكد الاستحباب لتلائم الجميع على ان هذا الخبر لما اشتمل سؤاله على حكم المطلقة أيضا فالظاهر ان الجواب أيضا في كل منهما و حينئذ لا يوافق مذهب الشيخ لانه خص الحكم بالمتوفى عنها لكن قوله عليه السلام لانها لا بد ان تحد له مخصوص بالمتوفى عنها فلعل الشيخ خص الجواب بالمتوفى عنها بقرينة القول المذكور او حمل الاعتداد في المطلقة من يوم البلوغ في البعيد على الاستحباب فتدبّر ثمّ اعلم ان العلامة رحمه الله في المختلف نقل عن ابن الجنيد ما نقلنا عنه على وفق شرح الشرائع لكن فيه زيادة تفصيل و عبارته فيه سقيمة مختلة في النسخ التى رايناها لا يظهر منه حق المراد لكن يلوح منها انه أيضا على مذهبه من اعتبار وقت الوقوع في الطلاق و الوفاة فصّل مثل ما فصّله الشيخ و اعتبر ذلك فيهما في القريب و امّا في البعيد فاعتبر وقت البلوغ فيهما فيكون موافقا للشيخ في الوفاة و انما الخلاف بينهما في الطلاق حيث اعتبر الشيخ فيه وقت الوقوع مطلقا و اعتبر ابن الجنيد ذلك في القريب و امّا في البعيد فاعتبر البلوغ و يؤيّد استفادة هذا ان العلامة نقل في الاحتجاج له ما نقلنا من الروايتين و كذا رواية منصور فكانه حمل الرواية الثالثة على التفصيل فيهما و حمل اطلاق الروايتين عليهما لما اشرنا اليه من حمل المطلق على المقيّد و حينئذ فينطبق الروايات الثلث على مذهبه هذا و من هنا يظهر انه لو خصّ قول الشارح و قيل تشتركان الى آخره بالبعيد لم يبعد حمله على مذهب ابن الجنيد على ما في المختلف و صحّ قوله و به روايات لكن عدم تعرضه رحمه الله هنا الحديث القريب و البعيد

ص: 417

اصلا و كذا في شرح الشرائع في نقل مذهب ابن الجنيد كانه يأبى عنه فتأمل

قوله فهي كالمطلقة عملا بالعلّة المنصوصة

لا يخفى ان تخصيص عموم الاخبار الشاملة للامة بمجرّد ذلك مشكل جدّا اذ كثيرا ما ورد في الشرع حكم كلى لعلّة منصوصة مع اختصاص العلة ببعض الافراد كما ورد في غسل الجمعة و غيره علل مخصوصة ببعض الافراد مع عموم الحكم فيه و السّر فيه ان العلل المنصوصة في الشرع ليست الا حكما و مصالح روعيت في الاحكام و يجوز مع ان يكون ذلك مصالح و حكم اخرى أيضا لم ينص عليها و اذا كان كذلك فبمجرّد خصوص العلة لا يمكن الحكم بتخصيص الحكم مع ظهوره في العموم على ان من لم يقل بوجوب الحداد على الامة قال باستحبابه لها و هو كانه يكفى في الامر بالعدة من حين بلوغ الخبر فيها أيضا فتأمل

[كتاب الخلع و المباراة]

[الخلع]

قوله كتاب الخلع

و هو طلاق بعوض الى آخره هذا انما هو على رأى من يشترط في الخلع و المباراة اتباعهما بالطلاق كما اختاره المصنف في الخلع و المش في المباراة او يقول بكونهما طلاقا و ان لم يتبعا به كما هو القول الاظهر في الخلع و يحتمل في المباراة أيضا و اما على القول بانهما فسخ كما رجحه الشيخ في الخلع و يحتمله مثله في المباراة أيضا فلا يصح التعريف بانه طلاق فافهم

قوله لرواية موسى بن بكر

قد وجد مكبرا في نسخ هذا الكتاب و شرح الشرائع و شرح النّافع و المختلف و في الكافي و التهذيب و الاستبصار مصغّر و هو الصحيح

قوله المختلعة يتبعها بالطلاق

كذا في شرح الارشاد للمصنف و في الكافي و الكتابين يتبعها الطلاق بدون الباء فعلى الاوّل من باب الافعال اى يتبعها الخالع بالطلاق و على الثانى منه بذلك المعنى أيضا او من اتبع بمعنى لحق كما في قوله تعالى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ* او من المجرّد

قوله ليس ذلك اذن خلع

بضم الخاء و العين قال المصنف رحمه الله في شرح الارشاد هكذا وجد في اكثر النسخ و يضعف بانه جعل النكرة اسم ليس الا ان يقال اسمها ضمير الشأن و رايته مضبوطا في خط فاضل بفتح الخاء و العين و اللام و هو حسن فرارا من التزام ما ذكروا في بعض نسخ من التهذيب خلعا على القانون اللغوى و هو الاصح انتهى و ذكر الشارح رحمه الله في شرح الشرائع ان جعل اسم ليس ضمير الشأن لا يناسب التركيب و لا يدفع الفساد اذ لا يصلح الباقى للخبريّة لا مفردا و لا جملة و ذكر أيضا ان ما استحسنه مما وجده بخط الفاضل أيضا ليس بشي ء لان المسئول عنه هو الخلع و انه هل يتبع بطلاق ام لا فيبقى التقدير ليس ذاك الخلع الذى يتبع بالطلاق اذن خلع و هو تركيب ردى و لا يخفى انه على تقدير جعل الاسم ضمير الشأن يمكن ان يكون التركيب هكذا ليس الشأن ذاك الخلع اذن اى حين يتبع بالطلاق خلع اى ليس مثل ذلك الخلع خلعا و فيه بعد و امّا اذا جعل خلع فعلا ماضيا فالاظهر ان يجعل المعنى ليس ذاك اى عدم البينونة بدون الاتباع بالطلاق اذن خلع بل تبين به بدونه او ليس ذاك الرّجل اذن خلع و هو بعيد و الاول كانه ليس ببعيد جدّا هذا ثمّ انه على تقدير قراءة الضم يمكن الحمل على القلب اى ليس الخلع ذاك الخلع اذن اى حين اتبع بالطلاق كما في قوله و لا يك موقف منك الوداعا اى لا يك موقف الوداع موقفا منك على ما ذكر في شرح الشرائع التلخيص فتأمل

قوله و الخبر السابق ضعيف السّند

قال في شرح الشرائع و مع ذلك فما يدلّ عليه من جواز اتباعها الطلاق ما دامت في العدة لا يقولون به لانهم يعبرون اتباعه له بغير فصل فما يدل عليه لا يقولون به لا يدل عليه انتهى و وافقه في هذا الايراد بخله المحقق رحمه الله في شرح النافع و هو موافق لما ذكره رحمه الله هاهنا من اشتراط الفورية لكن لم ار هذا الاشتراط في كلام الشيخ رحمه الله في كتبه و لا في كلام غيره ممن تقدم على الشارح و ان كان ظاهر قولهم الخلع بمجرده لا يقع و لا بد من التلفّظ بالطلاق او من ان يتبع بالطلاق من غير تحديد وقت له هو ذلك الّا انه ليس بصريح فيه فلا يبعدان يكون مذهبهم وجوب الاتباع بالطلاق ما دامت في العدة كما هو مقتضى الخبر الذى تمسّكوا به فيكون الخلع متزلزلا فان اتبعه بالطلاق في اثناء العدّة لزم و الا بطل و يؤيد ما ذكرنا ما سننقله من في من رواية جعفر بن سماعة فانتظروا علم ان الشيخ في ف ذكر ان المختلعة لا يلحقها الطلاق و معناه ان الرجل اذا خالع زوجته خلعا صحيحا ملك بالعوض و سقطت به الرجعة ثمّ طلقها لم يلحقها طلاقه سواء كان بصريح اللفظ او بالكناية في العدة كان او بعد انقضائها و نسب هذا القول الى جماعة من العامة أيضا ثمّ قال و ذهب النخعى و الثورى و ابو حنيفة و اصحابه الى انه يلحقها طلاقه قبل انقضاء العدة و لا يلحقها بعد انقضائها و انت خبير بانه على هذا يمكن حمل الخبر على التقية بان يحمل على لحوق الطلاق بالمختلعة في زمن العدة كما هو مذهب ابى حنيفة و اصحابه بل يمكن حمله على هذا المعنى بدون تقية أيضا بان يحمل على انه يمكن لحوق الطّلاق بالمختلعة ما دامت في العدّة بان ترجع في البذل فيرجع الزّوج اليها ثمّ يطلقها فتدبّر

قوله مع امكان حمله على الافضلية

قال في شرح الشرائع و ينبّه على ذلك قوله عليه السلام في عدة اخبار و لو كان الامر الينا لم يمكن الطلاق الا للعدّة فان ذلك محمول على الاكملية للاجماع على جواز الطلاق لغير العدة انتهى و كان مراده انّهم استدلوا على مختارهم بقوله عليه السلام في عدة اخبار بعد بيان بعض احكام الخلع و لو كان الامر الينا لم يكن الطلاق للعدة بان حملوا ذلك على الطلاق الذى يتبع به الخلع و لا شكّ انه لا يجب خصوص الاتباع بطلاق العدّة لجواز الطلاق لغير العدة و كفاية الاتباع به فلا بد ان يحمل ذلك على الافضلية و على هذا فيمكن ان يحمل اصل الابتياع أيضا على الافضلية و لا يخفى ان حمل طلاق العدة على الافضلية أيضا لا يخلو عن اشكال اذ طلاق السّنة افضل منه الا ان يكون المقصود افضليته في الجملة بالنسبة الى بعض الاقسام و اعلم ان الشيخ في التهذيب و كذا في الاستبصار اورد بعض الاخبار الدّالة صريحا او ظاهرا على كفاية الخلع بدون الاتباع بالطلاق منها حسنة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام ففى آخرها قال لو كان الامر الينا لم يجز طلاقا الّا للعدة و منها رواية ابى بصير عنه عليه السلام أيضا ففى آخرها قال لو كان الامر الينا لم يكن الطلاق الا للعدّة و سننقلهما بتمامهما في بحث اشتراط الكراهة في الخلع ثمّ قال الذى اعتمده في هذا الباب و افتى به ان المختلعة لا بد فيها من ان يتبع بالطلاق و هو مذهب جعفر بن سماعة و الحسن بن سماعة و علىّ بن رباط و ابن حذيفة من المتقدمين و مذهب علىّ بن الحسين من المتاخّرين فامّا الباقون من فقهاء اصحابنا المتقدّمين فلست اعرف لهم فتيا في العمل به و لم ينقل منهم اكثر من الرّوايات التى ذكرنا و امثالها و يجوز ان يكون رووها على الوجه الذى يذكر فيما بعد و ان كان فتياهم و عملهم على ما قدمناه ثمّ استدل على ما اختاره برواية موسى بن بكير ثمّ قال و استدل من ذهب من اصحابنا المتقدمين على صحة ما ذهبنا اليه بقول ابى عبد اللّه عليه السلام لو كان الامر الينا لم يجز الاطلاق السّنة و لا يخفى ان تبديل العدّة المذكورة في الخبرين السّابقين بالسّنة آخرا اما بناء على ان هذا خبر آخر غير السّابقين او وقع

ص: 418

سهوا او اشارة الى تفسير الخبرين السّابقين و ان المراد بالطّلاق للعدّة فيهما هو الطّلاق للسنة بالمعنى الاعم اى الطلاق المشروع و بان حمل الطّلاق للعدة على ما يكون قبل العدة اى الوقت الذى يصح فيه العدة بان لا تكون حائضا و لا في طهر المواقعة كما في قوله تعالى فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ و انت خبير بانه على هذا يسقط ما اورده الشارح من التبينة لكن يتوجه على استدلال الشيخ انه لا دلالة في الخبرين على ان المراد احتياج الخلع الى الطلاق و عدم تجويز الطلاق الا للعدة فيه بل الظاهر انه حكم آخر بعد الاحكام السّابقة فيهما و هو انه لو كان الامر الينا لم يجز طلاقا و المراد به ما يشمل الخلع أيضا فانه أيضا طلاق على ما صرّح به في الخبرين الّا ما كان في العدّة بالمعنى الذى ذكرنا و لم تجز الطّلاق و الخلع اللذين وقعا في الحيض او في طهر المواقعة على ما هو الشائع عند العامة و على هذا فلا دلالة فيه على ما ذكره الشيخ رحمه الله اصلا ثمّ انه رحمه الله اورد بعد ذلك فان قيل فما الوجه في الاحاديث التى ذكرتموها و ما تضمنت من ان الخلع تطليقة بائنة و انه اذا عقد عليها بعد ذلك كانت عنده على تطليقتين و انه لا يحتاج الى ان يتبع بطلاق و ما جرى مجرى ذلك من الاحكام قيل له الوجه في هذه الاحاديث ان نحملها على ضرب من التقية لانها موافقة لمذاهب العامة و قد ذكروا عليه السلام ذلك في قولهم و لو كان الامر الينا لم نجز الاطلاق و قد قدّمناه في روايتى الحلبى و ابى بصير انتهى فحذف قيد العدّة فيه اما اختصارا او انه أيضا اشارة الى ما ذكرنا من ان المراد بالطلاق للعدّة و هو مطلق الطلاق المشروع و على الوجهين فقد علم حاله مما ذكرنا ثمّ قال رحمه الله و يدل على ذلك أيضا زائدا على ما قدّمناه رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال لا يكون الخلع حتى تقول لا اطيع لك امرا و لا ابرّ لك قسما و لا اقيم لك حدّا فخذ منى و طلقنى فاذا قالت ذلك فقد حلّ له ان يخلعها بما تراضيا عليه من قليل او كثير و لا يكون ذلك الا عند سلطان فاذا فعلت ذلك فهي املك بنفسها من غير ان يسمى طلاقا و لعلّ وجه الدلالة هو قوله عليه السلام و لا يكون ذلك الا عند سلطان فانه محمول على التقية لموافقته لمذهب بعض العامة كالحسن البصرى و ابن سيرين و اما عندنا فلا يشترط الحاكم بالاجماع على ما ادّعاه الشيخ في ف لكن نقل في المختلف عن ابن الجنيد اشتراط ذلك و احتجاجه بهذه الرواية و لو لم نقل به فيمكن حمله على الاستحباب و يؤيده ان المش بين العامة أيضا عدم اشتراط السّلطان فلا تقية فالحكم به ثمّ حمل هذا الكلام على التقية لو وجب لا يوجب حمل باقى الحديث أيضا على التقية مع موافقتها للاخبار المستفيضة و عدم معارض صالح لها و اما جعل وجه الدلالة هو قوله عليه السلام فخذ منى و طلقنى فلا يخفى ضعفه بعد التصريح في آخره بقوله من غير ان يسمى طلاقا فليحمل هذا أيضا على ان الخلع أيضا طلاق كما يدلّ عليه تلك الاخبار ثمّ اورده رواية محمد بن اسماعيل التى نقلها الشارح رحمه الله هاهنا و اجاب بحملها على التقية و ان المراد ليس ذلك اذن خلع عندهم و ليس المراد ان ذلك ليس بخلع عندنا ثمّ استشهد بما رواه في الصحيح عن سليمان بن خالد قال قلت أ رأيت هو طلقها بعد ما خلعها ليجوز عليها قال و لم يطلقها و قد كفاه الخلع و لو كان الامر الينا لم نجز طلاق او كان وجه الاستشهاد انّه حمل قوله عليه السلام لم نجز طلاقا على انه لم نجز الخلع طلاقا بل يحكم بانه لا بدّ من الاتباع بالطلاق و فيه انه يمكن حمله على انه لو كان الامر الينا لم نجز طلاقا بعد الخلع على ان يكون طلاقا ثانيا كما نقلنا عن ابن ابى حنيفة و اصحابه فحكم عليه السلام او لا بانه لم يطلقها و قد كفاه الخلع اشارة الى انه ان كان غرضه ان الخلع لا يقع طلاقا و لا بد معه من الطلاق فليس كذلك بل كفاه الخلع ثمّ قال عليه السلام و لو كان الامر الينا الى آخره اشارة الى انه ان كان غرضه وقوع طلاق آخر بعد الخلع ليلحقها تطليقتان كما يجوزه العامة فليس له ذلك اذ لو كان الامر الينا لم نجز

ذلك و يمكن حمله ايضا على انه حكم آخر بعد الحكم السّابق و هو انه لو كان الامر الينا لم تجز طلاقا اى اكثر ما يقع منه بين الناس من الطلاق في الحيض و ظهر الموافقة و منه الخلع فيهما كما ذكرنا في تفسير قوله و لو كان الامر الينا لم يجز طلاقا للعدة فتدبّر

قوله و مخالفته لمذهب العامة إلى آخره

اشارة الى جواب ما نقله الشيخ في التهذيب من استدلال ابن سماعة بما رواه عبيد بن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ما سمعت منى يشبه قول النّاس فيه التقية و ما سمعت منى لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه و زاد في الاستبصار و القول بان الخلع يقع به بينونة يشبه قول الناس فينبغى ان يكون محمولا على التقية فاجاب الشارح بان مخالفته لمذهب العامة لا يكفى في المصير اليه و ترك الاخبار الصحيحة لاجله فان ذلك انما هو مع تعارض الروايات و تكافؤها من حيث السند و عدم امكان الجمع بينهما بوجه آخر و هاهنا ليس كذلك فان الخبر المذكور مع ضعف سنده لا يعارض تلك الاخبار لصحيحة مع امكان الجمع بحمل الخبر على الافضليّة و امّا قوله مع تسليمه فالظاهر انه اشارة الى امكان منع المخالفة و الابعدية لعلمه رحمه الله بوجود القول بوجوب الاتباع بالطلاق بين العامة أيضا او لعدم علمه بعدمه فبنى الكلام على التسليم و امّا جعله اشارة الى ما ذكرنا من امكان حمل الخبر المذكور على التقية بحمله على المعنى الذى ذكرنا فبعيد اذ لو تفطن به لم يكتف بهذه الاشارة بل يبيّنه زيادة بيان امّا هاهنا او في شرحه للشرائع الذى هو ابسط هذا و بقي من الكلمات التى نقلناها من الشيخ ما ذكره من ان وجوب الاتباع بالطلاق مذهب الجماعة التى فصّلنا و ان الباقين من اصحابنا المتقدمين لست اعرف لهم فتيا في العمل به الى آخر ما ذكره و فيه انه ثقة الاسلام في الكافي روى عن حميد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن جعفر بن سماعة ان جميلا شهد بعض اصحابنا و قد اراد ان يخلع ابنته عن بعض اصحابنا فقال جميل للرّجل رضيت بهذا الذى اخذت و تركتها فقال نعم فقال لهم جميل قوموا فقالوا بابا على ليس تريد تتبعها طلاقا قال لا قال و كان جعفر بن سماعة يقول يتبعها الطلاق في العدّة و يحتج برواية موسى بن بكر عن العبد الصالح عليه السلام قال قال على عليه السلام المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة انتهى فان ما نقله يدل على ان مذهب جميل بن دراج ابى على و هو من اعاظم اصحابنا المتقدّمين و ثقاتهم و وجوه اصحاب ابى عبد اللّه عليه السلام و ابى الحسن عليه السلام عدم وجوب الاتباع بالطلاق و كان عمله عليه و حمل ما فعله أيضا على التقية بعيد جدّا و اللّه تعالى يعلم و بقي أيضا انه في التهذيب و الاستبصار نقل استدلال الحسن بن سماعة و غيره بان قالوا قد تقر و انه لا يقع الطلاق بشرط و الخلع من شرطه ان يقول الرّجل ان رجعت فيما بذلت فانا املك ببضعك و هذا شرط فينبغى ان لا تقع به فرقه و فيه ان الشرط الذى تقر و انه لا يقع معه الطلاق هو ان يعلق الطلاق عليه كان يقول ان جاء زيد او ان اعطيتنى الفا فانت طالق و في الخلع ليس كذلك بل بعد ما ترضى بالبذل المعين يقول انت مختلعة على كذا بدون التعليق على شرط نعم من حكمه انه اذا رجعت في البذل فله أيضا الرّجوع سواء صرّح الزوج بذلك ام لا و هذا امر اختص به الخلع بالنص و ليس من الشرط الذى منعوا منه في الطلاق أيضا لو منع من مثل هذا الشرط في الطلاق لزم عدم صحة الخلع مع الاتيان بالطلاق أيضا اذ لا ريب

ص: 419

ان من حكم الخلع مطلقا سواء اتبع بالطلاق ام لا جواز رجوع الزّوج فيه اذا رجعت في البذل و أيضا لو منع من ذلك في الطلاق لزمان لا يصح الخلع الذى هو بصريح الطلاق مع تصريح الشيخ في المبسوط بانه طلاق بلا خلاف مع انهم جعلوا من حكم الخلع مطلقا جواز الرجوع اذا رجعت و لو قيل ان المم في الطلاق هو التصريح باشتراط شي ء فيه و ان لم يكن معلقا عليه لا ما يكون مقتضى الطلاق اذا لم يصرّح به و في الخلع لا بدّ من التصريح بالاشتراط المذكور كما هو ظاهر ما نقل عن ابن سماعة او انه يجوز التصريح به كما هو المش فلا يكون طلاقا و لا ممنوع جواز هذا التصريح في الطلاق التابع او في الخلع بصريح الطلاق نعم ذلك مقتضاهما فنقول انه لا دليل على امتناع اشتراط شي ء في الطلاق مطلقا و ان كان الشرط مقتضى الطلاق فانه اذا كان الشرط هو مقتضى الطلاق سواء صرّح به ام لا فلا منع من التصريح باشتراطه فيه كما صرح به المحقق رحمه الله في الشرائع و العلامة رحمه الله في عد فان التصريح به لا يفيد الا تاكيد مقتضى العقد و كان ذلك بصورة الشرط لا معناه و اى دليل على المنع منه هذا على ما هو الشارح من كون ذلك مقتضى الخلع مطلقا و اما على ما سننقله من ابن حمزة من انه لم يقل بذلك الّا مع الاشتراط فيكفى بمنع امتناع اشتراط شي ء في الطلاق مطلقا بل لو سلم فانما يسلم اذا لم يكن دليل على جوازه و هاهنا وقع الاتفاق على جواز هذا الاشتراط في الخلع فلا منع منه و ان كان طلاقا كما هو مقتضى النصوص فتأمل و اجاب العلامة رحمه الله في المختلف بان عدم وقوع الطّلاق بشرط لا ينافى وقوع الخلع به الا عند من يجعله طلاقا و توضيحه ان ما ذكره من الدليل انما يتوجّه على رأى من يجعل الخلع بدون الاتباع طلاقا و اما على رأى من يجعله فسخا على ما رجّحه الشيخ على القول بصحّته فلا اذ عدم وقوع الطلاق بشرط لا يقتضى عدم وقوع الفسخ أيضا بدونه و يمكن دفعه بان مراده بالطلاق في قوله لا يقع الطلاق بشرط ما يشمل الخلع فان الخلع أيضا لا يقع بشرط كما صرح به الشيخ في ط و الخلاف لكن حينئذ يصير فساد دليله واضحا جدّا لانهم اذا صرّحوا بان الخلع لا يقع بشرط و هو قائل بان الخلع من شرطه ان يقول كذا فظاهر ان هذا ليس من الشرط الذى ذكروه و الا لزم بطلان الخلع رأسا سواء وقع بلفظ الطلاق او الخلع و اتبع بالطلاق ام لا كما ذكرنا فتأمل و استدل الشيخ في الخلاف على وجوب الاتباع بالطلاق بان ما اعتبرناه مجمع على وقوع الفرقة به و ما قالوه ليس عليه دليل و فيه ان الاخبار المستفيضة تكفى دليلا و ان لم يكن اجماع و هو ظ

قوله اصحّها الثانى

لدلالة الاخبار الكثيرة عليه كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبى في الفقيه و خلعها طلاقها و هى تجرى من غير ان يسمّى طلاقا و في حسنته بإبراهيم فاذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما اخذ منها و كانت عنده على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و في حسنة محمد بن مسلم بإبراهيم في الكافى قال الخلع و المباراة تطليقة بائن و هو خاطب من الخطاب الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة و يؤيدها اشتراطه بشروط الطلاق من الخلوّ من الحيض و طهر المواقعة بالاجماع منا و قال الشيخ في ف و من لم يراع من اصحابنا التلفظ بالطلاق الاولى ان يقول انه فسخ و ليس بطلاق لانه ليس على كونه طلاقا دليل و يدلّ عليه قوله تبارك و تعالى الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ ثمّ ذكر الفدية بعد هذا ثمّ ذكر الطلقة الثالثة فقال فان طلّقها فلا تحلّ له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فذكر الطلاق ثلثا و ذكر الفدية في اثناءه فلو كان الطلاق اربعا و هذا باطل بالاجماع انتهى و امّا ما ذكره من عدم الدليل على كونه طلاقا فقد ظهر ما فيه و اما استدلاله بالآية الكريمة ففيه ان الخلع اذا كان طلاقا لا يجب ان يكون غير الثلث حتى يكون الطلاق اربعا بل يجوز ان يكون إحداها و توسيط حكم الخلع في البين يحتاج الى نكتة سواء كان طلاقا او يتبع بالطلاق فما يقول في بيانها فلنا أيضا ان نقوله و توضيحه ان الآية الكريمة تحتمل اوجها احدها ان يكون قوله تعالى الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ بمعنى اثنتان اى الطلاق الرجعى اثنتان لا غير ثمّ بعد ذلك فاما رجعة و امساك بحسن المعاشرة او تسريح باحسان اى طلاق ثالث لا رجوع فيه بل تسريح بالكلية ثمّ اشير الى حكم الخلع للاشارة الى ان كلا من الثلث يجوز ان يقع مجانا و بعوض ثمّ شرع في بيان الحكم الخاص في الثالث و هو انه بعده يحتاج الى المحلل و ظاهر انه على هذا اذا كان الخلع طلاقا او يتبع به وقع بعد الثلث لا بينها و كان في موقعه و ثانيها ان يحمل المرّتان على ما ذكرنا لكن يحمل قوله تعالى فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ على انه بعد الثانى او بعد كل منهما امّا امساك بمعروف اى برجعة كما ذكرنا او تسريح باحسان بان لا يراجعها حتى تبين و يكون قوله فان طلّقها ابتداء لذكر الطلاق الثالث و حكمه و على هذا فاعتراض الخلع في البين مع انه لا اختصاص له بالاولين بل يجرى في كل من الثلث يحتاج الى نكتة سواء كان الخلع طلاقا او يتبع بالطلاق و يمكن ان يكون النكتة فيه الاشارة الى كراهة الطلاق الثالث و انه لا ينبغى ان يتجاوز في الطلاق عن المرتين و لذا عقب ذكر الخلع بعدهما اشارة الى ان كلا منهما يمكن ان يقع مجانا و بعوض و ان تفصيل الحكم انما يليق بهما لا بالثالث بل الاولى الاعراض عنه ثمّ بعد تفصيل حكم المرتين اشير الى تجويز الطلاق الثالث أيضا و ان كان على كراهة و بيان حكمه و انه يحتاج الى المحلّل و على هذا أيضا لا يتفاوت الحال في ان يكون الخلع طلاقا او يتبع به و ثالثها ان يكون قوله تعالى الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ بمعنى تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع و الارسال دفعة واحدة بلا رجوع كما يجوّزه الشافعية فلم يرد بالمرتين التثنية بل التكرير كقوله تعالى ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ اى كرّة بعد كرّتين نظير لبّيك و سعديك و يكون قوله تعالى فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ تخييرا لهم بعد ان علّمهم كيف يطلقون بين ان يمسّكوا النساء بحسن العشرة و القيام بحقوقهنّ و بين ان يسرّحوهنّ السّراح الجميل اى يطلّقوهن الطلاق الذى علّمهم و ذكر الخلع بعد ذلك للاشارة أيضا الى ان السّراح الذى علمهم يمكن ان يكون مجانا و ان يكون بعوض ثمّ بعد ذلك اشير الى حكم المحلّل فقال فان طلقها اى فان طلّقها الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار و استوفى نصابه فلا تحلّ له من بعبد الى آخره و على هذا أيضا لا اعتراض على اعتراض الخلع في البين سواء كان طلاقا او يتبع به اذا لم يقع بعد الاثنين بل بعد بيان كيفية الطلاق الشرعى للاشارة الى انه يمكن ان يكون مجانا و بعوض ثمّ اشير بعد ذلك الى انه بعد استيفاء النصّاب بايّهما كان يحتاج الى المحلل فتأمل و امّا الاحتجاج بما ذكره في شرح الشرائع من انه ليس بلفظ الطلاق و هو لا يقع عندنا بالكنايات و بما ذكر فيه و في

المختلف من انها فرقة خلت عن صريح الطلاق و نيّته فكانت فسخا كسائر الفسوخ فلا يخفى ضعفهما اذ بعد ورود

ص: 420

الاخبار المتضافرة لا استبعاد في وقوع الطلاق بمثل هذه الكناية و ان فرض خلوّها عن نيّته هذا مع في ما احتمال الفسخ من البعد لعدم قبول النكاح للتقايل فافهم

قوله فيعد فيها

اشارة الى فائدة الخلاف في كونه فسخا او طلاقا

قوله و على القولين لا بد من قبول المرأة

لانه على التقديرين من قبيل المعاوضات فيجب فيه ما يجب فيها من الايجاب و القبول متّصلا احدهما بالآخر بلا فصل يعتدّ به

قوله لانه طلاق بعوض لا خلع

الظاهر من كلام الاصحاب ان الطّلاق بعوض من اقسام الخلع قال الشيخ في المبسوط بعد ما ذكر ان الخلع بمجرّده لا يقع و لا بد من التّلفظ بالطّلاق على الصحيح من المذهب فامّا ان كان الخلع بصريح الطّلاق كان طلاقا بلا خلاف و قال في عد الصّيغة ان يقول خلعتك على كذا او فلانة مختلعة على كذا و لا يقع بفاديتك مجرّدا عن لفظ الطلاق و لا فاسختك و لا بنتك و لا تبتك و لا بالتقايل و يقع بلفظ الطّلاق و يكون بائنا مع الفدية و ان تجرّد عن لفظ الخلع و نحوه في تحرير و الارشاد و على هذا فالظاهر انه في جميع الاحكام تابع له فيفتقر الى ما يفتقر اليه الخلع من كراهتها له خاصّة كيف و لو لم نجعله من اقسامه لم يتعلق به شي ء من احكامه لعدم نص في الطّلاق بالعوض على الخصوص و اعلم انه ذكر المحقق في الشرائع انه لو خالعها و الاخلاق ملتئمة لم يصح الخلع و لا يملك الفدية و لو طلقها و المحال هذه بعوض لم يملك العوض و صح الطلاق و له الرجعة و وافقه في ذلك العلّامة في عد و تحرير و يوافقه أيضا ما سيجي ء من المصنف بقوله فلو طلقها و لم تكره الى آخره و لا يخفى ان حكمهم بعدم ملك العوض مع التيام الاخلاق متجه فان ظاهر الاخبار المتكثّرة انه لا يحل للزوج ان يأخذها من الزوجة شيئا الّا ان تعتدى عليه في الكلام و ينبغى حمل الآية الكريمة أيضا على ما يوافقها كما سنشير اليه و لو تنزل عنه فالحكم بملكه للعوض يحتاج الى دليل و ليس الا ان يجعل من قبيل الجعالة و امّا الحكم بعدم بينونة بذلك فمما الاخفاء فيه لعدم الدليل عليه اصلا اذ النصوص الدّالة على البينونة مطابقة في التّصريح باشتراط الاعتداء في الكلام الذى هو مناط الكراهة التى ذكرها الاصحاب مع اختصاص اكثرها أيضا بالمختلعة و اشتراط الكراهة فيها بالاتفاق و لو لا اتفاقهم على كون الطلاق بالعوض من اقسام الخلع اشكل الحكم بالبينونة و سائر الاحكام فيه مع الكراهة أيضا لما اشرنا اليه من اختصاص اكثر الادلة بالمختلعة و في بعضها و ان لم يصرّح بها لكن الظاهر حمله عليها بقرينة ما صرّح فيه بها هذا لكن حكمهم بوقوع الطلاق رجعيّا على هذا التقدير لا يخلو عن اشكال لعدم القصد اليه فالظاهر على هذا التقدير بطلان الطلاق رأسا و بما قررنا ظهر ان ما ذكره الشارح في شرح الشرائع في شرح ما نقلنا من عبارة المحقق اما بطلان الخلع فلما تقدّم من اشتراط صحته بكراهتها له فبدونها يقع باطلا لفقد شرطه و امّا الطلاق بعوض فمقتضى كلام المصنف و الجماعة كونه كذلك لاشتراكهما في المعنى بل عدّه في ط خلعا صريحا حيث قسمه الى واقع بصريح الطّلاق و الى واقع بغيره و جعل الاوّل طلاقا و خلعا و جعل الخلاف في الثانى هل هو طلاق ام لا و هذا ان كان اجماعا فهو الحجة في حكمه و الا فلا يخلو عن اشكال لان النصوص انما دلّت على توقّف الخلع على الكراهة و ظاهر حال الطلاق بعوض انه مغاير له و ان شاركه في بعض الاحكام انتهى يتجه عليه انه لو لم يكن اجماعا لكان المتجه عدم لحوق احكام الخلع به اصلا لعدم الدليل عليه لا لحوقها بدون الكراهة كما هو مقتضى كلامه رحمه الله ثمّ لا يخفى ما في قوله فمقتضى كلام المصنف و الجماعة كونه كذلك مع حكمهم بالبطلان في الخلع و الوقوع رجعيّا في الطلاق فكان المراد كونه كذلك في عدم ملك العوض و عدم البينونة به و ان كان بينهما فرق من جهة اخرى و يمكن ان يكون اشارة الى ما ذكرنا في الخلع من انه على مقتضى كلامهم ينبغى الحكم بالبطلان فيه أيضا لا الوقوع رجعيّا فتأمل و بالجملة الحكم هاهنا بوقوع الطلاق بالعوض و لحوق احكام الخلع به بدون الكراهة من دون تردد و استشكال مع كونه خلاف مقتضى الادلّة و فتوى الجماعة مع عدم وجود موافق له من الاصحاب ظاهرا غريب منه رحمه الله هذا و بما قررنا ظهر ان الصواب في توجيه كلام المصنّف ان يقال كما نقله الشارح في شرح الشرائع اغنى عن لفظ الخلع و لحقه احكامه و شرائطه فيوافق ما نقلنا من كلام الاصحاب فتدبّر

قوله فيجوز على ازيد ممّا وصل اليها

و يدل عليه مع الاجماع عموم قوله تعالى فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ و كذا عموم ما اخذ منها و ما قدر عليه في الاخبار المستفيضة على ما سيجي ء في بحث اشتراط الكراهة و هو ما نصّ فيه ما رواه في الكافي في الحسن بإبراهيم عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال المبارئة يؤخذ منها دون الصّداق و المختلعة يؤخذ منها ما شئت او ما تراضيا عليه من صداق او اكثر و انما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر و المختلعة يؤخذ منها ما شاء لان المختلعة تعتدى في الكلام و تتكلم بما لا يحلّ لها هذا و امّا ما ذكره البيضاوى من ان ظاهر الآية يدل على ان الخلع لا يجوز بجميع ما ساق الزوج اليها فضلا عن الزائد و يؤيده ما روى انه عليه السلام قال لجميلة ا تردين عليه حديقته فقالت اردّها و ازيد عليها فقال عليه السلام اما الزائد فلا فالجمهور استكرهوه و لكن نفذوه فان المنع عن العقد لا يدلّ على فساده ففيه انه لا دلالة لظاهر الآية على ما ذكره اصلا بل فيما افتدت به عام يشمل الزائد أيضا فضلا عن الجميع كما ذكرنا و ان نظر الى قوله تعالى مِمّٰا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً حيث انه بعض ما آتوهنّ ففيه ان ذلك لا يوجب تخصيص ما افتدت به أيضا اذ يجوز ان يكون المنع من الاخذ بدون الشقاق يجوز الاخذ مطلقا حتى زائدا ممّا آتوهنّ و لا دلالة في الكلام على تخصيصه في صورة الجواز أيضا بشي ء ممّا آتوهنّ و هو ظاهر و امّا ما نقله من الرواية لو صحّت فنفيه عليه السلام الزائد يمكن ان يكون باعتبار عدم الحاجة الى الزائد لرضى زوجها بالحديقة كما ورد في بعض الروايات لا ان يكون نهيا عن الزائد و لعلّه لهذا عدّه مؤيد الا دليلا و امّا ما اورد عليه من ان الرواية تدلّ على نفى الزائد و جواز الخلع بتمام ما اخذت منه حيث افتدت بالحديقة التى كانت تمام صداقها على ظاهر ما نقل فكيف يجعلها مؤيدة للحكم بعدم جواز الخلع الجميع فيمكن دفعه بان لم يقل بجميع الصّداق بل بجميع ما ساق الزّوج اليها و لما نفى عليه السلام الزائد عن الحديقة و كان من المستبعدان لا يسوق اليها شيئا غيرى الصداق اصلا كما يشهد به العرف و العادات فيظهر منه تأييد لما ذكره لكن فيه أيضا ان النفى يمكن ان يكون لعدم الحاجة لا للنهى عن الافتداء بجميع ما ساق اليها فتدبّر

قوله لان الكراهة منها

هذا اعتبار مناسب و الّا فالتعويل على ما ذكرنا

قوله و هذا من ماله باذنها

ليرجع عليها بما يبذله بعد ذلك فهو في معنى الوكيل الذى يدفع العوض عن الموكل من ماله ليرجع به عليه فدفعه له بمنزلة اقراضه لها و ان كان بصورة الضمان كذا في شرح الشرائع و على هذا كانه لا يتوجه ما اشار اليه هاهنا من الاشكال فافهم

قوله لكنه قد وقع مثله

بمجرّد وقوع مثله صحيحا في بعض الموارد بدليل

ص: 421

من خارج لا يمكن الحكم بالصحة هاهنا كما سنشير اليه في المسألة الآتية فافهم

قوله و في اخذ الطّبيب البراءة

هذا الاخذ البراءة من الضمان قبل ان يجب لا ضمان ما لم يجب الا ان يكون الغرض التشبيه لا التمثيل و حينئذ فلا جدوى فيه اصلا فتفطّن

قوله لان الخلع من عقود المعاوضات

فالعوض و هو الفداء لا يجوز لزومه و وجوبه على غير صاحب المعوض اى المتبرّع الذى هو غير الزوجة التى تاخذ العوض اعنى الطلاق او المراد بالعوض الطلاق و بالمعوض الفداء و المراد انه لا يجوز اعطاء العوض لغير صاحب المعوض و هاهنا كذلك فان العوض كانه يعطى للزّوجة لا لصاحب المعوض اعنى المتبرع هذا توجيه العبارة كما فعله سلطان العلماء رحمه الله و لا يخفى ضعفه على الوجهين فانه اذا تعلق للمتبرع غرض بالطلاق و صار ذلك باعثا لبذله الفداء فوقع الطلاق فهو عوض او المعوض يصل اليه و لا يلزم ان يكون هو محلا للعوض او المعوض فتأمل

قوله و لو قلنا بمفهوم الخطاب

اى مفهوم المخالفة في قوله تعالى فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ فالمنع اوضح اذ يفهم منه حينئذ الجناح فيما افتدى غيرها لكن لا يخفى ما في اعتباره فيه من الضعف فافهم

قوله فان اتبع به كان رجعيّا

فيه اشكال من حيث عدم القصد اليه فلا يبعد الحكم ببطلان الطّلاق نعم لو كان الزوج ممن يعتقد عدم صحة البذل من المتبرع و مع ذلك اتى بالخلع على هذا الوجه و اتبعه بالطلاق فالمتجه الحكم بوقوعه رجعيّا فتدبّر

قوله فيبقى المتبرّع على اصل المنع

لا منع عن اخذ البذل مطلقا حتى يبقى المتبرّع بعد اخراج الزّوجة و وكيلها و الضّامن باذنها على اصل المنع و انما المنع من الاخذ مما آتيتموهنّ و لا يفيد هاهنا فالظاهر ان المراد المنع عن مشروعية مثل هذا الطلاق و لزومه و ترتب الاحكام عليه فان الاصل المنع عن كل ذلك ما لم يثبت شرعا و لا دليل عليه في صورة بذل المتبرع فالاصل المنع عنه و هو قريب مما ذكره بعده من التمسّك باصالة بقاء النكاح الى ان يثبت المزيل و لا يخفى قوة هذا الوجه و ضعف ما تمسّك به المصحّح فالظاهر هو القول بالمنع كما هو المش بين الاصحاب بل ذكر في شرح الشرائع ان القول بالصحة لا يعلم قائله من الاصحاب لكنه مذهب جميع من خالفنا من الفقهاء الا من شدّ منهم

قوله و الفرق بين الجعالة و البذل

حيث يصح الاول بلا اشكال و اختلف في الثانى

قوله فان غرضه وقوع الطلاق

و يكون رجعيّا اذا لم يكن بائنا من جهة اخرى و لا يخفى ان من الفرق الذى ذكره يظهر ضعف وجه الصحة كما اشرنا اليه فان المسلم جوازه من الاجنبى هو بذله للغير على ايقاع الطلاق على الوجه الذى ساغ له شرعا بناء على جواز الجعالة على كل عمل محلل و اما جواز بذله لإيقاع الطلاق بائنا يترتب عليه احكام الخلع مع ان ذلك لا يثبت صحته شرعا الا في صورة بذل الزوجة فممّا لا دليل عليه و الكلام هاهنا في الثانى فانه المراد بمسألة بذل الاجنبى لا في الاول فانه الطلاق بجعالة فتأمل و ذكر في شرح الشرائع اخذا من المصنف في شرح الارشاد ان مبنى القولين على ان الخلع فداء او معاوضة او على انه طلاق او فسخ فعلى الاولين يصح من الاجنبى لجواز الافتداء بالاجنبى و بذل مال له يطلقها لغرض صحيح كما يصح التزام المال ليعتق عبده و على الاخيرين لا يصح اما على القول بانه معاوضة فلما تقدم و هو ما ذكره هاهنا أيضا من امتناع لزوم العوض لغير صاحب المعوض و اما على القول بانه فسخ فان الفسخ من غير علمه لا ينفرد به الرّجل لتوقفه على تراضيهما فلا يصح طلبه منه بخلاف الطلاق لاستقلال الزّوج به و يرجح جانب الفداء و الآية الدالة عليه الا ان مفهوم خطابها اختصاصها بها لكن مفهوم الخطاب ليس بحجة هذا ملخّص ما ذكره و قد ظهر لك سابقا ان الظاهر من الاحتمالات هو القول بكونه طلاقا لكن حكمه بصحة بذل الاجنبى حينئذ بناء على ان الزوج يستقل بالطلاق فاسدا اذ المانع من بذل الاجنبى لا ينحصر في عدم استقلال الزوج حتى ينتفى على تقدير كونه طلاقا بل المانع ما ذكرنا من ان بذل الاجنبى ليس بعنوان الجعالة حتّى يقال انه لما استقل الزوج بالطلاق فجازت الجعالة عليه من الاجنبى كما صرّح به المصنف في تقريره بناء على صحة الجعالة على كل فعل سائغ اذ لا نزاع في بذل الاجنبى بعنوان الجعالة كما ذكرنا بل بذله انما هو ليترتّب عليه الطلاق البائن و سائر الاحكام الخلع و قد عرفت ان مورد النصوص في الطلاق على هذا الوجه هو بذل الزوجية فاجراء تلك الاحكام في بذل الاجنبى يحتاج الى دليل و ليس مع اصالة بقاء النكاح و اما ما ذكره من انه على تقدير كونه افتداء يصح من الاجنبى لجواز الافتداء من الاجنبى ففيه أيضا انه على تقدير كونه افتداء ليس افتداء محضا بمنزلة اعطاء مال احد من يد ظالم حتى لا يشترط بشي ء بل هو افتداء خاص مشروط بشرائط الطلاق اتفاقا فيها فيمكن ان يكون من شروطه أيضا بذل الزوجة كما هو مورد النصوص فكيف يمكن لنا الحكم بجواز الافتداء هاهنا من الاجنبى أيضا مع اصالة بقاء النكاح و امّا ما ذكره من انه على القول بانه معاوضة لا تصح بذل الاجنبى لما تقدم فقد عرفت ما فيما تقدم منه بل الحق حينئذ أيضا ان يقال انه على تقدير كونه معاوضة فهو معاوضة خاصة مشروطة بشرائط فيحتمل ان يكون من شروطه كون احد الطرفين الزوجة كما هو مورد النصوص فليس لنا الحكم بجوازها من غيرها أيضا و امّا ما ذكره من عدم الصحة على تقدير كونه فسخا بناء على ان الفسخ من غير علة لا يستقل به الرجل فامره هيّن اذ نفرض الكلام فيما اذا استرضى الاجنبى من الزوجة و بذلك المال اذ حينئذ يسقط هذا التعليل و الظاهر حينئذ أيضا هو القول بالمنع اذ النكاح ليس ممّا يقبل الفسخ بكل وجه او لا ترى انه اعتبر في فسخه هنا ما اعتبر في الطلاق من الخلوّ عن الحيض و طهر المواقعة و غير ذلك و على هذا فلا يمكن لنا التعدى من مورد النصوص و اما ما ذكره من المرجح لجانب الفداء فلا يعارض ما اوردنا من النصوص على انه طلاق لصحة اطلاق الاقتداء عليه باعتبار انه اعطاء مال لتخليص نفسها و ان كان طلاقا و ما ذكره من عدم حجية مفهوم الخطاب يتوجه على ما يتمسّك من مفهوم الخطاب لكن يندفع ذلك لو تمسّك بصريح الخطاب و انه اضيف الفدية فيه الى الزّوجة و لا يمكن لنا التعدى منه الا بدليل كما ذكرنا و بالجملة فالاقوى هو القول بعدم الجواز كما هو المش فلا نفع في تحقيق هذه المبانى فتأمل

قوله و في معنى المتبرع ما لو قال إلى آخره

اعلم ان المحقق في الشرائع حكم في مسئلة بذل المتبرّع بان الاشبه المنع ثمّ قال اما لو قال طلقها على الف من مالها و علىّ ضمانها او على عبدها هذا و علىّ ضمانه صح فان لم ترض بدفع البدل صح الخلع و ضمن المتبرع و فيه تردّد و ذكر الشارح ان هذه من شعوب بذل الاجنبى لكنه يختص عنه بكون البذل من مالها بغير اذنها فيشابه الاجنبى من حيث التبرع و يشابه الوكيل من حيث جعله ذلك في مالها و منها يتفرع الاشكال اذ يحتمل الصحة لان الفدية من مالها فلم يخرج من وضع الخلع

ص: 422

غاية ما في الباب انها اذا لم تجز ذلك يلزمه الضمان نظر الى التزامه ذلك و يحتمل العدم لان مرجعه الى التبرع حيث لا تجيز بذل مالها و لان ضمانه لذلك ضمان ما لم يجب فلا يصح انتهى و الظاهر في هذه المسألة ان يفصّل و يقال انه اما ان تجيز البذل او لا فان اجازته فلو قلنا بصحة الفضولى في العقود و لزومه بعد الاجازة فالوجه الحكم بالصحة و اللزوم هاهنا أيضا و ان قلنا بالبطلان احتمل الصحة في خصوص ما نحن فيه باعتبار ضميمة الضّمان الذى اعتبر فيه لكن هذا انما يتوّجه لو اعتبر هذا الضمان مع كونه ضمان ما لم يجب و امّا اذا لم يعتبر لذلك فالوجه تفريعه على مسئلة الفضولى و امّا اذا لم تجز ذلك فالظاهر انه من اقسام بذل المتبرع و ليس اولى بالتجويز من مسئلة المتبرع فان جعل البذل فيه من مالها اولا مما لا جدوى و فيه مع كونه فضوليا و عدم اجازتها و الواقع في الآية الشريفة فيما افتدت و لم يتحقق هاهنا افتدائها بالافتداء عنها و هو متحقق في مسئلة المتبرع مطلقا و كذا لم يتحقق ما هو مورد الاخبار من الاخذ منها او من مالها فتأمل

قوله و المعاوضة هاهنا ليست حقيقة إلى آخره

اشارة الى وجه الفرق بين البيع و نحوه مع ظهور استحقاق الغير و بين ما نحن فيه حيث حكموا هناك بالبطلان و لم يحكم بالبطلان فيما دون ما نحن فيه بل حكم بضمانها المثل او القيمة فتبيّن الفرق بان البيع و نحوه معاوضة حقيقية و المقصود الاصلى فيها العوض فاذا ظهر استحقاق احد العوضين لم يحصل ما هو المقصود منها فيحكم بالبطلان بخلاف ما نحن فيه اذ ليس حقيقته المعاوضة بل الاصل فيه هو الطلاق او فسخ النكاح لكن قد اشتمل على ثبوت معاوضة فلا يلزم من بطلان العوض بطلان اصل العقد بل ينجبر ذلك بضمان المثل او القيمة و لا يخفى ضعف الفرق بمجرّد هذا مع جريان اصالة الصحة و امكان الجبر بالمثل او القيمة في المعاوضة الحقيقية أيضا و الظاهر ان حكمهم بالبطلان هناك باعتبار ان الرضا وقع بذلك فحيث ظهر استحقاقه للغير لا يبقى الا الحكم بالبطلان و اما الحكم بضمان المثل او القيمة فانما يتوجه لو دخل الاصل في ملكه ثمّ اتلف فيحكم على متلفه بذلك و امّا بدون ذلك فالحكم بلزوم المثل او القيمة مع عدم وقوع العقد عليه و عدم الرضا به منهما و مع احتمال الاعسار بحيث لا يمكن استخلاص شي ء من المثل او القيمة مما لا وجه له و لا يخفى ان هذا كله يجرى فيما نحن فيه أيضا فان الزّوج لعلّه انما رضى بالخلع لخصوص هذه العوض المعيّن و لو ضوعف له قيمته او مثله لم يرض به فلا يلزم من الرضا بذلك الرضا بالمثل او القيمة مع احتمال اعسارها أيضا على ما ذكر و لا يقدح في ذلك عدم كونه معاوضة حقيقيّة مع اشتماله على المعاوضة وجوب اعتبارها هو المقصود و المراد فيها و كون الاصل في العقود الصحة و وجوب الوفاء بها مشترك بين الصورتين و هو انما يتم فيما امكن الوفاء بها على وجوبها و اما اذا لم يمكن ذلك فالحكم بوجوب الوفاء بشئ آخر قريب منه يحتاج الى دليل و لا يلزم من عموم الامر بالوفاء العقود و على هذا فالمتجه هو القول بالبطلان كما اختاره الشيخ رحمه الله في المبسوط و ذكر انه الذى يقتضيه مذهبنا و لم ينقل قولا آخر من الاصحاب فتأمل

قوله و مطلقا

اى سواء علمه او جهله

قوله من حيث انّ العوض لازم لماهيّة

فيه ان لازم ماهيّة الخلع هو العوض المطلق لا العوض الخاص فلا يلزم من بطلان العوض الخاص بطلان الخلع لقيام المثل او القيمة مقامه فالظاهر التمسّك بما ذكرنا

قوله و الا وقع رجعيّا

لا يخفى ما فيه من الاشكال على ما اشرنا اليه غير مرة اذ القصد بالطلاق الذى اوقعه هو الطّلاق البائن هو العوض على شروطه و لم يقع و الطلاق الرجعى لم يقصده فلا وجه لوقوعه فالظاهر القول ببطلان الطلاق رأسا

قوله و ان اذن في بذلها في الذمة

اى في ذمّة المولى او من ماله من غير تعيين اى تعيين خصوص العين

قوله لخلوّ الخلع من العوض

الذى وقع عليه العقد و المثل او القيمة لم يقع عليه العقد فالمتجه فيه الحكم بالبطلان كما اختاره سابقا

قوله و انه كالمال من وجه

و أيضا يجوز ان يتزوّج بآخر بمهر زائد عما تفتدى به

قوله لكن الشيخ رحمه الله في المبسوط إلى آخره

عبارة المبسوط هاهنا على ما في النسخة التى عندنا مشوّشة مختلّة لا يظهر منها المراد و ظنى انه قد وقع فيها سهو و تحريف فانّه بعد ما فصّل حكم اختلاع الامة نفسها قال و امّا المكاتبة فاذا اختلعت نفسها بمال لم تخل من احد امرين اما ان يكون باذن سيّدها او بغير اذنه فان كان باذنه فالحكم فيها كالامة القنّ سواء فان اختلعت بغير اذنه فهل يصح بذل المال و الهبة منها في هذا باذنه ام لا قيل فيه قولان احدهما يصح لان الحق لها و هو الذى يقوى في نفسى و الثانى باطل فيها و منهم من قال البذل في الخلع لا يصح و الهبة على قولين و الذى يقتضيه مذهبنا ان نقول ان كانت مشروعا عليها فهي كالأمة القنّ سواء و ان لم تكن مشروطا عليها كان الخلع صحيحا فاذا ثبت هذا فكل موضع قلنا لا يصح فان كان باذن سيّدها فالحكم فيه كما لو اختلعت بغير اذنه و قد مضى و كل موضع قلنا يصح فالحكم فيه كما لو اختلعت الأمة نفسها باذن سيّدها و هو انه يصح و قد يقتضى المثل انتهى و لا يخفى ما في قوله و ان اختلعت بغير اذنه فهل يصح الى آخره من الفساد و لو كان بدل قوله باذنه بغير اذنه زال الفساد و انطبق على ما نقله الشارح من الاقوال لكن حكمه في القول الاوّل بان الحق لها مع قوله انه الذى يقوى في نفسى غريب منه رحمه الله جدّ او من اين علم ان الحق لها فقط و ليس للمولى حق ثمّ ما نقله من التفصيل و حكم بانه مقتضى مذهبنا فيه ما اشار اليه الشارح ثمّ قوله فاذا ثبت هذا فكل موضع الى آخره لا يظهر منه المراد اصلا و اظن ان التحريف وقع في قوله فان كان باذنه و قوله و ان اختلعت بغير اذنه و ان الصواب في الاول بغير اذنه و في الثانى باذنه و على هذا فالقول الاوّل هو الصحة مع الاذن و هو الذى يقوى في نفسه و قوله لان الحق لها الصحيح بدل ضمير التأنيث لهما بضمير التثنية و القول الثانى البطلان فيها و الظاهر فيه أيضا انه حرّف ضمير التثنية الى ضمير التأنيث اى في الخلع و الهبة و قوله و منهم من قال اشارة الى ان منهم من قال ان الخلع لا يصح قطعا و ان كان باذنه و جعل في الهبة باذنه قولين و على هذا فالحق من الاقوال هو ما قواه في نفسه و لا تستبعد من هذا التوجيه باعتبار ظهور فساد القول بعدم الصحّة مع الاذن اذ لا شكّ في وجود هذا القول بين العامة كما صرّح به في باب المكاتب حيث قال و ليس للمكاتبان يهب شيئا من ماله و لا ان يبيعه بالمحاباة و لا ان يقرضه بغير اذن سيّده لان في هذه الامور اتلاف المال و لاحظ له فيها فان فعل ذلك باذن سيّده او اختلعت من زوجها باذن سيّدها على عوض بذلته فعندنا يصح جميع ذلك و منهم من قال لا يصح جميع ذلك و الاول اصح لان المال لا يخلو من بين السّيد و العبد فاذا وهب احدهما و اذن الآخر صحّت الهبة كالشريكين في المال اذا وهب احدهما باذن صاحبه انتهى و اذا حمل الكلام على هذا الوجه فالمراد بقوله فاذا ثبت هذا اه ان في كل موضع قلنا في المكاتبة لا يصح و مع ذلك كان باذن سيّده كما في القول الثانى في اختلاع المكاتبة باذن سيّدها على ما قرّرنا فحكمه حكم ما لو اختلعت الامة بغير اذن سيده على ما مضى في كلامه فقط سقط لفظ الامة في كلامه و يمكن توجيهه بدون السّقوط أيضا بان يكون

ص: 423

فاعل اختلعت في هذا الشّق هو المكاتبة لا الامة و يرجع الى الاول فان حكم اختلاع المكاتبة بغير الاذن هو حكم اختلاع الامة على ما ذكره او لأبناء على هذا التوجيه و كل موضع قلنا في المكاتبة يصح اختلاعها بالاذن على ما ذكرنا فالحكم فيه حكم ما لو اختلعت الامة نفسها باذن سيّدها و هو ان يصح ان كان بقدر مهر المثل او دونه على ما فصّله سابقا هذا و امّا ما فصّله و حكم بانّه الذى يقتضيه مذهبنا فالظاهر ان المراد به على هذا التوجيه أيضا على ما وفق فهمه الاصحاب اى ان مقتضى المذهب ان لا يفصّل في المكاتبة بين ما كان اختلاعها بالاذن و عدمه على ما ذكره اوّلا بل يحكم في المشروطة بانه كالقنّ في صورة الاذن و عدمه و يحكم في المطلّقة بالصحة مطلقا مع الاذن و عدمه و حينئذ أيضا يتوجّه عليه ما استشكله الشارح و يمكن حمله على ان مقتضى مذهبنا في اختلاع المكاتبة مع الاذن انه ان كانت مشروطا عليها فحكمه حكم اختلاع الامة القن سواء و هو ما فصّله اوّلا من انه يقتضى ان يكون بمهر المثل او اقلّ اى ان لم يعيّن السيّد فاذا فعلت كذلك فان كانت ماذونا لها في التجارة اعطت مما في يديها و ان لم يكن تاجرة اعطت من كسبها و ان لم يكن لها كسب ثبت في ذمتها و ان اختلعت باكثر من مهر المثل كان ما زاد فاسدا و يقوى في نفسه ان يكون صحيحا يتعلق بذمّتها و ذلك لان المكاتب المشروط قنّ فحكمه حكمه و ان لم يكن مشروطا عليها كان الخلع صحيحا اى على اى وجه اختلعت به و اعطت من نالها و ان زاد على قدر مهر المثل بلا اعتراض للسيّد عليها لانه ليس بقنّ و لكن لا يجوز تصرّفه بدون الاذن فيما لا يتعلّق بالاكتساب و قد زال المنع بالأذن فهي كالحرة المختلعة و على هذا فما ذكره من ان في كل موضع قلنا يصح فيه فالحكم كما لو اختلعت الامة نفسها باذن سيّدها يجب ان يخص بما ذكره اوّلا من اقوال العامة لا فيما ذكره الذى يقتضيه مذهبنا اذ على ما ذكرنا حكمه بكون الخلع صحيحا في غير المشروطة ليس بهذه المعنى الذى ذكره آخرا كما لا يخفى و على هذا التوجيه فيندفع ما استشكله الشارح من الشيخ و يكون مذهبه موافقا لما استوجهه الشارح من عدم الصحة فيها الا بالاذن و انما يبقى كلامه مع سائر الاصحاب لكن حمل الكلام عليه لا يخلو عن تكلف و مع ذلك فالحكم بان الأذن في الامة ينصرف الى ما كان بقدر مهر المثل و كذا في المشروطة و في المطلقة لا يقيد بذلك محل تامّل فتأمل

قوله فالمتجه عدم الصحة فيها الا باذن المولى

بل الظاهر لو لا الاتفاق ان يقال انه ان كان الخلع اصلح لها في الاكتساب كان تتزوج بعده بآخر بازيد مما اعطته فلا يتقيّد بالاذن و الا فيتقيّد به الا ان يقال ان الخلع محاباة بالفعل و كلّ ما كان كذلك فلم يجوّزوه من المكاتب بدون الاذن و ان امكن ان يكون وسيلة الى ما هو انفع لجواز ان يظهر خطاء الاعتقاد او ان لا يتيسّر ذلك و الا فهذا الاحتمال يجرى في غيره أيضا مثل البيع نسئية و كذا باقل من ثمن المثل اذا كان وسيلة الى شراء شي ء آخر يكون اصلح للاكتساب مع انّهم اطلقوا المنع عنهما نظرا الى ما ذكرنا فتأمل

قوله و لا تصح الخلع الا مع كراهتها له

هذا مذهب الاصحاب لم ينقلوا فيه خلافا و استدلوا عليه بقوله تعالى وَ لٰا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّٰا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلّٰا أَنْ يَخٰافٰا أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ و بالاخبار المستفيضة كحسنة الحلبى بإبراهيم على ما في الكافي و التهذيب و صحيحة على ما في الفقيه عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها و اللّه لا ابرّ لك قسما و لا اطيع لك امرا و لا اغتسل لك عن جنابة و لأوطئنّ فراشك و لآذنن عليك بغير اذنك و قد كان النّاس يرخّصون فيما دون هذا فاذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما اخذ منها و كانت عنده على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و قال يكون الكلام من عندها و زاد في الكافي و التهذيب و قال لو كان الامر الينا لم يجز طلاقا الا للعدة و صحيحة يعقوب بن شعيب التى في الفقيه عن ابى عبد اللّه عليه السلام انه قال في الخلع اذا قالت لا اغتسل لك من جنابة و لا ابرّ لك قسما و لا وطئن فراشك من تكرهه فاذا قالت له هذا حلّ له ان يخلعها و حلّ له ما اخذ منها و حسنة محمد بن مسلم بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المختلعة التى تقول لزوجها اختلعني و انا اعطيتك ما اخذت منك فقال لا يحلّ له ان يأخذ منها شيئا حتى تقول و اللّه لا ابرّ لك قسما و لا اطيع لك امرا و لآذنن في بيتك بغير اذنك و لأوطئن فراشك غيرك فاذا فعلت ذلك من غير ان يعلمها حل له ما اخذ منها و كانت تطليقة من غير طلاق يتبعها و كانت بائنا بذلك و كان خاطبا من الخطاب و موثقة سماعة قال سألته عن المختلعة فقال لا يحل لزوجها ان يخلعها حتى تقول لا ابرّ لك قسما و لا اقيم حدود اللّه فيك و لا اغتسل لك من جنابة و لا وطئن فراشك و لادخلن بيتك من تكره من غير ان تعلم هذا و لا يتكلمونهم فتكون هى الذى كذا تقول ذلك فاذا هى اختلعت فهي بائن و له ان يأخذ من مالها ما قدر عليه و ليس ان يأخذ من المبارات كل الذى التى التهذيب اعطاها و رواية الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا خلع الرّجل امراته فهي واحدة بائن و هو خاطب من الخطاب و لا يحل له ان يخلعها حتى تكون هى التى تطلب ذلك منه من غير ان يضربها و حتى تقول لا ابرّ لك قسما و لا اغتسل لك من جنابة و لادخلن بيتك من تكره و لأوطئن فراشك و لا اقيم حدود اللّه فيك فاذا كان هذا منها فقد طاب له ما اخذ منها و رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال ليس يحل له خلعها حتى تقول لزوجها ثمّ ذكر مثل ما ذكر اصحابه ثمّ قال ابو عبد اللّه عليه السلام و قد كان يرخص للنساء فيما هو دون هذا فاذا قالت لزوجها حل له خلعها و حلّ لزوجها ما اخذ منها و كانت على تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و لا يكون الا من عندها ثمّ قال لو كان الامر الينا لم يكن الطلاق الا للعدة و رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال لا يكون حتى تقول لا اطيع لك امر او لا ابر لك قسما و لا اقيم لك حدّا فخذ منى و طلقنى فاذا قالت ذلك فقد حل له ان يخلعها بما تراضيا عليها من قليل او كثير و لا يكون ذلك الا عند سلطان فاذا فعلت ذلك فهي املك بنفسها من غير ان يسمّى طلاقا و موثقة سماعة قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام لا يجوز للرجل ان يأخذ من المختلعة حتى تتكلم بهذا الكلام كله فقال اذا قالت لا اطيع اللّه فيك حل له ان يأخذ منها ما وجد و حسنة محمد بن مسلم بإبراهيم على ما في الكافي و صحيحة على ما في التهذيب و في الفقيه ايضا بسند آخر فيه محمد بن حمران و الظاهر انه ابن اعين و قيل فيه ان له كتابا و لم يصرّحوا بتوثيقه او مشترك بينه و بين النّهدى الثقة عن ابى جعفر عليه السلام قال اذا قالت المرأة لزوجها جمله لا اطيع لك امرا مفسّرا او غير مفسّر حلّ له ما اخذ منها و ليس له عليها رجعة كذا في الكافي و الفقيه و في التهذيب ان يأخذ منها و لا يذهب عليك انه ليس في شي ء من الآية و

الاخبار حديث الكراهة بل علق في الآية الكريمة نفى الجناح على خوف الّا يقيما حدود اللّه تعالى و هو

ص: 424

يمكن ان يكون باعتبار كراهتها او لغيرها و كذا الكراهة لا يستلزم الخوف المذكور امّا الاخبار فقد علق جواز اخذ الفدية فيها على اعتدائها في الكلام على اختلاف مراتب ما وقع منه فيها على ما رايت و ليس في شي ء منها حديث الكراهة نعم اذا قالت المرأة ذلك يستفاد منه كراهتها فيلزم منها اشتراط اظهار الكراهة على الوجه المخصوص و امّا اشتراط الكراهة في نفس الامر فلا يستفاد من الاخبار فلعل مرادهم باشتراط الكراهة اشتراط اظهارها و الاتيان بما يدل عليها كالاقوال المذكورة و الا فالكراهة امر نفسى لا يمكن الاطلاع عليه الا باظهارها لكن يبقى بعد ان ظاهر كلام الاكثر كفاية كراهة الزوجة اى اظهارها بناء على هذا الحمل في صحة الخلع مطلقا مع ان المستفاد من الروايات على ما عرفت اشتراط اظهارها بالاقوال المخصوصة فالظاهر اتباع الرّوايات و اشتراط اعتدائها في الكلام اما باكثر ما وقع منه في الروايات و هو الاحوط او باقله و حمل ما زاد منه على المثال او افضلية ترك الخلع الى ان يصل الى هذه المرتبة و قال ابن ادريس رحمه الله في السرائر فامّا اذا كانت الحال عامرة و الاخلاق ملتئمة و اتّفقا على الخلع فبذلت له شيئا على طلاقها لم يحل ذلك و كان محظور الاجماع اصحابنا على انه لا يجوز له خلعها الا بان يسمع منها ما لا يحل ذكره من قولها لا اغتسل لك من جنابة و لا اقيم لك حدّا و لا وطئن فراشك من تكرهه او يعلم ذلك منها فعلا و هذا مفقود هاهنا فيجب ان لا يجوز الخلع انتهى و لقد احسن حيث لم يكتف بالكراهة مط بل اشتراط الكراهة الى الحدّ الذى ذكره كما يستفاد من الاخبار و احسن منه انه ادعى عليه الاجماع لكنه اكتفى بالعلم بذلك منها فعلا أيضا و هو خلاف ظ الاخبار الا ان يتمسّك بالقياس بطريق الاولى او بدلالة الآية الكريمة هذا بقي الكلام في الآية الكريمة و الجمع بينها و بين الاخبار و اما اجمع عليه الاصحاب من اشتراط الكراهة فنقول اذا كان اشتراط الكراهة اجماعيا كما هو الظاهر فلا يمكن حمل الآية الشريفة على كفاية الخوف من ان لا يقيما حدود اللّه في صحة الخلع مطلقا و ان كان بدون اظهار الكراهة فلا بد ان يحمل على الخوف من عدم اقامتها حدود اللّه المتعلقة بالزوج عند البقاء على الزوجية بسبب كراهتها لها لكن حينئذ يحتمل ان يكتفى بذلك مطلقا و يحمل الاخبار الدّالة على اشتراط قولها على سبيل المثال و انه بيان اقل مراتب الخوف و الّا فلو كان بالفعل لكفى بطريق اولى و يحتمل ان يشترط قولها كما هو ظاهر الاخبار و يحمل الآية على الخوف الحاصل بسبب اقوالها المذكورة و هذا احوط بقي ان الآية الكريمة يدل على اشتراط خوف عدم الاقامة من الجانبين فيكون الكراهة من الطرفين مع اختصاص الكراهة في الخلع بالزوجة فلتحمل الآية على المبارات لكن ما نقلوا في وجه نزولها لا يوافقها فانهم نقلوا انها نزلت في ثابت بن قيس و زوجته جميلة بنت عبد اللّه بن ابى و كان يحبّها و تبغضه فاتت رسول اللّه فقالت يا رسول اللّه لا انا و لا ثابت لا يجمع رأسى و رأسه شي ء و اللّه ما اعتب عليه في دين و لا حلق و لكنى اكره الكفر في الاسلام ما اطيقه بغضا انى رفعت جانب الخباء فرأيته اقبل في عدّة فاذا هو اشدّهم سوادا و اقصرهم قامة و اقبحهم وجها فنزلت الآية و كان قد اصدقها حديقة فاختلعت منه بها و يمكن ان يحمل الخوف من جانب الزوج على انه ليس باعتبار كراهته لها بل باعتبار انه يخاف من انها لو خرجت عن موجبات الزّوجية و الشرع عسى ان يخرج هو أيضا الا ان هذا أيضا ليس بشرط في الخلع الّا ان يقال ان الشرط هو الخوف من جانب الزوجة فقط و ضم الخوف من جانب الزوج باعتبار حصوله غالبا لما ذكرنا و ربما يقال ان ذكر الزّوج مع الزوجة لاقترانهما كما في نسيا حوتهما و يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان و انما هو من الملح دون العذب مجاز للاتّساع فتأمل

قوله فلو طلقها و الأخلاق ملتئمة إلى آخره

كان الشارح حمل الطلاق هاهنا على الطلاق الذى تبع به الخلع اى لا يصح الخلع بدون الكراهة لكن لو اتبعه حينئذ بالطلاق بطل البذل و وقع الطّلاق رجعيّا و حينئذ لا ينافى ما ذكره سابقا من ان الطلاق العدى اغنى عن لفظ الخلع و لم يشترط بالكراهة لانه في الطلاق بالعوض لا الخلع الذى اتبع بالطلاق لكن لا حاجة الى حمل كلام المصنف على ذلك بل لو حمل على الطلاق بالعوض أيضا كما هو ظاهره صح الحكم كما نقلناه عن المحقق و العلّامة و فصّلنا القول فيه نعم لا يبعد حمل كلامه على ما يشمل الطلاق التابع للخلع ايضا فان الظاهر ان حكمه أيضا عندهم حكم الطلاق بالعوض و انه بعد بطلان الخلع لفقد شرط الكراهة يقع الطلاق التابع لكن في وقوعه رجعيا في الصورتين ما اشرنا اليه من الاشكال فتذكّر

قوله و لو اكرهها على الفدية فعل حراما

و يتحقق اكراهه عليها بتوعده ايّاها ان لم تبذلها بما لا تتحمله او لا يليق بحالها من ضرب و شتم و نحوه كذا في شرح الشرائع و لو منعها حقوقها الواجبة لها من القسم و النفقة او بعضها فاختلعت لذلك فهل هو اكراه نقل الشيخ في المبسوط عن بعض المخالفين انه اكراه قال فاما عندنا فالذى يقتضيه المذهب ان نقول ان هذا ليس باكراه لانه لا دليل عليه و تبعه على ذلك المحقق في الشرائع و العلّامة في الارشاد و في السرائر نسب القول الى الشيخ ساكنا عليه مؤذنا بضعفه او تردّده فيه و في عد قيد حقوقها بالمستحبة مشعرا بانه لو منع الواجبة كان اكراها و الشارح رحمه الله في شرح الشرائع فصّل و قال ان كان منعها لا لقصد ذلك بل لضعف دينه و حرصه على المال او ميله الى غيرها و نحو ذلك فليس باكراه كذا اذا كان لقصد ذلك ما لم يظهر لها ذلك اما لو اظهر لها ان منعها ذلك لاجل البذل كان اكراها لصدق تعريفه عليه و اظهر منه لو عين مع ذلك عين البذل و حمل كلام من قال بانه ليس باكراه على الشق الاوّل و لا يخفى ان ما ذكره متجه لكن ينبغى ان يقيّد في الشق الثانى الحق الذى منعها منه بما يكون الصّبر على تركه مما لا تتحمله او لا يليق بحالها و الا فلا اكراه و لعل مراده رحمه الله أيضا ذلك ثمّ لا ريب في حرمة منعها شيئا من حقوقها الواجبة مطلقا و انما الكلام في تحقق الاكراه بذلك و بطلان الخلع ام لا و ان كان اثما و هو ظاهر و اما ترك غير الحق الواجب كترك مقاربتها زيادة عن القدر الواجب و التسوية بينها و بين ضرّتها فيها او في الانفاق و نحو ذلك و مثله التزويج او التسرّى عليها فليس باكراه قطعا و ان اظهر ان ذلك القصد البذل لانه امر سائغ و اقترانه بارادة الفداء لا يوجب الاكراه كما لا يخفى ثمّ لا يخفى انه بعد ما علم عدم صحة الخلع و البذل الا بعد اظهار الزوجة الكراهة على الوجه المخصوص ينبغى ان يحمل هذه المسألة على انه اذا ظهرت الزوجة الكراهة على الوجه المعتبر في الخلع لكن كان منشؤها منعها حقوقها او انها اظهرت الكراهة على الوجه المعتبر لكن لم ترض بالفداء الا بعد منعها حقوقها فهل يصح البذل حينئذ ام لا و اما اذا رضيت بالفدية باعتبار منعها حقوقها الواجبة او اغارتها و نحوها لكن لم تظهر الكراهة على الوجه المعتبر فكانه لا ريب في عدم صحة البذل عندهم الّا همّ الا بعنوان الطلاق بالعوض على رأى الشارح رحمه الله فتأمل

ص: 425

قوله و طلاقها رجعىّ

فيه اشكال من حيث عدم القصد اليه فلا يبعد القول ببطلانه رأسا كما ذكرنا في المسألة السّابقة نعم لو كان عالما بعدم صحة البذل مع الاكراه و مع ذلك طلقها كذلك لم يبعد القول بوقوع الطلاق رجعيّا لان مع علمه بعدم وقوع البائن لا يمكن قصده فليحمل على الرّجعى هذا بالنّظر الى الظاهر و امّا بينه و بين اللّه تعالى فتابع لقصده فان قصد الطلاق مع علمه بعدم وقوع البائن فيقع رجعيّا و الا فلا هذا اذا اتى بالطلاق بالعوض او اتبع الخلع بالطلاق امّا الخلع المجرّد فلا ريب في بطلانه رأسا اذا بطل البذل و ان قلنا انه طلاق لان ماهيّة لا تتحقق بدون صحة البذل عندنا كما ذكره في شرح الشرائع

قوله و قيل كل معصية

و في التبيان و مجمع البيان انه المروىّ عن ابى جعفر عليه السلام و اختاره الطبرسى و قيل المراد بها النّشوز و هو المروىّ عن ابن عبّاس فما في شرح الشرائع حيث نقل الاقوال الثلاثة كما هنا ثمّ قال ان الحكم على خلاف الاصل فينبغى معه الاقتصار على محلّ الوفاق و هو الاولى لانه ثابت على جميع الاقوال ليس بشي ء الا ان يثبت عنده انحصار اقوال الاصحاب في الثلاثة فتدبّر

قوله و هو منعها بعض حقوقها

و اصله التضيّق و الامتناع يقال عضلت الدّجاجة بيضتها اذا عسرت عليها و عضل الفضاء بالجيش اذا لم يمكن سلوكه لضيقه و منها العضلة لصلابتها و الدّاء العضال اذا لم يبرأ

قوله فتدخل في قول اللّه تعالى إلى آخره

لا يخفى ان المستفاد من الآية حل ما افتدت به مع خوف عدم اقامتها حدود اللّه فيه و كان الظاهر منه ما افتدت برضاها بلا شوب اكراه فلا يفيد جواز منعها حينئذ حقوقها لتفتدى و الكلام هاهنا فيه لو سلم اطلاقه و شموله ما لو افتدت بالعضل أيضا فنقول أيضا ان حلّ الفداء مع العضل أيضا لا يستلزم حلّ العضل لجواز حرمة العضل و ان حل الفداء بعده كما نقلناه عن الشيخ و غيره في المسألة السّابقة كيف و لو حملت الآية على جواز المنع أيضا حينئذ يصير محصّل الآية حينئذ انه اذا خاف ان لا تقيم هى حدود اللّه فيه فلا جناح عليه ان لا يقيم هو حدود اللّه فيها و لا يخفى ما في هذا التجويز من البعد و بعد هذا كله فلا يخفى ما في التمسّك بمثل هذا الدليل مع عدم الحاجة اليه لمكان آية العضل من التعسّف فتأمل

قوله لانّه في معنى الاكراه

قد مرّ ما يتعلّق به ثمّ ان هذا القائل كانه حمل الآية الشريفة على ان المراد لا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ الّا ان تفعلوا فاحشة فانه حينئذ يجوز العضل لهذا لا لذلك فالنهي عن العضل لأخذ شي ء مطلق لكن يجوز العضل مع الفاحشة و ربما قيل ان العضل الجائز حينئذ هو الحبس و الامساك في البيوت الذى حكم به في الآية الاخرى فافهم

قوله و لقوله تعالى فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ

لا يخفى ضعف التمسّك بهذا المفهوم اذ يكفى لفائدة الشرط حرمة الاكل في بعض صور عدم الشرط و هو ما اذا تصرّف في المهر بدون هبة و افتداء اصلا على ان النهى و المرء على ما ذكره المفسّرون كانها فوق جائز الاكل فيجوز انتفاؤهما عند عدم الشرط مطلقا و ان جاز اكله في بعض الصّور كما نحن فيه و ايضا سابق الآية و هو قوله تعالى وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نحلة قد يفسّر بتفسيرين احدهما ان يكون الخطاب للازواج بان يعطوهنّ صدقاتهنّ نحلة اى من غير طلبة منهنّ و لا مؤاخذة و لا مخاصمة و ثانيهما ان يكون الخطاب للاولياء فانهم كانوا اذا زوّجوهنّ يأخذون صدقاتهنّ دونهنّ فنهاهم اللّه عزّ و جلّ عن ذلك و رواه ابو الجارود عن ابى جعفر عليه السلام و على هذا فالخطاب أيضا ظاهره انّه معهم بان ان وهبتها لكم بطيب انفسهنّ فكلوه و على هذان لا وجه للاستدلال به فيما نحن فيه اصلا و هو ظ

قوله منسوخة بآية الحدّ

و قال و كان هذا الحكم قبل الحدود و كان الاخذ منهنّ على وجه العقوبة لهنّ ثمّ نسخ بآية الحدّ كما نسخ بها آية الحبس أيضا و هى قوله تعالى وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّٰى يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا

قوله حذوا من الضّرر العظيم

لو سلم نفى الضرر مطلقا حتى مع الاتيان بالفاحشة فينبغى الاعتبار بما يحصل معه الاضرار و عدمه لا بما وصل اليها منه و ما زاد عليه كما فعله و هو ظ

قوله و استناد الى قول النّبى صلّى اللّه عليه و آله

و لا يخفى ان هذا الحديث مع كونه عاميا ظاهرا لا ربط له بما نحن فيه اصلا فان جميله كما نقلنا سابقا لم يعضلها زوجها و كان يحبّها و انما كانت الكراهة و استدعاء الخلع من قبلها من غير عضل و لا بدّ في توجيه الحكم بعدم الزيادة فيه من التمسّك بما ذكرنا من انه باعتبار رضا الزوج بها من غير طلب زيادة و الّا فيجوز الزيادة في الخلع الابتدائى بلا خلاف عندنا

قوله فيبقى المساوى و الزائد على اصل المنع

لا اصل يقتضى المنع من اخذ شي ء منها اذا رضيت به حتى يبقى المساوى و الزائد بعد خروج البعض على اصل المنع فان كان هى الاخبار الواردة في الخلع فقد ظهر لك بما نقلنا سابقا ان الشارح لم يحملها على عمومها و خصّ ما ورد فيها من المنع عن اخذ شي ء الا بعد ان تعتدى في الكلام على المنع منه بعنوان الخلع الا بعد ذلك و الا ففى الطلاق بالعوض يجوز الاخذ بدون ذلك على ان القائل بالثانى يعتقد دخول هذا في الخلع و لعله يشترط حينئذ ان تاتى الزوجة بعد العضل بما اعتبر فيه من اظهار الكراهة و الاعتداء في الكلام و حينئذ لا منع من الافتداء و لو مساويا او ازيد الا ان يكون بناء كلام الشارح رحمه الله على ما تحققه من عدم دخول هذا في الخلع ما ذكره من الدليل و ان كان اصل المنع باعتبار ان البذل بعد العضل في حكم الاكراه فلا يجوز معه فقد عرفت انه غير مسلم اصلا او مطلقا على ما اختاره الشارح فكيف يحكم هاهنا باطلاق المنع و يمكن ان يكون نظره رحمه الله الى هذه الآية فانها تدل على المنع من اخذ البعض بالعضل و يدل بمفهوم الموافقة على المنع من المساوى و الزائد أيضا و الاستثناء لا يدل الا على جواز البعض مع الاتيان بالفاحشة و لا يمكن التمسّك بالمفهوم منه فيبقى الباقى المساوى و الزائد فيه على اصل المنع و فيه ان ورود النهى في الآية على اخذ البعض غير مسلم فانه يمكن ان يكون النهى فيها عن العضل و كان التقييد باخذ البعض باعتبار انه كثيرا ما يصير ارادة اخذ شي ء منها سببا للعضل فحكم عليهم بان لا تعضلوا لهذا فان العضل حرام و لا يصير هذا سببا لجوازه الّا ان يأتين بفاحشة فيرتفع حرمة العضل و على هذا فلا منع من اخذ شي ء منهنّ في هذه الصّورة مطلقا هذا و الظاهر ان بناء كلام الشارح على ما يظهر من كلامه من جعل هذا اصلا على حدة غير داخل في الخلع او الطّلاق بالعوض و ظاهر كون الاصل المنع من اخذ شي ء من الغير بدون احدى ظاهر الصيغ المتلقاة من الشارع و كذا وقوع الفرقة بين الزوجين به و لما ورد الآية في خصوص البعض فيبقى المساوى و الزائد على اصل المنع و على هذا ما ذكره من المنع عن الزائد و المساوى متجه لكن الحكم بجعل هذا اصلا على حدة بمجرّد هذه الآية مشكل جدّا امّا اوّلا فلان الآية لا تدل على ان العضل المنهىّ عنه هو العضل لأخذه

ص: 426

شي ء منها تفتدى به لتخلص نفسها منها منه بل يجوز ان يكون هو العضل لأخذ شي ء منها هبة مع اقرارها على الزوجية لترك العضل و حينئذ لا دلالة للاستثناء الّا على جواز ذلك و امّا ثانيا فلانا لو سلمنا ان المراد ذلك فلا دلالة عليها على ان التخليص بمجرّد ذلك بل لعلّ العضل لان ترضى باعطاء شي ء لترضيه بالطلاق او الخلع مع شرائطه فنهى ذلك الا في صورة الاتيان بالفاحشة فتأمل

قوله فان خرج المساوى

اشارة الى توجيه حكم المصنف بالمنع عن الزائد و تجويز المساوى مع انه على ما حققه الشارح ينبغى المنع عن المساوى أيضا فاشار الى انه يمكن خروج المساوى أيضا عنده بدليل آخر فيبقى الزائد و لا يخفى انه لو قيل باصل المنع لا يظهر دليل على اخراج المساوى و ان تمسّك فيه بحديث جميلة حيث اختلعت بالحديقة التى هى تمام المهر على ظاهر ما نقل فمع انه لا ربط له بما نحن فيه كما اشرنا اليه سابقا ان الحديقة كانت تمام المهر الى تمام ما ساق اليها فيجوز ان كان وصل منه اليها شي ء غير المهر كما هو المتعارف بين النّاس الّا ان يتمسّك باصالة عدمه و لا يخفى ضعفه

قوله لانها ليست كارهة

بقي انه لم يفرض في المسألة كراهتها فهي امّا غير كارهة او كارهة و لكن لم تخصّ الكراهة بها لان الظاهر من عضل الزوج كراهته فعلى التقديرين لا يدخل في الخلع فاما عقد مستقل او داخل في المبارات و على الثانى لا ريب في المنع عن الزائد فيه كما سيجي ء و على الاول فيجب الاقتصار فيه على مورد النّص و هو البعض

قوله و ذكرها في باب الخلع

لا يخفى ان ذكرها في باب الخلع مع تصريح جمع من اعاظمهم بانه من افراد الخلع منهم الشيخ رحمه الله في المبسوط و الطبرسى رحمه الله في مجمع البيان مع عدم التعرض لتعيين لفظه و صيغته كما هو رايهم في سائر العقود و الايقاعات يدل على انهم جعلوها منه و اما ما تمسّك به الشارح من اعتبار الكراهة في الخلع دونها فيمكن ان يجاب عنه بان هذا القسم من الخلع لعله لم تعتبر كراهتها فيه او انه لما اعتبروا الكراهة في الخلع مطلقا فينبغى حمل هذا القسم أيضا على ما اذا اظهرت الزوجة الكراهة و اعتدت في الكلام و ان كان سبب ذلك عضلها و منعها حقوقها فالمعتبر مطلق الكراهة و ان كان بسبب العضل و هذا اظهر و اما ان ظاهر حال الزوج أيضا الكراهة بدليل العضل مع الكراهة في الخلع بالزّوجة فيمكن ان يقال ان عضلها يمكن ان لا يكون لكراهة لها بل للحرص على المال و لو فرض وجود الكراهة منه أيضا فيلزم حينئذ دخوله في المباراة و عدم جواز الزيادة فيه و نقول ان تجويز الزيادة في صورة اختصاص الكراهة بالزوجة و يحمل حكمهم بانه من افراد الخلع على ان المراد الخلع لا يدلّ على جواز الزيادة فيه مع اختصاص النص بتجويز البعض على ما ذكره اذ ما ذكروه من عدم تقييد الخلع بعدم الزّيادة لعلّه في الخلع في الجملة لا في جميع افراده هذا و التحقيق ان الآية الشّريفة مجملة لا يمكن بها اثبات قسم خاص من الفراق و لا من الخلع و لا حلية اخذ شي ء منها باعتبار العضل و حينئذ فان قلنا ان اعطائها معه في حكم الاكراه فلا يصح مطلقا و ان لم نقل به اما اصلا او على التفصيل الذى نقلنا من الشارح فمتى لم يكن اكراها يصح ما تعطيه هبة لزوجة او تبذله للخلع اذا تمت و فيه شرائط الخلع من الاعتداء في الكلام و غيره و حينئذ لا فرق بين الناقص و الزائد و المساوى و انما بدونه يشكل الحكم بالصحة مطلقا فتأمل

قوله و تحريم الاخت و الرابعة

اى الرابعة بدونها على زعم انها خرجت من الزوجية و الحال انها بعد الرجوع في حكم الزوجة فاذا تزوّجت بعده بدلا منها كانت الرابعة بزعمه خامسة محرّمة

قوله فلا رجعة للزوج

قد مرّ ما يدلّ عليه من الاخبار الكثيرة الدّالة على ان المختلعة بائن و ليس عليها رجعة و هو خاطب من الخطاب فلا حاجة الى اعادتها قوله و للزوجة الرجوع في البذل ما دامت في العدّة هذا هو المش بين الاصحاب قالوا من حكم الخلع ان للزوجة الرّجوع في البذل ما دامت في العدّة فاذا رجعت هى فللزوج أيضا الرّجوع في العقد سواء شرط ذلك في الخلع ام اطلق الحكم و قال ابن حمزة رحمه الله يجوز ان يطلق الخلع و ان تقيّد المرأة بالرجوع فيما افتدت به و الرّجل بالرّجوع في بضعها فان اطلقا لم يكن لاحدهما الرجوع بحال الا ان يرضى الآخر و ان قيّد لم يخل اما لزمتها العدة او لم تلزم فان لزمتها جاز الرجوع ما لم تخرج من العدة فان خرجت عنها او لم تلزم العدة لم يكن لهما الرجوع بحال الا بعقد جديد و هذا صريح في انه مع الاطلاق لا يجوز الرّجوع الا برضى الطرفين لكن لا يعلم من كلامه انه مع التراضى يجوز الرجوع مطلقا او على ما ذكره من الاصحاب من رجوعه بعد رجوعها في البذل و صريح أيضا في ان مع الاشتراط يجوز الرّجوع في العدة و لكن لا يعلم منه أيضا انه هل ذلك على ما فصّله الاصحاب من جواز رجوعها ثمّ رجوعه بعده او انه يجوز اشتراط الخيار في الرّجوع لكل منهما و حينئذ فلكل منهما الرّجوع في العدة و ان اكرهه الآخر و المفيد رحمه الله ذكر في جملة بيان كيفيّة الخلع قول الرّجل فان رجعت في شي ء من ذلك فانا املك ببضعك ثمّ حكم بما حكم به الاصحاب من جواز رجوعها في العدة و رجوعه أيضا بعده فلم يذكر جواز الرجوع الا مع الاشتراط فيمكن ان يكون الاشتراط عنده من شرائط الخلع كما يظهر ذلك مما نقلنا سابقا عن الحسن بن سماعة و غيره حيث قالوا ان الخلع من شرطه ان يقول الرجل ان رجعت فيما بذلت فانا املك ببضعك او انه لا يرى جواز رجوعها الا مع الاشتراط كما نقلنا عن ابن حمزة حجة الشارح صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع المتقدمة في بحث عدم وجوب الاتباع بالطلاق حيث ان في اوّله على ما في التهذيب قال سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تبارى زوجها او تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك او هى امراته ما لم يتبعها بطلاق فقال تبين منه و ان شاءت ان يردّ اليها ما اخذ منها و تكون امراته فعلت و لا ريب انها باطلاقها ظاهرة فيما هو المش الا ان يجعل اخذ الاشتراط معتبرا في مفهوم الخلع كما هو احد احتمالي كلام المفيد رحمه الله على ما ذكرنا و حينئذ فلهم مع خلوا الاخبار الواردة في الخلع مع كثرتها عنه اصالة عدم الاشتراط ما لم يثبت خلافه و قوله عليه السلام و تكون امراته يعنى انشاء الزوج بعده ذلك او انه يكون في حكم امراته حيث يصير طلاقها رجعيّا و الرّجعية بمنزلة الزوجة للاجماع على انها لا تصير امراته بمجرّد رجوعها او المراد انه ان شاءت ان يردّ اليها و ان تكون امراته و رضيت بهما فعلت اى رجعت و الا فلا ترجع لجواز رجوعه أيضا بعد رجوعها فتكون امراته و ان كرهت ذلك فافهم و يدل أيضا على المش موثقة ابى العبّاس عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المختلعة ان رجعت في شي ء من الصّلح يقول لارجعنّ في بضعك وجه الدلالة مثل ما سبق في الاولى و العلامة رحمه الله في المختلف بعد نقل ما هو المش و قول ابن حمزة عبارة المفيد قال احتج الاصحاب بعموم قولهم عليه السلام و ليس فيها رجعة و احتج ابن حمزة بانها معاوضة فيعتبر رضاهما و لا باس به و كان مراده باحتجاج

ص: 427

الاصحاب احتجاج كلهم على كون الخلع بائنا لا احتجاج المش على ما ذكروه في كيفيّة الرّجوع فان ما ذكره لا تدلّ الّا على كون الخلع بائنا و لا دلالة فيه على جواز الرجوع اصلا لا على ما هو المش و لا على نحو آخر و كانه رحمه الله طوى عن حجة المش و احتج لقول ابن حمزة الذى نفى عنه الباس و اما احتجاجه لابن حمزة فهو لما ذكره من حكم الخلع فامّا حكم الخلع المشروط فلم يتعرض لدليله لظهوره و هو المؤمنون عند شروطهم و لا يذهب عليك انه ان كان غرضه من الاستدلال به في المطلق و اثبات المنع عن الرجوع بدون التراضى ردّا لما هو المش فلا يخلو من وجه بل لا حاجة الى التمسّك به أيضا فان الاخبار الدّالة على انه بائن و انه لا رجعة له عليها تكفى في المنع ما لم يثبت جواز الرجوع بوجه و حينئذ فينبغى النظر في حجة المش و قد ذكرناها فمن قنع نفسه بهما فليتبعهم و الا فليراع الاحتياط مهما امكن و ان كان غرضه اثبات الرجوع أيضا مع التراضى فلا يخفى ضعفه فان الخلع و ان كان فيه شائبة معاوضة فليس معاوضة حقيقيّة و لهذا لا يمكن فيه الرّجوع بعد العدة اتفاقا فلا يمكن الحكم بجريان الفسخ مع التراضى فيه بمجرد ذلك خصوصا مع ورود الاخبار المطلقة على خلافه نعم لو كان مراده جواز الفسخ مع التراضى على ما فصّله الاصحاب لا مطلقا فكانه لا خلاف فيه على ما نقلنا من المذاهب نعم فيه احتمال البطلان رأسا و عدم الاحتياج الى الرجوع و اما بناء على صحته فيصح فيه رجوعه اذا رجعت اتفاقا منهم هذا و اما ما استدللنا به قيل ابن حمزة في صورة الاشتراط فان اراد جواز الاشتراط على ما ذكره المش فهو متجه و مؤكد لأدلّة المش و ان اراد جواز اشتراط اختيار الرّجوع لكل منهما مطلقا فالتمسّك بالعموم المذكور مع معاوضة لابتنائها بالمهمة الذكورة و مخالفة لما عليه معظم الاصحاب في غاية الاشكال جدّا فتأمل ثمّ ان السيّد المحقق رحمه الله في شرح النافع بعد نقل ما ذكره ابن حمزة قال و هو جيّد امّا جواز رجوعهما مع الاطلاق اذا تراضيا على ذلك فيدلّ عليه قول ابى الحسن الرضا عليه السلام في صحيحة محمد بن اسماعيل في المختلعة تبين منه و ان شاءت ان يردّ اليها ما اخذ منها و تكون امراته فعلت و امّا ان لها الرجوع في العدة مطلقا مع اشتراط ذلك في العقد فيدلّ عليه ما رواه ابن بابويه في الصّحيح عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة ان تقول المرأة لزوجها لك ما عليك و اتركني فيتركها الا انه يقول لها و ان ارتجعت في شي ء منه فانا املك ببضعك و هذه الرواية و ان كانت واردة في المباراة الا ان الظاهر تساوى المباراة او الخلع في هذا الحكم و مع ذلك فهو محل اشكال و لم اقف في هذا الباب على رواية يعتد بها سوى هاتين الروايتين فاثبات ما زاد على ما تضمنتاه مشكل انتهى و لا يخفى ان الصحيحة الاولى كما ذكرناه ظاهرة في المذهب المش و لا دلالة فيها على اعتبار التراضى اصلا فاحتجاجه بها على ما ذكره كما ترى الا ان يقال ان نظره رحمه الله و ان كانت ظاهرة في المش لكنها ليست صريحة في جواز الفسخ الا في صورة التراضى فان قوله عليه السلام و يكون امراته لما احتاج الى تاويل كما ذكرنا و امكن ان يكون تاويله ما ذكرنا من تقدير انشاء الزوج أيضا و امكن حينئذ ان يكون هذا الشرط شرطا في اصل الحكم اى ثبوت الرّد و كونها امراته جميعا لا في الثانى فقط كما هو ظاهره فحينئذ لا يدل الّا على جواز الفسخ مع التراضى فلذا استدلّ بها على جواز الفسخ مع التراضى لصراحتها فيه و كانه لم يعتبر ظهورها فيما هو المش لاعتقاده عدم كفاية هذا الظهور في الحكم بجواز فسخ العقد اللازم مع دلالة الاخبار الكثيرة على انها بائن و لا رجعة له عليها و على هذا فمراده بجواز الرّجوع مع التراضى جوازه معه بالرّجوع في البذل للتصريح في الرواية به لا مطلقا كما هو احد الاحتمالين في كلام ابن حمزة على ما ذكرنا هذا و امّا احتجاجه بالصحيحة الثانية على الشق الثانى فيدل على انه حمل كلام ابن حمزة في صورة الاشتراط على ما يوافق المش اى رجوع الزوج ان رجعت لانه صريح الرواية لا على اشتراط اختيار الرجوع لكل منهما كما هو احد احتمالي كلام ابن حمزة على ما ذكرنا و حينئذ فاستدلاله

بها متجه ان ثبت عدم الفرق بين المبارات و الخلع في هذا الحكم بالاجماع او غيره و يؤكّدها روايات اخرى منها ما رواه في في و التهذيب بعدّة طرق بعضها صحيح عن صفوان عن ابن مسكان عن ابى بصير و فيه اشتراك كما هو المش عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة تقول المرأة لزوجها لك ما عليك و اتركني او تجعل له من قبلها شيئا فيتركها الا انه يقول فان ارتجعت في شي ء فانا املك ببضعك و لا يحل ان يأخذ منها الّا المهر فما دونه و منها ما رواه فيهما في الموثق عن سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام و ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن المباراة كيف هى قال يكون للمرأة على زوجها شي ء من صداقها او من غيره و يكون قد اعطاها بعضه و يكره كل واحد منهما صاحبه فتقول المرأة ما اخذت منك فهو لى و ما بقي عليك فهو لك و اباريك فيقول لها الرّجل فان انت رجعت في شي ء مما تركت فانا احق ببضعك و منها ما رواه في الكافي عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة تقول لزوجها لك ما عليك و بارأنى فيتركها قال قلت فيقول لها فان ارتجعت في شي ء فانا املك ببضعك قال نعم و لا يخفى ان المستفاد من هذه الروايات ان هذا الاشتراط امّا معتبر في مفهوم المباراة و كذا الخلع لو ثبت عدم الفرق بينهما فيه كما ذكرنا من احد احتمالي كلام المفيد و ان مقتضى المباراة و كذا الخلع بناء على عدم الفرق ذلك سواء اشترط ام لا كما هو المش بين الاصحاب فالتصريح به في الاخبار اشارة الى ان مقتضاها ذلك فينبغى له اعلامها بذلك اذ لو كان هذا شرطا جاز اشتراطه و ان لم يشترط لم يكن الحكم ذلك لم يكن الحكم الجزم في تلك الاخبار بانه الا انه يقول لها او فيقول لها وجه كما يشهد به التّأمّل و الاولى رعاية هذا الشرط فيهما و عدم تركه و اللّه تعالى يعلم

قوله فلو خرجت عدتها او لم تكن لها عدّة

و لا خلاف فيهما و ان كانت الرّوايتان اللتان هما مستند الحكم و كذا ما نقل من روايات المباراة خالية عن هذا التقييد

قوله صار الطّلاق رجعيّا

بمعنى انه يجوز للزوج أيضا الرّجوع للاتفاق و لما نقلنا من الاخبار و امّا ترتب احكام الرجعية عليها مطلقا على ما ذكره الشارح هاهنا ففيه تامّل بل فيه وجهان على ما ذكره في شرح الشرائع احدهما ما ذكره بناء على انّها اذا صارت رجعيّة فيترتّب عليها احكامها و ثانيهما الاقتصار على الحكم بجواز الرّجوع بناء على بينونتها اولا و سقوط هذه الاحكام عنها نعودها بعد ذلك يحتاج الى دليل و الاستصحاب يقتضى بقاء الحكم السّابق و لا يلزم من جواز رجوعه ترتب جميع احكام الرجعية عليها و قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن اسماعيل و تكون امراته و ان كان ظاهره الاول لكن قد عرفت انه يحتاج الى تاويل فان اوّل بما ذكرنا ثانيا فظاهره ذلك و ان اوّل بالوجه الاول و الثالث فلا يفيد ذلك فافهم هذا بعد رجوعها و اما قبله فلا شبهة في انتفاء احكام الرجعيّة عنها كما هو صرّح به في شرح الشرائع

ص: 428

و يدلّ عليه من الأخبار ما سبق ان المختلعة لا سكنى لها و لا نفقة و هل يدلّ ذلك على سقوطهما بعده أيضا قبل الرجوع يحتمل ذلك لصدق المختلعة عليها في الجملة و عدمه لرفعه في الجملة فتدبّر

قوله و الرابعة

اى الرابعة بدونها على زعم انّها خرجت عن الزّوجية فاذا تزوج بعد رجوعها برابعة بزعمه كانت خامسة محرمة

قوله ان جوزناه

اشارة الى ان في تزويجه الاخت او الرابعة قبل رجوعها وجهان كما ذكر في شرح الشرائع من تحقق البينونة حينئذ و من انه متزلزلة في حكم الرّجعى و لانه على تقدير تقدم ذلك ثمّ رجوعها يصير جامعا بين الاختين او لأزيد من العدد الشرعى و الاول اقوى لما ذكر و لما رواه في الكافي الصحيح عن ابى بصير و فيه اشتراك عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل اختلعت منه امراته أ يحل له ان يخطب اختها من قبل ان تنقضى عدّة المختلعة قال نعم قد برئت عصمتها منه و ليس له عليها رجعة و هى و ان لم تكن صريحة في جواز تزويجها بالفعل بل في جواز خطبتها لكن ظاهرها جواز التزويج أيضا كما يرشد اليه التعليل الذى فيها و امّا ما ذكره من الوجهين للاحتمال الثانى فلا يخفى ضعف الاول و كذا الثانى اذ لا نم جواز رجوعها حينئذ اذ يمكن ان يكون الحكم بجواز رجوع المختلعة في العدّة مخصوصا بما اذا لم يمنع منه مانع فلما تحقق المانع هاهنا لم يجز لها الرّجوع و امّا ما ادّعاه المصنف في شرح و في مسئلة رجوعها مع عدم الزّوج انه لا خلاف بيننا ان البذل غير لازم من جهة الزّوجة في زمان العدّة فلعل المراد انه غير لازم من جهتها في نفسه لا مع طرء مانع عن الرجوع أيضا كما هنا او وجود مانع عنه في بعض افراده كما اذا كان الخلع ثالثة كما يذكر حكمه بعد ذلك كيف و قد صرح العلّامة بانه انما يصح له الرجعة في موضع يصح له الرجوع و لو سلم فلا نم لزوم الجمع بين الاختين او لأزيد من العدد الشرعى ما لم يرجع الزوج أيضا لما عرفت ان اطلاق كونها في حكم الزوجة بعد الرجوع غير مسلم انما المسلم ان له أيضا بعد ذلك الرجوع و لعلّ ذلك انما هو اذا لم يكن له مانع فاذا تحقق له المانع هاهنا لم يجز له الرجوع و لو سلم فهو اذا امكنته الرّجوع و هاهنا لم يمكنه الرجوع و الحكم بالتلازم بين جواز رجوعها و جواز رجوعه ممنوع كما سيشير اليه الشارح نعم انما يسلم فيما اذا لم يكن له مانع من الرجوع و اما معه فلا و سيجي ء تحقيقه و لو سلم ذلك فربما امكنه التخلص من الجمع بان يكون الاخيرة يائسة او لم يدخل بها و شرط على المختلعة ان تعلمه حين ارادة الرجوع حتى يطلقها بائنا ثمّ ترجع هى او يقال انه لا حاجة الى ذلك بل يكفى طلاقها بائنا اذا علم رجوعها اذ لا تكليف على الغافل فلا منع وجه للمنع عن تزويجها مطلقا هذا و الشارح رحمه الله في شرح الشرائع بعد ما ذكر ان في ترتب احكام الرجعية عليها مطلقا بعد رجوعها كوجوب النفقة و الاسكان و تجديد عدة الوفاة لو مات فيها و نحو ذلك وجهين كما نقلنا عنه سابقا قال و مما يتفرع على ذلك جواز تزويجه اختها و رابعة فاما بعد رجوعها فهو منتف لانها صارت حينئذ في حكم الزوجة كما صرّح به في الخبر الصحيح و اما قبله ففى جوازه وجهان و قد نقلناهما آنفا و لا يخفى انه بعد ما ذكر الوجهين في ترتب احكام الرجعية عليها مطلقا بعد رجوعها و كذا ما ذكر من الوجهين هاهنا في تحريم الاخت و الرابعة قبل رجوعها جزمه هاهنا بانتفاء جواز تزويج الاخت و الرابعة بعد رجوعها مما لا وجه له اذ على الوجه الاول من الوجهين المذكورين هاهنا يمكن القول بجواز تزويج الاخت و الرابعة بعد رجوعها أيضا لعين ما ذكر من الوجه الثانى هناك من بينونتها اوّلا و سقوط حرمة الاخت و الرابعة عنه فعودها يحتاج الى دليل الى آخر ما ذكر هناك و ما ذكره من تصريح الخبر الصحيح به غير ظاهر فانه ان اراد خبر محمد بن اسماعيل بناء على حمل قوله عليه السلام و تكون امراته على الوجه الثانى من الوجوه التى ذكرنا كما فعله رحمه الله في شرح الشرائع ففيه ان الخبر ليس بصريح فيه بل يحتمل ما ذكرنا من الوجهين أيضا و على تقدير حمله عليه فليس بصريح في ترتب جميع احكام الرجعية عليها اذ لعله يكفى في الحكم بكونها امراته مجرّد كونها رجعيّة بمعنى جواز رجوعه فيها و على تقدير تسليمه فليعمل به في ترتب الاحكام السّابقة أيضا فلم اقتصر فيها على الوجهين و لم يبن الحكم على الخبر و ان اراد به صحيحة ابى بصير فانه وصفها فيه بالصحة امّا بمعنى صحتها الى ابى بصير او لوجود قرينة له على انه المرادى الثقة حيث

صرّح فيها بانه ليس له عليها رجعة فمنع بعد حمل العبارة عليه فيه ان هذا ليس الّا تصريحا بان مورد الخبر كان قبل رجوعها و امّا التصريح بانه لا يجوز ذلك بعد الرّجوع او انها حينئذ في حكم الزوجة فلا نعم فيه اشعار بعدم الجواز اذا كان عليها رجعة فالحكم بعدم الجواز يكون اظهر لا مقطوعا به و لا يبعد ان يكون خبر آخر لم اقف عليه و اللّه تعالى يعلم

قوله نعم لو طلقها

اى الاخت او الرابعة بائنا في العدة اى قبل انقضاء مدة المختلعة

قوله و لو كان الطّلاق

اى الخلع بائنا من جهة اخرى غير كونه خلعا ككونه ثالثا مع ثبوت العدّة لكونها مدخولا بها غير يائسة و لا صغيرة ففى جواز رجوع المختلعة في البذل اثناء العدة وجهان

قوله لا بسبب امر خارجى

الاظهر بدله و ان امتنع بسبب امر خارجى و المراد ان جواز رجوعها مشروط بامكان رجوعه في الجملة و يكفى فيه امكانه نظرا الى اصل الخلع كان يكون ثالثا فلا يمكنه الرجوع اصلا و يلزم منه عدم جواز الرجوع المختلعة أيضا لكونه مشروطا بامكان رجوعه في الجملة فافهم

قوله و لانه برجوعها يصير الطلاق رجعيّا

اى لا بدّ ان يصير رجعيّا و على هذا فالتفاوت بين الوجهين كانه باعتبار ان في الاول ادعى ان جواز رجوعها مشروط بامكان رجوعه اى موقوف عليه كما هو ظاهر و في الثانى لا يدعى التوقف بل انه يجب ان يصير الطلاق بعده رجعيّا و هذا لا يمكن ان يصير رجعيّا لا يقال كيف يمكن دعوى كون جواز رجوعها مشروطا بامكان رجوعه مع ان جواز رجوعه موقوف على رجوعها و جوازه فان الخلع لا يصير رجعيّا كما اشار اليه المصنف فيدور لانا نقول هذا نظير الدور الذي سيذكره الشارح بعد ذلك و ما سيذكر من جوابه فهو جوابه فانتظر

قوله و لا يخفى ان هذين مصادرة على المطلوب

فان دعوى ان جواز رجوعها موقوف على امكان رجوعه او يجب امكان رجوعه بعده مما لا دليل عليه بل هو عين المسألة لم لا يجوز ان ترجع هى و ان لم يمكنه الرّجوع و انما المسلّم انه اذا رجعت هى فله أيضا الرجوع اذا امكنه و امّا اذا لم يمكنه اما بسبب خارجى او باعتبار عدم قبول خلعه للرّجوع فلا نم انه يوجب عدم جواز رجوعها أيضا و يمكن ان يقال ان صحيحة ابن بزيع الدالة على جواز رجوعها ليست مطلقة في الاذن لها فيه بل انما تدل على جواز رجوعها حيث يمكنه الرجوع كما يظهر لمن تامّل فيها و امّا رواية ابى العبّاس و كذا الرّوايات الواردة في المباراة ففيها وجهان احدهما ان يكون الحكم فيها بان المختلعة ان رجعت في شي ء من الصّلح يقول لارجعنّ في بضعك و كذا قول المبارئ لها و ان ارتجعت في شي ء منه فانا املك ببضعك بناء على ان جواز رجوعها انما هو فيما يجوز

ص: 429

رجوعه ايضا و ثانيهما ان يكون جواز رجوعها مطلقا لكن يكون هذا الحكم او هذا القول فيما جاز له الرّجوع أيضا و لعل الاول اظهر و ان تنزلنا عنه فحيث لا دليل لنا من خارج على جواز رجوعها و الاصل عدمه كما هو مقتضى الامر بالوفاء بالعقود فلا يمكن لنا اطلاق الحكم بجواز رجوعها نظرا الى هذه الاخبار بل الذى يعلم منها انما هو جوازه فيما جاز له الرّجوع أيضا لانه القدر المشترك بين الاحتمالين هذا مع ان الاصل في عقود المعاوضات اذا كان الخلع منها على ما ذكروه ان لا يرجع احدهما في عوضه الا مع رجوع العوض الآخر الى صاحبه و بهذا يظهر ان المنع كما هو المش اظهر و ان ما ادّعاه في الوجه الاول من اطلاق الاذن المتناول له منظور فيه اذ ليس لنا اذن مطلق و ان ما ذكر في الوجهين من ان جواز رجوعها مشروط بجواز رجوعه و ان برجوعها لا بدّ ان يصير الطّلاق رجعيّا انما هو بالنظر الى جواز الرجوع المستفاد من الاخبار مطابقا لما هو الاصل في عقود المعاوضات فليس فيه مصادرة على المط كما حكم به الشارح نعم دعوى المشروطية التوقف غير ظاهر لانه لا يستفاد من الاخبار او الظاهر الاقتصار على الوجه الثانى فتأمل هذا كله على ما هو المش بين الاصحاب و اما على قول ابن حمزة فقد عرفت انه مع الاطلاق يعتبر في صحة الرّجوع التراضى و مع التراضى لا اشكال فانه اذا رضى الزّوج هاهنا برجوعها بدون رجوعه فيمكنه دفع البذل اليها بهبة او صلح بحيث لا يبقى شبهة اصلا و اما مع الاشتراط فان كان مذهبه جواز اشتراط الرجوع لكلّ منهما مطلقا فلا اشكال أيضا هاهنا اذ يتبع الشرط و ان كان مذهبه جواز الرجوع مع الاشتراط على ما يقوله الاصحاب فالكلام على مذهبه أيضا يبنى على تحقق مذهب الاصحاب و هو على ما تحققه و امّا السّيد المحقق رحمه الله التابع له فذكر انه ينبغى القطع بعدم جواز رجوعها في البذل اذا كان الطلاق مما لا يجوز فيه الرّجوع كما لو كانت المطلقة ثالثة او كانت المرأة غير مدخول بها بل الاجود قصر الجواز على ما اذا اتفقا على ذلك و تراضيا عليه كما تضمّنه صحيحة محمد بن اسماعيل قصرا لما خالف الاصل على مورد النقل انتهى و كانه اشار بقوله بل الاجود الى آخره الى ان الاجود قصر جواز الرجوع على صورة التراضى كما هو مورد صحيحة محمّد بن اسماعيل على معتقده على كما نقلنا عنه و لا يحكم به مع الاشتراط أيضا على ما ذكره اولا لاختصاص رواية الاشتراط بالمباراة و عدم العلم بكون حكم الخلع فيه حكمها و اذا كان الجواز عنده مقصودا على صورة التّراضى فقد عرفت ان الحكم مع التراضى امره هيّن هذا و لا يخفى ما في تمثيله بغير المدخول بها فانه لا عدة عليها اجماعا كما هو صريح الكتاب و الاخبار و لا نزاع لأحد في عدم صحة رجوع الزّوجة في الخلع اذا لم تكن لها عدة فلا وجه للتمثيل بها في موضع النزاع فتأمل

قوله حيث يمكنه الرّجوع لو علم

و امّا فيما لم يمكنه الرجوع مع العلم كالطلقة الثالثة فحكم ما فصّل قبل ذلك و لا يتفاوت باعتبار عدم علم الزوج به الى انقضاء العدّة اذ لا فائدة له في علمه و هو ظ

قوله من اطلاق الاذن لها في الرجوع

و الحكم بالتلازم بين جواز رجوعها و جواز رجوعه لو سلم لا ينافى ذلك لثبوت الجواز هاهنا أيضا غاية الامر انه لم يعلم به و هذا لا يخرجه عن الرّجعية كما لو طلق رجعيّا كما ذكره في شرح الشرائع لكن لا يخفى ان اطلاق الرّوايات الواردة في الرّجوع كما نقلناها غير ظاهر بل لا يبعد ان يقال ان الظاهر منها خصوصا الرّواية الثانية بل ما ورد في المباراة أيضا ان رجوعها لا بد ان يعلمه الزوج و بالجملة فالتمسّك في مثل هذا الحكم المخالف للاصل بمثل هذا الاطلاق مشكل جدّا فالاولى الاقتصار في الحكم على ما يكون مع العلم و اللّه تعالى يعلم

قوله و لزوم الاضرار به

و استدل أيضا بانها معاوضة يعتبر فيها علم المتعاوضين كسائر المعاوضات و فيها منع كون الرجعة معاوضة و الا لزم خلوّها عن احد العوضين اذا لم يرجع الزّوج و أيضا لو كانت معاوضة لزم ان يعتبر فيها ان يقول رجعت في كذا بكذا كسائر المعاوضات و ليس كذلك اجماعا كما ذكره المصنف في شرح الارشاد

قوله و لان جواز رجوعه مشروط بتقدم رجوعها

للاجماع و دلالة النصوص على انه لا رجعة للزوج في العدة الا اذا رجعت فرجعتها شرط في جواز رجعته فلا يكون جواز رجعته شرطا في رجعتها و الّا لدار و لا يخفى ما فيه اذ لم يجعل احد جواز رجوعه شرطا في رجوعها او في جوازه بل النزاع في انه هل يعتبر مع رجوعها علم الزّوج به في اثناء العدة حتى يترتب عليه الاثر و هو وجوب ردّ البذل ام لا بل يكفى فيه مطلق رجوعها و من قال باعتبار العلم استدل بلزوم الاضرار به لو لم يعلم فرجوعها عنده متزلزل الى ان تنقضى العدة فان علم به الزوج لزم و الا بطل و حينئذ فاثبات عدم شرطية جواز رجوعه في رجوعها ممّا لا يسمن و لا يغنى من جوع و لو وقع في بعض العبارات ان علم الزّوج شرط في صحة رجوعها فالمراد بها ما ذكرنا اى انه شرط للزومه لا انه شرط في جوازه نعم هذا الدّور انما يتوجّه في المسألة السّابقة على من ادّعى ان جواز رجوعها في البذل مشروط بامكان رجوعه كما اشرنا اليه سابقا ثمّ لو سلم انهم يقولون ان جواز رجوعه شرط لرجوعها فيمكن دفع الدور بانه ليس المراد به ان جواز رجوعه بالفعل شرط لرجوعها اى لجوازه و صحته بل الجواز بالقوّة اى كونه بحيث يجوز له الرجوع بعد رجوعها شرط في صحة رجوعها و متى لم يعلم برجوعها زمن العدة لم يتحقق الجواز بالقوة عند رجوعها فلا يصح و حينئذ لا دور لان صحة رجوعها يتوقف على الجواز بالقوة و هو لا يتوقف على صحة رجوعها بل جواز رجوعه بالفعل مشروط برجوعها سابقا و موقوف عليه فلا دور هذا هو التحقيق في دفع الدّور و يمكن دفعه أيضا بانا لا نقول بان رجوعها او جوازه مشروط بجواز رجوعه حتى يلزم الدور باعتباران جواز رجوعه مشروط برجوعها و صحته على ما ذكرت كيف و جواز رجوعه متحقق في صورة عدم علمه أيضا فلا ينفع اشتراطه في الحكم باشتراط العلم بل نقول انه مشروط بتمكن الزوج من الرّجوع و التمكن من الرجوع غير جوازه شرعا و يرجع حاصله الى علم الزّوج برجوعها فتوقف جواز رجوعه على رجوعها و جوازه لا يوجب الدّور و لا يخفى ما فيه فان تمكنه من الرّجوع و ان كان غير جوازه لكنه أيضا موقوف على رجوعها و صحته اذ ما لم يتقدم رجوع صحيح من الزوجة لم يتمكن الزوج من الرجوع بعده و رجوع حاصل التمكن الى العلم المذكور لا يفيد في دفع الدور فان المعتبر هو العلم الصّحيح برجوعها الشرعى و العلم الصّحيح برجوعها الشرعى موقوف على مرجوعها و جوازه فلا يندفع الدور بل لا بدّ فيه أيضا من التمسّك بان جواز رجوعها موقوف على التمكن بالقوّة اى كونه بحيث يعلم به بعد وقوعه و هو لا يتوقّف على جواز رجوعها بل ما يتوقف عليه و مشروط به هو التمكن بالفعل و العلم كذلك فيحتاج الى ما ذكرنا اولا نعم تبديل الجواز بالامكان او التمكن اولى كما لا يخفى هذا و اما ما ذكره في شرح الشرائع من ان الدور انما يلزم لو توقف رجوعها على رجوعه بالفعل اما اذا توقف على جوازه بالقوة

ص: 430

بالقوة بمعنى تمكنه من الرّجوع بعد رجوعها فلا لان مرجع الشرط حينئذ الى كون العدّة رجعيّة و الزّوج عالما بالحال و هذا لا يقدح تقدمه في الوجود على صحة رجعتها و يجوز ان يجعلهما مقترنين بالزّمان فيكون دور معية و هو غير محال فلا يخفى ما فيه من التمجمج و التشويش و غاية توجيهه ان يقال ان قوله لو توقف رجوعها على رجوعه بالفعل قد سقط فيه شي ء اذ ليس بناء توهم الدّور على توقف رجوعها على رجوعه بالفعل لظهور فساده فكانه سقط لفظ جواز اى على جواز رجوعه بالفعل و قوله بمعنى تمكنه لم يرد به التمكن بالفعل فانه أيضا بعد جواز رجوعها فلا يكون شرطا فيه كما عرفت بل التمكن بالقوة اى كونه بحيث يتمكن بعد ذلك و قس عليه قوله و الزوج عالما بالحال اذا العلم بالفعل أيضا انما يتحقق بعد رجوعها فالمراد به ايضا العلم بالقوة اى كونه بحيث يكون عالما بالحال بعد ذلك و قوله و هذا لا يقدح اى لا يمكن القدح في تقدم هذا المعنى على صحة رجوعها اذ لا يتوهم منه دورا اذ هذا المعنى ليس بمشروط بصحة رجوعها بل المشروط به هو جواز رجوعه بالفعل فلا دور و على هذا فينطبق كلامه الى هنا على ما ذكرنا بعد التّسليم و اما قوله و يجوز ان يجعلهما مقترنين فكانه جواب آخر عن الدور و حاصله انه يمكن ان يجعل الرّجوعين مقرنين بالزمان بان يرجعا في زمان واحد و يقال ان الحكم بان رجوعه مشروط برجوعها و كذا رجوعها مشروط برجوعه ليس بمعنى التوقف حتى يلزم الدور بل بمعنى الاستلزام فيكون دور معية و هو غير محال اذ لا منع من الطّرفين و انما لم يكتف بمنع التوقف و الحكم بالاستلزام مع اندفاع الدور به بل اعتبر جعلهما مقترنين بالزمان لانهما اذا لم يقترنا بالزّمان فلا يمكن الاستلزام اذ لا يمكن تحقق اللازم بعد الملزوم الا ان يجعل اللازم بالحقيقة هو قوة اللازم فيحتاج الى الجواب الاوّل و لا ينفع الفرار من التوقف الى الاستلزام و فيه انه لم يقل احد بوجوب مقارنتها بالزمان بل لو رجع الزوج بعد رجوعها صحّ ما لم تنقض العدة و يمكن ان يقال انه بعد ما حمل جواز رجوعه على الجواز بالقوة حتى يندفع الدور اشار الى انه يمكن ان لا يقول احد يتوقف على جواز رجوعها على جواز رجوعه بالقوّة بل يكتفى بالاستلزام اى ان جواز رجوعها لا يكون الا مع جواز رجوعه بالقوة و كذا العكس و حينئذ يكون بين جواز رجوعها و الجواز المذكور دور معيّة استلزام من الجانبين و هو غير محال فيندفع الدور بهذا الوجه أيضا و يمكن ان يقال انه حينئذ لا يجب حمل الجواز بل يمكن حمله على الجواز بالفعل أيضا و يندفع الدور بمنع التوقف و الحمل على الاستلزام و لو قيل ان جواز رجوعه بالفعل ليس مع رجوعها زمانا بل بعده فانه لا يجوز للزّوج الرجوع الا بعد رجوعها فيمكن دفعه بمنع ذلك و تجويز مقارنة رجوعه لرجوعها زمانا كما ذكرنا اولا في توجيه كلامه فيكون جواز رجوعه أيضا مقارنا لرجوعها بطريق اولى و حينئذ فيكون الجواز مقارنا له دائما و ان وقع رجوعه بعد رجوعها زمانا فتدبّر و قد نقل هاهنا حاشية منه رحمه الله و قد نقل انه كتب عليها بخطّه لا تكتب و لا باس بتوضيحها و بيان حالها

قوله فيها

و يمكن دفعه بان المشروط اى المشروط برجوعها الذى هو شرط أيضا لرجوعها على الاحتمال الثانى هو جواز رجعته لا وقوعها بالفعل فان رجوعها لا يتوقف على رجوعه بالفعل في شي ء من الاحتمالين و هو ظاهر بل لو توقف فانما يتوقف على جواز رجوعه و حينئذ لا يلزم الدّور لجواز مقارنة جوازها له زمانا يعنى ان جواز رجوعه يمكن ان يكون مقارنا لرجوعها زمانا و حينئذ يمكن دفع الدور بانّه دور معية بان يراد باشتراط كل منهما بالآخر استلزامه له و انه لا يتحقق الا معه بلا توقف و لا محذور فيه نعم لو كان الجواز بعده لم يمكن الاستلزام أيضا من الجانبين و لو ادّعى ان المشروط برجوعها هو وقوع رجعته فانه كما ان جواز رجوعه مشروط برجعتها كذلك رجوعه اى رجوعه الصحيح المعتبر مشروط برجوعها فيلزم الدّور اذ حينئذ لا يمكن القول بمقارنته له بالزّمان اذ قد يكون بعده زمانا فنقول رجوعه أيضا و ان كان مشروطا برجوعها لكنه ليس شرطا لرجوعها اذ ما لزم من الاحتمال الثانى هو توقف رجوعها على امكان رجوعه فانه يكفى لاعتبار العلم لا على اصل رجوعه و الحاصل ان المشروط الذى هو شرط ايضا بناء على الاحتمال الثانى هو امكان رجوعه و يندفع الدّور بحمل المشروطيّة و الشرطية على عدم صحة احدهما بدون الآخر و ان كان معه فيكون دور معية فمحصّل الدفع هو ما نقلنا عن شرح الشرائع آخرا بما ذكرنا من توجيه الاخير و حينئذ فمراده بالجواز هو الجواز بالقوة او بالفعل على ما ذكرنا من الاحتمالين في توجيه كلامه ثمّة فتذكّر و امّا ما نقل انه كتب عليها لا تكتب فيمكن ان يكون لإرادة تغييرها و دفع الدور بالوجه الآخر الذى هو التحقيق في دفعه على ما ذكرنا ثمّ لم يتيسر له و اللّه تعالى يعلم

قوله حيث اقدم على ذلك

اى على الخلع الذى من حكمه جواز رجوعها على هذا الوجه

قوله مع ان له طريقا الى الرجعة

فله ان يرجع في كل وقت محتمل الى آخر جزء منه من العدّة و ان لم يعلم رجوعها بمجرّد احتماله فان وقع منها رجوع صح رجوعه أيضا و الا لغا و لا يخفى انه كثيرا ما لا يعلم آخر جزء من العدة الّا ان يحتاط و يمنع نفسه من النوم و كل ذكر و فكر و حصر همّه في الرجوع في جميع الاوقات المحتملة لبقاء العدة الى ان يتيقن انقضاؤها هذا و لا يذهب عليك ان ما ذكر في هذا الفرع كله انما هو على ما هو المش و اما على ما ذهب اليه ابن حمزة فلا ريب في بطلان رجوعها في صورة الاطلاق لانه لا يرى جواز رجوعها مع الاطلاق الا بالتراضى و اذا لم يعلم به الزّوج في العدّة فلم يقع التراضى فيها و رضاه بعدها لو فرض لا اثر له و امّا مع الاشتراط فلا يبعد جريان ما ذكر من الاحتمالين على مذهبه أيضا و اما السّيد المحقق فلم يتعرض لهذا الفرع اصلا لكن الظاهر على مذهبه عدم تجويزه رجوعها بدون علمه مطلقا قوله هل يصح رجوعها في بعض البذل و على تقدير صحته هل يصح رجوعه بعده فيه ثلاثة اوجه ذكرها في شرح الشرائع احدها صحته منها و منه اما الاول فلان البذل غير لازم من جهتها فكما يصح رجوعها في كله يصح في بعضه لان الحق لها فلها اسقاط البعض كما لها اسقاط الجميع فان عدم الرجوع في قوة الاسقاط اذ لا يلزم منه رجوع العوض الآخر بل جوازه و اما الثانى فلان رجوعه يترتب على رجوعها و قد حصل و يدل عليهما رواية ابى العبّاس لانه قال المختلعة ان رجعت في شي ء من الصّلح يقول لارجعنّ في بضعات و كذا الرّوايات التى نقلناها في المباراة و ثانيها المنع فيهما لأن جوازه يقتضى صيرورة الطّلاق رجعيّا و انما يمكن ذلك اذا لم يشتمل على عوض و العوض باق في الجملة و لا فرق فيه بين القليل و الكثير و من ثمّ لو جعل ابتداء ذلك القدر الباقى بل اقلّ منه كفى في البينونة فلا يمكن الجمع بين كون الطلاق رجعيا و بقاء العوض في مقابله و في صحيحة ابن بزيع ما يرشد اليه لانه قال و ان شاءت ان يردّ اليها ما اخذ منها و تكون امراته فعلت و هى العمدة في الباب لصحّتها و ظاهرها اعتبار ردّ

ص: 431

الجميع لانّ ما من صيغ العموم فلا يترتّب الحكم بالبعض و ثالثها جواز رجوعها دونه اما الاول فلما ذكر اوّلا في وجه الاوّل و امّا الثانى من ان بقاء شي ء من العوض مانع من رجوعه و لا يخفى ضعف الاخير اذ الظاهر من الروايات تلازم الامرين الا ان يكون المانع من قبله و هاهنا ليس كذلك و للزوم الاضرار به بان ترجع في اكثره و تبقى منه شيئا يسير ليمنعه من الرّجوع و حكم في شرح الشرائع بان الوسط لا يخلو عن قوة و تبعه بخله المحقق أيضا في شرح النافع فانه قال الاظهر انه ليس للمرأة الرّجوع في بعض ما بذلته و عندى ان الاول اقوى لقوة ما ذكر في وجهه بخلاف ما ذكر في وجه الثانى اذ لا بعد في ان يصير الطلاق رجعيّا اذا رجعت فيما تراضيا عليه و ان بقي شي ء لو تراضيا عليه ابتداء لكفى في بينونة و العوض الذى علم منعه من صيرورة الطلاق رجعيا هو العوض الذى وقع عليه العقد لا مطلقا بل الباقى في الحقيقة ليس عوضا بل هو بمنزلة اسقاطها بعض حقها و صحيحة ابن بزيع و ان كانت مخصوصة بالرجوع في الجميع لكن لا دلالة لها على ان الرّجوع في البعض ليس حكمها ذلك فلا تنافى الرّوايات الاخرى مع وجود الصحيحة فيها أيضا و لا يضرّ ورودها في المباراة اذ الظاهر انهم لا يفرقون بينهما و بين الخلع في هذا الحكم و هاهنا احتمالان آخران لم يذكرهما الشارح و هو ان يحكم بصحة رجوعها في البعض لكن يقال انه مستلزم للرّجوع في الكل امّا الاول فلما ذكر في وجه صحة رجوعها في البعض و اما الثّانى فلما ذكر من ان رجوعها يستلزم ان يكون يصير الطلاق رجعيّا و لا يمكن ذلك مع العوض فيلزم الحكم ببطلان العوض بالكلية و قد ظهر بما ذكرنا ضعفه و ثانيهما ان يحكم بالاستلزام المذكور اذا رجع الزوج أيضا لا بدونه بناء على ان البذل كلّه عوض عن الطّلاق فاذا انهدم لا وجه لتملك شي ء منه و هذا و ان كان اقوى من الاوّل لكنه أيضا لا يخلو عن ضعف فان تملك العوض كله بازاء الطلاق الذى وقع لكن لما جاز لها الرجوع و اختارت الرّجوع في بعضه فيرجع البعض و يبقى الباقى على ملكه و قد عرفت ان الظاهر ان مجرد الرجوع في البعض كاف في جواز رجوعه فبعد رجوعه لا يلزم ان يعود الباقى أيضا اليها مع عدم رجوعها فيه و اسقاط حقها منه و اللّه تعالى يعلم

قوله حلفت

اى على نفى الزائد و ظاهرهم هنا انه حينئذ يثبت ما ادّعته كما نقل سابقا في الجعالة عن ابن نماء و قوّاه المصنف رحمه الله و وجهه على قياس ما ذكره الشارح هناك انحصار الدعوى في دعوييهما فاذا انتفى ما ادّعاه بيمينها ثبت ما ادّعته و قد اشرنا هناك الى ما فيه المناقشة و الاولى في وجهه هاهنا أيضا ان يقال نظير ما ذكرنا هناك ان المدعى حقيقة ليس الا الزّوج لانه يطالب من الزّوجة وجه الخلع و اما الزّوجة فلا تطالب شيئا من الزوج لاتفاقهما على وقوع الخلع و صحته فاذا سقط ما ادّعاه بيمينها فلا يبقى دعوى و امّا ما ادّعته فهو اقرار على نفسها يثبت بمجرّد اعترافها و انكار الزوج لا يوجب توجه يمين عليها اذ لا اثر لإنكاره بعد سقوط دعواه هذا و قد سبق هناك احتمال آخر حكم به المصنف اولا و هو حلف المالك و ثبوت اقل الامرين من اجرة المثل او الاقل منها و مما يدعيه المالك او منها و من اكثر الامرين و لا يخفى جريان هذه الاحتمالات كلها هاهنا أيضا تبديل اجرة المثل بمهر المثل و العامل بالزّوج و المالك بالزوجة الّا انّهم لم يتعرّضوا لها هاهنا و وجه الفرق غير واضح و ان كان ما ذكروه هاهنا اقوى فيهما فتأمل

قوله لو تنازعا في الجنس

قد سبق منافى بحث الجعالة قوّة ما ذهب اليه ابن نما في صورة الاختلاف في الجنس أيضا لجريان دليله على ما ذكرنا فيه أيضا فحكمهم به هاهنا في الصّورتين جيّد لكن لا يظهر فرق بين الخلع و بين الجعالة حيث حكموا به هاهنا في الصّورتين من غير ظهور مخالف و اختلفوا فيها اختلافا كثيرا حيث ان لهم فيها سوى مذهب ابن نما مذاهب اربعة القول بحلف المالك و اجرة المثل او بحلفه و اقلّ الامرين على المذهبين فيه او التحالف ثمّ النزاع في التشريك في الحكم بين الاختلاف في القدر او الجنس او الفرق بين الصّورتين و الحكم قطعا في الصّورة الثانية بالتحالف دون الصّورة الاولى كما اختاره الشارح حتى انه في شرح الشرائع فصّل الأقوال و لم يذكر مذهب ابن نما الا في صورة الاختلاف في القدر و لم يعده في صورة الاختلاف في الجنس من المذاهب اصلا مع ان الظاهر من عبارة المحقق قول ابن نما به في الصّورتين فتدبّر

قوله مع اتفاقهما على القدر

لم يظهر وجه هذا التقييد اذ مع الاختلاف في القدر أيضا كان يقول احدهما هو مائة درهم و يقول الآخر هو خمسون دينارا ينبغى ان يكون الحكم ما ذكره لجريان دليله فيه أيضا فافهم

قوله و لانه مدّع

جعله وجها آخر غير سابقه كما ترى

قوله و اثبات ما يدّعيه

كانّ هذا النفى احتمال ان يكون البذل غير ما ادّعاه و غير ما ادّعته أيضا و لا يخفى ضعفه بعد بناء الحكم على انحصار الدّعوى كما ذكره الشارح او على ما ذكرنا من ان المدعى حقيقة ليس الا الزوج فيكفى حلفها على نفى ما ادعاه و ان ما ادّعته يثبت باعترافها اذ على الوجهين لا حاجة الى اليمين لاثبات ما ادّعته كما في صورة اختلافهما في القدر مع انه فيها أيضا يمكن ان يكون قدره مخالفا لما ادّعاه و لما ادعته أيضا و لو لم بين الحكم على احد الوجهين اشكل الحكم بثبوت ما ادّعته باليمين بل ينبغى المصير الى احد المذاهب الاخرى التى اشرنا اليها في الجعالة و لم ار في كلام غيره رحمه الله هاهنا و لا في بحث الجعالة التعرض لهذا الاثبات في اليمين بل ظاهرهم الحلف على النفى فقط كما هو الظاهر على ما ذكرنا فتدبّر

قوله و ينبغى جواز اخذه مقاصة

يشكل هذا بما هو المعروف بين الاصحاب لا يظهر فيه مخالف من حرمة المقاصة بعد التحليف كما سبق في باب القضاء الا ان يقال ان حرمتها انما هو اذا لم يعترف المنكر له بشي ء اصلا امّا اذا اعترف له بشي ء بدل ما انكره فيجوز اخذه مقاصة و حينئذ فيجوز المقاصة بما اعترف به و كذا يجوز له المقاصة مما يحكم له من مهر المثل على القول بالتحالف لو قيل به هاهنا بناء على ان اعترافها بالخلع مع انكار ما ادعته و انكارها ما ادعاه بمنزلة الاعتراف بمهر المثل لترتبه على ذلك شرعا فيجوز المقاصة نعم لا يجوز المقاصة من غيرهما فتأمل

قوله لان كلا منهما منكر

قد عرفت ان المنكر حقيقة ليس الا الزوجة و امّا الزوج فإنكاره لا اثر له بعد سقوط دعواه فيكفى حلفها و لا حاجة الى حلفه فحكمهم هاهنا بحلفه و اعراضهم عن التحالف متجه نعم يتوجه عليهم انهم لم يفعلوا ذلك في نظائره من الجعالة و الاجارة أيضا و ما وجه الفرق بينه و بينها كما اشرنا اليه فتذكر

قوله و يثبت مهر المثل

على ما يدعيه كما قيده به في شرح الشرائع فيقتصر عليه و يحتمل مع التحالف ثبوت مهر المثل مطلقا كما هو ظاهر كلامه رحمه الله هاهنا و احتمله في شرح الشرائع لتساقط الدعويين بالتحالف فيثبت مهر المثل و ان زاد على ما ادّعاه خصوصا اذا كان ما ادّعاه من غير جنس ما يجب بمهر المثل فلا يجب ملاحظة مساواة مهر المثل لقيمته او كونه اقل منها بل لا يبعد القول به و ان زاد عن قيمته لكن لا يخفى ان الحكم عليها بثبوت مهر المثل و ان كان زائدا على ما ادّعاه و ان امكن توجيهه بما ذكرنا لكن مطالبة الزّوج للزائد عمّا ادعاه

ص: 432

خصوصا اذا كان مهر المثل من جنس ما ادّعاه و كون ما ادّعاه بعضا منه ممّا لا وجه له بل الظاهر انه ان كان ما ادّعاه من جنس مهر المثل فليس له الّا مطالبه ما ادعاه و ان كان من غير جنسه فليس له اخذ مهر المثل الا مقاصة و حينئذ فينبغى الاقتصار على اخذ ما يكون بقدر قيمة ما ادّعاه هذا بالنظر الى الظاهر و امّا فيما بينه و بين اللّه تعالى فالامر واضح هذا و اعلم ان في الحكم بالتحالف مع زيادة مهر المثل عما ادّعاه الزوج او مساواته له اشكالا اذ حينئذ لا وجه لتحليف الزوجة على نفى ما ادّعاه بل يكفى اعترافها بنفيه و أيضا لا معنى لتحليفها على نفيه ليؤخذ منها مثل ذلك او ازيد منه على تقدير تكليفها به لاىّ شي ء تقبله الزّوجة و تحلف عليه نعم انما يتجه ذلك في صورة زيادة ما ادعاه على مهر المثل اذ لا بدّ حينئذ من حلفها لنفى الزائد اللّهمّ الا ان يكون ما ادّعاه من غير النّقد الغالب الذى عليه بناء مهر المثل اذ حينئذ يتجه تحليفها على نفى ما ادّعاه للفرار عن مهر المثل و ان ساوى قيمة ما ادّعاه او زاد عليها هذا و ربما احتمل على القول بالتحالف بطلان الخلع بناء على انكار كل منهما وقوعه على الوجه الذى يدعيه الآخر و حلفه عليه فبطل رأسا و لا يخفى ضعفه لاتفاقهما على وقوع الخلع و صحته انما الخلاف بينهما في قدر البذل فتدبّر

قوله فيقدم قولها

جزاء الشّرط

قوله و قال الشيخ رحمه الله يبطل الخلع هاهنا

و لا وجه له لانه اذا كان ارادة الجنس في حكم التصريح به كما صرّح في المبسوط حيث حكم بالصّحة فيما اذا لم يذكر الجنس لكن اتفقا على ارادة جنس معيّن حين الخلع و اختلفا في انه ما هو فيكون حكمه حكم ما اتفقا على ذكر الجنس و اختلفا في انه ما هو فالتفرقة بينهما و الحكم بحلفها هناك و البطلان هاهنا لا وجه له اصلا لكن كلام الشيخ على ما راينا ليس بصريح في ان الحكم بالبطلان في هذه المسألة فانه ذكر هذا فيما اذا لم يذكرا جنسا و لا نقدا و اختلفا في الارادة فقال قال قوم لا يصح التناكر فيه لانهما اذا اختلفا فيه صار البذل مجهولا و وجب مهر المثل و قال الباقون يصح و يتحالفان و على القولين يجب مهر المثل و قد قلنا ان على مذهبنا لا يصح الخلع اصلا و اشار بذلك الى ما قاله في مسئلة ما اذا اتفقا على الف و اتفقا على انّهما ما ارادا جنسا من الاجناس و لا كان لهما ارادة منه فانه نقل عنهم ان الخلع صحيح و العوض باطل و الرجعة منقطعة و وجب مهر المثل ثمّ قال و على ما يقتضيه مذهبنا ان الخلع فاسد و لا يخفى ان ظاهر كلامه ما فهمه الشارح و لا وجه له كما ذكرنا و حكمه بالبطلان فيما سبقه لا يقتضى الحكم بالبطلان فيه لظهور الفرق بينهما لكن يمكن حمله على ما اذا اختلفا في الارادة اى ادّعى احدهما ارادة جنس معيّن منهما و ادّعى الآخر عدم ارادته كذلك و هو الفرض الذى يذكره الشارح بعد ذلك و يحكم بانه يرجع النزاع الى دعوى الصحة و البطلان حينئذ فيكون حكم الشيخ موافقا لما نقله عن العلامة رحمه الله في القواعد و يمكن حمله أيضا على دعوى كل منهما ارادته جنسا غير ما يدعى الآخر ارادته من غير دعوى موافقة الاخرى له في الارادة و حينئذ فحكمه بالبطلان متجه لكن لا نعلم انه هل لهم قول بالتحالف فيه ليصح حمل الكلام عليه فتأمل

قوله و للقول بالتحالف هنا وجه كالسّابق

و يتجه عليه هاهنا أيضا ما اشرنا اليه في السّابق فتذكّر

قوله لان الاصل في مال الخلع

لعلّه اراد بالاصل الظاهر الشائع المتعارف فيكون بناء كلامه على اعتبار مخالفة الظاهر و موافقته في المدعى و المنكر و

قوله لأصالة عدم انتقاله

اى الظاهر عدم العدول عن المتعارف و الزام البذل على غير الزوجة و نقله منها الى غيرها لا ان الاصل عدم الانتقال عن الزّوجة بعد ثبوته اذ ليس في هذا الفرض دعوى الانتقال منها الى غيرها و قال في شرح الشرائع و القولان مطلقا غير منقحين و التحقيق ان نقول دعواها وقوع المخالفة منها على الألف في ذمة زيد امّا ان يكون بمعنى انّ لها في ذمّة زيد الفا فخالعته بها او بمعنى انها خالعته بالف يثبت له في ذمة زيد ابتداء من غير ان يكون لها عند زيد الف فان ارادت المعنى الاوّل فلا يخلو امّا ان يوافقها الزوج على ان لها في ذمة زيد الفا ام لا و على تقدير عدم موافقته اما ان يكون زيد مقرا بالالف او لا فان كان الزّوج موافقا لها على ثبوت الالف في ذمة زيد او زيد مقرا بها بنى قبول قولها على ان العقد على دين في ذمة الغير هل يجوز ام لا و كلامهم هنا قد يؤذن بجوازه لكن لم ينبهوا عليه في الفدية و شرائطها و جوازه في البيع محلّ نظر و امّا هنا فلا يبعد الجواز للتوسّع في هذا العقد بما لا يتوسّع به في المعاوضات المحضة فان جوّزنا ذلك فالقول قولها لاتفاقهما على خلع صحيح على التقديرين و هو مع ذلك يدعى شغل ذمّتها بالعوض و مجرّد الخلع اعم منه و الاصل براءة ذمتها منه و ان لم نجوز ذلك او لم يكن زيد مقرا بالحق و لم يعترف الزوج بثبوتها في ذمته فالنزاع يرجع الى صحة الخلع و فساده لان دعواها يقتضى فساده حيث لم يسلّم فيه العوض و هو يدعى صحته و مقتضى القاعدة المستمرة تقديم قوله و ان ارادت بكونها في ذمة زيد المعنى الثانى و هو انها خالعته بعوض لا يثبت في ذمتها بل في ذمة زيد ابتداء فان كان ذلك مع دعواها الوكالة عنه في الخلع و وافق الزوج بنى على جواز خلع الاجنبى المتبرع و ان لم تدع ذلك و لم يوافق فدعواها يرجع الى فساد الخلع و هو يدعى صحته فيكون قوله مقدما و قد ظهر بذلك ان تقديم قولها في هذه الصورة مطلقا غير جيّد و الظاهر ان موضوع المسألة ما اذا وقع الخلع بدين لها في ذمة زيد ليتصوّر بناء الصحة على التقديرين و ربما يعارض على هذا التقدير الاصل و الظاهر لان الاصل براءة ذمتها و عدم التزامها بالمال و الظاهر من المخالعة التزام العوض و على كل حال فهذه الصورة مفروضة في اتفاقهما على وقوع العقد بينهما لا بينه و بين الاجنبى لان ذلك يأتى في الصّورة الثّانية انتهى و فيه تامّل امّا اولا فلان الظاهر انه لا يجب على الزوجة تفصيل الامر و بيان ان كونها على ذمة زيد لاىّ وجه كان بل يكفيها الاحتمال و انها ليست على ذمتها بل على ذمة زيد لوجود احتمال صحيح له نعم اذا لم يوجد احتمال صحيح له لم يسمع منها و هنا قد وجد له احتمال صحيح فلذا اثبتوا حكم دعواها على الاجمال اذ ليس للحاكم تكليفها بالتفصيل كما اذا ادعى احد على زيد انه استقرض منه الفا فاجاب بعدم شغل ذمّته فليس للحاكم الزامه بان يبين انه هل استقرضها وردها او لم يستقرضها اصلا بل عليه ان يحكم بمقتضى الاصول من دون تفتيش و امّا الاحتمال الصحيح لكلامه فلعله ما ذكره من ثبوت الالف من مالها في ذمة زيد اذ الظاهر حينئذ تجويز الخلع عليه كما احتج اليه هو رحمه الله أيضا و هو يكفى لسماع دعواها مجملا و اما ثانيا فلان ما ذكره من انه لم يكن زيد مقرا بالحق و لم يعترف الزوج بثبوتها في ذمته فالنزاع يرجع الى صحة الخلع و فساده محل نظر اذ يمكن ان يكون زيد في وقت الخلع مقرا بالحق او كان الزوج مقرا به و كان الخلع صحيحا فإنكارهما في هذا الوقت لا يوجب و جوع دعواها الى دعوى فساد الخلع و هو ظاهر و امّا ثالثا فلانه على تقدير ارادة المعنى الثانى لا يلزم ان يكون بناؤه على جواز الخلع

ص: 433

الأجنبى المتبرع حتى يتوجّه انه خلاف المش و اكثر من حكم في هذه المسألة بان البيّنة عليه لم تحكم بذلك فلا يمكن ان يكون بناء حكمهم عليه بل يمكن ان يكون بناؤه على ما سبق منهم انهم جوّزوا بذل الاجنبى من ماله باذنها فيمكن ان يكون دعواها باعتبار انه وقع الخلع بينهما على هذا الوجه فيكون حكمها ما ذكروه من المذهبين بقي الكلام في انه بعد البناء على ما ذكرنا هل يجب بناء الحكم على ما ذكره الشارح من دعوى وكالتها عنه ام لا فنقول لو حمل جواز بذل الاجنبى له من ماله على ما نقلنا سابقا عن شرح الشرائع من انه بمنزلة الوكيل في دفع العوض ليكون قرضا في ذمته فالظاهر ان الخلع حينئذ يجب ان يقع مع الاجنبى حتى يلزم الخلع و العوض و يصير قرضا في ذمة الزوجة اذ لو وقع مع الزوجة لا يلزم على الغير بذله بايقاع الصّيغة من الزوجة الا ان يكون وكيلا من جانبه كما ذكره الشارح و اما اذا حمل على انه ضمان ما لم يجب كما سبق من الشارح في هذا الكتاب فيحتمل ان يكون قول الاجنبى طلق زوجتك و على ضمانها بمنزلة القبول من الزوجة و لا يحتاج بعده الا على الايقاع من جانب الزوج و حينئذ فلا بدّ هاهنا من دعوى وكالتها عن الاجنبى و يحتمل ان يكون قول الاجنبى ضمانا لما لم يجب على الزوجة بعد ايقاع الزوج الخلع و قبول المرأة على ذلك الوجه لانه اذا كان ضمانا لما لم يجب فلا منع منه و على هذا فلا يجب هاهنا دعوى وكالتها عنه فتدبّر و اما رابعا فلان حكمه بانه ان لم يوافق فدعواها ترجع الى فساد الخلع محل نظر كما اشرنا اليه في الشق السّابق اذ يمكن ان يكون في وقت الخلع موافقا و يكون في انكاره في هذا الوقت مبطلا فلا ترجع دعواها الى فساد الخلع و امّا خامسا فلان قوله و على كل حال فهذه الصّورة الى آخره محل مناقشة اذ لا يجب حمل هذه الصّورة على وقوع المخالفة بينهما البتّه لا بينه و بين الاجنبى بل يمكن حمل انكارها على ما يحتمل الصّورتين و يكون التفاوت بين الصّورتين باعتبار التصريح في الثانية بوقوع الخلع بينه و بين الاجنبى بخلاف هذه الصورة لاحتمالها الامرين فتأمل

قوله و مثله ما لو قالت بل خالعك فلان إلى آخره

قد ظهر ممّا ذكرنا ان الفرق بين هذا الفرض و سابقه اما بانه في السّابق يعترف الزوجة بوقوع الخلع معها لكن يدعى ان العوض لم يلزمها بل لزم غيرها و هاهنا تنكر وقوع الخلع معها أيضا او بان في الاول تنكر لزوم العوض لها من غير تصريح بوقوع الخلع معها و عدمه و هاهنا تنكر ذلك مع التصريح بعدم وقوع الخلع معها قال في شرح الشرائع و هذا البحث انما يتم اذا قلنا بان الخلع للاجنبى المتبرع صحيح ليكونا متفقين على وقوع العقد صحيحا اما على ما يذهب اليه المصنف و الشيخ بل الاكثر اشكل تقديم قولها لانها حينئذ تدعى فساد الخلع و هو يدعى صحته فينبغى تقديم قوله الا ان يقال ان مرجع اختلافهما على وقوع عقد المعاوضة معها و هى تنكر ذلك فيقدم قولها لأصالة عدم التزامهما ذلك كما لو ادعى انه باعه شيئا فأنكر و اضاف الى ذلك دعوى بيعه من فلان فانه لا يسمع في حق الغير و يقدم قوله في نفيه عنه و لا يخلو ذلك من نظر و لا ما بين المسألتين من الفرق انتهى و قوله و لا ما بين كانه سهو و الصّواب لما بين او و لا يخفى ما بين و وجه النظر و الفرق بين المسألتين انها لما اضافت الخلع الى الاجنبى و قلنا بعدم صحته منه فهي يدعى بطلان العقد فلا تسمع قولها بل يحكم بفساده بناء على اصالة الصحة و هناك اضاف البيع الى و هو لا يقتضى بطلانه فلا مانع من تقديم قوله لكنه لما كان اقرارا في حق الغير لا يسمع اى لا يحكم به و بينهما من البون ما لا يخفى و الحق في دفع الاشكال ان يقال ان سماع قولها مبنى على ما اشرنا اليه في جواز بذل الاجنبى باذنها اذ حينئذ لا منع من وقوع الخلع معه و تعلّق البذل بذمته فلا يرجع قولها الى دعوى البطلان فتسمع فيما يتعلق بحقها لكون الاصل معها و لا يسمع في حق الغير لذلك و يمكن أيضا ان يكون مبنيا على ما ذكره الشارح فالفرض السّابق من كون الاجنبى مشغول الذمة بالعوض من مالها و بهذا الاعتبار كان وكيلا لها في قبول المخالعة به اما مطلقا على ما ذكرنا او مع اعتراف الزوج او قبول الاجنبى على ما ذكره الشارح هناك و بالجملة فكلّ ما يصحح دعواها هناك يصححها هاهنا أيضا الّا ان يقال ان صحة وقوع المخالعة من الاجنبى فرع القول بجواز بذل المتبرّع و اما اذا لم نجز ذلك فلا تصح المخالعة معه و بعنوان الوكالة عنها و لا وجه له ظاهرا فتأمل ثمّ انه ذكر رحمه الله في هذا الفرض انا لا نقول انه اقر بعقد انكرته المرأة و صدقناها بيمينها فيلغو و يستمر النكاح كما لو قال بعتك هذا العين بكذا فأنكر صاحبه و قبلنا قوله بيمينه فان العين تبقى للمقر و ذلك لان الخلع يتضمن اتلاف المعقود و هو البضع و البيع لا يتضمن اتلاف المعقود أ لا ترى ان البيع يفسخ بتعذر العوض و البينونة لا ترتد فاذا كان كذلك فاقراره بالخلع المتضمن للاتلاف اقرار بالاتلاف فلا ترد و نظيره في البيع ان يقول بعتك عبدى هذا بكذا فاعتقه فانما يصدقه بيمينه و نحكم بعتق العبد باقراره انتهى و الأوضح ان يقال ان مع اعتراف الزّوج بوقوع الخلع لا وجه للحكم ببقاء النكاح و ان انكرته الزوجة و في البيع أيضا لا نحكم ببقاء العين للمقر له بل نحكم بزوال ملكه عليه بمقتضى اقراره و ان لم نحكم له للمشترى المنكر الا ان يكون له خيار في الفسخ كان لم يقبض الثمن و المثمن بعد ثلاثة ايام فحينئذ يجوز له الفسخ بالخيار و كذا يجوز له التصرف بعنوان المقاصة من حقه من الثمن و لا يجرى مثل هذه الاحتمالات في الخلع فلذا نحكم ببقائه مطلقا على ان الزوجة هاهنا لا تنكر الخلع بل تقول انه وقع لكن مع غيرها و العوض عليه فلا مجال فيه لتوهم الحكم برد البضع الى المقر باعتبار انكارها بخلاف مسئلة البيع لانه بانكاره له لا يبقى له استحقاق للمبيع فيحكم بنفيه عنه ففيه مجال توهم الردّ الى البائع و لو فرض في البيع أيضا انه مع انكار البيع منه قال بل بعته من فلان و الثمن عليه فالظاهر انه يحكم هناك أيضا بعد حلفه بثبوت المبيع له و عدم لزوم الثمن عليه على قياس ما نحن فيه فلا فرق بين المسألتين و ربما قررنا من ان الزّوجة ليست منكرة لأصل الخلع بل لوقوعه معها يظهر سرّ انه لم لم يحكم هاهنا ببقاء الزوجية بالنسبة الى

الزوجة دون الزوج فلا يجوز لها التزويج و ان لم يجز له أيضا الاستمتاع منها عملا في كل منهما بمقتضى اقراره كما ان في مسئلة البيع يحكم بعدم استحقاق المشترى المنكر له و ان لم يحكم ببقائه في ملك البائع و ذلك لان هذا انما يتوجّه في صورة انكار الزّوجة اصل الخلع و كانهم يحكمون فيها بعد حلفها و سقوط العوض بما ذكرت من بقاء الزوجية بالنسبة اليها و ان حكم بالبينونة بالنسبة اليه و اما فيما نحن فيه فهي تنكر وقوع الخلع معها مع اقرارها باصله فلا وجه لبقاء الزّوجية بالنسبة اليها لاعتراف الطرفين بوقوع الخلع و صحته و الحكم في البيع أيضا كذلك لان ما ذكر انما هو في صورة انكاره البيع منه مطلقا و امّا اذا لم ينكر له مطلقا كما في الفرض الذى ذكرنا فيحكم هناك أيضا بملكية المبيع له كما اشرنا اليه نعم فيما نحن فيه لو لم نقل بسماع قولها بناء على انها تدعى البطلان على ما ذكره الشارح في الاشكال

ص: 434

اتجه حينئذ بعد حلف الزّوج الحكم عليها ببذل العوض مع بقاء الزّوجية بالنسبة اليها دونه فتأمل

قوله اما لو قالت خالعتك على الف ضمنها فلان عنى إلى آخره

ينبغى ان يحمل هذا على ما اذا علم ان مرادها وقوع الخلع معها و لزوم العوض ابتداء لها ثمّ انتقاله بالضمان الى فلان كما هو ظاهر لفظه عنى اذ لا ريب حينئذ في ثبوت المال عليها مع عدم البينة و اما بمجرد اقرارها بهذه العبارة خصوصا مع عدم لفظة عنى فالحكم بلزوم العوض لها لا يخلو عن اشكال بناء على ما سبق من جواز بذل الاجنبى و ضمانه ضمان ما لم يجب اذ يمكن ان يكون اقرارها بضمان فلان على هذا الوجه اى سابقا على قبولها فلم يكن اقرارا بشغل ذمّتها الا ان يقال ان في صورة ضمان المتبرّع باذنها لا تكون المخالعة الا بين المتبرع و الزوج و يسقط قبول الزّوجة رأسا كما احتملناه سابقا فمع التصريح بوقوع المخالعة معها لا يمكن حمل الضمان على هذا الوجه لا بد ان يكون ضمانا لما ثبت في ذمتها و فيه ان مع ذلك يمكن ان يكون وقوع الخلع معها باعتبار وكالتها عن الاجنبى كما سبق هناك فليس تصريحا بلزوم العوض لها فينبغى جعل المسألة المفروضة فيما ذكرناه فتدبّر

قوله او دفعتها او ابراتنى

لا شبهة فيهما في لزوم العوض

قوله و نحو ذلك

كان قالت قبلت الخلع على ان يزن الالف عنى فلان على ما اورده في شرح ئع و لا بد فيه أيضا من فرض العلم بارادتها الاعتراف بشغل ذمتها ابتداء كما في المثال الاول و الا فهذه العبارة ليست بصريحة فيه اذ يمكن ان يكون اشتراط ان يزن الالف فلان عنها باعتبار شغل ذمتها بها من مالها او باعتبار ضمانها متبرعا على ما فصّلنا في المثال الاول فلا تغفل

[المباراة]

قوله تترتب على كراهة كل من الزّوجين

هذا الشرط في المباراة مقطوع به في كلام الاصحاب الا انى لم اقف في الرّوايات على ما يدلّ عليه سوى موثقة سماعة المتقدمة في بحث رجوع الزّوجة في البذل عن ابى عبد اللّه عليه السلام و ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن المباراة كيف هى قال يكون للمرأة على زوجها شي ء من صداقها او من غيره و يكون قد اعطاها بعضه و يكره كل واحد منهما صاحبه فنقول المرأة ما اخذت منك فهو لى و ما بقي عليك فهو لك و اباريك فيقول له الرّجل فان انت رجعت في شي ء مما تركت فانا احق ببضعك و لا يخفى قصورها من حيث السّند و الدلالة لاحتمال ان يكون ذكر الكراهة من الجانبين على سبيل التمثيل ببعض الافراد كاعتبار ان يكون للمرأة على زوجها شي ء و كذا اعطاؤها بعضه و جعل البذل الباقى لعدم الاشتراط بشي ء منها اجماعا و امّا الاخبار الدالة على اشتراط اعتدائها في الكلام على ما سبق فهي مخصوصة بالخلع فلا تشمل المباراة بل في بعض الاخبار ما يدل على عدم اعتباره فيها و هى حسنة زرارة بإبراهيم عن ابى جعفر عليه السلام على ما في الكافى قال المباراة يؤخذ منها دون الصّداق و المختلعة تؤخذ منها ما شئت او ما تراضيا عليه من صداق او اكثر و انما صارت المباراة تؤخذ منها دون المهر و المختلعة تؤخذ منها ما شاء لان المختلعة تعتدى في الكلام و تكلم بما لا يحل لها و على هذا فيكفى فيها مجرّد الكراهة في الجانبين التى قطعوا باعتبارها لكن الآية الشّريفة مطلقة في عدم حل اخذ شي ء منها الا مع خوفهما ان لا يقيما حدود اللّه فتشتمل الخلع و المباراة جميعا و قد عرفت ان الكراهة لا تستلزم الخوف المذكور كالعكس فلو ثبت الاجماع على كفاية الكراهة في صحتهما فيمكن حمل الآية الكريمة على ان المراد بالخوف هو الكراهة الملزومة له غالبا و الاحوط الاقتصار فيهما على ما اذا تحقق الكراهة مع الخوف المذكور و اللّه تعالى يعلم

قوله فلا تجوز الزيادة في الفدية

فيجب ان تكون بقدر المهر فما دونه كما هو الاشهر و ذهب جماعة من الاصحاب كالصّدوقين و ابن ابى عقيل الى المنع فيها عن اخذ قدر المهر ايضا و وجوب الاقتصار على ما دونه حجة القول الاول ما تقدم في بحث الرجوع في البذل من صحيحة ابى بصير حيث فيها و لا يحلّ لزوجها ان يأخذ منها الّا المهر فما دونه حجة القول الثانى حسنة زرارة المتقدّمة آنفا و حكم في شرح الشرائع بقصورها عن افادة الحكم لقطعها و معارضتها للصحيحة و فيه تامّل فانها في الكافى مسندة الى ابى جعفر عليه السلام فلا يضر قطعها في التهذيب و امّا رواية ابى بصير فهي صحيحة اليه و امّا هو فاشتراكه مش و على هذا فالرّواية الحسنة بإبراهيم بن هاشم كانها اوضح سندا منها خصوصا على ما هو رأى الشارح رحمه الله من تقديم الحسن على الموثق بل عدم الاعتداد به هذا مع اعتضاد الحسنة برواية موثقة أيضا لم يحتج بها الشارح اما غفلة عنها او لما اشرنا اليه من عدم اعتداده بالموثقات و هى ما سبق في بحث اشتراط الخلع بالكراهة من موثقة سماعة و في آخرها و له ان يأخذ من مالها ما قدر عليه و ليس له ان يأخذ من المباراة كلّ الذى اعطاها و لعلّ موثقة سماعة المتقدمة آنفا أيضا لا تخلو عن تأييد لهما كما يظهر بالتامّل لكن يمكن الجمع بين الروايات بحمل الاقتصار على اخذها دون المهر على الاستحباب و حينئذ فالترجيح للقول الاول ربما يمكن تأييده أيضا بما تقدم من صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة ان تقول المرأة لزوجها لك ما عليك و اتركني فيتركها الحديث و مثله ما تقدّم أيضا من رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة تقول لزوجها لك ما عليك و بارأنى فيتركها الحديث لان ما عليه باطلاقه يشمل ما اذا كان عليه تمام المهر و بحسنة محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة قالت لزوجها لك كذا و كذا و خلّ سبيلى فقال هذه المباراة لإطلاق كذا و كذا و بما سيجي ء عن قريب من الرواية الثانية من حمران بمثل ما ذكرنا من التقريب كما سيظهر بعد النظر فيها فانتظر و اللّه تعالى يعلم و اعلم ان الظاهر من بعض عباراتهم ان الاعتبار بتمام ما اعطاها لا خصوص المهر منها عبارة المصنف رحمه الله حيث عبّر بما اعطاها دون المهر و كذا المحقق رحمه الله حيث ذكر انه يأخذ في المباراة بقدر ما وصل اليها منه و لا تحل له الزيادة و يطابق ذلك ما في آخر موثقة سماعة السابقة لكن في صحيحة ابى بصير و كذا حسنة زرارة اللتين هما العمدة في الباب حصر الاعتبار بالمهر و تخصيصها بما اذا كان المهر تمام ما وصل منه اليها لا يخلو عن بعد بل لو احتيج الى تاويل فارتكابه في رواية سماعة اولى فلذا جعل الشارح الاعتبار بالمهر و قيد ما اعطاها به و من هذا يظهر وجه جمع آخر بين الرّوايات و هو تخصيص جواز اخذ تمام المهر بما اذا اعطاها شيئا غير المهر و اخذ ما دونه بما اذا لم يعطها شيئا غير المهر و على هذا فلا يجوز له الزّيادة على المهر و ان كانت دون تمام ما وصل منه اليها فليس الاعتبار بالمهر مطلقا و لا بتمام ما اعطاها كذلك بل يراعى ما اشرنا اليه من التفصيل و موثقة سماعة لا تابى عن ذلك فان عدم جواز اخذ كل ما اعطاها اذا حمل على العموم لا ينافى عدم جواز ما دونه أيضا في بعض الصّور و هو ما اذا زاد على المهر غاية الامر عدم استفادة ذلك منها فتدبّر

قوله مترتّبا على الكراهة منهما

فان الكراهة من الجانبين يناسبه عدم الزيادة في العوض كما ان اختصاص الكراهة بها يناسبه جواز الزيادة و كذا في شرح الشرائع و لعل ما نقلنا من التعليل في حسنة زرارة محمول على ذلك او قريب منه من حيث الاعتبار فتدبّر

قوله نسبه الى الشهرة

بل الى قول

ص: 435

الاكثر و هو صريح في ف مع اشعار بتمريضه مع انه في الشرائع ممن ادّعى الاتفاق منّا على توقف الفرقة في المباراة على التلفظ بالطلاق فلعله ظهر له الخلاف بعد ذلك لتاخّر تصنيفه للنافع

قوله و كيف كان فالعمل به متعيّن

هذا ان ثبت الاجماع و الا فلا يظهر له دليل من الاخبار و ممّا يدل منها على خلافه رواية حمران قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يتحدث قال المباراة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما لان العصمة منها قد بانت ساعة كانت ذلك منها و من الزّوج و ما في رواية اخرى منه عن ابى عبد اللّه عليه السلام و اما الخلع و المباراة فانه يلزمها اذا شهدت على نفسها بالرّضا فيما بينها و بين زوجها بما يفترقان عليه في ذلك المجلس فاذا افترقا على شي ء و رضيا به كان ذلك جائزا عليهما و كانت تطليقة بائنة لا رجعة له عليها سمى طلاقا او لم يسمّ و رواية جميل بن درّاج عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة تكون من غير ان يتبعها الطلاق و صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع السّابقة في الشرح في بحث الخلع فان تمامها هكذا قال سألت ابا الحسن الرّضا عليه السلام عن امراة تبارى زوجها او تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك او هى امراته ما لم يتبعها بطلاق فقال تبين منه و ان شاءت ان يرد عليها ما اخذ منها و تكون امراته فعلت فقلت له انه قد روى لنا انه لا تبيّن منه حتى يتبعها بطلاق قال ليس ذلك اذن خلع فقلت تبين منه فقال نعم كذا في التهذيب و في الكافي بعد قوله هل تبين منه هكذا فقال اذا كان ذلك على ما ذكرت فنعم قال قلت له قد روى لنا الى آخره و حينئذ يضعف دلالته على ما ذكرنا في المباراة فتأمل و ربما امكن تأييده بروايات اخرى أيضا كصحيحة الحلبى و حسنة محمد بن مسلم و موثقة سماعة و رواية عبد اللّه بن سنان المتقدمة آنفا حيث بين فيها كيفية المباراة من غير اعتبار اتباع الطّلاق و مثلها صحيحة ابى بصير التى اشرنا اليها آنفا و قد تقدّمت في بحث الرّجوع في البذل و ربما لا يخلو عن تأييد أيضا رواية زرارة و محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المباراة تطليقة بائنة و ليس في شي ء من ذلك رجعة و قال زرارة لا تكون الا على مثل موضع الطلاق اما طاهرا و امّا حاملا بشهود و مع وجود هذه الاخبار مع عدم ظهور معارض لا وجه لتعين العمل بالمشهور الا ان يثبت الاجماع عليه و قال الشيخ في التهذيب بعد نقل رواية جميل الذى اعمل عليه في المباراة ما قدمنا ذكره في المختلعة و هو انّه لا يقع بها فرقة ما لم يتبعها بطلاق و هو مذهب جميع اصحابنا المحصّلين من تقدم منهم و من تاخر و ليس ذلك بمناف لهذا الخبر الذى ذكرناه لان قوله عليه السلام المباراة تكون من غير ان يتبعها الطّلاق و اذا كانت المباراة من كنايات الطلاق او الخلع عندهم فيحمل الخبر على انه يكون طلاقا او خلعا من غير ان يتبعها الطلاق موافقا لمذهبهم و الاخبار التى نقلناها أيضا التى صرح فيها بعدم الاحتياج الى الطلاق ليس فيها حكم لا يجرى في الخلع و يختصّ بالمباراة حتى لا يمكن حملها على التقية اذ ليس فيها الا الحكم بالبينونة و هم قائلون بها في الخلع فكذا في المباراة اذا كانت من كناياته فلا منع من حمل شي ء منها على التقية فتدبّر ثمّ كيفما كان فالاحتياط في ابتاع المش و الاتباع بالطلاق منه و لا يبعد ان يكون نظر الشارح رحمه الله أيضا هاهنا اليه فتأمّل

قوله لان البينونة تحصل بالطلاق

فيه تامل اذ بالطلاق لا يحصل الا مطلق الفرقة لا البينونة المقصود بالخلع و وقوع البينونة بالكنايات غير ظاهر اذ ربما لا يحصل الا باللفظ الصّريح كسائر العقود و الايقاعات اللازمة و ان قيل ان الطلاق مع العوض يكفى لوقوع البينونة كما صرّحوا به و اذا اتبع الخلع بالطلاق فقد تحقق الامر ان باىّ لفظ وقع الخلع ففيه ان هذا انما يتم اذا اتبع الطلاق و ذكر العوض معه بان يقول بعده مثلا انت طالق على كذا و اما اذا ذكر العوض مع الخلع ثمّ اتبعه بالطلاق المجرد فلا اذا الطلاق المذكور لا يفيد البينونة و وقوعها باللفظ الغير الصّريح السّابق غير ظاهر و ان اتبع بعده بالطلاق فالاولى الاتيان باللفظ الصّريح و ذكر في شرح الشرائع انه لو اختصّت الكراهة بها لم يصح الطلاق بلفظ المباراة و ان اتبعها بالطلاق لان الخلع لا يقع بالكنايات و لو انعكس فكانت الكراهة منهما و عبّر عن المباراة بالخلع فالظاهر الجواز لان المباراة تقع بالكنايات و الخلع كناية واضحة في الفرقة المفهومة من المباراة و اتباعه بالطلاق يصححه انتهى و هذا يدلّ على انه الخلع لا يقع بالكنايات و ان اتبع بالطلاق و هو لا يخلو عن وجه كما اشرنا اليه لكن يبقى الكلام في الفرق بينه و بين المباراة و الحكم بوقوعها بالكنايات دونه اذ لا يظهر له وجه حينئذ و بالجملة الحكم في كل منهما بوقوعه بالكنايات لا يخلو عن اشكال و ان اتبع بالطلاق الّا مع التّصريح بالعوض في الطلاق فتأمل

قوله شروط الطلاق

و الدليل عليه مع الاجماع النصوص الواردة في كل منهما انه تطليقة بائنة فيعتبر فيه ما يعتبر فيها و روى في الكافي في الصّحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال لا طلاق و لا خلع و لا مباراة و لا ظهار خيار الا على طهر من غير جماع و في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام و عن عنبسة بن مصعب عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا يكون طلاق و لا تخيير و لا مباراة الا على طهر من غير جماع بشهود و في الصحيح عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام هل يكون خلع او مباراة الا بطهر قال لا يكون الا بطهر و في الصحيح عن محمد بن اسماعيل قال سالت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تبارى زوجها او تختلع منه بشاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه فقال اذا كان ذلك على ما ذكرت فنعم لكن قد سبق ان هذه الرواية في التهذيب ليست على هذا الوجه فتذكر و قد روى في التهذيب عن زرارة في كل منهما انه لا يكون الا على مثل موضع الطلاق اما طاهر او اما حاملا بشهود و هو مطابق لما ورد في الطلاق أيضا في عدّة روايات صحيحة خمس يطلقن على كل حال و عدّ منها الحامل المستبين حملها و نقل عن بعض الاصحاب قول بعدم جواز الخلع الجاهل ان قلنا انها تحيض الا في طهر آخر غير طهر المواقعة بخلاف الطّلاق و هو مجهول القائل و الماخذ كما اشار اليه السيّد المحقق رحمه الله في شرح النافع

[كتاب الظّهار]

[صيغة الظهار]

كتاب الظّهار قوله لانه محل الركوب في المركوب

و المرأة مركوب الرّجل فمعنى تشبيهها بظهر الامّ ان ركوبها محرم عليه كركوب امة

قوله لقوله تعالى

دليل لحرمة الظهار باعتبار اطلاق المنكر و الزّور عليه فيه و الحكم اجماعى و الا فللمناقشة في دلالة الآية مجال اذ المنكر و ان صار في عرف المتشرّعة بمعنى المحرّم لكن كونه حقيقة شرعية فيه محل تامّل و معناه اللغوى كانه لا يدلّ على الحرمة بل يجوز ان يكون منكرا باعتبار انها ليست امّا و لا مثلها ان اريد الاخبار و لا تصير امّا و لا مثلها بهذا القول ان اريد الانشاء فهو قول منكر تنكره الحقيقة و تنكره الاحكام الشرعية على ما في الكشاف و امّا الزّور فهو و ان كان بمعنى الشرك و الكذب لكن كونه في الآية باحد المعنيين غير ظاهر لجواز ان يكون بمعنى الباطل الذى حرّف عن الحق و الحكم بحرمة كل ما كان كذلك محلّ تامّل اذ يكفى في الحكم عليه بذلك ان لا يترتب عليه ما قصدوه من التفريق و الطلاق لانه كان طلاقا

ص: 436

في الجاهلية لكن بعد الاجماع على انه محرّم لا يبعد ان يستفاد منها الحرمة خصوصا مع قرينة تعقّبه بالعفو و المغفرة فتأمل

قوله فلا يتعيّن كونه عن هذا الذنب

لا يخفى ان وصفه تعالى بالوصفين بعد ذكر هذا الذنب ظاهر في العفو عنه و المغفرة له و تخصيصه بما عداه بعيد فالظاهر في الرّد عليه ان يقال ان هذا الوصف لا يفيد الا المنع عن الياس بالكليّة بعده و البعث على الرجاء معه في الجملة امّا مع التوبة او لاحتمال العفو و المغفرة عنه بدونها أيضا في بعض الافراد مطلقا لا الجزم بالعفو و المغفرة عنه مطلقا كيف و نظائر ذلك كثيرة مثل قوله تعالى وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ فِيمٰا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَ لٰكِنْ مٰا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَ كٰانَ اللّٰهُ غَفُوراً رَحِيماً مع انه لم يقل احد فيها بتحتم المغفرة عن الذّنب المذكور و امّا ما قيل من ان الجزم بالعفو عن شي ء ينافى تحريمه كما هو واضح و يمكن دفعه بمنع وضوح المنافاة اذ يكفى في تحريم شي ء كونه سببا لاستحقاق الذم و العقاب و ان عفا عنه العفوّ الغفور فتدبر و روى في الكافي رواية طويلة عن حمران عن ابى جعفر عليه السلام و فيها انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للرّجل الذى ظاهر اوّلا انّك قد قلت منكرا من القول و زورا قد عفا اللّه عنك و غفر لك فلا تعد فانصرف الرجل و هو نادم على ما قال لامرأته و كره اللّه ذلك للمؤمنين بعد فانزل اللّه عز و جلّ وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لما قالوا ما قال الرجل الاول لامرأته انت علىّ حرام كظهر امّى قال فمن قالها بعد ما عفا اللّه و غفر للرجل الاول فان عليه تحرير رقبة الآية فجعل اللّه عقوبة من ظاهر بعد النهى هذا الحديث و ربما يستفاد منه انّ قوله تعالى لَعَفُوٌّ غَفُورٌ في هذه الآية اشارة الى عفوه عن الرجل الاول و مغفرته له لانه فعله قبل ورود النهى و ليس بمطلق فلا تغفل

قوله و نحوه

كمنّى او عندى او لدىّ او محذوف الصّلة اى بدون لفظ علىّ و اشباهه و في السرائر استشكل وقوعه مع حذف الصّلة و لعلّ وجهه كما ذكره في شرح الشرائع ان مع ترك الصّلة يحتمل الحمل على انها محرّمة على غيره حرمه ظهر امّه عليه و استبعده السّيد المحقق رحمه الله في شرح فع لظهوره في الحرمة عليه و فجرد الاحتمال لا ينافى الظهور و فيه انه لا دليل على ترتب الاحكام بمجرد الظهور لكونها مخالفة للاصل فينبغى الاقتصار فيها على موضع القطع و هو مع صراحة الصيغة كما هو مورد النصوص فتأمل

قوله و محرمات الرضاع مطلقا

اى حتى الأم

قوله مع ان ظاهر الآية و سبب الحكم

اما الاول فلقوله تعالى مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ اذ الظاهر من التخصيص بنفى كونهنّ امّهاتهم ان التشبيه في الظهار يظهر الأمّ و امّا الثانى فلان نزول الآية على ما في الكشاف كان في خولة بنت ثعلبه امراة اوس بن الصّامت رآها و هى تصلّى و كانت حسنة الجسم فلما سلّمت راودها فأبت فغضب و كان به خفّة و لمم فظاهر منها فاتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت ان اوساٌ تزوّجنى و اذا شابّة مرغوب في فلما خلا منى و نثرت بطنى اى كاثر ولدي جعلني عليه كامّه و قد روى وجّه النزول في الكافي و الفقيه أيضا على اختلاف مع اتفاقهما على انه اتى بالظهار بالتشبيه بظهر امّه تركنا ذكر الروايتين لطولهما فمن اراد الوقوف عليهما فليرجع اليهما

قوله صحيحتا زرارة و جميل

رواية زرارة رواها في الكافي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن ابن محبوب و في الفقيه و التهذيب عن الحسن بن محبوب بحذف الاسناد لكن طريق الى الحسن صحيح و كذا طريق الشيخ اليه فيما اخذه من كتبه و مصنّفاته و الا فحسن و امّا رواية جميل فليست في الفقيه و في الكافي و التهذيب حسنته بإبراهيم بن هاشم فكانه عدّها صحيحة لكونها في حكمها او تغليبا فلا تغفل

قوله بالأم النسبية

وجه الاستشهاد للتّخصيص بالامّ ظاهر كما اشرنا اليه و امّا وجه تخصيصها أيضا بالنسبيّة فهو تتمة الآية و هو قوله تعالى إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ اذ الظاهر منها ان الأمّ المشتبه بها هى التى ولدته و هى النسبية

قوله بالاخبار الصحيحة

اى الخبرين المذكورين اذ لم اقف على خبر صحيح في المسألة غيرهما نعم روى في الكافي رواية اخرى عن يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها ما يوافق الروايتين لكنها مع ارسالها ليست بصحيحة

قوله لان عدم ذكره لغيرهن إلى آخره

يعنى ان الصحيحة المذكورة لا تدل الا على انه تعالى لم يذكر غير الأمّهات و هو لا يدل على الاختصاص بهنّ و نحن لا نثبت الحكم في غيرهنّ بالآية فينا فيه الرّواية بل بالرّوايتين المذكورتين و لا يتوهم انه لا بدّ من حمل جوابه عليه السلام على انه لا اعتداد بمثل هذا الظهار لانه لم يذكره تعالى لان السؤال وقع عن حكم هذا الظهار و اذا لم يحمل الجواب عليه فلا يعلم حكمه و يلزم تاخير البيان عن وقت الحاجة مع احتياج السّائل و الا فعن وقت الخطاب و ذلك لانه عليه السلام اجاب بحرمة هذا القول فيحتمل ان كان مقصود السّائل السؤال عن حرمته و عدمها و علم عليه السلام قصده فاجابه بما استفاد منه مقصوده و ليس في السؤال ما يدل على مقصوده منه و انه يترتب الاحكام على مثل هذا الظهار و عدمه حتى يلزم تاخير البيان لو لم يحمل الجواب على ما ذكر هذا ما ذكره الشارح رحمه الله و يمكن ان يقال أيضا انه على تقدير ان يكون المقصود السؤال عن ترتب الاحكام و عدمه لعل السّائل استفاد مقصود من جوابه عليه السلام بان هذا لحرام لاحتمال علمه بان كل ظهار حرام يترتب عليه الاحكام فيرجع جوابه عليه السلام الى ان هذا و ان لم يذكر في الكتاب لكنه أيضا حرام محرّم مثل ما ذكر في الكتاب و حينئذ فهذه الرّواية أيضا توافق الروايتين و في شرح النافع نقل عن ابن ادريس تخصيص الحكم بالأمّ و انه استدلّ له بصحيحة سيف ثمّ قال و هذه الرواية غير دالة على المط بل هى بالدلالة على نقيضه اشبه فان الظاهر من قوله عليه السلام و ان هذا لحرام انه ظهار محرم و ان لم يكن ذكره اللّه في كتابه و لا يخفى انه ان قرء المحرّم في كلامه بالفتح فهو كما ترى و ان قرء بالكسر فدعوى ظهور الرواية فيه غير ظ نعم لا يبعد جدا حملها عليه كما ذكرنا فتأمل

قوله مثلها في قوله تعالى

يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ كون من فيه بمعنى الباء منقول عن يونس قال ابن هشام و الظاهر انها للابتداء و الظاهر ان كلا منهما محتمل فانه ان حمل على ان الطّرف آلة فمن بمعنى الباء كما نقل عن يونس و ان حمل على ان ابتداء النظر وقع من الطّرف كما قال البيضاوى اى يبتدئ نظرهم الى النّار من تحريك لاجفانهم ضعيف كالمصبور ينظر الى السّيف فمن لابتداء الغاية كما قاله ابن هشام فهما معنيان متغايران يستقيم حمل الكلام على كل منهما و لا بعد في شي ء منهما لكن لا يخفى انه اذا جعل بمعنى الباء فالظاهر على ما ذكرنا ان يكون بمعنى باء الاستعانة لا السّببية كما يظهر مما ذكره الشارح رحمه الله و أيضا اذا جعل من في الخبر بمعنى باء السّببية فهي التعليلية التى ذكرها او لا كما يظهر بالنظر الى المثالين اللذين اوردهما فليس وجها آخر و يمكن دفع الاول بان يقال انه في الآية اذا جعل من بمعنى الباء فهي و ان كانت بمعنى باء الاستعانة لكنها في الخبر اذا جعلت بمعنى الباء فالظاهر ان يجعل بمعنى باء السّببية فهو رحمه الله حملها في الخبر على السّببية لا في الآية و دفع الثانى بان التعليلية فيما اورده من المثالين و ان كانت بمعنى السّببية لكن التعليلية اعمّ منها لشمولها ما يدخل على العلة بمعنى الغاية بخلاف السّببية و على تقدير حمل من في الخبر على التعليلية يجعلها من هذا القبيل كما اشار اليه بقوله لاجل الرضاع

ص: 437

او بسببه لكن لا بدّ في جعل الرّضاع و النّسب غاية للحرمة من مسامحة اى يحرم لاجل رعاية حرمة الرضاع و حدوده و آدابه هذا و فيه بعد انه على تقدير جعلها تعليلية لا حاجة الى جعلها من هذا القسم البتة مع ما فيه من التكلّف لم لا يحمل على السّببية كما هو ظاهرها و لا اقل من الاشارة فيها الى الاحتمالين الا ان يقال انه انما حمله على هذا المعنى لئلا يرجع الى السّببية كما هو الاحتمال الآخر او يقال ان قوله و التقدير الى آخره ليس على ترتيب الاحتمالين السّابقين بل قوله لاجل الرضاع اشارة الى احد احتمالي التعليلية و السّببية و قوله او بسببه اشارة الى الاحتمال الآخر له و كذا الى احتمال جعلها بمعنى الباء و يمكن ان يقال أيضا ان قوله لاجل الرضاع او بسببه اشارة الى الاحتمالين بمجرّد تغيير العبارة و الّا فحاصل الاوّل أيضا يرجع الى الثانى لكن ذكر الاحتمالين باعتبار ان التعليلية اعم مفهوما من التى بمعنى الباء لشمولها ما يدخل على الغاية بخلاف ما يكون بمعنى الباء و كذا التى بمعنى الباء اعم مفهوما من التعليلية لشمولها ما يكون للاستعانة بخلاف التعليلية و ان لم يتغير المعنى في الخبر على الاحتمالين بناء على حمله في كل منهما على السّببية و يؤيّد هذا انه قال بعد ذلك و التحريم في الظهار بسبب النّسب و لم يضف اليه لاجل النسب اشارة الى انه في كلا الاحتمالين بمعنى السّببيّة و الاظهر ان يقال انه ادرج الاستعانة أيضا في السّببية على ما فعله ابن مالك في التسهيل و حينئذ فقوله لاجل النسب اى بسببه و علّته و قوله او بسببه اى بالاستعانة به و بتوسّطه بجعل الرضاع و النّسب آلة لتحريمه و قوله آخرا بسبب النّسب اراد به السّببية بالمعنى العام الشامل لهما فتدبّر

[لا اعتبار بغير لفظ الظهر]

قوله ثابت في الجملة

اى له مدخلية في التحريم و لو باعتبار التشبيه به اجماعا في الأمّ و بالاخبار في غيرها فيثبت بسبب الرّضاع كذلك و قد يقال ان المتبادر مما يحرم من النّسب ما يحرم من الرّضاع بسببه بالذات فلا يتناول ما يحرم بسبب التشبيه به و مع وجود هذا الاحتمال فالتمسّك بهذا الخبر في الحكم المخالف للاصل مشكل جدّا فتأمّل

قوله للاشتراك في العلّة

لا يخفى ضعفه لان العلة مستنبطة و ليست بمنصوصة فالاولى الاقتصار على الوجه الثانى

قوله و قيل يقع بجميع ذلك

القائل هو الشيخ رحمه الله في كتبه و الصّدوق في المقنع و ابن البراج و ابن حمزة و قال الصدوق في الفقيه و اذا قال الرّجل لامرأته هى على كظهر أمّي او كبطنها او كيدها او كرجلها او ككعبها او كشعرها او كشي ء من جسدها ينوى بذلك التحريم فهو ظهار كذلك ذكره ابراهيم بن هاشم في نوادره

قوله استنادا الى رواية ضعيفة

و هى رواية سدير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له الرّجل يقول لامرأته انت علىّ كشعر أمّي او ككفّها او كبطنها او كرجلها قال ما عنى به ان اراد به الظهار فهو الظهار و في السّند جماعة من الضّعفاء كما فصّله في المختلف و هاهنا رواية اخرى لم يتعرضوا لها و هى ما رواه في الكافي في الحسن عن يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل قال لامرأته انت علىّ كظهر امّى او كيدها او كبطنها او كفرجها او كنفسها او ككعبها أ يكون ذلك الظهار و هل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر قال المظاهر اذا ظاهر من امراته فقال هى عليه كظهر امّه او كيدها او كرجلها او كشعرها او كشي ء منها ينوى بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها او كثير الحديث و هذه الرّواية و ان لم تكن بمكان الاولى من الضّعف لكنها أيضا لارسالها و عدم صحتها لا يمكن التمسّك بها في مثل هذا الحكم المخالف للاصل و احتج الشيخ رحمه الله أيضا باجماع الفرقة و بالاحتياط و الإجماع ممنوع مع شهرة الخلاف بل الظاهر من كلام السّيد المرتضى رحمه الله الإجماع على خلافه و الاحتياط بمجرّده لا يصلح سندا للحكم بالوجوب و التحريم مع اصالة البراءة فالاقوى ما اختاره المصنف و هو مذهب السّيد المرتضى و ابن ادريس و ابن زهرة و جماعة من الاصحاب و امر الاحتياط واضح

[لا تشبيه بالأب أو الأجنبية أو أخت الزوجة]

قوله و لا التشبيه بالاب

و لا خلاف فيه بين الاصحاب نعم حكم بعض العامة بوقوع الظهار بالتشبيه بمحارم الرّجال

قوله او مظاهرتها منه

اى لا اعتبار لمظاهرة الزّوجة من الزوج بان تقول الزّوجة للزّوج انت على كظهر ابى او غيره من المحارم و لا خلاف فيه أيضا بين الاصحاب و يدلّ عليه أيضا اصالة البراءة مع تأييدها بما في الكافي و في الفقيه من رواية السّكونى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام اذا قالت المرأة زوجى علىّ كظهر امّى فلا كفّارة عليها

قوله لقول الصّادق عليه السّلام لا يكون الظّهار إلى آخره

رواه في الكافي و التهذيب بحذف الاسناد عن ابن فضال عمن اخبره عن ابى عبد اللّه عليه السلام و منه يعلم حال السّند و في الفقيه نقل صحيحة فضيل بن يسار قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مملك ظاهر من امراته فقال لا يكون ظهار و لا ايلاء حتى يدخل بها و قال عليه السلام و لا يكون الظهار الا على موضع الطلاق و الظاهر ان قوله و قال عليه السلام اه ليس من تتمة رواية فضيل بل رواية مرسلة براسها و هى هذه الرواية من ابن فضال بقرينة ان في الكافي و التهذيب نقلا رواية فضيل و ليس فيها هذه التتمة فنقل السّيد المحقق في شرح النّافع هذه التتمة عن ابن بابويه بعنوان صحيحة فضيل بن يسار كما ترى و وجود المثل في هذه الرواية دون الفقيه لا يخدش ما ذكرناه فان مثل هذه التغييرات في الروايات اكثر من ان يحصى أ لا ترى ان في هذه الرواية نقل الشارح هاهنا و في شرح ئع موقع الطلاق تبعا للمصنف في شرح و مع ان في الكافي و التهذيب موضع موقع الموقع و على أيّ حال فالحكم بكونه من صحيحة فضيل مشكل جدا فتدبّر و ذكر في شرح الشرائع ان هذه الرّواية لا تدلّ على موضع النزاع و الظاهر انه يريد بموقع الطلاق الشرائط المعتبرة فيه من الشاهدين و طهارتها من الحيض و انتقالها الى غير المواقعة و نحو ذلك هذا اذا سلم اشتراط تجريد الطّلاق عن الشرط انتهى و فيه تامّل فانه ان حمل الرّواية على ان وضع الظهار و شرائطه لا يكون الا على وضع الطلاق و شرائطه فاذا سلم اشتراط التجريد عن الشرط في الطّلاق فالظاهر من الرواية اعتباره في الظهار أيضا و دعوى ظهورها فيما عداه من الشرائط التى ذكرها تحكم و ان حملت على انه لا يكون الظهار الا على امراة تصلح ان تكون موضع الطلاق بان تكون ظاهرة منتقلة الى طهر غير المواقعة و نحو ذلك فكما لا تدلّ ح على اعتبار التجريد عن الشرط في الظهار كذلك لا تدلّ على اعتبار الشاهدين فيه فعدّ الشاهدين أيضا من الشرائط التى تدل الرواية على اعتبارها كما ترى و الاولى ان يقال على تقدير تسليم حمل الرواية على المعنى الاول ان دلالة هذه الرواية على اعتبار التجريد ليست الا بالعموم فاذا دلت الروايات الصّحيحة على عدم اعتباره في الظهار فيجب تخصيصها بما سواه جمعا بين الاخبار كما فعله الشيخ في التهذيب فتأمل

[لا يقع إلا منجزا]

قوله و لرواية القاسم بن محمد

في في و التهذيب وصفه بالزّيات و قاسم بن محمّد مشترك و بوصف الزّيات غير مذكور في كتب الرجال و في سنده أيضا ابو سعيد الآدمي و هو سهل بن زياد و حاله معروف

قوله فقال عليه السلام لا شي ء عليك

ليس في الخبر وقوع الشرط فيمكن ان يكون نفى شي ء عليه بهذا الاعتبار كما اشار اليه في التهذيب و احتمل أيضا ان يكون المراد انه لا شي ء عليه من العقاب ثمّ نهاه عن المعاودة الى مثل ذلك لان التلفظ بالظهار محظور لا يجوز ذكره لان اللّه تعالى قال و انّهم ليقولون منكرا من القول و زورا و انّ اللّه لعفوّ

ص: 438

غفور انتهى و لعلّ نفى العقاب على ما احتمله كان باعتبار كونه جاهلا بحرمة الظّهار و او باعتبار علمه عليه السلام بالعفو عنه في المرة الاولى و يمكن ان يحمل كلامه على البناء على ما قيل من ان الظهار محرم لكن يعفى عن فاعله و لا يعاقب عليه بدليل قوله تعالى بعد ذلك و انّ اللّه لعفوّ غفور كما سبق تفصيل القول فيه فتذكّر

قوله و مثله روى ابن بكير عن ابى الحسن عليه السلام

رواه في الكافي و التهذيب عن ابن فضال عن ابن بكير عن رجل من اصحابنا عن رجل قال قلت لابى الحسن عليه السلام انى قلت لامرأتي انت علىّ كظهر امّى ان خرجت من باب الحجرة فخرجت فقال ليس عليك شي ء فقلت انى قوى على ان اكفّر رقبة و رقبتين فقال ليس عليك شي ء قويت ام لم تقو و قد ظهر مما نقلنا حال السند لوجود الإرسالين مع فساد مذهب الراويين لكن لا يجرى فيه ما نقلنا عن التهذيب من التاويلين كما لا يخفى و انت خبير بانه يمكن حمل الخبرين على اليمين بالظهار التى لا خلاف بين الاصحاب في عدم وقوعها لا التعليق بالشرط الذى هو المتنازع فيه و لا حاجة في هذا الحمل على ان يقرأ الافعال على صيغة التكلم كما ذكره بعض الفضلاء المعاصرين حفظهم اللّه تعالى بل يجرى على تقدير القراءة على صيغة المخاطب أيضا كما يظهر مما سنحقّقه في معنى اليمين بالطلاق و الظّهار و نحوهما فانتظر و يمكن الاستدلال أيضا على عدم صحة التعليق بما رواه في التهذيب من صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال الظهار على ضربين في احدهما الكفارة اذا قال انت علىّ كظهر امّى و لا تقول انت علىّ كظهر امّى ان قربتك فان ظاهره انه على تقدير الشرط لا كفّارة اصلا لكن ان ثبت جواز التعليق بالشّرط يمكن حملها موافقا لرواية اخرى منه على ما سيجي ء على ان في احدهما الكفارة قبل المقاربة و امّا لو علق على ما ذكر من الشرط فانما يجب الكفارة بعد المقاربة لو اراد المسيس بعدها و يمكن أيضا حمل الضرب الثانى على اليمين و حينئذ فلا كفارة فيه و يخرج عن المتنازع فيه فتأمل

قوله و القائل الشيخ و جماعة

منهم الصّدوق في الفقيه و في المقنع و ابن حمزة و جماعة من المتاخرين ثمّ انه ليس في كلام الشيخ في كتبه و لا في كلام اكثر من جوز التعليق الفرق بين الشرط و الصفة فلا يبعدان يكون مرادهم بالشرط ما يعم الصفة أيضا و كلام الشيخ رحمه الله في المبسوط صريح في التعميم فانه قال الظّهار يصح اجلا او عاجلا فالعاجل ان يقول انت على كظهر امّى و الاجل ان يقول اذا دخلت او اذا جاء رأس الشهر و في اصحابنا من منع الظهار اذا كان بشرط انتهى و ظاهر كلام المحقق رحمه الله في الشرائع أيضا عدم الفرق فانه قال و لا يقع الا منجزا فلو علقه بانقضاء الشهر او دخول الجمعة لم يقع على القول الاظهر و قيل يقع و هو نادر فاعتبر التنجيز الظاهر في عدم صحة التعليق مطلقا ثمّ فرع عليه عدم صحة التعليق بمثالين من الصفة و لم يتعرض للشرط اصلا و لو لا انه لم يفرق بينهما لكان التعرض لعدم صحة التعليق على الشرط اولى نعم المصنف رحمه الله في شرح الارشاد في آخر شرح قول مصنّفه و الاقوى وقوعه مع الشرط قال و اعلم ان المثال في صدر المسألة بدخول الدار ليخرج عنه نحو ما اذا طلعت الشمس فان الصحيح انه لا يقع فما ذكره الشارح ماخوذ منه و العلامة رحمه الله في عد حكم بعدم جواز التعليق على انقضاء الشهر او دخوله ثمّ قال و هل يقع موقوفا على شرط الاقرب ذلك فلو قال انت على كظهر أمي ان دخلت الدار و ان شاء زيد فدخلت او شاء وقع و في الفرق بينه و بين المعلق نظر انتهى و لعل وجه النظر ان التفرقة بين الشرط و الصفة من اصطلاحات الفقهاء و ليس في الاخبار ما يدلّ على الفرق بينهما اصلا فاذا ظهر منها عدم جواز التعليق على احدهما او جوازه فالظاهر عدم الجواز او الجواز مط و مجرد كون مورد نصّ الجواز هاهنا من قبيل الشرط على اصطلاحهم لا يوجب تخصيص الحكم له كما اذا كان مورد النص مثال خاص من الشرط كدخول الحجرة مثلا فانه لا يوجب تخصيص الحكم هذا و ربما قيل ان الحكم بوقوعه معلقا على الشرط يستلزم وقوعه معلقا على الصفة بطريق اولى لان الصفة لازمة الوقوع بخلاف الشرط فانه قد لا يقع فيكون ارادة ايقاع الظهار في الأول اقوى و فيه ان الصفة و ان كانت لازمة الوقوع بخلاف الشرط لكن الشرط ممّا يمكن وقوعه في الحال بخلاف الصّفة فالتعليق على الصّفة ينافى قصد ايقاعه في الحال بخلاف التعليق على الشرط لامكان حصول الشرط في الحال فهو بالوقوع اولى و الحق ان هذه الاعتبارات لا تصلح مناطا للاحكام الشرعية فتأمل

قوله و هو ما يجوز وقوعه في الحال

لعل المراد جواز وقوعه في الحال نظرا الى مفهومه مع قطع النظر عن الأمور الخارجة فان الدخول الدار او مجي ء زيد يجوز بالنظر الى مفهومهما وقوعها في الحال و لو امتنع فبسبب امور خارجة بخلاف طلوع الشمس او انقضاء الشهر قبل وقتهما و كذا مجي ء الشهر الآتي فانه لا يجوز وقوعها في الحال و ان قطع النظر عن الامور الخارجة و قد يفسر الشرط بما امكن وقوعه و عدمه كقدوم المسافر و دخولها الدّار و الصّفة بما قطع بحصوله عادة كطلوع الشمس و زوالها كما سبق من الشارح في كتاب الطلاق و لعلّ المراد ما قطع بحصوله بعد ذلك اذ لو قطع بحصوله في الحال فليس من الصفة و لا من الشرط و لا منع من التعليق عليه فيما يعتبر فيه التنجيز فتأمل

قوله بل في المستقبل

اى بل يقع قطعا في المستقبل و اعلم انه لا خلاف بين الاصحاب في عدم وقوع الظهار لو جعله يمينا و يدلّ عليه أيضا روايات كصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام و فيها و لا يكون الظهار في يمين و صحيحة عبد اللّه بن المغيرة على ما في الكافي قال تزوج حمزة بن حمران ابنة بكير فلما اراد ان يدخل بها قال له النسا لسنا ندخلها عليك حتى تحلف لنا و لسنا نرضى ان تحلف لنا بالعتق لانك لا تراه شيئا و لكن احلف لنا بالظهار و ظاهر من امّهات اولادك و جواريك فظاهر منهنّ ثمّ ذكر ذلك لابى عبد اللّه عليه السلام فقال ليس عليك شي ء ارجع اليهنّ و قريب منها موثقة ابن بكير التى في التهذيب و هذه الحكاية في صحيحة اخرى في الكافي عن عبد اللّه بن المغيرة و غيره بوجه آخر ربما يمكن حمله أيضا على ما يوافقهما كما يظهر بالرّجوع و التأمّل و صحيحة صفوان في الكافي عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن الرّجل يصلّى الصّلاة او يتوضّأ فيشك فيهما بعد ذلك فيقول ان اعدت الصّلاة او اعدت الوضوء فامرأته عليه كظهر امّه و يحلف على ذلك بالطّلاق فقال هذا من خطوات الشّيطان ليس عليه شي ء و حسنة حمران عن ابى جعفر عليه السلام قال لا يكون ظهار في يمين و رواية عطية بن رستم قال سالت الرضا عليه السلام عن رجل يظاهر من امراته قال ان كان في يمين فلا شي ء عليه و بالجملة فالحكم ممّا لا خفاء فيه و لكن لا بدّ من تحقيق معناها و بيان الفرق بينها و بين الظهار المعلق الذى اختلفوا فيه فذكر في شرح الشرائع في شرح قول مصنّفه و لو جعله يمينا لم يقع ان المراد بجعله يمينا جعله جزاء على فعل او ترك قصدا للزجر عنه او البعث على الفعل سواء تعلّق به او بها كقوله ان كلمت فلانا او ان تركت الصّلاة فانت علىّ كظهر امّى و هو مشارك للشّرط في الصّورة و مفارق له في المعنى لان المراد من الشّرط مجرد التعليق و في اليمين ما ذكرناه من الزّجر او البعث و الفارق بينهما القصد و انما لم تقع مع

ص: 439

جعله يمينا للنّهى عن اليمين بغير اللّه و لأن اللّه تعالى جعل كفّارته غير كفّارة اليمين و في حسنة حمران قال لا يكون ظهار في يمين انتهى و ظاهره كما سيجي ء منه في هذا الكتاب في باب الايلاء ان اليمين المم عنه هو التعليق على الشرط الذى قصد به الزجر او البعث و التعليق على الشرط الذى اختلفوا فيه هو ما قصد به مجرد التعليق من غير ضميمة قصد الزجر او البعث و ظاهره أيضا كما سيصرح به هاهنا في بحث الايلاء اختصاص متعلق اليمين بان يكون فعله او فعلها لخلاف الشّرط و فيه تامّل امّا اوّلا فلان دعوى الاختصاص المذكور مما لا يظهر له وجه و كون الغرض الزجر او البعث لا يفيده اذ ربما كان حرمة الزوجة عليه مكروهة لأحد باعتبار قرابة او صداقة له معها او معه فصار هذا التعليق زاجرا له عن فعل معلّق عليه بل الظاهر كما يشهد به كتب العامة القائلين بصحة الحلف بالطلاق و الظّهار و امثالهما و يظهر من تتبّع موارد استعمالاتهم وقوع التعليق في اليمين على فعل غيرهما أيضا اذا قصد زجره او بعثه بل في غيره أيضا من الاخبار التى قصد تحقيق نقيضها كقولهم ان لم يكن فلان افضل من فلان او ان لم اكن من اهل الجنّة فانت طالق او عليه كظهر امّه و اما ثانيا فلانه على هذا كانه يكون اطلاق الحلف و اليمين عليه مجرد اصطلاح او مجاز باعتبار ان اليمين كما يوجب الزجر عن المخالفة كذا هذا التعليق حذرا من وقوع المعلق عليه على تقدير المخالفة و على هذا فالاستدلال على عدم وقوعه يمينا بالنهى عن اليمين بغير اللّه تعالى كانه ساقط اذ الظاهر منه هو النهى عن اليمين بالمعنى المتبادر لا ما يشمل مثل هذا التعليق الذى لا يطلق عليه اليمين الا اصطلاحا من الفقهاء او مجازا و كذا الاستدلال بجعل كفّارته غير كفّارة اليمين فانه ليس يمينا حقيقة حتى تكون كفّارته كفارتها بل هو من حقيقة التعليق بالشرط فحكمه حكمه و الظاهر ان اليمين بهذه الاشياء ليس على هذا الوجه بل ظاهر الكلام و ان كان هو التعليق على ما ذكره لكن التعليق الغرض هو مجرد الحلف على ما علق عليه و التزام الزجر عنه ان كان فعله او تحقيق وقوع نقيض متعلقه و صدقه ان كان خبرا و لو كان فعلا لغيره فقد يقصد تحقيق انه لا يفعله كما في الخبر و قد يقصد زجره عنه و تحليفه على ان لا يفعله و على الوجوه فاليمين بهذه الاشياء بمنزلة ما يقول القائل في المحاورات ان فعلت كذا او فعل فلان كذا او ان لم يكن الامر على ما قلته كان الكلب خيرا منه او احرق كذا او زوجته حرام في بيته و ما شابهها فكما لا تعليق هناك حقيقة فكذا هاهنا و انما الغرض مجرد الحلف و اليمين و على هذا فيتّجه ما ذكر من الدليلين كما لا يخفى

قوله لصحيحة حريز عن الصّادق عليه السّلام

و مثلها صحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال الظهار لا يقع الا على الحنث فاذا حنث فليس له ان يواقعها حتى يكفّر فان جهل و فعل كان عليه كفارة واحدة وجه الاستدلال انه لا يمكن حمل الحنث فيهما على مخالفة اليمين بان يكون الظهار يمينا للاجماع على عدم انعقاد اليمين بالظهار و للاخبار أيضا كما عرفته فيجب ان يحمل الحنث على مخالفة الشرط فدلّت على انعقاد الظّهار مع الشرط و وجوب الكفارة عند مخالفته و فيه ان حمل الحنث على خلاف الظاهر و لا يتعين الحمل عليه لجواز الحمل على التقية لشهرة اليمين بالظهار بين العامة فيجوز ان تكون الاخبار المذكورة وردت على مذاهبهم و امّا ما رواه في الكافي من صحيحة علىّ بن مهزيار قال كتب عبد اللّه بن محمّد الى ابى الحسن عليه السلام جعلت فداك ان بعض مواليك يزعم ان الرجل اذا تكلم بالظّهار وجب عليه الكفّارة حنث او لم يحنث و يقول حنثه كلامه بالظهار و انما جعلت الكفارة عقوبة لكلامه و بعضهم يزعم ان الكفارة لا يلزمه حتى يحنث في الشي ء التى الذى احلف عليه فان حنث وجبت عليه الكفارة و الّا فلا كفارة عليه فوقّع عليه السلام لا تجب الكفارة عليه حتى يجب الحنث فالكلام فيه أيضا كما في الخبرين بل الحمل على اليمين فيه اظهر لقوله حلف عليه فليحمل على التقية كما ذكرنا و يمكن أيضا حمل قوله عليه السلام لا تجب الكفارة عليه حتى يجب الحنث على انه لا تجب الكفارة في الظهار المشروط حتى يشترط الحنث اى لا تجب الكفارة عليه فيه اصلا و اشتراط الحنث و عدمه فرع وجوبها و حينئذ فان حمل على اليمين كما هو ظاهره يستقيم الحكم و لا حاجة الى الحمل على التقية و ان حمل على الظهار المشروط كما حمله الشيخ فالخبر يدل عليه على عدم انعقاده و يكون حجة للقول المش لا لمذهب الشيخ فتأمل و قوله عليه السلام وجبت عليه حين يحنث اى لا يجب الا بعد الحنث لا انها تجب بمجرد الحنث بل يكون حكمه بعد الحنث حكم المظاهر المطلق من انه انما يجب عليه الكفارة بالعود

قوله و قريب منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه السلام

قال الظهار على ضربين احدهما الكفّارة فيه قبل المواقعة و الآخر بعد المواقعة فالذى يكفر قبل ان يواقع فهو الذى يقول انت علىّ كظهر أمي و لا يقول ان فعلت بك كذا و كذا و الذى يكفر بعد المواقعة هو الذى يقول انت علىّ كظهر امّى ان قربتك و لا يخفى ان دلالة هذا الخبر على انعقاد الظهار المشروط و وجوب الكفارة بعد وقوع الشرط اظهر من دلالة الاخبار السّابقة لكن بعد ندور القول به على ما نقلنا من المحقق و شهرة خلافه بين من تقدم عليه من الاصحاب موافقا لما هو الاصل يمكن حمل الضرب الثانى فيه أيضا على اليمين و التقية و اللّه تعالى يعلم و هاهنا رواية اخرى عن عبد الرحمن بن الحجّاج رواها عبد الرحمن بن ابى بحران قال سئل صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجّاج و انا حاضر عن الظهار قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول اذا قال الرجل لامرأته انت علىّ كظهر امّى لزمه الظهار قال لها دخلت او لم تدخلى خرجت او لم تخرجى او لم يقل لها شيئا فقد لزمه الظّهار و سندها لا يخلو عن ضعف باشتراك موسى بن عمر فيه بين الثقة و غيره و الكلام في دلالته كما في السّابق فان ظاهره لزوم الظهار المطلق و المشروط جميعا لكن يمكن حمل المشروط فيه أيضا على اليمين و التقيّة و قوله فقد لزمه الظهار اى على وفق ما اوقعه ان مطلقا فمطلقا و ان مشروطا فمشروطا او تقييد الحكم باللزوم في الثانى بما اذا وقع الشرط فافهم و رواية اخرى أيضا في الكافي في الموثق عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول اذا حلف الرّجل بالظهار فحنث فعليه الكفارة قبل ان يواقع فان كان منه الظهار في غير يمين فانما عليه الكفارة بعد ما يواقع قال معاوية و ليس هذا يصح هذا على جهة النظر و الاثر في غير هذا الأثر ان يكون الظهار لأن اصحابنا رووا ان الأيمان لا تكون الا باللّه عزّ و جلّ و كذلك نزل بها القرآن و لا يخفى في الحكم في الشق الثانى أيضا اذ الكفارة في الظهار في غير يمين قبل المواقعة الا انّ يخص بالمشروط الذى كان الشرط فيه هو المواقعة و لا يخفى ما فيه من البعد و أيضا لا وجه للفرق بين الحلف بالظهار و الظهار المشروط الذى شرط غير المواقعة بهذا الوجه بل الفرق بهذا الوجه بين ما كان الحلف على المواقعة او على غيرها و كذا بين ما اذا كان الشرط المواقعة او غيرها و لا يبعدان يكون في الرّواية وقع سهو و الصّواب في الشق الاول بعد ان يواقع و في الثانى قبل ما يواقع موافقا للرواية الاولى عنه و على هذا

ص: 440

فيحمل الشق الاول على التقية لظاهر الحلف و الحنث و يصير قرينة على حمل الرواية الاولى أيضا عليها و يندفع عنه ايراد معاوية الا ان يكون غرضه أيضا ان هذا لا يصح على مذهبنا بل ينبغى ان يحمل على التقية فتأمل و يمكن الاستدلال أيضا بحسنة الحسن الصيقل عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل ظاهر عن امراته فلم يف قال عليه الكفارة من قبل ان يتماسّا قلت فان اتاها قبل ان يكفر قال بئسما صنع قلت عليه شي ء قال اساء و ظلم قلت فيلزمه شي ء قال رقبة أيضا و فيه ان الاستدلال به انما يتم لو حمل قوله فلم يف على انه لم يف بالشرط و خالفه كما فهمه الشيخ في التهذيب حيث جعل الخبر شاهدا على ان الكفارة في الظهار للشروط لا يجب الا بعد حصول الشرط و لك ان تحمله على انه لم يف بالظّهار اى لم يرد الوفاء به و هو و ان كان بعيدا لكن حمل عدم الوفاء بالشرط الذى لم يذكر في السؤال أيضا لا يخلو عن بعد سيّما اذا لم يكن بعنوان اليمين و اذا كان بعنوان اليمين فيخرج عن المتنازع فيه و لا بدّ من الحمل على التقية و بما قررنا ظهر ايضا حال التمسّك بصحيحة سعيد الاعرج عن موسى بن جعفر عليه السلام في رجل ظاهر من امراته فوفى قال ليس عليه شي ء على ان حمل الوفاء فيه على الوفاء بالظهار و عدم ارادة المسيس ممّا لا بعد فيه بخلاف حمله على الوفاء بالشرط لما فيه من البعد كما ذكرنا في الخبر السّابق و أيضا لو سلم الحمل عليه فليس فيه الا دلالة فيه مفهوم في غاية الضّعف كما لا يخفى على المتامّل فتأمل و استدل أيضا في شرح الشرائع على صحة الظهار المشروط بعموم الآيات الدالة على وقوع الظهار المتناولة لموضع النزاع و بعموم قوله المؤمنون عند شروطهم و يرد على الاول ان عموم الآيات انما يسلم لو صح اطلاق الظهار على المشروط لغة او شرعا و هو غير ظاهر و على الثانى ان عموم الحديث بحيث يشمل الشروط في الامور المحرّمة كالظهار محل تامّل فتأمل و استدلّ أيضا بموافقته للحكمة فان المرأة قد نخالف الرجل في بعض مقاصده فتفعل ما يكرهه و تمتنع عما يرغب فيه و يكره الرجل طلاقها من حيث يرجو موافقتها فيحتاج الى تعليق ما تكرهه بفعل ما يكرهه او ترك ما يريده فامّا ان يمتنع و تفعل فيحصل غرضه او تخالف فيكون ذلك جزاء معصيتها لضرر جاء من قبلها انتهى و فيه ان التعليق على هذا الوجه هو اليمين بالظّهار على ظاهر ما فسّرها هو رحمه الله به كما نقلناه و هم لا يقولون بوقوعها كما عرفت و ليس من التعليق بالشرط الذى فيه على الخلاف نعم انما يتوجه هذا لو كان الفرق بين الشرط و اليمين على ما قررنا ثمّ هذا الاستدلال مع عدم مشروعية الظهار و كونه منكرا للقول و زورا كما ترى لانه اذا لم يشرع مع موافقته للمصلحة ظاهرا فلا بعد في ان لا يترتب عليه الأثر أيضا و القول بانه مع عدم المشروعية اذا ترتب عليه الاثر في الصورة الاخرى فمنها اولى لموافقته للمصلحة يتوجه عليه ان الموافقة للمصلحة ربما اوجبت عدم ترتب عليه الاثر لئلا يصير سببا لكثرة الجرأة عليه فتأمل هذا ما يتعلّق بدلائل القولين و الحكم باحد الطرفين لا يخلو عن اشكال و ظاهر ان الاحتياط في متابعة القول الثانى و اللّه تعالى يعلم

قوله فخرج الشرط عن المنع بهما

اى بهاتين الروايتين و بقي غيره و هو الصفة على اصل المنع اى المنع من التحريم و وجوب الكفارة هذا على قول من فرق بين الشرط و الصفة على ما نقله الشارح و اما على تقدير عدم الفرق بينهما كما نقلنا عن الشيخ فيحكم بالخروج عن الاصل و انعقاد الظهار فيهما بهذه الرّوايات بناء على انه لا يعقل فرق بين الشرط و الصّفة في هذا الباب كما اشرنا اليه سابقا فتذكر

قوله على اختلال بعض الشروط

فان الظهار الذى سئل عنه في رواية الزيات و ابن بكير اقتصر فيه على ذكر الصّيغة مجردا عن باقى الشروط كحضور الشاهدين و غيره فيمكن ان يكون الحكم بعدم انعقاده بهذا الاعتبار و لا يخفى بعده

قوله لو اعتبرت

اى لو اعتبرت الاخبار من الطرفين و وجب الجمع بينها و اما اذا لم يعتبر كما فيما نحن فيه لضعف اسناد اخبار المنع فلا يجب الجمع بل تطرح بعدم مقاومتها لمعارضة الاخبار الاخرى فافهم

قوله لعموم الآيات و الروايات

فيه ان عموم الآيات و الروايات انما يتم لو صح اطلاق الظهار على الموقت لغة او شرعا و هو غير ظاهر فيجب الاقتصار في الحكم المخالف للاصل على موضع اليقين و هو المجرد عن الوقت فتأمل

[الأقرب صحة توقيته بمدة]

قوله و لان الظهار كاليمين

لا يخفى ضعفه اذ الظهار حقيقة شرعيّة و قبولها للاقتران بالمدة غير ظاهر و قياسها على اليمين مردود و استدل أيضا في شرح الشرائع بانه منكر من القول و زور كالظهار المطلق و لا يخفى ضعفه أيضا و اما التمسّك بالاصل حيث ان الاصل عدم اشتراط التأييد فلا يخفى ضعفه أيضا بل الاصل عدم حرمة الوطى و عدم وجوب التكفير ما لم يثبت خلافه و لم يثبت ذلك الا في المؤبد نعم لو ثبت عموم حكم الظهار و ثبت شموله لغة او شرعا للموقت أيضا فيمكن حينئذ ان يقال ان الاصل عدم اشتراط التأبيد لكن قد عرفت عدم ثبوت الشمول المذكور على انه حينئذ يرجع الى التمسّك بالعموم الذى ذكره اولا و امّا الرواية فكأنّها عامية لا تصلح حجة في مثل هذا الحكم المخالف للاصل فتأمل

قوله و اقراره عليه السلام حجة كفعله و قوله

و فيه ان امره عليه السلام بالتكفير يكفى حجة و لا حاجة الى التمسّك باقراره حتى يحتاج الى ضميمه ان اقراره حجة كقوله و فعله و لعل مراده التمسّك بالخبر من حيث الاقرار و القول جميعا و فيه بعد اذا التقرير انما كان لو سكت عليه السلام و لم يأت بردّ و لا قبول و اما مع حكمه بالتكفير فليس تقريرا بل هو تصريح بصحة ظهاره الا ان تكون الرواية على انه اولا اتى بصيغة الظهار بقصد تحريمها و حكى ذلك له عليه السلام و قرره عليه ثمّ بعد ذلك واقعها و حكى له عليه السلام فحكم بالتكفير اذ حينئذ يتجه التمسّك بالتقرير و القول جميعا لكن الرواية على ما نقله في شرح الشرائع ليست بهذا الوجه بل انه بعد ما اوقع الظهار على الوجه المذكور و واقعها ثمّ حكى القضية له عليه السلام فامره بالتكفير و القول بانه بعده ما حكى له عليه السلام اتيانه بالظهار على الوجه المذكور قبل ان يحكى المواقعة سكوته عليه السلام و عدم الحكم ببطلان مثل هذا الظهار تقرير له عليه ثمّ بعد نقل المواقعة حكمه بالتكفير تصريح بالصّحة لا يخفى ما فيه من التعسّف اذ الظاهر ان عدم الانكار قبل تمام الكلام ليس تقريرا بل التقرير انما يظهر بعد تمام الكلام و عدم الانكار عليه و لا التصريح فتدبّر

قوله و قيل لا يقع مطلقا

هذا قول الشيخ في المبسوط و ف و ابن البراج و ابن ادريس و ظاهر كلام ط اتفاق الاصحاب عليه او الشهرة العظيمة بينهم فانه قال اذا قال انت على كظهر اى يوما او يومين او شهرا او سنة لم يكن اظهارا عندنا و عند بعضهم و قال كثير منهم يكون ظهار و في ف و ان لم يكن لفظة عندنا لكن لم ينقل خلافا فيه من اصحابنا بل انما نقل الخلاف من العامة ثمّ قال دليلنا ان الاصل براءة الذمة و شغلها يحتاج الى دليل و هذا القول لا يخلو عن قوة لما ذكره من الاصل لا سيما مع الإجماع او الشهرة بين الاصحاب فتأمل

قوله لأنه تعالى علق حل الوطى إلى آخره

هذا لو حمل الذين يظاهرون في الآية الكريمة على الذين يأتون بصيغة الظهار و لك ان تحمله على الذين يثبت في حقهم الظهار

ص: 441

اى ما داموا كذلك و حينئذ فتعليق حلّ الوطى منهم بالتكفير لا ينافى حلّ الوطى بعد المدة بدونه اذ بعدها ليسوا بمظاهرين بهذا المعنى فافهم و أيضا على تقدير حمل يظاهرون على المعنى الاول فنقول ان الآية الكريمة و هى قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لما قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا قد فسرت بوجوه الاول ان الذين كانت عادتهم ان يقولوا هذا القول المنكر فقطعوه بالاسلام ثمّ يعودون لمثله فكفارته من عادان يحرر رقبة ثمّ يماس المظاهر منها لا تحل له مماسّتها الّا بعد تقديم الكفارة الثانى ان معنى يعودون لما قالوا يتداركون لما قالوا لان المتدارك للامر عائد اليه و منه المثل عاد غيث على ما افسد اى تداركه بالاصلاح و المعنى ان تدارك هذا القول و تلافيه بان يكفر حتى يرجع حالها كما كانت قبل الظهار الثالث ان يراد بما قالوا ما حرّموه على انفسهم بالظهار تنزيلا للقول منزلة المقول فيه و يكون المعنى ثمّ يريدون العود الى التماس الذى حرّموه على انفسهم و لا يخفى عدم تمشى الاستدلال المذكور على الوجه الثالث الذى هو اظهر الوجوه اذ مفاده ليس الا ان كفارة العود الى التماس الذى حرّموه على انفسهم كذا و هذا لا ينافى حل الوطى لهم بعد انقضاء الوقت اذا كان الظهار موقتا و كذا على الثانى اذ مفاده ان تدارك الظهار و رفع حكمه بكذا و هذا لا ينافى حل الوطى بعد الوقت في الموقت اذ ليس فيه تدارك للظهار و احتيال في رفعه بل عدم الوطى الا بعد انقضاء الوقت التزام للظهار و عمل بموجبه بل اللازم منه ليس الا انه اذا اريد وطؤه في الوقت فكفارته كذا و على القول بصحة الموقت الامر كذلك و هذا الدليل انما يتجه على الاول و كانه ابعد الوجوه فان ظاهره لزوم الكفارة قبل التماس في كل المظاهرين و ليس الامر في الموقت كذلك و مع ذلك فتقييده على هذا الوجه أيضا بالتماس الذى حرّموه على انفسهم بالظهار ليس ببعيد و اللّه تعالى يعلم

قوله و ربما فرق بين المدة الزائدة

هذا الوجه مال اليه العلامة في المختلف حيث قال بعد نقل القولين و يحتمل القول بالصّحة ان زاد عن مدّة التربّص و الا فلا و كانّ وجهه ان من لوازم الظّهار انه يصح للزوجة بعده المرافعة الى الحاكم فينظر الحاكم الزّوج بعد المرافعة ثلاثة اشهر ليكفر و يفئ او يطلق ثمّ يجبره على احد الأمرين بعدها كما سيجي ء و اذا لم تزد المدة على ثلاثة فيبطل الظهار بعدها و لا يبقى له حكم حتى يجبر الحاكم الزوج على احد الامرين بعدها هكذا ينبغى تقريره و امّا ما ذكره الشارح تبعا للمصنف رحمه الله في شرح الإرشاد فظاهره انه من لوازم وقوع الظهار صحة مطالبته الزوجة بالوطى في ايام الظهار ليجبر الزّوج على الرجوع و التكفير او الطلاق و ليس لها المطالبة قبل الثلاثة لانها مدة التربص فاذا لم تزد المدة عليها فليس لها المطالبة قبل الثلاثة و بعدها يزول حكم الظهار و انتفاء اللّازم يدلّ على انتفاء الملزوم و فيه ان ما يفهم منه من صحة مطالبته الزوجة بالوطى بعد التربّص ثلاثة اشهر فيما زاد المدة عليها او مع التاييد على اطلاقه لا يخلو عن اشكال اذ الواجب من الوطى ليس الا في كل اربعة اشهر و بعد انقضاء الثلاثة ربما لم يضيق الوقت فلا تصح لها المطالبة الا ان يقال ان الواجب باصل الشرع و ان كان هو الوطى في كل اربعة اشهر لكن بعد الظهار ربما يجب عليه بعد التربص ثلاثة اشهر اما التكفير و الوطى او الطلاق و لا بعد في ان يجب عليه مع الظهار ما لم يجب قبله و هذا و ان كان غير مستبعد لكن لا دليل عليه اذ ما سيجي ء من مسئلة المرافعة لا تدل الا على ان يجبره الحاكم على الفي ء و التكفير او الطلاق و الفي ء لا يلزمه الوطى بلا فصل بل يمكن ان يكون يقصد الوطى و العزم عليه في جملة الوقت المقدر له شرعا و الحاصل انه لا يلزم مما ذكروه الا جبره على الطلاق او اظهار الرجوع و التكفير حتى يرفع عنه حكم الظهار ثمّ يجب عليه من الوطى ما يجب على غيره من الوطى في كل اربعة اشهر و يمكن ان يحمل مطالبة الوطى في كلام الشارح على مطالبة تحليله اى انه من لوازم الظّهار ان يصح للزوجة معه مطالبة تحليله للوطى او الطلاق و ليس لها ذلك قبل الثلاثة لانها مدة التربّص و بعدها يرفع حكم الظهار اذا لم تزد المدة عليها و حينئذ فيوافق ما ذكرنا فتأمل

قوله و هو غير كاف في تخصيص العموم

هذا ردّ لما ذكر من التعليل بان عدم مطالبة الزوجة بالوطى قبل الثلاثة لا يكفى في تخصيص عموم الآية و الروايات اذ ليست المرافعة و لا صحتها من لوازم وقوع الظهار و الحكمة بتربّصها تلك المدة على تقدير المرافعة محمول على ما لو كان مؤبّدا او موقنا بزيادة عنها و اما اذا لم يكن كذلك فليس حكمه الا تحريم العود الى ان يكفر من غير ان يصح المرافعة او ان يفيدها فائدة هذا تحرير ما ذكره في شرح الشرائع و اعلم ان في المختلف و الايضاح نقل احتجاج الشيخ بصحيحة سعيد الاعرج عن الكاظم عليه السّلام في رجل ظاهر من امرأته يوما قال ليس عليه شي ء و تبعهما الشارح في شرح الشرائع لكن اشار الى عدم منافاتها للقول بالتفصيل أيضا و اجاب عنها من قبل القائلين بالصحة مطلقا كما هو الراجح عنده بان قوله عليه السلام ليس عليه شي ء لا ينافى ذلك لانا نقول ان الظهار بمجرّده لا يوجب عليه شيئا و انما تجب الكفارة بالعود قبل انقضاء المدة و لما كانت مدة اليوم قصيرة فاذا صبر حتى مضى ليس عليه شي ء و لا يخلو عن بعد و لكن لم اجد الرواية على ما نقلوه في كتب الاخبار و لم ار احتجاج الشيخ بها و انما نقل في التهذيب و الاستبصار صحيحة منه عن الكاظم عليه السلام بهذه العبارة بعينها و لكن فيها بدل يوما فوفا و استشهد بها الشيخ في التهذيب على ان الظهار المشروط لا تجب الكفارة فيه الا بعد حصول الشرط و في الاستبصار على ان الظهار المشروط واقع و ظاهر انه حينئذ لا ربط لها بما نحن فيه اصلا و كانه وقع في نسخة العلامة رحمه الله بدل فوفا يوما تحريفا من الناسخ فوقع اليه نظره رحمه الله عند تصفح ما يصلح من الاخبار للاحتجاج في هذه المسألة من غير ملاحظة كلام الشيخ و استشهاده فرآها حجة للشيخ هاهنا فنسب اليه احتجاجه بها كما هو دابه اذ كثيرا ما يقول احتج فلان كذا اذا صلح لاحتجاجه به و ان لم يحتج هو به و تبعه من تبعه في النقل من غير مراجعة و اللّه تعالى يعلم

[أحكام الظهار]

قوله و لا بدّ من حضور عدلين

هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب و ادعى ابن ادريس عليه الاجماع و مما يصلح مستندا اليه من الاخبار مرسلة ابن فضال المتقدمة عن الصّادق عليه السلام قال لا يكون الظهار الّا على مثل موضع الطلاق و قد ظهر لك بما قررنا سابقا ان الرواية يحتمل وجهين و ان الاستدلال بها هاهنا انما يتجه على احد الوجهين دون الآخر على ان اشتراط العدلين في الطلاق أيضا محلّ كلام كما سبق و حسنة حمران عن ابى جعفر عليه السلام قال لا يكون ظهار في يمين و لا في اضرار و لا في غضب و لا يكون ظهار الا على طهر بغير جماع بشهادة شاهدين مسلمين و هى لا تدل الا على اشتراط شاهدين مسلمين لا العدلين على ما ذكره الاصحاب و قد يتمسّك بعموم اشتراط العدالة في الشاهدين و فيه اشكال و اللّه تعالى يعلم ثمّ ما تضمّنه حسنة حمران من عدم الظهار مع الاضرار قد عمل به الشيخ في يه و المحقق في النافع و كلام اكثر الاصحاب مطلق خال عن هذا التقييد و نسبه العلّامة رحمه الله في الارشاد الى قول مشعرا بتمريضه و لعله لعموم الآية و الرواية و عدم صلاحية الحسنة حجة لتخصيصها مع ان في سابق الآية اشعارا باستضرارها بالظهار

ص: 442

الا ان يقال انه يجوز ان يكون طارئا او يقال ان المانع هو قصد الاضرار و الاستضرار لا يستلزم و المصنف رحمه الله في شرح الارشاد جعل الاصح الوقوع و لو في اضرار و هو كما قال و يمكن حمل الرواية على ما لم يقصد التحريم بل قصد اضرارها بالتخويف و اللّه تعالى يعلم

قوله و كونها طاهرا من الحيض و النفاس

هذا الشرط موضع وفاق بين علمائنا كما ذكره في شرح الشرائع و يدل عليه من الاخبار صحيحه زرارة عن ابى جعفر عليه السلام و فيها قلت و كيف يكون اى الظهار قال يقول للرّجل لامرأته و هى طاهرة في غير جماع انت علىّ حرام مثل ظهر امّى و اختي و هو يريد بذلك الظهار و كذا حسنة حمران و مرسلة ابن فضال المتقدمتين آنفا

قوله لظهور ان هذه شرائط الطلاق

لا يكفى هذا بل لا بدّ من ظهور موافقة الظهار له في الشرائط أيضا و لا يصحّ دعوى ذلك على الاطلاق لاختلاف بينهما في بعض الشرائط كوقوعه بملك اليمين و اشتراط الدخول على ما سيذكره عن قريب و دعوى ظهور الموافقة بينهما في خصوص هذه الشرائط لا يخلو عن تعسّف الا ان يكون المراد ظهوره بالنسبة الى المتتبّع للاتفاق على عدم الفرق بينهما فيما ذكرنا فافهم

قوله و ان لا يكون قد قربها

هذا ايضا موضع وفاق بين الاصحاب و يدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة و حسنة حمران و مرسلة ابن فضال المذكورة آنفا

قوله مع حضوره ايضا

كما في الطّلاق و كانه لا خلاف بينهم في الموافقة بينهما في ذلك

قوله و الغضب ان اتفق

اى اتفق الغضب الذى فقد معه القصد و لا ريب في عدم الانعقاد مع مثل هذا الغضب بل اطلق بعضهم كالمحقق رحمه الله في النافع عدم الانعقاد مع الغضب و ظاهره كما ذكره السيّد المحقق رحمه الله في شرحه يقتضى عدم الفرق بين ان يبلغ حدّا يرفع القصد ام لا و هو الموافق لصحيحة ابن ابى نصر عن الرّضا عليه السّلام قال الظّهار لا يقع على الغضب و كذا حسنة حمران السّابقة ثمّ انه لما سبق منه في كتاب النكاح اختيار وقوع الظهار بالمتمتع بها كما هو مذهب الاكثر لم يتعرض لذلك هنا و قد فصّل القول فيه هناك فلا حاجة الى اعادته

قوله للاصل

اذ الاصل عدم منع الكفر من انعقاده و فيه تامّل كما اشرنا اليه سابقا بل الاصل براءة الذمة و عدم التحريم ما لم يثبت خلافهما نعم انما يتجه التمسّك به بعد التمسّك بعموم الآية و الرّوايات و هو في ضمن قوله و العموم فافهم

قوله و منعه الشيخ

بل كلامه في المبسوط يشعر بالاجماع او الشهرة العظيمة بين الاصحاب حيث قال و الظّهار لا يقع من الكفار عندنا و لا التكفير و في ف ليس لفظة عندنا المشعرة بما ذكرنا لكن لم ينقل الخلاف الا من العامة

قوله لاشتراط نية القربة

فيها و قد مرّ منا كلام في مثل هذا الموضع في كتاب النذر و هو انه ان اراد باشتراط نية القربة فيها اشتراط قصدها بحيث يترتب عليه المقصود اى استحق الثواب عليه او يكون قابلا له فعدم امكانها في الكافر مسلم لكن لا نسلّم اعتبار مثل هذه القربة في النيّة لعدم الدليل عليه كيف و لو اعتبر ذلك لزم عدم صحة عبادة المخالف أيضا لانه لا يستحق الثواب عليها عندهم مع انهم جزموا بصحة بعض عباداته كالعتق و تامّلوا في بعض آخر و ان اراد به اشتراط ايقاع الفعل طلبا للتقرب الى اللّه تعالى او ينل الثواب او ما يقرب من ذلك سواء حصل له ما قواه او كان قابلا لذلك في نفس الامر ام لا فتعذرها في حق الكافر مطلقا ممنوع لإمكانها فيمن اقر باللّه تعالى كاهل الكتاب انما يتعذر ذلك في منكريه تعالى كالدّهرية هذا و يمكن ان يقال هاهنا ان الكافر لما لم يعتقد شرعية الظهار فلا يمكنه قصد القربة في كفارته فتفطن

قوله و هى من لوازم وقوعه

كما يرشد اليه من قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لما قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اه و أيضا لم يفرق احد بينهما فلا يجوز القول بصحة الظهار دون الكفارة فتدبّر

قوله و هى لا يتوقّف على اعتقادها

لا يقال لا بدّ من قصد الظهار و تحريم الزّوجة به و اذا لم يقرّبا لشرع لا يمكنه و هذا القصد اذ لا نم وجوب قصد التحريم به بل القصد المعتبر في الظهار هو القصد الى مدلوله و هو انها عليه حرام كظهر امّه و يمكن القصد اليه و ان لم يعتقد تحريمها عليه بذلك كما يقال ان يكن كذا هذا حرام علىّ كلحم الخنزير فانه يقصد مدلوله و ان لم يعتقد وقوع التحريم به فكذا اذا هنا قصد مدلوله تصير حراما عليه و يترتب عليه احكامه و ان لم يعتقد ذلك لانه من قبيل الاسباب فافهم

قوله و التمكن من التكفير متحقق إلى آخره

اورد عليه ان الذمى مقرّ على دينه فحمله على الاسلام لذلك بعيد و ان الخطاب بالعبادة البدنية لا يتوجّه على الكافر الاصلى و اجيب بانا لا تحمل الذمى على الاسلام و لا نخاطبه بالصّوم و لكن لا نقول لا تمكنك من الوطى الا هكذا فاما ان تترك او تسلك طريق الحل كذا في شرح الشرائع و كانه اراد بعدم توجّه الخطاب بالعبادة البدنية على الكافر الاصلى انه ليس لنا الزامهم بها و ايذاؤهم على تركها و ان كانوا مكلّفين بها شرعا عندنا لعدم صحتها بدون الاسلام فلا يمكن الزامهم بها الا بالزامهم بالاسلام و يفهم من التقييد بالبدنية ان لنا الزامهم بالعبادات المالية كالزكاة و كان المراد الزامهم باصل اداء المال لا بالزكاة التى هى عبادة لتصريحهم بانه لا يصح من الكافر اداؤها فلا يمكن الزامهم بها الا بالزامهم بالاسلام و يفهم من تقييد الكافر بالاصلى توجه الخطاب بالعبادة البدنية على المرتد اذ لا يلزم من الزامه بها الا الزامه بالاسلام بناء على عدم صحتها مع الارتداد و لا منع منه بل يجب فتأمل

قوله و الاقرب صحته بملك اليمين

هذا مذهب ابن ابى عقيل و الشيخ و ابن حمزة و جماعة من المتاخرين و كان مذهب علىّ بن ابراهيم أيضا فانه روى في الكافي عنه انه قال ان طلق امراته او اخرج مملوكته من ملكه قبل ان يواقعها فليس عليه كفارة الظهار الا ان يراجع امراته او يرد مملوكته يوما فاذا فعل ذلك فلا ينبغى له ان يقربها حتى يكفر و في ف نسبه الى على عليه السلام في الصحابة ثمّ استدل عليه باجماع الفرقة المحقة و اخبارهم و الآية الكريمة

قوله و لصحيحة محمد بن مسلم

و كذا صحيحة صفوان التى في الكافي عن ابى الحسن الرضا عليه السلام و فيها و سأله عن رجل ظاهر من امراته و جاريته ما عليه قال عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستّين مسكينا و حسنة حفض بن البخترى بإبراهيم بن هاشم عن ابى عبد اللّه و ابى الحسن عليهما السّلام في رجل كان له عشر جواز فظاهر منهن كلهن جميعا بكلام واحد فقال عليه عشر كفّارات و حسنة ابن ابى يعفور قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من جاريته قال هى مثل ظهار الحرة و موثقة اسحاق بن عمار قال سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن الرّجل يظاهر من جاريته فقال الحرة و الامة في هذا سواء و رواية زرارة التى في الكافي قال قلت لابى جعفر عليه السلام انى ظاهرت من امّ ولد لى ثمّ وقعت عليها ثمّ كفرت فقال هكذا يصنع الرّجل الفقيه اذا وقع كفر و انت خبير بان ادلّة القول الآتي لا تصلح لمعارضة هذه الروايات مع تضافرها و تظاهرها فتأمل

قوله و ذهب جماعة

منهم المفيد و ابو الصّلاح و سلّار و ابن البراج و الصدوق و ابن ادريس و نقله عن المرتضى

قوله و رواية حمزة بن حمران

و كذا مرسلة ابن فضال المتقدمة لا يكون ظهارا الا على مثل موضع الطّلاق و رواية حمران التى في الفقيه بسند موثق حسن قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام

ص: 443

رجل قال لامته انت علىّ كظهر امّى يريد ان يرضى بذلك امراته قال يأتيها و ليس عليها و لا عليه شي ء و يمكن الجواب عنها مع قطع النظر عن السّند اما عن الاول فبان دلالته لو صحت ليست الا بالعموم فعند معارضة الروايات الاخرى وجب الجمع بينهما بتخصيص العام و اما عن الثانى فبأنه يمكن حمل قوله يريد ان يرضى بذلك امراته على انه لم يقصد الظهار و التحريم بل الغرض مجرد التلفظ به ليرضى به زوجته و حينئذ فعدم صحته بهذا الاعتبار لا لانه لا يقع على الامة فافهم و يمكن الاستدلال هاهنا أيضا بما ذكروه من ان من لوازم الظهار المطالبة بالوطى و المرافعة و لا يصح ذلك في المملوكة و قد عرفت جوابه فتذكّر

قوله و الرّواية ضعيفة السّند

اى ليست بصحيحة بل هى موثقة حسنة لان في طريقها ابن فضال و ابن بكير و هما ثقتان فطحيّان و حمزة بن حمران و ذكروا انّ له كتابا على ان الموثق عند الشارع ضعيف و يمكن ان لا يعتد بكونه صاحب كتاب في الحسن اذ لا يرفع جهالة حاله كثيرا هذا و الشيخ رحمه الله في الاستبصار حمل الرّواية على انه اذا اخلّ شي ء من شرائط الظهار لان حمزة بن حمران روى عنه هذه الرواية في كتاب البزوفرىّ انه يقول ذلك لجارية يريد به ارضاء زوجته و هذا يدلّ على انه لم يقصد الظهار الحقيقى و اذا لم يقصد ذلك لم يحصل ظهاره صحيحا و لا يحصل على وجه يتعلق به الكفارة و الظاهر ان ما ذكره اشارة الى ما رواه في التهذيب عن حمزة بن حمران قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام رجل قال لامرأته انت على كظهر أمّي يريد ان يرضى بذلك امراته قال يأتيها ليس عليه شي ء لكن قوله لامرأته سهو و كان بدله لامته موافقا لما نقلناه عن الفقيه عن حمران بل لا يبعد ان تكون الرواية واحدة و يكون اختلاف الكتابين في الراوى سهوا من احدهما و على تقدير صحة ما في التهذيب و كونه غير الرّواية التى اشار اليها في الاستبصار يمكن حمله على ان ارضاء امراته باعتبار انه قصد بما قاله اظهار تعظيمها و تبجيلها و مكانتها عنده لا تحريمها او باعتبار و انها كانت ممتنعة عن المقاربة فقصد بالتلفظ باظهار ارضائها و ان تطمئنّ منه من غير قصد التحريم او يقالان الامرأة الثانية غير الاولى و اللّه تعالى يعلم

قوله كانوا يظاهرون من الامة ايضا

فيعتزل سيّدها فراشها و ان الطلاق أيضا كان في الجاهلية كما ينبه عليه قول الاعشى ايا جاريتى بينى فانك طالقة كذا في شرح الشرائع و شرح الإرشاد للمصنف و لا يخفى ان كون الطلاق في الجاهلية لا يضر ما ذكره المستدل اصلا ان لم يدع انحصار طلاقهم في الظهار بل قال ان الظهار كان طلاقا في الجاهلية و على تقدير دعوى الانحصار يحمل الطلاق في البيت على الظهار الذى كان عندهم طلاقا نعم لو ادعى انهم لم يتلفظوا بالطلاق اصلا لكان ما ذكره ردّا عليه و لم يدع ذلك احد و لو كان البيت هكذا أ جاريتى ليدل على وقوع الطلاق عندهم بالمملوكة لكان ذلك ردّا على الدليل لكن في نسخ الشرحين على ما نقلنا فتأمل

قوله و المروى صحيحا اشتراط الدخول

و هو مذهب الشيخ و الصّدوق و ظاهر ابن الجنيد و ابن البراج و عليه اكثر المتاخرين و ذهب المفيد و المرتضى و سلّار و ابن زهرة و ابن ادريس الى عدم الاشتراط لعموم الآية و هو متجه على رأى من لم يعمل باخبار الآحاد كالمرتضى و ابن ادريس او لم يجوز تخصيص الكتاب بها و الا فالمتجه الاشتراط كما اشار اليه الشارح فتأمل

قوله عن احدهما عليه السلام قال إلى آخره

متن الرواية في التهذيب هكذا قال في المرأة التى لم يدخل بها زوجها قال لا يقع عليها ايلاء و لا ظهار و رواية فضيل في التهذيب هكذا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مملك ظاهر من امراته قال لا يلزمه و قال لى لا يكون ظهارا و لا ايلاء حتى يدخل بها و في الكافي ليس قال لا يلزمه و بدل و قال فقال و في شرح الشرائع استدل أيضا بما في رواية حمران لا يكون ظهارا الّا على طهر بعد جماع و هو سهو فان في حسنة حمران على ما في الكافي و الفقيه و التهذيب بغير جماع كما نقلنا سابقا لا بعد جماع كما نقله فلا تغفل و ذكر أيضا في شرح الشرائع ان هذا الخلاف يأتى في الأمة أيضا على القول بوقوع الظهار بها لتناول الروايات الدّالة عليه اى على اشتراط الدخول بها كما تناولت الحرة و توهم اختصاص ذلك بالحرة ضعيف جدا بل باطل و لا يخفى انه لا عموم لرواية محمد بن مسلم على ما نقلنا بل هى مختصّة بالمرأة التى لم يدخل بها زوجها فلا يتناول المملوكة و كذا لا عموم لرواية الفضيل ان ارجعنا الضمير في قوله عليه السلام بها الى المرأة المذكورة قبله نعم لو ارجع الى المرأة مطلقا لكانت عامة لكن بمجرد الاحتمال لا يمكن الحكم بعمومها و اما رواية حمران فقد ظهر لك حالها و من هذا ظهر ان القول باختصاص اشتراط الدخول بالزوجة ليس على ما وصفه من الضعف بل البطلان فتأمل

قوله اما عليه فلا

يمكن ان يخص كلامهم على تقدير الاشتراط بما اذا كان صيرورتها رتقاء او قرناء او مريضة انما وقعت بعد الدخول و مثله القول في الخصى و المحبوب و يمكن أيضا في الرتقاء و القرناء وقوع الوطى دبرا فصحة الظّهار فيهما لا ينافى اشتراط الدخول اصلا لتعميمهم في الدخول كما صرح به المصنف فتأمل

قوله و يمكن ان يكون قول المصنف هنا من هذا القبيل

اشارة الى انه يمكن ايضا ان يكون مذهبه في هذا الكتاب عدم الاشتراط و لكون غرضه نسبة الاشتراط الى الرواية و على هذا فلا اشكال على ما ذكره هنا فتأمّل

قوله فبناء الحكم على اشتراط الدخول

اى مبنى الحكم و ما يصح توجيهه به على تقدير القول بالاشتراط بحيث يجامع معه غير واضح و امّا جعل بنائه على الاشتراط اى تفريعه عليه فلا يتوهم من كلامهم حتى يرد عليه و اعلم ان القول بوقوع الظهار بالرتقاء و اختيها مع عدم صلاحيتهن للوطى على القول بعدم تخصيص التحريم في الظهار بالوطى و شموله لسائر الاستمتاعات ظاهر و اما على القول الآخر كما هو ظاهر المصنف فان الظاهر من قوله بل بمعنى تحريم وطئها كما سيشير اليه الشارح تخصيص التحريم بالوطى فلعله باعتبار احتمال زوال العلة و ان لم تصلح للوطى بالفعل فغرضه وقوع الظهار و تحريم الوطى عليه لو زالت العلة قوله و اما تجويزه بالمجبوب و كذا الخصى

الذى امتنع الوطى منه بان لا يمكنه ايلاج قدر الحشفة فمبنى على القول بتعميم التحريم و اما على القول بتخصيصه بالوطى فلا يقع منهما كما صرحوا به فتأمل

قوله و تجب الكفارة بالعود إلى آخره

لا يخفى ان تفسير العود بارادة الوطى البعد ارادتها منه بل العود بمعنى العود الى الوطى التى حرمه المظاهر على نفسه و الإرادة مضمرة كما في قوله تعالى فَإِذٰا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّٰهِ و إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا اى اردت القراءة و اردتم القيام و الدّليل على هذا الاضمار قوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا اذ لو لم يضمر الارادة و حمل الكلام على العود الى الوطى كما ذكره بعض العامة فيجب ان تكون الكفارة بعد التماس و على هذا فمفاد الآية الشريفة ان الّذين يظاهرون ثمّ يريدون العود الى التماس فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا و انت خبير بان قوله تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا لا بدل على ازيد من وجوب الكفارة قبل التماس بمعنى تحريمه قبلها على ما ذكره الاصحاب سواء حمل العود على ما ذكروه او حمل على احد الوجهين الاولين اللذين ذكرنا سابقا فلا يهمنا تحقيق الوجه الراجح من الوجوه المذكورة اذ على

ص: 444

الوجوه المذكورة لا يتغير الحكم المستفاد منها هذا و نقل في شرح الشرائع عن ابن الجنيد ان المراد بالعود امساكها في النكاح بقدر ما يمكنه مفارقتها فيه محتجا بان العود للقول بمعنى مخالفته يقال قال فلان قولا ثمّ عاد فيه و عاد له اى خالفه و نقضه و قريب من قولهم عاد في هبته و الغرض من الظهار وصفت المرأة بالتحريم فكان بالامساك عائدا انتهى و ظاهره وجوب الكفارة بمجرّد ذلك من غير توقف على ارادة الوطى كما هو مذهب الشّافعية و فيه مع اباء لفظة ثمّ الدالّ على التراخى عنه انه حقيقة الظهار ليس الا تحريم وطئها عليه و ذلك لا ينافى بقاؤها في عصمته فلا يكون ابقاؤها عليه كذلك عودا فيما قاله بل العود لا يتحقق الا بفعل ما ينافيه و هو الوطى كما هو الظاهر او بارادته أيضا على احتمال فيجب الحمل على احدهما لكن قد عرفت انه على تقدير الحمل أيضا على الأول يجب أيضا ضمان الارادة بدليل قوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا و لو سلم صحة اطلاق العود على ما ذكروه فلا يمكن الحكم بارادته و وجوب الكفارة له لاحتمال ما ذكره الاصحاب موافقا لجماعة منهم أيضا احتمالا ظاهرا بخلاف الحكم بوجوب الكفارة بعد العود بالمعنى الذى ذكره الاصحاب اذ لا ريب في استفادته من الآية الكريمة على جميع التفسيرات و يدلّ عليه أيضا حسنة جميل بن درّاج بإبراهيم بن هاشم على ما في الكافي و التهذيب عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و سألته عن الظهار متى تقع على صاحبه الكفارة قال اذا اراد ان يواقع امراته قلت فان طلقها قبل ان يواقعها أ عليه كفارة قال لا سقطت الكفارة عنه و هذه الرّواية في الفقيه أيضا هكذا و سأله جميل بن درّاج عن الظهار الى آخره و طريقه الى جميل صحيح و صحيحة ابى بصير على ما في شرح الشرائع قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام متى تجب الكفارة على المظاهر قال اذا اراد ان يواقع الحديث و صحيحه الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يظاهر من امراته ثمّ يريد ان يتم على طلاقها قال ليس عليه كفارة قلت فان اراد ان يمسّها قال لا يمسّها حتى يكفر الحديث و امّا وجوب الكفارة بمجرد الظهار فما لم يقل به احد و يدلّ على نفيه الآية و الرّوايات فلا عبرة بتوهم ذلك من بعض الروايات كموثقة ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول جاء رجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال يا رسول اللّه ظاهرت من امرأتي قال اذهب فاعتق رقبة الحديث بل يجب حمل امثالها على الوجوب الكفارة لو اراد العود فتأمل

قوله بل بمعنى تحريم وطئها حتى يكفر

هذا هو المش بين الاصحاب و وجهه ما اشرنا اليه من ان الآية الكريمة لا تدل على ازيد من هذا و كذا لا دليل عليه من الاخبار استدل عليه شرح الشرائع بصحيحة الحلبى المتقدمة آنفا قال فان ظاهرها ان جواز المس متوقف على التكفير فمتى لم يفعل لا يستقر عليه و انما يكون شرطا في جواز المسّ و هو المراد من الوجوب غير المستقر لا الوجوب بالمعنى المتعارف انتهى و لا يخفى ما في التقريب الذى ذكره و الاظهر ان يقال ان حكمه عليه السلام في الشق الاول بعدم الكفارة و في الشق الثانى بانه لا يمسّها حتى يكفر دون لزوم الكفارة على البت يشعر بعدم وجوبها بمجرّد ارادة المسّ الا انه لا يجوز له مسها حتى يكفر و ذكر في شرح النافع ان ما اوردناه من صحيحتى جميل بن دراج و الحلبى صريح في هذا المعنى حيث تضمنتا ترتب الكفارة على ارادة المواقعة و سقوطها بالطلاق و فيه ان صراحة جميل فيما ذكره من سقوطها بالطلاق قبل الوقاع انما هو اذا كان قوله قلت فان طلقها الى آخره سؤالا عمّا اذا طلقها قبل ان يواقعها بعد ما اراد ان يواقعها و الكلام ليس بصريح فيه بل يجوز ان يكون سوء الا براسه عما اذا طلقها قبل ان يواقعها من دون ان يريد مواقعتها و يكون الغرض تصريحه عليه السلام بما فهم من الكلام السّابق و حينئذ فلا دلالة فيه على ما ذكره نعم ربما كان الاحتمال الاول اظهر سيّما مع قوله عليه السلام سقطت الكفارة لإشعار السقوط بثبوت قبله و هو فيما اذا اراد الوطى اولا و اما اذا لم يرد الوطى فلا كفارة لا انها سقطت و لو قطع النظر عن اظهرية الاحتمال الاول فيمكن التمسك أيضا باطلاق فان طلقها الشامل بظاهره للصورتين لكن على الوجهين دعوى الصراحة كما ترى و اما صحيحه الحلبى فقوله فيها ثمّ يريد ان يتم على طلاقها يحتمل على وجهين كما اشتهى اليه سابقا في الحاشية احدهما انه يريد ان يبقى على مفارقتها و عدم العود الى وطئها و ثانيهما ان يحمل على على التعليلية اى يريد ان يتم الظهار بسبب طلاقها و على الاول فليس فيها حديث الطلاق او سقوط الكفارة به اصلا و على الثانى ان ذكر الطلاق لكن لم يحكم بسقوط الكفارة بل بانه لا كفارة عليه و لا صراحة بل و لا ظهور في ان الطلاق بعد ارادة الوطى بل يجوز ان يكون بدون ارادة الوطى نعم لو تمسّك باطلاقها الشامل للصّورتين لكان له وجه لكن اين هو من الصّراحة في سقوطها بالطلاق على ما ادّعاه فتأمل

قوله و انما ظاهرها وجوبها بالعود إلى آخره

توضيحه انه لو لم يكن قبل ان يتماسّا لكان المستفاد من الكلام وجوب تحرير الرقبة بارادة الوطى مطلقا امّا مع ضميمة ذلك فظاهره ان عند ارادة الوطى يجب تحرير رقبة قبل التماس بمعنى انه يحرم التماس قبله و حمله على انه يجب تحريرها مطلقا و يجب ان يكون ذلك قبل التماس اى لو وقع التماس كان التحرير قبله خلاف الظاهر و لو سلم فلا ريب انه ليس بالظهر من المعنى الاوّل فلا يمكن الحكم به مع وجود ذلك الاحتمال بخلاف الوجوب بمعنى الاول لعدم الخلاف فيه هذا و اجاب في شرح الشرائع بمنع دلالتها على الوجوب مطلقا بل غايته ان يدلّ على توقف التماس عليها و ذلك مطلوبنا و هذا هو الذى ذكره هاهنا على ما اوضحناه لكن قوله بل غايته كما ترى اذ بعد منع دلالتها على الوجوب مطلقا لا يبقى مجال مناقشة في دلالة الكلام على توقف التماس على الكفارة فلا يبقى لقوله غايته المشعر بامكان منع ذلك أيضا وجه و جعله اشارة الى انه يمكن حملها على توقّف فضل التماس عليها لاجلها بعيد عن سوق الكلام في هذا المقام ثمّ قال و لو سلم الوجوب فالمراد به المقيد بقبلية التماس و القبلية من الامور الاضافية لا تتحقق بدون المتضائفين فما لم يحصل التماس لا يثبت الوجوب و ذلك هو المراد من الوجوب غير المستقر انتهى و لا يخفى ما فيه اذ تقييد الوجوب بقبلية التماس مما لا اتجاه له اذ يصير المعنى حينئذ يجب التحرير اذا تحقق قبلية التماس كما ترى اذ يلزم حينئذ ان لا يجب التحرير ما لم يقع التحرير و التماس بعده لما ذكره من ان القبلية من الامور الاضافية لا يتحقق بدون المتضائفين و أيضا قوله فما لم يحصل التماس لا يثبت الوجوب فيه انه للمعنى لتوقف وجوب شي ء على ما يتحقق بعده و ان اراده بتقييد الوجوب تقييد الواجب اى الواجب هو التحرير المقيد بقبلية التماس فلا يصح قوله فما لم يحصل التماس لا يثبت الوجوب بل يلزم حينئذ استقرار وجوب التحرير بالعود مع كونه متّصفا بقبلية التماس فبعد ارادة الوطى لا يخرج عن عهدة التكليف الا بالتحرير و التماس بعده و فيه اعتراف بما ذكره المستدل مع زيادة لم يقل بها احد و غاية توجيه كلامه ان يقال ان المراد بتقييد الوجوب بقبلية التماس انه لا وجوب الا فيما اذا وقع قبل التماس ففيما لم يحصل التماس لم يكن وجوب فوقوع التماس كاشف عن تحقق الوجوب

ص: 445

قبله و عدمه عن عدمه و ذلك هو المراد من الوجوب غير المستقر و لا يخفى ما فيه من التعسّف فتأمل ثمّ انه على ما رجحه في التحرير وجوب الكفّارة بعد ارادة الوطى وجوب بالمعنى المتعارف و لا اشكال في قصد الوجوب في نيتها و امّا على ما هو المش فوجوبها ليس بالمعنى المتعارف اى ما يذم تاركه او يعاقب على تركه اذ لا ذمّ و لا عقاب على تركها مع ترك الوطى أيضا و مع الوطى لا ذمّ على ترك الكفارة بل على وقوع الوطى على هذا الوجه كما ان المصلّى للنافلة بغير طهارة انما يعاقب على ايقاع الصّلاة على هذا الوجه لا على ترك الطّهارة بل وجوبها وجوب شرطىّ كوجوب الطهارة لصلاة النافلة و على هذا فلو قصد الوجوب في نيتها كان عليه ان يقصد الوجوب بهذا المعنى و كذا في كل ما هو واجب بمعنى الشرط و ليس بواجب في نفسه كالتّسمية للذبح و لو كان ندبا في نفسه امكن نيته الندب أيضا و من هنا يظهر انه لو اعتبر الوجه في النّية فلا ينحصر ذلك في الوجوب و النّدب بالمعنى المتعارف بل يمكن ان يكون الوجوب او الندب بمعنى الشرطية بان يكون فعل مشروطا بامر بحيث يحرم الإتيان به بدونه او يكون الاولى تركه بدونه فحينئذ ينوى الاتيان بذلك الأمر ليجوز له ذلك الفعل او لئلّا يكون مرجوحا و يقصد بذلك التقرّب الى اللّه تعالى بامتثال امره في التجنب عن حرام او التنزّه عن مرجوح حيث يريد الفعل و ان لم يكن في نفسه واجبا او مندوبا كالتشريق او التغريب مثلا في وقت الحدث و ان لم يعتبر الوجه و كفى قصد القربة كما هو الظاهر فكيف فيها أيضا قصد القربة بتقريب ما اشرنا اليه فتأمّل

قوله اذ الظاهر منها الوطى إلى آخره

يمكن تقريره بوجهين احدهما و عليه بناء ما علقه سلطان العلماء رحمه الله على هذا المقام من الحواشى ان المراد يكون الظاهر منها الوطى انه حقيقة عرفية او شرعية في الوطى كما استعمل كذلك في آية الطلاق و ذلك لانه يستعمل في الوطى بخصوصه كما ذكرنا و الاصل في الاستعمال الحقيقة و لا ريب في انه بحسب اللغة حقيقة في الاعم منه فلو لم يكن حقيقة شرعية او عرفية في الوطى يلزم الاشتراك لغة بين الاعم و الاخصّ فقوله حذرا من الاشتراك او تقريرا لا يراد كما ذكره سلطان العلماء رحمه الله انه لا خلاف في كونه حقيقة في المعنى العام لغة فاحد الامرين من النقل او الاشتراك اللفظى بحسب اللغة لا ذم بناء على ما ذكرتم من اطلاقه على الوطى حقيقة لان هذا الاطلاق ان كان بحسب وضع آخر عرفى او شرعى كما ذكرتم يلزم النقل و ان كان بحسب وضع لغوى آخر يلزم الاشتراك في اللغة و القول به اولى لانه خير من النقل على ما حقق في الاصول و اذا كان مشتركا لغة يمكن كونه هاهنا مستعملا في المعنى العام مع كونه في آية الطلاق في الخاص و حاصل الجواب ظاهر و لا يخفى ما في كل من الدّليل و الايراد و الجواب اما الدّليل فلان استعماله في الوطى و كون الاصل في الاطلاق الحقيقة يكفى في الاستدلال و لا حاجة فيه الى اثبات انه حقيقة عرفية او شرعيّة فيه و نفى الاشتراك اللّغوى اذ على تقدير الاشتراك لغة أيضا بين العام و الخاص لا يمكن الا الحكم بحرمة الخاص قبل الكفارة لانه المتيقن بخلاف العام لانه مجرد احتمال و منه يظهر ما في الايراد أيضا لان ما ذكره فيه من انه اذا كان مشتركا لغة يمكن كونه هاهنا مستعملا في المعنى العام فيه ان الامكان لا يكفى في الحكم بالحرمة بل لا بدّ من اليقين و لا يقين الا في المعنى الخاص نعم يمكن الايراد بوجه آخر و هو انه اذا لزم من القول بكونه حقيقة في الخاص القول بالنقل او الاشتراك قلنا ان نحمله فيما علم استعماله في الخاص كآية الطلاق على المجاز لانه خير منهما و يبقى في غيره كهذه الآية على الحقيقة و هى المعنى العام و يمكن دفعه عنهما بان استعماله في الخاصّ و كون الاصل في الاطلاق الحقيقة او ان كفى في الاستدلال لكن لا يخفى ان بعد اثبات كونه حقيقة عرفية او شرعية في الخاص يصير الحجّة اقوى جدّا فلا استدراك على المستدلّ و امّا المورد ففرضه الرّد على ما ذكره المستدل و لا يقدح فيه انه على تقدير الاشتراك يمكن تتميم الدليل بوجه آخر فتدبّر و امّا في الجواب فلانه حينئذ ينهدم بنيان الدليل و يظهر ضعفه و سخافته جدا كما ذكره سلطان العلماء رحمه الله لان بناء الاستدلال على ان المس يطلق على خصوص الوطى حقيقة كما في آية الطلاق فيجب ان يكون هنا أيضا مستعملا في خصوص الوطى حذرا من الاشتراك اللفظى فاذا اعترف المستدل بان اطلاقه على الوطى في آية الطلاق ليس باعتبار الخصوص بل باعتبار كونه فردا من معناه الكلى ليتم مدعاه من ان المستعمل فيه هنا أيضا خصوص الوطى لانه يمكن ان يكون المستعمل فيه هنا الكلى لا باعتبار تحققه في تلك الفرد و لا يلزم الاشتراك اللفظى حينئذ لانه في الموضعين مستعمل في المعنى الواحد و هو الكلى و كون الكلى متحققا في احد الموضعين في ضمن فرد مخصوص و في آخر غير متحقق فيه لا يوجب الاشتراك اللفظى فتأمل و ثانيهما ان مناط الدليل هو دعوى ان الظاهر منها هو الوطى كما في آية الطلاق و ان كان بحسب اللغة اعم منه فيجب الحمل عليه ما لم يثبت خلافه و كانه احال ذلك على الظهور و نبّه عليه باستعماله في آية الطلاق كذلك و هو موافق لما نقله المصنف في شرح الارشاد عن ابن ادريس انه قال المراد بالمسيس هنا الوطى لانه المتعارف و المفهوم من الآية و قوله حذرا من الاشتراك يريد به انا نحكم بانه بحسب اللغة اعم حذرا من الاشتراك اذ قد يستعمل في غير الوطى أيضا فلو لم يكن موضوعا للمعنى الاعمّ يلزم الاشتراك فهذا تحقيق المعنى اللغوى لا تتميم للاستدلال بل بناء الاستدلال على ما ذكرنا من دعوى الظهور في الوطى و الايراد باستلزامه النقل بناء على ما ادّعاه من كونه ظاهرا في الوطى و انه بحسب اللغة اعم فيلزم النقل و الاشتراك خير منه فيجب ان يقال انه بحسب اللغة مشترك لفظا بين الوطى و غيره حتى لا يلزم النقل و هذا اما ايراد أيضا على

تحقيق المعنى اللغوى من غير ان يكون ردّا على الاستدلال لكن مثل هذا الاطناب في تحقيق معنى اللغوى في مثل هذا المقام من غير ان يتعلّق بالاستدلال لا يخلو عن بعد و اما ردّ على الاستدلال بان يقال انه في قوة منع الظهور و الاستناد بانه لو كان ظاهرا فيه يلزم النقل و الاشتراك خير منه و فيه تعسّف اذ ما ادعاه من الظهور ان كان واقعا فلا محذور في استلزامه النقل و القول به بعد قيام الدليل عليه و الا فيجب منعه و اما جعل استلزامه النقل دليلا على عدم الظهور فلا يخلو عن تعسّف و على الوجهين فالجواب انا نجعله بحسب اللغة متواطئا على معنى يشترك فيه الوطى و غيره و اطلاقه على الوطى استعمال اللفظ في بعض افراده فلا يلزم النقل و لا الاشتراك اللفظى و هذا لا ينافى ما ذكر من كونه ظاهرا في الوطى اذ المشترك المعنوى قد يكون ظاهرا في خصوص بعض افراده كما قيل في الوجود و لعلّ ما نحن فيه كذلك على ما ادعاه الشارح رحمه الله و بناء الاستدلال ليس الا على ذلك و لا يلزم منه دعوى كونه حقيقة في الوطى بخصوص هذا و على هذا الوجه لا يتوجه شي ء مما اوردنا على الوجه الاوّل و ليس فيه الا ما اشرنا اليه في طى تقريره و الامر فيه سهل و اين هو مما يرد على الوجه الاول على ان حمل قوله اذ الظاهر منها الوطى على ما حمل عليه في الوجه الاول تكلف جدا فتأمل

قوله استنادا الى اطلاق المسيس

و عمومه لغة و الجواب عنه على ما ذكره الشارح رحمه الله فان اطلاقه و عمومه لغة لا يجديه مع كونه ظاهرا على ما في الوطى

ص: 446

ذكره الشارح رحمه الله و نقل المصنف في شرح الإرشاد عن ابن ادريس انه اجاب بان اصالة عدم النقل مسلم لو لم يثبت فانه لا خلاف ان المراد بها هنا الوطى و انت خبير بانه لو ثبت ان المراد بها هنا الوطى فهو يكفى في الحكم بعدم حرمة ساير الاستمتاعات و لا حاجة الى التزام النقل البتة اذ يكفى كون المراد ذلك سواء كان بعنوان النقل او الاشتراك او المجاز هذا و ربما يؤيد حمل المسيس على خصوص الوطى صحيحة عاصم بن حميد عن ابى بصير و فيه اشتراك عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كل من عجز عن الكفارة التى تجب عليه من صوم او عتق او صدقة في يمين او نذر او قتل او غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار فانه اذا لم يجد ما يكفر به حرمت عليه ان يجامعها و فرق بينهما الا ان ترضى المرأة ان تكون معها و لا يجامعها حيث خصّ فيها التحريم في الظهار بالمجامعة و لا ريب ان الظاهر منها خصوص الوطى فافهم

قوله و امّا الاستناد الى تنزيلها منزلة إلى آخره

حاصله كما ذكره في شرح الشرائع ان مقتضى تشبيهها بالمحرمة ابدا كون تحريمها على حدّ تحريمها الى ان يكفر و هو متناول لغير الوطى من ضروب الاستمتاع و في الحكم عليه بالمصادرة مسامحة و الاظهر ان يقال انا لا نم ان مجرد تشبيهها بها يترتب عليه كون حكمها مطلقا ما لم يدل عليه الدليل و الدليل و هو الآية الشريفة لا حكمها تدل الا على ترتب حرمة الوطى بناء على ما ذكروه من معنى التماس و أيضا لو صح ذلك لاقتضى تحريم النظر بشهوة أيضا مع انه غير داخل في مدلول الآية قطعا و ظاهر بعض الاصحاب انه غير محرم لعدم الدليل عليه و ان النزاع انما هو فيما يدخل في مفهوم التماس لغة من ضروب الاستمتاع فافهم

قوله لم تحرم حتى يقع الشرط

فقبل وقوع الشرط لم ينعقد الظهار و بعد وقوعه حكمه حكم الظهار المطلق من حرمة المسيس قبل الكفارة سواء كان هو الشرط الوطى ام غيره فاذا كان هو الشرط الوطى بان يقول ان وطئتك فانت على كظهر امّى لم يحرم عليه وطؤها اوّل مرة فاذا وطئها انعقد الظهار و تجب عليه الكفارة اذا اراد وطئها مرة اخرى هذا هو المش المطابق للقواعد و قال الصدوق رحمه الله في الفقيه و الظهار على وجهين احدهما ان يقول الرّجل لامرأته انه هى عليه كظهر امة و سكت فعليه الكفارة من قبل ان يجامع فان جامع من قبل ان يكفر لزمته كفارة اخرى فان قال هى عليه كظهر امّه ان فعل كذا و كذا فليس عليه شي ء حتى يفعل ذلك الشي ء و يجامع فيلزمه الكفارة اذا فعل ما حلف عليه و ظاهر ان الكفارة في الظهار المشروط انما تجب بعد وقوع الشرط و الوطى و لم ينقلوا القول به من احد و لكن لو كان ذلك مذهبه فيمكن ان يكون مستنده الصحيحة الاولى لعبد الرحمن بن الحجّاج التى نقلناها سابقا بان يجعل الضرب الثانى فيها الذى يكفر فيه بعد المواقعة هو مطلق الظهار المشروط بقرينة جعل الضرب الاول هو الظهار المطلق و حمل قوله ان قربتك على المثال لان الضرب الثانى مخصوص بهذا المثال و فيه ان الكريمة عامة في الكفارة قبل التماس و لو جوز تخصيص الكتاب باخبار الآحاد فانما يجوز حيث يكون نصّا و الرّواية المذكورة ليست كذلك اذ كما يحتمل ذلك يحتمل أيضا ان يكون الضرب الثانى مخصوصا بالمثال المذكور و يكون ذكر المطلق في الضرب الأول على سبيل المثال بان يكون الضرب الاول شاملا للمطلق و للمشروط الذى يكون الشرط غير الوطى أيضا هذا و يمكن حمل كلام الصدوق رحمه الله موافقا للصحيحة المذكورة على ما اذا كان الشرط هو الوطى فانه حينئذ لا تلزم الكفارة ما لم يجامع فان الشرط هو الجماع فقوله و يجامع عبارة اخرى لقوله حتى يفعل ذلك الشي ء و المراد بلزوم الكفارة حينئذ بعد الجماع لزومها بعده لإرادة جماع آخر كما هو المش او لنفس الجماع الاول باعتبار استمراره كما سننقله عن الشيخ و يمكن أيضا حمل قوله و يجامع على و يريد ان يجامع فينطبق على المش و قال الشيخ في يه ثمّ ان الظهار ينقسم قسمين قسم تجب فيه الكفارة قبل المواقعة و الثانى لا تجب فيه الكفارة الا بعد المواقعة و القسم الاول هو انه اذا تلفظ بالظهار على ما قدمناه و لا يعلقه بشرط فانه تجب عليه الكفارة قبل ان يواقعها فان واقعها قبل ان يكفر كان عليه كفارة اخرى و الضرب الثّانى لا تجب فيه الكفارة الا بعد ان يفعل ما شرط انه لا يفعله او يواقعها فمتى واقعها كانت عليه كفارة واحدة فان كفر قبل ان يواقع ثمّ واقع لم يجزه ذلك عن الكفارة الواجبة بعد المواقعة و كان عليه اعادتها و متى فعل ما ذكر انه لا يفعله وجبت عليه الكفارة أيضا قبل المواقعة فان واقعها بعد ذلك كان عليه كفارة اخرى اذا فعل متعمدا فان فعله ناسيا لم يكن عليه اكثر من كفارة واحدة انتهى و ظاهره ان في الظهار المشروط تجب عليه الكفارة اما بفعل ما شرط انه لا يفعله او بالمواقعة و ان لم يفعل ما شرط انه لا يفعله لكن بالمواقعة تجب كفارة واحدة بعدها و يفعل ما شرط انه لا يفعله تجب الكفارة قبل المواقعة اذا ارادها و لو واقعها قبلها فكفارتان كما في المطلق و هو كما ترى اذ قبل وقوع الشرط لا وجه لتحريم المواقعة و لا للكفارة لها بدون التحريم و قد صرح هو رحمه الله أيضا في الكافي و التهذيب فان في المشروط لا تجب عليه الكفارة الا بعد حصول شرطه و حمل المحقق رحمه الله في النكت و النافع قوله او يواقعها على ما اذا كان الشرط هو المواقعة و هو و ان كان بعيدا لكن ينطبق معه على ما هو المش و حينئذ يكون حكمه أيضا بانه متى واقعها كانت عليه كفارة واحدة اما لإرادة الوطى مرة اخرى كما هو المش او لنفس المواقعة الاولى باعتبار استمرارها بناء على ما سننقله عن الشيخ و على الاول لا فرق بين الوطى و سائر الشروط اذ في الجميع لا تجب الكفارة الا بعد فعل الشرط و لا تستقرّ بذلك بل انما تجب الكفارة بعده لإرادة الوطى بعده و لو وطى بعده قبل التكفير فعليه كفارتان فتخصيص المواقعة بالذكر لمجرد التوضيح و بيان ان حكمه حكم سائر الشروط و اما على الثانى فيخالف حكمه حكم سائر الشروط لاستقرار الكفارة

فيه بمجرد فعل الشرط بخلاف سائر الشروط اذ لا تجب الكفارة بعدها الامة قبل المواقعة اى لإرادة المواقعة بعدها و على هذا فما ذكره من التفصيل و التفرقة في موقعة فافهم ثمّ لا يخفى ان قول الشيخ الا ان يفعل ما شرط انه لا يفعله الظاهر ان شرطه عدم فعله باعتبار انه علق الظهار على فعله و جعله زاجرا عنه و هذا هو اليمين بالظهار على ما نقلنا سابقا عن الشارح في تحقيق اليمين به و قد عرفت انه لا خلاف بيننا في عدم انعقاد فمنه يظهر ان اليمين بالظهار ليس على الوجه الذى حققه فتفطّن

قوله على اصحّ القولين

مقابل الاصح ما نقله في شرح الشرائع موافقا لفخر المحققين في الايضاح عن الشيخ انه قال اذا كان الشرط هو الوطى وجبت الكفارة بنفس الوطى و ان كان ابتداؤه جائزا بناء على ان الاستمرار وطى ثان و زاد في شرح الشرائع و على هذا فانما يباح منه مسمّاه و تجب الكفارة و لو بالنّزع بعد المسمى انتهى و لا يشكل بان النزع واجب فكيف يصير سببا للكفارة و أيضا في ايجاب كل من النزع و تركه للكفارة تكليف بالمستحيل لاستحالة تركهما اذ لا استبعاد

ص: 447

فيهما اذا ترتب على فعل اختيارى للمكلف كان ممنوعا منه كما يظهر مما حققناه في الاصول فيمن توسّط ارضا مغصوبة فتأمل

قوله حملا على المتعارف

اشارة الى ما ذكره في شرح الشرائع تبعا للايضاح أيضا من ان الوطى من ابتدائه الى النزع واحد عرفا و الاطلاق محمول على العرف و المشروط انما يقع بعد وقوع الشرط لا قبله نعم لو نزع كاملا ثمّ عاد وجبت الكفارة و ان كان في حالة واحدة هذا و لا يخفى انه يمكن الاستدلال لما نقلاه عن الشيخ بظاهر صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج السابقة و قوله عليه السلام فيها و الذى يكفر بعد المواقعة هو الّذى يقول انت على كظهر امّى ان قربتك فان ظاهره وجوب الكفارة له بعد المواقعة بنفسها لكن اثبات الحكم المخالف للاصل بمجرّد هذا الظاهر مع مخالفته لظاهر الآية الكريمة الدّالة على عموم ان الكفارة قبل المسيس اى لحله لا يخلو عن اشكال فالظاهر حمل الخبر على انه بعد المواقعة يتعلق به حكم الظهار و تجب عليه الكفارة بارادة المواقعة مرة اخرى و اللّه تعالى يعلم ثمّ انه على ما ذكره الشيخ هل يستقر بالوطى كفارة واحدة او كفارتان ظاهر ما نقلوه الأول و كلامه في يه على ما نقلناه في الحاشية السّابقة لو نزل على هذا المذهب صريح فيه كما ترى و يحتمل الثانى على وفق ساير الشّروط فانه اذا وطئ متعمدا بعد وقوعها قبل الكفارة فعليه كفارتان عنده فاذا كان حكم استمرار الوطى بعد ابتدائه حكم الوطى بعد وقوع الشرط فيجب ان يحكم في أيضا بالكفارتين نعم لو لم يجعل مستند الحكم ما ذكروه بل ما ذكرنا من ظاهر الصحيحة فلا دلالة لها الا على كفارة واحدة فتدبّر و اعلم انى لم اجد ما نقلاه عن الشيخ في كتبه و في متن القواعد و لو كان الشرط هو الوطى ثبت الظّهار بعد فعله و لا تستقرّ الكفارة حتى يعود و قيل تجب الكفارة بنفس الوطى و ليس بجيّد و مثله في الشرائع و لو لم يكن في كلام الشيخ تصريح بما نقله في الايضاح فلا يبعد ان يكون القول الذى نقله الماتنان اشارة الى ما نقلناه عن الشيخ في يه يحمل قوله او يواقعها فيها على ما اذا كان الشرط هو الوطى كما نقلناه عن المحقق و حمله حينئذ على ظاهره من وجوب الكفّارة فيه بنفس المواقعة لا لإرادة وطى آخر و ربما امكن ان يكون نظر الايضاح أيضا الى ذلك لكن مع توجيه من قبل نفسه لكلام الشيخ فنسبه بعد التوجيه اليه و الشارح رحمه الله ربما تبعه في النقل من غير مراجعة و اللّه تعالى يعلم

قوله حيث يتحقق التحريم

بان كان الظّهار مطلقا او كان مشروطا بغير الوطى و تحقق شرطه فافهم

قوله احدهما للوطى

اى استقرت للوطى و الاخرى للظهار اى غير مستقرة بل معنى وجوبها انه يحرم الوطى مرة اخرى ما لم يأت بها قبله على المش و تستقر بارادة الوطى ثانيا على ما رجّحه في تحرير هذا ثمّ ان القول بالكفارتين هو المش بين الاصحاب و يدل عليه صحيحة الحلبى قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يظاهر من امراته ثمّ يتم على طلاقها قال ليس عليه كفارة قلت ان اراد ان يمسها قال لا يمسها حتى يكفر قلت فان فعل فعليه شي ء قال اى و اللّه و انه لآثم ظالم قلت عليه كفارة غير الاولى قال نعم يعتق أيضا رقبة و رواية ابى بصير قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام متى تجب الكفارة على المظاهر قال اذا اراد ان يواقع قال قلت فان واقع قبل ان يكفر قال فقال عليه كفارة اخرى و حسنة الحسن الصّيقل المتقدمة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل ظاهر من امراته فلم يف قال عليه الكفارة من قبل ان يتماسّا قلت فان اتاها قبل ان يكفّر قال بئسما صنع قلت عليه شي ء قال أساء و ظلم قلت فيلزمه شي ء قال رقبة أيضا و نقل في المختلف عن ابن الجنيد انه قال و المظاهر اذا قام على امساك زوجته بعد الظهار بالعقد الاول زمانا و ان قلّ فقد عاد لما قال و لم يستحب له ان يطأ حتى يكفر فان وطئ لم يعاود الوطى ثانيا حتى يكفر فان فعل وجبت عليه لكل وطى كفارة الا ان يكون ممّن لا يجد العتق و لا يقدر على الصيام و كفارته هى الاطعام فانّه ان عاود الى جماع ثان قبل الاطعام فالفقه لا يوجب عليه كفارة لان اللّه تعالى شرط في العتق و الصيام ان يكون قبل العود و لم يشترط ذلك في الاطعام و الاختيار ان لا يعاود الى جماع ثان حتى يصدق انتهى و قال في شرح الشرائع بعد نقل هذا الكلام و يدلّ على ما اختاره من عدم تعدّد الكفارة أيضا صحيحة زرارة قال قلت لابى عبد اللّه عليه السلام رجل ظاهر ثمّ واقع قبل ان يكفر فقال لى او ليس هكذا يفعل الفقيه و حسنة الحلبى عن الصّادق عليه السلام قال سألته عن رجل ظاهر من امراته ثلث مرّات قال يكفر ثلاث مرّات قلت فان واقع قبل ان يكفر قال يستغفر اللّه و يمسك حتى يكفر و رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام ان الرجل اذا ظاهر من امراته ثمّ غشيها قبل ان يكفر فانما عليه كفارة واحدة و يكف عنها حتى يكفر و ما تقدم من حديث سلمة بن صخر و امر النّبى صلّى اللّه عليه و آله بعد ان اخبره انه واقع بعتق رقبة و لو وجبت عليه كفارتان لأمره بعتق رقبتين و في رواية اخرى عنه عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله في المظاهر يواقع قبل ان يكفر قال كفارة واحدة و يمكن على هذا حمل الاخبار الواردة بتعدّد الكفارة على الاستحباب جمعا بين الاخبار مع ان في تينك الرّوايتين رائحة الاستحباب لانه عليه السلام لم يصرّح بان عليه كفارة اخرى الا بعد مراجعات و عدول عن الجواب كما لا يخفى الا ان الرواية الاولى من الصحيح و كذلك الثانية و ليس في الباب صحيح غيرهما فتأويلهما للجمع لا يخلو عن اشكال و الشيخ حمل الروايات الدّالة على عدم تكرار الكفارة على من فعل ذلك جاهلا و استشهد عليه بصحيحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال الظهار لا يكون على الحنث فاذا حنث فليس له ان يواقعها حتى يكفر و ان جهل و فعل فانما عليه كفارة واحدة و حمل الرّواية الاولى منهما على ما اذا كان الظهار مشروطا بالمواقعة فان الكفارة لا تجب الا بعد الوطى فلو انه كفر قبل الوطى لما كان مجزيا ممّا يجب عليه بعد الوطى و لكان يلزمه كفارة اخرى اذا وطئ فنبّه عليه السلام على انّ المواقعة لمن هذا حكمه من افعال الفقيه الذى يطلب الخلاص من وجوب كفارة اخرى و ليس ذلك الا بالمواقعة و لا يخفى عليك بعد هذه المحامل و قول ابن الجنيد لا يخلو من قوّة و فيه جمع بين الاخبار الا ان الاشهر خلافه انتهى و انت خبير بان صريح كلام ابن الجنيد ليس الا وجوب الكفارة بكل وطى في الأولين بخلاف الثالث فانه لا يتكرر فيه الكفارة بالوطى الثانى و ما بعده و هو يخالف ما ذكره سائر الاصحاب من تكررها بتكرر الوطى مطلقا كما سيجي ء لكن هذا ممّا لا يتعلق بهذه المسألة و اما خلافه معهم في هذه

المسألة فيمكن ان يستفاد على وجهين احدهما انهم يقولون بوجوب الكفارة في الاولين لكلّ وطى سوى كفارة الظهار و هو لا يقول بكفارة الظهار على حدّة بل انما يقول بوجوب الكفارة لكلّ وطى فقط بدليل قوله فان فعل وجبت عليه لكل وطى كفارة و لم يتعرض لكفارة الظهار على حدة و فيه ان هذا ينافى ظاهر ما ذكره من تفسير العود بامساكها في النكاح بقدر ما يمكنه مفارقتها فيه فانه يدلّ على قوله بوجوب كفارة الظهار لذلك فيجب ان يحمل قوله بوجوب الكفارة لكل وطئ ما سوى وجب للاصل الظهار الا ان يحمل كلامه على ان مذهبه في الاولين ان العود بالمعنى الذى ذكره اوّلا يستقر عليه الكفارة و يجب على تقديمها على الوطى فان وطئ قبل التكفير اتى محرما و لكن لا تجب عليه كفّارة

ص: 448

اخرى بل ليس عليه الا الكفارة الاولى فان كفّر حلّ له الوطى بعده و ان لم يكفر حرم عليه الوطى ثانيا أيضا فان وطئ ثانيا لزم عليه كفارة اخرى و هكذا الى ان يكفر فينحل الظهار و حينئذ فيندفع المنافاة لكن لا يخفى ان مجرد عدم تعرضه لكفارة الظهار لا يدل على ان مذهبه هذا بل يمكن ان يكون ذلك اعتمادا على ما اشار اليه اولا من وجوب الكفّارة بالعود بالمعنى الذى ذكره فيكون غرضه ثانيا بيان الكفارة التى تجب بالوطى سوى كفارة الظهار و على هذا فلا مخالفة له مع الاصحاب بهذا الاعتبار فتدبّر و ثانيهما ان لا يكون خلافه مع الاصحاب في هذه المسألة في الاولين بل في الثالث حيث لم يوجب عليه فيه الا كفارة واحدة بازاء وطى واحد هى كفارة الظهار فيكون خلافه معهم و في شيئين احدهما عدم تكرر الكفارة بتكرر الوطى و هو متعلق بالمسألة الآتية و الثّانى عدم وجوب كفارة بالوطى الاول سوى كفارة الظهار و هو متعلق بهذه المسألة فان ساير الاصحاب ذهبوا الى وجوب كفارة اخرى بالوطى قبل التكفير مطلقا و هو انما يقول بذلك في الأولين و اما في الثالث فلا يوجب الا كفارة الظهار و هذا و ان لم يصرّح به بل ظاهر تخصيصه نفى ايجاب الكفارة بالوطى الثانى خلافه و ان الوطى الاول موجب للكفارة و اذا حمل ذلك على كفارة اخرى غير ما اشار اليه اوّلا من كفارة الظهار الثابتة بالعود مطلقا لا يبقى له مخالفة مع الاصحاب في هذه المسألة اصلا لكن يستفاد مما ذكره من الدليل فانه اذا لم يشترط في الاطعام ان يكون قبل التماس فلا وجه لإيجاب الكفارة بالوطى اصلا بل يستفاد من الآية حينئذ فيه الا كفارة واحدة هى كفارة الظهار و كانه من هنا نقلوا الخلاف أيضا بينهم و بينه في انهم يقولون بحرمة الوطى قبل الكفارة مطلقا و انه يقول اذ انتقل فرضه الى الاطعام لم يحرم الوطى قبله هذا و على هذا فيحمل تخصيصه نفى ايجاب الكفارة بالوطى الثانى على انه للاشارة الى عدم تعدّد الكفارة بتعدّد الوطى لا انه في الوطى الاول تجب كفارة غير كفارة الظهار أو ان الكفارة الواحدة له بل المراد انه لا تجب عليه الا كفارة واحدة بازاء وطى واحد و ان لم تكن الكفارة على التحقيق له بل لأصل الظهار على ما ظهر من تفسير العود فتدبر و اما قوله و الاختيار ان لا يعاود الى جماع ثان حتى يصدق ففيه خفا و يمكن ان يكون المراد به ان الآية الكريمة و ان لم تدلّ في الثالث على تقديم وجوب الكفارة على الوطى و تحريمه قبلها لكن المختار الاحوط ان لا يعاود الى الجماع الثانى الا بعد الكفارة و فيه انه لا وجه لتخصيص الحكم بالجماع الثانى بل الحكم في الجماع الاول أيضا ذلك لانه لو حمل الكفارة فيه على كفارة الظهار الواجبة بالعود بالمعنى الذى ذكره و لا يقال بوجوب تقديمها على الوطى فالآية لا تدل على حرمة الوطى قبل التكفير اصلا سواء فيه الوطى الاول و ما بعده و الاحتياط في الجميع تقديم الكفارة اذ لا يظهر وجه للاحتياط في الثانى الا احتمال ان يكون ترك التقييد في الآية اكتفاء بالسّابق مرتين او بعض الاخبار الدّالة على التعدد او رعاية ما هو المش بين الاصحاب و كل ذلك يجرى في الوطى الاول أيضا الا ان يقال ان الحكم عنده في الوطى الاول أيضا كذلك لكن لما خصّ نفى الكفارة بالوطى الثانى لما اشرنا اليه فلذا خصّ بيان الاحتياط أيضا به فتأمل و على الوجهين فلا يخفى سخافة الاستدلال بالآية الكريمة على ما ذكره لانه امّا ان يحمل الكفارة في الآية على انها للظهار و العود بالمعنى الذى ذكره كما يستفاد من ظاهر تفسيره العود بالمعنى الذى ذكره او للوطى فعلى الاول لا تدل الآية الكريمة في الجميع الا على وجوب كفارة لامساكها و قوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا لا يدل حينئذ الّا على وجوب تقديم ذلك الكفارة على التماس لو اراده في الاولين بخلاف الثالث بناء على عدم التقييد فيه و امّا وجوب كفارة للوطى فلا يستفاد حينئذ من الآية فضلا عن كل وطى في الاولين كما صرح به سواء قال بانحصار الكفارة فيه او بوجوب كفارة الظهار أيضا معها و ان جعل الكفارة للوطى فمع انه ينافى ظاهر تفسيره المنقول لانه اذا كان وجوب الكفارة انما هو للوطى فالعود بالمعنى الذى ذكره لا يوجب الكفارة فلا وجه لتفسير العود به بل ينبغى ان يفسر حينئذ بالوطى كما يشعر به كلامه آخرا حيث قال لان اللّه تعالى شرط في العتق

و الصيام ان يكون قبل العود و منه يظهر ما في كلامه من الاضطراب يتوجه عليه انه اما ان يجوز التداخل ام لا يجوزّه فان جوزه فتكفى كفارة واحدة و ان تعدد الوطى في الثلاثة و الحكم بقبلية التماس في الاولين لا يفيد الا وجوب تقديم الكفارة فيهما حينئذ لفوات وقته بخلاف الثالث و ان لم يجوز التداخل فيجب القول بتكرر الكفارة بتكرر الوطى في الثلاثة ان لم نقل بسقوطها في الاولين بعد فوات التقديم و يمكن ان يقال انه جعل الكفارة في الاولين للوطى بقرينة قبل ان يتماسّا فيجب تعددها بتعدّد الوطى بناء على عدم تجويز التداخل بخلاف الثالث لعدم التقييد فيه فلا يدلّ الا على وجوب كفارة واحدة مطلقة فيه و لا يدل على انها للوطى حتى يلزم تكررها بتكرره و على هذا فيكون مذهبه في الأولين وجوب الكفارة لكل وطى فقط بدون كفارة اخرى للظهار و في الثالث وجوب كفارة واحدة للظهار فقط من دون تعدد و تكرر فيكون مخالفا للاصحاب في المسألتين على الوجه الذى ذكرنا اولا و أيضا فقد عرفت انّ التقييد بقبل التماس لا يدل على ان الكفارة للتماس بل يجوز ان تكون للظهار و يكون الغرض منه وجوب تقديمها على التماس و حرمته قبلها فلا يستفاد حينئذ من الآية تعدد الكفارة بالوطى اصلا فلا بد في اثبات التعدد من التمسّك بالاخبار و يجب حينئذ رعاية مقتضاها و هو لم يتعرّض لها اصلا فتأمل هذا و امّا الشارح رحمه الله فلا ريب انه حمل كلام ابن الجنيد على ما يخالف مذهب الاصحاب في هذه المسألة أيضا فان حمله على الوجه الاول الذى ذكرنا فوجه الاستدلال بالاخبار التى نقلها ظاهر و ان حمله على الوجه الثانى فكان وجه الاستدلال بها ان القول بتعدد الكفارة مطلقا ينافى هذه الاخبار بخلاف ما اختاره ابن الجنيد اذ على مذهبه يمكن حمل هذه الاخبار الدّالة على وحدة الكفارة على من كان فرضه الاطعام لكن حينئذ لا وجه لنقل حديث سلمة بن صخر فانه يدل على وحدة الكفارة فيمن فرضه العتق و ابن الجنيد لا يقول به على هذا الاحتمال و أيضا على هذا قوله و يمكن على هذا حمل الاخبار الواردة بتعدد الكفارة على الاستحباب فيه ما فيه اذ في صحيحة الحلبى و حسنة الحسن امر رقبة اخرى و هو على قول ابن الجنيد أيضا محمول على الوجوب نعم في رواية ابى بصير لما امر بكفارة اخرى على الاطلاق لو لم يخص لمن فرضه العتق او الصيام يمكن حملها فيمن فرضه الاطعام على الاستحباب و يمكن حمل كلام الشارح على انه ليس غرضه انه على مذهب ابن الجنيد يمكن حمل هذه الاخبار على الاستحباب اذ على مذهب ابن الجنيد يمكن الجمع بينها بالحمل على ما اختاره من التفصيل بل غرضه انه لما ظهر ورود الرّوايات من الجانبين فيمكن لمن تصدى للجمع حمل الاخبار الواردة بالتعدد على الاستحباب ثمّ قوله ليس في الباب صحيح غيرهما

ص: 449

مع حكمه بصحة رواية زرارة التى نقلها اولا غريب لكن في حكمه بصحة تلك الرواية تامّل لان في الكافى رواها في الحسن بإبراهيم بن هاشم و الشيخ رواها عن على بن اسماعيل بحذف الاسناد و طريقه اليه غير مذكور و أيضا على بن اسماعيل الظاهر انه الميثمى و هو و ان ذكروا انه من وجوه المتكلمين من اصحابنا لكن لم يوثقوه و الحق ان الروايتين بهذين السّندين لا تقصر عن الصحيحة هذا و يرد عليه أيضا ان ما نقله من حسنة الحلبى حسنته في الكافي و التهذيب بإبراهيم بن هاشم و في الفقيه رواها عن حماد بحذف الاسناد و طريقه اليه صحيح فهي في الفقيه صحيحة على ان حسنة ابراهيم لا تقصر عن الصحيحة و ما نقله عن الشيخ من حمل تلك الاخبار على من فعل ذلك جاهلا مستشهدا بالصحيحة المذكورة مما لا بعد فيه في غير الرواية الاولى بل هو اظهر جدا من تخصيصها بمن فرضه الاطعام على التوجيه الثانى لكلام ابن الجنيد كما لا يخفى و يمكن حملها أيضا على من فعل ذلك ناسيا كما اشار اليه الشيخ أيضا نعم لا يمكن حمل الرواية الأولى عليه لقوله عليه السلام فيها او ليس هكذا يفعل الفقيه و الشيخ لم يذكر هذا التاويل فيها بل لم يذكر في تاويلها الا ما نقله من حملها على ما اذا كان الظهار مشروطا بالمواقعة و احتمل ذلك في تاويل رواية زرارة أيضا و انت خبير بانه لا بعد جدا في حمل تلك الرواية على ذلك بل لا بد من تاويلها و ان لم نقل بتعدد الكفارة اذ لا ريب في حرمة المواقعة قبل التكفير في المطلق و المشروط الذى ليس الشرط فيه هو المواقعة و ان لم نقل بتعدد الكفارة فكيف يقول عليه السلام او ليس هكذا يفعل الفقيه فلا بد فيه من تاويل و ما ذكره الشيخ وجه صالح له و من امكنه التاويل بوجه اظهر فليات به و قد ذكر الشيخ في تاويل حسنة الحلبى وجها آخر و هو انه ليس في قوله عليه السلام فليمسك حتى يكفر انه كفارة واحدة او ثنتين و اذا لم يكن ذلك في ظاهره جاز ان يكون المراد به حتى يكفر الكفارتين و انت خبير بانه توجيه حسن لا بعد فيه و لا وجه لعدم نقل الشارح له في جملة ما نقله عن الشيخ من المحامل و في شرح فع لم يذكر من الاخبار المعارضة للاخبار الدالة على ما هو المش الا الحسنة المذكورة و اجاب بعدم المنافاة لذلك و مثله في المختلف كما سنشير اليه و لا يخفى ان قوله عليه السلام في هذه الرواية حتى لا يكفر لا يحتاج الى تاويل اصلا اذ لو حمل على الواحدة أيضا فلا اشكال فيه اذ حل الوطى ثانيا لا يتوقف الا على كفارة واحدة هى كفارة الظهار و لا يتوقف على كفارة الوطى الاول فليس في هذه الرواية الا عدم التعرض لكفارة الوطى الاول و الامر فيه هين هذا اذا حمل قوله فيها فان واقع قبل ان يكفر على انه سؤال مستانف عن الذى ظاهر مرة واحدة كما هو الاكثر اذا واقع قبل التكفير و لو حمل على انه سؤال عن المظاهر المذكور و هو الذى ظاهر ثلث مرّات فلا بد من حمل قوله عليه السلام حتى يكفر على الكفارة المتعددة اذ لا ريب في وجوب الامساك عليه حتى يكفر كفارة الظهار و هى فيه ثلاث كفارات على ما حكم عليه السلام به اولا و على القول بالتعدد و يجب عليه كفارة الوطى أيضا لكن لا يجب تقديمها على المسيس ثانيا و هى في هذه الصّورة أيضا واحدة للاصل او ثلث ايضا على احتمال قياسا على كفارة الظهار فيها و اللّه تعالى يعلم و امّا قوله و قول ابن الجنيد لا يخلو من قوة فان كان المراد به قوله بعدم تعدد الكفارة مط بناء على حمل كلامه على الوجه الاول فهو و ان لم يخل عن قوّة باعتبار انه يمكن الجمع بين الروايات بحمل روايات التعدّد على الاستحباب لكن لما كان قول ابن الجنيد به غير ظاهر و المعروف بين الاصحاب وجوب التعدد فلا يمكن الجرأة عليه مخافة الاجماع بل يشعر بالاجماع عبارة الشيخ في المبسوط حيث قال اذا تظاهر ثمّ عاد فمن حين الظهار الى زمان الوطى زمان اداء الكفارة فان وطئ قبل ان يكفر لزمه كفارتان عندنا و عندهم كفارة واحدة و هى التى كانت عليه و يكون قضاء و قال أيضا و الكفارة تجب قبل المسيس اداء و بعده قضاء و يلزمه عندنا كفارتان احدهما قضاء و بهذا يظهر انه يمكن الجمع بين

الروايات بحمل الاخبار الدالة على عدم التعدّد على التقية و يمكن ان يكون هذا هو السّر في صحيحة الحلبى و حسنة الحسن في عدم تصريحه عليه السلام بان عليه كفارة اخرى الا بعد مراجعات و لعله اظهر من جعل السّر ما ذكره الشارح من كون الحكم على الاستحباب هذا و من هذا يظهر انه لا قوة في القول بعدم التعدد من حيث الجمع بين الاخبار أيضا و ان كان المراد قوله بعدم التعدد فيمن فرضه الاطعام بناء على التوجيه الثانى فهو اضعف من الاول اذ فيه مع ما تقدم ان الجمع بين الاخبار بهذا الوجه مما لا شاهد له و مجرد تقييد الآية في الاولين بقبل التماس دون الثالث لا يصلح شاهدا له كما ظهر مما فصّلنا سابقا مع ان الشيخ في ف ادّعى اجماع الفرقة على ان في صورة التكفير بالاطعام أيضا باعتبار العجز عن الاولين لا يحل له الوطى قبل الاطعام فيعلم منه اعتبار التقييد بقبل التماس فيه أيضا و بالجملة فالمتبع ما هو المعروف بين الاصحاب و اللّه تعالى يعلم و في شرح الشرائع ذكر ان القول بانه اذا وطئ قبل التكفير عامدا يلزمه كفارتان و لو كرر لزمه بكل وطى كفارة هو المعروف من مذهب الاصحاب و نقل عن ابن الجنيد انه حكم بالتعدد بذلك اذا كان فرض المظاهر التكفير بالعتق او الصيام و عدمه اذا انتقل فرضه الى الاطعام و الاصح ما عليه معظم الاصحاب ثمّ استدل عليه بصحيحة الحلبى و حسنة الحسن الصيقل و قد ظهر لك بما تلونا عليك ما فيه فانه ان كان غرضه مما نقله عن ابن الجنيد تقييد الحكم الثانى فقط بما ذكره فهو صريح ما نقلنا عن ابن الجنيد لكن لا يتجه الاستدلال في مقابله بالروايتين المذكورتين اصلا اذ ليس فيهما حديث تكرر الوطى و ان كان غرضه تقييد كلا الحكمين فهو انما ينطبق على كلام ابن الجنيد على ما ذكرنا في الوجه الثانى في توجيه نزاعه في هذه المسألة و على تقدير قوله به فلا يتجه أيضا الاستدلال في مقابله بالروايتين المذكورتين لانه حكم فيهما بالتعدّد فيمن فرضه العتق و هو قائل به فالاستدلال بهاتين الرّوايتين انما يتجه في مقابله اذا لم يقل بتعدد الكفارة بالوطى قبل التكفير فيمن فرضه الا و لان أيضا على ما ذكرنا في الوجه الاول و ما نقله لا يدل عليه اصلا فتأمل و العلّامة رحمه الله في المختلف ذكر ان المش ان المظاهر اذا جامع قبل التكفير عامدا لزمه كفارتان ثمّ نقل كلام ابن الجنيد كما نقلنا ثمّ قال لنا و ذكر صحيحة الحلبى و رواية الحسن الصّيقل ثمّ ذكر احتجاج ابن الجنيد بحسنة الحلبى و اجاب عنه بما نقلناه عن الشيخ و كانه حمل كلام ابن الجنيد على عدم تعدد الكفارة بالوطى قبل التكفير مطلقا كما ذكرنا في الوجه الاول فتأمل بقي من الرّوايات الدالة على نفى التعدّد روايات لم ينقلها الشارح منها رواية على بن جعفر و في سندها مجاهيل عن ابيه عن آبائه عن علىّ عليهم السّلام قال اتى رجل من الانصار من بنى النجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال انى ظاهرت من امرأتي فواقعتها قبل ان اكفر قال و ما حملك على ذلك قال رايت بريق خلخالها و بياض ساقها في القمر فواقعتها فقال النّبى صلّى اللّه عليه و آله لا تقربها حتى تكفر و امره بكفارة الظهار و ان يستغفر اللّه و اجاب عنها الشيخ بان الذى في الخبر انه امره بكفارة الظهار و ليس فيه انه امره بكفّارة واحدة او كفارتين لكن الرواية في الكافي أيضا بسند آخر

ص: 450

عن النّوفلى عن السّكونى و فيه بدل كفّارة الظهار كفارة واحدة و يمكن حمله حينئذ على ان الكفارة الواحدة هى التى يجب تقديمها على المقاربة و هى كفارة الظهار و هذا لا ينافى وجوب كفارة اخرى أيضا عليه هى كفارة الوطى فانه لا يجب تقديمها على المقاربة التى ارادها ثانيا و فيه بعد و يمكن حمله أيضا على انه كان ظهاره مشروطا بالمواقعة و فيه أيضا بعد و الاظهر حملها كما ذكره الشيخ أيضا على الجهل او النسيان و منها ما رواه في الفقيه في الصحيح و في الكافي بسند فيه ضعف عن ابان و هو ثقة ناووسي عن الحسن الصيقل و المعلوم من حاله ان له كتابا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يظاهر من امراته قال يكفر قلت فانه واقع من قبل ان يكفر قال فقد اتى حدّا من حدود اللّه فليستغفر اللّه و ليكف حتى يكفر و يمكن الجواب عنها بما نقلنا عن الشيخ في الجواب عن حسنة الحلبى و هو انه ليس في الرواية انه يكفر واحدة او اثنتين فليحمل على الثنتين و قال الصدوق يعنى في الظهار الذى يكون بشرط فاما الظهار الذى ليس بشرط فمتى جامع صاحبه من قبل ان يكفى لزمته كفارة اخرى كما ذكرته و اشار بذلك الى ما ذكره سابقا من ان في الظهار المطلق ان جامع من قبل ان يكفر لزمته كفارة اخرى كما نقلنا عبارته هناك سابقا و الظاهر ان مراده بالظهار الذى يكون بشرط ما يكون الشرط فيه هو المواقعة اذ لو كان الشرط غيره فلا يفيد الحمل عليه في تصحيح الخبر لانه ان لم يحصل الشرط فلا مانع من المواقعة فلا يستقيم قوله عليه السلام و ليكف حتى يكفر و ان حصل الشرط فحكمه بعده حكم الظهار المطلق من ان بالوطى يلزمه كفارتان الا ان يقال انه ذهب الى تخصيص هذا الحكم بالظهار المطلق دون المشروط جمعا بين الاخبار لكنه بدون شاهد من النقل او العقل بعيد جدّا مع انهم لم ينقلوا هذا القول من احد و اما اذا حمل على ما اذا كان الشرط هو المواقعة فيستقيم الحكم عليه بعد المواقعة بوجوب الكف عن مواقعة اخرى حتى يكفر كفارة واحدة و اما الحكم بالاستغفار و انه اتى حدّا من حدود اللّه مع عدم حرمة ما اتى به من المواقعة فلعله باعتبار ما اتى به من الظهار لا المواقعة فتأمل و منها ما رواه في الكافي بسند فيه جهالة بأبى عينية عن زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السلام انى ظاهرت من امّ ولد لى ثمّ واقعت عليها ثمّ كفرت فقال هكذا يصنع الرّجل الفقيه اذا وقع كفر و انت تعلم انه لا اشكال فيه ايضا من جهة الحكم بالتعدّد اذ ليس فيه ما يدلّ على وحدة الكفارة و انما الاشكال من جهة تصويبه عليه السلام المواقعة قبل الكفارة فيجب حمله على ما نقل عن الشيخ في روايته الاخرى و هو الحمل على المشروط الذى كان الشرط المواقعة او يقال ان تصويبه في مجرد اداء الكفارة بعد المواقعة و عدم اهمالها و يمكن حملها على الانكار و أيضا و اللّه تعالى يعلم

قوله و لا شي ء على النّاسى

كانه لا خلاف فيه بين الاصحاب و يدلّ عليه أيضا عموم ما يدلّ على رفع النّسيان عن هذه الامة كما روى عن النّبى صلّى اللّه عليه و آله انه قال رفع عن امّتى تسعة اشياء السّهو و الخطأ و النّسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون الحديث اما ان كان المراد رفع حكمه مط كما حمله عليه في شرح الشرائع فظاهر و لا ينافى ذلك ترتب كثير من الاحكام عليه بحسب الموارد لشيوع التخصيص و لا يلزم منه رفع حجيته اذا التخصيص فيما قام عليه دليل لا يرفع حجيته فيما لم يقم دليل على خلافه و اما اذا حمل على رفع المؤاخذة عليه كما هو الظاهر لئلّا يلزم ارتكاب ما ذكر من التخصيص البالغ جدا فلانّه ح و ان لم يلزم من رفع المؤاخذة و التّأثيم رفع الكفارة لثبوت الكفارة بدون الاثم في بعض الموارد ككفارات الصّيد سهوا في الاحرام لكن نقول ان الآية الكريمة لا تدلّ على وجوب الكفارة مع النسيان لان مقتضى الآية امّا حرمة المسيس قبل الكفارة و اما وجوب قبل المسيس و على التقديرين لا دلالة لها على وجوب الكفارة مع المسيس ناسيا اما على الاول فظاهر اذ لا حرمة مع النسيان و لو سلم فحرمته قبلها لا يدل على وجوبها بعد وقوعه و امّا على الثانى فلان وجوبها قبل المسيس لا يدل على وجوبها بعده اذا وقع عمدا فضلا عن ان يكون ناسيا بقي الاستدلال عليه من الاخبار و قد تلوناها عليك و انت تعلم ان صحيحة الحلبى و حسنة الحسن الصيقل لا تدلان الا على ثبوت رقبة اخرى مع الوطى عمدا للحكم فيهما بظلمه و اثمه او اساءته و قد ظهر لك بما ذكرنا انتفاؤه مع النسيان و اما رواية ابى بصير فهي و ان كانت مطلقة و ليس فيها ما يدل على العمد لكن لا يمكن اثبات مثل هذا الحكم المخالف للاصل بمثل هذا الاطلاق اذ لا يعد في تنزيله على الفرد الظاهر و هو الذى وقع عمدا سيّما مع قرينة الحمل عليه في اختيها لا يمكن حمل الخبر على رفع المؤاخذة على هذه الامور لان المفهوم منه اختصاصه بهذه الامّة دون الامم السّابقة مع حكم العقل بوجوب رفعها و قبح المؤاخذة عليها مطلقا لانا نقول بعد تسليم اعتبار مفهوم اللقب و ان المفهوم منه عدم وضع شي ء منها عن غير هذه الامة لا عدم وضع جميعها نقول ان عدم وضع السّهو و الخطأ و النسيان عن غير هذه الامة كانوا مكلفين بان يضبطوا انفسهم جدّا حتى لا يصدر منهم سهو و لا خطأ و لا نسيان كما قالوا في قوله تعالى رَبَّنٰا لٰا تُؤٰاخِذْنٰا إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا و كذا يجوز ان لا يكون الاكراه فيهم مسوغا لمخالفة التكليف كما لا اكراه عندنا في القتل و كذا لا بعد في ان لا يكون ما لا يعلمون موضوعا عنهم باعتبار تقصيرهم في تحصيل العلم و يمكن توجيه عدم وضع المؤاخذة في باقى التسعة أيضا كما ذكرنا فيما علقنا على الفقيه فليرجع اليه على انه لا يلزم من حمل الوضع في هذه على رفع المؤاخذة كما هو الظاهر فيها حمله في الجميع عليه بل لك حمل الوضع في كل منها على ما يناسبه نظير ما في آية الرجس فتدبر

قوله و في الجاهل وجهان

و الاظهر انه كالنّاسى لما تقدم من صحيحة محمد بن مسلم و لعموم ما يدل على وضع ما لا يعلمون أيضا كالخبر السابق

قوله من انه عامد

هذا يشعر بان الناسى ليس بعامد فيجب ان يحمل على من وطئ سهوا بدون قصد اليه لا ناسى الظهار او الساهى عنه مع كونه عامدا في الوطى و الظاهر شمول الناسى الذى ذكروه للجميع و المستند ما اشرنا اليه لا انه ليس بعامد و اما ناسى الحكم فالظاهر ادخاله في الجاهل و يمكن في الناسى أيضا فافهم

قوله و ان كان قد كفر عن الاول

و اما اذا كفر عن الظهار فلا يتكرر الكفارة بالوطى ثانيا و ان لم يكفر عن الوطى الاول كما صرّح به العلامة في القواعد

قوله تكررت الواحدة

قال في شرح الشرائع و اما تكرر الكفارة بتكرر الوطى فيدلّ عليه الاخبار الدالة على تعدد الكفارة قبل الوطى الشامل لذلك و خصوص حسنة ابى بصير عن الصّادق عليه السّلام قال اذا واقع المرأة الثانية قبل ان يكفر فعليه كفارة اخرى ليس في هذا اختلاف و لان كل واحد سبب للكفارة و الاصل عدم تداخل المسببات عند تعدد الاسباب و قال ابن حمزة ان تكرر منه الوطى قبل التكفير الاول لم يلزمه غير واحدة و ان كفر عن الاوّل لزمه عن الثانى و هكذا و ما سبق حجة عليه انتهى و اشار بالروايات العامة الى روايات الحلبى و ابى بصير و الحسن الصّيقل

ص: 451

التى نقلناها اوّل البحث لكن قوله قبل الوطى على ما راينا في النسخ و كذا في المختلف كما ترى و الظاهر بدله بالوطى قبل التكفير و يمكن ان يقرأ قيل بكسر القاف و فتح الباء اى من قبل الوطى اى بالوطى و لا يخفى بعده و انت خبير بان في دلالة تلك الاخبار على تكرر الكفّارة بتكرّر الوطى خفاء بل يمكن ان يقال ان قوله فان فعل او فان واقع او فان اتاها في تلك الروايات شامل للواحد و المتعدّد فلا تدلّ الا على وجوب كفّارة اخرى في الصورتين نعم الرّواية الخاصّة تدلّ بظاهرها على ما ذكره و قوله عليه السلام ليس في هذا اختلاف اى الاختلاف بين المراتب الوطى تجب فكما تجب كفّارة اخرى في المرّة الاولى كذلك تجب في المرّة الثانية و هكذا لا انه الاختلاف في هذا بيّن الفقهاء كما يتوهّم لانه مع بعده عن طريقتهم عليه السلام فيه انه ان حمل الفقهاء على العموم فليس كذلك اذ اكثر العامة لا يقولون بوجوب كفّارة للوطى سوى كفارة الظهار فضلا عن تعدّدها بتعدّده و ان حمل على اهل البيت عليه السلام فلا اختلاف بينهم في شي ء من المسائل فلا وجه لتخصيص هذا بذلك الا ان يحمل على الثانى و يقال انّه جرى في ذلك على سبيل ما يتعارف بين النّاس و جعلهم عليه السلام كسائر الفقهاء الذين يقع بينهم الخلاف من غير البناء على ما هو حقيقة الامر من عدم الخلاف بينهم اصلا او المراد عدم الاختلاف فيه في الاخبار و الآثار و يمكن ان لا يخصّ الذين لا اختلاف بينهم فيه بالائمة عليه السلام و لا يعمّم يشتمل سائر الفقهاء الذين أيضا بل يحمل على اهل الحقّ و اهل العلم و نحو ذلك و يمكن ايضا ان يحمل على انه لا اختلاف في هذا بين اصناف من وجبت عليه الكفارة فالحكم كذلك سواء كان قرضه العتق او الصّيام او الاطعام فيكون ردّا على من خصّ حرمة الوطى قبل الكفّارة بما فرضه الاولان دون الثالث كبعض العامة و ابن الجنيد من الاصحاب هذا و يمكن بعيدا حملها أيضا على ما يوافق مذهب ابن حمزة بان تحمل على انّه اذا واقع المرة الثانية قيل ان يكفر فعلية كفّارة اخرى اى ليس عليه الا كفارة اخرى التى وجبت في المرة الاولى و ليس في هذا اختلاف اى لا اختلاف بين المرّة و المرّات و يمكن ايضا ان يحمل المرّة الثانية على المرّة الاولى الممنوعة بالظهار بان يحمل على الظهار المشروط بالمواقعة و حينئذ لا يدل على حكم الوطى الثانى المحرّم اصلا لكن حينئذ يجب حمل قوله عليه السلام ليس في هذا اختلاف على احد الوجوه الّتى ذكرنا بين الاوّل و الاخير بقي الكلام في سند الرّواية فنقول انّها حسنة بإبراهيم بن هاشم فلا تقصر الصّحيحة و كانه لا يضرّ اشتراك ابى بصير فان الظاهر ان المرادى بقرينة رواية زرارة عنه لبعد رواية عن ابى بصير غيره هذا على ما نقله الشارح تبعا للمختلف حيث نسبها الى ابى بصير لكن سندها هكذا علىّ بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى عمير عن ابن اذينة عن زرارة و غير واحد عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام فجعلا غير واحد عطفا على زرارة كما هو ظاهر العبارة و حينئذ فالامر كما ذكرنا و الاظهر عند التأمّل انه عطف على ابن اذينة بان يروى ابن ابى عمير تارة عن ابن اذينة عن زرارة عنه عليه السلام و تارة عن غير واحد عن ابى بصير عنه عليه السلام و حينئذ فلا يضرّ اشتراك ابى بصير أيضا لوجود زرارة معه و اللّه تعالى يعلم و اما ما استدلّ به آخرا من ان كلّ واحد سبب للكفّارة الى آخر ما ذكره فلا يخفى ما في جعله دليلا على حدّة اذ لا دليل على انّ كل واحد سبب للكفارة الا الرّوايات العامة التى استدلّ بها اولا فلا وجه لجعل ذلك دليلا على حدة بل ينبغى ان يقال في التمسّك بالرّوايات العامة انها تدل على وجوب الكفّارة في كلّ مرة فان قوله فان فعل او فان واقع او فان اتاها فيها شامل للمرة الاولى و ما بعدها و الاصل عدم التداخل مع اصالة البراءة و لعلّه الى هذا نظر ابن حمزة فرأى الشمول تلك الرّوايات للمرة الاولى و ما بعدها و الاقوى عدم التداخل فحكم بعدم تكرّر الكفارة قبل التكفير عن الاوّل بناء على تجويز التداخل و بوجوب كفّارة اخرى بعد التكفير عنه نظرا الى العموم المذكور هذا و من هذا يظهر ضعفه ما استدلّ به في المختلف ايضا من ان الوطى الثانى سبب للكفّارة بعد

التكفير فكذا قبله لاتحاد حقيقته فيهما و الأول التكفير الاوّل ليس سبب الثبوت الثانى انّما المستقلّ بثبوت الثانى المواقعة قبل التكفير فتدبّر و قد ظهر بما تلونا عليك سابقا مخالفة ابن الجنيد أيضا في هذه المسألة و انه لا يقول بوجوب الكفارة لكلّ وطى فيمن تراضيه الاطعام بناء على عدم التقييد بقبل التماس في الآية الكريمة فيه و قد علمت ان الحكم بالتكرّر و عدمه نظرا الى الآية الكريمة ضعيف جدّا و ليس في الاخبار ما يدلّ على الفرق بين من فرضه الاطعام و غيره قد وقع لما ذكره من الفرق فتذكر و لا ريب انّ الاحتياط في هذه المسألة في متابعة المش

قوله لرواية بريد العجلى و غيره

اشارة الى ما رواه الفقيه في الصحيح عن ابى ايّوب الخزاز عن يزيد بن معاوية قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل ظاهر من امراته ثمّ طلقها تطليقة فقال اذا هو طلقها تطليقة فقد بطل الظهار و عدم الطّلاق الظهار فقلت له فله ان يراجعها قال نعم هى امراته فان راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قيل ان يتماسّا قلت فان تركها حتّى يحلّ ليحملها فان تملك نفسها ثمّ تزوّجها بعد ذلك و هل يلزمه الظهار من قبل ان يتماسّا قال لا قد بانت عنه و ملكت نفسها الحديث و لا يخفى على انّه ظهر الغرض في الحكم لكن رواه في ف و التهذيب و فيهما يدل يزيد بن معاوية بزيد الكناسى بالموحّدة و المهملة او المثناة تحتها و المعجمة على اختلاف نسخ الكافى و التهذيب و حينئذ يضعف السّند فان بريد الكناسى لم يزيدوا فيه لى ق و في يزيد قالوا يكلّمه يا خالد الكناسى قرء و في القاموس يزيد ابو خالد هذا هو يزيد ابو خالد القماط الذى وثقوه و ان يكون الرّجل واحد ذكروه تارة في بزيد و تارة في يزيد بناء على ما وجدوا من اختلاف وقوعه في موارد ذكره اشتباها من الكتاب كما يقع امثال ذلك كثيرا و ظهر له رجلين و ذكروه في الموضعين لكن يشكل الاعتماد بمجرّد هذا الاحتمال و عدم بعده و عند هذا يرتفع الثقة عن سند الفقيه أيضا اذ من المستبعد جدّا رواية ابى ايّوب هذه الرّواية عن يزيد بن معاوية و بريد الكناسى جميعا بل الظاهر وقوع اشتباه في احدهما و عنده يرتفع الثقة خصوصا ان احتمال الاشتباه فيما في الفقيه الاقرب كما لا يخفى هذا و قوله و غيره و امّا اشارة الى بريد الكناسى بناء على اعتقاد وقوع هذه الرّواية عنهما جميعا او اشارة الى رواية بريد الكناسى ظنّا منه كونهما روايتين كما فعله في المختلف حيث نقل كلا منهما على حدة و استدلّ بهما و على التقديرين ففيه ما فيه كما اشرنا اليه و امّا اشارة الى رواية اخرى عن غير العجلى و لم اجد رواية اخرى تصلح للاستدلال في هذا المقام سوى صحيحة محمد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امراته ثمّ طلّقها قبل ان يواقعها فبانت منه ا عليه كفارة قال لا و صحيحة محمد بن مسلم ايضا عن احدهما عليه السلام قال سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرّات او اكثر قال قال على عليه السلام مكان كلّ مرّة كفارة قال و سألته عن رجل ظاهر من امراته ثمّ طلقها

ص: 452

ان قبل يواقعها عليه كفّارة قال لا و حسنة جميل بن درّاج بإبراهيم عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها قلت فان طلّقها قبل ان يواقعها أ عليه كفارة قال لا سقطت عنه الكفارة و رواه في الفقيه أيضا عن جميل و طريقه اليه صحيح لكن فيه مضمر لم يذكر المسئول و الامر فيه سهل و حسنة ابراهيم أيضا عن جميل و ابن بكير و حمّاد بن عثمان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المظاهر اذا طلق سقطت عنه الكفارة وجه الاحتجاج بهذه الاخبار اطلاق الحكم بسقوط الكفارة مع الطلاق قبل المواقعة اما مع البينونة كما في الاولى او مطلقا كما في البواقى و على التقديرين يتناول ما اذا تزوجها بعد البينونة و لا يخفى ضعف التمسّك بمثل هذا الاطلاق بل الظاهر منه عدم الكفارة و سقوطها في مجرد هذا الفرض لا مع ضميمة فرد آخر أيضا من رجوع او تزويج أ لا ترى ان في رواية بريد اطلق الحكم ببطلان الظهار بعد الطلاق و هدم الطلاق له ثمّ حكم بانه ان راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر و لا يتراءى بينهما تناف ظاهرا لا يقال الحكم بعدم الكفارة او سقوطها بعد الطلاق يكفى في الحكم بسقوط ما علم من حكم الظهار و الحكم بعوده يحتاج الى دليل اذ يكفى دليلا له عموم الآية الكريمة اذ العود يتناول ما اذا وقع قبل الطلاق او بعده برجعة او تزويج جديد و لا ظهور له في الاختصاص بالاول او الاولين كما لا يخفى على المتأمل فتأمّل

قوله و لصيرورته بذلك كالاجنبى

و صيرورتها أيضا كذلك فكما لا يصح منه ابتداء الظهار بها لا يصح استدامته لان حكمه متعلق بالزوج و الزوجة هكذا في شرح الشرائع تبعا للمختلف و فيه نظر فان ايقاع الظهار لا بد ان يكون من الزّوج زمن الزوجية و اما مفاده فحرمتها عليه مؤبّدا و كذا الحكم المترتب عليه بمقتضى الآية هو وجوب الكفارة قبل المسيس و توقف حله عليها مطلقا من غير تقييد بزمان تلك الزوجية و على هذا فصيرورتهما اجنبيين بعد البينونة بالطلاق لا يقدح في تعلق الحكم بهما بعد عود الزوجية غاية الامر عدم تعلق الحكم بهما في زمن رفع الزوجية و الكلام ليس فيه هذا و منه يظهر حال ما ذكره من ان استباحة الوطى ليس بالعقد الذى لحقه التحريم فان ظاهر الآية لحوق التحريم مطلقا لا في خصوص ذلك العقد الذى وقع فيه الظهار و ان اريد بلحوق التحريم له كونه مبدأ لحوقه و عروضه فلا يجدى عدم استباحة الوطى به بعد كون لحوقه مطلقا غير مقيد بذلك العقد و اما التمسك باصالة البراءة على ما في المختلف و شرح الشرائع فلا عبرة به بعد ظهور الآية في خلافها فافهم و روى ان ذلك لا يسقطها اشارة الى ما روى في التهذيب انه سئل على بن جعفر اخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امراته ثمّ طلقها بعد ذلك بشهر او شهرين ثمّ طلقها الذى تزوجها فراجعها الاول هل عليه فيه الكفارة لظهار الاول قال نعم عتق رقبة او صيام او صدقة و طريق الشيخ الى علىّ بن جعفر صحيح على ما صرّح به العلامة في الخلاصة لكنه وصف هذه الرّواية في المختلف بالحسنة و تبعه الشارح في شرح الشرائع و لم يظهر لى وجهه و الشيخ رحمه الله في التهذيب حمل هذه الرواية على التقية لانه مذهب قوم من المخالفين و لا يخفى بعده لوجود الخلاف في ذلك بينهم أيضا بل اكثرهم على السقوط فلا وجه ظاهرا للتقية بالحكم بعدم السّقوط و حكم في المختلف بعدم بعد الحمل على فساد النكاح لانه عقب تزويجها بعد طلاقها بشهر او شهرين فيكون قد وقع في العدّة فيكون باطلا و لا يخفى فساد التعليل لانّ الشهر او الشهرين في الخبر وقع بين الظهار و الطّلاق لا بين الطّلاق و التزويج و اما ما اورده في شرح الشرائع من انه على تقدير تسليم وقوعه بين الطلاق و التزويج فيمكن انقضاء العدّة بهما و باقل منهما ففيه انه و ان امكن ذلك لكنه خلاف المعهود من احوال النساء و هو يكفى مؤبد العدم بعد الحمل على فساد النكاح و ليس غرض العلامة الا ذلك نعم لو قطع بفساد التزويج و استند الى ذلك لتوجه عليه ما ذكروه و استحسن بعضهم حمل العلامة و ايّده بامرين احدهما تعقيب التزويج بالفاء المقتضية للفورية و ذلك يقتضى عدم الخروج من العدّة و الثانى قوله فراجعها الأول حيث لم يقل فتزوجها و يرد على الاول بعد تسليم دلالة الفاء في امثال هذه المقامات على الفورية ان الفورية المستفاد منها في كل موقع انما هى بحسب ما يمكن في ذلك الموقع كما يقال تزوّج فلان فولد له و المراد وجود الولادة في اوّل اوقات الامكان لا عقيب التزويج بلا فصل فكذا هاهنا اذا توقف التزويج بعد الطلاق شرعا على انقضاء العدة فليحمل الفاء على ان التزويج وقع بعد الطلاق في اوائل وقت امكانه و هو بعد انقضاء العدة اذ الظاهر من التزويج و نحوه هو الصحيح و التزويج الصحيح لا يمكن الا بعد انقضاء العدّة و اما الثانى ففيه ان حمل المراجعة على المعنى اللغوى المتحقق بالتزويج ثانيا حتى يحمل التزويج على الصحيح مما لا يعد فيه بخلاف حملها على الاصطلاحى و حمل التزويج على الفاسد ليمكن بقاء العدة و وقوع الرّجوع فيها فانه في غاية البعد و السّماجة هذا و لو ايد بالفاء في فراجعها فانها تدل على وقوع المراجعة بعد الطلاق بلا فصل و حينئذ على أيّ معنى حملت المراجعة لا بد من حمل التزويج الاول و الطلاق على الفاسد و حينئذ يمكن حمل المراجعة على الاصطلاحى و يتم توجيه العلامة رحمه الله ففيه مع ما تقدم ان الطلاق الثانى يمكن ان يكون ثانيا فلا منع من وقوع التزويج بعده بلا فصل فافهم

قوله و حملت على الاستحباب

هذا الحمل و ان كان ليس ببعيد للجمع بين الرّوايتين لكن يشكل مع معاضدة هذه الرواية بظاهر الآية فان ظاهرها كما اشرنا اليه وجوب الكفارة بالعود قبل التماس مطلقا و التقييد بالتزويج الاول لا بد له من دليل صالح و الرواية الاولى مع ما اشرنا اليه من الكلام في سندها و عدم صراحة دلالتها ايضا لما اشرنا اليه من الاحتمالين كانها لا تصلح لذلك و منه يظهر ما فيما ذكره في شرح الشرائع من ان الرواية الأولى ارجح لصحة سندها فكانت مقدمة لو تحقق التعارض فانه مبنى على ما ذكره من صحة الاولى و حسن الثانية و قد عرفت الكلام في كل منهما و على هذا فما نقل عن ابى الصّلاح و سلار من عود حكم الظهار بتزويجها و لو بعد العدة البائنة تمسكا بعموم الآية و خصوص هذه الرواية لا يخلو عن قوة و ما اجاب به في المختلف عن التمسّك بالآية و تبعه في شرح ئع من منع تناول الآية لصورة النزاع لان العود الى استباحة ما حرم الظهار في عقد انما يكون بارادة الوطى في ذلك العقد قد ظهر لك دفعه فان مفاد الظهار تحريمها مؤبدا لا في خصوص العقد الذى وقع فيه و حينئذ فالعود اليها و لو في عقد آخر عود الى استباحة ما حرمه الظهار فتجب له الكفارة فافهم لكن لما كان الحكم على خلاف الاصل و المش بين الاصحاب سقوط الكفارة حينئذ بل ادعى الشيخ في ف اجماع الفرقة عليه و هو ظاهر كلامه في المبسوط أيضا فالحكم بوجوب الكفارة حينئذ لا يخلو عن اشكال و مع ذلك فلا ريب ان العمل بهذا القول اولى و احوط و نقل في الكافي عن على بن ابراهيم انه قال ان طلق امراته او اخرج مملوكته من ملكه قبل ان يواقعها فليس عليه كفارة الظّهار الا ان يراجع امراته او يرد مملوكته يوما ما فاذا فعل ذلك فلا ينبغى له ان يقربها

ص: 453

حتى يكفر و لا يخفى ان الظاهر بقرينة ما ذكره في المملوكة ان مراده بالمراجعة ما يتناول التزويج الجديد أيضا و حينئذ فيطابق مذهب ابى الصّلاح و سلّار لكن لفظة لا ينبغى ليست بصريحة في التحريم و ان كان ظاهرها في كلام القدماء هو ذلك و نقل عن ابن ابى عقيل أيضا مثل ما قاله لكن ليس في عبارته لا ينبغى بل بدله لم يقربها حتى يكفر كفارة الظهار و من هذا يظهر ان دعوى الاجماع في المسألة كما نقله الشيخ لا يخلو عن اشكال فتأمل ثمّ انه على المش لا فرق في الحكم بعد لزوم الكفارة بالعود بعد التزويج الجديد بعد البينونة بين ان تزوجت قبله بزوج آخر و طلقها ام لم تتزوج و تزوج بها الاول بعد البينونة بلا تخلل زوج آخر و نقل عن المفيد انه قال فان طلقها سقطت عنه الكفارة فان راجعها وجبت عليه فان نكحت زوجا غيره و طلقها الزوج فقضت العدّة و عادت الى زوجها الاول بنكاح مستقبل حلت له و لم تلزم كفارة على ما كان منه في الظهار و كذا قال الصّدوقان و ظاهرهم اشتراط التزويج بآخر في سقوط الكفارة و لا يظهر له وجه و يمكن حمل ذلك في كلامهم على المثال و كون مناط الحكم بالسقوط هو التزويج بعد البينونة و امثال ذلك في كلام القدماء ليس بعزيز و روى في الكافي اذا طلق قبل ان يعاود المجامعة قيل فانه راجعها قال ان كان انما طلقها لاسقاط الكفارة عنه ثمّ راجعها فان الكفارة لازمة له ابدأ اذا عاود المجامعة و ان كان طلقها و هو لا ينوى شيئا من ذلك فلا باس ان يراجع و لا كفارة عليه و انت خبير بانه ان حمل المراجعة فيه على التزويج بعد البينونة فهذا تفصيل يمكن به الجمع بين الرّوايتين السّابقتين لكن لم ينقل القول به من احد على المش و يمكن حمل الكفارة على في الشق الاول على الاستحباب او على تاكده لو حمل رواية على بن جعفر على الاستحباب مطلقا و ان حمل المراجعة في العدّة الرجعية فينبغى طرح الرواية لضعفها و ارسالها لعدم ظهور خلاف بينهم في اطلاق عدم سقوط الكفارة بها كما سيجي ء

قوله و لو راجع في الرجعية عاد التحريم قطعا

الظاهر كما ذكره في شرح الشرائع انه لا خلاف فيه و يدل عليه أيضا عموم الآية و خصوص رواية بريد السابقة و كذا موثقة ابان و هى كالصحيحة من عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه و الحسن بن زياد عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال اذا طلق المظاهر ثمّ راجع فعليه الكفارة اى كما كانت عليه اولا بمعنى حرمة الوطى عليه قبلها كما اشار اليه الشارح لا وجوب الكفارة عليه بمجرد الرجوع و هو ظ

قوله كما بطل حكم السّابق

اى العقد السّابق في السّابق اى مسئلة المطلقة بل هذا اولى بالبطلان لاختلاف جنس السّبب الذاهب و العائد هنا بخلافه هناك لاتحادهما فيه جنسا و ان اختلفا شخصا فافهم

قوله و كذا يسقط حكم الظهار

و كذا يسقط حكمه على القول بجريانه في ملك اليمين فيما اذا ظاهر امته ثمّ باعها من غيره فيسقط الظهار و لا يعود بشرائها منه فيجوز له وطؤها و حينئذ كما في العقد الجديد و اولى منه لو اعتقها ثمّ تتزوجها لاختلاف السّبب حينئذ جنسا هذا كله على القول المش في المسألة السّابقة و اما على قول ابى الصّلاح فالمتجه في الجميع عدم سقوط الكفارة فتدبّر

قوله و يجب تقديم الكفارة على المسيس

هذا فيمن فرضه احد الاولين مما لا خلاف فيه بين المسلمين لقوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا في الموضعين و اما فيمن فرضه الاطعام فالاكثر منا و من الجمهور عليه لان اللّه تعالى جعله بدلا عنهما لقوله عقيب ذلك فمن لم يستطع فاطعام ستّين مسكينا و البدل يجب مساواته للمبدل في الحكم و المطلق محمول على المقيد مع اتحاد الواقعة و لما روى ان النّبى صلّى اللّه عليه و آله قال لرجل ظاهر من امراته لا تقربها حتى تكفر و روى اعتزلها حتى تكفر و هو شامل للخصال الثلث و من طريق الخاصة ما تقدم من صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام و قال ابن الجنيد منا و بعض العامة اذا انتقل فرضه الى الاطعام لم يحرم الوطى قبله لانه تعالى شرط في العتق و الصيام ان يكون قبل العود و لم يشترط ذلك في الاطعام و قد تقدم جوابه كذا في شرح الشرائع و لا يخفى ضعف الدليلين الاولين اذ لا دليل على مساواة البدل للمبدل في جميع الاحكام مع ما ترى من اختلافهما كثيرا فيها و حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الواقعة في مسلم الحكم الواحد و امّا في حكمين فلا و ان تعلقا بواقعة واحده فلا يلزم من تقييد العتق و الصيام في الظهار بقبلة التماس حمل اطلاق الاطعام أيضا على التقييد باعتبار اتحاد المورد و هو ظاهر نعم يمكن الاستدلال بالآية الكريمة من وجه آخر و هو انها تدل على تحريم المسيس قبل العتق او الصيام فيجب الحكم به ما لم يثبت خلافه و لا يثبت بآخر الآية إلّا حلّه بعد الاطعام أيضا لمن لم يقدر عليهما و اما حله مطلقا و ان وجب عليه الكفارة قبل المسيس او بعده فلا يثبت به لاحتمال ان يكون ترك التقييد للاكتفاء بذكره في السّابق مرتين و حينئذ فالاصل بقاء التحريم الى ان يثبت ما يزيله يقينا فتأمل و اما صحيحة الحلبى التى اشار الى تقدمها فهي صحيحته التى نقلها في بحث تعدد الكفارة بالوطى و نحن أيضا نقلناها فيه فان قوله عليه السلام فيها لا يمسها حتى يكفر يشمل بعمومه من فرضه الاطعام أيضا و قوله عليه السلام في آخر الخبر نعم يعتق أيضا رقبة لا يوجب تخصيص الحكم الاول أيضا بمن وجب عليه رقبة و هو ظاهر و مثلها حسنة الحسن الصّيقل المتقدمة هناك أيضا و يمكن الاستدلال أيضا برواية ابى بصير المتقدمة هناك أيضا و وصفها الشارح هناك بالصحة فانها بعمومها تدل على وجوب كفارة بالمواقعة قبل التكفير مطلقا و هو يدل على حرمتها قبله مطلقا بل ظاهر اوّل الخير أيضا يرشد اليه كما يظهر بالتامل فيه و يمكن الاستدلال أيضا بحسنة الحلبى المتقدمة في دلائل القول بعدم التعدد و قد سبق منا هناك انها صحيحة في الفقيه حيث فيها قلت فان واقع قبل ان يكفر قال يستغفر اللّه و يمسك حتى يكفر و هو عام يشمل من فرضه الاطعام أيضا و لو لا حرمة المسيس قبل التكفير فيه لما وجب عليه الاستغفار و الامساك حتى يكفر و كذا برواية زرارة المتقدمة هناك عن ابى جعفر عليه السلام و في آخرها و يكف عنها حتى يكفر و كذا بصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة عن ابى جعفر عليه السلام قال الظهار لا يقع الا على الحنث فاذا حنث فليس له ان يواقعها حتى يكفر و كذا بصحيحة عاصم بن حميد عن ابى بصير و فيه اشتراك عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال كل من عجز عن الكفارة التى تجب عليه من صوم او عتق او صدقة في يمين او نذر او قتل او غير ذلك مما تجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار فانه اذا لم يجد ما يكفر به حرمت عليه ان يجامعها و فرق بينهما الا ان ترضى المرأة ان تكون معها و لا يجامعها و قريب منها رواية زياد بن المنذر انه سئل ابو الورد ابا جعفر عليه السلام و انا عنده عن رجل قال لامرأته انت على كظهر أمي مائة مرّة فقال ابو جعفر عليه السلام يطيق لكل مرة عتق نسمة قال لا قال يطيق اطعام ستّين مسكينا مائة مرة قال لا قال فيطيق صيام شهرين متتابعين مائة مرة قال لا قال يفرق بينهما و بما

ص: 454

قررنا ظهر ضعف قول ابن الجنيد و موافقيه اذ غاية الامر عدم دلالة الآية الكريمة على حرمة الوطى قبل التكفير في الثالث و هو لا يفيد بعد ثبوتها بادلّة اخرى فتأمل

قوله و لا يجبره على احدهما عينا

لا من حيث ان الطلاق الاختيارى لا يصح لان الاختيار يتحقق على التقديرين فانه احد الامرين المحمول عليهما تخييرا فهو محمول عليه في الجملة بل لان الشارع الا كذلك و لو امر باجباره على الطلاق بخصوصه لجاز كما صح الاجبار في مواضع كثيرة و لم بنات صحة العقد كذا في شرح الشرائع ثمّ ما ذكره من الاحكام كما ذكره في شرح فع مقطوع بها في كلام الاصحاب و ظاهرهم انها موضع وفاق و لا يظهر لهم مستند من الاخبار سوى ما رواه الشيخ عن ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امراته قال ان اتاها فعليه عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستّين مسكينا و الا ترك ثلاثة اشهر فان فاء و الا وقف حتى يسأل أ لك حاجة في امرأتك او تطلقها فان فاء فليس عليه شي ء و هى امراته و ان طلق واحدة فهو املك برجعتها و هى قاصرة عن افادة هذه الاحكام مع عدم صحة سندها باشتراك ابى بصير و باشتماله على وهب بن حفص و قال النجاشى انه كان واقفيا قال في شرح الشرائع و في الحكم على اطلاقه اشكال لشموله ما اذا رافعته عقيب الظهار بغير فصل بحيث لا يفوت الواجب لها من الوطى بعد مضى المدة المضروبة فان الواجب في كل اربعة اشهر مرة و غيره من الحقوق لا يفوت بالظهار اما اذا لم نحرم غير الوطى فظاهر و امّا اذا حرّمناه فيبقى لها حق القسم على بعض الوجوه و هو غير مناف للظهار و في الرواية امور اخر منا فيه للقواعد انتهى و منشأ الاشكال انه حمل الرّواية و كلام الاصحاب على اجباره بعد ثلاثة اشهر على الوطى او الطلاق و يمكن حملها على ان للزوجة المرافعة الى الحاكم لرفع حكم الظهار و حينئذ فينظر الحاكم ثلاثة اشهر و يجبره بعدها على ان يطلق او يفئ اى يرجع عن الظهار و يريد الوطى و ان لم يكن في هذا الوقت بلا فصل بل في جملة الوقت المقدر له شرعا او في كل وقت شائه فيه و يكفر بعد ذلك و بعد التكفير يرفع عنه حكم الظهار و يحصل هو المقصود من المرافعة و امّا مطالبتها الوطى فهي دعوى اخرى لا يتوجّه الا بعد تجاوز الوقت المقدر له شرعا و حينئذ فلا اشكال و ما ورد من تفسير العود بارادة الوطى كما نقلنا سابقا لا يبعد أيضا حمله على هذا المعنى اى عزمه على الوطى و ان كان بعد حين لا الارادة المتصلة به او المقاربة له لا يقال الارادة امر قلبى لا يمكن الاجبار عليه فتعين ان يكون الجبر على الوطى لانها و ان كانت كذلك لكن الجبر ليس عليها بل على اظهارها و اظهارها يكفى في الحكم عليه ظاهرا بوجوب الكفارة و انحلال الظهار بعدها ليمكن الزامه الوطى في وقته عند مطالبتها به نعم وجوبها في نفس الامر تتوقف على الارادة في نفس الارادة و لا كلام فيه هذا على ما رجحه في يرم من استقرار الوجوب الارادة و اما على ما هو المش من ان معنى وجوب الكفارة لإرادة الوطى حرمة الوطى قبلها فنقول ان اداء الكفارة مع اظهار انها للرجوع عن الظهار يكفى في حل الظهار ظاهر او امكان الزامه الوطى في وقته و ان توقف حله في نفس الأمر على ان يكون الكفارة بعد قصد الرجوع في نفس الامر هذا و على تقدير حمل الاجبار على الوطى فيمكن ان يقال أيضا كما اشرنا اليه سابقا ان الواجب باصل الشرع و ان كان هو الوطى في كل اربعة اشهر لكن بعد الظهار ربما يجب عليه بعد التربّص ثلاثة اشهر امّا التكفير و الوطى او الطلاق و لا بعد في ان يجب عليه مع الظهار ما لم يجب قبله كما انه اذا حكم بالتربّص فزادت مدة ترك الوطى على اربعة اشهر نقول يسقط مطالبتها بالوطى بالظهار و ان كان لها المطالبة به في كل اربعة اشهر لو لا الظهار فتأمل ثمّ لا يخفى ان كلام الشارح هاهنا حيث فسر الفي ء بالرّجوع عن الظهار و حكم بتقديم الرجعة على الكفارة يرشد الى انه حمل كلامهم على الجبر على الطلاق او الرجوع كما ذكرنا اولا لا الوطى كما يستفاد من شرح الشرائع و ايراده الاشكال المذكور فافهم و امّا ما اشار اليه في الرواية من الامور الاخرى المنافية للقواعد فكان منها ان قوله عليه السلام ان اتاها فعليه عتق إلى آخره ظاهره وجوب الكفارة بعد الاتيان لا قبله و هو مناف لما تدلّ عليه الآية الكريمة و اتفقوا عليه من وجوب تقديم الكفارة على المسيس

و يمكن حمله على انه ان اراد ان يأتيها فيندفع ذلك و منها ان قوله عليه السلام فان فاء فليس عليه شي ء ينافى وجوب الكفارة و هو ممّا لا ريب فيه و يمكن حمله على انه لا شي ء عليه سوى الكفارة و منها ان قوله عليه السلام و ان طلق واحدة فهو املك برجعتها ظاهره منطبق على ما هو مذهب العامة من تجويز الطلاق ثلثا و البينونة معها بدون تخلل رجعة و يمكن حمله على انه ان طلق و كان ذلك طلاقا واحدة وقعت عليها فهو املك برجعتها و ان كانت طلاقا ثالثة فلا رجوع فلا منافاة للقواعد فتأمل

قوله كما لا يعترضه لو صبرت

هذا أيضا مقطوع به في كلامهم لا يظهر فيه مخالف و يدلّ عليه أيضا ان الحق لها فاذا رضيت باسقاطه فلها ذلك و لا اعتراض لأحد فيه و كذا ما سبق في رواية عاصم بن حميد من قوله عليه السلام و فرق بينهما الا ان ترضى المرأة ان تكون معها و لا يجامعها تم و الحمد للّه

ص: 455

كتاب الإيلاء

قوله قبلا او مطلقا

متعلق بالوطى كما سيشير اليه لا بالمدخول بها اى ترك الوطى قبلا او مطلقا اى قبلا و دبرا جميعا و امّا المدخول بها فلا وجه فيه للترديد بل يكفى فيه الدخول مطلقا قبلا او دبرا كما صرّحوا به في الظهار و قد سبق

قوله بها الحلف على ترك وطى الامة

قال في شرح الشرائع من شرط المولى منها ان تكون زوجة لقوله تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ فلا يقع في المنكوحة بملك اليمين و ظاهره ان الاستدلال بظهور نسائهم في الزوجات مع انه في الظهار استدلّ هنا و في شرح الشرائع على وقوعه بملك اليمين بعموم الآية و شمول نسائهم لها و الحق ان نسائهم يحتمل الوجهين و لا يمكن الاستدلال بها على التعميم و لا على خلافه لكن في الظهار لما تضافرت الرّوايات بوقوعه بملك اليمين أيضا فالظاهر الحكم بالشمول فيه و في الايلاء لما لم يوجد ذلك فلا يمكن الحكم بانعقاده الا في موضع اليقين و هو الزوجات على ان قوله تعالى بعدها وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ ظ في كون المراد بها الزوجات و يمكن ان يكون نظر الشارح رحمه الله أيضا الى ذلك و يكون غرضه الاستشهاد بقوله تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ الخ لكنه اقتصر على ما نقل اختصارا و في شرح فع استدل على عدم وقوعه بالمنكوحة بملك اليمين بان وطئها غير واجب و فيه ان هذا لا يدل الا على عدم جواز المرافعة منها و ما يترتب عليه لا على عدم وقوعه مطلقا فيجوز وقوعه بملك اليمين و تحريم وطئها بذلك بدون الكفارة من غير مراعاة الشرائط المعتبرة في مطلق اليمين كرعاية الاولى في الدّين و الدّنيا كما ان الظهار منها أيضا لا يترتب عليه المرافعة و ما يتفرع عليها و انما اثرها تحريمها عليه قبل الكفارة هذا لكن الظاهر من الاخبار ان صحة الايقاف و جبره على الفي ء او الطلاق من لوازم الايلاء التى لا يتحقق بدونها و لعل نظره رحمه الله أيضا الى ذلك و يدل أيضا على عدم وقوع الايلاء و يملك اليمين رواية ابى الصّباح الكنانى عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا يقع الايلاء الا على امراة قد دخل بها زوجها لكن في سندها جهالة

قوله و بتقييدها بالدائمة المتمتع بها

هو المشهور بين الاصحاب لأصالة بقاء الحل الى ان يثبت خلافه و لم يثبت ذلك الا في الدائم لما اشرنا اليه من ان تعقيبه في الآية الكريمة بعزم الطلاق ظاهر في كون المؤلى منها ممن يقبله و هو منتف عن المتمتع بها و لما اشرنا اليه أيضا ان الظاهر من الاخبار ان صحة الايقاف و جبره على الفي ء و الطلاق من لوازم الايلاء فلا يتحقق بدونها و ربما ادعى أيضا ظهور النساء في الدائمات و يدل أيضا على عدم وقوعه بها صحيحة ابن ابى يعفور عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال لا ايلاء من الرّجل على المرأة التى تمتع بها و ذهب المرتضى رضي الله عنه الى وقوعه بالمتعة أيضا تمسكا بعموم الآية الرافع لحكم الاصل فان نسائهم جمع مضاف و هو من صيغ العموم و عود الضمير الى بعض افراد العام لا يخصّصه على ما هو المختار عند جماعة من المحققين و مطالبتها مشروط بالدوام نظرا الى الغاية و هو لا يستلزم عدم وقوعه بدون المطالبة كما يقع و ان لم يطالب و الرواية ليست حجة عليه و الأقوى ما هو المش فان الاحكام الواقعة في الآية الكريمة انما هى في الّذين يؤلون من الدّائمات امّا الطلاق فظاهر و امّا التربّص و ما يتعقبه فان في المتعة يجوز له التربّص مط و لا اختصاص له باربعة اشهر لعدم استحقاقها المطالبة بالوطى في المش المعروف بين الاصحاب و ان سبق من الشارح في كتاب النكاح خلافه و عند هذا فلا ريب ان الظاهر حمل نسائهم على الدائمات ليصح الحكم على الذين يؤلون منهنّ جميعا و اما حمل يؤلون من نسائهم على العموم و تخصيص الحكم ببعض افراده فبعيد فضلا عن ان يكون ظاهرا بحيث يصلح ان يرفع به حكم الاصل ثمّ لو سلم فالتمسّك بالعموم انما يتم لو كان الايلاء حقيقة شرعية فيما اصطلح عليه الفقهاء حتى يظهر بعموم الآية وقوعه في النساء مطلقا و يثبت به الاحكام المترتبة عليه سوى ما اختصّ بالدائمات و ان لم تذكر في الآية الكريمة كانعقاده مط من غير رعاية الاولى في الدّين او الدّنيا و وجوب الكفارة بالحنث كذلك و هو ممنوع بل يجوز ان يكون يؤلون واردا على معناه اللغوى اى يحلفون و حينئذ فعموم الآية لا تدل الا على وقوع الحلف من نسائهم مطلقا و لا نزاع فيه و امّا ترتب الاحكام عليه مطلقا فلا يظهر من الآية لاختصاص ما ذكر فيها من الاحكام بالدائمات و كذا الاخبار فان ظاهرها كما اشرنا اليه ان ما ورد فيها من صحة الايقاف و الجبر على الفي ء او الطلاق من لوازم الايلاء فيرتب باقى الاحكام على ايلاء لا يكون كذلك لا يظهر من الاخبار اصلا بل الرّواية الصّحيحة و ان لم تكن حجة عليه فهي حجة لنا فتأمل

قوله فيتبع الأولى في الدين او الدنيا

فان كان خلاف اليمين اولى لم ينعقد و جاز له الحنث و الا وجب الوفاء

قوله و كذا الحلف على ترك وطى الدّائمة إلى آخره

فانه ليس ايلاء بل عينا مطلقا يعتبر فيه شرائطه و هذا مما لا خلاف فيه بين الاصحاب و ذكر فخر المحققين انه مذهب الامامية و الشافعية و ابى حنيفة و مالك لقوله تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ و يدلّ عليه أيضا صريحا رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت رجل الى ان لا يقرب امراته ثلاثة اشهر قال فقال لا يكون ايلاء حتى يحلف على اكثر من اربعة اشهر

قوله بعدم وقوفه على خلاف فيه

لكن قد سبق الخلاف في ذلك في الظهار و ان من لم يشترط استند الى عموم الآية و هو وارد هنا أيضا فالمناسب اشتراكهما في الخلاف الا ان يكون عدم الخلاف فيه باعتبار كثرة الرّوايات الدالة على الاشتراط فيه بخلافها هناك اذ الصّحيحتان السّابقتان دلّتا على الاشتراط فيهما و في خصوص الايلاء روايات اخرى أيضا تدل على الاشتراط و ان كانت غير نقية السّند فلعلهم جوّزوا تخصيص الآية هنا باعتبار تضافر الروايات و تظاهرها بخلافها هناك و ذكر في شرح الشرائع انه ربما قيل به هنا أيضا لكنّه نادر

قوله فانه لا ينعقد ايلاء

لان الوطى في الدّبر لا حق للزوجة فيه و ليس في تركه اضرار بها بل هو مجرّد احسان اليها فلا يقع به الايلاء بل يقع يمينا مطلقة فيلحقه حكمها

قوله و اشتراطه بالاضرار بالزّوجة

لا يخفى ان مقصوده كان بيان الفرق بين الايلاء و اليمين مع اشتراكهما في اصل الحلف و الكفارة الخاصة حتى يظهر وجه اشتراطهم في الايلاء الشروط المذكورة دون اليمين و ما ذكر من الفرقين السّابقين ينتهض بذلك بخلاف هذا الاشتراط اذ اشتراط الايلاء بقصد الاضرار دون اليمين لا يقيد في الغرض المذكور بل يبقى الكلام في الفرق بين الايلاء و اليمين حيث اشترطوا في انعقاده ايلاء قصد الاضرار و لم يشترطوا ذلك في انعقاده يمينا هذا ثمّ انه لم يتكلم في مستند هذا الاشتراط و اعتباره في التعريف و ذكر في شرح الشرائع ان اشتراط وقوع الايلاء بقصد الاضرار بالزوجة بالامتناع من وطئها هو المش بين الاصحاب لا يظهر فيه مخالف يعتد به و مستنده من الاخبار ضعيف و عموم الآية يقتضى عدمه فان نم الاجماع فهو الحجة و الا فلا و على القاعدة المش فضعف المستند ينجبر بالشّهرة و هى رواية السكونى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اتى رجل امير المؤمنين عليه السلام فقال يا امير المؤمنين ان امرأتي

ص: 456

ارضعت غلاما و انى قلت و اللّه لا اقرّبك حتى تفطميه قال ليس في الاصلاح ايلاء انتهى و استدل في شرح فع بقوله عليه السلام في صحيحة الحلبى و الايلاء ان يقول و اللّه لا اجامعك كذا و كذا و يقول و اللّه لأغيظنّك ثمّ يغاضبها و في رواية ابى الصباح الكنانى ان الايلاء يقول الرّجل لامرأته و الله لأغيظنّك و لأسوأنك ثمّ يهجرها و لا يجامعها حتى تمضى اربعة اشهر فاذا مضت اربعة اشهر فقد وقع الايلاء و في الحكم بصحة الرواية الأولى تامّل فان في سندها ابراهيم بن هاشم و هو لم يحكم بصحة ما هو فيه في غير هذا الموضع بل يعده حسنا لكن حسنة لا تقصر عن الصحيحة على انه قد وقع مثل ما رواه في روايتين عن ابى بصير ايضا و لا يبعد صحة احدهما و هى التى رواها ابن مسكان عنه فان الظاهر انه يروى عن المرادى ثمّ لا يخفى ان ظاهر هذه الاخبار اشتراط ان يقول ذلك في الايلاء و لم يقولوا به فليحمل على اشتراط قصد ذلك و ذكر القول على سبيل التمثيل اشارة الى اعتبار قصد ذلك و انت خبير بان غيظها و غضبها و ان لم يستلزم ان يكون ذلك منه بقصد الاضرار اذ ربما اغتاظت و غضبت بترك ذلك و ان وقع منه بقصد الاصلاح لكن سياق قوله و اللّه لأغيظنّك يشعر بان غرضه اغاضتها و الاضرار بها و كذا يغاضها و لأسوأنك بقي ان النسخ في الرواية الاولى و كذا في روايتى ابى بصير مختلفة ففى بعضها و يقول و اللّه لأغيظنك بالواو و في بعضها او يقول و حينئذ ففى دلالتها على الاشتراط المذكور تامّل الا ان يقال ان الظاهر ان العبارة الثانية الاخرى للاولى و المقصود منهما واحد فاذا افادت الثانية قصد الاضرار فلتكن الاولى أيضا كذلك فتأمل

قوله و اشتراطه بدوام عقد الزّوجة

يرد عليه أيضا مثل ما اوردنا على سابقه فلا تغفل

قوله لغة و عرفا و هى مشهورة

و في شرح الشرائع جعل اللفظة المشهورة من الصريح عرفا و ايلاج الفرج في الفرج من الصريح لغة و عرفا و هو ينافى ما ذكره هاهنا فلا تغفل

قوله و التحقيق ان القصد معتبر في جميع الالفاظ إلى آخره

حاصل التحقيق ان الحكم بصحة الايلاء بهذين اللفظين متوجه لكن لا وجه للتقييد بالارادة اما الثانى فلان القصد المذكور معتبر في جميع الالفاظ و ان كانت صريحة فلا وجه لتخصيصهما به اما الاول فلا طباق العرف على انصرافهما اليه و هو يكفى في وقوع الايلاء و لا يضر اشتراكهما او اطلاقهما لغة على غيره اذ المناط هو المعنى العرفى و للرواية هذا و يرد على ما ذكره من استدراك التقييد ان القصد و ان اعتبر في جميع الالفاظ لكن في الالفاظ الصّريحة لما انحصر مدلولها في واحد فلا يعتبر فيها الا قصد مدلولها و هو امر ظاهر لا حاجة الى التعرض له و امّا في مثله الجماع و الوطى الذى له مدلولان مدلول عام بحسب اللغة و خاص عرفا فلا يكفى قصد المدلول مط بجواز قصد العام و حينئذ لا ينعقد الايلاء فلذا اشترطوا في انعقاد الايلاء به قصد المعنى الخاص و هذا ما اشار اليه سلطان العلماء رحمه الله هاهنا على وفق ما سبق منه في تحقيق منع المراجعة في كتاب الطلاق و لا يتوهم ان قوله و اشتراكهما او اطلاقهما لغة على غيره لا يضر مع اطباق العرف على انصرافهما اليه من تتمة الايراد لدفع هذا البحث و انه يندفع به ذلك و ان كان غرض الشارح منه ما ذكرنا في الاستدلال على اصل الحكم لانه ان حمل على انه في العرف يتصرف الى المعنى الخاص لظهوره فيه و تبادره منه عرفا فغايته ان يحكم عليه بالايلاء ظاهرا بناء على حمل اللفظ على المظاهر المتبادر و هذا لا ينافى انه اذا لم يقصد ذلك المعنى بل قصد معناه الاعم لينعقد الايلاء فيما بينه و بين اللّه تعالى و يكون غرضهم من اشتراط القصد هو الاشارة الى ذلك اى انه ان لم يرد الايلاء لم ينعقد الايلاء فيما بينه و بين اللّه تعالى و ان حكم ظاهرا بالإيلاء اذا سمع منه و ان حمل على اطباق العرف على انصرافهما اليه و هجر المعنى العام بالكلية بحيث لا يحتمل في العرف استعماله فيه و ارادته منه اصلا فصار بحسب العرف كالالفاظ الصّريحة و حينئذ فلا حاجة الى اشتراط امر آخر سوى القصد المعتبر في جميع الالفاظ ففيه ما فيه لظهور ان الامر ليس كذلك على انه على هذا لا يستقيم ما سيذكره من التوجيه أيضا كما لا يخفى على المتامّل فتأمل

قوله و اشتراكهما او اطلاقهما

كان الأول بناء على وضعهما للمعنى العرفى أيضا لغة او جعل الموضوع للمعنيين بحسب اللغة و العرف أيضا داخلا في المشترك و الثانى بناء على انحصار الموضوع اللغوى في العام و كون الخاص بحسب جعل اهل العرف و وضعهم و انه حينئذ لا يكون مشتركا بناء على اعتبار اتحاد الاصطلاح فيه على ما قيل

قوله و قد روى ابو بصير

في الصحيح ظاهره الحكم بصحة الرّواية مطلقا لا الى ابى بصير و كان وجهه ما اشرنا اليه من ان الراوى عنه ابن مسكان و الظاهر انه انما يروى عن ليث المرادى هذا و قريب من هذه الرّواية ما سبق من حسنة الحلبى و كذا رواية اخرى أيضا من ابى بصير كما اشرنا اليه ثمّ لا يخفى ان ظاهر هذه الرّوايات و ان كان وقوع الايلاء بهذه الضيعة مطلقا لكن لا شبهة في تقييده بالقصد لانه معتبر مطلقا كما ذكره الشارح و لما كان الظاهر منها في الروايات معناها العرفى فالمعتبر قصد ذلك المعنى فليقيد به على ما ذكره الاصحاب هذا اذا كان الكلام في وقوع الايلاء بها و عدمه في نفس الامر و اما اذا كان الكلام في الحكم الظاهرى فالظاهر نظرا الى اطلاق تلك الاخبار كما يشهد به التأمّل الحكم بالوقوع بها مطلقا و عدم سماع ادّعاء قصد معنى آخر كما لا يسمع دعوى عدم القصد مطلقا فتأمل

قوله و يمكن ان يكون فائدة تقييده بالارادة إلى آخره

هذا جواب عما اورده من ان القصد معتبر في جميع الالفاظ فلا وجه لتخصيص اللفظين به و حاصله ان القصد و ان اعتبر في الجميع لكن فائدة تقييده بالارادة هاهنا ان اللفظين لما كان معنا لهما معنى آخر فبمجرّد سماعة موقعا للصيغة بهما لا يحكم عليه ظاهرا بوقوع الايلاء ما لم يعترف بارادته المعنى الخاص العرفى فان ادعى ارادة المعنى الآخر قبل منه بخلاف الالفاظ الصريحة لاتحاد المعنى فيها و اما ادّعا عدم قصد المعنى اصلا فلا يسمع عملا بالظاهر من حال العاقل المختار و انت خبير بانه اذا بنى الكلام على تجويز ارادة المعنى الآخر فالاظهر في الجواب ما ذكرنا من ان فائدة التقييد الاشارة الى عدم انعقاده مع ارادة المعنى الآخر فيما بينه و بين اللّه تعالى اذ الظاهر من كلامهم صحة الايلاء مع تلك الارادة لا بدونها في نفس الامر من غير تعرّض لبيان الحكم الظاهرى و أيضا عدم الانعقاد مع عدم تلك الإرادة في نفس الامر مما لا ريب فيه بخلاف عدم الحكم عليه بالايلاء ظاهرا اذ يمكن ان يناقش فيه بان ظهور اللفظين في المعنى العرفى و بما كفى في وقوع الحكم عليه بالايلاء ظاهر او عدم الالتفات الى جواز ارادة المعنى الآخر لبعده عن حال اهل العرف كما لا يلتفت ظاهرا الى جواز عدم القصد لبعده عن حال العاقل المختار و ان لم يقع معه فيما بينه و بين اللّه تعالى و يؤيد ذلك اطلاق الروايات المذكورة كما اشرنا اليه فلا بد حينئذ من التمسّك باصالة عدم الوقوع ما لم يتيقن خلافه و مع تجويز ارادة المعنى الآخر و ان كان بعيدا لا يقين بخلاف ذلك مع ادّعاء عدم القصد للاجماع على عدم الالتفات اليه على ان بعد ارادة المعنى

ص: 457

اللّغوى ليس في مرتبة بعد عدم القصد هذا و كتب سلطان العلماء رحمه الله على قوله انه لا يقع عليه ظاهرا الى آخره اى لا يقع اليمين على ترك الوطى ظاهرا بمجرّد سماعه و فيه نظر اذ انصرافهما عرفا اليه كما ذكر سابقا لو تم لكفى في الحكم عليه و الحاصل ان هاهنا اعتراضين احدهما انه كما ترى انه لا بد من الارادة في اللفظين الاخيرتين لا بدّ في ساير الالفاظ الصّريحة فلا وجه للتخصيص و بالاخيرين و هذا يندفع بما ذكره الشارح بتكلف و تحقيقه ما ذكرنا سابقا في ضيع المراجعة في كتاب الطلاق و ثانيهما انه كما لا حاجة في الالفاظ الصريحة الى انضمام ارادة اخرى اليه سوى قصد مفهوم اللفظ كذلك لا حاجة في هذين اللفظين أيضا الى انضمام قصد آخر لان مفهومه العرفى هو ذلك و ان كان اعم بحسب اللغة و هذا لا يندفع بما ذكره الشارح و لا بما سابقا ذكرنا فتأمل انتهى و فيه تامل اما الاول فلان ما ذكره سابقا انما يكفى في الحكم عليه لو حمل كلامه سابقا على الوجه الثانى الذى ذكرنا سابقا و اما لو حمل على الوجه الاول كما هو الظاهر فلا اذ ظهوره عرفا في الخاص و تبادره منه فيه لا يمنع من تجويز ارادة المعنى اللغوى فلا يمكن الحكم بوقوعه بمجرد سماعه ما لم يعترف بقصد ذلك لاصالة البراءة كما اشرنا اليه فهذا منه رحمه الله قرينة على ان مراده بما ذكرنا سابقا هو الوجه الاول الذى هو الصحيح كما اشرنا اليه فاندفع ما اورده من النظر و امّا ثانيا فلما ظهر لك من الفرق بين ما ذكره الشارح و بين ما ذكره هذا الفاضل في باب المراجعة فما ذكره ليس تحقيق ما ذكره الشارح على ما ذكره و اما ثالثا فلان كون المفهوم العرفى بهذين اللفظين هو ذلك انما يوجب عدم الحاجة فيهما الى قصد آخر اذا حمل الكلام على الوجه الثانى و اما اذا حمل على الوجه الاول فلا كما ظهر مما قررنا فتأمل

قوله و ان ادعى عدمه قبل منه

و ان لم يدع شيئا منهما بل قال انى لا اتذكر مرادى فيحتمل عدم الوقوع نظرا الى ظاهر كلام الاصحاب حيث اشترطوا القصد المذكور فينتفى الحكم عند عدم العلم بتحقق الشرط للاصل و يحتمل الحكم بالوقوع نظرا الى ما هو الظاهر من ارادة المعنى العرفى ما لم يدع تذكر خلافه و الى اطلاق الروايات المذكورة و يبعد ان يحكم عليه حينئذ بما هو اخف فيحكم عند عدم شرائط انعقاد اليمين بعدم وقوع الايلاء للاصل و كذا اليمين لعدم شرائطها و عند وجوده شرائط انعقادها بالايلاء الذى هو اخف للاصل فتفطن و قال رحمه الله في شرح الشرائع ثمّ متعلق الايلاء ان كان صريحا في المراد منه لغة او عرفا كايلاج الفرج في الفرج او عرفا كاللفظ المشهورة في ذلك فلا شبهة في وقوعه و ان وقع بغير الصريح فيه كالجماع و الوطى الموضوعين لغة لغيره و عبّر بهما عنه عرفا عدولا عما يستهجن التصريح به الى بعض لوازمه فان قصد به الايلاء وقع أيضا بغير خلاف كما لا اشكال في عدم وقوعه لو قصد بهما غيره اما لو اطلق ففى وقوعه نظرا الى صراحتهما عرفا او عدمه نظرا الى احتمالهما غيره من حيث عمومهما لغة قولان اصحّهما الوقوع كالصّريح و في الاخبار تصريح بالاكتفاء بلفظ الجماع انتهى و لا يخفى ان ظاهر كلامه هناك انه جعل الكلام في وقوع الايلاء و عدمه في نفس الامر لا بحسب الظاهر و حينئذ فما ذكره من احتمال الاطلاق و ما حكم به فيه ما فيه اذ لا يخلو الحال مع الشعور و القصد انه اما ان يقصد به معناه اللغوى او العرفى فاذا لم يقصد شيئا منهما فاما انه لم يقصد المعنى اصلا و لا شبهة في عدم انعقاده حينئذ فيما بينه و بين اللّه تعالى او انه قصد احد المعنيين من غير تعيين و لا شبهة أيضا في عدم وقوعه الا ان يحمل على ما ذكرنا من عدم تذكره الا للاطلاق و نسيانه قصده و لا يخفى ما فيه من التكلف

قوله فيحمل عليه كغيره من الالفاظ

فيه ان هذا انما يتجه في الاقارير و نحوها و امّا الايلاء فوقوعه على خلاف الاصل فيقتصر فيه على موضع اليقين و هو الالفاظ الصّريحة و لا يمكن الحكم بوقوعه بكل لفظ دالّ عليه الا بدليل الا ان يتمسّك بعموم الآية الكريمة فتأمل

قوله و احتمال الالفاظ لغيره

ظاهره انما يفيد عدم وقوعه بها ظاهرا اذا لم يعلم قصد الايلاء و المراد عدم وقوعه باطنا أيضا و ان قصد الايلاء فالاظهر في الاستدلال ان يقال اصالة الحل الى ان يثبت ما يرفعه يقينا و لا يقين في غير الالفاظ الصّريحة و للمتكلف حمل كلامهم أيضا على هذا فتأمل

قوله و الرّوايات ليست صريحة فيه

و الروايات المتضمنة لما ذكره هى حسنة الحلبى المتقدمة و مثلها روايتا ابى بصير كما اشرنا اليه سابقا و رواية ابى الصباح المتقدمة أيضا و انت خبير بان الثلاثة الاول لا دلالة لها على وقوع الايلاء بقوله لأغيظنّك الّا بعد قوله و اللّه لا اجامعك كذا و كذا و حينئذ فلا يفيد المستدل و لا يدل على وقوع الايلاء به وحده اللّهمّ الا على نسخة او بدل الواو نعم الرواية الاخيرة تدل على ما ذكرة لكنها وجدها مع عدم صحتها لا تنهض حجته و مثل هذا الحكم المخالف للاصل الا ان يتمسّك بعموم الآية الشريفة ايضا كما اشرنا اليه و بما قررنا ظهر ما في كلام الشارح من منع صراحة الاخبار فان الرواية الاخيرة صريحة و كذا الروايات الاول على نسخة او و على نسخة الواو لا صراحة لها و لا ظهور أيضا فافهم

قوله فيتعلق الايلاء بالجميع

و لا يبعد حينئذ وقوعها باعتبار التلفظ بالقرب او المسّ فان حكمها حكم الجماع و الوطى في انصرافهم اليه عرفا و لان تركهما يستلزم تركه البتة بخلاف عدم مسافقتهما و عدم جمع المخدة رأسه و رأسها لعدم انصرافهما اليه و لا تستلزمه أيضا نعم قد تستعمل فيه و الحكم بوقوعها بمجرد ذلك لا يخلو عن اشكال فتأمل

قوله لعموم القران السّالم عن المعارض

لا يخفى ان ظاهر الآية الكريمة وقوع الايلاء بالفعل لا ما يشمل المعلق على الشرط و الصفة أيضا على ان الظاهر في امثال هذه المواضع اما القول بحقيقة شرعية او ان في الحكم اجمالا و التعويل على البيان النّبوى و على هذا فالتمسّك في هذا الحكم المخالف للاصل بعموم الآية لا يخلو عن اشكال بل الاولى الاقتصار على موضع اليقين و يمكن الاستدلال للقول بعدم الوقوع بصحيحه ابى بصير المتقدمة حيث سئل عن الايلاء بما هو و اجيب بما لا تعليق فيه فالحكم بشموله للمعلق أيضا لا يخلو عن اشكال و قريب منها الرواية الاخرى من ابى بصير و صحيحة الحلبى و رواية ابى الصّباح المتقدمة و مثلها موثقة سماعة قال سألته عن رجل الى من امراته فقال الايلاء ان يقول الرّجل و اللّه لا اجامعك كذا و كذا فانه يتربّص اربعة اشهر الحديث

قوله و السّلامة عزيزة

فيجب العمل بمقتضاها

قوله و بهذا يمتاز عن الشرط

حاصله ان جعله يمينا المم عنه بالاتفاق هو ان يعلقه على شرط بقصد الزجر عنه و التعليق على الشرط اعم منه فانه ربما تعلق على شرط و يقصد به مجرّد وقوعه على تقدير الشرط من غير قصد الانزجار عنه و التزام في المعلق عليه اى التزام تركه و التعليق على الشرط الذى وقع فيه الخلاف هو ما كان من هذا القبيل فتأمل

قوله و اليمين لا تكون معلقة الا بفعلها او فعله

اراد بالفعل ما يشمل الترك كقوله ان تركت الصّلاة الى آخره ثمّ لا يظهر

ص: 458

وجه للاختصاص بفعلهما بل التعليق على الوجه الذى فسره يمكن جريانه في فعل غيرهما أيضا و ما قيل من ان عدم وطئها لا يكون زجر الفعل غيرهما ففيه انّه ربما كان ترك وطى الزوجة مكروها لأحد باعتبار قرابة او صداقة له معها او معه فصار هذا التعليق زاجرا له عن فعل المعلق عليه بل الظاهر على ما يستفاد من كتب العامة القائلين بصحة الحلف بالطلاق و العتاق و امثالهما و يشهد به تتبع موارد استعمالاتهم جريان هذا الحلف في كل فعل قصد الزجر عنه سواء من الحالف او غيره مطلقا بل في غيره من الاخبار التى قصد تحقيق نقيضها كقولهم ان لم يكن فلان افضل من فلان فانت طالق ثمّ ان اطلاق الحلف و اليمين على التعليق على ما فسّره الشارح رحمه الله كانه مجرّد اصطلاح او مجاز باعتبار ان اليمين كما يوجب الزجر عن المخالفة كذا هذا التعليق حذرا من وقوع الطلاق مثلا على تقدير المخالفة و على هذا فاستدلال الشارح رحمه الله بعدم وقوعه يمينا باختصاص الحلف باللّه تعالى و المنع من اليمين بغيره هو الحلف و اليمين بالمعنى المتبادر لا ما يشمل مثل هذا التعليق و هو ظاهر ثمّ كلام هاهنا آخر و هو ان الغرض من عدم وقوعه يمينا اما انه اذا جعل الايلاء يمينا فلا ينعقد ايلاء او انه لا ينعقد يمينا او انه لا يجب الوفاء بما حلف به عليه اى ترك الفعل الذى دخل عليه الشرط ان كان فعله اذ لا يتوهم وجوب الوفاء في غيره فعلى الاول صح الدليل الأول و اما الدليل الثانى فلا اتجاه له اذا الحلف على ترك الوطى وقع باللّه تعالى فاختصاص الحلف باللّه تعالى لا يمنع من انعقاده ايلاء و على الثانى لا يتجه شي ء من الدليلين اما الثانى فلما ظهر وجهه و اما الاول فلان التجريد عن الشرط لو سلم انما يعتبر في الايلاء و ترتب احكامه و اما في انعقاد اصل اليمين فلا لصحة اليمين المشروط عندهم و ينبغى ان يكون يمينا مطلقا يلزمه حكمه و على الثالث يتجه الدليل الثانى اذ الحلف على ترك الشرب مثلا وقع بالايلاء لا باللّه تعالى مع ما عرفت من التجوز في اطلاق الحلف عليه لكن حمل المسألة هنا بعيد عليه جدا بل لو ذكر هذا لينبغى ان يذكر في كتاب اليمين و اما الدليل الاول فلا يرتبط به كما لا يخفى فكانه رحمه الله جعل غرض المصنف رحمه الله مجموع الاول و الثالث فاستدل على الاول بالاول و على الثانى بالثانى هذا و الظاهر ان اليمين بالايلاء و الطلاق و امثالهما ليس على الوجه الذى ذكره الشارح بل ظاهر الكلام و ان كان هو التعليق على ما ذكره لكن الغرض هو مجرد الحلف على ما علق عليه و التزام الزجر عنه ان كان فعله و تحقيق وقوع نقيض متعلقه و صدقه ان كان خبرا و ان كان فعلا لغيره فقد يقصد زجره عنه و تحليفه على ان لا يفعل و قد يقصد تحقيق انه لا يفعله كما في الخبر و الحاصل ان اليمين بهذه الاشياء بمنزلة ما يقال في المحاورات ان فعلت او فعل فلان كذا و ان لم يكن زيد افضل من عمر و كان كافرا او بريئا او عابد وثن او كان الكلب خيرا منه او احرقت كذا او زوجتى حرام في بيتى و ما شابهها فكما انه لا تعليق فيها حقيقة فكذا فيها و انما الغرض مجرد الحلف و اليمين و على هذا فاطلاق الحلف و اليمين عليه كانه ليس بالمجاز او الاصطلاح و حينئذ فعدم وقوع الايلاء لو جعله يمينا اى عدم وقوعه ايلاء ظاهر اذ لم يقصد الايلاء بل قصد الحلف به على شي ء آخر و كذا عدم وقوعه يمينا اذا لم يقصد الحلف باللّه على ترك الوطى بل قصد الحلف بالايلاء على شي ء آخر و كذا عدم وجوب الوفاء به و الزّجر عن متعلقه لاختصاص الحلف باللّه تعالى على انه لو صح اليمين لوجب ان تكون كفارته كفارة اليمين لا وقوع الايلاء و مثله القول في الحلف بالطلاق و العتاق و الظهار و امثالها فلا يقع شي ء منها لعدم قصدها و لا يجب أيضا الوفاء لعدم صحة اليمين بها على ما ذكرنا فتأمل

قوله او حلف بالطلاق و العتاق

اى لا يقع الحلف بها و على هذا فذكره هاهنا استطراد بتقريب ما سبق ثمّ قد ظهر بما تلونا عليك سابقا ان ما ذكره الشارح هاهنا من الدليل انما ينتهض على عدم وقوع الحلف بالطلاق و العتاق يمينا و لا يدل على عدم وقوع الطلاق و العتاق على تقدير مخالفة الشرط و هو العمدة في هذا المقام على ما عرفت فكان عليه ان يستدل بعدم جواز التعليق في الطلاق و العتاق هذا على ما ذكره في تفسير اليمين و اما على ما ذكرنا فيتجه كلامه هاهنا كما لا يخفى و يمكن حمل كلام المصنف على معنى آخر و هو ان يكون المراد انه لا يقع الايلاء لو جعله يمينا اى بالحلف بالايلاء او بالحلف بالطلاق او العتاق اى الحلف المعتبر في الايلاء هو الحلف باللّه لا بالايلاء او بالطلاق او العتاق كان يقول ان وطئتك فو اللّه لا لأجامعنّك او فلانه طالق او عبدى حرّ و على هذا فلا استدراك و انت خبير بان كلام الشارح هاهنا لا يأبى عن الحمل عليه بل يستقيم حينئذ ما اورده من الدليل و لكن كلامه في الشرح السابق ينادى بعدم الحمل عليه و الا لكان الظاهر بدل قوله كان يقول ان فعلت كذا كان يقول ان وطئتك الا ان يقال انه مثال لمطلق جعل الايلاء يمينا حتى يعلم منه الايلاء الذى جعل يمينه الايلاء و لا يخفى ما فيه من التكلّف و أيضا حمل قوله و عدم وقوعه يمينا على هذا المعنى بعيد جدا بل كان الظاهر ان يقول و عدم وقوعه لو جعله يمينا كما في المتن ثمّ على هذا أيضا انما يتجه الدليل الثانى و اما الدليل الاول فلا اتجاه له الا ان يقال انه جعل الغرض عدم وقوع الايلاء في هذه الصورة مطلقا اى لا بالنسبة الى الوطى الاول و لا بالنسبة الى ما بعده و يكون قوله بعد اعتبار تجريده عن الشرط دليلا على الثانى و قوله و اختصاص الحلف الى آخره دليلا على الاول فتأمّل الحمد للّه تعالى و صلّى اللّه على رسوله و آله تمت الحواشى المتعلقة بهذا المقام على احسن ما يتصوّر من التمام اعلى اللّه مقام مؤلّفه النّحرير القمقام بمحمّد النّبي و آله عليهم الصلاة و السّلام

ص: 459

[كتاب اللّعان]

في كتاب اللّعان

في القول في كيفية اللّعان بعد قول المصنف رحمه الله ثمّ تقول انّ غضب اللّه عليها ان كان من الصّادقين فيه

قوله مقتصرة على ذلك

اى على ما ذكرنا من الرّمى بالزنا فيهما اى في الشهادات و الغضب من غير حاجة الى اضافة نفى الولد أيضا لان لعانها لا يؤثر في سقوطه بل انما ينتفى بعد لعانه و انما فائدة لعانها سقوط حد الزّنا عنها اذ لو لم تلاعن وجب عليها الحدّ بعد لعانه و لعانها مسقط له فهي لا تحتاج الا الى تكذيبه في الرّمى بالزّنا و هذا ما ذكره في شرح الشرائع حيث ذكر في كيفية اللعان انه تقول المرأة اربع مرّات اشهد باللّه انّه لمن الكاذبين فيما رمانى بهن الزنا و في الخامسة غضب اللّه عليها ان كان من الصّادقين فيما رماها به من الزّنا ثمّ قال و لا تحتاج الى ذكر الولد لان لعانها لا يؤثر فيه و لو تعرضت له لم يضرّ فنقول هذا الولد ولده ليستوى اللعانان و يتقابلا انتهى و لا يخفى ان عدم حاجتها الى ذكر نفى الولد و سقوط الحد عنها بمجرّد لعانها بدون التعرض له ظاهر و اما انه هل ينتفى الولد بلعانها بعد لعان الرّجل ففيه تامل لاحتمال ان يكون ففيه شرعا موقوفا على التّلاعن بينهما في نفيه و لا يكفى التلاعن في الزنا و الاصل ثبوته ما لم يتيقن نفيه و لا يقين الا فيما وقع التلاعن بينهما فيه أيضا ثمّ ان هذا كله انما هو اذا كان لعانه لاثبات الزنا و نفى الولد جميعا و اما لو كان لنفى الولد فقط كما اذا صدقته في الزنا دون نفى الولد و قيل باللعان فيه كما سيجي ء فلا بد فيهما من نسبة الصدق و الكذب لا نفى الولد دون الزنا و هو ظاهر و كذا لو قيل بالتلاعن فيما لو نفى الولد فقط باعتبار الشبهة لا بالزنا فانه حينئذ أيضا لا بد من نسبتهما الى نفى الولد

قوله الا انه يشكل

لا يخفى انه لا اشكال لو نص عليه كما فرضه فالمراد انه يشكل مع عدم النص و كان الاظهر ان يقول اما مع عدم النصّ فيشكل

قوله و اذا لاعن الرّجل سقط عنه الحدّ

اى حد القذف الذى يثبت عليه بسبب رميها بالزنا او هى الولد بناء على كونه قذفا أيضا كما صرحوا به في بحث القذف حيث عدوا منه ان قال لولده الذى أقر به لست بولدى و الشارح في هذا الشرح هناك و لو لم يكن قد أقر به و لكنه لاحق به شرعا بدون الاقرار فكك لكن له دفع الحد باللعان بخلاف المقر به فانه لا ينتفى مطلقا و لا يخفى ان في الحكم بكونه قذفا باحد القيدين تامّل لاحتمال الشبهة كما اعترف به الشارح هنا في الرّد على ما نقله عن التحرير نعم لو ثبت اجماع على الحدّ فيهما او دليل آخر فيمكن ان يكون حكمه حكم القذف و يحمل كلامهم عليه لكن الشارح في شرح الشرائع حكم بكونه من الفاظ القذف الصريح لغة و عرفا فيثبت به الحد لامه و لا يخفى ما فيه مع تجويزه الاحتمال المذكور و الظاهر انه اذا صرح بالشبهة او احتمالها فلا وجه لثبوت الحدّ عليه و لا يكفى حينئذ في اللعان لنفيه مجرد نفيه و لا يجوز ذكر الزنا و اما اذا اطلق فيحتمل بناء على ما ذكروه في بحث القذف ان يكون حكمه حكم القذف شرعا فيثبت عليه الحد بمجرّده و لا يسقط الا بلعانه و يتجه حينئذ ما نقله عن التحرير من وجوب نسبة الولد الى الزنا فانه اذا كان اطلاق نفى الولد قذفا شرعا فهو بمنزلة التصريح بكونه من زنا و على هذا فمن زعم الشبهة او احتملها فعليه ان يصرح في نفيه الولد بالشبهة او احتمالها و ان لا يطلق النفى حتى لا يلزمه الحدّ و لا يمكنه اسقاطه الا باللعان بنسبتها الى الزنا بل يكفيه اللعان بالشهادة على مجرّد نفيه و يكون حينئذ فائدته مجرد نفيه لا سقوط الحدّ أيضا لعدم ثبوت حدّ عليه هذا و امّا وجوب الحدّ على المرأة ففى صورة رميها بالزنا في لعانه لا اشكال فيه و اما في صورة مجرد نفى الولد ففيه الاشكال المذكور فان لعانه لا يفيد الا نفى الولد لا الزنا لاحتمال الشبهة كما ذكرنا فيحكم به بوجوب حدها مع بناء الحدود و على التحقيق و درئها بالشبهات الّا ان يقال انه لما ثبت كون نفى الولد قذفا شرعا فهو بمنزلة رميها بالزنا فاذا ثبت ذلك بلعانه و سقط الحد عنه يلزمه ثبوت زناها و وجوب الحد عليها الا ان تسقطه بلعانها و لا يخفى ما فيه من الاشكال و على ما ذكرنا من الظاهر في حكم لعانه يظهر منه حكمها أيضا و انه مع تصريحه بالشبهة او احتمالها لا حد عليها و اما مع اطلاقه فانما يتجه ثبوت الحد عليها اذا قيل بكونه قذفا و ثبوت الحد عليه الا ان يلاعن بالشهادة برميها بالزنا اذ حينئذ يثبت بلعانه زناها و يجب الحدّ عليها الا ان تسقطه باللعان و اما اذا لم يقل احد باحد الامرين فلا وجه للقول بثبوت الحد عليها في نفى الولد بل ينبغى تخصيص الحكم به بصورة رميها بالزنا و لعانه له و من هذا يظهر انه لا بد من تخصيص في اطلاق الحد عليها اما بصورة رميها بالزنا او بما يعمه و نفى الولد أيضا اذا لم يصرح بالشبهة او احتمالها لكن يبقى انه حينئذ ففى صورة لم يجب الحد عليها يشكل وقوع التلاعن بينهما اذ لا باعث للزوجة على اللعان اذ لا يثبت حد عليهما حتى تسقطه باللعان و انتفاء الولد لا يسقط بلعانها كما نقلنا سابقا عن شرح الشرائع بل انما يستقر بلعانها فلا باعث لها عليه بل تكذيبها له في نفيه باعث لها على عدم اللعان لئلا ينتفى و اذا لم تلاعن الزّوجة فتنتفى فائدة لعانه أيضا اذ لا فائدة له حينئذ الا نفى الولد و هو لا ينتفى الّا بلعانها على ما يظهر من كلامهم اللّهمّ الّا ان تلاعن الزوجة لمجرّد اظهار كذبه او لدفع سوء ظن الناس بها و اتهامهم لها او لدفع العار الذى يلزمها من الشبهة أيضا او لزوال الفراش و الزوجية حيث تكرهها و يظهر من هذا ان حكمه سابقا بانه يجب على ذى الفراش نفى الولد اذا عرف اختلال شروط الالحاق فيلاعن وجوبا يشكل بهذه الصورة لان بمجرد لعانه لا ينتفى و لا الزوجة تلاعن الزّوجة حيث لا تنفعها بل تضرّها اللّهمّ الا ان يحتمل لعانها لأحد الوجوه التى ذكرنا او قيل بانتفاء الولد في هذه الصّورة بمجرد لعانه لكنه خلاف ظاهر كلامهم فانهم عدوا نفى الولد من الاحكام المتعلقة بلعانهما الا ان يخص ذلك بصورة رميها بالزنا و الحق ان كلامهم في هذا الباب غير منقح جدّا

قوله سقوط الحدّين عنهما

عموم هذا مبنى على ما ذكرنا من عدهم نفى الولد أيضا قذفا و الحق ما فصّلنا

قوله ان كان اللّعان لنفيه

ظاهره اطلاق الحكم بتوقف نفى الولد على اللعانين و يمكن تخصيصه بما اذا رماها بالزنا و كون الولد منه و حينئذ ففى صورة مجرد نفى الولد باعتبار الشبهة او احتمالها يمكن ان يكون مذهبهم ففيه بمجرد لعانه و اللّه تعالى يعلم

قوله اذ لا يمكن الزوجة ان تشهد

يمكن ان يكون من باب الافعال موافقا لما ذكره في شرح الشرائع حيث قال لان الزوجة لا يمكنها ان تقول اى لا يمكنها شرعا و يمكن ان يمكن من باب التفعيل اى لا يمكنها الحاكم و كانه اولى ثمّ لا يخفى ان هذا انما يفيد عدم امكان لعان الزّوجة و لا يفيد عدم امكان لعان الزّوج لنفى الولد كما هو المدعى فلعل بناؤه على دعوى توقف نفى الولد على لعانها أيضا اما مطلقا كما هو الظاهر من اطلاق عدهم سابقا نفى الولد من الاحكام المتعلقة باللعانين لو فيما اذا رماها بالزنا و ادعى كون الولد منه كما هو المفروض هاهنا و لا يخفى انه ان ثبت ذلك فالمتجه هو هذا القول و الا فالقول الاول

قوله توجّه اللّعان منها

قد ظهر بما

ص: 460

تلونا عليك سابقا انه لا وجه حينئذ للعانها لثبوت الحدّ عليها تصديقها و عدم سقوطه باللعان و عدم سقوط نفى الولد أيضا به بل عدم نفيه الا به فحيث تدعى الزّوجة كون الولد منه كيف تاتى باللعان الذى ينافى غرضها و يحصل به مطلوبه اللهمّ الا ان تلاعن لمجرّد تاكيد تكذيب في نفى الولد او لزوال الفراش و الزّوجة حيث تكرهها و الحمد للّه على نعمائه و الصّلاة و السلام على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين اصفيائه و امنائه و رفع اللّه درجات مؤلفه

[كتاب العتق]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و به نستعين في كتاب العتق في شرح قوله المصنف رحمه الله و لا يقف العتق على اجازة المالك بل يبطل العتق الفضولى

قوله و لقوله عليه السلام لا عتق الا في ملك

كان الرّواية عنه صلّى اللّه عليه و آله بهذا المضمون مستفيضة من طرق العامة و الخاصّة و ما نقله هاهنا من طرق العامة و امّا من طرقنا ففى التهذيب في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن منصور بن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لإطلاق قيل نكاح و لا عتق قيل ملك و رواه في الفقيه أيضا مرسلا عنه و في التهذيب ايضا عن مسمع بن ابى سيار عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا عتق الا بعد ملك

قوله خروج عن المتنازع

اى المبحث فان الكلام في الاعتاق الاختيارى و انه لا يصحّ من غير المالك فلا حاجة الى استثناء العتق بالسّراية لانه قهرى فاستثناء في كلام من استثناء من الاصحاب كما نقله في س امّا منقطع او بناء على جعل المستثنى منه مطلق الانعتاق الشامل للاختيارى و غيره و لا يخفى اذ الثانى انسب بتوجيه الرّواية فان الواقع فيها هو العتق الشامل باطلاقه للاختيارى و غيره فاحتيج الى الاستثناء المذكور الا ان يخصّص بالعتق الواقع بالاختيار لكونه الشائع الغالب فتدبّر قوله و لو علق غير المالك العتق بالملك و لنا ما يدلّ عليه مضافا الى ما سبق من الرّوايات صحيحة التهذيب عن زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الرّجل يقول ان اشتريت فلانة او فلانا فهو حرّ و ان اشتريت هذا الثوب فهو في المساكين و ان نكحت فلانة فهي طالق فقال ليس ذلك كلّه بشي ء لا يطلق الا ما يملك و لا يصدق الا ما يملك و لا يعتق الا ما يملك

قوله الا ان يجعله نذرا

لا ريب في وجوب الاعتاق في الصّورة الاولى لعموم الامر بالوفاء بالنذر و امّا الصورة الثانية و هى ما لو قال اللّه على انه حر ان ملكته ففيها تامّل من وجهين احدهما في اصل الحكم بعتقه بعد الملك و ثانيهما في انه هل يحتاج الى صيغة العتق بعد الملك ام لا امّا الاول فلان النذر و ما في حكمه لا بد من تعلقه بفعل الملتزم مقدور له كما صرّحوا به و كونه حرّا ليس من فعله فلا يصلح متعلّقا للنّذر فلا بد من صرفه الى ما هو فعله و هو تحصيل حرّيته بهذه الصيغة اى اعتاقها بها و لا يصحّ هذا أيضا ان لم يصح العتق شرعا الا بعد الملك بمقتضى الاجماع و الرّوايات و كذا لم يصحّ العتق المشروط على المش بين الاصحاب بل ادعى في المختلف الاجماع عليه كما سيجي ء فيكون متعلّق النّذر ممّا لا يصحّ شرعا فبلغوا و امّا اعتاقه بعد الملك بصيغة اخرى فلم يقصده فلا وجه للحكم بوجوبه و لو فرض ان قصده ذلك فلا ريب في صحّة نذره وجوب الاعتاق عليه بصيغة اخرى و لا يصلح ذلك محلا للنّزاع فالمتجه الحكم ببطلان هذا النذر الّا على الفرض المذكور لكن لم ار في كلام الاصحاب التعرّض لهذا الاحتمال بل الذى في كلامهم ليس الا النزاع في افتقاره الى الصّيغة و عدمه لكن التعرّض لهذه المسألة قليل منهم فلا يظهر اجماع عليه و اذا لم يكن اجماع فلا ريب في توّجه ما ذكرنا و امّا الثّانى فالظاهر على تقدير القول بصحّة النذر هو افتقاره الى الصّيغة كما قواه الشارح اذ غاية ما يمكن ان يقال في توجيه صحّته ان يقال انه قد تعلّق النّذر بكونه حرّا و هو و ان كان ليس من فعله المباشرى لكنه مما يمكنه تحصيل بايقاع سببه و هو صيغة العتق فيكون من افعاله التوليدية و يصحّ تعلق النّذر به بهذا الاعتبار فيجب عليه ذلك لعموم الامر بالوفاء بالنذر و لا يحصل ذلك بصيغة النّذر لما ذكرنا من الوجهين فلا بدّ من تحصيله بايقاع صيغة اخرى بعد الملك اذ لا مانع منه و امّا القول بوقوع العتق بمجرّد صيغة النذر و استغنائه من قاعدة عدم صحّة العتق في غير الملك مع عدم شاهد عليه فلا وجه له نعم الامر في حديث كونه مشروطا اذ لا يظهر لهم دليل على عدم صحّة العتق المشروط الا الاجماع لو كان و الاجماع في النذر مع نقلهم الخلاف في اصله أيضا كما سنشيره اليه فانتظر و لا يخفى ان القول بالصّحة على الوجه المذكور على تقدير اطلاق القصد لا يخلو عن قوة امّا لو كان قصده تعلّق نذره باصل انه حرّ بدون فعل منه او بتحصيله بهذه الصيغة فالمتّجه البطلان كما ذكرنا اولا فتأمل

قوله و ربّما قيل بالاكتفاء هنا إلى آخره

هذا جواب عما ذكرنا من الدليل على عدم وقوع العتق بصيغة النذر فانه عتق في غير الملك بانه يمكن القول بوقوع الملك بعد وقوع سببه من البيع و نحوه انا قليلا نعم تعلّق العتق به بناء على نذرة فلا ينافى الاجماع و الروايات في عدم وقوع العتق في غير الملك و انت خبير بانه لو قام دليل على صحة خصوص هذا النذر و لامكن ارتكاب هذا التعسّف او القول باستثنائه من القاعدة بدون مئونة ارتكاب ذلك و امّا بدون ذلك بل بمجرّد عموم الامر بالوفاء بالنذر فيشكل ذلك بل الظاهر امّا القول بعدم وجوب الوفاء بمثل هذا النذر لكون متعلّقه غير مشروع و ظهور تقييد الاوامر الواردة بالوفاء بالنذر بالمشروع مع اصالة البراءة او القول بوجوب الوفاء به بايقاع الصّيغة بعد الملك و امّا الاكتفاء بالملك الضمنى فبعيد جدّا و مناف لظاهر الرّوايات سيّما صحيحة زرارة السّابقة اذ السّائل انما سئل عن رجل يقول ان اشتريت فلانة او فلانا فهو حرّ و ظاهر ان غرضه ليس الّا السّؤال عن وقوع الحرّية بعد الشراء و حكم عليه السلام بانه لا يعتق الا ما يملك فالظاهر منه عدم وقوع العتق بذلك أيضا انّه لو صحّ الاكتفاء بالملك الضمنى فلم لم يصحّ وقوع العتق بما ذكره السائل فلا بد في الجواب صحّ ان يقول ان مثل هذا العتق لا يقع الا مع النّذر او ما في حكمه و امّا جعل العلة عدم وقوع العتق الا فيما يملك فلا تتفطن ثمّ ان المضف رحمه اللّه قال في الدروس و لو علق العتق بالملك فهو لغو إلا ان يجعله نذرا او عهدا او يمينا و حينئذ ان قال للّه علي إعتاقه ان ملكته فلا بدّ من صيغة و ان قال للّه على انه حر ان ملكته ففى افتقاره الى الصيغة نظر من تصريح الرّواية بالعتق و قطع المحقق بافتقاره الى الصّيغة لئلا يقع العتق في غير الملك الى الصيغة في غيره و الى يضعف

ص: 461

بالملك الضمنى كملك القريب آنا ثمّ يعتق انتهى و مراده بالرواية التى اشار الى التّصريح فيها بالعتق غير ظاهر فان ما وقفت عليه في هذا الباب روايات منها صحيحة التهذيب عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل قال اوّل مملوك املكه فهو حر فورث سبعة جميعا قال يقرع بينهم و يعتق الذى قرع و روايته أيضا عن عبد اللّه بن سليمان قال سألته عن رجل قال اوّل مملوك املكه فهو حرّ فلم يلبث ان املك ستة ابهم يقرع بينهم ثمّ يعتق واحدا و سألته عن رجل يزوج وليدته رجلا و قال اوّل ولد تلدينه فهو حرّ فتوفى الرجل و تزوجها آخر فولدت له اولادا فقال اما من الاول فهو حرّ و امّا من الآخر فان شاء استرقهم و روايته أيضا عن الحسن الصّيقل قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال اول مملوك املكه فهو حرفا صاب ستة قال انما كان نيته على واحد فليختر ايّها شاء فليعتقه و قال الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه الرّوايات هذه الاخبار لا تنافى ما قدمناه من ان العتق لا يصحّ قبل الملك لان الوجه في هذه الاخبار هو ان يجعل الرجل ذلك نذر اللّه تعالى فاذا كان كذلك وجب عليه الوفاء به و لو لم يكن نذرا لم يكن لكلامه المتقدم تاثير و لا لزمه الوفاء به و يجوز ان يكون المراد به اذا اراد الرّجل ان يفى بما قال و ان لم يكن نذرا كيف الحكم فيه انتهى و لا يخفى ان هذه الروايات على تقدير حملها على النذر و عدم حملها على ما ذكره الشيخ اخيرا يمكن حملها على نذر الاعتاق لئلا تنافى الاخبار السابقة و يمكن حمل كلام الشيخ أيضا عليه و على تقدير حملها على ظاهرها من تعلق النذر بكونه حرّ الا الاعتاق فليس فيها تصريح لوقوع العتق بمجرد ذلك بل الرواية الاخيرة صريحة في خلاف ذلك حيث قال فليختر أيهم شاء فليعتقه و كذا الرواية الثانية في اول مملوك فانه قال يقرع بينهم ثمّ يعتق واحدا لكنه في بعض النسخ واحد بدون الالف و حينئذ لا تصريح فيه و اما قوله عليه السلام في آخر الرواية اما من الاول فهو حرّ فهو و ان كان ظاهره وقوع الحرية بمجرد الصّيغة الاولى لكن يمكن حمله على وجوب اعتاقه بمجرّد بقرينة الجزء الاوّل على النسخ المش و لئلا ينافى الرواية المشهورة السّالفة بل الظاهر ان ذلك ليس على سبيل النّذر بل على الاشتراط مع الزوج اى اشترط له ان اول ولد تلدينه منه فهو حر كما وقع التصريح به في صحيحة الحلبى المنقولة في التهذيب قبل تلك الرواية بلا فاصلة و حينئذ فلا اشكال في الحكم بحريته بمجرد الاشتراط و لا يكون مما نحن فيه و على هذا فلا اشكال أيضا فيما حكم به عليه السلام من تخصيص الحرية بما ولدت من الاول اذ الاشتراط انما وقع معه و اما على تقدير الحمل على النذر فيشكل ذلك و يحتاج الى الحمل على ان قصده حرية ما تلده من الزوج المذكور هذا و اما الرواية الاولى الصحيحة فكما يمكن ان يقرأ فيها تعتق الذى قرع على المجرد يمكن ان يقرأ أيضا على انه من باب الافعال فلا تصريح فيها بالعتق بل يحتمل العتق و الاعتاق و يؤيد الثانى مطابقته للروايتين الاخيرتين بل شهرة استعمال يعتق من باب الافعال بخلاف المجرد لقلة استعماله كما يظهر على المتتبع بل الشاهد عند ارادته هو ينعتق من باب الانفعال فالحكم بوقوع العتق بالصيغة الاولى بمجرد تلك الرواية مشكل جدا سيما مع معارضة الرّوايات السابقة خصوصا الاخيرة على ما ذكرنا فتأمل

قوله و لا يجوز تعليقه على شرط

هذا هو المشهور بين الاصحاب و ظاهر ما نقل عن ابن الجنيد و ابن البراج خلافه و انه يجوز تعليقه على الشرط و الصفة فيكون كالتدبير و هو مذهب العامة و رده في المختلف بمخالفة الاجماع و لم ار في هذا الباب نصّا على شي ء من الطرفين لكن لا باس بالمصير الى ما هو المش و لو لم يكن مجمعا عليه لشهرته مع اصالة بقاء الملك الى ان يثبت المزيل له شرعا و اللّه تعالى يعلم

قوله و الا في النذر حيث لا يفتقر الى صيغة

هذا من الشارح اشارة الى استثنائه التعليق على الملك في النذر حيث لا يفتقر الى صيغة كما اذا قال اللّه على انه حرّ ان ملكته على القول به كما مرّ في المسألة السّابقة و قد اشار المصنف رحمه الله أيضا في الدروس الى هذا الاستثناء حيث قال و لا يصح التعليق كقوله انت حر ان فعلت كذا او اذا طلعت الشّمس الا في التدبير المعلق بالوفاة و ما نقلناه من النذر ثمّ قوله نعم لو نذر مربوط بالمتن لا بالشرح و اشارة على ما يشرحه الى استثناء التعليق على الشرط في عتق عبده مع النذر اذا كانت الصيغة انه ان كان كذا فعبدى حرّ و يمكن بناء على ما هو دأب الشارح من جعل المتن و الشرح ككتاب واحد جعله مربوطا بالشرح و قطعه من عبارة المتن بان يكون المراد ان ما ذكرنا من التقييد بقولنا ان قلنا به انما هو في النذر المعلق على الملك كما ذكر في المسألة السابقة و اما لو نذر عتق عبده عند شرط سائغ فينعقد النذر و ينعتق مع وجود الشرط بالصيغة الاولى من غير تردد و اشكال ان كانت الصيغة ان كان كذا فعبدى حرّ و لا يخفى ما في الوجهين من الركاكة و كان الاولى اسقاط قوله و الا في النذر الى آخره هنا من البين و الاشارة الى هذا الاستثناء أيضا الى القول به بعد الفراغ من شرح قوله نعم اه ثمّ انه على الوجهين الظاهر منه انه لا تردد عنده و لا اشكال في انعقاد النذر مع التعليق على الشرط السائغ و لا يخفى انه اذا لم يصح التعليق على الشرط ينبغى ان يحكم مع النذر أيضا بعدم انعقاده لعدم صحة متعلقه فاستثناء النذر لا بد له من دليل الا ان يقال انه لا دليل على عدم صحة التعليق الا الشهرة او الاجماع و هما منتفيان مع النذر لتصريح جماعة من اجلة الاصحاب بصحته معه و عدم نقل خلاف فيه و ان كان كلام جماعة منهم مطلقا خاليا عن الاستثناء المذكور و اذا كان كذلك فلا محيد عن العمل بعموم ادلة وجوب الوفاء بالنذر و ما هو في حكمه و فيه كلام سيجي ء و يمكن أيضا ان يستدل على الصحة مع النذر بحسنة في و التهذيب بإبراهيم بن هاشم عن اسحاق بن عمار و حاله معروف عن ابى ابراهيم عليه السلام قال قلت له رجل كانت عليه حجة الاسلام فاراد ان يحج فقيل له تزوّج ثمّ حج فقال ان تزوجت قبل ان احج فغلامى حرّ فتزوج قبل ان يحج فقال اعتق غلامه فقلت لم يرد يعتقه وجه اللّه فقال انه نذر في طاعة اللّه و الحج احق من التزويج و اوجب عليه من التزويج قلت فان الحج تطوع قال و ان كان تطوّعا فهي طاعة للّه عزّ و جلّ قد اعتق غلامه و قد نقل المحقق هذه الرواية في فع و قال فيه اشكال الا ان يكون نذرا و لا يخفى ان الرواية كالصريحة في انه كان على وجه النذر فلا وقع للاشكال و قال السّيد المحقق نجل الشارح رحمه الله في شرحه و في السند قصور فان راويها و هو اسحاق بن عمار قيل انه فطحى و في المتن اشكال من وجهين احدهما ان ما تضمنته الرواية من اللفظ لا يقتضى الالتزام لخلوه عن صيغة اليمين و النذر

ص: 462

و العهد و يمكن دفعه بان المراد بذلك الاخبار عن الصيغة المقتضية للالتزام كما يدل عليه قوله انه نذر في طاعة اللّه لان هذا اللفظ هو الملزوم و ثانيهما ان المملوك انما يتحرر بصيغة العتق فاذا نذر صيرورته حرّا فقد نذر امرا ممتنعا فحقه ان يقع باطلا نعم لو نذر عتق العبد صح النذر و وجب العتق و حصل التحرر به و لعل المراد بقوله فغلامى حرّ انه حيث صار منذور العتق فكانه قد صار حرّا لان ماله الى الحرية و بالجملة فهذه الرواية قاصرة عن اثبات الاحكام الشرعية و المتجه الرجوع فيما تضمنته الى القواعد المقررة انتهى و لا يخفى ان قصور السند كما ذكره لكن قد عرفت عدم وقع الوجه الاول من وجهى الاشكال في المتن و اما الوجه الثانى فيرد عليه انه يكفى لصيغة العتق انه حر و قد عرفت انه لا دليل على عدم صحة التعليق مع النذر فلا مانع من انعتاقه به و لا يكون نذره نذر امر ممتنع و ما ذكره من التاويل و ان كان ممكنا لكنه خلاف ظاهر الرواية فان ظاهرها وقوع العتق بمجرّد ذلك فلا يصار الى التاويل الا بدليل و ليس فلم يبق الا قصور السند و كانه لا قصور فيه لان الادلة العامة لوجوب الوفاء بالنّذر مع عدم المعارض تكفى للحكم و الرواية تصلح مؤبدا و مؤكدا له و ما ذكره من ان المتجه الرجوع الى القواعد المقررة ففيه ان بعد الحمل على النذر لا رجوع فيه عن القواعد المقررة و كانه رحمه الله غفل عن مسئلة التعليق مع النذر لعدم شهرته في كلام الاصحاب فقال ما قال و هاهنا كلام آخر و هو ان في عموم ادلة النذر بحيث يشمل مثل هذا النّذر تاملا فان المتبادر الشائع من النذر هو ان يكون متعلقه فعلا يصلح بعد النذر للاتيان به و الوفاء بالنذر و لعدمه فيحنث و تجب الكفارة و الروايات الواردة في موارد النذر انما هى فيما هو من هذا القبيل كما يظهر بتصفحها و امّا نذر امر يقع بالنذر لا محالة و لا يمكن حنثه فغير معهود و لم يرد به نصّ صريح و يؤيد ذلك معناه اللغوى على ما هو المش من انه من النذر بمعنى الوعد كما ذكره الشارح في شرح الشرائع و سبق منه في هذا الشرح أيضا فان الوعد انما هو فيما يمكن الوفاء به و عدمه و كون معناه شرعا ما يشمل ذلك مما لم يثبت و على هذا فيشكل التمسّك لصحة مثل هذا النذر بعموم ادلة النذر نعم الرواية المذكورة بظاهرها تدل على صحة هذا النذر و وجوب العمل به لكن يشكل التمسّك بمجرد ذلك مع قصور سندها و الروايات الواردة في العتق المعلق بالملك أيضا كما نقلناها لا تصلح دليلا عليه اذ على تقدير حملها على النذر لا دلالة لها على وقوع العتق بمجرد ذلك كما ذكرنا لكن الظاهر من كلام جماعة من أجلّاء اصحابنا في هذا النذر و امثاله من نذر الصدقة و الاضحية كما سيجي ء شمول النذر لمثل ذلك أيضا و هم اعلم الا انه ما لم يظهر اجماع عليه يشكل التمسك به و لم يظهر ذلك لنا اذ ليس هذه المسائل في كلام كثير منهم و لا يبعد ان يقال في هذه المسألة ان مثل هذا النذر و ان لم يكن من الافراد المعهودة النذر لكن يصلح مؤكدا لما تعلق به اذا كان متعلقه مما يقع بما اوقعه كالعتق في مثالنا هذا و حينئذ نقول اذا لم يثبت الاجماع على عدم صحة العتق المشروط مع ضم مثل هذا النذر فيمكن التمسّك لصحته بالعمومات الواردة في العتق و ان لم يظهر مستندهم في استثنائه من القاعدة المذكورة لما عرفت من عدم ظهور دليل لهم على القاعدة أيضا الا الاجماع فاذا لم يثبت الاجماع في هذه الصورة فعمومات العتق تصلح سندا للحكم بصحّته و الرواية المذكورة تصلح مؤيدا و مؤكدا له هذا و يمكن أيضا تأييده بصحيحة التهذيب و الفقيه عن محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سألته عن الرجل تكون له الامة فيقول يوم يأتيها فهي حرة ثمّ يبيعها من رجل ثمّ يشتريها بعد ذلك قال لا باس بان يأتيها قد خرجت عن ملكه فان تعليله عليه السلام عدم الباس بخروجها عن ملكه يشعر بانه لو لا ذلك لكان اتيانها سببا للعتق و ليس كذلك على القول بعدم صحة التعليق على الشرط فمن قال به لا بد له من حمله على النذر اذ لم يقل احد باستثناء شي ء آخر الا ان يحمل على النّذر و يؤوّل بمثل ما اوّل السّيد المحقق الحديث الاول بان يحمل قوله

فهي حرّة على انها منذورة الاعتاق لكن قد عرفت انه خلاف الظاهر فلا يصار اليه الا بدليل فتدبّر و مما تلونا عليك ظهر انه لو اتى بصيغة العتق أيضا بعد حصول الشرط عند نذر كذلك لكان احوط خروجا من مخالفة ظاهر هو اطلاق كلام جمع من الاصحاب و من مخالفة هذا السيّد المحقق و اللّه تعالى يعلم و لا يخفى انه على تقدير القول بعدم صحة العتق المشروط مطلقا حتى في النذر القول بوجوب الوفاء بالنذر باجراء الصيغة بعد حصول الشرط لا يخلو عن قوة لما ذكرنا في المسألة السّابقة من انه اذا تعلق النذر بكونه حرّا على تقدير الشرط و قد حصل الشرط و لا يحصل المنذور بمجرّد الصّيغة الاولى بناء على فرض القول المذكور و امكنه الوفاء بصيغة اخرى فيجب على ذلك عملا بعموم وجوب الوفاء بالنذر مع الامكان و اما القول بالبطلان على ما نقلنا من السّيد المحقق المذكور بناء على ان منذوره امر ممتنع فضعيف جدّا اذ لا امتناع فيه بعد امكان الاتيان بصيغة يوجب ذلك و ربما امكن اللّهمّ الا ان يقصد في النذر حصول الحرّية بمجرّده اذ حينئذ على القول المذكور يتجه الحكم بالبطلان و لو فرض ان نذره هكذا للّه علىّ عتقه ان كان كذا فالظاهر حينئذ تعين القول بوجوب الوفاء به بعد حصول الشرط باجراء صيغة العتق و التقريب فيه أيضا ما ذكرنا من عدم حصول العتق بالصيغة الاولى و امكان الوفاء به بصيغة اخرى فيجب ذلك عملا بعموم ادلة النّذر اللهمّ الا على العقد المذكور هذا اذا قلنا بتعيّن صيغة التحرير في العتق و عدم حصوله بقوله انت عتيق او معتق و لو قلنا بكفاية ذلك أيضا فيمكن القول فيه أيضا بصحة العتق بمجرد صيغة النذر عند حصول الشرط و لا يخفى ان ما نقلنا من السيّد المحقق من انه لو نذر عتق العبد صح النذر و وجب العتق و حصل التحرر به و لو كان المراد به هذه الصّورة كما هو ظاهر كلامه فالحكم به بما ذكروه و ان كان متجها لكن يتوجه عليه ان التفرقة بينه و بين ما لو نذر كونه حرّا لا وجه له بل المتجه فيه أيضا على فرض القول بعدم صحة العتق المشروط حتى مع النّذر وجوب الاعتاق بصيغة اخرى و لو حمل كلامه على نذر الاعتاق فحينئذ صح ما ذكره و لا يتوجه عليه ما ذكرنا من عدم صحة التفرقة اذ لا شك ان مع نذر الاعتاق المشروط يصح النذر و يجب الاعتاق عند حصول الشرط فتأمل

قوله و المطابق للعبارة الاول

و لا يبعد حملها على الثانى أيضا بان يكون من قبيل ذكر اللازم و ارادة الملزوم و كان قوله سابقا و الاقرب صحة مباشرة الكافر للعتق و لذا قول الشارح و لان العتق ازالة تلك و كذا قوله فيما يأتى و يستحب عتق المؤمن و يكره عتق الفاجر من هذا القبيل و نظائر هذا كثيرة في كلام غيره أيضا كما قال العلامة رحمه الله

ص: 463

في القواعد و لو نذر عتق كل عبد له قديم لزمه اعتاق من مضى في ملكه ستة اشهر و ناهيك قول الشارح في هذه العبارة و وجب عتقه فلا استبعاد في حمل تلك العبارة أيضا عليه فافهم بل لا يبعد ان يدعى ان الظاهر من عبارة المتن حملها على انعقاد النذر و وجوب صيغة اخرى في صورة نذر الاعتاق او العتق على ما ذكرنا في الحاشية السابقة اذ لو كان المراد منها صحة التعليق مع النذر على ما حمله الشارح لكان الظاهر ان يقال و الا مع النذر و كما قاله الشارح فلا وجه لتغيير الاسلوب و تطويل الكلام في مثل هذا المختصر و حينئذ يكون حكم ما ذكره الشارح من الصيغة الاولى مسكوتا عنه في كلام المصنف هنا و ان كان الظاهر على ما نقلنا عنه في الدروس قوله فيه بالصحة و اما حمل كلامه على انعقاد النذر و وجوب الاتيان بصيغة اخرى حتى في هذه الصّورة فهو و ان احتمله العبارة لكنه يخالف ما نقلنا عنه في الدروس لانه اذا قال بصحة العتق بالصيغة الاولى على تقدير التعليق بالملك فيتعين عليه القول بالصحة كذلك مع الملك و التعليق على شرط آخر بالطريق الاولى هذا و لا يخفى انه اذا حمل عبارة المتن على انعقاد النذر و وجوب الاتيان بصيغة اخرى فيما ذكرنا من الصّورتين اى صورة نذر الاعتاق او العتق على ما ذكرنا فلا باس باضافة ما استثناه الشارح بقوله و الا في النذر و لا يخرج الكلام من الانتظام فافهم

قوله و مثله القول فيما اذا نذر ان يكون ماله صدقة إلى آخره

لا يخفى ان الحكم بانتقال الملك عنه بمجرد حصول الشرط في الاولين لا يخلو عن اشكال لما ذكرنا في المسألة السّابقة ان النذر و ما في حكمه لا بد من تعلقه بفعل الملتزم و كونه صدقة او لزيد ليس من فعله فينبغى ان يلغوا النذر و لو قيل ان معنى انه لزيد او صدقة و جعله لزيد او صدقة اى نقله من ملكه الى ملك زيد او المستحقين او اللّه تعالى و هو فعله فيصلح متعلقا للنذر فيرد عليه في المثال الثانى ان نقل الملك الى شخص خاص لا بدّ له عندهم من صيغة من الصيغ المقررة و لم يتحقق هاهنا شي ء منها فنذر نقله اليه بدون شي ء منها نذر امر ممتنع شرعا فيلغو و يمكن دفعه بان الصّيغة المنذورة أيضا تصلح سببا للنقل فيحكم بصحته بناء على عموم ادلة وجوب الوفاء بالنذر و ما في حكمه و يشكل بان الصيغة المذكورة لا تصلح الا للايجاب اذ لا تفيد الا ذلك و لا خلاف بينهم في سائر صيغ الانتقالات في اشتراط القبول أيضا فيمكن في حقه القبول كما اذا كان المنتقل اليه شخصا معيّنا او اشخاصا معيّنا و الظاهر جريان متمسّكهم فيه هاهنا أيضا اذ لا يظهر دليل على استثناء هذه الصيغة عنها و ادلة وجوب الوفاء لا تدل عليه اذ لا يستفاد منها الا وجوب وفاء الملتزم بالفعل الذى التزمه اى الاتيان به او العمل بما هو من مقتضياته و كون الانتقال هاهنا من مقتضيات ما فعله غير ظاهر فان ما فعله ليس الا الايجاب و هو بمجرّده لا يقتضى الانتقال الا ان يدل دليل عليه و ليس فليس و بالجملة فالظاهر ان الحكم بانتقال شي ء الى احد بمجرّد صيغة صادرة من غيره بدون قبوله و رضاه مناف لقواعدهم فلا يصار الا بدليل و اما في المثال الاول فيرد ان ايجاب الصدقة و ان كان لا يحتاج الى صيغة خاصة و يكفى فيه كل قول او فعل دالّ عليه لكن لا بدّ فيها من القبول و القبض أيضا كما صرحوا به و لم ينقلوا فيه خلافا فنذر صيرورته صدقة بمجرد الايجاب و القبول و القبض نذر امر ممتنع و استثناء النذر من القاعدة و الحكم بعدم اشتراطهما فيه تحتاج الى دليل و ليس الا ان يتمسّك بعمومات الوفاء بالنذر و قد عرفت ما فيه و انه لا يستفاد منها الا وجوب وفاء الملتزم بالفعل الذى التزمه اى الاتيان به او العمل بما هو من مقتضياته و كون الانتقال هاهنا من مقتضيات ما فعله غير ظاهر فان ما فعله ليس الا الايجاب و هو لا يفيد الانتقال بدون القبول و القبض عندهم او يقال يسقط اعتبار القبول فيه لعموم المستحق و عدم امكان القبول من الجميع و اعتبار قبول بعضهم ترجيح بلا مرجح مع عدم اختصاصها به كما قيل في الوقف العام و الوصية لقوم غير محصورين و يشكل هذا أيضا باصالة بقاء الملك الى ان يثبت المزيل و لم يثبت ذلك بدون القبول و ما ذكر من الدليل على عدم اعتبار القبول فيه انما يتم لو قام دليل على صحة مثل هذا التصدق حتى يلزم منه و من عدم دليل امكان اعتبار القبول فيه عدم اعتباره و ليس لنا دليل على ذلك فعدم امكان اعتبار القبول فيه مع اعتبارهم له في العقد لم لا يكون دليلا لعدم صحته و يكون دليلا لسقوط اعتبار القبول فيه و هذا بخلاف الوقف و الوصية لوجود الادلة العامة فيهما على صحتهما لجهة عامة على انه يرد على الدليل المذكور انه يجوز اعتبار قبول البعض لمعنى انه اذا اتفق قبول بعضهم ملكه و متى لم يتحقق قبول احد منهم يبقى على ملك مالكه و ليس فيه ترجيح بلا مرجح هذا مع ذهاب بعضهم الى اعتبار قبول الحاكم في الوقف و الوصية العامين فيحتمل ذلك هاهنا أيضا و بالجملة فالاصل بقاء الملك ما لم يعلم المزيل فما يعلم ذلك الحكم بانتقال الملك عنه و صيرورته صدقة بمجرد هذا النذر في غاية الاشكال و لا يخفى ان هذا كله يجرى في القول بسقوط اعتبار القبض أيضا و رده هذا كله اذا قلنا بصحة تعلق النذر بكل فعل مقدور للناذر في الجملة و ان حصل بسبب النذر رتبة و لا يجرى الحنث فيه اما لو قلنا بانه لا بد ان يكون متعلقه فعلا يصلح للاتيان به و عدمه و يجرى فيه الوفاء و الحنث كما اذا قلنا في المسألة السابقة انه المعهود من النذر فيسقط التمسّك بعمومات النذر في المثالين رأسا كما لا يخفى نعم في المثالين اذا اطلق القول فيهما و لم يقصد كونه صدقة او

لزيد بمجرّد ذلك النذر لا يبعد على قياس ما ذكرنا في العتق المشروط ان لا يحكم بالبطلان رأسا بل يحكم بوجوب التصدّق او الاعطاء عليه بذلك بناء على ان كونه صدقة او لزيد و ان لم يكونا فعلا مباشريا له لكنه يمكنه فعلهما بفعل سببهما فيكونان من افعاله التوليدية و يصح تعلق النذر بهما فيجب عليه بادلة وجوب الوفاء التصدّق او الاعطاء اللذان يصيران سببا لهما و يرجع النذر الى نذورهما و لا ينتقل عن ملكه الا بهما فتأمل و اذ قد سمعت ما تلوناه عليك فاعلم او مقتضى القواعد في المثال الثانى انه ان قصد به صيرورته بمجرّد ذلك ملكا لزيد فالظاهر البطلان فان تلك الصّيغة لو صلحت لا تصلح الا للايجاب و هو بمجرده لا يصير سببا لذلك بدون القبول مع ان في شمول النذر لمثل ذلك تامّلا و ان كان قصده حصول الايجاب به فان قلنا بشمول النذر لمثل ذلك فيحتمل انعقاده بناء على ما ذكرنا من احتمال حصول الايجاب به مع النذر و حينئذ فلا يزول ملكه عنه و لا ينتقل الى زيد بمجرّد ذلك بل يحتاج فيه الى القبول أيضا فان قبل انتقل اليه من حينه بناء على القول بكونه جزء السّبب او من حين الايجاب بناء على جعله كاشفا و ان لم يقبل انحل النذر و يحتمل البطلان بناء على انه ليس من الصيغ المعهود

ص: 464

لإيجاب الانتقال و في مثله ان قلنا بان النذر لا بدّ من تعلقه بما يمكنه فعله بعده و عدمه فيحكم بالبطلان لانه على هذا ليس من موارد النذر و ان اطلق ذلك اسباب و لم يقصد شيئا منهما بل انما قصد مجرّد كونه ملكا لزيد فيحتمل البطلان لان متعلق النذر لا بد ان يكون فعلا له و كونه ملكا لزيد ليس فعلا له و يحتمل الصحة لانه و ان لم يكن فعلا مباشريا له لكنه يمكنه فعله بفعل سببه فيكون من افعاله التوليدية و يصح تعلق النذر به فيجب عليه بادلة وجوب الوفاء الاعطاء الذى يصلح سببا له فيصير بمنزلة نذر الاعطاء و الظاهر عندى ان في هذه الصيغة أيضا يمكن ان يكون قصده اعطائه لزيد فان كان كذلك فظاهر انه ينعقد و يحتاج الى صيغة اخرى للانتقال من الصّيغ المعهودة و لا اشكال فيه و ان لم يتذكر قصده و انما تذكر مجرّد تلفظه بذلك فيحتمل عدم لزوم شي ء لاحتمال البطلان و اصالة البراءة معه و ان لم يجب عليه الاعطاء بناء على وجوب حمل فعله على الصحة و هو احوط و امّا المثال الاول فان قصد به صيرورته صدقة بمجرّد ذلك فان لم يشترط في الصّدقة العامة القبول و القبض فينعقد و يزول ملكه عنه و ان اشترطا فيه ايضا فيحكم بالبطلان لانه حينئذ بمجرده لا يصلح لان يصير به صدقة و ان قصد به حصول الايجاب بذلك فينعقد و يحتاج في زوال الملك و صيرورته صدقة على القول باشتراطهما الى القبول و القبض أيضا اما من الحاكم او ممن اتفق من المستحقين كما سبق من الاحتمالين و لعل الثانى اولى هذا ان قلنا بشمول النّذر لما يحصل به و ان قلنا بانه لا بد ان يكون متعلقه ما يمكنه فعله بعده و عدمه فيحكم بالبطلان في الصّورتين و ان اطلق و لم يقصد شيئا منهما بل انما قصد مجرّد كونه صدقة ففيه الوجهان البطلان و رجوعه الى نذر التصدق على قياس ما ذكرنا في المثال الثانى و الظاهر عندى انه يمكن أيضا في هذه الصيغة ان يكون قصده نذر التصدق به بل كثيرا يستعمل فيه فان كان قصده ذلك فلا ريب في انعقاده و احتياجه الى الايجاب بعده و كذا القبول ان جعلها خاصة و ان جعلها عامة فيبنى على اشتراطهما في الصّدقة العامة و عدمه و ان لم يتذكر قصده فيحتمل الوجهين كما ذكرنا في المثال الاول فتأمل و اعلم ان الحكم بما ذكره الشارح رحمه الله في المثال الثانى لم اره في كلام غيره و لا في كلامه في غير هذا الشّرح و يظهر من المصنف رحمه الله في الدروس تردّده فيه كما سننقله و لم ار من تعرض له غيرهما و اما المثال الاول فمن راينا انه تعرض له هو الشارح في هذا الشرح هاهنا و كذا في بحث التدبير و كذا في شرح الشرائع في كتاب الصّيد و الذبائح كما سننقله و كذا العلامة رحمه الله في كتاب الزكاة من عد حيث قال لا تجب الزكاة في المبذور التصدق به و اقوى في السقوط ما لو جعل هذه الاغنام ضحايا او هذا المال صدقة انتهى فان كونه اقوى كما سننقله من صاحب المدارك ليس الا للحكم بخروجه بذلك النذر عن ملكه و كذا المصنف رحمه الله في البيان حيث قال و لو جعل النصاب صدقة او اضحية بالنذر خرج عن الملك سواء قارن النذر الجعل او نذر مط ثمّ عيّن عن الاضحية و كذا صاحب المدارك حيث انه عند قول مصنفه المحقق لو نذر الصّدقة بعين النصاب انقطع الحول لتعينه للصدقة قال نذر الصدقة بعين النّصاب اما ان يكون بعد الحول او في اثنائه و في الأول يجب اخراج الزكاة و التصدّق بالباقى قطعا و في الثانى ينقطع الحول لما ذكره المصنّف من تعينه للصدقة و امتناع التصرف فيه بغيرها و اولى منه لو جعلها صدقة بالنذر لخروجه عن ملكه بمجرّد النّذر فيما قطع به الاصحاب انتهى هذه هى العبارات هى التى رايناها في هذا الباب المشتملة على الحكم و ان كان كلام الاصحاب صاحب المدارك لا يخلو عن شوب تردّد و امّا ما ذكره العلّامة في بحث النذر حيث قال و امّا صيغة النذر فان يقول ان عافانى اللّه مثلا فللّه علىّ صدقة او صوم او غيرهما و هو امّا نذر لجاج و غضب او نذر بر و طاعة فالاول ان يقصد منع نفسه عن فعل او يوجب عليها فعلا فالمنع ان دخلت الدّار فمالى صدقة و الايجاب ان لم ادخل فمالى صدقة و الثانى اما ان يعلقه بجزاء اما شكر نعمة

مثل ان رزقنى اللّه ولدا فمالى صدقة او دفع نقمة مثل ان تخطأ في المكروه فمالى صدقة او لا يعلقه مثل مالى صدقة ففى هذه الاقسام الاربعة ان قيد النّذر يقوله للّه علىّ انعقدوا لا فلا انتهى فقوله في الامثلة فمالى صدقة و ان كان يوهم أيضا نذر كونه صدقة لكن لا عبرة بذلك الايهام اذ لا يبعد حمله على نذر التّصدق الذى هو الشّائع في النذر بل الشائع في استعمالاتهم أيضا هو ذلك و يؤيد ذلك انه يبعد حمله في بيان ماهية النذر على ذلك النذر النادر الوقوع و كذا ما ذكره الشيخ رحمه الله في المبسوط على ما نقله في السرائر حيث قال النذر على ضربان نذر تبرر و طاعة و نذر لجاجة و غضب فالتبرر ان يعلقه باسداء نعمة او دفع بلية و نقمة فاسداء النعمة ان يقول ان رزقنى اللّه ولدا او عبدا فمالى صدقة و ان رزقنى الحج فعليّ صوم شهر و دفع النقمة ان يقول ان شفى اللّه مريضى او خلصنى من هذا الكرب او دفع عنى شرّ هذا الظالم فعلى صدقة مال او صوم شهر فاذا وجد شرط نذره لزمه الوفاء به بلا خلاف لقوله عليه السلام من نذر ان يطيع اللّه فليطعه و من نذر ان يعصيه فلا يعصيه غير انا نراعى ان يقول ذلك بلفظ للّه علىّ كذا لان ما عدا ذلك لا ينعقد به نذر و لا تلحقه كفارة انتهى ما نقله في السرائر فقوله فمالى صدقة و ان كان يوهم أيضا نذر كونه صدقة لكن الظاهر كما ذكرنا في شرح عبارة عدّ ان المراد به نذر المتصدق لما ذكرنا فيه و يؤيده قوله ثانيا فعلى صدقة مال الظاهر في التصدّق فان في التصدّق فان الظاهر ان تغيير العبارة لمجرّد التفنّن لا انه اتى بمثالين اذ لا وجه لتخصيص كل من الضّربين باحدهما مع جريان كل منهما في كل من الضّربين من غير اشارة الى ذلك و أيضا قوله بعدهما لزمه الوفاء فان الظاهر من الوفاء هو الاتيان بما التزمه و عدم الحنث الموجب للكفارة لا مجرّد العمل بمقتضاه و ظاهر ان الوفاء بهذا المعنى انما هو في نذر التصدّق و اما نذر كونه صدقة فعلى تقدير انعقاده يصير به صدقة و لا يمكن الحنث نعم يمكن منعه عن المستحق و اخذه ظلما و هو و ان كان حراما لكنه ليس بحنث و لا يوجب كفارة و يؤيده أيضا قوله في آخر كلامه و لا تلحقه كفّارة فان ظاهره لحوق الكفارة في كل نذر منعقد عند حنثه و قد عرفت ان في صورة انعقاد نذر كونه صدقة لا يمكن الحنث و لا تلحقه كفارة و يؤيده أيضا استدلاله بما نقله من الحديث فان الظاهر من نذر ان يطيع اللّه هو نذر فعل طاعة بعد النذر لا طاعة وقعت بسبب النذر و كذا في نذر ان يعصيه و لا يخفى ان التمسّك بمجرد ايهام هذا القول في كلامه مع ما ذكرناه من الشواهد على خلافه و الاستدلال به على وقوع الاجماع على انعقاد المثال الثانى كما ينقل عن بعض اهل عصرنا مما لا يستحق ان يصفى اليه هذا مع ان عبارة المبسوط بعد ما نقلنا عن السّرائر هكذا و اما نذر اللجاج و الغضب فالذى معناه معنى اليمين ان يمنع نفسه به من شي ء

ص: 465

او يوجب عليها فعل شي ء فالمنع ان يقول ان دخلت الدّار فمال صدقة او علىّ صوم شعبان و الايجاب ان يقول ان لم ادخل الدار و ان لم اكلم فلانا فمالى صدقة او فعليّ صوم سنة و اذا وجد شرط نذره فما الذى يلزمه اختلف الناس فيها على ستة مذاهب ذكرناها في ف فعندنا انه متى قال ذلك بلفظ للّه علىّ فانه يلزمه الوفاء به و ان خالفه لزمته كفّارة النّذر على ما يعينه و قال بعضهم هو بالخيار بين الوفاء بنذره و بين ان يكفر كفارة يمين و قال بعضهم كفارة يمين و قال بعضهم يمين لا غير و لا يخفى على المتامل ان ما ذكره في بيان ما يلزمه على مذهبنا من انه متى قال ذلك بلفظ للّه على فانه يلزمه الوفاء به و ان خالفه لزمته كفارة النذر كالصريح في ان مراده بمالى صدقة و هو نذر التصدق على فرض نذر الصيام ليكون الحكم فيهما على مذهبنا في المثالين ما ذكره اذ لو كان المراد به نذر الصدقة لكان عليه ان تبين ان ما ذكره حكم نذر الصيام و اما نذر الصدقة فحكمه ان يصير به صدقة بتّة و لا يجوز صرفه في غيرها و لكن لا كفارة فيه و كانّ من رفض اللجاج و العناد و له دربة بطريقتهم و دأبهم لا يبقى له ريب فيما ذكرناه ثمّ عبارته بعد ما نقلنا فيما عندنا من نسخته هكذا فاذا تقرر ذلك لم يخل ما يعلقه به من ثلاثة احوال اما ان يعلقه بصدقة مال او عبادة غير الحج او بالعتق و الطلاق او بالحج فان علقه بصدقة مال كقوله للّه على ان اتصدق بمالى او بعبادة غير الحج كقوله فعلى الف ركعة او صوم شهر فهو بالخيار عندهم بين الوفاء و بين كفارة يمين و عندنا يلزمه الوفاء به و ان خالفه لزمته كفارة النّذر على ما سنبينه و ان علقه بالطلاق و العتق فعندنا لا يقعان و ان حصل الشرط و عندهم يقع و ان علقه بالحج فقال للّه على حجّه فعندنا يلزمه الوفاء به فان عينه في سنة بعينها و خالف وجب عليه كفارة النذر و انحل النذر و ان اطلقه لا ينحل و وجب عليه الوفاء به و عندهم مثل سائر العبادات يكون مخيرا بين الوفاء و كفارة اليمين و قال بعضهم يلزمه الوفاء به و لا يجزيه الكفارة لان الحج يجب بالدخول فيه فلزم الوفاء به اذا علقه بالنذر و ليس كذلك سائر العبادات عند هذا القائل و لا يخفى ان ظاهر قوله و ان علقه بالطلاق و العتق فعندنا لا يقعان و ان حصل الشرط عند عدم انعقادهما مع ضم للّه علىّ أيضا كما في سابقه و لاحقه فان اشتراط ضمه عندنا قد ذكره اولا في الجميع و على هذا فيفهم منه عدم انعقاد هذين النذرين عندنا الظاهر في الاجماع او الشهرة و انت خبير بانه لا يظهر له وجه في العتق سوى ما ذكرنا من الاشكال في انعقاده باعتبار عدم صحة العتق المشروط عندهم فينبغى ان لا يصح نذره أيضا او ما ذكرنا من ان النذر لا بدّ له من تعلقه بما يصح الاتيان به و بعدمه و نذر العتق اى نذر انه حرّ على تقدير كذا ليس كذلك و غاية ما يمكن ان يقال في توجيه كلامه لو لم يرد هذا ان تخصيص العتق او الطلاق ببيان ذكر حكمه بلا ضم للّه علىّ مع ان ذكر اولا اشتراطه في الجميع هو شهرة جميع صحة اليمين بهما عند العامة و عدم صحتها عندنا فلذا افردهما بالذكر و ربما توهم متوهم ان كلامه في اوائل هذا الفصل صريح في وقوع الطلاق المشروط مع النذر فيجب حمل كلامه هاهنا على هذا و ذلك لانه قال اليمين بالطلاق عندنا باطلة غير منعقدة بحال فعلى هذا يسقط عنا جميع الفروع التى يتفرع على من اجاز ذلك لكنا نذكرها لانها ربما تعلق بذلك نذر فان الحكم يجرى عليه على ما يقولونه في اليمين بها سواء اذا قال لزوجته انت طالق ان تزوّجت عليك فقد على اطلاق زوجته بصفة ان يتزوجها عليها فان تزوّج نظرت فان لم تكن مطلقة طلقت عندهم لوجود الصفة و ان كانت مطلقة رجعية فكك لانها في معانى الزوجات و ان كانت بائنا لم يقع لانها بائن لا يلحقها الطلاق و هل ينحل اليمين ام لا و نقل عن بعضهم انحلالها بعد صيرورتها بائنة و عن بعضهم ان هذا غلط لانه قال ان تزوّجت عليك و التزويج عليها انما يكون اذا كانت زوجة فامّا اذا بانت فلا يكون تزوّج عليها بلى ان قال

ان تزوجت فانت طالق فتزوج بعد ان ابانها انحلت اليمين لانه اطلقها و لم يقل عليك و عندنا ان علق بذلك نذرا بان يقول ان تزوّجت عليك فللّه على كذا فتزوّج عليها قبل ان يطلقها او في طلاق رجعى قبل الخروج من العدة لزمه و ان تزوّج بعد البينونة فلا يلزمه بحال و ان اطلق فقال ان تزوجت و لم يقل عليك لزمه متى تزوّج ما نذر انتهى و هو صريح فيما ذكر و فيه انه لا صراحة فيه فيما ذكر لانه لم يذكر في النذر عند بيان حكمه عندنا طالق بل قال فعلى كذا فيمكن ان يكون مراده جريان ما ذكروه عندنا مع النذر اذا كان الجزاء مما يقبل التعليق لا خصوص الطلاق و على هذا فلا يدل على ما ذكر بل ربما كان تغيير انت طالق التى وقع في كلامهم الى ما ذكروه من قوله فعلى كذا اشارة الى عدم صحة المثال المذكور عندنا هذا و اعلم ان هذا الكلام منه الذى نقله في السرائر الى آخر ما نقلنا انما وقع منه في كتاب اليمين و ليس في النسخة التى عندنا كتاب النذر حتى تنظر فيه عسى ان يظهر منه حقيقة الحال في مذهبه و اللّه تعالى يعلم و هذا الكلام وقع في البين فلنرجع الى ما كنا فيه من نقل الاقوال فيما ذكر من المثال فنقول و يظهر من المصنف في الدروس التردد في المثالين فانه قال في صورة ما اذا اطلق الناذر قدرا في الذمة او شيئا معينا انه لو ابراء المستحق او وهبه المعيّن قبل قبضه او اعتاض عنه امكن الصحة ان كان صيغة نذره ان لفلان علىّ كذا او له الدابة المعينة ان قلنا بالملك القهري و جوّزناه و ان نذر الصدقة عليه او الاهداء اليه او الايصال لم يجر الابراء و الهبة و الاعتياض عنه نعم له المطالبة به على التقادير و قال أيضا لو عين شاه فنمت تفرع النماء على التمليك او التصدق فيملكه المنذور له ان قلنا بالملك القهري و قال أيضا و لو جعل المال صدقة بالنذر ففى خروجه عن ملكه تردد من اجرائه مجرى الوقت العام ام لا و قطع الفاضل بالخروج و لا يخفى ان هذه كلها صريحة في تردّده في الخروج عن ملكه بمجرد ذلك و لا يخفى أيضا انه في صورة جعل المال صدقة بالنذر نسب القطع بالخروج الى الفاضل و في المدارك نسب القطع بذلك الى الاصحاب الظاهر في الجميع او المعروفين منهم و الصواب ما في الدروس اذ لم يظهر القطع بذلك على ما راينا في كلام من تقدم على المصنف رحمه الله غير الفاضل بل كلام س دليل على فساد ما في المدارك لان مصنفه اعرف بمذاهب الاصحاب فلو كان القطع بذلك مجمعا عليه او مشهورا بين الاصحاب لكان عليه ان ينقله كذلك لا ان ينسبه الى خصوص الفاضل و يظهر أيضا و منه من تردّده أيضا انه لم يحمل كلام المبسوط على مقتضى الايهام المذكور بل على ما حملنا و الا لكان عليه اما القطع بذلك بناء على ما نقله الشيخ من عدم الخلاف و لو لم يقطع بذلك بناء على عدم العمل بالاجماع المنقول بخبر الواحد فلا اقل من ان ينقل فيه نقل الاجماع من الشيخ و هذا كله ظاهر لمن تتبع كلامه و كلام امثاله و لا يخفى أيضا انه على ما نقلنا عن السّيد المحقق

ص: 466

في العتق من الحكم بالبطلان الظاهر ان يقول هاهنا أيضا في المثالين بالبطلان بمثل ما ذكره بل بطريق اولى امّا في الثانى فلان كونه حرّا صيغة العتق بخلاف كونه ازيد فانه ليس من الصيغ المعهودة لذلك و على تقدير كونه منه فلا يفيد الا الايجاب و هو لا يكفى للانتقال و اما في المثال الاول فلان العتق لا ريب في عدم احتياجه الى القبول بخلاف الصّدقة و لاحتياجها الى القبول و القبض و استثناء الصدقة العامة من الحكم ليس له دليل ظاهر لكن ليس هذه المسألة في كلامه و لا يخفى أيضا ان كلام الشارح في شرح الشرائع في كتاب الصّيد و الذبائح كما سننقله صريح في وجود الخلاف في الاضحية و اذا وجد الخلاف فيه فالظاهر في وجوده في المثالين أيضا لاتحاد الماخذ بل بطريق اولى على ما ذكرنا و قال المحقق الاردبيلى رحمه الله في شرح د عند قول مصنّفه العلامة و اذا نذر اضحية معينة زال ملكه عنها يعنى اذا عين في نذره فردا مشخّصا جزئيا حقيقيا للاضحية يعنى ليذبح في زمان مخصوص للعبادة المخصوصة زال ملكه عنها فاما ان ينتقل الى الفقراء المستحقين لها او الى اللّه تعالى لانه نذر ذبحه فيجب التصدق به فخرج عن ملكه و فيه تامّل لان وجوب الذبح بالنّذر لا يستلزم وجوب التصدق و خروجه عن ملكه نعم يجب عليه ذبحه و اخراجه عن ملكه و التصدق به اذا قصد في النذر التصدق به و الا فتجرد جعل نذره اضحية لا يستلزم وجوب التصدّق به فضلا عن الخروج عن الملكية و لهذا قال فيما بعد و لا يسقط استحباب الاكل من المنذورة اذ لو كان خارجا عن ملكه او كان يجب التصدق به لم يكن الاكل منه مستحبّا و لعله لعدم جواز التصرّف فيه تصرّف الملّاك و اشرافه على الخروج عن الملك حيث يجب ذبحه و التصدق به قال زال ملكه عنه فكان حاصل نذره انه يفعل بالشاة المعينة مثلا ما يفعل بالأضحيه المستحبّة فيجب ذبحه و التصدق به في الجملة و لا يبعد حينئذ وجوب الاكل ان ادخله و الا يبقى على استحبابه فتأمل انتهى و لا يخفى ان تامّله في خروجه عن ملكه متجه و كان ما ذكره في وجهه يرجع الى وجوه ثلاثة احدها ان النذر المذكور لا يقتضى وجوب التصدق بجميعه الا ان يقصد ذلك لجواز صرف بعض الاضحية في الاكل و بعضها في الاهداء فبمجرد جعله اضحيّة كيف يمكن الحكم بخروجه بتمامه عن ملكه و دخوله في ملك المستحقّين و ثانيها انه لو دخل في ملك المستحقين لا يمكن الحكم باستحباب الاكل منه على ما فعلوه لحرمة التصرّف في ملك الغير بدون اذنه فكيف يكون مستحبّا هاهنا و ثالثها انه لو سلم وجوب التصدق به فذلك لا يقتضى الا خروجه عن ملكه بعد الذبح و التصدق لا خروجه بمجرّد النذر قبلهما اذ لا منع من وجوب صرف شي ء في مصرف و عدم خروجه عن الملك قبل صرفه فيه كما لو نذر ان يتصدّق الا به و الاصل بقاء الملك الى ان يثبت المزيل نعم النذر المذكور يقتضى عدم جواز بيعه و ابداله و اما خروجه عن ملكه بمجرّده فلا هذا و قد ذكر الشارح رحمه الله في شرح الشرائع ما يندفع به الوجوه المذكورة فلا باس ان ننقله و نتكلم عليه فنقول انه قال فيه في كتاب الصّيد و الذّباحة عند قول مصنّفه و اذا نذر اضحية معينة زال ملكه عنها لما كانت الاضحية من الطاعات المتقرب بها كان نذرها منعقد الوجود المقتضى له و لازمه انه مع تعيينه اياها في حيوان مخصوص يزول ملكه عنه لتعينها للذبح و التفرقة على الوجه المط منها شرعا المنافى لبقاء الملك فلا ينفذ تصرّفه فيها ببيع و لا هبة و لا ابدالها بمثلها و لا بخير منها و قد روى ان رجلا قال للنّبى صلّى اللّه عليه و آله يا رسول اللّه انى اوجبت على نفسى بدنة و هى تطلب منى بنوق قال انحرها و لا تبعها و لو طلبت بمائة بعير و عن علىّ عليه السلام انه قال من عين اضحية فلا يستبدل بها و ذهب بعض الى عدم زوال ملكه عنها حتى يذبح و يتصدّق باللحم و له بيعها و ابدالها كما لو قال للّه علىّ ان اعتق هذا العبد فانه لا يزول ملكه عنه الا باعتاقه و قد اشرنا الى الفرق بين الامرين في هذا و نظائره فيما سلف فان نذر الاضحية يقتضى صيرورتها حقا لمن لا يستحقّ لحمها كما لو نذر ان يكون ذلك الحيوان صدقة بخلاف ما لو نذر ان يعتق او يتصدّق فان

المستحق عليه هو ايقاع العتق على ماله او الصدقة فالمنذور ليس هو المال بل الصيغة الواقعة عليه فلا يخرج عن ملكه بدونها انتهى و لا يخفى انه لما لم يتمسّك في الدليل بوجوب التصدق بخصوصه كما فعله في شرح د بل بوجوب الذبح و التفرقة على الوجه المقر و في الشرع فلا يرد عليه ما نقلنا عن شرح د من الوجهين الاولين و انما يبقى الوجه الثالث و انت خبير بانه اذا لم يقل بوجوب التصدّق بخصوصه فالقول بخروجه عن ملكه ممّا لا اتّجاه له على القول بدخوله في ملك المستحق كما هو اظهر الوجهين عندهم و ظاهر كلامه رحمه الله فان المستحق فيه غير معيّن لجواز صرف قسم منها في الصّدقة و قسم في الإهداء و قسم في الاكل من غير تعيين الاقسام و يجوز صرف الجميع في الصدقة و اذا كان كذلك فلا يمكن دخوله او دخول شي ء منه في ملك احد من مستحقيه الا ان يقال ان من قال بدخوله في ملك المستحقين لا يقول بانه من قبيل سائر الاملاك بان يكون مشتركا بين الجميع بالحصص فانهم لا يقولون به و ان كان المستحق صنفا واحدا بل بمعنى تعلق حقهم به بحيث يجب على من بيده صرفه اليهم و اعطاؤه لواحد منهم او اكثر على حسب اختياره و على هذا ففيما نحن فيه أيضا يمكن ان يقال انه بعد ما صار اضحية تخرج عن ملكه المختص به و صار مشتركا بينه و بين المستحقين للصدقة و الاهداء بمعنى تعلق حق الجميع به لكن له الخيار في قسمته بينهم بان يختار قدرا منه لنفسه و قدرا للصدقة و قدرا للاهداء او بتصدق بالجميع و لا محذور فيه لكن الحق ان القول بدخوله في ملك المستحق بهذا المعنى لعيب لا ينبغى ان يصار اليه الا اذا قام دليل قام عليه و النذر المذكور كانه لا يصلح دليلا عليه و انما يدل على مجرد تعلّق حق المستحقين به و وجوب صرفه اليهم و هو لا ينافى بقاؤه في ملك المالك الى ان يأتى به هذا و اما الوجه الثالث الذى نقلنا عن شرح د فيبقى على تقريره أيضا فان وجوب الذبح و التفرقة على الوجه المقرر لا يستلزم خروجه عن ملكه قبلهما لم لا يجوز ان يبقى في ملكه الى ان يأتى بما وجب عليه و اذا جاز ذلك فالاصل يقتضى بقاؤه و ما ذكره من وجه الفرق انما هو لدفع ذلك و حاصله ان نذر الاضحية و الصّدقة لم يتعلق بالذبح و التفريق او بالتصدق بل انما تعلق بنفس كونه اضحيّة و صدقة فيصير بمجرّد النذر اضحية اى يصير مستحقه بمجرّد النّذر مستحق الاضحية و الصدقة و لا يحتاج الى ان يأتى بفعل آخر و هذا انما يتم لو صح تعلق النذر باصل كونه اضحية او صدقة و قد عرفت ما فيه من الاشكال و ان النذر عندهم لا بد من تعلقه بفعل مقدور للمكلف و كونه اضحيّة او صدقة ليس فعلا له الا ان يتمسّك بما ذكرنا من انه و ان لم يكونا فعلا مباشريا له لكنهما مقدور ان له

ص: 467

بفعل سببهما فيصلحان متعلقا للنّذر و يكفى في سببهما ما فعله من النّذر و قد عرفت ما فيه من الاشكال فان الظاهر المتبادر من النذر هو تعلقه بفعل يمكنه فعله بعد النذر فيفى بفعله و يحنث بتركه لا ما يحصل بالنذر لا محاله و لا يمكن حسنة و يزيد الاشكال في مثال الصدقة بما ذكرنا أيضا من ان النّذر المذكور لا يصلح الا سببا للايجاب مع ان الصدقة تفتقر الى القبول و القبض أيضا الا ان يقال بعدم الحاجة اليهما في الصدقة العامة و قد عرفت أيضا ما فيه من الاشكال و بهذا يظهر ان حكم المحقق رحمه الله بما ذكره في الاضحية لا يستلزم حكمه به في نذر الصدقة ايضا بناء على اتحاد مأخذ الحكم فيهما فان ما ذكرنا من الاشكال الاخير يختصّ بالصّدقة و لا يتوجه في الاضحية فاتحاد ماخذ الحكم فيهما غير ظاهر نعم يظهر منه حكمه أيضا بصحة تعلق النّذر بما لا يمكن حنثه هذا و بما تلونا عليك ظهر ان الحكم بالانعقاد في المثال الاول على ما رأينا ليس الا من الشارح ره هاهنا و في المثال الثانى ليس الا منه و من العلامة في عدو المصنف في ن فيظهر منه انه لم يظهر فيها اجماع و اذا لم يكن اجماع فالحكم بانعقاده بمجرّد عمومات النذر مشكل جدّا لا يقال رواية ابى الصّباح الكنانى قد وردت في خصوص نذر الصدقة و انعقاده و كذا نذر الهدى حيث قال سألت ابا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قال على نذر قال ليس النذر بشي ء حتى تسمّى شيئا للّه صياما او صدقة او هديا او حجّا لانا نقول ان الصّدقة اسم للمال المتصدّق به و ظاهر ان تسمية اصل ذلك المال لا يصحح النّذر فلا بد من حمل تسميتها على تسمية التصدّق او تسمية كونه صدقة و كذا الكلام في الهدى و ليس الثانى باظهر من الاوّل بل الاول اظهر لكونه الشائع الغالب في النذر الموافق للمثالين الآخرين بخلاف الثانى و يؤيده أيضا رواية ابى بصير حيث قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول على نذر قال ليس بشي ء حتى يسمى النذر فيقول على صوم للّه او تصدّق او يعتق او يهدى هديا و على هذا فلا يمكن التمسّك بانعقاد مثل هذا النّذر بتلك الرواية باعتبار وقوع لفظ الصّدقة فيها لا يقال ما تقول في صحيحة ابن ابى عمير عن غير واحد من اصحابنا عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون له الجارية فتؤذيه امراته و تغار عليه فيقول هى عليك صدقة قال ان كان جعلها للّه و ذكر اللّه فليس ان يقربها و ان لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء ا ليس قوله هى عليك صدقة ظاهرا في كونها صدقة لا التصدّق بها و قد حكم عليه السلام بانه لا يقربها ان كان جعلها للّه و ذكر اللّه اى جعل ذلك نذرا عليه بصيغته فهذا يكفى دليلا على انعقاد مثل هذا النذر و صحته و منه يظهر أيضا عدم احتياجه الى قبول المنذور له و قبضه اذ علق النّهى على مجرد النذر المذكور بدون تعرض لاشتراطهما مع ان مورد الرواية هى الصدقة الخاصة لانا نقول قوله هى عليك صدقة و ان كان الظاهر منه كونها صدقة لكن جعلها للّه و ذكر اللّه كما يحتمل ان يكون المراد به النّذر للّه يحتمل ان يكون المراد به انه ان كان جعلها صدقة للّه و ذكر اللّه فلا يقربها و ان لم يكن ذكر اللّه بل قال ما قال ليرضى بذلك امراته من غير قصد التقرّب به الى اللّه تعالى فهي جاريته اذ لا بد في التصدّق من قصد القربة كما هو المش بل المجمع عليه و ورد في رواية هشام و حمّاد و ابن اذينة و ابن بكير و غير واحد كلهم قالوا قال ابو عبد اللّه عليه السلام لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به اللّه تعالى و لو لم يكن هذا المعنى اظهر فليس الاول اظهر منه و اذا احتمل الوجهين فلا يمكن الاستدلال به على انعقاد مثل هذا النّذر ثمّ على تقدير الحمل على النذر لا يدل على خروجها عن ملكه بمجرد ذلك و عدم الاحتياج الى القبول و القبض فان النهى عن قربها كما يحتمل ان يكون باعتبار ذلك يحتمل ان يكون باعتبار صدور الايجاب عنه بالنذر فلا يجوز له قربها لاحتمال ان يصير مانعا من الوفاء به بالحمل و مع قيام هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال سيما مع اصالة بقاء الملك و ان الحكم بدخول شي ء في ملك احد قهرا بعنوان الصدقة

المشتملة على الخفة و الذّلة بدون قبوله بل بمجرّد نذر غيره مما يستنكره العقل الصحيح فتأمل لا يقال ان حملها على المعنى الثانى يحتاج الى ضميمه فرض وقوع القبول و القبض أيضا و الا لما صحّ النّهى عن قربها و ان جعلها للّه و ليس في العبارة ما يدل عليه بخلاف حمله على المعنى الاول فانه لا يحتاج الى ضميمه فالظاهر حمله عليه لانا نقول الاحتياج الى الضميمة فالظاهر حمله الامر فيه سهل فانه فلما يتفق ان يوجد جميع شرائطه حكم من الاحكام في حديث واحد بل الغالب ان يذكر في كل حديث الشرط الذى احتاج السائل الى بيانه و لم يتعرض لباقى الشروط فربما كان عليه السلام عالما هناك باختلال شرط قصد القربة و انه انما قال الرجل ذلك ليرضى بذلك امراته فلذا اقتصر على بيان حكمه و انه اذا كان كذلك و لم يكن للّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء و لا بعد في حمله عليه و على تقدير بعده فليس ابعد من حمله على مثل هذا النذر الغير المعهود مع ما قد علمت من استنكار العقل الصحيح له و ايضا اطلاق الحكم بعدم الرجوع في الصّدقة مع قصد القربة قد ورد في روايات اخرى أيضا مثل رواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر و فيها و قال لا يرجع في الصدقة اذا ابتغى بها وجه اللّه عزّ و جلّ و رواية عبيد بن زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها و قال لا يرجع في الصّدقة اذا تصدّق بها ابتغاء وجه اللّه و رواية ابان عمّن اخبره عن ابى عبد اللّه عليه السلام و فيها قال و سألته هل لأحد ان يرجع في هبته و صدقته قال اذا تصدّق للّه فلا و امّا النحل فيرجع حازها او لم يخرها و ان كانت لذى قرابة و رواية داود بن الحصين عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته هل لأحد ان يرجع في صدقة او هبة قال امّا ما تصدّق به للّه فلا و امّا الهبة و النحلة فيرجع فيها حازها او لم يخرها و ان كانت لذى قرابة و رواية المعلّى بن خنيس قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام هل لأحد ان يرجع في صدقة او هبة قال اما ما تصدّق به للّه فلا و اما الهبة و النحلة فيرجع فيها حازها او لم يخرها و ان كانت لذى قرابة فما هو الوجه في هذه الرّوايات فهو الوجه هاهنا أيضا فان قلت الشائع في الصّدقة استعمالها فيما تحقق قبضه بعنوان التصدّق و حينئذ فلا يحتاج في لزومها الا الى قصد القربة فالاخبار المذكورة يمكن حملها على ذلك بخلاف هذا الحديث فانه ليس فيه الا قول الرّجل هى عليك صدقة بدون تعرض للقبول و القبض و قد حكم عليه السلام بانّه منه ان قال ذلك للّه و ذكر اللّه فلا يقربها فلا يجرى فيه ما هو الوجه فيها الا بتخصيص كما ذكرت في الوجه الاول قلت هذا انما يتم اذا جعل قوله عليه السلام ان كان جعلها للّه اشارة الى القول المذكور او ان كان جعل هذه المقال اى قالها للّه و لك ان لا تحمله عليه بل على انه ان كان جعلها صدقة للّه و حينئذ ينطبق على ما ذكر من الوجه لاول و يكون المعنى ان كان جعلها صدقة اى اعطاها اياها للّه فلا يقربها و الا

ص: 468

فهي جاريته و هذا اما بان لا يقع العطاء بل اقتصر فيه على مجرّد القول المذكور او وقع العطاء أيضا و لكن لم يكن للّه و حينئذ فبقى بتمام الشرائط و لا يخفى ان حمله على هذا المعنى ليس بابعد من حمله على الوجه الاول لو لم يكن اقرب منه و لكن قد وقع المضمون المذكور في صحيحة محمد بن مسلم أيضا و فيها هكذا قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل كانت له جارية فآذته فيها امراته فقال هى عليك صدقة فقال ان كان قال ذلك للّه فليمضها و ان لم يقل فليرجع فيها انشاء و مثلها صحيحته أيضا عن احدهما عليه السلام و لا يخفى ان التوجيه المذكور لا يجرى فيهما فيجب الاقتصار في توجيههما على الوجه الاول و يمكن ان يحمل قال فيهما على معنى فعل لكنه لا يخلو عن بعد و أيضا قد ورد في بعض الرّوايات الحكم بلزوم الصدقة و ان لم يقبض و هى رواية ابى بصير قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة ما لم يقسم و لم يقبض فقال جائزة انما اراد النّاس النحل فاخطئوا و رواية ابى بصير أيضا عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن صدقة ما لم يقبض و لم يقسم قال و يجوز و رواية ابى مريم قال اذا تصدّق الرّجل بصدقة او هبة قبضها صاحبها او لم يقبضها علمت او لم تعلم فهي جائزة و رواية عبد الرحمن بن سبابة عن ابى عبد اللّه عليه السلام مثله و رواية ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال الهبة لا تكون ابدا هبة حتى تقبضها و الصّدقة جائزة عليه و له ان لم يقتبض و لا يخفى على المتتبع ان المراد بالجواز فيها هو كونه لازما ممضى فهو صريحه في لزوم الصدقة و ان لم تقبض و روى علىّ بن اسماعيل عمن ذكره عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج الصّدقة و يريد ان يعطيها السّائل فلا يجده قال فليعطها غيره و لا يردها في ماله و هى صريحة في النهى عن الرّد بمجرّد اخراجه بقصد التصدق و ان لم يقع ايجاب و لا قبول و لا قبض فما هو الوجه في هذه الروايات من الحمل على الاستحباب او الكراهة فلا يبعد توجيه هذه الرواية أيضا به على ان امر اشتراط القبول سهل جدا فان الظاهر من حال المرأة المذكورة وقوع القبول منها و لا يبعد ان يقال بعدم فيها الحاجة الى القبض أيضا فان الظاهر من الجارية انها كانت في دارها و تحت يدها و يكفى هذا في قبضها و أيضا في صحيحة زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال انما الصّدقة محدثة انما كان الناس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينحلون و يهبون و لا ينبغى لمن اعطى للّه عز و جلّ شيئا ان يرجع فيه قال و ما لم يعطه للّه فانه يرجع فيه نحلة كانت او هبة خيرت او لم يحز و لا يرجع الرجل فيما يهب لامرأته و لا المرأة فيما تهب لزوجها حيز او لم يحز ليس اللّه تعالى و لا يقول تَأْخُذُوا مِمّٰا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً و قال فان طين لكم عن شي ء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا و هذا يدخل في الصّداق و الهبة و لا يخفى ان التعليل المذكور فيها لعدم الرجوع فيما يهب الرجل لامرأته و ان لم يخر يجرى فيما تصدّق عليها أيضا فما هو الوجه فيها فهو الوجه هاهنا أيضا في عدم اشتراط القبض و اما عدم اشتراط القبول فقد عرفت ان الامر فيه سهل لان الظاهر وقوعه من المرأة المذكورة فان قلت لو حمل الحديث المذكور على النذر فقوله عليه السلام ان كان للّه اشارة الى اشتراط قصد القربة و قوله و ذكر اللّه اشارة الى اجراء صيغة للّه على و لو حمل على ما حملته فلا يحتاج الا الى قصد القربة فيجب حمل قوله و ذكر اللّه على التأكيد و التأسيس خير من التأكيد فيجب حمله على الاول كما حمله الشيخ في التهذيب حيث اورد الرواية في باب النذور لا الصّدقة قلت التأكيد شائع ذائع في كلامهم و ترجيح التأسيس عليه ليس بمرتبة يصلح دليلا التأسيس حكم النذر المذكور مع كونه خلاف الشائع المعهود في النذر و مستنكرا بحسب العقل على ما عرفته و ربما يؤيد الحمل على التأكيد صحيحا جميل حيث وقعتا بذلك المضمون بعينه و ليس فيهما و ذكر اللّه كما نقلنا فتذكر بل نقول من نظر في تلك الروايات التى نقلناها لا يريب في ان الظاهر من صحيحتى جميل

هو المعنى الذى ذكرنا لا النذر و بعد حملها عليه فالظاهر من الصحيحة المذكورة أيضا بقرينتهما هو ذلك لا النذر بل يجب حملها عليه لئلا تنافى الصحيحتين المذكورتين اذ لو حملت على النّذر فيستفاد منها انه اذا لم يقع منه النذر المذكور فهي جاريته مع ان الصحيحتين دلتا على انه اذا قال ذلك مع قصد القربة لا بد من امضائها و اما فهم الشيخ النّذر منها بقرينة انه اوردها في باب النذر فلا يصير حجة علينا بعد ما ظهر لنا خلافه مع ان الشيخ أيضا فهم من الصحيحتين المعنى الذى ذكرنا بقرينة انه اوردهما في باب الصدقة لا النذر و قد عرفت انه لا بد حينئذ من حملها ايضا عليه لئلا تنافيها هذا ما سنح لى في هذا المقام و على اللّه التوكل و به الاعتصام فرع لو نذر احد ان يكون ماله صدقة بعد الموت فما ذكرنا من الاشكال في نذر الصدقة اى كونه او صيرورته صدقة يتاتى فيه أيضا و يزيد فيه انه هناك ان اطلق ذلك و لم يقصد كونه او صيرورته صدقة بمجرّد ذلك النذر لم يبعد القول بوجوب التصدّق بناء على ما ذكرنا ان كونه او صيرورته صدقة و ان لم يكن فعله المباشرى لكن يمكنه يفعله بفعل سببه و هو التصدق فيجب عليه ذلك بناء على عمومات النذر و لا يتأتى هذا الاحتمال هاهنا اذ لا وجوب عليه بعد الموت الا ان يقال انه يجب عليه بالنذر ان يوصى بتصدّقه بعد الموت و اذا اوصى به فيجب ذلك على الوارث او انه يجب على الوارث لو علم بنذره تصدقه و عدم تملكه و ان لم يوص بناء على ان يعلمه بالنذر يعلم انه كان وجب عليه جعله صدقة بعد الموت فيجب على وارثه ذلك لانه حق مالى كما اذا وجبت الزكاة عليه فانه يجب على الوارث اداؤها اذا علم به و ان لم يوص بها و في الاخير اشكال فان ما علم وجوبه على الوارث هو اداء المال الذى تعلق بذمة مورّثه كما ذكر من الزكاة و هاهنا لم يتعلق صدقة بذمته بل انما وجب عليه ان يجعله صدقة و هو ليس بحق مالى و ما لم يجعله صدقة لم يتعلق بذمته حق مالى و وجوب اداء مثل هذا الحق على الوارث ليس بمعلوم و لا بد له من دليل و ليس ثمّ الظاهر على تقدير صحة هذا النذر و انعقاده عدم انعقاده فيما زاد عن الثلث اذ ليس له بعد الموت الا الثلث و ما زاد عليه فهو حق الوارث فلا ينعقد نذره فيما ليس بحقه اذ الظاهر ان نذر فعل على تقدير شرط انما ينعقد فيما له ذلك مع قطع النظر عن النذر على تقدير ذلك الشرط لا في وقت النذر و ليس له مع قطع النظر عن النذر ان يجعل ما زاد على الثلث صدقة بعد الموت نعم له ذلك في حال الصحة و هو لا يكفى في صحة نذره أ لا ترى انه لو نذر احد هبته امتها لأحد على تقدير ولادتها منه لا يصح النذر لانه ليس له هبتها على تقدير ولادتها منه و ان صحت له حال النذر الى غير ذلك من الشواهد لا يقال انحصار حقه بعد الموت بدون النذر في الثلث ممنوع لما نقل عن على بن بابويه من نفوذ الوصية مطلقا من الاصل لانا نقول الكلام مع من يقول بعدم نفوذ الوصية بدون النذر الا في الثلث كما هو المش بل ربما كان اجماعا كما ذكره الشارح رحمه الله في شرح الشرائع و مع ذلك يقول بنفوذه مع النذر

ص: 469

من الاصل و اما من قال بقول علىّ بن بابويه فلا كلام معه اذ لا يقول بمدخلية النذر في الخروج من الاصل بل يقول به مطلقا و النذر لا يفيد عنده سوى عدم جواز الرجوع عنه على ان القول المذكور ضعيف جدا و الاخبار متضافرة في خلافه و انه ليس له بعد الموت الا الثلث و سننقل عن العلامة رحمه الله دعوى الاجماع عليه و عن المحقق أيضا ما هو ظاهر فيها و في حسنة محمد بن قيس بإبراهيم بن هاشم و هى كالصحيحة عن ابى جعفر عليه السلام انه قضى امير المؤمنين عليه السّلام في رجل توفى و اوصى بما له كله او اكثره فقال له الوصية ترد الى المعروف غير المنكر فمن ظلم نفسه و اتى في وصيته المنكر و الجنف فانها ترد الى المعروف و يترك لاهل الميراث ميراثهم و قال من اوصى بثلث ماله فلم يترك و قد بلغ المال ثمّ قال لان اوصى بخمس مالى احبّ الى من اوصى بالربع و منها يظهر ان الوصية بما زاد عن الثلث ظلم و جنف فلا اقل من الكراهة و منه يظهر وجه آخر لعدم انعقاد النذر المذكور اذ لا خلاف في ان متعلق النذر لا بد ان لا يكون مرجوحا لا يقال ان بالنذر قد يسوغ ما لا يسوغ بدونه كنذر صوم التطوّع في السفر اذا قيد به على رأى من قال بانعقاده و بعدم صحته بدونه فيمكن ان يكون ما نحن فيه أيضا من هذا القبيل فيكون له مع النذر الزائد عن الثلث و ان لم يكن له ذلك بدونه لانا نقول لا يحكم بانعقاد نذر كذلك بمجرد عمومات النذر فان النذر المعلوم انعقاده بتلك العمومات هو ما كان متعلّقه مع قطع النظر عن النّذر راجحا او متساوى الطرفين على رأى و انعقاد نذر لا يكون كذلك لو صح لا بدّ له من دليل خاص به كما زعموه في مسئلة نذر صوم التطوع و لا دليل فيما نحن فيه لصحة النذر المذكور و انعقاده بل من قال به انما يتمسّك بعمومات النذر فتدبّر و مما يؤيد ما ذكرنا من الاشكال في صحة هذا النذر انه لو صح له نذر يصير به بعد الموت ما زاد عن الثلث صدقة او لزيد و لا يمكن للوارث ردّه فينتفى حكمه منعه عن الوصيّة بما زاد عن الثلث و عدم نفوذها فيه اذ حينئذ لكل احد ان يحرم ورثته و لا يبقى لهم شيئا بعد الموت بمثل هذا النذر و لا يتوهمن ان مثل هذا الكلام يجرى في تجويز تصرّفاته المنجزة في حال صحته كيف شاء اذ لا خلاف في جواز ذلك و ان كان بقدر كل ماله مع انه يلزم منه حرمان الوارث كيفما شاء بعده لان الانسان قلّما يقدم على اخراج قدر يعتد به من ماله في حال صحته عن ملكه حذرا من تصرفات نفسه بخلاف ذلك فيما بعد الموت اذ لا ضرر له فيه فكل من له عداوة بوارثه امكنه ان يحرم كيف شاء بالنذر المذكور و هو ظاهر و اعلم انى لم ار هذا الفرع في كلامهم سوى ما ذكره الشارح رحمه الله في شرح الشرائع في بحث التّدبر حيث قال في شرح قول مصنفه المحقق و المدبّر ينعتق بموت مولاه من ثلث مال الموالى ان هذا فيما كان التّدبير متبرّعا به فلو كان واجبا بنذر و شبهه فان كان في مرض الموت لم يتغير الحكم و ان كان في حال الصحة فان كان المنذور هو التدبير فالاظهر انه من الثلث أيضا لانه لا يصير واجب العتق بذلك بل انما يجب تدبيره فاذا برّه برئ من النذر و لحقه حكم التدبير و ان كان قد نذر عتقه بعد الوفاة فهو من الاصل كغيره من الواجبات المالية و مثل نذر الصدقة و نحوها بمال بعد الوفاة و في تحرير ساويت بين الامرين في خروجه من الاصل و نقله في س عن ظاهر الاصحاب و الاظهر الاول انتهى و سيجي ء منه مثله في بحث التدبير من هذا الشرح أيضا مع انه رحمه الله في كتاب الوصايا من شرح الشرائع في بحث تصرفات المريض في شرح قول مصنفه المحقق ان المؤجلة منها حكمها حكم الوصية بالاجماع و كذا تصرفات الصحيح اذا قرنت بما بعد الموت قال ان النذر المقيّد بالموت لا يسمى وصية لكن في الحاقه بالوصية خلاف مشهور فقد قال جماعة انه من الاصل فلا يصح الحكم بكون حكمه حكم الوصية بالاجماع و ان كان المختار مساواته لها في الحكم و لا يخفى ان ما اختاره هناك نقيض ما حكم به في الشرحين في بحث التدبير و ان

الظاهر هو ذلك كما ذكرنا و ما نقله من الخلاف المش لم ار نقله و تفصيل القول فيه في موضع آخر و لا يخفى أيضا ان كلام مصنفه المحقق على ما ذكره يدل على الاجماع على كون حكم النذر المذكور حكم الوصية و هذا بناء على ما هو الظاهر منه ان التشبيه في تمام الحكم السّابق و هو الحكم المقيد بالاجماع و لو عدل عن ظاهره و جعل التشبيه في اصل الحكم لا مع التقييد بالاجماع فيفهم منه انه مختاره الشارح هناك و مثله كلام العلامة رحمه الله في كتبه فانه قال في عد تصرفات المريض قسمان منجزة و معلقة بالموت اما المؤاجلة فكالوصية بالاجماع في اخراجها من الثلث و كذا تصرفات الصحيح المقترنة بالموت و اما المعجلة للمريض فان كانت تبرعا فالاقرب انها من الثلث ان مات في مرضه و ان برئ لزمت اجماعا و قال في السرائر تصرفات المريض قسمان مؤجلة و منجزة فالمؤجلة ما علق بالموت كالوصية بالمال و التدبير و هى تخرج من الثلث بالاجماع و كذا لو علق الصحيح تصرفه بما بعد الوفاة و المنجزة كالهبة و الوقف و الابراء و المحابات في البيع و غيره من عقود المعاوضات ان وقعت من المريض و برئ من مرضه ذلك ثمّ مات او وقعت من الصحيح وجبت من الاصل بلا خلاف و ان وقعت في مرض الموت فقولان اقربهما خروجها من الثلث و كذا اذا وهب في الصحة و اقبض في مرض الموت انتهى و لا يخفى ان كلامه صريح في الإجماع على خروج الوصية من الثلث فكانه ثبت عنده اجماع من عدا على بن بابويه فلم يعتد بخلافه لكونه معلوم النسب و لا يخفى أيضا ان تصرفات الصحيح المقترنة بالموت كما وقع في عبارة القواعد و كذا ما علقه الصحيح بما بعد الوفاة كما في عبارة السرائر يشمل ما يكون بالنذر و غيره فعدم استثنائه النذر مع انه بصدد تفصيل الأقسام دليل على شمول الحكم له أيضا فيكون من الثلث بالاجماع كما هو ظاهر العبارة في مقام التفصيل و لا اقل من كونه مختاره أنه لا يقال في التذكرة اشارة الى هذا الاستثناء فانه قال التصرف من الصّحيح ان كان منجزا نفذ من الاصل بلا خلاف و ان علق بالموت و لم يكن واجبا نفذ من الثلث بلا خلاف و ان كان واجبا كالوصية بقضاء الدّين او الحج الواجب او الزكاة الواجبة و شبهها نفذ من الاصل اجماعا و اما من المريض فان كان معلقا بالموت مضى من الثلث اجماعا الا فيما علم وجوبه و ان كان منجزا فقولان تقدما انتهى فقد حكم فيه بان ما كان واجبا من تصرفات الصحيح المقترنة بالموت يخرج عن الاصل بلا خلاف و هو يشمل النّذر المذكور أيضا و منه يعلم انّه لا بد من ارتكاب هذا الاستثناء في كلامه في عد و السرائر أيضا الا انه اهمله احالة على الظهور لانا نقول ان الظاهر من الواجب الذى ذكره في التذكرة كما يشهد به الامثلة المذكورة التى ذكرها هو الذى وجب عليه اداؤه في حال الصحة فاذا اوصى به يخرج من الاصل بالاجماع و هذا هو الذى يمكن ان يترك ذكره احالة على الظهور فانه بالحقيقة ليس تصرّفا معلقا بالموت لوجوبه عليه قبل الموت

ص: 470

أيضا و تعليقه بالموت اخبار عن رجوعه عليه بانه يجب عليه اداؤه فليخرجوه بعد الموت و اما النذر المعلق بالموت فخروجه عن الاصل ليس امرا ظاهرا يمكن ان يدعى ان ترك ذكره لظهور حكمه و أيضا لو خرج ذلك من الاصل لكان بذكره في الامثلة اولى و احق فعدم ذكره دليل على ان مراده بالواجب هو ما ذكرنا كما هو الظاهر منه و أيضا لو كان مراده ما يشمل النذر المذكور لدل قوله الا فيما علم وجوبه على ان نذر المريض المعلق بالموت أيضا يخرج من الاصل اجماعا كما هو ظاهر السياق في مقام التفصيل او على مختاره على بعد و هو فاسد فانه صرّح في عد بانه لو نذر الصدقة في مرض الموت متعلق بالنذر و الصدقة اعم من ان يكون في مرض الموت او بعد الوفاة على انه لو كان المراد التصدّق فيه أيضا فاذا حكم فيه بالخروج من الثلث ففى التصدق بعد الوفاة بطريق اولى و هو ظاهر و قد نقلنا أيضا عن الشارح في شرح الشرائع ان التدبير ان كان بنذر و شبهه فان كان في مرض الموت لم يتغير الحكم اى حكم خروجه من الثلث و سيجي ء أيضا منه في بحث التدبير من هذا الشرح انه لو وقع النذر في مرض الموت فهو من الثلث مطلقا و ظاهر ان حكمه به في مقام التفصيل بلا نقل خلاف ظاهر في عدم الخلاف فيه و حينئذ فلا يمكن توجيه القول المذكور على ذلك التقدير و ان عدلنا عن ظاهره بالكليّة و لم يحمل على احد الوجهين المذكورين بل على الاشارة الى وجوب خلاف فيه في الجملة و ان لم يكن اجماعيّا و لا مختاره فافهم و يؤيّد هذا أيضا ما نقلنا من شرح الشرائع في بحث الوصايا من الخلاف المش في الحاقه بالوصيّة و اختياره خروجه من الثلث اذ مع دعوى عدم الخلاف في خروجه من الاصل كيف يكون الخلاف مشهور او كيف يختار الشارح خروجه من الثلث بلا تعرّض لنقل ما ادّعاه و اشارة الى فساده و كل هذا ظاهر لمن تتبع كلماتهم و رأى دأبهم و ديدنهم و بما تلونا عليك ظهر ان الحكم بخروج النّذر المذكور من الاصل لم يظهر الّا من الشارح في بحث التدبير من الشّرحين مع انه في بحث الوصايا اختار خلافه لكنه فيه نسبه الى جماعة و لم يصل الينا كلامهم الا في مسئلة التدبير بانه قد افتى فيه جماعة بالخروج من الاصل لكن في تعدّى حكمهم الى غيره اشكال كما سنذكره و اذا لم يثبت اجماع فالظاهر على قواعدهم على تقدير صحته مثل هذا النذر هو خروجه من الثلث كما ذكرنا تتمّة اعلم انه قد يتوهم مما نقلنا من الشارح رحمه الله في بحث التدبير من شرح الشرائع و مما سيجي ء منه في هذا الشّرح في ذلك البحث أيضا ان انعقاد نذر العتق بعد الوفاة و خروجه من الاصل اجماعى فينبغى ان يكون نذر الصّدقة بعد الوفاة أيضا كذلك لاتحاد الماخذ و يتوهم أيضا ان النذر التّدبير أيضا كذلك في ظاهر الاصحاب سوى ما نقل عن ابن نما فيكون الظاهر الاجماع فيه أيضا اذ لا عبرة بخلاف ابن نما لمعلومية نسبه فلا باس ان نحقق الكلام فيه بما يندفع به التوهمان المذكور ان فنقول ان ما ذكرنا من الاشكال في انعقاد نذر الصدقة بعد الموت و خروجه من الاصل من وجوه بعضها في اصل انعقاد نذر الصدقة تحتاج الى القبول باعتبار ان كونه صدقة ليس فعلا للناذر و متعلق النذر و لا بدّ ان يكون فعلا له و أيضا الصّدقة الى تحتاج القبول و القبض عندهم فخروجه عن ملكه بدونهما بالنذر يحتاج الى دليل و أيضا ان المعهود من النذر هو ان يكون متعلقه مما يمكنه الاتيان به و تركه و يجرى فيه الوفاء و الحنث لا ما يحصل بالنذر لا محالة و لا يجرى فيه الحنث فانعقاد نذر لا يكون كذلك و يحصل بالنذر قبّة لا يخلو عن اشكال و بعضها في خروجه من الاصل على تقدير التعليق بالوفاة باعتبار ان حقه بعد الموت ليس الا الثلث فالحكم بانعقاد نذر ما زاد عليه مشكل اذا عرفت هذا فنقول الاشكالات المذكورة لا تجرى في نذر التدبير سوى الاشكال الاخير في الحكم بخروجه من الاصل و اما اصل انعقاد نذره فلا اشكال فيه لانه فعل مقدور يمكن بعد النّذر الاتيان به و عدمه و اما نذر العتق بعد الوفاة و الحكم بخروجه من الاصل فيجرى فيه الاشكال المذكور أيضا و اما في اصل انعقاد فلا اشكال من الاشكالات المذكورة سوى الاشكال الاخير فان حصول العتق بصيغة انه حر الذى تعلق

به النذر لا اشكال فيه سوى انه خلاف المعهود من النذر بخلاف نذر الصدقة لما فيه من الاشكالين الاولين أيضا و على هذا فنقول لو ثبت الاجماع فيهما او في احدهما و على انعقادهما لم يظهر منه صحة نذر الصدقة و انعقاده لاختصاصه ببعض الاشكالات التى لا تجرى فيهما نعم لو ثبت ذلك في نذر العتق يظهر منه عدم اختصاص النذر بما ذكرنا من انه المعهود من النذر و اما لو ثبت ذلك في التدبير فلا يظهر منه ذلك أيضا و كذا لو ثبت الاجماع فيهما او في احدهما على خروجه من الاصل يظهر منه عدم اختصاص حقه مع النذر في الثلث و ان علق على الموت و انه يجوز مع النذر تصرفه فيما زاد عليه فيمكن ان يحكم به في نذر الصدقة و أيضا على تقدير القول بانعقاده لاتحاد الماخذ لكنه لا يخلو عن اشكال لاحتمال ذلك اختصاص بالعتق او التدبير الذى هو مورد الاجماع لاختصاص العتق بخواص لا توجد في غيره مما يدل على بنائه على التغليب فلا يمكن قياس غيره عليه و اذا عرفت هذا فلننظر انه هل يظهر من كلامهم اجماع على ما ذكر فيهما او في احدهما فنقول ان نذر العتق بعد الوفاة لم يذكره صريحا ممن راينا كلامهم سوى الشارح في الموضعين و ما نقله من حكم العلامة بذلك في تحرير و المصنف في الدروس ليس كذلك فان عبارة تحرير هكذا قد بيّنا ان التدبير بمنزلة الوصية يجوز الرّجوع فيه و يخرج من الثلث و هذا انما هو في المندوب المتبرع به اما التدبير الواجب بالنذر و شبهه فلا يجوز الرجوع فيه و يخرج من صلب المال و لا يخرج بالنذر عن الملك فيجوز له استخدامه و وطؤه ان كانت جارية نعم لا يجوز له بيعه و لا اخراجه عن ملكه انتهى و لا يخفى انه ليس فيه حديث نذر العتق اصلا و ما نقله الشارح عنه من انه ساوى بين الامرين كانه بناء على انه اذا حكم في التدبير بما ذكره فليحكم في العتق أيضا بذلك بطريق اولى لان ما نقله عن ابن نما من الاشكال في التّدبير لا يجرى في العتق فهو اولى بالحكم و فيه تامّل اذ قد عرفت ان في اصل انعقاد نذر العتق بعد الموت اشكالا ليس ذلك في نذر التدبير فحكم بانعقاد نذر التدبير و خروجه من الاصل لا يدل على حكمه بهما في نذر العتق بعد الوفاة أيضا اذ لعله لا يقول بانعقاده للاشكال المذكور نعم لو قال بانعقاده فالظاهر حكمه فيه أيضا بخروجه من الاصل لاتحاد الماخذ لكن الظاهر ان العلامة رحمه الله قائل بانعقاده فانه حكم في تحرير في بحث العتق بانه يشترط في العتق الملك فلا يقع العتق قبله سواء علقه به او لا نعم لو نذر عتقه عند ملكه صح و كذا في كل عتق مشروط فانه يقع بالنذر خاصة و كان بناء على ما نقله الشارح عليه فانه اذا قال بانعقاده مثل هذا النّذر و حصول العتق به بعد حصول الشرط فالظاهر قوله به في نذر العتق بعد الموت أيضا و حصول العتق به بعد حصول

ص: 471

الشرط الذى هو الموت و اذا حكم بخروجه من الاصل في التدبير فالظاهر حكمه فيه أيضا بذلك لاتحاد الماخذ على تقدير انعقاده بل بطريق اولى و اما المصنّف في الدروس فما نقله المش عنه من نقله من ظاهر الاصحاب ليس كذلك بل ذكر في اوّل درس ان التدبير ثلاثة اقسام و لا يصح الرّجوع فيه ان قال للّه علىّ عتق عبدى بعد وفاتى و لو قال علىّ ان ادبر عبدى فكك في ظاهر الاصحاب لان الغرض التزام الحرّية بعد الوفاة لا مجرّد الصّيغة و عن ابن نما ره جواز الرجوع لوفائه بنذره بايقاع الصّيغة فيدخل في مطلق التدبير ثمّ قال في آخر ذلك الدّرس و لو كان التدبير واجبا او معلقا بموت الغير فمات في حيوة المولى فهو من الاصل انتهى و لا يخفى انه حكم في نذر العتق بانعقاده و عدم جواز الرجوع فيه و الظاهر حكمه بخروجه من الاصل أيضا لحكمه به في التدبير و اتحاد المأخذ على تقدير الحكم بانعقاده لكن هذا كله فتوى نفسه و لم ينسب فيه الى الاصحاب شيئا فلا يظهر منه اجماع على خروجه من الاصل حتى يدفع به ما اوردنا من الاشكال فيه و لا على انعقاده ليدفع به ما اوردنا من الاشكال فيه و امّا نذر التدبير فقد حكم فيه بعدم جواز الرّجوع في ظاهر الاصحاب و بخروجه من الاصل على انه فتوى نفسه لا انه ظاهر الاصحاب و لا يخفى ان انعقاد نذره لا اشكال فيه و عدم جواز الرّجوع فيه أيضا لا كلام لنا فيه و انما الكلام فيه ما نقله عن ابن نما و للكلام فيه مجال و الظاهر مع الاطلاق هو فتوى الاصحاب نظرا الى ظاهر القصد و الغرض و لو قصد مجرد ايقاع الصّيغة فظاهر ان الحق هو ما نقله عن ابن نما بل كلامنا فيه انّما هو في خروجه من الاصل للاشكال المذكور و لا يظهر من كلامه اجماع عليه و لا انه ظاهر الاصحاب و ما نقله المش عنه انه نقله عن ظاهر الاصحاب ليس في كلامه اصلا بل ليس في كلامه كما نقلنا سوى فتوى نفسه به و بما قررنا يظهر انه لم يظهر مما نقلنا فتوى خروج نذر التّدبير من الاصل الا من العلامة و المصنف رحمه الله و قد افتى به ابن ادريس رحمه الله أيضا في السرائر و ظاهر ان فتوى هؤلاء و لو ضم اليهم جماعة اخرى أيضا لا يصير حجه ما لم يثبت اجماع و لم يثبت ذلك بل ما نقل عن ابن نما من التعليل لجواز الرّجوع فيه يدل على انه لا يقول بخروجه من الاصل بل من الثلث كمطلق التدبير و قد اختاره الشارح أيضا صريحا كما نقلنا عنه في بحث التدبير اذا لم يثبت اجماع فالظاهر هو القول بخروجه من الثلث لما ذكرنا من انحصار حقه فيه هذا و انت خبير بان ما نقلنا عن شرح الشرائع في بحث الوصايا و اختياره الخروج من الثلث في التصرفات المعلقة بالموت يشمل بظاهره نذر التدبير و العتق أيضا و يظهر منه عدم ظهور اجماع في العتق أيضا و اذا لم يثبت اجماع فيه أيضا فالظاهر فيه أيضا على تقدير القول بصحّته هو الخروج من الثلث كما ذكرنا في غيره على انّك قد عرفت انه لو ثبت الاجماع فيهما على الخروج من الاصل لا يمكن به الحكم بخروج مطلق النذر المعلّق بالموت من الصّدقة و غيرها من الاصل و ان قيل بانعقاده لاحتمال ان يكون لهم دليل خاص به كالاجماع او غيره فتذكر لكن بقي انه ربّما توهّم متوهّم ما نقلنا من التحرير يدل على انّ مراده بالواجب في عبارة كره ما يشمل النذر المذكور أيضا و الّا فكيف يحكم في غير الواجب بخروجه من الثلث بالاجماع و حينئذ فيظهر منه الاجماع على خروجه من الاصل فنقول ان كون مراده بالواجب هو ما ذكرنا لا ما يشمل النذر المذكور مما لا ريب فيه متأمل لما ذكرنا من الوجوه غاية الامر انه قد غفل عن استثناء النذر المذكور عند من قال بخروجه من الاصل و الأمر فيه سهل خصوصا لو كان حكمه به في خصوص نذر التدبير و لم يجر في كل نذر معلق بالموت على ما ذكرنا من احتماله بخلاف حمله على ما يشمل النذر المذكور فانه ظاهر الفساد بما ذكرنا من الوجوه فتأمل بقي شق آخر و هو ان السّيد المرتضى رض ذكر في الانتصار انه مما انفرد به الامامية انهم قسموا التدبير و قالوا ان كان من وجوب فهو من رأس المال و ان كان عن تطوع فهو من الثلث ثمّ ان ذكر ان الدلالة على

قولهم بعد اجماع الطائفة انه اذا كان واجبا يجرى مجرى الدّيون في خروجه من اصل المال و اذا كان تبرعا و تطوعا فهو كالوصية بما يتبرّع به فالقسمة واجبة انتهى و هو صريح في دعوى الاجماع في خروج التدبير الواجب عن الاصل و ما ذكره من دليله يجرى في نذر العتق و الصدقة بعد الموت أيضا و لكن لا يخفى على المتتبع انّ الاجماعات التى تفرد بنقلها السيّد المرة في الانتصار بما لا يمكن الاستناد اليه فانه كثيرا ما ادّعى فيه الاجماع في المسائل التى الخلاف فيها مش كما ادّعى انه فيه الاجماع على اشتراط الشرط في النّذر و عدم انعقاد النذر المطلق مع شهرة الخلاف فيه بل شهرة خلافه و كما ادعى فيه الاجماع على ان كفارة النذر هى عتق رغبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكينا مع شهرة الخلاف فيه و كما ادعى فيه الاجماع تفريطه مع ذهاب اكثر الاصحاب بعده الى الاستحباب و كما ادعى فيه الاجماع على ان المرأة اذا جزت شعرها كفارة قتل الخطاء عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكينا مع شهرة الخلاف فيه و ذهاب جمع الى كفارته كفارة الظهار و جمع الى انه انما تاثم و لا تاثم و لا كفارة عليها و كما ادعى فيه الإجماع على ان من تزوج امراة و لها زوج و هو لا يعلم بذلك انّ عليه ان يفارقها و يتصدق بخمسة دراهم و هذه الكفارة ليست في كلام غير منعم في رواية ابى بصير انّ كفارته ان يتصدق بخمسة اصوع دقيقا و قد عمل بها جمع من الاصحاب لكنهم فرضوا المسألة فيمن تزوج امراته في عدتها و انكر الوجوب جماعة و قالوا انه لا باس بالقول باستحبابها الى غير ذلك من المسائل الكثيرة في ساير ابواب الفقه كما يظهر بالرّجوع الى كتاب المذكور و انما نقلنا من جملتها المسائل المذكورة لكونها قريبة من المسألة التى كنا فيها و على هذا فدعواه الاجماع لا تصلح حجة علينا و اما الدّليل الّذى ذكره فلا يخفى ضعفه اذ الديون لا شك في شغل ذمّته بها فتخرج من الاصل بخلاف مثل هذا النّذر اذ شغل ذمّته به فيما زاد عن الثّلث غير معلوم فلا يمكن قياسه عليها ثمّ على تقدير صحّته فانّما يجرى في نذر العتق و الصّدقة بعد الموت أيضا على تقدير انعقادهما و لم يظهر في كلامه ذلك اذ قد عرفت ان في انعقاد نذر العتق اشكالا ليس في نذر التدبير و في نذر الصّدقة يزيد الاشكال فحكمه بانعقاده لا يدلّ على حكمه بانعقاده أيضا فتأمل قوله فان لم يفعل بقي على ملكه و ان حنث الظاهر ان الحنث انما هو اذا لم يفعله حتّى تلف ذلك فانّه حينئذ لا يمكن تصدّقه او اعطاؤه فلا يمكن الوفاء فيجب الكفارة و كذا اذا لم يفعله في المثال الثّانى الى ان يموت زيد و امّا اذا لم يفعله حتّى مات هو فيحتمل الحنث و وجوب اخراج الكفّارة من ماله اذا علم به الوارث و يحتمل وجوب التصدّق او الاعطاء على الوارث بدون كفارته

ص: 472

و كانه اظهر و لو لم يفعله الوارث أيضا حتى تلف فالظاهر وجوب دفع مثله او قيمته اليه و لو لم يفعله الوارث حتى مات زيد فالظاهر وجوب دفعه الى وارثه و لو اعطاه لزيد و لم يقبل هو فالظاهر انحلال النذر و يحتمل بقاؤه موقوفا ما دام امكن قبوله و اللّه تعالى يعلم تمر و الحمد للّه

قوله لان ما من صيغ العموم فليشملها

لا يخفى ان كون ما من صيغ العموم لا يفيد هاهنا فان المنذور عتقه هو الاول لا ما تلده فان كان الاول للعموم ليثبت ما رامه و ليس فليس فكانهم حمل اول ما تلده على ما تلده اولا و حينئذ فالتمسّك بعموم ما في موقعه لكن الكلام وجوب هذا الحمل لا يقال لو لم يحمل اول ما تلده على ما ذكروا بل حمل على الاول مما تلده فامّا ان يحمل الاول على الاوّل بالنسبة الى جميع ما عداه مما تلده بالنسبة الى جميع الى بعضها فعلى الاول يبطل النذر ح لفوات و على الثّانى يلزم صحة عتق بعض ما تلده اذا ولدت بعدها و ان لم يكن في المرتبة الاولى و لم يذهب احد الى شي ء منها بخلاف ما اذا حمل على ما ذكره اى ما تلده اولا في المرتبة الاولى من الولادة فانه حينئذ يصدق على كل واحد من التوأمين انه ولدته في المرتبة الاولى من الولادة فان هذه الولادة ولادة واحدة بالنّسبة الى المرأة و ان تعدد المولود فيها نعم فافهم لانا نقول يمكن حكم الاوّل على ما ليس مسبوقا بغيره و ان لم يكن سابقا على الجميع و حينئذ فيصدق على كل واحد من التوأمين و لو قيل انّ هذا خلاف الظاهر من لفظ الاوّل قبل مخالفة الظاهر في حمل اوّل ما تلده على ما ذكروه و هو ظاهر هذا مع اصالة البراءة ممّا يرجّحه و أيضا الكلام فيهدمه الدليل الذي تمسّكوا به في اثبات عتق الجميع و انه لا يصلح للتمسك به في ابداء هذا المذهب لا بعد صيرورة ذلك مذهبا و عدم الذّهاب الى ما ذكر من الاحتمالين على انّ بعد ذلك لا حاجة الى التمسّك بما ذكر بل يكفى لنا التمسّك اولا بانحصار القول فيه على ما هو الظاهر هذا مع ظهور ضعف مثل هذا التمسك في امثال هذه المسائل التى بناء الحكم فيها على القصد و دلالة العبارة للتعيين من قبل الشارع فتأمل

قوله و لو ولدته حرا

كان ولدت من المولى او غيره و لم يشترط رقبة الولد و قوله او مستحقا للعتق مثله في شرح الشرائع بالمعقد و لعلّه اراد بالاستحقاق ما يجامع الفعلية و الّا فالاقعاد سبب للعتق لا لاستحقاقه و على هذا فالفرق بينه و بين ما ذكره هاهنا اولا من ولادته حرّا هو ان الحرية في الاول حرية بالاصالة و في الثانى حرية حصلت بسبب الاقعاد فكانها عتق نظير ما قبل في الفرق بين الرخصة و الغربة فتدبر

قوله لان مملوكا

للزكاة فيه أيضا ما في المسألة الاولى فكانهم حملوا اول المملوك على المملوك اولا و كذا اول مولد تلده اولا و على هذا فيتوجه ما ذكروه لكن الكلام في وجوب هذا الحمل كما عرفت و على اى تقدير فلا خدشة هاهنا على المدعى كما لا يخفى له

قوله لانّ ما هاهنا يحتمل المصدرية

لا يخفى انّ بعد حمل ما على المصدرية يجب حمل المصدر على معنى اسم المفعول و الاظهر ان يتمسك باحتمال الموصوفة فافهم

قوله الا ان يدعى وجودها فيما ادعوه من الافراد

و هو العموم في الاول و الخصوص في الثانى و انت خبير بان المناسب هاهنا من المعانى كما ذكره اولا و انما يناسب الافراد في المشترك المعنوى فلا تغفل

قوله غير بعيد ظهور الفرد المدعى

هذا تصديق لما احتمله اولا من قوله الا ان يدعى و تقرير له يعنى ان الحكم بظهور الفرد المدعى و هو العموم في الاول و خلافه في الثانى غير معهود لظهور مرجح و قرينته للحمل عليه و انت خبير بان المناسب هاهنا أيضا تبديل الفرد بالمعنى لما اشرنا اليه فتذكر

قوله و دلالتها

اضافة الى المفعول اى الدلالة عليهما و قوله على العموم متعلق على بالدلالة الاولى و يمكن جعله اضافة الى الفاعل بان يرجع الى النكرة او اللفظ و يقدر بعدها عليهما الراجع ضميرها الى الجنسية

قوله لانه صالح للقليل و الكثير

الاظهر ان يقال ليحقق الجنس في ضمن الواحد كما يتحقق في ضمن الجميع و امّا ما ذكره فيتراءى منه ظاهر المخلطين الجنس المراد هاهنا و هو الكلى الشّائع في افراده و الجنس باصطلاح آخر و هو ما يصلح للقليل و الكثير و ان حاصل استدلاله ان الجنس ما يصلح للقليل و الكثير اى الخصوص و العموم فلا يدل على خصوص العموم و فيه انه اصلاح آخر في الجنس و المراد به صحة اطلاقه على الجميع و على كل بعض كالماء و العسل لا كالانسان لعدم اطلاقه على بعض اجزائه و لا مدخل لهذا في افادة العموم و عدمه كما لا يخفى

قوله و ربما قيل ببطلان النذر

قد ظهر لك بما قررنا سابقا انه يمكن الاستدلال على البطلان بانه امّا ان يريد بالاوّل الاوّل الحقيقى الذى يكون اولى بالنسبة الى جميع ما عداه او الاضافة فعلى الاوّل لم يوجد متعلق النّذر لعدم وجود اداء كذلك و على الثانى يجب تجويز الامتثال لعتق بعض ما تلده اذا ولدت بعدها أيضا و ان كانت بعد المرتبة الاولى و لم يقل به احد و أيضا لا ريب انّ المتبادر الاوّل الحقيقى و لم يوجد و الحكم بوجوب العتق الاوّل الاضافى ممّا لا وجه له اللّهمّ الّا ان يقال ان المتبادر من الاول في امتثال هذه المواضع ما لا يكون مسبوقا آخر و حينئذ فيصدق على كل ما تلده في المرتبة الاولى هذا و لو كان المراد من اوّل المولود و المملوك اوّلا على ما ذكرنا انّ الظاهر ان بناء كلامهم عليه فالامر ظاهر فانّه يصدق على كل منهما انه المولود و الملوك اولى في المرتبة الأولى من الولادة او التملك على اشرنا اليه فتذكر

قوله ليوافق الأصول

اى ليوافق السّؤال الأصول فان العتق المعلّق على الشرط لا يصح على اصولهم الا مع النذر كما سبق فيه فينبغى ان يحمل السؤال عليه فان السّائل و هو محمد بن مسلم كان فاضلا عارفا بالمسائل و الاصول فلا يليق به سؤال لم يوافقها و يشهد له أيضا تعليله عليه السلام الاتيان بخروجها عن ملكه اذ لو لم يكن منذورا لم يتوقف على ذلك لما ذكر من الاصل المذكور فضاء الوجهين جميعا على الاصل المذكور و لكن في الاوّل تمسك باصل سؤال السّائل و في الثانى بمفهوم حكمه عليه السلام فافهم

قوله و هى مسئلة اشكاليّة

الظاهر ان عدم الجواز على القول به انما هو في شرط لم يكن باختيار النادر و فعله كقدوم زيد و شفاء مريض اذ في جواز التصرف قبل حصول الشرط لا يخلو عن اشكال لاستلزامه عدم امكان الوفاء بالنّذر على تقدير حصول الشرط و اما اذا كان الشرط من فعل المكلف باختياره فلا يظهر اشكال في جواز التصرف قبله اذ لا يلزم منه سوى ان لا يجوز له فعل الشرط فلا محذور فيه خصوصا انّ التصرّف المذكور ممّا يؤكد عدم وقوع الشرط و أيضا اذا كان الحكم في المسألة المفروضة انحلال النذر لخروج ملكه فلا وجه لعدم جواز مثل هذا التصرف قبل وجود الشّرط اصلا لا ان يتمسك سؤال السائل مع فضله و معرفته باصول المسائل عن حكم المسألة مع عدم علمه بما حكم به عليه السلام من انحلال النّذر فيها كما هو الظاهر فانه يستفاد منه جواز التصرف في المنذور قبل حصول الشرط مطلقا و لا يخفى ضعفه ثمّ قوله و هذا الخبر حجة عليهما انما يكون حجة عليهما لو قال بالتعدى كما اختاره الشارح و امّا لو لم

ص: 473

به فلا حجة فيه عليه و امّا حجية على ولده فقد ظهر لك ما فيها فتدبّر قوله في الحاشية وجه العسر اختلاف عبارات الاصحاب لا يخفى ان الاختلاف المذكور مما يقوى كون موضع الاجماع هو العبد فليس وجها لعسر تعيينه كما ذكره الا ان يجعل قوله و مع ذلك من تتمة ذلك لا كلاما آخر فيكون حاصل وجه العسر ان اختلاف عبارات الاصحاب يرشد الى كون موضع الاجماع هو العبد لكن يبعد وقوع الاجماع على حكم بدون نصّ ظاهر و النص الظاهر فيه ورد في المملوك فالظاهر منه لو وقع الاجماع وقوعه فيه لا في خصوص العبد و لا يخفى ضعفه فان بالظهور المذكور لا يمكن الحكم بكون موضع الاجماع هو المملوك فالمتيقن منه لو تيقن انما هو العبد فالاعتذار المذكور موجه فافهم

قوله يمكن عمل بمضمونها الشيخ و جماعة لصحتها

اى بزعمهم فان جماعة وضعوها بالصحة لكن التحقيق صحتها الى ابى بصير و امّا ما هو فمشترك بين المرادى الجليل الشأن و الاسد الواقفى و ان وثقوه أيضا في المش و لا قرينة على كون المرادى و كانه لهذا قال المصنف الصّحيحة عن ابى بصير و هذا شي ء آخر و هو ان الرواية المذكورة وقعت في التهذيب في ثلاث مواضع اثنان منهما عن هشام بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السلام بغير واسطة و في الكافي أيضا نقلت هكذا و حينئذ فيكون صحيحة على ما هو المعروف عندهم لكن يكون مضطربة الاسناد و هو مما يضعف التعويل عليها لانعقاده حال الحكم بحرية امته يمكن ان يناقش فيه بان الحكم بحرمة امته لما كان بحسب الظاهر و متزلزلا فاذا تبين بطلانها فيمكن ان يحكم برقيّة ولدها أيضا تبعا و القياس بوطء الشبهة او الشراء الفاسد قياس و ليس بحجة فالاولى ان يقال ما ذكره لا يفيد الا بطلان العتق بموته في مرضه و لا يفيد بطلان المبيع غايته جواز بيعها في ثمن رقيتها فيكون ولده من امتها فيكون حراما و لا وجه لصيرورته بعد ذلك رقّا و منه يظهر وجها آخر لضعف الشريك المذكور فانه لا يتم في الامر أيضا فانه لا يفيد الا جواز بيعها في ثمنها لا صيرورتها رقا لمولاها الاول كما تضمنته الرواية و يمكن حمل الرواية على اشتراط الخيار لو لم يؤد ثمنها الى السنة و اشتراط رقية ولدها أيضا على تقدير الفسخ و كانه لا بعد في تجويز مثل هذا الشرط على رأى من يجوز اشتراط رقية الولد من المملوكة كما هو المش او مطلقا اذا لم يشترط حريته كما هو رأى ابن الجنيد نعم لا يصح على رأى من لا يجوز اشتراط رقية أيضا كما هو المختار عند المصنف و الشارح و اللّه تعالى يعلم

[كتاب التدبير و المكاتبة و الاستيلاد]

[النظر الأول في التدبير]

قوله اذ لم يزد عن قيمته

قال سلطان العلماء فلو زاد ثلث ما بقي من التركة بعد الدّين عن قيمته المدبر عتق المدبر كله فعرض الشارح من التقييد بقوله ان لم يزد الخ تصحيح التبعيض المستفاد من قول المصنف من المدبر انتهى و لا يخفى اذا كان ثلث ما بقي مساو القيمة المدبر فعتق أيضا المدبر كله فلو كان غرض الشارح هو ما ذكره فلا وجه للتقييد بعدم الزيادة بل كان عليه ان يقول اذا نقص عن قيمته فالوجه ان يقال غرض الشارح من هذا التقييد هو تصحيح ما يستفاد من ظ كلام المصنف من صرف تمام ثلث ما بقي في عتق المدبر كما يشهد به من له او في درية باساليب الكلام فافهم

[النظر الثاني في الكتابة]

قوله و يندفع ذلك كله بان العجز حالة العقد حاصل

كانه اراد بالعجز حالة العقد عدم صلاحية للتملك حالته و هذا بخلاف الخبر الّذى لا يملك شيئا لصلاحية له و ان لم يملك بالفعل ثمّ لا يخفى انه على تقدير كون بعضه حرّا يندفع منع العجز بهذا المعنى و ان لم يكن بيده مال فلا حاجة الى الاشتراط المذكور فلعلّ اشتراطه لدفع الوجه الاول أيضا بدون حاجة الى التمسّك بما اورده في النظر و عبارة س اجود مما هنا فانه جعل الاقرب اعتبار الاجل لجهالة وقت الحصول او للعجز حال العقد لعدم ملكه ثمّ ذكر في فروعه انه لو نصفه حرّا و بيده مال فكاتبه على قدره فما دونه فالأقرب الصحة لانه كالسعاية و لا يخفى انه لما لم يتعرض على الوجه الاول بما اورده هاهنا فيتوجّه منه اشتراط ذلك ليندفع كلا الوجهين بخلاف ما هنا فانه بعد ما اورده النظر على الوجه الاول و دفعه بالتمسّك بالوجه الثانى الاولى الحكم باتجاه الصحة على تقدير كون تعقبه حرّا مطلقا فتدبر و في شرح الشرائع اجاب عن النظر بما حاصله انه لا بدّ من القدرة على الاداء بعد العقد بلا فصل و هاهنا لا يمكن ذلك بل لا بد من كسب بعده باقراض او قبول هبة او وصية او اخذ من معدن كان واقفا عليه و نحوها فان كل ذلك لا بد ان يتاخر عن قبول الكتابة فيكون العوض لان ما قبل القدرة و التمكن و قد لا تيسّر ذلك فلا يحصل اصلا و اجاب عن التمثيل بشراء من لا يملك من الاحرار بان الحرية مظنة القدرة و ان لم يملك شيئا آخر فانه يقدر على اداء الثمن من المبيع و كان حاصله ان الحريّة مظنة القدرة على الوجه المذكور اى القدرة بدون تحقق كسب جديد فان الحر يمكنه بعد العقد الا اذا و ان يملك شيئا و آخر اصلا فانه يقدر على اداء الثمن من المبيع و انما جعله مظنة القدرة الا بعد كسب كما قررنا و لا يخفى ان للمتكلف حمل كلامه هاهنا أيضا على هذا الجواب بان يحمل العجز حالة العجز على العقد بعده بلا حصول كسب جديد لكنه اخل بالتعرض لدفع التمثيل المذكور اما غفلة او اعتماد على ما ذكره في المسالك و على هذا فما ذكره بقوله نعم لا بد فيه من الاشتراط الذى ذكره و لا حاجة في توجيهه الى القدر الذى ذكرنا ثمّ ان ما ذكره في رفع التمثيل المذكور يتجه عليه انه قد يصح شراء من لا يملك و ان لم يكن مظنة القدرة اصلا و لا يمكنه الاداء من البيع أيضا كما في شراء من ينعتق عليه او اشترط عتقه فتأمل

قوله لانه كالسعاية

اى الكتابة بهذا الوجه بمنزلة سقاية المتبعض في فكاك ما لم يتحرّر منه فكما لا يشترط فيه الحل فكذا هاهنا و يمتنع اعتبار القدرة هذا المنع يتجه سواء حمل القدرة على العوض حالة العقد على صلاحية للتملك له حالته او على ما ذكره في المسالك من القدرة عليه بعد العقد بلا فصل اذ لا دليل على اعتبار شي ء منهما و لذا قال فيه أيضا بعد ما نقلنا عنه في الجواب ان الحق ان مثل هذا لا يقدح في صحة العقد

قوله و لا يجوز حمل مطلقه عليه للعلم به من اشتراط الاجل

لا يخفى ان من اشتراط الاجل لا يعلم الا اشتراط الاجل في الجملة اما الواحد او المتعدد و اما جواز كل منهما فلا يعلم منه الاحتمال وجوب التعدّد فيه كما هو الشائع فاذا حمل هذا الكلام على الواحد أيضا فيكون مفيدا و لا يستغنى عنه السّابق و كان مراده انه لو حمل عليه فاستعار به منه ليس الا باعتبار انه اذا جاز التنجيم و لم يشترط تعدد النجم يستفاد منه جواز النجم الواحد أيضا و لا يخفى ان ما سبق من اشتراط الاجل أيضا يفيد ذلك بالتقرب المذكور و هذا بخلاف ما اذا حمل على تنجيمهما نجوما متعددة اذ لا يستفاد منه الا اشتراط اصل الاجل و يكفى الواحد لذلك فاذا ذكر بعده جواز التنجيم فلا يبعد حمله بقرينة السّابق على التنجيم نجوما متعددة فيكون مقيّد فافهم

[كتاب الإقرار]

[الفصل الأول في الصيغة و توابعها]

قوله و ابدلا منه على تقدير الرفع

كذا

ص: 474

في النسخ و الظاهر و ابدل منهما

قوله و قول لبعضهم أ ليس الليل تجمع ام عمرو

و ايانا بان تجمع في ليل واحد فيكون ذلك اى جمعه بيننا و بينها ثمّ يقول نعم اى جمع اللّيل ايّانا و ايّاها واقع فانى ارى الهلال كما تراه و يعلوها النهار كما علانى فقد اجتمعتا في ليل واحد او المراد نعم سيجمع بيننا و بينها مشاركات اخرى أيضا و هى انى ارى الهلال كما تراه و يعلوها النهار كما علانى او يعم سيجمع الليل بيننا و ارى الهلال ليلة الجمع كما تراه و يعلوها النهار صبيحة تلك الليل كما علانى و المراد نعم سيجمع بيننا فانه قد وقع بيننا هذه المشاركات و هى انى اراني ارى الهلال كما تراه و يعلوها النّهار كما علانى فلا تجمع بعد في ان تجمع بيننا و بينها و يمكن ان يكون غرضه اولا الاستفهام من تحقق الجمع في الجملة فيكون بينهما نوع من التدانى و القرب ثمّ يكون غرضه التصديق لوقوع هذا النوع منه و هو الجمع في رؤية الهلال و انه يعلوها النهار كما علاه فتدبّر

[الفصل الثاني في تعقيب الإقرار بما ينافيه]

قوله و لو انه لما وصل الى الواحد قال الّا اثنين الا ثلاثة

قال في شرح الشرائع لان المنفيات تسعة و اربعون و المثبتات خمسون فبعد الاسقاط بقي واحد لكن هذا انما يتم اذا جعلنا جميع الازواج مثبتة و الافراد منفية و يشكل بانه لما بلغ الواحد كان منفيا من الستة المختلفة فلما قال الا اثنين كان مستغرقا لما قبله و مقتضى القاعدة رجوعهما معا الى السابق بل الثالث أيضا الا انه ان استثنى من الثانى او من المجتمع منه و من الاول استغرق و انما يتم ما ذكروه اذا جعلنا جملة الازواج مثبتة مستثنى منها و جملة الافراد منفية مستثناة و يكون جملة الكلام بمنزلة افراد واحد بخمسين استثنى منه تسعة و اربعون انتهى و ذلك لانه اذا ضمت الازواج في هذه الجملة و هى عشرون الى المثبتة سابقا و هى الثلاثون يصير خمسون و اذا ضمت الافراد المنفية و هى اربعة و عشرون الى المنفية سابقا و هى خمسة و عشرون يصير المجموع تسعة و اربعون فاذا سقطت الثانية من الاولى يبقى واحد هذا و اما ما ذكره المصنف في الدروس ان الأزواج ثمانية و اربعون و الافراد تسعة و اربعون فاذا سقطت الاول من الثانى بقي واحد فهو من طغيان القلم و هاهنا بحث و هو ان الاثنين في الجملة الاخيرة لا يجوز ان يكون مستثنى من الواحد لاستغراقه فلا بد ان يكون مستثنى مع السّابق من السّابق و لم يصح ذلك أيضا لاستغراقه أيضا مع انه حينئذ يصير من الجمل المنفية و لا يتوجّه ما ذكروه من لزوم الواحد بناء على ما ذكروه و كذا القول في استثناء الثلاثة و لا يجوز أيضا جعل الاثنين استثناء من مجموع المنفيات في الجملة اعنى الخمسة و الثلاثة استثناء من المثبتات و هكذا اذ حينئذ يلزم استثناء المستغرق في قوله الأثمانية و ذلك لان باستثناء الاثنين ثبت سبعة و بالثلاثة اربعة و بالاربعة ثمانية و بالخمسة ثلاثة و بالسّتة تسعة و بالسّبعة اثنان فيكون قوله الّا ثمانية استثناء من الثمانية المنفية فيستغرق فاللازم حينئذ ان يحكم بثبوت الاثنين و بطلان الاستثناء بعده نعم ما ذكروه انما يتوجّه اذا جعل جملة الازواج مثبتة مستثنى عنها و جملة الافراد منفية مستثناة و يكون جملة الكلام بمنزلة اقرار واحد غير نظر الى تعلق التالى بتلوه و هذا لا يتمشى على ما قرروه من القواعد فتأمل

قوله و لو عكس القسم الاول فبدأ باستثناء الواحد و ختم بالتسعة لزمه واحد

قال في شرح الشرائع لان بالأول تسعة و بالثانى سبعة و بالثالث اربعة لان هذه الثلاثة كلها منفيات اذ ليس فيها انقص من الاول فصارت كجملة واحدة فبالرّبع اثبت فيها اربعة فصار المقر به ثمانية و بالخامس بقي ثلثه و بالسادس صار تسعة و بالسابع بقي اثنان و بالثامن كمل عشرة و بالتاسع بقي واحد و الاشكال فيه ان الاستثناء المستغرق لما قبله يرجع معه الى المستثنى منه و المستثناة في هذا الفرض كلها على هذا النهج و بالرابع بما بعده يحصل استغراق المستثنى منه و ذلك يقتضى بطلان الرابع و ما بعده و قد تخلص رحمه الله تجمع الثلاثة الاول من حيث اتفاقها في الحكم و جعلها كاستثناء واحد و معه يصح ما ذكره لكن اثبات ذلك لا يخلو عن اشكال انتهى و لا يخفى ان مع هذا أيضا لا يصح ما ذكره بل يقف الاستثناء عند الثمانية كما في الصّورة الاولى و ذلك لان الثلاثة الاول بمنزلة استثناء الستّة من العشرة ثمّ يستثنى الاربعة من الستة فثبت ثمانية ثمّ يستثنى منها الخمسة فيبقى منها الخمسة فيبقى ثلاثة و نفى سبعة ثمّ يستثنى منها ستة فثبت تسعة ثمّ يستثنى منها سبعة فبقي اثنان و نفى ثمانية ثمّ يستثنى منها ثمانية و هو مستغرق فاللازم حينئذ ان يحكم بثبوت الاثنين و بطلان الاستثناء بعده كما ذكرنا في الصورة الاولى و من هذا يظهر فساد ما ذكر في الصورة الثانية أيضا من لزوم الخمسة بل يلزم فيه أيضا استغراق الاستثناء عند الثمانية في الجملة الاولى اذ الجملة الاولى فيها هى هذه الجملة بعينها فاللازم فيها أيضا ان يحكم بثبوت الاثنين و بطلان الاستثناء بعده فكانه رحمه الله بعد جعل استثناء الثلاثة الأول بمنزلة استثناء واحد منفى جعل جملة الازواج مثبتة و جملة الافراد منفية من غير نظر الى تعلق التالى بتلوه او بما حصل في مرتبته و حينئذ يصح ما ذكره و ان شئت جعل الاستثناء بعد الثلاثة الاول متعلقا بما يحصل في تلك المرتبة الى ان يبلغ الثمانية فنجعلها مثبتة من غير نظر الى تعلقها بمتلوها الذى هو السّبعة و لا بما حصل في مرتبة الذى هو الثمانية المنفية لاستغراقها فيصير المثبت عشرة ثمّ يستثنى منها التسعة فيبقى واحد الا ان شيئا من الوجهين لا يوافق ظاهر ما قرروه من القواعد فتدبّر

قوله و ان كان مجازا

اعلم انهم اختلفوا في الاستثناء المنقطع فذهب جمع الى انه حقيقة و آخرون و هو الاشهر الى انه مجاز و حكى بعضهم القول ببطلانه أيضا و كلام المحقق و العلامة أيضا في هذا المبحث يرشد الى وجود القول المذكور لكنه قول نادر حتى ان القاضى في شرح المختصر الحاجب قال لا نعرف خلافا في صحته لغة و على هذا فقول الشارح رحمه الله و ان كان مجازا اشارة الى ترجيح المجازية او المرادية و ان قلنا بمجازيته كما هو احد القولين و قوله لتصريحه بارادته رفع الاستبعاد وجوب حمل كلامه على المجاز مع انه لا يصار اليه لضرورة فرفعه بانه لا استبعاد مع تصريحه به فان كلامه صريح في الاستثناء المنقطع انه اذا امكن تاويله الى المتصل تعين ذلك حذرا من الهذر بل القائلون بصحته أيضا و حجوا في مثل هذا الموضع تاويله الى المتصل بارتكاب حذف مضاف كالقيمة بناء على المنقطع و ان صح مجازا لكنّه مجاز بعيد بخلاف ارتكاب حذف المضاف فانه ليس بذلك البعد و من هذا يظهر ان ما ذكره المحقق رحمه الله و العلّامة في هذه المسألة من انه ان قلنا ببطلان الاستثناء من غير الجنس بطل الاستثناء فيه ما فيه و يمكن ان يكون ترديد الشارح بناء على صحة هذا الحمل أيضا و ان قيل بصحة المنقطع مجازا بل حقيقة أيضا لانه و ان كان مجازا فهو مجاز مشهور لا يقتصر عن تلك الحقيقة لو لم يكن اظهر منها و على هذا فالمراد بتصريحه بارادته تصريحه بها او مما يئول اليها من التاويل بالمتصل فتأمل ثمّ انه على الوجهين ينبغى اعتبار قيمة الثوب و اخراجها عما أقر به اما على الثانى فظاهر و اما على الاول فلانه لا يمكن اخراج

ص: 475

الثوب من غير الجنس الا بهذا الوجه و هاهنا اشكال و هو انه على تقدير كونه لا يفيد اخراج شي ء عن شي ء بل يكون بمعنى لكن كما صرحوا به فيكون مفاده نفى ثبوت الثوب له في ذمته و كما ان قولهم جاءني القوم الّا حمارا لا يفيد الا نفى مجي ء الحمار فمن اين يحكم باخراج الثوب مما أقر به و اعتبار قيمته و الجواب ان المنقطع و ان كان بمعنى لكن الا ان مفاده في جميع الموارد ليس مجرد مخالفة المستثنى للمستثنى منه في الثبوت و النفى بل قد يكون ذلك كما في المثال المذكور و قد يكون مفاده المخالفة بينهما باعتبار ثبوت الحكم المذكور لغيره لا له نحو جاءني زيدا لا عمروا او باعتبار ثبوت حكم آخر له مخالف للحكم الاول نحو ما اهاننى الا ما اكرمنى او ما زاد الا ما نقص و بالجملة فمفاده مفاد لكن فكما ان مفاد لكن في الامثلة المذكورة مختلف فكذا مفاد الّا المنقطع و لا ريب في ان الظاهر منه في الاقارير اذا كان بمعنى لكن ثبوت المستثنى لنفسه على المقر له في مقابلة ما أقر به له و عوضا عنه فاذا حكم بسماع الاستثناء عقيب الاقرار لشيوعه و كونه بمنزلة الكلام الواحد فيجب ان يحكم بثبوت ما أقر به عليه و ثبوت المستثنى له على المقر له في مقابله فيسقط عنه ما قابله و يبقى الباقى و يكون الكلام به بمنزلة الاقرار به و هاهنا اشكال آخر اشار اليه في ذلك و هو انه اذا حمل على المنقطع لا منع من الاستغراق لان الاستثناء المستغرق انما يقبح له اخراج الزائد او المساوى عن الشيخ فاذا لم يكن المنقطع للإخراج بل كان بمعنى لكن على ما ذكر فلا منع من ان يكون الثبوت الذى دفعه عوضا عما عليه كان يقدر ما عليه او زائد اذ لا قبح فيه و يمكن الجواب بان المنع منه كانه ليس باعتبار قبح ذلك بل باعتبار عدم سماعة منه مع الاستغراق او مفاد اقراره الاول ثبوت شي ء له في ذمته فاذا كان المستثنى مساويا او زائدا فلا يبقى شي ء في ذمته و هو مناف لاقراره فيكون مكذبا له فلا يسمع نعم لو لم يقل على بل قال كان له على له مائة و فسر الثّبوت المساوى او الزائد لم يكن مكذبا لاقراره لكن لا يسمع منه اذ لا يسمع منه بعد الاقرار ما يرفعه بمجرّد دعواه و انما يسمع الاستثناء لما ذكرنا من انه بمنزلة الاقرار بالباقى و انت خبير بانه على هذا ففى سماع الأقل أيضا تامّل لانه اذا كان بمنزلة جملين فكما لا يسمع الجملة الثانية مع التصريح بها فينبغى ان لا يسمع ما هو بمنزلتها أيضا و كون ذلك مع الاستثناء بمنزلة اقرار واحد بما ينبغى بعد الاستثناء بخلاف الجملتين لاستقلال كل منهما انما يسلم في المتصل و اما المنقطع فللتأمّل في التفرقة بينهما مجال نعم على القول بارجاعه الى المتّصل بحذف مضاف و انما المتبادر منه لا اشكال فتأمل

[الفصل الثالث في الإقرار بالنسب]

قوله و كذا المنفى عنه شرعا كولد الزنا و ان كان على فراشه

كما اذا فرض انه زنى بامراة ثمّ تزوّجها فاتت بولد لدون ستة اشهر من حين الدخول بعد التزويج

قوله و المجنون كذلك

سواء كان ولدا او غيره كما صرّح به في الميّت

قوله بل ثبت نسبهم بالنسبة الى المقر

اى لا بالنسبة الى الاقارب و هذا انما في غير الولد و اما فيه فيثبت بالنسبة الى الاقارب أيضا كما يظهر من كلامهم فالتقييد لتصحيح الحكم في الجميع

قوله هذا اذا اشتركا في الفراش

كما اذا كانت زوجة لكل منهما و يحتمل تولد الولد في زمن زوجية كل منهما و كانت المرأة قبل ذلك زوجة للمدعى الآخر و امكن كون الولد من كل منهما بان لم يتجاوز من طلاق الاول اقصى الحمل و تجاوز من دخول الثانى اقله

قوله فلو كانت في اثناء لاحدهما حكم له به خاصة

لا يخفى ان كونها فراشا لأحد المنازعين لا يجتمع مع فرض الزوج لهما و تصديقه لاحدهما فلعلّ قوله و ان صادقه الزوجان لا يتعلق بخصوص الصّورة المفروضة بل المراد بيان حكم كلى هو انه اذا كانت فراشا لأحد فالولد له دون غيره و ان صادقه الزوجان او يقال المراد انها كانت فراشا لأحد المنازعين في وقت و لم يكن فراشا للآخر اصلا و كان لها في الحال زوج يصدق الآخر فلا عبرة بتصديقه و لا يخفى بعده اذ لا مجال لتوهم اعتبار تصديق الزوج في هذه الصورة فتفطن

قوله صح تصادقهما

هذا ما ذكره في الشرائع و عد و غيرهما اذا لم يكن لهما ورثته و الا فمن كان له ورثته مشهورون لا يقبل اقراره في النسب لانه اقرار في حق الغير فان الارث يثبت للورثة المعروفين فاقراره بوارث آخر يقتضى منعهم او مشاركتهم فيه من ينسب اليهم فلا يقبل بمجرّده و ان صادقه الآخر بل يقتضى الى البينة و لا يخفى ان الوجه المذكورات في الولد أيضا لكنهم لم يعتبروا ذلك في الاقرار بالولد و اشترطه أيضا في شرح الشرائع ان يكون الملحق به اى الشخص الذى ينتهى قرابتهما المدعاة اليهم كالاب و الاخ و الولد في ولد الولد ميتا فلا عبرة بتصادقهما في حياته غير مذكور في كلام الاكثر و لم يظهر لى مأخذه أيضا فللتأمّل فيه مجال كما ذكرنا فيما علقنا على كذلك

قوله الى ورثتهما

اى غير اولادهما و الا فيتعدى الى اولادهما كما صرّح به في السرائر

قوله مضافا الى ما سبق

كان المراد ان مقتضى قولهم غير التولد مع ضميمة ما ذكره في سابقه من الحكم بثبوت النسب في الحاق الصغير مطلقا و الكبير مع التصادق كما سبق هاهنا أيضا ان التصادق في التولد يتعدى ذلك لان هذا التخصيص لا بدّ امّا لعدم صحة التصادق في التولد اصلا و عدم ثبوت النسب به رأسا او لوجود التعدى فيه بالضميمة المذكورة ينتفى الاحتمال الاول فلا بد ان يكون للتعدى المذكور و لو جعل قوله مضافا بيانا لمقتضى الآخر لما ذكره ففيه ان الحكم السّابق لا يقتضى الا ثبوت النسب به في الجملة لا للتعدى أيضا و قد قيد الشارح هناك في الثلاثة ثبوت نسبهم بقولهم بالنسبة الى المقر لا بالنسبة الى الاقارب و حينئذ فلا يفهم منه في صورة التصديق أيضا لا ثبوته في الجملة لا مع التعدى الا ان يكون غرض الشارح الى عبارة المصنف و ما يستفاد منها بل الى عبارات غيره و انه وقع فيها ما نقله سابقا على هذه المسألة و ظاهر ثبوت النسب هو الثّبوت مطلقا حتى بالنسبة الى الاقارب أيضا و يؤيد هذا قوله قولهم لا قوله فافهم

قوله و لا عبرة بانكار الصغير بعد

هذا لو لم يكن اجماع لا يخلو عن اشكال و لا يبعد ان يكون احلافه لا اقل و يكون فائدته مع الرجوع او النكول بطلان النسب من الجانب الآخر و ان لم يسمع منه بالنسبة الى نفسه و الله تعالى يعلم

قوله و إلا يكن كذلك بان كان المقر ولدها

لا يخفى ان الحكم باعطاء ربع ما بيده لو كان المقر هو الولد و ان صح على اطلاقه يمكن فيه اخلال اذ قد يجب الزائد عليه كما اذا كان هو الولد مع وجود الابوين تعطى ما تدخل عليها من النقص على تقدير الزوج و هو نصف السّدس و تمام ما يرد عليها على تقدير عدم الزّوج و هو ثلاثة اخماس سدس و هو يزيد على ربع ما بيدها و ان لم يبلغ ربع المال و كذا البنات مع احدهما اذا قررن جميعا يعطين ما يدخل عليهن من النقص على تقدير الزوج و هو نصف السدس و ما يرد عليهن على تقدير عدمه و هو اربعة اخماس سدس و هو يزيد على اربع ما بايديهنّ و مع اقرار بعضهن بتلك النسبة

ص: 476

و امّا البنات معها فيعطين ربع المال مع اقرارهنّ و الا فبتلك النسبة نعم البنت الواحدة مع احدهما ان تعطى ربع ما بيدها فتأمل

قوله و انّما حصة الزّوج مع الابن إلى آخره

هذا مع التعدد و اما اذا كانت واحدة فلا يدفع الاب كل الفاضل مما في يده عن السدس بل بعضه فان الاب مع البنت يرثان اربعة اسداس و يبقى سدسان يرد عليهما ارباعا فالفاضل بيد الاب نصف سدس و اذا فرض وجود زوج معهما فله الربع و يبقى نصف سدس يرد على الاب و البنت ارباعا فعلى هذا يرد الأب من نصف السّدس الذى بيده ما فضل عما يرد عليه مع وجود الزّوج و هو الربع منه فرد ثلاثة ارباع منه و كذا في صورة الامّ مع عدم الحاجب و لو خص كلامه في الصّورتين بصورة وجود الابوين صح ما ذكره مع الوحدة و لا التعدد اذ لا فضل مع وجود الابوين و تعدّد الانثى في يد الابوين كما اشار اليه في الصّورة الاخيرة بقوله و مع الحاجب فتدبّر

قوله و ليس لها حاجب

اى حاجب يحجبه عما زاد على السّدس اى من ان يرد عليها ذلك و هذا ما بوحدة الانثى سواء وجد الاب أيضا ام لا فانه التقديرين يرد عليها شي ء من السّدس او السّدسين و اما بعدم وجود الاب او وحدتها و وجوده فلا يدفع اليها كالفاضل عن السّدس بل الفاضل عن السدس و ما يرد عليها أيضا على تقدير الزوج

قوله و مع الحاجب

و هو يتعدد الانثى وجود الاب فانه ليس نصيب الام حينئذ الا السّدس فاذا اقرت بالزّوج لا تدفع اليه شيئا اذ ليس بيدها شي ء من نصيبه و انما هو بيد البنات

قوله او هو للاب مطلقا

اى و ان كان مع وارث آخر و لا يخفى انه لما كان المفروض عدم وجود فالوارث الذى يجتمع مع الاب ينحصر في الام و حينئذ فاذا اقر الاب بزوج للميّت فيجب ان يدفع اليه نصف المال لا ما نصف في يده اعنى الباقى بعد اخراج نصيب الام فقوله رحمه الله فقد تدفع في ما يده كما ترى و لو كان بدله النّصف مما في يده لكان له وجه فافهم

قوله كما لو كان هو الأمّ مع الحاجب

لا وجه لهذا التقييد فان الاب اذا كان موجودا فللامّ مع الحاجب السّدس و بدونه الثلث و على التقديرين اذا اقرت بزوج للميّت فلا تدفع اليه شيئا في يدها و هو ظ

قوله و تنزيل ذلك على الاشاعة

لا يخفى ان الحمل على الاشاعة انما يصح المسألة على ما قرره المصنف على الفرض الاخير اى مع عدم وجود الولد فانه لا ريب حينئذ ان المقر بالزّوج مطلقا يدفع اليه نصف ما في يده و امّا على تقدير وجود الولد الذى ذكره اولا فالحمل على الاشاعة أيضا لا يصحح المسألة فان المقر بالزوج لو كان غير الولد أيضا من الابوين لا يدفع اليه النصف بل انما يدفع الربع كما لا يخفى نعم الحمل على الاشاعة انما يفيد في بعض العبارات كعبارة الشرائع حيث قال لو اقر بزوج للميّت و لها ولد اعطاه ربع نصيبه و ان لم يكن ولد اعطاه نصفه ثمّ لا يخفى ان التنزيل على الاشاعة و ان صحح الحكم باطلاق اعطاء النصف على الفرض الاخير لكن يبقى قصور في بيان الحكم اذ قد يجب اعطاء الزائد عن نصف ما بيده كما اذا كان المقر الاب مع وجود الامّ سواء كان مع الحاجب او بدونه اذ حينئذ يجب عليه اعطاء نصف المال لا نصف ما بيده فتدبّر

قوله اقرار بامر ممتنع

فيه ان زوجية الثانى ليست ممتنعة بحسب اهل الشرع حتى يحكم بالغاء الاقرار بها بل انما يمتنع مع صحة الاقرار الاول و هى غير معلومة اذ كما يمكن كذب الثانى يمكن كذب الاول فلا وجه للحكم بالغاء احدهما بل يجب مؤاخذته بهما كيف و مثل هذا الامتناع لو وجب الحكم بالغاء الاقرار الثانى فيما لو اقر بعين لزيد ثمّ لعمرو و الامتناع ان يكون تلك في ان واحد بتمامه لشخصين مع انهم لم يحكموا بالغائه بل حكموا بانه يعزم للثانى فالظاهر هاهنا أيضا ذلك فتأمل

قوله ان كان المقر الولد

لا يخفى على من تامل فيمن ذكرنا في مسئلة الزوج ان هذا الحكم أيضا و ان صح على اطلاقه لكن فيه اخلال فان الاقتصار ما بيده انما كان هو مع عدم الابوين و اما مع وجودهما او احدهما فقد يزيد ما يعطى الولد المقر على ثمن ما بيده كما اذا اتحد الولد الذكر مع الابوين او احدهما فانه مع الاقرار بالزوجة يعطى ثمن المال لا ثمن ما بيده لان نصيب تمام الزوجة معه و مع تعدد الذكور يعطى المقر بتلك النسبة و كذا البنات مع وجودهما نعم البنات مع احدهما و البنت الواحدة مع احدهما او معهما يقتصرن على اعطاء ثمن ما بيدهن كما يظهر بالتأمّل فتأمل

قوله و لو كان بيده اكثر من نصيب الزوجة

كانه حمل النصيب على الفريضة اذ حينئذ يتصور زيادة الفاضل مما بيده عن نصيبه عن النصيب الزوجة و الظاهر ان مرادهم به ما هو نصيبه شرعا سواء كان بالغرض ام لا كيف و قد لا يكون للمقر فريضة فلا حاجة الى هذا الاستدراك فافهم

قوله بدفع اقل الامرين

و هو قد يكون نصيب الزوجة هذا لو حمل النصيب على مطلق النصيب الشرعى و لو حمل على الفريضة فكما اذا كان المقر احدى الاخوات او الاختين ثمّ لا يخفى ان في الحكم بوجوب وقع الاقل على الوجه الذى ذكره تامل اذ قد لا يدفع شيئا منهما كما اذا كان المقر احد الابوين مع الانثى سواء كانت متعددة ام واحدة فانه اذا اقر بزوجة لا يدفع تمام نصيب الزوجة و هو ظاهر و لا ما فضل بيده عن فريضة على تقديرها و هى السدس اذ مع الزوجة يرد عليه شي ء مما فضل عن الفرائض فلا يدفع الى الزوجة تمام ما فضل بيده عن فريضة و عما يرد عليه أيضا على تقديرها و مثلها ما لو كان المقر احدى الاخوات او الاختين فالصواب هو ما ذكره اولا غير الولد يدفع اليها الفاضل مما بيده عن نصيبه على تقديرها بان يراد بالنصيب النصيب الشرعى سواء كان الفرض ام الرّد و يراد بما في يده ما في يده من نصيبه على تقدير عدم الاقرار لا جميع ما في يده اذ ربما كان بيده نصيب وارث آخر أيضا و الحاصل انه يدفع اليها الفاضل مما بيده من نصيبه شرعا على تقدير عدم الاقرار على نصيبه شرعا على تقدير الاقرار و يمكن حمل كلام الشارح على ذلك بان يكون قوله و لو كان بيده اكثر من نصيب الزوجة لاستدراك ما لو كان بيده نصيب وارث آخر و لا يخفى ما فيه من التعسف فتأمل

[كتاب الغصب]

قوله نعم لو كان المالك إلى آخره

الظاهر بدل نعم الواو كما لا يخفى

قوله كالعارية المضمونة

كذا في اكثر النسخ و حينئذ يكون مثالا للمنفى

قوله و لانه منكر

لا يخفى ان كونه منكرا أيضا ليس الّا لأصالة المذكورة فجعله دليلا آخر كما ترى

قوله لان ثبوت البقاء شرعا مجوز للاهانة و الضرب إلى آخره

فيه تامّل اذ يجرى مثل ذلك في مسئلة اليمين أيضا لانه اذا كان القاعدة الشرعية هى توجه اليمين على المنكر فيوجه اليمين هاهنا الى المالك و بعد يمينه يثبت البقاء شرعا و هو مجوز للاهانة و الضرب الى ان يعلم خلافه فلا وجه للعدول عن القاعدة الشرعية و الحكم بتوجه اليمين على المدعى فتدبر

قوله للانتقال الى البدل

لا يخفى ان الحكم بالانتقال الى البدل حيث يتعذر تخليص العين يأتى في المسألة السّابقة أيضا اذ يمكن فيها أيضا الحكم باليمين

ص: 477

على المنكر كما هو القاعدة و يدفع ما الزم فيها من تقليد الحيش بالحكم بالانتقال المذكور فالتفرقة بين المسألتين بهذا الوجه سخيف جدّا فتدبّر

قوله لان الانتقال الى البدل ابتداء يوجب الرجوع الى قوله

لا يخفى ان الرجوع الى قوله يخفى هو ان يحكم يحلفه الى الرّد فاذا حلف لا يلزم بشي ء لا ردّ الاصل و لا البدل او هاهنا يحلف المالك و يحكم عليه برد البدل فلا يلزم الرجوع الى قوله و أيضا لو كان الرّجوع الى قوله محذورا فكيف حكم به في المسألة السّابقة و يمكن دفع الاخير بان المحذور الرجوع الى قوله بلا نيّة و لا يمين كما هنا و في المسألة السابقة يرجع الى قوله باليمين و لا محذور فيه و يمكن دفع الاول أيضا بان المراد ان الحكم بعدم الزامه بالعين اصلا و الانتقال الى البدل ابتداء رجوع الى مجرد قوله و دعواه الرّد بلا بينة و لا يمين و هذا يوجب جرأة الناس على مثل هذه الدعوى ليذهبوا باعيان الاموال بمجرّد دعوى كاذبة اذ حينئذ يحكم له بحلف المالك و هو اهانة للمالك لا له بل ربما كان ذلك أيضا مقصوده ثمّ يحكم له بما هو غرضه من غير بينة و لا يمين و لا عقوبة يخاف منها فمقتضى الحكم ان يحكم بعد حلف المالك بالزامه بالعين او الحيش و العذاب على ذلك حتى تظهر امارة عدم امكان العين ليكون الخوف من ذلك مانعا عن الاجتراء على هذه الدعوى كاذبا فتأمل

[كتاب اللقطة]

قوله و يضعف بعدم لزوم ذلك مطلقا بل جاز العكس

بان يؤدى السفر به الى ظهور نسبه بان كان اصله من مكان بعيد عن امكان الالتقاط و يوافقه المسافر اتفاقا و نحو ذلك كذا في المسالك و لا يخفى ان مراد القائل و هو الشيخ رحمه الله في المبسوط اداء ذلك الى ضياع نسبه غالبا و كونه مظنة ذلك و عدم اللزوم لا ينافى ما ذكره فكان مراد الشارح رحمه الله انه لما لم يلزم ذلك لا يمكن الحكم باشتراطه بمجرّد هذا الظن مع اصالة عدمه نعم لو كان لازما اتجه اشتراطه

قوله و لان اذن الشارع له في الاخذ مع عدم الاذن في النفقة ضرر و حرج

دعوى الضرر و الحرج على تقدير الاستحباب كما ترى

قوله و في الضمان لمالكها على تقدير ظهوره

و فائدة الخلاف مثل ما سيذكره من فائدة الخلاف في مسئلة الضمان بعد التعريف اذا نوى التملك او تصدّق به

قوله فاذا جاء طالبه رده اليه

سابقا من وجد شيئا فهو له فليمتع به حتى يأتيه طالبه فاذا جاء الى آخر

قوله و لا ينافى ذلك

اى ما ورد في الخبر من انه اذا جاء طالبه رده اليه لا ينافى ما حكموا به من جواز تملكها بالقيمة على تقدير ظهوره بناء على انه اذا ملكها فينبغى القول بعدم وجوب ردّها عليه و كفاية قيمتها و وجه عدم المنافاة ان ملكه انه يملكه ملكا متزلزلا ينفسخ بمجي ء صاحبه و لا جعل ذلك اشارة الى الضمان لصاحبه كما فعله سلطان العلماء فهو كما ترى

قوله عموم صحيحة ابن سنان

انت خبير بان الصحيحة المذكورة انما وردت في حيوان سببه صاحبه لما لم يتبعه و هو غير معتبر في اخذ الشّاة في الفلاة فالتمسّك بها لعدم ضمانها مطلقا كما ترى

قوله لو قصد التملك في موضع جوازه بدونه

اى بدون جواز قصد التملك

قوله لرواية على بن حمزة

لا يخفى ان السائل انما سئل عن الدّينار فالاستدلال به على حكم اللقطة مطلقا و ان نقص عن الدرهم كما ترى

قوله لو لم يظهر في الدنيا

او لم يطالب على الاحتمال

قوله المصنف رحمه الله و المخصرة

قال في الصحاح المحضرة السّوط و لا يخفى ان ما ذكره الشهور من ان الغالب كونها من الجلد انما هو في السوط ففى طرحه مما نقل ضرب من الاختصار المخل فلا تغفل

قوله و هى كل ما اختصره الانسان بيده فامسكه

اى امسك هذا الشي ء الانسان او بالعكس

قوله و على المتعارف

كان المتعارف اطلاق المحضرة على السّوط و نحوه

قوله و كانه اراد به الشرط

هذا دفع للاشكال الاخير بان مراده بالوجوب نيته عند التملك المستفاد من جعله شرطا في وجوبه كانه هو الوجوب الشرطى لا الشرعى فلا يقول بوجوبه الشرعى اصلا و حينئذ فيندفع الأشكال الاخير لكن يتوجه حينئذ ان الظاهر من الاخبار هو الوجوب الشرعى لا الشرطى فلا حاجة في الاستدلال بها الى التمسّك باطلاقها كما فعله اولا فافهم

قوله لان مناط اكثر الشرعيّات الظن

كان الوجوه الثلاثة وجه لجواز الدفع على ابن ادريس و اما وجه ما استوجهه من اعتبار الظنّ فهو محال على الظهور كما يستفاد من دليل ابن ادريس الا انه عدل عنه في صورة الظن لما ذكر من الوجوه و يمكن ان يجعل الوجه الاول وجها لاعتبار الظن في الجواز و الاخير ان وجها لكفايته و الاول اظهر فتدبّر

قوله و في بعض الاخبار

و هى ما روى عنه عليه السلام انه قال فان جاء صاحبها فعرف بصاحبها و عددها فادفعها اليه و ظاهره وجوب الدفع لكنهم حملوه على مجرد الاذن و الاباحة بناء على اصالة عدم الوجوب بدون البينة خصوصا مع احتمال لزوم عزم عليه بسببه لظهور ملك يأتى بالبيّنة

قوله و الاقوى الأوّل

قوله عليه السلام لا يبعد ان يحمل قوله عليه السلام فاجعلها في عدم مالك على فاعددها في عرضه و ادخلها في جملته و اعلم انها منه و حينئذ فلا ينافى القبول بالملك القهري فتأمل

[كتاب إحياء الموات]

قوله سواء في ذلك المسلم و الكافر

و قيل يختص جواز الاحياء بالمسلم للتقييد به في بعض الاخبار كما في رواية ابى خالد الآتية فمن احيا ارضا من المسلمين فليعمرها و ليؤدّ خراجها الى الامام و فيه انه ظاهر في حال ظهور الامام و الكلام في زمن غيبته على ان دلالتها على تخصيص الحكم بالمسلمين ضعيفة جدا فلا يصلح مخصصات للعمومات المتضافرة و يمكن ان يكون وجه التخصيص بهم انهم المطيعون للاحكام المنتفعون بها كتخصيص ما خصّ من الاحكام في الكتاب العزيز بالمؤمنين مع عمومها بالنسبة الى ساير المكلفين فتأمل

قوله لان ذلك لا يقصر عن حقه

الظاهر كما في شرح الشرائع لا يريد اى حقه عليه السلام فيها لا نريد عن حقه في غيرها مما ذكره فاذا كان ذلك في يد الغير على جهة الملك و لم يجز انتزاعه منه فهنا اولى لان الحقوق الاخرى اقوى بالنية و اظهرها لصلاحيتها للانتفاع بالفعل بخلافها هاهنا او لعدم تحمل الغير هناك عملا و مئونته بخلافه هاهنا لتوقف تملكه على الاحياء و مئونته و يمكن توجيه كلامه هاهنا بجعل المشار اليه بملك غيره عليه السلام اى بملك الغير لحقه عليه السلام هاهنا لا يقصر عن تملكه لحقه من غيرها فاذا وقع التملك هناك فههنا اولى لما اشرنا اليه من الوجهين و فيه تكلف و على الوجهين فيرد ان بملك الكافر و المخالف ليس هناك بجائز و ليس تملكا حقيقة و انما يقر يده عليه الى ظهوره عليه السلام بخلافه هاهنا فانهم حكموا بجوازه و انه يملك حقيقة عندهم فيشكل ذلك بانه اذا كانت ملكا للامام عليه السلام في تملكها بالاحياء المستفاد من الاخبار فلا اشكال فتأمل

قوله فانه بيد الكافر و المخالف

في لك المسلم و الكافر فينبغى ان يحمل المسلم على المخالف كما ذكره هنا او يجعل بناؤه في حق المؤمنين على القول باباحة تصرفهم في حقوقهم عليه السلام في الخمس و غيره في زمان الغيبة و على هذا يصير الحكم فيهم تطيرا لما نحن فيه أيضا و يندفع فيهم ما اوردنا من الايراد في الحاشية السّابقة و يبقى في غيرهم فافهم

ص: 478

قوله و لا يجوز احياء العامر و توابعه

لا يخفى عدم امكان احياء العامر و كانه بعدم الجواز فيه تبعا لتوابعه فافهم

قوله اذ عامرها حال الصح قاطبة

لا يخفى ان عامر كل ارض لاهلها و لا يجوز احيائها بل لا يمكن كما اشرنا اليه و عامرها للامام عليه السلام لا يجوز احياؤها في المفتوح عنوة بدون اذنه مع حضوره كذلك لا يجوز ذلك في غيرها و مع اذنه او غيبته عليه السلام يجوز في الجميع و التفرقة بين المفتوحة عنوة و غيرها على ما ذكر مما لا وجه له نعم الفرق بينهما انما يظهر فيما اذا صار عامرها مواتا فانها لما كانت للمسلمين قاطبة و لها مالك معروف فلا يزول ملكهم عنها بالموت على ما حكم به المصنّف و انه اخبرني كل ما جرى عليه ملك مسلم معروف بل نقل في التذكرة اجماع اهل العلم على عدم زوال الملك عنها ايضا بالموت كالتى ملكت بالشراء و نحوه و اما غير المفتوحة عنوة مما اسلم عليها اهلها طوعا من غير قتل التى هى لاهلها فاذا عرض لها الموت و لم يكن لها مالك معروف يجوز تملكها بالاحياء و كذا اذا كان لها مالك معروف و كان قد ملكها بالاحياء بعد الموت على الخلاف بخلاف ذلك في المفتوحة عنوة لانتقالها الى المسلمين قهرا فلا يزول ملكهم عنها و ان كانت بالاجماع الذى نقلنا عن كره و كذا القول في التى سلمت للمسلمين طوعا من غير قتل التى هى من الانفال اذ يجوز تملك عامرها بعد الموت بالاحياء لكونها ملك الامام فحكمها حكم ساير الاراضى الميتة التى للامام بل ربما يجوز للمؤمنين تملك عامرها ايضا و كان نظر المصنف و الشارح ايضا في الفرق الى ما ذكرنا و ان كانت عبارتهما لا يخلو عن قصور ثمّ لا يخفى ان القائلين بعدم خروجها عن ملك صاحبها اختلف فذهب بعضهم الى عدم جواز احيائها و لا التصرّف فيها مطلقا بدون اذن المالك كغيرها من الاملاك و ذهب اكثرهم الى جواز احيائها و صيرورة الثانى احق بها لكن لا يملكها بذلك بل عليه ان يؤدى طسقها الى الاول و وارثه و لا يفرقوا في ذلك بين المتملك بالاحياء و غيره من الاسباب الملكية و هذا ظاهر عبارة المصنف هنا حيث حكم كليا بان كل ارض ترك اهلها عمارتها فالمحيي احق بها و عليه طسقها لأربابها و على هذا فلا يستقيم اطلاق حكمه بعدم جواز احياء المفتوحة عنوة على الوجه الذى ذكرنا ايضا فينبغى تقييد ذلك في العامر بعدم صحة تملكها بقصد التملك فتأمل

قوله لان الماء يبلغه فيغمره

اى يغطى جميعه اذ ليس فيه مر بان و نحوه بخلاف العامر اذ الماء لا يغطى ما فيه من المرز و نحوه

قوله و ماء دافق

فان جمهور اهل اللغة على ان الدفق متعد بمعنى الصّب بمرة و على هذا فيكون الدافق من المدفوق و نقل عن الليث دفق الماء بمعنى انصب بمرة فيكون الدافق على بابه

قوله لعموم من احيا ارضا ميتة

الروايات بهذا المضمون متظافرة

قوله و لصحيحة ابى خالد الكابلى عن الباقر عليه السلام

هذه الرواية رواها في التهذيب عن الحسن بن محبوب بحذف السند و ذكروا ان طريق الشيخ اليه حسن و اليه ايضا مما اخذه من كتبه و مصنّفاته صحيح و حينئذ فالحكم بصحة طريق هذه الرواية غير ظ و لو سلم فانها هى صحيحة ابى خالد و اما ابو خالد فالذى يظهر من كتب الرّجال انه اصغر و اكبر و ان الراوى عن ابى جعفر عليه السلام و ابى عبد اللّه عليه السلام و لم يذكروا له توثيقا و لا مدحا و اما الاكبر فهو ايضا و ان لم يوفقوه لكن ذكروا انّه من حوارى علىّ بن الحسين عليه السلام و انه لو لم يكن في ذمته عليه السلام في اوّل امره الا خمس خمسة نفر منهم ابو خالد الكابلى و نقلوا ايضا انه قال بامامة محمد بن الحنفية و هى اثم رجع لما فصل في الرواية و هى طويلة و بالجملة فالحكم بصحة الرواية لو امكن فانما هو لو كان هو الاكبر و هو غير ظاهر بل الظاهر انه الاصغر فتدبّر

قوله و قول الصادق ع

رواها بحذف الاسناد عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب و لا مناقشة في صحة السّند سوى ما اشرنا اليه في الحاشية السابقة من حال سند الشيخ الى الحسن هذا و هاهنا رواية اخرى ايضا لم ينقلها الشارح هنا و لا في المسالك و هى صحيحة عمرو بن يزيد المنقولة في زيادات خمس التهذيب فارجع اليه

قوله عليه السّلام خربة هائرة

فيما عندنا من التهذيب بائرة

قوله و البحرين

هذا ينافى ما مر منه في كتاب الخمس حيث مثل ما سلمت للمسلمين طوعا من غير قتل التى هى احد اقسام النقل بلاد البحرين و يشهد لما ذكره هناك رواية قال سألته عن الانفال فقال كل ارض حرية او شي ء كان للمملوك فهو خالص للامام ليس للناس فيها سهم قال و منها البحرين لو لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب

قوله المصنف رحمه الله و كل ارض ترك اهلها عمارتها فالمحيي احق

هذا الحكم ذكره اكثر من قال به فيما اذا ماتت بعد العمارة و ظاهر قول المصنف ترك اهلها عمارتها انه يكفى فيه ترك اهلها عمارتها و ان لم يبلغ حدّ الموات كما اشرنا اليه الشارح ايضا لكن قوله فالمحيي يشعر بما ذكروه من صيرورتها مواتا و بالجملة فالاكتفاء بالاعم و ان كان يمكن استفادته من بعض عبارات الاخبار لكن يشكل الحكم به و الاولى الاقتصار في الحكم حقيقة الثانى على ما اذا بلغت حد الموات

قوله فلرواية سليمان بن خالد

الرواية في التهذيب هكذا قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام فطعن الشارح عليها بالقطع مما لا وجه له و اما حكمه بضعف السند ففيه انه ليس في رجالها من يقدح فيه سوى سليمان بن خالد و هو و ان نقل انه خرج مع زيد فقطعت اصبعه معه و لم يخرج من اصحاب ابى جعفر عليه السلام غيره لكن نقلوا انه تاب من ذلك و رضى عنه ابو عبد اللّه عليه السلام و ترحم عليه و ان كان فقيها وجها و وثقه العلامة في الخلاصة و في حواشى الشارح عليها بخط سليمان بن خالد لم يوثقه النجاشى و لا الشيخ الطوسى و لكن روى الكشى عن حمدويه انه سئل ايّوب بن نوح أ ثقة هو فقال كما يكون الثقة فالاصل في توثيقه ايّوب بن نوح و ناهيك به انتهى فكان حكم الشارح بالضّعف بناء على قاعدته من تضعيف الموثقات و جعله الخروج مع زيد دليلا على فساد مذهبه و للتامّل فيه مجال و بالجملة المعمول بين المتاخرين الحكم بصحة رواياته من جهته و لو كانت موثقة فمن الموثقات القويّة

قوله لان نفس الارض حق صاحبها

ان في مقام الاستدلال على عدم خروج موات به عن الملك ليس كون نفس الارض حق صاحبها امرا مسلما بل ليس الا مصادرة محضة و ايضا بعد التفطن يكون الارض حق صاحبها كيف يتمشى الاستدلال بهذا الحديث على جواز الاحياء مع القيام بالاجرة على رامه او لعل المراد بحقه هو نفس الارض و حينئذ لا دلالة فيه على ما دامه اصلا بل يكون حجة لمذهب جمع من الاصحاب الذين قالوا بوجوب ردّها الى المالك و عدم جواز التصرف فيها مطلقا الا باذنه كما استدلوا و الحق ان الحق مجمل يحتمل الوجهين فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على شي ء من المذهبين الا ان يقال من قبل المصنف رحمه الله و اضرابه ان الحق في الرواية و ان كان يحتمل نفس الارض و الاجرة لكن يجب حمله على الاجرة جمعا بين الاخبار اذ لو حمل على نفس الارض لنافت الاخبار الادلة ثمّ بعد ثبوت حق الاجرة يمكن ان يقال ايضا ان الظاهر منه عدم خروج الارض عن ملك الاول اذ مع القول بالانتقال الى الثانى و زوال ملك الاول لا معنى لثبوت الاجرة له على الثانى ربما امكن تأييد ذلك بلفظ الصاحب ايضا اذ الظاهر

ص: 479

منه الصّاحب في الحال و بعد زوال ملكه لا يبقى له صحته في الحال و فيه منع انحصار الحق في الامرين لجواز ان يكون شيئا آخر كاعيان بعض ما بقي من آثاره او قيمتها و ان بلغ حد الموات اذ لا يعبر فيه ذهاب رسم العبارة رأسا كما سبق من الشارح و ايضا يمكن ان يحمل على نفس الارض و يخصّ بما اذا لم يكن ملك السابق بالأحياء الذى نقل الاجماع فيه على عدم الانتقال عن ملك الاول و يخصص الاخبار الادلة بما اذا كان ملك السابق بالاحياء بل مورد رواية ابى خالد ليس الا ذلك يمكن ايضا تخصيص الروايات العامة بالاحياء الابتدائى و بالجملة فالظاهر فيما كان السابق بالاحياء هو القول باحقية الثانى غير لزوم الطسق و اللّه تعالى يعلم

قوله المصنف و يصرف للامام

لا يذهب عليك انهم ذكروا في بحث الخمس وجوب الخمس في الغنيمة من منقولها و غير منقولها من الاراضى و غيرها و على هذا فحكمهم بكون الارض المفتوحة عنوة للمسلمين قاطبة يجب ان يخص مما سوى الخمس لكن اكثرهم لم يتعرضوا لذلك في هذا المبحث و لا في بحث الجهاد كانهم نسوا ما ذكروه هناك ثمّ ان اكثرهم ايضا اهملوا فيما وقفنا عليه تحصيل حكم حصة الخمس و انه عليه السلام يفرزها و يقسمها بين اهلها او يصرف حاصلها و نماءها بينهم في كل سنة سوى ما راينا في كلام العلّامة في السرائر في كتاب الاحياء فانه على الثانى و على هذا فلو فرض ان له افرازها و افرازها فيكون حكمها بعد انتقالها الى اهل الخمس حكم ساير الاراضى المملوكة و صح بيعها و شرائها و احيائها بعد الموت في غير حصة الامام عليه السلام اذا لم يعرف مالكه و في حصة الامام مع اذنه او غيبته و ان لم يفرض فيكون حكمها حكم الاربعة الاخماس الاخر مع عدم صحة شي ء من ذلك الكون المالك لها معروفا لكن يجب صرف نماء الحصة الى اهل الخمس و نماء الحصص الاخرى الى مصالح المسلمين قاطبة و يتفرع حينئذ جواز التصرّف زمن الغيبة في كل قطعة من تلك الاراضى بقدر حصة الامام بل بقدر كمال الخمس لما ورد عنهم عليه السلام من الاذن لشيعتهم في الخمس و بالجملة فكلامهم رحمه الله قاصر عن تحقيق هذه الامور و كانه ايضا قليل الجدوى فتأمل

قوله او عرض له الموتان

لا يخفى ما فيه فان الارض المفتوحة عنوة المحباة حال الفتح اذا عرض له الموتان لا يملك بالاحياء على ما نقلنا من كره الاجماع عليه فلعلّ المراد عروض الموتان حال الفتح فالمراد بالاول ما كانت مواتا حال الفتح اصالة من غير عروض احياء لها اصلا و بالثانى ما عرض لها الاحياء لكن صارت مواتا حال الفتح ففى الصورتين لما كانت مواتا حال الفتح مهر ملك للامام لا للمسلمين فيصح إحياؤها بالشرط السابق فتأمل

قوله او وجدت في يد احد

الظاهر و وجدت بالواو و المعنى انه اذا اشتبه حالها حال الفتح و وجدت في يد احد يدعى ملكها فيحكم بكونها ملكا له حيث لا يعلم فساد دعواه لاحتمال ان يكون مواتا حال الفتح و احيائها فحى على تقديرا و يمكن توجيهه بان المراد بالاول لما كانت ميتة الآن و لا يدعيها و اشتبه حالها حال الفسخ فحينئذ يجوز احيائها لأصالة عدم كونها محياة حال الفسخ و بالثانى ما كان لأحد يد عليها سواء كانت محياة ام ميتة و ادعى ملكها و لا يعلم فساد دعواه لجواز الاحياء كما ذكرنا و لجواز كونها من حصة الخمس على الاحتمال الذى اشرنا اليه سابقا لكن لا يخفى انه حينئذ يتفرع على الاول جواز احيائها كغيرها من الارضين المملوكة كما فرعه على الجميع لعدم تحقق المالك بعد الا ان يقدر فيه ايضا ثمّ احياها فحى كما في الشقين السّابقين عليه فتأمل

قوله بالشرط السابق

لا وجه لهذا الاشتراط في الشق الاخير اذ بناء على الحكم الظاهرى فانه لما كانت في يد من يدعى ملكيتها و لا يعلم فساد دعواه فيحكم بملكيتها له و لا معنى حينئذ لاشتراط الشرط السابق غيبة الامام عليه السلام او اذنه مع حضوره نعم هذا الشرط انما يتجه في باقى الفروض الا ان يكون المراد بالاشتراط في الفرض الاخير اشتراط ذلك فيما بينه و بين اللّه تعالى اى انا و ان حكمنا له بالملك لكن يشترط فيه ايضا ان كان تملكه بالاحياء له و اعادة الشرط السابق فتفطن

قوله الملك للمحيى

هذا التقييد اشارة الى ان الشروط المذكورة شروطا للاحياء الملك للمحيى لا لصحة الاحياء مطلقا كما هو ظاهر العبارة فلا يرد انه لا وجه لاشتراط انتفاء ملك سابق و ان بنى الكلام على الكلام عدم بطلان الملك بالموت فانه مع الملك السابق يصح إحياؤه عند القائلين بالقول المذكور ايضا لكنهم يقولون انه لا يصير ملكا للمحيي بل عليه طسقه لمالكه كما سبق من المصنف و منه يظهر انه لا بد من عمل قوله في شرح هذا الشرط لم يصح احيائها على عدم صحة احيائها على الوجه المذكور لا عدم صحته مطلقا كما هو ظاهره فافهم

قوله من التفصيل المختار

و هو انه اذا كان الملك السابق بالاحياء فيجوز إحياؤها بعد الموت و ان كانت في يد المالك السابق فظهر منه عدم اشتراط انتفاء الملك السابق و كذا انتفاء يد الغير كليّا و هو ظاهر فتأمل

قوله و اثبات الملك مطلقا يأباهما

فيه تامّل فانه يجوز تملك شي ء مع اشتراط سلب بعض منافعه كما اذا اشترى ارضا مستاجرة لغيره او لشرط اجراء نهر او ميزاب عليها و حينئذ فلم لا يجوز ان يكون ما نحن فيه من هذا القبيل اذا اريد الجمع بين الحقين فتفطن

قوله و انما يتوجهان لو جعله مشروطا باحد الامرين

ظاهر القياس تجويز القبول بالملك مشروطا باحد الامرين و لا يخفى في تجويز الاشتراط عدم تحقق ناسك لجهالته اذ ليس المراد عدم تحققه وقت الاحياء بل ابدا و اما اشتراط عدم ضيق المكان فهو و ان توهم صحته لكن فيه ايضا ان الظاهر ان المحقق جواز احياء اليسير لعدم الاضرار بناء على سعة الباقى للناسكين عادة وقوع عليه وقوف بعض الحاج فيه فاذا قلنا بالتفصيل الذى ذكرها المصنف رحمه الله ثانيا كان معناه انه ان انفق في بعض السّنين ضيق المكان بحيث يحتاج البعض الى الموقوف به صح و الا فلا و ظاهر انه على هذا لو اشترط عدم الضيق ينبغى ان يشترط عدم انفاق الضيق و هو ايضا في الجهالة كسابقه فافهم

قوله هذا اذا لم يكن المانعان الاولان او احدهما موجودا

لا يقال اذا لم يكن شي ء من المانعين الاولين موجودا فلا وجه للقول بكفاية كل واحد من الثلاثة بل يتعين حينئذ الثالث لانا نقول ليس المراد عدم وجودهما في اول الامر بل حين تحقق احدهما و الحاصل ان الاقوى عنده الاكتفاء بكل واحد من الثلاثة اذا لم يتحقق بعده شي ء من المانعين الاولين اما لو تحقق واحد منهما او كلاهما فلا بد من رفعه ايضا فافهم

قوله و الا لم يكتف بالباقى

كان الظاهر بحسب السياق ان يقال و الا لم يكتف به اى لأحدها و هو الثالث او احد الاخيرين و لعل التعبير بالباقى للاشارة الى ان في صورة وجود احدهما لم يكتف باحد الاخيرين و لا بمجموعهما ايضا فافهم

قوله و كذا احدهما

قال سلطان العلماء رحمه الله اى و كذا لم يكف احدهما من قلع

ص: 480

الشجر و قلع الماء انتهى و يمكن ان يكون المراد و كذا اذا كان احدهما مستوليا لم يكف الحائط

قوله و كذا يملك الماء من احتقن شيئا من مياه الغيث او السيل

و لا يملك بدون ذلك و ان نزل الغيث في ملكه او دخل السيل فيه صرح به كره نعم يحصل بذلك اولوية كما صرح به الشهيد في قواعده و على هذا و لو كان نحطى انسان الى ملك الغير و اخذ من ذلك الماء لم يكن لمالك الارض استرداده و كان ملكا للثانى باستيلاء يده عليه قاله في التذكرة و لعله لا يخلو عن اشكال

قوله المصنف و منها المعادن

كلامهم في تحقيق المعادن الظاهرة و الباطنة مشوّشا جدا و الذى يتخلّص من التأمّل في فتاويهم ان المعادن الظاهرة هى ما يبدوا جوهرها من عمل اى لا يحتاج الى حفر شي ء من الارض لظهوره و لا الى عمل و معالجة لحصوله و ان احتاج الى عمل و تعب في حفره و اخذه و الباطنة هى التى تحتاج الى احدهما اما بان يكون في قعر الارض كالياقوت الكائن في بطن الارض او يكون على وجه الارض لكن يحتاج الى عمل ليظهر ذلك الجوهر كما في الذهب مثلا لكن ذكروا ان القسم الثانى منها للحق بالظاهرة في الحكم اى لا يملك الا بالحيازة اذ لا يتصوّر الاحياء فيها لوجودها على وجه الارض و ينبغى ان يخصص ذلك بمثل تراب الذهب و اشباهه مما كان على وجه الأرض و لا يحتاج الى عمل الا بعد احرازه و اخذه و اما اذا حصل على وجه الارض و لكن يحتاج الى عمل لحصوله كما اذا فرض ان ارضا سبخة يحتاج الى ان يساق الماء اليها حتى ينعقد ملحا فاجراء الماء اليها احياء لها يملك به ما ينعقد فيها من الملح على ما يظهر من فتاويهم و لعل هذا هو السّر في التعرض للعمل لحصول الجوهر في القيمة و الا لكان الظاهر ان يقال ان الظاهرة هى ما يكون على وجه الارض و الباطنة الى قسمين و الحاق احدهما بالظاهرة في الحكم لغوا محضا هذا اذا عرفت هذا فعليك ان يحمل كلام الشارح هاهنا و في شرح الشرائع على ما ذكرنا و ان كان ظاهره لا سيما في شرح الشرائع يوهم خلاف ذلك و العجب انه رحمه الله عدا الياقوت هاهنا من الظاهرة و في شرح الشرائع من الباطنة و اعجب منه ان العلامة في التذكرة عدا الياقوت و البرام في كل من الظاهرة و الباطنة

قوله لعدم اختصاصهما به حينئذ

كان من يقول بالقسمة لا يقول بقسمة تمام المعدن بينهما حتى يشكل في صورة الزّيادة لعدم اختصاصهما به حينئذ بل قسمة ما اراد اخذه و حينئذ لا اشكال و التحقيق في هذه المسألة انه اذا نقص المعدن عن مطلوبهما بها و توافيا عليه دفعه و امكن القسمة فالمتجه ح هو القول بالقسمة على ما ذكره المصنف رحمه الله و المراد انه ينصب الحاكم قاسما بقسمة بينهما على ما صرح به في التذكرة و لو كان المراد ان القاسم يعين حصة كل منهما حتى يأخذ كل منهما من المكان الذى اختص به لا انه يحضر القاسم و يقسم بينهما و هو ظاهر و لا انه بعد حضرهما و اخذهما يجب ان يقسم الحاصل بينهما اذ لعل احدهما اكثر من الآخر و حينئذ فالقول بوجوب القسمة بينهما على التساوى مشكل الا ان يحكم بوجوب اجرة المثل لما زاد عن عمل الاخير و فيه أيضا اشكال و اما القول بالقرعة لياخذ الجميع من اخرجته كما هو احد القولين في اصل المسألة فضعيف في هذه الصّورة نعم لو تشاحا حينئذ فالتقديم في البلد لضيق المكان اتجه القرعة هذا و اما اذا اراد المعدن عن مطلوبهما او كان بقدره فلا يتصوّر النزاع بينهما الا في التقديم اذا ضاق المكان فلا وجه للقول بالقسمة حينئذ بل يتعين القرعة الا اذا فرض اختلاف اجزاء المعدن في سهولة الاخذ و صعوبته فلا يبعد القول بالقسمة و يمكن ادراج هذه الصّورة أيضا في الشق الاول و على هذا فلا معنى للقول بالقسمة في الشق الثانى اصلا فتأمل

قوله و الماء الذى لا يفى بغرضهما

الاظهر لا نريد عن غرضهما موافقا لقوله بخلاف ما لو لم يزد

قوله و الفرق ان الملك مع الزيادة

لا يخفى ما في صورة التحجير و السّبق الى الماء الذى لا يفى بغرضهما لا يحصل الملك الا بعد الاحياء او الاخذ او ما قبلهما فليس الا اولوية و هى موجودة في هذه الصورة أيضا فما ذكره من الفرق لا وجه له اصلا نعم ان يقال في صورة اتساع المعدد او الماخذ انه لا يحصل للسابق الا اولوية السبق فلو قهره احد و تقدم عليه اثم بهذا الاعتبار و لا يحصل له استحقاق لشي ء من الماء او المعدن لعدم انحصاره و لو عادة فلا يمكن عادة ان يعين له حصة منه فلو قهر احد احدا على الفرات مثلا و جاز ماء فالظاهر انه يملكه اذ لا يمكن ان يقال ان فيه من حصة الآخر ما ذا هذا مع وجود امثال ما جازه كثيرا بلا منازع بخلاف صورة التحجير و الماء الذى لا يزيد عن غرضهما بل ما لا يقطع بكونه وافيا بغرضهما و ان و في الكافي نفس الامر لظهور استحقاقه حينئذ فتأمل

قوله بخلاف ما لو لم يزد

و بخلاف التحجير كما ذكر في شرح الشرائع

قوله و لو كان المعدن في الارض المختصّة بالامام

لا يقال هذا ينافى ما ذكره سابقا بقوله و كذا لو احيا ارضا مواتا فظهر فيها معدن فانه يملكه اذ الارض الموات مختصة بالإمام عليه السلام لانا نقول الارض الموات للامام عليه السلام ما دام مواتا و حينئذ فما يوجد فيها من المعادن أيضا له عليه السلام و اما اذا احياها محا فيخرج عن كونها ملكا له عليه السلام و يصير ملكا للمحيى فيملك بالظهر فيها من المعادن أيضا فتأمل

قوله و الناس في غيره شرع

و هو الارض التى اهترك فيها المسلمون كالمفتوحة عنوة

[كتاب الصيد و الذباحة]

قوله ما انهر الدم

قال في يه فكل الانهار الاسالة و الصّب بكثرة شبه خروج الدم من موضع الذبح يجرى الماء في النهر انتهى و امّا انهار على ما نقل هاهنا فكان الالف فيه للاشباع كما في استكان فانه على ما في القاموس افتعل من المسكنة اشبعت حركة عينه

قوله و يقال ان اضافة المصادر

هذا من آداب المصنف في قواعده و لا يخفى ان اضافة الحج الى البيت و كذا الصوم الى رمضان انما هى اضافة المصدر الى المفعول و كما صح المصدر اليهما على هذا الوجه كذلك ليصح اضافة الفعل اليهما كذلك بان يقال حج البيت و صام رمضان بجعلهما مفعولين و كما لا يصح حج البيت و صام رمضان بجعلهما فاعلين كذلك لا حج البيت و صوم رمضان بجعلهما من اضافة المصدر الى الفاعل فما ذكره لا يصلح شاهدا على مخالفة اضافة المصدر لإضافة الافعال اصلا هذا غريب جدّا

قوله لامكان كون الجار المحذوف في

او الباء اى حاصله بذكاة امه و لعل هذا اظهر

[كتاب الأطعمة و الأشربة]

قوله المصنف او تساويا فيه

اى تساوى الضّعيف و الدقيف فيه و امّا ما ذكره الشارح كما ترى

قوله فهو كرش

قال في القاموس الكرش بالكسر و ككتف لكل مجترّ بمنزلة المعدة للانسان ثمّ ان الظاهر من قوله فاذا اكل الجدى فهو كرش انه اذا اكل الجدى يصير هذا الشي ء الاصغر كرشا و يظهر ذلك أيضا من قوله في لغة الكرش و استكرشت الا نفخة صارت كرشا و ذلك اذا دعى الجدى البنات و هذا كما ترى بل الظاهر ان الكرش محل الانفحة لان الانفحة تصير بعد الاكل كرشا نعم ربما لا ينفى الانفحة بعد الاكل و حمل كلام ق على هذا بان يكون فاذا اكل الجدى فهو كرش اى لا يبقى سوى الكرش و كذا قوله و استكرشت الانفحة

ص: 481

صارت كرشا اى لم يبق منها سوى محلها الذى هو الكرش بعيد جدّا و كذا حمله على ان المراد انه اذا اكل الجدى يقال للانفحة كرش بان يكون للكرش معينان احدهما ذكر و ثانيهما الا نفحة بعد الاكل و كذا قوله و استكرشت الانفحة صارت كرشا اى بلغت الى المرتبة التى يقال لها الكرش بعيد جدا على انه لم يذكر هذا المعنى في لغة الكرشى هذا ثمّ ان حكم صاحب صدوق بسهو الجوهرى مما لا وجه له بناء على ما هو الظاهر من تفسيره اذ ينطبق كلام الجوهرى أيضا على ما ذكره بان يكون المراد بالانفحة هى الكرش اى الشي ء الذى يصير بعد الاكل كرشا بقرينة قوله فاذا اكل فهو كرش و حينئذ يكون هو اللين المستحيل بناء على ما ذكر من انه يصير بعد الاكل كرشا نعم لا ينطبق على ما ذكره اوّلا في تاويله كما لا يخفى و امّا حمله على ما ذكر ثانيا في تاويله فهو ابعد من حمل كلام القاموس اليه اذ ليس في كلام حديث اللبن المستحيل اصلا فانه اذا فسر الانفحة يفهم منه انه الكرش بالمعنى المعروف يسمى قبل الاكل الانفحة و بعده كرشا و ما ذكره فرق من قوله و استكرشت الانفحة مما لا يأبى عن الحمل عليه و اما ما ذكره في تفسير الانفحة فقد ظهر حاله بما قررنا فتأمل

قوله و ان لاصق الجلد الميّت للنص

هذا بناء على ان الانفحة بالمعنى الاول مائعة لا يقبل التطهير فاذا ورد في النص طهارتها يحكم بطهارتها مطلقا لا ذاتا فقط لعدم الفائدة فيها و هذا كما ترى بل الظاهر انها ليست مائعة بحيث لا يقبل التطهير بل منجمدة يمكن تطهيرها و على هذا فهي طاهرة ذاتا و اما عروضا ففيه الوجهان فتأمل

قوله و المتيقن منه ما في داخله

و ذلك لان الانفحة ان كانت هى ذلك فهو طاهر اصالة و هو المبسوط و كذا عروضا أيضا و الا لا انتفت الفائدة في الحكم بطهارته على ما اشرنا اليه مع ما فيه و ان كانت هى الكرش فما في داخله طاهر اصالة لانه ممّا لا تحلّه الحياة و كذا عروضا ملاصق للكرش و هو طاهر على هذا التقدير

قوله و ما يتخلف في الكبد و القلب

طاهر أيضا في الجزم بطهارة المتخلّف في الكبد و القلب و التّردد في حليته و تحسينه القول بالتحريم للعموم نظر فان ادلة نجاسة الدم أيضا عامة كأدلة تحريمه و لا مخصص للمتخلّف الا اجماع الاصحاب و في كلام اكثرهم وقع التخصيص بالمتخلف في اللحم و هو بظاهره لا يشمل المتخلف في الكبد و القلب و لو تمسك بالتقييد بالمسفوح في قوله تعالى أَوْ دَماً مَسْفُوحاً حيث يفهم منه حلية غير المسفوح مطلقا و يلزم منه طهارتها أيضا كذلك فبعد المساعدة عليه نقول فهذا هو المخصّص للعموم الدّال على الحرمة أيضا بطريق اولى فلا وجه لتحسينه القول بالتحريم للعموم فتأمل

قوله و لا فرق في طهارة المتخلّف باللحم

لعلّ المراد ان حكمهم بطهارة المتخلف عام فيشمل ما اذا كان رأس الذّبيحة منخفضا عن جسدها و عدمه و امّا المتخلف في غير اللحم فلما لم يتعرّضوا له صريحا و الحكم بالحاقه بالمتخلّف في احتمال فلا شكّ ان هذا الاحتمال على تقدير الانخفاض اظهر منه على تقدير عدمه فلذا قال فلا فرق بين الصّورتين خصوصا على تقدير استثناء ما يتخلف في باطنها في غير اللحم اى باستثنائه عن الحكم بالحلية و تخصيص الحلية بالمتخلف في اللحم فانه حينئذ لا فرق بين الصورتين و اما اذا لم يستثن ذلك و حكم بحلية المتخلّف مط فلا يبعد الفرق بين الصّورتين بان يحكم بحلية المتخلّف في غير اللحم في صورة انخفاض الراس لا علموه هذا و لا يخفى على ما قررنا كان المناسب ان يقول لا فرق في حلية المتخلف بين كون رأس الذبيحة بتبديل الطهارة بالحلية و حذف قوله في اللحم امّا الأول فلان الاستثناء المذكور انما هو عن حكم بالحلية و اما الطهارة فهي ثابتة عنده في المتخلف مطلقا بلا استثناء و اما الثانى فلان عدم الاستثناء لا تؤثر في الفرق بين الصورتين في المتخلف في اللحم بل في غيره و اما المتخلّف في اللحم فلا فرق فيه بين الصّورتين سواء قيل بالاستثناء اولا و هو ظاهر هذا و الظاهر ان مراده بالمتخلف في اللحم هو ما يعم المتخلّف في الكبد و القلب و مراده انه لا فرق في طهارة المتخلف في اللحم بالمعنى المذكور بين الصورتين للعموم خصوصا بعد استثناء ما يتخلف في باطنها في غير اللحم اى ما يجد به الى باطن الذبيحة الذى حكم بانه حرام نجس و انما كان الحكم بعد هذا الاستثناء اظهر فان علوّ رأس الذبيحة لا يوجب الا ان يجذب النفس بعض الدم النجس الى البطن و قد حكم بنجاسة ذلك فلا ضرر فيه و على هذا لا يرد عليه شي ء مما اوردنا لكن فيه ان علو الراس يتوهم فيه ضرر آخر ايضا و هو ان لا يدفع الدم بالقدر المعتاد و يبقى منه في اللحم ازيد مما يعتاد بخلفه و حينئذ فالحكم بطهارته لا يخلو عن اشكال الا ان يقال ان متمسّكه في الحكم بعدم التفاوت بين الصّورتين هو العموم و يكفى في اظهرية الحكم في صورة الاستثناء المذكورة ارتفاع احد الضررين المتوهمين و ان بقي الآخر فتدبّر ثمّ لا يخفى ان سياق كلامه هاهنا على وجهنا يدل على انحصار المتخلّف في البطن فما يجذبه النّفس كما هو الظاهر و كلامه في روض الجنان يشعر بعدمه حيث قال فيه لا فرق بين تخلفه في العروق او في اللحم او البطن ما لم يعلم دخول شي ء من الدم المسفوح او تخلفه لعارض كجذب الحيوان له بنفسه او لذبحه في ارض منحدرة و رأسه اعلى فان ما في البطن حينئذ نجس و يمكن تطبيق كلامه هاهنا على ما في روض الجنان بان يحمل قوله خصوصا بعد استثناء على انه لا فرق في الصورتين خصوصا بعد استثناء ما يتخلف في البطن و تخصيص الحكم بالمتخلف في اللحم على ما وقع في عبارة المصنف و غيره فانه حينئذ لا فرق بين الصورتين نعم لو جعل الحكم شاملا للمتخلّف في البطن أيضا لكان حينئذ فرق بين الصّورتين على ما ذكره في روض الجنان فتأمل

قوله لان المختلط يعلم ان فيه

لا يخفى ان الانقباض اذا كان علامة للتذكية و الانبساط يعلم انه ميتة فصار بمنزلة العلم بتميزها ابتداء نعم لو لم يجعل ذلك علامة بل تعبدا فما ذكره الشارح موجه لكن الظاهر من الرواية هو كون ذلك علامة فما احتمله المصنف تفريعا على الرواية ليس بضعيف نعم لو فرض انقباض جميعه فحينئذ لا يمكن الحكم بتذكية شي ء منه للعلم بدخول الميتة فيه لكن لو صحّت الرواية لعلة لم يتحقق هذا الفرض فتأمل

قوله لمنع تحقق التراضى

قال سلطان العلماء رحمه الله هذا المنع على جعل عن تراض خبرا بعد خبر ليكون فلا يكون صفة للتجارة حينئذ كون الاكل و التصرّف عن تراض و هو ممنوع فيما نحن فيه فالظاهر ان قوله تعالى عَنْ تَرٰاضٍ* صفة للتجارة كما صرّح به المفسّرون و التجارة اما مرفوع على ما قرء او يكون فاعل كان التّامة او منصوب خبرا لكان الناقصة و ضمير اسمه ضمير راجع الى الاكتساب او الاكل او التصرف المعلوم من سوق الكلام و على جميع التقادير يكون الاستثناء منقطعا و حاصل المعنى انه لكن كلوا ان كان تصرفكم و اكتسابكم للحال تجارة حاصلة عن تراض فلا يستدعى هذا الا جواز كل ما اكتسب و حصل بالتجارة الموصوفة بالتراضى لم اكتسب و لا ريب ان المال المشترك لا يحصل كله لواحد من الشريكين بالتجارة بل بعض اجزائه فلا يجوز اكله بحكم الآية فظهر ضعف احتجاج بعض الاصحاب و صحة جعلها وصفا للتجارة و كان ما ذكره الشارح من ابطال

ص: 482

جعلها وصفا لها بطريق الزام لصاحب احتجاج بناء على ما فهم من الآية لابطاله مض فتأمل انتهى و الظاهر ان المستدل حمل الآية على ان المراد الا ان يكون المال الذى يؤكل منه تجارة او الا يكون تجارة صادرة عن تراض منكم فيجوز الاكل منها و حمل التجارة على ما يشمل ما ذكره من اقسام الشركة أيضا ليدل على ما ادّعاه و مراد الشارح انه اذا حمل التراضى على التراضى مطلقا اى تجارة صادرة عن تراض بالتصرّف فيها مطلقا اى حتى بالاكل منها فتحقق التراضى بهذا المعنى في المال المشترك ممنوع و ان جعل صفة للتجارة اى متعلقا باصل التجارة اى يكون اصل التجارة صادرة عن التراضى فيلزم جواز الاكل من كل تجارة وقع التراضى باصلها و ان كان غير ما ذكره المستدل او منع صريحا من الاكل منه و هو معلوم البطلان و هذا ربما قررنا ظهر ان الشارح أيضا جعل عن تراض صفة للتجارة كما هو الظاهر و ذكره المفسّرون و ليس بناء كلامه على ما افاده سلطان المحققين فتأمل

قوله و يمكن ترجيحه

بان يخصص آية الاضطرار كان مراده ان الاصل هو عدم الاثم مع الاضطرار الذى هو مؤدى قوله تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ* فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ* و تخصيص ذلك و الحكم بتاثيم احد من الاضطرار على خلاف الاصل فيقتصر فيه على موضع اليقين و قاطع الطريق اثم يقينا فيخص به بخلاف المتجاوز شبعه فان التجاوز عن الشبع ليس بحرام و فيه ان قاطع الطريق اثم قطعا باعتبار قطعه الطريق و اما باعتبار اكل الميتة فلا قطع باثمه فلو كان هو المراد بالعادى يلزم اثمه بهذه الاعتبار أيضا و الا فلا و على كل من القولين يلزم ارتكاب خلاف اصل واحد و لا ترجيح لاحدهما على الاخرى بل نقول ان ما ذكره الشارح رحمه الله يصلح مرجحا للقول الآخر فان المتجاوز شبعه لا اضطرار له فلو حمل العادى عليه و حكم بتاثيمه لا يلزم ارتكاب خلاف الاصل اصلا بخلاف قاطع الطريق فان الحكم بتاثيمه للاصل مع الاضطرار على خلاف الاصل فتأمل

قوله المصنف و يكره الاكل متّكيا و لو على كفه

في ية لا اكل متّكيا المتكى في العربية كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا و العامة لا تعرف المتكى الا من مال في قعوده متعمدا على احد سقيه و التاء بدلا من الواو و اصله من الوكاء و هو ما يشد به الكيس و غيره كانه اوكأ مقعدته و شدها بالقعود على الوطء الذى تحته و معنى الحديث انى اذا اكلت لم اقعد متمكنا فعل من يريد الاستكثار منه و لكن اكل بلعه فيكون قعودى له مستوفرا و من حمل الاتكاء على الميل الى احد الشقين ناوله على مذهب الطّب فانه لا ينحدر الطعام في المجارى سهلا و لا يسعه هنا و قال في القاموس قوله عليه السلام اما انا اكل متكئا اى جالسا جلوس المتمكن المربع و نحوه من الهيئة المستدعية لكثرة الاكل بل كان جلوسه للاكل مستوفرا مقعيا غير مربع و لا متمكن و ليس المراد الميل على شق كما قطية عوام الطبة انتهى و انت خبير بانه اذا كان المراد ما ذكرهما نفى شمول الاتكاء النهى للاتكاء على الكف تامّل فتأمل

قوله مع امتلائه ممكن

لا يخفى ان امتلاء بطنه انما هو ممكن في ذاته و انصراف نفسه عن الاكل أيضا كذلك و امّا بعد و عامة عليه فكما يمكن ان يصير انصراف نفسه عن الطعام ممتنعا كك يمكن ان يصير امتلاء بطنه ممتنعا بان يحدث مثلا فيه حرارة قوية يحرق ما يصل اليه من الغذاء فلا تمر قط فتدبّر

[كتاب الميراث]

[الفصل الأول في الموجبات و الموانع]

قوله ثمّ يقول

للمناقشة في امتناع حمله على امتلاء البطن محال فتأمل رحمه الله

قوله و لان الدية يجب دفعها الى الوارث

حاصله ان الدية يجب دفعها الى اهله للآية فلو ورث القاتل منها فاما ان يدفع نصيبه المورث إلى الوارث الآخر و لا وجه له اذ لا شي ء من ميراث احد يدفع الى غيره او يدفع الى نفسه و انه لا يعقل و توجيه العبارة ان الوارث في قوله عام يشمل نفسه و قوله لا شي ء الى آخره بيان و تفصيل للشقين المحتملين و ضمير اليه راجع الى الوارث مرادا به الوارث الآخر غير نفسه قوله لا شي ء الى قوله و الدفع

تتمة الدليل قوله و الدّفع الى آخره دفع سؤال و بيان لما ادعاه اولا من يجب دفع الدية الى الوارث الآخر للآية فتأمل

قوله لعموم آية اولى الارحام

لا يخفى ان عموم اولى الأرحام و كونهم جمع مضاف لا يجدى في المقام اعنى اثبات ارث الجميع من الدية اذ غاية ما يستفاد منه ثبوت الاولوية للجميع في الجملة و اما في جميع التركة حتى الدّية فلا نعم لو كان متعلق الآية أيضا عاما لكان لدلالته على ذلك وجه و ليس فليس ثمّ لا يخفى ما في كلام الشارح من المسامحة حيث يظهر منه ان الاستدلال بهذه الآية في المناسب و المسايب جميعا مع انه لا يناسب المسايب اصلا فتأمل

قوله المصنف و لا فرق بين امّ الولد

هذا اذا كان لولدها مانع من الارث كالكفر و القتل اذ مع وجود وارث و ان كان ابعد لا تشترى الرّق و ان كان اقرب كما ذكره فيما اذا كان للرقين ولدا لميت فالمدبر فتذكر

قوله كما لو خرج بعضه حيّا

اى كما لا عبرة بحياته اذا خرج بعضه حيا و بعضه ميتا بان مات قبل تمام الانفصال فان المعتبر حياته عند تمام الانفصال لان نصيبها مع الولد اى مجموع الربع و الثمن نصيبها مع الولد و عدمه او نصيبها مع الولد و نصيب الزوج معه و لا يمكن اجتماع شي ء منهما و هو ظاهر

[الفصل الثاني في السهام]

قوله كل فريضة لم يهبطها

و ذلك امّا بان لم يهبط اصلا كما في الاب فان له مع الولد السّدس و لم يهبط عنه و لا ينقص عنه او اهبطها الى فريضة اخرى كما في الزوج و الزوجة و الام مع عدم الولد و اما الذى اخر فكل فريضة اهبطها و لم يجعل لنا قصها قرضا و تقديرا كما في البنات و الاخوات لا يقال ان البنت الواحدة و كذا الاخت فريضتها النّصف ثمّ تهبط مع التعدد الى الثّلثين و هو فريضة اخرى و لو قيل ان الثلثين ليس فريضة معيّنة لان فريضة البنات و الاخوات و ان بلغن ما بلغن فليس فريضة كل واحدة امرا معلقا قلنا فعلى هذا يرد الاشكال بكلالة الامّ فان لها مع الوحدة السّدس و مع التعدد بالغا ما بلغ الثلث مع عدم دخول النقص عليهم لانا نقول ان في البنت و الاخت و ان هبطت الى فريضة اخرى لكن قد هبطت منها أيضا و لم يعين لها فريضة و ذلك اذا اجتمعت مع الولد الذكر او الاخ فانه حينئذ للذكر ضعف الانثيين و مما بقي من المال بعد اخراج المفروض و ليس فريضة معيّنة فتدبّر

قوله فاذا ازالتهن الفرائض

لعلّه اراد بالفرائض ان يجتمع مع البنت الابن مثلا او مع الاخت الاخ لا الفرائض التى توجب النقص على مذهبنا و القول على قول العامة كالابوين و الزّوج اذ حينئذ يكون كالمصادرة على المط و يمكن حمل الفرائض على هذا ان يجعل هذا تفريعا على ما ذكره و يكون بيان كون فريضة البنات و الاخوات مؤخرة محالا على الظهور و لعل قوله لم يكن لهن الا ما بقي الصق بذلك لكن لا يلائم هذا تفريعه ثانيا بقوله فاذا اجتمع ما قدم الى آخره و الامر فيه هيّن و لا يبعد ان لا يجعل كلام ابن عبّاس اشارة الى ضابطة يعلم منها من يدخل النقص عليه بل يكون المراد ان

ص: 483

الذى قلنا انه قدمه اللّه هو من حكم فيه اذا اهبط عن فريضة بفريضة اخرى و حكم بعد زواله عنها و الّذى قلنا انه اخر هو من لم يحكم فيه بذلك بل حكم له بما بقي فقد حكم في الزّوج و الزوجة و الامّ اذا اهبطوا عن فريضتهم بفريضة اخرى و حكم بانه لا يزيلهم عنها احد و لا يدخل النقص عليهم و امّا في البنات و الاخوات فقد حكم بانه اذا ازالتهنّ الفرائض عن ذلك دخل النقص عليهن و لم يكن لهن الا ما بقي و بالجملة فغرضه انه قد عين في الشرع من يجب تقديمه و لا يدخل النقص عليه و من يجب تاخيره و يدخل عليه النّقص و هو ما عده من الفريقين لكنهم لما لم يعرفوا ذلك سقطوا في العول هذا و لعل بعد التّأمّل تظهر ان هذا الصق بكلماته و اوفق فتأمل

قوله منها بيان علّة حدوث النقص على من ذكر

بل بيان ضابطة من يدخل النقص عليه و لعله اراد ان فيه بيان علة الحكم بدخول النقص على من ذكر و ماخذه و فيه أيضا ما فيه هذا و لو حمل كلام ابن عبّاس على الاحتمال الاخير الذى اشرنا اليه فلا وجه لهذا الكلام اصلا فتدبّر

قوله و اعلم ان الوارث مطلقا

لا يخفى ما في هذا التقسيم من الاختلال فانه اما تقسيم للوارث بالنسبة الى الارث مط او بالنسبة الى ارث ارث فعلى الاول لا يستقيم عدا الأمّ و الأخوة من قبلها في القسم الاول فانهم قد يرثون بالقرابة أيضا كما في صورة الرّد كما اعترف به الشارح و استثناء صورة الرّد بجعل قوله حيث لا ردّ متعلّقا بالجميع لا ينفع بل يزيد الاختلال كما لا يخفى انما يستقيم عدا الزوج و الزوجة فيه على رأى من يقول بالرّد عليهما فلا مصداق لهذا القسم اصلا الا ان يجعل الحصر اضافيا بالنسبة الى القرابة فافهم و أيضا ان اريد بالقسم الرابع ان يرث بالفرض و القرابة معا دائما ففساده ظاهر او في وقت فلا بد من بيان حاله في وقت آخر و أيضا فلا يقابل مع القسم الثالث لان من يرث تارة بالفرض و تارة بالقرابة قد يرث بالفرض و القرابة معا و على الثانى لا يتاتى القسم الثالث بل الصواب حينئذ ان يثبت الاقسام و يقال الارث امّا بالفرض خاصة كما في كل ذى فرض عند عدم الرّد عليه او بالقرابة خاصّة كما في من لا فرض له و اما بهما جميعا كما في ذى الفرض عند الرّد و لا مجال حينئذ لقسم آخر كما لا يخفى و الصواب على تقدير جعل الاقسام اربعة ان يقال الوارث امّا ان يرث بالفرض خاصة و هو الزوج و الزوجة او الزّوجة فقط على رأى من لا يقول الرّد عليهما او عليها او بالقرابة خاصّة او ما يقوم و هو من لا فرض له اصلا من الاقارب او ذوى الاسباب او يرث تارة بالفرض و تارة بالفرض و القرابة او ما يقوم مقامها جميعا كالأم فانها يرث بالفرض خاصة عند عدم الرّد و بالفرض و القرابة معا عند الرّد و كذا كلالة الأمّ و كذا الزوج و الزوجة على القول بالرد عليهما فانهما قد يرثان بالفرض و ما يقوم مقام القرابة من السّبب او يرث تارة بالفرض و تارة بالقرابة و تارة بهما معا كالأب فانه مع عدم الولد يرث بالقرابة خاصة و مع الولد الذكر بالفرض خاصة و مع البنت الواحدة بالفرض و القرابة معا اذا لم يكن زوج و كذا البنات اذا لم توجد الامّ البنت او البنات فانها ترث مع الولد الذكر بالقرابة و مع الابوين بالفرض لكن في البنت بشرط وجود الزّوج و مع احدهما بهما في البنات لكن بشرط عدم الزّوج و كذا الأخوات للاب فانّها ترث مع الاخوة بالقرابة و مع كلالة الام المتعدّدة بالفرض و الواحدة بهما و كذا الأخت للاب فانها ترث مع الاخوة بالقرابة و مع الزّوج بالفرض و بدونهما سواء وجدت كلالة الأمّ اولا بالفرض و القرابة معا او يقال الوارث اما ان يكون له الفرض دائما او لا و الأول اما ان يرد عليه او لا و الثانى اما ان يكون له الفرض اولا فهذه اربعة اقسام الاول من يكون له الفرض دائما و قد يرد عليه كالأمّ و كلالتهما و الزّوج و الزّوجة على رأى الثانى من يكون له الفرض دائما و لا يرد عليه اصلا كالزوج و الزّوجة على رأى الثالث من ليس له الفرض دائما و لكن قد يكون كالاب و البنت او البنات و الأخت للاب او الأخوات الرابع من ليس له فرض اصلا و هو ظاهر و يمكن ان بثلث الاقسام و يقال الوارث امّا ان يرث بالفرض دائما او لا يرث اصلا و قد ورد على هذا فينبغى ان يحمل ما ذكره المحقق في الشرائع و ان لم يلائم بعض عباراته لكن في جعله كلالة الامّ من القسم الثالث نظر بل الصواب جعله من القسم الاول فتأمل و بما قررنا يظهر ما في التقسيم الذى ذكره في شرح الشرائع فارجع اليه

قوله و البنات يرثن

اى المتعددة فان الفرض ان يرث تارة بالفرض خاصة و تارة بالقرابة خاصة و هذا انما هو في البنات المتعدّدة فانهنّ يرش مع الابوين بالفرض خاصة و مع الولد الذكر بالقرابة خاصة و اما البنت الواحدة فمع الأبوين يرد عليها أيضا اذا لم يكن زوج فيرث بالفرض و القرابة معا و انما ترث بالفرض خاصة اذا فرض الزوج أيضا معها و ان لم يبق لها حينئذ تمام فرضها و كذا الأخوات فانها ترثن مع كلالة الامّ المتعددة بالفرض خاصّة و امّا الاخت فانها ترث معها بالفرض و القرابة جميعا نعم انها ترث بالفرض خاصّة مع الزّوج و هو ظ

قوله و منها انه لو ترك جدته

لا يخفى ان نقل هذا القول لا يناسب المسألة المذكورة ظاهرا و كانه لما كان حكم المصنف رحمه الله بكون الثلث للمتقرب اى بالاجداد بالامّ سواء اتحد ام تعدّد و الثلاثين لاجداد الاب كذلك بناء على مذهبه المش بين الاصحاب بان سهم المتقرّب بالام من الاجداد الواحد او المتعدّد الثلاث مطلقا سواء اجتمع مع الاجداد او الاخوة فلذا نقل هذا القول في جملة الاقوال المخالفة للمشهور فلا تغفل

قوله و تخلف الحكم في البنت

لعل المراد ان القاعدة المذكورة يقتضى الرّد على البنت لكون النقص عليها لكن قد تخلف الحكم لمانع و هو وجود معارض يدخل النقص عليه أيضا اعنى الابوين فان فرضهما مع الولد انقص منه مع عدمه فلذا وقع الرّد عليها أيضا و لم يختصّ البنت و فيه ان نقص فريضة في حال عنها في حالة اخرى لا يسمى نقصا و عزما و الا لوجب الرّد على الزّوج و الزّوجة ايضا و على كلالة الامّ أيضا اذ فريضتهم في صورة التعدد انقص منها في صورة الوحدة بل المراد بالقاعدة المذكورة انه اذا كان اثنان لكل منهما فريضة و وقع النقص على احدهما بان وقع عليه اقل من فريضة بسبب اجتماع ثالث و لم يقع على الآخر فيجب اذا فضل شي ء يخص بهما كما اذا كانت كلالة الام واحدة مع عدم الزوج و لا ريب ان الابوين و البنت اذا اجتمعوا مع الزوج يدخل النقص بهذا المعنى على البنت دون الابوين مع انّه في صورة عدم الزوج يكون الرد عليهما أيضا و لو تنزلنا عن ذلك فنقول ان هذا في الام لا يخلو عن وجه اذ قد يكون فرضها ازيد من السّدس و ذلك مع عدم الولد و الحاجب و اما في الاب فلا فرض له غير السّدس اصلا نعم قد يزيد نصيبه عن السّدس بالرّد و النقص عنه عزما و الا فكلالة الأم أيضا كذلك و قد يرث كل المال بالرد فيجب الرد عليها أيضا و يمكن ان يقال ليس المراد ان الرد على الابوين بناء على القاعدة المذكورة بل انه لما نقص فرضهما في صورة مجامحة

ص: 484

الولد بسبب الولد اى جعل لهما فريضة ناقصة فحكمته تعالى اقتضى ان يشتركا معه في الرّد جبرا لما وقع عليهما من النقص و لذا تخلف القاعدة المذكورة فيها و لو امكن اجراء هذه العلة في بعض الصّور مع تخلف مقتضاها فيه فليس ذلك يضار اذ لعلّ التخلف فيه لمانع آخر هذا و على هذا يندفع ما اوردنا اولا و اما ما اوردنا ثانيا فكانه لا يندفع به و الحق ان هذا العسف و ان القاعدة المذكورة غير بيّنة و لا بيّنة نعم لو دل دليل عليها فتخلف الحكم عنها في بعض الصور لم يخل بها و هو ظ

قوله و مع الاجداد

ما فصل في كلالة الأبوين انت خبير بانه لم يسبق تفصيل اجتماع كلالة الابوين مع الاجداد فلعل المراد ما فصل في موضعه من المساواة و التفصيل فان كلالة الابوين اذا اجتمعت مع الاجداد للاب فيحكم بالتساوى بينهما بمعنى ان الجدّ للاب بمنزلة اخ من الأبوين و الجدة بمنزلة اخت و اذا اجتمعت مع الاجداد للام فيحكم بالتفاصل بمعنى ان الثلث لجدّ الام سواء اتحد تعدد و مع التعدد يقسم بالسوية و الثلثان لكلالة الابوين سواء اتحدت ام تعدّدت و مع التعدد و الاختلاف لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ* و هذا التفصيل جار في كلالة الاب وحده مع فقد كلالة الابوين اذا اجتمعت مع الاجداد فتأمل

قوله فيطرح المتداخلان

اى النّصيبان فان نصيب اقرباء الأمّ واحد يتداخل مع الاربعة سهامهم و كذا نصيب اقرباء الاب يتداخل مع الستة سهامهم و هذا ظاهر لكن في الاول خروج عن الاصطلاح اذا التداخل في الاصطلاح يجب ان يكون عددا بل ان يعده العدد و الواحد ليس الاعداد على المش و لا له عاد منها و هو ظاهر لكن يجرى عليه المتداخل بالنسبة الى كل عدد و حينئذ فاذا طرح المتداخلون بقي الاعداد اى اعداد السهام فيجب نسبة احدهما الى الآخر و هما متوافقان بالنّصف و الاوفق بما سيذكره من القاعدة ان يقال حكم الواحد مع الاربعة حكم المتباينين فيغير الاربعة و الاثنان مع الستة متوافقان بالنصف فيجرى توقفهما و هو الثلاثة فيضرب الاربعة في الثلاثة يبلغ اثنى عشر ثمّ يضرب المجموع فمن الثلاثة اصل الفريضة يبلغ ستة و ثلثين

قوله فمنهم من لاحظ الأمومة

اى اعتبر الانتساب الى نفس الميّت فمن تضرب اليه بابيه و هم اجدادهم الاربعة من قبل ابيه يقتسمون الثلثين بالتفاوت و من يضرب اليه بامه و هم اجدادهم الاربعة من قبل امه يقتسمون الثلث بالسوية لاشتراكهم في اصل الانتساب بالام و هذا رأى الشيخ و اما من لاحظ الاصل فالظاهر ان المراد بالاصل هو الحد اى لاحظ حال الجدّ هل يكون انتسابه الى الميّت بواسطة اب الميّت اى جدّه او بواسطة امه اى جدته اى هل يكون انتسابه بواسطة ابنه او ابنته فعلى الاول ينتسب بالاب و على الثانى بالامّ و لا على يخفى ان هذا لا ينطبق على شي ء من المذهبين الاخيرين امّا المذهب الثانى فلانه يقول ان ثلث الثلثين لأبوي اب الام بالسّوية مع انه على هذه القاعدة يجب ان يكون اثلاثا نعم باقى الاقسام ينطبق عليها و امّا المذهب الثالث فلانه يقول بان ثلث الثلثين لجدّ الاب و جدّته لامه اثلاثا مع انه على هذه القاعدة يجب ان يكون بالسّوية و باقى الاقسام ينطبق عليها هذا و امّا من لاحظ الجهتين فالظاهر انه لاحظ كون انتساب الجدّ من قبل بنته و كذا انتساب الميّت من قبل امه اى يكون الانتساب اليه بالامّ في كل المرتبتين بان يكون جد الامّ الميت قبل امّها و من سوى ذلك فهو جد لاب و هذا ينطبق على مذهب الثالث لانه جعل ثلث الثلثين لا يرى امّ الامّ بالسّوية و جعل باقى الاقسام اثلاثا هذا و لو قيل منهم من لاحظ انتساب الميت اليه بالام و منهم من اكتفى بالامومة في الجملة و منهم من اعتبر الامومة في كل المرتبتين لكان منطبقا على المذهب الثلاثة على الترتيب المذكور بلا اشكال و يمكن حمل عبارة الشارح على هذا بان يقال المراد بملاحظة اصل ملاحظة اصل الامومة في الجملة فينطبق على المذهب الثانى و المراد بملاحظة الجهتين ليس الجهتين اللّتين هما منظور القولين كما هو ظاهره بل المرتبتين او جهة الميت و جهة الجد فينطبق على المذهب الثالث اذ يحمل الاصل على الميت لا على الجد فينطبق على مذهب الشيخ و يحمل ملاحظة الأمومة في جميع الاجداد الام اى اجداد الام في الجملة على المذهب الثانى و يحمل ملاحظة الجهتين اى جهتين المرتبتين او الميت و الجد كما ذكرنا على المذهب الثالث فتأمل قوله ثمّ لا يخفى ان ما ذكرنا انما هو منشأ اختلافهم في مساواة الجد و الجدة و اختلافهما في الفرق المذكورة و هاهنا اختلاف آخر ايضا و هو ان يكون نصيب الاجداد الاربعة للاب الثلثين و الاجداد الاربعة للام الثلث متفق عليه بينهم و امّا بعد تلك المرتبة فالشيخ اعتبر الثلث و الثلثين في نصيب المتقرب بالاب دون الام و في القولين الاخيرين اعتبر القسمة ثلاثا في نصيب المتقرب بالام ايضا ففيهما يجب تفصيل كل من الحدين لاب على جدين لام و كان نظير القولين الى ان كل سمى الاب و الام انما يرثه اقرباؤهما من الاجداد باعتبار التقرب بهما فكانه ينتقل اليهما ثمّ الى اقربائهما يجب ان يقتسم كل منهما بالثلث و الثلثين كما في ميراثهما و اما على المش فقد لاحظوا ذلك في اقرباء الاب دون الام فكانهم نظروا فيها الى ان سهمهما ينتقل ابتداء الى اقربائهما من غير نظر الى انه ينتقل اليها ثمّ اليهم فيجب ان يقتسم بينهم من غير اقتسام بالثلث و الثلثين و لعلهم في الفرق نظروا الى ان الاجداد بمنزلة الكلالة كما ورد في الاخبار و ثلث الام ينتقل الى كلالتها بالسوية من غير تفصيل للذكر على الانثى فيعلم ان سهمهما ينتقل اليهم ابتداء من غير نظر الى انتقال اليها و منها اليهم بخلاف نصيب الاب فانه يقسم بين كلالته بالتفاضل و هو يشعر بالنظر الى انتقاله اليه ثمّ إليهم فلذا حكموا في اجداد الطرفين ايضا على هذا النّهج فتأمل

قوله و قيل للاخوال الاربعة

لم يذكر في مسئلة الأجداد الثمانية نظير هذا القول فلا تغفل

قوله او من حكمه

الاولى حذف قوله او من حكمه

قوله اجودها و هو الذى دلّت عليه الروايات الصحيحة

في المرأة تدل على ما ذكره و امّا في الرّجل فلا دلالة لها على ما ذكره كما بيناه في حواشى شرح الشرائع و الاظهر من المذاهب هو قول الخلاف كما بيّناه هناك

قوله و لو اجتمع مع الاولاد الوارثين اب

و هم جميع الأولاد سواء كان العتق رجلا او امرأة على القول الاول و فيما اذا كان المعتق رجلا على قول الخلاف و الاولاد الذكور خاصة فيما اذا كان المعتق رجلا على قول النهاية ففى جميع ذلك الاقوال يشارك الاب الاولاد الوارثين لمساواته لهم في الطبقة و نبه على خلاف ابن الجنيد حيث حكم باختصاصه بالولد

قوله على ما سلف

من مشاركة البنات بنتين و عدمها فعلى الاول تشارك الام الاولاد الوارثين و على الثانى لا تشاركهم فعلى الاول ترث ايضا مع الولد على القول الاول مطلقا و كذا على قول الخلاف فيما اذا كان المعتق رجلا و لا ترث على قول به مطلقا و لا على قول الخلاف فيما اذا كان المعتق امراة و الاقوى انها تشاركهم اى ما ذكرنا من البناء هو الاقوى و مقابلة قول ابن الجنيد باختصاصه بالولد و عدم مشاركة

ص: 485

الأبوين اصلا فافهم

[الفصل الثالث في الولاء]

قوله اختص الارث بالاب

هذا بناء على ما هو الاقوى عند الشارح من عدم مشاركة البنات للبنين اذ حينئذ لو عدم الولد اختصّ الاب بالارث و ان كان مع الام و اما على القول بالمشاركة فمع عدم الولد تشارك الابوان هو مع وجودهما و مع وجود احدهما اختصّ به و يمكن ان حمل كلامه على انه في صورة وجود الاب وحده و احال حال الصّورتين الاخيرين على ما علم مما ذكره من بناء حكم الامر على ما سلف فافهم

قوله المصنف الأخوة و الاخوات

فان عدموا فالأعمام و العمات فان عدموا فاعمام الاب و عمامته و هكذا

قوله و مستند ذلك

اى ما حكم به في الاولاد و كذا الأخوة و الاخوات و ما لعدم من المراتب الذى ذكرنا و كانه كان ذلك ايضا في ذكر الشارح فيلايم كلّه فافهم

قوله خصّ بما ذكرناه للاخبار الصّحيحة

و هى اخبار العصبة و لا يخفى ان تلك الاخبار على ما ذكره الشارح انما هو ينطبق على مذهب به فالتخصيص المذكور لا يكفى في الجميع بينها و بين جزء اللحمة بعيد جدّا بخلاف تخصيصها بما عدا المتقرب بالامّ فانه لا بعد فيه كذلك و لما كان جزء اللحمة معتبر عندهم فارتكبوا فيه هذا التخصيص الذى لا بعد فيه جدا ليمكنهم العمل ايضا باخبار العصبة في الجملة و لم يبالوا تبرك العمل بها في الجملة و لم يخصصوا بما تقتضيه اخبار العصبة حتى لا يلزم ترك العمل بها اصلا لبعده جدا هذا مع اعتضاد خبر اللحمة في الرجل بموثقة عبد الرحمن بن الحجاج ايضا هذا على ما ذكره الشارح و الظاهر كما اشرنا اليه ان اخبار العصبة ليست الا فيما كان المعتق انثى و ينطبق على مذهب الخلاف و على هذا يخصص خبر اللحمة بما اذا كان المعتق رجلا و لا اجد فيه فتأمل

[الفصل الرابع في التوابع]

قوله و لو اجتمع معه

في الفروض فلو جامع احد الابوين و الخنثى زوج يضرب الاربعة فخرج الرّبع في الفريضة و هى اربعة و عشرون يبلغ ستة و تسعين و يأخذ الزوج الرّبع اربعة و عشرون واحد الابوين ثلاثة اضعاف نصيبه الذى هو الخمسة خمسة عشر و الخنثى ثلاثة اضعاف نصيبه سابقا و هو تسعة عشر اعنى سبعة و خمسين و لا يخفى فساده اذ على هذه الطريقة يجب ان يدخل النقص على الولد اكثر كيف واحد الابوين لا ينقص فرضه عن سدس الاصل فظاهر و على هذا يجب ان ينقص فرضه عن سدس الاصل فانه سدسه ستة عشر و نصيبه على مقتضى ما ذكره خمسة عشر هذا مع ان نصيبه فيما نحن فيه يجب ان يزيد على سدس الاصل فانه على تقدير انوثيته الخنثى بكون فرضها النصف ثلثه و للزوج الرّبع واحد و نصف و لأحد الابوين سدس فيبقى نصف سدس يجب ان يرد على الخنثى واحد الابوين ارباعا فكيف ينقص نصيبه من سدس الاصل فالحق بعد ضرب الفريضة في مخرج الربع ان يعطى الزّوج الربعى و يأخذ نصيب احد الابوين على تقدير ذكورية الخنثى و هو سدس الاصل اعنى ستة عشر و نصيبه على تقدير انوثيته و هو ربع ثلاثة ارباع الباقية و يعطى نصفهما و هو سبعة عشر و كان الشارح رحمه الله جعل نصيبه على تقدير الذكورية سدس ثلثه الارباع و هو اثنى عشر فجعل النصف خمسة عشر و لا يخفى فساده و اما الخنثى فيجب ان يأخذ نصيبه على تقدير الذكورية و هو ما بقي بعد الرّبع و السدس اعنى ستة و خمسين نصيبه على تقدير الانوثية و هو ثلاثة ارباع الثلاثة الارباع الباقية بعد اخراج فريضة الزوج اعنى اربعة و خمسين و يعطى نصفهما و هو خمسة و خمسون لا سبعة و خمسون على تقدير ما فعله الشارح و انما يستقيم ما ذكره لو كان نصيبه على تقدير الذكورية خمسة اسداس الثلاثة الارباع الباقية و هو ستّون و يكون السدس الباقية لأحد الابوين و قد عرفت فساده و قيل عليه مجامعة الزوجة هذا نعم القاعدة المذكورة انما يصح في الفروض التى لم يكن فيها ما يخرج من الاصل و سوى الزوج او الزوجة كان يكون خنثى مع انثى ذكرا و معهما على ما فرضها في الشرائع فانه اذا فرض الزوج فيها فيجب ضرب الفريضة في اربعة فيكون الربع للزوج و يكون لكل واحد من البواقى ثلاثة اضعاف نصيب على تقدير عدم المجامعة و لا خلل فيه و مثله في الزوجة و يمكن جعل الفروض في كلام الشارح اشارة الى خصوص الفروض التى ذكرها المصنف فيطابق ما في الشرائع و لا يرد عليه ما اوردنا فتأمل

قوله و لو امكن الآخر اجبار الممتنع او تولى طهارته

ففى الاجراء نظر اى عن الممتنع او من تولى له نظر من الشك المذكور اى الشك في وحدته فيحتمل التعدد فلا يجزى و اما الاجراء عن الآخر فكانه ليس محلا للنظر سواء كان واحدا او متعدّدا

قوله كالخئولة و اولادهم

كانه متعلق بقوله فلقرابة امه لا بقوله غيرهم فافهم

قوله و لا يرث الثانى المفروض موته ثانيا مما ورث منه الاول

قال سلطان العلماء لا يخفى ان خلاف المفيد و سلار في ارث الميت المفروض موته اولا مما ورث منه الثانى حيث ذهبنا الى ارثه منه دون العكس كما صرح به الشارح في شرحه على الشرائع فقال لا يتوهم احد عكسه لتعليل ذكره و قد نقلنا عبارته في بيان مذهبها كما ستعلم و على هذا لا ينطبق عبارة الكتاب بحسب الشارح الا على رد العكس المذكور دون ما هو محل الخلاف و ما هو مذهب المفيد و سلّار و يمكن توجيه المتن بحمل الثانى و الاولى في عبارته على الثانى في الارث و الاول لا يخفى ان الثانى في الارث هو المفروض اولا موته و الاول في الارث هو المفروض و حينئذ ينطبق عبارة المصنف على رأى المفيد و سلّار بلا غبار و الظاهر ان المراد من هذه العبارة ذلك على ما وقعت في اكثر كتب الفقه و اما توجيه عبارة الشارح حيث قيد الثانى بالمفروض موته ثانيا فيحتاج الى تكلف حتى ينطبق العبارة على خلاف مفيد و سلّار اما بجعل الثانى مفعولا لا يرث مقدما على ما فعله و هو لفظ الاول او بجعل لفظ المفروض منصوبا مفعولا لا يرث لا بيانا للفظ الثانى كما هو الظاهر و يكون المراد بالثانى الثانى في الارث و لا يخفى بعد التوجيهين و يحتمل ان قوله ثانيا متعلقا بالموت لا بالمفروض فيكون المراد بالثانى ما فرض موته مؤخرا و هو يتحقق في كل من الفرضين فالميت الاول في الفرض الاوّل هو الميّت المؤخر في الفرض الثانى و بالعكس و حينئذ يشمل العبارة و مذهب المفيد و عكسه ايضا فتأمل انتهى و لو اريد التخصيص برد مذهب المفيد فلا يبعد ان يقال ان قوله مما ورث منه بلفظ المضى يرشد اليه فان ما ورث منه الاول انما يتحقق في الفرض الثانى و اما في الفرض الاول فلم يرث بعد من فرض موته اولا شيئا فافهم و يحتمل ان لا يكون المفروض موته ثانيا بيانا للثانى بل المراد ان المراد بالثانى هو الثانى من المفروض موته ثانيا فان كلا من المفروض موته اولا و المفروض موته ثانيا اثنان و المراد انه لا يرث المفروض موته ثانيا مما ورث منه الاول هذا و يمكن ايضا ان يجعل قوله ثانيا متعلّقا بيرث اى الوارث الثانى المفروض موته ثانيا اى في المرتبة الثانية مما ورث منه الاول و التقييد بالمفروض موته للاشعار بمنشإ الحكم و انه لما فرض موته فكيف يرث ثانيا مما ورث

ص: 486

منه الاوّل فانه مستلزم لفرض الموت بعد الحياة على ما فصّله فتأمل

قوله بل هو على الاستحباب

لا يخفى ان الاستحباب أيضا لا بد له من فائدة فلا فائدته في هذا المنع

قوله و لتخلفه مع تساويهما في الاستحقاق

كانه متعلق بمقدر يعلم من نظم الكلام اى و ضعف أيضا هذا الاستناد لتخلفه مع تساويهما في الاستحقاق و لو كان بالباء ليكون عطفا على قوله بمنع وجوب تقديمه لكان اظهر ثمّ التمسّك بعدم القول بالفصل يدفع هذا الاعتراض كما لا يخفى

قوله او اسقط اقلهما من الاكثر

اى اسقط الاقل من الاكثر مهما امكن فما بقي فهو اقل بالنسبة الى الاقل الاول فيسقط مما بقي من الاكثر و هذا حتى ينتهى الى الواحد

قوله و المتوافقان هما اللذان بعدهما غير الواحد

و ان كان ذلك الغير هو نفس احدهما حتى يشمل مثل الثلاثة و الستة و في الكلام مسامحة

قوله و يلزمهما انه اذا سقط اقلهما إلى آخره

على الطريق الذى ذكر في المتباينين

قوله بقي اكثر من واحد

اى يبقى في آخر مرتبة البقاء اكثر من واحد فاذا اسقط بعد ذلك لا يبقى شي ء و اما المتباينان فلا يبقى فيهما من الاكثر في آخر مرتبة البقاء الا واحد

قوله نسبت الاعداد بالوفق

و ان كان مع التوافق التداخل يجوز أيضا ان يطرح المتداخل و يعتبر العدد كما اشار اليه الشارح في بيان حكم التوافق و التداخل و لقد كان بناء كلامه في مسئلة اجتماع الاخوة و الاجداد من الطرفين على هذا الطّريق فتذكر

[كتاب الحدود]

[الفصل الأول في حد الزنا]

قوله التكليف بما لا يطاق

اراد به ما يشمل الجرح المنفى في الدين فافهم

قوله بناء على ان الشهوة غير مقدورة

بل انما هى بميلان النفس و طوفانها و ليس زمامها بيدها و لا تحت اختيارها فلا يمكن اجبار احد و اكراهه عليها

قوله و ان الخوف

اى الخوف من اللّه تعالى يمنع من انتشار العضو و انبعاث القوة فاذا وطئ علم انه لم يكن له الخوف منه تعالى بل كان بميله و شهوته فلا اكراه و فيه ان الشّهوة و ما يتبعها من الانتشار و الانبعاث المذكورين امور طبيعية ربما يحصل عند مشاهدة ما يشتهيه او نخيله و الخوف من اللّه تعالى لا يوجب عدم حصول تلك الطبيعية كما في شهوة ساير المحرّمات من الاطعمة و الاشربة غايته المنع عن الاتيان بمقتضاها و يمكن ان يقال ان مع الجبر و التقيّة يرتفع الخوف من اللّه لوجوب التقية بل الخوف منه تعالى في خلافه و حينئذ فلا مجال لتوهم منع الخوف اصلا و ربما يحمل الخوف على الخوف من المكره فان الخوف ممن يهدد على عدم الوطى بمنع من الانتشار و انبعاث القوة و لا يخفى سخافة دعوى الكلية نعم الخوف منه ربما يمكن ان يمنع منهما في بعض الاحيان و اما كليا فلا و حينئذ فلا ينفع المستدل و العلامة في المختلف حمله على هذا الوجه حيث قال الاكراه يتحقق في طرف المرأة قطعا و في تحققه في الرجل اشكالا ينشأ من انه لا يحصل الا من ميل و قصد فان الخوف لقطع الشهوة بمنع الانتشار فاذا وطى لم يكن مكرها و من ان الخوف من ان لا يفعل و الفعل لا يخاف منه فلا يمنع ذلك قدرته عليه و يمكن حملنا كلامه على تقدير حمل الخوف على الخوف منه تعالى في الفعل بل في عدمه لكنه بعيد جدا فتأمل ثمّ هاهنا وجه آخر اشار اليه في شرح الشرائع و هو ان انتشار العضو و انبعاث القوى يتوقف على الميل النفسانى المنافى لانصراف النفس عن الفعل و الاكراه ملزوم للانصراف المذكور فلا يمكن الاكراه على الوطى المتوقف على الانتشار و الانبعاث المذكورين و فيه ان الانتشار و الانبعاث المذكورين ربما حصلا بالطّبع على ما عرفت و الانصراف عن الفعل كان باعتبار الشرع لا بالطبع و الاكراه على الشي ء انما يستلزم الانصراف عنه في الجملة لا الانصراف الطبيعى حتى لا يمكن الاكراه هاهنا فتأمل

قوله غير متوقف على ذلك

اى على الشهوة انتشار العضو و انبعاث القوة قوله لو سلم اى لو سلم توقف على الاختيار و عدم الاكراه و سلم أيضا منع الخوف منه اشارة الى ما ذكره من ان الشهوة لا تحصل بالاكراه بل انما هى بميلان النفس و توقعاتها و كذا ما ذكره من ان الخوف من اللّه تعالى يمنع من الانتشار و الانبعاث ممنوع بل الشهوة امر طبيعى ربما تحصل عند مشاهدة النفس ما يشتهيه و ان مال النفس عنه و انزجر لكان تحريم الشرع و مجرد ذلك كاف في امكان تحقق الاكراه على الشهوة اى على المقدمات التى يتبعها الشّهوة بالطبع مع عدم حصولها بالفعل و الا فلا اشكال اصلا اذ لا اكراه على الشهوة بل على ما يتوقف عليها و كذا انتشار العضو و انبعاث القوة تابع للشهوة قد يحصل مع وجود الخوف المذكور بلا ريبة و على تقدير حمل الخوف على الخوف من المكره توجه المنع اظهر كما اشار اليه ثمّ ان ضمير توقفه و منه في كلام الشارح يمكن ان يرجع الى ذلك اى كل من الامور الثلاثة و توجيهه ان المستدلّ و ان لم يدع توقف الجميع على الاختيار بل توقف الشهوة فقط و كذا لم يدع منع الخوف من الجميع بل الانتشار و الانبعاث لكن لما يظهر تفاوت بينها من الحكمين فجمع الشارح بينها فيهما و يمكن ان يرجع ضمير توقفه الى الاول من ذلك المذكور و ضمير منه الى كل من الاخيرين منه فيوافق ما ذكره المستدل و على الوجهين فالمراد بالتوقف على الاختيار الذى منعه و هو عدم الحصول بالاكراه كما اشار اليه لا انه لا يحصل الا بالاختيار و القدرة كما هو ظاهره كيف و المستدل أيضا ادعى عدم كونه مقدورة و يمكن ان يجعل المنع الثانى اشارة الى منع ما ذكره المستدل صريحا من منع الخوف عن الانتشار و الانبعاث كما في الوجه الثانى و يجعل المنع الاول اشارة الى منع ما يستفاد من كلامه و هو ان الجبر على الشهوة بل على الشي ء مطلقا يتوقف على الاختيار اى على كونه مقدورا يكون زمامه باليد فانه مم بل يصح الجبر على مثل الشهوة مما لا يحصل بالطبع عند مباشرة مقدماته التى تحت القدرة و الاختيار و ان لم يكن هو بنفسه تحت القدرة ابتداء فتأمل

قوله و قد روى عن علىّ عليه السّلام

قال سلطان العلماء رحمه الله الظاهر ان المراد بنقل الرواية تأييد ما ذكره انه اقوى حيث تدل على انه عليه السلام حكم بحدّ الفجور على المرأة مع ان المرأة نسبة الفجور الى فلان كما فيما نحن فيه تامل انتهى و لعل فجورها ثبت بغير هذا الاقرار بقرينة قوله عليه السلام اذا سألت الفاجرة و كذا عدم اعتبار التكرار في الاقرار و يكون الغرض ان بذلك الاقرار ثبت حد الفرية أيضا و على هذا فلا تأييد فيه لما ذكره

قوله المصنف من غير علم بسبب التحليل

و يسقط الحد بادعاء سبب التحليل كالزوجية و الملك و لا يكلف بينه و لا يمينا على ما مرّ جوابه لكن حينئذ في سقوط حد القذف بالزنا بالاتيان بالشهود كذلك مع سقوط الحد عنه بذلك الدعوى اشكال و كذا في ثبوت الحد على مثل تلك الشهود اذا لم يبلغوا النصاب اشكال و لم اجد في كلامهم التصريح بهذين الفرعين و قد استشكل المحقق الاردبيلى رحمه الله في اصل المسألة اى قبول شهادة الشهود على هذا الوجه و هو في موقعه فتأمل

قوله و هل يشترط حضورهم في مجلس الحكم دفعة

كلام الشارح هاهنا لا يخلو عن تشويش و توضيح المرام ان المعروف من مذهب

ص: 487

الاصحاب اشتراط اجتماعهم حال اقامتها دفعة و الظاهر منه انه يشترط حضور الجميع عند اقامة الشهادة و يحتمل ان يكون المراد اشتراط ان لا يحصل بين الشهادات تراخ عرفا نظرا الى ان العلة الموجبة للاجتماع على ما يستفاد من كلامهم و من الرواية المنقولة هى لزوم تاخير حد القذف لو لم يجتمعوا و هى لا تدل على اعتبار ازيد من ذلك و ذهب العلامة في السرائر الى اشتراط حضورهم في مجلس الحكم دفعة قبل الاجتماع على الاقامة و حينئذ فلا تلاحقوا و افصلت شهاداتهم بحيث لم يحصل التّأخير يجدوا على مذهب العلامة بطريق اولى و اما على مذهب غيره فيحتمل عدم القبول نظرا الى ظاهر كلامهم و القبول نظرا الى الاحتمال المذكور هذا اذا عرفت هذا علمت ان حكم الشارح اولا بان المراد من اجتماعهم حال اقامتها ان لا يحصل بين الشهادات تراخ عرفا ثمّ هذا الترديد و التفصيل منه ليس على ما ينبغى الا ان لا يكون غرضه هناك الجزم بذلك بل ذكره بناء على انه احد الاحتمالين لكلامهم كما يظهر من تفصيله بعده و انما كان غرضه ثمة بيان ان المراد لبس اشتراط تلفظهم بها دفعة و ان جاز عقلا و شرعا فتدبّر

قوله بحيث غابت الحشفة

قدرها في القبل يتراءى منه انه جعل الاصابة المعلومة اشارة الى هذا المعنى و لا يخفى انه حينئذ لا يتوجه ما سيذكره من ان الإصابة اعم مما يعتبر منهما فالظاهر كما يستفاد مما ذكره في بيان القيد الثامن انه حمله على انه يشترط ان يكون الاصابة معلومة بقرينة ما فرعته عليه و قوله بحيث غابت الى آخره تقييد من قبل نفسه فيتوجّه ما ذكره فافهم

قوله و لامكان عود البكارة

لا يقال اذا امكن عود البكارة فليس بين الشهادتين تعارض فيجب ثبوت حدّ الزنا لانا نقول انه و ان امكن ذلك لكنه بعيد جدّا فيبقى التعارض ظاهرا كما اشار اليه الشارح و هو يكفى لدرء الحد كما ان امكان العود و ان بعد يكفى لدرء الحدّ عن الشهود و بالجملة فاولى شبهه يكفى لدرء الحدود

قوله حدوا الشهود للقذف

هذا لو لم يحتمل تاخّر عروض الرتق او الجب عن الزناء المشهور به و ان بعد و الا فالظاهر انه لا يحد الشهود و كذا المشهود عليه أيضا على قياس ما ذكر في البكارة قوله في الحاشية في الفرق نظر الى آخره اى بين صورة شهادتهن بكون المرأة رتقاء و بين اصل المسألة و هو شهادتهنّ بالبكارة نظر من حيث التعارض فيهما و ان افترقا باعتبار الوجه الآخر و هو ان كان حين البكارة فانه مخصوص بالشهادة بالبكارة و لا يخفى انه لا محصل لها زائد عما ذكره الشرع فان مفاد ما ذكره في الشرع ليس الا الحكم بحد الشهود هنا لعدم جريان الوجه الثانى للدرء فيه و احتمال السقوط للوجه الأول و هو التعارض و مفاد الحاشية أيضا ليس الا هذا و كان المراد ان في الفرق على ما ذكره نظر للتعارض بين الشهادتين و هو يكفى سند الدرء و ان لم يقم اليه الوجه الآخر فافتراقهما من الوجه الآخر لا يضر بالحكم هذا و امّا تخصيص احتمال السقوط بالاول و هو الشهادة بكون المرأة رتقاء دون الثانى و هو كون الرجل محبوبا مع جريان التعارض في الصّورتين فكانه باعتبار ان في الثانى لم يعتبر مجرد الشهادة بالجب بل ثبوت ذلك فكانه اراد به انه علم ذلك قطعا لا ان يكون مجرد شهادة و حينئذ فشهادة شهود الزنا لا يعارض ذلك و انما فرض في الثانى الثبوت دون الاول لانه مما تيسر ذلك فيه غالبا بالتفتيش بخلاف الاول لتعسر حصول العلم به و اما لو فرض في الثانى أيضا مجرد الشهادة بالجب و لم يمكن التفتيش الى ان يحصل العلم فالظاهر انه لا فرق بين الصّورتين لجريان التعارض فيهما و يمكن ان يكون نظره في الحاشية في الفرق بين الاول و الثانى و تخصيص احتمال السقوط بالاوّل اشارة الى ما ذكرنا من جريان التعارض في الثانى أيضا في صورة الشهادة لكن حينئذ لا يظهر لقوله و ان افترقا من الوجه الآخر وجه و مع ذلك فيتوجه عليه ما ذكرنا من وجه الفرق بين الصّورتين الا ان يقال انه اعرف بمقصوده فلعل مراده بالثبوت مجرد الثبوت بالشهادة المقبولة لو لا المعارض لا العلم القطعي و حينئذ فيوجه ما ذكره من النظر لجريان التعارض في الصّورتين بلا فرق بل التعارض في الثانى اكد لثبوته سواء قيد بالزّنا بالقبل ام لا بخلاف الاول اذ لا تعارض بينهما الا لنا قيد بالفعل كما اشار اليه الشارح لكن لا يظهر حينئذ توجيه لما فعله في الشرع من التخصيص اصلا و كذا لما ذكره في الحاشية من الافتراق في الوجه الآخر كما اشرنا اليه فتدبّر

قوله لأصالة عدم استحقاقه

قال سلطان العلماء رحمه الله اضافة المصدر الى الفاعل او عدم استحقاق الزوج قبل الزّوجة و غيرها انتهى او المعنى عدم استحقاق المقتول القتل

قوله لان التوبة اذا اسقطت إلى آخره

الظاهر ان المراد باشدّ العقوبتين هو الرجم بالاخرى هى غيره و لهذا الفحم التحتم فان التوبة يسقط تحتم الرّجم و تخير الامام في اقامته و لا تسقط بالكلية و الغرض الرّد على ابن ادريس حيث حكم بسقوط التحتم في الرجم دون غيره و لا يخفى ان للمنع على دعوى الأولوية مجالا و اما على حمل العقوبتين على الاخروية و الدنيوية على ما فعله سلطان العلماء رحمه الله فلا يخفى ما فيه من التعسّف فتدبر

[الفصل الثاني في اللواط]

قوله بفتح الهمزة و الياءين المثناءين من تحت من دون تاء

بعد هذا الظاهر بينهما و يمكن توجيه ما في الاصل بارجاع الضمير الى الهمزة و الياء و المراد بها الياء الاولى

[الفصل الثالث في القذف]

قوله و المراد بالفاحشة الزنا

كما ذكره المفسّرون و يظهر من اقترانهن بالمحصنات لا يخفى ان الحرمة من معانى الاحصان كما سيذكره الشارح و ليس أيضا مما يتبادر في غيره و حينئذ فعلى تقدير حمل الفاحشة على القذف او ما يعمه بحمل المحصنات على الحرائر و يؤيد مقابلتها بالاماء فاقترانهنّ بالمحصنات لا يدل على كون المراد بالفاحشة هو خصوص الزنا كما لا يخفى بل نقول الظاهر حمل المحصنات في هذه الآية على الحرائر سواء اريد بالفاحشة القذف او الزنا و ذلك لان الواجب على الاماء ليس الا نصف المجلد مائة و هو على غير المحصنات بالمعنى الذى يقترن بالزنا اذا اتت بالزنا و امّا المحصنات بذلك المعنى فوجوب الجلد عليها ليس الا اذا زنت بطفل لم يبلغ و هو نادر جدّا يبعد حمل اطلاق المحصنات على تلك الصّورة و اما في غيرها فانما يجب عليها الرجم فقط على رأى او منع الجلد على رأى آخر فعلى الاول ظاهر انه لا يمكن حمل المحصنات على ذلك المعنى و على الثانى و ان امكن ذلك بتخصيص ما عليها بالجلد بقرينة ان الرجم لا ينتصف لكنه تكلّف بل كان الظاهر في هذا المقام ان يقال نصف ما على غير المحصنات فالظاهر اذن ان لا يحمل المحصنات على الحرائر و يخص بصورة وجوب الجلد فقط او بالجلد فقط بالقرينة المذكورة يظهر ان الاقتران بالمحصنات لا دلالة فيه اصلا على ان المراد بالفاحشة هو الزنا فالصواب ان يقال الفاحشة نكرة مثبتة فلا تعم فيحمل على الزنا كما ذكره المفسرون و لعله المتبادر منه أيضا فتأمل

قوله و الاقوى الثانى للاصل

اذ الاصل الاباحة و عدم الحرمة و فيه تامّل اذ الاصل فيما نحن فيه الحرمة لان الاصل عدم جواز ايذاء احد و ضربه ما لم يثبت خلافه و ثبوت ذلك فيما زاد على العشرة ممنوع فتأمل

قوله عليه السلام قال للناس في اسوة

الاسوة بالضم و الكسر بمعنى القدوة و كانها تجي ء بمعنى المساوى أيضا قال في القاموس آسى بماله مواساة أناله منه و جعله فيه اسوة

ص: 488

و قال في ية و كتاب عمر الى ابى موسى آس بين الناس في وجهك و عدلك اى اجعل كل واحد منهم اسوة حصة و انت خبير بان الظاهر ان الأسوة في كلامهما هى بمعنى المساوى و حينئذ فالظاهر انها في الحديث المذكور أيضا بهذا المعنى و قوله سواء تاكيد لها و قوله في بتشديد الياء و اما حملها على معنى القدوة فيحتاج الى عناية سواء قرء في بتشديد الياء او بالتخويف و ان كان الثانى اظهر على ذلك التقدير كما يظهر بالتدبّر فتدبّر

[الفصل الرابع في الشرب]

قوله و يقتل مستحل الخمر ان كان عن فطرة و لا يستتاب

نعم اذا كان مليّا تستتاب فان تاب و الّا قتل كمستحيل ساير ما علم حرمته من الدين ضرورة كما سيجي ء يستتاب شاربها اى مستحلا اذ لا ريب في اختصاص القتل اذا لم يتب بالمستحيل و التخصيص بكونه عن فطرة باعتبار ان المخالفة مع الشيخين انما فيه و اما في الملى فالكل متّفق على انه يستتاب فان تاب و الا قتل كما اشرنا اليه ثمّ لا يخفى ان ظاهر عبارة المتن ان القول المنقول في المستحل مطلقا و الشارح خصّصه بالشارب و كانه اقتضى عبارة الشيخين حيث حكما بذلك في الشارب المستحل كما يظهر مما نقلوه عنهما و المصنف نظر الى انه اذا حكما بالاستتابة و الشارب المستحل فالمستحل الغير الشارب يكون حكمه و لك بطريق اولى و خلافها مع المش في استتابة المستحلّ الفطري مطلقا و لا عبرة بما توهمه عبارتهما من اختصاص الحكم بالشارب المستحل حيث يعنون المسألة به فتأمل

قوله الا ان مطلق الشرب لا يوجب الحدّ لجواز الإكراه

و الاشتباه و القول بان الاصل عدم الاشتباه معارض بان الأصل عدم العلم بكونه ضميرا نعم يتوجّه ما ذكره ثانيا من انه لو كان كذلك لا دعاه و هو أيضا محل تامّل اذ لعلّ الاضطراب و الخجل يمنعه منه او يزعمه ان بمجرد الدعوى لا يسمع منه فتأمل

قوله نعم يعتبر إلى آخره

متعلق باصل المسألة لا بما فرعه عليها

قوله و لا يعذر بالشبهة

اراد به شبهة توجب اعتقاد الحلية مع طول عهده بالإسلام و مخالطته بالمسلمين كما لابى حنيفة و اتباعه اما اذا كان لقرب اسلامه او بعده من المسلمين فيدرأ عنه الحد كما سيصرح به في الخمر

قوله و ان افادته

لا يقال قتل من استحل على النبيذ كما سبق فكيف تفيد الشبهة درئه لأنا نقول لا قتل عليه بسبب المشبّهة العارضة لبعض المسلمين حتى اعتقدوا حلية و لو لا ذلك لقتل شاربه كالخمر نصح ان الشبهة افادته درء القتل و يحتمل ان يكون مراده درء القتل في الثالثة او الرابعة لكن لم اجد في كلامهم تصريحا به بل ظاهرهم هناك عموم الحكم فتأمل

قوله لأن عمر لم يرسل اليها

اى انما ارسل اليها قبل ثبوت ما ذكر اى موجب الحد عنها و هو ليس بجائز و ليس من خطائه في الحكم بل فعل ذلك مع علمه بعدم جوازه او جهله بالحكم فيكون من الخطأ في غير الاحكام و اورد عليه في شرح الشرائع ان جواز الارسال خلف العزيم لا يتوقف على ثبوت الحق عليه فان مجرد الدعوى عليه حق الا ان يقال ان هنا لم يكن عليها مدع حسبته و لا شاهد و هو بعيد

قوله لانه ما كان في دفنه

يمكن ان يقال انّه عليه السلام لم يتجاهر الا باصل الحكم و هو ان الدّية على عاقلته و لا مانع منه و لا من قبوله لا بوجهه و هو انه ليس بحاكم حتى يقال انه عليه السلام لم يكن يتجاهر به و الا كان يقبل منه و ما ذكره في ذيل خصوصا أيضا لا ينافى ذلك كما لا يخفى على انه يمكن ايراد نظير ذلك على الوجه الثانى أيضا فان تجاهره عليه السلام بنسبته اياه الى امر منكر شرعا كما هو مقتضى الوجه الثانى بعيد فتأمل

قوله فهدر بالسكون

كان الصواب بالتحرك كما في ق

[الفصل الخامس في السرقة]

قوله و لشهادة الحال

لا يخفى منه

قوله كما ينبه عليه

المثال في الخبر كانه باعتبار اطلاق اللحم الشامل للمطبوخ و غيره

قوله مع غفلته عنه و لو نادر الا يكون مراعيا له

يمكن ان النظر في اكثر الاوقات يكفى لكونه حرزا اذ لا معنى للحرز الا ما يصعب على السارق اخذ الشي ء منه خوفا من الاطلاع و ظاهر ان النظر اكثر الأوقات الى شي ء يوجب ذلك اذ كلما همّ ان يأخذه يخاف من ان ينظر اليه فيراه و حينئذ فلو اخذه في حين الغفلة صدق عليه السرقة من الحرز فتأمل

قوله و في المبسوط اختار في الكم

نظر الشيخ رحمه الله الى المال فاوجب القطع في صورة كونه في جوف الكم و ان كان العقد ظاهرا و عدمه في صورة كونه في خارجه و ان كان العقد من داخل و في القول الاول نظر الى العقد فاوجب فيما اذا كان العقد ظاهرا و ان كان المال في الجوف دون ما اذا كان العقد من داخل و ان كان من خارج فافهم

قوله و فيه نظر

فيه انا لا نسلم ان تخصيصه بالأخذ مراعات للجمع بين الاخبار حتى يرد ما ذكره كيف و الجمع بين الاخبار كما يمكن بتخصيص الخبر الصحيح كذلك يمكن بتخصيص الاخبار الدالة على اشتراط الأخذ النصاب لسارق الاحباء و حمل الخبر الصحيح على عمومه بل الوجه في تخصيصه بل الاخذ هو مراعاة الاجماع على اشتراط الاخذ في الجملة و الاجماع على اشتراط اخذ النصاب و لا يخفى ان كلام الشارح نفسه في تقرير الدليل صريح في ان علة التخصيص هو الاجماع المذكور فايراده عليه بهذا الوجه كما ترى و كانه زعم ان وجه الاجماع المذكور هو الجمع بين الاخبار و فيه ما فيه نعم يمكن ان يقال انه لما وجب تخصيص الخبر الصحيح بالاخذ اجماعا فالأولى ان يخصص باشتراط النصاب حتى يبقى الاخبار الاخرى على عمومها فانه اظهر من تخصيص الخبر الصّحيح بالاخذ في الجملة و كذا تخصيص تلك الاخبار بسارق و لعله يمكن كلام الشارح على هذا بان يكون المراد ان تخصيصه بذلك مراعاة للجمع بينه و بين الاجماع يقتضى تخصيصه بالنصاب جمعا بينه و بين الاخبار الاخرى بناء على ما ذكرنا من ان ذلك التخصيص اهون من التخصيص في كل منهما هذا مع تأييده بظاهر الروايتين الاخيرتين فتأمل قوله و لا المجنون مطلقا اى لا في المال و لا في القطع و هذا متعلق بكل من الصّبى و المجنون

قوله و ثبوت المال

اى في ذمة العبد و اتباعه به اذا اعتق و ايسر كما ذكره فيما لم يصدقه المولى فالفرق بين الصّورتين انما هو في القطع لا في ثبوت المال هذا مع اتلاف المال و اما في وجوده فيدفع الى المقر له الا ان يدعيه المولى فلا عبرة باقرار العبد و ان كان بيده نعم حينئذ أيضا تثبت عوضه في ذمة العبد يتبع به اذا اعتق و ايسر و لو لم يعلم وجوده و لا تلفه فالظاهر انه يجوز مع تصديق المولى الزام العبد بدفعه حتى يدفعه او يظن تلفه و هذا أيضا يحصل الفرق بين الصورتين هذا ثمّ ان مقابل الاقرب كانه احتمال ان لا يثبت القطع و ان صدقه المولى ايضا على أن شيئا منهما لا يصلح ملاكا به لكون كل منهما اقرارا في حق الغير

قوله و الإقرار وقع كرها

هذا لو كان الاكراه على الاقرار بالسّرقة ظاهر و اما اذا كان على الاقرار بالاخذ فاقر بالسرقة فلا يخلو عن اشكال و لعل الخلاف انما هو في هذا فتأمل

قوله فان القي ء يستلزم الشرب

لا يخفى ان القى ء أيضا لا يستلزم الشرب المحرّم الموجب للحد كما سبق لو ادعى اخذه بعنوان آخر غير السرقة لتوجه قبوله منه مع امكانه كما يقبل هناك فالأولى ان يقال ان القى ليس باعتبار الدلالة المذكورة كما يستفاد من الرّواية المنقولة سابقا لضعفها بل باعتبار الشهرة او الاجماع مضافا الى الرواية المذكورة و هما منتفيان هاهنا فلا يمكن قياس ذلك عليه فتأمل

قوله و اما الخبر فظاهر الدلالة

لانه يدل على

ص: 489

وجوب القطع بمجرد ان جاء بها و ان لم يقربها فمع الاقرار و لو مكرها اولى و يمكن المناقشة فيه اذ سرقته لعلها يكون معلومة كما ينبه عليه قوله سرق سرقة و لكنه يكابر عنها و لا يقرر بها حتى اذا جاء بها بعينها و ظاهر انه حينئذ لا يدل على المدعى و يمكن ان يكون نظر الشارح رحمه الله الى قوله عليه السلام و لكن اذا اعترف و جاء بها فعليه القطع و لو نوقش في دلالة المفهوم و كونها ظاهرة فيمكن دفعها بانه لا ريب ان بعد ملاحظة ذلك تصير المناقشة المذكورة ضعيفة جدا و يصير الكلام ظاهر الدلالة على ما ذكره و بالجملة فمجموع الكلام كانه ظاهر الدلالة على ما ذكره فتأمل

قوله فلمّا عاد ثانيا لم يخرج من حرز

يلزم على هذا ان لا يثبت القطع لو هتك و صبر لحظة ثمّ اخرج المال و هو كما ترى

[الفصل السادس في المحاربة]

قوله قصد الاخافة ام لا

ظاهر عبارة المصنف يخالف كما ترى

قوله و كذا لا حكم لردة الغالط

و هو من قصد التلفظ بشي ء آخر فغلط و تلفّظ

قوله و السّاهى

يمكن ان يكون عطف السّاهى على الغافل تفسيريا و يحتمل ان يكون المراد باحدهما من يقصد التلفظ بذلك و يغفل عن كون ذلك كفر اورده الآخر من لا يقصد التلفظ بذلك احدا فصدر عنه سهوا فلا تغفل

قوله و الاقوى تحديدها بما يؤمل

لا يذهب على من راجع كتبه الفقه المتداولة انهم لم يذكروا في هذه الاستتابة الا قولين احدهما الاستتابة ثلاثة ايام على ما روى و الآخر استتابة القدر الذى يمكن فيه الى الاسلام و هو منسوب الى الشيخ و الاكثر حكموا بكون الاول احوط و الثانى اقوى و لا يخفى ان ما اختاره الشارح هاهنا تبعا للمصنف في الدروس لا ينطبق بظاهره على قول الشيخ بل لا يرجع الى محصّل فانه لا يمكن ان يحصل الياس من اسلام احد و ان بلغ النصيب على الكفر ما بلغ اذ لعله يبدوا له بعد ذلك ما يرجع به عنه اللهمّ الا لمن اطلع على الغيب او اطلع عليه و ان حمل كلامه على ان المراد انّه يستتاب ما اظهر التردد و يؤمل معه العود نقبل اذا عزم على عدم العود و اظهر استقرائه عليه فيندفع ذلك لكن يبقى بعد انه لا يستقيم حكم الشارح يكون الصبر اولى على الاطلاق و جعل الخبر على الاستحباب اذ قد يبقى متردّدا اكثر من ثلاثة ايام الا ان يقال مراده انه اذا حصل الياس قبل ثلاثة ايام فحينئذ الصّبر ثلاثة ايام اولى و حمل الخبر على الاستحباب أيضا في هذه الصّورة أيضا و حينئذ فيدفع ما ذكرنا لكن لا يخفى انه أيضا ليس امر مضبوطا اذ يمكن ان يظهر التردد دائما لم يظهر على عدم العود اصلا الا ان يحدد في جانب الكثرة بثلاثة ايام و يكون ذلك ضابطة لجواز قتله قبلها و فيه تعسّف و بعد اللّتيا و التى فلا ينطبق على ظاهر ما نقل عن الشيخ و ان كان مراده أيضا لا يخلو عن خفاء فتأمل

قوله فقد يكون الجشب حقيقة إلى آخره

الظاهر ان يعبر الاخشب عادة بحيث لا يوجد اخشب منه عرفا و اما اعتبار عادتها فلا دليل عليه بل التأكيد و الاخبار في الاضرار بها التضيق عليها يؤيد ما ذكرنا هذا لو وقع في الرّوايات اطعام الاخشب و الا فلعله يكفى في الاضرار بها اطعام الاخشب بحسب عادتها و كان نظر الشارح رحمه الله الى ذلك حيث ان كلامه في الاخشب يوافق ما ذكرنا حيث وقع في الرواية و هاهنا اعتبر عادتها و كانه لم يوجد لكن لا يخفى ان الاخشب أيضا لم يوجد في الرّواية على ما راينا بل لموجود في رواية الحلبى هو الخش على ما نقله الشارح و أيضا اذا لم يوجد الاخشب في الرّواية فلا يلزم اطعام الاخشب اصلا اذ يمكن الاضرار و التضييق من وجوه اخر منها التقليل في الطعام و الشراب كما ورد في رواية الحلبى و الا اعتبر نهاية التضييق فيجب ان يكون بما ذكرنا فكانه اعتبر التضييق العرفى في جميع الجهات فتأمل

قوله ثمّ التدقيق

اى الاستيصال و الازالة بالكلية هكذا كتبه س بناء على ما كان في نسخته من التدقيق بالدال المهملة في اكثر النسخ بالمعجمة و هو بمعنى الاجهاز على الجريح و التدقيق بالمهملة أيضا قد جاء بهذا المعنى و لعله انتسب مما كتبه و ان كانا متقاربين

قوله و كذا معلّم الصّبية

بكسر الصاد و ضمّها و تخفيف الياء جمع الصّبى

[كتاب القصاص]

[الفصل الأول في قصاص النفس]

قوله و القود بفتح الواو

و كذا القاف على ما ذكر في القاموس فالاولى ان يقال محركة و إزهاق نفس الدابة ان حمل النفس في حد القصاص على النفس المجردة كما يظهر من كلامه سابقا حمل الازهاق على الاخراج عن التعلق مجازا فلا يشمل نفس الدّابة المحترمة اذ ليس لها نفس مجرّدة و حملها على الاعم من النفس المجرّدة و الحيوانيّة ارتكاب لعموم الاشتراك الا ان يقال ان النفس ليس مشتركا لفظا بينهما بل مشترك معنى بينهما و بين النفس الارضيّة أيضا على ما قيل و ربما يستفاد من بعض كلمات الرئيس أيضا و فيه بعد بعد و الاظهر ان يحمل النفس على النفس الحيوانيّة اى الصّورة المنطبعة فيشمل الانسان و ساير الحيوانات و حينئذ يحمل الازهاق على ما ذكره الشارح و لا يحمل غير الكافى على ما يشمل الدّابة و لعلّ هذا فتدبّر

قوله نظر الى امكان قصدهما الفعل

في العبارة نظر فان النظر الى امكان قصدهما الفعل لا يوجب جعل العمد هو القصد المطلق من غير اعتبار القيدين بل امكان قصدهما اوجب تقييد من فيه فلا حاجة اليه فالاظهر في العبارة ان يقال من غير اعتبار القيدين فاحتاج الى تقييد ما يوجب القصاص بازهاق البالغ العاقل نظرا الى امكان قصدهما فافهم و يمكن توجيه العبارة بان النظر الى امكان قصدهما اوجب عدم التقييد بناء على ظهور ان العمل هو القصد المطلق فلا وجه لاخراج قصدهما عن العمل نعم لو لم يكن قصدهما يمكن عمل القيد على التوضيح و بيان انه لا يمكن القصد بدونه و الحاصل انه لا شكّ ان العمل هو القصد فمنهم من زعم ان الصّبى و المجنون لا يتحقق القصد فيهما حقيقة بل ليس فعلهما الا خطأ فيدخل في العمل فلذا قيد و لا يقصد في تعريف العمل للتوضيح او لاخراج قصدهما ظاهرا و ان لم يكن قصدا حقيقة و منهم من نظر الى امكان تحقق القصد فيهما و حينئذ فلا وجه لاخراج قصدهما عن العمل فلذا لم يقيدوا القصد فاحتاجوا الى قصد ما يوجب القصاص بما قيدوا و لعل سوابق كلام الشارح يرشد الى هذا التوجيه فتأمل

قوله المصنف او طرحه في النار

الا ان يعلم قدرته على الخروج ان كلام المصنف يحتمل معنيين الاول ان المطرح في النار موجب للقصاص الا ان يعلم قدرته على الخروج و تركه محله تخاذلا فلا قصاص و انت خبير بان هذا شامل لما اذا كان ظاهر الحال امكان خروجه منها ام لا و بهذا صرّح المحقق في الشرائع و لعلّ هذا بناء على ما سبق من قاعدة امّا لان النّار يقتل غالبا و ان قلت او كان في ظرفها لا يوجب من التدهش و التشيخ او مخصوص بصورة كون الملقى قاصدا للقتل و هو مستثنى من القاعدة المذكورة فيجب ان لم يقصد الملقى القتل و اعتقد امكان خروجه و كان ظاهر الحال أيضا ذلك كما في الجرح عمدا اذا اسرى فانه موجب للقصاص سواء كان موجبا للقتل غالبا ام لا على ما صرح به العلامة بل استثناء هذا اقرب اذ اصل النار يقتل غالبا لكن يمكن التخلص منها بالجروح و هو غير واجب عليه كمداواة الجرح بخلاف الجرح اذا لم يكن مما

ص: 490

يقتل غالبا فافهم الثانى ان الطرح في النار موجب للقود الا ان يعلم ان يعتقد الملقى قدرته على الخروج لقلتها الى آخر ما ذكره الشارح و لعل هذا ينطبق على القاعدة المذكورة و انت خبير بان ظاهر قول الشارح فيترك لانه حينئذ قابل نفسه انما يناسب الوجه الاول و اما على هذا الوجه ففى صورة اعتقاد الخروج لا يلزم ان يكون قاتلا نفسه بل فيه ثلاث احتمالات ان ترك الخروج تخاذلا الثانى ان لم يتفق له الخروج بلا تقصير منه الثالث ان يشبه الحال ثمّ ان قوله و ربما فرق الى آخره معناه على الوجه الاوّل انه فرق بينهما في صورة تركه الخروج تخاذلا فاوجب ضمان الدية في النار دون الماء و الشارح رحمه الله لم يرتض بذلك لظهور ضعفه متمسّكة لكنه يقول ان ضمان الدية في صورة اخرى و هى ان القاء في النار مع عدم العلم باستثناء التركة الى تقصيره اى في صورة الشّك لا في صورة العلم بعدم تقصيره فهو موجب للقود كما ذكرنا و يحتمل ان يكون المعنى انه فرق بينهما في صورة عدم العلم لعدم التقصير بقرينة المقام اى سواء علم التقصير او شك فيه و حينئذ فمعنى قوله و يتجه وجوبها اى وجوب الدية انما يتجه في احد الشقين له هو عدم العلم بالتقصير و اما في صورة العلم به فلا و يرد على الوجهين ان حكم بالدّية في صورة الشكّ مخالف لظاهر كلام المصنف على هذا التّوجيه و صريح عبارة الشرائع اذ يستفاد منهما انه في صورة الشّك أيضا يجب القود و كانه اذا كان الغالب القتل او قصد به القتل فالاقوى ثبوت الدية كما ذكره الشارح رحمه الله و امّا القول بسقوطهما فضعيف لثبوت المقتضى و هو الالقاء مع الشّك في المسقط و هو القدرة على الخروج و تركه تخاذلا و امّا على الوجه الثانى فمعناه انه فرق بينهما في صورة اعتقاد امكان الخروج فاوجب ضمان الدية بالنّار دون الماء اى سواء علم اتفاق موته فيها بلا تقصير او علم تقصيره او شكّ و لكن ما ذكره من التعليل لا يلائم الشق الاول كما لا يخفى و الشق يقول ان هذا يتجه في صورة عدم العلم بالتقصير سواء علم عدم التقصير او شك فيه و اما في صورة العلم بالتقصير فلا و لعلّ الحكم في النار على هذا الوجه اوفق بقواعدهم و به افتى في عد لكن يبقى على الوجهين ان الفرق بين الماء و النار على ما ذكره الشارح مما لا وجه له و ليس في كلام غيره اذ ما ذكر من الاحتمالات في النار يجرى مثلها في الماء أيضا اذ ربما يعرض له بالالقاء فيه و التدهّش الذى يمنعه من الخروج و ان امكن بسهولة و حينئذ فيرد عليه على الوجه الأول انه اذا فرض ان القاءه في الماء فمات و لم يعلم شي ء من تقصيره و عدم تقصيره فينبغى ان يحكم عليه ثبوت الدية كما في النار و على الوجه الثانى اذا علم تقصيره او شك فيه فينبغى ان يثبت عليه الدية كما في النار هذا ثمّ ان ما كتبه سلطان العلماء رحمه الله هاهنا لا يستقيم بناء على الوجه الأول من التوجيهين المذكورين كما لا يخفى فلعلّ بناء على الوجه الثانى و ح فقوله فالفرق بين الماء و النار يظهر في صورة الشّك محلّ تامّل اذ على رأى الشارح لا يتحقق صورة العلم بعدم التقصير و الشّك فيه في الماء اذا كان ماء يمكن الخروج منه بسهولة و هذا هو الوجه الفرق بين الماء و النّار اذ لو جوز جريانها في الماء أيضا و حكم فيه بثبوت الدّية في صورة العلم بعدم التقصير كما في النار فما تقصير صورة الشّك و الحكم فيها في النار بالدية دون الماء الا ان يقال انه في النّار احتمال ظاهر بخلافه في الماء اذ يبعد جدا فلا يصار اليه الّا مع العلم به فلذا حكم بالدية فيها دونه و هذا كما ترى فاتى احتمال يكون ابعد من احتمال قتل نفسه تخاذلا اذا لم توجد قرائن دالّة عليه فتأمل

قوله و لم يقدر على الخروج

الظاهر ان يقول الا ان يعلم قدرته على الخروج و امّا ما ذكره الشارح فلا يرتبط بما ذكره سابقا و الامر في العبارة بيّن بعد وضوح المراد

قوله لان الماء لا يحدث به ضررا

لا يخفى ضعفه اذ احداث النار الضرر لا يوجب ضمان الدية بعد العلم بتركه الخروج تخاذلا بل انما يدل على ضمانه الضّرر الذى احدثته النار من حين الالقاء الى اوّل اوقات الامكان الخروج فتأمل

قوله فيرجع في القدرة و عدمها الى اقراره بها

لو اقر المقتول بالقدرة او القاتل لعدمها فظاهر و اما لو قال المقتول لا اقدر على الخروج و القاتل يقول قادر عليه حتى مات فالظاهر انّ القول قول المقتول و يحتمل حكمه حكم الشّك في التقصير فتدبّر

قوله او بدفع الى وليّ المقتول

و لا يبطل ذلك بموت المولى ذهب اليه ابن ادريس و اكثر المتاخّرين و ذهب الشيخان الى انه يدفع الى ولى المقتول يخدمه حتى يموت التى دبره ثمّ يرجع حرّا لا سبيل عليه ثمّ على هذا القول هل يسعى في شي ء لأولياء المقتول قيل لا و قال الشيخ يسعى في دية المقتول ان كان حرّا و قيمته ان كان عبدا و قال الصّدوق يسعى في قيمته و قيل في اقل الامرين من قيمته نفسه و من دية المقتول او قيمته

قوله ان لم يوجب قتله حرّا

اى ان لم توجب جناية قتله حرّا كان يكون هى القتل عمدا فانه يقتل حينئذ و لا يسعى

قوله و هل لبعضهم المطالبة

كانه حمل الكلام اولا على انه ليس لهم الا قتله بمعنى انه ليس لهم ان يقولوا نقتله و ناخذ الدية أيضا نقسم بيننا و كلامه هاهنا في تحقيق انه هل لبعضهم منهم المطالبة بالدية و لبعض القصاص فافترقا و الفرق بين هذا و بين قوله و كذا في جواز قتله ان هاهنا طلب الدية من واحد معين منهما ايّهما كان و طلب القصاص من الآخر و هناك يقول الجميع انا نقتله بواحد و ناخذ الدية الآخر لكن يحتمل ان يكون ذلك البعض الذى قتله له هو الاول او بالقرعة او بالتجبر هذا و يرد على احتمال طلب الدية من بعض معين كما ذكر في الفرع الثانى ان القتل عمدا لا يوجب الا القصاص و لا يثبت الدية الا بالمصالحة منهما و بعد ذلك فلا تردّد فيه و لا اشكال الا ان يبنى الكلام على مذهب ابن الجنيد من وجوب الدّية يطلب فتأمل و كانه لا يرد ذلك على الفرع الثالث او يحتمل ان يكون طلب الدّية حينئذ لفوات المحل فمم يقولون به يحب عليه القصاص الاثنين او باحدهما تفوت المحلّ فياخذ الدّية لآخر و ربما امكن اجراء مثل هذا التوجيه في الفرع الثانى أيضا فتدبّر و قيل قسامة الاعضاء الى آخره كانه على هذا لا يجرى القسامة في بعض الاعضاء كالاصبع

[الفصل الثاني في قصاص الطرف]

قوله اتلاف العضو و ما حكمه

اى حكم العضو او في حكم الاتلاف فافهم

قوله كالثنية بالثنية

و الرّباعية بها و الفرس به سيجي ء في كتاب الديات ان السّن الذى حلف النار يسمى ضاحكا و ثلاثة اسنان بعدها اضراسا و بعض كلمات القاموس أيضا ينادى بذلك و بناء كلام الشارح هاهنا على هذا فافهم

[الفصل الثالث في اللواحق]

قوله كما زعمه بعض العامة

كانّهم قالوا بتخيير التأمّل و الا فتخيير ولى المقتول ذهب اليه ابن الجنيد كما سيشير اليه هاهنا و صرح به في شرح الشرائع فافهم

قوله ان كان الجانى

لا يخفى ما في العبارة من الخزازة فان ضرب العتق لا يستلزم الابانة ان يقال ان مع ضرب العتق يجوز الابانة ان كان الجانى و الا ففى جوازه نظر

قوله لعموم آية اولوا الارحام

قد اشرنا سابقا الى ان عموم اولى الارحام

ص: 491

لو نفع في المقام انّما ينفع اذا ثبت عموم متعلّق الاولويّة و انّى لهم ذلك و قوله خرج منه الزّوجان كما ترى فانظر

قوله فينتظر

اى ينتظر ظهور مخيّلة الحمل اى مظنته و علامته اى ان يستبين الحال اما بان يظهر المخيلة او يتقن عدم الحمل

[كتاب الديات]

قوله و لو دفع الواقع

الاظهر ان يقرأ دفع مجهولا و الواقع بالرفع على ان يكون مفعولا له يقوم مقام فاعله و يجعل قوله من انسان غيره متعلّقا بدفع فافهم

قوله و اعلم انّ الطريق مؤنّث سماعىّ

قال في القاموس الطّريق م و يؤنث و على هذا فكلام الشّارح رحمه الله كما ترى هذا آخر ما اتيته من الحواشى كتبها المحقق المدقّق العلّامة جمال الدّين محمّد الخوانساري قدّس اللّه روحه و نوّر ضريحه و مرقده على شرح اللّمعة الدّمشقيّة حرر على اكبر الخوانساري سنة 1272 فقد وقع الفراغ من تسويد هذا الكتاب المحتوى على حواشى شرح اللّمعة الدّمشقيّة في يوم الثّانى شهر من شوّال المكرّم من سنة الثّانى و سبعين و مائتين بعد الالف من الهجرة النّبويّة على هاجرها الف الف تحيّة و قد بذل سعيه و جهده على اتمام هذا الكتاب الموفّق بتوفيق اللّه الوهّاب محمّد باقر ابن حاجى الحرمين لحاجى محمّد رحيم الخونساريّ و استدعى من الطّلاب و المحصّلين دعاء الخير له و لوالديه و قد انطبع في دار الطّباعة المنسوب لاستادين الماهرين كربلائى محمّدقلى و كربلائى محمّد حسن الطّهرانىّ سنة 1272

ص: 492

[الفهرس]

المقدمة 1

كتاب الطهارة 7

مسائل 20

الفصل الأول: في الوضوء 29

مسائل 38

الفصل الثانى: في الغسل 45

الجنابة 46

الحيض 51

الاستحاضة 68

النفاس 70

مسّ الميّت 78

القول في أحكام الأموات:

الاحتضار 81

الغسل 84

الكفن 102

الصلاة 113

الدفن 129

الفصل الثالث في التيمّم مسوّغاته 134

ما يقع التيمّم به 142

كيفية التيمّم 145

أحكام التيمّم 156

كتاب الصلاة 163

شروطها 164

الأول: الوقت 164

الثانى: القبلة 172

الثالث: ستر العورة 183

الرابع: المكان 205

أحكام المساجد 210

الأمكنة المكروهة 217

مسجد الجبهة 226

الخامس: طهارة البدن 231

السادس: ترك الكلام 231

ترك الفعل الكثير 244

ترك السكوت الطويل

و البكاء 248

ترك القهقهة 251

ترك الاكتتاف 252

ترك الالتفات 257

ترك الاكل و الشرب 268

السابع: الاسلام 270

في كيفيّة الصلاة 271

في باقى مستحبّاتها 279

كتاب الزكاة 285

ص: 493

كتاب الزكاة 285

كتاب الخمس 288

في مستحقّيه 316

في الأنفال 339

كتاب الصوم 345

كتاب الحجّ 347

كتاب الكفّارات 350

كتاب النذر 350

كتاب القضاء 351

كتاب الشهادات 356

كتاب الوقف 357

كتاب المتاجر 358

كتاب الدين 365

كتاب الاجارة 365

كتاب الوكالة 374

كتاب الشفعة 374

كتاب السبق و الرماية 375

كتاب الجعالة 376

كتاب الوصايا 379

كتاب النكاح 384

كتاب الطلاق 394

فصل: في العدّة 395

كتاب الخلع و المباراة 417

كتاب الظهار 435

كتاب الايلاء 455

كتاب اللعان 459

كتاب العتق 460

كتاب التدبير و المكاتبة و الاستيلاء 472

كتاب الاقرار 473

كتاب الغصب 476

كتاب اللقطة 477

كتاب احياء الموات 477

كتاب الأطعمة و الأشربة 480

كتاب الميراث 482

كتاب الحدود 486

كتاب القصاص 489

كتاب الديات 491

ص: 494

كلمة في ترجمة المؤلّف (ره)

نقلا من كتاب روضات الجنّات ج 2 ص 214::

الآقا جمال الدين بن الفاضل المحقق الآقا حسين بن جمال الدين محمد الخوانسارى الاصل اصفهانى المسكن و المنشأ و المدفن و الخاتمة كان فاضلا مليّا و عالما محليّا و مجتهدا اصوليّا و متكلّما حكميا، و مدقّقا مستقيما ولد في حجر العلم و ربى في كنفه و جواره، و اوتي من زهره و أنواره، و جلس في صدر مجلسه كالبدر في كبد السماء، و اقتبس من ضوء مدرسه كلّ مقتبس من الأصوليّين و الحكماء. إليه انتهت رئاسة التدريس في زمانه الأسعد بأصفهان، و من بركات أنفاسه المسعودة استسعدت جملة فضلائها الأعيان، و نبلاء ذلك الزمان، و كان رحمة اللّه تعالى عليه- في غاية ظرافة الطبع، و شرافة النبع، و ملاحة الوضع، و لطافة الصنع، و صباحة الوجه، و جلالة القدر، و فساحة الصدر، و متانة الرأى، و عظمة المنزلة و الفضل، و الشأن، و كان هو و أخوه الآقا رضى الدين محمّد التالى تلوه أيضا في جملة من الفضائل و الفواضل ابنى اخت سمينا العلّامة السبزوارى المتقدّم ذكره بل المتلمّذين عنده و عند والدهما المحقّق الخوانسارى الآتى ترجمته إن شاء اللّه.

و لهما الرواية، أيضا عنه، و عن غيره من فضلاء ذلك الوقت، و لم يزد صاحب «الأمل» في وصفه بعد ترجمة له في باب الجيم على أن قال: المولى الجليل جمال الدين بن الحسين بن جمال الدين محمّد الخوانسارى عالم فاضل حكيم محقّق مدقّق معاصر له مؤلّفات. انتهى.

و قال صاحب «جامع الرواة» المعاصر له أيضا: جمال الدين الحسين بن جمال الدين الخوانسارى جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن ثقة ثبت عين صدوق عارف بالأخبار و الفقه و الاصول و الحكمة له تأليفات منها «شرح مفتاح الفلاح» و حاشية على «شرح مختصر الاصول» و على حاشية الفاضل المولى ميرزا جان عليه، و حاشية على الحاشية الفاضل الذكى الخفرى، و له تعليقات على «تهذيب الحديث» و «من لا يحضره الفقيه» و «شرح اللمعة» «و الشرائع» و «الشفاء» و «شرح الإشارات» و غيرها- مدّ اللّه تعالى ظلّه العالى و صانه و أبقاه-.

ص: 495

أقول: و حاشية شرح مختصره المذكور كبير جدّا في عدّة مجلّدات مشحونة بما لا مزيد عليه من التدقيقات و التحقيقات الاصوليّة بل الفقهيّة و الكلاميّة منه و من غيره، و كذلك تعليقاته اللطيفة على «شرح اللمعة» فإنّه أيضا كتاب كبير مدوّن في الفقه الاستدلالي ينيف على سبعين ألف بيت، و مجلّدة طهارته في نحو من عشرين ألف بيت مع تمام استدلال، و له أيضا شرح فارسى مبسوط في مجلّدتين على «الغرر و الدرر» كتبه بإشارة سلطان عصره و رسالة في شرح حديث البساط، و اخرى في النيّة، و رسالة جليلة في صلاة الجمعة كما اشير إليه في ترجمة جدّنا السيّد أبى القاسم جعفر بن حسين الموسوى الخوانسارى إلى غير ذلك من الحواشى و الرسائل و أجوبة المسائل.

و يروى من لطائف طبعه المقدّس أيضا شي ء كثير بالنسبة إلى الخواص و العوام بحيث لا يتحمّلها أمثال هذه العجالة. فليراجع المحاول إيّاها إلى كتب التواريخ الفارسيّة الّتى كتبت في ذلك الزمان.

و كان بينه و بين سمينا المجلسى قليل كلام كما هو دأب أغلب المتعاصرين، و كذلك بينه و بين المدقّق الشروانى صاحب حاشية «المعالم» كما افيد.

و توفّى في السادس و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة خمس و عشرين و مائة بعد الألف بعد وفاة والده المبرور بخمس و عشرين سنة تخمينا، و دفن أيضا في مزار تخت فولاد دار السلطنة اصفهان تحت قبّة والده الّتى بناها السلطان شاه سليمان، و سيجي ء زيادة بيان لحقيقة أحواله الشريفة في ترجمة والده المعظّم إليه إن شاء اللّه.

الكتاب التعليقات على شرح اللمعة الدمشقيّة

المؤلّف جمال الدين محمّد الخوانسارى (ره)

الناشر المدرسة الرضويّة- قم

الطبعة الثانية

المطبعة مطبعة أمير- قم

عدد النسخ 1000 نسخة

سنة الطبع 1364 ه- ش.

عدد الصفحات 496 صفحة

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.